سُورَةُ عَبَسَ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ ‏/ ١٠٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ [عبس: ٢] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ﴾ [المدثر: ٢٢]: قُبِضَ وَجْهُهُ تَكَرُّهًا ﴿وَتَوَلَّى﴾ [يوسف: ٨٤] يَقُولُ: وَأَعْرَضَ ﴿أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ٢] يَقُولُ: لِأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ كَانَ يُطَوِّلُ الْأَلِفَ وَيَمُدُّهَا مِنْ ﴿أَنْ جَاءَهُ﴾ [عبس: ٢] فَيَقُولُ: (آنْ جَاءَهُ) وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ كَانَ عِنْدَهُ: أَأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى عَبَسَ وَتَوَلَّى؟ كَمَا قَرَأَ مَنْ قَرَأَ: ﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [القلم: ١٤] بِمَدِّ الْأَلِفِ مِنْ أَنْ وَقَصْرِهَا وَذُكِرَ أَنَّ الْأَعْمَى الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، هُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، عُوتِبَ النَّبِيُّ ﷺ بِسَبَبِهِ
٢٤ ‏/ ١٠٢
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، مِمَّا عَرَضَهُ عَلَيْهِ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُنْزِلَتْ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَتْ: أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَعَلَ يَقُولُ: أَرْشِدْنِي، قَالَتْ: وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَتْ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْرِضُ عَنْهُ، وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ، ⦗١٠٣⦘ وَيَقُولُ: «أَتَرَى بِمَا أَقُولُهُ بَأْسًا؟» فَيَقُولُ: لَا؛ فَفِي هَذَا أُنْزِلَتْ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١]
٢٤ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ٢] قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنَاجِي عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَالْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ يَتَصَدَّى لَهُمْ كَثِيرًا، وَيَحْرِصُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَعْمَى، يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، يَمْشِي وَهُوَ يُنَاجِيهِمْ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ يَسْتَقْرِئُ النَّبِيَّ ﷺ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَعَبَسَ فِي وَجْهِهِ وَتَوَلَّى، وَكَرِهَ كَلَامَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْآخَرِينَ؛ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَخَذَ يَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ، أَمْسَكَ اللَّهُ بَعْضَ بَصَرِهِ، ثُمَّ خَفَقَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعُهُ الذِّكْرَى﴾ [عبس: ١]، فَلَمَّا نَزَلَ فِيهِ أَكْرَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَلَّمَهُ، وَقَالَ لَهُ: «مَا حَاجَتُكَ، هَلْ تُرِيدُ مِنْ شَيْءٍ؟» وَإِذَا ذَهَبَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ: «هَلْ لَكَ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ؟» وَذَلِكَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٥]
٢٤ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي ابْنِ أُمِّ ⦗١٠٤⦘ مَكْتُومٍ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ٢]
٢٤ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ٢] قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِهْرٍ، يُقَالَ لَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
٢٤ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ٢]: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَائِدَةَ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَجَاءَهُ يِسْتَقْرِئُهُ، وَهُوَ يُنَاجِي أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، رَجُلٌ مِنْ عِلْيَةِ قُرَيْشٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ١٠] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْمَدِينَةِ، فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا يُصَلِّي بِأَهْلِهَا “
٢٤ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَآهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ مَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ
٢٤ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يُكَلِّمُ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْرِمُهُ
٢٤ ‏/ ١٠٤
قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ عَلَيْهِ دِرْعٌ، وَمَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ
٢٤ ‏/ ١٠٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] تَصَدَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِرَجُلٍ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ كَثِيرِ الْمَالِ، وَرَجَا أَنْ يُؤْمِنَ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْمَى، يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، فَكَرِهَهُ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَتَوَلَّى عَنْهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْغَنِيِّ، فَوَعَظَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَأَكْرَمَهُ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ، فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا
٢٤ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عز وجل: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ٢] قَالَ: جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَقَائِدُهُ يُبْصِرُ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُشِيرُ إِلَى قَائِدِهِ يَكُفُّ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يَدْفَعُهُ وَلَا يُبْصِرُ؛ قَالَ: حَتَّى عَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ١٠] قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ يُقَالُ: لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَتَمَ مِنَ الْوَحْيِ شَيْئًا، كَتَمَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ: وَكَانَ يَتَصَدَّى لِهَذَا الشَّرِيفِ فِي جَاهِلِيَّتِهِ، رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ، وَكَانَ عَنْ هَذَا يَتَلَهَّى
٢٤ ‏/ ١٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَمَا ⦗١٠٦⦘ يُدْرِيكَ يَا مُحَمَّدُ، لَعَلَّ هَذَا الْأَعْمَى الَّذِي عَبَسْتَ فِي وَجْهِهِ يَزَّكَّى: يَقُولُ: يَتَطَهَّرُ مِنْ ذُنُوبِهِ
٢٤ ‏/ ١٠٥
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٣]: يُسْلِمُ
٢٤ ‏/ ١٠٦
قَوْلُهُ: ﴿أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعُهُ الذِّكْرَى﴾ [عبس: ٤] يَقُولُ: أَوْ يَتَذَكَّرُ فَتَنْفَعُهُ الذِّكْرَى: يَعْنِي يَعْتَبِرُ فَيَنْفَعُهُ الِاعْتِبَارُ وِالِاتِّعَاظُ، وَالْقِرَاءَةُ عَلَى رَفْعِ: فَتَنْفَعُهُ عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿يَذَّكَّرُ﴾ [البقرة: ١١٤] وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ النَّصَبُ فِيهِ وَالرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنْ تَجْعَلَهُ جَوَابًا بِالْفَاءِ لِلَعَلَّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز] عَلَّ صُرُوفِ الدَّهْرِ أَوْ دُولَاتِهَا … يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِنْ لَمَّاتِهَا
فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفَرَاتَهَا … وَتُنْقَعَ الْغَلَّةُ مِنْ غَلَّاتِهَا
«وَتُنْقَعُ» يُرْوَى بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ
٢٤ ‏/ ١٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى بِمَالِهِ. فَأَنْتَ لَهُ تَتَعَرَّضُ، رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ
٢٤ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ [عبس: ٦] قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ
٢٤ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ [عبس: ٥] قَالَ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ
٢٤ ‏/ ١٠٧
﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٧] يَقُولُ: وَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْكَ أَنْ لَا يَتَطَهَّرَ مِنْ كُفْرِهِ فَيُسْلِمَ؟
٢٤ ‏/ ١٠٧
﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى﴾ [عبس: ٩] يَقُولُ: وَأَمَّا هَذَا الْأَعْمَى الَّذِي جَاءَكَ سَعْيًا وَهُوَ يَخْشَى اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ
٢٤ ‏/ ١٠٧
﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ١٠] يَقُولُ: فَأَنْتَ عَنْهُ تُعْرِضُ، وَتَشَاغَلُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَتَغَافَلُ
٢٤ ‏/ ١٠٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَلَّا﴾ [النساء: ١٣٠] مَا الْأَمْرُ كَمَا تَفْعَلُ يَا مُحَمَّدُ، مِنْ أَنْ تَعْبَسَ فِي وَجْهِ مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى، وَتَتَصَدَّى لِمَنِ اسْتَغْنَى
٢٤ ‏/ ١٠٧
﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ [عبس: ١١] يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْعِظَةَ وَهَذِهِ السُّورَةَ ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ [طه: ٣] يَقُولُ: عِظَةٌ وَعِبْرَةٌ.
٢٤ ‏/ ١٠٧
﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ [المدثر: ٥٥]⦗١٠٨⦘ يَقُولُ: فَمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ذَكَرَهُ، يَقُولُ: ذَكَرَ تَنْزِيلَ اللَّهِ وَوَحْيَهُ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ إِنَّهَا لِلسُّورَةِ، وَفِي قَوْلِهِ ذَكَرَهُ لِلتَّنْزِيلِ وَالْوَحْيِ
٢٤ ‏/ ١٠٧
﴿فِي صُحُفٍ﴾ [النجم: ٣٦] يَقُولُ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾ [عبس: ١٤] . يَعْنِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَهُوَ الْمَرْفُوعُ الْمُطَهَّرُ عِنْدَ اللَّهِ
٢٤ ‏/ ١٠٨
وَقَوْلُهُ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ [عبس: ١٥] يَقُولُ: الصُّحُفُ الْمُكَرَّمَةُ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، جَمْعُ سَافِرٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِيهِمْ مَا هُمْ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ كَتَبَةٌ
٢٤ ‏/ ١٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ [عبس: ١٥] يَقُولُ: كَتَبَةٍ
٢٤ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ [عبس: ١٥] قَالَ: الْكَتَبَةُ وَقَالَ آخَرُونَ: هُمُ الْقُرَّاءُ
٢٤ ‏/ ١٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ شَاءَ ⦗١٠٩⦘ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ [عبس: ١٣] قَالَ: هُمُ الْقُرَّاءُ وَقَالَ آخَرُونَ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ
٢٤ ‏/ ١٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ
٢٤ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] قَالَ: السَّفَرَةُ: الَّذِينَ يُحْصَوْنَ الْأَعْمَالَ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يَسْفِرُونَ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ بِالْوَحْيِ. وَسَفَيرُ الْقَوْمِ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمْ بِالصُّلْحِ، يُقَالُ: سَفَرْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: إِذَا أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]

وَمَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بَيْنَ قَوْمِي … وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِذْ مَشَيْتُ
وَإِذَا وُجِّهَ الْتَأْوِيلِ إِلَى مَا قُلْنَا، احْتَمَلَ الْوَجْهُ الَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمُ الْكَتَبَةُ، وَالَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمُ الْقُرَّاءُ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ الَّتِي تَقْرَأُ الْكُتُبَ، وَتَسْفِرُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ رُسُلِهِ

٢٤ ‏/ ١٠٩
وَقَوْلُهُ: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] وَالْبَرَرَةُ: جَمْعُ بَارٍّ، كَمَا الْكَفَرَةُ جَمْعُ كَافِرٍ، ⦗١١٠⦘ وَالسَّحَرَةُ جَمْعُ سَاحِرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا نَطَقُوا بِوَاحِدَةٍ أَنْ يَقُولُوا: رَجُلٌ بَرٌّ، وَامْرَأَةٌ بَرَّةٌ، وَإِذَا جَمَعُوا رَدُّوهُ إِلَى جَمْعِ فَاعِلٍ، كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ سَرِيٌّ، ثُمَّ قَالُوا فِي جَمْعِهِ: قَوْمٌ سُرَاةٌ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي وَاحِدِهِ أَنْ يَكُونَ سَارِيًا. وَقَدْ حُكِيَ سَمَاعًا مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: قَوْمٌ خِيَرَةٌ بَرَرَةٌ، وَوَاحِدُ الْخِيَرَةِ: خَيْرٌ، وَالْبَرَرَةِ: بَرٌّ
٢٤ ‏/ ١٠٩
قَوْلُهُ: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لُعِنَ الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ مَا أَكْفَرَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ
٢٤ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ﴾ [عبس: ١٧] أَوْ فُعِلَ بِالْإِنْسَانِ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ الْكَافِرُ
٢٤ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] بَلَغَنِي أَنَّهُ الْكَافِرُ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّعَجُّبُ مِنْ كُفْرِهِ، مَعَ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَأَيَادِيهِ عِنْدَهُ. وَالْآخَرُ: مَا الَّذِي أَكْفَرَهُ، أَيْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْفَرَهُ؟
٢٤ ‏/ ١١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ١٩]⦗١١١⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ رَبُّهُ حَتَّى يَتَكَبَّرَ. وَيَتَعَظَّمَ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، وَالْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِهِ ثُمَّ بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِي مِنْهُ خَلَقَهُ، فَقَالَ ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ [عبس: ١٩] أَحْوَالًا: نُطْفَةً تَارَةً، ثُمَّ عَلَقَةً أُخْرَى، ثُمَّ مُضْغَةً، إِلَى أَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُ، وَهُوَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] يَقُولُ: ثُمَّ يَسَّرَهُ لِلسَّبِيلِ، يَعْنِي لِلطَّرِيقِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي السَّبِيلِ الَّذِي يَسَّرَهُ لَهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خُرُوجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ
٢٤ ‏/ ١١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] يَعْنِي بِذَلِكَ: خُرُوجَهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَسَّرَهُ لَهُ
٢٤ ‏/ ١١١
حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: سَبِيلُ الرَّحِمِ
٢٤ ‏/ ١١١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: خُرُوجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ
٢٤ ‏/ ١١١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: خُرُوجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ
٢٤ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: أَخْرَجَهُ مِنْ بَطْنِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: طَرِيقُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، بَيَّنَّاهُ لَهُ وَأَعْلَمْنَاهُ، وَسَهَّلْنَا لَهُ الْعَمَلَ بِهِ
٢٤ ‏/ ١١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٣]
٢٤ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: عَلَى نَحْوِ ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: ٣]
٢٤ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَبِيلَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: ٣]
٢٤ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ ⦗١١٣⦘ الْحَسَنُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: سَبِيلَ الْخَيْرِ
٢٤ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] قَالَ: هَدَاهُ لِلْإِسْلَامِ الَّذِي يَسَّرَهُ لَهُ، وَأَعْلَمَهُ بِهِ، وَالسَّبِيلُ سَبِيلُ الْإِسْلَامِ وَأَوْلَى الْتَأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ثُمَّ الطَّرِيقَ، وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَسَّرَهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْتَأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّهُ أَشْبَهَهُمَا بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ مِنَ اللَّهِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا عَنْ صِفَتِهِ خَلْقَهُ، وَتَدْبِيرِهِ جِسْمَهُ، وَتَصْرِيفِهِ إِيَّاهُ فِي الْأَحْوَالِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ ذَلِكَ نَظِيرُ مَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ
٢٤ ‏/ ١١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: ٢١] يَقُولُ: ثُمَّ قَبَضَ رُوحَهُ، فَأَمَاتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿أَقْبَرَهُ﴾: صَيَّرَهُ ذَا قَبْرٍ، وَالْقَابِرُ: هُوَ الدَّافِنُ الْمَيِّتَ بِيَدِهِ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر السريع] لَوْ أَسْنَدَتْ مَيْتًا إِلَى نَحْرِهَا … عَاشَ وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَى قَابِرِ
وَالْمُقْبِرُ: هُوَ اللَّهُ، الَّذِي أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يُقْبِرُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَصَيَّرَهُ ذَا قَبْرٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِيمَا ذُكِرَ لِي: بَتَرْتُ ذَنَبَ الْبَعِيرِ، وَاللَّهُ أَبْتَرَهُ؛ وَعَضَبْتُ قَرْنَ الثَّوْرِ وَاللَّهُ أَعْضَبَهُ؛ وَطَرَدْتُ عَنِّي فُلَانًا، وَاللَّهُ أْطَرَدَهُ، صَيَّرَهُ طَرِيدًا
٢٤ ‏/ ١١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ [عبس: ٢٢] يَقُولُ: ثُمَّ إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْشَرَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَأَحْيَاهُ، يُقَالُ: أَنْشَرَ اللَّهُ الْمَيِّتَ، بِمَعْنَى: أَحْيَاهُ، وَنَشَرَ الْمَيِّتَ بِمَعْنَى حَيِيَ هُوَ بِنَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
[البحر السريع] حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رَأَوْا … يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ
٢٤ ‏/ ١١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَلَّا لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ هَذَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ، مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ٢٣]: لَمْ يُؤَدِّ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ رَبُّهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ١١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ٢٣] قَالَ: لَا يَقْضِي أَحَدٌ أَبَدًا مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَارِثُ: كُلَّ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ
٢٤ ‏/ ١١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٢٥]⦗١١٥⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلْيَنْظُرْ هَذَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ الْمُنْكِرُ تَوْحِيدَ اللَّهِ إِلَى طَعَامِهِ كَيْفَ دَبَّرَهُ؟
٢٤ ‏/ ١١٤
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾ [عبس: ٢٤]، قَالَ: إِلَى مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ
٢٤ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾ [عبس: ٢٤]: آيَةً لَهُمْ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾ [عبس: ٢٥] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ بِكَسْرِ الْأَلْفِ مِنْ «أَنَّا» عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ ﴿أَنَّا﴾ [عبس: ٢٥] بِفَتْحِ الْأَلِفِ، بِمَعْنَى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى أَنَّا، فَيُجْعَلُ أَنَّا فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، عَلَى نِيَّةِ تَكْرِيرِ الْخَافِضِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا إِذَا فُتِحَتْ، بِنِيَّةِ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ: فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
٢٤ ‏/ ١١٥
وَقَوْلُهُ: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾ [عبس: ٢٥] يَقُولُ: أَنَّا أَنْزَلْنَا الْغَيْثَ مِنَ السَّمَاءِ إِنْزَالًا، ⦗١١٦⦘ وَصَبَبْنَاهُ عَلَيْهَا صَبًّا
٢٤ ‏/ ١١٥
﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًا﴾ [عبس: ٢٦] يَقُولُ: ثُمَّ فَتَقْنَا الْأَرْضَ، فَصَدَعْنَاهَا بِالنَّبَاتِ
٢٤ ‏/ ١١٦
﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا﴾ [عبس: ٢٧] يَعْنِي حَبَّ الزَّرْعِ، وَهُوَ كُلُّ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ مِنَ الْحُبُوبِ، كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
٢٤ ‏/ ١١٦
﴿وَعِنَبًا﴾ [عبس: ٢٨] يَقُولُ: وَكَرْمَ عِنَبٍ
٢٤ ‏/ ١١٦
﴿وَقَضْبًا﴾ [عبس: ٢٨] يَعْنِي بِالْقَضْبِ: الرَّطْبَةَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يُسَمُّونَ الْقَتَّ الْقَضْبَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ١١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَقَضْبًا﴾ [عبس: ٢٨] يَقُولُ: الْفِصْفِصَةُ
٢٤ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَقَضْبًا﴾ [عبس: ٢٨] قَالَ: وَالْقَضْبُ: الْفِصْافِصُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله: الْفِصْفَصَةُ: الرَّطْبَةُ
٢٤ ‏/ ١١٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَضْبًا﴾ [عبس: ٢٨] يَعْنِي الرَّطْبَةَ
٢٤ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَضْبًا﴾ [عبس: ٢٨] قَالَ: الْقَضْبُ: الْعَلَفُ
٢٤ ‏/ ١١٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَزَيْتُونًا﴾ [عبس: ٢٩] وَهُوَ الزَّيْتُونِ الَّذِي مِنْهُ الزَّيْتُ
٢٤ ‏/ ١١٦
﴿وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْحَدِيقَةَ الْبُسْتَانُ الْمَحُوطُ عَلَيْهِ
٢٤ ‏/ ١١٦
وَقَوْلُهُ: ﴿غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] يَعْنِي: غِلَاظًا ⦗١١٧⦘ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] أَشْجَارًا فِي بَسَاتِينَ غِلَاظٍ وَالْغُلْبُ: جَمْعُ أَغْلَبَ، وَهُوَ الْغَلِيظُ الرَّقَبَةِ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
[البحر الوافر] عَوَى فَأَثَارَ أَغْلَبَ ضَيْغَمِيًّا … فَوَيْلُ ابْنِ الْمَرَاغَةِ مَا اسْتَثَارَا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ، عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي الْبَيَانِ عَنْهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا الْتَفَّ مِنَ الشَّجَرِ وَاجْتَمَعَ
٢٤ ‏/ ١١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] قَالَ: الْحَدَائِقُ: مَا الْتَفَّ وَاجْتَمَعَ
٢٤ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] قَالَ: طَيِّبَةً وَقَالَ آخَرُونَ: الْحَدَائِقُ: نَبْتُ الشَّجَرِ كُلِّهِ
٢٤ ‏/ ١١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ قَالَ: ثنا عِصَامٌ، عَنْ أَبِيهِ: الْحَدَائِقُ: نَبْتُ الشَّجَرِ كُلِّهَا
٢٤ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] قَالَ: الشَّجَرُ يُسْتَظَلُّ بِهِ فِي الْجَنَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْغُلْبُ: الطِّوَالُ
٢٤ ‏/ ١١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] يَقُولُ: طُوَالًا وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ النَّخْلُ الْكِرَامُ
٢٤ ‏/ ١١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] وَالْغُلْبُ: النَّخْلُ الْكِرَامُ
٢٤ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] قَالَ: النَّخْلُ الْكِرَامُ
٢٤ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠]: عِظَامُ النَّخْلِ الْعَظِيمَةِ الْجِذْعِ، قَالَ: وَالْغُلْبُ مِنَ الرِّجَالِ: الْعِظَامُ الرِّقَابِ، يُقَالُ: هُوَ أَغْلَبُ الرَّقَبَةِ: عَظِيمُهَا
٢٤ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ ⦗١١٩⦘، ﴿حَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٣٠] قَالَ: عِظَامُ الْأَوْسَاطِ
٢٤ ‏/ ١١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عبس: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفَاكِهَةً: مَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ مِنْ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ، وَالْأَبُّ: مَا تَأْكُلُهُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْعُشْبِ وَالنَّبَاتِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ١١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿وَفَاكِهَةً﴾ [الواقعة: ٢٠] قَالَ: مَا يَأْكُلُ ابْنُ آدَمَ
٢٤ ‏/ ١١٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَفَاكِهَةً﴾ [الواقعة: ٢٠] قَالَ: مَا أَكَلَ النَّاسُ
٢٤ ‏/ ١١٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَفَاكِهَةً﴾ [الواقعة: ٢٠] قَالَ: أَمَّا الْفَاكِهَةُ فَلَكُمْ
٢٤ ‏/ ١١٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ⦗١٢٠⦘: ﴿وَفَاكِهَةً﴾ [الواقعة: ٢٠] قَالَ: الْفَاكِهَةُ لَنَا
٢٤ ‏/ ١١٩
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَرَأَ عُمَرُ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: قَدْ عَلِمْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ أَحْسِبُهُ، شَكَّ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ
٢٤ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: قَدْ عَرَفْنَا الْفَاكِهَةَ، فَمَا الْأَبُّ؟ قَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ
٢٤ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: قَدْ عَرَفْنَا الْفَاكِهَةَ، فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: بِحَسْبِنَا مَا قَدْ عَلِمْنَا، وَأَلْقَى الْعَصَا مِنْ يَدِهِ
٢٤ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ هَذَا هُوَ التَّكَلُّفُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ بِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ كُلِّهِ
٢٤ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، وَيَعْقُوبُ، قَالُوا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: عَدَّ سَبْعًا، جَعَلَ رِزْقَهُ فِي سَبْعَةٍ، وَجَعَلَهُ مِنْ سَبْعَةٍ، وَقَالَ فِي آخِرِ ذَلِكَ: الْأَبُّ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، مِمَّا لَا يَأْكُلُ النَّاسُ
٢٤ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْأَبُّ: نَبْتُ الْأَرْضِ مِمَّا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ، وَلَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ
٢٤ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: عَدَّ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: الْأَبُّ: مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ لِلْأَنْعَامِ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ وَقَالَ أَبُو السَّائِبِ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَتَأْكُلُ الْأَنْعَامُ
٢٤ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْأَبُّ: الْكَلَأُ وَالْمَرْعَى كُلُّهُ
٢٤ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: الْأَبُّ النَّبَاتُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، مِثْلَهُ
٢٤ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْأَبُّ: الْمَرْعَى
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١]: الْمَرْعَى
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: الْأَبُّ: مَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: الْأَبُّ: مَا أَكَلَتِ الْأَنْعَامُ
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَمَّا الْأَبُّ: فَلِأَنْعَامِكُمْ نِعَمٌ مِنَ اللَّهِ مُتَظَاهِرَةٌ
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: الْأَبُّ: الْعُشْبُ
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: هُوَ مَا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ
٢٤ ‏/ ١٢٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ⦗١٢٣⦘ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] يَعْنِي: الْمَرْعَى
٢٤ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] قَالَ: الْأَبُّ لِأَنْعَامِنَا، قَالَ: وَالْأَبُّ: مَا تَرْعَى. وَقَرَأَ: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [النازعات: ٣٣]
٢٤ ‏/ ١٢٣
قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ: ﴿وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٢٩] كُلُّ هَذَا قَدْ عَلِمْنَاهُ، فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَعَمْرُكَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ، وَاتَّبِعُوا مَا يَتَبَيَّنُ لَكُمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. قَالَ عُمَرُ: وَمَا يَتَبَيَّنُ فَعَلَيْكُمْ بِهِ، وَمَا لَا فَدَعُوهُ وَقَالَ آخَرُونَ: الْأَبُّ: الثِّمَارُ الرَّطْبَةُ
٢٤ ‏/ ١٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] يَقُولُ: الثِّمَارُ الرَّطْبَةُ
٢٤ ‏/ ١٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ﴾ [المائدة: ٩٦] يَقُولُ: أَنْبَتْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يَأْكُلُهَا بَنُو آدَمَ مَتَاعًا لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، وَمَنْفَعَةً تَتَمَتَّعُونَ بِهَا وَتَنْتَفِعُونَ، وَالَّتِي يَأْكُلُهَا الْأَنْعَامُ لِأَنْعَامِكُمْ، ⦗١٢٤⦘ وَأَصْلُ الْأَنْعَامِ الْإِبِلُ، ثُمَّ تُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ رَاعِيَةٍ. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ١٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [النازعات: ٣٣] قَالَ: مَتَاعًا لَكُمُ الْفَاكِهَةُ، وَلِأَنْعَامِكُمُ الْعُشْبُ
٢٤ ‏/ ١٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ﴾ [عبس: ٣٣] ذُكِرَ أَنَّهَا اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقِيَامَةِ، وَأَحْسَبُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: صَاخَ فُلَانٌ لَصَوْتِ فُلَانٍ: إِذَا اسْتَمَعَ لَهُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا يُقَالُ مِنْهُ: هُوَ مُصِيخٌ لَهُ، وَلَعَلَّ الصَّوْتَ هُوَ الصَّاخُّ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قِيلَ ذَلِكَ لِنَفْخَةِ الصُّورِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقِيَامَةِ:
٢٤ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ﴾ [عبس: ٣٣] قَالَ: هَذَا مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَظَّمَهُ اللَّهُ، وَحَذَّرَهُ عِبَادَهُ
٢٤ ‏/ ١٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ﴾ [عبس: ٣٤] يَقُولُ: فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي يَفِرُّ فِيهِ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: يَفِرُّ مِنْ أَخِيهِ يَفِرُّ عَنْ أَخِيهِ ﴿وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ⦗١٢٥⦘ وَصَاحِبَتِهِ﴾ [عبس: ٣٦] يَعْنِي زَوْجَتَهُ الَّتِي كَانَتْ زَوْجَتَهُ فِي الدُّنْيَا ﴿وَبَنِيهِ﴾ [عبس: ٣٦] حَذَرًا مِنْ مَطَالَبَتِهِمْ إِيَّاهُ، بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنَ التَّبِعَاتِ وَالْمَظَالِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ﴾ [عبس: ٣٤]: يَفِرُّ عَنْ أَخِيهِ لِئَلَّا يَرَاهُ، وَمَا يَنْزِلُ بِهِ
٢٤ ‏/ ١٢٤
﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ﴾ [النور: ١١] يَعْنِي مِنَ الرَّجُلِ وَأَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَسَائِرِ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ [آل عمران: ١٦٧] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧] يَقُولُ: أَمْرٌ يُغْنِيهِ، وَيَشْغَلُهُ عَنْ شَأْنِ غَيْرِهِ
٢٤ ‏/ ١٢٥
كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧] أَفْضَى إِلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مَا يَشْغَلُهُ عَنِ النَّاسِ
٢٤ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَارَةَ الْمَرْوَزِيُّ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَائِذِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي سَائِلَتُكَ عَنْ حَدِيثٍ أَخْبِرْنِي أَنْتَ بِهِ، قَالَ: «إِنْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ» قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الرِّجَالُ؟ قَالَ: «حُفَاةً عُرَاةً» . ثُمَّ انْتَظَرَتْ سَاعَةً فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ النِّسَاءُ؟ قَالَ: «كَذَلِكَ حُفَاةً عُرَاةً» . قَالَتْ: وَاسَوْأَتَاهُ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: «وَعَنْ ذَلِكَ تَسْأَلِينِي، إِنَّهُ قَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ لَا يَضُرُّكُ كَانَ عَلَيْكِ ثِيَابٌ أَمْ لَا» قَالَتْ: أَيُّ آيَةٍ هِيَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧]
٢٤ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧] قَالَ: شَأْنٌ قَدْ شَغَلَهُ عَنْ صَاحِبِهِ
٢٤ ‏/ ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ﴾ [عبس: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِقَةٌ مُضِيئَةٌ، وَهِيَ وُجُوهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَدْ رضي الله عنهم. يُقَالُ: أَسْفَرَ وَجْهُ فُلَانٍ: إِذَا حَسُنَ، وَمِنْهُ أَسْفَرَ الصُّبْحُ: إِذَا أَضَاءَ، وَكُلُّ مُضِيءٍ فَهُوَ مُسْفِرٌ؛ وَأَمَّا سَفَرٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ، فَإِنَّمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَلْقَتْ نِقَابَهَا عَنْ وَجْهِهَا أَوْ بُرْقُعَهَا، يُقَالُ: قَدْ سَفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا، إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، فَهِيَ سَافِرٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تَوْبَةَ بْنِ الْحُمَيِّرِ:
[البحر الطويل] وَكُنْتُ إِذَا مَا زُرْتُ لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ … فَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاةَ سُفُورُهَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ سُفُورُهَا: إِلْقَاءَهَا بُرْقُعَهَا عَنْ وَجْهِهَا ﴿ضَاحِكَةٌ﴾ [عبس: ٣٩] يَقُولُ: ضَاحِكَةٌ مِنَ السُّرُورِ بِمَا أَعْطَاهَا اللَّهُ مِنَ النَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ ﴿مُسْتَبْشِرَةٌ﴾ [عبس: ٣٩] لِمَا تَرْجُو مِنَ الزِّيَادَةِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿مُسْفِرَةٌ﴾ [عبس: ٣٨] قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ١٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُسْفِرَةٌ﴾ [عبس: ٣٨] يَقُولُ: مُشْرِقَةٌ
٢٤ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةُ﴾ [عبس: ٣٩] قَالَ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْجَنَّةِ
٢٤ ‏/ ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾ [عبس: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَوُجُوهٌ وَهِيَ وُجُوهُ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ. ذُكِرَ أَنَّ الْبَهَائِمَ الَّتِي يُصَيِّرُهَا اللَّهُ تُرَابًا يَوْمَئِذٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ بَيْنَهَا، يُحَوَّلُ ذَلِكَ التُّرَابُ غَبَرَةً فِي وُجُوهِ أَهْلِ الْكُفْرِ
٢٤ ‏/ ١٢٧
﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١] يَقُولُ: يَغْشَى تِلْكَ الْوُجُوهَ قَتَرَةٌ، وَهِيَ الْغَبَرَةُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ١٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١] يَقُولُ: تَغْشَاهَا ذِلَّةٌ
٢٤ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١] قَالَ: هَذِهِ وُجُوهُ أَهْلِ النَّارِ؛ قَالَ: وَالْقَتَرَةُ مِنَ الْغَبَرَةِ، قَالَ: وَهُمَا وَاحِدٌ؛ قَالَ: فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْقَتَرَةَ: مَا ارْتَفَعَ، فَلَحِقَ بِالسَّمَاءِ، وَرَفَعَتْهُ الرِّيحُ، تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْقَتَرَةَ، وَمَا كَانَ أَسْفَلَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ الْغَبَرَةُ
٢٤ ‏/ ١٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عبس: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمُ الْكَفَرَةُ بِاللَّهِ، كَانُوا فِي الدُّنْيَا الْفَجَرَةَ فِي دِينِهِمْ، لَا يُبَالُونَ مَا أَتَوْا بِهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ، وَرَكِبُوا مِنْ مَحَارِمِهِ، فَجَزَاهُمُ اللَّهُ بِسُوءِ أَعْمَالِهِمْ مَا أَخْبَرَ بِهِ عِبَادَهُ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …