(مَقَالَةُ الْعَاصِ فِي الرَّسُولِ، وَنُزُولُ سُورَةِ الْكَوْثَرِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ- فِيمَا بَلَغَنِي- إذَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: دَعُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، لَوْ مَاتَ لَانْقَطَعَ ذِكْرُهُ وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ١٠٨: ١ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَالْكَوْثَرُ: الْعَظِيمُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ- فِيمَا بَلَغَنِي- إذَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: دَعُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، لَوْ مَاتَ لَانْقَطَعَ ذِكْرُهُ وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ١٠٨: ١ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَالْكَوْثَرُ: الْعَظِيمُ.
١ / ٣٩٣
(صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرِّدَاعِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ:
وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ [١] فُجِعْنَا بِيَوْمِهِ [٢] … وَعِنْدَ الرِّدَاعِ [٣] بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ
يَقُولُ: عَظِيمٌ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ: عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، مَاتَ بِمَلْحُوبِ. وَقَوْلُهُ: «
وَعِنْدَ الرِّدَاعِ بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ
»: يَعْنِي شُرَيْحَ بْنَ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ [٤]، مَاتَ بِالرِّدَاعِ.
وَكَوْثَرٌ: أَرَادَ: الْكَثِيرَ. وَلَفْظُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الْكَثِيرِ. قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ:
وَأَنْتَ كَثِيرٌ يَا بْنَ مَرْوَانَ طَيِّبٌ … وَكَانَ أَبُوكَ ابْنُ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
يُحَامِي الْحَقِيقَ إذَا مَا احْتَدَمْنَ … وحَمْحَمْنَ فِي كَوْثَرٍ كَالْجِلَالْ [٥] يَعْنِي بِالْكَوْثَرِ: الْغُبَارَ الْكَثِيرَ، شَبَّهَهُ لِكَثْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْجِلَالِ. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ:
وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ [١] فُجِعْنَا بِيَوْمِهِ [٢] … وَعِنْدَ الرِّدَاعِ [٣] بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ
يَقُولُ: عَظِيمٌ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ: عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، مَاتَ بِمَلْحُوبِ. وَقَوْلُهُ: «
وَعِنْدَ الرِّدَاعِ بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ
»: يَعْنِي شُرَيْحَ بْنَ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ [٤]، مَاتَ بِالرِّدَاعِ.
وَكَوْثَرٌ: أَرَادَ: الْكَثِيرَ. وَلَفْظُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الْكَثِيرِ. قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ:
وَأَنْتَ كَثِيرٌ يَا بْنَ مَرْوَانَ طَيِّبٌ … وَكَانَ أَبُوكَ ابْنُ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
يُحَامِي الْحَقِيقَ إذَا مَا احْتَدَمْنَ … وحَمْحَمْنَ فِي كَوْثَرٍ كَالْجِلَالْ [٥] يَعْنِي بِالْكَوْثَرِ: الْغُبَارَ الْكَثِيرَ، شَبَّهَهُ لِكَثْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْجِلَالِ. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
(سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْكَوْثَرِ مَا هُوَ؟ فَأَجَابَ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرٍو- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو [٦]
[١] ملحوب: اسْم مَاء لبني أَسد بن خُزَيْمَة، وَقيل: قَرْيَة لبني عبد الله بن الدول بن حنيفَة بِالْيَمَامَةِ.
[٢] فِي مُعْجم الْبلدَانِ عِنْد الْكَلَام على «ملحوب» و«رداع»: بِمَوْتِهِ. وَكَذَلِكَ فِي اللِّسَان.
[٣] الرداع: مَاء لبني الْأَعْرَج بن كَعْب.
[٤] ذهب ياقوت فِي مُعْجَمه عِنْد الْكَلَام على «الرداع» إِلَى أَن الّذي مَاتَ بالرداع هُوَ عَوْف.
[٥] كَذَا ورد هَذَا الْبَيْت فِي لِسَان الْعَرَب (مَادَّة كثر) . والحقيق: حُرْمَة الْإِنْسَان وَمَا يحميه، وَيُرِيد بِهِ هُنَا أتانه. والجلال: جمع جلّ (بِالضَّمِّ وَالْفَتْح)، وَهُوَ مَا تلبسه الدَّابَّة لتصان بِهِ. وَرِوَايَة هَذَا الْبَيْت فِي الأَصْل:
يحمى الْحقيق، إِذا مَا احتدمن … حمحم فِي كوثر كالجلال
واحتدمن: أسر عَن الجرى فأكثرته.
[٦] فِي الْأُصُول: «جَعْفَر بن جَعْفَر بن عَمْرو بن عَمْرو بن أُميَّة الضمريّ» وَالْمَعْرُوف أَن جَعْفَر بن عَمْرو الّذي يرْوى عَنهُ ابْن إِسْحَاق هُوَ هَذَا الّذي أَثْبَتْنَاهُ والّذي كَانَت وَفَاته سنة ٩٦ هـ. وبعيد أَن يكون مَا ذهبت إِلَيْهِ الْأُصُول صَحِيحا، إِذْ لَو صَحَّ هَذَا لكَانَتْ وَفَاة جَعْفَر الّذي ذهبت إِلَيْهِ الْأُصُول فِي حُدُود سنة ٢٠٠ أَي بعد وَفَاة ابْن إِسْحَاق، وَيظْهر أَن مَا زَاد فِي النّسَب جَاءَ مقحما من النساخ. (رَاجع الْأَنْسَاب للسمعاني والطبري وتهذيب التَّهْذِيب وتراجم رجال) .
[٢] فِي مُعْجم الْبلدَانِ عِنْد الْكَلَام على «ملحوب» و«رداع»: بِمَوْتِهِ. وَكَذَلِكَ فِي اللِّسَان.
[٣] الرداع: مَاء لبني الْأَعْرَج بن كَعْب.
[٤] ذهب ياقوت فِي مُعْجَمه عِنْد الْكَلَام على «الرداع» إِلَى أَن الّذي مَاتَ بالرداع هُوَ عَوْف.
[٥] كَذَا ورد هَذَا الْبَيْت فِي لِسَان الْعَرَب (مَادَّة كثر) . والحقيق: حُرْمَة الْإِنْسَان وَمَا يحميه، وَيُرِيد بِهِ هُنَا أتانه. والجلال: جمع جلّ (بِالضَّمِّ وَالْفَتْح)، وَهُوَ مَا تلبسه الدَّابَّة لتصان بِهِ. وَرِوَايَة هَذَا الْبَيْت فِي الأَصْل:
يحمى الْحقيق، إِذا مَا احتدمن … حمحم فِي كوثر كالجلال
واحتدمن: أسر عَن الجرى فأكثرته.
[٦] فِي الْأُصُول: «جَعْفَر بن جَعْفَر بن عَمْرو بن عَمْرو بن أُميَّة الضمريّ» وَالْمَعْرُوف أَن جَعْفَر بن عَمْرو الّذي يرْوى عَنهُ ابْن إِسْحَاق هُوَ هَذَا الّذي أَثْبَتْنَاهُ والّذي كَانَت وَفَاته سنة ٩٦ هـ. وبعيد أَن يكون مَا ذهبت إِلَيْهِ الْأُصُول صَحِيحا، إِذْ لَو صَحَّ هَذَا لكَانَتْ وَفَاة جَعْفَر الّذي ذهبت إِلَيْهِ الْأُصُول فِي حُدُود سنة ٢٠٠ أَي بعد وَفَاة ابْن إِسْحَاق، وَيظْهر أَن مَا زَاد فِي النّسَب جَاءَ مقحما من النساخ. (رَاجع الْأَنْسَاب للسمعاني والطبري وتهذيب التَّهْذِيب وتراجم رجال) .
١ / ٣٩٤
ابْن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي مُحَمَّدِ (بْنِ مُسْلِمِ) [١] بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: نَهْرٌ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إلَى أَيْلَةَ [٢]، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، تَرِدُهُ طُيُورٌ لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ. قَالَ:
يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إنَّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَنَاعِمَةٌ، قَالَ: آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ ﷺ: مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ أَبَدًا.
يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إنَّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَنَاعِمَةٌ، قَالَ: آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ ﷺ: مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ أَبَدًا.