سُورَةُ الْبَقَرَةِ 25

كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] سَنَتَيْنِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗٢٠٠⦘ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَأَصْلُ الْحَوْلِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: حَالَ هَذَا الشَّيْءُ: إِذَا انْتَقَلَ، وَمِنْهُ قِيلَ: تَحَوَّلَ فُلَانٌ مِنْ مَكَانِ كَذَا: إِذَا انْتَقَلَ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا مَعْنَى ذِكْرِ كَامِلَيْنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] بَعْدَ قَوْلِهِ ﴿يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَفِي ذِكْرِ الْحَوْلَيْنِ مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْرِ الْكَامِلَيْنِ؟ إِذْ كَانَ غَيْرَ مُشْكِلٍ عَلَى سَامِعٍ سَمِعَ قَوْلَهُ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] مَا يُرَادُ بِهِ، فَمَا الْوَجْهُ الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ زِيدَ ذِكْرُ كَامِلَيْنِ؟ قِيلَ: إِنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَقُولُ: أَقَامَ فُلَانٌ بِمَكَانِ كَذَا حَوْلَيْنِ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ شَهْرَيْنٍ، وَإِنَّمَا أَقَامَ بِهِ يَوْمًا وَبَعْضَ آخَرَ أَوْ شَهْرًا وَبَعْضَ آخَرَ، أَوْ حَوْلًا وَبَعْضَ آخَرَ فَقِيلَ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِيَعْرِفَ سَامِعُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ أُرِيدَ بِهِ حَوْلَانِ تَامَّانِ، لَا حَوْلٌ وَبَعْضُ آخَرَ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَعَجِّلَ إِنَّمَا يَتَعَجَّلُ فِي يَوْمٍ وَنِصْفٍ، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ تَامٌّ، وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْأَوْقَاتِ خَاصَّةً، فَتَقُولُ: الْيَوْمُ يَوْمَانِ مُنْذُ لَمْ أَرَهُ، وَإِنَّمَا تَعْنِي بِذَلِكَ يَوْمًا وَبَعْضَ آخَرَ، وَقَدْ تُوقِعُ الْفِعْلَ الَّذِي تَفْعَلُهُ فِي السَّاعَةِ أَوِ اللَّحْظَةِ عَلَى الْعَامِ وَالزَّمَانِ وَالْيَوْمِ، فَتَقُولُ زُرْتُهُ عَامَ كَذَا، وَقَتَلَ فُلَانٌ فُلَانًا زَمَانَ صِفِّينَ، وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَقْصِدُ بِذَلِكَ ⦗٢٠١⦘ الْخَبَرَ عَنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ، وَالسِّنِينَ، وَإِنَّمَا تَعْنِي بِذَلِكَ الْأَخْبَارَ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمُخْبَرُ عَنْهُ، فَجَازَ أَنْ يَنْطِقَ بِالْحَوْلَيْنِ، وَالْيَوْمَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْتُ قَبْلُ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ: فَعَلْتُهُ إِذْ ذَاكَ، وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] لَمَّا جَازَ الرَّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ وَلَيْسَا بِالْحَوْلَيْنِ، فَكَانَ الْكَلَامُ لَوْ أَطْلَقَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ تَضْمِينِ الْحَوْلَيْنِ بِالْكَمَالِ، وَقِيلَ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ حَوْلٌ وَبَعْضُ آخَرَ نَفْي اللَّبْسِ عَنْ سَامِعِيهِ بِقَوْلِهِ: ﴿كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ حَوْلٌ وَبَعْضُ آخَرَ، وَأَبَيْنَ بِقَوْلِهِ: ﴿كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَنْ وَقْتِ تَمَامِ حَدِّ الرَّضَاعِ، وَأَنَّهُ تَمَامُ الْحَوْلَيْنِ بِانْقِضَائِهِمَا دُونَ انْقِضَاءِ أَحَدِهِمَا وَبَعْضِ الْآخَرِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ مَبْلَغِ غَايَةِ رَضَاعِ الْمَوْلُودِينَ، أَهُوَ حَدٌّ لِكُلِّ مَوْلُودٍ، أَوْ هُوَ حَدٌّ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ حَدٌّ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ
٤ ‏/ ١٩٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «فِي الَّتِي تَضَعُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ: أَنَّهَا تُرْضِعُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، وَإِذَا وَضَعَتْ لَسَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ لِتَمَامِ ثَلَاثِينَ شَهْرًا، وَإِذَا وَضَعَتْ لَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ شَهْرًا» ⦗٢٠٢⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
٤ ‏/ ٢٠١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: «رُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ: إِنَّهَا رُفِعَتْ لَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ جَاءَتْ بِشَرٍّ، أَوْ نَحْوِ هَذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا أَتَمَّتِ الرَّضَاعَ كَانَ الْحَمْلُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَ: وَتَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥] فَإِذَا أَتَمَّتِ الرَّضَاعَ كَانَ الْحَمْلُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَخَلَّى عُثْمَانُ سَبِيلَهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ حَدُّ رَضَاعِ كُلِّ مَوْلُودٍ اخْتَلَفَ وَالِدَاهُ فِي رَضَاعِهِ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبُلُوغَ إِلَيْهِ، وَالْآخَرُ التَّقْصِيرَ عَنْهُ
٤ ‏/ ٢٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الرَّضَاعَ حَوْلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ، ثُمَّ قَالَ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِنْ أَرَادَا أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُ»
٤ ‏/ ٢٠٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ⦗٢٠٣⦘ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِنْ أَرَادَتْ أُمُّهُ أَنْ تُقْصُرَ عَنْ حَوْلَيْنِ كَانَ عَلَيْهَا حَقًّا أَنْ تَبْلُغَهُ لَا أَنْ تَزِيدَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ»
٤ ‏/ ٢٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، جَمِيعًا، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَالتَّمَامُ: الْحَوْلَانِ، قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَفْطِمَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَلَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ أَنَا أَفْطِمُهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَقَالَ الْأَبُ: لَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْطِمَهُ حَتَّى يَرْضَى الْأَبُ حَتَّى يَجْتَمِعَا، فَإِنِ اجْتَمَعَا قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَطَمَاهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣]» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ دَلَّ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى أَنْ لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّ الرَّضَاعَ إِنَّمَا هُوَ كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ
٤ ‏/ ٢٠٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ يَقُولُ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَلَا نَرَى رَضَاعًا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ يُحَرِّمُ شَيْئًا»
٤ ‏/ ٢٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، يَقَوْلَانِ: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ»
٤ ‏/ ٢٠٤
حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَا كَانَ مِنْ رَضَاعٍ بَعْدَ سَنَتَيْنِ، أَوْ فِي الْحَوْلَيْنِ بَعْدَ الْفِطَامِ فَلَا رَضَاعَ»
٤ ‏/ ٢٠٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: «أَنَّهُ رَأَى امْرَأَةً تُرْضِعُ بَعْدَ حَوْلَيْنٍ، فَقَالَ لَا تُرْضِعِيهِ»
٤ ‏/ ٢٠٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: «مَا كَانَ مِنْ وَجُورٍ، أَوْ سَعُوطٍ، أَوْ رَضَاعٍ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ شَيْئًا»
٤ ‏/ ٢٠٤
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ، أَوْ بَعْدَ حَوْلَيْنِ»
٤ ‏/ ٢٠٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا حَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ بَعْدَ التَّمَامِ، إِنَّمَا يَحْرُمُ مَا أَنَبْتَ اللَّحْمُ، وَأَنْشَأَ الْعَظْمُ»
٤ ‏/ ٢٠٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالِ السَّنَتَيْنِ»
٤ ‏/ ٢٠٥
حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: لَا رَضَاعَ إِلَّا فِي هَذَيْنِ الْحَوْلَيْنِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ قَوْلُهُ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] دَلَالَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَادَهُ عَلَى أَنَّ فَرْضًا عَلَى وَالِدَاتِ الْمَوْلُودِينَ أَنْ يُرْضِعَنَّهُمْ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنٍ، ثُمَّ خَفَّفَ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَجَعَلَ الْخِيَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْآبَاءِ، وَالْأُمَّهَاتِ إِذَا أَرَادُوا الْإِتْمَامَ أَكْمَلُوا حَوْلَيْنِ، وَإِنْ أَرَادُوا قَبْلَ ذَلِكَ فَطْمَ الْمَوْلُودِ كَانَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ عَلَى النَّظَرِ مِنْهُمْ لِلْمَوْلُودِ
٤ ‏/ ٢٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ الْيُسْرَ، وَالتَّخْفِيفَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]»
٤ ‏/ ٢٠٥
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَعْنِي الْمُطَلَّقَاتِ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، ثُمَّ أَنْزَلَ الرُّخْصَةَ، وَالتَّخْفِيفَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]» ذِكْرُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْوَالِدَاتِ اللَّوَاتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْبَائِنَاتِ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَبْلُ
٤ ‏/ ٢٠٦
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِلَى: ﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَمَّا الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ فَالرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، وَأَنَّهَا تُرْضِعُ لَهُ وَلَدَهُ بِمَا يَرْضَعُ لَهُ غَيْرُهَا»
٤ ‏/ ٢٠٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ لَهُ وَلَدًا» حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، بِنَحْوِهِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ⦗٢٠٧⦘ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] الْقَوْلُ الَّذِي رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ، وَالْقَوْلُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَى الْغَايَةِ الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا فِي الرَّضَاعِ الْمَوْلُودُ إِذَا اخْتَلَفَ وَالِدُهُ، وَأَنْ لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ يُحَرِّمُ شَيْئًا، وَأَنَّهُ مَعْنِيُّ بِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ وِلَادُهُ، أَوْ لَسَبْعَةٍ أَوْ لَتِسْعَةٍ، فَأَمَّا قَوْلُنَا: إِنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَى الْغَايَةِ الَّتِي يُنْتَهَى إِلَيْهَا فِي الرَّضَاعِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْوَالِدَيْنِ فِيهِ؛ فَلَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمَّا حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَا وَرَاءَ حَدُّهُ مُوَافِقًا فِي الْحُكْمِ مَا دُونَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لِلْحَدِّ مَعْنًى مَعْقُولٌ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِيَ هُوَ دُونَ الْحَوْلَيْنِ مِنَ الْأَجَلِ لَمَّا كَانَ وَقْتُ رَضَاعٍ، كَانَ مَا وَرَاءَهُ غَيْرَ وَقْتٍ لَهُ، وَأَنَّهُ وَقْتٌ لِتَرْكِ الرَّضَاعِ، وَأَنَّ تَمَامَ الرَّضَاعِ لَمَّا كَانَ تَمَامُ الْحَوْلَيْنِ، وَكَانَ التَّامُّ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا مَعْنَى إِلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ، كَانَ لَا مَعْنَى لِلزِّيَادَةِ فِي الرَّضَاعِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ، وَأَنَّ مَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ مِنَ الرَّضَاعِ لَمَّا كَانَ مُحَرَّمًا، كَانَ مَا وَرَاءَهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هُوَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْنِيُّ بِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ لِأَيٍّ وَقْتٍ كَانَ وِلَادُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ سَبْعَةٍ، أَوْ تِسْعَةٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَلَمْ يُخَصِّصْ بِهِ بَعْضَ الْمَوْلُودِينَ دُونَ بَعْضٍ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِالْخُصُوصِ بِغَيْرِ بَيَانِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي كِتَابِنَا «كِتَابُ الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ» بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. ⦗٢٠٨⦘ فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥] فَجَعَلَ ذَلِكَ حَدًّا لِلْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ حَمْلٌ، وَرَضَاعٌ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، فَمَا نَقَصَ مِنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ مَزِيدٌ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَمَا زِيدَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ نَقَصَ مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُجَاوِزَ بِهِمَا كِلَيْهِمَا مُدَّةَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا، كَمَا حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ؟ قِيلَ لَهُ: فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ إِنْ بَلَغَتْ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، أَلَّا يَرْضَعَ الْمَوْلُودُ إِلَّا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَإِنْ بَلَغَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ أَنْ يَبْطُلَ الرَّضَاعُ فَلَا تُرْضِعُ، لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدِ اسْتَغْرَقَ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا وَجَاوَزَ غَايَتَهُ أَوْ يَزْعُمُ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ لَنْ تَجَاوِزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَيَخْرُجُ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْحُجَّةِ، وَيُكَابِرُ الْمَوْجُودَ وَالْمُشَاهَدَ، وَكَفَى بِهِمَا حُجَّةً عَلَى خَطَأِ دَعْوَاهُ إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ، فَإِلَى أَيِّ الْأَمْرَيْنِ لَجَأَ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَضَحَ لِذَوِي الْفَهْمِ فَسَادُ قَوْلِهِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥] وَقَدْ ذَكَرْتُ آنِفًا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَا جَاوَزَ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَظِيرَ مَا دُونَ حَدِّهِ فِي الْحُكْمِ، وَقَدْ قُلْتُ: إِنَّ الْحَمْلَ وَالْفِصَالَ قَدْ يُجَاوِزَانِ ثَلَاثِينَ شَهْرًا؟ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥] حَدًّا تَعْبُدُ عِبَادُهُ بِأَنْ لَا يُجَاوِزَهُ كَمَا جَعَلَ قَوْلَهُ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] حَدًّا لِرَضَاعِ الْمَوْلُودِ التَّامِّ الرَّضَاعِ، وَتَعَبُّدِ ⦗٢٠٩⦘ الْعِبَادِ بِحَمْلِ وَالِدَيْهِ عَلَيْهِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِيهِ، وَإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا الضِّرَارَ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَكُونُ لِلْعِبَادِ السَّبِيلُ إِلَى طَاعَتِهِ بِفِعْلِهِ وَالْمَعْصِيَةِ بِتَرْكِهِ، فَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَى فِعْلِهِ، وَلَا إِلَى تَرْكِهِ سَبِيلٌ فَذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْأَمْرُ بِهِ وَلَا النَّهْي عَنْهُ، وَلَا التَّعَبُّدُ بِهِ فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْحَمْلَ مِمَّا لَا سَبِيلِ لِلنِّسَاءِ إِلَى تَقْصِيرِ مُدَّتِهِ، وَلَا إِلَى إِطَالَتِهَا فَيَضَعْنَهُ مَتَى شِئْنَ وَيَتْرُكْنَ وَضْعَهُ إِذَا شِئْنَ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥] إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ أَنَّ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ حَمْلَتُهُ وَوِلْدَتُهُ وَفَصْلَتُهُ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا، لَا أَمْرٌ بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ فِي مُدَّةِ حَمْلِهِ وَفِصَالِهِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا لِمَا وَصَفْنَا، وَكَذَلِكَ قَالَ رَبُّنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعْتُهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥]، فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاءٍ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذْ وَصَفَ أَنَّ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَوَضَعَتْهُ، وَفَصَلَتْهُ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ خَلْقِهِ ذَلِكَ صِفَتُهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ حَمْلَ كُلِّ عِبَادِهِ وَفِصَالِهِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا؛ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ عِبَادِهِ صِفَتَهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِذَا بَلَغُوا أَشَدَّهُمْ وَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدِيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾ [النمل: ١٩] عَلَى مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ الَّذِي وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِي وُجُودِنَا مَنْ يَسْتَحْكِمُ كُفْرُهُ بِاللَّهِ وَكُفْرَانُهُ نِعَمَ رَبِّهِ عَلَيْهِ، وَجُرْأَتِهِ عَلَى وَالِدَيْهِ بِالْقَتْلِ وَالشَّتْمِ وَضُرُوبِ الْمَكَارِهِ عِنْدَ ⦗٢١٠⦘ اسْتِكْمَالِهِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ سِنِيهِ وَبُلُوغِهِ أَشَدَّهُ مَا يَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ صِفَةَ جَمِيعِ عِبَادِهِ، بَلْ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا وَصَفَ بِهَا بَعْضًا مِنْهُمْ دُونَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ مَا لَا يُنْكِرُهُ وَلَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ مَنْ يُولَدُ مِنَ النَّاسِ لَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُولَدُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلِسَنَتَيْنِ، كَمَا أَنَّ مَنَ يُولَدُ لَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُولَدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] بِالْيَاءِ فِي (يُتِمَّ) وَنَصْبِ الرَّضَاعَةِ بِمَعْنَى: لِمَنْ أَرَادَ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ يُتِمَّ رَضَاعَ وَلَدِهِ، وَقَرَأَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ تَتِمَّ الرَّضَاعَةُ) بِالتَّاءِ فِي «تَتِمَّ» وَرَفْعُ «الرَّضَاعَةُ» بِصِفَتِهَا، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ فِي «يُتِمُّ» وَنَصْبِ «الرَّضَاعَةِ» لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَكَذَلِكَ هُنَّ يُتَمِّمُهَا إِذَا أَرَدْنَ هُنَّ وَالْمَوْلُودُ لَهُ إِتَمَامُها، وَأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ الَّذِي ثَبَتَتْ بِهِ الْحُجَّةُ دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى وَقَدْ حُكِيَ فِي الرَّضَاعَةِ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ كَسْرُ الرَّاءِ الَّتِي فِيهَا، وَإِنْ تَكُنْ صَحِيحَةً فَهِيَ نَظِيرَةُ الْوَكَالَةِ وَالْوِكَالَةِ، وَالدَّلَالَةُ وَالدَّلَالَةُ، وَمَهَرْتُ الشَّيْءَ مَهَارَةً وَمَهَارَةً، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الرَّضَاعُ وَالرَّضَاعُ، كَمَا قِيلَ الْحَصَادُ وَالْحَصَادُ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ ⦗٢١١⦘ فَبِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ
٤ ‏/ ٢٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَعَلَى آبَاءِ الصِّبْيَانِ لِلْمَرَاضِعِ رِزْقُهُنَّ، يَعْنِي رِزْقَ، وَالِدَتِهِنَّ وَيَعْنِي بِالرِّزْقِ مَا يَقُوتُهُنَّ مِنْ طَعَامٍ، وَمَا لَا بُدَّ لَهُنَّ مِنْ غِذَاءٍ وَمَطْعَمٍ وَكِسْوَتِهِنَّ، وَيَعْنِي بِالْكِسْوَةِ الْمَلْبَسِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] بِمَا يَجِبُ لِمِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ عَلِمَ تَفَاوَتَ أَحْوَالِ خَلْقِهِ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَأَنَّ مِنْهُمُ الْمُوسِعُ وَالْمُقْتِرُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ، فَأَمَرَ كُلًّا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ عَلَى قَدْرِ مَيْسَرَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]
٤ ‏/ ٢١١
وَكَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ لَهُ وَلَدًا، فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، فَعَلَى الْوَالِدِ رِزْقُ الْمُرْضِعِ، وَالْكِسْوَةُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى قَدْرِ الْمَيْسَرَةِ، لَا تُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»
٤ ‏/ ٢١١
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَوْلَهُ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَالتَّمَامُ: الْحَوْلَانِ ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى الْأَبِ طَعَامُهَا، وَكِسْوَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ»
٤ ‏/ ٢١٢
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلَهُ: «﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى الْأَبِ»
٤ ‏/ ٢١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: لَا تُحَمَّلُ نَفْسٌ مِنَ الْأُمُورِ إِلَّا مَا لَا يَضِيقُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا وُجُودُهُ إِذَا أَرَادَتْ، وَإِنَّمَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: لَا يُوجِبُ اللَّهُ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ نَفَقَةِ مَنْ أَرْضَعَ أَوْلَادَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمُ الْبَائِنَاتِ مِنْهُمْ إِلَّا مَا أَطَاقُوهُ وَوَجَدُوا إِلَيْهِ السَّبِيلَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧]
٤ ‏/ ٢١٢
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ: «﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِلَّا مَا أَطَاقَتْ»
٤ ‏/ ٢١٢
وَالْوُسْعُ: الْفِعْلُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: وَسِعَنِي هَذَا الْأَمْرُ، فَهُوَ يَسَعُنِي سَعَةً، وَيُقَالُ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتُكَ وُسْعِي، أَيْ مَا يَتَّسِعُ لِي أَنْ أُعْطِيَكَ فَلَا يَضِيقُ عَلَيَّ إِعْطَاؤُكَهُ وَأَعْطَيْتُكَ مِنْ جَهْدِي إِذَا أَعْطَيْتُهُ مَا يُجْهِدُكَ فَيَضِيقُ عَلَيْكَ إِعْطَاؤُهُ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] هُوَ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّهَا لَا تُكَلَّفُ إِلَّا مَا يَتَّسِعُ لَهَا بَذْلُ مَا كُلِّفَتْ بَذْلَهُ، فَلَا يَضِيقُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجْهِدُهَا، لَا مَا ظَنَّهُ جَهَلَةُ أَهْلِ الْقَدَرِ مِنْ أَنِّ مَعْنَاهُ: لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا مَا قَدْ أُعْطِيَتْ عَلَيْهِ الْقُدْرَةَ مِنَ الطَّاعَاتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَمَا زَعَمْتَ لَكَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٤٨] إِذَا كَانَ دَالًّا عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلَ إِلَى مَا كَلَّفُوهُ وَاجِبًا أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ قَدْ أُعْطُوا الِاسْتِطَاعَةَ عَلَى مَا مَنَعُوهَا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مِنْ قَائِلِهِ إِنْ قَالَهُ إِحَالَةٌ فِي كَلَامِهِ، وَدَعْوَى بَاطِلٌ لَا يُخَيَّلُ بُطُولُهُ، وَإِذَا كَانَ بَيِّنَّا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِيَ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ كَلَّفَ النُّفُوسَ مِنْ وُسْعِهَا غَيْرَ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ كَلَّفَهَا مِمَّا لَا تَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ السَّبِيلَ
٤ ‏/ ٢١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] بِفَتْحِ الرَّاءِ بِتَأْوِيلِ (لَا تُضَارِرْ) عَلَى وَجْهِ
٤ ‏/ ٢١٣
النَّهْيِ وَمَوْضِعُهُ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ جَزْمٌ، غَيْرَ أَنَّهُ حُرِّكَ إِذْ تُرِكَ التَّضْعِيفُ بِأَخَفِّ الْحَرَكَاتِ وَهُوَ الْفَتْحُ، وَلَوْ حُرِّكَ إِلَى الْكَسْرِ كَانَ جَائِزًا إِتْبَاعًا لِحَرَكَةِ لَامِ الْفِعْلِ حَرَكَةَ عَيْنِهِ، وَإِنْ شِئْتَ فَلِأَنَّ الْجَزْمَ إِذَا حُرِّكَ حُرِّكَ إِلَى الْكِسَرِ، وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: «لَا تُضَارُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا» رَفْعٌ وَمَنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَمِلْ قِرَاءَتُهُ مَعْنَى النَّهْيِ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ بِالْخَبَرِ عَطْفًا بِقَوْلِهِ ﴿لَا تُضَارُّ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى قَوْلِهِ: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ أَنَّ مَعْنَى مَنْ رَفَعَ لَا تُضَارُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا هَكَذَا فِي الْحُكْمِ، أَنَّهُ لَا تُضَارُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، أَيْ مَا يَنْبَغِي أَنْ تُضَارَّ، فَلَمَّا حُذِفَتْ «يَنْبَغِي» وَصَارَ «تُضَارُّ» فِي وَضْعِهِ صَارَ عَلَى لَفْظِهِ، وَاسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل] عَلَى الْحَكَمِ الْمَأْتِيِّ يَوْمًا إِذَا قَضَى … قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَجُورَ وَيَقْصِدُ
فَزَعَمَ أَنَّهُ رَفَعَ يَقْصِدُ بِمَعْنَى يَنْبَغِي وَالْمَحْكِيُّ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا غَيْرُ الَّذِي قَالَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ سَمَاعًا فَتَصْنَعُ مَاذَا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَقُولُوا: فَتُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ مَاذَا؟ فَيَنْصِبُونَهُ بِنِيَّةِ «أَنْ»؛ وَإِذَا لَمْ يَنْوُوا «أَنْ» وَلَمْ يُرِيدُوهَا، قَالُوا: فَتُرِيدُ
٤ ‏/ ٢١٤
مَاذَا، فَيَرْفَعُونَ تُرِيدُ، لِأَنَّ لَا جَالِبٌ لِـ «أَنْ» قَبْلَهُ، كَمَا كَانَ لَهُ جَالِبٌ قَبْلَ تَصْنَعُ، فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا تُضَارُّ إِذَا قُرِئَ رَفْعًا بِمَعْنَى: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُضَارَّ، أَمَا مَا يَنْبَغِي أَنَّ تُضَارَّ، ثُمَّ حَذَفَ يَنْبَغِي وَأَنْ، وَأُقِيمَ تُضَارُّ مَقَامَ يَنْبَغِي لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقْرَأَ إِذَا قُرِئَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى نَصْبًا لَا رَفْعًا، لِيُعْلَمَ بِنَصْبِهِ الْمَتْرُوكَ قَبْلَهُ الْمَعْنِيُّ بِالْمُرَادِ، كَمَا فَعَلَ بِقَوْلِهِ فَتَصْنَعُ مَاذَا، وَلَكِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ مَا قُلْنَا إِذَا رَفَعَ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى لَا تُكَلَّفُ لَيْسَتْ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا، وَلَيْسَتْ تُضَارُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي دِينِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ وَأَخْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ، لِأَنَّهُ نَهْيٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيِ الْمَوْلُودِ عَنْ مُضَارَّةِ صَاحِبِهِ لَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا لَكَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمَا ضِرَارُهُمَا بِهِ كَذَلِكَ، وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى النَّهْيِ تَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٤ ‏/ ٢١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] لَا تَأْبَى أَنْ تُرْضِعُهُ لِيَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ، وَلَا يُضَارَّ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ، فَيَمْنَعُ أُمَّهُ أَنْ تُرْضِعَهُ لِيُحْزِنَهَا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢١٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الضِّرَارِ وَقَدَّمَ فِيهِ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يُضَارَّ الْوَالِدُ فَيَنْتَزِعُ الْوَلَدَ مِنْ أُمِّهِ إِذَا كَانَتْ رَاضِيَةً بِمَا كَانَ مُسْتَرْضِعًا بِهِ غَيْرَهَا، وَنُهِيَتِ الْوَالِدَةُ أَنْ تَقْذِفَ الْوَلَدَ إِلَى أَبِيهِ ضِرَارًا»
٤ ‏/ ٢١٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] تَرْمِي بِهِ إِلَى أَبِيهِ ضِرَارًا ﴿وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ: وَلَا الْوَلَدُ فَيَنْتَزِعُهُ مِنْهَا ضِرَارًا إِذَا رَضِيَتْ مِنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ مَا رَضِيَ بِهِ غَيْرُهَا، فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ إِذَا رَضِيتْ بِذَلِكَ»
٤ ‏/ ٢١٦
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: ذَلِكَ إِذَا طَلَّقَهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَارَّهَا، فَيَنْتَزِعُ الْوَلَدُ مِنْهَا إِذَا رَضِيَتْ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا يَرْضَى بِهِ غَيْرُهَا، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُضَارَّهُ فَتُكَلِّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ إِذَا كَانَ إِنْسَانًا مِسْكِينًا فَتَقْذِفَ إِلَيْهِ وَلَدَهُ»
٤ ‏/ ٢١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] لَا تُضَارَّ أُمٌّ بِوَلَدِهَا، وَلَا أَبٌ بِوَلَدِهِ يَقُولُ: لَا تُضَارَّ أُمٌّ بِوَلَدِهَا فَتَقْذِفُهُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ إِلَى عَصَبَتِهِ إِذَا كَانَ ⦗٢١٧⦘ الْأَبُ مَيِّتًا، وَلَا يُضَارُّ الْأَبُ الْمَرْأَةَ إِذَا أَحَبَّتْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا وَلَا يَنْتَزِعُهُ»
٤ ‏/ ٢١٦
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ لَا يَنْزِعُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُعْطِيَهُ غَيْرَهَا بِمِثْلِ الْأَجْرِ الَّذِي تَقْبَلُهُ هِيَ بِهِ، وَلَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا فَتَطْرَحُ الْأُمُّ إِلَيْهِ وَلَدَهُ تَقُولُ: لَا إِلَيْهِ سَاعَةَ تَضَعُهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهَا مِنَ الْحَقِّ أَنْ تُرْضِعَهُ حَتَّى يَطْلُبَ مُرْضِعًا»
٤ ‏/ ٢١٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِلَى ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، والْوَالِدَاتُ أَحَقُّ بِرَضَاعِ أَوْلَادِهِنَّ مَا قَبِلْنَ رَضَاعَهُنَّ بِمَا يُعْطَى غَيْرُهُنَّ مِنَ الْأَجْرِ، وَلَيْسَ لِلْوَالِدَةِ أَنَّ تُضَارَّ بِوَلَدِهَا فَتَأْبَى رَضَاعَهُ مُضَارَّةً، وَهِيَ تُعْطَى عَلَيْهِ مَا يُعْطَى غَيْرُهَا مِنَ الْأَجْرِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ وَلَدَهُ مِنْ وَالِدَتَهُ مُضَارًّا لَهَا وَهِيَ تَقْبَلُ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُعْطَاهُ غَيْرُهَا»
٤ ‏/ ٢١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ ثنا زَيْدٌ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] لَا تَرْمِ بِوَلَدِهَا إِلَى الْأَبِ إِذَا فَارَقَهَا ⦗٢١٨⦘ تُضَارُّهُ بِذَلِكَ ﴿وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَلَا يَنْزِعُ الْأَبُ مِنْهَا وَلَدَهَا، يُضَارُّهَا بِذَلِكَ»
٤ ‏/ ٢١٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: لَا يَنْزِعُهُ مِنْهَا وَهِيَ تُحِبُّ أَنْ تُرْضِعَهُ فَيُضَارَّهَا، وَلَا تَطْرَحْهُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَجِدُ مَنْ تُرْضِعُهُ وَلَا يَجِدُ مَا يَسْتَرْضِعُهُ بِهِ»
٤ ‏/ ٢١٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثني ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: لَا تَدَعْنَهُ وَرِضَاعَهُ مِنْ شَنَآنِهَا مُضَارَّةٌ لِأَبِيهِ، وَلَا يَمْنَعُهَا الَّذِي عِنْدَهُ مُضَارَّةٌ لَهَا» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْوَالِدَةُ الَّتِي نَهَى الرَّجُلُ عَنْ مُضَارَّتِهَا: ظِئْرُ الصَّبِيِّ
٤ ‏/ ٢١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هَارُونُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: هِيَ الظِّئْرُ» فَمَعْنَى الْكَلَامِ: لَا يُضَارِرْ وَالِدٌ مَوْلُودٌ وَالِدَتَهُ بِمَوْلُودِهِ مِنْهَا، وَلَا وَالِدَةُ مَوْلُودٍ وَالِدَهُ بِمَوْلُودِهَا مِنْهُ، ثُمَّ تَرَكَ ذِكْرَ الْفَاعِلِ فِي يُضَارُّ، فَقِيلَ: لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ
٤ ‏/ ٢١٨
بِوَلَدِهَا، وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ، كَمَا يُقَالُ إِذَا نُهِيَ عَنْ إِكْرَامِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِالنَّهْيِ عَنْ إِكْرَامِهِ قَصْدَ شَخَصٍ بِعَيْنِهِ: لَا يُكْرَمُ عَمْرٌو، وَلَا يُجْلَسُ إِلَى أَخِيهِ، ثُمَّ تَرَكَ التَّضْعِيفَ فَقِيلَ: لَا يُضَارَّ، فَحُرِّكَتِ الرَّاءُ الثَّانِيَةِ الَّتِي كَانَتْ مَجْزُومَةً لَوْ أَظْهَرَ التَّضْعِيفَ بِحَرَكَةِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهَا إِنَّمَا حُرِّكَتْ إِلَى الْفَتْحِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَرَكَاتِ وَلَيْسَ لِلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: لَا تُضَارُّونَ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَكَانَ الْمَنْهِيُّ عَنِ الضِّرَارِ هِيَ الْوَالِدَةُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْكَسْرُ فِي تُضَارَّ أَفْصَحَ مِنَ الْفَتْحِ، وَالْقِرَاءَةُ بِهِ كَانَتْ أَصَوْبَ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِالْفَتْحِ، كَمَا أَنَّ مَدَّ بِالثَّوْبِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّ بِهِ، وَفِي إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ عَلَى قِرَاءَةِ: ﴿لَا تُضَارَّ﴾ [البقرة: ٢٣٣] بِالْفَتْحِ دُونَ الْكِسَرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى إِغْفَالِ مَنْ حَكَيْتِ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ ذَلِكَ قَالَهُ تَوَهُّمًا مِنْهُ أَنَّهُ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تُضَارَرُ وَالِدَةٌ، وَأَنَّ الْوَالِدَةَ مَرْفُوعَةٌ بِفِعْلِهَا، وَأَنَّ الرَّاءَ الْأُولَى حَظُّهَا الْكَسْرُ؛ فَقَدْ أَغْفَلَ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ، وَخَالَفَ قَوْلَ جَمِيعِ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَقَدَّمَ
٤ ‏/ ٢١٩
إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيِ الْمَوْلُودِ بِالنَّهْيِ عَنْ ضِرَارِ صَاحِبِهِ بِمَوْلُودِهِمَا، لَا أَنَّهُ نَهْي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ أَنْ يُضَارَّ الْمَوْلُودُ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ مُضَارَّةِ الصَّبِيِّ، وَالصَّبِيُّ فِي حَالِ مَا هُوَ رَضِيعٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ضِرَارٌ لِأَحَدٍ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، لِكُلِّ التَّنْزِيلِ: لَا تَضُرُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَقَدْ زَعَمَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْكَسْرَ فِي «تُضَارَّ» جَائِزٌ وَالْكَسْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي غَيْرُ جَائِزٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّهُ إِذَا كُسِرَ تَغَيَّرَ مَعْنَاهُ عَنْ مَعْنَى «لَا تُضَارَرْ» الَّذِي هُوَ فِي مَذْهَبِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، إِلَى مَعْنَى «لَا تُضَارَرْ» الَّذِي هُوَ فِي مَذْهَبِ مَا قَدْ سُمِّيَ فَاعِلُهُ، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ نَهَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيِ الْمَوْلُودِ عَنْ مُضَارَّةِ صَاحِبِهِ بِسَبَبِ وَلَدِهِمَا، فَحَقَّ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ نَزْعَ وَلَدِهِ مِنْ أُمِّهِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ، وَهِيَ تَحْضُنُهُ، وَتُكَلِّفُهُ، وَتُرْضِعُهُ بِمَا يَحْضِنُهُ بِهِ غَيْرَهَا وَيُكَلِّفُهُ بِهِ وَيُرْضِعُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ، أَنْ يَأْخُذَ الْوَالِدُ بِتَسْلِيمِ وَلَدِهَا مَا دَامَ مُحْتَاجًا الصَّبِيُّ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي يُعْطَاهَا غَيْرُهَا، وَحَقٌّ إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِ وَالِدَتِهِ، أَوْ كَانَ الْمَوْلُودُ لَهُ لَا يَجِدُ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهُ، وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِ أُمِّهِ، أَوْ كَانَ مُعْدِمًا لَا يَجِدُ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ مُرْضِعًا وَلَا يَجِدُ مَا يَتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِرَضَاعِ مَوْلُودِهِ، أَنْ يَأْخُذَ وَالِدَتَهُ الْبَائِنَةَ مِنْ وَالِدِهِ بِرَضَاعِهِ وَحَضَانَتِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ حَرَّمَ عَلَى
٤ ‏/ ٢٢٠
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ ضِرَارَ صَاحِبِهِ بِسَبَبِهِ، فَالْإِضْرَارُ بِهِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا مَعَ مَا فِي الْإِضْرَارِ بِهِ مِنْ مُضَارَّةِ صَاحِبِهِ
٤ ‏/ ٢٢١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْوَارِثِ الَّذِي عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَأَيُّ وَارِثٍ هُوَ؟ وَوَارِثُ مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ وَارِثُ الصَّبِيِّ؛ وَقَالُوا: مَعْنَى الْآيَةِ: وَعَلَى وَارِثِ الصَّبِيِّ إِذَا كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا الَّذِي كَانَ عَلَى أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ
٤ ‏/ ٢٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى وَارِثِ الْوَلَدِ»
٤ ‏/ ٢٢١
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى وَارِثِ الْوَلَدِ»
٤ ‏/ ٢٢١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: وَعَلَى وَارِثِ الصَّبِيِّ مِثْلُ مَا عَلَى أَبِيهِ» ثُمَّ اخْتَلَفَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي وَارِثِ الْمَوْلُودِ الَّذِي أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلَ ⦗٢٢٢⦘ الَّذِي وَصَفَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ وَارِثُ الصَّبِيِّ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ مِنْ عَصَبَتِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ أَخًا كَانَ أَوْ عَمًّا أَوِ ابْنَ عَمٍّ أَوِ ابْنَ أَخٍ
٤ ‏/ ٢٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه قَالَ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: حَبْسُ بَنِي عَمٍّ عَلَى مَنْفُوسٍ كَلَالَةً بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِثْلُ الْعَاقِلَةِ»
٤ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ يَقُولُ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى الْعَصَبَةِ»
٤ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، قَالَا: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «وَقَفَ ⦗٢٢٣⦘ عُمَرُ، ابْنَ عَمٍّ عَلَى مَنْفُوسٍ كَلَالَةً بِرَضَاعِهِ»
٤ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ يَقُولُ: «إِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ، فَنَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا، وَنَفَقَةُ وَلَدِهَا مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى عَصَبَتِهِ قَالَ: وَكَانَ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى الرِّجَالِ»
٤ ‏/ ٢٢٣
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «عَلَى الْعَصَبَةِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ»
٤ ‏/ ٢٢٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، «أَنَّهُ أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ مَعَ الْيَتِيمِ وَلِيَّهُ، وَمَعَ الْيَتِيمِ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي نَفَقَتِهِ، فَقَالَ لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ:»لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَقَضَيْتَ عَلَيْكَ بِنَفَقَتِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]
٤ ‏/ ٢٢٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ، فِي رَضَاعِ صَبِيٍّ، فَجَعَلَ رَضَاعَهُ فِي مَالِهِ، وَقَالَ لِوَلِيِّهِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ جَعَلْنَا رَضَاعَهُ فِي مَالِكَ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ⦗٢٢٤⦘ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]»
٤ ‏/ ٢٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى الْوَارِثِ مَا عَلَى الْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ مَالٌ، وَإِذَا كَانَ لَهُ ابْنُ عَمٍّ، أَوْ عَصَبَةٌ تَرِثُهُ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ»
٤ ‏/ ٢٢٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الْوَلِيُّ مَنْ كَانَ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٢٤
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ «فِي يَتِيمٍ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ: أَتُجْبَرُ أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى نَفَقَتِهِ؟ قَالَا: نَعَمْ، يُنْفِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ»
٤ ‏/ ٢٢٤
حُدِّثْتُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «إِنْ مَاتَ أَبُو الصَّبِيِّ وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ أُخِذَ رَضَاعُهُ مِنَ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنَ الْعَصَبَةِ، ⦗٢٢٥⦘ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَصَبَةِ مَالٌ أُجْبِرَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ» وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ ذَلِكَ عَلَى وَارِثِ الْمَوْلُودِ مَنْ كَانَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
٤ ‏/ ٢٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى وَارِثِ الْمَوْلُودِ مَا كَانَ عَلَى الْوَالِدِ مِنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ لَا مَالَ لَهُ عَلَى الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرِثُونَ»
٤ ‏/ ٢٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه «أَغْرَمَ ثَلَاثَةً كُلَّهُمْ يَرِثُ الصَّبِيَّ أَجْرَ رَضَاعِهِ»
٤ ‏/ ٢٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ، «جَعَلَ نَفَقَةَ صَبِيٍّ مِنْ مَالِهِ، وَقَالَ لِوَارِثِهِ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَخَذْنَاكَ بِنَفَقَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]» وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: هُوَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لِلْمَوْلُودِ، ⦗٢٢٦⦘ فَأَمَّا مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ كَابْنِ الْعَمِّ، وَالْمَوْلَى وَمَنْ أَشْبَهَهُمَا فَلَيْسَ مَنْ عَنَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَالَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: بَلِ الَّذِي عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] الْمَوْلُودِ نَفْسِهِ “
٤ ‏/ ٢٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، «أَنَّ بِشْرَ بْنَ نَصْرٍ الْمُزَنِيَّ، وَكَانَ قَاضِيًا قَبْلَ ابْنِ حُجَيْرَةَ فِي زَمَانِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ:»﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الْوَارِثُ: هُوَ الصَّبِيُّ “
٤ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: هُوَ الصَّبِيُّ»
٤ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ ⦗٢٢٧⦘ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ كَانَ يَقُولُ: «الْوَارِثُ: هُوَ الصَّبِيُّ، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]»
٤ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: يَعْنِي بِالْوَارِثِ: الْوَلَدُ الَّذِي يَرْضَعُ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ هَؤُلَاءِ: وَعَلَى الْوَارِثِ الْمَوْلُودِ مِثْلُ مَا كَانَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْبَاقِي مِنْ وَالِدِي الْمَوْلُودِ بَعْدَ وَفَاةِ الْآخَرِ. مِنْهُمَا
٤ ‏/ ٢٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: «فِي صَبِيٍّ لَهُ عَمٌّ وَأُمٌّ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، قَالَ: لِكَوْنِ رَضَاعِهِ بَيْنَهُمَا، وَيُرْفَعُ عَنِ الْعَمِّ بِقَدْرِ مَا تَرِثُ الْأُمُّ، لِأَنَّ الْأُمَّ تُجْبَرُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهَا»
٤ ‏/ ٢٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ: وَعَلَى الْوَارِثِ لِلصَّبِيِّ بَعْدَ وَفَاةِ أَبَوَيْهِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَى وَالِدِهِ مِنْ أَجْرِ رَضَاعِهِ، وَنَفَقَتِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلُودِ مَالٌ
٤ ‏/ ٢٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى الْوَارِثِ رَضَاعُ الصَّبِيِّ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: أَجْرُ الرَّضَاعِ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الرَّضَاعُ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: أَجْرُ الرَّضَاعِ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الرَّضَاعُ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: النَّفَقَةُ بِالْمَعْرُوفِ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى الْوَارِثِ مَا عَلَى الْأَبِ مِنَ الرَّضَاعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ مَالٌ»
٤ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «الرَّضَاعُ، وَالنَّفَقَةُ»
٤ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الرَّضَاعُ»
٤ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «الرَّضَاعُ»
٤ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: أَجْرُ الرَّضَاعِ» حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ سَمِعْتُ هِشَامًا، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الرَّضَاعُ» حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، وَأَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٢٩
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ⦗٢٣٠⦘ الْحَسَنِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَارِثِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: النَّفَقَةُ بِالْمَعْرُوفِ»
٤ ‏/ ٢٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى الْوَلِيِّ كَفْلُهُ، وَرَضَاعُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلُودِ مَالٌ»
٤ ‏/ ٢٣٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني الْحَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: وَعَلَى الْوَارِثِ مَنْ كَانَ مِثْلُ مَا وَصَفَ مِنَ الرَّضَاعِ»
٤ ‏/ ٢٣٠
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ ذَلِكَ فِي الرَّضَاعَةِ، قَالَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: وَعَلَى الْوَارِثِ أَيْضًا كَفْلُهُ وَرَضَاعُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَأَنْ لَا يُضَارَّ أُمَّهُ»
٤ ‏/ ٢٣٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني الْحَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: نَفَقَتُهُ حَتَّى يُفْطَمَ إِنْ ⦗٢٣١⦘ كَانَ أَبُوهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ مَالًا»
٤ ‏/ ٢٣٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: وَعَلَى وَارِثِ الْوَلَدِ مَا كَانَ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ لَا مَالَ لَهُ»
٤ ‏/ ٢٣١
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى وَارِثِ الصَّبِيِّ مِثْلُ مَا عَلَى أَبِيهِ، إِذَا كَانَ قَدْ هَلَكَ أَبُوهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَإِنَّ عَلَى الْوَارِثِ أَجْرُ الرَّضَاعِ»
٤ ‏/ ٢٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِذَا مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ كَانَ عَلَى الْوَارِثِ رَضَاعُ الصَّبِيِّ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تَأْوِيلُ ذَلِكَ: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُضَارَّ
٤ ‏/ ٢٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: أَنْ لَا يُضَارَّ»
٤ ‏/ ٢٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: لَا يُضَارَّ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ»
٤ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَنْ لَا يُضَارَّ»
٤ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الْوَالِدَاتُ أَحَقُّ بِرَضَاعِ أَوْلَادِهِنَّ مَا قَبِلْنَ رَضَاعَهُنَّ بِمَا يُعْطَى غَيْرُهُنَّ مِنَ الْأَجْرِ وَلَيْسَ لِوَالِدَةٍ أَنْ تُضَارَّ بِوَلَدِهَا فَتَأْبَى رَضَاعَهُ مُضَارَّةً، وَهِيَ تُعْطَى عَلَيْهِ مَا يُعْطَى غَيْرُهَا، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ وَلَدَهُ مِنْ وَالِدَتِهِ ضِرَارًا لَهَا، وَهِيَ تَقْبَلُ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُعْطَى غَيْرُهَا ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] مِثْلُ الَّذِي عَلَى الْوَالِدِ فِي ذَلِكَ»
٤ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، عَنْ سُفْيَانَ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: أَنْ لَا يُضَارَّ وَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَى الْأَبِ مِنَ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تَأْوِيلُ ذَلِكَ: وَعَلَى وَارِثِ الْمَوْلُودِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَوْلُودِ ⦗٢٣٣⦘ لَهُ مِنْ رِزْقِ وَالِدَتِهِ، وَكِسُوَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ
٤ ‏/ ٢٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى الْوَارِثِ عِنْدَ الْمَوْتِ مِثْلُ مَا عَلَى الْأَبِ لِلْمُرْضِعِ مِنَ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، قَالَ: وَيَعْنِي بِالْوَارِثِ: الْوَلَدَ الَّذِي يَرْضَعُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَجْرُ مَا أَرْضَعَتْهُ أُمُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلُودِ مَالٌ وَلَا لِعَصَبَتِهِ فَلَيْسَ لِأُمِّهِ أَجْرٌ، وَتُجْبَرُ عَلَى أَنَّ تُرْضِعَ وَلَدِهَا بِغَيْرِ أَجْرٍ»
٤ ‏/ ٢٣٣
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: عَلَى وَارِثِ الْوَلَدِ مِثْلُ مَا عَلَى الْوَالِدِ مِنَ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ
٤ ‏/ ٢٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بِالْوَارِثِ مَا قَالَهُ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ
٤ ‏/ ٢٣٣
وَمَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ آنِفًا مِنْ أَنَّهُ مَعْنِيُّ بِالْوَارِثِ الْمَوْلُودَ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ عَلَى وَالِدِهِ مِنْ رِزْقِ وَالِدَتِهِ، وَكِسْوَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ، وَهِيَ ذَاتُ زَمَانَةٍ، وَعَاهَةٍ، وَمَنْ لَا احْتَرَافَ فِيهَا وَلَا زَوْجَ لَهَا تَسْتَغْنِي بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى وَالصِّحَّةِ، فَمِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَى وَالِدِهِ لَهَا مِنْ أَجْرِ رَضَاعِهِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيلَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِمَّا عَدَاهُ مِنْ سَائِرِ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ فِي تَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَوْلٌ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ كِتَابِنَا هَذَا، وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ قَوْلُهُ: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] مُحْتَمِلًا ظَاهِرُهُ: وَعَلَى وَارِثِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ، وَمُحْتَمِلًاوَعَلَى وَارِثِ الْمَوْلُودِ لَهُ مِثْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ تَرْكِ ضِرَارِ الْوَالِدَةِ وَمِنْ نَفَقَةِ الْمَوْلُودِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ عَلَى نَحْوِ مَا قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرُهُ، وَكَانَ الْجَمِيعُ مِنَ الْحِجَّةِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مِنَ وَرَثَةِ الْمَوْلُودِ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأَجْرِ رَضَاعِهِ، وَصَحَّ بِذَلِكَ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ سَائِرَ وَرَثَتِهِ غَيْرُ آبَائِهِ، وَأُمَّهَاتِهِ، وَأَجْدَادِهِ، وَجَدَّاتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فِي حُكْمِهِ، فِي أَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ لَهُ نَفَقَةٌ وَلَا أَجْرُ رَضَاعٍ، إِذْ كَانَ مَوْلَى النِّعْمَةِ مِنْ وَرَثِتِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ لَهُ
٤ ‏/ ٢٣٤
نَفَقَةٌ، وَلَا أَجْرُ رَضَاعٍ فَوَجَبَ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ سَائِرِ وَرَثَتِهِ غَيْرُ مَنِ اسْتُثَنِيَ حُكْمُهُ، وَكَانَ إِذَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّهُ مَعْنِيُّ بِهِ وَرَثَةُ الْمَوْلُودِ، فَبُطُولِ الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ مَعْنِيُّ بِهِ وَرَثَةُ الْمَوْلُودِ لَهُ سِوَى الْمَوْلُودِ أَحْرَى؛ لِأَنَّ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ بِالْمَوْلُودِ قَرَابَةً مِمَّنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَصِحَّ وُجُوبُ نَفَقَتِهِ وَأَجْرُ رَضَاعِهِ عَلَيْهِ، فَالَّذِي هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ قَرَابَةً أَحْرَى أَنْ لَا يَصِحَّ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِي قُلْنَا مِنْ وُجُوبِ رِزْقِ الْوَالِدَةِ، وَكِسْوَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وَلَدِهَا إِذَا كَانَتِ الْوَالِدَةُ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا عَلَى مِثْلِ الَّذِي كَانَ يَجِبُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ، فَمَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، فَصَحَّ مَا قُلْنَا فِي الْآيَةِ مِنَ التَّأْوِيلِ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ وِرَاثَةً عَمَّنْ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ فَمُتَنَازَعٌ فِيهِ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَادِهِ
٤ ‏/ ٢٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِنْ أَرَادَ وَالِدُ الْمَوْلُودِ، وَوَالِدَتُهُ فِصَالًا، يَعْنِي فِصَالَ وَلَدِهِمَا مِنَ اللَّبَنِ وَيَعْنِي بِالْفِصَالِ: الْفِطَامَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: فَاصَلْتُ فُلَانًا أُفَاصِلُهُ مُفَاصَلَةً وَفِصَالًا: إِذَا فَارَقَهُ مِنْ خِلْطَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا، فَكَذَلِكَ فِصَالُ الْفَطِيمِ، إِنَّمَا هُوَ مَنْعُهُ اللَّبَنَ وَقَطْعُهُ شُرْبَهُ، وَفِرَاقُهُ ثَدْيَ أُمِّهِ إِلَّا الِاغْتِذَاءَ ⦗٢٣٦⦘ بِالْأَقْوَاتِ الَّتِي يَغْتَذِي بِهَا الْبَالِغُ مِنَ الرِّجَالِ، وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٤ ‏/ ٢٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلَهُ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ إِنْ أَرَادَا أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ»
٤ ‏/ ٢٣٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُ»
٤ ‏/ ٢٣٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ، مِنْهُمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: الْفِطَامُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ: عَنْ تَرَاضِ مِنْ وَالِدِي الْمَوْلُودِ وَتَشَاورٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَسْقَطَ اللَّهُ الْجُنَاحَ عَنْهُمَا إِنْ فَطَمَاهُ عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا، وَتَشَاورٍ، وَأَيِّ الْأَوْقَاتِ الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا فِي الْحَوْلَيْنِ عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا
٤ ‏/ ٢٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ، مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ: إِذَا أَرَادَا أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ، فَلْيَفْطِمَاهُ»
٤ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «إِذَا أَرَادَتِ الْوَالِدَةُ أَنْ تَفْصِلَ، وَلَدَهَا قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ»
٤ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ، مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: التَّشَاوُرُ فِيمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْطِمَهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْطِمَهُ إِلَّا أَنْ تَرْضَى»
٤ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «التَّشَاوُرُ: مَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاورٍ دُونَ الْحَوْلَيْنِ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْطِمَهُ دُونَ الْحَوْلَيْنِ»
٤ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ⦗٢٣٨⦘ قَالَ: «التَّشَاوُرُ: مَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ، لَيْسَ لَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَا»
٤ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَفْصِلَانِ وَلَدَهُمَا ﴿عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] دُونَ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ، ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٢٩]»
٤ ‏/ ٢٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: «التَّشَاوُرُ مَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ إِذَا اصْطَلَحَا دُونَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَإِنْ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَنَا أَفْطِمُهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَقَالَ الْأَبُ لَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْطِمَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَا فَإِنِ اجْتَمَعَا قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَطَمَاهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣]»
٤ ‏/ ٢٣٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ، مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: قَبْلَ السَّنَتَيْنِ ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٢٩]» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَا ذَلِكَ، قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَرَادَا ذَلِكَ أَمْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ
٤ ‏/ ٢٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي: عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَوْلُودِ لِفَطْمِهِ
٤ ‏/ ٢٣٩
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ، مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: غَيْرُ مُسِيئِينَ فِي ظُلْمِ أَنْفُسِهِمَا وَلَا إِلَى صَبِيِّهِمَا ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٢٩]» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا فِي الْحَوْلَيْنِ عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، لِأَنَّ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ غَايَةٌ لِتَمَامِ الرَّضَاعِ وَانْقِضَائِهِ، وَلَا تُشَاوَرَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ؛ وَإِنَّمَا التَّشَاوُرُ وَالتَّرَاضِي قَبْلَ انْقِضَاءِ نِهَايَتِهِ، فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَفْلَةٍ أَنَّ لِلتَّشَاوُرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلَيْنِ مَعْنَى صَحِيحًا، إِذْ كَانَ مِنَ الصِّبْيَانِ مَنْ تَكُونُ بِهِ عِلَّةٌ يَحْتَاجُ مِنْ أَجَلِهَا إِلَى تَرْكِهِ، وَالِاغْتِذَاءِ بِلَبَنِ أُمِّهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ ⦗٢٤٠⦘ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ عِلَاجٌ كَالْعِلَاجِ بِشُرْبِ بَعْضِ الْأَدْوِيَةِ لَا رَضَاعٌ، فَأَمَّا الرَّضَاعُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْفِصَالِ مِنْهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ آخِرِهِ تَرَاضٍ وَتَشَاوُرٌ مِنْ وَالِدِي الطِّفْلِ الَّذِي أَسْقَطَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِفَطْمِهِمَا إِيَّاهُ الْجُنَاحَ عَنْهُمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ آخِرِ مُدَّتِهِ، فَإِنَّمَا الْحَدُّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى مَا قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَانِ عَنْهُ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، وَأَمَّا الْجُنَاحُ: فَالْحَرَجُ
٤ ‏/ ٢٣٩
كَمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٢٩] فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا، الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ مَرَاضِعَ غَيْرَ أُمَّهَاتِهِمْ إِذَا أَبَتْ أُمَّهَاتُهُمْ أَنْ يُرْضِعْنَهُمْ بِالَّذِي يُرْضِعْنَهُمْ بِهِ غَيْرَهُنَّ مِنَ الْأَجْرِ، أَوْ مِنْ خِيفَةِ ضَيْعَةٍ مِنْكُمْ عَلَى أَوْلَادِكُمْ بِانْقِطَاعِ أَلْبَانِ أُمَّهَاتِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي اسْتِرْضَاعِهِنَّ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ» وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٤ ‏/ ٢٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ⦗٢٤١⦘ نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] خِيفَةَ الضَّيْعَةِ عَلَى الصَّبِيِّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٤٠
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِنْ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَا طَاقَةَ لِي بِهِ فَقَدْ ذَهَبَ لِبَنِي، فَتُسْتَرْضَعُ لَهُ أُخْرَى»
٤ ‏/ ٢٤١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتْرُكَ، وَلَدَهَا بَعْدَ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ، وَيُسَلِّمَانِ وَيُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فَإِنْ تَعَاسَرُوا عِنْدَ طَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ فِي الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَرَاضِعِ، فَإِنْ قَبِلَ مُرْضِعًا صَارَ ذَلِكَ وَأَرْضَعَتْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ مُرْضِعًا فَعَلَى أُمِّهِ أَنْ تُرْضِعَهُ بِالْأَجْرِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لِعَصَبَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا لِعَصَبَتِهِ أُكْرِهَتْ عَلَى رَضَاعِهِ»
٤ ‏/ ٢٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ: «﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِذَا أَبَتِ الْأُمُّ أَنْ تُرْضِعَهُ ⦗٢٤٢⦘ فَلَا جُنَاحَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لَهُ غَيْرَهَا»
٤ ‏/ ٢٤١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِذَا رَضِيَتِ الْوَالِدَةُ أَنْ تَسْتَرْضِعَ وَلَدَهَا وَرَضِيَ الْأَبُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ وَلَدَهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا جُنَاحٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]» فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: إِذَا سَلَّمْتُمْ لِأُمَّهَاتِهِمْ مَا فَارَقْتُمُوهُنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ عَلَى رَضَاعِهِنَّ بِحِسَابِ مَا اسْتَحَقَّتْهُ إِلَى انْقِطَاعِ لَبَنِهَا، أَوِ الْحَالِ الَّتِي عُذِرَ أَبُو الصَّبِيِّ بِطَلَبِ مُرْضِعٍ لِوَلَدِهِ غَيْرِ أُمِّهِ وَاسْتِرْضَاعِهِ لَهُ
٤ ‏/ ٢٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: حِسَابُ مَا أُرْضِعَ بِهِ الصَّبِيُّ»
٤ ‏/ ٢٤٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] حِسَابُ مَا يَرْضَعُ بِهِ الصَّبِيُّ»
٤ ‏/ ٢٤٢
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ ⦗٢٤٣⦘ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] إِنْ قَالَتْ يَعْنِي الْأُمُّ: لَا طَاقَةَ لِي بِهِ فَقَدْ ذَهَبَ لِبَنِي، فَلْتُرْضِعْ لَهُ أُخْرَى، وَلْيُسَلِّمْ لَهَا أَجْرَهَا بِقَدْرِ مَا أَرْضَعَتْ»
٤ ‏/ ٢٤٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ، يَعْنِي لِعَطَاءٍ: «﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: أُمَّهُ وَغَيْرَهَا ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِذَا سَلَّمْتَ لَهَا أَجْرَهَا ﴿مَا آتَيْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: مَا أَعْطَيْتُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِذَا سَلَّمْتُمْ لِلْاسْتِرْضَاعِ عَنْ مَشُورَةٍ مِنْكُمْ وَمِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكُمُ الَّذِينَ تَسْتَرْضِعُونَ لَهُمْ، وَتَرَاضٍ مِنْكُمْ وَمِنْهُنَّ بِاسْتِرْضَاعِهِمْ
٤ ‏/ ٢٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: «﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ مَشُورَةٍ وَرِضًا مِنْهُمْ»
٤ ‏/ ٢٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: «لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا، أَوْلَادَهُمَا، يَعْنِي أَبَوَيِ ⦗٢٤٤⦘ الْمَوْلُودِ إِذَا سَلَّمَا وَلَمْ يَتَضَارَّا»
٤ ‏/ ٢٤٣
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: «﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَقُولُ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ مَشُورَةٍ وَرِضًا مِنْهُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ إِلَى الَّتِي اسْتَرْضَعْتُمُوهَا بَعْدَ إِبَاءِ أُمِّ الْمُرْضِعِ مِنَ الْأُجْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ
٤ ‏/ ٢٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى هَذِهِ الَّتِي تَسْتَأْجِرُونَ أَجْرَهَا بِالْمَعْرُوفِ يَعْنِي إِلَى مَنِ اسْتُرْضِعَ لِلْمَوْلُودِ إِذَا أَبَتِ الْأُمُّ رَضَاعَهُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ تَأْوِيلُهُ: وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ إِلَى تَمَامِ رَضَاعِهِنَّ، وَلَمْ تَتَّفِقُوا أَنْتُمْ وَوَالِدَتُهُمْ عَلَى فِصَالِهِمْ، وَلَمْ تَرَوْا ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِهِمْ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوهُمْ ظُؤُورَةً إِنِ امْتَنَعَتْ أُمَّهَاتُهُمْ مِنْ رَضَاعِهِمْ لِعِلَّةٍ بِهِنَّ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ وَإِلَى الْمُسْتَرْضِعَةِ الْآخِرَةِ حُقُوقَهُنَّ الَّتِي آتَيْتُمُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ أَنْ يُوَفِّيهِنَّ أُجُورَهُنَّ عَلَى مَا فَارَقَهُنَّ عَلَيْهِ فِي حَالِ الِاسْتِرْضَاعِ وَوَقْتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ،
٤ ‏/ ٢٤٤
وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ ابْنَ جُرَيْجٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى بَعْضِهِ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَضَيْنَا لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَكَرَ قَبْلَ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَمَرَ فِصَالَهُمْ، وَبَيَّنَ الْحُكْمَ فِي فِطَامِهِمْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ، فَقَالَ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] فِي الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِحُكْمِ الْآيَةِ، إِذْ كَانَ قَدْ بُيِّنَ فِيهَا وَجْهُ الْفِصَالِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ حُكْمُ تَرْكِ الْفِصَالِ وَإِتْمَامِ الرَّضَاعِ إِلَى غَايَةِ نِهَايَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ إِذْ كَانَ قَدْ بُيِّنَ حُكْمُ الْأُمِّ إِذَا هِيَ اخْتَارَتِ الرَّضَاعَ بِمَا يُرْضِعُ بِهِ غَيْرُهَا مِنَ الْأُجْرَةِ، أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ مِنَ الْحُكْمِ بَيَانُ حُكْمِهَا وَحُكْمِ الْوَلَدِ إِذَا هِيَ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦] فَأَتْبَعَ ذِكْرَ بَيَانِ رِضَا الْوَالِدَاتِ بِرَضَاعِ أَوْلَادِهِنَّ، ذِكْرُ بَيَانِ امْتِنَاعِهِنَّ مِنْ رَضَاعِهِنَّ، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] مَا اخْتَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَرَضَ عَلَى أَبِي الْمَوْلُودِ تَسْلِيمَ حَقِّ وَالِدَتِهِ إِلَيْهَا مِمَّا آتَاهَا مِنَ الْأُجْرَةِ عَلَى رِضَاعِهَا لَهُ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ، كَمَا فَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ مَوْلِدِهِ بِسَبِيلٍ، وَأَمَرَهُ بِإِيتَاءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَقَّهَا بِالْمَعْرُوفِ عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: «إِذَا سَلَّمْتُمْ» بِأَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى
٤ ‏/ ٢٤٥
أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكُمُ الَّذِينَ يُرْضِعُونَ حُقُوقَهُنَّ بِأَوْلَى مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ إِذَا سَلَّمْتُمْ ذَلِكَ إِلَى الْمَرَاضِعِ سِوَاهُنَّ، وَلَا الْغَرَائِبُ مِنَ الْمَوْلُودِ بِأَوْلَى أَنْ يَكُنَّ مَعْنِيَّاتٍ بِذَلِكَ مِنَ الْأُمَّهَاتِ، إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى أَبِي الْمَوْلُودِ لِكُلِّ مَنَ اسْتَأْجَرَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ تَسْلِيمِ أُجْرَتِهَا إِلَيْهَا مِثْلَ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِلْأُخْرَى، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نُحِيلَ ظَاهِرَ تَنْزِيلٍ إِلَى بَاطِنٍ وَلَا نَقْلَ عَامٍّ إِلَى خَاصٍّ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا؛ فَصَحَّ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: بِالْإِجْمَالِ وَالْإِحْسَانِ وَتَرْكِ الْبَخْسِ، وَالظُّلْمِ فِيمَا وَجَبَ لِلْمَرَاضِعِ
٤ ‏/ ٢٤٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٣] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٩] وَخَافُوا اللَّهَ فِيمَا فَرَضَ لِبَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنَ الْحُقُوقِ، وَفِيمَا أَلْزَمَ نِسَاءَكُمْ لِرِجَالِكُمْ وَرِجَالَكُمْ لِنِسَائِكُمْ، وَفِيمَا أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ لِأَوْلَادِكُمْ؛ فَاحْذَرُوهُ أَنْ تُخَالِفُوهُ فَتَعْتَدُوا فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَحُقُوقِهِ – حُدُودَهُ، فَتَسْتَوْجِبُوا بِذَلِكَ عُقُوبَتَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ أَيُّهَا النَّاسُ سِرَّهَا وَعَلَانِيَتَهَا، وَخَفِيَّهَا وَظَاهِرَهَا، وَخَيْرَهَا وَشَرَّهَا، بَصِيرٌ يَرَاهُ وَيَعْلَمُهُ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهُوَ يُحْصِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِخَيْرِ ذَلِكَ وَشَرِّهِ، وَمَعْنَى بَصِيرٍ ذُو إِبْصَارٍ، وَهُوَ فِي مَعْنَى مُبْصِرٍ
٤ ‏/ ٢٤٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
٤ ‏/ ٢٤٦
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيْمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ مِنَ الرِّجَالِ أَيُّهَا النَّاسُ، فَيَمُوتُونَ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَنْفُسِهِنَّ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ الْخَبَرُ عَنِ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ؟ قِيلَ: مَتْرُوكٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَ الْخَبَرِ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا قَصَدَ قَصْدَ الْخَبَرِ عَنِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُعْتَدَاتِ مِنَ الْعِدَّةِ فِي وَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ، فَصَرَفَ الْخَبَرَ عَنِ الَّذِينَ ابْتَدَأَ بِذِكْرِهِمْ مِنَ الْأَمْوَاتِ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ أَزْوَاجِهِمْ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْعِدَّةِ، إِذْ كَانَ مَعْرُوفًا مَفْهُومًا مَعْنَى مَا أُرِيدَ بِالْكَلَامِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ فِي الْكَلَامِ: بَعْضُ جُبَّتِكَ مُتَخَرِّقَةٌ، فِي تَرْكِ الْخَبَرِ عَمَّا أُبْتُدِئَ بِهِ الْكَلَامُ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ بَعْضِ أَسْبَابِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَزْوَاجُ اللَّوَاتِي عَلَيْهِنَّ التَّرَبُّصُ لِمَا كَانَ إِنَّمَا أَلْزَمَهُنَّ التَّبَرُّصَ بِأَسْبَابِ أَزْوَاجِهِنَّ صَرْفَ الْكَلَامِ عَنْ خَبَرِ مَنْ أُبْتُدِئَ بِذِكْرِهِ إِلَى الْخَبَرِ عَمَّنْ قَصَدَ قَصْدَ الْخَبَرِ عَنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل] لَعَلِّيَ إِنْ مَالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيْلَةً … عَلَى ابْنِ أَبِي ذِبَّانَ أَنْ يَتَنَدَّمَا
فَقَالَ «لَعَلِّيَ»، ثُمَّ قَالَ «أَنْ يَتَنَدَّمَا» لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: لَعَلَّ ابْنَ أَبِي ذِبَّانَ أَنْ يَتَنَدَّمَ إِنْ مَالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيْلَةً عَلَيْهِ فَرَجَعَ بِالْخَبَرِ إِلَى الَّذِي أَرَادَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدِ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ غَيْرِهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل] أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ ابْنَ قَيْسٍ … وَقَتْلَهُ بِغَيْرِ دَمٍ دَارُ الْمَذَلَّةِ حُلَّتِ
٤ ‏/ ٢٤٧
فَأَلْغَى «ابْنَ قَيْسٍ» وَقَدِ ابْتَدَأَ بِذِكْرِهِ، وَأَخْبَرَ عَنْ قَتْلِهِ أَنَّهُ ذُلٌّ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ خَبَرَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مَتْرُوكٌ، وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَتَرَبَّصْنَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَوْتَهُمْ كَمَا يُحْذَفُ بَعْضُ الْكَلَامِ، وَأَنَّ «يَتَرَبَّصْنَ» رَفْعٌ إِذْ وَقَعَ مَوْقِعَ يَنْبَغِي، وَيَنْبَغِي رَفْعٌ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي رَفْعِ يَتَرَبَّصْنَ بِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ يَنْبَغِي فِيمَا مَضَى، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: إِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ «الَّذِينَ» بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ صَارَ الَّذِينَ فِي خَبَرِهِمْ مِثْلَ تَأْوِيلِ الْجَزَاءِ: مَنْ يَلْقَكَ مِنَّا تُصِبْ خَيْرًا، الَّذِي يَلْقَاكَ مِنَّا تُصِيبُ خَيْرًا قَالَ: وَلَا يَجُوزُ هَذَا إِلَّا عَلَى مَعْنَى الْجَزَاءِ، وَفِي الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَالَا.
٤ ‏/ ٢٤٨
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: يَحْتَبِسْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ مُعْتَدَّاتٍ عَنِ الْأَزْوَاجِ، وَالطِّيبِ، وَالزِّينَةِ، وَالنُّقْلَةِ عَنِ الْمَسْكَنِ الَّذِي كُنَّ يَسْكُنَّهُ فِي حَيَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا إِلَّا أَنْ يَكُنَّ حَوَامِلَ، فَيَكُونُ عَلَيْهِنَّ مِنَ التَّرَبُّصِ كَذَلِكَ إِلَى حِينَ وَضْعِ حَمْلِهِنَّ، فَإِذَا وَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ انْقَضَتْ عَدَدُهُنَّ حِينَئِذٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مِثْلَ مَا قُلْنَا فِيهِ
٤ ‏/ ٢٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ ⦗٢٤٩⦘ عَبَّاسٍ: «﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] فَهَذِهِ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا»
٤ ‏/ ٢٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْعِدَّةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَيَحِلُّهَا مِنْ عِدَّتِهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، وَإِنِ اسْتَأْخَرَ فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ فَمَا اسْتَأْخَرَ، لَا يُحِلُّهَا إِلَّا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا» وَإِنَّمَا قُلْنَا: عَنَى بِالتَّرَبُّصِ مَا وَصَفْنَا لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٤ ‏/ ٢٤٩
بِمَا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، تُحَدِّثُ قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ” أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَسْتَفْتِيهِ فِي الْكُحْلِ، فَقَالَ: «لَقَدْ كَانَتِ إِحْدَاكُنَّ تَكُونُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا، فَتَمْكُثُ فِي بَيْتِهَا ⦗٢٥٠⦘ حَوْلًا إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَيَمُرُّ عَلَيْهَا الْكَلْبُ فَتَرْمِيهِ بِالْبَعْرَةِ أَفَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»
٤ ‏/ ٢٤٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ حَفْصَةَ ابْنَةَ عُمَرَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» قَالَ يَحْيَى: «وَالْإِحْدَادُ عِنْدَنَا أَنْ لَا تَطِيبَ وَلَا تَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ، وَلَا زَعْفَرَانٍ، وَلَا تَكْتَحِلَ، وَلَا تَزَّيَّنَ»
٤ ‏/ ٢٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ حَفْصَةَ ابْنَةِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ»
٤ ‏/ ٢٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَوْ أَمِّ حَبِيبَةَ، ⦗٢٥١⦘ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَتْ أَنَّ ابْنَتَهَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَأَنَّهَا قَدْ خَافَتْ عَلَى عَيْنِهَا. فَزَعَمَ حُمَيْدٌ عَنْ زَيْنَبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ» قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ “
٤ ‏/ ٢٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ: أَنَّهُ سَمِعَ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، تُحَدِّثُ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَوْ أَمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا وَهِيَ تُرِيدُ أَنْ تُكَحِّلَ عَيْنَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَدْ كَانَتِ إِحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ» قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: قَالَ يَزِيدُ، قَالَ يَحْيَى:»فَسَأَلْتُ حُمَيْدًا عَنْ رَمْيِهَا بِالْبَعْرَةِ، قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا عَمَدَتْ إِلَى شَرِّ بَيْتِهَا، فَقَعَدَتْ فِيهِ حَوْلًا، فَإِذَا مَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ أَلْقَتْ بَعْرَةً وَرَاءَهَا ” حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٥١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبِ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ ⦗٢٥٢⦘ سَلَمَةَ: «أَنَّ امْرَأَةً، أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَتِي مَاتَ زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْتَحِلُ؟ فَقَالَ: «قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا هِيَ الْآنَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ» قَالَ:»قُلْتُ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟ قَالَ: كَانَ نِسَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا مَاتَ زَوْجُ إِحْدَاهُنَّ لَبِسَتْ أَطْمَارَ ثِيَابِهَا، وَجَلَسَتْ فِي أَخَسِّ بُيُوتِهَا، فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ أَخَذَتْ بَعْرَةً فَدَحْرَجَتْهَا عَلَى ظَهْرِ حِمَارٍ، وَقَالَتْ: قَدْ حَلَلْتُ “
٤ ‏/ ٢٥١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجَيِ النَّبِيِّ ﷺ: “أَنَّ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ خِفْتُ عَلَى عَيْنِهَا، وَهِيَ تُرِيدُ الْكُحْلَ، قَالَ: «قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ» قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: «وَمَا رَأْسُ الْحَوْلِ»؟ قَالَتْ زَيْنَبُ: «كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا هَلَكَ زَوْجُهَا عَمَدَتْ إِلَى أَشَرِّ بَيْتٍ لَهَا فَجَلَسَتْ فِيهِ، حَتَّى إِذَا مَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ خَرَجَتْ، ثُمَّ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ وَرَاءَهَا»
٤ ‏/ ٢٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنَّ تُحِدَّ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ ⦗٢٥٣⦘ عِدَّتُهَا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، وَلَا مُعَصْفَرًا، وَلَا تَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ، وَلَا بِكُحْلٍ فِيهِ طِيبٌ وَإِنْ وَجِعَتْ عَيْنُهَا، وَلَكِنْ تَكْتَحِلُ بِالصَّبِرِ وَمَا بَدَا لَهَا مِنَ الْأَكْحَالِ سِوَى الْإِثْمِدِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، وَلَا تَلْبَسُ حُلِيًّا، وَتَلْبَسُ الْبَيَاضَ، وَلَا تَلْبَسُ السَّوَادَ»
٤ ‏/ ٢٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا: لَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَطَّيبُ، وَلَا تَبِيتُ عَنْ بَيْتِهَا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ تَجَلْبَبُ بِهِ»
٤ ‏/ ٢٥٣
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَنْهَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنَّ تَزَيَّنَ وَتَطَيَّبَ»
٤ ‏/ ٢٥٣
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمْتَشِطُ وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَلْبَسَ الْبُرُدَ» ⦗٢٥٤⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا أُمِرَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَرَبَّصَ بِنَفْسِهَا عَنِ الْأَزْوَاجِ خَاصَّةً، فَأَمَّا عَنِ الطِّيبِ، وَالزِّينَةِ، وَالْمَبِيتِ عَنِ الْمَنْزِلِ فَلَمْ تَنْهَ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ تُؤْمَرُ بِالتَّرَبُّصِ بِنَفْسِهَا عَنْهُ
٤ ‏/ ٢٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: «أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ فِي التَّزَيُّنِ، وَالتَّصَنُّعِ، وَلَا يَرَى الْإِحْدَادَ شَيْئًا»
٤ ‏/ ٢٥٤
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] لَمْ يَقُلْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِهَا، تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ»
٤ ‏/ ٢٥٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: «﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] وَلَمْ يَقُلْ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا، فَلْتَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا أَمَرَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالتَّرَبُّصِ عَنِ النِّكَاحِ وَجَعَلُوا حُكْمَ الْآيَةِ عَلَى الْخُصُوصِ
٤ ‏/ ٢٥٤
وَبِمَا حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٢٥٥⦘ طَلْحَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: «لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ» تَسَلَّبِي ثَلَاثًا ثُمَّ اصْنَعِي مَا شِئْتِ ” حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ الصَّلْتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمِثْلِهِ قَالُوا: فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ لَا إِحْدَادَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَأَنَّ الْقَوْلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] إِنَّمَا هُوَ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ عَنِ الْأَزْوَاجِ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا الْإِحْدَادَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَتَرْكَ النُّقْلَةَ عَنْ مَنْزِلِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنَّهُمُ اعْتَلُّوا بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَقَالُوا: أَمَرَ اللَّهُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَرَبَّصَ بِنَفْسِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالتَّرَبُّصِ بِشَيْءٍ ⦗٢٥٦⦘ مُسَمًّى فِي التَّنْزِيلِ بِعَيْنِهِ، بَلْ عَمَّ بِذَلِكَ مَعَانِيَ التَّرَبُّصَ، قَالُوا: فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرَبَّصَ بِنَفْسِهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا مَا أَطْلَقَتْهُ لَهَا حُجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا قَالُوا: فَالتَّرَبُّصُ عَنِ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ، وَالنُّقْلَةِ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْآيَةِ كَمَا التَّرَبُّصُ عَنِ الْأَزْوَاجِ دَاخِلٌ فِيهَا قَالُوا: وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْخَبَرُ بِالَّذِي قُلْنَا فِي الزِّينَةِ وَالطِّيبِ أَمَّا فِي النُّقْلَةِ
٤ ‏/ ٢٥٤
فَإِنَّ أَبَا كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ الْفُرَيْعَةِ ابْنَةِ مَالِكٍ، أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَتْ: «قُتِلَ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ، فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي النُّقْلَةِ، فَأَذِنَ لِي ثُمَّ نَادَانِي بَعْدَ أنْ تَوَلَّيْتُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا فُرَيْعَةُ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» قَالُوا: فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صِحَّةَ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى تَرَبُّصِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مَا خَالَفَهُ، قَالُوا: وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ بِخُرُوجِهِ عَنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَالثَّابِتُ مِنَ الْخَبَرِ عَنِ الرَّسُولِ ﷺ ⦗٢٥٧⦘ قَالُوا: وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَمْرِهِ إِيَّاهَا بِالتَّسَلُّبِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَنْ تَصْنَعَ مَا بَدَا لَهَا، فَإِنَّهُ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى أَنْ لَا إِحْدَادَ عَلَى الْمَرْأَةِ، بَلْ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ إِيَّاهَا بِالتَّسَلُّبِ ثَلَاثًا، ثُمَّ الْعَمَلُ بِمَا بَدَا لَهَا مِنْ لُبْسِ مَا شَاءَتْ مِنَ الثِّيَابِ مِمَّا يَحُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ لُبْسُهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ زِينَةً وَلَا تَطَيُّبًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنَ الثِّيَابِ مَا لَيْسَ بِزِينَةٍ وَلَا ثِيَابٍ تَسَلُّبٍ، وَذَلِكَ كَالَّذِي أَذِنَ ﷺ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَلْبَسَ مِنْ ثِيَابِ الْعَصْبِ، وَبُرُودِ الْيَمَنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا مِنِ ثِيَابِ زِينَةٍ وَلَا مِنْ ثِيَابِ تَسَلُّبٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ ثَوْبٍ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ صِبْغٌ بَعْدَ نَسْجِهِ مِمَّا يَصْبُغُهُ النَّاسُ لِتَزْيِينِهِ، فَإِنَّ لَهَا لُبْسَهُ؛ لِأَنَّهَا تَلْبَسُهُ غَيْرَ مُتَزَيِّنَةٍ الزِّينَةَ الَّتِي يَعْرِفُهَا النَّاسُ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ وَعَشَرَةً؟ وَإِذْ كَانَ التَّنْزِيلُ كَذَلِكَ أَفَبِاللَّيَالِي تَعْتَدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْعَشْرَ أَمْ بِالْأَيَّامِ؟ قِيلَ: بَلْ تَعْتَدُّ بِالْأَيَّامِ بِلَيَالِيهَا. فَإِنْ قَالَ: فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ قِيلَ وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ وَعَشَرَةً، وَالْعَشْرُ بِغَيْرِ الْهَاءِ مِنْ عَدَدِ اللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ؟ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا قُلْتُ، فَهَلْ تُجِيزُ عِنْدِي عَشَرَ وَأَنْتَ تُرِيدُ عَشْرَةً مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ؟ قُلْتُ: ذَلِكَ جَائِزٌ فِي عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ مِثْلُهُ فِي عَدَدِ بَنِي آدَمَ مِنَ الرِّجَالِ النِّسَاءِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ فِي الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي خَاصَّةً إِذَا أَبْهَمَتِ الْعَدَدَ غَلَّبَتْ فِيهِ اللَّيَالِي، حَتَّى إِنَّهُمْ فِيمَا رُوِيَ لَنَا عَنْهُمْ لَيَقُولُونَ: صُمْنَا عَشْرًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، لِتَغْلِيبِهِمُ اللَّيَالِيَ عَلَى الْأَيَّامِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَدَدَ عِنْدَهُمْ قَدْ جَرَى فِي ذَلِكَ بِاللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ، فَإِذَا أَظْهَرُوا مَعَ الْعَدَدِ مُفَسَّرَهُ أَسْقَطُوا مِنْ عَدَدِ الْمُؤَنَّثِ الْهَاءَ» وَأَثْبَتُوهَا فِي ⦗٢٥٨⦘ عَدَدِ الْمُذَكَّرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] فَأَسْقُطَ الْهَاءَ مِنْ سَبْعٍ، وَأَثْبَتَهَا فِي الثَّمَانِيَةِ وَأَمَّا بَنُو آدَمَ، فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ إِذَا اجْتَمَعَتِ الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءُ ثُمَّ أَبْهَمَتْ عَدَدَهَا أَنْ تُخْرِجَهُ عَلَى عَدَدِ الذُّكْرَانِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَذَلِكَ أَنَّ الذُّكْرَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْسُومٌ، وَاحِدُهُمْ وَجَمْعُهُ بِغَيْرِ سِمَةِ إِنَاثِهِمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الذُّكُورَ مِنْ غَيْرِهِمْ رُبَّمَا وُسِمَ بِسِمَةِ الْأُنْثَى، كَمَا قِيلَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى شَاةٌ، وَقِيلَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنَ الْبَقَرِ بَقَرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي بَنِي آدَمَ، فَإِنْ قَالَ: فَمَا مَعْنَى زِيَادَةِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ عَلَى الْأَشْهُرِ؟ قِيلَ: قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ فِيمَا
٤ ‏/ ٢٥٦
حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] قَالَ: قُلْتُ: لِمَ صَارَتْ هَذِهِ الْعَشْرُ مَعَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فِي الْعَشْرِ»
٤ ‏/ ٢٥٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: «مَا بَالُ الْعَشْرِ؟ قَالَ: فِيهِ يُنْفُخُ الرُّوحُ»
٤ ‏/ ٢٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا بَلَغْنَ الْأَجَلَ الَّذِي أُبِيحَ لَهُنَّ فِيهِ مَا كَانَ حُظِرَ عَلَيْهِنَّ فِي عَدَدِهِنَّ مِنْ وَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ، وَذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عَدَدِهِنَّ، وَمُضِيِّ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ وَالْأَيَّامِ الْعَشْرَةِ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ فِيمَا فَعَلَ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ حِينَئِذٍ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ تَطِيُّبٍ، وَتَزَيُّنٍ، وَنُقْلَةٍ مِنَ الْمَسْكَنِ الَّذِي كُنَّ يَعْتَدِدْنَ فِيهِ، وَنِكَاحِ مَنْ يَجُوزُ لَهُنَّ نِكَاحُهُ بِالْمَعْرُوفِ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ: عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ لَهُنَّ فِيهِ وَأَبَاحَهُ لَهُنَّ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ النِّكَاحَ خَاصَّةً، وَقِيلَ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] إِنَّمَا هُوَ النِّكَاحُ الْحَلَالُ
٤ ‏/ ٢٥٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٤] قَالَ: الْحَلَالُ الطَّيِّبُ»
٤ ‏/ ٢٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ⦗٢٦٠⦘ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٤] قَالَ: الْمَعْرُوفُ: النِّكَاحُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ»
٤ ‏/ ٢٥٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: قَوْلِهِ: «﴿فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٤] قَالَ: هُوَ النِّكَاحُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ»
٤ ‏/ ٢٦٠
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «هُوَ النِّكَاحُ»
٤ ‏/ ٢٦٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابِ: «﴿فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٤] قَالَ: فِي نِكَاحِ مَنْ هَوَيْنَهُ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا»
٤ ‏/ ٢٦٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ فِي أَمْرِ مَنْ أَنْتُمْ وَلِيُّهُ مِنْ نِسَائِكُمْ مِنْ عَضْلِهِنَّ، وَإِنْكَاحِهِنَّ مِمَّنْ أَرَدْنَ نِكَاحَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِكُمْ وَأُمُورِهِمْ ﴿خَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٤] يَعْنِي ذُو خَبْرَةٍ وَعِلْمٍ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ
٤ ‏/ ٢٦٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ لِلنِّسَاءِ الْمُعْتَدَّاتِ، مِنْ وَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ فِي عَدَدِهِنَّ، وَلَمْ تُصَرِّحُوا بِعَقْدِ نِكَاحٍ. وَالتَّعْرِيضُ الَّذِي أُبِيحَ فِي ذَلِكَ،
٤ ‏/ ٢٦١
هُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: التَّعْرِيضُ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَإِنِّي لَأُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ أَمْرِهَا وَأَمْرِهَا، يُعَرِّضُ لَهَا بِالْقَوْلِ بِالْمَعْرُوفِ»
٤ ‏/ ٢٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ»
٤ ‏/ ٢٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «التَّعْرِيضُ مَا لَمْ يُنْصَبْ لِلْخِطْبَةِ» قَالَ مُجَاهِدٌ: «قَالَ ⦗٢٦٢⦘ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ فِي جِنَازَةِ زَوْجِهَا لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ، قَالَتْ: قَدْ سَبَقْتُ»
٤ ‏/ ٢٦١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: التَّعْرِيضُ مَا لَمْ يُنْصَبْ لِلْخِطْبَةِ»
٤ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: التَّعْرِيضُ: أَنْ يَقُولَ لِلْمَرْأَةِ فِي عِدَّتِهَا: إِنِّي لَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ غَيْرَكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً صَالِحَةً، وَلَا يُنْصَبُ لَهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا»
٤ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَقُولُ: يُعَرِّضُ لَهَا فِي عِدَّتِهَا، يَقُولُ لَهَا: إِنْ رَأَيْتُ أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ هَيَّأَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ فَلَا حَرَجَ»
٤ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا آدَمُ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ⦗٢٦٣⦘ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ لَهَا فِي عِدَّتِهَا: إِنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ رَزَقَنِي امْرَأَةً وَنَحْوَ هَذَا، وَلَا يُنْصَبُ لِلْخِطْبَةِ»
٤ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: «يَذْكُرُهَا إِلَى وَلِيِّهَا يَقُولُ: لَا تَسْبِقِينِي بِهَا»
٤ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَقُولُ: إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّكِ لَنَافِقَةٌ، وَإِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ»
٤ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ: لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ»
٤ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قُلْ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ: إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّكِ لَنَافِقَةٌ، وَإِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ»
٤ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ⦗٢٦٤⦘ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يُعَرِّضُ لِلْمَرْأَةِ فِي عِدَّتِهَا فَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّ النِّسَاءَ لَمِنْ حَاجَتِي، وَإِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»
٤ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، وَإِنِّي إِنْ تَزَوَّجْتُ أَحْسَنْتُ إِلَى امْرَأَتِي، هَذَا التَّعْرِيضَ»
٤ ‏/ ٢٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَقُولُ: لَأُعْطِيَنَّكِ، لَأُحْسِنَنَّ إِلَيْكِ، لَأَفْعَلَنَّ بِكِ كَذَا وَكَذَا»
٤ ‏/ ٢٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ فِي عِدَّتِهَا يُعَرِّضُ بِالْخِطْبَةِ: وَاللَّهِ إِنِّي فِيكَ لَرَاغِبٌ، وَإِنِّي عَلَيْكِ لَحَرِيصٌ، وَنَحْوَ هَذَا»
٤ ‏/ ٢٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ، سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، ⦗٢٦٥⦘ يَقُولُ: «﴿فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ: إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّكِ لَنَافِقَةٌ، وَإِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ»
٤ ‏/ ٢٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: «كَيْفَ يَقُولُ الْخَاطِبُ؟ قَالَ: يُعَرِّضُ تَعْرِيضًا وَلَا يَبُوحُ بِشَيْءٍ، يَقُولُ: إِنَّ لِي حَاجَةً وَأَبْشِرِي، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ نَافِقَةٌ، وَلَا يَبُوحُ بِشَيْءٍ. قَالَ عَطَاءٌ: وَتَقُولُ هِيَ: قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ. وَلَا تَعُدُّهُ شَيْئًا، وَلَا تَقُولُ: لَعَلَّ ذَاكَ»
٤ ‏/ ٢٦٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: ثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ، سَمِعَ الْقَاسِمَ، يَقُولُ: «فِي الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالرَّجُلُ يُرِيدُ خِطْبَتِهَا، وَيُرِيدُ كَلَامَهَا مَا الَّذِي يَجْمُلُ بِهِ مِنَ الْقَوْلِ؟ قَالَ: يَقُولُ: إِنِّي فِيكَ لَرَاغِبٌ، وَإِنِّي عَلَيْكِ لَحَرِيصٌ، وَإِنِّي بِكِ لَمُعْجَبٌ، وَأَشْبَاهَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ»
٤ ‏/ ٢٦٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْهَدِيَّةِ فِي تَعْرِيضِ النِّكَاحِ»
٤ ‏/ ٢٦٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، ⦗٢٦٦⦘ قَالَ:، كَانَ إِبْرَاهِيمُ، لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُهْدِيَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ إِذَا كَانَتْ مِنْ شَأْنِهِ “
٤ ‏/ ٢٦٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَقُولُ: إِنَّكَ لَنَافِقَةٌ، وَإِنَّكِ لَمُعْجِبَةٌ، وَإِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنْ قَضَى اللَّهُ شَيْئًا كَانَ»
٤ ‏/ ٢٦٦
حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَوْلَهُ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: إِنَّكِ لَمُعْجِبَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ»
٤ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي – يَعْنِي – شَبِيبُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا يَأْخُذُ مِيثَاقَهَا أَلَّا تَنْكِحَ غَيْرَهُ»
٤ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: كَانَ أَبِي، يَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ كَانَ دُونَ أَنْ يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ، فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ⦗٢٦٧⦘ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥]»
٤ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، قَوْلَهُ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] وَالتَّعْرِيضُ فِيمَا سَمِعْنَا: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا: إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، إِنَّكِ لَنَافِقَةٌ، إِنَّكِ لَتُعْجِبِينِي، وَنَحْوَ هَذَا، فَهَذَا التَّعْرِيضُ»
٤ ‏/ ٢٦٧
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ خَالَتِهِ سَكِينَةَ ابْنَةِ حَنْظَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَنَا فِي، عِدَّتِي، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ حَنْظَلَةَ أَنَا مَنْ، عَلِمْتِ قَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَحَقَّ جَدِّي عَلَيَّ، وَقَدَمِي فِي الْإِسْلَامِ. فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَتَخْطُبُنِي فِي عِدَّتِي، وَأَنْتَ يُؤْخَذُ عَنْكَ فَقَالَ: أَوْ قَدْ فَعَلْتُ؟ إِنَّمَا أُخْبِرُكِ بِقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَوْضِعِي، «قَدْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا أَبِي سَلَمَةَ، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ لَهَا مَنْزِلَتَهُ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مُتَحَامِلٌ عَلَى يَدِهِ حَتَّى أَثَّرَ الْحَصِيرُ فِي يَدِهِ مِنْ شِدَّةِ تَحَامُلِهِ عَلَى يَدِهِ، فَمَا كَانَتْ تِلْكَ خِطْبَةً»
٤ ‏/ ٢٦٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا جُنَاحُ عَلَى مَنْ عَرَّضَ لَهُنَّ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِلْنَ إِذَا كَنُّوا فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ ذَلِكَ»
٤ ‏/ ٢٦٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي عِدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا: إِنَّكِ عَلَيَّ لَكَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا وَرِزْقًا، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى الْخِطْبَةِ. فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْخِطْبَةُ: الذِّكْرُ، وَالْخِطْبَةُ: التَّشَهُّدُ. وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ تَأَوَّلَ الْكَلَامَ: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ عِنْدَهُمْ؛ وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا» لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: «لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ»، كَأَنَّهُ قَالَ: اذْكُرُوهُنَّ، وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ: الْخِطْبَةُ أَخْطُبُ خِطْبَةً وَخَطْبًا، قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ [طه: ٩٥] يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ هَذَا. قَالَ: وَأَمَّا الْخِطْبَةُ، فَهُوَ الْمَخْطُوبُ مِنْ قَوْلِهِمْ. خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاخْتَطَبَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْخِطْبَةُ عِنْدِي هِيَ «الْفِعْلَةُ» مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: خَطَبْتُ فُلَانَةَ، ⦗٢٦٩⦘ كَالْجِلْسَةِ مِنْ قَوْلِهِ: جَلَسَ، أَوِ الْقِعْدَةِ مِنْ قَوْلِهِ: قَعَدَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: خَطَبَ فُلَانٌ فُلَانَةَ سَأَلَهَا خِطْبَةً إِلَيْهَا فِي نَفْسِهَا، وَذَلِكَ حَاجَتُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا خَطْبُكَ؟ بِمَعْنَى: مَا حَاجَتُكَ وَمَا أَمْرُكَ؟ . وَأَمَّا التَّعْرِيضُ فَهُوَ مَا كَانَ مِنْ لَحْنِ الْكَلَامِ الَّذِي يَفْهَمُ بِهِ السَّامِعُ الْفَهِمُ مَا يَفْهَمُ بِصَرِيحِهِ
٤ ‏/ ٢٦٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] أَوْ أَخْفَيْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ، فَأَسْرَرْتُمُوهُ مِنْ خِطْبَتِهِنَّ، وَعَزْمِ نِكَاحِهِنَّ وَهُنَّ فِي عَدَدِهِنَّ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. يُقَالُ مِنْهُ: أَكَنَّ فُلَانٌ هَذَا الْأَمْرَ فِي نَفْسِهِ، فَهُوَ يُكِنُّهُ إِكْنَانًا، وَكَنَّهُ: إِذَا سَتَرَهُ، يَكُنُّهُ كَنًّا وَكُنُونًا، وَجَلَسَ فِي الْكِنِّ. وَلَمْ يُسْمَعْ: كَنَنْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنَّمَا يُقَالُ: كَنَنْتُهُ فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ: إِذَا خَبَّأْتُهُ فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَأَنَّهُنَّ بِيضٌ مَكْنُونٌ﴾ [الصافات: ٤٩] أَيْ مَخْبُوءٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر] ثَلَاثٌ مِنْ ثَلَاثِ قُدَامَيَاتٍ … مِنَ اللَّائِي تَكُنُّ مِنَ الصقيعِ
وَتَكُنُّ بِالتَّاءِ هُوَ أَجْوَدُ وَيَكُنُّ، وَيُقَالُ: أَكَنَّتْهُ ثِيَابُهُ مِنَ الْبَرْدِ، وَأَكَنَّهُ الْبَيْتُ مِنَ الرِّيحِ
٤ ‏/ ٢٦٩
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٤ ‏/ ٢٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الْإِكْنَانُ: ذِكْرُ خِطْبَتِهَا فِي نَفْسِهِ لَا يُبْدِيهِ لَهَا، هَذَا كُلُّهُ حِلٌّ مَعْرُوفٌ» حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلَهُ: «﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: أَنْ يَدْخُلَ فَيُسَلِّمَ، وَيُهْدِيَ إِنْ شَاءَ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٤ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: جَعَلْتَ فِي نَفْسِكَ نِكَاحَهَا، وَأَضْمَرْتَ ذَلِكَ»
٤ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ ⦗٢٧١⦘ سُفْيَانَ: «﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] أَنْ يُسِرَّ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا»
٤ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: أَسْرَرْتُمْ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي إِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَا أَبَاحَ مِنَ التَّعْرِيضِ بِنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لَهَا فِي حَالِ عِدَّتِهَا وَحَظَرَهُ التَّصْرِيحَ، مَا أَبَانَ عَنِ افْتِرَاقِ حُكْمِ التَّعْرِيضِ فِي كُلِّ مَعَانِي الْكَلَامِ وَحُكْمِ التَّصْرِيحِ مِنْهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ غَيْرُ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَأَنَّ الْحَدَّ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ لَوْ كَانَ وَاجِبًا وُجُوبَهُ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ لَوَجَبَ مِنَ الْجَنَاحِ بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ نَظِيرَ الَّذِي يَجِبُ بِعَزْمِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ فِيهَا، وَفِي تَفْرِيقِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بَيْنَ حُكَمَيْهَا فِي ذَلِكَ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى افْتِرَاقِ أَحْكَامِ ذَلِكَ فِي الْقَذْفِ
٤ ‏/ ٢٧١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَ الْمُعْتَدَّاتِ فِي عَدَدِهِنَّ بِالْخِطْبَةِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَبِأَلْسِنَتِكُمْ
٤ ‏/ ٢٧١
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الْخِطْبَةُ»
٤ ‏/ ٢٧١
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: ذِكْرُكَ إِيَّاهَا فِي نَفْسِكَ. قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٥]»
٤ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: هِيَ الْخِطْبَةُ»
٤ ‏/ ٢٧٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى السِّرِّ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ عَنْ مُوَاعَدَةِ الْمُعْتَدَّاتِ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الزِّنَا
٤ ‏/ ٢٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ صَالِحٍ الدَّهَّانِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الزِّنَا»
٤ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الزِّنَا» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ. ⦗٢٧٣⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الزِّنَا» قِيلَ لِسُفْيَانَ التَّيْمِيِّ: ذِكْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي الْمُوَاعَدَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ أَبِي مِجْلَزٍ
٤ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الزِّنَا» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَشْعَثُ، وَعِمْرَانُ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الزِّنَا» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ⦗٢٧٤⦘: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الزِّنَا»
٤ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الزِّنَا»
٤ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الْفَاحِشَةُ»
٤ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: السِّرُّ: الزِّنَا»
٤ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: فَذَلِكَ السِّرُّ: الزِّنْيَةُ، كَانَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ مِنْ أَجْلِ الزِّنْيَةِ وَهُوَ يُعَرِّضُ بِالنِّكَاحِ، فَنَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، إِلَّا مَنْ قَالَ مَعْرُوفًا»
٤ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَجُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: «الزِّنَا»
٤ ‏/ ٢٧٤
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلَهُ: «﴿وَلَكِنْ ⦗٢٧٥⦘ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] لِلْفُحْشِ، وَالْخَضْعِ مِنَ الْقَوْلِ»
٤ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: هُوَ الْفَاحِشَةُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَأْخُذُوا مِيثَاقَهَنَّ، وَعُهُودَهُنَّ فِي عَدَدِهِنَّ أَنْ لَا يَنْكِحْنَ غَيْرَكُمْ
٤ ‏/ ٢٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَقُولُ: لَا تَقُلْ لَهَا إِنِّي عَاشِقٌ، وَعَاهِدِينِي أَنْ لَا تَتَزَوَّجِي غَيْرِي، وَنَحْوَ هَذَا»
٤ ‏/ ٢٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا يُقَاضِهَا عَلَى كَذَا وَكَذَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ»
٤ ‏/ ٢٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، وَمُجَاهِدٍ، ⦗٢٧٦⦘ وَعِكْرِمَةَ، قَالُوا: «لَا يَأْخُذُ مِيثَاقَهَا فِي عِدَّتِهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ»
٤ ‏/ ٢٧٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: ذُكِرَ لِي، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا تَأْخُذْ مِيثَاقَهَا أَنْ لَا تَنْكِحَ غَيْرَكَ»
٤ ‏/ ٢٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا يَأْخُذُ مِيثَاقَهَا فِي أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ»
٤ ‏/ ٢٧٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا تَأْخُذْ مِيثَاقَهَا أَنْ لَا تَنْكِحَ غَيْرَكَ، وَلَا يُوجِبُ الْعُقْدَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ»
٤ ‏/ ٢٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا يَأْخُذُ عَلَيْهَا مِيثَاقًا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ»
٤ ‏/ ٢٧٦
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَقُولُ: أَمْسِكِي عَلَيَّ نَفْسَكِ، فَأَنَا أَتَزَوَّجُ، وَيَأْخُذُ عَلَيْهَا عَهْدًا أَنْ لَا تَنْكِحِي غَيْرِي»
٤ ‏/ ٢٧٦
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: هَذَا فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ عَهْدَ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا أَنْ لَا تُنْكَحَ ⦗٢٧٧⦘ غَيْرَهُ، فَنَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدَّمَ فِيهِ وَأَحَلَّ الْخِطْبَةَ، وَالْقَوْلُ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَى عَنِ الْفَاحِشَةِ، وَالْخَضْعِ مِنَ الْقَوْلِ»
٤ ‏/ ٢٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: إِنْ تُوَاعِدُهَا سِرًّا عَلَى كَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ لَا تَنْكِحِي غَيْرِي»
٤ ‏/ ٢٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: مَوْعِدَةُ السِّرِّ: أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا عَهْدًا، وَمِيثَاقًا أَنْ تِحْبِسَ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، وَلَا تَنْكِحَ غَيْرَهُ» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ لَهَا الرَّجُلُ: لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ
٤ ‏/ ٢٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ «مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ:»﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ: لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِكِ، فَإِنِّي نَاكِحُكِ. هَذَا لَا يَحِلُّ “
٤ ‏/ ٢٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ: لَا تَفُوتِينِي»
٤ ‏/ ٢٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الْمُوَاعَدَةُ أَنْ يَقُولَ: لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِكِ»
٤ ‏/ ٢٧٨
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] أَنْ يَقُولَ: لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِكِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا تَنْكِحُوهُنَّ فِي عِدَّتِهِنَّ سِرًّا
٤ ‏/ ٢٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَقُولُ: لَا تَنْكِحُوهُنَّ سِرًّا، ثُمَّ تُمْسِكُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ أَظْهَرْتَ ذَلِكَ وَأَدْخَلْتَهَا»
٤ ‏/ ٢٧٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: كَانَ أَبِي، يَقُولُ: لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا، ثُمَّ تُمْسِكُهَا، وَقَدْ مَلَكَتْ عُقْدَةَ نِكَاحِهَا، فَإِذَا حَلَّتْ أَظْهَرْتَ ذَلِكَ وَأَدْخَلْتَهَا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: السِّرُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الزِّنَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْجِمَاعَ، وَغِشْيَانَ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ سِرًّا، لِأَنَّ
٤ ‏/ ٢٧٨
ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي خِفَاءٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ مُطَّلِعٍ عَلَيْهِ، فَيُسَمَّى لِخَفَائِهِ سِرًّا. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ:
[البحر الرجز]

فَعَفَّ عَنْ أَسْرَارِهَا بَعْدَ الْعَسَقْ … وَلَمْ يُضِعْهَا بَيْنَ فَرْكٍ وَعَشَقْ
يَعْنِي بِذَلِكَ: عَفَّ عَنْ غِشْيَانِهَا بَعْدَ طُولِ مُلَازَمَتِهِ ذَلِكَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
[البحر الوافر]

وَيَحْرُمُ سِرُّ جَارَتِهِمْ عَلَيْهِمْ … وَيَأْكُلُ جَارُهُمْ أَنْفَ الْقِصَاعِ
وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِكُلِّ مَا أَخْفَاهُ الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ سِرٌّ، وَيُقَالُ: هُوَ فِي سِرِّ قَوْمِهِ، يَعْنِي فِي خِيَارِهِمْ وَشَرَفِهِمْ. فَلَمَّا كَانَ السِّرُّ إِنَّمَا يُوَجَّهُ فِي كَلَامِهَا إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَحَدَهُنَّ غَيْرُ مَعْنِيٍّ بِهِ قَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] وَهُوَ السِّرُّ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْخِيَارِ وَالشَّرَفِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ وَهُوَ السِّرُّ الَّذِي بِمَعْنَى مَا أَخْفَتْهُ نَفْسُ الْمُوَاعِدِينَ الْمُتَوَاعِدِينَ، وَالسِّرُّ الَّذِي بِمَعْنَى الْغِشْيَانِ، وَالْجِمَاعِ. فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ

٤ ‏/ ٢٧٩
غَيْرُهُمَا، وَكَانَتِ الدَّلَالَةُ وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مَعْنِيٍّ بِهِ صَحَّ أَنَّ الْآخَرَ هُوَ الْمَعْنِيُّ بِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مُوَاعَدَةَ الْقَوْلِ سِرًّا غَيْرُ مَعْنِيٍّ بِهِ عَلَى مَا قَالَ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَخْذُ الرَّجُلِ مِيثَاقَ الْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَنْكِحَ غَيْرَهُ، أَوْ عَلَى مَا قَالَ مَنْ قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لَهَا: لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ؟ قِيلَ: لِأَنَّ السِّرَّ إِذَا كَانَ بِالْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلَهُ قَائِلُو ذَلِكَ، فَلَنْ يَخْلُوَ ذَلِكَ السِّرُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُوَاعَدَةُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَمَسْأَلَتُهُ إِيَّاهَا أَنْ لَا تَنْكِحَ غَيْرَهُ، أَوْ يَكُونُ هُوَ النِّكَاحُ الَّذِي سَأَلَهَا أَنَّ تُجِيبَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَبَعْدَ عَقْدِهِ لَهُ دُونَ النَّاسِ غَيْرَهُ. فَإِنْ كَانَ السِّرُّ الَّذِي نَهَى اللَّهُ الرَّجُلَ أَنْ يُوَاعِدَ الْمُعْتَدَّاتِ هُوَ أَخْذُ الْعَهْدِ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَنْكِحْنَ غَيْرَهُ، فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ السِّرُّ مَعْنَاهُ مَا أُخْفِيَ مِنَ الْأُمُورِ فِي النُّفُوسِ، أَوْ نُطِقَ بِهِ فَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَصَارَتِ الْعَلَانِيَةُ مِنَ الْأَمْرِ سِرًّا، وَذَلِكَ خِلَافُ الْمَعْقُولِ فِي لُغَةِ مَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ هَذِهِ الْمَقَالَةَ: إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ الرِّجَالَ عَنْ مُوَاعَدَتِهِنَّ ذَلِكَ سِرًّا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ، لَا أَنَّ نَفْسَ الْكَلَامِ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أُعْلِنَ سِرٌّ. فَيُقَالُ لَهُ: إِنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ جَائِزَةً مُوَاعَدَتُهُنَّ النِّكَاحَ وَالْخِطْبَةَ صَرِيحًا عَلَانِيَةً، إِذْ كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنَ الْمُوَاعَدَةِ إِنَّمَا هُوَ مَا كَانَ مِنْهَا سِرًّا. فَإِنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ؛ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قِيلِ أَحَدٍ مِمَّنْ تَأَوَّلَ الْآيَةَ أَنَّ السِّرَّ هَا هُنَا بِمَعْنَى الْمُعَاهَدَةَ أَنْ لَا تَنْكِحَ غَيْرَ الْمُعَاهِدِ. وَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. قِيلَ لَهُ: فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ: إِسْرَارُ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ بِالْمُوَاعَدَةِ، لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مُوَاعَدَتُهَا مُجَاهَرَةً
٤ ‏/ ٢٨٠
وَعَلَانِيَةً، وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُحَرَّمًا سِرًّا وَعَلَانِيَةً مَا أَبَانَ أَنَّ مَعْنَى السِّرِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ غَيْرُ مَعْنَى إِسْرَارِ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ بِالْمُعَاهَدَةِ، أَنْ لَا تَنْكِحَ غَيْرَهُ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ أَوْ يَكُونُ إِذَا بَطَلَ هَذَا الْوَجْهُ، مَعْنَى ذَلِكَ: الْخِطْبَةُ، وَالنِّكَاحُ الَّذِي وَعَدَتِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ أَنْ لَا تَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَذَلِكَ إِذَا كَانَ، فَإِنَّمَا يَكُونُ بِوَلِيٍّ، وَشُهُودٍ عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، وَكَيْفَ يَحُوزُ أَنْ يُسَمَّى سِرًّا وَهُوَ عَلَانِيَةٌ لَا يَجُوزُ إِسْرَارُهُ؟ وَفِي بُطُولِ هَذِهِ الْأَوْجُهِ أَنْ تَكُونَ تَأْوِيلًا لِقَوْلِهِ ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] بِمَا عَلَيْهِ دَلَّلْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ وُضُوحَ صِحَّةِ تَأْوِيلِ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَعْنَى الْغِشْيَانِ، وَالْجِمَاعِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا، فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ لِلْمُعْتَدَّاتِ مِنْ وَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ حَاجَتُكُمْ إِلَيْهِنَّ، فَلَمْ تُصَرِّحُوا لَهُنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِنَّ إِذَا أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ، فَأَسْرَرْتُمْ حَاجَتَكُمْ إِلَيْهِنَّ وَخِطْبَتَكُنَّ إِيَّاهُنَّ فِي أَنْفُسِكُمْ مَا دُمْنَ فِي عِدَدِهِنَّ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَ خِطْبَتَهُنَّ وَهُنَّ فِي عِدَدِهِنَّ. فَأَبَاحَ لَكُمُ التَّعْرِيضَ بِذَلِكَ لَهُنَّ، وَأَسْقَطَ الْحَرَجَ عَمَّا أَضْمَرَتْهُ نُفُوسُكُمْ حِلْمًا مِنْهُ، وَلَكِنْ حَرَّمَ: عَلَيْكُمْ أَنْ تُوَاعِدُوهُنَّ جِمَاعًا فِي عَدَدِهِنَّ، بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُكُمْ لِإِحْدَاهُنَّ فِي عِدَّتِهَا. قَدْ تَزَوَّجْتُكِ فِي نَفْسِي، وَإِنَّمَا أَنْتَظِرُ إِنْقِضَاءَ عِدَّتِكِ، فَيَسْأَلُهَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ إِمْكَانَهُ مِنْ نَفْسِهَا الْجِمَاعَ، وَالْمُبَاضَعَةِ، فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ
٤ ‏/ ٢٨١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى. ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ قَالَا تَعَالَى ذِكْرُهُ. ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] فَاسْتَثْنَى الْقَوْلَ الْمَعْرُوفَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ، مِنْ مُوَاعَدَةِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ السِّرَّ، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ ⦗٢٨٢⦘ جِنْسِهِ؛ وَلَكِنَّهُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْتُ قَبْلُ أَنَّهُ يَأْتِيَ بِمَعْنًى خِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي الصِّفَةِ خَاصَّةً، وَتَكُونُ «إِلَّا» فِيهِ بِمَعْنَى «لَكِنْ» فَقَوْلُهُ: ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] مِنْهُ: وَمَعْنَاهُ: وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا. فَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا الْمَعْرُوفَ مِنَ الْقَوْلِ فِي عِدَّتِهَا، وَذَلِكَ هُوَ مَا أَذِنَ لَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥]
٤ ‏/ ٢٨١
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا، قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَقُولُ: إِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نَجْتَمِعَ»
٤ ‏/ ٢٨٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا، قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: هُوَ قَوْلُهُ: إِنْ رَأَيْتُ أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ»
٤ ‏/ ٢٨٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا، قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَعْنِي التَّعْرِيضَ»
٤ ‏/ ٢٨٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَعْنِي التَّعْرِيضَ»
٤ ‏/ ٢٨٢
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَلَا ⦗٢٨٣⦘ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] إِلَى ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَأَكْفَاءُ كِرَامٌ، وَإِنَّكُمْ لَرِعَةٌ، وَإِنَّكَ لَتُعْجِبِينِي، وَإِنْ يُقَدَّرُ شَيْءٌ يَكُنْ. فَهَذَا الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ»
٤ ‏/ ٢٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَا جَمِيعًا: قَالَ سُفْيَانُ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَقُولُ: إِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنِّي أَرْجُو إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَجْتَمِعَ»
٤ ‏/ ٢٨٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: يَقُولُ: إِنَّ لَكِ عِنْدِي كَذَا، وَلَكِ عِنْدِي كَذَا، وَأَنَا مُعْطِيكِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: هَذَا كُلُّهُ وَمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ، فَهَذَا كُلُّهُ نَسَخَهُ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥]»
٤ ‏/ ٢٨٣
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا، قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: الْمَرْأَةُ تُطَلَّقُ، أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَيَأْتِيَهَا الرَّجُلُ فَيَقُولُ: احْبِسِي عَلَيَّ نَفْسَكِ، فَإِنَّ لِي بِكِ رَغْبَةً، فَتَقُولُ: وَأَنَا مِثْلُ ذَلِكَ. فَتَتَوَّقُ نَفْسُهُ لَهَا، فَذَلِكَ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ»
٤ ‏/ ٢٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ ⦗٢٨٤⦘ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] وَلَا تُصَحِّحُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ فِي عِدَّةِ الْمَرْأَةِ الْمُعْتَدَّةِ، فَتُوجِبُوهَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ، وَتَعْقِدُوهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي: يَبْلُغْنَ أَجْلَ الْكِتَابِ الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] فَجَعَلَ بُلُوغَ الْأَجَلِ لِلْكِتَابِ وَالْمَعْنَى: لِلْمُتَنَاكِحَيْنِ أَنْ لَا يَنْكِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ فَيَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَيَبْلُغَ الْأَجَلَ الَّذِي أَجَّلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ لِانْقِضَائِهَا
٤ ‏/ ٢٨٣
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ»
٤ ‏/ ٢٨٤
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلَهُ: «﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: حَتَّى تَنْقَضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ»
٤ ‏/ ٢٨٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: «﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، مِثْلَهُ
٤ ‏/ ٢٨٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: تَنْقَضِي الْعِدَّةُ»
٤ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ»
٤ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلَهُ: «﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: لَا يَتَزَوَّجُهَا حَتَّى يَخْلُوَ أَجَلُهَا»
٤ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: مَخَافَةَ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ»
٤ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ»
٤ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ. حَدَّثَنَا زَيْدٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، قَوْلَهُ: «﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] قَالَ: حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ»
٤ ‏/ ٢٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ مِنْ هَوَاهُنَّ، وَنِكَاحِهِنَّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِكُمْ ﴿فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَقُولُ: فَاحْذَرُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْتُوا شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ عَزْمِ عُقْدَةِ نِكَاحِهِنَّ، أَوْ مُوَاعَدَتِهِنَّ السِّرَّ فِي عَدَدِهِنَّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ فِي شَأْنِهِنَّ فِي حَالِ مَا هُنَّ مُعْتَدَّاتٌ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ. ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ [البقرة: ٢٣٥] يَعْنِي أَنَّهُ ذُو سَتْرٍ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ وَتَغْطِيَةٍ عَلَيْهَا فِيمَا تُكِنُّهُ نُفُوسُ الرِّجَالِ مِنْ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّاتِ وَذِكْرِهِمْ إِيَّاهُنَّ فِي حَالِ عِدَدِهِنَّ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَطَايَاهُمْ. وَقَوْلُهُ ﴿حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٥] يَعْنِي أَنَّهُ ذُو أَنَاةٍ لَا يُعَجِّلُ عَلَى عِبَادِهِ بِعُقُوبَتِهِمْ عَلَى ذُنُوبِهِمْ
٤ ‏/ ٢٨٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٦] لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ، يَقُولُ: لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي طَلَاقِكُمْ نِسَاءَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، يَعْنِي بِذَلِكَ: مَا لَمْ تُجَامِعُوهُنَّ. وَالْمُمَاسَّةُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِ الْجِمَاعِ
٤ ‏/ ٢٨٦
كَمَا حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الْمَسُّ: الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي مَا يَشَاءُ ⦗٢٨٧⦘ بِمَا شَاءَ»
٤ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْمَسُّ: النِّكَاحُ «وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ» ﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦]» بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ تَمَسُّوهُنَّ، بِغَيْرِ أَلْفٍ مِنْ قَوْلِكَ: مَسِسْتُهُ أَمَسُّهُ مَسًّا وَمَسِيسًا وَمِسِّيسَى مَقْصُورٌ مُشَدَّدٌ غَيْرُ مَجْرَى. وَكَأَنَّهُمُ اخْتَارُوا قِرَاءَةَ ذَلِكَ إِلْحَاقًا مِنْهُمْ لَهُ بِالْقِرَاءَةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشْرٌ﴾ [آل عمران: ٤٧] وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ: (مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْأَلِفِ بَعْدَ الْمِيمِ إِلْحَاقًا مِنْهُمْ ذَلِكَ بِالْقِرَاءَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣] وَجَعَلُوا ذَلِكَ بِمَعْنَى فِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِصَاحِبِهِ مِنْ قَوْلِكَ: مَاسَسْتُ الشَّيْءَ مُمَاسَّةً وَمَسَاسًا. وَالَّذِي نَرَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى مُتَّفِقَتَا التَّأْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ فِي إِحْدَاهُمَا زِيَادَةُ مَعْنًى غَيْرُ مُوجِبَةٍ اخْتِلَافًا فِي الْحُكْمِ وَالْمَفْهُومِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْهَلُ ذُو فَهْمٍ إِذَا قِيلَ لَهُ: مَسِسْتُ زَوْجَتِي أَنَّ الْمَمْسُوسَةَ قَدْ لَاقَى مِنْ بَدَنِهَا بَدَنُ الْمَاسِّ مَا لَاقَاهُ مِثْلُهُ مِنْ بَدَنِ الْمَاسِّ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أُفْرِدَ الْخَبَرُ عَنْهُ
٤ ‏/ ٢٨٧
بِأَنَّهُ الَّذِي مَسَّ صَاحِبَهُ مَعْقُولٌ، كَذَلِكَ الْخَبَرُ نَفْسُهُ أَنَّ صَاحِبَهُ الْمُسَوَّسَ قَدْ مَاسَّهُ، فَلَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ لِإِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ مَعَ اتِّفَاقِ مَعَانِيهِمَا، وَكَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَنَّهَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْأُخْرَى، بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ بِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ مُصِيبُ الْحَقِّ فِي قِرَاءَتِهِ. وَإِنَّمَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] الْمُطَلَّقَاتُ قَبْلَ الِإِفْضَاءِ إِلَيْهِنَّ فِي نِكَاحٍ قَدْ سُمِّيَ لَهُنَّ فِيهِ الصَّدَاقُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْكُوحَةٍ فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى اثْنَتَيْنِ إِمَّا مُسَمًّى لَهَا الصَّدَاقُ، أَوْ غَيْرُ مُسَمًّى لَهَا ذَلِكَ، فَعَلِمْنَا بِالَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ الْمَعْنِيَّةَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] إِنَّمَا هِيَ الْمُسَمَّى لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنِيَّةَ بِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦] مَعْنًى مَعْقُولٌ، إِذْ كَانَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ قَائِلٍ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً فِي نِكَاحٍ لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ فِيهِ أَوْ مَا لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً. فَإِذْ كَانَ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ الْمَفْرُوضَ لَهُنَّ مِنْ نِسَائِكُمُ الصَّدَاقَ قَبْلَ أَنَّ تُمَاسُّوهُنَّ، وَغَيْرُ الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ قَبْلَ الْفَرْضِ
٤ ‏/ ٢٨٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] أَوْ تُوجِبُوا لَهُنَّ، وَبِقَوْلِهِ: ﴿فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦] صَدَاقًا وَاجِبًا
٤ ‏/ ٢٨٩
كَمَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦] قَالَ: الْفَرِيضَةُ: الصَّدَاقُ» وَأَصْلُ الْفَرْضِ: الْوَاجِبُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]

كَانَتْ فَرِيضَةَ مَا أَتَيْتَ كَمَا … كَانَ الزِّنَاءُ فَرِيضَةَ الرَّجْمِ
يَعْنِي كَمَا كَانَ الرَّجْمُ الْوَاجِبُ مِنْ حَدِّ الزِّنَا، لِذَلِكَ قِيلَ: فَرَضَ السُّلْطَانُ لِفُلَانٍ أَلْفَيْنِ، يَعْنِي بِذَلِكَ أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ وَرِزْقُهُ مِنَ الدِّيوَانِ

٤ ‏/ ٢٨٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وَأَعْطُوهُنَّ مَا يَتَمَتَّعْنَ بِهِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ عَلَى أَقْدَارِكُمْ وَمَنَازِلِكُمْ مِنَ الْغِنَى، وَالْإِقْتَارِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَبْلَغِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الرِّجَالَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعْلَاهُ الْخَادِمُ، وَدُونَ ذَلِكَ الْوَرِقُ، وَدُونَهُ الْكِسْوَةُ
٤ ‏/ ٢٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ ⦗٢٩٠⦘ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مُتْعَةُ الطَّلَاقِ أَعْلَاهُ الْخَادِمُ، وَدُونَ ذَلِكَ الْوَرِقُ، وَدُونَ ذَلِكَ الْكِسْوَةُ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ
٤ ‏/ ٢٨٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَوْلَهُ: «﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] قُلْتُ لَهُ: مَا أَوْسَطَ مُتْعَةَ الْمُطَلَّقَةِ؟ قَالَ: خِمَارُهَا، وَدِرْعُهَا، وَجِلْبَابُهَا، وَمِلْحَفَتُهَا»
٤ ‏/ ٢٩٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦] فَهَذَا الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ يُمَتِّعَهَا عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ، وَيُسْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَتَّعَهَا بِخَادِمٍ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا مَتَّعَهَا بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ»
٤ ‏/ ٢٩٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: مَا ⦗٢٩١⦘ وَسَطُ ذَلِكَ؟ قَالَ: كِسْوَتُهَا فِي بَيْتِهَا، وَدِرْعُهَا، وَخِمَارُهَا، وَمِلْحَفَتُهَا، وَجِلْبَابُهَا. قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَكَانَ شُرَيْحٌ يُمَتِّعُ بِخَمْسِمِائَةٍ»
٤ ‏/ ٢٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ: أَنَّ شُرَيْحًا، كَانَ يُمَتِّعُ بِخَمْسِمِائَةٍ «قُلْتُ لِعَامِرٍ:»مَا وَسَطُ ذَلِكَ؟ قَالَ: ثِيَابُهَا فِي بَيْتِهَا دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ، وَجِلْبَابٌ “
٤ ‏/ ٢٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «وَسَطٌ مِنَ الْمُتْعَةِ ثِيَابُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ، وَجِلْبَابٌ»
٤ ‏/ ٢٩١
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ شُرَيْحًا مَتَّعَ بِخَمْسِمِائَةٍ ” وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «وَسَطٌ مِنَ الْمُتْعَةِ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَجِلْبَابٌ، وَمِلْحَفَةٌ»
٤ ‏/ ٢٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦] قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا. قَالَ: أَدْنَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَجِلْبَابٌ، وَإِزَارٌ»
٤ ‏/ ٢٩١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] حَتَّى بَلَغَ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦] فَهَذَا فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا فَرِيضَةَ لَهَا. وَكَانَ يُقَالُ: إِذَا كَانَ وَاجِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ مِئْزَرٍ، وَجِلْبَابٍ، وَدِرْعٍ، وَخِمَارٍ»
٤ ‏/ ٢٩٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ، قَالَ: سُئِلَ عَامِرٌ: «بِكَمْ يُمَتِّعُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ؟ قَالَ: عَلَى قَدْرِ مَالِهِ»
٤ ‏/ ٢٩٢
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَارِيَةٍ سَوْدَاءَ حَمَّمَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ أُمَّ أَبِي سَلَمَةَ حِينَ طَلَّقَهَا قِيلَ لِشُعْبَةَ: مَا حَمَّمَهَا؟ قَالَ. مَتَّعَهَا» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أُمِّهِ بِنَحْوِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
٤ ‏/ ٢٩٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كَانَ يُمَتِّعُ بِالْخَادِمِ، أَوْ بِالنَّفَقَةِ، أَوِ الْكِسْوَةِ» قَالَ: «وَمَتَّعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ؛ أَحْسَبُهُ قَالَ: بِعَشَرَةِ آلَافٍ»
٤ ‏/ ٢٩٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، «طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَمَتَّعَهَا بِالْخَادِمِ»
٤ ‏/ ٢٩٣
حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: ثني عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «فِي مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ: أَعْلَاهُ الْخَادِمُ، وَأَدْنَاهُ الْكِسْوَةُ، وَالنَّفَقَةُ، وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦]» وَقَالَ آخَرُونَ: مَبْلَغُ ذَلِكَ إِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِ قَدْرُ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الْمَنْكُوحَةِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ مُسَمًّى فِي عَقْدِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ، وَيُسْرِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] لَا عَلَى قَدْرِ الْمَرْأَةِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لِلْمَرْأَةِ عَلَى قَدْرِ صَدَاقِ مِثْلِهَا إِلَى قَدْرِ نِصْفِهِ لَمْ يَكُنْ لِقِيلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] مَعْنًى مَفْهُومٌ، وَلَكَانَ الْكَلَامُ: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى قَدْرِهِنَّ وَقَدْرِ نِصْفِ صَدَاقِ أَمْثَالِهِنَّ. وَفِي إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَادَهُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الرَّجُلِ فِي عُسْرِهِ، وَيُسْرِهِ، لَا عَلَى قَدْرِهِ، وَقَدْرِ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا مَا يُبِينُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَكُونُ صَدَاقُ مِثْلِهَا الْمَالَ الْعَظِيمَ، وَالرَّجُلُ فِي حَالِ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا ⦗٢٩٤⦘ مُقْتِرٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا أُلْزِمَ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ بَعْضُ مِنْ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ؟ وَإِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ، كَانَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ قَدْ تَعَدَّى حُكْمَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهَ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ عُسْرِ الرَّجُلِ، وَيُسْرِهِ، لَا يُجَاوَزُ بِذَلِكَ خَادِمٌ أَوْ قِيمَتُهَا، إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِعًا، وَإِنْ كَانَ مُقْتِرًا فَأَطَاقَ أَدْنَى مَا يَكُونُ كِسْوَةً لَهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثُ أَثْوَابٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ فَعَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ إِلَيْهِ فِيهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ. ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] هَلْ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ، أَوْ عَلَى النَّدْبِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ يُقْضَى بِالْمُتْعَةِ فِي مَالِ الْمُطَلِّقِ، كَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَائِرِ الدُّيُونِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَقَالُوا: ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ كَائِنَةً مَنْ كَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ
٤ ‏/ ٢٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ، وَأَبُو الْعَالِيَةَ، يَقَوْلَانِ: «لِكُلِّ مُطْلَقَةٍ مَتَاعٌ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَضَ لَهَا»
٤ ‏/ ٢٩٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ ⦗٢٩٥⦘ يَقُولُ: «لِكُلِّ مُطْلَقَةٍ مَتَاعٌ، وَلِلَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا»
٤ ‏/ ٢٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] قَالَ: كُلُّ مُطْلَقَةٍ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ»
٤ ‏/ ٢٩٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ. «لِكُلِّ مُطْلَقَةٍ مَتَاعٌ»
٤ ‏/ ٢٩٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ. كَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ، يَقُولُ: «لِكُلِّ مُطْلَقَةٍ مُتْعَةٌ»
٤ ‏/ ٢٩٥
وَكَانَ الْحَسَنُ، يَقُولُ: «لِكُلِّ مُطْلَقَةٍ مُتْعَةٌ»
٤ ‏/ ٢٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ، «عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، هَلْ لَهَا مَتَاعٌ؟ قَالَ الْحَسَنُ: نَعَمْ وَاللَّهِ. فَقِيلَ لِلسَّائِلِ، وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: أَوَ مَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ» ⦗٢٩٦⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا وَاجِبَةٌ، وَلَكِنَّهَا وَاجِبَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سِوَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ. فَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ الْمَفْرُوضُ لَهَا الصَّدَاقُ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، فَإِنَّهَا لَا مُتْعَةَ لَهَا، وَإِنَّمَا لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ الْمُسمَّى
٤ ‏/ ٢٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: «لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلَّا الَّتِي طَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا مُتْعَةَ لَهَا» حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ
٤ ‏/ ٢٩٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، «فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَتَاعِ: قَدْ كَانَ لَهَا الْمَتَاعُ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي الْأَحْزَابِ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ، جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ مِنْ صَدَاقِهَا إِذَا سُمَّى، وَلَا مَتَاعَ لَهَا، وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ فَلَهَا الْمَتَاعُ» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ نَحْوَهُ
٤ ‏/ ٢٩٦
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: «إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا جُعِلَ لَهَا فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ الْمَتَاعُ، ثُمَّ أُنْزِلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ ⦗٢٩٧⦘ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا كَانَ قَبْلَهَا إِذَا كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَكَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، فَجَعَلَ لَهَا النِّصْفَ، وَلَا مَتَاعَ لَهَا»
٤ ‏/ ٢٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] الْآيَةَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ»
٤ ‏/ ٢٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلَّا الَّتِي فَارَقَهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا»
٤ ‏/ ٢٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ «فِي الَّتِي يُفَارِقُهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، قَالَ: لَيْسَ لَهَا مُتْعَةٌ»
٤ ‏/ ٢٩٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا مَتَاعَ لَهَا، وَإِذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا فَإِنَّمَا لَهَا الْمَتَاعُ»
٤ ‏/ ٢٩٧
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ أَبَى نَجِيحٍ وَأَنَا أَسْمَعُ، «عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، هَلْ لَهَا مَتَاعٌ؟ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: لَا مَتَاعَ لَهَا»
٤ ‏/ ٢٩٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «فِي الَّتِي فَرَضَ لَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، قَالَ: إِنْ طُلِّقَتْ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا مُتْعَةَ لَهَا»
٤ ‏/ ٢٩٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ شُرَيْحًا، كَانَ يَقُولُ: «فِي الرَّجُلِ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، قَالَ: لَهَا فِي النِّصْفِ مَتَاعٌ»
٤ ‏/ ٢٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: «لَهَا فِي النِّصْفِ مَتَاعٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُتْعَةُ حَقٌّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، غَيْرَ أَنَّ مِنْهَا مَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَمِنْهَا مَا لَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِعْطَاؤُهَا
٤ ‏/ ٢٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «مُتْعَتَانِ: إِحْدَاهُمَا يَقْضِي بِهَا السُّلْطَانُ، وَالْأُخْرَى حَقٌّ عَلَى الْمُتَّقِينَ: ⦗٢٩٩⦘ مَنْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ، وَيَدْخُلَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْمُتْعَةِ فَإِنَّهُ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ، وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ مَا يَدْخُلُ، أَوْ يَفْرِضُ فَالْمُتْعَةُ حَقٌّ»
٤ ‏/ ٢٩٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ اللَّهُ: «﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦] فَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهَا، وَقَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ يَفْرِضُ لَهَا السُّلْطَانُ بِقَدَرٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَمْسَسْهَا، فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا»
٤ ‏/ ٢٩٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «مُتْعَتَانِ يَقْضِي بِإِحْدَاهُمَا السُّلْطَانُ وَلَا يَقْضِي بِالْأُخْرَى، فَالْمُتْعَةُ الَّتِي يَقْضِي بِهَا السُّلْطَانُ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ، وَالْمُتْعَةُ الَّتِي لَا يَقْضِي بِهَا السُّلْطَانُ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَقْضِي الْحَاكِمُ وَلَا السُّلْطَانُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَدْبٌ، وَإِرْشَادٌ إِلَى أَنْ تُمَتَّعَ الْمُطَلَّقَةُ
٤ ‏/ ٢٩٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ: «أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] قَالَ: إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُتَّقِينَ فَعَلَيْكَ الْمُتْعَةُ وَلَمْ يَقْضِ لَهَا» قَالَ شُعْبَةُ: وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا عِنْدِي عَنْ أَبِي الضُّحَى “
٤ ‏/ ٣٠٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «كَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ:»فِي مَتَاعِ الْمُطَلَّقَةِ: لَا تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، لَا تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ “
٤ ‏/ ٣٠٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ: «لِلَّذِي قَدْ دَخَلَ بِهَا: إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُتَّقِينَ فَمَتِّعْ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلَ ذَهَبُوا فِي تَرْكِهِمْ إِيجَابَ الْمُتْعَةِ فَرْضًا لِلْمُطَلَّقَاتِ إِلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وَقَوْلُهُ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً وُجُوبَ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ الْأَمْوَالِ بِكُلِّ حَالٍ لَمْ يُخَصِّصِ الْمُتَّقُونَ وَالْمُحْسِنُونَ بِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، بَلْ كَانَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعْمُومًا بِهِ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. وَأَمَّا مُوجِبُوهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ سِوَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ، فَإِنَّهُمُ اعْتَلُّوا
٤ ‏/ ٣٠٠
بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمَّا قَالَ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعًا سِوَى مَنِ اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ﷺ، فَلَمَّا قَالَ: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] كَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّ حَقَّهَا النِّصْفُ مِمَّا فَرَضَ لَهَا، لِأَنَّ الْمُتْعَةَ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَهُمْ لِغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا، فَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ بِخُصُوصِ اللَّهِ بِالْمُتْعَةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا أَنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ حُكْمِ الَّتِي لَمْ يَفْرِضْ لَهَا إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ فِيمَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ مِنَ الْحُقُوقِ. وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْهُنَّ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ تَنْزِيلِ عَامٍّ إِلَى بَاطِنٍ خَاصٍّ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ خَصَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الْمَسِيسِ إِذَا كَانَ مَفْرُوضًا لَهَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] إِذْ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا غَيْرَ نِصْفِ الْفَرِيضَةِ؟ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِ شَيْءٍ فِي بَعْضِ تَنْزِيلِهِ، فَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِفَايَةُ عَنْ تَكْرِيرِهِ، حَتَّى يَدُلَّ عَلَى بُطُولِ فَرْضِهِ، وَقَدْ دَلَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٤١] عَلَى وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِكُلِّ
٤ ‏/ ٣٠١
مُطَلَّقَةٍ، فَلَا حَاجَةَ بِالْعِبَادِ الَى تَكْرِيرِ ذَلِكَ فِي كُلِّ آيَةٍ وَسُورَةٍ. وَلَيْسَ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الْمَسِيسِ الْمَفْرُوضَ لَهَا الصَّدَاقُ نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا دَلَالَةٌ عَلَى بُطُولِ الْمُتْعَةِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ فِي الْكَلَامِ لَوْ قِيلَ: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ وَالْمُتْعَةُ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَالًا فِي الْكَلَامِ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ نِصْفَ الْفَرِيضَةِ إِذَا وَجَبَ لَهَا لَمْ يَكُنْ فِي وُجُوبِهِ لَهَا نَفْي عَنْ حَقِّهَا مِنَ الْمُتْعَةِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ اجْتِمَاعُهُمَا لِلْمُطَلَّقَةِ مُحَالًا وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ أَحَدِهِمَا فِي آيَةٍ غَيْرِ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ الْأُخْرَى ثَبَتَ وَصَحَّ وُجُوبُهُمَا لَهَا. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْمَفْرُوضَ لَهَا الصَّدَاقُ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ دَلَالَةٌ غَيْرَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٤١] فَكَيْفَ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ الْمَفْرُوضَ لَهَا إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَهَا مِنَ الْمُتْعَةِ مِثْلُ الَّذِي لِغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا مِنْهَا؟ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمَّا قَالَ: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦] كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ بِهِ عَلَى حُكْمِ طَلَاقِ صِنْفَيْنِ مِنْ طَلَاقِ النِّسَاءِ: أَحَدُهُمَا الْمَفْرُوضُ لَهُ، وَالْآخَرُ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ لَهُ؛ وَأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ الْمَفْرُوضُ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] ثُمَّ قَالَ
٤ ‏/ ٣٠٢
تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] فَأَوْجَبَ الْمُتْعَةَ لِلصِّنْفَيْنِ مِنْهُنَّ جَمِيعًا: الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ، وَغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ لِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ، سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ، ثُمَّ عُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ. وَأَرَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لِلْمَرْأَةِ حَقٌّ وَاجِبٌ إِذَا طُلِّقَتْ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا آنِفًا يُؤْخَذُ بِهَا الزَّوْجُ كَمَا يُؤْخَذُ بِصَدَاقِهَا، لَا يُبْرِئُهُ مِنْهَا إِلَّا أَدَاؤُهُ إِلَيْهَا، أَوْ إِلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا فِي قَبْضِهَا مِنْهُ، أَوْ بِبَرَاءَةٍ تَكُونُ مِنْهَا لَهُ. وَأَرَى أَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ صَدَاقِهَا وَسَائِرِ دُيُونِهَا قَبْلَهُ يُحْبَسُ بِهَا إِنْ طَلَّقَهَا فِيهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ظَاهِرٌ يُبَاعُ عَلَيْهِ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ إِعْطَائِهَا ذَلِكَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] فَأَمَرَ الرِّجَالَ أَنْ يُمَتِّعُوهُنَّ، وَأَمْرُهُ فَرْضٌ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ عَنَى بِهِ النَّدْبَ وَالْإِرْشَادَ لَمَّا قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِلَطِيفِ الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ، لِقَوْلِهِ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٤١] وَلَا خِلَافَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَنْ يَبْرَأَ الزَّوْجُ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا وَصَفْنَا قَبْلُ مِنْ أَدَاءِ أَوْ إِبْرَاءٍ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا. فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاءٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذْ قَالَ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وَ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَكَانَتْ عَلَى الْمُحْسِنِ وَغَيْرِ الْمُحْسِنِ، وَالْمُتَّقِي وَغَيْرِ الْمُتَّقِي. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَمَرَ جَمِيعَ خَلْقِهِ بِأَنْ
٤ ‏/ ٣٠٣
يَكُونُوا مِنَ الْمُحْسِنِينَ، وَمَنِ الْمُتَّقِينَ، وَمَا وَجَبَ مِنْ حَقٍّ عَلَى أَهْلِ الْإِحْسَانِ وَالتُّقَى، فَهُوَ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْجَبُ، وَلَهُمْ أَلْزَمُ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ فِي إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ وَاجِبَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وُجُوبُ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيمَا أَوْجَبَ لَهَا. ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَاجِبٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٤١] وَإِنْ كَانَ قَالَ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] وَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، فَإِنْ أَنْكَرَ وُجُوبَهُ خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْحُجَّةِ، وَنُوظِرَ مُنَاظَرَتَنَا الْمُنْكِرِينَ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَاةً، وَالدَّافِعِينَ زَكَاةَ الْعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَإِنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ لَهَا، سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَ وُجُوبِ ذَلِكَ لَهَا، وَالْوُجُوبَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، وَقَدْ شَرَطَ فِيمَا جَعَلَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمُحْسِنِينَ، كَمَا شَرَطَ فِيمَا جَعَلَ لِلْآخَرِ بِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمُتَّقِينَ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. وَأَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرَ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا غَيْرَ الْمُتْعَةِ.
٤ ‏/ ٣٠٤
ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …