وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لك، وإلا لم يفتح لك.
قال رسول الله ﷺ: (أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، فَأَخْبَرَنِي، أَوْ قَالَ: بَشَّرَنِي، أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ). قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: (وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ).
[٥٤٨٩، ٧٠٤٩].
(آت من ربي) هو جبريل عليه السلام، آت: اسم فاعل من أتى، وأصله أتي، حذفت الياء لالتقاء الساكنين.
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ). وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ.
[٤٢٢٧، ٦٣٠٥].
أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا
⦗٤١٨⦘
بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق.
[٢٣١٣، ٤٨٨٠، ٥٣١٢، ٥٣٢٦، ٥٥٠٠، ٥٥١١، ٥٥٢٥، ٥٨٦٨، ٥٨٨١، ٦٢٧٨].
أنا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ).
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ورواه سلامة، عن عقيل.
(حق المسلم) حق الحرمة والصحبة، ويشمل ما هو واجب وما هو مندوب، وانظر شرح الحديث السابق.
أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ،
⦗٤١٩⦘
فَلَمْ يُكَلِّمْ النَّاسَ، حَتَّى دخل عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه خَرَجَ وَعُمَرُ رضي الله عنه يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ – إلى – الشَّاكِرِينَ﴾. وَاللَّهِ، لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الله أنزلها حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يتلوها.
[٣٤٦٧، ٤١٨٧].
أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ، امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ بَايَعَتِ النَّبِيَّ ﷺ، أخبرته: أنه أقسم الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً، فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ يا أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ: لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ). فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ: (أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ، مَا يُفْعَلُ بِي). قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بعد أَبَدًا.
⦗٤٢٠⦘
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُقَيْلٍ: ما يفعل به. واتبعه شعيب، وعمرو بن دينار، ومعمر.
[٢٥٤١، ٣٧١٤، ٦٦٠١، ٦٦٠٢، ٦٦١٥].
تابعه ابن جريج: أخبرني ابن المنكدر: سمع جابرا رضي الله عنه.
[١٢٣١، ٢٦٦١، ٣٨٥٢].
أن رسول الله ﷺ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فصف بهم، وكبر أربعا.
[١٢٥٥، ١٢٦٣، ١٢٦٨، ٣٦٦٧، ٣٦٦٨].
(نعى) أخبر بموته. (النجاشي) لقب ملك الحبشة، واسمه أصحمة، وقيل: معناه عطية. (المصلى) مكان متسع يصلون فيه صلاة العيد، وقيل: صلى عليه في البقيع.
قال النَّبِيُّ ﷺ: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ – وَإِنَّ عيني رسول الله ﷺ لَتَذْرِفَانِ – ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غير إمرة ففتح له).
[٢٦٤٥، ٢٨٩٨، ٣٤٣١، ٣٥٤٧، ٤٠١٤].
وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال النَّبِيُّ ﷺ: (أَلَا آذَنْتُمُونِي).
[ر: ٤٤٦].
مَاتَ إِنْسَانٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ، فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: (مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي). قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا، وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ، أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ، فأتى قبره فصلى عليه.
[ر: ٨١٩].
قال النبي ﷺ: (مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ، يُتَوَفَّى لَهُ ثَلَاثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجنة، بفضل رحمته إياهم).
[١٣١٥].
أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا، فَوَعَظَهُنَّ، وَقَالَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلَاثَةٌ من الولد، كانوا لها حِجَابًا مِنَ النَّارِ). قَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ، قَالَ: (وَاثْنَانِ).
وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (لَمْ يَبْلُغُوا الحنث).
[ر: ١٠١].
⦗٤٢٢⦘
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قَالَ: (لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ، إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا واردها﴾.
[٦٢٨٠، وانظر: ١٠١].
(فيلج) يدخل. (تحله القسم) أي يرد عليها ورودا سريعا بقدر يبر الله تعالى به قسمه في قوله: ﴿وإن منكم إلا واردها﴾ /مريم: ٧١/. ومعنى الآية: ما من إنسان إلا وسيأتي جهنم، حين يمر على الصراط الموضوع على ظهرها.
مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: (اتَّقِي اللَّهَ واصبري).
[١٢٢٣، ١٢٤٠، ٦٧٣٥].
(اتقي الله) بترك الجزع المحبط للأجر.
وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَلَهُ وَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. وَقَالَ سَعِيدٌ: لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (المؤمن لا ينجس).
[ر: ٢٧٩].
دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي). فَلَمَّا فَرَغْنَا
⦗٤٢٣⦘
آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حقوه، فقال: (أشعرنها إياه). تعني إزاره.
[ر: ١٦٥].
(ابنته) زينب، زوج أبي العاص بن الربيع رضي الله عنهما. (سدر) ورق الشجر السدر، يطحن ويستعمل في التنظيف. (كافورا) كم النخل وهو زهره. (فآذنني) فأعلمني. (حقوه) إزاره، والحقو في الأصل معقد الإزار، فأطلق على ما يشد عليه. (أشعرنها) من الإشعار، وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان، ويسمى شعارا، لأنه يلامس شعر الجسد.
دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي). فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقَالَ: (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ). فَقَالَ أَيُّوبُ: وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ: (اغْسِلْنَهَا وِتْرًا). وَكَانَ فِيهِ: (ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا). وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قال: (ابدؤوا بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا). وَكَانَ فِيهِ: أَنَّ أم عطية قالت: ومشطناها ثلاثة قرون.
[ر: ١٦٥].
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: (ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوضوء منها).
[ر: ١٦٥].
لَمَّا غَسَّلْنَا بِنْتَ النَّبِيِّ ﷺ قال لنا، ونحن نغسلها: (ابدؤوا بميامنها ومواضع الوضوء).
[ر: ١٦٥].
تُوُفِّيَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لَنَا: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أكثر من ذلك إن
⦗٤٢٤⦘
رأيتن ذلك، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي). فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَنَزَعَ من حقوه إزاره، وقال: (أشعرنها إياه).
[ر: ١٦٥].
تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ ﷺ، فَخَرَجَ فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي). قَالَتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقَالَ: (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ).
وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها: بِنَحْوِهِ.
وَقَالَتْ: إِنَّهُ قَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ). قَالَتْ حَفْصَةُ: قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ.
[ر: ١٦٥].
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُنْقَضَ شَعَرُ الْمَيِّتِ.
حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها: أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نقضنه ثم عسلنه، ثم جعلنه ثلاثة قرون.
[ر: ١٦٥].
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْخِرْقَةُ الْخَامِسَةُ تَشُدُّ بِهَا الْفَخِذَيْنِ وَالْوَرِكَيْنِ، تَحْتَ الدِّرْعِ.
جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنَ اللَّاتِي بَايَعْنَ، قَدِمَتِ الْبَصْرَةَ، تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا فلم تدركه، فحدثتنا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ
⦗٤٢٥⦘
نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي). قَالَتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقَالَ: (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ). وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَدْرِي أَيُّ بَنَاتِهِ. وَزَعَمَ أَنَّ الْإِشْعَارَ الْفُفْنَهَا فِيهِ. وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ: يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ ولا تؤزر.
[ر: ١٦٥].
ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِيِّ ﷺ، تَعْنِي ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. وَقَالَ وكيع: قال سفيان: ناصيتها وقرنيها.
[ر: ١٦٥].
تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا، ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي). فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلَاثَةَ قرون، والقيناها خلفها.
[ر: ١٦٥].
أن رسول الله ﷺ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ، بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ ولا عمامة.
[١٢١٢ – ١٢١٤، ١٣٢١].
(يمانية) من صنع اليمن. (سحولية) بيض، نسبة إلى السحول وهو ما تبيض به الثياب. (كرسف) قطن.
⦗٤٢٦⦘
ابْنِ عباس رضي الله عنهم قَالَ:
بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يوم القيامة ملبيا).
[١٢٠٧ – ١٢٠٩، ١٧٤٢، ١٧٥١ – ١٧٥٣].
(فوقصته) من الوقص، وهو كسر العنق، ومثله (أوقصته) من اٌيقاص، والوقص أفصح. (سدر) ورق شجر معين، يدق ويستعمل في الغسل والتنظيف. (ولا تحنطوه) لا تضعوا له الحنوط، وهو طيب يخلط للميت خاصة. (لا تخمروا رأسه) لا تضعوا له خمارا، وهو غطاء الرأس. (ملبيا) يقول: لبيك اللهم لبيك، على الحالة التي مات عليها وهو محرم.
بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ، أَوْ قَالَ: فأوقعصته، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القيامة ملبيا).
[ر: ١٢٠٦].
أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثوبين، ولا تمسوه طيبا، ولا تخمروا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا).
كَانَ رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَرَفَةَ، فَوَقَعَ
⦗٤٢٧⦘
عَنْ رَاحِلَتِهِ، قَالَ أَيُّوبُ: فوقصته، وقال عمرو: فأوقصعته، فَمَاتَ، فَقَالَ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَيُّوبُ: يُلَبِّي، وَقَالَ عمرو: ملبيا).
[ر: ١٢٠٦].
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ، جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ. فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ ﷺ قَمِيصَهُ، فَقَالَ: (آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ). فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: (أنا بين خيرتين، قال: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لهم﴾. فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أبدا﴾.
[٤٣٩٣، ٤٣٩٥، ٥٤٦٠].
(آذني) أعلمني. (خيرتين) تثنية خيرة، أي مخير بين أمرين: الاستغفار وعدمه، كما في الآية المذكورة، مالتوبة: ٨٠/. (منهم) من المنافقين /التوبة: ٨٤/.
أتى النبي عبد الله بن أبي بعدما دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ، فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قميصه.
[١٢٨٥، ٢٨٤٦، ٥٤٥٩].
(فأخرجه) من قبره، (فنفث) بصق بصاقا خفيفا. (ريقه) ماء فمه.
كُفِّنَ النبي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابِ سُحُولٍ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قميص ولا عمامة.
⦗٤٢٨⦘
اللَّهُ عَنْهَا:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عمامة.
[ر: ١٢٠٥].
أن رسول الله ﷺ كفن في ثلاثة أثواب سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة.
[ر: ١٢٠٥].
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: الْحَنُوطُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يُبْدَأُ بِالْكَفَنِ، ثُمَّ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: أَجْرُ الْقَبْرِ وَالْغَسْلِ هُوَ من الكفن.
أُتِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه يَوْمًا بِطَعَامِهِ، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا بُرْدَةٌ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ، أَوْ رَجُلٌ آخَرُ، خَيْرٌ مِنِّي، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا بُرْدَةٌ، لَقَدْ خشيت أن يكون عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا، ثُمَّ جعل يبكي.
[١٢١٦، ٣٨١٩].
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه أُتِيَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ: إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ. وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جعل يبكي حتى ترك الطعام.
[ر: ١٢١٥].
هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلَّا بُرْدَةً، إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ من الإذخر.
[٣٦٨٤، ٣٧٠١، ٣٨٢١، ٣٨٥٤، ٦٠٦٨، ٦٠٨٣، وانظر: ٥٣٤٨].
(نلتمس وجه الله) نطلب ذات الله تعالى ورضوانه، لا متاع الدنيا. (فوقع أجرنا) ثبت ثوابنا واستحققناه بوعد الله عز وجل. (أينعت) أدركت ونضجت. (يهدبها) يجتنيها ويقطفها.
أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا، أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إلينا وإنها إزاره، فحسنها فلان فقال: اكسينها، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ، قَالَ: إني والله، ما سألته لألبسها، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كفنه.
[١٩٨٧، ٥٤٧٣، ٥٦٨٩].
⦗٤٣٠⦘
عَطِيَّةَ رضي الله عنها قالت:
نهيما عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا.
[ر: ٣٠٧].
تُوُفِّيَ ابْنٌ لِأُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، فَلَمَّا كَانَ اليوم الثالث، ودعت بِصُفْرَةٍ فَتَمَسَّحَتْ بِهِ، وَقَالَتْ: نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ إِلَّا بزوج.
[ر: ٣٠٧].
لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ الشَّأْمِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها بِصُفْرَةٍ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عن هذا لغنية، لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أربعة أشهر وعشرا).
دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا). ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فدعت بطيب فمست، ثُمَّ قَالَتْ: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا).
[٥٠٢٤، ٥٠٣٠].
⦗٤٣١⦘
قال:
مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِامْرَأَةٍ تبكي عند قبر، فقال: (اتقي الله واصيرري) قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: (إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصدمة الأولى).
[ر: ١١٩٤].
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ /التحريم: ٦/. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عن رعيته). [ر: ٨٥٣].
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: ﴿لَا تَزِرُ وازرة وزر أخرى﴾ /الأنعام: ١٦٤/. وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ – ذُنُوبًا – إِلَى حملها لا يحمل منه شيء﴾ /فاطر: ١٨/.
وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كفل من دمها).
[ر: ٣١٥٧].
وذلك لأنه أول من سن القتل.
⦗٤٣٢⦘
أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ:
أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ ﷺ إِلَيْهِ: إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فائتنا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: (إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ). فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ، قَالَ: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ: كَأَنَّهَا شَنٌّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: (هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ).
[٥٣٣١، ٦٢٢٨، ٦٢٧٩، ٦٩٤٢، ٧٠١٠].
(ابنة) هي زينب رضي الله عنها. (قبض) قرب أن يقبض، أي يموت. (لله ما أخذ وله ما أعطى) له الخلق كله يتصرف به إيجادا وعدما. (بأجل مسمى) مقدر بوقت معلوم محدد. (ولتحتسب) تطلب بصبرها الأجر والثواب من الله تعالى، ليحسبه لها من أعمالها الصالحة. (تتقعقع) تتحرك وتضطرب ويسمع لها صوت. (شن) السقاء البالي. (ففاضت عيناه) نزل الدمع من عيني النبي ﷺ. (ما هذا) استفهام تعجب، لما يعلم من سنة صبره ونهيه عن البكاء. (هذا رحمة) هذه الدمعة أثر رحمة، وليست من الجزع وقلة الصبر.
شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالس على القبر، قال: فرأيت عيناه تَدْمَعَانِ، قَالَ: فَقَالَ: (هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ). فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَالَ: (فانزل). قال: فنزل في قبرها.
[١٢٧٧].
تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه بِمَكَّةَ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا، أَوْ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، لِعَمْرِو بْنِ
⦗٤٣٣⦘
عُثْمَانَ: أَلَا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ؟ فَإِنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ).
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبُ؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ادْعُهُ لِي، فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ، فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ، دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي، يَقُولُ: وَا أَخَاهُ، وَا صَاحِبَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا صُهَيْبُ، أَتَبْكِي عَلَيَّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إن الميت ليعذب ببكاء أَهْلِهِ عَلَيْهِ).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رضي الله عنه، ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ). وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى.
قَالَ ابْنُ أبي ملكية: وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما شيئا.
[ر: ١٢٢٨، ١٢٣٠].
(ثم حدث) أي ابن عباس رضي الله عنهما. (صدرت) رجعت من حج. (بالبيداء) مفازة بين مكة والمدينة. (بركب) أصحاب إبل مسافرين، عشرة فما فوقها. (سمرة) شجرة عظيمة. (وا أخاه) أندب أخي في الإسلام. (حسبكم القرآن) يكفيكم بيان القرآن في أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره.
أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ، قالت: إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَقَالَ: (إنهم يبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها).
لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ رضي الله عنه، جَعَلَ صُهَيْب يَقُولُ:
⦗٤٣٤⦘
وَا أَخَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النبي ﷺ قال: (إن الميت ليعذب ببكاء الحي).
[ر: ١٢٢٦].
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ. وَالنَّقْعُ التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ الصوت.
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يعذب بما نيح عليه).
(ليس ككذب على أحد) فهو كذب في التشريع، وأثره عام على الأمة، فإثمه أكبر وعقابه أشد. (فليتبوأ مقعده) فليتخذ لنفسه مسكنا. (بما نيح) بسبب النوح عليه.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ).
تَابَعَهُ عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، وَقَالَ آدَمُ، عَنْ شعبة: (الميت يعذب ببكاء الحي عليه).
[ر: ١٢٢٦].
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ قَدْ مُثِّلَ بِهِ، حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ
⦗٤٣٥⦘
عَنْهُ فَنَهَانِي قَوْمِي، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: (مَنْ هَذِهِ). فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ: أُخْتُ عَمْرٍو، قَالَ: (فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ: لَا تَبْكِي، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حتى رفع).
[ر: ١١٨٧].
(مثل به) من التمثيل بالقتيل، وهو قطع أنفه وأذنه وما أشبه ذلك. (سجي) غطي. (صائحة) امرأة تصيح. (ابنة عمرو) عمة جابر واسمها فاطمة. (أخت عمرو) عمة عبد الله أبي جابر.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية).
[١٢٣٥، ١٢٣٦، ٣٣٣١].
(ليس منا) من أهل سنتا المهتدي بهدينا. (لطم) اللطم ضرب الوجه بباطن الكف. (الجيوب) جمع جيب، وهو فتحة الثوب من أعلاه ليدخل فيه الرأس، والمراد شق الثياب عامة. (بدعوى الجاهلية) قال في بكائه ونوحه ما كان يقوله أهل الجاهلية، كقولهم: يا سندنا وعضدنا، وأمثال هذه العبارات.
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: (لَا). ثُمَّ قَالَ: (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ، أَوْ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لن تنفق نفقة تتبغي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ،
⦗٤٣٦⦘
اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ). يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن مات بمكة.
[ر: ٥٦].
(يعودني) يزروني في مرضي. (بلغ بي من الوجع) وصل أثر الوجع نهايته. (ذو مال) عندي مال كثيرر. (الشطر) النصف. (عالة) فقراء. (يتكففون) يطلبون الصدقة من أكف الناس. (أخلف بعد أضحابي) أبقى في مكة وينصرف معك أصحابي من المهاجرين، وكان مرضه في مكة. (أن تخلف) يطول عمرك، أي لن تموت بمكة، وهذا من إخباره بالمغيبات ﷺ. (اللهم امض لأصحابي هجرتهم) أتممها لهم ولا تنقصها عليهم، فيرجعون إلى المدينة، من الإمضاء، وهو النفاذ. (لا تردهم على أعقابهم) بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم، فيخيب قصدهم. (البائس) المسكين. (يرثي له) يرق له ويترحم عليه.
وجع أبو موسى وجعا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أن رسول الله ﷺ بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة.
(وجع) مرض. (امرأة من أهله) هي زوجته أم عبد الله، صفية بنت دمون. (بريء) لا أرضى بفعله بل أتبرأ منه. (الصالقة) التي ترفع صوتها عند المصيبة، من الصلق وهو الصياح والولولة. (الحالقة) التي تحلق شعرها عند المصيبة، ويمكن أن يقاس عليها بالمقابل، وهو من يمتنع عن حلق شعره المعتاد عند المصيبة. (الشاقة) التي تشق ثيابها عند المصيبة.
عن النبي ﷺ قَالَ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية).
[ر: ١٢٣٢].
قَالَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بدعوى الجاهلية).
[ر: ١٢٣٢].
لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ ﷺ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ، شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ: لَمْ يُطِعْنَهُ، فَقَالَ: (انْهَهُنَّ). فأتاه الثالثة، قال: والله غلبنا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ: (فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ). فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ من العناء.
[١٢٤٣، ٤٠١٥].
(فاحث) ضع، والمراد تسكيتهن،. (فقلت) أي عائشة رضي الله عنها للرجل. (أرغم الله أنفك) ألصقه بالرغام، وهو التراب، إهانة وذلا، ودعت عليه لأنه أحرج النبي ﷺ بكثرة تردده إليه ونقله فعلهن دون جدوى. (العناء) المشقة والتعب.
قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شهرا، حين قتل الفراء، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حزن حزنا قط أشد منه.
[ر: ٩٥٧].
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: الْجَزَعُ الْقَوْلُ السيء والظن السيء، وَقَالَ يَعْقُوبُ عليه السلام: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وحزني إلى الله﴾ /يوسف: ٨٦/.
⦗٤٣٨⦘
بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، هَيَّأَتْ شَيْئًا، وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: كَيْفَ الْغُلَامُ؟ قَالَتْ: قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ. وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ. قَالَ: فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا).
قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لَهُمَا تسعة أولاد، كلهم قد قرأ القرآن.
[٥١٥٣].
(اشتكى) مرض. (هيأت شيئا) أعدت طعاما أصلحته، أو أصلحت حالها وتزينت تعرضا للجماع. (نحته) جعلته في جانب البيت بحيث لا يرى لأول وهلة. (هدأت نفسه) سكنت، وأرادت بالموت، وظن هو بالنوم لوجود العافية. (صادقة) بالنسبة لما فهمه. (اغتسل) أي من الجنابة، وهو كناية عن أنه جامع أهله تلك الليلة. (رجل) عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. (لهما) من ولدهما عبد الله الذي حملت به تللك الليلة، ودعا لهما النبي ﷺ بالبركة فيها. (قرأ القرآن) حفظه وختمه.
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: نِعْمَ الْعِدْلَانِ، وَنِعْمَ الْعِلَاوَةُ: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ /البقرة: ١٥٦ – ١٥٧/. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا على الخاشعين﴾ /البقرة: ٤٥/.
سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه، عَنِ النبي ﷺ قال: (الصبر عند الصدمة الأولى).
[ر: ١١٩٤].
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (تَدْمَعُ الْعَيْنُ، ويحزن القلب).
[ر: ١٢٤٢].
دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ). ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ ﷺ: (إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون).
رَوَاهُ مُوسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النبي ﷺ.
(ظئرا) زوج مرضعته، وهي خولة بنت المنذر الأنصارية النجارية. (تذرفان) يجري دمعهما. (وأنت) تفعل كما يفعل الناس عند المصائب. (بأخرى) أتبع الدمعة بأخرى، أو بالكلمة التي قالها بأخرى.
اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنهم، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ، فَقَالَ: (قَدْ قَضَى). قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ ﷺ بَكَوْا، فَقَالَ: (أَلَا تَسْمَعُونَ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا – وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ – أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ).
وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَضْرِبُ فِيهِ بِالْعَصَا، وَيَرْمِي بِالْحِجَارَةِ، وَيَحْثِي بالتراب.
اشتكى) مرض. (غاشية أهله) أهله الذين يغشونه، أي يحضرون عنده لخدمته. (قضى) حياته وخرج من الدنيا فمات. (بهذا) بسبب ما يقوله اللسان من خير أو سوء. (يضرب فيه) أي بسبب البكاء على الصفة المنهي عنها.
لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ غلبنني، أو غلبنا، الشك من محمد بْنِ حَوْشَبٍ، فَزَعَمَتْ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ). فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ من العناء.
[ر: ١٢٣٧].
أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ منا غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ الْعَلَاءِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امرأة معاذ، وامرأتان. أَوْ: ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَةٍ أخرى.
[٤٦١٠ – ٦٧٨٩].
(البيعة) المعاهدة على الإسلام والطاعة. (فما وفت) بترك النوح ممن بايعين.
عن النبي ﷺ قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ).
قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. زاد الحميدي: (حتى تخلفكم أو توضع).
[١٢٤٦].
(تخلفكم) تتجاوزكم، فتجعلكم خلفها، أو تصبح خلفكم. (توضع) على الأرض، والأمر بالقيام للجنازة للاستحباب وليس للوجوب، وقال بعضهم: إنه منسوخ فلا يستحب أيضا.
عَنِ النبي ﷺ قال: (إذا رأى أحدكم جنازة، فإن يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يُخَلِّفَهَا، أَوْ تُخَلِّفَهُ، أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ).
[ر: ١٢٤٥].
كُنَّا فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بيد مروان، فجلسنا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه، فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ فَقَالَ: قُمْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أبو هريرة: صدق.
[١٢٤٨].
(إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى توضع).
[ر: ١٢٤٧].
مرت بِنَا جَنَازَةٌ، فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ وقمنا له، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ؟ قال: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا).
(له) أي قمنا لأجل قيامه ﷺ.
كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنهما مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ
⦗٤٤٢⦘
مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جنازة يهودي، فقال: (ألست نَفْسًا).
وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عمرو، عن ابن لَيْلَى قَالَ: كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ وسَهْلٍ رضي الله عنهما، فَقَالَا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ. وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عن ابن أبي ليلى: كان ابن مسعود وقيس يقومان للجنازة.
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شيء إلا الإنسان، ولو سمعه صعق).
[١٢٥٣، ١٣١٤].
وَقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ، وَامْشِ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَرِيبًا منها.
(تقدمونها) تسرعون بها إليه. (تضعونه عن رقابكم) تستريحون من صحبة ما لا خير فيه.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: (إذا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لِأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ، ولو سمع الإنسان لصعق).
[ر: ١٢٥١].
أن رسول الله ﷺ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَكُنْتُ في الصف الثاني أو الثالث.
[١٢٥٧، ١٢٦٩، ٣٦٦٤ – ٣٦٦٦].
(صلى على النجاشي) صلاة الجنازة وهو غائب، والنجاشي لقب ملك الحبشة، واسمه أصحمة.
نَعَى النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ، ثم تقدم، فصفوا خلفه، فكبر أربعا.
[ر: ١١٨٨].
أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ ﷺ: أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَصَفَّهُمْ، وَكَبَّرَ أربعا. قلت: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
[ر: ٨١٩].
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ، فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ). قَالَ: فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْهِ وَنَحْنُ
⦗٤٤٤⦘
صُفُوفٌ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر: كنت في الصف الثاني.
[ر: ١٢٥٤].
أن رسول الله ﷺ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: (مَتَى دُفِنَ هَذَا). قَالُوا: الْبَارِحَةَ. قَالَ: (أَفَلَا آذَنْتُمُونِي). قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.
[ر: ٨١٩].
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ صلى على الجنازة). [ر: ١٢٦١]. وقال: (صلوا على صاحبكم). [ر: ٢١٦٨]. وقال: (صلوا على النجاشي). [ر: ١٢٥٧]. سَمَّاهَا صَلَاةً، لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهَا، وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي إِلَّا طَاهِرًا، وَلَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا، وَيَرْفَعُ يديه.
وقال الحسن: أدركت الناس، وأحقهم عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضَوْهُمْ لِفَرَائِضِهِمْ، وَإِذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ عِنْدَ الْجَنَازَةِ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْجَنَازَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ يَدْخُلُ مَعَهمْ بِتَكْبِيرَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: يُكَبِّرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ، أَرْبَعًا.
وَقَالَ أنس رضي الله عنه: تكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة.
وقال عز وجل: ﴿ولا تصل على أحد منهم مات أبد﴾ /التوبة: ٨٤/.
وفيه صفوف وإمام.
أخبر مَنْ مَرَّ مَعَ نَبِيِّكُمْ ﷺ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّنَا فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَمْرٍو، مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: ابن عباس رضي الله عنهما.
[ر: ٨١٩].
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه: إِذَا صَلَّيْتَ فَقَدْ قَضَيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، مَا عَلِمْنَا عَلَى الْجَنَازَةِ إِذْنًا، وَلَكِنْ مَنْ صلى ثم رجع فله قيراط.
مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ. فَقَالَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا. فَصَدَّقَتْ، يَعْنِي عَائِشَةَ، أَبَا هُرَيْرَةَ، وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُهُ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.
﴿فرطت﴾ /الزمر: ٥٦/: ضيعت من أمر الله.
[ر: ٤٧].
حَدَّثَنَا أحمد بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: حَدَّثَنَا يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ). قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: (مِثْلُ الجبلين العظيمين).
[ر: ٤٧].
(من شهد) حضر، وفي رواية عند مسلم: (من صلى). كما جاء في التعليق باب: ٥٥.
أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَبْرًا، فَقَالُوا هَذَا دُفِنَ، أَوْ دُفِنَتِ الْبَارِحَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فصففنا خلفه، ثم صلى عليها.
[ر: ٨١٩].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النجاشي صاحب الحبشة، اليوم الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ: (اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ).
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هريرة رضي الله عنه قال: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَفَّ بهم بالمصلى، فكبر عليه أربعا.
[ر: ١١٨٨].
أن اليهود جاؤوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِرَجُلٍ منهم وامرأة قد زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الجنائز عند المسجد.
[٣٤٣٦، ٤٢٨٠، ٦٤٣٣، ٦٤٥٠، ٦٩٠١، ٧١٠٤].
وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهم، ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً، ثُمَّ رُفِعَتْ، فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ: أَلَا هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا، فَأَجَابَهُ الآخر: بل يئسوا فانقلبوا.
⦗٤٤٧⦘
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا). قَالَتْ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ، غَيْرَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
[ر: ٤٢٥].
(اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا) جعلوها جهة قبلتهم يسجدون لها. (لولا ذلك) أي خشية اتخاذ قبره مسجد. (لأبرزوا) لكشفوه ولم يبنوا عليه حائلا.
صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ في نفاسها، فقام عليها وسطها.
[ر: ٣٢٥].
صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ في نفاسها، فقام عليها وسطها.
[ر: ٣٢٥].
وَقَالَ حُمَيْدٌ: صَلَّى بِنَا أَنَسٌ رضي الله عنه، فَكَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ سَلَّمَ.
أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أربع تكبيرات.
[ر: ١١٨٨].
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ، فَكَبَّرَ أربعا.
وقال يزيد بن هارون، وعبد الصمد، عن سليم: أصحمة. وتابعه عبد الصمد.
[ر: ١٢٥٤].
وَقَالَ الْحَسَنُ: يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لنا فرطا وسلفا وأجرا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن كثبر، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:
صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، فقال: ليعلموا أنها سنة.
أخبرني مع من مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: ابْنُ عباس رضي الله عنهما.
[ر: ٨١٩].
أَنَّ أَسْوَدَ، رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً، كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ النَّبِيُّ ﷺ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: (مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ). قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: (أَفَلَا آذَنْتُمُونِي). فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ. قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: (فَدُلُّونِي على قبره). فأتي قبره فصلى عليه.
[ر: ٤٤٦].
⦗٤٤٩⦘
حدثنا ابن زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قَالَ:
(الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ ﷺ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ في النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ). قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ، أَوِ الْمُنَافِقُ: فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بطرقة مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يسمعها من يليه إلا الثقلين).
[١٣٠٨].
(تولي) تولى مشيعوه وذهبوا. (قرع نعالهم) صوتها عند المشي. (لا دريت ولا تليت) دعاء عليه، أي لا كنت داريا ولا تاليا، فلا توفق في هذا الموقف ولا تنتفع بما كنت تسمع أو تقرأ. (يليه) من ملائكة وغيرهم. (الثقلين) الإنس والجن، سموا بذلك لثقلهم على الأرض.
(أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عليهما السلام، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ، وَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ). قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الأحمر).
[٣٢٢٦].
(صكه) لطمه على وجهه فأصاب عينه وفقأها. (متن) ظهر. (يدنيه) يقربه. (رمية بحجر) أي بحيث لو رمى رام حجر من الموضع لوصل إلى بيت المقدس. (ثم) هناك. (الكثيب) الرمل المجتمع.
وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ليلا. [ر: ١٣٢١].
⦗٤٥٠⦘
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دفن بليلة، قام هو وأصحابه، وكان قد سأله عَنْهُ فَقَالَ: (مَنْ هَذَا). فَقَالُوا: فُلَانٌ دُفِنَ البارحة، فصلوا عليه.
[ر: ٨١٩].
لَمَّا اشْتَكَى النَّبِيُّ ﷺ، ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ رضي الله عنهما، أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: (أُولَئِكِ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الحلق عند الله).
[ر: ٤١٧].
شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، فرأيت عيناه تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: (هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ). فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَالَ: (فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا). فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا.
قَالَ ابْنُ مُبَارَكٍ: قَالَ فُلَيْحٌ: أُرَاهُ يَعْنِي الذنب.
قال أبو عبد الله: ﴿ليقترفوا﴾ /الأنعام: ١١٣/ أي ليكسبوا.
[ر: ١٢٢٥].
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ). فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ
⦗٤٥١⦘
إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يصل عليهم.
[١٢٨٠ – ١٢٨٣، ١٢٨٦ – ١٢٨٨، ٣٨٥١].
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: (إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أن تنافسوا فيها).
[٣٤٠١، ٣٨١٦، ٣٨٥٧، ٦٠٦٢، ٦٢١٨].
أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: أَخْبَرَهُ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أحد.
[ر: ١٢٧٨].
قال النبي ﷺ: (ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ). يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يغسلهم.
[ر: ١٢٧٨].
وَسُمِّيَ اللَّحْدَ لِأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ، ﴿مُلْتَحَدًا﴾ /الكهف: ٢٧/: معدلا،
⦗٤٥٢⦘
ولو كان مستقيما كان ضريحا.
أن رسول الله ﷺ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ قي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ). فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ). وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلهم.
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: (أَيُّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ). فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صاحبه. قال جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي من سمع جابر رضي الله عنه.
[ر: ١٢٧٨].
(حرم اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ). فَقَالَ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه: إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ: (إِلَّا الْإِذْخِرَ).
⦗٤٥٣⦘
وَقَالَ أَبُو هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ: لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا؟
وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ: مِثْلَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لِقَيْنِهِمْ وبيوتهم.
[١٧٣٦، ١٩٨٤، ٢٣٠١، ٤٠٥٩، وانظر: ١٥١٠].
أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا.
قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ أَبُو هَارُونَ: وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قمصان، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْ أَبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ: فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ، مُكَافَأَةً لما صنع.
[ر: ١٢١١].
لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ، دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنِّي لَا أترك بعدي أعز علي منك غير رسول الله ﷺ، فإن علي دينا، فاقض، واستوص بأخوتك خَيْرًا، فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً، غَيْرَ أذنه.
دفن أبي مع رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ في قبر على حدة.
[ر: ١٢٧٨].
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ). فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، فَقَالَ: (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). فَأَمَرَ بدفنهم بدمائهم، ولم يغسلهم.
[ر: ١٢٧٨].
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَشُرَيْحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ مَعَ الْمُسْلِمِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَعَ أُمِّهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ. وَقَالَ: (الإسلام يعلو ولا يعلى).
أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، عِنْدَ أطم بني مغالة، وقد قارب ابن الصياد الْحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ الصياد: (تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ). فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ
⦗٤٥٥⦘
اللَّهِ؟ فَرَفَضَهُ وَقَالَ: (آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ). فَقَالَ لَهُ: (مَاذَا تَرَى). قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (خُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ). ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا). فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ: (اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ). فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ).
وَقَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا، قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ، لَهُ فيها رمزو أَوْ زَمْرَةٌ، فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ يَتَّقِي بجذوع النخل، فقال لِابْنِ صَيَّادٍ: يَا صَافِ، وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ، هَذَا مُحَمَّدٌ، ﷺ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ).
وَقَالَ شُعَيْبٌ في حديثه: فرضه، رمرمة أو زمزمة. وقال عقيل: رمرمة. وقال معمر: رمزة.
[٢٤٩٥، ٢٨٦٩، ٢٨٩٠، ٢٨٩١، ٥٨٢١، ٦٢٤٤].
(رهط) ما دون العشرة من الرجال. (ابن صياد) هو من اليهود، وقيل: من بني النجار، وابنه عمارة شيخ مالك من خيار المسلمين. عيني. (أطم) بناء من حجر كالقصر، وقيل: هو الحصن. (بني مغالة) قبيلة من الأنصار. (الحلم) البلوغ. (الأميين) العرب، نسبة إلى الأمية وهي عدم القراءة والكتابة. (فرفضه) تركه، ليأسه من إسلامه. (يأتيني صادق وكاذب) أرى رؤيا، ربما تصدق فتقع وربما تكذب فلا تقع. (خلط عليك الأمر) خلط عليك شيطانك ما يلقي إليك. (خبيئا) شيئا مخبأ في نفسي. (الدخ) أراد أن يقول الدخان، فلم يستطع ولم يهتد إلى ذلك. (اخسأ) اسكت صاغرا مطرودا. (فلن تعدو قدرك) لن تجاوز كونك كاهنا، ولن يبلغ قدرك أن تعلم الغيب من قبل الوحي ولا من قبيل الإلهام. (إن يكنه) إن كان هذا هو الدجال. (فلن تسلط عليه) لست أنت الذي يقتله، وإنما يقتله عيسى بن مريم عليه السلام. (يختل) يستغفل. (قطيفة) كساء له خمل. (رمزة) من الرمز وهو الإشارة، والزمرة من المزمار. (يتقي يجذوع النخل) يخفي نفسه بها. (فثار) نهض بسرعة. (بين) أظهر لنا من حاله ما نطلع به على حقيقة أمره. (فرضه) دقه. (رمرمة أو زمزمة) الصوت الخفي.
كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ﷺ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: (أَسْلِمْ). فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ).
[٥٣٣٣].
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
⦗٤٥٦⦘
رضي الله عنهما يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، أَنَا مِنَ الولدان وأمي من النساء.
[٤٣١١، ٤٣١٢، ٤٣٢١].
يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، يَدَّعِي أَبَوَاهُ الْإِسْلَامَ، أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، إذا استهل صارخا يصلي عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَة رضي الله عنه كَانَ يُحَدِّثُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ). ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: ﴿فِطْرَةَ الله التي فطر الناس عليها﴾ الآية.
(لغية) من الغواية وهي الضلالة، أي كل مولود يصلى عليه، إذا كان أحد أبويه مسلما ظاهرا، وإن كان مولودا من كافرة أو زانية أو نحوهما. (فطرة الإسلام) ملته وطريقته. (استهل صارخا) علمت حياته عند الولادة بصراخ أو غيره. (سقط) جنين سقط قبل تمامه. (يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) يجعلانه يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا، حسب ملتهما، بترغيبهما له في ذلك أو بتبعيته لهما. (تنتج البهيمة) تلد الدابة العجماء. (بهيمة جمعاء) تامة الأعضاء مستوية الخلق. (تحسون) تبصرون. (جدعاء) مقطوعة الأذن أو الأنف أو غير ذلك، أي إن الناس يفعلون بها ذلك، فكذلك يفعلون بالولود الذي يولد على الفطرة السليمة. (اقرؤوا إن شئتم) أن تتأكذوا هذا المعنى. (فطرة الله) ملة الإيمان والتوحيد ومعرفة الخالق سبحانه. (فطر الناس) خلقهم. (الآية) الروم: ٣٠.
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ). ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي
⦗٤٥٧⦘
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدين القيم﴾.
[١٣١٩، ٤٤٩٧، ٦٢٢٦].
أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بن أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَبِي طَالِبٍ: (يَا عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وعبد الله بن أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ رسول الله ﷺ: (أما وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ الآية.
[٣٦٧١، ٤٣٩٨، ٤٤٩٤، ٦٣٠٣].
وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَانِ. وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: انْزِعْهُ يَا غُلَامُ، فَإِنَّمَا يظله عمله. وقال خارجة بن يزيد: رَأَيْتُنِي، وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قبر عثمان بن مظعون، حتى يجاوره. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ، فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي
⦗٤٥٨⦘
الله عنهما يجلس على القبور.
أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ). ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: (لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا ما لم ييبسا).
[ر: ٢١٣].
﴿يخرجون من الأجداث﴾ /المعارج: ٤٣/: الأجداث القبور. «بعثرت» /الانفطار: ٤/: أُثِيرَتْ، بَعْثَرْتُ حَوْضِي أَيْ جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ. الإيفاض الإسراع. وقرأ الأعمش: «إلى نصب» /المعارج: ٤٣/: إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ، والنصب مصدر. «يوم الخروج» /ق: ٤٣/: من القبور. «ينسلون» /يسن: ٥١/: يخرجون.
كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ ﷺ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ
⦗٤٥٩⦘
فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟ قَالَ: (أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ). ثُمَّ قرأ: ﴿فأما من أعطى واتقى﴾. الآية.
[٤٦٦١ – ٤٦٦٦، ٥٨٦٣، ٦٢٣١، ٧١١٣].
(بقيع الغرقد) مقبرة أهل المدينة، والبقيع موضع من الأرض فيه أصول شجر، والغرقد شجر له شوك كان ينبت في ذلك المكان بكثرة فأضيف إليه. (مخصرة) ما يتوكأ عليه من عصا وغيرها. (فنكس) خفض رأسه وطأطأ إلى الأرض. (ينكت) يضرب في الأرض. (منفوسة) مخلوقة. (كتب) قدر وعين. (نتكل على كتابنا) نعتمد على ما قدر علينا. (أعطى واتقى) أعطى الطاعة واتقى المعصية، أي جاهد نفسه فبذل الطاعة واجتنب المعصية. (الآية) أي وما بعدها: /الليل: ٥ – ١٠/. وستأتي الآيات وشرحها في روايات الحديث.
(مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ. وَمَنْ قتل نفسه بحديدة، عذب بها في نار جهنم).
[٥٧٠٠، ٧٥٤٥، ٦٢٧٦].
(بملة غير الإسلام) كأن يقول: هو يهودي إن فعل كذا، وأمثال هذا. (كما قال) أي فيحكم عليه بالذي نسبه لنفسه.
(كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ اللَّهُ: بدرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة).
[٣٢٧٦].
(برجل) من الأمم السابقة. (بدرني) استعجل الموت، ولم يصبر حتى أقبض روحه من غير سبب منه.
(الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النار، والذي يطعنها يطعنها في النار).
[ر: ٥٤٤٢].
رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٢١٠].
⦗٤٦٠⦘
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهم أَنَّهُ قَالَ:
لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابن أبي، وقال قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: (أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ). فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: (إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يغفر لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا). قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا – إلى وهم فاسقون﴾. قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ ورسوله أعلم.
[٤٣٩٤].
مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وَجَبَتْ). ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: (وَجَبَتْ) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: (هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شهداء الله في الأرض).
[٢٤٩٩].
(فأثنوا عليه خيرا) وصفوها بفعل الخير. (فأثنوا عليها شرا) وصفوها بفعل الشر. (شهداء الله في الأرض) أي يقبل قولكم في حق من تشهدون له أو عليه.
قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ،
⦗٤٦١⦘
ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَيُّمَا مُسْلِمٍ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ). فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ، قَالَ: (وَثَلَاثَةٌ). فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ، قَالَ: (وَاثْنَانِ). ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
[٢٥٠٠].
وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾ /الأنعام: ٩٣/: هُوَ الْهَوَانُ، وَالْهَوْنُ الرِّفْقُ.
وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾ /التوبة: ١٠١/.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ /غافر (المؤمن): ٤٥، ٤٦/.
(إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ أُتِيَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الذين آمنوا بالقول الثابت﴾).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ/ بِهَذَا، وَزَادَ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نزلت في عذاب القبر.
[٤٤٢٢].
(أتي) أتاه الملكان وأقعداه أو سألاه. (بالقول الثابت) الذي ثبت بالحجة عندهم، وهي كلمة التوحيد التي تمكنت في قلوبهم. /إبراهيم: ٢٧/.
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ، فَقَالَ: (وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا). فَقِيلَ لَهُ: تَدْعُو أمواتا؟ فقال: (وما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون).
[٣٧٦٠، ٣٨٠٢، وانظر: ١٣٠٥].
إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ). وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾.
[٣٧٥٩، وانظر: ١٣٠٤].
(وقد قال الله تعالى) هذا الكلام لعائشة رضي الله عنها. (لا تسمع الموتى) إسماعا يستفيدون ممنه ويتعظون به. /النمل: ٨٠/.
أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَقَالَ: (نَعَمْ، عَذَابُ الْقَبْرِ حق). قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بعد صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
[ر: ٩٩٧].
أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما تَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطِيبًا، فَذَكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ الَّتِي يَفْتَتِنُ فِيهَا الْمَرْءُ، فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة. زاد غندر: عذاب القبر حق.
أَنَّ رسول ﷺ قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي
⦗٤٦٣⦘
قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَيُقْعِدَانِهِ فيقولان: ما كنت تقول في الرَّجُلِ، لِمُحَمَّدٍ ﷺ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا).
قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا: أَنَّهُ يفسح فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ، قَالَ: (وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حديث ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً، يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثقلين).
[ر: ١٢٧٣].
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: (يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا).
وَقَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَوْنٌ: سَمِعْتُ أَبِي: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
(وجبت الشمس) غربت.
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ، وَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
[٦٠٠٣].
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المسيح الدجال).
(أعوذ) ألتجئ وأستجير. (فتنة المحيا والممات) ما يكون في الحياة من الابتلاء بالمصائب مع عدم الصبر، وما يحدث من الإصرار على الفساد وترك طرق الهداية، وما يكون بعد الموت من أهوال القبر وسؤال الملكين. (فتنة المسيح الدجال) ما يكون معه من أسباب الفتنة، ومعنى الدجال الكذاب، وسمي المسيح لأن إحدى عينيه ممسوحة.
مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ). ثُمَّ قَالَ: (بَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ). قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا، فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثم غرز كل واحد منهما على قبره، ثُمَّ قَالَ: (لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يبسا).
[ر: ٢١٣].
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ، عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يوم القيامة).
[٣٠٦٨، ٦١٥٠].
(عرض عليه مقعده) أري مكانه. (بالغداة والعشي) وقت الصباح ووقت المساء. (هذا مقعدك حتى يبعثك الله) هذا مكانك الذي تبعث إليه يوم القيامة.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إذا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ، ولو سمعها الإنسان لصعق).
[ر: ١٢٥١].
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ).
[ر: ١٠١، ١١٩٣]
قال رسول الله ﷺ: (ما من مُسْلِمٌ، يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، بِفَضْلِ رحمته إياهم).
[ر: ١١٩١].
أَنَّه سَمِعَ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الجنة).
[٣٠٨٢، ٥٨٤٢].
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: (اللَّهُ، إِذْ خَلَقَهُمْ، أَعْلَمُ بِمَا كانوا عاملين).
[٦٢٢٤].
(أعلم بما كانوا عاملين) بما يكون منهم لو أبقاهم أحياء، وقيل غير ذلك.
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سئل النبي ﷺ عن ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: (اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عاملين).
[٦٢٢٥].
(ذراري) جمع ذرية وهم الأولاد.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (كُلُّ مَوْلُودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ، هَلْ ترى فيها جدعاء).
[ر: ١٢٩٢].
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا صَلَّى صَلَاةً، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا). قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيَقُولُ: (مَا شَاءَ اللَّهُ). فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ:
⦗٤٦٦⦘
(هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا). قُلْنَا: لَا، قَالَ: (لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى الأرض المقدسة، فإذا ردل جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ، بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ) قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى: (إِنَّهُ يُدْخِلُ ذلك الكوب فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ، أو صخرة، فيشدخ بها رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا، حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا، حتى كادوا أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ – قال يزيد ووهب ابن جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ – وَعَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فيه بحجر، فيرجع كما كان، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى انتهيا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ، بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلَانِي دَارًا، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ، وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا، هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ. قَالَا: نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ، يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ، فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا، وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ
⦗٤٦٧⦘
عليه السلام، وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ، وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَالدَّارُ الْأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مكيائيل، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ، قَالَا: ذَاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ: دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي، قَالَا: إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تستكمله، فلو استكملت أتيت منزلك).
[ر: ٨٠٩].
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: فِي كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِيَّ ﷺ؟ قَالَتْ: فِي ثَلَاثَةِ أثواب سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ. وَقَالَ لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ. قَالَ: أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ، فَكَفِّنُونِي فِيهَا. قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلَقٌ؟ قَالَ: إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ من الميت، إنما لِلْمُهْلَةِ.
فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثلاثاء. ودفن قبل أن يصبح.
[ر: ١٢٠٥].
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: (نعم).
[٢٦٠٩].
(رجلا) هو سعد بن عبادة رضي الله عنه. (افتلتت نفسها) ماتت فجأة.
﴿فأقبره﴾ /عبس: ٢١/: أقبرت الرجل إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ دَفَنْتُهُ. ﴿كِفَاتًا﴾ /المرسلات: ٢٥/: يكونون فيها أحياء، ويدفنون أمواتا.
إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: (أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ، أَيْنَ أَنَا غَدًا). اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
[ر: ٨٥٠].
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ، أَوْ خُشِيَ، أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
وَعَنْ هِلَالٍ قَالَ: كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يولد لي.
[ر: ٤٢٥].
أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ مسنما.
لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ، فَفَزِعُوا، وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ: لَا وَاللَّهِ، مَا هِيَ قَدَمُ
⦗٤٦٩⦘
النَّبِيُّ ﷺ، مَا هِيَ إلا قدم عمر رضي الله عنه.
أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما: لَا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ، وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ، لَا أُزَكَّى بِهِ أبدا.
[٦٨٩٦].
رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلَامَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، قَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، فلأوثرنه اليوم على نفسب، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنُونِي، وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ.
إِنِّي لا أعلم أحدا أحق بهاذ الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى: عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ. فَقَالَ: لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا، لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وأوصيه بالأنصار خير، الذين تبوؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ
⦗٤٧٠⦘
رَسُولِهِ ﷺ، أَنْ يُوفَى لَهُمْ بعهدهم، وأن يقاتل من وراءهم، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم.
[٢٨٨٧، ٢٩٩١، ٣٤٩٧، ٤٦٠٦، ٦٨٩٧].
قَالَ الّنَبِيُّ ﷺ: (لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا).
ورواه عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش. وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ. تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَابْنُ عَرْعَرَةَ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عن شعبة.
[٦١٥١].
قَالَ أَبُو لَهَبٍ، عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، لِلنَّبِيِّ ﷺ: تَبًّا لك سائر اليوم، فنزلت: ﴿تبت يد أبي لهب وتب﴾.
[٣٣٣٥، ٤٤٩٢، ٤٥٢٣، ٤٦٨٧ – ٤٦٨٩].
(تبا) هلاكا. (سائر اليوم) بقية اليوم. (وتب) خسر. وكان له الهلاك المخلد.