٩٣ – كتاب الإكراه.

قول اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ /النحل: ١٠٦/.
وَقَالَ: ﴿إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ /آل عمران: ٢٨/: وَهِيَ تقيَّة.
وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ – إِلَى قَوْلِهِ – عَفُوًّا غَفُورًا﴾ /النساء: ٩٧ – ٩٩/.
وَقَالَ: ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ /النساء: ٧٥/.
فَعَذَرَ اللَّهُ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالْمُكْرَهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَضْعَفًا، غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: التقيَّة إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فيطلِّق: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ.

⦗٢٥٤٦⦘
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الأعمال بالنيَّة).
[ر: ١]


(الإكراه) هو إلزام المرء بما لا يريده. (من أكره) على الكفر فتلفظ به.
(وقلبه مطمئن ..) ساكن، والإيمان مستقر فيه. (شرح بالكفر ..) اعتقده ورضي به. (تقاة) ما تتقون به شر الكفار اتقاء. (ظالمي أنفسهم) بتركهم الهجرة وبقائهم في دار الكفر. (فيم كنتم) لأي شيء مكثتم وتركتم الهجرة.
(مستضعفين) لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض.
(إلى قوله) وتتمتها: ﴿قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرًا. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلًا. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا﴾. (لا يستطيعون حيلة ..) لا يقدرون على التخلص من أيدي الكفار، كما أنهم لا يعرفون مسالك الطرق. (يعفو عنهم) بترك الهجرة وإقامتهم في ديار الكفر. (القرية) مكة.
(لدنك) عندك. (وليًا) يتولى أمرنا ويستنقذنا من أعدائنا.
(نصيرًا) ينصرنا ويمنع أذى العدو عنا. (التقية) أي اتخاذ ما يقي من شر العدو دون نفاق أو رضًا بالباطل. (إلى يوم القيامة) أي مشروعة دومًا وليست مختصة بعهد رسول الله ﷺ. (وبه) أي بقول ابن عباس رضي الله عنهما.
٦ ‏/ ٢٥٤٥
٦٥٤١ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ: أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أبي هريرة:
أن النبي ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِ عيَّاش ابن أَبِي رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كسني يوسف).
[ر: ٩٦١]
٦ ‏/ ٢٥٤٦
١ – بَاب: مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْلَ وَالْهَوَانَ عَلَى الكفر.


(الهوان) الإهانة والإذلال والتحقير.
٦ ‏/ ٢٥٤٦
٦٥٤٢ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (ثَلَاثٌ مَنْ كنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أحبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ).
[ر: ١٦]
٦ ‏/ ٢٥٤٦
٦٥٤٣ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عبَّاد، عَنْ إسماعيل: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ:
لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوِ انقضَّ أُحُدٌ مِمَّا فَعَلْتُمْ بِعُثْمَانَ، كَانَ مَحْقُوقًا أَنْ ينقضَّ.
[ر: ٣٦٤٩]
٦ ‏/ ٢٥٤٦
٦٥٤٤ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ خبَّاب بْنِ الأرتِّ قَالَ:
شَكَوْنَا إلى رسول الله ﷺ، وَهُوَ متوسِّد بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: (قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ ليتمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غنمه، ولكنكم تستعجلون).
[ر: ٣٤١٦]
٦ ‏/ ٢٥٤٦
٢ – بَاب: فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ، فِي الْحَقِّ وغيره.
٦ ‏/ ٢٥٤٧
٦٥٤٥ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: (انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ). فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَنَادَاهُمْ: (يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا). فَقَالُوا: قَدْ بلَّغت يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ: (ذَلِكَ أُرِيدُ). ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ، فَقَالُوا: قَدْ بلَّغت يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: (اعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله).
[ر: ٢٩٩٦]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: إجلاء اليهود من الحجاز، رقم: ١٧٦٥.
(بيت المدراس) الموضع الذي كانوا يقرؤون فيه التوراة. (ذلك أريد) هذا ما أريد بقولي أسلموا: أن تعترفوا أنني بلَّغتكم، حتى تسقط عني المسؤولية، وتقوم عليكم الحجة. (أجليكم) أخرجكم عن أرضكم. (وجد منكم بماله شيئًا) تعلقًا به ومحبة له.
٦ ‏/ ٢٥٤٧
٣ – بَاب: لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكْرَهِ.
﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تحصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يكرههنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إكراههنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ /النور: ٣٣/.


(فتياتكم) جمع فتاة، والمراد بها هنا الأمة، أي المرأة المملوكة.
(البغاء) الزنا. (إن أردن تحصنًا) وهن يرغبن بالعفة، وليس الشرط بقيد، بل يحرم إكراههن مطلقًا، أردن العفة أم لا.
٦ ‏/ ٢٥٤٧
٦٥٤٦ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الرحمن ومجمِّع ابني يزيد بن جارية الأنصاري، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ:
أَنَّ أباها زوجها وهي ثيِّب فكرهت ذلك، فأتت النَّبِيَّ ﷺ فردَّ نِكَاحَهَا.
[ر: ٤٨٤٥]
٦ ‏/ ٢٥٤٧
٦٥٤٧ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أبي عمرو، وهو ذكوان، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَالَ: (نَعَمْ). قُلْتُ: فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فتستحي فتسكت؟

⦗٢٥٤٨⦘
قال: (سكاتها إذنها).
[ر: ٤٨٤٤]


أخرجه مسلم في النكاح، باب: استئذان الثيب في النكاح ..، رقم: ١٤٢٠.
(أبضاعهن) جمع بضع وهو الفرج، وقيل: إبضاعهن، مصدر أبضع، أي زواجهن.
٦ ‏/ ٢٥٤٧
٤ – بَاب: إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا أَوْ باعه لم يجز.
وبه قال بعض الناس، وقال: فَإِنْ نَذَرَ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَذْرًا، فَهُوَ جَائِزٌ بزعمه، وكذلك إن دبَّره.


(بعض الناس) قيل: أراد بهم الحنفية. (جائز) نافذ وصحيح. (بزعمه) على قوله. (دبَّره) من التدبير وهو تعليق عتق العبد على موت السيد. وحاصل كلامه: أن الإكراه يمنع صحة الهبة أو عقد البيع، ولا تنتقل فيه الملكية إلى المشتري أو الموهوب له، إلا إذا جعل المبيع أو الموهوب نذرًا أو دبَّره، فإنه ينفذ تصرفه، ويصحح العقد الذي وقع مع الإكراه.
(واحد) من حيث المعنى.
٦ ‏/ ٢٥٤٨
٦٥٤٨ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حمَّاد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:
أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذلك رسول الله ﷺ، فَقَالَ: (مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي). فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النحَّام بثمانمائة دِرْهَمٍ. قَالَ: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا، مات عام أول.
[ر: ٢٠٣٤]
٦ ‏/ ٢٥٤٨
٥ – باب: من الإكراه.
﴿كُرْهًا﴾ /الأحقاف: ١٥/ و﴿كَرْهًا﴾ /آل عمران: ٨٣/: واحد.
٦ ‏/ ٢٥٤٨
٦٥٤٩ – حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَطَاءٌ أَبُو الحَسَنِ السُّوَائِيُّ، وَلَا أَظُنُّهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النساء كَرْهًا﴾. الْآيَةَ. قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ: إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية في ذلك.
[ر: ٤٣٠٣]
٦ ‏/ ٢٥٤٨
٦ – بَاب: إِذَا اسْتُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلَا حد عليها.
لقوله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يكرههنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إكراههنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ /النور: ٣٣/.
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ

⦗٢٥٤٩⦘
وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمُسِ، فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى اقتضَّها، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا.
قَالَ الزُهري، فِي الْأَمَةِ الْبِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ: يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنَ الْأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا وَيُجْلَدُ، وَلَيْسَ فِي الْأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الْأَئِمَّةِ غُرْمٌ، وَلَكِنْ عليه الحد.


(ومن يكرههن ..) انظر الباب [٣]. (رقيق الإمارة) أي من مال الخليفة. (وقع على ..) زنى بأمة من خمس الغنيمة الذي يعود التصرف فيه للإمام الخليفة. (اقتضها) أزال بكارتها، مأخوذ من القضة وهي عذرة البكر. (يفترعها) يزيل بكارتها. (العذراء) البكر. (بقدر قيمتها) أي يقدر الحاكم العدل قيمة الأمة بكرًا وقيمتها ثيبًا. ويحكم بالفرق بينهما على الذي أزال بكارتها. (غرم) غرامة].
٦ ‏/ ٢٥٤٨
٦٥٥٠ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن الأعرج، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، دَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، أَوْ جبَّار مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فأرسل إليه: أن أرسل إلي بها، فقام إليها، فقامت تتوضأ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فغُطَّ حَتَّى رَكَضَ برجله).
[ر: ٢١٠٤]
٦ ‏/ ٢٥٤٩
٧ – يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: إِنَّهُ أَخُوهُ، إِذَا خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ أَوْ نَحْوَهُ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يخاف، فإنه يَذبُّ عنه الظالم، وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ الْمَظْلُومِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا قِصَاصَ.
وَإِنْ قِيلَ لَهُ: لتشربنَّ الْخَمْرَ، أَوْ لتأكلنَّ الْمَيْتَةَ، أَوْ لتبيعنَّ عَبْدَكَ، أَوْ تقرُّ بدَين، أَوْ تهب هبة، أو تحلُّ عُقْدَةً، أَوْ لنقتلنَّ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَسِعَهُ ذَلِكَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (الْمُسْلِمُ أَخُو المسلم).
وقال بعض الناس: لو قيل لتشربنَّ الْخَمْرَ، أَوْ لتأكلنَّ الْمَيْتَةَ، أَوْ لنقتلنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ، أَوْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، لَمْ يَسَعْهُ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ. ثُمَّ نَاقَضَ فَقَالَ: إِنْ قِيلَ لَهُ: لنقتلنَّ

⦗٢٥٥٠⦘
أَبَاكَ أَوِ ابْنَكَ، أَوْ لتبيعنَّ هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ لتقرنَّ بدَين أَوْ تَهَبُ، يَلْزَمُهُ فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ: الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ، وَكُلُّ عُقْدَةٍ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ. فرَّقوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، وَغَيْرِهِ، بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ لامرأته: هذه أختي، وذلك في الله).
[ر: ٣١٧٩]
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا فنيَّة الحالف، وإن كان مظلومًا فنيَّة المستحلف.


(فإنه) أي فإن المسلم. (يذب) يدفع. (دون المظلوم) أي دفاعًا عنه، وقتل الظالم أو جرحه. (فلا قود ..) لا قصاص عليه ولا دية. (تحل عقدة) تحل تفسخ، أي تفسخ عقدًا أمضيته، أو تبطل تصرفًا قمت به. (وسعه ذلك) جاز له فعل الأشياء التي طلبت منه ليخلص أباه أو أخاه من القتل.
(بعض الناس) قيل أراد بهم الحنفية. (لم يسعه) لم يجز له فعل ما طلب منه. (ليس بمضطر) أي ليس بمكره، لأن الإكراه يكون فيما يتوجه إلى الإنسان في خاصة نفسه لا في غيره. (ناقض ..) أي ناقض قوله بعدم الجواز في الصورة الأولى وعدم اعتبار الإكراه فيها، بقوله به في الصورة الثانية واعتبار الإكراه فيها، من حيث القياس، أي قواعد الشرع التي تقرر رفع الحرج تستدعي ذلك. وأيضا: قولهم بعدم الإكراه يستلزم صحة بيع العبد والإقرار بالدين أو الهبة، بينما قالوا بعدم صحة ذلك استحسانًا، وهذا تناقض. والاستحسان هو العدول عن مقتضى القياس لوجه أقوى يقتضي ذلك العدول. (فرقوا ..) أي لو قال له: لتقتلن هذا الرجل الأجنبي أو لتبيعن كذا، فباع، لزمه البيع، ولو قيل له ذلك في ذي الرحم لم يلزمه. (بغير كتاب ..) أي بغير دليل. (وقال النبي ..) أراد به الاستشهاد على عدم الفرق بين الأجنبي وغيره في هذا الباب، لأنه أخوه في الإسلام. (فنيَّة ..) أي هي المعتبرة.
٦ ‏/ ٢٥٤٩
٦٥٥١ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أخيه كان الله في حاجته).
[ر: ٢٣١٠]
٦ ‏/ ٢٥٥٠
٦٥٥٢ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَان: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولُ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: (تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، من الظلم فإن ذلك نصره).
[ر: ٢٣١١]

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …