٩٤ – كتاب الحيل.

١ – بَاب: فِي تَرْكِ الْحِيَلِ، وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نوى في الأيمان وغيرها.


(الحيل) جمع حيلة، وهي ما يتوصل به إلى المقصود بطريق خفي.
٦ ‏/ ٢٥٥١
٦٥٥٣ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حمَّاد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وقَّاص قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَخْطُبُ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بالنيَّة، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجر إليه).
[ر: ١]
٦ ‏/ ٢٥٥١
٢ – باب: في الصلاة.
٦ ‏/ ٢٥٥١
٦٥٥٤ – حدثني إسحق بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ همَّام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ).
[ر: ١٣٥]
٦ ‏/ ٢٥٥١
٣ – بَاب: فِي الزَّكَاةِ، وَأَنْ لَا يفرَّق بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجمع بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
٦ ‏/ ٢٥٥١
٦٥٥٥ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا أبي: حدثنا ثمامة بن عبد الله ابن أَنَسٍ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَلَا يُجمع بَيْنَ متفرِّق، وَلَا يُفرَّق بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصدقة)
[ر: ١٣٨٠]
٦ ‏/ ٢٥٥١
٦٥٥٦ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ:
أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: (الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا أَنْ تطوَّع شَيْئًا). فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ قَالَ: (شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تطوَّع شَيْئًا). قَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بشرائع الْإِسْلَامِ. قَالَ:

⦗٢٥٥٢⦘
وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا أتطوَّع شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عليَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أفلح إن صدق، أو: أدخل الجنة إن صدق).
[ر: ٤٦]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتان، فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أَوْ وَهَبَهَا، أَوِ احْتَالَ فِيهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، فَلَا شَيْءَ عليه.


(بعض الناس) قيل: الحنفية. (فلا شيء عليه) من الزكاة ويأثم بفعله.
٦ ‏/ ٢٥٥١
٦٥٥٧ – حدثني إسحق: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ همَّام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يفرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ، فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ، حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا مَا ربُّ النَّعَم لَمْ يُعْطِ حقَّها تُسلَّط عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فتخبط وجهه بأخفافها).
[ر: ١٣٣٧ – ١٣٣٨]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ مِثْلِهَا أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بِبَقَرٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ، فرارًا من الصدقة بيوم احتيالًا، فلا شيء عَلَيْهِ. وَهُوَ يَقُولُ: إِنْ زكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسِتَّةٍ جَازَتْ عنه.


(يبسط يده) يمدها، أي صاحب المال. (فيلقمها فاه) يدخلها في فمه.
(إذا ما ربُّ النعم) ما زائدة، الرب المالك، والنعم الإبل والبقر والغنم، والظاهر أن المراد هنا الإبل خاصة. (بعض الناس) يريد أبا حنيفة رحمه الله تعالى، وكذلك فيما سيأتي. ومراده هنا: بيان أن في قوله تناقضًا، لأنه جازت عنده التزكية قبل الحول بيوم، فكيف يسقطه في ذلك اليوم. قال العيني: وقال صاحب التلويح: ما ألزم البخاري أبا حنيفة من التناقض فليس بتناقض، لأنه لا يوجب الزكاة إلا بتمام الحول، ويجعل من قدمها كمن قدم دينًا مؤجلًا.
٦ ‏/ ٢٥٥٢
٦٥٥٨ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اقضه عنها).
[ر: ٢٦١٠]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذَا بَلَغَتِ الْإِبِلُ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ

⦗٢٥٥٣⦘
أو باعها فرارًا أو احتيالًا لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أتلفها فمات، فلا شيء في ماله.


غرضه من الإتيان بالحديث بيان: أن النذر لا يسقط بالموت، وكذلك جميع حقوق الله تعالى، وهو يرد بهذا على من يقول بسقوط الزكاة أو بالاحتيال.
٦ ‏/ ٢٥٥٢
٤ – بَاب: الْحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ.
٦ ‏/ ٢٥٥٣
٦٥٥٩ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نهى عن الشِّغار. قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغار؟ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرجل وينكحه أخته بغير صداق.
[ر: ٤٨٢٢]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغار فَهُوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.
وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ: النِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ بعضهم: المتعة والشِّغار جائز، والشرط باطل.


(بغير صداق) أي بغير مهر، وصورة نكاح الشغار: أن يقول الرجل: إني أزوجك ابنتي أو أختي على أن تزوجني ابنتك أو أختك، فيكون أحد العقدين عوضًا عن الآخر. فقال الحنفية: العقدان جائزان، ويبطل الشرط، ويثبت لكل منهما مهر المثل بالدخول. وهذا هو الأصح في مذهب الشافعية، إلا إن ذكر في العقد أن بضع – أي فرج – كل منهما مهر للأخرى، فهو باطل عندهم. وقال الماليكة والحنابلة ببطلان هذا العقد مطلقًا، ذكر البضع أم لم يذكر. (المتعة) هي: أن يتزوج المرأة بشرط أن يتمتع بها أيامًا ثم يخلي سبيلها، ويشترط فيها لفظ التمتع، كمتعيني بنفسك، أو: أتمتع بك. (قال بعضهم) قيل: أشار إلى ما نقل عن زفر – أحد أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله تعالى – أنه أجاز النكاح المؤقت، أي صححه، وألغى الوقت، لأنه شرط فاسد، والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة.
٦ ‏/ ٢٥٥٣
٦٥٦٠ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: حَدَّثَنَا الزُهري، عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابني محمد بن علي، عَنْ أَبِيهِمَا:
أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لحوم الحمر الإنسية.
[ر: ٣٩٧٩]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ باطل.
٦ ‏/ ٢٥٥٣
٥ – بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الِاحْتِيَالِ فِي الْبُيُوعِ، وَلَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الكلأ.
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٦٥٦١ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة:
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلَإِ).
[ر: ٢٢٢٦]
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٦ – بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ.
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٦٥٦٢ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ النَّجْشِ.
[ر: ٣٥ ٢]؟؟؟
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٧ – بَاب: مَا يُنْهَى مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبُيُوعِ.
وَقَالَ أَيُّوبُ: يُخَادِعُونَ اللَّهَ كَأَنَّمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوْا الْأَمْرَ عِيَانًا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ.


(لو أتوا ..) لو أعلنوا بأخذ الزائد على الثمن معاينة بلا تدليس لكان أسهل.
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٦٥٦٣ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ يُخدع فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: (إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ).
[ر: ٢٠١١]


(خلابة) خديعة، ولا يدخل في الخداع الثناء على السلعة والإطناب في مدحها، فإنه يتجاوز عنه ولا ينقض به البيع.
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٨ – بَاب: مَا يُنْهَى مِنَ الِاحْتِيَالِ لِلْوَلِيِّ فِي الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لَا يكمِّل لَهَا صَدَاقَهَا.
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٦٥٦٤ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُهري قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ:
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: ﴿وإن خفتم أن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ من النساء﴾. قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فنُهوا عَنْ نكاحهنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لهنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النساء﴾. فذكر الحديث.
[ر: ٢٣٦٢]
٦ ‏/ ٢٥٥٤
٩ – بَاب: إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ، فَقُضِيَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فَهِيَ لَهُ، وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلَا تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ، لِأَخْذِهِ الْقِيمَةَ. وَفِي هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ اشْتَهَى جَارِيَةَ رَجُلٍ لَا يَبِيعُهَا، فَغَصَبَهَا، وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ، حتى يأخذ ربها قيمتها، فتطيب لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرُهُ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أموالكم عليكم حرام).
[ر: ١٦٥٤]


(جارية) امرأة مملوكة. (لأخذه) أي لأخذ صاحب الجارية قيمتها.
(وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
٦ ‏/ ٢٥٥٥
٦٥٦٥ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يوم القيامة يعرف به).
[ر: ٣٠١٦]
٦ ‏/ ٢٥٥٥
٦٥٦٦ – حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان، عن هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نحو مما أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً من النار).
[ر: ٢٣٢٦]
٦ ‏/ ٢٥٥٥
١٠ – بَاب: فِي النِّكَاحِ.
٦ ‏/ ٢٥٥٥
٦٥٦٧ – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قَالَ: (لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلَا الثَّيِّب حَتَّى تُسْتَأْمَرَ). فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: (إِذَا سَكَتَتْ).
[ر: ٤٨٤٣]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ الْبِكْرُ ولم تزوج، فاحتال رجل، فأقام شاهدين زورًا: أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِي نِكَاحَهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا، وَهُوَ تَزْوِيجٌ صَحِيحٌ.
٦ ‏/ ٢٥٥٥
٦٥٦٨ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ:
أَنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ، تخوَّفت أَنْ يزوِّجها وليُّها وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى شَيْخَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ ومجمِّع ابْنَيْ جَارِيَةَ، قَالَا: فَلَا تَخْشَيْنَ، فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ

⦗٢٥٥٦⦘
أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فردَّ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ خَنْسَاءَ.
[ر: ٤٨٤٥]

٦ ‏/ ٢٥٥٥
٦٥٦٩ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (لَا تُنكح الأيِّم حَتَّى تُستأمر، وَلَا تُنكح الْبِكْرُ حَتَّى تُستأذن). قَالُوا: كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: (أن تسكت).
[ر: ٤٨٤٣]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثيِّب بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلَا بَأْسَ بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا.
٦ ‏/ ٢٥٥٦
٦٥٧٠ – حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (الْبِكْرُ تُستأذن). قُلْتُ: إن البكر تستحيي؟ قال: (إذنها صُماتها).
[ر: ٤٨٤٤]
وقال بعض الناس: إن هوي إنسان جَارِيَةً يَتِيمَةً أَوْ بِكْرًا، فَأَبَتْ، فَاحْتَالَ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَدْرَكَتْ، فَرَضِيَتِ اليتيمة، فقبل القاضي بشهادة الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ، حَلَّ لَهُ الوطء.


(جارية) هي الصغيرة الفتية من النساء. (يتيمة) لا أب لها. (فأدركت) فبلغت.
٦ ‏/ ٢٥٥٦
١١ – بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ احْتِيَالِ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالضَّرَائِرِ، وَمَا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ.
٦ ‏/ ٢٥٥٦
٦٥٧١ – حدثنا عبيد الله بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ الْعَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لنحتالنَّ لَهُ، فذكرتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ، وقلت لها: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: لَا، فَقُولِي

⦗٢٥٥٧⦘
لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يشتد عليه أن توجد مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ، وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالَّذِي لَا إله إلا هو، لقد كدت أن أبادئه بِالَّذِي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ، فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَالَ: (سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ). قُلْتُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: (لَا حَاجَةَ لِي بِهِ). قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ حَرَمْنَاهُ، قَالَتْ: قُلْتُ لها: اسكتي.
[ر: ٤٩١٨]


(أجاز على نسائه) مر عليهن ومشى بحجرهن، يتمم بقية يومه.
(أبادئه) في نسخة. (أبادره). (أكلت مغافير) هو صمغ كالعسل له رائحة كريهة، قال في الفتح: إنما ساغ لهن أن يقلن: أكلت مغافير، لأنهن أوردنه على طريق الاستفهام، بدليل جوابه بقوله: (لا). وأردن بذلك التعريض لا صريح الكذب، فهذا وجه الاحتيال في قول عائشة: لنحتالن له، ولو كان كذبًا محضًا لم يسم حيلة، إذ لا شبهة لصاحبه.
٦ ‏/ ٢٥٥٦
١٢ – بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الِاحْتِيَالِ فِي الْفِرَارِ من الطاعون.
٦ ‏/ ٢٥٥٧
٦٥٧٢ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر ابن رَبِيعَةَ:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خرج إلى الشأم، فلما جاء سرغ، بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ). فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغَ.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انصرف من حديث عبد الرحمن.
[ر: ٥٣٩٧]
٦ ‏/ ٢٥٥٧
٦٥٧٣ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُهري: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقَّاص: أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا:
أن رسول الله ﷺ ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ: (رِجْزٌ، أَوْ عَذَابٌ، عُذِّب بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ، ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا يقدمنَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وقع بها فلا يخرج فرارًا منه).
[ر: ٣٢٨٦]
٦ ‏/ ٢٥٥٧
١٣ – بَاب: فِي الْهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ وَهَبَ هِبَةً، أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنِينَ، وَاحْتَالَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَخَالَفَ الرَّسُولَ ﷺ في الهبة، وأسقط الزكاة.


(واحتال في ذلك) أي تواطأ الواهب مع الموهوب له على أن لا يتصرف في الهبة، ويرجعها إلى الواهب قبل تمام الحول عليها عنده، ثم يعود فيهبها إليه بعد مرور الحول، هكذا يتبادلان المال بينهما بحيث لا يمضي عليه حول كامل عند أحدهما، فلا تجب الزكاة. (فخالف الرسول ..) في النهي عن الرجوع بالهبة. (وأسقط ..) أي أضاعها على الفقير. وذكر الشراح أن البخاري رحمه الله تعالى أراد بقوله (بعض الناس) أبا حنيفة رحمه الله تعالى، ورد عليه العيني: بأن هذا الاحتيال لم يقل به أبو حنيفة ولا أصحابه رحمهم الله تعالى، وإن كانوا يقولون بجواز الرجوع بالهبة، فلذلك قيود وشروط، وأدلة يعتمد عليها، تحمي هذا الإمام وأصحابه رحمهم الله تعالى، من مخالفة رسول الله ﷺ، أو الاحتيال للفرار من فريضة من فرائض الإسلام.
٦ ‏/ ٢٥٥٨
٦٥٧٤ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه، ليس لنا مثل السوء).
[ر: ٢٤٤٩]
٦ ‏/ ٢٥٥٨
٦٥٧٥ – حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا هشام بن يوسف: أخبرنا معمر، عن الزُهري، عن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.
[ر: ٢٠٩٩]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الشُّفْعَةُ لِلْجِوَارِ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَا شَدَّدَهُ فَأَبْطَلَهُ، وَقَالَ: إِنِ اشْتَرَى دَارًا، فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارُ بِالشُّفْعَةِ، فَاشْتَرَى سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَ، وَكَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ، وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي بَاقِي الدَّارِ، وَلَهُ أَنْ يحتال في ذلك.


(بعض الناس) أراد أبا حنيفة رحمه الله تعالى. (ما شدده ..) ما أثبته من الشفعة للجار. وخلاصة المسألة: أنه إذا أراد أحد أن يشتري دارًا، اشترى جزءًا منها، فيصير شريكًا لمالكها الأصلي، ثم يشتري باقيها، فيكون هو أولى بها من الجار لأنه شريك، فلا تثبت شفعة للجار. وأجاب العيني عن هذا بأنه لا تناقض ولا احتيال، لأن الشفعة للجار يستحقها بعد الشريك، والشريك أولى، على أن القائل بهذا أبو يوسف، وكرهها محمد، رحمهما الله تعالى.
٦ ‏/ ٢٥٥٨
٦٥٧٦ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ قَالَ:
جَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ لِلْمِسْوَرِ: أَلَا تَأْمُرُ هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنِّي بَيْتِي الَّذِي فِي دَارِي؟ فقال: لا أزيده على أربعمائة، إما مقطَّعة وإما منجَّمة، قال: أعطيت خمسمائة نَقْدًا فَمَنَعْتُهُ، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (الْجَارُ أَحَقُّ بصَقَبِه). مَا بِعْتُكَهُ، أَوْ قَالَ: مَا أَعْطَيْتُكَهُ.
قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا، قَالَ: لَكِنَّهُ قَالَ لِي هَكَذَا.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذا أراد أن يقطع الشُّفْعَةَ فَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، فَيَهَبَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الدَّارَ ويحدُّها، وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، ويعوِّضه الْمُشْتَرِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ فيها شفعة.


(بصقبه) ويروى. (بسقبه) وهو القرب والملاصقة، أي أحق ببره ومعونته وعدم إساءته، والمراد به هنا الشفعة. (يحدها) أي يصف حدودها التي تميزها. ويروى: (ونحوها) أي ونحو الدار، وهو أظهر كما قال الشراح.
٦ ‏/ ٢٥٥٩
٦٥٧٧ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ:
أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا بأبعمائة مِثْقَالٍ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (الْجَارُ أَحَقُّ بصقبه). لما أعطيتك.
[ر: ٢١٣٩]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، ولا يكون عليه يمين.


(وهب) أي ما اشتراه. (ولا يكون ..) في تحقق الهبة وشروطها.
٦ ‏/ ٢٥٥٩
١٤ – بَاب: احْتِيَالِ الْعَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ.
٦ ‏/ ٢٥٥٩
٦٥٧٨ – حدثنا عبيد الله بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:
اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتبيَّة، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا). ثُمَّ خَطَبَنَا،

⦗٢٥٦٠⦘
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فلأعرفنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ). ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ، يَقُولُ: (اللَّهُمَّ هَلْ بلَّغت). بصر عيني وسمع أذني.
[ر: ٨٨٣]


(فلأعرفن) أي والله لأعرفن. (بصر عيني وسمع أذني) أبصرت عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ناطقًا ورافعًا يديه وسمعت كلامه. وضبط بصر وسمع بضم الصاد وكسر الميم على أنهما فعلان ماضيان، وضبطا بسكون الصاد والميم على أنهما مصدران.
٦ ‏/ ٢٥٥٩
٦٥٧٩ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْجَارُ أَحَقُّ بصَقَبِه).
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ اشْتَرَى دَارًا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَيَنْقُدَهُ تِسْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وتسعمائة دِرْهَمٍ، وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَيَنْقُدَهُ دِينَارًا بِمَا بَقِيَ من العشرين ألفا. فَإِنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ، فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دفع إليه، وهو تسعة آلاف درهم وتسعمائة وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ، لِأَنَّ الْبَيْعَ حِينَ اسْتُحِقَّ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَيْبًا، وَلَمْ تُسْتَحَقَّ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: فَأَجَازَ هَذَا الْخِدَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (بَيْعُ الْمُسْلِمِ، لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلَةَ).


(استحقت) ظهرت مستحقة لغير البائع، أي مملوكة لغيره.
(الصرف في الدينار) أي حين أعطاه الدينار بدل ما بقي من العشرين ألفًا. (داء) على شرط أن لا يكون مرض في المشتري، أو آفة تنقص قيمته. (خبثة) هي أن يكون المبيع من كسب غير طيب ولا مشروع.
(غائلة) ما يكون فيه هلاك مال المشتري، من تدليس ونحوه.
٦ ‏/ ٢٥٦٠
٦٥٨٠ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ:
أَنَّ أَبَا رَافِعٍ سَاوَمَ سَعْدَ بْنَ مالك بيتًا بأربعمائة مِثْقَالٍ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (الْجَارُ أَحَقُّ بصَقَبِه). ما أعطيتك.
[ر: ٢١٣٧]

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …