مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا تِسْعَ عَشْرَةَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ / ٣٠٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: عَظِّمْ رَبَّكَ الْأَعْلَى، لَا رَبَّ أَعْلَى مِنْهُ وَأَعْظَمُ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ إِذَا قَرَأَ ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى
٢٤ / ٣٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) قَالَ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَذَلِكَ»
٢٤ / ٣٠٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رضي الله عنه قَرَأَ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى “
٢٤ / ٣٠٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ إِذَا قَرَأَ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، وَإِذَا قَرَأَ: ﴿لَا أَقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] فَأَتَى عَلَى آخِرِهَا ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: ٤٠] يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبَلَى “
٢٤ / ٣١٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى»
٢٤ / ٣١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: نَزِّهْ يَا مُحَمَّدُ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، أَنْ تُسَمِّيَ بِهِ شَيْئًا سِوَاهُ، يَنْهَاهُ بِذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونِ، مِنْ تَسْمِيَتِهِمْ آلِهَتَهُمْ بَعْضَهَا اللَّاتَ وَبَعْضَهَا الْعُزَّى. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: نَزِّهِ اللَّهَ عَمَّا يَقُولُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ كَمَا قَالَ: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨] وَقَالُوا: مَعْنَى ذَلِكَ: سَبِّحْ رَبَّكَ الْأَعْلَى؛ قَالُوا: وَلَيْسَ الِاسْمُ مَعْنِيًّا. وَقَالَ آخَرُونَ: نَزِّهْ تَسْمِيَتَكَ يَا مُحَمَّدُ رَبَّكَ الْأَعْلَى وَذِكْرَكَ إِيَّاهُ، أَنْ تَذْكُرَهُ ⦗٣١١⦘ إِلَّا وَأَنْتَ لَهُ خَاشِعٌ مُتَذَلِّلٌ؛ قَالُوا وَإِنَّمَا عُنِيَ بِالِاسْمِ: التَّسْمِيَةُ، وَلَكِنْ وُضِعَ الِاسْمُ مَكَانَ الْمَصْدَرِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]: صَلِّ بِذِكْرِ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي بِذَلِكَ: صَلِّ وَأَنْتَ لَهُ ذَاكِرٌ، وَمِنْهُ وَجِلٌ خَائِفٌ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: نَزِّهِ اسْمَ رَبِّكَ أَنْ تَدْعُوَ بِهِ الْآلِهَةَ وَالْأَوْثَانَ، لِمَا ذَكَرْتُ مِنَ الْأَخْبَارِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَرَءُوا ذَلِكَ قَالُوا: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مَعْلُومًا: عَظِّمِ اسْمَ رَبِّكَ، وَنَزِّهْهُ
٢٤ / ٣١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾ [الأعلى: ٢] يَقُولُ: الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاءَ فَسَوَّى خَلْقَهَا وَعَدَّلَهَا؛ ﴿وَالتَّسْوِيَةُ: التَّعْدِيلُ﴾ ١
٢٤ / ٣١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِي قَدَّرَ خَلْقَهُ فَهَدَى. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَهَدَى﴾ [البقرة: ٢١٣]، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَدَى الْإِنْسَانَ لِسَبِيلِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْبَهَائِمَ لِلْمَرَاتِعِ
٢٤ / ٣١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٣] قَالَ: هَدَى الْإِنْسَانَ لِلشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَةِ، وَهَدَى الْأَنْعَامَ ⦗٣١٢⦘ لِمَرَاتِعِهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: هَدَى الذُّكُورَ لِمَأْتَى الْإِنَاثِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ اللَّهَ عَمَّ بِقَوْلِهِ ﴿فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٣] الْخَبَرَ عَنْ هِدَايَتِهِ خَلْقَهُ، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى دُونَ مَعْنًى، وَقَدْ هَدَاهُمْ لِسَبِيلِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَهَدَى الذُّكُورَ لِمَأْتَى الْإِنَاثِ، فَالْخَبَرُ عَلَى عُمُومِهِ، حَتَّى يَأْتِيَ خَبَرٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، دَالٌّ عَلَى خُصُوصِهِ. وَاجْتَمَعَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى تَشْدِيدِ الدَّالِ مِنْ قَدَّرَ، غَيْرَ الْكِسَائِيِّ فَإِنَّهُ خَفَّفَهَا. وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ التَّشْدِيدُ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ
٢٤ / ٣١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ [الأعلى: ٤] يَقُولُ: وَالَّذِي أَخْرَجَ مِنَ الْأَرْضِ مَرْعَى الْأَنْعَامِ، مِنْ صُنُوفِ النَّبَاتِ وَأَنْوَاعِ الْحَشِيشِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ / ٣١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَ ثنا الْحَفَرِيُّ، قَالَ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، «﴿أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ [الأعلى: ٤] قَالَ النَّبَاتَ»
٢٤ / ٣١٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ [الأعلى: ٤] الْآيَةُ، نَبَتَ كَمَا رَأَيْتُمْ، بَيْنَ أَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وَأَبْيَضَ»
٢٤ / ٣١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ [الأعلى: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَجَعَلَ ذَلِكَ الْمَرْعَى غُثَاءً، وَهُوَ مَا جَفَّ مِنَ النَّبَاتِ وَيَبِسَ، فَطَارَتْ بِهِ الرِّيحُ؛ وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ هَاهُنَا أَنَّهُ جَعَلَهُ هَشِيمًا يَابِسًا مُتَغَيِّرًا إِلَى الْحُوَّةِ، وَهِيَ السَّوَادُ، مِنَ الْبَيَاضِ أَوِ الْخُضْرَةِ، مِنْ شِدَّةِ الْيُبْسِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ / ٣١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿غُثَاءً أَحْوَى﴾ [الأعلى: ٥] يَقُولُ: هَشِيمًا مُتَغَيِّرًا»
٢٤ / ٣١٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿غُثَاءً أَحْوَى﴾ [الأعلى: ٥] قَالَ: غُثَاءُ السَّيْلِ أَحْوَى، قَالَ: أَسْوَدُ»
٢٤ / ٣١٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ⦗٣١٤⦘: «﴿غُثَاءً أَحْوَى﴾ [الأعلى: ٥] قَالَ: يَعُودُ يَبَسًا بَعْدَ خُضْرَةٍ»
٢٤ / ٣١٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ [سورة: الأعلى، آية رقم: ٥] قَالَ: كَانَ بَقْلًا وَنَبَاتًا أَخْضَرَ، ثُمَّ هَاجَ فَيَبُسَ، فَصَارَ غُثَاءً أَحْوَى، تَذْهَبُ بِهِ الرِّيَاحُ وَالسُّيُولُ» وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُؤَخَّرِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيمُ، وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى أَحْوَى: أَيْ أَخْضَرَ إِلَى السَّوَادِ، فَجَعَلَهُ غُثَاءً بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَعْتَلُّ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
[البحر البسيط] حَوَّاءُ قَرْحَاءُ أَشْرَاطِيَّةٌ وَكَفَتْ … فِيهَا الذَّهَابُ وَحَفَّتْهَا الْبَرَاعِيمُ
وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَدْفُوعٍ أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَدَّتْ خُضْرَتُهُ مِنَ النَّبَاتِ، قَدْ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ أَسْوَدَ، غَيْرَ صَوَابٍ عِنْدِي بِخِلَافِهِ تَأْوِيلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي أَنَّ الْحَرْفَ إِنَّمَا يَحْتَالُ لِمَعْنَاهُ الْمَخْرَجُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ مَفْهُومٌ إِلَّا بِتَقْدِيمِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ، فَإِمَّا وَلَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَجْهٌ صَحِيحٌ فَلَا وَجْهَ لِطَلَبِ الِاحْتِيَالِ لِمَعْنَاهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [سورة:] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
[البحر البسيط] حَوَّاءُ قَرْحَاءُ أَشْرَاطِيَّةٌ وَكَفَتْ … فِيهَا الذَّهَابُ وَحَفَّتْهَا الْبَرَاعِيمُ
وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَدْفُوعٍ أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَدَّتْ خُضْرَتُهُ مِنَ النَّبَاتِ، قَدْ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ أَسْوَدَ، غَيْرَ صَوَابٍ عِنْدِي بِخِلَافِهِ تَأْوِيلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي أَنَّ الْحَرْفَ إِنَّمَا يَحْتَالُ لِمَعْنَاهُ الْمَخْرَجُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ مَفْهُومٌ إِلَّا بِتَقْدِيمِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ، فَإِمَّا وَلَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَجْهٌ صَحِيحٌ فَلَا وَجْهَ لِطَلَبِ الِاحْتِيَالِ لِمَعْنَاهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [سورة:] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
٢٤ / ٣١٤
سَنُقْرِئُكَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا الْقُرْآنَ فَلَا تَنْسَاهُ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [سورة: الأعلى، آية رقم: ٧] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ هَذَا الْقُرْآنَ، وَيَحْفَظُهُ عَلَيْهِ، وَنُهِيَ مِنْهُ أَنْ يَعْجَلَ بِقِرَاءَتِهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [سورة: القيامة، آية رقم: ١٦]
٢٤ / ٣١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [سورة:] قَالَ: كَانَ يَتَذَكَّرُ الْقُرْآنَ فِي نَفْسِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَى» فَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةَ: مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى النِّسْيَانِ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَلَا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَنْسَاهُ، وَلَا تَذْكُرْهُ، قَالُوا: ذَلِكَ هُوَ مَا نَسَخَهُ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَرَفَعَ حُكْمَهُ وَتِلَاوَتَهُ
٢٤ / ٣١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ كَانَ ﷺ لَا يَنْسَى شَيْئًا ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١٢٨]»
٢٤ / ٣١٥
وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى النِّسْيَانِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: التَّرْكُ؛ وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: سَنُقْرِئُكَ يَا مُحَمَّدُ فَلَا تَتْرُكِ الْعَمَلَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَتْرُكَ الْعَمَلَ بِهِ، مِمَّا نَنْسَخُهُ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: لَمْ يَشَأِ اللَّهُ أَنْ تَنْسَى شَيْئًا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ وَلَا يَشَاءُ. قَالَ: وَأَنْتَ قَائِلٌ فِي الْكَلَامِ: لَأُعْطِيَنَّكَ كُلَّ مَا سَأَلْتَ إِلَّا مَا شِئْتَ، وَإِلَّا أَنْ أَشَاءَ أَنْ أَمْنَعَكَ، وَالنِّيَّةُ أَنْ لَا تَمْنَعَهُ، وَلَا تَشَاءَ شَيْئًا. قَالَ: وَعَلَى هَذَا مَجَارِي الْأَيْمَانُ، يُسْتَثْنَى فِيهَا، وَنِيَّةُ الْحَالِفِ: اللِّمَامُ. وَالْقَوْلُ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي، قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَلَا تَنْسَى إِلَّا أَنْ نَشَاءَ نَحْنُ أَنْ نُنْسِيَكَهُ بِنَسْخِهِ وَرَفْعِهِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَرُ مَعَانِيهِ
٢٤ / ٣١٦
وَقَوْلُهُ ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ [الأعلى: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْجَهْرَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ عَمَلِكَ، مَا أَظْهَرْتَهُ وَأَعْلَنْتَهُ ﴿وَمَا يَخْفَى﴾ [إبراهيم: ٣٨] يَقُولُ: وَمَا يَخْفَى مِنْهُ فَلَمْ تُظْهِرْهُ، مِمَّا كَتَمْتَهُ، يَقُولُ: هُوَ يَعْلَمُ جَمِيعَ أَعْمَالِكَ، سِرَّهَا وَعَلَانِيَتَهَا؛ يَقُولُ: فَاحْذَرْهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْكَ وَأَنْتَ عَامِلٌ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِكَ بِغَيْرِ الَّذِي أَذِنَ لَكَ بِهِ
٢٤ / ٣١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ⦗٣١٧⦘ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَنُسَهِّلُكَ يَا مُحَمَّدُ لِعَمَلِ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْيُسْرَى؛ وَالْيُسْرَى: هُوَ الْفُعْلَى مِنَ الْيُسْرِ
٢٤ / ٣١٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ [الأعلى: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَذَكِّرْ عِبَادَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ عَظَمَتَهُ، وَعِظْهُمْ، وَحَذِّرْهُمْ عُقُوبَتَهُ ﴿إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ [الأعلى: ٩] يَقُولُ: إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى الَّذِينَ قَدْ آيَسْتُكَ مِنْ إِيمَانِهِمْ، فَلَا تَنْفَعُهُمُ الذِّكْرَى. وَقَوْلُهُ ﴿فَذَكِّرْ﴾ [ق: ٤٥] أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ ﷺ بِتَذْكِيرِ جَمِيعِ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ آيَسْتُكَ مِنْ إِيمَانِهِمْ. وَقَوْلُهُ: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ [الأعلى: ١٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: سَيَذَّكَّرُ يَا مُحَمَّدُ إِذْ ذَكَّرْتَ الَّذِينَ أَمَرْتُكَ بِتَذْكِيرِهِمْ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ، وَيَخَافُ عِقَابَهُ. ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ [الأعلى: ١١] يَقُولُ: وَيَتَجَنَّبُ الذِّكْرَى ﴿الْأَشْقَى﴾ [الأعلى: ١١] يَعْنِي: أَشْقَى الْفَرِيقَيْنِ ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ [الأعلى: ١٢] وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ تَنْفَعْهُمُ الذِّكْرَى. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ / ٣١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ [الأعلى: ١٠] فَاتَّقُوا اللَّهَ، مَا خَشِيَ اللَّهَ عَبْدٌ قَطُّ إِلَّا ذَكَرَهُ ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ [الأعلى: ١١] فَلَا وَاللَّهِ لَا يَتَنَكَّبُ عَبْدٌ هَذَا الذِّكْرَ زُهْدًا فِيهِ وَبُغْضًا لِأَهْلِهِ، ⦗٣١٨⦘ إِلَّا شَقِيٌّ بَيِّنُ الشَّقَاءِ»
٢٤ / ٣١٧
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ [الأعلى: ١٢] يَقُولُ: الَّذِي يَرُدُّ نَارَ جَهَنَّمَ، وَهِيَ النَّارُ الْكُبْرَى، وَيَعْنِي بِالْكُبْرَى لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْأَلَمِ
٢٤ / ٣١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا﴾ يَقُولُ: ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِي النَّارِ الْكُبْرَى وَلَا يَحْيَا، وَذَلِكَ أَنَّ نَفَسَ أَحَدِهِمْ تَصِيرُ فِيهَا فِي حَلْقِهِ، فَلَا تَخْرُجُ فَتُفَارِقُهُ فَيَمُوتُ، وَلَا تَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِهَا مِنَ الْجِسْمِ فَيَحْيَا. وَقِيلَ: لَا يَمُوتُ فِيهَا فَيَسْتَرِيحُ، وَلَا يَحْيَا حَيَاةً تَنْفَعُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: قِيلَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا وَصَفَتِ الرَّجُلَ بِوُقُوعٍ فِي شِدَّةٍ شَدِيدَةٍ، قَالُوا: لَا هُوَ حَيٌّ، وَلَا هُوَ مَيِّتٌ، فَخَاطَبَهُمُ اللَّهُ بِالَّذِي جَرَى بِهِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ
٢٤ / ٣١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَدْ نَجَحَ وَأَدْرَكَ طِلْبَتَهُ مَنْ تَطَهَّرَ مِنَ الْكُفْرِ وَمَعَاصِي اللَّهِ، وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، فَأَدَّى فَرَائِضَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
٢٤ / ٣١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] يَقُولُ: مَنْ تَزَكَّى مِنَ الشِّرْكِ»
٢٤ / ٣١٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] قَالَ: مَنْ كَانَ عَمَلُهُ زَاكِيًا»
٢٤ / ٣١٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] قَالَ: يَعْمَلُ وَرَعًا»
٢٤ / ٣١٩
حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ
٢٤ / ٣١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] قَالَ: مِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَرْضَخَ فَلْيَفْعَلْ، ثُمَّ لْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ»
٢٤ / ٣١٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ: «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] قَالَ: مَنْ رَضَخَ»
٢٤ / ٣٢٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ سَائِلٌ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَلْيُقَدِّمْ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتِهِ زَكَاتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتِهِ زَكَاةً فَلْيَفْعَلْ “
٢٤ / ٣٢٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: ١٤] تَزَكَّى رَجُلٌ مِنْ مَالِهِ، وَأَرْضَى خَالِقَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ زَكَاةَ الْفِطْرِ
٢٤ / ٣٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمُلِيُّ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ، فَقَالَ لِي: إِذَا غَدَوْتَ غَدًا إِلَى الْعِيدِ فَمُرَّ بِي، قَالَ: فَمَرَرْتُ بِهِ، فَقَالَ: هَلْ طَعِمْتَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَضْتَ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْمَاءِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَا فَعَلْتَ بِزَكَاتِكَ؟ قُلْتُ: قَدْ وَجَّهْتُهَا، قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُكَ لِهَذَا، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] وَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ صَدَقَةً أَفْضَلَ مِنْهَا، وَمِنْ سِقَايَةِ الْمَاءِ “
٢٤ / ٣٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَحَّدَ اللَّهَ
٢٤ / ٣٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] يَقُولُ: وَحَّدَ اللَّهَ سبحانه وتعالى» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَذَكَرَ اللَّهَ وَدَعَاهُ وَرَغِبَ إِلَيْهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ: وَذَكَرَ اللَّهَ فَوَحَّدَهُ، وَدَعَاهُ وَرَغِبَ إِلَيْهِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذِكْرِهِ نَوْعًا دُونَ نَوْعٍ
٢٤ / ٣٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ: فَصَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخُمْسَ
٢٤ / ٣٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥] يَقُولُ: صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخُمْسَ» وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِهِ: صَلَاةُ الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ ٠ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِهِ: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَدَعَا؛ وَقَالُوا: الصَّلَاةُ هَاهُنَا: الدُّعَاءُ. ⦗٣٢٢⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥]: الصَّلَوَاتِ، وَذَكَرَ اللَّهَ فِيهَا بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالدُّعَاءِ
٢٤ / ٣٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [الأعلى: ١٦] يَقُولُ لِلنَّاسِ: بَلْ تُؤْثِرُونَ أَيُّهَا النَّاسُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَبْقَى يَقُولُ: وَزِينَةُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَأَبْقَى بَقَاءً، لِأَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ، وَالْآخِرَةَ بَاقِيَةٌ، لَا تَنْفَدُ وَلَا تَفْنَى. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ / ٣٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [الأعلى: ١٦] فَاخْتَارَ النَّاسُ الْعَاجِلَةَ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ٧٧] فِي الْخَيْرِ ﴿وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٧] فِي الْبَقَاءِ»
٢٤ / ٣٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: اسْتَقْرَأْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَلَمَّا بَلَغَ: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [الأعلى: ١٦] تَرَكَ الْقِرَاءَةَ، وَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: آثَرْنَا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: آثَرْنَا الدُّنْيَا لَأَنَّا رَأَيْنَا زِينَتَهَا وَنِسَاءَهَا وَطَعَامَهَا وَشَرَابَهَا، وَزُوِيَتْ عَنَّا الْآخِرَةُ، فَاخْتَرْنَا هَذَا الْعَاجِلَ، وَتَرَكْنَا الْآجِلَ ” وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [الأعلى: ١٦] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ ⦗٣٢٣⦘ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ﴾ [الأعلى: ١٦] بِالتَّاءِ، إِلَّا أَبَا عَمْرٍو، فَإِنَّهُ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ، وَقَالَ: يَعْنِي الْأَشْقِيَاءَ. وَالَّذِي لَا أُوثِرُ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ التَّاءُ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: «بَلْ أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ» فَذَلِكَ أَيْضًا شَاهِدٌ لِصِحَّةِ الْقِرَاءَةِ بِالتَّاءِ
٢٤ / ٣٢٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ [الأعلى: ١٨] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُشِيرَ بِهِ إِلَى الْآيَاتِ الَّتِي فِي ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]
٢٤ / ٣٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٩] يَقُولُ: الْآيَاتُ الَّتِي فِي سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» وَقَالَ آخَرُونَ: قِصَّةُ هَذِهِ السُّورَةِ
٢٤ / ٣٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ⦗٣٢٤⦘ ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٩] قَالَ: «قِصَّةُ هَذِهِ السُّورَةِ لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ هَذَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ ﴿لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ [الأعلى: ١٨]
٢٤ / ٣٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ حُمْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ [الأعلى: ١٨] قَالَ: إِنَّ هَذَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٩]» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٧] فِي الصُّحُفِ الْأُولَى
٢٤ / ٣٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ [الأعلى: ١٨] قَالَ: تَتَابَعَتْ كُتُبُ اللَّهِ كَمَا تَسْمَعُونَ، أَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ وَأَبْقَى»
٢٤ / ٣٢٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّ هَذَا ⦗٣٢٥⦘ لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٩] قَالَ: فِي الصُّحُفِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى: أَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الْأُولَى» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٤]: لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، وَصُحُفِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ. وَإِنَّمَا قُلْتُ: ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى حَاضِرٍ، فَلَأَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى مَا قَرُبَ مِنْهَا، أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا الصُّحُفُ: فَإِنَّهَا جَمْعُ صَحِيفَةٍ، وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهَا: كُتُبُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى
٢٤ / ٣٢٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخُلْدِ، قَالَ: «نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتِّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَمَانِي عَشْرَةَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ»