سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ

مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَمَانٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ ‏/ ٥٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ [الزلزلة: ١] لَقِيَامِ السَّاعَةِ ﴿زِلْزَالَهَا﴾ [الزلزلة: ١] فَرُجِّتْ رَجًّا؛ وَالزِّلْزَالُ: مَصْدَرٌ إِذَا كَسَرْتَ الزَّايَ، وَإِذَا فُتِحَتْ كَانَ اسْمًا؛ وَأُضِيفَ الزِّلْزَالُ إِلَى الْأَرْضِ وَهُوَ صِفَتُهَا، كَمَا يُقَالُ: لَأُكْرِمَنَّكَ كَرَامَتَكَ، بِمَعْنَى: لَأُكْرِمَنَّكَ كَرَامَةً. وَحَسُنَ ذَلِكَ فِي ﴿زِلْزَالَهَا﴾ [الزلزلة: ١] لِمُوَافَقَتِهَا رُءُوسَ الْآيَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا
٢٤ ‏/ ٥٥٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ عَلَى عَهْدِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: مَا لَكِ؟ أَمَا إِنَّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ قَامَتِ السَّاعَةُ
٢٤ ‏/ ٥٥٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] يَقُولُ: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ﴾ [الزلزلة: ٢] مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الْمَوْتَى أَحْيَاءً، وَالْمَيِّتُ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ ثُقْلٌ لَهَا، وَهُوَ فَوْقَ ظَهْرِهَا حَيًّا ثُقْلٌ عَلَيْهَا ⦗٥٥٩⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٥٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] قَالَ: «الْمَوْتَى»
٢٤ ‏/ ٥٥٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] قَالَ: «يَعْنِي الْمَوْتَى»
٢٤ ‏/ ٥٥٩
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبَى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] «مَنْ فِي الْقُبُورِ»
٢٤ ‏/ ٥٥٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾ [الزلزلة: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ النَّاسُ ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ [الزلزلة: ١] لَقِيَامِ السَّاعَةِ: مَا لِلْأَرْضِ وَمَا قِصَّتُهَا ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] . كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا
٢٤ ‏/ ٥٥٩
حَدَّثَنِي ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾ [الزلزلة: ٣] قَالَ: «الْكَافِرُ»
٢٤ ‏/ ٥٥٩
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] يَقُولُ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ﴾ [الزلزلة: ٤] الْأَرْضُ ﴿أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] . ⦗٥٦٠⦘ وَتَحْدِيثُهَا أَخْبَارَهَا، عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنْ تَتَكَلَّمَ فَتَقُولَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَأَوْحَى إِلَيَّ بِهِ، وَأَذِنَ لِي فِيهِ وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا
٢٤ ‏/ ٥٥٩
حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ مَرَّةً: (يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَهَا) وَمَرَّةً: ﴿تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] فَكَأَنَّ مَعْنَى تُحَدِّثُ كَانَ عِنْدَ سَعِيدٍ: تُنَبِّئُ، وَتَنْبِيئُهَا أَخْبَارَهَا: إِخْرَاجُهَا أَثْقَالَهَا مِنْ بَطْنِهَا إِلَى ظَهْرِهَا. وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلٌ عِنْدِي صَحِيحُ الْمَعْنَى، وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى: يَوْمَئِذٍ تُبَيِّنُ الْأَرْضُ أَخْبَارَهَا بِالزَّلْزَلَةِ وَالرَّجَّةِ، وَإِخْرَاجِ الْمَوْتَى مِنْ بُطُونِهَا إِلَى ظُهُورِهَا، بِوَحْيِ اللَّهِ إِلَيْهَا، وَإِذْنِهِ لَهَا بِذَلِكَ، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٥٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥]⦗٥٦١⦘ قَالَ: «أَمَرَهَا، فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ»
٢٤ ‏/ ٥٦٠
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] قَالَ: «أَمَرَهَا» وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: «يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَهَا» وَقِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا مَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ وَالْمَعَاصِي، وَمَا عَمِلُوا عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ
٢٤ ‏/ ٥٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] قَالَ: «مَا عَمِلَ عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا، قَالَ: أَعْلَمَهَا ذَلِكَ»
٢٤ ‏/ ٥٦١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] قَالَ: «مَا كَانَ فِيهَا، وَعَلَى ظَهْرِهَا مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ»
٢٤ ‏/ ٥٦١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة: ٤] قَالَ: «تُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا عَمِلُوا عَلَيْهَا، وَقِيلَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] أَوْحَى إِلَيْهَا»
٢٤ ‏/ ٥٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] قَالَ: أَوْحَى إِلَيْهَا
٢٤ ‏/ ٥٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾ [الزلزلة: ٦] قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ التَّأْخِيرُ بَعْدُ ﴿لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة: ٦] قَالُوا: وَوَجْهُ الْكَلَامِ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] ﴿لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة: ٦]، ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾ [الزلزلة: ٦] . قَالُوا: وَلَكِنَّهُ اعْتَرَضَ بَيْنَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾ [الزلزلة: ٦] عَنْ مَوْقِفِ الْحِسَابِ فِرَقًا مُتَفَرِّقِينَ، فَآخِذٌ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَآخِذٌ ذَاتَ الشِّمَالِ إِلَى النَّارِ
٢٤ ‏/ ٥٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة: ٦] يَقُولُ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾ [الزلزلة: ٦] مُتَفَرِّقِينَ، عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ، ﴿لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة: ٦]، فَيَرَى الْمُحْسِنُ فِي الدُّنْيَا، الْمُطِيعُ لِلَّهِ عَمَلَهُ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْكَرَامَةِ، عَلَى طَاعَتِهِ إِيَّاهُ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، وَيَرَى الْمُسِيءُ الْعَاصِي لِلَّهِ عَمَلَهُ. وَجَزَاءَ عَمَلِهِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْهَوَانِ وَالْخِزْيِ فِي جَهَنَّمَ، عَلَى مَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، وَكُفْرِهِ بِهِ
٢٤ ‏/ ٥٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] يَقُولُ: فَمَنْ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا وَزْنَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، يَرَى ثَوَابَهُ هُنَالِكَ
٢٤ ‏/ ٥٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] يَقُولُ: وَمَنْ كَانَ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا وَزْنَ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ يَرَى جَزَاءَهُ هُنَالِكَ، وَقِيلَ: وَمَنْ يَعْمَلْ، وَالْخَبَرُ عَنْهَا فِي الْآخِرَةِ، لِفَهْمِ السَّامِعِ ⦗٥٦٣⦘ مَعْنَى ذَلِكَ، لَمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الدَّلِيلِ قَبْلُ، عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: فَمَنْ عَمِلَ؛ ذَلِكَ دَلَالَةَ قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة: ٦] عَلَى ذَلِكَ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَ السَّامِعِينَ. وَكَانَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَعْمَلْ﴾ [النساء: ١١٠] حَثٌّ لِأَهْلِ الدُّنْيَا عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَالزَّجْرِ عَنْ مَعَاصِيهِ، مَعَ الَّذِي ذَكَرْتُ مِنْ دَلَالَةِ الْكَلَامِ قَبْلَ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَادٌ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ مَاضِي فِعْلِهِ، وَمَا لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، أَخْرَجَ الْخَبَرَ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنْ مُسْتَقْبَلِ الْفِعْلِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ أَنَّ جَمِيعَهُمْ يَرَوْنَ أَعْمَالَهُمْ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٥٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] قَالَ: «لَيْسَ مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ عَمِلَ خَيْرًا وَلَا شَرًّا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُرِيهِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَرُدُّ حَسَنَاتِهِ، وَيُعَذِّبُهُ بِسَيِّئَاتِهِ. وَقِيلَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَّا الْمُؤْمِنُ، فَيُعَجَّلُ لَهُ عُقُوبَةُ سَيِّئَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، وَيُؤَخَّرُ لَهُ ثَوَابُ حَسَنَاتِهِ، وَالْكَافِرُ يُعَجَّلُ لَهُ ثَوَابُ حَسَنَاتِهِ، وَيُؤَخَّرُ لَهُ عُقُوبَةُ سَيِّئَاتِهِ»
٢٤ ‏/ ٥٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ⦗٥٦٤⦘ حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، وَهُوَ يُفَسِّرُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [الزلزلة: ٧] قَالَ: “مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ مِنْ كَافِرٍ يَرَ ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ خَيْرٌ ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] مِنْ مُؤْمِنٍ يَرَ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ
٢٤ ‏/ ٥٦٣
حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] قَالَ: «مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ مِنْ كَافِرٍ، يَرَ ثَوَابَهَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ خَيْرٌ؛ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ مِنْ مُؤْمِنٍ، يَرَ عُقُوبَتَهَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى يَخْرُجَ وَلَيْسَ لَهُ شَرٌّ»
٢٤ ‏/ ٥٦٤
حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَأْكُلُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [الزلزلة: ٨] خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ ⦗٥٦٥⦘ اللَّهِ إِنِّي أُجْزَى بِمَا عَمِلْتُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ؟ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا رَأَيْتَ فِيَ الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَهُ فَمَثَاقِيلُ ذَرِّ الشَّرِّ، وَيَدَّخِرُ لَكَ اللَّهُ مَثَاقِيلَ الْخَيْرِ حَتَّى تَوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
٢٤ ‏/ ٥٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَانَ يَأْكُلُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ، وَقَالَ: إِنِّي لَرَاءٍ مَا عَمِلْتُ، قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: مَا عَمِلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مَا تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مَثَاقِيلُ ذَرِّ شَرٍّ كَثِيرٍ، وَيَدَّخِرُ اللَّهُ لَكَ مَثَاقِيلَ ذَرِّ الْخَيْرِ حَتَّى تُعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]
٢٤ ‏/ ٥٦٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: نَزَلَتْ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] وَأَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَمْسَكَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ⦗٥٦٦⦘ لَرَاءٍ مَا عَمِلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ؟ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ مَا رَأَيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ، فَهُوَ مِنْ مَثَاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِّ، وَيُدَّخَرُ مَثَاقِيلُ ذَرِّ الْخَيْرِ، حَتَّى تُعْطَوْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: فَأَرَى مِصْدَاقَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]
٢٤ ‏/ ٥٦٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانَ كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، هَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ»
٢٤ ‏/ ٥٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: «لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾»
٢٤ ‏/ ٥٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانَ، كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيَفُكُّ الْعَانِي، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهُ شَيْئًا؟ قَالَ: «لَا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾»
٢٤ ‏/ ٥٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ⦗٥٦٧⦘ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ: «لَا»
٢٤ ‏/ ٥٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَمَّنَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، هَلْ يَنْفَعُهَا عَمَلُهَا ذَلِكَ شَيْئًا؟ قَالَ: «لَا»، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صُدْرَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ
٢٤ ‏/ ٥٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَرَى حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَرَى حَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا»
٢٤ ‏/ ٥٦٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نَعَامَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَشِيرٍ الضَّبِّيُّ، جَدُّهُ سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، أَنَّ سَلْمَانَ بْنَ عَامِرٍ، جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَفِي بِالذِّمَّةِ، وَيُكْرِمُ الضَّيْفَ، ⦗٥٦٨⦘ قَالَ: «مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلِكَ»، فَوَلَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلَيَّ بِالشَّيْخِ» فَجَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّهَا لَنْ تَنْفَعَهُ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي عَقِبِهِ، فَلَنْ تَخْزَوْا أَبَدًا، وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَدًا، وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبَدًا
٢٤ ‏/ ٥٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطِيهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ»
٢٤ ‏/ ٥٦٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، قَالَ: ثني الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَحْسَنَ مِنْ مُحْسِنٍ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ إِلَّا وَقَعَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُ، أَوْ آجِلِ آخِرَتِهِ»
٢٤ ‏/ ٥٦٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ [الزلزلة: ١] وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَاعِدٌ، فَبَكَى حِينَ أُنْزِلَتْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» قَالَ: يُبْكِينِي هَذِهِ السُّورَةُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْلَا أَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، لَخَلَقَ ⦗٥٦٩⦘ اللَّهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تُنَبِّئُ عَنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِنَّمَا يَرَى عُقُوبَةَ سَيِّئَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، وَثَوَابَ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الْكَافِرَ يَرَى ثَوَابَ حَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، وَعُقُوبَةَ سَيِّئَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ مَا سَلَفَ لَهُ مِنْ إِحْسَانٍ فِي الدُّنْيَا مَعَ كُفْرِهِ
٢٤ ‏/ ٥٦٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، أَصْغَرُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ [الزلزلة: ١] حَتَّى بَلَغَ إِلَى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] قَالَ: إِنَّ هَذَا إِحْصَاءٌ شَدِيدٌ وَقِيلَ: إِنَّ الذَّرَّةَ دُودَةٌ حَمْرَاءُ لَيْسَ لَهَا وَزْنٌ
٢٤ ‏/ ٥٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْعَلَّافُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [الزلزلة: ٧] قَالَ ابْنُ سِنَانٍ فِي حَدِيثِهِ: «مِثْقَالَ ذَرَّةٍ حَمْرَاءَ»، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي حَدِيثِهِ: نَمْلَةٍ حَمْرَاءَ. قَالَ إِسْحَاقُ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: وَزَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الدُّودَةَ الْحَمْرَاءَ لَيْسَ لَهَا وَزْنٌ
٢٤ ‏/ ٥٦٩

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …