سُورَةُ التَّوْبَةِ 5

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١١٠] قَالَ: حَزَازَةٌ فِي قُلُوبِهِمْ»
١١ ‏/ ٧٠١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١١٠] لَا يَزَالُ رِيبَةٌ فِي قُلُوبِهِمْ رَاضِينَ بِمَا صَنَعُوا، كَمَا حُبِّبَ الْعِجْلُ فِي قُلُوبِ أَصْحَابِ مُوسَى. وَقَرَأَ: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة: ٩٣] قَالَ: حُبُّهُ. ﴿إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ [التوبة: ١١٠] قَالَ: لَا يَزَالُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ حَتَّى يَمُوتُوا؛ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ»
١١ ‏/ ٧٠١
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا قَيْسٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «﴿رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١١٠] قَالَ: شَكًّا. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عِمْرَانَ تَقُولُ هَذَا وَقَدْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ حَزَازَةٌ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ [التوبة: ١١٠]
١١ ‏/ ٧٠١
فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: «إِلَّا أَنْ تُقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ «تُقَطَّعَ»، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ فَاعِلُهُ، وَبِمَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَقْطَعَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: ﴿إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ [التوبة: ١١٠] بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ تَقَطَّعَ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لِلْقُلُوبِ. بِمَعْنَى: إِلَّا أَنْ تَنْقَطِعَ قُلُوبُهُمْ، ثُمَّ حُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ. وَذُكِرَ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقْرَأُ: «إِلَى أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» بِمَعْنَى: حَتَّى تَتَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ. وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَلَوْ قُطِعَتْ قُلُوبُهُمْ» وَعَلَى الَاعْتِبَارِ بِذَلِكَ قَرَأَ مِنْ ذَلِكَ: «إِلَّا أَنْ تُقْطَعَ» بِضَمِّ التَّاءِ. وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَتْحَ فِي التَّاءِ وَالضَّمَ مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْقُلُوبَ لَا تَتَقَطَّعُ إِذَا تَقَطَّعَتْ إِلَّا بِتَقْطِيعِ اللَّهِ إِيَّاهَا، وَلَا يَقْطَعُهَا اللَّهُ إِلَّا وَهِيَ مُتَقَطِّعَةٌ. وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبُ الصَّوَابَ فِي قِرَاءَتِهِ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: «إِلَى أَنْ تُقَطَّعَ»، فَقِرَاءَةٌ لِمَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ مُخَالَفَةٌ، وَلَا أَرَى الْقِرَاءَةَ بِخِلَافِ مَا فِي مَصَاحِفِهِمْ جَائِزَةً
١١ ‏/ ٧٠٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ ابْتَاعَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا، يَقُولُ: وَعَدَهُمُ الْجَنَّةَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِهِ فِي كُتُبِهِ الْمَنْزِلَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، إِذَا هُمْ وَفُّوا بِمَا عَاهَدُوا اللَّهَ فَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ أَعْدَاءَهُ فَقَتَلُوا وَقُتِلُوا ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١١١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ أَحْسَنُ وَفَاءً بِمَا ضَمِنَ وَشَرَطَ مِنَ اللَّهِ؟ . ﴿فَاسْتَبْشِرُوا﴾ [التوبة: ١١١] يَقُولُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ: فَاسْتَبْشِرُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ فِيمَا عَاهَدُوا ﴿بِبَيْعِكُمْ﴾ [التوبة: ١١١] أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكَمْ بِالَّذِي بِعْتُمُوهَا مِنْ رَبِّكُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. كَمَا
١٢ ‏/ ٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلِلَّهِ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةً وَفَّى بِهَا أَوْ مَاتَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١١١] . . ⦗٦⦘ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١١١] ثُمَّ حَلَّاهُمْ فَقَالَ: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] . . إِلَى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١١٢]»
١٢ ‏/ ٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ [التوبة: ١١١] يَعْنِي بِالْجَنَّةِ»
١٢ ‏/ ٦
قَالَ: ثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: «﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: ١١١] قَالَ: ثَامَنَهُمُ اللَّهُ فَأَغْلَى لَهُمُ الثَّمَنَ»
١٢ ‏/ ٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: «﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ [التوبة: ١١١] قَالَ: بَايَعَهُمْ فَأَغْلَى لَهُمُ الثَّمَنَ»
١٢ ‏/ ٦
حَدَّثَنَا الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ⦗٧⦘ الْقُرَظِيِّ، وَغَيْرِهِ، قَالُوا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «اشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَنَفْسِكَ مَا شِئْتَ قَالَ: «أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِيَ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكَمْ» قَالُوا: فَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ فَمَاذَا لَنَا؟ قَالَ: «الْجَنَّةُ» قَالُوا: رِبِحَ الْبَيْعُ لَا نَقِيلُ وَلَا نَسْتَقِيلُ فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١١١] . . الْآيَةَ»
١٢ ‏/ ٦
قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ طُفَيْلٍ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، وَسَأَلَهُ، رَجُلٌ عَنْ قَوْلِهِ: «﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [التوبة: ١١١] . . الْآيَةَ، قَالَ الرَّجُلُ: أَلَّا أَحْمِلَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَأُقَاتِلَ حَتَّى أُقْتَلَ؟ قَالَ: وَيْلَكَ أَيْنَ الشَّرْطُ: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢]؟»
١٢ ‏/ ٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ؛ وَلَكِنَّهُ رَفَعَ، إِذْ كَانَ مُبْتَدَأٌ بِهِ بَعْدَ تَمَامِ أُخْرَى مِثْلِهَا، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ⦗٨⦘ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ [البقرة: ١٨] بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمَعْنَى التَّائِبُونَ: الرَّاجِعُونَ مِمَّا كَرِهَهُ اللَّهُ وَسَخِطَهُ إِلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ. كَمَا
١٢ ‏/ ٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُهَيْلٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿التَّائِبُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: تَابُوا إِلَى اللَّهِ مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّهَا»
١٢ ‏/ ٨
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَرَأَ: «﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: تَابُوا مِنَ الشِّرْكِ وَبَرِئُوا مِنَ النِّفَاقِ»
١٢ ‏/ ٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، قَالَ: قَرَأَ الْحَسَنُ: «﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: تَابُوا مِنَ الشِّرْكِ، وَبَرِئُوا مِنَ النِّفَاقِ»
١٢ ‏/ ٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «التَّائِبُونَ مِنَ الشِّرْكِ»
١٢ ‏/ ٨
حَدَّثَنَا الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: «﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ الْحَسَنُ: تَابُوا وَاللَّهِ مِنَ الشِّرْكِ، وَبَرِئُوا مِنَ النِّفَاقِ»
١٢ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿التَّائِبُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: تَابُوا مِنَ الشِّرْكِ ثُمَّ لَمْ يُنَافِقُوا فِي الْإِسْلَامِ»
١٢ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، «﴿التَّائِبُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الَّذِينَ تَابُوا مِنَ الذُّنُوبِ ثُمَّ لَمْ يَعُودُوا فِيهَا» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] فَهُمُ الَّذِينَ ذَلُّوا خَشْيَةً لِلَّهِ وَتَوَاضُعًا لَهُ، فَجَدُّوا فِي خِدْمَتِهِ. كَمَا
١٢ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَوْمٌ أَخَذُوا مِنْ أَبْدَانِهِمْ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ»
١٢ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُهَيْلٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِ اللَّهِ «﴿الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: عَبَدُوا اللَّهَ عَلَى أَحَايِينِهِمْ كُلِّهَا فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ»
١٢ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي ⦗١٠⦘ إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الْعَابِدُونَ لِرَبِهِمْ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿الْحَامِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ مَا امْتَحَنَهُمْ بِهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. كَمَا
١٢ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿الْحَامِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَوْمٌ حَمِدُوا اللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ»
١٢ ‏/ ١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «﴿الْحَامِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الَّذِينَ حَمِدُوا اللَّهَ عَلَى أَحَايِينِهِمْ كُلِّهَا فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ»
١٢ ‏/ ١٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿الْحَامِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الْحَامِدُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] فَإِنَّهُمُ الصَّائِمُونَ. كَمَا
١٢ ‏/ ١٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَحَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: “سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ ⦗١١⦘ عَنِ السَّائِحِينَ، فَقَالَ: «هُمُ الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: ثَنَا حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «السَّائِحُونَ هُمُ الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ» قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثَنِي عَاصِمُ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلِهِ
١٢ ‏/ ١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: «السِّيَاحَةُ: الصِّيَامُ»
١٢ ‏/ ١٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٢
حَدَّثَنِي ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٢
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ١٢
قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] هُمُ الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ ⦗١٣⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: يَعْنِي بِالسَّائِحِينَ الصَّائِمِينَ»
١٢ ‏/ ١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] هُمُ الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ: قَالَ ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٣
قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُلُّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ السِّيَاحَةَ: هُمُ الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٣
قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْعَبْدِيِّ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الَّذِي يُدِيمُونَ الصِّيَامَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»
١٢ ‏/ ١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُهَيْلٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ»
١٢ ‏/ ١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٤
قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] فَإِنَّهُ الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ»
١٢ ‏/ ١٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] يَعْنِي: الصَّائِمِينَ»
١٢ ‏/ ١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَيَعْلَى، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الصَّائِمُونَ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ١٤
قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ ⦗١٥⦘ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: «كَانَتِ السِّيَاحَةُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا سَاحَ أَرْبَعِينَ سَنَةً رَأَى مَا كَانَ يَرَى السَّائِحُونَ قَبْلَهُ، فَسَاحَ وَلَدُ بَغِيٍّ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أَرَأَيْتَ إِنْ أَسَاءَ أَبَوَايَ وَأَحْسَنْتُ أَنَا؟ قَالَ: فَأُرِيَ مَا أُرِيَ السَّائِحُونَ قَبْلَهُ» قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: إِذَا تَرَكَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالنِّسَاءَ فَهُوَ السَّائِحُ
١٢ ‏/ ١٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «السَّائِحُونَ قَوْمٌ أَخَذُوا مِنْ أَبْدَانِهِمْ صَوْمًا لِلَّهِ»
١٢ ‏/ ١٥
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «سِيَاحَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ: الصِّيَامُ» وَقَوْلُهُ: ﴿الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] يَعْنِي: الْمُصَلِّينَ الرَّاكِعِينَ فِي صَلَاتِهِمُ السَّاجِدِينَ فِيهَا كَمَا
١٢ ‏/ ١٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: ١١٢] فَإِنَّهُ يَعْنِي ⦗١٦⦘ أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْحَقِّ فِي أَدْيَانِهِمْ، وَاتِّبَاعِ الرُّشْدَ وَالْهُدَى وَالْعَمَلَ، وَيَنْهَونَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ وَذَلِكَ نَهْيُهُمُ النَّاسَ عَنْ كُلِّ فَعَلٍ وَقَوْلٍ نَهَى اللَّهُ عِبَادَهُ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ مَا
١٢ ‏/ ١٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [التوبة: ١١٢] لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ﴿وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: ١١٢] عَنِ الشِّرْكِ»
١٢ ‏/ ١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُهَيْلٍ، قَالَ الْحَسَنُ، فِي قَوْلِهِ: «﴿الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَأْمُرُوا النَّاسَ حَتَّى كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا» ﴿وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى انْتَهَوْا عَنْهُ
١٢ ‏/ ١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ، قَالَ: «كُلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ، فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ: دُعَاءٌ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْإِسْلَامِ؛ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ: نَهَى عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالشَّيَاطِينِ» وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ كُلُّ مَا أَمَرَ ⦗١٧⦘ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ أَوْ رَسُولَهُ ﷺ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ هُوَ كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ عِبَادَهُ أَوْ رَسُولَهُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا عَنِيَ بِهَا خُصُوصَ دُونَ عُمُومٍ وَلَا خَبَرَ عَنِ الرَّسُولِ، وَلَا فِي فِطْرَةِ عَقْلٍ، فَالْعُمُومُ بِهَا أَوْلَى لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١١٢] فَإِنَّهُ يَعْنِي: الْمُؤَدُّونَ فَرَائِضَ اللَّهِ، الْمُنْتَهُونَ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، الَّذِينَ لَا يُضَيِّعُونَ شَيْئًا أَلْزَمَهُمُ الْعَمَلَ بِهِ وَلَا يَرْتَكِبُونَ شَيْئًا نَهَاهُمْ عَنِ ارْتِكَابِهِ. كَالَّذِي
١٢ ‏/ ١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١١٢] يَعْنِي: الْقَائِمِينَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَهُوَ شَرْطٌ اشْتَرَطَهُ عَلَى أَهْلِ الْجِهَادِ إِذَا وَفُّوا اللَّهَ بِشَرْطِهِ وَفَّى لَهُمْ شَرْطَهُمْ»
١٢ ‏/ ١٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الْقَائِمُونَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ»
١٢ ‏/ ١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُهَيْلٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الْقَائِمُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ»
١٢ ‏/ ١٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: لِفَرَائِضِ اللَّهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١١٢] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَبَشِّرِ الْمُصَدِّقِينَ بِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ إِذَا هُمْ وَفُّوا اللَّهَ بِعَهْدِهِ أَنَّهُ مُوفٍ لَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ مِنْ إِدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ. كَمَا
١٢ ‏/ ١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [التوبة: ١١١] . . حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ، قَالَ الَّذِينَ وَفُّوا بِبَيْعَتِهِمْ ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢]، حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُهُمْ وَسَيْرُهُمْ فِي الرَّخَاءِ، ثُمَّ لَقُوا الْعَدُوَّ فَصَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَبَشِّرِ مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَغْزُوا ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ١٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي مَنْصُورُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١١٢] قَالَ: الَّذِينَ ⦗١٩⦘ لَمْ يَغْزُوا»
١٢ ‏/ ١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ﷺ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا، يَقُولُ: أَنْ يَدْعُوا بِالْمَغْفِرَةِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ أُولِي قُرْبَى، ذَوِي قَرَابَةٍ لَهُمْ. ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] يَقُولُ: مِنْ بَعْدِ مَا مَاتُوا عَلَى شَرْكِهِمْ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنْ لَا يَغْفِرَ لِمُشْرِكٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا رَبَهُمْ أَنْ يَفْعَلَ مَا قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدِ اسْتَغْفَرَ لِأَبِيهِ، وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَلَمْ يَكُنِ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا لِمَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ﴾ [البقرة: ٢٥٩] وَعَلِمَ أَنَّهُ للَّهِ عَدُوٌّ خَلَّاهُ وَتَرَكَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ، وَآثَرَ اللَّهَ وَأَمْرَهُ عَلَيْهِ، فَتَبَرَّأَ مِنْهُ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ النَّبِيِّ ﷺ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَرَادَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
١٢ ‏/ ١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: «يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَنَزَلَتْ ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣]، وَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦]
١٢ ‏/ ٢٠
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً ⦗٢١⦘ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ. . .﴾ [القصص: ٥٦] الْآيَةَ “
١٢ ‏/ ٢٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] قَالَ: يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ أَلَا نَسْتَغْفِرُ لِآبَائِنَا وَقَدِ اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ كَافِرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤] . . الْآيَةَ»
١٢ ‏/ ٢١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَلَا أَزَالُ أَسْتَغْفِرُ لِأَبِي طَالِبٍ حَتَّى يَنْهَانِي عَنْهُ رَبِّي» فَقَالَ أَصْحَابُهُ: لَنَسْتَغْفِرَنَّ لِآبَائِنَا كَمَا اسْتَغْفَرَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَمِّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤]
١٢ ‏/ ٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: “لَمَّا حَضَرَ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَيْ عَمِّ إِنَّكَ أَعْظَمُ النَّاسِ عَلَيَّ حَقًّا وَأَحْسَنُهُمْ عِنْدِي يَدًا، وَلَأَنْتَ أَعْظَمُ عَلَيَّ حَقًّا مِنْ وَالِدِي، فَقُلْ كَلِمَةً تَجِبْ لِي بِهَا الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ فِي سَبَبِ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهَا فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ وَقَفَ عَلَى قَبْرِ أُمِّهِ حَتَّى سَخِنَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ رَجَاءَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَيَسْتَغْفِرُ لَهَا، حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ [التوبة: ١١٣] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤]»
١٢ ‏/ ٢٢
قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَى رَسْمًا قَالَ: – وَأَكْثَرُ ⦗٢٣⦘ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ قَبْرًا – فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يُخَاطِبُ، ثُمَّ قَامَ مُسْتَعْبَرًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا رَأَيْنَا مَا صَنَعْتَ قَالَ: «إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّي فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي» فَمَا رُؤِيَ بَاكِيًا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَئِذِ
١٢ ‏/ ٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [التوبة: ١١٣] . . إِلَى: ﴿أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَرَادَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِأُمِّهِ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ قَدِ اسْتَغْفِرَ لِأَبِيهِ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ﴾ [التوبة: ١١٤] . . إِلَى: ﴿لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤]» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] . . ⦗٢٤⦘ الْآيَةَ، فَكَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ أَمْسَكُوا عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِأَمْوَاتِهِمْ، وَلَمْ يُنْهَوْا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْأَحْيَاءِ حَتَّى يَمُوتُوا. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤] . الْآيَةَ»
١٢ ‏/ ٢٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: “﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] . . الْآيَةَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ آبَائِنَا مَنْ كَانَ يُحْسِنُ الْجِوَارَ وَيَصِلُ الْأَرْحَامَ، وَيَفُكُّ الْعَانِيَ وَيُوفِي بِالذِّمَمِ، أَفَلَا نَسْتَغْفِرُ لَهُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلَى وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لِأَبِي كَمَا اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ» قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] . . حَتَّى بَلَغَ: ﴿الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] ثُمَّ عَذَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] . قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: «أُوحِيَ إِلَيَّ كَلِمَاتٍ، فَدَخَلْنَ فِي أُذُنِي وَوَقَرْنَ فِي قَلْبِي، أُمِرْتُ أَنْ لَا أَسْتَغْفِرَ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، وَمَنْ أَعْطَى فَضْلَ مَالِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكَ فَهُوَ شَرٌّ لَهُ، وَلَا يَلُومُ اللَّهُ عَلَى كَفَافٍ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣]⦗٢٥⦘ فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: مَا كَانَ لَهُمُ الِاسْتِغْفَارُ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ﴾ [يونس: ١٠٠] وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ الْإِيمَانُ ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٠٠] وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: مَعْنَاهُ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لَهُمْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا جَاءَتْ «أَنْ» مَعَ «كَانَ»، فَكُلُّهَا بِتَأْوِيلِ «يَنْبَغِي» ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ [آل عمران: ١٦١] مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِهِ، قَالَ: فَلِذَلِكَ إِذَا دَخَلَتْ «أَنْ» تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، لِأَنَّ «يَنْبَغِي» تَطْلُبُ الِاسْتِقْبَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤] فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُنْزِلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمُ الْمُشْرِكِينَ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ خَبَرًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ [مريم: ٤٧] وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ، وَسَنَذْكُرُهُ عَمَّنْ لَمْ نَذْكُرْهُ
١٢ ‏/ ٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «سَمِعْتُ رَجُلًا، يَسْتَغْفِرُ لِوَالِدَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ، فَقُلْتُ: أَيَسْتَغْفِرُ الرَّجُلُ لِوَالِدَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ؟ فَقَالَ: أَوْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ إِبْرَاهِيمُ ⦗٢٦⦘ لِأَبِيهِ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ﴾ [التوبة: ١١٤] . . إِلَى ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤]»
١٢ ‏/ ٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ، حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ [التوبة: ١١٤] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤]» وَقِيلَ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ﴾ [التوبة: ١١٤]، وَمَعْنَاهُ: إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَوْعِدَةٍ، كَمَا يُقَالُ: مَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا عَنْ سَبَبِ كَذَا، بِمَعْنَى: مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ مِنْ أَجْلِهِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ﴾ [التوبة: ١١٤] مِنْ أَجْلِ مَوْعِدَةٍ وَبَعْدَهَا وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ [التوبة: ١١٣] . . الْآيَةَ، أَنَّ النَّهْيَ مِنَ اللَّهِ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ، لِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] وَقَالُوا: ذَلِكَ لَا يَتَبَيَّنُهُ أَحَدٌ إِلَّا بِأَنْ يَمُوتَ عَلَى كُفْرِهِ، وَأَمَّا هُوَ حَيُّ فَلَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ، فَلِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لَهُمْ ⦗٢٧⦘ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٦
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ يَهُودِيُّ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: «كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ وَيَدْفِنَهُ وَيَدْعُو لَهُ بِالصَّلَاحِ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ وَكَّلَهُ إِلَى شَأَنِهِ ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] لَمْ يَدَعُ»
١٢ ‏/ ٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ نَصْرَانِيُّ، فَوَكَّلَهُ ابْنُهُ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «مَا كَانَ عَلَيْهِ لَوْ مَشَى مَعَهُ وَأَجَنَّهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ ثُمَّ تَلَا ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤] . . الْآيَةَ» وَتَأَوَّلَ آخَرُونَ الِاسْتِغْفَارَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَّى إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ: ثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: «مَا كُنْتُ أَدَعُ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ وَلَوْ كَانَتْ حَبَشِيَّةٌ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، لِأَنِّي لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَحْجُبُ الصَّلَاةَ إِلَّا عَنِ الْمُشْرِكِينَ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ⦗٢٨⦘ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣]» وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ بِمَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي هُوَ دُعَاءٌ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ عِصْمَةَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا اسْتَغْفَرَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأُمِّهِ قُلْتُ: وَلِأَبِيهِ؟ قَالَ: لَا إِنَّ أَبِي مَاتَ وَهُو مُشْرِكٌ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ: مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ غَفْرَ الذُّنُوبِ؛ وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ ذَلِكَ قَدْ تَكُونُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فَاسِدًا، لِأَنَّ اللَّهَ عَمَّ بِالنَّهْيِ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْ ذَلِكَ حَالًا أَبَاحَ فِيهَا الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: مَا قَدْ بَيَّنْتُ مِنْ أَنَّهُ مِنْ بَعْدِ مَا يَعْلَمُونَ بِمَوْتِهِ كَافِرًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَقِيلَ: ﴿أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] لِأَنَّهُمْ سُكَّانُهَا وَأَهْلُهَا الْكَائِنُونَ فِيهَا، كَمَا يُقَالُ لِسُكَّانِ الدَّارِ: هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ هَذِهِ الدَّارِ، بِمَعْنَى سُكَّانِهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ⦗٢٩⦘ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] قَالَ: تَبَيَّنَ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حِينَ مَاتَ أَنَّ التَّوْبَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ»
١٢ ‏/ ٢٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «تَبَيَّنَ لَهُ حِينَ مَاتَ، وَعَلِمَ أَنَّ التَّوْبَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ، يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣]»
١٢ ‏/ ٢٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] . . الْآيَةَ، يَقُولُ: إِذَا مَاتُوا مُشْرِكِينَ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ [المائدة: ٧٢]» الْآيَةَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ بِمَوْتِهِ مُشْرِكًا بِاللَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ وَتَرَكَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٢٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، ⦗٣٠⦘ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَازَالَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ»
١٢ ‏/ ٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَازَالَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا مَاتَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ»
١٢ ‏/ ٣٠
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ»
١٢ ‏/ ٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] يَعْنِي اسْتَغْفِرَ لَهُ مَا كَانَ حَيًّا، فَلَمَّا مَاتَ أَمْسَكَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ»
١٢ ‏/ ٣٠
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو قُتَيْبَةَ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: لَمَّا مَاتَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ٣٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: مَوْتَهُ وَهُوَ كَافِرٌ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ٣١
قَالَ: ثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَكَمِ، «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: حِينَ مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ»
١٢ ‏/ ٣١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] مَوْتَهُ وَهُوَ كَافِرٌ»
١٢ ‏/ ٣١
قَالَ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: لَمَّا مَاتَ»
١٢ ‏/ ٣١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] لَمَّا مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ»
١٢ ‏/ ٣١
حٌدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ [التوبة: ١١٤] كَانَ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَرْجُو أَنْ يُؤْمِنَ أَبُوهُ مَا دَامَ حَيًّا؛ فَلَمَّا مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ»
١٢ ‏/ ٣١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ⦗٣٢⦘ مُجَاهِدٍ، «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: مَوْتَهُ وَهُوَ كَافِرٌ»
١٢ ‏/ ٣١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا زَالَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا مَاتَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ فَلَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ»
١٢ ‏/ ٣٢
قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ تَبَيَّنَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجُوزَ الصِّرَاطَ فَيَمُرُّ بِهِ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يُجَاوِزَهُ حَانَتْ مِنْ إِبْرَاهِيمَ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فِي صُورَةِ قِرْدٍ أَوْ ضَبْعٍ، فَخَلَّى عَنْهُ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ حِينَئِذٍ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٣٢
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَبِّ وَالِدِي رَبِّ وَالِدِي فَإِذَا كَانَ الثَّالِثَةُ أَخَذَ بِيَدِهِ، فَيَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَهُوَ ضِبْعَانُ فَيَتَبَرَّأَ ⦗٣٣⦘ مِنْهُ»
١٢ ‏/ ٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «إِنَّكُمْ مَجْمُوعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَسْمَعُكُمُ الدَّاعِي وَيُنْفِذَكُمُ الْبَصَرَ، قَالَ: فَتَزْفَرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيُّ مُرْسَلٌ إِلَّا وَقَعَ لِرُكْبَتَيهِ تَرْعَدُ فَرَائِصُهُ. قَالَ: فَحَسِبَتْهُ يَقُولُ: نَفْسِي نَفْسِي قَالَ: وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ كَحَدِّ السَّيْفِ، وَحَضَرَ مَنْ لَهُ؛ وَفِي جَانِبَيْهِ مَلَائِكَةٌ مَعَهُمْ خَطَاطِيفٌ كَشَوْكِ السَّعْدَانِ. قَالَ: فَيَمْضُونَ كَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّكَابِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّجَالِ، وَالْمَلَائِكَةٌ يَقُولُونَ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَمَخْدُوشٌ نَاجٍ، وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ. يَقُولُ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ: إِنِّي آمُرُكَ فِي الدُّنْيَا فَتَعْصِينِي وَلَسْتُ تَارُكُكَ الْيَوْمَ، فَخُذْ بِحِقْوَيِّ فَيَأْخُذُ بِضَبْعَيْهِ، فَيُمْسَخُ ضَبْعًا، فَإِذَا رَآهُ قَدْ مُسِخَ تَبَرَّأَ مِنْهُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ اللَّهِ، وَهُوَ خَبَرُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ أَبَاهُ لِلَّهِ عَدُوٌّ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَذَلِكَ حَالُ عِلْمِهِ وَيَقِينِهِ أَنَّهُ لِلَّهِ عَدُوٌّ وَهُوَ بِهِ مُشْرِكٌ، وَهُو حَالُ مَوْتِهِ عَلَى شِرْكِهِ
١٢ ‏/ ٣٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤]⦗٣٤⦘ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْأَوَّاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الدُّعَاءُ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الدُّعَاءُ»
١٢ ‏/ ٣٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الدُّعَاءُ»
١٢ ‏/ ٣٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ الْأَوَّاهِ، فَقَالَ: «هُوَ الدُّعَاءُ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ٣٤
قَالَ: ثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الدُّعَاءُ» قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ٣٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا ⦗٣٥⦘ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الدُّعَاءُ»
١٢ ‏/ ٣٤
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الدُّعَاءُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الرَّحِيمُ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٢ ‏/ ٣٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: «سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْأَوَّاهِ، فَقَالَ: الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْجَزَّارِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، رَجُلٍ ضَرِيرِ الْبَصَرِ، أَنَّهُ: «سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ الْأَوَّاهِ فَقَالَ: الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ؛ وحَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلِ جَمِيعًا، عَنِ الْمَسْعُودٍيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: مَا الْأَوَّاهُ؟ قَالَ: «الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٥
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ ⦗٣٦⦘ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ: أَنَّهُ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَنْ نَسْأَلُ إِذَا لَمْ نَسْأَلْكَ؟ فَكَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَقَّ لَهُ، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَوَّاهِ، قَالَ: «الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ الْأَوَّاهِ، فَقَالَ: «هُوَ الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، قَالَ: جَاءَ أَبُو الْعُبَيْدَيْنِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: «مَا حَاجَتُكَ؟» قَالَ: مَا الْأَوَّاهُ؟ قَالَ: «الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٦
قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَوْأَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْأَوَّاهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: «الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ وَهَانِئُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ أَنَّ أَبَا الْعُبَيْدَيْنِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ يَعْقُوبُ: كَانَ ضَرِيرُ الْبَصَرِ؛ وَقَالَ ابْنُ وَكِيعٍ: كَانَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ، سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَا الْأَوَّاهُ؟ قَالَ: «الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ» قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، مِثْلَهُ
١٢ ‏/ ٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «هُوَ الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ الْأَوَّاهَ، الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: رَحِيمٌ» قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٣٧
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٧
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ ⦗٣٨⦘ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ الْأَوَّاهِ، فَقَالَ: «الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٧
قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ»
١٢ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ بِعِبَادِ اللَّهِ»
١٢ ‏/ ٣٨
قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ بِلَحْنِ الْحَبَشَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْمُوقِنُ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ»
١٢ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ مُبَارَكٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ»
١٢ ‏/ ٣٨
قَالَ: ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَسَنٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ⦗٣٩⦘ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ»
١٢ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْفَقِيهُ الْمُوقِنُ
١٢ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ»
١٢ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «هُوَ الْمُوقِنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ»
١٢ ‏/ ٣٩
قَالَ: ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ»
١٢ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ»
١٢ ‏/ ٣٩
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ»
١٢ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗٤٠⦘ مُجَاهِدٍ، «أَوَّاهٌ»: مُوقِنٌ “
١٢ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «أَوَّاهٌ، قَالَ: مُؤْتَمَنٌ مُوقِنٌ»
١٢ ‏/ ٤٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: الْأَوَّاهُ: الْمُوقِنُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ كَلِمَةٌ بِالْحَبَشِيَّةِ مَعْنَاهَا: الْمُؤْمِنُ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: الْأَوَّاهُ: هُوَ الْمُؤْمِنُ بِالْحَبَشِيَّةِ»
١٢ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ﴾ [التوبة: ١١٤] يَعْنِي: الْمُؤْمِنَ التَّوَّابَ»
١٢ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُؤْمِنُ»
١٢ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، «الْأَوَّاهُ: ⦗٤١⦘ الْمُؤْمِنُ بِالْحَبَشِيَّةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْمُسَبِّحُ الْكَثِيرُ الذِّكْرِ لِلَّهِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْمُسَبِّحُ»
١٢ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ: أَنَّ رَجُلًا، كَانَ يُكْثِرُ ذِكرَ اللَّهِ وَيُسَبِّحُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «إِنَّهُ أَوَّاهٌ»
١٢ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَرْثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: الْكَثِيرُ الذِّكْرِ لِلَّهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الَّذِي يُكْثِرُ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَفَنَ مَيِّتًا، فَقَالَ: «يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنْ ⦗٤٢⦘ كُنْتَ لَأَوَّاهًا» يَعْنِي: تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مِنَ التَّأَوُّهِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ قَاصٍّ، كَانَ بِمَكَّةَ: أَنَّ رَجُلًا، كَانَ فِي الطَّوَافِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَوَّهْ قَالَ: فَشَكَاهُ أَبُو ذَرٍّ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «دَعْهُ إِنَّهُ أَوَّاهٌ»
١٢ ‏/ ٤٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، بِمَكَّةَ كَانَ أَصْلُهُ رُومِيًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: أَوَّهْ أَوَّهْ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّهُ أَوَّاهٌ» زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْفِنُ ذَلِكَ الرَّجُلَ لَيْلًا وَمَعَهُ الْمِصْبَاحُ
١٢ ‏/ ٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «الْأَوَّاهُ: إِذَا ذَكَرَ النَّارَ قَالَ: أَوَّهْ»
١٢ ‏/ ٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ «إِذَا ذَكَرَ النَّارَ قَالَ: أَوَّهْ»
١٢ ‏/ ٤٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ: «﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: إِذَا ذَكَرَ النَّارَ قَالَ: أَوَّهْ مِنَ النَّارِ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ فَقِيهٌ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ﴾ [التوبة: ١١٤] قَالَ: فَقِيهٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْمُتَضَرِّعُ الْخَاشِعُ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، قَالَ: ثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْأَوَّاهُ؟ قَالَ: «الْمُتَضَرِّعُ» . قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ»
١٢ ‏/ ٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ ⦗٤٤⦘ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ شَهْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْأَوَّاهُ: الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ زِرٌّ أَنَّهُ الدُّعَاءُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ ذَلِكَ وَوَصَفَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ وَصْفِهِ إِيَّاهُ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِأَبِيهِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] وَتَرَكَ الدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِبْرَاهِيمَ لَدَعَّاءٌ رَبَّهُ شَاكٍ لَهُ حَلِيمٌ عَمَّنْ سَبَّهُ وَنَالَهُ بِالْمَكْرُوهٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَدَ أَبَاهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ، وَدُعَاءِ اللَّهِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ عِنْدَ وَعِيدِ أَبِيهِ إِيَّاهُ، وَتَهَدُّدِهِ لَهُ بِالشَّتْمِ بَعْدَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ نَصِيحَتَهُ فِي اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: ﴿أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ [مريم: ٤٦] فَقَالَ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤٨] فَوَفَّى لِأَبِيهِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، فَوَصَفَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ دَعَّاءٌ لِرَبِهِ حَلِيمٌ عَمَّنْ سَفِهَ عَلَيْهِ. وَأَصْلُهُ مِنَ التَّأَوُّهِ وَهُوَ التَّضَرُّعُ وَالْمَسْأَلَةُ بِالْحُزْنِ وَالْإِشْفَاقِ، كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْخَبَرَ الَّذِي:
١٢ ‏/ ٤٣
حَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: ثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ ذُو الْبِجَادَيْنِ: «⦗٤٥⦘ إِنَّهُ أَوَّاهٌ» وَذَلِكَ أَنَّهُ رَجُلٌ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ بِالْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ ” وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْمُتَوَجِّعِ مِنْ أَلَمٍ أَوْ مَرَضٍ: لِمَ تَتَأَوَّهُ؟ كَمَا قَالَ الْمُثَقَّبُ الْعَبْدِيُّ:
[البحر الوافر]

إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ … تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ،
وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
[البحر الطويل]

ضَرُوحٌ مَرُوحٌ تَتْبَعُ الْوُرْقَ بَعْدَمَا … يُعَرِّسْنَ تَشْكُو آهَةً وَتَذَمُّرَا
. وَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تَنْطِقُ مِنْهُ بِفِعْلِ يَفْعَلُ، وَإِنَّمَا تَقُولُ فِيهِ: تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ، مِثْلُ تَأَوَّهُ يَتَأَوَّهُ، وَأَوَّهُ يُؤَوِّهُ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
[البحر الرجز]

فَأَوَّهَ الرَّاعِي وَضَوْضَى أَكْلُبُهْ
وَقَالُوا أَيْضًا: أَوَّهْ مِنْكَ ذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ أَبَا الْجَرَّاحِ أَنْشَدَهُ:
[البحر الطويل]

فَأَوَّهْ مِنَ الذِّكْرَى إِذَا مَا ذَكَرْتُهَا … وَمِنْ بُعْدِ أَرْضٍ بَيْنَنَا وَسَمَاءِ
⦗٤٦⦘ قَالَ: وَرُبَّمَا أَنْشَدَنَا «فَأَوَّ مِنَ الذِّكْرَى» بِغَيْرِ هَاءٍ. وَلَوْ جَاءَ فَعَلَ مِنْهُ عَلَى الْأَصْلِ لَكَانَ آهَ يَئُوهُ أَوَّهَا. وَلِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: تَوَجُّعٌ وَتَحَزُّنٌ وَتَضَرُّعٌ، اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيهِ الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْتُ، فَقَالَ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ الرَّحْمَةُ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى وَجْهِ الرِّقَةِ عَلَى أَبِيهِ وَالرَّحْمَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِصِحَّةِ يَقِينِهِ وَحُسْنِ مَعْرِفَتِهِ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَتَوَاضُعِهِ لَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ لِصِحَّةِ إِيمَانِهِ بِرَبِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ تَنْزِيلَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِ رَبِّهِ. وَكُلُّ ذَلِكَ عَائِدٌ إِلَى مَا قُلْتُ، وَتَقَارَبَ مَعْنَى بَعْضِ ذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْحَزِينَ الْمُتَضَرِّعَ إِلَى رَبِّهِ الْخَاشِعَ لَهُ بِقَلْبِهِ، يَنُوبُهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَسْأَلَتِهِ رَبَّهُ وَدُعَائِهِ إِيَّاهُ فِي حَاجَاتِهِ، وَتَعْتَوِرُهُ هَذِهِ الْخِلَالُ الَّتِي وَجَّهَ الْمُفَسِّرُونَ إِلَيْهَا تَأْوِيلَ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤]

١٢ ‏/ ٤٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَقْضِيَ عَلَيْكُمْ فِي اسْتِغْفَارِكُمْ لِمَوتَاكُمُ ⦗٤٧⦘ الْمُشْرِكِينَ بِالضَّلَالِ بَعْدَ إِذْ رَزَقَكُمُ الْهِدَايَةَ وَوَفَّقَكُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، حَتَّى يَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فَتَتْرُكُونَ الِانْتِهَاءَ عَنْهُ؛ فَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ بِالنَّهِي عَنْهُ ثُمَّ تَتَعَدُّوا نَهْيَهُ إِلَى مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْكُمْ بِالضَّلَالِ، لِأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ إِنَّمَا يَكُونَانِ مِنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ وَلَمْ يُنْهَ فَغَيْرُ كَائِنٍ مُطِيعًا أَوْ عَاصِيًا فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٤٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥] قَالَ: بَيَانُ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً، وَفِي بَيَانِهِ طَاعَتَهُ وَمَعْصِيَتَهُ، فَافْعَلُوا أَوْ ذَرُوا»
١٢ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗٤٨⦘ مُجَاهِدٍ: «﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥] قَالَ: بَيَانُ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَّا يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً، وَفِي بَيَانِهِ طَاعَتَهُ وَمَعْصِيَتَهُ عَامَّةً، فَافْعَلُوا أَوْ ذَرُوا» قَالَ ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ
١٢ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥] قَالَ: يُبَيِّنُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي أَنْ لَّا يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ فِي بَيَانِهِ فِي طَاعَتِهِ وَفِي مَعْصِيَتِهِ، فَافْعَلُوا أَوْ ذَرُوا»
١٢ ‏/ ٤٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ لَهُ سُلْطَانُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمُلْكُهُمَا، وَكُلُّ مَنْ دُونَهُ مِنَ الْمُلُوكِ فَعَبِيدُهُ وَمَمَالِيكُهُ، بِيَدِهِ حَيَاتُهُمْ وَمَوْتُهُمْ، يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ وَيُمِيتُ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ، فَلَا تَجْزَعُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ قِتَالِ مَنْ كَفَرَ بِي مِنَ الْمُلُوكِ، مُلُوكِ الرُّومِ كَانُوا أَوْ مُلُوكِ فَارِسٍ وَالْحَبَشَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَاغْزُوهُمْ وَجَاهِدُوهُمْ فِي طَاعَتِي، فَإِنِّي الْمُعِزُّ مَنْ أَشَاءُ مِنْهُمْ وَمِنْكُمْ وَالْمُذِلُّ مَنْ أَشَاءُ.
١٢ ‏/ ٤٨
وَهَذَا حَضٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِتَالِ كُلِّ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنَ الْمَمَالِيكِ، وَإِغْرَاءٌ مِنْهُ لَهُمْ بِحَرْبِهِمْ وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نُصَيْرٍ﴾ [البقرة: ١٠٧] يَقُولُ: وَمَا لَكُمْ مِنْ أَحَدٍ هُوَ لَكُمْ حَلِيفٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ يُظَاهِرُكُمْ عَلَيْهِ إِنْ أَنْتُمْ خَالَفْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ فَعَاقَبَكُمْ عَلَى خِلَافِكُمْ أَمْرَهُ يَسْتَنْقِذَكُمْ مِنْ عِقَابِهِ، وَلَا نُصَيْرَ يَنْصُرُكُمْ مِنْهُ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا. يَقُولُ: فَبِاللهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْهَبُوا، وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ مَنْ كَفَرَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَى مِنْكُمْ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ بِأَنَّ لَكُمُ الْجَنَّةَ، تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ فَتَقْتُلُونَ وَتُقتَلُونَ
١٢ ‏/ ٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَقَدْ رَزَقَ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَى أَمْرِهِ وَطَاعَتِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ، وَالْمُهَاجِرِينَ دِيَارَهُمْ وَعَشِيرَتَهُمْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ فِي اللَّهِ، الَّذِينَ اتَّبَعُوا رَسُولَ اللَّهِ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْهُمْ مِنَ النَّفَقَةِ وَالظَّهْرِ وَالزَّادِ وَالْمَاءِ ﴿مِنْ بَعْدَ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ١١٧] يَقُولُ: مِنْ بَعْدَ مَا كَادَ يَمِيلُ قُلُوبُ بَعْضِهِمْ عَنِ الْحَقِّ وَيَشُكُّ فِي دِينِهِ وَيَرْتَابُ بِالَّذِي نَالَهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالشِّدَّةِ فِي سَفَرِهِ وَغَزْوِهِ ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١١٧] يَقُولُ: ثُمَّ رَزَقَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْإِنَابَةَ وَالرُّجُوعَ
١٢ ‏/ ٤٩
إِلَى الثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ وَإِبْصَارِ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ قَدْ كَادَ يَلْتَبِسُ عَلَيْهِمْ ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ يَقُولُ: إِنَّ رَبَّكُمْ بِالَّذِينَ خَالَطَ قُلُوبُهُمْ ذَلِكَ لِمَا نَالَهُمْ فِي سَفَرِهِمْ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْمَشَقَّةِ، ﴿رَءُوفٌ﴾ بِهِمْ، ﴿رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٤٣] أَنْ يُهْلِكَهُمُ، فَيَنْزِعَ مِنْهُمُ الْإِيمَانَ بَعْدَ مَا قَدْ أَبْلَوْا فِي اللَّهِ مَا أَبْلَوْا مَعَ رَسُولِهِ وَصَبَرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٥٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٌ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ»
١٢ ‏/ ٥٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ: «﴿فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] قَالَ: خَرَجُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى بَعِيرٍ، وَخَرَجُوا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَأَصَابَهُمْ يَوْمَئِذٍ عَطَشٌ شَدِيدٌ، فَجَعَلُوا يَنْحَرُونَ إِبِلَهُمْ فَيَعْصِرُونَ أَكْرَاشَهَا وَيَشْرَبُونَ مَاءَهَا، كَانَ ذَلِكَ عُسْرَةً مِنَ الْمَاءِ وَعُسْرَةً مِنَ الظَّهْرِ وَعُسْرَةً مِنَ النَّفَقَةِ»
١٢ ‏/ ٥٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ⦗٥١⦘ مُجَاهِدٍ، «﴿سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] قَالَ: غَزْوَةُ تَبُوكَ، قَالَ: «الْعُسْرَةِ»: أَصَابَهُمْ جَهْدٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَشُقَّانِ التَّمْرَةَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُمْ لَيَمُصُّونَ التَّمْرَةَ الْوَاحِدَةَ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهَا الْمَاءَ»
١٢ ‏/ ٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] قَالَ: غَزْوَةُ تَبُوكَ»
١٢ ‏/ ٥١
قَالَ: ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، «﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] قَالَ: عُسْرَةُ الظَّهْرِ، وَعُسْرَةُ الزَّادِ، وَعُسْرَةُ الْمَاءِ»
١٢ ‏/ ٥١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] . . الْآيَةَ، الَّذِينَ اتَّبَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَبْلَ الشَّأْمِ فِي لَهْبَانِ الْحَرِّ عَلَى مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنَ الْجَهْدِ، أَصَابَهُمْ فِيهَا جَهْدٌ شَدِيدٌ، حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَيْنِ كَانَا يَشُقَّانِ التَّمْرَةَ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ النَّفْرُ يَتَنَاوَلُونَ التَّمْرَةَ بَيْنَهُمْ؛ يَمُصُّهَا هَذَا ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَمُصُّهَا هَذَا ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهَا، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَقْفَلَهُمْ مِنْ غَزْوِهِمْ»
١٢ ‏/ ٥١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي شَأْنِ الْعُسْرَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى أَنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَذْهَبُ يَلْتَمِسُ الْمَاءَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنُّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ، وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا، فَادْعُ لَنَا قَالَ: «تُحِبُّ ذَلِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى مَالَتِ السَّمَاءُ، فَأَظَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ، فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ، ثُمَّ رَجَعْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزْتِ الْعَسْكَرَ» ⦗٥٣⦘ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: حَدَّثَنَا عَنْ شَأْنِ جَيْشِ الْعُسْرَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
١٢ ‏/ ٥٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ فِيمَا قَبْلُ، هُمُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَونَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ١٠٦] فَتَابَ عَلَيْهِمْ عَزَّ ذَكَرُهُ وَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
١٢ ‏/ ٥٣
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا: وَلَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خَلَّفَهُمُ اللَّهُ عَنِ التَّوْبَةِ، فَأَرْجَأَهُمْ عَمَّنْ تَابَ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. كَمَا
١٢ ‏/ ٥٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَمَّنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: خُلِّفُوا عَنِ التَّوْبَةِ»
١٢ ‏/ ٥٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَمَا قَوْلُهُ: «﴿خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] فَخُلِّفُوا عَنِ التَّوْبَةِ» ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ: بِسِعَتِهَا غَمًّا وَنَدَمًا عَلَى تَخَلُّفِهِمْ عَنِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ [التوبة: ١١٨] بِمَا نَالَهُمْ مِنَ الْوَجْدِ وَالْكَرْبِ بِذَلِكَ ﴿وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ: وَأَيْقَنُوا بِقُلُوبِهِمَ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُمْ يَلْجَئُون إِلَيْهِ مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مِنَ الْبَلَاءِ بِتَخَلُّفِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُنْجِيهِمْ مِنْ كَرْبِهِ، وَلَا مِمَّا يَحْذَرُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَّا اللَّهَ. ثُمَّ رَزَقَهُمُ الْإِنَابَةَ إِلَى طَاعَتِهِ، وَالرُّجُوعَ إِلَى مَا يُرْضِيهِ عَنْهُمْ، لِيَنِيبُوا إِلَيْهِ وَيَرْجِعُوا إِلَى طَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْوَهَّابُ لِعِبَادِهِ الْإِنَابَةَ إِلَى طَاعَتِهِ الْمُوَفَّقُ مَنْ أَحَبَّ تَوْفِيقَهُ مِنْهُمْ لِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُ، الرَّحِيمُ بِهِمْ أَنْ يُعَاقبَهُمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ، أَوْ يَخْذُلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ التَّوْبَةَ وَالْإِنَابَةَ وَلَا يَتُوبُ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٢ ‏/ ٥٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] . قَالَ. كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ» حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ الْوَرَّاقِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَمَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، أَوِ ابْنُ رَبِيعَةَ، شَكَّ أَبُو أُسَامَةَ
١٢ ‏/ ٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَامِرٍ، «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: أُرْجِئُوا فِي أَوْسَطِ بَرَاءَةَ»
١٢ ‏/ ٥٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ. ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: الَّذِينَ أُرْجِئُوا فِي أَوْسَطِ بَرَاءَةَ قَوْلُهُ: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَونَ لِأَمْرِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٠٦] هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ»
١٢ ‏/ ٥٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] الَّذِينَ أُرْجِئُوا فِي وَسَطِ بَرَاءَةَ»
١٢ ‏/ ٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ ⦗٥٦⦘ رَبِيعَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ»
١٢ ‏/ ٥٥
قَالَ: ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: الَّذِينَ أُرْجِئُوا»
١٢ ‏/ ٥٦
قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: «﴿الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَكَانَ شَاعِرًا، وَمَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَكُلُّهُمْ أَنْصَارٌ»
١٢ ‏/ ٥٦
قَالَ: ثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، وَالْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ»
١٢ ‏/ ٥٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَاشِمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَمَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ؛ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ»
١٢ ‏/ ٥٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: ١١٨] كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؛ تَخَلَّفُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَوْثَقَ نَفْسَهُ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقَالَ: لَا أُطْلِقُهَا أَوْ لَا أُطْلِقُ نَفْسِي حَتَّى يُطْلِقُنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «وَاللَّهِ لَا أُطْلِقُهُ حَتَّى يُطْلِقُهُ رَبُّهُ إِنْ شَاءَ» . وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ تَخَلَّفَ عَلَى حَائِطٍ لَهُ كَانَ أَدْرَكَ، فَجَعَلَهُ ⦗٥٧⦘ صَدَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَرَكِبَ الْمَفَاوزَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ تَرْفَعُهُ أَرْضٌ وَتَضَعُهُ أُخْرَى، وَقَدَمَاهُ تَشَلْشَلَانِ دَمًا»
١٢ ‏/ ٥٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: «﴿الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ»
١٢ ‏/ ٥٧
قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سَلَّامٍ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، ومَرَارَةُ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ»
١٢ ‏/ ٥٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: «مَا كُنْتُ فِي غَزَاةٍ أَيْسَرُ لِلظَّهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنِّي فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ. قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: أَتَجَهَّزُ غَدًا ثُمَّ أَلْحَقُهُ فَأَخَذْتُ فِي جَهَازِي، فَأَمْسَيْتُ وَلَمْ أَفْرَغْ؛ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَخَذْتُ فِي جَهَازِي، فَأَمْسَيْتُ وَلَمْ أَفْرَغْ، فَقُلْتُ: هَيْهَاتَ، سَارَ النَّاسُ ثَلَاثًا فَأَقَمْتُ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَعَلَ النَّاسُ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ فِي غَزَاةٍ أَيْسَرُ لِلظَّهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنِّي فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ. فَأَعْرَضَ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يُكَلِّمُونَا، وَأُمِرَتْ نِسَاؤُنَا أَنْ يَتَحَوَّلْنَ عَنَّا. قَالَ: فَتَسَوَّرْتُ حَائِطًا ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا أَنَا بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: أَيْ جَابِرُ، نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ عَلِمْتَنِي غَشَشْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَوْمًا قَطُّ؟ فَسَكَتَ عَنِّي، فَجَعَلَ لَا ⦗٥٨⦘ يُكَلِّمُنِي. فَبَيْنَا أَنَا ذَاتُ يَوْمٍ، إِذْ سَمِعْتُ رَجُلًا عَلَى الثَّنِيَّةِ يَقُولُ: كَعْبُ كَعْبُ حَتَّى دَنَا مِنِّي، فَقَالَ: بَشِّرُوا كَعْبًا»
١٢ ‏/ ٥٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: “غَزَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ وَهُوَ يُرِيدُ الرُّومَ وَنَصَارَى الْعَرَبِ بِالشَّامِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ تَبُوكَ أَقَامَ بِهَا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَلَقِيَهُ بِهَا وَفْدُ أَذْرَحَ وَوَفْدُ أَيْلَةَ، صَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْجِزْيَةِ. ثُمَّ قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ تَبُوكَ وَلَمْ يُجَاوِزْهَا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ [التوبة: ١١٧] . . الْآيَةَ، وَالثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا: رَهْطٌ مِنْهُمْ: كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَلِمَةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي وَاقِفٍ. وَكَانُوا تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ فِي بَضْعَةٍ وَثَمَانِينَ رَجُلًا؛ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَدَقَهُ أُولَئِكَ حَدِيثَهُمْ وَاعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ، وَكَذِبَ سَائِرُهُمْ، فَحَلَفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا حَبَسَهُمْ إِلَّا الْعُذْرُ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَبَايَعَهُمْ، وَوَكَّلَهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ إِلَى اللَّهِ. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كَلَامِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وَقَالَ لَهُمْ حِينَ حَدَّثُوهُ حَدِيثَهُمْ وَاعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ: «قَدْ صَدَقْتُمْ فَقُومُوا حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكُمْ» فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ
١٢ ‏/ ٥٨
الْقُرْآنَ تَابَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾ [التوبة: ٩٥] . . حَتَّى بَلَغَ: ﴿لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦] . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبُ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي قَدْ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا؛ إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. فَكَانَ مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرُ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ. فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَاوِزَ، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمَرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أَهُبَّةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ كَثِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافَظٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ الدِّيوَانَ قَالَ كَعْبُ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلَّا يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْي مِنَ اللَّهِ. وَغَزَا رَسُولُ
١٢ ‏/ ٥٩
اللَّهِ ﷺ تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ، وَأَنَا إِلَيْهِمَا أَصْعَرُ. فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَطَفِقَتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَا لَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِي، فَطَفِقْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ النَّبِيِّ ﷺ يَحْزُنُنِي أَنِّي لَا أَرَى لِي أُسْوَةٌ إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ. وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ رَأَى رَجُلًا مُبَيِّضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ» فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ، فَلَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي هَمِّي، فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْي مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ، حَتَّى
١٢ ‏/ ٦٠
عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُو مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ. وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ؛ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بَضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَّلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ؛ حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ» فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟» قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّيَ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ لَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفُوَّ اللَّهِ؛ وَاللَّهِ مَا كَانَ فِي عُذْرٌ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرُ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ» فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَاتَّبَعُونِي وَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، لَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ الْمُتَخَلِّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَكَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي، حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأُكَذِّبُ نَفْسِي. قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِيَ أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. قَالَ: قُلْتُ مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَامِرِيُّ
١٢ ‏/ ٦١
وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ. قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ. قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، قَالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِي فِي نَفْسِي الْأَرْضُ فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً. فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبُّ الْقَوْمَ وَأَجْلَدُهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ وَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ يَرُدُّ السَّلَامَ أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي مَعَهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلَتُ عَلَى صَلَاتِي نَظَرَ إِلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي. حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسَ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ، قَالَ: فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ. فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا بِنِبْطِيٍّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ حَتَّى جَاءَنِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلَكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ قَالَ: فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهُ: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلَاءِ. فَتَأَمَّمْتُ بِهِ
١٢ ‏/ ٦٢
التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهِ. حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْي إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَأْتِينِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لَا بَلْ اعْتَزِلْهَا فَلَا تَقْرَبْهَا قَالَ: وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيِّ بِذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحِقِي بِأَهْلِكِ تَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِي اللَّهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ فَقَالَ: «لَا، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَوَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوْ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ أَنْ تَخْدُمَهُ قَالَ: فَقُلْتُ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَمَا يُدْرِينِي مَاذَا يَقُولُ لِي إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ. فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَ لَيَالٍ، فَكَمَلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كَلَامِنَا. قَالَ: ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَنَّا قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَبْشِرْ قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ
١٢ ‏/ ٦٣
قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. قَالَ: وَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيِّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِي وَأَوْفَى الْجَبَلَ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعُ مِنَ الْفَرَسِ. فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبِيَّ، فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا. وَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ، وَيَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ – قَالَ: فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ – قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا سِرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ: فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنِّي أَمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَنْجَانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيَتُ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ
١٢ ‏/ ٦٤
ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام أَحْسَنَ مِمَّا ابْتَلَانِي، وَاللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِيَ اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [التوبة: ١١٧] . . حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] . . إِلَى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] قَالَ كَعْبُ: وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِيَ لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكُ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْي شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [التوبة: ٩٥] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ،﴾ [التوبة: ٩٦] قَالَ كَعْبٌ: خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَوْبَتَهُمْ حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خَلَّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ “
١٢ ‏/ ٦٥
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا إِلَّا بَدْرًا، وَلَمْ يُعَاتِبِ النَّبِيُّ ﷺ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ أَبِيهِ كَعْبٍ حِينَ أُصِيبَ بَصَرُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَحَدِيثَ صَاحِبَيْهِ قَالَ: مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
١٢ ‏/ ٦٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مُعَرِّفَهُمْ سَبِيلَ النَّجَاةِ مِنْ عِقَابِهِ وَالْخَلَاصِ مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، اتَّقُوا اللَّهَ وَرَاقِبُوهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضَهُ وَتَجَنُّبِ حُدُودَهُ، وَكُونُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ وِلَايَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، تَكُونُوا فِي الْآخِرَةِ مَعَ الصَّادِقِينَ فِي الْجَنَّةِ. يَعْنِي مَعَ مَنْ صَدَقَ اللَّهَ الْإِيمَانَ بِهِ فَحَقَّقَ قَوْلَهُ بِفِعْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ فِيهِ الَّذِينَ يَكْذِبُ قِيلَهُمْ فِعْلُهُمْ وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فِي الْآخِرَةِ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ [النساء: ٦٩] وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلَامِ، لِأَنَّ كَوْنِ الْمُنَافِقِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ نَافِعُهُ بِأَيِّ وُجُوهِ الْكَوْنِ كَانَ مَعَهُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا عَمَلَهُمْ، وَإِذَا عَمِلَ عَمَلَهُمْ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَإِذَا كَانَ مِنْهُمْ كَانَ لَا وَجْهَ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. وَلِتَوْجِيهِ الْكَلَامَ إِلَى مَا وَجْهَنَا مِنْ تَأْوِيلِهِ فَسَّرَ ذَلِكَ مَنْ فَسَّرَهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِأَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: وَكُونُوا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، أَوْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَالْمُهَاجِرِينَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرَهُ فِي تَأْوِيلِهِ
١٢ ‏/ ٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ نَافِعٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿⦗٦٨⦘ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] قَالَ: مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ»
١٢ ‏/ ٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا حَبَوَيهِ أَبُو يَزِيدَ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «قِيلَ لِلثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ»
١٢ ‏/ ٦٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] قَالَ: مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَصْحَابِهِمَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ»
١٢ ‏/ ٦٨
قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْكَاهِلِيُّ، قَالَ: ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] قَالَ: مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا»
١٢ ‏/ ٦٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: «﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] قَالَ: مَعَ الْمُهَاجِرِينَ الصَّادِقِينَ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقْرَؤُهُ: «وَكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ» ⦗٦٩⦘ وَيَتَأَوَّلُهُ أَنَّ ذَلِكَ نَهْي مِنَ اللَّهِ عَنِ الْكَذِبِ ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِذَلِكَ
١٢ ‏/ ٦٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا آدَمُ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّ الْكَذِبَ لَا يَحِلُّ مِنْهُ جَدٌّ وَلَا هَزْلٌ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ) قَالَ: وَكَذَلِكَ هِيَ قِرَاءَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ: (مِنَ الصَّادِقِينَ)، فَهَلْ تَرَوْنَ فِي الْكَذِبِ رُخْصَةً؟» قَالَ: ثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ
١٢ ‏/ ٦٩
قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «الْكَذِبُ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جَدٌّ وَلَا هَزْلٌ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ.» يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ «وَهِيَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَهَلْ تَرَوْنَ مِنْ رُخْصَةٍ فِي الْكَذِبِ؟»
١٢ ‏/ ٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي هَزْلٍ وَلَا جَدٍّ، ثُمَّ تَلَا عَبْدُ اللَّهِ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا﴾ [التوبة: ١١٩]⦗٧٠⦘ مَا أَدْرِي أَقَالَ «مِنَ الصَّادِقِينَ» أَوْ ﴿مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] وَهُوَ فِي كِتَابِي: ﴿مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩]» قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ وَالصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ نَافِعٍ وَالضَّحَّاكِ، وَذَلِكَ أَنَّ رُسُومَ الْمَصَاحِفِ كُلَّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى: ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩]، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ لِأَحَدٍ الْقِرَاءَةَ بِخِلَافِهَا، وَتَأْوِيلُ عَبْدِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَتِهِ تَأْوِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِخِلَافِهَا.
١٢ ‏/ ٦٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمِلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ
١٢ ‏/ ٧٠
أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ سُكَّانِ الْبَوَادِي، الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ؛ أَنْ يَتَخَلَّفُوا فِي أَهَالِيهِمْ وَلَا دَارِهِمْ، وَلَا أَنْ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ فِي صِحْبَتِهِ فِي سَفَرِهِ وَالْجِهَادِ مَعَهُ وَمُعَاوَنَتِهِ عَلَى مَا يُعَانِيهِ فِي غَزْوِهِ ذَلِكَ. يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ هَذَا بِأَنَّهُمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ وَبِسَبَبِ أَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ فِي سَفَرِهِمْ إِذَا كَانُوا مَعَهُ ظَمَأٌ وَهُوَ الْعَطَشُ وَلَا نَصَبٌ، يَقُولُ: وَلَا تَعَبٌ، ﴿وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] يَعْنِي: وَلَا مَجَاعَةَ فِي إِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ وَنُصْرَتِهِ، وَهَدْمِ مَنَارِ الْكُفْرِ ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا﴾ يَعْنِي أَرْضًا، يَقُولُ: وَلَا يَطَئُونَ أَرْضًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَطْؤُهُمْ إِيَّاهَا ﴿وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوِّ نَيْلًا﴾ [التوبة: ١٢٠] يَقُولُ وَلَا يُصِيبُونَ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ وَعَدُوِّهِمْ شَيْئًا فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ ثَوَابَ عَمَلٍ صَالِحٍ قَدِ ارْتَضَاهُ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: ١٢٠] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَدَعُ مُحْسِنًا مِنْ خَلْقِهِ أَحْسَنَ فِي عَمَلِهِ فَأَطَاعَهُ فِيمَا أَمَرَهُ وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ، أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَيُثِيبَهُ عَلَى صَالِحِ عَمَلِهِ؛ فَلِذَلِكَ كَتَبَ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةَ الثَّوَابَ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَ فَلَمْ
١٢ ‏/ ٧١
يُضَيِّعْ لَهُ أَجْرَ فِعْلِهِ ذَلِكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَاصَّةً، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ إِذَا غَزَا خِلَافَهُ فَيَقْعُدَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ كَانَ ذَا عُذْرٍ، فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فَإِنَّ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَخَلَّفَ خِلَافَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٧٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: “﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] هَذَا إِذَا غَزَا نَبِيُّ اللَّهِ بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَكِنِّي لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَنْطَلِقُ بِهِمْ مَعِي، وَيَشُقُّ عَلَيَّ أَوْ أَكْرَهُ أَنْ أَدْعَهُمْ بَعْدِي»
١٢ ‏/ ٧٢
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، وَالْفَزَارِيَّ، وَالسَّبِيعِيَّ، وَابْنَ جَابِرٍ، وَسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. إِنَّهَا لِأَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَآخِرِهَا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ وَفِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ قِلَّةٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا نَسَخَهَا اللَّهُ ⦗٧٣⦘ وَأَبَاحَ التَّخَلُّفَ لِمَنْ شَاءَ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٧٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٢١] قَالَ: هَذَا حِينَ كَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا، فَلَمَّا كَثُرَ الْإِسْلَامُ بَعْدُ قَالَ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، أَنَّ اللَّهَ عَنَى بِهَا الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذَّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٩٠] . . الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا لِمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ قَعَدُوا عَنِ الْجِهَادِ مَعَهُ أَنْ يَتَخَلَّفُوا خِلَافَهُ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ نَدَبَ فِي غَزْوَتِهِ تِلْكَ كُلَّ مِنْ أَطَاقَ النُّهُوَضَ مَعَهُ إِلَى الشُّخُوصِ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بَعْدَهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الشُّخُوصِ التَّخَلُّفَ، فَعَدَّدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ، فَأَظْهَرَ نِفَاقَ مَنْ كَانَ تُخَلُّفُهُ مِنْهُمْ نِفَاقًا وَعَذَرَ مَنْ كَانَ تُخَلُّفُهُ لِعُذْرٍ، وَتَابَ عَلَى مَنْ كَانَ تُخَلُّفُهُ تَفْرِيطًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ فِي أَمْرِ اللَّهِ إِذْ تَابَ مِنْ خَطَأِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْفِعْلِ. فَأَمَّا التَّخَلُّفُ عَنْهُ فِي حَالِ ⦗٧٤⦘ اسْتِغْنَائِهِ فَلَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ كَرَاهَتِهِ مِنْهُ ﷺ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ إِزَاءَ إِمَامِهِمْ، فَلَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى جَمِيعِهِمُ النُّهُوَضُ مَعَهُ إِلَّا فِي حَالِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِمْ لِمَا لَا بُدَّ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ مِنْ حُضُورِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ وَاسْتِنْهَاضِهِ إِيَّاهُمْ فَيَلْزَمُهُمْ حِينَئِذٍ طَاعَتُهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْآيَةِ لَمْ تَكُنْ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا نَاسِخَةً لِلْأُخْرَى، إِذْ لَمْ تَكُنْ إِحْدَاهُمَا نَافِيَةً حُكْمَ الْأُخْرَى مِنْ كُلِّ وُجُوهِهِ، وَلَا جَاءَ خَبَرٌ يُوَجِّهُ الْحُجَّةَ بِأَنَّ إِحْدَاهُمَا نَاسِخَةً لِلْأُخْرَى وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمَخْمَصَةِ وَأَنَّهَا الْمَجَاعَةُ بِشَوَاهِدِهِ، وَذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَأَمَّا النَّيْلُ: فَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ. نَالَنِي يَنَالُنِي، وَنِلْتُ الشَّيْءَ: فَهُوَ مَنِيلٌ، وَذَلِكَ إِذَا كُنْتَ تَنَالُهُ بِيَدِكَ. وَلَيْسَ مِنَ التَّنَاوُلِ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّنَاوُلِ مِنَ النَّوَالِ، يُقَالُ مِنْهُ: نِلْتُ لَهُ أَنُولُ لَهُ مِنَ الْعَطِيَّةِ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَقُولُ: النَّيْلُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: نَالَنِي بِخَيْرٍ يَنُولُنِي نَوَالًا. وَأَنَالَنِي خَيْرًا إِنَالَةً؛ وَقَالَ: كَأَنَّ النَّيْلَ مِنَ الْوَاوِ أُبْدِلَتْ يَاءً لِخِفَّتِهَا وَثِقَلِ الْوَاوِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، بَلْ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ أَنْ تُصَحِّحَ الْوَاوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ إِذَا سَكَنَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا، كَقَوْلِهِمُ: الْقَوْلُ، وَالْعَوْلُ، وَالْحَوْلُ، وَلَوْ جَازَ مَا قَالَ لَجَازَ الْقِيلُ
١٢ ‏/ ٧٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ﴾ [التوبة: ١٢٠]، وَسَائِرُ مَا ذَكَرَ، وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا، وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا يَقْطَعُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزْوِهِ وَادِيًا إِلَّا كَتَبَ لَهُمْ أَجْرَ عَمَلِهِمْ ذَلِكَ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَيْهِ كَأَحْسَنِ مَا يَجْزِيهِمْ عَلَى أَحْسَنِ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا وَهُمْ مُقِيمُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ. كَمَا
١٢ ‏/ ٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً﴾ [التوبة: ١٢١] . . الْآيَةَ، قَالَ: مَا ازْدَادَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِيهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بُعْدًا إِلَّا ازْدَادُوا مِنَ اللَّهِ قُرْبًا»
١٢ ‏/ ٧٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا جَمِيعًا وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْكَافَّةِ بِشَوَاهِدِهِ وَأَقْوَالِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ، فَأَغْنَى عَنْ
١٢ ‏/ ٧٥
إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَمَا النَّفْرُ الَّذِي كَرِهَهُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَفْرٌ كَانَ مِنْ قَوْمٍ كَانُوا بِالْبَادِيَةِ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْإِسْلَامَ، فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] انْصَرَفُوا عَنِ الْبَادِيَةِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَمِمَّنْ عَنِّي بِالْآيَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ عُذْرَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] وَكَرِهَ انْصِرَافَ جَمِيعِهِمْ مِنَ الْبَادِيَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] قَالَ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ خَرَجُوا فِي الْبَوَادِي، فَأَصَابُوا مِنَ النَّاسِ مَعْرُوفًا وَمَنَ الْخِصْبِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَدَعُوا مَنْ وَجَدُوا مِنَ النَّاسِ إِلَى الْهُدَى، فَقَالَ النَّاسٌ لَهُمْ: مَا نَرَاكُمْ إِلَّا قَدْ تَرَكْتُمْ أَصْحَابَكُمْ وَجِئْتُمُونَا فَوَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ حَرَجًا، وَأَقْبَلُوا مِنَ الْبَادِيَةِ كُلُّهُمْ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَبْتَغُونَ الْخَيْرَ، ﴿لِيَتَفَقَّهُوَا﴾ [التوبة: ١٢٢] وَلِيَسْمَعُوا مَا فِي النَّاسِ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُمْ، ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢٢] النَّاسَ كُلَّهُمْ، ﴿إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢]» ⦗٧٧⦘ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ اللَّهُ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] خَرَجَ بَعْضٌ وَقَعَدَ بَعْضٌ، يَبْتَغُونَ الْخَيْرَ قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَ حَدِيثِهِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَ حَدِيثِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: مَا نَرَاكُمْ إِلَّا قَدْ تَرَكْتُمْ صَاحِبَكُمْ، وَقَالَ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوَا﴾ [التوبة: ١٢٢] لِيَسْمَعُوا مَا فِي النَّاسِ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا جَمِيعًا إِلَى عَدُوِّهِمْ وَيَتْرُكُوا نَبِيَّهُمْ ﷺ وَحْدَهُ. كَمَا
١٢ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] قَالَ: لِيَذْهَبُوا كُلُّهُمْ، فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ حَيٍّ وَقَبِيلَةٍ طَائِفَةٌ وَتَخَلَّفَ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ، لِيَتَفَقَّهَ الْمُتَخَلِّفُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الدِّينِ، وَلِيُنْذِرَ الْمُتَخَلِّفُونَ النَّافِرِينَ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ⦗٧٨⦘ قَوْلُهُ: «﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ: مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا جَمِيعًا وَيَتْرُكُوا النَّبِيَّ ﷺ وَحْدَهُ. ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَعْنِي عَصَبَةً، يَعْنِي السَّرَايَا، وَلَا يَتَسَرُّوا إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِذَا رَجَعَتِ السَّرَايَا، وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهُمْ قُرْآنٌ تَعَلَّمَهُ الْقَاعِدُونَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّكُمْ بَعْدَكُمْ قُرْآنًا وَقَدْ تَعَلَّمْنَاهُ؛ فَيَمْكُثُ السَّرَايَا يَتَعَلَّمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِمْ بَعْدَهُمْ وَيَبْعَثُ سَرَايَا أُخَرَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ: يَتَعَلَّمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ، وَيُعَلِّمُونَهُ السَّرَايَا إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»
١٢ ‏/ ٧٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] قَالَ: هَذَا إِذَا بَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ الْجُيُوشَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُعَرُّوا نَبِيَّهُ؛ وَتُقِيمْ طَائِفَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ، وَتَنْطَلِقُ طَائِفَةٌ تَدْعُو قَوْمَهَا وَتُحَذِّرُهُمْ وَقَائِعَ اللَّهُ فِيمَنْ خَلَا قَبْلَهُمْ»
١٢ ‏/ ٧٨
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: “﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] . . الْآيَةَ، كَانَ. نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا غَزَا بِنَفْسِهِ لَمْ يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ إِلَّا أَهْلُ الْعُذْرِ، وَكَانَ إِذَا أَقَامَ فَأَسَرَتِ السَّرَايَا لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ أَنْ يَنْطَلِقُوا إِلَّا بِإِذْنِهِ. فَكَانَ
١٢ ‏/ ٧٨
الرَّجُلُ إِذَا أَسْرَى فَنَزَلَ بَعْدَهُ قُرْآنٌ تَلَاهُ نَبِيُّ اللَّهِ عَلَى أَصْحَابِهِ الْقَاعِدِينَ مَعَهُ، فَإِذَا رَجَعَتِ السَّرِيَّةُ قَالَ لَهُمُ الَّذِينَ أَقَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ بَعْدَكُمْ عَلَى نَبِيِّهِ قُرْآنًا فَيُقْرِئُونَهُمْ وَيُفَقِّهُونَهُمْ فِي الدِّينِ. وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ: إِذَا أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْفِرُوا جَمِيعًا وَنَبِيُّ اللَّهِ قَاعِدٌ، وَلَكِنْ إِذَا قَعَدَ نَبِيُّ اللَّهِ تَسَرَّتِ السَّرَايَا وَقَعَدَ مَعَهُ مُعْظَمُ النَّاسِ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: مَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَفَرُوا بِمُؤْمِنِينَ، وَلَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَنْفُرْ جَمِيعُهُمْ؛ وَلَكِنَّهُمْ مُنَافِقُونَ، وَلَوْ كَانُوا صَادِقِينَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ لِنَفَرَ بَعْضٌ لِيَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرَ قَوْمَهُ إِذَا رَجَعَ إِلَيْهِمْ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٧٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْجِهَادِ، وَلَكِنْ لَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى مُضَرٍ بِالسِّنِينَ، أَجْدَبَتْ بِلَادُهُمْ، وَكَانَتِ الْقَبِيلَةُ مِنْهُمْ تُقْبِلُ بِأَسْرِهَا حَتَّى يَحِلُّوا بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْجَهْدِ، وَيَعْتَلُّوا بِالْإِسْلَامِ وَهُمْ كَاذِبُونَ، فَضَيَّقُوا عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَجْهَدُوهُمْ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُؤْمِنِينَ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ عَشَائِرَهُمْ، وَحَذَّرَ قَوْمَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلَهُمْ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ ⦗٨٠⦘ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] ” وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ مَا
١٢ ‏/ ٧٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] قَالَ: كَانَ يَنْطَلِقُ مِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ عِصَابَةٌ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا يُرِيدُونَهُ مِنْ دِينِهِمْ وَيَتَفَقَّهُوَنَ فِي دِينِهِمْ، وَيَقُولُونَ لِنَبِيِّ اللَّهِ: مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَفْعَلَهُ وَأَخْبِرْنَا مَا نَقُولُ لِعَشَائِرِنَا إِذَا انْطَلَقْنَا إِلَيْهِمْ قَالَ فَيَأْمُرُهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَيَبْعَثُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. وَكَانُوا إِذَا أَتَوْا قَوْمَهُمْ نَادُوا: إِنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَهُوَ مِنَّا وَيُنْذِرُونَهُمْ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْرِفَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُخْبِرُهُمْ وَيَنْذُرُونَ قَوْمَهُمْ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ يَدْعُونَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُنْذِرُونَهُمُ النَّارَ وَيُبَشِّرُونَهُمْ بِالْجَنَّةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا هَذَا تَكْذِيبٌ مِنَ اللَّهِ لِمُنَافِقِينَ أَزْرُوا بِأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ وَعَزَّرُوهُمْ فِي تَخَلُّفِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهُمْ مِمَّنْ قَدْ عَذَرَهُ اللَّهُ بِالتَّخَلُّفِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٨٠
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ ⦗٨١⦘ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] . . إِلَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: ١٢٠] قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: هَلَكَ مَنْ تَخَلَّفَ فَنَزَلَتْ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] . . إِلَى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢]، وَنَزَلَتْ: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحُضَةٌ﴾ [الشورى: ١٦]» الْآيَةَ
١٢ ‏/ ٨٠
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩] وَ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾ [التوبة: ١٢٠] . . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٢١] قَالَ الْمُنَافِقُونَ: هَلَكَ أَصْحَابُ الْبَدْوِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَنْفِرُوا مَعَهُ وَقَدْ كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَرَجُوا إِلَى الْبَدْوِ إِلَى قَوْمِهِمْ يُفَقِّهُوَنَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢]، وَنَزَلَتْ: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ﴾ [الشورى: ١٦] . .» الْآيَةَ وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا عَنَى بِذَلِكَ النَّهْي عَنْ نَفَرِ الْجَمِيعِ فِي السَّرِيَّةِ وَتَرْكِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَحْدَهُ فِي الْمَعْنِيِّينَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٢] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ الْجَمَاعَةَ الْمُتَخَلِّفَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: فَهَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ طَائِفَةٌ لِلْجِهَادِ لِيَتَفَقَّهَ الْمُتَخَلِّفُونَ فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمُ الَّذِينَ نَفَرُوا فِي السَّرِيَّةِ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ مِنْ غَزْوِهِمْ ⦗٨٢⦘ وَذَلِكَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَدْ
١٢ ‏/ ٨١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢] . . الْآيَةَ، قَالَ: لِيَتَفَقَّهَ الَّذِينَ قَعَدُوا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ. ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ: لِيُنْذِرُوا الَّذِينَ خَرَجُوا إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ»
١٢ ‏/ ٨٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، «﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] قَالَا. كَافَّةً، وَيَدَعُوا النَّبِيَّ ﷺ» وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لِتَتَفَقَّهِ الطَّائِفَةُ النَّافِرَةُ دُونَ الْمُتَخَلِّفَةِ وَتُحَذِّرُ النَّافِرَةُ الْمُتَخَلِّفَةَ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٨٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢] قَالَ: لِيَتَفَقَّهَ الَّذِينَ خَرَجُوا بِمَا يُرِيهِمُ اللَّهُ مِنَ الظُّهُوَرِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَالنُّصْرَةِ، وَيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ» ⦗٨٣⦘ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: تَأْوِيلُهُ. وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا جَمِيعًا وَيَتْرُكُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَحْدَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ نَهَى بِهَذِهِ الْآيَةِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ أَنْ يَخْرُجُوا فِي غَزْو وَجِهَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَيَدَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَحِيدًا، وَلَكَنْ عَلَيْهِمْ إِذَا سَرَى رَسُولُ اللَّهِ سَرِيَّةً أَنْ يَنْفِرَ مَعَهَا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَهِيَ الْفِرْقَةُ. ﴿طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] وَذَلِكَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى مَا بَلَغَ مِنَ الْعَدَدِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ: فَهَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَهَذَا إِلَى هَاهُنَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا الْقَوْلَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ حَظَرَ التَّخَلُّفَ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ الرَّسُولِ ﷺ، وَمِنَ الْأَعْرَابِ لِغَيْرِ عُذْرٍ يُعْذَرُونَ بِهِ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ لِغَزْو وَجِهَادِ عَدُوٍّ قِبَلَ هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠]، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ إِذْ كَانَ قَدْ عَرَّفَهُمْ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا اللَّازِمَ لَهُمْ مِنْ فَرْضِ النَّفْرِ وَالْمُبَاحِ لَهُمْ مِنْ تَرْكِهِ فِي حَالِ غَزْوِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَشُخُوصِهِ عَنْ مَدِينَتِهِ لجهادِ عَدُوٍّ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُمُ التَّخَلُّفُ خِلَافَهُ إِلَّا لِعُذْرٍ بَعْدَ اسْتِنْهَاضِهِ بَعْضَهُمْ وَتَخْلِيفِهِ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ عَقِيبُ تَعْرِيفِهِمْ ذَلِكَ تَعْرِيفَهُمُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ مُقَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمَدِينَتِهِ وَإِشْخَاصِ غَيْرَهُ عَنْهَا، كَمَا كَانَ الِابْتِدَاءُ بِتَعْرِيفِهِمُ الْوَاجِبَ عِنْدَ شُخُوصِهِ وَتَخْلِيفِهِ بَعْضَهُمْ، ⦗٨٤⦘ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٢] فَإِنَّ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: لِيَتَفَقَّهَ الطَّائِفَةُ النَّافِرَةُ بِمَا تُعَايِنَ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ أَهْلَ دِينِهِ وَأَصْحَابَ رَسُولِهِ عَلَى أَهْلِ عَدَاوَتِهِ وَالْكُفْرِ بِهِ، فَيَفْقَهُ بِذَلِكَ مِنْ مُعَايَنَتِهِ حَقِيقَةَ عِلْمِ أَمْرِ الْإِسْلَامِ وَظُهُوَرِهِ عَلَى الْأَدْيَانِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فَقِهَهُ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ فَيَحْذَرُوهُمْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ مِثْلُ الَّذِي نَزَلَ بِمَنْ شَاهَدُوا وَعَايَنُوا مِمَّنْ ظَفَرَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ إِذَا هُمْ رَجَعُوا إِلَيْهِمْ مِنْ غَزْوِهِمْ. ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] يَقُولُ: لَعَلَّ قَوْمَهُمْ إِذَا هُمْ حَذَّرُوهُمْ مَا عَايَنُوا مِنْ ذَلِكَ يَحْذَرُونَ، فَيُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، حَذَرًا أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِالَّذِينَ أُخْبِرُوا خَبَرَهُمْ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ النَّفْرَ قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُطْلَقًا بِغَيْرِ صِلَةٍ بِشَيْءٍ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ إِيَّاهُ فِي الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَبُ مِنَ الْمَعَانِي فِيهِ، وَكَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢] عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: «لِيَتَفَقَّهُوَا» إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلنَّفْرِ لَا لِغَيْرِهِ، إِذْ كَانَ يَلِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: لِيَتَفَقَّهَ الْمُتَخَلِّفُونَ فِي الدِّينِ؟ قِيلَ: نُنْكِرُ ذَلِكَ لِاسْتِحَالَتِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ نَفْرَ الطَّائِفَةِ النَّافِرَةِ لَوْ كَانَ سَبَبًا لِتَفَقِّهِ الْمُتَخَلِّفَةِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقَامُهَا مَعَهُمْ سَبَبًا لِجَهْلِهِمْ وَتَرْكِ التَّفَقُّهَ؛ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَقَامَهُمْ لَوْ أَقَامُوا وَلَمْ يَنْفِرُوا لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِمَنْعِهِمْ مِنَ التَّفَقُّهِ. ⦗٨٥⦘ وَبَعْدُ، فَإِنَّهُ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٢] عَطَفًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿لِيَتَفَقَّهُوَا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢] وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّائِفَةَ النَّافِرَةَ لَمْ يَنْفِرُوا إِلَّا وَالْإِنْذَارُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهَا، وَلِلْإِنْذَارِ وَخَوْفِ الْوَعِيدِ نَفَرَتْ، فَمَا وَجْهُ إِنْذَارِ الطَّائِفَةِ الْمُتَخَلِّفَةِ الطَّائِفَةَ النَّافِرَةَ وَقَدْ تَسَاوَتَا فِي الْمَعْرِفَةِ بِإِنْذَارِ اللَّهِ إِيَّاهُمَا؟ وَلَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا جَائِزٌ أَنْ تُوصَفَ بِإِنْذَارِ الْأُخْرَى، لَكَانَ أَحَقَّهُمَا بِأَنْ يُوصَفَ بِهِ الطَّائِفَةُ النَّافِرَةُ، لِأَنَّهَا قَدْ عَايَنَتْ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ وَنُصْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ مَا لَمْ تُعَايِنِ الْمُقِيمَةُ، وَلَكَنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهَا تُنْذِرُ مِنْ حَيِّهَا وَقَبِيلَتِهَا وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ مَا أُنْزِلَ بِمَنْ عَايَنَتْهُ مِمَّنْ أَظْفَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نُظَرَائِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ
١٢ ‏/ ٨٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ١٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَاتِلُوا مَنْ وَلِيَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ دُونَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ، يَقُولُ لَهُمُ: ابْدَءُوا بِقِتَالِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إِلَيْكُمْ دَارًا دُونَ الْأَبْعَدِ فَالْأَبْعَدِ. وَكَانَ الَّذِي يَلُونَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ يَوْمَئِذٍ الرُّومُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا سُكَّانَ الشَّامِ يَوْمَئِذٍ، وَالشَّامُ كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ
١٢ ‏/ ٨٥
مِنَ الْعِرَاقِ. فَأَمَّا بَعْدَ أَنْ فَتْحَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْبِلَادَ، فَإِنَّ الْفَرْضَ عَلَى أَهْلِ كُلِّ نَاحِيَةٍ قِتَالُ مَنْ وَلِيَهُمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ دُونَ الْأَبْعَدِ مِنْهُمْ مَا لَمْ يُضْطَرُّ إِلَيْهِمْ أَهْلُ نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ نَوَاحِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ اضْطَرُّوا إِلَيْهِمْ لَزِمَ عَوْنَهُمْ وَنَصْرَهُمْ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ. وَلِصِحَّةِ كَوْنِ ذَلِكَ، تَأَوَّلِ كُلِّ مَنْ تَأَوَّلَ هَذِهِ الْآيَةَ أَنَّ مَعْنَاهَا إِيجَابُ الْفَرْضِ عَلَى أَهْلِ كُلِّ نَاحِيَةٍ قِتَالَ مَنْ وَلِيَهُمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ. ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ
١٢ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ قِتَالِ الدَّيلَمِ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالرُّومِ»
١٢ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالُوا: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣] قَالَ: الدَّيلَمُ»
١٢ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ قِتَالِ الرُّومِ، وَالدَّيلَمِ، تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ ⦗٨٧⦘ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣]
١٢ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا عِمْرَانُ أَخِي قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ: مَا تَرَى فِي قِتَالِ الدَّيلَمِ؟ فَقَالَ: «قَاتِلُوهُمْ وَرَابِطُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣]»
١٢ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الشَّامِ وَالدَّيلَمِ، فَقَالَ: «﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣] الدَّيلَمَ»
١٢ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو، وَسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولَانِ: «يُرَابِطُ كُلُّ قَوْمٍ مَا يَلِيهِمْ مِنْ مَسَالِحِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. وَيَتَأَوَّلَانِ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣]»
١٢ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣] قَالَ: كَانَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ الْعَرَبُ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ اللَّهُ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] . . حَتَّى بَلْغَ ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ أَمَرَهُ بِجِهَادِ ⦗٨٨⦘ أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: وَجِهَادُهُمْ أَفْضَلُ الْجِهَادِ عِنْدَ اللَّهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: ١٢٣] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: وَلْيَجِدْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الَّذِينَ تُقَاتِلُونَهُمْ ﴿فِيكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٣] أَيْ مِنْكُمْ شِدَّةً عَلَيْهِمْ ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٩٤] يَقُولُ: وَأَيْقِنُوا عِنْدَ قِتَالِكُمْ إِيَّاهُمْ أَنَّ اللَّهَ مَعَكُمْ وَهُوَ نَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ اتَّقَيْتُمُ اللَّهُ وَخِفْتُمُوهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُ مَنِ اتَّقَاهُ وَمُعِينُهُ
١٢ ‏/ ٨٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةً مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَنْ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ السُّورَةُ إِيمَانًا؟ يَقُولُ تَصْدِيقًا بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ. يَقُولُ اللَّهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ، فَزَادَتْهُمُ السُّورَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ إِيمَانًا وَهُمْ يَفْرَحُونَ بِمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَلَيْسَ الْإِيمَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ؟ قِيلَ: بَلَى. فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ زَادَتْهُمُ السُّورَةُ تَصْدِيقًا وَإِقْرَارًا؟
١٢ ‏/ ٨٨
قِيلَ: زَادَتْهُمْ إِيمَانًا حِينَ نَزَلَتْ، لِأَنَّهُمْ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ السُّورَةُ لَمْ يَكُنْ لَزِمَهُمْ فَرَضُ الْإِقْرَارِ بِهَا وَالْعَمَلُ بِهَا بِعَيْنِهَا إِلَّا فِي جُمْلَةِ إِيمَانِهِمْ بِأَنَّ كُلَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ ﷺ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَحَقٌّ؛ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ لَزِمَهُمْ فَرَضُ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُمْ بِعَيْنِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ فَرَضُ الْإِيمَانِ بِمَا فِيهَا مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَحُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الزِّيَادَةُ الَّتِي زَادَهُمْ نُزُولُ السُّورَةِ حِينَ نَزَلَتْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٨٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا﴾ [التوبة: ١٢٤] قَالَ: كَانَ إِذَا نَزَلَتْ سُورَةٌ آمَنُوا بِهَا، فَزَادَهُمُ اللَّهُ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا، وَكَانُوا يَسْتَبْشِرُونَ»
١٢ ‏/ ٨٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [التوبة: ١٢٤] قَالَ: خَشْيَةً»
١٢ ‏/ ٨٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلْوبِهِمْ مَرِضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلْوبِهِمْ مَرِضٌ، نِفَاقٌ وَشَكٌّ فِي دَيْنِ اللَّهِ، فَإِنَّ السُّورَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ زَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهَا وَلَمْ يُصَدِّقُوا، فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةُ شَكٍّ حادثةً فِي تَنْزِيلِ اللَّهِ لَزِمَهُمُ الْإِيمَانُ بِهِ عَلَيْهِمْ؛ بَلْ ارْتَابُوا بِذَلِكَ، فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةُ نَتْنٍ مِنْ أَفْعَالِهِمْ إِلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ نَظِيرُهُ مِنَ النَّتِنِ وَالنِّفَاقِ، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا﴾ [التوبة: ١٢٥] يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ هَلَكُوا، ﴿وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٥٥] يَعْنِي وَهُمْ كَافِرُونَ بِاللَّهِ وَآيَاتِهِ
١٢ ‏/ ٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلًا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٦] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿أَوَلَا يَرَوْنَ﴾ [التوبة: ١٢٦] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: «﴿أَوَلَا يَرَوْنَ﴾ [التوبة: ١٢٦]» بِالْيَاءِ، بِمَعْنَى أَوَلَا يَرَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي قُلْوبِهِمْ مَرِضُ النِّفَاقِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ حَمْزَةُ: (أَوَلَا تَرَوْنَ) بِالتَّاءِ، بِمَعْنَى أَوَلَا تَرَوْنَ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ؟
١٢ ‏/ ٩٠
وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ: الْيَاءُ، عَلَى وَجْهِ التَّوْبِيخِ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ عَلَيْهِ وَصِحَّةِ مَعْنَاهُ: فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا: أَوَلَا يَرَى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ اللَّهَ يَخْتَبِرُهُمْ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ مَرَّةً، وَفِي بَعْضِهَا مَرَّتَيْنِ. ﴿ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ﴾ [التوبة: ١٢٦] يَقُولُ: ثُمَّ هُمْ مَعَ الْبَلَاءِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ وَالِاخْتِبَارِ الَّذِي يَعْرِضُ لَهُمْ لَا يَتُوبُونَ مِنْ نِفَاقِهِمْ، وَلَا يَتُوبُونَ مِنْ كُفْرِهِمْ، وَلَا هُمْ يَتَذَكَّرُونَ بِمَا يَرَوْنَ مِنْ حِجَجِ اللَّهِ وَيُعَايِنُونَ مِنْ آيَاتِهِ، فَيَتَعِظُوا بِهَا؛ وَلَكَنَّهُمْ مُصِرُّونَ عَلَى نِفَاقِهِمْ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْفِتْنَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ يُفْتَنُونَ بِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ اخْتِبَارُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِالْقَحْطِ وَالشِّدَّةِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: بِالسَّنَةِ وَالْجُوعِ»
١٢ ‏/ ٩١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿يُفْتَنُونَ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: يُبْتَلَونَ، ﴿فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: بِالسَّنَةِ وَالْجُوعِ»
١٢ ‏/ ٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: يُبْتَلَونَ بِالْعَذَابِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ»
١٢ ‏/ ٩٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: بِالسَّنَةِ وَالْجُوعِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُخْتَبَرُونَ بِالْغَزْوِ وَالْجِهَادِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٩٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: يُبْتَلَونَ بِالْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ يُخْتَبَرُونَ بِمَا يَشِيعُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ، فَيَفْتَتِنَ بِذَلِكَ الَّذِينَ فِي قُلْوبِهِمْ مَرِضٌ. ⦗٩٣⦘ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٩٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ حُذَيْفَةَ، «﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٢٦] قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ فِي كُلِّ عَامٍ كَذِبَةً أَوْ كَذِبَتَيْنِ، فَيَضِلُّ بِهَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ كَثِيرٌ»
١٢ ‏/ ٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «كَانَ لَهُمْ فِي كُلِّ عَامٍ كَذِبَةٌ أَوْ كَذِبَتَانِ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَجَّبَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، وَوَبَّخَ الْمُنَافِقِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِقِلَّةِ تَذَكُّرِهِمْ وَسُوءِ تَنَبُّهِهِمْ لِمَوَاعِظِ اللَّهِ الَّتِي يَعِظُهُمْ بِهَا. وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَوَاعِظُ الشَّدَائِدَ الَّتِي يَنْزِلُهَا بِهِمْ مِنَ الْجُوعِ وَالْقَحْطِ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ مَا يُرِيهِمْ مِنْ نُصْرَةِ رَسُولِهِ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ وَيَرْزُقَهُ مِنْ إِظْهَارِ كَلِمَتِهِ عَلَى كَلِمَتِهِمْ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ مَا يَظْهَرُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ نِفَاقِهِمْ وَخُبْثِ سَرَائِرِهِمْ بِرُكُونِهِمْ إِلَى مَا يَسْمَعُونَ مِنْ أَرَاجِيفِ الْمُشْرِكِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ. وَلَا خَبَرَ يُوجِبُ صِحَّةَ بَعْضِ ذَلِكَ، دُونَ بَعْضٍ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، وَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ التَّسْلِيمِ لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ، وَهُوَ: أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُخْتَبَرُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ
١٢ ‏/ ٩٣
بِمَا يَكُونُ زَاجِرًا لَهُمْ ثُمَّ لَا يَنْزَجِرُونَ وَلَا يَتَعِظُونَ
١٢ ‏/ ٩٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرْفَ اللَّهُ قُلْوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [التوبة: ١٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِيهَا عَيْبُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَتَنَاظُرُوا هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِنْ تَكَلَّمْتُمْ أَوْ تَنَاجَيْتُمْ بِمَعَايِبِ الْقَوْمِ يُخْبِرُهُمْ بِهِ، ثُمَّ قَامَ فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَسْتَمِعُوا قِرَاءَةَ السُّورَةِ الَّتِي فِيهَا مَعَايبُهُمْ. ثُمَّ ابْتَدَأَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَوْلَهُ: ﴿صَرْفَ اللَّهُ قُلْوبَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢٧] فَقَالَ: صَرْفَ اللَّهُ عَنِ الْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قُلْوبَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ؛ ذَلِكَ ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [الأنفال: ٦٥] يَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ هَذَا الْخُذْلَانِ، وَصَرَفَ قُلْوبُهُمْ عَنِ الْخَيْرَاتِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُوَنَ عَنِ اللَّهِ مَوَاعِظَهُ، اسْتِكْبَارًا وَنِفَاقًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْجَالِبِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْويِّي الْبَصْرَةِ، قَالَ: نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ كَأَنَّهُ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُمْ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَانَ إِيمَاءً وَتَنْبِيهًا بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٢ ‏/ ٩٤
وَقَالَ بَعْضُ نَحْويِّي الْكُوفَةِ: إِنَّمَا هُوَ: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: هَذَا النَّظَرُ لَيْسَ مَعْنَاهُ الْقَوْلُ، وَلَكَنَّهُ النَّظَرَ الَّذِي يَجْلِبُ الِاسْتِفْهَامَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ: تَنَاظَرُوا أَيَّهُمْ أَعْلَمُ، وَاجْتَمَعُوا أَيَّهُمْ أَفْقَهُ؛ أَيْ اجْتَمَعُوا لِيَنْظُرُوا، فَهَذَا الَّذِي يُجْلِبُ الِاسْتِفْهَامَ
١٢ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَقُولُوا: انْصَرَفْنَا مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ قَوْمًا انْصَرَفُوا فَصَرَفَ اللَّهُ قُلْوبَهُمْ، وَلَكَنْ قُولُوا: قَدْ قَضَيْنَا الصَّلَاةَ»
١٢ ‏/ ٩٥
قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَقُولُوا: انْصَرَفْنَا مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ قَوْمًا انْصَرَفُوا فَصَرَفَ اللَّهُ قُلْوبَهُمْ»
١٢ ‏/ ٩٥
قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَقُولُوا انْصَرَفْنَا مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ قَوْمًا انْصَرَفُوا فَصَرَفَ اللَّهُ قُلْوبَهُمْ، وَلَكَنْ قُولُوا: قَدْ قَضَيْنَا الصَّلَاةَ»
١٢ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ ⦗٩٦⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ [التوبة: ١٢٧] . . الْآيَةَ، قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ» وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ، مَا
١٢ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ [التوبة: ١٢٧] مِمَّنْ سَمِعَ خَبَرَكُمْ رَآكُمْ أَحَدٌ أَخْبَرَهُ إِذَا نَزَلَ شَيْءٌ يُخْبِرُ عَنْ كَلَامِهِمْ، قَالَ: وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ. قَالَ: وَقَرَأَ: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا﴾ [التوبة: ١٢٤] . . حَتَّى بَلْغَ: ﴿نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ [التوبة: ١٢٧] أَخْبَرَهُ بِهَذَا، أَكَانَ مَعَكُمْ أَحَدٌ سَمِعَ كَلَامَكُمْ، أَحَدٌ يُخْبِرُهُ بِهَذَا؟»
١٢ ‏/ ٩٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا آدَمُ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَقُلْ انْصَرَفْنَا مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَيَّرَ قَوْمًا فَقَالَ: ﴿انْصَرَفُوا صَرْفَ اللَّهُ قُلْوبَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢٧] وَلَكَنْ قُلْ: قَدْ صَلَّيْنَا»
١٢ ‏/ ٩٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْعَرَبِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] أَيُّهَا الْقَوْمُ ﴿رَسُولٌ﴾ [البقرة: ٨٧] اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴿مِنْ ⦗٩٧⦘ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] تَعْرِفُونَهُ لَا مِنْ غَيْرِكُمْ، فَتَتَّهِمُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي النَّصِيحَةِ لَكَمْ. ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] أَيْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُمْ، وَهُوَ دُخُولُ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ وَالْمَكْرُوهِ وَالْأَذَى. ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] يَقُولُ: حَرِيصٌ عَلَى هُدًى ضُلَّالِكُمْ وَتَوْبَتِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ إِلَى الْحَقِّ ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ﴾: أي رفيق ﴿رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٤٣] وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ: «﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] قَالَ: لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ مِنْ شِرْكٍ فِي وِلَادَتِهِ»
١٢ ‏/ ٩٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فِي قَوْلِهِ: “﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] قَالَ: لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرَجْ مِنْ سفَاحٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِنَحْوِهِ
١٢ ‏/ ٩٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ ⦗٩٨⦘ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] قَالَ: جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَحْسُدُونَهُ عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْكَرَامَةِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مَا ضَلَلْتُمْ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٩٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، قَالَ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] قَالَ: مَا ضَلَلْتُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُ مُؤْمِنِكُمْ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
١٢ ‏/ ٩٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُ مُؤْمِنِهِمْ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَمَّ بِالْخَبَرِ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ أَنَّهُ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنَتَ قَوْمُهُ، وَلَمْ يُخَصِّصْ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِهِ، فَكَانَ ﷺ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِهِ عَزِيزًا عَلَيْهِ عَنَتَ جَمِيعِهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ ﷺ بِأَنَّهُ كَانَ عَزِيزًا عَلَيْهِ عَنَتَ ⦗٩٩⦘ جَمِيعِهِمْ وَهُوَ يَقْتُلُ كُفَّارَهُمْ وَيَسْبِي ذَرَارِيهِمْ وَيَسْلُبُهُمْ أَمْوَالَهُمْ؟ قِيلَ: إِنَّ إِسْلَامَهُمْ لَوْ كَانُوا أَسْلَمُوا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ إِقَامَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ حَتَّى يَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُ عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتَهُمْ، لِأَنَّهُ كَانَ عَزِيزًا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتُوا مَا يَعْنَتُهُمْ؛ وَذَلِكَ أَنْ يَضِلُّوا فَيَسْتَوجِبُوا الْعَنَتَ مِنَ اللَّهِ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْي وَأَمَّا «﴿مَا﴾ [التوبة: ١٢٨]» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] فَإِنَّهُ رَفَعَ بِقَوْلِهِ: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ١٢٨] لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: مَا ذَكَرْتُ عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: مَا قَدْ بَيَّنْتُ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٢ ‏/ ٩٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] حَرِيصٌ عَلَى ضَالِهِمْ أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ»
١٢ ‏/ ٩٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] قَالَ: حَرِيصٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَنْ يُسَلِّمَ»
١٢ ‏/ ٩٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: ١٢٩]
١٢ ‏/ ٩٩
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِنْ تَوَلَّى يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جِئْتَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ مِنْ قَوْمِكَ، فَأَدْبَرُوا عَنْكَ وَلَمْ يَقْبَلُوا مَا أَتَيْتَهُمْ بِهِ مِنَ النَّصِيحَةِ فِي اللَّهِ وَمَا دَعْوَتَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ النُّورِ وَالْهُدَى، فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ، يَكْفِينِي رَبِّي؛ ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة: ١٦٣] لَا معبودَ سِوَاهُ، ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ [التوبة: ١٢٩] وَبِهِ وَثِقْتُ، وَعَلَى عَوْنِهِ اتَّكَلْتُ، وَإِلَيْهِ وَإِلَى نَصْرِهِ اسْتَنَدْتُ، فَإِنَّهُ نَاصِرِي وَمُعِينِي عَلَى مَنْ خَالَفَنِي وَتَوَلَّى عَنِّي مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْرِكُمْ مِنَ النَّاسِ. ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: ١٢٩] الَّذِي يَمْلِكُ كُلَّ مَا دُونَهُ، وَالْمُلُوكُ كُلُّهُمْ مَمَالِيكُهُ وَعَبِيدُهُ. وَإِنَّمَا عَنَى بِوَصْفِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْخَبَرَ عَنْ جَمِيعِ مَا دُونَهُ أَنَّهُمْ عَبِيدُهُ وَفِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ؛ لِأَنَّ الْعَرْشَ الْعَظِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُلُوكِ، فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ ذُو الْعَرْشِ دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ وَأَنَّهُ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ دُونَ غَيْرِهِ وَأَنَّ مَنْ دُونَ فِي سُلْطَانِهِ وَمُلْكِهِ جَارٍ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَقَضَاؤُهُ
١٢ ‏/ ١٠٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾ [التوبة: ١٢٩] يَعْنِي الْكُفَّارَ تَوَلَّوْا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهَذِهِ فِي الْمُؤْمِنِينَ»
١٢ ‏/ ١٠٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يُثَبِّتُ آيَةً فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ⦗١٠١⦘ عَزِيزٌ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ١٢٨] فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَسْأَلُكُ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةً أَبَدًا، كَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ»
١٢ ‏/ ١٠٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ رَحِيمٌ يُحِبُّ كُلَّ رَحِيمٍ، يَضَعُ رَحْمَتَهُ عَلَى كُلِّ رَحِيمٍ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَرْحَمُ أَنْفُسَنَا وَأَمْوَالَنَا قَالَ: وَأَرَاهُ قَالَ: وَأَزْوَاجَنَا. قَالَ: «لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكَنْ كُونُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾» أَرَاهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ كُلَّهَا
١٢ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ»
١٢ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي، قَالَ: «آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] . .» الْآيَةَ
١٢ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أُبَيٍّ، قَالَ: «أَحْدَثُ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِاللَّهِ هَاتَانِ الْآيَتَانِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] . . إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ»
١٢ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «أَحْدَثُ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِاللَّهِ الْآيَتَانِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] . . إِلَى آخِرِ السُّورَةِ»

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …