سُورَةُ النِّسَاءِ 9

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ، وَيَأْمَنُوا، قَوْمَهُمْ﴾ [النساء: ٩١] قَالَ نَاسٌ كَانُوا يَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ، فَيُسْلِمُونَ رِيَاءً، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قُرَيْشٍ فَيَرْتَكِسُونَ فِي الْأَوْثَانِ، يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ أَنْ يَأْمَنُوا هَهُنَا وَهَهُنَا، فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ إِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوا وَيُصْلِحُوا ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٠١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا﴾ يَقُولُ: «كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ فِتْنَةٍ أُرْكِسُوا فِيهَا. وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُوجَدُ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ، فَيُقَرَّبُ إِلَى الْعُودِ وَالْحَجَرِ وَإِلَى الْعَقْرَبِ وَالْخُنْفِسَاءِ، فَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ لِذَلِكَ الْمُتَكَلِّمِ بِالْإِسْلَامِ: قُلْ هَذَا رَبِّي، لِلْخُنْفِسَاءِ وَالْعَقْرَبِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا طَلَبُوا الْأَمَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيَأْمَنُوا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ وَعِنْدَ الْمُشْرِكِينَ
٧ ‏/ ٣٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ﴾ [النساء: ٩١] قَالَ: “حَيُّ كَانُوا بِتِهَامَةَ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا نُقَاتِلُكَ وَلَا نُقَاتِلُ قَوْمَنَا، وَأَرَادُوا أَنْ يَأْمَنُوا نَبِيَّ اللَّهِ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ. فَأَبَى اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: ﴿كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا﴾ يَقُولُ: «كُلَّمَا عَرَضَ لَهُمْ بَلَاءٌ هَلَكُوا فِيهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ
٧ ‏/ ٣٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَكَانَ يَأْمَنُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، يَنْقُلُ الْحَدِيثَ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ﴾ يَقُولُ: «إِلَى الشِّرْكِ» وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا﴾ فَإِنَّهُمْ كَمَا:
٧ ‏/ ٣٠٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا﴾ قَالَ: «كُلَّمَا ابْتُلُوا بِهَا عُمُّوا فِيهَا»
٧ ‏/ ٣٠٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «كُلَّمَا عَرَضَ لَهُمْ بَلَاءٌ هَلَكُوا فِيهِ» وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنْتُ قَبْلُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِتْنَةَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْاخْتِبَارُ، وَالْإِرْكَاسُ: الرُّجُوعُ فتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الاخْتِبَارِ لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ رَجَعُوا إِلَيْهِ
٧ ‏/ ٣٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٩١] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ، وَهِيَ كُلَّمَا دُعُوا إِلَى الشِّرْكِ أَجَابُوا إِلَيْهِ، وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ، وَلَمْ يَسْتَسْلِمُوا إِلَيْكُمْ فَيُعْطُوكُمُ الْمَقَادَ وَيُصَالِحُوكُمْ. كَمَا:
٧ ‏/ ٣٠٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ﴾ [النساء: ٩١] قَالَ: «الصُّلْحَ. ﴿وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ﴾ [النساء: ٩١] يَقُولُ:»وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ قِتَالِكُمْ ﴿فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ [النساء: ٩١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا
٧ ‏/ ٣٠٣
فَخُذُوهُمْ أَيْنَ أَصَبْتُمُوهُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَقِيتُمُوهُمْ فِيهَا فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ دِمَاءَهُمْ لَكُمْ حِينَئِذٍ حَلَالٌ ﴿وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٩١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ وَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، إِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ، جَعَلْنَا لَكُمْ حُجَّةً فِي قَتْلِهِمْ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ، بِمَقَامِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَتَرْكِهِمْ هِجْرَةَ دَارِ الشِّرْكِ ﴿مُبِينًا﴾ [النساء: ٢٠] يَعْنِي أَنَّهَا تُبِينُ عَنِ اسْتِحْقَاقِهِمْ ذَلِكَ مِنْكُمْ وِإَصَابَتِكُمُ الْحَقَّ فِي قَتْلِهِمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٩١]، وَالسُّلْطَانُ: هُوَ الْحُجَّةُ. كَمَا: “
٧ ‏/ ٣٠٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ سُلْطَانٍ فَهُوَ حُجَّةٌ»
٧ ‏/ ٣٠٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: قَوْلُهُ: ﴿سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٩١] أَمَّا السُّلْطَانُ الْمُبِينُ: فَهُوَ الْحُجَّةُ “
٧ ‏/ ٣٠٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ ⦗٣٠٥⦘ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ وَمَا أَذِنَ اللَّهُ لِمُؤْمِنٍ وَلَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا. يَقُولُ: مَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ فِيمَا جَعَلَ لَهُ رَبُّهُ وَأْذِنَ لَهُ فِيهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْبَتَّةَ. كَمَا:
٧ ‏/ ٣٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ يَقُولُ: «مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا أَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مِنْ عَهْدِ اللَّهِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا خَطَأً﴾ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِلَّا أَنَّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ خَطَأً، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا جَعَلَ لَهُ رَبُّهُ فَأَبَاحَهُ لَهُ. وَهَذَا مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي تُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ: الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ، كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ:
[البحر الطويل] مِنَ الْبِيضِ لَمْ تَظْعَنْ بَعِيدًا وَلَمْ تَطَأْ … عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا رَيْطَ بُرْدٍ مُرَحَّلِ
يَعْنِي: لَمْ تَطَأْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ تَطَأَ ذَيْلَ الْبُرْدِ، وَلَيْسَ ذَيْلَ الْبُرْدِ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَادَهُ بِحُكْمِ مَنْ قَتَلَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ خَطَأً، فَقَالَ: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ يَقُولُ: فَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
٧ ‏/ ٣٠٥
مِنْ مَالِهِ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ يُؤَدِّيهَا عَاقِلَتُهُ إِلَى أَهْلِهِ ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: إِلَّا أَنْ يَصَدَّقَ أَهْلُ الْقَتِيلِ خَطَأً عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ دِيَّةَ قَتِيلِهِمْ فَيَعْفُوا عَنْهُ وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ ذَنْبِهِ، فَيَسْقُطَ عَنْهُ. وَمَوْضِعُ أَنْ مِنْ قَوْلِهِ ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: ٩٢] نَصْبُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: فَعَلَيْهِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَصَدَّقُوا، وَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مُسْلِمًا بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِسْلَامِهِ
٧ ‏/ ٣٠٦
ذِكْرُ الْآثَارِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ قَالَ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: «قَتَلَ رَجُلًا مُؤْمِنًا كَانَ يُعَذِّبُهُ مَعَ أَبِي جَهْلٍ، وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَاتَّبَعَ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ كَمَا هُوَ وَكَانَ عَيَّاشٌ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مُؤْمِنًا، فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّكَ تُنَاشِدُكَ رَحِمَهَا وَحَقَّهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهَا. وَهِيَ أَسْمَاءُ ابْنَةُ مَخْرَمَةَ. فأَقْبَلَ مَعَهُ، فَرَبَطَهُ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ؛ فَلَمَّا رَآهُ الْكُفَّارُ زَادَهُمْ ذَلِكَ كُفْرًا وَافْتِتَانًا، وَقَالُوا: إِنَّ أَبَا جَهْلٍ لَيَقْدِرُ ⦗٣٠٧⦘ مِنْ مُحَمَّدٍ عَلَى مَا يَشَاءُ وَيَأْخُذُ أَصْحَابَهُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَاتَّبَعَ النَّبِيَّ ﷺ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَعَيَّاشٌ يَحْسِبُهُ أَنَّهُ كَافِرٌ كَمَا هُوَ، وَكَانَ عَيَّاشٌ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُؤْمِنًا، فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّكَ تَنْشُدُكَ بِرَحِمِهَا وَحَقِّهَا إِلَّا رَجَعْتَ إِلَيْهَا. وَقَالَ أَيْضًا: فَيَأْخُذُ أَصْحَابَهُ فَيَرْبِطُهُمْ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
٧ ‏/ ٣٠٦
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ نُبَيْشَةَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُعَذِّبُ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ مَعَ أَبِي جَهْلٍ. ثُمَّ خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ مُهَاجِرًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَلَقِيَهُ عَيَّاشٌ بِالْحَرَّةِ فَعَلَاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى سَكَتَ، وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ كَافِرٌ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، وَنَزَلَتْ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ الْآيَةُ، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ فَحَرِّرْ»
٧ ‏/ ٣٠٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ قَالَ: “نَزَلَتْ فِي عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، فَكَانَ أَخًا لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ لِأُمِّهِ. وَإِنَّهُ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ قَبْلَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَطَلَبَهُ أَبُو جَهْلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَمَعَهُمَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَأَتَوْهُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَيَّاشٌ أَحَبَّ إِخْوَتِهِ إِلَى أُمِّهِ، فَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا: إِنَّ أُمَّكَ قَدْ حَلَفَتْ أَنْ لَا يُظِلَّهَا بَيْتٌ حَتَّى تَرَاكَ وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ فِي الشَّمْسِ، فَأْتِهَا لِتَنْظُرَ إِلَيْكَ ثُمَّ ارْجِعْ. وأَعْطَوْهُ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَا يَحْجِزُونَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فأَعْطَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بَعِيرًا لَهُ نَجِيبًا، وَقَالَ: إِنْ خِفْتَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَاقْعُدْ عَلَى النَّجِيبِ. فَلَمَّا أَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذُوهُ فَأَوْثَقُوهُ، وَجَلَدَهُ الْعَامِرِيُّ، فَحَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ الْعَامِرِيَّ. فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا بِمَكَّةَ حَتَّى خَرَجَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَاسْتَقْبَلَهُ الْعَامِرِيُّ وَقَدْ أَسْلَمَ وَلَا يَعْلَمُ عَيَّاشٌ بِإِسْلَامِهِ، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ يَقُولُ: «وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ فَيَتْرُكُوا الدِّيَةَ»
٧ ‏/ ٣٠٨
وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي الدَّرْدَاءِ
٧ ‏/ ٣٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ الْآيَةُ. قَالَ: نَزَلَ هَذَا فِي رَجُلٍ قَتَلَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَانُوا فِي سَرِيَّةٍ، فَعَدَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى شِعْبٍ يُرِيدُ حَاجَةً لَهُ، فَوَجَدَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فِي غَنَمٍ لَهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: فَضَرَبَهُ ثُمَّ جَاءَ بِغَنَمِهِ إِلَى الْقَوْمِ. ثُمَّ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟» فَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَجِدُ. هَلْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا دَمٌ أَوْ مَاءٌ؟ قَالَ: «فَقَدْ أَخْبَرَكَ بِلِسَانِهِ فَلَمْ تُصَدِّقْهُ» قَالَ: كَيْفَ بِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «فَكَيْفَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ: فَكَيْفَ بِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «فَكَيْفَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُبْتَدَأَ إِسْلَامِي. قَالَ: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ حَتَّى بَلَغَ: ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: ٩٢]
٧ ‏/ ٣٠٩
قَالَ: «إِلَّا أَنْ يَضَعُوهَا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَرَّفَ عِبَادَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَا عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً مِنْ كَفَّارَةٍ وَدِيَةٍ. وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَقَتِيلِهِ، وَفِي أَبِي الدَّرْدَاءِ وَصَاحِبِهِ. وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَالَّذِي عَنَى اللَّهُ تَعَالَى بِالْآيَةِ تَعْرِيفُ عِبَادِهِ مَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ عَرَفَ ذَلِكَ مَنْ عَقَلَ عَنْهُ مِنْ عِبَادِهِ تَنْزِيلَهُ، وَغَيْرُ ضَائِرِهِمْ جَهْلُهُمْ بِمَنْ نَزَلَتْ فِيهِ وَأَمَّا الرَّقَبَةُ الْمُؤْمِنَةُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي صِفَتِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَكُونُ الرَّقَبَةُ مُؤْمِنَةً حَتَّى تَكُونَ قَدِ اخْتَارَتِ الْإِيمَانَ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَصَلَّتْ وَصَامَتْ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الطِّفْلُ هَذِهِ الصِّفَةَ
٧ ‏/ ٣١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «قَدْ صَلَّتْ وَعَرَفَتِ الْإِيمَانَ»
٧ ‏/ ٣١٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] يَعْنِي بِالْمُؤْمِنَةِ: مَنْ عَقَلَ الْإِيمَانَ وَصَامَ وَصَلَّى “
٧ ‏/ ٣١١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَلَا يَجْزِي إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى، وَمَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ رَقَبَةٍ لَيْسَتْ مُؤْمِنَةً، فَالصَّبِيِّ يُجْزِئُ»
٧ ‏/ ٣١١
حُدِّثْتُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] فَمَنْ صَامَ وَصَلَّى وَعَقَلَ، وَإِذَا قَالَ: «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ»: فَمَا شَاءَ»
٧ ‏/ ٣١١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] فَالَّذِي قَدْ صَلَّى، وَمَا لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً، فَتَحْرِيرُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ»
٧ ‏/ ٣١١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] وَالرَّقَبَةُ الْمُؤْمِنَةُ عِنْدَ قَتَادَةَ: مَنْ قَدْ صَلَّى. وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُعْتِقَ فِي هَذَا الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ “
٧ ‏/ ٣١١
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ ⦗٣١٢⦘ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «إِذَا عَقَلَ دِينَهُ»
٧ ‏/ ٣١١
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ فِي: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] لَا يُجْزِئُ فِيهَا صَبِيُّ “
٧ ‏/ ٣١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] يَعْنِي بِالْمُؤْمِنَةِ: مَنْ قَدْ عَقَلَ الْإِيمَانَ وَصَامَ وَصَلَّى، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنٍ، وَعَلَيْهِ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ، إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا بِهَا عَلَيْهِ ” وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا كَانَ مَوْلُودًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَإِنْ كَانَ طِفْلًا
٧ ‏/ ٣١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «كُلُّ رَقَبَةٍ وُلِدَتْ فِي الْإِسْلَامِ فَهِيَ تُجْزِئُ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا يُجْزِئُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ مِنَ الرِّقَابِ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ وَهُوَ يَعْقِلُ الْإِيمَانَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا كَانَ
٧ ‏/ ٣١٢
مِمَّنْ كَانَ أَبَوَاهُ عَلَى مِلَّةٍ مِنَ الْمِلَلِ سِوَى الْإِسْلَامِ وَوُلِدَ يَتِيمًا وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يُسْلِمَا وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى أُعْتِقَ فِي كَفَّارَةِ الْخَطَأِ. وَأَمَّا مَنْ وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الاخْتِيَارِ وَالتَّمْيِيزِ وَلَمْ يُدْرِكِ الْحُلُمَ فَمَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِي الْمُوَارَثَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِنْ جَنَى، وَيَجِبَ لَهُ إِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُنَاكَحَةِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِهِمْ إِجْمَاعًا، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ الْحُكْمِ فِيمَا يُجْزِئُ فِيهِ مِنْ كَفَّارَةِ الْخَطَأِ إِنْ أَعْتَقَ فِيهَا مِنْ حُكْمِ أَهْلِ الْإِيمَانِ مِثْلُ الَّذِي لَهُ مِنْ حُكْمِ الْإِيمَانِ فِي سَائِرِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَغَيْرَهَا. وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ عُكِسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِيهِ، ثُمَّ سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلٍ أَوْ قِيَاسٍ، فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أَلْزَمُ فِي غَيْرِهِ مِثْلَهُ. وَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُسَلَّمَةُ إِلَى أَهْلِ الْقَتِيلِ فَهِيَ الْمَدْفُوعَةُ إِلَيْهِمْ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُمْ مُوَفَّرَةً غَيْرَ مُنْتَقَصَةٍ حُقُوقَ أَهْلِهِمْ مِنْهَا. وذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «هِيَ الْمُوَفَّرَةُ»
٧ ‏/ ٣١٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «مُوَفَّرَةٌ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: ٩٢] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِالدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ مِنْ قَوْلِهِ: يَتَصَدَّقُوا فِي الصَّادِ فَصَارَتَا صَادًا. ⦗٣١٤⦘ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: «إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا»
٧ ‏/ ٣١٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ الشَّرُودِ: فِي حَرْفِ أُبَيٍّ: «إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا،»
٧ ‏/ ٣١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَتِيلُ الَّذِي قَتَلَهُ الْمُؤْمِنُ خَطَأً مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ، يَعْنِي: مِنْ عِدَادِ قَوْمٍ أَعْدَاءٍ لَكُمْ فِي الدِّينِ مُشْرِكِينَ، لَمْ يَأْمَنُوكُمُ الْحَرْبَ عَلَى خِلَافِكُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: “فَإِذَا قَتَلَ الْمُسْلِمُ خَطَأً رَجُلًا مِنْ عِدَادِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمَقْتُولُ مُؤْمِنٌ وَالْقَاتِلُ يَحْسِبُ أَنَّهُ عَلَى كِفْرِهِ، فَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ قَوْمٍ هُمْ عَدُوٌّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ؛ أَيْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَمْ يُهَاجِرْ، فَقَتَلَهُ مُؤْمِنٌ، فَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
٧ ‏/ ٣١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَيُقْتَلُ. قَالَ: لَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ، وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ»
٧ ‏/ ٣١٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «يَعْنِي: الْمَقْتُولُ يَكُونُ مُؤْمِنًا وَقَوْمُهُ كُفَّارٌ قَالَ: فَلَيْسَ لَهُ دِيَةٌ، وَلَكِنْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»
٧ ‏/ ٣١٥
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَقَوْمُهُ كُفَّارٌ، فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَلَكِنْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»
٧ ‏/ ٣١٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] فِي دَارِ الْكُفْرِ، ⦗٣١٦⦘ يَقُولُ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] وَلَيْسَ لَهُ دِيَةٌ “
٧ ‏/ ٣١٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] وَلَا دِيَةَ لِأَهْلِهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَهْدٌ وَلَا ذِمَّةٌ “
٧ ‏/ ٣١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُسْلِمُ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُقِيمُ فِيهِمْ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، فَيَمُرُّ بِهِمُ الْجَيْشُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيُقْتَلُ فِيمَنْ يُقْتَلُ، فَيُعْتِقُ قَاتِلُهُ رَقَبَةً وَلَا دِيَةَ لَهُ “
٧ ‏/ ٣١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «هَذَا إِذَا كَانَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ: أَيْ لَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ يُقْتَلُ خَطَأً، فَإِنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»
٧ ‏/ ٣١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] فَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِ الْحَرْبِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَتَلَهُ خَطَأً، فَعَلَى قَاتِلِهِ أَنْ يُكَفِّرَ بتَحْرِيرِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ “
٧ ‏/ ٣١٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢] الْقَتِيلُ مُسْلِمٌ وَقَوْمُهُ كُفَّارٌ ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] وَلَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الدِّيَةَ فَيَتَقَوَوْنَ بِهَا عَلَيْكُمْ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِهِ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يَقْدِمُ دَارَ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِذَا مَرَّ بِهِمُ الْجَيْشُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ هَرَبَ قَوْمُهُ، وَأَقَامَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ فِيهَا، فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ كَافِرًا
٧ ‏/ ٣١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] فَهُوَ الْمُؤْمِنُ يَكُونُ فِي الْعَدُوِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَسْمَعُونَ بِالسَّرِيَّةِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَيَفِرُّونَ وَيَثْبُتُ الْمُؤْمِنُ فَيُقْتَلُ، فَفِيهِ تَحْرِيرُ ⦗٣١٨⦘ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ “
٧ ‏/ ٣١٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ الَّذِي قَتَلَهُ الْمُؤْمِنُ خَطَأً مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ: أَيْ عَهْدٌ وَذِمَّةٌ، وَلَيْسُوا أَهْلَ حَرْبٍ لَكُمْ، ﴿فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: “فَعَلَى قَاتِلِهِ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ يَتَحَمَّلُهَا عَاقِلَتُهُ، وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كَفَّارَةً لِقَتْلِهِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَهُوَ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ كَافِرٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَزِمَتْ قَاتِلَهُ دِيَتَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وَلِقَوْمِهِ عَهْدًا، فَوَاجِبٌ أَدَاءُ دِيَتِهِ إِلَى قَوْمِهِ لِلْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ
٧ ‏/ ٣١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: «إِذَا كَانَ كَافِرًا فِي ذِمَّتِكُمْ فَقُتِلَ، فَعَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةُ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ، وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ⦗٣١٩⦘ مُؤْمِنَةٍ، أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»
٧ ‏/ ٣١٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: دِيَةُ الذِّمِّيِّ دِيَةُ الْمُسْلِمِ. قَالَ: وَكَانَ يَتَأَوَّلُ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فِدْيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢]
٧ ‏/ ٣١٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ»
٧ ‏/ ٣١٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ “
٧ ‏/ ٣١٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] بِقَتْلِهِ: أَيْ بِالَّذِي أَصَابَ مِنْ أَهْلِ ذِمَّتِهِ وَعَهْدِهِ ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٢] الْآيَةُ “
٧ ‏/ ٣١٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: «فَأَدُّوا إِلَيْهِمُ الدِّيَةَ بِالْمِيثَاقِ. قَالَ: وَأَهْلُ الذِّمَّةِ يَدْخُلُونَ فِي هَذَا، وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ، فَعَلَى قَاتِلِهِ دِيَةٌ يُؤَدِّيهَا إِلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ
٧ ‏/ ٣٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مُشْرِكُونَ لَهُمْ عَقْدٌ، فَتَكُونُ دِيَتُهُ لِقَوْمِهِ وَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَعْقِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ وَلَهُمْ دِيَتُهُ»
٧ ‏/ ٣٢٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «وَهُوَ مُؤْمِنٌ»
٧ ‏/ ٣٢٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢]
٧ ‏/ ٣٢٠
قَالَ: «هُوَ كَافِرٌ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِذَلِكَ الْمَقْتُولَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ، لِأَنَّ اللَّهَ أَبْهَمْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٩٢] وَلَمْ يَقُلْ: وَهُوَ مُؤْمِنٌ كَمَا قَالَ فِي الْقَتِيلِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ؛ أَوْ عَنَى الْمُؤْمِنَ مِنْهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ. فَكَانَ فِي تَرْكِهِ وَصْفُهُ بِالْإِيمَانِ الَّذِي وَصَفَ بِهِ الْقَتِيلَيْنِ الْمَاضِي ذِكْرُهُمَا قَبْلُ، الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ تبارك وتعالى: ﴿فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ، لِأَنَّ الدِّيَةَ عِنْدَهُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، فَقَدْ ظَنَّ خَطَأً؛ وَذَلِكَ أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ، لِإِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّ دِيَاتِ عَبِيدِهِمُ الْكُفَّارِ وَعُبَيْدِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ سَوَاءٌ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ دِيَاتِ أَحْرَارِهِمْ سَوَاءٌ، مَعَ أَنَّ دِيَاتِهِمْ لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا قَالَ مَنْ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ، فَجَعَلَهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ، لِأَنَّ دِيَةَ الْمُؤْمِنَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، إِلَّا مَنْ لَا يَعُدُّ خِلَافًا أَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُؤْمِنِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُخْرِجِهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ دِيَةً، فَكَذَلِكَ حُكْمُ دِيَاتِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَوْ كَانَتْ مُقَصِّرَةً عَنْ دِيَاتِ أَهْلِ الْإِيمَانِ لَمْ يُخْرِجْهَا ذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ دِيَاتٍ، فَكَيْفَ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهِ وَدِيَاتُهُمْ وَدِيَاتُ الْمُؤْمِنِينَ سَوَاءٌ؟ . وَأَمَّا الْمِيثَاقُ: فَإِنَّهُ الْعَهْدُ وَالذِّمَّةُ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ
٧ ‏/ ٣٢١
ذَلِكَ كَذَلِكَ وَالْأَصْلُ الَّذِي مِنْهُ أُخِذَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
٧ ‏/ ٣٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: «عَهْدٌ»
٧ ‏/ ٣٢٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «هُوَ الْمُعَاهَدَةُ»
٧ ‏/ ٣٢٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] عَهْدٌ ” حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا صِفَةُ الْخَطَأِ الَّذِي إِذَا قَتَلَ الْمُؤْمِنُ الْمُؤْمِنَ أَوِ الْمُعَاهِدَ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ وَالْكَفَّارَةُ؟ قِيلَ: هُوَ مَا قَالَ النَّخَعِيُّ فِي ذَلِكَ. وَذَلِكَ مَا:
٧ ‏/ ٣٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ⦗٣٢٣⦘ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «الْخَطَأُ أَنْ يُرِيدَ الشَّيْءَ، فَيُصِيبَ غَيْرَهُ»
٧ ‏/ ٣٢٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «الْخَطَأُ أَنْ يَرْمِيَ الشَّيْءَ، فَيُصِيبَ إِنْسَانًا وَهُوَ لَا يُرِيدُهُ، فَهُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ» فَإِنْ قَالَ: فَمَا الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ: أَمَّا فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ فَمِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ عَلَى عَاقِلَةِ قَاتِلِهِ، لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَبْلَغِ أَسْنَانِهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ أَرْبَاعٌ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا حِقَّةٌ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتُ لَبُونٍ
٧ ‏/ ٣٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ ⦗٣٢٤⦘ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه: «فِي الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ ثَنِيَّةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا؛ وَفِي الْخَطَأِ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتُ لَبُونٍ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ فِرَاسٍ وَالشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بِمِثْلِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنِي وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: فِي قَتْلِ الْخَطَأِ الدِّيَةُ مِائَةٌ أَرْبَاعًا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ أَخْمَاسٌ: عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ
٧ ‏/ ٣٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي ⦗٣٢٥⦘ مِجْلَزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «فِي الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ»
٧ ‏/ ٣٢٤
حَدَّثَنِي وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «فِي قَتْلِ الْخَطَأِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا: خَمْسُ جِذَاعٍ، وَخَمْسُ حِقَاقٍ، وَخَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَخَمْسُ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَخَمْسُ بَنُو مَخَاضٍ»
٧ ‏/ ٣٢٥
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «الدِّيَةُ أَخْمَاسٌ دِيَةُ الْخَطَأِ: خَمْسٌ بَنَاتٌ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ حِقَاقٌ، وَخَمْسٌ جِذَاعٌ، وَخَمْسٌ بَنُو مَخَاضٍ»
٧ ‏/ ٣٢٥
وَاعْتَلَّ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِحَدِيثِ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ الْخَشَفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى فِي الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسًا. قَالَ أَبُو هِشَامٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ: عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ ⦗٣٢٦⦘ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ أَرْبَاعٌ، غَيْرَ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورٌ
٧ ‏/ ٣٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَا: «فِي الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَرْبَعُونَ جَذَعَةً خَلِفَةً، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ بَنَاتُ مَخَاضٍ؛ وَفِي الْخَطَأِ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ⦗٣٢٧⦘ ذُكُورٌ»
٧ ‏/ ٣٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، «فِي دِيَةِ الْخَطَأِ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورٌ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عَثْمَةَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيعَ مُجْمِعُونَ أَنَّ فِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَبَالِغِ أَسْنَانِهَا، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ بِهَا فِي الَّذِي وَجَبَتْ لَهُ الْأَسْنَانُ عَنْ أَقَلِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَسْنَانِهَا الَّتِي حَدَّهَا الَّذِينَ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِيهَا، وَأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ بِهَا الَّذِي وَجَبَتْ عَنْ أَعْلَاهَا. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِهِمْ إِجْمَاعًا، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ مُجْزِيًا مَنْ لَزِمَتْهُ دِيَةُ قَتْلٍ خَطَأٍ: أَيْ هَذِهِ الْأَسْنَانُ الَّتِي اخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِيهَا أَدَّاهَا إِلَى مَنْ وَجَبَتْ لَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَحُدَّ ذَلِكَ بِحَدٍّ لَا يُجَاوِزُ بِهِ وَلَا يَقْصُرُ عَنْهُ وَلَا ⦗٣٢٨⦘ رَسُولُهُ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ مُجَاوَزَةُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِتَقْصِيرٍ وَلَا زِيَادَةٍ، وَلَهُ التَّخْيِيرُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِمَا رَأَى الصَّلَاحَ فِيهِ لِلْفَرِيقَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ فَإِنَّ لِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ عَلَيْهِمْ عِنْدَنَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ تَقْوِيمٌ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه لِإِبِلٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ فِي عَصْرِهِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَوَّمَ فِي كُلِّ زَمَانٍ قِيمَتُهَا إِذَا عَدِمَ الْإِبِلَ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ. وَاعْتَلُّوا بِمَا:
٧ ‏/ ٣٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: “كَانَتِ الدِّيَةُ تَرْتَفِعُ وَتَنْخَفِضُ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ، فَخَشِيَ عُمَرُ مِنْ بَعْدِهِ، فَجَعَلَهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ ذَهَبًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالُوا: ذَلِكَ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، كَمَا فَرَضَ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ. قَالُوا: وَفِي إِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَزَمَانٍ إِلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ، عَلَى أَنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا تَنْقُصُ عَنْهَا، أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وُجُوبَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةً ⦗٣٢٩⦘ لِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ لَاخْتَلَفَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِتَغَيُّرِ أَسْعَارِ الْإِبِلِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مِنَ الْوَرِقِ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عِنْدَنَا، فَاثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْعِلَلَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا «كِتَابٌ لَطِيفُ الْقَوْلِ فِي أَحْكَامِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ مِنَ الْوَرِقِ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا دِيَةُ الْمُعَاهِدِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِ مِيثَاقٌ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دِيَتُهُ وَدِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ
٧ ‏/ ٣٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا كَانَا يَجْعَلَانِ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا كَانَا مُعَاهَدَيْنِ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ “
٧ ‏/ ٣٢٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ يَجْعَلُ دِيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا كَانُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِينَ “
٧ ‏/ ٣٢٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: سَأَلَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ دِيَةِ، أَهْلِ الْكِتَابِ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «إِنَّ دِيَتَهُمْ وَدِيَتَنَا سَوَاءٌ»
٧ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَدَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: «دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ»
٧ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ يُقَالَ: «دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ إِذَا كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ»
٧ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: «دِيَةُ الْمُعَاهِدِ دِيَةُ الْمُسْلِمِ»
٧ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ: «دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالْمُعَاهَدِ سَوَاءٌ»
٧ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: «دِيَةُ الذِّمِّيِّ دِيَةُ الْمُسْلِمِ»
٧ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «دِيَةُ ⦗٣٣١⦘ الذِّمِّيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٣٠
ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَامِرٍ، وَبَلَغَهُ، أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ يَقُولُ: «دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ وَدِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، فَقَالَ: دِيَتُهُمْ وَاحِدَةٌ»
٧ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «دِيَةُ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْلِمِ فِي كَفَّارَتِهِمَا سَوَاءٌ»
٧ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «دِيَةُ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ دِيَتُهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
٧ ‏/ ٣٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ⦗٣٣٢⦘ شُعَيْبٍ، فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ قَالَ: جَعَلَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه نِصْفَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ. فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: إِنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ قَالَ: لَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلُ، وَقَالَ: إِنَّمَا جَعَلَ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ “
٧ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: «دِيَةُ الْمُعَاهَدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ دِيَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
٧ ‏/ ٣٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ قَاضِيًا لِأَهْلِ مَرْوَ، قَالَ: «جَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ»
٧ ‏/ ٣٣٢
حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «دِيَةُ النَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَالْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ»
٧ ‏/ ٣٣٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ: دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ ” حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ رَمَى يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَغْرَمَهُ دِيَتَهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ ” وَبِهِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، أَرْبَعَةُ آلَافٍ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ. ⦗٣٣٤⦘ قَالَ ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَرَ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٣٣
قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: «دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَالْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ» حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٣٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] الصِّيَامُ لِمَنْ لَا يَجِدُ رَقَبَةً، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَوَاجِبَةٌ لَا يُبْطِلُهَا شَيْءٌ “
٧ ‏/ ٣٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٩٢] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً يُحَرِّرُهَا كَفَّارَةً لِخَطَئِهِ فِي قَتْلِهِ مَنْ قَتَلَ مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ مُعَاهَدٍ لِعُسْرَتِهِ بِثَمَنِهَا ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] يَقُولُ: “فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا
٧ ‏/ ٣٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] قَالَ: «مَنْ لَمْ يَجِدْ عِتْقًا، أَوْ عَتَاقَةً، شَكَّ أَبُو عِصَامٍ، فِي قَتْلِ مُؤْمِنٍ خَطَأً قَالَ: وَأُنْزِلَتْ فِي عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً» وَقَالَ آخَرُونَ: صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ عَنِ الدِّيَةِ وَالرَّقَبَةِ. قَالُوا: وَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً وَلَا دِيَةَ يُسَلَّمُهَا إِلَى أَهْلِهَا فَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ
٧ ‏/ ٣٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ الَّتِي، فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] صِيَامُ الشَّهْرَيْنِ عَنِ الرَّقَبَةِ وَحْدَهَا، أَوْ عَنِ الدِّيَةِ وَالرَّقَبةِ؟ فَقَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ فَهُوَ عَنِ الدِّيَةِ وَالرَّقَبَةِ «حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ بِنَحْوِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ عَنِ الرَّقَبَةِ دُونَ الدِّيَةِ، لِأَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ بِإِجْمَاعِ الْحِجَّةِ عَلَى ذَلِكَ، نَقْلًا عَنْ نَبِيِّنَا ﷺ، فَلَا يَقْضِي صَوْمُ صَائِمٍ عَمَّا لَزِمَ غَيْرَهُ فِي مَالِهِ. ⦗٣٣٦⦘ وَالْمُتَابَعَةُ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ، وَلَا يَقْطَعُهُ بِإِفْطَارِ بَعْضِ أَيَّامِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ حَائِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِهِ. ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٩٢] يَعْنِي:»تَجَاوُزًا مِنَ اللَّهِ لَكُمْ إِلَى التَّيْسِيرِ عَلَيْهِ بِتَخْفِيفِهِ عَنْكُمْ مَا خَفَّفَ عَنْكُمْ مِنْ فَرْضِ تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ إِذَا أُعْسِرْتُمْ بِهَا بِإِيجَابِهِ عَلَيْكُمْ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٧] يَقُولُ: “وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَلِيمًا بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ فِيمَا يُكَلِّفُهُمْ مِنْ فَرَائِضِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَكِيمًا بِمَا يَقْضِي فِيهِمْ وَيُرِيدُ
٧ ‏/ ٣٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا عَامِدًا قَتْلَهُ، مُرِيدًا إِتْلَافَ نَفْسِهِ، ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] يَقُولُ: «فَثَوَابُهُ مِنْ قَتْلِهِ إِيَّاهُ جَهَنَّمَ، يَعْنِي: عَذَابَ جَهَنَّمَ ﴿خَالِدًا فِيهَا﴾ [النساء: ١٤] يَعْنِي:»بَاقِيًا فِيهَا. وَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِيهَا﴾ [البقرة: ٢٥] مِنْ ذِكْرِ جَهَنَّمَ. ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ [النساء: ٩٣] يَقُولُ: «وَغَضِبَ اللَّهُ بِقَتْلِهِ إِيَّاهُ مُتَعَمِّدًا ﴿وَلَعَنَهُ﴾ [النساء: ٩٣] يَقُولُ:»وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَأَخْزَاهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا، وَذَلِكَ مَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَبْلَغِهِ سِوَاهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ الْقَتْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ أَنْ يُسَمَّى مُتَعَمِّدًا بَعْدَ إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ضَرَبَ رَجُلٌ رَجُلًا بِحَدِّ حَدِيدٍ يُجْرَحُ بِحَدِّهِ، أَوْ
٧ ‏/ ٣٣٦
يَبْضَعُ وَيَقْطَعُ، فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ ضَرْبًا بِهِ، حَتَّى أَتْلَفَ نَفْسَهُ، وَهُوَ فِي حَالِ ضَرْبِهِ إِيَّاهُ بِهِ قَاصِدٌ ضَرْبَهُ أَنَّهُ عَامِدٌ قَتْلَهُ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا عَمْدَ إِلَّا مَا كَانَ كَذَلِكَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا
٧ ‏/ ٣٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: “الْعَمْدُ: السِّلَاحُ، أَوْ قَالَ: الْحَدِيدُ قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: هُوَ السِّلَاحُ
٧ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «الْعَمْدُ مَا كَانَ بِحَدِيدَةٍ، وَمَا كَانَ بِدُونِ حَدِيدَةٍ فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ، لَا قَوَدَ فِيهِ»
٧ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «الْعَمْدُ مَا كَانَ بِحَدِيدَةٍ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ: مَا كَانَ بِخَشَبَةٍ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي النَّفْسِ»
٧ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، ⦗٣٣٨⦘ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ فِي عَصَبِيَّةٍ فِي رَمْي يَكُونُ مِنْهُمْ بِحِجَارَةٍ أَوْ جَلْدٍ بِالسِّيَاطِ أَوْ ضَرْبٍ بِالْعِصِيِّ فَهُوَ خَطَأٌ دِيَتُهُ دِيَةُ الْخَطَأِ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ يَدِيَهُ»
٧ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، وَمُغِيرَةُ، عَنِ الْحَارِثِ، وَأَصْحَابِهِ فِي: «الرَّجُلِ يَضْرِبُ الرَّجُلَ فَيَكُونُ مَرِيضًا حَتَّى يَمُوتَ قَالَ: أَسْأَلُ الشُّهُودَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا مِنْ ضَرِبَتِهِ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ كَانَ بِسِلَاحٍ فَهُوَ قَوَدٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ» وَقَالَ آخَرُونَ: كُلُّ مَا عَمَدَ الضَّارِبُ إِتْلَافَ نَفْسِ الْمَضْرُوبِ فَهُوَ عَمْدٌ، إِذَا كَانَ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْتُلُ
٧ ‏/ ٣٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ حَبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «وَأَيُّ عَمْدٍ هُوَ أَعْمَدُ مِنْ أَنْ يَضْرِبَ رَجُلًا بِعَصًا ثُمَّ لَا يُقْلِعُ عَنْهُ حَتَّى يَمُوتَ»
٧ ‏/ ٣٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «إِذَا خَنَقَهُ بِحَبْلٍ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ ضَرَبَهُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ الْقَوَدُ»
٧ ‏/ ٣٣٩
وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ كُلَّ مَا عَدَا الْحَدِيدِ خَطَأٌ مَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَازِبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إِلَّا السَّيْفَ، وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ» وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ: حُكْمُ كُلِّ مَا قُتِلَ الْمَضْرُوبُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ حُكْمُ السَّيْفِ مِنْ أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِهِ قَتِيلُ عَمْدٍ مَا:
٧ ‏/ ٣٣٩
حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنْ يَهُودِيًّا، قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَتَلَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» قَالُوا: فَأَقَادَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ قَاتِلٍ بِحَجَرٍ وَذَلِكَ غَيْرُ حَدِيدٍ. قَالُوا: وَكَذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِشَيْءٍ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ مِثْلَ الْمَقْتُولِ بِهِ، نَظِيرُ حُكْمِ الْيَهُودِيِّ الْقَاتِلِ الْجَارِيَةَ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ⦗٣٤٠⦘ ضَرَبَ إِنْسَانًا بِشَيْءٍ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ يُتْلِفُهُ، فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى أَتْلَفَ نَفْسَهُ بِهِ أَنَّهُ قَاتِلُ عَمْدٍ مَا كَانَ الْمَضْرُوبُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ؛ لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٣] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ إِنْ جَازَاهُ
٧ ‏/ ٣٣٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «هُوَ جَزَاؤُهُ، وَإِنْ شَاءَ تَجَاوَزَ عَنْهُ»
٧ ‏/ ٣٤٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ إِنْ جَازَاهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: عَنِّي بِذَلِكَ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ كَانَ أَسْلَمَ، فَارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامِهِ وَقَتَلَ رَجُلًا مُؤْمِنًا؛ قَالُوا: فَمَعْنَى الْآيَةِ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مُسْتَحِلًّا قَتْلُهُ، فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ⦗٣٤١⦘ خَالِدًا فِيهَا
٧ ‏/ ٣٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْأَنْصَارِ قَتَلَ أَخَا مِقْيَسِ بْنِ ضَبَابَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ ﷺ الدِّيَةَ فَقَبِلَهَا، ثُمَّ وَثَبَ عَلَى قَاتِلِ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ دِيَتَهُ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ مِقْيَسًا وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَاحْتَمَلَ مِقْيَسٌ الْفِهْرِيَّ وَكَانَ أَيِّدًا، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، وَرَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنٍ، ثُمَّ أُلْفِيَ يَتَغَنَّى:
[البحر الطويل]

قَتَلْتُ بِهِ فِهْرًا وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ سَرَاةَ … بَنِي النَّجَّارِ أَرْبَابَ فَارِعِ
فَقَالَ النَّبِيُّ: «أَظُنُّهُ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ فَعَلَ لَا أُؤَمِّنُهُ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ، وَلَا سِلْمٍ وَلَا حَرْبٍ» فَقُتِلَ يَوْمَ الْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] الْآيَةُ ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِلَّا مَنْ تَابَ

٧ ‏/ ٣٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ، وَلَا تَوْبَةَ لَهُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ، فَقَالَ: إِلَّا مَنْ نَدِمَ» وَقَالَ آخَرُونَ: ذَلِكَ إِيجَابٌ مِنَ اللَّهِ الْوَعِيدِ لِقَاتِلِ الْمُؤْمِنِ مُتَعَمِّدًا كَائِنًا مَنْ كَانَ الْقَاتِلُ، عَلَى مَا وَصَفَهُ فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ تَوْبَةً مِنْ فِعْلِهِ. قَالُوا: فَكُلُّ قَاتِلِ مُؤْمِنٍ عَمْدًا فَلَهُ مَا أَوْعَدَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ وَالْخُلُودِ فِي النَّارِ، وَلَا تَوْبَةَ لَهُ. وَقَالُوا: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَعْدَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ
٧ ‏/ ٣٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَنَادَاهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، مَا تَرَى فِي رَجُلٍ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؟ فَقَالَ: جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ، وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ وَالْهُدَى، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ ﷺ يَقُولُ: “ثَكِلَتْهُ ⦗٣٤٣⦘ أُمُّهُ، رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فِي قُبُلِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، يَلْزَمُ قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَقُولُ: سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي «. وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بِيَدِهِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَمَا نَسَخَتْهَا مِنْ آيَةٍ حَتَّى قُبِضَ نَبِيُّكُمْ ﷺ، وَمَا نَزَلَ بَعْدَهَا مِنْ بُرْهَانٍ»
٧ ‏/ ٣٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ ⦗٣٤٤⦘ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣] فَقِيلَ لَهُ: وَإِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا؟ فَقَالَ: وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟ “
٧ ‏/ ٣٤٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ: ثنا هَمَّامُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا أَيْنَ مَنْزِلُهُ؟ قَالَ: جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ هُوَ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ: وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعْتُهُ يَقُولُ، يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ: “يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُعَلَّقًا رَأْسُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، إِمَّا بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ، آخِذًا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ حِيَالَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ عَبْدَكَ هَذَا عَلَامَ قَتَلَنِي؟ «فَمَا جَاءَ نَبِيُّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، وَلَا نَزَلَ كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِكُمْ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَى نَبِيِّكُمْ ثُمَّ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِقَاتِلِ ⦗٣٤٥⦘ الْمُؤْمِنِ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا رَأْسَهُ بِيَدِهِ» ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٣٤٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] فَقَالَ: لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ. وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ – أَوْ حُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ – أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى، أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الَّتِي، فِي النِّسَاءِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَالَّتِي فِي الْفُرْقَانِ: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] إِلَى: ﴿وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان: ٦٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الْإِسْلَامِ وَعَلِمَ شَرَائِعَهُ وَأَمَرَهُ ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَلَا تَوْبَةَ لَهُ. وَأَمَّا ⦗٣٤٦⦘ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ، فَإِنَّهَا لَمَّا أُنْزِلَتْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَآتَيْنَا الْفَوَاحِشَ، فَمَا يَنْفَعُنَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [مريم: ٦٠] الْآيَةُ “
٧ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ»
٧ ‏/ ٣٤٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «هِيَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَتْ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ»
٧ ‏/ ٣٤٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ، فَدَخَلْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «لَقَدْ نَزَلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَا نَسخَهَا شَيْءٌ»
٧ ‏/ ٣٤٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا آدَمُ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو إِيَاسَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾ [الفرقان: ٧٠] بِسَنَةٍ “
٧ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «نَزَلَتْ بَعْدَ: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [مريم: ٦٠] بِسَنَةٍ»
٧ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: ثنا أَبُو إِيَاسَ قَالَ: ثني مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «فِي قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي إِيَاسَ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ فَقَالَ: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ»
٧ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ تَوْبَةٌ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ»
٧ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] الْآيَةُ قَالَ عَطِيَّةُ: وَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَزَعَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ بِثَمَانِ سِنِينَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٣]
٧ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «هُمَا الْمُبْهَمَتَانِ: الشِّرْكُ، وَالْقَتْلُ»
٧ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣]
٧ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ الْكُوفِيِّينَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] قَالَ: «إِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ، وَمَا تَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً»
٧ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثني هَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ بَعْدَ سُورَةِ الْفُرْقَانِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ “
٧ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثني أَبُو صَخْرٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَأْتِي الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، يَقُولُ: يَا رَبِّ ⦗٣٤٩⦘ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ. فيُؤْخَذَانِ فَيُسْنَدَانِ إِلَى الْعَرْشِ، فَمَا أَدْرِي مَا يَقْضِي بَيْنَهُمَا. ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٣] الْآيَةُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا نَسَخَهَا اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مُنْذُ أَنْزَلَهَا عَلَى نَبِيِّكُمْ عليه الصلاة والسلام “
٧ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يُحَدِّثُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَاكَ، يَقُولُ: نَزَلَتِ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ الْهَيِّنَةِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ “
٧ ‏/ ٣٤٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يُحَدِّثُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَاكَ، فِي هَذَا الْمَكَانِ بِمِنًى يَقُولُ: نَزَلَتِ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ الْهَيِّنَةِ قَالَ: أُرَاهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، يَعْنِي: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] بَعْدَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]
٧ ‏/ ٣٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: «مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ مُنْذُ نَزَلَتْ، وَلَيْسَ لَهُ تَوْبَةٌ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ إِنْ جَزَاهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَلَكِنَّهُ يَعْفُو أَوْ يَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، فَلَا يُجَازِيهِمْ بِالْخُلُودِ فِيهَا، وَلَكِنَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِمَّا أَنْ يَعْفُوَ بِفَضْلِهِ فَلَا يُدْخِلُهُ النَّارَ، وَإِمَّا أَنْ يُدْخِلَهُ إِيَّاهَا ثُمَّ يُخْرِجَهُ مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ لِمَا سَلَفَ مِنْ وَعْدِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣] . فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْقَاتِلَ إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْرِكُ دَاخِلَا فِيهِ، لِأَنَّ الشِّرْكَ مِنَ الذُّنُوبِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ غَافِرٍ الشِّرْكَ لِأَحَدٍ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ⦗٣٥١⦘ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] وَالْقَتْلُ دُونَ الشِّرْكِ
٧ ‏/ ٣٥٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إَنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ٩٤] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٠٤] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ، فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ ﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ: «إِذَا سِرْتُمْ مَسِيرًا لِلَّهِ فِي جِهَادِ أَعْدَائِكُمْ ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ:»فَتَأَنَّوْا فِي قَتْلِ مَنْ أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ أَمْرُهُ، فَلَمْ تَعْلَمُوا حَقِيقَةَ إِسْلَامِهِ وَلَا كُفْرَهِ، وَلَا تَعْجَلُوا فَتَقْتُلُوا مَنِ الْتَبَسَ عَلَيْكُمْ أَمْرُهُ، وَلَا تَتَقَدَّمُوا عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ إِلَّا عَلَى قَتْلِ مَنْ عَلِمْتُمُوهُ يَقِينًا حَرْبًا لَكُمْ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ: “وَلَا تَقُولُوا لِمَنِ اسْتَسْلَمَ لَكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلْكُمْ، مُظْهِرًا لَكُمْ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ وَدَعْوَتِكُمْ ﴿لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] فَتَقْتُلُوهُ ابْتِغَاءَ عَرَضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، يَقُولُ: طَلَبَ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ عِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمَ كَثِيرَةً مِنْ رِزْقِهِ وَفَوَاضِلِ نِعَمِهِ، فَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ
٧ ‏/ ٣٥١
فَأَثَابَكُمْ بِهَا عَلَى طَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ، فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ: «كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ فَقُلْتَ لَهُ لَسْتَ مُؤْمِنًا فَقَتَلْتُمُوهُ، كَذَلِكَ أَنْتُمْ مِنْ قَبْلُ، يَعْنِي: مِنْ قَبْلِ إِعْزَازِ اللَّهِ دِينَهُ بِتُبَّاعِهِ وَأَنْصَارِهِ، تَسْتَخْفُونَ بِدِينِكُمْ كَمَا اسْتَخْفَى هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ، وَأَخَذْتُمْ مَالَهُ بِدِينِهِ مِنْ قَوْمِهِ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُمْ حَذَرًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: ٩٤] كُنْتُمْ كُفَّارًا مِثْلَهُمْ. ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ:»فَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِإِعْزَازِ دِينِهِ بِأَنْصَارِهِ وَكَثْرَةِ تُبَّاعِهِ. وَقَدْ قِيلَ: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْ قَتْلِكُمْ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ، وَأَخَذْتُمْ مَالَهُ بَعْدَ مَا أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ: «فَلَا تَعْجَلُوا بِقَتْلِ مَنْ أَرَدْتُمْ قَتْلَهُ مِمَّنِ الْتَبَسَ عَلَيْكُمْ أَمْرُ إِسْلَامِهِ، فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْإِسْلَامِ بِمِثْلِ الَّذِي مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ، وَهَدَاهُ لِمِثْلِ الَّذِي هَدَاكُمْ لَهُ مِنَ الْإِيمَانِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ:»إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِقَتْلِكُمْ مَنْ تَقْتُلُونَ وَكَفِّكُمْ عَمَّنْ تَكُفُّونَ عَنْ قَتْلِهِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِكُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِكُمْ وَأُمُورِ غَيْرِكُمْ ﴿خَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٥] يَعْنِي: ذَا خِبْرَةٍ وَعِلْمٍ بِهِ، يَحْفَظُهُ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِمْ، حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعَكُمْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَزَاءَ الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءِ بِإِسَاءَتِهِ.
٧ ‏/ ٣٥٢
وَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَبَبِ قَتِيلٍ قَتَلَتْهُ سَرِيَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ مَا قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، أَوْ بَعْدَ مَا شَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، أَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، لِغَنِيمَةٍ كَانَتْ مَعَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ، فَأَخَذُوهُ مِنْهُ
٧ ‏/ ٣٥٣
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ وَالْآثَارِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ مَبْعَثًا، فَلَقِيَهُمْ عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ، فَحَيَّاهُمْ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ إِحْنَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَرَمَاهُ مُحَلِّمٌ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. فَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ عُيَيْنَةُ وَالْأَقْرَعُ، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سُنَّ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَا وَاللَّهُ حَتَّى تَذُوقَ نِسَاؤُهُ مِنَ الثُّكْلِ مَا ذَاقَ نِسَائِي. فَجَاءَ مُحَلِّمٌ فِي بُرْدَيْنِ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ لَيَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ» فَقَامَ وَهُوَ يَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِبُرْدَيْهِ، فَمَا مَضَتْ بِهِ سَابِعَةٌ حَتَّى مَاتَ وَدَفَنُوهُ، فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ. فَجَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ الْأَرْضَ تَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ صَاحِبِكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَرَادَ أَنْ يَعِظَكُمْ» ثُمَّ طَرَحُوهُ بَيْنَ صَدَفَيْ جَبَلٍ، وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ
٧ ‏/ ٣٥٣
اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] الْآيَةُ “
٧ ‏/ ٣٥٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى إِضَمَ، فَخَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ اللَّيْثِيُّ. فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمَ، مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ مَعَهُ مُتَيِّعٌ لَهُ وَوَطْبٌ مِنْ لَبَنٍ. فَلَمَّا مَرَّ بِنَا سَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيُّ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمُتَيِّعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَخْبَرَنَاهُ الْخَبَرَ، نَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] الْآيَةُ ” حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَصَمُّ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ⦗٣٥٥⦘ عنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ
٧ ‏/ ٣٥٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَحِقَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغُنَيْمَةَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤] تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَطَاءً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٥٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ⦗٣٥٦⦘ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي غَنَمٍ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ. فعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ” حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٥٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْإِسْلَامِ وَيُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالرَّسُولِ، وَيَكُونُ فِي قَوْمِهِ، فَإِذَا جَاءَتْ سَرِيَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ أَخْبَرَ بِهَا حَيَّهُ، يَعْنِي قَوْمَهُ، فَفَرُّوا، وَأَقَامَ الرَّجُلُ لَا يَخَافُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَى دِينِهِمْ حَتَّى يَلْقَاهُمْ، فَيُلْقِيَ إِلَيْهِمُ السَّلَامَ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ: لَسْتَ مُؤْمِنًا. وَقَدْ أَلْقَى السَّلَامَ، فَيَقْتُلُونَهُ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] إِلَى ⦗٣٥٧⦘: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ﴾ [النساء: ٩٤] الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يَعْنِي: تَقْتُلُونَهُ إِرَادَةَ أَنْ يَحِلَّ لَكُمْ مَالُهُ الَّذِي وَجَدْتُمْ مَعَهُ، وَذَلِكَ عَرَضُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ عِنْدِي مَغَانِمَ كَثِيرَةً، فَالْتَمِسُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ. وَهُوَ رَجُلٌ اسْمُهُ مِرْدَاسٌ جَلَا قَوْمُهُ هَارِبِينَ مِنْ خَيْلٍ بَعَثَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ اسْمُهُ قُلَيْبٌ، وَلَمْ يُجَامِعْهُمْ إِذَا لَقِيَهُمْ مِرْدَاسٌ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَهْلِهِ بِدِيَتِهِ وَرَدَّ إِلَيْهِمْ مَالَهُ وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ “
٧ ‏/ ٣٥٦
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] الْآيَةُ قَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَأْنِ مِرْدَاسٍ، رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ غَالِبٌ اللَّيْثِيُّ إِلَى أَهْلِ فَدَكٍ، وَبِهِ نَاسٌ مِنْ غَطَفَانَ وَكَانَ مِرْدَاسٌ نَهِمًا، فَفَرَّ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ مِرْدَاسٌ: إِنِّي مُؤْمِنٌ وَإِنِّي غَيْرُ مُتَّبِعِكُمْ. فصَبَّحَتْهُ الْخَيْلُ غُدْوَةً، فَلَمَّا لَقَوْهُ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِرْدَاسٌ، فَتَلَقَّوْهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مَتَاعٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي شَأْنِهِ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] لِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ السَّلَامُ، بِهَا يَتَعَارَفُونَ، وَبِهَا يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا “
٧ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗٣٥٨⦘ السُّدِّيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤] الْآيَةُ. قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً عَلَيْهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ إِلَى بَنِي ضَمْرَةَ، فَلَقَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ مَعَهُ غُنَيْمَةٌ لَهُ وَجَمَلٌ أَحْمَرُ، فَلَمَّا رَآهُمْ أَوَى إِلَى كَهْفِ جَبَلٍ، وَاتَّبَعَهُ أُسَامَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ مِرْدَاسٌ الْكَهْفَ وَضَعَ فِيهِ غَنَمَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَشَدَّ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فَقَتَلَهُ مِنْ أَجْلِ جَمَلِهِ وَغُنَيْمَتِهِ. وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا بَعَثَ أُسَامَةَ أَحَبَّ أَنْ يُثَنِّيَ عَلَيْهِ خَيْرًا، وَيَسْأَلُ عَنْهُ أَصْحَابَهُ، فَلَمَّا رَجَعُوا لَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْهُ، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يُحَدِّثُونَ النَّبِيَّ ﷺ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَ أُسَامَةَ وَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ. وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُمْ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى أُسَامَةَ فَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا، تَعَوَّذَ بِهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ فَنَظَرْتَ إِلَيْهِ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَلْبُهُ بَضْعَةٌ مِنْ جَسَدِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل خَبَرَ هَذَا، وَأَخْبَرَهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مِنْ أَجْلِ جَمَلِهِ وَغَنَمِهِ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤] فَلَمَّا بَلَغَ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ: «فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَحَلَفَ أُسَامَةُ أَنْ لَا يُقَاتِلَ رَجُلًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَمَا لَقِيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهِ»
٧ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] قَالَ: “بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَغَارَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُ: إِنِّي مُسْلِمٌ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ لِلَّذِي قَتَلَهُ: «أَقَتَلْتَهُ وَقَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» فَقَالَ وَهُوَ يَعْتَذِرُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَهَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟» ثُمَّ مَاتَ قَاتِلُ الرَّجُلِ فَقُبِرَ، فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقْبِرُوهُ، ثُمَّ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، حَتَّى فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الْأَرْضَ أَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ فَأَلْقُوهُ فِي غَارٍ مِنَ الْغِيرَانِ» قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «إِنَّ الْأَرْضَ تَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ لَكُمْ عِبْرَةً»
٧ ‏/ ٣٥٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّ قَوْمًا، مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَقَوْا رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إِنِّي مُؤْمِنٌ. فظَنُّوا أَنَّهُ يَتَعَوَّذُ بِذَلِكَ، فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤] تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤]
٧ ‏/ ٣٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] قَالَ: “خَرَجَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ فِي سَرِيَّةٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَمَرُّوا بِرَجُلٍ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَقَتَلَهُ الْمِقْدَادُ. فَلَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤] قَالَ: «الْغُنَيْمَةَ»
٧ ‏/ ٣٦٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَ ذَلِكَ فِي رَجُلٍ قَتَلَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ، – فَذَكَرَ مِنْ قِصَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوَ الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ ثُمَّ قَالَ فِي الْخَبَرِ -: وَنَزَلَ الْفُرْقَانُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤]: غَنَمَهُ الَّتِي كَانَتْ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ [النساء: ٩٤] خَيْرٌ مِنْ تِلْكَ الْغَنَمِ، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ٩٤]
٧ ‏/ ٣٦٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤]⦗٣٦١⦘ قَالَ: «رَاعِي غَنَمٍ، لَقِيَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَا مَعَهُ، وَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي مُؤْمِنٌ»
٧ ‏/ ٣٦٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] قَالَ: «حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: لَسْتَ مُؤْمِنًا، كَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْمَيْتَةَ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى مَالِهِ وَدَمِهِ، وَلَا تَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] بِالْبَاءِ وَالنُّونِ مِنَ التَّبَيُّنِ، بِمَعْنَى: التَّأَنِّي وَالنَّظَرِ وَالْكَشْفِ عَنْهُ حَتَّى يَتَّضِحَ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عُظْمُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: «فَتَثَبَّتُوا» بِمَعْنَى التَّثَبُّتِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعَجَلَةِ. وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا الْأَلْفَاظُ، لِأَنَّ الْمُتَثَبِّتَ مُتَبَيِّنٌ، وَالْمُتَبَيِّنُ مُتَثَبِّتٌ، فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ صَوَابَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ﴾ [النساء: ٩٤] فَقَرَأَ ⦗٣٦٢⦘ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ «السَّلَمَ» بِغَيْرِ أَلِفٍ، بِمَعْنَى الِاسْتِسْلَامِ، وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ: ﴿السَّلَامَ﴾ [النساء: ٩٤] بِأَلْفٍ، بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: «لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ» بِمَعْنَى: مَنِ اسْتَسْلَمَ لَكُمْ مُذْعِنًا لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ مُقِرًّا لَكُمْ بِمِلَّتِكُمْ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ، فَمِنْ رَاو رَوَى أَنَّهُ اسْتَسْلَمَ بِأَنْ شَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ؛ وَمِنْ رَاو رَوَى أَنَّهُ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَحَيَّاهُمْ تَحِيَّةَ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ رَاو رَوَى أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ قَبْلَ قَتْلِهِمْ إِيَّاهُ. وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي يَجْمَعُهَا السَّلَمُ، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُسْتَسْلِمٌ، وَالْمُحَيِّي بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ مُسْتَسْلِمٌ، وَالْمُتَشَهِّدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ مُسْتَسْلِمٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَمَعْنَى السَّلَمِ جَامِعٌ جَمِيعَ الْمَعَانِي الَّتِي رُوِيَتْ فِي أَمْرِ الْمَقْتُولِ الَّذِي نَزَلَتْ فِي شَأْنِهِ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي السَّلَامِ، لِأَنَّ السَّلَامَ لَا وَجْهَ لَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا التَّحِيَّةَ، فَلِذَلِكَ وَصَفْنَا السَّلَمَ بِالصَّوَابِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: ٩٤] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَعْدَ مَا أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ ⦗٣٦٣⦘ مُسْتَخْفِيًا فِي قَوْمِهِ بِدِينِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ، كُنْتُمْ أَنْتُمْ مُسْتَخْفِينَ بِأَدْيَانِكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ حَذَرًا عَلَى أَنْفُسِكُمْ مِنْهُمْ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ
٧ ‏/ ٣٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: ٩٤]: تَسْتَخْفُونَ بِإِيمَانِكُمْ كَمَا اسْتَخْفَى هَذَا الرَّاعِي بِإِيمَانِهِ “
٧ ‏/ ٣٦٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: ٩٤] تَكْتُمُونَ إِيمَانَكُمْ فِي الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَعْدَ مَا أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ كَافِرًا كُنْتُمْ كُفَّارًا، فَهَدَاهُ كَمَا هَدَاكُمْ
٧ ‏/ ٣٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ
٧ ‏/ ٣٦٣
: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] كُفَّارًا مِثْلَهُ ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤] وَأَوْلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَذَلِكَ كُنْتُمْ تُخْفُونَ إِيمَانَكُمْ فِي قَوْمِكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْتُمْ مُقِيمِينَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ مُقِيمًا بَيْنَ أَظْهُرِ قَوْمِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مُسْتَخْفِيًا بِدِينِهِ مِنْهُمْ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: هَذَا التَّأْوِيلُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ ذَكَرَهُ إِنَّمَا عَاتَبَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بَعْدَ إِلْقَائِهِ إِلَيْهِمُ السَّلَامَ، وَلَمْ يُقِدْ بِهِ قَاتِلُوهُ لِلَّبْسِ الَّذِي كَانَ دَخَلَ فِي أَمْرِهِ عَلَى قَاتِلِيهِ بِمَقَامِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ قَوْمِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَظَنِّهِمْ أَنَّهُ أَلْقَى السَّلَامَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ تَعَوُّذًا مِنْهُمْ، وَلَمْ يُعَاتِبْهُمْ عَلَى قَتْلِهِمْ إِيَّاهُ مُشْرِكًا، فَيُقَالَ: كَمَا كَانَ كَافِرًا كُنْتُمْ كُفَّارًا؛ بَلْ لَا وَجْهُ لِذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ عَلَى قَتْلِ مُحَارِبٍ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بَعْدَ إِذْنِهِ لَهُ بِقَتْلِهِ. وَاخْتَلَفَ أَيْضًا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِإِظْهَارِ دِينِهِ وَإِعْزَازِ أَهْلِهِ، حَتَّى أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ بَعْدَ مَا كَانُوا يَكْتُمُونَهُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ
٧ ‏/ ٣٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] فَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ الَّذِي أُلْقِيَ إِلَيْكُمُ ⦗٣٦٥⦘ السَّلَامَ طَلَبَ عَرَضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِالتَّوْبَةِ مِنْ قَتْلِكُمْ إِيَّاهُ
٧ ‏/ ٣٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] يَقُولُ: «تَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ» وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: ٩٤] مَا وَصَفْنَا قَبْلُ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ عُقَيْبَ ذَلِكَ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٩٤] فَرَفَعَ مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ عَنْكُمْ بِإِظْهَارِ دِينِهِ وَإِعْزَازِ أَهْلِهِ، حَتَّى أَمْكَنَكُمْ إِظْهَارَ مَا كُنْتُمْ تَسْتَخْفُونَ بِهِ، مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ، حَذَرًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ
٧ ‏/ ٣٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًاّ وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٥] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ﴾ [النساء: ٩٥] لَا يَعْتَدِلُ الْمُتَخَلِّفُونَ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، الْمُؤْثِرُونَ الدَّعَةَ وَالْخَفْضَ وَالْقُعُودَ فِي مَنَازِلِهِمْ عَلَى مُقَاسَاةِ حُزُونَةِ الْأَسْفَارِ وَالسِّيَرِ فِي الْأَرْضِ وَمَشَقَّةِ مُلَاقَاةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِجِهَادِهِمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَقِتَالِهِمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، إِلَّا أَهْلُ الْعُذْرِ مِنْهُمْ بِذَهَابِ أَبْصَارِهِمْ، وَغَيْرِ
٧ ‏/ ٣٦٥
ذَلِكَ مِنَ الْعِلَلِ الَّتِي لَا سَبِيلَ لِأَهْلِهَا لِلضَّرَرِ الَّذِي بِهِمْ إِلَى قِتَالِهِمْ وَجِهَادِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمِنْهَاجِ دِينِهِ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، الْمُسْتَفْرِغُونَ طَاقَتَهُمْ فِي قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَاءِ دِينِهِمْ بِأَمْوَالِهِمْ، إِنْفَاقًا لَهَا فِيمَا أَوْهَنَ كَيَدَ أَعْدَاءِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِأَنْفُسِهِمْ، مُبَاشِرَةً بِهَا قِتَالَهُمْ، بِمَا تَكُونُ بِهِ كَلِمَةُ اللَّهِ الْعَالِيَةَ، وَكَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا السَّافِلَةَ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]؛ فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ: «غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ» نَصَبًا، بِمَعْنَى: إِلَّا أُولِي الضَّرَرِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] بِرَفْعِ ﴿غَيْرُ﴾ [الفاتحة: ٧] عَلَى مَذْهَبِ النَّعْتِ لِلْقَاعِدِينَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: «غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ» بِنَصْبِ «غَيْرَ»، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ مُتَظَاهِرَةٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: «غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ» نَزَلَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ﴾
٧ ‏/ ٣٦٦
ذِكْرُ بَعْضِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ⦗٣٦٧⦘ إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «ائْتُونِي بِالْكَتِفِ وَاللَّوْحِ» . فَكَتَبَ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ﴾ وَعَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ: هَلْ لِي مِنْ رُخْصَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ وَأَنَا أَعْمَى؟ فَمَا بَرِحَ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ: “لَمَّا نَزَلَتْ جَاءَ عَمْرُو ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي ضَرِيرُ الْبَصَرِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالَ: «ائْتُونِي بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، أَوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ»
٧ ‏/ ٣٦٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْرَائِيلَ الدَّلَالُ الرَّمْلِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ⦗٣٦٨⦘ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] كَلَّمَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَأُنْزِلَتْ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٦٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي﴾ [النساء: ٩٥] الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: “فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا قَالَ: فَشَكَى إِلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ شُعْبَةُ: وَأَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ زَيْدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ﴾ [النساء: ٩٥] مِثْلَ حَدِيثِ الْبَرَاءِ
٧ ‏/ ٣٦٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ⦗٣٦٩⦘ مَا لِي رُخْصَةٌ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَرِيرٌ فَرَخَّصَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكَتَبَهَا، يَعْنِي الْكَاتِبُ “
٧ ‏/ ٣٦٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا، فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَحَدَّثَنَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قَالَ: «فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمْلِيهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. قَالَ: فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ، فَظَنَنْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]»
٧ ‏/ ٣٦٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ⦗٣٧٠⦘ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «اكْتُبْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾». فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَكِنْ بِي مِنَ الزَّمَانَةِ مَا قَدْ تَرَى، قَدْ ذَهَبَ بَصَرِي. قَالَ زَيْدٌ: فَثَقُلَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى فَخِذِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَرُضَّهَا، ثُمَّ قَالَ: «اكْتُبْ ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٥]»
٧ ‏/ ٣٦٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ: أَنَّ مِقْسَمًا، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ “
٧ ‏/ ٣٧٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا حُسَيْنٌ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ. لمَّا نَزَلَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ⦗٣٧١⦘ إِنَّنَا أَعْمَيَانِ، فَهَلْ لَنَا رُخْصَةٌ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً
٧ ‏/ ٣٧٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْجِهَادِ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ لَا أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ، فَهَلْ لِي مِنْ رُخْصَةٍ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ قَعَدْتُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَمَا أُمِرْتُ فِي شَأْنِكَ بِشَيْءٍ وَمَا أَدْرِي هَلْ يَكُونُ لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ مِنْ رُخْصَةٍ» فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ بَصَرِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، فَقَالَ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: نَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْمَى: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَنَا أُحِبُّ الْجِهَادَ وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُجَاهِدَ. فَنَزَلَتْ: ﴿غَيْرُ أُولِي ⦗٣٧٢⦘ الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٧١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْجِهَادِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ضَرِيرٌ كَمَا تَرَى. فَنَزَلَتْ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٧٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] عَذَرَ اللَّهُ أَهْلَ الْعُذْرِ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] كَانَ مِنْهُمُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ﴿وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٧٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء: ٩٥] لَمَّا ذَكَرَ فَضْلَ الْجِهَادِ قَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَعْمَى وَلَا أُطِيقُ الْجِهَادَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]
٧ ‏/ ٣٧٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «ادْعُ لِي زَيْدًا وَقُلْ لَهُ يَأْتِي، أَوْ يَجِيءُ، بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، أَوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ، الشَّكُّ مِنْ زُهَيْرٍ، اكْتُبْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِعَيْنَيَّ ضَرَرًا. فَنَزَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْنِي مَعَهُ بِكَتِفٍ وَدَوَاةٍ، أَوْ لَوْحٍ وَدَوَاةٍ»
٧ ‏/ ٣٧٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ عَمْرُو ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَبِّ، ابْتَلَيْتَنِي فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]⦗٣٧٤⦘ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي مَعْنَى: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] نَحْوًا مِمَّا قُلْنَا
٧ ‏/ ٣٧٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ: «أَهْلُ الضَّرَرِ»
٧ ‏/ ٣٧٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: ٩٥] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: ٩٥] فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ أُولِي الضَّرَرِ دَرَجَةً وَاحِدَةً، يَعْنِي فَضِيلَةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ بِفَضْلِ جِهَادٍ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ. كَمَا:
٧ ‏/ ٣٧٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ جُرَيْجٍ، يَقُولُ فِي: ﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ: «عَلَى أَهْلِ الضَّرَرِ»
٧ ‏/ ٣٧٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٥] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء: ٩٥] وَعَدَ اللَّهُ الْكُلَّ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْقَاعِدِينَ مِنْ أَهْلِ الضَّرَرِ ⦗٣٧٦⦘ الْحُسْنَى. وَيَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْحُسْنَى: الْجَنَّةَ؛ كَمَا:
٧ ‏/ ٣٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء: ٩٥] وَهِيَ الْجَنَّةُ، وَاللَّهُ يُؤْتِي كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ “
٧ ‏/ ٣٧٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: قَالَ: الْحُسْنَى: الْجَنَّةُ ” وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٥] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ أَجْرًا عَظِيمًا. كَمَا:
٧ ‏/ ٣٧٦
حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً﴾ [النساء: ٩٦] قَالَ: «عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ»
٧ ‏/ ٣٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦] فَضَائِلَ مِنْهُ وَمَنَازِلَ مِنْ مَنَازِلِ الْكَرَامَةِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الدَّرَجَاتِ الَّتِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦]
٧ ‏/ ٣٧٦
فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً﴾ [النساء: ٩٦] كَانَ يُقَالَ: الْإِسْلَامُ دَرَجَةٌ، ⦗٣٧٧⦘ وَالْهِجْرَةُ فِي الْإِسْلَامِ دَرَجَةٌ، وَالْجِهَادُ فِي الْهِجْرَةِ دَرَجَةٌ، وَالْقَتْلُ فِي الْجِهَادِ دَرَجَةٌ “
٧ ‏/ ٣٧٦
وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ زَيْدٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، تَعَالَى: ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦] الدَّرَجَاتُ: هِيَ السَّبْعُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ﴾ [التوبة: ١٢٠] فَقْرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٢١] قَالَ: «هَذِهِ السَّبْعُ الدَّرَجَاتُ. قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ، فَكَانَتْ دَرَجَةُ الْجِهَادِ مُجْمَلَةً، فَكَانَ الَّذِي جَاهَدَ بِمَالِهِ لَهُ اسْمٌ فِي هَذِهِ، فَلَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الدَّرَجَاتُ بِالتَّفْضِيلِ أُخْرِجَ مِنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا إِلَّا النَّفَقَةُ. فَقَرَأَ: ﴿لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ﴾ [التوبة: ١٢٠] وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا لِصَاحِبِ النَّفَقَةِ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً﴾ [التوبة: ١٢١] قَالَ:»وَهَذِهِ نَفَقَةُ الْقَاعِدِ وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ
٧ ‏/ ٣٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ ⦗٣٧٨⦘ حَسَّانَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ﴾ [النساء: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿دَرَجَاتٍ﴾ [النساء: ٩٦] قَالَ: «الدَّرَجَاتُ: سَبْعُونَ دَرَجَةً، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ حُضْرُ الْفَرَسِ الْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ سَبْعِينَ سَنَةً» وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦] أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مُحَيْرِيزٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦] تَرْجَمَةٌ وَبَيَانٌ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَجْرَ إِنَّمَا هُوَ الثَّوَابُ وَالْجَزَاءُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَتِ الدَّرَجَاتُ وَالْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ تَرْجَمَةً عَنْهُ، كَانَ مَعْلُومًا أَنْ لَا وَجْهَ لِقَوْلٍ مِنْ وَجْهِ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦] إِلَى الْأَعْمَالِ وَزِيَادَتِهَا عَلَى أَعْمَالِ الْقَاعِدِينَ عَنِ الْجِهَادِ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الصَّحِيحُ مِنْ تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا، فَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ. أَجْرًا عَظِيمًا وَثَوَابًا جَزِيلًا، وَهُوَ دَرَجَاتٌ أَعْطَاهُمُوهَا فِي الْآخِرَةِ مِنْ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ، ⦗٣٧٩⦘ رَفَعَهُمْ بِهَا عَلَى الْقَاعِدِينَ بِمَا أَبْلَوْا فِي ذَاتِ اللَّهِ. ﴿وَمَغْفِرَةً﴾ [البقرة: ٢٦٣] يَقُولُ: «وَصَفَحَ لَهُمْ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، فَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ عُقُوبَتِهِمْ عَلَيْهَا. ﴿وَرَحْمَةً﴾ [النساء: ٩٦] يَقُولُ:»وَرَأْفَةً بِهِمْ. ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦] يَقُولُ: “وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ غَفُورًا لِذُنُوبِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَصْفَحُ لَهُمْ عَنِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا ﴿رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٦] بِهِمْ، يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَهِ، مَعَ خِلَافِهِمْ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَرُكُوبِهِمْ مَعَاصِيَهُ
٧ ‏/ ٣٧٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٩٨] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [النساء: ٩٧] إِنَّ الَّذِينَ تَقْبِضُ أَرْوَاحُهُمُ الْمَلَائِكَةُ ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] يَعْنِي: مُكْسِبِي أَنْفُسَهُمْ غَضَبَ اللَّهِ وَسَخَطَهُ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الظُّلْمِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ. ﴿قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾ [النساء: ٩٧] يَقُولُ: «قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ: فِيمَ كُنْتُمْ، فِي أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ مِنْ دِينِكُمْ. ﴿قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: ٩٧] يَعْنِي: قَالَ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ: كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ، يَسْتَضْعِفُنَا أَهْلُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ فِي أَرْضِنَا وَبِلَادِنَا بِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ، فَيَمْنَعُونَا مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَاتِّبَاعِ رَسُولِهِ ﷺ، مَعْذِرَةٌ ضَعِيفَةٌ وَحُجَّةٌ وَاهِيَةٌ. ﴿قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٧] يَقُولُ:»فَتَخْرُجُوا مِنْ أَرْضِكُمْ وَدُورِكُمْ، وَتُفَارِقُوا مَنْ يَمْنَعُكُمْ بِهَا مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَاتِّبَاعِ
٧ ‏/ ٣٧٩
رَسُولِهِ ﷺ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي يَمْنَعُكُمْ أَهْلُهَا مِنْ سُلْطَانِ أَهْلِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، فَتُوَحِّدُوا اللَّهَ فِيهَا وَتَعْبُدُوهُ، وَتَتَّبِعُوا نَبِيَّهُ؟ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٧]: أَيْ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وُصِفَتْ لَكُمْ صِفَتُهُمْ، الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفِسِهِمْ، ﴿مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [آل عمران: ١٩٧]، يَقُولُ: مَصِيرُهُمْ فِي الْآخِرَةِ جَهَنَّمُ، وَهِيَ مَسْكَنُهُمْ. ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] يَعْنِي: وَسَاءَتْ جَهَنَّمُ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ صَارُوا إِلَيْهَا مَصِيرًا وَمَسْكَنًا وَمَأْوًى. ثُمَّ اسْتَثْنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ اسْتَضْعَفَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، وَهُمُ الْعَجَزَةُ عَنِ الْهِجْرَةِ بِالْعُسْرَةِ وَقِلَّةِ الْحِيلَةِ وَسُوءِ الْبَصَرِ وَالْمِعْرِفَةِ بِالطَّرِيقِ مِنْ أَرْضِهِمْ أَرْضِ الشِّرْكِ إِلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ أَنْ تَكُونَ جَهَنَّمُ مَأْوَاهُمْ، لِلْعُذْرِ الَّذِي هُمْ فِيهِ، عَلَى مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَنَصَبَ الْمُسْتَضْعَفِينَ عَلَى الْاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ اللَّتَيِنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٧]، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ يَعْنِي: هَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، يَقُولُ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ لِلْعُذْرِ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ، فَيَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ فِي تَرْكِهِمُ الْهِجْرَةِ، إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهَا اخْتِيَارًا وَلَا إِيثَارًا مِنْهُمْ لِدَارِ الْكُفْرِ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ لِلْعَجْزِ الَّذِي هُمْ فِيهِ عَنِ النُّقْلَةِ عَنْهَا. ﴿وكَانِ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ يَقُولُ: وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَفُوًّا، يَعْنِي ذَا صَفْحٍ بِفَضْلِهِ عَنْ ذُنُوبِ عِبَادِةِ بِتَرْكِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا، غَفُورًا سَاتِرًا عَلَيْهِمْ ذُنُوبِهِمْ بِعَفْوِهِ لَهُمْ عَنْهَا.
٧ ‏/ ٣٨٠
وَذُكِرَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَالَّتِي بَعْدَهُمَا نَزَلَتْ فِي أَقْوَامٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا وَآمَنُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَتَخَلَّفُوا عَنِ الْهِجْرَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ هَاجَرَ، وَعُرِضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْفِتْنَةِ فَافْتُتِنَ، وَشَهِدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ حَرْبَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَبَى اللَّهُ قَبُولَ مَعْذِرَتَهُمُ الَّتِي اعْتَذَرُوا بِهَا، الَّتِي بَيَّنَهَا فِي قَوْلِهِ خَبَرًا عَنْهُمْ: ﴿قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: ٩٧] ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ:
٧ ‏/ ٣٨١
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا أَشْعَثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ: «كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَسْلَمُوا، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِهَا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٩٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا مِنْهُمْ وَأُمِّي مِنْهُمْ قَالَ عِكْرِمَةُ: وَكَانَ الْعَبَّاسُ مِنْهُمْ»
٧ ‏/ ٣٨١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَسْلَمُوا، وَكَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِالْإِسْلَامِ، فَأَخْرَجَهُمُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَهُمْ، فَأُصِيبَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: كَانَ أَصْحَابُنَا هَؤُلَاءِ مُسْلِمَيْنِ وَأُكْرِهُوا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُمْ. فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ⦗٣٨٢⦘ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَةُ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى مَنْ بَقِيَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا، فَلَحِقَهُمُ الْمُشْرِكُونِ، فَأَعْطَوْهُمُ الْفِتْنَةَ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ﴾ [العنكبوت: ١٠] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَكَتَبَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ، فَحَزِنُوا وَأَيِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، ثُمَّ نَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١١٠] فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكُمْ مَخْرَجًا. فَخَرَجُوا، فَأَدْرَكَهُمُ الْمُشْرِكُونِ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى نَجَا مَنْ نَجَا وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ “
٧ ‏/ ٣٨١
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ أَوِ ابْنُ لَهِيعَةَ، – الشَّكُّ مِنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَاسًا مُسْلِمَيْنَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَيَأْتِي السَّهْمُ يُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧]، حَتَّى بَلَغَ: ﴿فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٧]
٧ ‏/ ٣٨٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ. ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مُسْلِمَيْنِ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ؛ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ “
٧ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] هُمْ قَوْمٌ تَخَلَّفُوا بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَتَرَكُوا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ “
٧ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾ [النساء: ٩٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي قَيْسِ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْحَارِثِ بْنِ ⦗٣٨٤⦘ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَقَيْسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَبِي الْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَعَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ. قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعُهُمْ لِمَنْعِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَعِيرِ قُرَيْشٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ، وَأَنْ يَطْلُبُوا مَا نِيلَ مِنْهُمْ يَوْمَ نَخْلَةَ، خَرَجُوا مَعَهُمْ بِشُبَّانَ كَارِهِينَ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا وَاجْتَمَعُوا بِبَدْرٍ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ، فَقُتِلُوا بِبَدْرٍ كُفَّارًا، وَرَجَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي هَؤُلَاءِ النَّفْرِ، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٩٨] قَالَ:»يَعْنِي: الشَّيْخَ الْكَبِيرَ، وَالْعَجُوزَ وَالْجَوَارِي وَالصَّغَارَ وَالْغِلْمَانَ
٧ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ: «لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ وَعُقَيْلٌ وَنَوْفَلٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْعَبَّاسِ: «افْدِ ⦗٣٨٥⦘ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ نُصَلِّ إِلَى قِبْلَتِكَ، وَنَشْهَدْ شَهَادَتَكَ؟ قَالَ: «يَا عَبَّاسُ، إِنَّكُمْ خَاصَمْتُمْ فَخُصِمْتُمْ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] فَيَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَهُوَ كَافِرٌ حَتَّى يُهَاجِرَ، إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، حِيلَةً فِي الْمَالِ، وَالسَّبِيلُ: الطَّرِيقُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَنَا مِنْهُمْ مِنَ الْوِلْدَانِ»
٧ ‏/ ٣٨٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: كَانَ نَاسٌ بِمَكَّةَ قَدْ شَهِدُوا أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى بَدْرٍ أَخْرَجُوهُمْ مَعَهُمْ، فَقُتِلُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ فَكَتَبَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ. قَالَ: فَخَرَجَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ طَلَبَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَدْرَكُوهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَعْطَى الْفِتْنَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ [العنكبوت: ١٠] فَكَتَبَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ أَعْطُوا الْفِتْنَةَ: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا﴾ [النحل: ١١٠] إِلَى ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣]
٧ ‏/ ٣٨٥
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، فِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ: «هُمْ خَمْسَةُ فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ، وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأَبُو الْعَاصِ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَنَسِيتُ الْخَامِسَ»
٧ ‏/ ٣٨٦
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَةُ، حَدَّثَنَا «أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي أُنَاسٍ تَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَخَرَجُوا مَعَ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ، فَقُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَاعْتَذَرُوا بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُ ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَذَرَهُمُ اللَّهُ، فَاسْتَثْنَاهُمْ فَقَالَ: ﴿أُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ قَالَ:»وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا “
٧ ‏/ ٣٨٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَةُ قَالَ: أُنَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ ⦗٣٨٧⦘ يَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَخَرَجُوا مَعَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ إِلَى بَدْرٍ، فَأُصِيبُوا يَوْمَئِذٍ فِيمَنْ أُصِيبَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ “
٧ ‏/ ٣٨٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ، يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٩٨] فَقَالَ: لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ وَظَهَرَ وَنَبَعَ الْإِيمَانُ نَبَعَ النِّفَاقُ مِنْهُ، فَأَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رِجَالٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلَا أَنَّا نَخَافُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يُعَذِّبُونَنَا وَيَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ لَأَسْلَمْنَا، وَلَكِنَّا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لَهُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَامَ الْمُشْرِكُونِ، فَقَالُوا: لَا يَتَخَلَّفُ عَنَّا أَحَدٌ إِلَّا هَدَمْنَا دَارَهُ وَاسْتَبَحْنَا مَالَهُ. فَخَرَجَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ الْقَوْلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَعَهُمْ، فَقُتِلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَأُسِرَتْ طَائِفَةٌ. قَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ قُتِلُوا فَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَةُ كُلُّهَا ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٧] وَتَتْرُكُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَضْعِفُونَكُمْ ﴿أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ قَالَ: “ثُمَّ عَذَرَ اللَّهُ أَهْلَ الصِّدْقِ فَقَالَ: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] يَتَوَجَّهُونَ لَهُ لَوْ خَرَجُوا لَهَلَكُوا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ إِقَامَتَهُمْ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ الَّذِينَ أُسِرُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّا كُنَّا نَأْتِيكَ فَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ
٧ ‏/ ٣٨٧
هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ خَرَجْنَا مَعَهُمْ خَوْفًا. فَقَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧٠] صَنِيعَكُمُ الَّذِي صَنَعْتُمْ بِخُرُوجِكُمْ مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنفال: ٧١] خَرَجُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ﴿فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧١]
٧ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي، مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨]»
٧ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٩٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ “
٧ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ مَنْ قُتِلَ مِنْ ضُعَفَاءِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ ” ⦗٣٨٩⦘ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ»
٧ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي دُبُرِ صَلَاةِ الظُّهْرِ: «اللَّهُمَّ خَلِّصِ الْوَلِيدَ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَضَعَفَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا»
٧ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] قَالَ: «مُؤْمِنُونَ مُسْتَضْعَفُونَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ فِيهِمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: هُمْ بِمَنْزِلَةِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا ⦗٣٩٠⦘ بِبَدْرٍ ضُعَفَاءَ مَعَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] الْآيَةُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ [النساء: ٩٨] فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَا:
٧ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ [النساء: ٩٨] قَالَ: «نُهُوضًا إِلَى الْمَدِينَةِ ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] طَرِيقًا إِلَى الْمَدِينَةِ»
٧ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] طَرِيقًا إِلَى الْمَدِينَةِ ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «الْحِيلَةُ: الْمَالُ، وَالسَّبِيلُ: الطَّرِيقُ إِلَى الْمَدِينَةِ» ⦗٣٩١⦘ وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [النساء: ٩٧] فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ﴿تَوَفَّاهُمُ﴾ [النساء: ٩٧] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ، لِأَنَّ فَعَلَ مَنْصُوبَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ، يُرَادُ بِهِ: إِنَّ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَتَكُونُ إِحْدَى التَّاءَيْنَ مِنْ تَوَفَّاهُمْ مَحْذُوفَةً، وَهِيَ مُرَادَةٌ فِي الْكَلِمَةِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَتْ تَاءَانِ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ رُبَّمَا حَذَفَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَثْبَتَتِ الْأُخْرَى، وَرُبَّمَا أَثْبَتَتْهُمَا جَمِيعًا
٧ ‏/ ٣٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٠٠] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] وَمَنْ يُفَارِقْ أَرْضَ الشِّرْكِ وَأَهْلَهَا هَرَبًا بِدِينِهِ مِنْهَا وَمِنْهُمْ إِلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٤] يَعْنِي فِي مِنْهَاجِ دِينِ اللَّهِ وَطَرِيقِهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِخَلْقِهِ، وَذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ. ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] يَقُولُ: “يَجِدْ هَذَا الْمُهَاجِرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا، وَهُوَ الْمُضْطَرِبُ فِي الْبِلَادِ وَالْمَذْهَبِ،
٧ ‏/ ٣٩١
يُقَالَ مِنْهُ: رَاغَمَ فُلَانٌ قَوْمَهُ مُرَاغَمًا وَمُرَاغَمَةً مَصْدَرَانِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي جَعْدَةَ:
[البحر المتقارب] كَطَوْدٍ يُلَاذُ بِأَرْكَانِهِ … عَزِيزِ الْمُرَاغَمِ وَالْمَهْرَبِ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ السَّعَةَ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ بِمَكَّةَ، وَذَلِكَ مَنْعُهُمْ إِيَّاهُمْ مِنْ إِظْهَارِ دِينِهِمْ وَعِبَادَةِ رَبِّهِمْ عَلَانِيَةً ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّنْ خَرَجَ مُهَاجِرًا مِنْ أَرْضِ الشِّرْكِ فَارًّا بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ إِنْ أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَرْضَ الْإِسْلَامِ وَدَارَ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَذَلِكَ ثَوَابُ عَمَلِهِ وَجَزَاءُ هِجْرَتِهِ وَفِرَاقِ وَطَنِهِ وَعَشِيرَتِهِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ دِينِهِ. يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ يَخْرُجْ مُهَاجِرًا مِنْ دَارِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَقَدِ اسْتَوْجَبَ ثَوَابَ هِجْرَتِهِ إِنْ لَمْ يَبْلُغْ دَارَ هِجْرَتِهِ
٧ ‏/ ٣٩٢
بِاخْتِرَامِ الْمَنِيَّةِ إِيَّاهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إِيَّاهَا عَلَى رَبِّهِ. ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦] يَقُولُ: وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ غَفُورًا يَعْنِي: سَاتِرًا ذُنُوبَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَفْوِ لَهُمْ عَنِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا، رَحِيمًا بِهِمْ رَفِيقًا، وَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ بَعْضِ مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَخَرَجَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْآيَتَيْنِ قَبْلَهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٩٩] فَمَاتَ فِي طَرِيقِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْمَدِينَةَ
٧ ‏/ ٣٩٣
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ يُقَالَ لَهُ ضَمْرَةُ بْنُ الْعِيصِ أَوِ الْعِيصُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ زِنْبَاعٍ قَالَ: فَلَمَّا أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ كَانَ مَرِيضًا، فَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَفْرِشُوا لَهُ عَلَى سَرِيرِهِ وَيَحْمِلُوهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَفَعَلُوا، فَأَتَاهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بِالتَّنْعِيمِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ»
٧ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] فِي ضَمْرَةَ بْنِ الْعِيصِ بْنِ ⦗٣٩٤⦘ الزِّنْبَاعِ، أَوْ فُلَانِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ الْعِيصِ بْنِ الزِّنْبَاعِ، حِينَ بَلَغَ التَّنْعِيمَ مَاتَ فَنَزَلَتْ فِيهِ “
٧ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ التَّيْمِيِّ بِنَحْوِ حَدِيثِ يَعْقُوبَ، عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ: «وَكَانَ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ»
٧ ‏/ ٣٩٤
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] الْآيَةُ قَالَ: «لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ وَرَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُقَالَ لَهُ ضَمْرَةُ بِمَكَّةَ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي مِنَ الْمَالِ مَا يُبَلِّغُنِي الْمَدِينَةَ وَأَبْعَدَ مِنْهَا وَإِنِّي لِأَهْتَدِي، أَخْرِجُونِي. وَهُوَ مَرِيضٌ حِينَئِذٍ. فَلَمَّا جَاوَزَ الْحَرَمَ قَبَضَهُ اللَّهُ فَمَاتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠]» الْآيَةَ
٧ ‏/ ٣٩٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ مَرِيضٌ: وَاللَّهِ مَالِي مِنْ عُذْرٍ إِنِّي لَدَلِيلٌ بِالطَّرِيقِ، وَإِنِّي لَمُوسِرٍ، فَاحْمِلُونِي. فحَمَلُوهُ فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ بِالطَّرِيقِ، فَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٠٠]
٧ ‏/ ٣٩٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ⦗٣٩٥⦘ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَتَيْنِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ وَكَانَ مَرِيضًا: أَخْرِجُونِي إِلَى الرَّوْحِ. فأَخْرَجُوهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَصْحَاصِ مَاتَ، فَنَزَلَ فِيهِ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٠٠] الْآيَةُ “
٧ ‏/ ٣٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عِلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيِّ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ»
٧ ‏/ ٣٩٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «لَمَّا سَمِعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ بَنِيَ كِنَانَةَ قَدْ ضَرَبَتْ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ لِأَهْلِهِ: أَخْرِجُونِي. وَقَدْ أَدْنَفَ لِلْمَوْتِ. قَالَ: ⦗٣٩٦⦘ فَاحْتُمِلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَقَبَةٍ قَدْ سَمَّاهَا، فَتُوُفِّيَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٠٠] الْآيَةَ»
٧ ‏/ ٣٩٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: لَمَّا سَمِعَ بِهَذِهِ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٩٩]، ضَمْرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الضَّمْرِيُّ قَالَ لِأَهْلِهِ وَكَانَ وَجِعًا: أَرْحِلُوا رَاحِلَتِي، فَإِنَّ الْأَخْشَبَيْنِ قَدْ غَمَّانِي، يَعْنِي: جَبَلَيْ مَكَّةَ، لَعَلِّي أَنْ أَخْرُجَ فَيُصِيبَنِي رَوْحٌ. فقَعَدَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَمَاتَ بِالطَّرِيقِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] وَأَمَّا حِينَ تَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ مُهَاجِرٌ إِلَيْكَ وَإِلَى رَسُولِكَ “
٧ ‏/ ٣٩٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [النساء: ٩٧] قَالَ جُنْدُبُ بْنُ ضَمْرَةَ الْجُنْدَعِيُّ: اللَّهُمَّ أَبْلَغْتَ فِي الْمَعْذِرَةِ وَالْحُجَّةِ، ⦗٣٩٧⦘ وَلَا مَعْذِرَةَ لِي وَلَا حُجَّةَ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَمَاتَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، فَلَا نَدْرِي أَعْلَى وِلَايَةٍ أَمْ لَا؟ فَنَزَلَتْ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠]
٧ ‏/ ٣٩٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بِبَدْرٍ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَةَ، سَمِعَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ كَانَ عَلَى دِينِ النَّبِيِّ ﷺ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا وَضِيئًا، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: مَا أَنَا بِبَائِتٍ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ. فَخَرَجُوا بِهِ مَرِيضًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ التَّنْعِيمَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَنَزَلَ فِيهِ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] الْآيَةُ “
٧ ‏/ ٣٩٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «هَاجَرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُرِيدُ النَّبِيَّ، ﷺ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ. فسَخِرَ بِهِ قَوْمُهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ، وَقَالُوا: لَا هُوَ بَلَغَ الَّذِي يُرِيدُ، وَلَا هُوَ أَقَامَ فِي أَهْلِهِ يَقُومُونَ عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ. قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠]»
٧ ‏/ ٣٩٨
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] وَكَانَ بِمَكَّةَ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ ضَمْرَةُ مِنْ بَنِي بَكْرٍ وَكَانَ مَرِيضًا، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: أَخْرِجُونِي مِنْ مَكَّةَ، فَإِنِّي أَجِدُ الْحَرَّ. فقَالُوا: أَيْنَ نُخْرِجُكَ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٠٠] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ “
٧ ‏/ ٣٩٨
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لَا ⦗٣٩٩⦘ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ: «رَخَّصَ فِيهَا قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الضَّرَرِ حَتَّى نَزَلَتْ فَضِيلَةُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ، فَقَالُوا: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فَضِيلَةَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَرَخَّصَ لِأَهْلِ الضَّرَرِ. حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] قَالُوا: هَذِهِ مُوجِبَةٌ. حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨] فَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ الْعِيصِ الزُّرَقِيُّ أَحَدُ بَنِي لَيْثٍ، وَكَانَ مُصَابَ الْبَصَرِ: إِنِّي لَذُو حِيلَةٍ لِي مَالٌ وَلِي رَقِيقٌ، فَاحْمِلُونِي. فَخَرَجَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ عِنْدَ التَّنْعِيمِ، فَدُفِنَ عِنْدَ مَسْجِدِ التَّنْعِيمِ، فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ﴾ [النساء: ١٠٠] الْآيَةُ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ الْمُرَاغَمِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ التَّحَوُّلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ
٧ ‏/ ٣٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «الْمُرَاغَمُ: التَّحَوُّلُ ⦗٤٠٠⦘ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى الْأَرْضِ»
٧ ‏/ ٣٩٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] يَقُولُ: «مُتَحَوَّلًا»
٧ ‏/ ٤٠٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «مُتَحَوَّلًا»
٧ ‏/ ٤٠٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَوْ قَتَادَةَ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «مُتَحَوَّلًا»
٧ ‏/ ٤٠٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «مَنْدُوحَةً عَمَّا يَكْرَهُ»
٧ ‏/ ٤٠٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «مُزَحْزَحًا عَمَّا ⦗٤٠١⦘ يَكْرَهُ»

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …