سُورَةُ الْإِسْرَاءِ 5

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو أُسَامَةَ بِنَحْوِهِ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالِ، قَالَ: قَالَ يَهُودِيُّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ نَبِيُّ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ أَعْيُنٍ، قَالَ: فَأْتِيَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَسْأَلَانِهِ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَقَالَ: «هُنَّ: وَلَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ، وَلَا تُوَلُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يَهُودُ: أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ» قَالَ: فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيُّ، قَالَ: «فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِيَ؟» قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيُّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنِ اتَّبَعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو ⦗١٠٥⦘ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ
١٥ ‏/ ١٠٤
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ﴾ [الإسراء: ١٠١] فَإِنَّ عَامَّةَ قُرَّاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى قِرَاءَتِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ بِمَعْنَى: فَاسْأَلْ يَا مُحَمَّدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ مُوسَى وَرُوِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي تَأْوِيلِهِ مَا:
١٥ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنِي بِهِ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الحَسَنِ، ﴿فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الإسراء: ١٠١] قَالَ: سُؤَالُكَ إِيَّاهُمْ: نَظَرُكَ فِي الْقُرْآنِ وَرُوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: «فَسَأَلَ» بِمَعْنَى: فَسَأَلَ مُوسَى فِرْعَوْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُرْسِلَهُمْ مَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٥ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: «فَسَأَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ» يَعْنِي أَنَّ مُوسَى، سَأَلَ فِرْعَوْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُرْسِلَهُمْ مَعَهُ وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ أَنْ يَقْرَأَ بِغَيْرِهَا، هِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى تَصْوِيبِهَا، وَرَغْبَتِهِمْ عَمَّا خَالَفَهُمْ
١٥ ‏/ ١٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾ [الإسراء: ١٠١] يَقُولُ: فَقَالَ لِمُوسَى فِرْعَوْنُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى تَتَعَاطَى عِلْمَ السِّحْرِ، فَهَذِهِ الْعَجَائِبُ الَّتِي تَفْعَلُهَا مِنْ سِحْرِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى سَاحِرًا، فَوُضِعَ مَفْعُولٌ مَوْضِعَ فَاعِلٍ، كَمَا قِيلَ: إِنَّكَ مَشْئُومٌ عَلَيْنَا وَمَيْمُونٌ، وَإِنَّمَا هُوَ شَائِمٌ وَيَامِنٌ. وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ حِجَابًا مَسْتُورًا، بِمَعْنَى: حِجَابًا سَاتِرًا، وَالْعَرَبُ قَدْ تُخْرِجُ فَاعِلًا بِلَفْظِ مَفْعُولٍ كَثِيرًا
١٥ ‏/ ١٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا﴾ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ [هود: ٧٩] فَقَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ ذَلِكَ ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ [هود: ٧٩] بِفَتْحِ التَّاءِ، عَلَى وَجْهِ الْخَطَّابِ مِنْ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ. وَرُوِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُ قَرَأَ: «لَقَدْ عَلِمْتُ» بِضَمِّ التَّاءِ، عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنْ مُوسَى عَنْ نَفْسِهِ. وَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾ [الإسراء: ١٠١] إِنِّي لَأَظُنُّكَ قَدْ سُحِرْتَ، فَتَرَى أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِصَوَابٍ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ. وَهَذَا وَجْهٌ مِنَ التَّأْوِيلِ. غَيْرَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ خِلَافُهَا، وَغَيْرُ
١٥ ‏/ ١٠٦
جَائِزٍ عِنْدَنَا خِلَافُ الْحُجَّةِ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ مُجْمِعَةً عَلَيْهِ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ أَنَّهُمْ جَحَدُوا مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ التِّسْعِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٣] فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ قَالُوا: هِيَ سِحْرٌ مَعَ عِلْمِهِمْ وَاسْتِيقَانِ أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ [هود: ٧٩] إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ مِنْ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهَا آيَاتٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّهُ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمِثْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْحُجَّةِ. قَالَ:
١٥ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ [الإسراء: ١٠٢] يَا فِرْعَوْنُ بِالنَّصْبِ ﴿مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ثُمَّ تَلَا ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤] فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ قَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ: لَقَدْ عَلِمْتَ يَا فِرْعَوْنُ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ التِّسْعِ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي أَرَيْتُكَهَا حُجَّةً لِي عَلَى حَقِيقَةِ مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ، وَشَاهِدَةٌ لِي عَلَى صِدْقِ وَصِحَّةِ قَوْلِي أَنِّي لِلَّهِ رَسُولٌ،
١٥ ‏/ ١٠٧
مَا بَعَثَنِي إِلَيْكَ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَمْثَالِهِ أَحَدٌ سِوَاهُ. ﴿بَصَائِرَ﴾ [الأنعام: ١٠٤] يَعْنِي بِالْبَصَائِرِ: الْآيَاتِ، أَنَّهُنَّ بَصَائِرُ لِمَنْ اسْتَبْصَرَ بِهِنَّ، وَهُدًى لِمَنِ اهْتَدَى بِهِنَّ، يَعْرِفُ بِهِنَّ مَنْ رَآهُنَّ أَنَّ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَمُحِقٌّ، وَأَنَّهُنَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ، إِذْ كُنَّ مُعْجِزَاتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِنَّ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ سِوَى رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ جَمْعُ بَصِيرَةٍ
١٥ ‏/ ١٠٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلْعُونًا مَمْنُوعًا مِنَ الْخَيْرِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا ثَبَرَكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ: أَيْ مَا مَنَعَكَ مِنْهُ، وَمَا صَدَّكَ عَنْهُ؟ وَثَبَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ يَثْبُرُهُ وَيُثْبِرُهُ لُغَتَانٍ، وَرَجُلٌ مَثْبُورٌ: مَحْبُوسٌ عَنِ الْخَيْرَاتِ هَالِكٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الخفيف] إِذْ أُجَارِي الشَّيْطَانَ فِي سَنَنِ الْغَيِّ … وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٥ ‏/ ١٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] قَالَ: مَلْعُونًا ⦗١٠٩⦘ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] يَقُولُ: مَلْعُونًا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَغْلُوبًا
١٥ ‏/ ١٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] يَعْنِي: مَغْلُوبًا
١٥ ‏/ ١٠٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] يَقُولُ: مَغْلُوبًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ هَالِكًا
١٥ ‏/ ١٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: مَثْبُورًا: أَيْ هَالِكًا ⦗١١٠⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢]: أَيْ هَالِكًا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ مُبَدِّلًا مُغَيِّرًا
١٥ ‏/ ١١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عِيسَى بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطِيَّةَ، ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] قَالَ: مُبَدِّلًا وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: مَخْبُولًا لَا عَقْلَ لَهُ
١٥ ‏/ ١١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنِّي ⦗١١١⦘ لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] قَالَ: الْإِنْسَانُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقْلٌ فَمَا يَنْفَعُهُ؟ يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقْلٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي دِينِهِ وَمَعَاشِهِ دَعَتْهُ الْعَرَبُ مَثْبُورًا. قَالَ: أَظُنُّكَ لَيْسَ لَكَ عَقْلٌ يَا فِرْعَوْنُ، قَالَ: بَيْنَا هُوَ يَخَافُهُ وَلَا يَنْطِقُ لِسَانِي أَنْ أَقُولَ هَذَا لِفِرْعَوْنَ، فَلَمَّا شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ، اجْتَرَأَ أَنْ يَقُولَ لَهُ فَوْقَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَقَدْ بَيَّنَّا الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ
١٥ ‏/ ١١٠
الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَرَادَ فِرْعَوْنُ أَنْ يَسْتَفِزَّ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْأَرْضِ ﴿فَأَغْرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٣] فِي الْبَحْرِ ﴿وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٣١] مِنْ جُنْدِهِ ﴿جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩] . وَنَجَّيْنَا مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقُلْنَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ ﴿اسْكُنُوا الْأَرْضَ﴾ [الإسراء: ١٠٤] أَرْضَ الشَّامِ ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] يَقُولُ: فَإِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ، وَهِيَ وَعْدُ الْآخِرَةِ، جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا: يَقُولُ: حَشَرْنَاكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ لَفِيفًا: أَيْ مُخْتَلِطِينَ قَدِ الْتَفَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، لَا تَتَعَارَفُونَ، وَلَا يَنْحَازُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى قَبِيلَتِهِ وَحَيِّهِ، مِنْ قَوْلِكَ: لَفَفْتُ الْجُيُوشَ: إِذَا ضَرَبْتُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، فَاخْتَلَطَ الْجَمِيعُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ خُلِطَ بِشَيْءٍ فَقَدْ لُفَّ بِهِ.
١٥ ‏/ ١١١
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ
١٥ ‏/ ١١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَزِينٍ، ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] قَالَ: مِنْ كُلِّ قَوْمٍ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: جِئْنَا بِكُمْ جَمِيعًا
١٥ ‏/ ١١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] قَالَ: جَمِيعًا
١٥ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] جَمِيعًا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] أَيْ جَمِيعًا، أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ
١٥ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] قَالَ: جَمِيعًا
١٥ ‏/ ١١٣
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: ١٠٤] يَعْنِي جَمِيعًا وَوَحَّدَ اللَّفِيفَ، وَهُوَ خَبَرٌ عَنِ الْجَمِيعِ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَفَفْتُهُ لَفًّا وَلَفِيفًا
١٥ ‏/ ١١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ: يَقُولُ: أَنْزَلْنَاهُ نَأْمُرُ فِيهِ بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ وَالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَالْأُمُورِ الْمُسْتَحْسَنَةِ الْحَمِيدَةِ، وَنَنْهَى فِيهِ عَنِ الظُّلْمِ وَالْأُمُورِ الْقَبِيحَةِ، وَالْأَخْلَاقِ الرَّدِيَّةِ، وَالْأَفْعَالِ الذَّمِيمَةِ ﴿وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: ١٠٥] يَقُولُ: وَبِذَلِكَ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ
١٥ ‏/ ١١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الإسراء: ١٠٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى مَنْ أَرْسَلْنَاكَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادِنَا، إِلَّا مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَنَا، فَانْتَهَى إِلَى أَمْرِنَا وَنَهْيِنَا، وَمُنْذِرًا لِمَنْ عَصَانَا وَخَالَفَ أَمْرَنَا وَنَهْيَنَا
١٥ ‏/ ١١٣
﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ ﴿فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ مِنْ فَرَقْنَاهُ، بِمَعْنَى: أَحْكَمْنَاهُ وَفَصَّلْنَاهُ وَبَيِّنَّاهُ. ⦗١١٤⦘ وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ «فَرَقْنَاهُ» بِمَعْنَى: نَزَّلْنَاهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، آيَةً بَعْدَ آيَةٍ، وَقِصَّةً بَعْدَ قِصَّةِ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا، الْقِرَاءَةُ الْأُولَى، لِأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْحُجَّةُ مُجْمِعَةٌ، وَلَا يَجُوزُ خِلَافُهَا فِيمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مُجْمِعَةٌ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالْقُرْآنِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَفَصَّلْنَاهُ قُرْآنًا، وَبَيِّنَّاهُ وَأَحْكَمْنَاهُ، لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلِ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
١٥ ‏/ ١١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] يَقُولُ: فَصَّلْنَاهُ
١٥ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] مُخَفَّفًا: يَعْنِي بَيَّنَّاهُ
١٥ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] قَالَ: فَصَّلْنَاهُ
١٥ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: ثنا عَبَّادٌ، يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَرَأَ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] خَفَّفَهَا: فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى، فَإِنَّهُمْ تَأَوَّلُوا مَا قَدْ ذَكَرْتُ مِنَ التَّأْوِيلِ
١٥ ‏/ ١١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَا حَكَيْتُ مِنَ التَّأْوِيلِ عَنْ قَارِئِ ذَلِكَ كَذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا: «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ» مُثَقَّلَةً، يَقُولُ: أُنْزِلَ آيَةً آيَةً
١٥ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَنْزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً، قَالَ: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣] «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا»
١٥ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ» لَمْ يَنْزِلْ جَمِيعًا، وَكَانَ بَيْنَ ⦗١١٦⦘ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً
١٥ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ» قَالَ: فَرَّقَهُ: لَمْ يُنَزِّلْهُ جَمِيعَهُ. وَقَرَأَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢] حَتَّى بَلَغَ ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣] يَنْقُضُ عَلَيْهِمْ مَا يَأْتُونَ بِهِ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: نُصِبَ قَوْلُهُ ﴿وَقُرْآنًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] بِمَعْنَى: وَرَحْمَةً، وَيَتَأَوَّلُ ذَلِكَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الإسراء: ١٠٥] وَرَحْمَةً، وَيَقُولُ: جَازَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ رَحْمَةٌ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ أَوْلَى، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس: ٣٩] وَقَوْلُهُ: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] يَقُولُ: لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى تُؤَدَةٍ، فَتُرَتِّلَهُ وَتُبَيِّنَهُ، وَلَا تَعْجَلْ فِي تِلَاوَتِهِ، فَلَا يُفْهَمْ عَنْكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٥ ‏/ ١١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدٍ ⦗١١٧⦘ الْمُكْتِبِ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: رَجُلٌ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَآخَرُ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَرُكُوعُهُمَا وَسُجُودُهُمَا وَاحِدٌ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: الَّذِي قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَقَرَأَ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦]
١٥ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] يَقُولُ: عَلَى تَأْيِيدٍ
١٥ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] قَالَ: عَلَى تَرْتِيلٍ
١٥ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] قَالَ: فِي تَرْتِيلٍ
١٥ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] قَالَ: التَّفْسِيرُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ⦗١١٨⦘﴾ [المزمل: ٤] تَفْسِيرُهُ
١٥ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] عَلَى تُؤَدَةٍ وَفِي الْمُكْثِ لِلْعَرَبِ لُغَاتٌ: مُكْثٌ، وَمَكْثٌ، وَمِكْثٍ وَمِكِّيثي مَقْصُورٌ، وَمُكْثَانًا، وَالْقِرَاءَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ
١٥ ‏/ ١١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَرَقْنَا تَنْزِيلَهُ، وَأَنْزَلْنَاهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، كَمَا:
١٥ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: تَلَا الْحَسَنُ: «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا» قَالَ: كَانَ اللَّهُ تبارك وتعالى يُنَزِّلُ هَذَا الْقُرْآنَ بَعْضَهُ قَبْلَ بَعْضٍ لِمَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَكُونُ وَيَحْدُثُ فِي النَّاسِ، لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ يَوْمًا عَلَى سَخْطَةٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ» فَثَقَّلَهَا أَبُو رَجَاءٍ، فَقَالَ الْحَسَنُ: لَيْسَ فَرَّقْنَاهُ، وَلَكِنْ فَرَقْنَاهُ، فَقَرَأَ الْحَسَنُ مُخَفَّفَةً. قُلْتُ: مَنْ يُحَدِّثُكَ هَذَا يَا أَبَا سَعِيدٍ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: فَمَنْ يُحَدِّثُنِيهِ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ
١٥ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] لَمْ يَنْزِلْ فِي لَيْلَةٍ وَلَا لَيْلَتَيْنٍ، وَلَا شَهْرٍ وَلَا شَهْرَيْنِ، وَلَا سَنَةٍ وَلَا سَنَتَيْنٍ، وَلَكِنْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ عِشْرُونَ سَنَةً، وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ
١٥ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ يَقُولُ: أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ الْقُرْآنَ ثَمَانِيَ سِنِينَ، وَعَشْرًا بَعْدَ مَا هَاجَرَ وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: عَشْرًا بِمَكَّةَ، وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ
١٥ ‏/ ١١٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ١٠٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ لَكَ ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء: ٩٠] آمِنُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي لَوِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، لَمْ يَأْتُوا بِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا، أَوْ لَا تُؤْمِنُوا بِهِ، فَإِنَّ إِيمَانَكُمْ بِهِ لَنْ يَزِيدَ فِي خَزَائِنِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلَا تَرْكُكُمُ الْإِيمَانَ بِهِ يَنْقُصُ ذَلِكَ. وَإِنْ تَكْفُرُوا بِهِ، فَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بِاللَّهِ وَآيَاتِهِ مِنْ قَبْلِ نُزُولِهِ مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ هَذَا الْقُرْآنُ يَخِرُّونَ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَكْرِيمًا، وَعِلْمًا مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِأَذْقَانِهِمْ سُجَّدًا بِالْأَرْضِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ [الإسراء: ١٠٧] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ: الْوُجُوهَ
١٥ ‏/ ١١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ⦗١٢٠⦘ قَوْلُهُ: ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء: ١٠٧] يَقُولُ: لِلْوُجُوهِ
١٥ ‏/ ١١٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء: ١٠٧] قَالَ لِلْوُجُوهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ اللَّحْيَ
١٥ ‏/ ١٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ [الإسراء: ١٠٧] قَالَ: اللَّحْي
١٥ ‏/ ١٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ١٠٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ هَذَا الْقُرْآنِ، إِذْ خَرُّوا لِلْأَذْقَانِ سُجُودًا عِنْدَ سَمَاعِهِمُ الْقُرْآنَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ: تَنْزِيهًا لِرَبِّنَا وَتَبْرِئَةً لَهُ مِمَّا يُضِيفُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ، مَا كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ، إِلَّا مَفْعُولًا حَقًّا يَقِينًا، إِيمَانٌ بِالْقُرْآنِ وَتَصْدِيقٌ بِهِ وَالْأَذْقَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: جَمْعُ ذَقَنٍ وَهُوَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ، وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي قَالَ الْحَسَنُ فِي ذَلِكَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ ⦗١٢١⦘ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [النحل: ٢٧] وَفِي ﴿يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [الإسراء: ١٠٧]
١٥ ‏/ ١٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلَهُ﴾ [الإسراء: ١٠٧] . إِلَى قَوْلِهِ ﴿خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٩] قَالَ: هُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حِينَ سَمِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ قَالُوا ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبَّنَا لَمَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ١٠٨]
١٥ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ [الإسراء: ١٠٧] مَنْ قَبْلِ النَّبِيِّ ﷺ ﴿إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [الإسراء: ١٠٧] مَا أَنْزَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ١٠٨] وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ [الإسراء: ١٠٧] الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ
١٥ ‏/ ١٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [الإسراء: ١٠٧] كِتَابُهُمْ
١٥ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [الإسراء: ١٠٧] مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [الإسراء: ١٠٧] الْقُرْآنُ، لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ ذِكْرِ الْقُرْآنِ لَمْ يَجْرِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ ذِكْرٌ، فَيُصْرَفُ الْكَلَامُ إِلَيْهِ، وَلِذَلِكَ جُعِلَتِ الْهَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ [البقرة: ١٩٨] مِنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ بِذِكْرِهِ جَرَى قَبْلَهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء: ١٠٦] وَمَا بَعْدَهُ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ عَنْهُ، فَذَلِكَ وَجَبَتْ صِحَّةُ مَا قُلْنَا إِذَا لَمْ يَأْتِ بِخِلَافِ مَا قُلْنَا فِيهِ حَجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا
١٥ ‏/ ١٢٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٩] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَخِرُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْفُرْقَانِ، إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لِأَذْقَانِهِمْ يَبْكُونَ، وَيَزِيدُهُمْ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ خُشُوعًا، يَعْنِي خُضُوعًا لِأَمْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَاسْتِكَانَةً لَهُ
١٥ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى التَّيْمِيِّ، أَنَّ مَنْ، أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُبْكِهِ لَخَلِيقٌ أَنْ لَا يَكُونَ أُوتِيَ عِلْمًا يَنْفَعُهُ، لِأَنَّ اللَّهَ نَعَتَ الْعُلَمَاءَ فَقَالَ ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ﴾ [الإسراء: ١٠٧] لِلْأَذْقَانِ. الْآيَتَيْنِ
١٥ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى التَّيْمِيِّ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: ﴿إِذَا ⦗١٢٣⦘ يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ﴾ [الإسراء: ١٠٧] لِلْأَذْقَانِ ثُمَّ قَالَ: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾ [الإسراء: ١٠٩] . الْآيَةَ
١٥ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٩] قَالَ: هَذَا جَوَابٌ وَتَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ الَّتِي فِي كهيعص ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم: ٥٨]
١٥ ‏/ ١٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ الْمُنْكِرِينَ دُعَاءَ الرَّحْمَنِ: ﴿ادْعُوا اللَّهَ﴾ [الإسراء: ١١٠] أَيُّهَا الْقَوْمُ ﴿أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠] بِأَيِّ أَسْمَائِهِ ﷻ تَدْعُونَ رَبَّكُمْ، فَإِنَّمَا تَدْعُونَ وَاحِدًا، وَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى. وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لَهُ ﷺ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا ذُكِرَ سَمِعُوا النَّبِيَّ ﷺ يَدْعُو رَبَّهُ: يَا رَبَّنَا اللَّهُ، وَيَا رَبَّنَا الرَّحْمَنُ، فَظُنُّوا أَنَّهُ يَدْعُو إِلَهَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام هَذِهِ الْآيَةَ احْتِجَاجًا لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِمْ
١٥ ‏/ ١٢٣
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِمَا ذَكَرْنَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ سَاجِدًا يَدْعُو: «يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ» فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَدْعُو وَاحِدًا، وَهُوَ يَدْعُو مَثْنَى مَثْنَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ ⦗١٢٤⦘ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠] . . الْآيَةَ
١٥ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني عِيسَى، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَهَجَّدُ بِمَكَّةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ» فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: انْظُرُوا مَا قَالَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، يَدْعُو اللَّيْلَةَ الرَّحْمَنَ الَّذِي بِالْيَمَامَةِ، وَكَانَ بِالْيَمَامَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الرَّحْمَنُ، فَنَزَلَتْ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ [الإسراء: ١١٠] بِشَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ
١٥ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثني حَمَّادُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا كُلُّهُنَّ فِي الْقُرْآنِ، مَنْ ⦗١٢٥⦘ أَحْصَاهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلِدُخُولِ «مَا» فِي قَوْلِهِ ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ [الإسراء: ١١٠] وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ صِلَةً، كَمَا قِيلَ: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٠] وَالْآخَرُ أَنْ تَكُونَ فِي مَعْنَى إِنْ: كُرِّرَتْ لَمَّا اخْتَلَفَ لَفْظَاهُمَا، كَمَا قِيلَ: مَا إِنْ رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ لَيْلَةً
١٥ ‏/ ١٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: وَلَا تَجْهَرْ بِدُعَائِكَ، وَلَا تُخَافِتْ بِهِ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ. وَقَالُوا: عَنَى بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الدُّعَاءَ
١٥ ‏/ ١٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَتْ: فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا بَشَّارٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ ⦗١٢٦⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: كَانُوا يَجْهَرُونَ بِالدُّعَاءِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أُمِرُوا أَنْ لَا يَجْهَرُوا، وَلَا يُخَافِتُوا حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْنُكْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: الدُّعَاءُ
١٥ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سفيان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ ⦗١٢٧⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَطَاءٍ، ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي الْآيَةِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: فِي الدُّعَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ، حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ
١٥ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثني سُفْيَانُ، قَالَ: ثني قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: كَانَ أَعْرَابٌ إِذَا سَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ قَالُوا: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا إِبِلًا وَوَلَدًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنِي ابْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] . . الْآيَةَ، قَالَ: فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ
١٥ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني عِيسَى، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ ⦗١٢٩⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ الصَّلَاةَ، وَاخْتَلَفَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي عَنَى بِالنَّهْيِ عَنِ الْجَهْرِ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الَّذِي نُهِيَ عَنِ الْجَهْرِ بِهِ مِنْهَا الْقِرَاءَةُ
١٥ ‏/ ١٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَوَارٍ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ ﷺ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] فَيَسْمَعُ الْمُشْرِكُونَ ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] عَنْ أَصْحَابِكَ، فَلَا تُسْمِعُهُمُ الْقُرْآنَ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ
١٥ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا جَهَرَ بِالصَّلَاةَ بِالْمُسْلِمِينَ بِالْقُرْآنِ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ إِذَا سَمِعُوهُ، فَيُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالشَّتْمِ وَالْعَيْبِ بِهِ، وَذَلِكَ بِمَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا مُحَمَّدُ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] يَقُولُ: لَا تُعْلِنْ بِالْقِرَاءَةِ بِالْقُرْآنِ إِعْلَانًا شَدِيدًا يَسْمَعُهُ الْمُشْرِكُونَ فَيُؤْذُونَكَ، وَلَا تُخَافِتْ بِالْقِرَاءَةِ بِالْقُرْآنِ: يَقُولُ: لَا تُخْفِضْ صَوْتَكَ حَتَّى لَا تُسْمِعَ أُذُنَيْكَ ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] يَقُولُ: اطْلُبْ بَيْنَ الْإِعْلَانِ وَالْجَهْرِ وَبَيْنَ التَّخَافُتِ وَالْخَفْضِ طَرِيقًا، لَا ⦗١٣٠⦘ جَهْرًا شَدِيدًا، وَلَا خَفْضًا لَا تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، فَذَلِكَ الْقَدْرُ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ سَقَطَ هَذَا كُلُّهُ، يَفْعَلُ الْآنَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ
١٥ ‏/ ١٢٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] . . الْآيَةَ، هَذَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ أَسْمَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَآذَوْهُ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ فَيُسْمَعَ عَدُوَّهُ، وَلَا يُخَافِتْ فَلَا يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَبْتَغِيَ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا
١٥ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا سَمِعُوا صَوْتَهُ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُخْفِي الْقُرْآنَ فَمَا يَسْمَعْهُ أَصْحَابُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ وَسَمِعَ الْمُشْرِكُونَ، سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، وَإِذَا خَفَضَ لَمْ يَسْمَعْ أَصْحَابُهُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني ⦗١٣١⦘ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا جَهَرَ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلِّي تَفَرَّقُوا، وَأَبَوْا أَنْ يَسْتَمِعُوا مِنْهُ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْضَ مَا يَتْلُو وَهُوَ يُصَلِّي، اسْتَرَقَ السَّمْعَ دُونَهُمْ فَرَقًا مِنْهُمْ، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنَّهُ يَسْتَمِعُ، ذَهَبَ خَشْيَةَ أَذَاهُمْ، فَلَمْ يَسْتَمِعْ، فَإِنْ خَفَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَوْتَهُ، لَمْ يَسْتَمِعِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ مِنْ قِرَاءَتِهِ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] فَيَتَفَرَّقُوا عَنْكَ ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] فَلَا تُسْمِعُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا، مِمَّنْ يَسْتَرِقُ ذَلِكَ دُونَهُمْ، لَعَلَّهُ يَرْعَوِي إِلَى بَعْضِ مَا يَسْمَعُ، فَيَنْتَفِعُ بِهِ ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَجْهَرُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: لَا تَجْهَرْ بِالْقِرَاءَةِ فَتُؤْذِيَ آلِهَتَنَا، فَنَهْجُوَ رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] . . الْآيَةَ
١٥ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ الصَّوْتَ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] أَيْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعُ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ ﴿وَلَا تُخَافِتْ ⦗١٣٢⦘ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] عَنْ أَصْحَابِكَ، فَلَا تُسْمِعُهُمْ ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: فِي الْقِرَاءَةِ
١٥ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ أَعْجَبَ ذَلِكَ أَصْحَابَهُ، وَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
١٥ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَانَ إِذَا صَلَّى فَقَرَأَ خَفَضَ صَوْتَهُ، وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، قَالَ: فَقِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: أُنَاجِي رَبِّي، وَقَدْ عَلِمَ حَاجَتِي، قِيلَ: أَحْسَنْتَ، وَقِيلَ لِعُمَرَ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا؟ قَالَ: أطْرُدُ الشَّيْطَانَ، وَأُوقِظُ الْوَسْنَانَ، قِيلَ: أَحْسَنْتَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ: ارْفَعْ شَيْئًا، وَقِيلَ لِعُمَرَ: اخْفِضْ شَيْئًا
١٥ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: ⦗١٣٣⦘ يَقُولُ نَاسٌ إِنَّهَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ آخَرُونَ إِنَّهَا فِي الدُّعَاءِ
١٥ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ، إِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ صَوْتَهُ رَمَوْهُ بِكُلِّ خَبَثٍ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَغُضَّ مِنْ صَوْتِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَ صَلَاتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَكَانَ يُقَالُ: مَا سَمِعَتْهُ أُذُنُكَ فَلَيْسَ بِمُخَافَتَةٍ
١٥ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالصَّلَاةِ، فَيَرْمَى بِالْخَبَثِ، فَقَالَ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فَتُؤْذَى وَلَا تُخَافِتْ بِهَا، وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ: وَلَا تَجْهَرْ بِالتَّشَهُّدِ فِي صَلَاتِكَ، وَلَا تُخَافِتْ بِهَا
١٥ ‏/ ١٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي التَّشَهُّدِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، مِثْلَهُ. وَزَادَ فِيهِ: وَكَانَ الْأَعْرَابِيُّ يَجْهَرُ فَيَقُولُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، يَرْفَعُ فِيهَا صَوْتَهُ، فَنَزَلَتْ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِمَكَّةَ جِهَارًا، فَأَمَرَ بِإِخْفَائِهَا
١٥ ‏/ ١٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَا: قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا صَلَّى يَجْهَرُ بِصَلَاتِهِ، فَآذَى ذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، حَتَّى أَخْفَى صَلَاتَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] وَقَالَ فِي الْأَعْرَافِ: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠٥] وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ تُحْسِنُهَا مِنْ إِتْيَانِهَا فِي الْعَلَانِيَةِ، وَلَا تُخَافِتْ بِهَا: تُسيئُهَا فِي السَّرِيرَةِ
١٥ ‏/ ١٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] أَيْ لَا تُرَاءِ بِهَا عَلَانِيَةً، وَلَا تُخْفِهَا ⦗١٣٥⦘ سِرًّا ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠]
١٥ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: لَا تُحْسِنُ عَلَانِيَتِهَا، وَتُسِيءُ سَرِيرَتَهَا
١٥ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: لَا تُرَاءِ بِهَا فِي الْعَلَانِيَةِ، وَلَا تُخْفِهَا فِي السَّرِيرَةِ
١٥ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْرَقِيُّ، قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: تُحْسِنُ عَلَانِيَتَهَا، وَتُسِيءُ سَرِيرَتَهَا
١٥ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: لَا تُصَلِّ مُرَاءَاةَ النَّاسِ وَلَا تَدَعْهَا مَخَافَةً وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا
١٥ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] قَالَ: السَّبِيلُ بَيْنَ ذَلِكَ الَّذِي سَنَّ لَهُ جَبْرَائِيلُ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ. قَالَ: وَكَانَ
١٥ ‏/ ١٣٥
أَهْلُ الْكِتَابِ يُخَافِتُونَ، ثُمَّ يَجْهَرُ أَحَدُهُمْ بِالْحَرْفِ، فَيَصِيحُ بِهِ، وَيَصِيحُونَ هُمْ بِهِ وَرَاءَهُ، فَنَهَى أَنْ يَصِيحَ كَمَا يَصِيحُ هَؤُلَاءِ، وَأَنْ يُخَافِتَ كَمَا يُخَافِتُ الْقَوْمُ، ثُمَّ كَانَ السَّبِيلُ الَّذِي بَيْنَ ذَلِكَ، الَّذِي سَنَّ لَهُ جَبْرَائِيلُ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ، مَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ الَّتِي رُوِيَ عَنْ صَحَابِيٍّ فِيهِ قَوْلُ مَخْرَجًا، وَأَشْبَهُ الْأَقْوَالِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] عَقِيبَ قَوْلِهِ ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُو فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ وَعَقِيبَ تَقْرِيعِ الْكُفَّارِ بِكُفْرِهِمْ بِالْقُرْآنِ، وَذَلِكَ بُعْدُهُمْ مِنْهُ وَمِنَ الْإِيمَانِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى وَأَشْبَهُ بِقَوْلِهِ ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] أَنْ يَكُونَ مِنْ سَبَبِ مَا هُوَ فِي سِيَاقِهِ مِنَ الْكَلَامِ، مَا لَمْ يَأْتِ بِمَعْنًى يُوجِبُ صَرْفَهُ عَنْهُ، أَوْ يَكُونَ عَلَى انْصِرَافِهِ عَنْهُ دَلِيلٌ يُعْلَمُ بِهِ الِانْصِرَافُ عَمَّا هُوَ فِي سِيَاقِهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ، أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ، أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وَلَا تَجْهَرْ يَا مُحَمَّدُ بِقِرَاءَتِكَ فِي صَلَاتِكَ وَدُعَائِكَ فِيهَا رَبَّكَ وَمَسْأَلَتِكَ إِيَّاهُ، وَذِكْرِكَ فِيهَا، فَيُؤْذِيكَ بِجَهْرِكَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ، وَلَا تُخَافِتْ بِهَا فَلَا يَسْمَعُهَا أَصْحَابَكَ ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] وَلَكِنِ الْتَمِسْ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ طَرِيقًا إِلَى أَنْ تُسْمِعَ أَصْحَابَكَ، وَلَا يَسْمَعْهُ الْمُشْرِكُونَ فَيُؤْذُوكَ. وَلَوْلَا أَنَّ أَقْوَالَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مَضَتْ بِمَا ذَكَرْتُ عَنْهُمْ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَأَنَّا لَا
١٥ ‏/ ١٣٦
نَسْتَجِيرُ خِلَافَهُمْ فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ، لَكَانَ وَجْهًا يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ أَنْ يُقَالَ: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ الَّتِي أَمَرْنَاكَ بِالْمُخَافَتَةِ بِهَا، وَهِيَ صَلَاةُ النَّهَارِ لِأَنَّهَا عَجْمَاءُ، لَا يُجْهَرُ بِهَا، وَلَا تُخَافِتْ بِصَلَاتِكَ الَّتِي أَمَرْنَاكَ بِالْجَهْرِ بِهَا، وَهِيَ صَلَاةُ اللَّيْلِ، فَإِنَّهَا يُجْهَرُ بِهَا ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠] بِأَنْ تَجْهَرَ بِالَّتِي أَمَرْنَاكَ بِالْجَهْرِ بِهَا، وَتُخَافِتْ بِالَّتِي أَمَرْنَاكَ بِالْمُخَافَتَةِ بِهَا، لَا تَجْهَرْ بِجَمِيعِهَا، وَلَا تُخَافِتْ بِكُلِّهَا، فَكَانَ ذَلِكَ وَجْهًا غَيْرَ بَعِيدٍ مِنَ الصِّحَّةِ، وَلَكِنَّا لَا نَرَى ذَلِكَ صَحِيحًا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى خِلَافِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيُّةُ قِرَاءَةِ هَذِهِ الَّتِي بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ؟ قِيلَ:
١٥ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا قُتَيْبَةُ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَمْ يُخَافِتْ مَنْ أَسْمَعَ أُذُنَيْهِ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١٣٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿وَقُلْ﴾ [آل عمران: ٢٠] يَا مُحَمَّدُ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ [الإسراء: ١١١] فَيَكُونُ مَرْبُوبًا لَا رَبًّا، لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْبَابِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ [الإسراء: ١١١] فَيَكُونُ عَاجِزًا ذَا حَاجَةٍ إِلَى مَعُونَةِ غَيْرِهِ ضَعِيفًا، وَلَا يَكُونُ إِلَهًا مَنْ يَكُونُ مُحْتَاجًا إِلَى مُعِينٍ عَلَى مَا حَاوَلَ، وَلَمْ يَكُنْ مُنْفَرِدًا بِالْمُلْكِ
١٥ ‏/ ١٣٧
وَالسُّلْطَانِ ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ١١١] يَقُولُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَلِيفٌ حَالَفَهُ مِنَ الذُّلِّ الَّذِي بِهِ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ ذَا حَاجَةٍ إِلَى نُصْرَةِ غَيْرِهِ، فَذَلِيلٌ مَهِينٌ، وَلَا يَكُونُ مَنْ كَانَ ذَلِيلًا مَهِينًا يَحْتَاجُ إِلَى نَاصِرٍ إِلَهًا يُطَاعُ ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] يَقُولُ: وَعَظِّمْ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ بِمَا أَمَرْنَاكَ أَنْ تُعَظِّمَهُ بِهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وَأَطِعْهُ فِيمَا أَمَرَكَ وَنَهَاكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ١١١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٥ ‏/ ١٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ١١١] قَالَ: لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا، وَلَا يَبْتَغِي نَصْرَ أَحَدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٥ ‏/ ١٣٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُعَلِّمُ أَهْلَهُ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] الصَّغِيرُ مِنْ أَهْلِهِ وَالْكَبِيرُ
١٥ ‏/ ١٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْجُنَيْدِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ التَّوْرَاةَ كُلَّهَا فِي خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ ⦗١٣٩⦘ تَلَا ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الإسراء: ٢٢]
١٥ ‏/ ١٣٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ [الإسراء: ١١١] . . الْآيَةَ. قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالُوا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. وَقَالَتِ الْعَرَبُ: لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ. وَقَالَ الصَّابِئُونَ وَالْمَجُوسُ: لَوْلَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ لَذَلَّ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَقُلِ الْحَمْدِ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ﴾ [الإسراء: ١١١] أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴿تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
١٥ ‏/ ١٣٩

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …