وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ﴾ [الأحزاب: ٣٣] يَقُولُ: وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ ⦗١٠١⦘ الْمَفْرُوضَةَ، وَآتِينَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْكُنَّ فِي أَمْوَالِكُنَّ ﴿وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأحزاب: ٣٣] فِيمَا أَمَرَكُنَّ وَنَهَاكُنَّ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [الأحزاب: ٣٣] يَقُولُ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهَ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، وَيُطَهِّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ الَّذِي يَكُونُ فِي أَهْلِ مَعَاصِي اللَّهِ تَطْهِيرًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٠٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهَ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] «فَهُمْ أَهْلُ بَيْتِ طَهَّرَهُمُ اللَّهُ مِنَ السُّوءِ، وَخَصَّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ»
١٩ / ١٠١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهَ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] قَالَ: «الرِّجْسُ هَا هُنَا: الشَّيْطَانُ، وَسِوَى ذَلِكَ مِنَ الرِّجْسِ: الشِّرْكُ» اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [الأحزاب: ٣٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
١٩ / ١٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانِ الْعَنَزِيُّ، قَالَ: ثنا مِنْدَلٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ ⦗١٠٢⦘ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: فِيَّ، وَفِي عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَحَسَنٍ رضي الله عنه، وَحُسَيْنٍ رضي الله عنه، وَفَاطِمَةَ رضي الله عنها» ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾ [الأحزاب: ٣٣] أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
١٩ / ١٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مِرْجَلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ، فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣]»
١٩ / ١٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَمُرُّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، كُلَّمَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَيَقُولُ: «الصَّلَاةَ أَهْلَ الْبَيْتِ» ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] “
١٩ / ١٠٢
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ هِلَالٍ يَعْنِي ابْنِ مِقْلَاصٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدِي، وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَجَعَلْتُ لَهُمْ خَزِيرَةً، فَأَكَلُوا وَنَامُوا، وَغَطَى عَلَيْهِمْ عَبَاءَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا»
١٩ / ١٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ، قَالَ: رَابَطْتُ الْمَدِينَةَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، جَاءَ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ: «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ» ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾ [الأحزاب: ٣٣] أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ” حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ
١٩ / ١٠٣
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ كُلْثُومَ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ إِذْ ذَكَرُوا عَلِيًّا رضي الله عنه، فَشَتَمُوهُ؛ فَلَمَّا قَامُوا، قَالَ: اجْلِسْ حَتَّى أُخْبِرُكَ عَنْ هَذَا الَّذِي شَتَمُوا، إِنِّي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذْ جَاءَهُ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ ⦗١٠٤⦘ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاءً لَهُ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا؟ قَالَ: «وَأَنْتَ»؛ قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي “
١٩ / ١٠٣
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ: ثني شَدَّادُ أَبُو عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يُحَدِّثُ، قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: قَدْ ذَهَبَ يَأْتِي بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذْ جَاءَ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَدَخَلْتُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْفِرَاشِ وَأَجْلَسَ فَاطِمَةَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَلِيًّا عَنْ يَسَارِهِ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَفَعَ عَلَيْهِمْ بِثَوْبِهِ وَقَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي، اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ «قَالَ وَاثِلَةُ: فَقُلْتُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَهْلِكِ؟ قَالَ: «وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي»، قَالَ وَاثِلَةُ: إِنَّهَا لِمِنْ أَرْجَى مَا أَرْتَجِي»
١٩ / ١٠٤
حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَجَلَّلَ عَلَيْهِمْ كِسَاءٍ خَيْبَرِيًّا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ ⦗١٠٥⦘ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَلَسْتُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: أَنْتِ إِلَى خَيْرٍ
١٩ / ١٠٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِبُرْمَةٍ لَهَا قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصِيدَةً تُحِلُّهَا عَلَى طَبَقٍ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «وَأَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ وَابْنَاكِ؟» فَقَالَتْ: فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ: «ادْعِيهِمْ»، فَجَاءَتْ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَتْ: أَجِبِ النَّبِيَّ ﷺ أَنْتَ وَابْنَاكَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَلَمَّا رَآهُمْ مُقْبِلِينَ مَدَّ يَدَهُ إِلَى كِسَاءٍ كَانَ عَلَى الْمَنَامَةِ فَمَدَّهُ وَبَسَطَهُ وَأَجْلَسَهُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِأَطْرَافِ الْكِسَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِشِمَالِهِ، فَضَمَّهُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: «هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْبَيْتِ، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا»
١٩ / ١٠٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا حَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي بَيْتِهَا ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] قَالَتْ: وَأَنَا جَالِسَةٌ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: «إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، أَنْتِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ» قَالَتْ: وَفِي الْبَيْتِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهم “
١٩ / ١٠٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: ثني هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَمَعَ عَلِيًّا وَالْحَسَنَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ ⦗١٠٦⦘ جَأَرَ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْخِلْنِي مَعَهُمْ، قَالَ: «إِنَّكِ مِنْ أَهْلِي»
١٩ / ١٠٥
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] فَدَعَا حَسَنًا وَحُسَيْنًا وَفَاطِمَةَ، فَأَجْلَسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَدَعَا عَلِيًّا فَأَجْلَسَهُ خَلْفَهُ، فَتَجَلَّلَ هُوَ وَهُمْ بِالْكِسَاءِ ثُمَّ قَالَ: «هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَنَا مَعَهُمْ مَكَانَكَ وَأَنْتَ عَلَى خَيْرٍ “
١٩ / ١٠٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: ثنا الصَّبَّاحُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي الدَّيْلَمِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: «أَمَا قَرَأْتَ فِي الْأَحْزَابِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] قَالَ: وَلَأَنْتُمْ هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ»
١٩ / ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: ثنا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَأَخَذَ عَلِيًّا وَابْنَيْهِ وَفَاطِمَةَ، وَأَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَرَبِّ ⦗١٠٧⦘ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَأَهْلُ بَيْتِي»
١٩ / ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: ذَكَرْنَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: فِيهِ نَزَلَتْ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى بَيْتِي، فَقَالَ: «لَا تَأْذَنِي لِأَحَدٍ»، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجِبَهَا عَنْ أَبِيهَا، ثُمَّ جَاءَ الْحَسَنُ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَمْنَعُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى جَدِّهِ وَأُمِّهِ، وَجَاءَ الْحُسَيْنُ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجِبَهُ، فَاجْتَمَعُوا حَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى بِسَاطٍ، فَجَلَّلَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا»، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْبِسَاطِ؛ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَنَا، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ وَقَالَ: «إِنَّكَ إِلَى خَيْرٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
١٩ / ١٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْأَصْبَغُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ⦗١٠٨⦘ قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ يُنَادِي فِي السُّوقِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً»
١٩ / ١٠٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِأَزْوَاجِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَاذْكُرْنَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُنَّ، بِأَنْ جَعَلَكُنَّ فِي بُيُوتٍ تُتْلَى فِيهَا آيَاتُ اللَّهِ وَالْحِكْمَةُ، فَاشْكُرْنَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْمِدْنَهُ عَلَيْهِ؛ وَعَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٣٤] وَاذْكُرْنَ مَا يُقْرَأُ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ كِتَابِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ؛ وَيَعْنِي بِالْحِكْمَةِ: مَا أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَحْكَامِ دَيْنِ اللَّهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ قُرْآنٌ، وَذَلِكَ السُّنَّةُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب: ٣٤] أَيِ السُّنَّةَ قَالَ: يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ “
١٩ / ١٠٨
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ ذَا لُطْفٍ بِكُنَّ، إِذْ جَعَلَكُنَّ فِي الْبُيُوتِ الَّتِي تُتْلَى فِيهَا آيَاتُهُ وَالْحِكْمَةُ، خَبِيرًا بِكُنَّ إِذِ ⦗١٠٩⦘ اخْتَارَكُنَّ لِرَسُولِهِ أَزْوَاجًا
١٩ / ١٠٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقَينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الْمُتَذَلِّلِينَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ وَالْمُتَذَلِّلَاتِ، وَالْمُصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقَاتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ لِلَّهِ، وَالْمَطِيعِينَ لِلَّهِ وَالْمُطِيعَاتِ لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ، وَالصَّادِقِينَ لِلَّهِ فِيمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ وَالصَّادِقَاتِ فِيهِ، وَالصَّابِرِينَ لِلَّهِ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ عَلَى الثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ، وَحِينَ الْبَأْسِ وَالصَّابِرَاتِ، وَالْخَاشِعَةَ قُلُوبُهُمْ لِلَّهِ وَجَلًا مِنْهُ وَمِنْ عِقَابِهِ وَالْخَاشِعَاتِ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ، وَهُمُ الْمُؤَدُّونَ حُقُوقَ اللَّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَالْمُؤَدِّيَاتِ، وَالصَّائِمِينَ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ صَوْمَهُ عَلَيْهِمْ وَالصَّائِمَاتِ، الْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، وَالْحَافِظَاتِ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ إِنَّ كُنَّ حَرَائِرَ، أَوْ مَنْ مَلَكَهُنَّ إِنْ كُنَّ إِمَاءَ، وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَجَوَارِحِهِمْ وَالذَّاكِرَاتِ، كَذَلِكَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِمْ، وَأَجْرًا عَظِيمًا: يَعْنِي ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ عَظِيمًا، وَذَلِكَ الْجَنَّةُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «دَخَلَ نِسَاءُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقُلْنَ: قَدْ ذَكَرَكُنَّ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ نُذْكَرْ بِشَيْءٍ، أَمَا فِينَا مَا يَذْكُرُ؟ ⦗١١٠⦘ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] أَيِ الْمُطِيعِينَ وَالْمُطِيعَاتِ ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] أَيِ الْخَائِفِينَ وَالْخَائِفَاتِ ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً﴾ [الأحزاب: ٣٥] لِذُنُوبِهِمْ ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥] فِي الْجَنَّةِ»
١٩ / ١٠٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥] قَالَ: «الْجَنَّةُ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] قَالَ: الْمُطِيعِينَ وَالْمُطِيعَاتِ»
١٩ / ١١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «الْقَانِتَاتُ: الْمُطِيعَاتُ»
١٩ / ١١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ يُذْكَرُ الرِّجَالُ وَلَا نُذْكَرُ، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]
١٩ / ١١٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُذْكَرُ الرِّجَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا نُذْكَرُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] . . . الْآيَةُ»
١٩ / ١١٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا سَيَّارُ بْنُ مُظَاهِرٍ الْعَنَزِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ يَحْيَى بْنُ مُهَلَّبٍ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قَالَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ: مَا لَهُ يَذْكُرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَذْكُرُ الْمُؤْمِنَاتِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] . . الْآيَةُ»
١٩ / ١١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ: «مَا لِلنِّسَاءِ لَا يُذْكَرْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِي الصَّلَاحِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ»
١٩ / ١١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا لَا نُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ كَمَا يُذْكَرُ الرِّجَالُ؟ قَالَتْ: فَلَمْ يَرْعَنِي ذَاتَ يَوْمٍ ظَهْرًا إِلَّا نِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَنَا أُسَرِّحُ رَأْسِي، فَلَفَفْتُ شَعْرِي ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِهِنَّ، فَجَعَلْتُ سَمْعِي عِنْدَ الْجَرِيدِ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ»: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] . . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥] “
١٩ / ١١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَمْ يَكُنْ لِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي أَنْفُسِهِمْ قَضَاءً أَنْ يَتَخَيَّرُوا مِنْ أَمْرِهِمْ غَيْرَ الَّذِي قَضَى فِيهِمْ، وَيُخَالِفُوا أَمْرَ اللَّهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ وَقَضَاءَهُمَا فَيَعْصُوهُمَا، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَا أَوْ نَهَيَا ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] يَقُولُ: فَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، وَسَلَكَ غَيْرَ سَبِيلِ الْهَدْي وَالرَّشَادِ وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى فَتَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَامْتَنَعَتْ مِنْ إِنْكَاحِهِ نَفْسَهَا
١٩ / ١١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] . . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، «وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ انْطَلَقَ يَخْطُبُ عَلَى فَتَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةِ فَخَطَبَهَا، فَقَالَتْ: لَسْتُ بِنَاكِحَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَانْكِحِيهِ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُؤَامِرُ فِي نَفْسِي فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى رَسُولِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ﴾ [الأحزاب: ٣٦] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] قَالَتْ: قَدْ رَضِيتَهُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مُنْكِحًا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، ⦗١١٣⦘ قَالَتْ: إِذَنْ لَا أَعْصِي رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْكَحْتُهُ نَفْسِي»
١٩ / ١١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: ﴿أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦] قَالَ: «زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَرَاهَتُهَا نِكَاحَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ حِينَ أَمَرَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ»
١٩ / ١١٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦] قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَكَانَتْ بِنْتَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَخَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَضِيَتْ، وَرَأَتْ أَنَّهُ يَخْطُبُهَا عَلَى نَفْسِهِ؛ فَلَمَّا عَلِمْتُ أَنَّهُ يَخْطُبُهَا عَلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَبَتْ وَأَنْكَرَتْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦]» قَالَ: فَتَابَعَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَضِيَتْ “
١٩ / ١١٣
حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ الْوَصَافِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: “خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَاسْتَنْكَفَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ حَسَبًا، وَكَانَتِ امْرَأَةً فِيهَا حِدَّةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] الْآيَةَ ⦗١١٤⦘ كُلَّهَا وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَزَوَّجَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ
١٩ / ١١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا﴾ [الأحزاب: ٣٦] . . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَتْ مِنْ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ مِنَ النِّسَاءِ، فَوَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَزَوَّجَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَسَخَطَتْ هِيَ وَأَخُوهَا، وَقَالَا: إِنَّمَا أَرَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَزَوَّجَنَا عَبْدَهُ قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ: وَجَاءَ أَمْرٌ أَجْمَعُ مِنْ هَذَا: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦] . قَالَ: فَذَاكَ خَاصٌّ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ»
١٩ / ١١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ ﷺ عِتَابًا مِنَ اللَّهِ لَهُ وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي
١٩ / ١١٤
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] بِالْهِدَايَةِ ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] بِالْعِتْقِ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿أَمْسِكَ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٣٧]، وَذَلِكَ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فِيمَا ذَكَرَ رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَعْجَبَتْهُ، وَهِيَ فِي حِبَالِ مَوْلَاهُ، فَأَلْقَى فِي نَفْسِ زَيْدٍ كَرَاهَتَهَا لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ مِمَّا وَقَعَ فِي نَفْسِ نَبِيِّهِ مَا وَقَعَ، فَأَرَادَ فِرَاقَهَا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ زَيْدٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿أَمْسِكَ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: ٣٧] وَهُوَ ﷺ يُحِبُّ أَنْ تَكُونَ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ لَيَنْكَحَهَا، ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٣٧] وَخَفِ اللَّهَ فِي الْوَاجِبِ لَهُ عَلَيْكَ فِي زَوْجَتِكَ ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكِ مَحَبَّةَ فِرَاقِهِ إِيَّاهَا لِتَتَزَوَّجَهَا إِنْ هُوَ فَارَقَهَا، وَاللَّهُ مُبْدٍ مَا تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مِنْ ذَلِكَ ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَخَافُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: أَمَرَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَنَكَحَهَا حِينَ طَلَّقَهَا، وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ مِنَ النَّاسِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] ” وَهُوَ زَيْدٌ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿أَمْسِكَ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] قَالَ: «وَكَانَ يُخْفِي فِي نَفْسِهِ وَدَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا»
١٩ / ١١٥
قَالَ الْحَسَنُ: مَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ آيَةٌ كَانَتْ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْهَا، قَوْلَهُ: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ ⦗١١٦⦘ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] وَلَوْ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ كَاتِمًا شَيْئًا مِنَ الْوَحْي لَكَتَمَهَا ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: ٣٧] قَالَ: خَشِيَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ مَقَالَةَ النَّاسِ “
١٩ / ١١٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ زَوَّجَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، ابْنَةَ عَمَّتِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا يُرِيدُهُ وَعَلَى الْبَابِ سَتْرٌ مِنْ شَعْرٍ، فَرَفَعَتِ الرِّيحُ السِّتْرَ فَانْكَشَفَ، وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا حَاسِرَةٌ، فَوَقَعَ إِعْجَابُهَا فِي قَلْبِ النَّبِيِّ ﷺ؛ فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ كُرِّهَتْ إِلَى الْآخَرِ، فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُفَارِقَ صَاحِبَتِي، قَالَ: «مَا لَكَ، أَرَابَكَ مِنْهَا شَيْءٌ؟» قَالَ: لَا، وَاللَّهِ مَا رَابَنِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا رَأَيْتُ إِلَّا خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمْسِكَ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ» فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكَ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] تُخْفِي فِي نَفْسِكَ إِنْ فَارَقَهَا تَزَوَّجْتَهَا “
١٩ / ١١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ»
١٩ / ١١٦
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، ⦗١١٧⦘ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: كَانَ اللَّهُ تبارك وتعالى أَعْلَمَ نَبِيَّهُ ﷺ أَنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ زَيْدٌ يَشْكُوهَا قَالَ: “اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسَكَ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧]
١٩ / ١١٦
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينٍ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: “لَوْ كَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَمَ: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: ٣٧]
١٩ / ١١٧
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا قَضَى زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مِنْ زَيْنَبَ حَاجَتَهُ، وَهِيَ الْوَطَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ
[البحر المنسرح] وَدَّعَنِي قَبْلَ أَنْ أُوَدِّعَهُ … لَمَّا قَضَى مِنْ شَبَابِنَا وَطَرَا
﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ: زَوَّجْنَاكَ زَيْنَبَ بَعْدَمَا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَبَانَتْ مِنْهُ ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَعْنِي: فِي نِكَاحِ نِسَاءَ مَنْ تَبَنُّوا وَلَيْسُوا بِبَنِيهِمْ وَلَا أَوْلَادِهِمْ عَلَى صِحَّةٍ إِذَا هُمْ طَلَّقُوهُنَّ وَبِنَّ مِنْهُمْ ﴿إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ: إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ حَاجَاتِهِمْ، وَآرَابَهُمْ وَفَارِقُوهُنَّ وَحَلِلْنَ
[البحر المنسرح] وَدَّعَنِي قَبْلَ أَنْ أُوَدِّعَهُ … لَمَّا قَضَى مِنْ شَبَابِنَا وَطَرَا
﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ: زَوَّجْنَاكَ زَيْنَبَ بَعْدَمَا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَبَانَتْ مِنْهُ ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَعْنِي: فِي نِكَاحِ نِسَاءَ مَنْ تَبَنُّوا وَلَيْسُوا بِبَنِيهِمْ وَلَا أَوْلَادِهِمْ عَلَى صِحَّةٍ إِذَا هُمْ طَلَّقُوهُنَّ وَبِنَّ مِنْهُمْ ﴿إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ: إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ حَاجَاتِهِمْ، وَآرَابَهُمْ وَفَارِقُوهُنَّ وَحَلِلْنَ
١٩ / ١١٧
لِغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نُزُولًا مِنْهُمْ لَهُمْ عَنْهُنَّ ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [النساء: ٤٧] يَقُولُ: وَكَانَ مَا قَضَى اللَّهُ مِنْ قَضَاءٍ مَفْعُولًا: أَيْ كَائِنًا كَانَ لَا مَحَالَةَ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ فِي زَيْنَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَانَ مَاضِيًا مَفْعُولًا كَائِنًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يَقُولُ: «إِذَا طَلَّقُوهُنَّ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَبَنَّى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ»
١٩ / ١١٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [النساء: ٤٧] ” إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَيْرَ نَازِلٍ لَكَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]
١٩ / ١١٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عُرْفَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، قَالَ: تَفَاخَرَتْ عَائِشَةُ وَزَيْنَبُ، قَالَ: فَقَالَتْ زَيْنَبُ: «أَنَا الَّذِي نَزَلَ تَزْوِيجِي»
١٩ / ١١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَتْ زَيْنَبُ زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنِّي لَأَدَلُّ عَلَيْكَ بِثَلَاثٍ مَا مِنْ نِسَائِكَ امْرَأَةٌ تَدَلُّ ⦗١١٩⦘ بِهِنَّ. إِنَّ جَدِّي وَجِدَّكَ وَاحِدٌ، وَإِنِّي أَنْكَحَنِيكَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ السَّفِيرَ لَجَبْرَائِيلُ عليه السلام “
١٩ / ١١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ مِنْ إِثْمٍ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ نِكَاحِ امْرَأَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ بَعْدَ فِرَاقِهِ إِيَّاهَا
١٩ / ١١٩
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾ [الأحزاب: ٣٨] «أَيْ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ»
١٩ / ١١٩
وَقَوْلُهُ: ﴿سَنَةُ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ [الأحزاب: ٣٨] يَقُولُ: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ تَعَالَى لِيُؤْثِمُ نَبِيَّهُ فِيمَا أَحَلَّ لَهُ مِثَالَ فَعَلَهُ بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُؤْثِمْهُمْ بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ، لَمْ يَكُنْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَخْشَى النَّاسَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَحَلَّهُ لَهُ. وَنَصَبَ قَوْلَهُ: ﴿سَنَةَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٣٨] عَلَى مَعْنَى: حَقًّا مِنَ اللَّهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَعَلْنَا ذَلِكَ سَنَةً مِنَّا
١٩ / ١١٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨] يَقُولُ: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَضَاءً مَقْضِيًّا
١٩ / ١١٩
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨] ” إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِمَهُ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا، فَأَتَمَّهُ فِي عِلْمِهُ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا، وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، وَيَجْعَلَ ثَوَابًا لِأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَعِقَابًا لِأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ؛ فَلَمَّا ائْتَمَرَ ذَلِكَ الْأَمْرَ قَدَّرَهُ،
١٩ / ١١٩
فَلَمَّا قَدَّرَهُ كَتَبَ وَغَابَ عَلَيْهِ، فَسَمَّاهُ الْغَيْبَ وَأُمَّ الْكِتَابِ، وَخَلَقَ الْخَلْقَ، عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ أَرْزَاقُهُمْ وَآجَالُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ، وَمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْأَشْيَاءِ مِنَ الرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ أَنَّهُ يُصِيبُهُمْ؛ وَقَرَأَ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٧] وَأَمْرُ اللَّهِ الَّذِي ائْتَمَرَ قَدَّرَهُ حِينَ قَدَّرَهُ مُقَدَّرٌ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا فِي ذَلِكَ، وَمَا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ، وَفِي ذَلِكَ التَّقْدِيرُ، ائْتَمَرَ أَمْرًا ثُمَّ قَدَّرَهُ، ثُمَّ خَلَقَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: كَانَ أَمْرُ اللَّهِ الَّذِي مَضَى وَفَرَغَ مِنْهُ، وَخَلَقَ عَلَيْهِ الْخَلْقَ ﴿قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨] شَاءَ أَمْرًا لِيُمْضِيَ بِهِ أَمَرَهُ وَقَدَّرَهُ، وَشَاءَ أَمْرًا يَرْضَاهُ مِنْ عِبَادِهِ فِي طَاعَتِهِ؛ فَلَمَّا أَنْ كَانَ الَّذِي شَاءَ مِنْ طَاعَتِهِ لِعِبَادِهِ رَضِيَهُ لَهُمْ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ الَّذِي شَاءَ أَرَادَ أَنْ يُنَفِّذَ فِيهِ أَمْرَهُ وَتَدْبِيرَهُ وَقَدَرَهُ، وَقَرَأَ: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ [الأعراف: ١٧٩] فَشَاءَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَشَاءَ أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالَ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٠٨] وَقَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لَكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيَرُدُّوهُمْ وَلْيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧] هَذِهِ أَعْمَالُ أَهْلِ النَّارِ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام: ١٣٧] قَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ﴾ [الأنعام: ١١٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام: ١١٢] وَقَرَأَ: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٠٩] . . إِلَى ﴿كُلُّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١١١] أَنْ يُؤْمِنُوا بِذَلِكَ، قَالَ: فَأَخْرَجُوهُ مِنَ اسْمِهِ الَّذِي تَسَمَّى بِهِ، قَالَ: هُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ مَا أَرَادَ
١٩ / ١٢٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: ٣٩]
١٩ / ١٢٠
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: سُنَّةُ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الرُّسُلِ، الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ، وَيَخَافُونَ اللَّهَ فِي تَرْكِهِمْ تَبْلِيغَ ذَلِكَ إِيَّاهُمْ، وَلَا يَخَافُونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ، فَإِنَّهُمْ إِيَّاهُ يَرْهَبُونَ إِنْ هُمْ قَصَرُوا عَنْ تَبْلِيغِهِمْ رِسَالَةَ اللَّهِ إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ. يَقُولُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ: فَمِنْ أُولَئِكَ الرُّسُلِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، فَكُنَّ وَلَا تَخْشَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَمْنَعُكَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَلَا يَمْنَعُكَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ مِنْهُ، إِنْ أَرَادَ بِكَ سُوءًا «وَالَّذِينَ» مِنْ قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٣٩] خُفِضَ رَدًّا عَلَى «الَّذِينَ» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا﴾ [الأحزاب: ٣٨] وَقَوْلُهُ: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [النساء: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَفَاكَ يَا مُحَمَّدُ بِاللَّهِ حَافِظًا لَأَعْمَالِ خَلْقِهِ، وَمُحَاسِبًا لَهُمْ عَلَيْهَا
١٩ / ١٢١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا كَانَ أَيُّهَا النَّاسُ مُحَمَّدٌ أَبَا زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَلَا أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ، الَّذِينَ لَمْ يَلِدْهُ مُحَمَّدٌ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ زَوْجَتِهِ بَعْدَ فِرَاقِهِ إِيَّاهَا، وَلَكِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّةَ فَطُبِعَ عَلَيْهَا، فَلَا تُفْتَحُ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَمَقَالِكُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ ذَا عَلْمٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠] قَالَ: “نَزَلَتْ فِي زَيْدٍ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِابْنِهِ؛ وَلَعَمْرِي وَلَقَدْ وُلِدَ لَهُ ذُكُورٌ، إِنَّهُ لَأَبُو الْقَاسِمِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالطِّيِّبِ وَالْمُطَهِّرِ ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] أَيْ آخِرُهُمْ ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٠]
١٩ / ١٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ» وَالنَّصْبُ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمَعْنَى تَكْرِيرِ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَالرَّفْعُ بِمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ، وَلَكِنْ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، وَالْقِرَاءَةُ النَّصْبُ عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ سِوَى الْحَسَنِ وَعَاصِمٍ بِكَسْرِ التَّاءِ مِنْ خَاتِمِ النَّبِيِّينَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ خَتَمَ النَّبِيِّينَ. ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَلَكِنْ نَبِيًّا خَتَمَ النَّبِيِّينَ» فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ بِكَسْرِ التَّاءِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ الَّذِي خَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ ﷺ وَعَلَيْهِمْ؛ وَقَرَأَ ذَلِكَ فِيمَا يَذْكُرُ الْحَسَنُ وَعَاصِمٌ: ﴿خَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] بِفَتْحِ
١٩ / ١٢٢
التَّاءِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ آخِرُ النَّبِيِّينَ، كَمَا قَرَأَ: «مَخْتُومٌ خَاتَمَهُ مِسْكٌ» بِمَعْنَى: آخِرُهُ مِسْكٌ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
١٩ / ١٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، اذْكُرُوا اللَّهَ بِقُلُوبِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَجَوَارِحِكُمْ ذِكْرًا كَثِيرًا، فَلَا تُخْلُوَ أَبْدَانَكُمْ مِنْ ذَكَرِهِ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ طَاقَتِكُمْ ذَلِكَ، ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٢] يَقُولُ: صَلُّوا لَهُ غُدْوَةً صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَعَشِيًّا صَلَاةَ الْعَصْرِ
١٩ / ١٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: رَبُّكُمُ الَّذِي تَذْكُرُونَهُ الذِّكْرَ الْكَثِيرَ، وَتُسَبِّحُونَهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ الَّذِي يَرْحَمُكُمْ، وَيُثْنِي عَلَيْكُمْ هُوَ، وَيَدْعُو لَكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلهِ: ﴿يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] يَشِيعُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ الْجَمِيلَ فِي عِبَادِ اللَّهِ
١٩ / ١٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الأحزاب: ٤٣] يَقُولُ: تَدْعُو مَلَائِكَةُ اللَّهِ لَكُمْ، فَيُخْرِجَكُمُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهَدْي، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤١] يَقُولُ: “لَا يَفْرِضُ عَلَى عِبَادِهِ فَرِيضَةً إِلَّا جَعَلَ لَهَا حَدًّا مَعْلُومًا، ثُمَّ عَذَرَ أَهْلَهَا فِي حَالِ عُذْرٍ، غَيْرَ الذِّكْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَلَمْ يَعْذُرْ أَحَدًا فِي تَرَكِهِ إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ قَالَ: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْبِرِّ وَالْبَحْرِ، وَفِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالسَّقَمِ وَالصِّحَّةِ، وَالسِّرِ وَالْعَلَانِيَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ: ﴿سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٢] فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ صَلَّى عَلَيْكُمْ هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ قَالَ اللَّهُ عز وجل ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣]
١٩ / ١٢٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٢] صَلَاةَ الْغَدَاةِ، وَصَلَاةَ الْعَصْرِ. وَقَوْلُهُ: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الأحزاب: ٤٣] «أَيْ مِنَ الضَّلَالَاتِ إِلَى الْهُدَى»
١٩ / ١٢٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الأحزاب: ٤٣] قَالَ: «مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، قَالَ: وَالضَّلَالَةُ: الظُّلُمَاتُ، وَالنُّورُ: الْهُدَى»
١٩ / ١٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ ⦗١٢٥⦘ بِهِ وَرَسُولِهِ ذَا رَحْمَةٍ أَنْ يُعَذِّبَهُمُ وَهُمْ لَهُ مُطِيعُونَ، وَلِأَمْرِهِ مُتَّبِعُونْ ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَّامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: تَحِيَّةُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْجَنَّةِ سَلَّامٌ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَنَةً لَنَا وَلَكُمْ بِدِخُولِنَا هَذَا الْمَدْخَلَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُعَذِّبُنَا بِالنَّارِ أَبَدًا
١٩ / ١٢٤
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَّامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤] قَالَ: «تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ»
١٩ / ١٢٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٤] يَقُولُ: وَأَعَدَّ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا كَرِيمًا، وَذَلِكَ هُوَ الْجَنَّةُ
١٩ / ١٢٥
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٤] «أَيِ الْجَنَّةَ»
١٩ / ١٢٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] عَلَى أُمَّتِكَ بِإِبْلَاغِكَ إِيَّاهُمْ مَا أَرْسَلْنَاكَ بِهِ مِنَ الرِّسَالَةِ، وَمُبَشِّرَهُمْ بِالْجَنَّةِ إِنْ صَدَّقُوكَ وَعَمِلُوا بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ، ﴿وَنَذِيرًا﴾ [البقرة: ١١٩] مِنَ النَّارِ أَنْ يَدْخُلُوهَا، فَيُعَذَّبُوا بِهَا إِنْ هُمْ كَذَّبُوكَ، وَخَالَفُوا مَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. ⦗١٢٦⦘ وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] «عَلَى أُمَّتِكَ بِالْبَلَاغِ، وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ، ﴿وَنَذِيرًا﴾ [البقرة: ١١٩] بِالنَّارِ»
١٩ / ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٤٦] يَقُولُ: وَدَاعِيًا إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَإِفْرَادِ الْأُلُوهَةِ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الطَّاعَةِ لِوَجْهِهِ دُونَ كُلِّ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ
١٩ / ١٢٦
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٤٦] «إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٩ / ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢١٣] يَقُولُ: بِأَمْرِهِ إِيَّاكَ بِذَلِكَ ﴿وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٦] يَقُولُ: وَضِيَاءً لِخَلْقِهِ يَسْتَضِيءُ بِالنُّورِ الَّذِي أَتَيْتُهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عِبَادُهُ ﴿مُنِيرًا﴾ [الفرقان: ٦١] يَقُولُ: ضِيَاءٌ يُنِيرُ لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِضَوْئِهِ، وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ، أَنَّهُ يَهْدِي بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ
١٩ / ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَبَشِّرْ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا؛ يَقُولُ: بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى طَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ تَضْعِيفًا كَثِيرًا، وَذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ
١٩ / ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [الأحزاب: ١] يَقُولُ: وَلَا تُطِعْ لِقَوْلِ كَافِرٍ وَلَا مُنَافِقٍ، فَتَسْمَعُ مِنْهُ دُعَاءَهُ إِيَّاكَ إِلَى التَّقْصِيرِ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِ اللَّهِ ⦗١٢٧⦘ إِلَى مَنْ أَرْسَلَكَ بِهَا إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٨] يَقُولُ: وَأَعْرِضْ عَنْ أَذَاهُمْ لَكَ، وَاصْبِرْ عَلَيْهِ، وَلَا يَمْنَعُكَ ذَلِكَ عَنِ الْقِيَامِ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ، وَالنِّفُوذِ لِمَا كَلَّفَكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٨] قَالَ: «أَعْرِضْ عَنْهُمْ»
١٩ / ١٢٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٨] «أَيِ اصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ»
١٩ / ١٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ٨١] يَقُولُ: وَفَوِّضْ إِلَى اللَّهِ أُمُورَكَ، وَثِقْ بِهِ، فَإِنَّهُ كَافِيَكَ جَمِيعَ مَنْ دُونَهُ، حَتَّى يَأْتِيَكَ بِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: ٨١] يَقُولُ: وَحَسْبُكَ بِاللَّهِ قَيِّمًا بِأُمُورِكَ، وَحَافِظَا لَكَ وَكَالِئًا
١٩ / ١٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩]⦗١٢٨⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتَ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] يَعْنِي مِنْ قَبْلِ أَنْ تُجَامِعُوهُنَّ ﴿فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩] يَعْنِي: مِنْ إِحْصَاءِ أَقْرَاءٍ، وَلَا أَشْهُرٍ تَحْصُونَهَا عَلَيْهِنَّ، ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] يَقُولُ: أَعْطُوهُنَّ مَا يَسْتَمْتِعْنَ بِهِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ عَيْنِ مَالٍ
١٩ / ١٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩] يَقُولُ: وَأَخْلُوا سَبِيلَهُنَّ تَخْلِيَةً بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ التَّسْرِيحُ الْجَمِيلُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتَ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩] ” فَهَذَا فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهَا، فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَانَتْ مِنْهُ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا تَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَتْ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩] يَقُولُ: إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النِّصْفُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، مَتَّعَهَا عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، وَهُوَ السَّرَاحُ الْجَمِيلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُتْعَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]
١٩ / ١٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ⦗١٢٩⦘ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٤٩] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٨] قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: “ثُمَّ نَسَخَ هَذَا الْحَرْفُ الْمُتْعَةَ ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]
١٩ / ١٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] قَالَ: نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ»
١٩ / ١٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنِ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَعْنِي: اللَّاتِي تَزَوَّجْتَهُنَّ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى
١٩ / ١٢٩
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا ⦗١٣٠⦘ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: «صَدَقَاتِهِنَّ»
١٩ / ١٢٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: «كَانَ كُلُّ امْرَأَةٍ آتَاهَا مَهْرًا، فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ»
١٩ / ١٣٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] «فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ مَا شَاءَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا»
١٩ / ١٣٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ: وَأَحْلَلْنَا لَكَ إِمَاءَكَ اللَّوَاتِي سَبَيْتَهُنَّ، فَمَلَكْتَهُنَّ بِالسَّبَاءِ، وَصِرْنَ لَكَ بِفَتْحِ اللَّهِ عَلَيْكَ مِنَ الْفَيْءِ ﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ﷺ مِنْ بَنَاتِ عَمِّهِ وَعَمَّاتِهِ وَخَالِهِ وَخَالَاتِهِ، الْمُهَاجِرَاتِ مَعَهُ مِنْهُنَّ دُونَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِنْهُنَّ مَعَهُ
١٩ / ١٣٠
كَمَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: «خَطَبَنِي النَّبِيُّ ﷺ، فَاعْتَذَرْتُ لَهُ بِعُذْرِي، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ ⦗١٣١⦘ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] . . . . إِلَى قَوْلِهِ ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَتْ: فَلَمْ أَحِلَّ لَهُ، لَمْ أُهَاجِرْ مَعَهُ، كُنْتُ مِنَ الطُّلَقَاءِ» وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) بِوَاوٍ؛ وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَتِهِ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قِرَاءَتِنَا بِغَيْرِ الْوَاوِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُدْخِلُ الْوَاوَ فِي نَعْتِ مَنْ قَدِمَ تَقَدَّمُ ذَكَرِهِ أَحْيَانًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]فَإِنَّ رُشَيْدًا وَابْنَ مَرْوَانَ لَمْ يَكُنْ … لِيَفْعَلَ حَتَّى يَصْدُرَ الْأَمْرُ مَصْدَرَا
وَرَشِيدٌ هُوَ ابْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ يَتَأَوَّلُ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ أَنَّهُنَّ نَوْعٌ غَيْرَ بَنَاتِ خَالَاتِهِ، وَأَنَّهُنَّ كُلَّ مُهَاجِرَةٍ هَاجَرَتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ
[البحر الطويل]فَإِنَّ رُشَيْدًا وَابْنَ مَرْوَانَ لَمْ يَكُنْ … لِيَفْعَلَ حَتَّى يَصْدُرَ الْأَمْرُ مَصْدَرَا
وَرَشِيدٌ هُوَ ابْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ يَتَأَوَّلُ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ أَنَّهُنَّ نَوْعٌ غَيْرَ بَنَاتِ خَالَاتِهِ، وَأَنَّهُنَّ كُلَّ مُهَاجِرَةٍ هَاجَرَتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ
١٩ / ١٣٠
ذِكْرُ الْخَبَرِ عَنْهُ بِذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ»، يَعْنِي بِذَلِكَ: كُلَّ شَيْءٍ هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ، وَلَا مِنْ بَنَاتِ الْخَالِ وَالْخَالَةِ “
١٩ / ١٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ: وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ بِغَيْرِ صَدَاقٍ
١٩ / ١٣٢
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] «بِغَيْرِ صَدَاقٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَأُحِلَّ لَهُ خَاصَّةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ» بِغَيْرِ إِنْ، وَمَعْنَى ذَلِكَ وَمَعْنَى قِرَاءَتِنَا وَفِيهَا «إِنْ» وَاحِدٌ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ فِي الْكَلَامِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً مَمْلُوكَةً إِنْ مَلَكَهَا، وَجَارِيَةً مَمْلُوكَةً مَلَكَهَا
١٩ / ١٣٢
وَقَوْلُهُ ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ: إِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَحَلَالٌ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَإِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ بِغَيْرِ مَهْرٍ ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِكَ أَنْ يَقْرَبَ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ خَالِصَةً أُخْلِصَتْ لَكَ مِنْ دُونِ سَائِرِ أُمَّتِكَ
١٩ / ١٣٢
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ: «لَيْسَ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيٍّ وَلَا مَهْرٍ، إِلَّا لِلنَّبِيَّ، كَانَتْ لَهُ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ. وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّهَا الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ»
١٩ / ١٣٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] . . إِلَى قَوْلِهِ ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: «كَانَ كُلُّ امْرَأَةٍ آتَاهَا مَهْرًا فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ إِلَى أَنْ وَهْبَ هَؤُلَاءِ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ، فَأَحْلَلْنَ لَهُ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ مَهْرٍ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا امْرَأَةً لَهَا زَوْجٌ»
١٩ / ١٣٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ امْرَأَةٍ، وَهَبَتْ، نَفْسَهَا لِرَجُلٍ، قَالَ: «لَا يَكُونُ، لَا تَحِلُّ لَهُ، إِنَّمَا كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾ [الأحزاب: ٥٠] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿إِنْ وَهَبَتْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] بِكَسْرِ الْأَلْفِ عَلَى وَجْهِ الْجَزَاءِ، بِمَعْنَى: إِنْ تَهَبْ. وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ: (أَنْ وَهَبَتْ) بِفَتْحِ الْأَلْفِ، بِمَعْنَى: وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً أَنْ يَنْكِحُهَا، لِهِبَتِهَا لَهُ نَفْسَهَا وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ خِلَافَهَا فِي كَسْرِ الْأَلْفِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] لَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَذَكَرَ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَيَّ النِّسَاءِ شَاءَ، فَقَصَرَهُ اللَّهُ عَلَى هَؤُلَاءِ، فَلَمْ يَتَعَدَّهُنَّ، وَقَصَرَ سَائِرَ أُمَّتِهِ عَلَى مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
١٩ / ١٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ زِيَادٍ، رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، «أَنَّ الَّتِيَ أَحَلَّ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ مِنَ النِّسَاءِ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي ذَكَرَ اللَّهُ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] وَإِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ»
١٩ / ١٣٤
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: «حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ النِّسَاءِ؛ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَنْكِحُ فِي أَيِّ النِّسَاءِ شَاءَ، لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَجِدْنَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا أَنْ يَنْكِحَ فِي أَيِّ النَّاسِ أَحَبَّ؛ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: إِنِّي قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْكَ مِنَ النَّاسِ سِوَى مَا قَصَصْتُ عَلَيْكَ، أَعْجَبَ ذَلِكَ نِسَاءَهُ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَهَلْ كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ كَذَلِكَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ إِلَّا بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، فَأَمَّا بِالْهِبَةِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ
١٩ / ١٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ وَهَبَتْ ⦗١٣٥⦘ نَفْسَهَا»
١٩ / ١٣٤
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: أَنْ تَهَبَ ” وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: قَدْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: كَانَتْ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أُمُّ شَرِيكٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ
١٩ / ١٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنَّ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: «هِيَ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ أُمُّ الْمَسَاكِينَ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
١٩ / ١٣٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثني الْحَكَمُ، قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْأَلُهُمْ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ قَالَ شُعْبَةُ: ⦗١٣٦⦘ وَهُوَ ظَنِّي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، عَنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ، قَالَ: «هِيَ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَسَدِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ شَرِيكٍ، وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ»
١٩ / ١٣٥
قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: «أَنَّهَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ، وَهِيَ مِمَّنْ أَرْجَأَ»
١٩ / ١٣٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثني سَعِيدٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ الْأَوْقَصِ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: «كَانَتْ مِنَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ»
١٩ / ١٣٦
قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ، كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً»
١٩ / ١٣٦
وَقَوْلُهُ: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجِهِمْ إِذَا أَرَادُوا نِكَاحَهُنَّ مِمَّا لَمْ نَفْرِضْهُ ⦗١٣٧⦘ عَلَيْكَ، وَمَا خَصَصْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ دُونَكَ، وَهُوَ أَنَّا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ عَقْدُ نِكَاحٍ عَلَى حُرَّةٍ مَسْلَمَةٍ إِلَّا بِوَلِيٍّ عَصَبَةٍ وَشُهُودٍ عُدُولٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ، قَالَ: ثنا مُطَهَّرٌ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: «إِنَّ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنَّ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ»
١٩ / ١٣٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: فِي الْأَرْبَعِ “
١٩ / ١٣٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: «كَانَ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا تَزَوَّجَ امْرَأَةٌ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ عِنْدَ شَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ»
١٩ / ١٣٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، فَإِنَّ جَمِيعَهُنَّ إِذَا كُنَّ مُؤْمِنَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ، لَهُمْ حَلَالٌ بِالسِّبَاءِ وَالتَّسَرِّي ⦗١٣٨⦘ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ
١٩ / ١٣٧
وَقَوْلُهُ: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ” يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ يَا مُحَمَّدُ أَزْوَاجَكَ اللَّوَاتِي ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠]، إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا، لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَيْكَ إِثْمٌ وَضِيقٌ فِي نِكَاحِ مَنْ نَكَحْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الَّتِي أَبَحْتُ لَكَ نِكَاحَهُنَّ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا لَكَ وَلِأَهْلِ الْإِيمَانِ بِكَ، رَحِيمًا بِكَ وَبِهِمْ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى سَالِفِ ذَنْبٍ مِنْهُمْ سَلَفَ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ مِنْهُ
١٩ / ١٣٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِقَوْلِهِ: تُرْجِي: تُؤَخِّرُ، وَبِقَوْلِهِ: تُؤْوِي: تَضُمُّ
١٩ / ١٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] يَقُولُ: «تُؤَخِّرُ»
١٩ / ١٣٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «تَعْزِلُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ مَنْ تَشَاءُ» ﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «تَرُدُّهَا إِلَيْكَ»
١٩ / ١٣٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «فَجَعَلَهُ اللَّهُ فِي حِلٍّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَدَعَ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُنَّ، وَيَأْتِي مَنْ يَشَاءُ مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قَسَمٍ، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ يَقْسِمُ»
١٩ / ١٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «لَمَّا أَشْفَقْنَ أَنْ يُطَلِّقَهُنَّ، قُلْنَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا مِنْ مَالِكَ وَنَفْسِكَ مَا شِئْتَ؛ فَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَأَ مِنْهُنَّ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَمَيْمُونَةُ؛ وَكَانَ مِمَّنْ آوَى إِلَيْهِ: عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَحَفْصَةُ، وَزَيْنَبُ»
١٩ / ١٣٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] «فَمَا شَاءَ صَنَعَ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ، أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ»
١٩ / ١٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] «وَكَانَ مِمَّنْ آوَى عليه الصلاة والسلام: عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، فَكَانَ قَسْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ لَهُنَّ سِوَى قِسْمَةً؛ وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَى: سَوْدَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ، وَصَفِيَّةَ، وَأُمَّ حَبِيبَةَ، وَمَيْمُونَةَ، فَكَانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ مَا شَاءَ، وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُنَّ، فَقُلْنَ: اقْسِمْ لَنَا مِنْ نَفْسِكِ مَا شِئْتَ، وَدَعْنَا نَكُونُ عَلَى حَالِنَا» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: تُطَلَّقُ وَتُخْلِي سَبِيلَ مَنْ شِئْتَ مِنْ نِسَائِكَ، وَتُمْسِكُ مَنْ شِئْتَ مِنْهُنَّ فَلَا تُطَلَّقُ
١٩ / ١٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] «أُمَّهَاتَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] يَعْنِي:»نِسَاءَ النَّبِيِّ ﷺ، وَيَعْنِي بِالْإِرْجَاءِ: يَقُولُ: مَنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ، وَيَعْنِي بِالْإِيوَاءِ: يَقُولُ: مَنْ أَحْبَبْتَ: أَمْسَكْتَ مِنْهُنَّ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: تَتْرُكُ نِكَاحَ مَنْ شِئْتَ، وَتُنْكَحُ مَنْ شِئْتَ مِنْ نِسَاءِ أُمَّتِكَ
١٩ / ١٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِذَا ⦗١٤١⦘ خَطَبَ امْرَأَةً لَمْ يَكُنْ لِرَجُلٍ أَنْ يَخْطَبُهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يَتْرُكَهَا» وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ حِينَ غَارَ بَعْضُهُنَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ مِنَ النَّفَقَةِ زِيَادَةً عَلَى الَّذِي كَانَ يُعْطِيَهَا، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرْهُنَّ بَيْنَ الدَّارِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَنْ يُخَلِّي سَبِيلَ مَنَ اخْتَارَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا، وَيُمْسِكُ مَنَ اخْتَارَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ فَلَمَّا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قِيلَ لَهُنَّ: أَقْرَرْنَ الْآنَ عَلَى الرِّضَا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، قَسَمَ لَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَوَلَمْ يَقْسِمْ، أَوْ قَسَمَ لِبَعْضِكُنَّ، وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَعْضِكُنَّ، وَفَضَّلَ بَعْضَكُنَّ عَلَى بَعْضٍ فِي النَّفَقَةِ، أَوَلَمْ يُفَضِّلْ، سَوَّى بَيْنَكُنَّ، أَوَلَمْ يُسَوِّ، فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لَيْسَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيمَا ذَكَرَ مَعَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ، إِلَّا امْرَأَةً مِنْهُنَّ أَرَادَ طَلَاقَهَا، فَرَضِيَتْ بِتَرْكِ الْقَسْمِ لَهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: «لِمَا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُطَلِّقَ أَزْوَاجَهُ، قُلْنَ لَهُ: أَفْرِضْ لَنَا مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكَ مَا شِئْتَ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ فَآوَى أَرْبَعًا، وَأَرْجَى خَمْسًا»
١٩ / ١٤١
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: “أَمَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ حَتَّى ⦗١٤٢⦘ أَنْزَلَ اللَّهُ. ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] فَقُلْتُ: «إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ فِي هَوَاكَ»
١٩ / ١٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ يَعْنِي الْعَبْدِيَّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تُعَيِّرُ النِّسَاءَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالَتْ: “أَمَا تَسْتَحْيِي امْرَأَةُ أَنْ تَعْرِضَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ، فَنَزَلَتْ، أَوْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي﴾ [الأحزاب: ٥١] إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَقُلْتُ: «إِنِّي لَأَرَى رَبَّكَ يُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ»
١٩ / ١٤٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] الْآيَةُ قَالَ: «كَانَ أَزْوَاجُهُ قَدْ تَغَايَرْنَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَهَجَرَهُنَّ شَهْرًا، ثُمَّ نَزَلَ التَّخْيِيرُ مِنَ اللَّهِ لَهُ فِيهِنَّ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣] فَخَيَّرْهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَخْتَرْنَ أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلَهُنَّ وَيُسَرِّحْهُنَّ وَبَيْنَ أَنْ يُقِمْنَ إِنْ أَرَدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَنْكِحْنَ أَبَدًا، وَعَلَى أَنَّهُ يُؤْوِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُنَّ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، وَيُرْجِي مَنْ يَشَاءُ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، وَمَنِ ابْتَغَى مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَزَلَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ، ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ، وَيَرْضَيْنَ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ قَضَائِي عَلَيْهِنَّ إِيثَارُ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ﴾ [المائدة: ١٠٨] يَرْضَيْنَ، ⦗١٤٣⦘ قَالَ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ﴾ [الأحزاب: ٥١] مِمَّنْ عَزَلْتَ: مِنَ ابْتَغَى أَصَابَهُ، وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ، فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَرْضَيْنَ بِهَذَا، أَوْ يُفَارِقَهُنَّ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، إِلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً بَدَوِيَّةً ذَهَبَتْ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ لَهُ هَذَا الشَّرْطَ، مَا زَالَ يَعْدِلُ بَيْنَهُنَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ جَعَلَ لِنَبِيِّهِ أَنْ يُرْجِي مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ لَهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُؤْوِي إِلَيْهِ مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاءُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُرْ مَعْنَى الْإِرْجَاءِ وَالْإِيوَاءِ عَلَى الْمَنْكُوحَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ فِي حِبَالِهِ، عِنْدَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دُونَ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ يَسْتَحْدِثُ إِيوَاؤُهَا أَوْ إِرْجَاؤُهَا مِنْهُنَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْنَى الْكَلَامِ: تُؤَخِّرُ مَنْ تَشَاءُ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، وَأَحْلَلْتُ لَكَ نِكَاحَهَا، فَلَا تَقْبَلْهَا وَلَا تَنْكِحْهَا، أَوْ مِمَّنْ هُنَّ فِي حِبَالِكَ، فَلَا تَقْرَبْهَا، وَتَضُمُ إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، أَوْ أَرَدْتَ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي أَحْلَلْتُ لَكَ نِكَاحَهُنَّ، فَتَقْبَلُهَا أَوْ تَنْكِحُهَا، وَمِمَّنْ هِيَ فِي حِبَالِكَ فَتُجَامِعْهَا إِذَا شِئْتَ، وَتَتْرُكَهَا إِذَا شِئْتَ بِغَيْرِ قَسْمٍ
١٩ / ١٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَنْ نَكَحْتَ مِنْ نِسَائِكَ فَجَامَعْتَ مِمَّنْ لَمْ تَنْكَحْ، فَعَزَلْتَهُ عَنِ الْجِمَاعِ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ
١٩ / ١٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ ⦗١٤٤⦘ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «جَمِيعًا هَذِهِ فِي نِسَائِهِ، إِنَّ شَاءَ أَتَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ»
١٩ / ١٤٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَ: «وَمَنِ ابْتَغَى أَصَابَهُ، وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَنِ اسْتَبْدَلْتَ مِمَّنْ أَرْجَيْتَ، فَخَلَّيْتَ سَبِيلَهُ مِنْ نِسَائِكَ، أَوْ مِمَّنْ مَاتَ مِنْهُنَّ مِمَّنْ أُحْلِلَتْ لَكَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ
١٩ / ١٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] «يَعْنِي بِذَلِكَ: النِّسَاءَ اللَّاتِي أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ» ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] يَقُولُ: «إِنْ مَاتَ مِنْ نِسَائِكَ اللَّاتِي عِنْدَكَ أَحَدٌ، أَوْ خَلَّيْتَ سَبِيلَهُ، فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ أَنْ تَسْتَبْدِلَ مِنَ اللَّاتِي أَحْلَلْتُ لَكَ مَكَانَ مَنْ مَاتَ مِنْ نِسَائِكَ اللَّاتِي هُنَّ عِنْدَكَ، أَوْ خَلَّيْتَ سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ، وَلَا يَصْلُحُ لَكَ أَنْ تَزْدَادَ عَلَى عِدَّةِ نِسَائِكَ اللَّاتِي عِنْدَكَ شَيْئًا» وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَنِ ابْتَغَيْتَ إِصَابَتَهُ مِنْ نِسَائِكَ ﴿مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ [الأحزاب: ٥١] عَنْ ذَلِكَ مِنْهُنَّ ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥١] لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ
١٩ / ١٤٤
أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِأَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ إِذَا هُوَ ﷺ اسْتَبْدَلَ بِالْمَيِّتَةِ أَوِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُنَّ، إِلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِذَلِكَ: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُ الْمَنْكُوحَةِ مِنْهُنَّ، وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهَرُ التَّنْزِيلِ بَعِيدٌ
١٩ / ١٤٥
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] يَقُولُ: هَذَا الَّذِي جَعَلْتُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ إِذْنِي لَكَ أَنْ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي جَعَلْتُ لَكَ إِرْجَاءَهُنَّ، وَتُؤْوِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ، وَوَضْعِي عَنْكَ الْحَرَجَ فِي ابْتِغَائِكَ إِصَابَةِ مَنِ ابْتَغَيْتَ إِصَابَتَهُ مِنْ نِسَائِكَ، وَعَزْلِكَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ عَزَلْتَ مِنْهُنَّ، أَقْرَبُ لِنِسَائِكَ أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ بِهِ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ مِنْ تَفْضِيلِ مَنْ فَضَّلْتَ مِنْ قَسْمٍ، أَوْ نَفَقَةٍ وَإِيثَارِ مَنْ آثَرْتَ مِنْهُمْ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نِسَائِكَ، إِذَا هُنَّ عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ رِضَايَ مِنْكَ بِذَلِكَ، وَإِذْنِي لَكَ بِهِ، وَإِطْلَاقٍ مِنِّي لَا مِنْ قِبَلِكَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ١٤٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ، أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] «إِذَا عَلِمْنَ أَنَّ هَذَا جَاءَ مِنَ اللَّهِ لِرُخْصَةٍ، كَانَ أَطْيَبَ لِأَنْفُسِهِنَّ، وَأَقَلَّ لِحُزْنِهِنَّ» حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ، نَحْوَهُ ⦗١٤٦⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] الرَّفْعُ غَيْرُ جَائِزٍ غَيْرُهُ عِنْدَنَا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلُّهُنَّ لَيْسَ بِنَعْتٍ لِلْهَاءِ فِي قَوْلِهِ ﴿آتَيْتَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١]، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: وَيَرْضَيْنَ كُلُّهُنَّ، فَإِنَّمَا هُوَ تَوْكِيدٌ لِمَا فِي يَرْضَيْنَ مِنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ؛ وَإِذَا جُعِلَ تَوْكِيدًا لِلْهَاءِ الَّتِي فِي آتَيْتَهُنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى، وَالْقِرَاءَةُ بِنَصْبِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِذَلِكَ، وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى تَخْطِئَةِ قَارِئِهِ كَذَلِكَ
١٩ / ١٤٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥١] يَقُولُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِ الرِّجَالِ مِنْ مَيْلِهَا إِلَى بَعْضِ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ النِّسَاءِ دُونَ بَعْضٍ بِالْهَوَى وَالْمَحَبَّةِ؛ يَقُولُ: فَلِذَلِكَ وَضَعَ عَنْكَ الْحَرَجَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَا وُضِعَ عَنْكَ مِنَ ابْتِغَاءِ مَنَ ابْتَغَيْتَ مِنْهُنَّ، مِمَّنْ عَزَلْتَ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ وَتَكْرِمَةً ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا﴾ [النساء: ١٧] يَقُولُ: وَكَانَ اللَّهُ ذَا عِلْمٍ بِأَعْمَالِ عِبَادِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ﴿حَلِيمًا﴾ [الإسراء: ٤٤] يَقُولُ: ذَا حِلْمٍ عَلَى عِبَادِهِ، أَنْ يُعَاجِلَ أَهْلَ الذُّنُوبِ مِنْهُمْ بِالْعُقُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ ذُو حِلْمٍ وَأَنَاةٍ عَنْهُمْ، لِيَتُوبَ مَنْ تَابَ مِنْهُمْ، وَيُنِيبُ مِنْ ذُنُوبِهِ مَنْ أَنَابَ مِنْهُمْ
١٩ / ١٤٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾ [الأحزاب: ٥٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ نِسَائِكَ اللَّاتِي خَيَّرْتَهُنَّ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ
١٩ / ١٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗١٤٧⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] . . الْآيَةَ إِلَى ﴿رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] قَالَ: «نُهِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ نِسَائِهِ الْأُوَّلِ شَيْئًا»
١٩ / ١٤٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قَالَ: «لِمَا خَيَّرَهُنَّ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ، فَقَالَ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾ [الأحزاب: ٥٢] وَهُنَّ التِّسْعُ الَّتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ بَعْدَ الَّتِي أَحْلَلْنَا لَكَ بِقَوْلِنَا ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] . . إِلَى قَوْلِهِ ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَجَّهُوا الْكَلَامَ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: لَا يَحِلُّ لَكَ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا الَّتِي أَحْلَلْنَاهَا لَكَ
١٩ / ١٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ زِيَادٍ، قَالَا لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: هَلْ كَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ لَوْ مَاتَ أَزْوَاجُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؟ قَالَ: مَا كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] قَالَ: فَقَالَ: «أَحَلَّ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُنَّ؛ أَحَلَّ لَهُ كُلَّ امْرَأَةٍ آتَى أَجْرَهَا، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَبَنَاتِ عَمِّهِ وَبَنَاتِ عَمَّاتِهِ، وَبَنَاتِ خَالِهِ وَبَنَاتِ خَالَاتِهِ، وَكُلِّ امْرَأَةٍ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ إِنْ ⦗١٤٨⦘ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَهُ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ»
١٩ / ١٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ زِيَادٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ، أَكَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؟ قَالَ: وَمَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قَالَ: «إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ»
١٩ / ١٤٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ زِيَادٍ، رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ تُوِفِّينَ، أَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟ وَرُبَّمَا قَالَ دَاوُدُ: وَمَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] فَقَالَ: “إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنْ وَهَبَتْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ثُمَّ قِيلَ لَهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢]
١٩ / ١٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قَالَ: «أَمْرَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَعْرَابِيَّةً وَلَا غَرِيبَةً، وَيَتَزَوَّجَ بَعْدُ مِنْ نِسَاءِ تِهَامَةَ، وَمَنْ شَاءَ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ إِنْ شَاءَ ثَلَاثَمِائَةٍ»
١٩ / ١٤٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] «هَؤُلَاءِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ إِلَّا ﴿بَنَاتِ عَمِّكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] . . الْآيَةُ»
١٩ / ١٤٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] «يَعْنِي: مِنْ بَعْدِ التَّسْمِيَةِ، يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لَكَ امْرَأَةٌ إِلَّا ابْنَةَ عَمٍّ أَوِ ابْنَةَ عَمَّةٍ، أَوِ ابْنَةَ خَالٍ أَوِ ابْنَةَ خَالَةٍ، أَوِ امْرَأَةٍ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ هَاجَرَ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ» وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ» يَعْنِي بِذَلِكَ: كُلَّ شَيْءٍ هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ، وَلَا مِنْ بَنَاتِ الْخَالِ وَالْخَالَةِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمَاتِ؛ فَأَمَّا الْيَهُودِيَّاتُ وَالنَّصْرَانِيَّاتُ وَالْمُشْرِكَاتُ فَحَرَامٌ عَلَيْكَ
١٩ / ١٤٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] «لَا يَهُودِيَّةٌ، وَلَا نَصْرَانِيَّةٌ، وَلَا كَافِرَةٌ» ⦗١٥٠⦘ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ: بَعْدِ اللَّوَاتِي أَحْلَلْتُهُنَّ لَكَ بِقَوْلِي: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] عُقَيْبَ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ هَؤُلَاءِ، وَلَا يَحْلِلْنَ لَكَ إِلَّا بِنَسْخِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ وَقْتَ فَرَضَ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ، فَعَلَ الْأُخْرَى مِنْهُمَا فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَا بُرْهَانَ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى نَسْخِ حُكْمِ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ حُكْمَ الْأُخْرَى، وَلَا تَقَدُّمِ تَنْزِيلِ إِحْدَيْهِمَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، وَكَانَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ مَخْرَجَهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ، لَمْ يُجِزْ أَنْ يُقَالَ: إِحْدَاهُمَا نَاسِخَةُ الْأُخْرَى وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحِلُّ مِنْ بَعْدِ الْمُسْلِمَاتِ يَهُودِيَّةٌ وَلَا نَصْرَانِيَّةٌ وَلَا كَافِرَةٌ، مَعْنًى مَفْهُومٌ، إِذْ كَانَ قَوْلِهِ ﴿مِنْ بَعْدُ﴾ [البقرة: ٢٧] إِنَّمَا مَعْنَاهُ: مِنْ بَعْدِ الْمُسَمَّيَاتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُنَّ فِي الْآيَةِ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمُ فِيهَا ذِكْرُ الْمُسَمَّيَاتِ بِالتَّحْلِيلِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُسْلِمَاتِ كُلُّهُنَّ، بَلْ كَانَ فِيهَا ذِكْرُ أَزْوَاجِهِ وَمِلْكِ يَمِينِهِ الَّذِي يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَبَنَاتِ عَمِّهِ وَبَنَاتِ عَمَّاتِهِ، وَبَنَاتِ خَالِهِ وَبَنَاتِ خَالَاتِهِ، اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَهُ، وَامْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ، فَتَكُونُ الْكَوَافِرُ مَخْصُوصَاتٍ بِالتَّحْرِيمِ، صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، دُونَ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ ﴿يَحِلُّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] بِالْيَاءِ، بِمَعْنَى: لَا يَحِلُّ لَكَ شَيْءٌ مِنَ النِّسَاءِ ⦗١٥١⦘ بَعْدُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: (لَا تَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ) بِالتَّاءِ، تَوْجِيهًا مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ فِعْلٌ لِلنِّسَاءِ، وَالنِّسَاءُ جَمْعٌ لِلْكَثِيرِ مِنْهُنَّ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ لَهُمْ، وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهَا، وَشُذُوذِ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ
١٩ / ١٤٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ الْمُسْلِمَاتِ، لَا يَهُودِيَّةٌ وَلَا نَصْرَانِيَّةٌ وَلَا كَافِرَةٌ، وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ الْكَوَافِرِ
١٩ / ١٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾ [الأحزاب: ٥٢] «وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرُهُنَّ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»
١٩ / ١٥١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قَالَ: «لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ إِلَّا مَنْ سُبِيَتْ فَمَلَكَتْهُ يَمِينُكَ مِنْهُنَّ» ⦗١٥٢⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِأَزْوَاجِكَ اللَّوَاتِي هُنَّ فِي حِبَالِكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهُنَّ، بِأَنْ تُطَلِّقَهُنَّ، وَتُنْكَحَ غَيْرَهُنَّ
١٩ / ١٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] يَقُولُ: «لَا يَصْلُحُ لَكَ أَنْ تُطَلَّقَ شَيْئًا مِنْ أَزْوَاجِكَ لَيْسَ يُعْجِبُكَ، فَلَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا أَنْ تُبَادِلَ مِنْ أَزْوَاجِكَ غَيْرَكَ، بِأَنْ تُعْطِيَهُ زَوْجَتَكَ وَتَأْخُذَ زَوْجَتَهُ
١٩ / ١٥٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قَالَ: «كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَادَلُونَ بِأَزْوَاجِهِمْ يُعْطِي هَذَا امْرَأَتَهُ هَذَا وَيَأْخُذُ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [الأحزاب: ٥٢] لَا بَأْسَ أَنْ تُبَادِلَ بِجَارِيَتِكَ مَا شِئْتَ أَنْ تُبَادِلَ، فَأَمَّا الْحَرَائِرُ فَلَا؛ قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا أَنْ تُطَلَّقَ أَزْوَاجَكَ فَتَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ غَيْرَهُنَّ أَزْوَاجًا
١٩ / ١٥٢