مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ / ١٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الْوَادِي الَّذِي يَسِيلُ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ جَهَنَّمَ فِي أَسْفَلِهَا لِلَّذِينَ يُطَفِّفُونَ، يَعْنِي: لِلَّذِينَ يَنْقُصُونَ النَّاسَ، وَيَبْخَسُونَهُمْ حُقُوقَهُمْ فِي مَكَايِيلِهِمْ إِذَا كَالُوهُمْ، أَوْ مَوَازِينِهِمْ إِذَا وَزَنَوْا لَهُمْ عَنِ الْوَاجِبِ لَهُمْ مِنَ الْوَفَاءِ؛ وَأَصْلُ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْءِ الطَّفِيفِ، وَهُوَ الْقَلِيلُ النَّزْرُ، وَالْمُطَفِّفُ: الْمُقَلِّلُ حَقَّ صَاحِبِ الْحَقِّ عَمَّا لَهُ مِنَ الْوَفَاءِ وَالتَّمَامِ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَوْمِ الَّذِي يَكُونُونَ سَوَاءً فِي حِسْبَةٍ أَوْ عَدَدٍ: هُمْ سَوَاءٌ كَطَفِّ الصَّاعِ، يَعْنِي بِذَلِكَ: كَقُرْبِ الْمُمْتَلِئِ مِنْهُ نَاقِصٌ عَنِ الْمِلْءِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ١٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ ضِرَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَيُوفُونَ الْكَيْلَ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ أَنْ يُوفُوا الْكَيْلَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: ١] حَتَّى بَلَغَ ⦗١٨٦⦘: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦]
٢٤ / ١٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: ١] فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ
٢٤ / ١٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، قَالَ: ثنا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ قَسَّامٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ كَيَّالٍ وَوَزَّانٍ فِي النَّارِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَزِنُ كَمَا يَتَّزِنُ، وَلَا يَكِيلُ كَمَا يَكْتَالُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: ١]
٢٤ / ١٨٦
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ [المطففين: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا مِنَ النَّاسِ مَا لَهُمْ قِبَلَهُمْ مِنْ حَقٍّ، يَسْتَوْفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَيَكْتَالُونَهُ مِنْهُمْ وَافِيًا؛ وَعَلَى وَمَنْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَتَعَاقَبَانِ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ: اكْتَلْتُ مِنْكَ، يُرَادُ: اسْتَوْفَيْتُ مِنْكَ
٢٤ / ١٨٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ﴾ [المطففين: ٣] يَقُولُ: وَإِذَا هُمْ كَالُوا لِلنَّاسِ أَوْ وَزَنَوْا لَهُمْ. وَمِنْ لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ أَنْ يَقُولُوا: وَزَنْتُكَ حَقَّكَ، وَكِلْتُكَ طَعَامَكَ، بِمَعْنَى: وَزَنْتُ لَكَ وَكِلْتُ لَكَ. وَمَنْ وَجَّهَ الْكَلَامَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، جَعَلَ الْوَقْفَ عَلَى
٢٤ / ١٨٦
هُمْ، وَجَعَلَ هُمْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَكَانَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَجْعَلُهُمَا حَرْفَيْنِ، وَيَقِفُ عَلَى كَالُوا، وَعَلَى وَزَنَوْا، ثُمَّ يَبْتَدِئُ: هُمْ يُخْسِرُونَ. فَمَنْ وَجَّهَ الْكَلَامَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، جَعَلَ هُمْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَجَعَلَ كَالُوا وَوَزَنُوا مُكْتَفِيَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: الْوَقْفُ عَلَى هُمْ، لِأَنَّ كَالُوا وَوَزَنُوا لَوْ كَانَا مُكْتَفِيَيْنِ، وَكَانَتْ هُمْ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا، كَانَتْ كِتَابَةُ كَالُوا وَوَزَنُوا بِأَلِفٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هُمْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِذْ كَانَ بِذَلِكَ جَرَى الْكِتَابُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِهِ شَيْءٌ مِنْ كِنَايَاتِ الْمَفْعُولِ، فَكِتَابُهُمْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِغَيْرِ أَلِفٍ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: هُمْ إِنَّمَا هُوَ كِنَايَةُ أَسْمَاءِ الْمَفْعُولِ بِهِمْ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا، عَلَى مَا بَيَّنَّا
٢٤ / ١٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: ٣] يَقُولُ: يَنْقُصُونَهُمْ
٢٤ / ١٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَا يَظُنُّ هَؤُلَاءِ الْمُطَفِّفُونَ النَّاسَ فِي مَكَايِيلِهِمْ وَمَوَازِينِهِمْ، أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمِ، لِيَوْمٍ عَظِيمٍ شَأْنُهُ، هَائِلٍ أَمْرُهُ، فَظِيعٍ هَوْلُهُ
٢٤ / ١٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] فَيَوْمَ يَقُومُ تَفْسِيرٌ عَنِ الْيَوْمِ ⦗١٨٨⦘ الْأَوَّلِ الْمَخْفُوضِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْدِ عَلَيْهِ اللَّامَ، رُدَّ إِلَى مَبْعُوثُونَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ؟ وَقَدْ يَجُوزُ نَصْبُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْخَفْضِ، لِأَنَّهَا إِضَافَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ، وَلَوْ خُفِضَ رَدًّا عَلَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لَحْنًا، وَلَوْ رُفِعَ جَازَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل] وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ: رِجْلٍ صَحِيحَةٍ … وَرِجْلٍ رَمَى فِيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ
وَذُكِرَ أَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، فَبَعْضٌ يَقُولُ: مِقْدَارَ ثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ، وَبَعْضٌ يَقُولُ: مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ عَامًا
[البحر الطويل] وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ: رِجْلٍ صَحِيحَةٍ … وَرِجْلٍ رَمَى فِيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ
وَذُكِرَ أَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، فَبَعْضٌ يَقُولُ: مِقْدَارَ ثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ، وَبَعْضٌ يَقُولُ: مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ عَامًا
٢٤ / ١٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: «يَقُومُ أَحَدُكُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ»
٢٤ / ١٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: «يَغِيبُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ»
٢٤ / ١٨٨
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] حَتَّى يَقُومَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ ⦗١٨٩⦘ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ
٢٤ / ١٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ النَّاسَ يُوقَفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِعَظَمَةِ اللَّهِ، حَتَّى إِنَّ الْعَرَقَ لَيُلْجِمُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ آذَانِهِمْ»
٢٤ / ١٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] «يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِعَظَمَةِ الرَّحْمَنِ» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
٢٤ / ١٨٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا آدَمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] «يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ فِي رَشْحِهِ»
٢٤ / ١٨٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ثنا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَتَغَيَّبَ أَحَدُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ فِي رَشْحِهِ»
٢٤ / ١٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ ⦗١٩٠⦘ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: يَقُومُونَ مِائَةَ سَنَةٍ
٢٤ / ١٨٩
حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] «يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَرَقَ لَيُلْجِمُ الرَّجُلَ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ
٢٤ / ١٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَقُومَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ»
٢٤ / ١٩٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّلِيمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ صُدْرَانَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِبَشِيرٍ الْغِفَارِيِّ: «كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِي يَوْمٍ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِقْدَارَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، لَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا يُؤْمَرُ ⦗١٩١⦘ فِيهِمْ بِأَمْرٍ؟» قَالَ بَشِيرٌ: الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِذَا أَنْتَ أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ كَرْبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَسُوءِ الْحِسَابِ»
٢٤ / ١٩٠
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: يَمْكُثُونَ أَرْبَعِينَ عَامًا رَافِعِي رُءُوسِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، لَا يُكَلِّمُهُمْ أَحَدٌ، قَدْ أَلْجَمَ الْعَرَقُ كُلَّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ: أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمْ أَنْ خَلَقَكُمْ ثُمَّ صَوَّرَكُمْ، ثُمَّ رَزَقَكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ غَيْرَهُ، أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ عَبْدٍ مِنْكُمْ مَا تَوَلَّى فِي الدُّنْيَا؟ قَالُوا: بَلَى ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
٢٤ / ١٩١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ، قَالَ: حَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُومُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَرْبَعِينَ عَامًا، شَاخِصَةً أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، حُفَاةً عُرَاةً يُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ، وَلَا يُكَلِّمُهُمْ بَشَرٌ أَرْبَعِينَ عَامًا ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
٢٤ / ١٩١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: يَقُومُونَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ
٢٤ / ١٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ وَسَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: كَانَ كَعْبٌ يَقُولُ: يَقُومُونَ مِقْدَارَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ
٢٤ / ١٩٢
قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنْ يَوْمَ، الْقِيَامَةِ يَقْصُرُ عَلَى الْمُؤْمِنِ، حَتَّى يَكُونَ كِإِحْدَى صَلَاتِهِ الْمَكْتُوبَةِ
٢٤ / ١٩٢
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، قَالَ: ثنا الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] قَالَ: «يَقُومُ الرَّجُلُ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ»
٢٤ / ١٩٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ﴿يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] حَتَّى يَقُومَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ قَالَ يَعْقُوبُ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ، قُلْتُ لِابْنِ عَوْنٍ: ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
٢٤ / ١٩٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَغِيبُ فِي رَشْحِهِ إِلَى نِصْفِ أُذُنَيْهِ»
٢٤ / ١٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَلَّا، أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَظُنُّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ، أَنَّهُمْ غَيْرُ مَبْعُوثِينَ وَلَا مُعَذَّبِينَ، إِنَّ كِتَابَهُمُ الَّذِي كَتَبَ فِيهِ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] وَهِيَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ السُّفْلَى، وَهُوَ فِعِّيلٌ مِنَ السِّجْنِ، كَمَا قِيلَ: رَجُلٌ سِكِّيرٌ مِنَ السَّكَرِ، وَفِسِّيقٌ مِنَ الْفِسْقِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِثْلَ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ
٢٤ / ١٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ: فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ
٢٤ / ١٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ، قَالَ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ: الْأَرْضُ السُّفْلَى، قَالَ: إِبْلِيسُ مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَالسَّلَاسِلِ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى
٢٤ / ١٩٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا إِلَى كَعْبٍ أَنَا وَرَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَرَهْطٌ، مِنْ أَصْحَابِنَا، فَأَقْبَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ كَعْبٍ، فَقَالَ: يَا كَعْبُ، أَخْبِرنِي عَنْ سِجِّينٍ، فَقَالَ كَعْبٌ: ⦗١٩٤⦘ أَمَّا سِجِّينٍ: فَإِنَّهَا الْأَرْضُ السَّابِعَةُ السُّفْلَى، وَفِيهَا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ تَحْتَ حَدِّ إِبْلِيسَ
٢٤ / ١٩٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] ذُكِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَقُولُ: هِيَ الْأَرْضُ السُّفْلَى، فِيهَا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ، وَأَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ السُّوءِ
٢٤ / ١٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فِي سِجِّينٍ﴾ قَالَ: فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ
٢٤ / ١٩٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] يَقُولُ: أَعْمَالُهُمْ فِي كِتَابٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى
٢٤ / ١٩٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فِي سِجِّينٍ﴾ قَالَ: عَمَلُهُمْ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ لَا يَصْعَدُ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ.
٢٤ / ١٩٤
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، قَالَ: ثنا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ: قَاضِي الْيَمَنِ، ⦗١٩٥⦘ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ﴿سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] الْأَرْضُ السَّابِعَةُ
٢٤ / ١٩٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] يَقُولُ: فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى
٢٤ / ١٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانٌ، قَالَ: ثنا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ: الْأَرْضُ السَّابِعَةُ السُّفْلَى
٢٤ / ١٩٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ: يُقَالُ سِجِّينٌ: الْأَرْضُ السَّافِلَةُ، وَسِجِّينٌ: بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ حَدُّ إِبْلِيسَ
٢٤ / ١٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ شِمْرٍ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] الْآيَةُ، قَالَ كَعْبٌ: إِنَّ رُوحَ الْفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا، وَيُهْبَطُ بِهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَتَأْبَى الْأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فَتَهْبِطُ فَتَدْخُلُ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهَا إِلَى سِجِّينٍ، وَهُوَ حَدُّ إِبْلِيسَ، فَيَخْرُجُ لَهَا مِنْ سِجِّينٍ مِنْ تَحْتِ حَدِّ إِبْلِيسَ رَقٌّ، فَيُرْقَمُ وَيُخْتَمُ، يُوضَعُ تَحْتَ حَدِّ إِبْلِيسَ بِمَعْرِفَتِهَا الْهَلَاكُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
٢٤ / ١٩٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ: تَحْتَ حَدِّ إِبْلِيسَ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مَفْتُوحٌ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٢٤ / ١٩٦
حَدَّثَنَا بِهِ إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا مَسْعُودُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُسْكَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا نَضْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَوْلُهُ: قَالَ: «الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى، وَأَمَّا سِجِّينٌ فَمَفْتُوحٌ» وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: ذَكَرُوا أَنَّ ﴿سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧]: الصَّخْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ، قَالَ: وَيُرَى أَنَّ ﴿سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهَا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا اسْمًا لَمْ يُجْرَ، قَالَ: وَإِنْ قُلْتَ أَجْرَيْتُهُ لِأَنِّي ذَهَبْتُ بِالصَّخْرَةِ إِلَى أَنَّهَا الْحَجَرُ الَّذِي فِيهِ الْكِتَابُ كَانَ وَجْهًا وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ الْقَوْلَ الَّذِي اخْتَرْتُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] لِمَا:
٢٤ / ١٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، قَالَ: ثنا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ ⦗١٩٧⦘ الْبَرَاءِ، قَالَ: ﴿سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] الْأَرْضُ السُّفْلَى
٢٤ / ١٩٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: وَذَكَرَ نَفْسَ الْفَاجِرِ، وَأَنَّهُ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: «فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ فُلَانٌ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَلَا يُفْتَحُ لَهُ» ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخَيَّاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] «فَيَقُولُ اللَّهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى»
٢٤ / ١٩٧
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ: سِجِّينٌ: صَخْرَةٌ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، فَيُجْعَلُ كِتَابُ الْفُجَّارِ تَحْتَهَا
٢٤ / ١٩٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ [المطففين: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَدْرَاكَ يَا مُحَمَّدُ، أَيُّ شَيْءٍ ذَلِكَ الْكِتَابُ. ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ، فَقَالَ: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] وَعُنِيَ بِالْمَرْقُومِ: الْمَكْتُوبُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ١٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] قَالَ: كِتَابٌ مَكْتُوبٌ
٢٤ / ١٩٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بِشَرٍّ
٢٤ / ١٩٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] قَالَ: الْمَرْقُومُ: الْمَكْتُوبُ
٢٤ / ١٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ
٢٤ / ١٩٨
﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين: ١١] يَقُولُ: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الْحِسَابِ وَالْمُجَازَاةِ
٢٤ / ١٩٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين: ١١] قَالَ أَهْلُ الشِّرْكِ يُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ، وَقَرَأَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ﴾ [سبأ: ٧] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
٢٤ / ١٩٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا يُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ﴾ [المطففين: ١٢] اعْتَدَى عَلَى اللَّهِ فِي قَوْلِهِ، فَخَالَفَ أَمْرَهُ ﴿أَثِيمٍ﴾ [البقرة: ٢٧٦] بِرَبِّهِ:
٢٤ / ١٩٨
كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] قَالَ اللَّهُ: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ [المطففين: ١٢] أَيْ بِيَوْمِ الدِّينِ، إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ فِي قَوْلِهِ، أَثِيمٍ بِرَبِّهِ
٢٤ / ١٩٩
﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا﴾ [القلم: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِ حُجَجُنَا وَأَدِّلَتُنَا الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابِنَا الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ
٢٤ / ١٩٩
﴿قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [القلم: ١٥] يَقُولُ: قَالَ: هَذَا مَا سَطَّرَهُ الْأَوَّلُونَ فَكَتَبُوهُ، مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْأَخْبَارِ
٢٤ / ١٩٩
وَقَوْلُهُ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُكَذِّبًا لَهُمْ فِي قِيلِهِمْ ذَلِكَ: كَلَّا، مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ يَقُولُ: غَلَبَ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَغَمَرَهَا، وَأَحَاطَتْ بِهَا الذُّنُوبُ فَغَطَّتْهَا؛ يُقَالُ مِنْهُ: رَانَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَقْلِهِ، فَهِيَ تَرِينُ عَلَيْهِ رَيْنًا، وَذَلِكَ إِذَا سَكِرَ، فَغَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي زُبَيْدٍ الطَّائِيِّ:
[البحر الخفيف] ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْـ … ـرُ وَأَنْ لَا تَرِينَهُ بِاتِّقَاءِ
يَعْنِي تَرِينَهُ بِمَخَافَةٍ، يَقُولُ: سَكِرَ فَهُوَ لَا يَنْتَبِهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز] لَمْ نَرْوَ حَتَّى هَجَّرَتْ وَرِينَ بِي … وَرِينَ بِالسَّاقِي الَّذِي أَمْسَى مَعِي
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ، وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
[البحر الخفيف] ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْـ … ـرُ وَأَنْ لَا تَرِينَهُ بِاتِّقَاءِ
يَعْنِي تَرِينَهُ بِمَخَافَةٍ، يَقُولُ: سَكِرَ فَهُوَ لَا يَنْتَبِهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز] لَمْ نَرْوَ حَتَّى هَجَّرَتْ وَرِينَ بِي … وَرِينَ بِالسَّاقِي الَّذِي أَمْسَى مَعِي
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ، وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٢٤ / ١٩٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ صُقِلَ مِنْهَا، فَإِنْ عَادَ عَادَتْ حَتَّى تَعْظُمَ فِي قَلْبِهِ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤]»
٢٤ / ٢٠٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ فَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤]
٢٤ / ٢٠٠
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: “إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ مِنْهَا صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤]
٢٤ / ٢٠٠
حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ الضَّرَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً كَانَتْ نُكْتَةٌ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ وَنَزَعَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ، وَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ أَبُو صَالِحٍ: كَذَا قَالَ: صَقَلَتْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: سَقَلَتْ
٢٤ / ٢٠١
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ، عَنْ خُلَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: وَقَرَأَ ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَمُوتَ قَلْبُهُ
٢٤ / ٢٠١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَعْمَى الْقَلْبُ فَيَمُوتَ
٢٤ / ٢٠١
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: الْعَبْدُ يَعْمَلُ بِالذُّنُوبِ، فَتُحِيطُ بِالْقَلْبِ، ثُمَّ تَرْتَفِعُ، حَتَّى تَغْشَى الْقَلْبَ
٢٤ / ٢٠١
حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: أَرَانَا مُجَاهِدٌ بِيَدِهِ، قَالَ، كَانُوا يَرَوْنَ الْقَلْبَ فِي مِثْلِ هَذَا، يَعْنِي الْكَفَّ، فَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ ذَنْبًا ضُمَّ مِنْهُ، وَقَالَ بِأُصْبُعِهِ الْخِنْصَرِ هَكَذَا، فَإِذَا أَذْنَبَ ضَمَّ أُصْبُعًا أُخْرَى، فَإِذَا أَذْنَبَ ضَمَّ أُصْبُعًا أُخْرَى، حَتَّى ضَمَّ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، ثُمَّ يُطْبَعُ ⦗٢٠٢⦘ عَلَيْهِ بِطَابَعٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّيْنُ
٢٤ / ٢٠١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْقَلْبُ مِثْلُ الْكَفِّ، فَإِذَا أَذْنَبَ الذَّنْبَ قَبَضَ أُصْبُعًا، حَتَّى يَقْبِضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَإِنَّ أَصْحَابَنَا يَرَوْنَ أَنَّهُ الرَّانُ
٢٤ / ٢٠٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مَرَّةً أُخْرَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْقَلْبُ مِثْلُ الْكَفِّ، وَإِذَا أَذْنَبَ انْقَبَضَ، وَقَبَضَ أُصْبُعَهُ، فَإِذَا أَذْنَبَ انْقَبَضَ، حَتَّى يَنْقَبِضْ كُلُّهُ، ثُمَّ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّانُ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤]
٢٤ / ٢٠٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: الْخَطَايَا حَتَّى غَمَرَتْهُ
٢٤ / ٢٠٢
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] انْبَثَّتْ عَلَى قَلْبِهِ الْخَطَايَا حَتَّى غَمَرَتْهُ
٢٤ / ٢٠٢
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ⦗٢٠٣⦘ قَوْلُهُ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] يَقُولُ: يُطْبَعُ
٢٤ / ٢٠٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: طَبَعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَسَبُوا
٢٤ / ٢٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: غَشِيَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهَوَتْ بِهَا، فَلَا يَفْزَعُونَ، وَلَا يَتَحَاشَوْنَ
٢٤ / ٢٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحَسَنِ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: هُوَ الذَّنْبُ حَتَّى يَمُوتَ الْقَلْبُ
٢٤ / ٢٠٣
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: الرَّانُ: الطَّبْعُ يَطْبَعُ الْقَلْبَ مِثْلَ الرَّاحَةِ، فَيُذْنِبُ الذَّنْبَ، فَيَصِيرُ هَكَذَا، وَعَقَدَ سُفْيَانُ الْخِنْصَرَ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَصِيرُ هَكَذَا، وَقَبَضَ سُفْيَانُ كَفَّهُ، فَيُطْبَعُ عَلَيْهِ
٢٤ / ٢٠٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] أَعْمَالُ السُّوءِ، إِي وَاللَّهِ ذَنْبٌ عَلَى ذَنْبٍ، وَذَنْبٌ عَلَى ذَنْبٍ حَتَّى مَاتَ قَلْبُهُ وَاسْوَدَّ
٢٤ / ٢٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: هَذَا الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ، حَتَّى يَرِينَ عَلَى الْقَلْبِ ⦗٢٠٤⦘ فَيُسَوَّدَ
٢٤ / ٢٠٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: غَلَبَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ذُنُوبُهُمْ، فَلَا يَخْلُصُ إِلَيْهَا مَعَهَا خَيْرٌ
٢٤ / ٢٠٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ: الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ، فَيُحِيطُ الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ، حَتَّى تَغْشَى الذُّنُوبُ عَلَيْهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَهِيَ مِثْلُ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨١]
٢٤ / ٢٠٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، مِنْ أَنَّ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ زُلْفَةً، إِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ عَنْ رَبِّهِمْ لَمَحْجُوبُونَ، فَلَا يَرَوْنَهُ، وَلَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ كَرَامَتِهِ يِصِلُّ إِلَيْهِمْ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ كَرَامَتِهِ
٢٤ / ٢٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ، مُسْلِمٌ، عَنْ خُلَيْدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كَلَّا ⦗٢٠٥⦘ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ، يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] هُوَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٤ / ٢٠٤
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، قَالَ: ثني نِمْرَانُ أَبُو الْحَسَنِ الذِّمَارِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] قَالَ: الْمَنَّانُ، وَالْمُخْتَالُ، وَالَّذِي يَقْتَطِعُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِيَمِينِهِ بِالْبَاطِلِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَةِ رَبِّهِمْ
٢٤ / ٢٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ، يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] قَالَ: يَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ كُلَّ يَوْمٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَنَّهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِ مَحْجُوبُونَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ الْحِجَابُ عَنْ كَرَامَتِهِ،
٢٤ / ٢٠٥
وَأَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ الْحِجَابُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ بِذَلِكَ الْحِجَابُ عَنْ مَعْنًى مِنْهُ دُونَ مَعْنًى، وَلَا خَبَرَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَامَتْ حُجَّتُهُ. فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: هُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَعَنْ كَرَامَتِهِ، إِذْ كَانَ الْخَبَرُ عَامًا، لَا دَلَالَةَ عَلَى خُصُوصِهِ
٢٤ / ٢٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾ [المطففين: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ إِنَّهُمْ لَوَارِدُو الْجَحِيمِ، فَمَشْوِّيُونَ فِيهَا
٢٤ / ٢٠٦
﴿ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ: هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ الْيَوْمَ، هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تُخْبَرُونَ أَنَّكُمْ ذَائِقُوهُ، فَتُكَذِّبُونَ بِهِ، وَتُنْكِرُونَهُ، فَذُوقُوهُ الْآنَ، فَقَدْ صَلَيْتُمْ بِهِ
٢٤ / ٢٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ [المطففين: ١٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] وَالْأَبْرَارُ: جَمْعُ بَرٍّ، وَهُمُ الَّذِينَ بَرُّوا اللَّهَ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: هُمُ الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ شَيْئًا حَتَّى الذَّرَّ
٢٤ / ٢٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ شَيْخٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سُئِلَ عَنِ الْأَبْرَارِ، قَالَ: الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ الذَّرَّ
٢٤ / ٢٠٦
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زَيْدٍ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْأَبْرَارُ: هُمُ الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ الذَّرَّ
٢٤ / ٢٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَى عِلِّيِّينَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ
٢٤ / ٢٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا وَأَنَا حَاضِرٌ، عَنِ الْعِلِّيِّينَ، فَقَالَ كَعْبٌ: «هِيَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ، وَفِيهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ»
٢٤ / ٢٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، يَعْنِي الْعَتَكِيَّ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] قَالَ: فِي السَّمَاءِ الْعُلْيَا
٢٤ / ٢٠٧
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] قَالَ: فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ
٢٤ / ٢٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] قَالَ: السَّمَاءُ السَّابِعَةُ
٢٤ / ٢٠٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] فِي السَّمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْعِلِّيُّونَ: قَائِمَةُ الْعَرْشِ الْيُمْنَى
٢٤ / ٢٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: هِيَ قَائِمَةُ الْعَرْشِ الْيُمْنَى
٢٤ / ٢٠٨
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، قَالَ: ثنا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، قَاضِي الْيَمَنِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] قَالَ: عِلِّيُّونَ: قَائِمَةُ الْعَرْشِ الْيُمْنَى
٢٤ / ٢٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ «فِي عِلِّيِّينَ» قَالَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، عِنْدَ قَائِمَةِ الْعَرْشِ الْيُمْنَى
٢٤ / ٢٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ لَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ شِمْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: حَدِّثْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] الْآيَةُ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ الرُّوحُ الْمُؤْمِنَةَ إِذَا قُبِضَتْ، صُعِدَ بِهَا، فَفُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتَلَقَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِالْبُشْرَى، ثُمَّ عَرَجُوا مَعَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْشِ، فَيَخْرُجُ لَهَا مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ رَقٌّ، فَيُرْقَمُ، ثُمَّ يُخْتَمُ بِمَعْرِفَتِهَا النَّجَاةَ بِحِسَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَتَشْهَدُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِالْعِلِّيِّينَ: الْجَنَّةُ
٢٤ / ٢٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] قَالَ: الْجَنَّةُ وَقَالَ آخَرُونَ: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى
٢٤ / ٢٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُزُورِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: إِذَا قُبِضَ رُوحُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَنْطَلِقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، قَالَ الْأَجْلَحُ: قُلْتُ: وَمَا الْمُقَرَّبُونَ؟ قَالَ: أَقْرَبُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَتَنْطَلِقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ الْخَامِسَةِ، ثُمَّ السَّادِسَةِ، ثُمَّ السَّابِعَةِ، حَتَّى تَنْتَهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. قَالَ الْأَجْلَحُ: قُلْتُ لِلضَّحَّاكِ: لِمَ تُسَمَّى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَا يَعْدُوهَا، فَتَقُولُ: رَبِّ عَبْدُكَ فُلَانٌ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ بِصَكٍّ مَخْتُومٍ يُؤَمِّنُهُ مِنَ الْعَذَابِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ١٩] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِالْعِلِّيِّينَ: فِي السَّمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ
٢٤ / ٢٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] يَقُولُ: أَعْمَالُهُمْ فِي كِتَابٍ عِنْدَ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ فِي عِلِّيِّينَ؛ وَالْعِلِّيُّونَ: جَمْعٌ، مَعْنَاهُ: شَيْءٌ فَوْقَ شَيْءٍ، وَعُلُوٌّ فَوْقَ عُلُوٍّ، وَارْتِفَاعٌ بَعْدَ ارْتِفَاعٍ، فَلِذَلِكَ جُمِعَتْ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ، كَجَمْعِ الرِّجَالِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِنَاءٌ مِنْ وَاحِدِهِ وَاثْنَيْهِ، كَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ سَمَاعًا: أَطْعِمْنَا مَرَقَةَ مَرَقِينَ: يَعْنِي اللَّحْمَ الْمَطْبُوخَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز] قَدْ رَوِيَتْ إِلَّا الدُّهَيْدِهِينَا … قُلَيِّصَاتٍ وَأُبَيْكِرِينَا
فَقَالَ: وَأُبَيْكِرِينَا، فَجَمَعَهَا بِالنُّونِ إِذْ لَمْ يَقْصِدْ عَدَدًا مَعْلُومًا مِنَ الْبَكَارَةِ، بَلْ أَرَادَ عَدَدًا لَا يُحَدُّ آخِرُهُ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
[البحر الوافر] فَأَصْبَحَتِ الْمَذَاهِبُ قَدْ أَذَاعَتْ … بِهَا الْإِعْصَارُ بَعْدَ الْوَابِلِينَا
[البحر الرجز] قَدْ رَوِيَتْ إِلَّا الدُّهَيْدِهِينَا … قُلَيِّصَاتٍ وَأُبَيْكِرِينَا
فَقَالَ: وَأُبَيْكِرِينَا، فَجَمَعَهَا بِالنُّونِ إِذْ لَمْ يَقْصِدْ عَدَدًا مَعْلُومًا مِنَ الْبَكَارَةِ، بَلْ أَرَادَ عَدَدًا لَا يُحَدُّ آخِرُهُ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
[البحر الوافر] فَأَصْبَحَتِ الْمَذَاهِبُ قَدْ أَذَاعَتْ … بِهَا الْإِعْصَارُ بَعْدَ الْوَابِلِينَا
٢٤ / ٢١٠
يَعْنِي: مَطَرًا بَعْدَ مَطَرٍ غَيْرَ مَحْدُودِ الْعَدَدِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ جَمْعٍ لَمْ يَكُنْ بِنَاءٌ لَهُ مِنْ وَاحِدِهِ وَاثْنَيْهِ، فَجَمَعَهُ فِي جَمِيعِ الْإِنَاثِ، وَالذُّكْرَانِ بِالنُّونِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: عِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَالَّذِي ذَكَرْنَا، فَبَيِّنٌ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] مَعْنَاهُ: فِي عُلُوٍّ وَارْتِفَاعٍ، فِي سَمَاءٍ فَوْقَ سَمَاءٍ، وَعُلُوٍّ فَوْقَ عُلُوٍّ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ، وَلَا خَبَرَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ بِأَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ كِتَابَ أَعْمَالِ الْأَبْرَارِ لَفِي ارْتِفَاعٍ إِلَى حَدٍّ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مُنْتَهَاهُ، وَلَا عِلْمَ عِنْدَنَا بِغَايَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْصُرُ عَنِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ الْتَأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ
٢٤ / ٢١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ﴾ [المطففين: ١٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، مُعَجِّبُهُ مِنْ عِلِّيِّينَ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَشْعَرَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا عِلِّيُّونَ؟
٢٤ / ٢١١
وَقَوْلُهُ: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، كِتَابٌ مَرْقُومٌ: أَيْ مَكْتُوبٌ بِأَمَانٍ مِنَ اللَّهِ إِيَّاهُ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ
٢٤ / ٢١١
وَكَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] رُقِمَ
٢٤ / ٢١١
وَقَوْلُهُ: ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢١] يَقُولُ: يَشْهَدُ ذَلِكَ الْكِتَابَ الْمَكْتُوبَ بِأَمَانِ اللَّهِ ⦗٢١٢⦘ لِلْبَرِّ مِنْ عِبَادِهِ مِنَ النَّارِ، وَفَوْزِهِ بِالْجَنَّةِ، الْمُقَرَّبُونَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مِنَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ٢١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢١] قَالَ: كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ
٢٤ / ٢١٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢١] مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ
٢٤ / ٢١٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢١] قَالَ: يَشْهَدُهُ مُقَرَّبُو أَهْلِ كُلِّ سَمَاءٍ
٢٤ / ٢١٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢١] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ
٢٤ / ٢١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الْأَبْرَارَ الَّذِينَ بَرُّوا بِاتِّقَاءِ اللَّهِ، وَأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، لَفِي نَعِيمٍ دَائِمٍ، لَا يَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ نَعِيمُهُمْ فِي الْجِنَّانِ
٢٤ / ٢١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ ⦗٢١٣⦘ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: ٢٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ [المطففين: ٢٣] عَلَى السُّرُرِ فِي الْحِجَالِ، مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ، وَالْحَبْرَةِ فِي الْجِنَّانِ
٢٤ / ٢١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ [المطففين: ٢٣] قَالَ: مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ
٢٤ / ٢١٣
قَالَ: ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿الْأَرَائِكِ﴾ [المطففين: ٢٣] السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ
٢٤ / ٢١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ [المطففين: ٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَعْرِفُ فِي الْأَبْرَارِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ صِفَتَهُمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، يَعْنِي حُسْنُهُ وَبَرِيقَهُ وَتَلَأْلُؤُهُ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿تَعْرِفُ﴾ [الحج: ٧٢] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ [المطففين: ٢٤] بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ تَعْرِفُ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ ﴿نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ [المطففين: ٢٤] بِنَصْبِ نَضْرَةَ. وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ: (تُعْرَفُ) بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، بِرَفْعِ نَضْرَةَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَذَلِكَ فَتْحُ التَّاءِ ⦗٢١٤⦘ مِنْ ﴿تَعْرِفُ﴾ [الحج: ٧٢] وَنَصْبُ ﴿نَضْرَةَ﴾ [الإنسان: ١١]
٢٤ / ٢١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] يَقُولُ: يُسْقَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَارُ مِنْ خَمْرٍ صِرْفٍ لَا غِشَّ فِيهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ٢١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] قَالَ: مِنَ الْخَمْرِ
٢٤ / ٢١٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] يَعْنِي بِالرَّحِيقِ: الْخَمْرَ
٢٤ / ٢١٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] قَالَ: خَمْرٌ
٢٤ / ٢١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الرَّحِيقُ: الْخَمْرُ
٢٤ / ٢١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿رَحِيقٍ﴾ [المطففين: ٢٥]⦗٢١٥⦘ قَالَ: هُوَ الْخَمْرُ
٢٤ / ٢١٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] يَقُولُ: الْخَمْرُ
٢٤ / ٢١٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] الرَّحِيقُ الْمَخْتُومُ: الْخَمْرُ قَالَ حَسَّانٌ:
[البحر الكامل] يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ الْبَرِيصَ عَلَيْهِمُ … بَرَدَى يُصَفَّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
[البحر الكامل] يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ الْبَرِيصَ عَلَيْهِمُ … بَرَدَى يُصَفَّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
٢٤ / ٢١٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] قَالَ: هُوَ الْخَمْرُ
٢٤ / ٢١٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: الرَّحِيقُ: الْخَمْرُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿مَخْتُومٌ خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] فَإِنَّ أَهْلَ الْتَأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: مَمْزُوجٌ مَخْلُوطٌ، مِزَاجُهُ وَخِلْطُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: لَيْسَ بِخَاتَمٍ، وَلَكِنْ خِلْطٌ
٢٤ / ٢١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالْخَاتَمِ الَّذِي يُخْتَمُ، أَمَا سَمِعْتُمُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ تَقُولُ: طِيبُ كَذَا وَكَذَا خِلْطُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عنْ مَنْ ذَكَرَهُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: خِلْطُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﴿مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] قَالَ: مَمْزُوجٌ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: طَعْمُهُ وَرِيحُهُ
٢٤ / ٢١٦
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: طَعْمُهُ وَرِيحُهُ مِسْكٌ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ آخِرَ شَرَابِهِمْ يُخْتَمُ بِمِسْكٍ يُجْعَلُ فِيهِ
٢٤ / ٢١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] يَقُولُ: الْخَمْرُ: خُتِمَ بِالْمِسْكِ
٢٤ / ٢١٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: طَيَّبَ اللَّهُ لَهُمُ الْخَمْرَ، فَكَانَ آخِرُ شَيْءٍ جُعِلَ فِيهَا حَتَّى تُخْتَمَ، الْمِسْكَ
٢٤ / ٢١٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ، قَوْمٌ تُمْزَجُ لَهُمْ بِالْكَافُورِ، وَتُخْتَمُ بِالْمِسْكِ
٢٤ / ٢١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ طَيَّبَ اللَّهُ لَهُمُ الْخَمْرَ، فَوَجَدُوا فِيهَا فِي آخِرِ شَيْءٍ مِنْهَا، رِيحَ الْمِسْكِ
٢٤ / ٢١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] فَالشَّرَابُ أَبْيَضُ مِثْلُ الْفَضْلَةِ، يَخْتُمُونَ بِهِ شَرَابَهُمْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، لَمْ يَبْقَ ذُو رُوحٍ إِلَّا وَجَدَ طِيبَهَا وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] مُطَيَّنٌ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] طِينُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي ⦗٢١٩⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ
٢٤ / ٢١٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥] الْخَمْرُ ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] خِتَامُهُ عِنْدَ اللَّهِ مِسْكٌ، وَخِتَامُهَا الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا طِينٌ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: آخِرُهُ وَعَاقِبَتُهُ مِسْكٌ: أَيْ هِيَ طَيِّبَةُ الرِّيحِ، إِنَّ رِيحَهَا فِي آخِرِ شُرْبِهِمْ، يُخْتَمُ لَهَا بِرِيحِ الْمِسْكِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْخَتْمِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا الطَّبْعُ، وَالْفَرَاغُ كَقَوْلِهِمْ: خَتَمَ فُلَانٌ الْقُرْآنَ: إِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهِ، فَإِذَا كَانَ لَا وَجْهَ لِلطَّبْعِ عَلَى شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، يُفْهَمُ إِذَا كَانَ شَرَابُهُمْ جَارِيًا جَرْيَ الْمَاءِ فِي الْأَنْهَارِ، وَلَمْ يَكُنْ مُعَتَّقًا فِي الدِّنَانِ، فَيُطَيَّنُ عَلَيْهَا وَتَخْتَمُ، تَعَيَّنَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْعَاقِبَةُ وَالْمَشْرُوبُ آخِرًا، وَهُوَ الَّذِي خُتِمَ بِهِ الشَّرَابُ. وَأَمَّا الْخَتْمُ بِمَعْنَى الْمَزْجِ، فَلَا نَعْلَمُهُ مَسْمُوعًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿خِتَامُهُ
٢٤ / ٢١٩
مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦] سِوَى الْكِسَائِيِّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ: (خَاتَمُهُ مِسْكٌ) وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ: مَا عَلَيْهِ قَرَأَةُ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ ﴿خِتَامُهُ﴾ [المطففين: ٢٦] لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ، وَالْخِتَامُ وَالْخَاتَمُ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ، فَإِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّ الْخَاتَمَ اسْمٌ، وَالْخِتَامُ مَصْدَرٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
[البحر الوافر] فَبِتْنَ بِجَانِبَيَّ مُصَرَّعَاتٍ … وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلَاقَ الْخِتَامِ
وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هُوَ كَرِيمُ الطَّبَائِعِ وَالطِّبَاعِ
[البحر الوافر] فَبِتْنَ بِجَانِبَيَّ مُصَرَّعَاتٍ … وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلَاقَ الْخِتَامِ
وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هُوَ كَرِيمُ الطَّبَائِعِ وَالطِّبَاعِ
٢٤ / ٢٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِي هَذَا النَّعِيمِ الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَعْطَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَارَ فِي الْقِيَامَةِ، فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ. وَالتَّنَافُسُ: أَنْ يَنْفِسَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ يَكُونُ لَهُ، وَيَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ دُونَهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّيْءِ النَّفِيسِ، وَهُوَ الَّذِي تَحْرِصْ عَلَيْهِ نُفُوسُ النَّاسِ، وَتَطْلُبُهُ وَتَشْتَهِيهِ، وَكَانَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ: فَلْيَجِدَّ النَّاسُ فِيهِ، وَإِلَيْهِ فَلْيَسْتَبِقُوا فِي طَلَبِهِ، وَلْتَحْرِصْ عَلَيْهِ نُفُوسُهُمْ
٢٤ / ٢٢٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِزَاجُ هَذَا الرَّحِيقِ مِنْ تَسْنِيمٍ؛ وَالتَّسْنِيمُ: التَّفْعِيلُ مِنْ قَوْلِ ⦗٢٢١⦘ الْقَائِلِ: سَنَّمْتُهُمُ الْعَيْنَ تَسْنِيمًا: إِذَا أَجْرَيْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَكَانَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: وَمِزَاجُهُ مِنْ مَاءٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَيَنْحَدِرُ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ كَانَ مُجَاهِدٌ وَالْكَلْبِيُّ يَقُولَانِ فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ
٢٤ / ٢٢٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: تَسْنِيمٍ: يَعْلُو
٢٤ / ٢٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: تَسْنِيمٌ يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَهُوَ شَرَابُ الْمُقَرَّبِينَ وَأَمَّا سَائِرُ أَهْلِ الْتَأْوِيلِ، فَقَالُوا: هُوَ عَيْنٌ يُمْزَجُ بِهَا الرَّحِيقُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا الْمُقَرَّبُونَ، فَيَشْرَبُونَهَا صَرْفًا
٢٤ / ٢٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ يَشْرَبُهَا الْمُقَرَّبُونَ، وَتُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ
٢٤ / ٢٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: يَشْرَبُهُ الْمُقَرَّبُونَ صَرْفًا، وَيُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ
٢٤ / ٢٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ يَشْرَبُهَا الْمُقَرَّبُونَ صَرْفًا، وَتُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ
٢٤ / ٢٢٢
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] قَالَ: يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، وَتُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ
٢٤ / ٢٢٢
حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: فِي الْجَنَّةِ عَيْنٌ يَشْرَبُ مِنْهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، وَتُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
٢٤ / ٢٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] صِرْفًا، وَيُمْزَجُ فِيهَا لِمَنْ دُونَهُمْ
٢٤ / ٢٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: التَّسْنِيمُ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ يَشْرَبُهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا وَتُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
٢٤ / ٢٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ، وَيُمْزَجُ فِيهَا لِمَنْ دُونَهُمْ
٢٤ / ٢٢٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي. قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] عَيْنًا مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ، تُمْزَجُ بِهِ الْخَمْرُ
٢٤ / ٢٢٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّهُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ
٢٤ / ٢٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] قَالَ: هُوَ أَشْرَفُ شَرَابٍ فِي الْجَنَّةِ، هُوَ لِلْمُقَرَّبِينَ صِرْفٌ، وَهُوَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ مِزَاجٌ
٢٤ / ٢٢٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] شَرَابٌ شَرِيفٌ، عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ يَشْرَبُهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، وَتُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
٢٤ / ٢٢٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهَا عَيْنٌ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، وَهِيَ مِزَاجُ هَذِهِ الْخَمْرِ: يَعْنِي مِزَاجَ الرَّحِيقِ
٢٤ / ٢٢٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ وَمِزَاجُ الرَّحِيقِ مِنْ عَيْنٍ تُسَنَّمُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَتَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ ﴿يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] مِنَ اللَّهِ صِرْفًا، وَتُمْزَجُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَاخْتَلَفَتْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ: ﴿عَيْنًا﴾ [البقرة: ٦٠] قَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ نَصْبَهُ عَلَى يُسْقَوْنَ عَيْنًا. وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مَدْحًا، فَيُقْطَعُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، فَكَأَنَّكَ تَقُولُ: أَعْنِي عَيْنًا وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: نَصْبُ الْعَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُنْوَى مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنٌ، فَإِذَا نُوِّنَتْ نُصِبَتْ، كَمَا قَالَ: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا﴾ [البلد: ١٥] وَكَمَا قَالَ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا
٢٤ / ٢٢٤
أَحْيَاءً﴾ [المرسلات: ٢٥] وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يُنْوَى مِنْ مَاءٍ سُنِّمَ عَيْنًا، كَقَوْلِكَ: رَفَعَ عَيْنًا يُشْرَبُ بِهَا. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنِ التَّسْنِيمُ اسْمًا لِلْمَاءِ، فَالْعَيْنُ نَكِرَةٌ، وَالتَّسْنِيمُ مَعْرِفَةٌ، وَإِنْ كَانَ اسْمًا لِلْمَاءِ، فَالْعَيْنُ نَكِرَةٌ فَخَرَجَتْ نَصْبًا. وَقَالَ آخَرُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] مَعْرِفَةٌ، ثُمَّ قَالَ ﴿عَيْنًا﴾ [البقرة: ٦٠] فَجَاءَتْ نَكِرَةً، فَنَصَبَتْهَا صِفَةٌ لَهَا. وَقَالَ آخَرُ نُصِبَتْ بِمَعْنَى: مِنْ مَاءٍ يُتَسَنَّمُ عَيْنًا وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ التَّسْنِيمَ اسْمٌ مَعْرِفَةٌ، وَالْعَيْنُ نَكِرَةٌ، فَنُصِبَتْ لِذَلِكَ إِذْ كَانَتْ صِفَةً لَهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ لَمَا قَدْ قَدَّمْنَا مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْ أَهْلِ الْتَأْوِيلِ، أَنَّ التَّسْنِيمَ هُوَ الْعَيْنُ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَيْنَ إِذْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً وَهِيَ نَكِرَةٌ، أَنَّ التَّسْنِيمَ مَعْرِفَةٌ
٢٤ / ٢٢٥
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ اكْتَسَبُوا الْمَآثِمَ، فَكَفَرُوا بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا، كَانُوا فِيهَا مِنَ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَصَدَّقُوا بِهِ، يَضْحَكُونَ، اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ بِهِمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ٢٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٢٩] فِي الدُّنْيَا، يَقُولُونَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ ⦗٢٢٦⦘ لِكَذِبَةٌ، وَمَا هُمْ عَلَى شَيْءٍ، اسْتِهْزَاءً بِهِمْ
٢٤ / ٢٢٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ﴾ [المطففين: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إِذَا مَرَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ؛ يَقُولُ: كَانَ بَعْضُهُمْ يَغْمِزُ بَعْضًا بِالْمُؤْمِنِ، اسْتِهْزَاءً بِهِ وَسُخْرِيَةً
٢٤ / ٢٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ [المطففين: ٣١] يَقُولُ: وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ إِذَا انْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِهِمْ مِنْ مَجَالِسِهِمُ انْصَرَفُوا نَاعِمِينَ مُعْجَبِينَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ٢٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿انْقَلَبُوا فَاكِهِينَ﴾ قَالَ: مُعْجَبِينَ
٢٤ / ٢٢٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ [المطففين: ٣١] قَالَ: انْقَلَبَ نَاعِمًا، قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ أُعْقِبَ النَّارَ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَعْنَى فَاكِهِينَ وَفَكِهِينَ، فَيَقُولُ: مَعْنَى فَاكِهِينَ نَاعِمِينَ، وَفَكِهِينَ: مَرِحِينَ. وَكَانَ غَيْرُهُ يَقُولُ: ذَلِكَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ طَامِعٍ وَطَمِعٍ، وَبَاخِلٍ وَبَخِلٍ
٢٤ / ٢٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ [المطففين: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا رَأَى الْمُجْرِمُونَ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا لَهُمْ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ، عَنْ مَحَجَّةِ الْحَقِّ، وَسَبِيلِ الْقَصْدِ
٢٤ / ٢٢٧
﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ﴾ [المطففين: ٣٣] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَا بُعِثَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْقَائِلُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ، حَافِظَيْنِ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ يَقُولُ: إِنَّمَا كُلِّفُوا الْإِيمَانَ بِاللَّهِ، وَالْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ، وَلَمْ يُجْعَلُوا رُقَبَاءَ عَلَى غَيْرِهِمْ يَحْفَظُونَ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَيَتَفَقَّدُونَهَا
٢٤ / ٢٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين: ٣٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَالْيَوْمَ﴾ [الأعراف: ٥١] وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٤] بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا ﴿مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣] فِيهَا ﴿يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ [المطففين: ٣٤] يَقُولُ: عَلَى سُرُرِهِمُ الَّتِي فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَالْكُفَّارُ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ٢٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ [المطففين: ٣٥] قَالَ: يَعْنِي السُّرُرَ الْمَرْفُوعَةَ عَلَيْهَا الْحِجَالُ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ السُّورَ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يُفْتَحُ لَهُمْ فِيهِ أَبْوَابٌ، فَيَنْظُرُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى السُّرُرِ يَنْظُرُونَ كَيْفَ يُعَذَّبُونَ، فَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا أَقَرَّ ⦗٢٢٨⦘ اللَّهُ بِهِ أَعْيُنَهُمْ، كَيْفَ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُمْ
٢٤ / ٢٢٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٣٤] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: إِنَّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ كُوًى، فَإِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِنُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَدُوٍّ كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ الْكُوَى، قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥] أَيْ فِي وَسَطِ النَّارِ. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ رَأَى جَمَاجِمَ الْقَوْمِ تَغْلِي
٢٤ / ٢٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ كَعْبٌ: إِنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَبَيْنَ أَهْلِ النَّارِ كُوًى، لَا يَشَاءُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ إِلَّا فَعَلَ
٢٤ / ٢٢٨
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ [المطففين: ٣٥] كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: السُّورُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُفْتَحُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَبْوَابٌ، فَيَنْظُرُونَ وَهُمْ عَلَى السُّرُرِ إِلَى أَهْلِ النَّارِ كَيْفَ يُعَذَّبُونَ، فَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ أَعْيُنَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى عَدُوِّهِمْ كَيْفَ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُمْ
٢٤ / ٢٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٣٤] قَالَ: يُجَاءُ بِالْكُفَّارِ، حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، عَلَى ⦗٢٢٩⦘ سُرُرٍ، فَحِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ تُغْلَقُ دُونَهُمُ الْأَبْوَابُ، وَيَضْحَكُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْهُمْ، فَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ [المطففين: ٣٥]
٢٤ / ٢٢٨
وَقَوْلُهُ: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَلْ أُثِيبَ الْكُفَّارُ وَجُزُوا ثَوَابَ مَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ سُخْرِيَتِهِمْ مِنْهُمْ، وَضَحِكِهِمْ بِهِمْ، بِضَحِكِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ، وَهُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ وَ﴿ثُوِّبَ﴾ [المطففين: ٣٦] فُعِّلَ مِنَ الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: ثَوَّبَ فُلَانٌ فُلَانًا عَلَى صَنِيعِهِ، وَأَثَابَهُ مِنْهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ / ٢٢٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين: ٣٦] قَالَ: جُزِيَ
٢٤ / ٢٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين: ٣٦] حِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ
أخبار تونس نور العقيدة، أساس العلم، وحقائق الكون !