٢ – أول كتاب الصلاة -8

٢٩٩ – باب من رَخَّص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعةً
١١٥٦ – عن علي:
أن النبيَّ ﷺ نهى عن الصلاة بعد العصر؛ إلا والشمسُ مرتفعةٌ.
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحافظان العراقي والعسقلاني، وصححه ابن حبان أيضًا وابن حزم).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن منصور عن هلال بن يِساف عن وَهْبِ بن الأجْدَعِ عن علي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير وهب بن الأجدع، وهو ثقة اتفاقًا. ولذلك صحح الحديث: ابن حبان والعراقي والعسقلاني. وأعله البيهقي بما ليس بعلة قادحة.
وترى تفصيل ذلك في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (٢٠٠). وذكرت له ثمة طريقًا أخرى عن علي، وشاهدًا حسنًا من حديث أنس؛ فراجعه فإنه مهم.

١١٥٧ – عن ابن عباس قال: شهد عندي رجال مرضيُّون -فمهم عمر ابن الخطاب، وأرضاهم عندي عمر- أن نبي الله ﷺ قال:
«لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وأبو عوانة في «صحاحهم». وصححه الترمذي).

٥ ‏/ ١٩
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان: ثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطحاوي (١/ ١٧٩) من طريق أخرى عن مسلم بن إبراهيم … به.
وأخرجه أحمد (١/ ١٨ و٣٩) من طرق أخرى عن أبان … به.
وأخرجه هو (١/ ٢٠ – ٢١ و٣٩ و٥٠) والبخاري (١/ ١٠٠)، ومسلم (٢/ ٢٠٧)، وأبو عوانة (١/ ٣٨٠)، والنسائي (١/ ٩٥)، والترمذي (١/ ٣٤٣)، والدارمي (١/ ٣٣٣)، وابن ماجة (١/ ٣٧٧)، والطحاوي (١/ ١٧٩) أيضًا، والبيهقي من طرق أخرى عن قتادة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وله شاهد عن أبي سعيد الخدري: عند أحمد (٣/ ٦٠ و٧١)، والشيخين وغيرهما.
وعن سعد: عند ابن حبان (٦٢٠).

١١٥٨ – عن عمرو بن عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ: أنه قال: قلت:
يا رسول الله! أيُّ الليلِ أسمعُ؟ قال:
“جَوْفُ الليل الآخر، فَصلِّ ما شئت؛ فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح، ثم أقصر حتى تطلع الشمس، فترتفع قِيسَ رُمْحٍ أو رُمحين؛ فإنها تطلع بين قَرْنَيْ شيطان، وتصلِّي لها الكفارُ، ثم صلِّ ما

٥ ‏/ ٢٠
شئت؛ فإنَّ الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يَعْدِلَ الرمحَ ظِلُّهُ، ثم أقْصِرْ؛ فإن جهنم تُسْجَرُ وتفتَح أبوابها، فإذا زاغت الشمس؛ فصلِّ ما شئت؛ فإن الصلاة مشهودة حتى تصلِّيَ العصر، ثم أقصِر حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قَرْنَيْ شيطان، ويصلي لها الكفار …»، ومضى حديثًا طويلًا.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرج طرفه الأول في جوف الليل: الترمذي والحاكم وصححاه، وأخرج مسلم وأبو عوانة، وأخرجه الحاكم بإسناد المصنف).
إسناده: حدثنا الربيع بن نافع: ثنا محمد بن الهاجر عن العباس بن سالم عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة.
قال العباس: هكذا حدثني أبو سلام عن أبي أمامة؛ إلا أن أخطئ شيئًا لا أريده، فأستغفر الله وأتوب إليه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير العباس بن سالم وهو ثقة.
وظاهر كلام ابن أبي حاتم يدل على أن أبا سلام -واسمه ممطور- سمع من أبي أمامة؛ فإنه قال (٤/ ١ / ٤٣١):
«روى عن ثوبان والنعمان بن بشير وأبي أمامة وسلمى مولى رسول الله ﷺ. وروى عن عمرو بن عَبَسَةَ مرسل».
ونقل الحافظ في «التهذيب» عنه ما قد يخالفه؛ فقال:
“وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: روى ممطور عن ثوبان وعمرو بن
٥ ‏/ ٢١
عبسة والنعمان وأبي أمامة مرسل. فسألت أبي: هل سمع من ثوبان؟ فقال: لا أدري»!
قلت: وأنا أظن أن لفظ: «مرسل» مقحم من بعض النساخ؛ لأنه لو كان من قول أبي حاتم؛ لكان معناه أن جميع من روى عنهم ممطور لم يسمع منهم، وفيهم ثوبان، فما معنى سؤاله إياه بعد ذلك: هل سمع من ثوبان؟ ! فتأمل.
ثم وجدت تصريحه بالسماع من أبي أمامة.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٤٥٥) من طريق المصنف.
والحاكم (١/ ١٦٣ – ١٦٥) … بإسناده.
وأخرجه أحمد (٤/ ١١١) من طريق يحيى بن أبي عمرو السيْبَانِي عن أبي سلام الدمشقي وعمرو بن عبد الله أنهما سمعا أبا أمامة الباهلي يحدث عن حديث عمرو بن عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ.
قلت: فذكر القصة من أولها؛ ولم يسقها بكاملها، ومنه هذا القدر الذي ساقه المصنف.
وهذا إسناد صحيح؛ وفيه تصريح أبي سلام بسماعه من أبي أمامة.
وقد تابعه جماعة عن أبي أمامة … به مقتصرًا على طرفه الأول؛ وزاد:
«فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فَكنْ».
أخرجه الحاكم (١/ ٣٠٩) عنهم، والترمذي (٢/ ٢٧٧ – بولاق) عن واحد منهم، وقال:
«حسن صحيح». والحاكم:
٥ ‏/ ٢٢
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
وأخرج سائر الحديث مع القصة: مسلم (٨/ ٢٠٢)، وأبو عوانة (١/ ٣٨٦ – ٣٨٧) -ولم يسقها- والبيهقي من طرق أخرى عن أبي أمامة … به.

١١٥٩ – عن يسار -مولى ابن عمر- قال:
رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار! إن رسول الله ﷺ خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة، فقال:
«ليبلِّغْ شاهدكم غائِبَكم؛ لا تصلّوا بعد الفجر إلا سجدتين».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا وهيب: ثنا قُدَامة بن موسى عن أيوب ابن حُصَيْنٍ عن أبي علقمة عن يسار مولى ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير يسار مولى ابن عمر، وهو ثقة.
وإنما علته أيوب بن حصين -ويقال: محمد بن الحصين-؛ قال الذهبي:
«لا يعرف». وقال الدارقطني:
«مجهول». وكذا قال الحافظ في «التقريب»:
«مجهول».
وإنما أوردت حديثه هنا؛ لأن له شواهد يتقوى بها، خرجتها في «إرواء الغليل» (٤٧٨)؛ فلتطلب ثَمَّ.

٥ ‏/ ٢٣
والحديث أخرجه الدارقطني (١٦١) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (٢/ ١٠٣): ثنا عفان: حدثنا وهيب … به.
وأخرجه البيهقي (٢/ ٤٦٥) من طرق أخرى عن وهيب … به.
وأخرجه هو، والترمذي (٢/ ٢٧٨ – ٢٧٩)، وابن نصر في «قيام الليل» (ص ٧٩)، والدارقطني من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن قدامة بن موسى … به؛ إلا أنه قال: محمد بن الحصين. واختلف العلماء؛ فرجح بعضهم هذا، ورجح بعضهم الأول -أعني: أيوب بن الحصين.
وأيًّا ما كان؛ فالرجل مجهول كما عرفت. وقال الترمذي:
«حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى».
قلت: فإنْ أراد الغرابة النسبية -أي: لا يعرفه في هذا الوجه إلا من حديث قدامة- فمسلَّم.
وإن أراد الغرابة المطلقة فمردود؛ فقد ذكر له الزيلعي في «نصب الراية» (١/ ٢٥٦) طريقين آخرين عن ابن عمر، ثم قال:
«وكل ذلك يعكِّر على الترمذي قوله: لا نعرفه إلا من حديث قدامة».

١١٦٠ – عن الأسود ومسروق قالا: نشهد على عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
ما من يوم يأتي على النبي ﷺ؛ إلا صلى بعد العصر ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).

٥ ‏/ ٢٤
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد صرح أبو إسحاق -وهو السبيعي- بالتحديث في بعض الروايات كما سأذكره.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ١٠٢)، ومسلم (٢/ ٢١١)، وأبو عوانة (٢/ ٢٦٣)، والنسائي (١/ ٦٧)، والدارمي (١/ ٣٣٤)، والطحاوي (١/ ١٧٧)، والبيهقي (٢/ ٤٥٨)، وأحمد (٦/ ١٣٤ و١٧٦) من طرق عن شعبة … به؛ وصرح أبو إسحاق بالسماع: عند البخاري والنسائي والدارمي وأحمد في رواية.
وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق … به.
وتابعه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عنها قالت:
صلاتان ما تركهما رسول الله ﷺ في بيتي قط -سرًّا، ولا علانية-: ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي والطحاوي وأحمد (٦/ ١٥٩).
وتابعه عنده (٦/ ٢٤١): أبو الضحى عن مسروق قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة:
أن رسول الله ﷺ كان يصلي ركعتين بعد العصر؛ فلم أكذبها.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه محمد بن المنتشر عن مسروق … به مختصرًا: أخرجه الطحاوي.
وله عنده، وكذا أحمد (٦/ ٥٠ و٨٤ و١٠٩ و١٩٩ و١٦٩ و٢٠٠ و٢٥٣) طرق أخرى، أحدها عند مسلم والدارمي وكذا أبي عوانة.
٥ ‏/ ٢٥
وتفرد هذا بطريق عبد العزيز بن رُفَيْعٍ قال:
رأيت عبد الله بن الزبير يطوف بعد العصر، ويصلي ركعتين، قال عبد العزيز: ورأيت عبد الله بن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر، ويخبر أن عائشة:
حدثته أن رسول الله ﷺ لم يدخل بيتها إلا صلاهما.
وله شاهد، يرويه ابن جريج عن أبي سعد الأعمى عن رجل -يقال له: السائب مولى القارئين-عن زيد بن خالد الجُهَنِي:
أنه رآه ركع بعد العصر ركعتين، وقال: لا أدعهما بعد ما رأيت رسول الله ﷺ يصليهما.
وأبو سعد الأعمى مجهول.
أخرجه الطحاوي (١/ ١٧٨).

٣٠٠ – باب الصلاة قبل المغرب
١١٦١ – عن عبد الله المُزَنِيِّ قال: قال رسول الله ﷺ:
«صلُّوا قبل المغرب ركعتين»، ثم قال:
«صَلُّوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء»؛ خشية أن يتخذها الناسُ سُنَّةً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في «صحيحه» بلفظ: قال في الثالثة: «لمن شاء»؛ كراهية أن يتخذها الناس سُنَّةً).

٥ ‏/ ٢٦
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: ثنا عبد الوارث بن سعيد عن الحسين المعلم عن عبد الله بن بُرَيْدة عن عبد الله المُزَني.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرج الدارقطني (٩٩) من طريق أخرى عن عبيد الله بن عمر القواريري … به.
وأخرجه البيهقي (٢/ ٤٧٤) من طريق المصنف.
والبخاري (٢/ ٥٢)، وأحمد (٥/ ٥٥) -ولفظهما كما في الأعلى-، وابن نصر (ص ٢٦ و٢٨) من طرق أخرى عن عبد الوارث … به.
وأخرجه ابن نصر في «قيام الليل» (ص ٢٦): حدثنا محمد بن عبيد: ثنا عبد الوارث بن سعيد … بلفظ الكتاب؛ إلا أنه أعاد قوله: «صَلُّوا قبل المغرب ركعتين» ثلاث مرات.
وقد خولف الحسين المعلم في لفظه، كما يأتي بعد حديث.

١١٦٢ – عن أنس بن مالك قال:
صلَّيْت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله ﷺ.
قال (المختار بن فُلْفُلٍ): قلت لأنس: أرآكم رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، رآنا؛ فلم يأمرنا ولم يَنْهَنا.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز: أخبرنا سعيد بن سليمان: ثنا منصور بن أبي الأسود عن المختار بن فُلْفُلٍ عن أنس بن مالك.

٥ ‏/ ٢٧
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وسعيد بن سليمان: هو الضُّبَعِيُّ.
ومحمد بن عبد الرحيم: هر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المصري ابن البَرْقِيِّ.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٢/ ٢٦٥): حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال: ثنا سعيد بن سليمان … به.
وتابعه محمد بن فُضَيْلٍ عن المختار بن فُلْفُلٍ … به.
أخرجه مسلم (٢/ ٢١١ – ٣١٣)، وأبو عوانة والبيهقي.
وتابعه عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك بلفظ:
كنا بالمدينة؛ فإذا أذَّن المؤذن لصلاة المغرب؛ ابتدروا السواري، فيركعون ركعتين ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب أن الصلاة قد صُلِّيَتْ؛ مِنْ كثرة مَنْ يصليهما!
أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي.
وتابعه عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس قال:
كان المؤذن إذا أذن؛ قام أصحاب رسول الله ﷺ يبتدرون السواري، حتى يخرج رسول الله ﷺ وهم كذلك -يعني: الركعتين قبل المغرب-، ولم يكن بين الأذان والإقامة إلا قريب.
أخرجه البخاري (٦٢٥)، والنسائي (١/ ١١١)، والدارمي (١/ ٣٣٦)، وأحمد (٣/ ٢٨٠).
٥ ‏/ ٢٨
وله عنده (٣/ ١٢٩ و١٩٩ و٢٨٢)، وابن ماجة (١١٦٣) طرق أخرى عن أنس.
وله شاهد من حديث عقبة بن عامر … نحوه.
أخرجه البخاري وأحمد (٤/ ١٥٥).

١١٦٣ – عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال: قال رسول الله ﷺ:
«بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة؛ لمن شاء».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلي: ثنا ابن عُليَّةَ عن الجُرَيْرِيِّ عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغَفَّلٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٥٧): ثنا يزيد: أنا الجُرَيْرِيُ وكَهْمسٌ عن عبد الله ابن بريدة … به.
وأخرجه أبو عوانة (٢/ ٢٦٥) عن يزيد.
وأخرجه البخاري (١/ ١٠٦)، ومسلم (٢/ ٢١٢)، والدارمي (١/ ٣٣٦)، وابن نصر (٢٦)، والبيهقي (٢/ ٢٧٤) من طرق عن الجريري.
والبخاري (١/ ١٠٧)، ومسلم، وأبو عوانة أيضًا، والنسائي (١/ ١١١)، والترمذي، وابن ماجة (١/ ٣٥٥)، والبيهقي، وأحمد (٥/ ٥٤) من طرق أخرى عن كهمس بن الحسن … به.

٥ ‏/ ٢٩
وقد خالفهما حسين بن المعلم، فرواه عن عبد الله بن بريدة … به؛ بلفظ:
«صلوا قبل المغرب ركعتين …» الحديث. وقد مضى برقم (١١٦١).

٣٠١ – باب صلاة الضحى
١١٦٤ – عن أبي ذَرٍّ عن النبي ﷺ قال:
«يُصْبِحُ على كل سُلامَى من ابن آدم صدقةٌ: تسليمه على من لَقِيَ صدقةٌ، وأمرُهُ بالمعروف صدقةٌ، ونهيهُ عن المنكر صدقةٌ، وإماطتُهُ الأذى عن الطريق صدقةٌ، وبُضْعُهُ أهلَة صدقةٌ. ويجزئ من ذلك كلِّهِ ركعتانِ من الضحى». (زاد في رواية: قالوا: يا رسول الله! أحدنا يقضي شهوته؛ وتكون له صدقة؟ ! قال:
«أرأيتَ لو وضعها في غير حلِّها؛ ألم يكن يأثم؟ !)».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما» نحوه).
إسناده: حدثنا أحمد بن مَنيع عن عَبَّادِ بن عَبَّادٍ. (ح) وثنا مسدد: ثنا حماد ابن زيد -المعنى- عن واصل عن يحيي بن عُقيْلٍ عن يحيى بن يَعْمَر عن أبي ذر.
قال أبو داود: «وحديث عباد أتم، ولم يذكر مسدد الأمر والنهي … زاد في حديثه: وقال كذا وكذا. وزاد ابن صنيع في حديثه: قالوا: يا رسول الله …».
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الطريق الأولى رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير واصل -وهو مولى أبي عيينة-؛ فهو من رجال مسلم، فهو على شرطه.

٥ ‏/ ٣٠
وهو من الطريق الأخرى رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير واصل كما عرفت، وغير مسدد؛ فهو من رجال البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١٧٨) من طريق هشام عن واصل … به؛ إلا أنه قال:
أيقضي الرجل شهوته وتكون له صدقة؟ ! قال:
«نعم، أرأيت لو جعل تلك الشهوة فيما حرم الله عليه؛ ألم يكن عليه وِزْرٌ؟ !».
قلنا: بلى. قال:
«فإنه إذا جعلها فيما أحل الله عز وجل؛ فهي صدقة».
قال: وذكر أشياء: صدقة، صدقة. قال: ثم قال:
«ويجزي من هذا كلِّه ركعتا الضحى».
قلت: وأخرجه مسلم (٢/ ١٥٨)، وأبو عوانة (٢/ ٢٦٦)، وأحمد (٥/ ١٦٧) من طريق مهدي بن ميمون: ثنا واصل مولى أبي عيينة … به؛ إلا أنه قال: عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدِّيليِّ عن أبي ذر … به نحوه، فأدخل بينهما: أبا الأسود الديلي.
وهو الجادة؛ فإنهم وإن ذكروا له رواية عن بعض الصحابة منهم أبو ذر؛ فقد قالوا: وأكثر روايته عن التابعين.
ويحتمل أن تكون هذه الرواية من المزيد فيما اتصل من المسانيد. والله أعلم.
وقد توبع ابن ميمون على هذه الزيادة عند المصنف في الرواية الآتية.
٥ ‏/ ٣١
١١٦٥ – وفي رواية عن أبي الأسود الدُّؤَلي قال: بينما نحن عند أبي ذَرٍّ قال:
يُصْبِحُ على كُلِّ سلامى من أحدكم في كلِّ يوم صدقةٌ: فلَهُ بكلِّ صلاةٍ صدقةٌ، وصيام صدقةٌ، وحجٍّ صدقة، وتسبيحٍ صدقةٌ، وتكبيرٍ صدقةٌ، وتحميدٍ صدقةٌ، فعدَّ رسول الله ﷺ من هذه الأعمال الصالحة، ثم قال:
«يجزئُ أحدَكُم من ذلك ركعتا الضحى».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة بنحوه).
إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أخبرنا خالد عن واصل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤليِّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه من طريق مهدي بن ميمون عن واصل … به، كما سبق آنفًا، مع بيان الخلاف في إسناده على واصل.

١١٦٦ – عن أبي أمامة: أن رسول الله ﷺ قال:
«صلاة في إثْرِ صلاة -لا لَغْوَ بينهما- كتابٌ في عِلِّيِّينَ».
(قلت: إسناده حسن، وقد مضى بأتم منه رقم (٥٦٧».
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة.

٥ ‏/ ٣٢
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وفي القاسم -وهو صاحب أبي أمامة- كلام لا يضر، وقد مضى الكلام عليه مفصلًا عند هذا الحديث، وقد أخرجه المصنف بأتم منه (٥٦٧).

١١٦٧ – عن نُعَيْمِ بن هَمَّارِ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«يقول الله عز وجل: يا ابن آدم! لا تُعْجِزْني من أربع ركعات في أول النهار؛ أَكفِكَ آخرَهُ».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا داود بن رُشَيْدٍ: ثنا الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن كثير بن مُرَّة عن نُعَيْمِ بن هَمَّار.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان مكحول سمعه من كثير؛ فإنه مدلس.
ورجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير كثير، وهو ثقة.
والوليد: هو ابن مسلم، وهو مدلس أيضًا تدليسَ التسوية.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٢٨٦ – ٢٨٧): ثنا الوليد بن مسلم: ثنا سعيد -يعني: ابن عبد العزيز-: ثنا مكحول عن نعيم بن همار الغَطَفَاني … به!
كذا، ليس فيه كثير بن مرة؛ فلا أدري أكذلك الرواية، أم سقط ذكره من الناسخ أو الطابع؟ !
وأيَّا ما كان؛ فذكره في السند ثابت، فقد قال أحمد: ثنا يحيى بن إسحاق: أخبرني سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن ابن مرة الغطفاني … به.
ثم أخرجه من طريقين آخرين عن مكحول … به؛ إلا أنَّ أحدهما -وهو من

٥ ‏/ ٣٣
رواية بُرْدٍ- أدخل بين كثير ونعيم: قيسًا الجُذَامي.
إلا أن بردًا فيه ضعف، فلا يعتد بمخالفته؛ لا سيما وقد رواه أبو الزاهريَّة عن كثير بن مرة عن نعيم … به.
أخرجه أحمد بسند صحيح.
وللحديث شواهد عن غير واحد من الصحابة، تراجع في «الترغيب».

١١٦٨ – عن ابن أبي ليلى قال:
ما أخبرنا أحدٌ أنه رأى النبي ﷺ صلى الضحى غيرُ أم هانئ؛ فإنها ذكرت أن النبي ﷺ يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، وصلى ثمانيَ ركعات. فلم يره أحدٌ صلاهُنَّ بعدُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٢/ ٥١ – ٥٢)، ومسلم (٢/ ١٥٧)، وأبو عوانة (٢/ ٢٦٩)، والترمذي (٢/ ٣٣٨)، والبيهقي (٣/ ٤٨)، والطيالسي (١/ ١٢١ / ٥٦٧)، وأحمد (٦/ ٣٤٢ و٣٤٣) من طرق عن شعبة … به؛ دون قوله:
فلم يره أحد صلاهن بعد. وزادوا مكانها:

٥ ‏/ ٣٤
فلم آرَ صلاةً قطُّ أخفَّ منها؛ غير أنه يتم الركوع والسجود. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح، كأن أحمد رأى أصح شيء في هذا الباب حديثَ أم هانئ».
قلت: ولا يشك حديثي بذلك؛ فإن له عنها طرقًا أخرى كثيرة: عند مسلم وأبي عوانة و«المسند» (٦/ ٣٤١ – ٣٤٣ و٤٢٤ و٤٢٥).
ومن ذلك كله يتبين أن قوله: فلم يره أحد صلاهن بعد! يُلْقَى في النفس -لأول وهلة- أنها زيادة شاذة؛ لتفرد حفص بن عمر دون كل أصحاب شعبة، ودون هذه الطرق كلها.
ولكن قد جاء لها شاهد من طريق عبد الله بن الحارث بن نوفل عنها … نحوه؛ بلفظ:
فركع ثماني ركعات، لا أدري أقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده؟ ! كل ذلك منه متقارب. قالت: فلم أره سَبَّحها قبلُ ولا بعدُ.
أخرجه مسلم وأبو عوانة وأحمد.
فهذا يدل على أن هذه الزيادة محفوظة عن أم هانئ من هذه الطريق، ولكنها غير محفوظة عن شعبة. والله أعلم.
وفي بعض الطرق الأخرى زيادة أخرى بلفظ:
يسلِّم من كل ركعتين.
وهي زيادة منكرة؛ ولذلك أوردت حديثها في الكتاب الآخر (٢٣٧).
٥ ‏/ ٣٥
١١٦٩ – عن عبد الله بن شَقِيقٍ [قال]: سألت عائشة:
هل كان رسول الله يصلِّي الضحى.؟ فقالت:
لا؛ إلا أن يجيء من مَغِيبِهِ. قلت:
هل كان رسول الله ﷺ يَقرُنُ بين السُّورتين؟ قالت: من المُفَضَّلِ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرج مسلم منه الشطر الأول).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَيْعٍ: ثنا الجُرَيْرِيُّ عن عبد الله بن شقيق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والجريري: هو سعيد بن إياس، وكان اختلط، لكن روى عنه ابن زريع قبل الاختلاط، فقد ذكروا أن رواية شعبة وابن عُلَيَّةً وغيرهما من الكبار صحيحة عنه؛ لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط، وابن زريع أقدم وفاة من ابن عُلَيَّةَ؛ فإنه مات سنة (١٨٢)، وتوفي ابن علية سنة (١٩٣).
على أن الجريري قد توبع، كما سأذكره بإذن الله تعالى.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٥٦)، والبيهقي (٣/ ٥٠) من طريق أخرى عن يزيد بن زريع … به؛ دون الشطر الثاني منه.
وأخرجه أحمد بتمامه؛ فقال (٦/ ٢١٨). ثنا إسماعيل ويزيد -المعنى- قال: أنا الجريري … به.
وهذا إسناد على شرط مسلم؛ ويزيد: هو ابن هارون.
٥ ‏/ ٣٦
وإسماعيل هو ابن عُلَيَّة.
ثم أخرجه أحمد (٦/ ٢٠٤) من طريق كَهْمَسِ بن الحسن عن عبد الله بن شقيق … به مفرقًا في موضعين.
وإسناده صحيح أيضًا على شرط مسلم.
وأخرجه الطيالسي (١/ ١٢١ / ٥٧٠)، وابن خزيمة (١٢٣٠)، وأحمد (٦/ ٣١) من طريقين آخرين عن عبد الله بن شقيق … به؛ دون الشطر الثاني.
وإسناد أحمد صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة (١٢٢٩) عن ابن عمر.

١١٧٠ – وفي رواية عنها؛ أنها قالت:
ما سَبَّحَ رسولُ الله ﷺ سُبْحَةَ الضحى قطُّ، وإني لأسبِّحها، وإنْ كان رسول الله ﷺ لَيَدَعُ العملَ -وهو يحبُّ أن يعمل به-؛ خشية أن يَعملَ به الناس فَيُفْرَضَ عليهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مالك (١/ ١٦٦ – ١٦٨) في «الموطأ».
وعنه: البخاري (٢/ ٤٤)، ومسلم (٢/ ١٥٦ – ١٥٧)، وأبو عوانة (٢/ ٢٦٦ –

٥ ‏/ ٣٧
٢٦٧)، والبيهقي (٣/ ٥٠)، وأحمد (٦/ ١٧٨) من طرق عنه … به.
وأخرجه أبو عوانة وأحمد (٦/ ١٦٨ و١٦٩ و١٧٧ و٢٠٩ و٢١٥ و٢٢٣ و٢٣٨) من طرق أخرى عن ابن شهاب … به.

١١٧١ – عن سِمَاكٍ: قلت لجابر بن سمرة:
أكنتَ تجالس رسول الله ﷺ؟
قال: نعم كثيرًا؛ فكان لا يقوم منْ مُصَلاه الذي صلى فيه الغداة حتى تطلع الشمس؛ فإذا طلعت قام ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا ابن نُفَيْلٍ وأحمد بن يونس قالا: ثنا زهير: ثنا سماك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٣٢) عن أحمد بن يونس … به.
وأخرجه النسائي (١/ ١٩٩ – ٢٠٠)، وأحمد (٥/ ٩١) من طرق أخرى عن زهير … به.
ومسلم أيضًا، وأبو عوانة (٢/ ٢٣)، والنسائي، والترمذي (٢/ ٤٨٠)، وأحمد (٥/ ٨٨) من طرق أخرى عن سماك … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وسيأتي في «الأدب» باب (٢٥) بنحوه.

٥ ‏/ ٣٨
٣٠٢ – باب في صلاة النهار (١)
١١٧٢ – عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال:
«صلاة الليل والنهار: مثنى مثنى».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه البخاري وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والخطَّابي).
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي ابن عبد الله البارقي عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن مرزوق -وهو الباهلي-، فمن رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
وبهذا الإسناد: أخرجه البخاري في «التاريخ» (١/ ١ / ٢٨٥).
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٤٥ / ١): ثنا وكيع وغُنْدَرٌ عن شعبة … به.
وقال أحمد (٢/ ٢٦): ثنا وكيع … به.
وأخرجه ابن حبان (٦٣٦) من طريق أخرى عن غندر.
ورواه ابن خزيمة أيضًا في «صحيحه» (١/ ١٣٠ / ٢)، وكذا أصحاب «السنن» وغيرهم من طرق عن شعبة … به.
وقد أعله بعضهم بما لا يقدح، لا سيما وله طرق أخرى عن ابن عمر، وشواهد خرجتها في «الروض النضير» تحت الحديث (٥٢٢)، ونقلت هناك التصحيح المذكور آنفًا تحت الحديث.


(١) استأنفت العمل بتاريخ (١/ ١٢ / ١٣٨٨)، يسر الله تمامه بخير.
٥ ‏/ ٣٩
٣٠٣ – باب صلاة التسبيح
١١٧٣ – عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ قال للعباس بن عبد المطلب:
«يا عباسُ! يا عَمَّاهْ! ألا أُعْطِيكَ؟ ! ألا أمْنَحُكَ؟ ! ألا أحْبُوكَ؟ ! ألا أفْعَلُ بك عَشْرَ خصالٍ؟ ! إذا أنت فعلت ذلك؛ غفر الله لك ذنبك: أولَهُ وآخرَهُ، قديمَهُ وحديثَهُ، خَطَأهُ وعَمْدَهُ، صغيرَهُ وكبيرَهُ، سِرَّهُ وعلانِيَتَهُ؟ ! عشر خصال:
أن تصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة فاتحةَ الكتاب وسورةً، فإذا فَرَغْتَ من القراءة في أول ركعة وأنت قائم؛ قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر: خمسَ عَشْرَةَ مرةً. ثم تركع فتقولها وأنت راكع عَشْرَ مَرَّاتٍ. ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عَشْرًا. ثم تَهْوِي ساجدًا، فتقولها وأنت ساجد عَشْرًا. ثم ترفع رأسك من السجود، فتقولها عَشْرًا. ثم تسجد فتقولها عَشْرًا. ثم ترفع رأسك فتقولها عَشْرًا. فذلك خمسٌ وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات.
إن استطعت أن تُصَلِّيَها في كل يوم مرةً فافعل. فإن لم تفعل؛ ففي كل جمعةٍ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي كل شهرٍ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي كل سنةٍ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي عمرِك مرةً».
(قلت: حديث صحيح، وقد قوَّاه جماعة من الأئمة، منهم أبو بكر الآجُرِّي وابن منده وأبو محمد عبد الرحيم المصري وأبو الحسن المقدسي والمنذري وابن الصلاح).
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري: ثنا موسى بن
٥ ‏/ ٤٠
عبد العزيز: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير موسى بن عبد العزيز -وهو العدني-؛ فإنه صدوق سيئ الحفظ.
والحكم بن أبان صدوق عابد له أوهام، كما قال الحافظ.
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن» (٣/ ٥١ – ٥٢)، وكذا الخطيب في جزئه المفرد في «صلاة التسبيح» (ق ١٩٧/ ١ – ٢) كلاهما عن المصنف … بإسناده.
ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجة (١٣٨٧)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ١٣٢ / ١)، والحاكم (١/ ٣١٨) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن بشر … به. وقال ابن خزيمة:
«إن صح الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئًا».
وأما الحاكم؛ فأورده شاهدًا.
ثم أخرجه هو والبيهقي والخطيب من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي: حدثني عكرمة:
أن رسول الله ﷺ قال لعمه العباس … فذكره هكذا مرسلًا. وقال الحاكم:
«هذا الإرسال لا يوهن وصل الحديث فإن الزيادة من الثقة أولى من الإرسال. على أن إمام عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قد أقام هذا الإسناد عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ورصله».
ثم ساقه من طريق الحنظلي: أَبَنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي ﷺ … بمثل حديث موسى بن عبد العزيز عن
٥ ‏/ ٤١
الحكم.
قلت: إبراهيم بن الحكم ضعيف.
وموسى بن عبد العزيز خير منه، فإن تابعه فهو قوة له، وإن خالفه فلا يضره، ولكن الإسناد بحاجة إلى ما يعضده.
وقد ذكر له الخطيب طريقًا أخرى من رواية أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الرَّبَعِيِّ من طرق أربعة عنه عن ابن عباس، ومن طريق مجاهد بن جبر عنه، وساق الأسانيد إليها، ولكنها واهية كلُّها! وإنما يعضد الحديثَ بعضُ الشواهد التي ساقها الخطيب، التي منها ما ذكره المصنف فيما يأتي.

١١٧٤ – عن رجل كانت له صحبة -يرون أنه عبد الله بن عمرو- قال: قال النبي ﷺ:
«ائتني غدًا أحبوك وأثيبك وأعطيك»؛ حتى ظننت أنه يعطيني عَطِيَّةً. قال:
«إذا زال النهار؛ فقُمْ فصلِّ أربع ركعات …» فذكر نحوه؛ قال:
«ترفع رأسك -يعني: من السجدة الثانية-، فاسْتَوِ جالسًا، ولا تَقُمْ حتى تُسبِّح عشرًا، وتحمد عشرًا، وتكبر عشرًا، وتهلِّل عشرًا، ثم تصنع ذلك في الأربع ركعات». قال:
«فإنك لو كنت أعظم أهل الأرض ذنبًا؛ غُفِرَ لك بذلك».
قلت: فإن لم أستطع أن أصلِّيَها تلك الساعة؟ قال:
«صَلِّ من الليل والنهار».

٥ ‏/ ٤٢
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن سفليان الأُبُلِّي: ثنا حبان بن هلال أبو حبيب: ثنا مهدي بن ميمون: ثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: حدثني رجل كانت له صحبة.
قال أبو داود: «حبان بن هلال: خال هلال الرأي».
قال أبو داود: «رواه المستمرُّ بن الرَّيَّان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو … موقوفًا. ورواه رَوْحُ بن المسيَّب وجعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك النُّكْرِيِّ عن أبي الجوزاء عن ابن عباس … قوله. وقال في حديث روح: فقال: حديث النبي ﷺ».
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير عمرو بن مالك -وهو النُّكْرِيُّ-، ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال:
«يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه، يخطيء ويغرب». وقال الذهبي:
«ثقة» وقال الحافظ:
«صدوق له أوهام».
ولم يتفرد به، كما يشير إلى ذلك قول المصنف المتقدم:
«رواه المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو … موقوفًا».
قلت: وهذه متابعة قوية؛ فإن المستمر هذا ثقة من رجال مسلم، وهو وإن كان أوقفه؛ فلا يضر؛ لأنه في حكم الرفوع؛ لان مثله لا يقال من قبل الرأي، لا سيما وقد تابعه أيضًا أبو جناب عن أبي الجوزاء … به مرفوعًا، كما في «البيهقي» (٣/ ٥٢).
٥ ‏/ ٤٣
لكن أبو جَنَاب -واسمه يحيى بن أبي حَيَّة- ضعفوه لكثرة تدليسه.
وقد وصله الخطيب (ق ١٩٩/ ١ – ٢) من طريق القاسم بن الحكم عنه … به؛ لكنه أوقفه على ابن عباس، وأدخل بينه وبين أبي الجوزاء: محمد بن جُحَادة.
وتابعه يحيى بن عقبة بن أبي العَيْزَارِ عن محمد بن جُحَادة عن أبي الجوزاء قال: قال لي ابن عباس … به؛ لكنه رفعه.
أخرجه الطبراني في «الأوسط» (١/ ٦٤ / ١)، وعنه الخطيب.
لكن ابن أبي العيزار هذا متهم بالكذب.
والحديث أخرجه الخطيب (٢/ ٢٠٢)، والبيهقي كلاهما من طريق المصنف … به؛ لكنهما لم يذكرا فيه قوله: قال النبي ﷺ … لكن كلام المصنف عقب الحديث يشعر بأنه مرفوع عنده؛ لأنه أخذ يبين أن المستمرَّ خالف عمرو بن مالك فأوقفه. والله أعلم.

١١٧٥ – عن عروة بن رُوَيْمٍ: حدثني الأنصاري:
أن رسول الله ﷺ قال لجعفر … بهذا الحديث، فذكر نحوه؛ قال: في السجدة الثانية من الركعة الأولى كما في حديث مهدي بن ميمون. -يعني: الحديث (١١٨٢) -).
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رُويمٍ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير الأنصاري: فإن كان صحابيًّا

٥ ‏/ ٤٤
فالسند صحيح؛ لأن جهالة الصحابة لا تضر؛ وإلا فهو تابعي مجهول، فيصلح شاهدًا لما قبله. وقد ذكر السيوطي في «اللآلي المصنوعة» (٢/ ٢٣) عن الحافظ ابن حجر قال:
«وقد وجدت في ترجمة عروة بن رويم من»الشاميين«للطبراني حديثين أخرجهما من طريق أبي توبة -وهو الربيع بن نافع- شيخ أبي داود فيه بهذا السند بعينه، فقال فيهما: حدثني أبو كبشة الأنماري. فلعل الميم كُبِّرَتْ قليلًا، فأشبهت الصاد! فإن يكن كذلك؛ فصحابي هذا الحديث أبو كبشة. وعلى التقديرين؛ فسند هذا الحديث لا ينحطُّ عن درجة الحسن، فكيف إذا ضُمَّ إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، التي أخرجها أبو داود، وقد حسنها المنذري. وممن صحح هذا الحديث أو حسنه -غير من تقدم-: ابن منده …».
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٥٢)، والخطيب (٢٠٣/ ١ – ٢) من طريق المصنف.
وبالجملة؛ فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح، لا يشك في ذلك من كان عنده معرفة بطريقة نقد الأسانيد، والجرح والتعدبل، ووقف عليها؛ فضلًا عن غيرها مما لم يخرجه المصنف رحمه الله تعالى؛ فإنه يقطع بما ذكرنا من صحَّته.
ولذلك نقم العلماء على ابن الجوزي إيراده إياه في «الموضوعات»، كما تراه مبسوطًا في «اللآلي» (٢/ ٢٠ – ٢٤) للسيوطي، و«الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» لأبي الحسنات اللكنوي، وقد أطال فيه النفس جدًّا في تتبع طرق الحديث وكلام العلماء فيها؛ بما لا تراه في غيره (٣٥٣ – ٣٧٤). وفي القدر الذي ذكرنا مَقْنَعٌ للمُنْصِفِ!
٥ ‏/ ٤٥
٣٠٤ – باب ركعتي المغرب؛ أين تُصَلَّيَانِ؟
١١٧٦ – عن كعب بن عجرَةَ:
أن النبي ﷺ أتى مسجد بني عبد الأشْهَلِ، فصلى فيه المغرب. فلما قضوا صلاتهم؛ رآهم يسبِّحون بعدها، فقال:
«هذه صلاة البيوت».
(قلت: حديث حسن، واستحسنه أحمد، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أبو بكر بن أبي الأسود. حدثني أبو مطرِّف محمد بن أبي الوزير: ثنا محمد بن موسى الفِطْرِيُّ عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات. غير إسحاق بن كعب، فهو مجهول.
وقال ابن القطان -وتبعه الحافظ العسقلاني-:
«مجهول الحال».
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٢٣٧)، والترمذي (٢/ ٥٠٠)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ١٣٠ / ١)، والبيهقي (٢/ ١٨٩) من طرق أخرى عن ابن أبي الوزير … به. وقال الترمذي.
«حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
قلت: وهو ضعيف كما عرفت. لكن له شاهد من حديث رافع بن خديج قال:
أتانا رسول الله ﷺ في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، ثم قال: «اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم».
٥ ‏/ ٤٦
أخرجه ابن ماجة (١١٦٥)، وابن نصر في «قيام الليل» (٣٠)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢/ ١ / ١٢٩) من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لَبِيدٍ عنه؛ ولم يذكر ابن نصر رافعًا في إسناده!
ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.
لكن قد صرح بالتحديث عند أحمد (٥/ ٤٢٧): ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل قال:
أتانا رسول الله ﷺ … الحديث؛ وزاد:
للسبحة بعد المغرب.
ثم أخرجه -بعد صفحة-. حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق: حدثني عاصم … به.
وقال أبو عبد الرحمن -وهو ابن أحمد-. قلت لأبي: إن رجلًا قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد، لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته؛ لأن النبي ﷺ! قال: «هذه من صلوات البيوت»؟ !، قال: من قال هذا؟ قلت: محمد بن عبد الرحمن (يعني: ابن أبي ليلى). قال: ما أحسن ما قال -أو ما أحسن ما انتزع«-!
(تنبيه): عزاه المنذري (٢/ ٩٠) لابن ماجة! وهو وهم؛ وإنما له عن رافع كما تقدم.

٣٠٥ – باب الصلاة بعد العشاء
[تحته حديث واحد. انظره في»الضعيف”]

٥ ‏/ ٤٧
أبواب قيام الليل

٣٠٦ – باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه
١١٧٧ – عن ابن عباس؛ قال في (المُزَّمِّل):
(قُمِ اللَّيْلَ إلا قليلًا. نصفه): نسختها الآية التي فيها: (عَلِمَ أنْ لَنْ تُحصُوهُ فتاب عليكم فاقرأُوا ما تيسَّرَ من القرآن).
و(ناشئة الليل): أولُهُ. وكانت صلاتهم لأول الليل: يقول، هو أجدرُ أن تُحْصُوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل، وذلك أن الإنسان إذا نام؛ لم يَدْرِ متى يستيقظ؟ !
وقوله: (أقوم قِيلًا): هو أجدر أن يَفْقَهَ في القرآن.
وقوله: (إن لك في النهار سبحًا طويلًا)؛ يقول: فراغًا طويلًا.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ -ابنُ شَبَّوَيْهِ-: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النَّحْوِي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي علي بن حسين -وهو ابن واقد- كلام من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقال الحافظ في «التقريب»:
«صدوق يهم». وقال المنذري:
«فيه مقال».

٥ ‏/ ٤٨
١١٧٨ – عن ابن عباس قال:
لما نزلت أول (المزمل)؛ كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان؛ حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد -يعني: المروزي-: ثنا وكيع عن مِسْعَرٍ عن سِمَاكٍ الحنفي عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن محمد وهو ابن شَبَّوَيْهِ الذي في الحديث قبله-، وهو ثقة.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٥٠٥)، وكذا ابن جرير، وابن أبي حاتم من طرق أخرى عن مسعر … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.

٣٠٧ – باب قيام الليل
١١٧٩ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«يَعْقِدُ الشيطانُ على قافية رأس أحدكم -إذا هو نام- ثلاثَ عُقَدٍ، يضربُ مكانَ كلِّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد؛ فإن استيقظ فذكر الله انحلَّتْ عقدة، فإن توضَّأ انحلّت عقدة، فإن صلى انحلَّتْ عقدة، فأصبح نشيطًا طَيِّبَ النفس؛ وإلا أصبح خبيث النفس كسلانَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»)

٥ ‏/ ٤٩
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح كل شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه على ما يأتي.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ١٧٦ / ٩٥) … بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١/ ٢٨٨)، وأبو عوانة (٢/ ٢٩٥)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١/ ١٤٥) كلهم عن مالك … به.
وتابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد … به.
أخرجه أحمد (٢/ ٢٤٣)، ومسلم (٢/ ١٨٧)، وأبو عوانة أيضًا.
وتابعه ابن أبي الزناد عنه: أخرجه الطحاوي.
وتابعه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أخرجه البخاري (٢/ ٣٢٠).
وأبو صالح عنه: عند ابن ماجة (١٣٢٩)، والطحاوي، وابن نصر (٤٠).

١١٨٠ – عن عبد الله بن أبي قيس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: لا تَدَعْ قيام الليل؛ فإن رسول الله ﷺ كان لا يدعُهُ، وكان إذا مَرِض أو كَسِلَ؛ صلى قاعدًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا أبو داود قال: ثنا شعبة عن يزيد بن خُمَيْرٍ: سمعت عبد الله بن أبي قيس يقول ..
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم.

٥ ‏/ ٥٠
والحديث أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٨٠٠)، وأحمد (٦/ ٢٤٩)، والبيهقي (٣/ ١٥) من طريق أبي داود -وهو الطيالسي-؛ ولم أره في «مسنده» المطبوع! والله أعلم.

١١٨١ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته؛ فإن أبَتْ نضح في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء!».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي والحافظ العراقي والنووي).
إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج لابن عجلان في الشواهد، فهو حسن الحديث، وقد صحح له جماعة كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٠ و٤٣٦): ثنا يحيى … به.
وأخرجه هو (٢/ ٢٤٧)، والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ١٢٥ / ١)، وعنه ابن حبان (٦٤٦)، وابن نصر في «القيام» (٣٩)، والحاكم من طرق عن يحيى وغيره عن ابن عجلان … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وفيه نظر؛ وإنما هو حسن فقط؛ لما ذكرنا من حال ابن عجلان.

٥ ‏/ ٥١
نعم؛ هو صحيح لغيره؛ فقد أخرجه ابن حبان (٦٤٧) من طريق محمد بن القاسم -سُحَيْمٍ؛ حَرَّاني ثبت-: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح … فذكر- نحوه (*).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير ابن القاسم هذا، وهو صدوق، وروى عنه أبو زرعة، كما في «الجرح والتعديل» (٤/ ١ / ٦٦).
والحديث صححه النووي أيضًا في «الرياض» (٤٣٤)، والعراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٢٢ و٤/ ٣٤٨ – الطبعة الحلبية).

١١٨٢ – عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله ﷺ:
«إذا أيقظ الرجلُ أهلَهُ من الليل فصليا -أو صلى- ركعتين جميعًا؛ كُتِبا في الذاكرين والذاكرات».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والنووي والعراقي).
إسناده: حدثنا ابن كثير: ثنا سفيان عن مسعر عن علي بن الأقمر. (ح) وحدثنا محمد بن حاتم بن بَزِيع: ثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن علي بن الأقمر -المعنى- عن الأغَرِّ عن أبي سعيد وأبي هريرة.
قال المؤلف: «ولم يرفعه ابن كثير، ولا ذكر أبا هريرة؛ جعله كلام أبي سعيد».
قال أبو داود: «رواه ابن مهدي عن سفيان قال: وأراه ذكر أبا هريرة».


(*) هذه المتابعة لحديثٍ آخر لم يذكر متنه الهيثمي في «الموارد»، وهو موجودٌ في أصله «صحيح ابن حبان»: لمتنٍ آخر.
والحديث حسن؛ كما في «صحيح الترغيب» (٦٢٧). (الناشر).
٥ ‏/ ٥٢
قال أبو داود: «وحديث سفيان موقوف».
قلت: كل من الموقوف والمرفوع صحيح الإسناد على شرط مسلم، ومَنْ رَفَعَ معه زياده؛ فيجب قبولها منه؛ لأنه ثقة، ألا وهو الأعمش، وقد توبع كما خرجته في «الروض النضير» (٩٦٢).
والحديث أخرجه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى … به.
وابن ماجة (١٣٣٥) عن الوليد بن مسلم: ثنا شيبان أبو معاوية … به. وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
وفيه أن الأغر -وهو أبو مسلم المدني -إنما أخرج له البخاري في «الأدب المفرد».
وقد صحح الحديث أيضًا من ذكرناه آنفًا تحت نص الحديث، وخرجته عنهم في «التعليق الرغيب» (١/ ٢١٧).
وعزاه المنذري لابن حبان أيضًا في «صحيحه»! ولم أره في «الموارد»!
ثم وجدته فيه (رقم ٦٤٥) من طريق أخرى أيضًا عن عبيد الله بن موسى.

٣٠٨ – باب النعاس في الصلاة
١١٨٣ – عن عائشة زوج النبي ﷺ أن النبي ﷺ قال:
«إذا نَعَس أحدُكم في الصلاة؛ فَلْيَرْقُدْ حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس؛ لعلَّه يذهب يستغفرُ فيَسُبَّ نفسَهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وصححه الترمذي).

٥ ‏/ ٥٣
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ١١٨ / ٣) … بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه البخاري (١/ ٦٥)، ومسلم (٢/ ١٩٠)، وأبو عوانة (٢/ ٢٩٧) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي (١/ ٣٧)، والترمذي (٢/ ١٨٦)، وابن ماجة (١٣٧٠)، وأحمد (٦/ ٥٦ و٢٠٢ و٢٥٩)، وابن نصر (٧٧) من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ورواه النسائي (١/ ٧٥) من حديث أنس، دون قوله: «حتى يذهب عنه …».
وكذا أخرجه البخاري (١/ ٦٥)، وابن نصر (٧٨).

١١٨٤ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا قام أحدكم من الليلَ، فاسْتَعْجَم القرآنُ على لسانِهِ. فلم يَدْر ما يقول؛ فَلْيَضْطجعْ».
(قلت إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن مُنَبِّهٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ …

٥ ‏/ ٥٤
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٢/ ٣١٨) … بهذا السند.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٩٠)، وأبو عوانة (٢/ ٢٩٧)، وابن نصر (٧٨) من طرق أخرى عن عبد الرزاق … به.
وأخرجه ابن ماجة (١٣٧٢) من طريق أخرى عن أبي بكر بن يحيى بن النضر عن أبيه عن أبي هريرة … به.
قلت: ورجاله ثقات؛ غير أبي بكر هذا، فقال الحافظ:
«مستور».
(تنبيه): عزاه المنذري في «مختصره» (٢/ ٩٢)، وفي «الترغيب» (١/ ٢٢٣) للترمذي أيضًا، ولم أره عنده. والله أعلم.

١١٨٥ – عن أنس قال:
دخل رسولُ الله ﷺ المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين، فقال:
«ما هذا الحبل؟ !». فقيل: يا رسول الله! هذه حَمْنَةُ بنت جَحْشٍ تصلي؛ فإذا أعيت تعلَّقَتْ به. فقال رسول الله ﷺ:
«لِتُصَلِّ ما أطاقت؛ فإذا أعْيَتْ فلتجلس».
(وفي رواية: «فقال: ما هذا؟ !»، فقالوا: لزينب تصلي؛ فإذا كسلت أو فترت أمسكت به. فقال: «حُلُّوه». فقال:
«ليصلِّ أحدُكم نشاطَهُ، فإذا كسل أو فَتَرَ؛ فَلْيَقْعُدْ»).

٥ ‏/ ٥٥
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين بالرواية الأخرى. وقد أخرجها البخاري ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم». وأما الرواية الأولى التي فيها تسمية المرأة بـ (حمنة)؛ فهي منكرة؛ لأنه تفرد بها من لا يُعْرَف؛ مع مخالفته لجمع من الثقات).
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب وهارون بن عَبَّاد الأزْدِيُّ: أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم: ثنا عبد العزيز عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق زياد.
وأما متابعه هارون؛ فمقبول عند الحافظ، ولم يخرج له أحد من الستة غير المصنف، ويبدو لي أنه ضعيف الحفظ؛ فقد خالف زياد بن أيوب في تسميته صاحبة القصة بـ (حمنة)، وسماها زياد بـ (زينب) وهو الصواب؛ لما عرفت من ثقة زياد.
لا سيما وقد تابعه جمع عن ابن عُلَيَّةَ: عند مسلم.
وتابع ابنَ عُلَيَّةَ عبد الوارث بن سعيد: عند الشيخين وغيرهما كما يأتي.
نعم؛ قد روي في حديث مرسل: أنها حمنة بنت جحش، فقال أحمد (٣/ ١٨٤): ثنا عبد الرحمن: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
رأى رسول الله ﷺ حبلًا ممدودًا بين ساريتين، فقال:
«لمن هذا؟ !». قالوا: لحمنة بنت جحش …
ثنا عبد الرحمن: ثنا حماد عن حُمَيْدٍ عن أنس عن النبي ﷺ مثله.
ثم قال (٣/ ٢٥٦): ثنا عفان: ثنا حماد قال: أنا ثابت عن عبد الرحمن بن
٥ ‏/ ٥٦
أبي ليلى … به ثنا عفان: ثنا حماد عن حميد عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ … بمثله.
قلت: والإسنادان رجالهما ثقات رجال مسحلم، لكن الأول مرسل، والآخر مسند على شرط مسلم.
وقوله فيه: (مثله) قد يشعر بأن فيه تسمية المرأة بـ (حَمْنَةَ) كما في المرسل! وهو الذي فهمه الحافظ، فقال في «الفتح» (٣/ ٣٠):
«وروى أحمد من طريق حماد عن حميد عن أنس: أنها حمنة بنت جحش»!
وفي هذا العزو نظر عندي؛ لأنه لا يلزم من قوله: (مثله) المماثلة من كل جهة، كما هو معلوم لدى العارفين بهذا العلم.
ويؤيده أن أحمد ساق في مكان آخر (٦/ ٢٠٤) متن الحديث -من طريقين-، وابن نصر (٧٨) -من طريق ثالث- وكذا في «ابن حبان» (٢٤٨٤) عن حميد … به وفيه:
فقالوا: لفلانة … لم تُسَمَّ. والله أعلم.
والحديث؛ أخرجه أحمد في «المسند» (٣/ ١٠١): ثنا إسماعيل … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٨٩) من طرق أخرى عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ … به.
وتابعه عبد الوارث عن عبد العزيز … به.
أخرجه البخاري (١/ ٢٩٠)، ومسلم، وأبو عوانة (٢/ ٢٩٧)، والنسائي (١/ ٢٤٣)، وابن ماجة (١٣٧١) من طرق عنه؛ وفيها تسمية المرأة بـ (زينب).
٥ ‏/ ٥٧
٣٠٩ – باب من نام عن حزبه
١١٨٦ – عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله ﷺ:
«من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ كُتِبَ له كأنما قرأه من الليل».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان. (ح) وثنا سليمان بن داود ومحمد بن سَلَمَةَ المُرَادي قالا: ثنا ابن وهب -المعنى- عن يونس عن ابن شهاب: أن السائب بن يزيد وعبيد الله أخبراه: أن عبد الرحمن بن عبد -قالا عن ابن وهب: ابن عبدِ القاري- قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله ﷺ …
قلت: هو صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، رجاله كلهم ثقات من رجالهما، وعلى شرط مسلم وحده من الوجه الآخر؛ فإن المرادي لم يخرج له البخاري.
ومتابعه سليمان بن داود: هو ابن أخي رِشْدِينَ المصري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٢٥٥)، والترمذي (٢/ ٤٧٤) من الوجه الأول.
وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه مسلم (٢/ ١٧١)، وأبو عوانة (٢/ ٢٧١)، والطحاوي في «المشكل» (٢/ ١٨٥)، وابن ماجة (١٣٤٣) من طرق عن ابن وهب … به.
٥ ‏/ ٥٨
وأبو عوانة، والدارمي (١/ ٣٤٦)، وابن نصر (٧٨) من طرق أخرى عن يونس … به.
وأبو عوانة، والطحاوي (٢/ ١٨٦) من طريق عُقَيْلِ بن خالد عن ابن شهاب … به.
والطبراني في «المعجم الصغير» (ص ٢٠٠) عن زياد بن سعد عن الزهري … به.
وقد رواه بعضهم عن ابن شهاب … به؛ ولكنه أوقفه!
وهو مرجوح كما حققه الطحاوي، فلا نطيل القول ببيانه.

٣١٠ – باب من نوى القيام فنام
١١٨٧ – عن عائشة زوج النبي ﷺ: أن رسول ﷺ قال:
«ما من امرئ تكون له صلاة بليل، يغلبه عليها نوم؛ إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومُهُ عليه صدقةً».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل -عنده رَضِيٍّ-: أن عائشة زوجة النبي ﷺ أخبرته.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الذي لم يُسَمَّ، فهو مجهول، وإن كان ابن جبير قد رَضِيَهُ.
وقد ادعى المنذري في «مختصره» (٢/ ٩٣): أنه الأسود بن يزيد النخعي، قاله أبو عبد الرحمن النسائي!

٥ ‏/ ٥٩
قلت: لو ثبت هذا؛ لكان الإسناد متصلًا صحيحًا؛ لكن فيه من لا يحتج به.
على أنه اضطرب في إسناده، كما يأتي بيانه.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ١١٧ / ١).
وعنه: أخرجه النسائي (١/ ٢٥٥)، وابن نصر (٧٨)، وأحمد (٦/ ١٨٠) عن مالك … به.
ثم أخرجه النسائي من طريق محمد بن سليمان قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن الأسود بن يزيد عن عائشة.
وأخرجه -من طريقه يحيى بن أبي بكير-، وأحمد (٦/ ٦٣) -من طريق وكيع- كلاهما عن أبي جعفر … به؛ إلا أنهما لم يذكرا: الأسود في إسناده. وقال النسائي عقبه:
«أبو جعفر ليس بالقوي في الحديث».
قلت: وتابعه أبو أُوَيْسٍ قال: ثنا محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن عائشة.
أخرجه أحمد (٦/ ٧٢)، ورجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنْ أبو أويس هذا -واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصْبَحِيُّ- قد تُكلِّمَ في حفظه. وقال الحافظ:
«صدوق يهم».
فمخالفته لمالك، وإسقاطه الرجل من الإسناد مما لا يلتفت إليه.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له شاهدًا من حديث أبي الدرداء … مرفوعًا نحوه، وقد صححه جماعة، ذكرتهم مع تخريج الحديث في «التعليق الرغيب»
٥ ‏/ ٦٠
(١/ ٢٠٨).
وله طريق أخرى عن أبي ذر أو أبي الدرداء -شك شعبة- مرفوعًا … به نحوه.
أخرجه ابن حبان (٦٤٠) بسند حسن.

٣١١ – باب أيُّ الليل أفضلُ؟
١١٨٨ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا؛ حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَنْ يدعوني؛ فأستجيبَ له؟ ! مَنْ يسألُنِي؛ فأُعطِيَهُ؟ ! من يستغفِرُنِي؛ فأغْفِرَ له؟ !».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد المؤلف، وأخرجه هو أيضًا ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»، وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرطهما من الطريقين؛ وأبو عبد الله: اسمه سلمان الأغر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢١٤ / ٣٠).
وأخرجه البخاري (١/ ٢٨٩) … بإسناد المؤلف عنه.

٥ ‏/ ٦١
ثم أخرجه هو (٤/ ١٩٠ و٤٧٩)، ومسلم (٢/ ١٧٥)، وابن نصر (٣٥)، وأحمد (٢/ ٤٨٧) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه ابن ماجة (١٣٦٦)، وأحمد (٢/ ٢٦٤ و٢٦٧) من طرق أخرى عن ابن شهاب … به.
وتابعه أبو إسحاق قال: حدثني الأغر أبو مسلم قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة يشهدان له على رسول الله أنه قال … فذكره نحوه.
أخرجه أبو عوانة (٢/ ٢٨٨ – ٢٨٩)، والطيالسي (٢٢٣٢ و٢٣٨٥)، وأحمد (٢/ ٣٨٣).
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والترمذي (٢/ ٣٠٧)، والدارمي (١/ ٣٤٦ – ٣٤٧)، والطيالسي (٢٥١٦)، وأحمد (٢/ ٢٥٨ و٢٨٢ و٤١٩ و٤٣٣ و٥٠٤ و٥٠٩ و٥٢١) من طرق أخرى عن أبي هريرة … به نحوه. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، قد خرجت طائفة منها في «إرواء الغليل في تخريج منار السبيل» (٤٥٠).

٣١٢ – باب وقت قيام النبي ﷺ من الليل
١١٨٩ – عن عائشة قالت:
إنْ كان رسول الله ﷺ لَيُوقِظُهُ اللهُ عز وجل بالليل، فما يجيءُ السَّحَرُ حتى يَفْرُغَ من حِزْبِهِ.
(قلت: إسناده حسن).

٥ ‏/ ٦٢
إسناده: حدثنا حسين بن يزيد الكوفي: ثنا حفص عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حسين بن يزيد الكوفي؛ قال ابن أبي حاتم (١/ ٢ / ٦٧) عن أبيه:
«لين الحديث»!
وذكره ابن حبان في «الثقات».
قلت: وروى عنه جماعة من الثقات الحفاظ، منهم أبو زرعة، وهو لا يروي إلا عن ثقة كما تقدم.
والحديث سكت عنه المنذري (٢/ ٩٤).

١١٩٠ – عن مسروق قال:
سألتُ عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله ﷺ، فقلتُ لها: أيَّ حينٍ كان يصلي؟ قالت:
كان إذا سمع الصُّرَاخَ، قام فصلى.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»، وأحد إسنادي المصنف إسناد مسلم، ولفظهم: الصارخ).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: ثنا أبو الأحوص. (ح) وثنا هَنَّاد عن أبي الأحوص -وهذا حديث إبراهيم- عن أشعث عن أبيه عن مسروق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الوجه الأول على شرط الشيخين، ومن الوجه الآخر على شرط مسلم؛ وبه أخرجه كما يأتي.

٥ ‏/ ٦٣
وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء المُحَاربي الكوفي.
وأبو الأحوص: هو سلام بن سُلَيْمٍ الحنفي مولاهم الكوفي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٢٨٦): حدننا محمد بن سلام قال: أخبرنا أبو الأحوص … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٦٧): حدثني هَنَّاد بن السَّرِيِّ … به.
ثم أخرجه البخاري (١/ ٢٨٦ و٤/ ٢٢٢)، وأبو عوانة (٢/ ٣٠٦)، والنسائي (١/ ٢٤٠)، وأحمد (٦/ ٩٤ و١١٠ و١٤٧) -من طريق شعبة-، وأحمد أيضًا (٦/ ٢٠٣ و٢٧٩) -من طريقين آخرين- كلهم عن الأشعث … به؛ وكلهم قالوا: الصارخ؛ بدل: الصراخ.

١١٩١ – عن عائشة قالت:
ما أَلفاهُ السَّحَرُ عندي إلا نائمًا. تعني: النبي ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أبو توبة عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأبو توبة: هو الربيع بن نافع الحَلَبِيُّ.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٢٨٦ – ٢٨٧): حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن سعد … به.

٥ ‏/ ٦٤
وأخرجه مسلم (٢/ ١٦٧ – ١٦٨)، وأبو عوانة (٢/ ٣٠٦)، وابن ماجة (١١٩٧) من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم … به.
وكذلك أخرجه أحمد (٦/ ١٦١ و٢٧٠).

١١٩٢ – عن حذيفة قال:
كان النبي ﷺ إذا حَزَبَهُ أمْرٌ صلَّى.
(قلت: حديث حسن).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الدُّؤَلِيِّ عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة.
قلت: وهذا إسناد رجاله؛ ثقات غير الدؤلي وشيخه: أما الأول؛ فهو مجهول؛ قال الذهبي:
«ما أعلم روى عنه غير عكرمة بن عمار». وقال الحافظ:
«مقبول».
وأما الشيخ؛ فقد روى عنه اثنان آخران، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقيل: إن له صحبة.
لكن للحديث شاهد يتقوى به، يأتي ذكره.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٣٨٨)، وابن نصر في «الصلاة» (ق ٣٦/ ٢)، والبيهقي في «الشعب» (٣/ ١٥٤)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٦/ ٢٧٤) من طرق أخرى عن عكرمة … به.
والشاهد المشار إليه؛ خرجته في «تخريج المشكاة» (١٣٢٥)، وذكرت ثَمَّ أن

٥ ‏/ ٦٥
الحديث به حسن. وسكت عنه المنذري، وقال (٢/ ٩٤):
«وذكر بعضهم أنه روي مرسلًا».

١١٩٣ – عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال:
كنت أبِيتُ مع رسول الله ﷺ؛ آتيهِ بوَضوئه وبحاجته. فقال:
«سَلْني». فقلت: مرافقتَكَ في الجنة! قال:
«أو غيرَ ذلك!». قلت: هو ذاك! قال:
«فأعِنِّي على نفسك بكثرة السُّجود».
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما).
إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا الهِقْلُ بن زياد السّكْسَكِي: ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: سمعت ربيعة بن كعب الأسلمي يقول …
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير هشام بن عمار، فهو من شيوخ البخاري، وفي حفظه ضعف كما تقدم غير مرة، لكنه لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٥٢)، وأبو عوانة (٢/ ١٨١ – ١٨٢)، والنسائي (١/ ١٧١) من طريق الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة … به.
وله في «المسند» (٤/ ٥٩) طريق أخرى عن ربيعة … به أتم منه.
وإسناده جيد.

٥ ‏/ ٦٦
وبعضه عند الترمذي (٣٤١٢)، وابن ماجة، وكذا أحمد (٤/ ٥٧ – ٥٨) من الطريق الأولى. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ورواه الدَّولابي في «الكنى والأسماء» (١/ ٤٨) من طريق أخرى عن أبي فراس الأسلمي -وهو ربيعة بن كعب- … به نحوه.

١١٩٤ – عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾؛ قال:
كانوا يتيقَّظون ما بين المغرب والعشاء يصلُّون.
[قال:] (١) وكان الحسن يقول: قيام الليل.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه الترمذي نحوه -وصححه- من طريق أخرى).
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُرَيْع: ثنا سعيد عن قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي كامل -واسمه فُضَيْل بن حُسَيْنٍ-، وهو ثقة حافظ من شيوخ مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن» (٣/ ١٩) من طريق المصنف.
وأخرجه من طريق عبد الوهاب: أبَنَا سعيد … به.


(١) يعني: قتادة. وسقطت هذه الزيادة من الأصل، فاستدركتها من نسخة «عون المعبود»، و «مختصر المنذري»، و«سنن البيهقي».
٥ ‏/ ٦٧
وله طريق أخرى، أخرجه الترمذي (٢/ ٢٠٧) عن يحيى بن سعيد عن أنس:
أن هذه الآية: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ نزلت في انتظار الصلاة التي تُدْعى العَتَمَةَ. وقال:
«حديث حسن صحيح غريب».
قلت: وإسناده صحيح.
ورواه ابن جرير بإسناد جيد؛ كما قال ابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٤٥٩).

١١٩٥ – عن أنس في قوله عز وجل: ﴿كانوا قليلًا من الليل ما يَهْجَعُون﴾، قال:
كانوا يصلُّون فيما بين المغرب والعشاء -زاد في حديث يحيى: وكذلك (تتجافى جنوبهم).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١٩) من طريق المؤلف.
وسكت عنه المنذري (٢/ ٩٤ و٩٥)، وكذا عن الذي قبله.

٥ ‏/ ٦٨
٣١٣ – من باب افتتاح صلاة الليل بركعتين
١١٩٦ – عن عبد الله بن حُبْشِيٍّ الخَثعَمِيِّ:
أن رسول الله ﷺ سئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال:
«طولُ القيام».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن الصواب في لفظه: أي الصلاة).
إسناده: حدثنا ابن حنبل -يعني: أحمد-: ثنا حجاج قال: قال ابن جريج: أخبرني عثمان بن أبي سليمان عن علي الأزْديِّ عن عُبَيْد بن عُمَيْر عن عبد الله ابن حبْشِيٍّ الخَثْعَمِيِّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم.
والحديث في «مسند أحمد» (٣/ ٤١١ – ٤١٢) … بهذا السند أتم منه؛ ولفظه: سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال:
«إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غُلولَ فيه، وحَجَّة مبرورة». قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال:
«طول القنوت». قيل: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال:
«جُهْدُ المُقِلِّ». قيل: فأيُّ الهجرة أفضل.؟ قال:
«من هجر ما حرم الله عليه». قيل: فأيُّ الجهاد أفضل؟ قال:
«من جاهد المشركين بماله ونفسه». قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال:
٥ ‏/ ٦٩
«من أُهْرِيق دمه، وعُقِرَ جواده». وسيعيده المصنف (١٣٠٣) بهذا التمام، مع اختصار مخِلٍّ.
وهكذا أخرجه النسائي (١/ ٣٤٩)، والدارمي (١/ ٣٣١)، والبيهقي (٣/ ٩) من طرق عن حجاج … به.
ومنه يتبين أن المصنف رحمه الله تعالى اختصره اختصارًا مُخِلًا! فإن نصه عند أحمد وغيره: أي الصلاة أفضل … وليس: أي الأعمال أفضل. وإنما هذا في أول الحديث، وجوابه: قال: «إيمان لا شك فيه».
وكذلك أخرجه ابن نصر (٥١) مختصرًا على الصواب، وبلفظ:
«القيام». وقال الآخرون:
«القنوت».
والمعنى واحد.
ولابن جريج فيه إسناد آخر، فقال: أخبرني أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ:
«أفضل الصلاة طول القنوت».
أخرجه مسلم (٢/ ١٧٥)، وابن ماجة (١٤٢١)، والبيهقي (٣/ ٨).
وتابعه ابن عيينة عن أبي الزبير … به.
أخرجه الترمذي (٢/ ٢٢٩)، وقال:
«حديث حسن صحيح».
وابن أبي ليلى عنه: رواه أحمد (٣/ ٣٩١).
٥ ‏/ ٧٠
وتابعه أبو سفيان عن جابر … به.
أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (٣/ ٣٠٢)، وعنده زيادة السؤال عن: أي الجهاد أفضل؟ وجوابه.
وللحديث شاهد من حديث أنس قال:
قال رجل: يا رسول الله! أي الصلاة أفضل؟ قال:
«طول القنوت».
أخرجه البزار (١/ ١٧٧ / ٣٥١) بسند صحيح.

٣١٤ – باب صلاة الليل: مثنى مثنى
١١٩٧ – عن عبد الله بن عمر:
أن رجلًا سأل رسول الله ﷺ عن صلاة الليل؟ فقال:
«صلاة الليل: مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ صلى ركعة واحدة؛ تُوتِرُ له ما قد صلى».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وفد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٢٣ / ١٣) … بهذا الإسناد.

٥ ‏/ ٧١
وعنه: أخرجه أيضًا البخاري (١/ ٢٥٢)، ومسلم (٢/ ١٧١ – ١٧٢)، وأبو عوانة (٢/ ٣٣٤)، والدارمي (٢/ ٣٤٠)، والبيهقي (٣/ ٢١) كلهم عن مالك … به؛ إلا أن الدارمي لم يذكر في إسناده: عبد الله بن دينار.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر: عند الشيخين، والنسائي (١/ ٢٤٦)، والترمذي (٢/ ٣٠٠)، وابن ماجة (١١٧٥)، والبيهقي، وأحمد (٢/ ٥ و٩ و١٠).
وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». ويأتي أحدها برقم (١٢٧٧).
وزاد مسلم في رواية (٢/ ١٧٤):
فقيل لابن عمر: ما «مثنى مثنى»؟ قال:
أن تسلِّم في كل ركعتين.

٣١٥ – باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل
١١٩٨ – عن ابن عباس قال:
كانت قراءة النبي ﷺ على قدر ما يسْمَعُهُ مَنْ في الحُجْرَةِ وهو في البيت.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن جعفر الوَرَكَانِيُّ: ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عكرمة، فمن رجال البخاري.

٥ ‏/ ٧٢
إلا أن مسلمًا إنما أخرج لابن أبي الزناد -واسمه عبد الرحمن- في (المقدمة)، وقد تكلم بعضهم في حفظه، ولكن ذلك لا يجعل حديثه ينزل عن رتبة الحسن.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١٠ – ١١) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو، وابن خزيمة (١١٥٧)، وعنه ابن حبان (٢٥٧٢) من طريق سعيد بن أبي هلال عن مَخْرَمَةَ بن سليمان أن كُرَيبًا أخبره قال:
سألت ابن عباس، فقلت: كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ بالليل؟ فقال … فذكره نحوه.
ورجاله ثقات. فالحديث صحيح بمجموع الطريقين. وإعلال المنذري -ثم المناوي- بـ (ابن أبي الزناد)! خطأ يُعْرَفُ مما سبق.

١١٩٩ – عن أبي هريرة؛ أنه قال:
كانت قراءةُ النبي ﷺ بالليل: يَرْفَعُ طَورًا، ويخفِضُ طَوْرًا.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان (٢٥٩٤)، والحاكم).
إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّار بن الرَّيان: ثنا عبد الله بن المبارك عن عمران ابن زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوَالِبيِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أن زائدة هذا -وهو ابن نَشِيطٍ- لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير ابنه هذا وفِطْرِ بن خليفة. وقال الحَافظ في «التقريب»: «مقبول».
والحديث أخرجه ابن حبان (٦٥٧)، والحاكم (١/ ٣١٠) من طريق أخرى عن

٥ ‏/ ٧٣
عمران … به. وسكت عليه المنذري (٢/ ٩٦)!
وإنما أوردته هنا؛ لأن له شاهدًا من حديث عائشة … أنها سئلت: كيف كانت قراءة رسول الله ﷺ من الليل؟ أيجهر أم يُسِرُّ؟ قالت:
كلَّ ذلك قد كان يفعل: ربما جهر، وربما أسرَّ.
أخرجه أحمد (٦/ ١٤٩) وغيره بسند صحيح.
وقد مضى في «الطهارة» من هذا الكتاب رقم (٢٢٣).

١٢٠٠ – عن أبي قتادة:
أن النبيَّ ﷺ خرج ليلةً؛ فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته. قال: ومرَّ بعمر بن الخطاب وهو يصلي رافعًا صوته.
قال: فلما اجتمعا عند النبي ﷺ قال ﷺ:
«يا أبا بكر! مَرَرْتُ بك وأنت تصلي تخفِضُ صوتَكَ؟ !».
قال: قد أسْمَعْتُ من ناجيتُ يا رسول الله! قال: وقال لعمر:
«مَرَرْتُ بك وأنت تصلي رافعًا صوتك؟ !».
قال: فقال: يا رسول الله! أُوقِظُ الوَسْنَانَ، وأطرُدُ الشيطانَ! فقال النبي ﷺ:
«يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئًا». وقال لعمر:
«اخفض من صوتك شيئًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه

٥ ‏/ ٧٤
الذهبي، وصححه ابن حبان أيضًا).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت البُنَاني عن النبي ﷺ. (ح). وثنا الحسن بن الصَّبَّاح: ثنا يحيى بن إسحاق: أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البُنَاني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم من الوجهين: والوجه الأول مرسل، والآخر مسند، وسوف يعيده المصنف عن شيخ آخر برقم (١٢٨٨) نحوه.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١١) من طريق المصنف من الوجه المرسل.
ثم أخرجه من طريق الحاكم، وهذا في «المستدرك» (١/ ٣١٠)، والترمذي (٢/ ٣٠٩ – ٣١٠)، وابن حبان (٦٥٦) من طرق أخرى عن يحيى بن إسحاق السَّالَحِيني … به مسندًا، وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وأما الترمذي؛ فأعله بالإرسال، فقال:
«حديث غريب. وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة. وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلًا». وتعقبه العلامة أحمد شاكر بقوله:
«هذا التعليل لا يؤثر في صحة الحديث؛ فإن يحيى بن إسحاق ثقة …»!
قلت: بلى هو مؤثر؛ إن ثبت أن جماعة من الرواة رووه مرسلًا؛ لأن الجماعة أحفظ من الفرد، وهذا إذا كانوا ثقات. ولم أقف على أحد منهم؛ سوى موسى بن إسماعيل شيخ المصنف؛ فقد رواه عن ثابت مرسلًا كما رأيت، فإن توبع على إرساله فالقول قول الترمذي.
٥ ‏/ ٧٥
ولكن الحديث صحيح على كل حال؛ للشاهد الآتي بعده، وشاهد آخر من مرسل زيد بن يُثَيْعٍ أخرجه ابن نصر (٥٣).

١٢٠١ – عن أبي هريرة … بهذه القصة؛ لم يذكر: فقال لأبي بكر: «ارفع من صوتك شيئًا»، ولعمر: «احفض شيئًا»، وزاد: «وقد سمعتك يا بلال! وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة؟ !».
قال: كلام طَيِّبٌ، يجمع الله تعالى بعضه إلى بعض! فقال النبي ﷺ: «كلُّكم قد أصاب».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا أبو حَصِينٍ بن يحيى الرازي: ثنا أسباط بن محمد عن محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي محمد بن عمرو كلام لا يضر.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١١) من طريق المؤلف.

١٢٠٢ – عن عائشة رضي الله عنها:
أن رجلًا قام من الليل، فقرأ فرفع صوته بالقرآن. فلما أصبح قال رسول الله ﷺ:
«يرحمُ الله فلانًا! كأيٍّ من آية أذْكَرَنِيها الليلةَ، كنتُ قد أسْقَطْتُها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في «صحيحيهما»).

٥ ‏/ ٧٦
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١٢) من طريق سليمان بن حرب: ثنا حماد بن سلمة … به.
وأخرجه البخاري (٣/ ٣٠٤ – ٣١٥)، ومسلم (٢/ ١٩٠)، من طريق أبي أسامة عن هشام … به نحوه.
ثم أخرجه البخاري (٢/ ١٥٢)، ومسلم، وابن نصر (٥٣)، وأحمد (٦/ ٦٢)، من طرق أخرى عن هشام … به.

١٢٠٣ – عن أبي سعيد قال:
اعتكف رسول الله ﷺ في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف السِّتْرَ وقال:
«ألا إنَّ كُلَّكم مُناجٍ رَبَّهُ، فلا يُؤْذيَنَّ بعضُكم بعضًا، ولا يَرَفَعْ بعضُكم على بعضٍ في القِراءةِ -أو قال: في الصلاة-».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن إسماعيل
ابن أمية عن أبي سلمة عن أبي سعيد.

٥ ‏/ ٧٧
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٩٤): ثنا عبد الرزاق … به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (فضائل القرآن)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ١٢٦ / ٢)، والحاكم (١/ ٣١٠ – ٣١١)، وعنه البيهقي (٣/ ١١). وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي.
قلت: وللحديث شاهد من حديث البَيَاضِيِّ: عند مالك (١/ ٨٠ / ٢٩)، وعنه أحمد (٤/ ٣٤٤)، وكذا النسائي.
وعن ابن عمر: عند أحمد (٢/ ٣٦ و٦٧ و١٦٩)، وصححه ابن خزيمة (١/ ٢٢٧ / ١).
والطبراني عن أبي هريرة وعائشة؛ كما في «الفتح الكبير».

١٢٠٤ – عن عُقْبَةَ بن عامر الجُهَنِي قال: قال رسول الله ﷺ: «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمُسِرُّ بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٧٣١)، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل بن عَياش عن بَحيِرِ بن سَعْدٍ عن خالد بن مَعْدان عن كَثِيرِ بن مُرَّةَ الحضرمي عن عقبة بن عامر الجُهَنِي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن عياش إنما يضعف في غير روايته عن الشاميين، وهذا من روايته عنهم، على أنه لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٢/ ١٥١ – بولاق)، والبيهقي (٣/ ١٣) من طرق أخرى عن ابن عياش … به. وقال الترمذي:

٥ ‏/ ٧٨
«حسن غريب».
وتابعه معاوية بن صالح عن بَحِيرِ بن سعد … به.
أخرجه النسائي (١/ ٣٥٧)، وابن حبان (٦٥٨)، وابن نصر (٥٣)، وأحمد (٤/ ١٥١ و١٥٨).
ورواه النسائي (١/ ٢٤٥) عن محمد بن سُمَيْعٍ: حدثنا زيد بن واقد عن كثير ابن مُرَّةَ … به.
وهذا سند حسن.

٣١٦ – باب في صلاة الليل
١٢٠٥ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل عَشْرَ رَكَعات، ويوتر بسجدة، ويسجد سجدتي الفجر، فذلك ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عَدِيٍّ عن حنظلة عن القاسم بن محمد عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٢٨٨)، ومسلم (٢/ ١٦٧)، وأبو عوانة

٥ ‏/ ٧٩
(٢/ ٣٢٧)، والبيهقي (٣/ ٦ و٧)، وأحمد (٥/ ١٦٥٦) من طرق عن حنظلة … به.

١٢٠٦ – عن عائشة زوج النبي ﷺ:
أن رسول الله ﷺ كان يصلي من الليل إحدى عَشْرَةَ ركعةً؛ يوتر منها بواحدةٍ، فإذا فرغ منها اضطجع على شِقِّهِ الأيمن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما». وصححه الترمذي، إلا أن ذكر الاضطجاع بعد الوتر شاذ! والمحفوظ أنه بعد الفجر؛ كذلك أخرجه البخاري، ورجحه البيهقي والحافظ).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٢٠ / ٨) … بهذا الإسناد.
وقد أخرجه مسلم (٢/ ١٦٥)، وأبو عوانة (٢/ ٣٢٦)، والنسائي (١/ ٢٤٨ و٢٥١)، والترمذي (٢/ ٣٠٣) -وقال: «حسن صحيح»-، والبيهقي (٣/ ٤٤)، وأحمد (٦/ ٣٥ و١٨٢) كلهم عن مالك … به؛ وزاد مسلم وغيره:
حتى يأتيه الؤذن، فيصلي ركعتين خفيفتين.
وتابعه معمر بن راشد عن الزهري … به؛ إلا أنه خالفه في الاضطجاع، فقال:
… فإذا طلع الفجر؛ صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يجيء المؤذن فيُؤْذِنه.

٥ ‏/ ٨٠
أخرجه البخاري (٤/ ١٨٧)، وأحمد (٦/ ٣٤)، والبيهقي، وقال:
«وكذلك رواه الأوزاعي وعمر بن الحارث ويونس بن يزيد وابن أبي ذئب وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري. وكذلك قاله أبو الأسود عن عروة عن عائشة. وخالفهم مالك بن أنس؛ وذكر الاضطجاع بعد الوتر …»، ثم ساق رواية مالك التي أخرجها المصنف، ثم قال:
«كذا قاله مالك! والعدد أولى بالحفظ من الواحد. وقد يحتمل أن يكونا محفوظين، فنقل مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر»!
قلت: وهذا احتمال بعيد! وقد أشار إلى ردِّه الحافظ؛ فقد قال في «الفتح» (٣/ ٣٦ – ٣٧) -بعد أن ذكره من طريق مسلم عن مالك-:
«وخالفه أصحاب الزهري عن عروة، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو المحفوظ. ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع».
ومن هذا التحقيق؛ تعلم أن قول المنذري في «مختصره» (٢/ ٩٨):
«وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة»!
فهو وهم؛ لأن البخاري لم يخرجه بهذا السياق الشاذ، وإنما بالسياق المحفوظ.

١٢٠٧ – عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يصلي -فيما بين أن يَفْرغَ من صلاة العشاء إلى أن يَنْصَدعَ الفجرُ- إحدى عَشْرَةَ ركعةً، يسلِّم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، ويمكث في سجوده قَدْرَ ما يقرأ أحدكم خمسين آيةً قبل أن يرفع رأسه. فإذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر؛ قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شِقِّهِ الأيمن حتى يأتِيَهُ المؤذِّن.

٥ ‏/ ٨١
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ونصر بن عاصم -وهذا لفطه- قالا: ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي -وقال نصر: عن ابن أبي ذئب والأوزاعي- عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط -الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن إبراهيم- وهو أبو سعيد الدمشقي الملقب بـ (دحَيْم) -، وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري.
وأما نصر بن عاصم -وهو الأنطاكي-، فهو لين الحديث كما في «التقريب»، لكن روايته هنا متابعة؛ فالاعتماد فيها على دُحَيْمٍ.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١٣٥٨): وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي … به.
وأخرجه هو، وأحمد (٦/ ٧٤ و١٤٣ و٢١٥) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب عن الزهري … به.
ثم قال أحمد (٦/ ٨٣): ثنا أبو المغيرة: ثنا الأوزاعي … به.
وتابعه شعيب عن الزهري … به.
أخرجه البخاري (١/ ٢٥٣ و٣٨٥)، وأحمد (٦/ ٨٨)، والنسائي (١/ ٢٥٣).
وتابعه آخرون: عند مسلم وأبي عوانة وغيرهما كما يأتي.
٥ ‏/ ٨٢
١٢٠٨ – وفي رواية … بإسناده: ومعناه؛ قال:
ويوتر بواحدة، ويسجد سجدةً قَدْرَ ما يقرأُ أحدُكم خمسين آية قبل أن يرفعَ رأسَهُ. فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبيَّن له الفجر … وساق معناه.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: ثنا ابن وهب: أخبرني ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد أن ابن شهاب أخبرهم … بإسناده ومعناه؛ قال: وبعضهم يزيد على بعض.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٦٥ – ١٦٦)، وأبو عوانة (٢/ ٣٢٦)، والبيهقي (٣/ ٢٣) من طرق عن ابن وهب … به؛ إلا أن مسلمًا لم يذكر ابن أبي ذئب في سنده.
وأخرجه أحمد (٦/ ٢٤٨) من طريق أخرى عن يونس وحده.

١٢٠٩ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يصلِّي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، يوتر منها بخمس، لا يجلس في شيء من الخمس حتى يجلس في الآخرة، فيسلِّم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).

٥ ‏/ ٨٣
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهَيْبٌ: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
ورواه ابن نمير عن هشام … نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٦٦)، وأبو عوانة (٢/ ٣٢٥)، والنسائي (١/ ٢٥٠)، وابن نصر في «قيام الليل» (١٢٠ – ١٢١)، وأحمد (٦/ ٥٠ و٦٤ و١٢٣ و١٦١ و٢٠٥) من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به؛ وفي رواية لأحمد:
كان يرقد، فإذا استيقظ تسوَّك، ثم توضأ، ثم صلى ثمان ركعات، يجلس في كل ركعتين، فيسلِّم، ثم يوتر بخمس ركعات، لا يجلس إلا في الخامسة، ولا يسلم إلا في الخامسة.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث عزاه المنذري البخاري أيضًا! ولم أره في «صحيحه»!
ويأتي له شاهد (١٢٢٧).

١٢١٠ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يصلِّي بالليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، ثم يصلي -إذا سمع النداء بالصبح- ركعتين خفيفتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

٥ ‏/ ٨٤
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٧٨): قرأت على عبد الرحمن: مالك عن هشام ابن عروة … به.

١٢١١ – عن عائشة:
أن نبي الله ﷺ كان يصلي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً؛ كان يصلي ثماني ركعات، ويوتر بركعة، ثم يصلي بعد الوتر ركعتين، وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع؛ قام فركع، ويصلي بين أذان الفجر والإقامة ركعتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم قالا: ثنا أبان عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٦٦)، والنسائي (١/ ٢٥٣)، وأحمد (٦/ ١٨٩) من طرق عن يحيى بن أبي كثير … به.

١٢١٢ – عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه سأل عائشة زوج النبي ﷺ:
كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان؟ فقالت:
ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضانَ ولا في غيره على إحدى عَشْرَةَ ركعةً؛ يصلِّي أربعًا فلا تَسْألْ عن حُسْنِهنَّ وطولِهِنَّ، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا.

٥ ‏/ ٨٥
قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ ! قال:
»يا عائشة! إن عَيْنَيَّ تنامان ولا ينامُ قلبي«.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناد البخاري إسناد المصنف»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره: أنه سأل …
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٢٠ / ٩) … بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢/ ٣٩٥) عنه … بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه أيضًا (١/ ٥٠٠)، ومسلم (٢/ ١٦٦)، والنسائي (١/ ٢٤٨)، والطحاوي في «المشكل» (٤/ ٣٥٣)، والبيهقي (٣/ ٦)، وأحمد (٦/ ٣٦ و٧٣ و١٠٤) من طرق عن مالك … به. وقال الترمذي (رقم ٤٣٩):
«حديث حسن صحيح».
ولجملة النوم منه شاهد من حديث الحسن … مرسلًا.
عزاه السيوطي في «الجامع» لابن سعد! ولم أجده فيه!

١٢١٣ – عن سعد بن هشام قال:
طَلَّقْتُ امرأتي، فأتيت المدينة لأبِيع عَقَارًا كان لي بها، فأشتريَ به السلاحَ وأغزوَ، فلَقِيتُ نفرًا من أصحاب النبي ﷺ، فقالوا: قد أراد منا

٥ ‏/ ٨٦
سِتةٌ أن يفعلوا ذلك، فنهاهم النبي ﷺ، وقال: ﴿لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنةٌ﴾. فأتيت ابن عباس، فسألته عن وتر النبي ﷺ؟ فقال: أدُلُّك على أعلم الناس بوتر رسول الله ﷺ، فَأْتِ عائشة رضي الله عنها. فأتيتُها، فاستتبعتُ حَكِيمَ بن أفْلَحَ، فأبى، فناشدته، فانطلق معي. فاستأذن على عائشة، فقالت: من هذا؟ قال: حَكِيمُ بن أفْلَحَ. قالت: ومن معك؟ قال: سعد بن هشام. قالت: هشام بن عامرٍ الذي قُتِلَ يومَ أُحُد؟ قال: قلت: نعم. قالت: نعْمَ المرءُ كان عامرٌ! قال: قلت: يا أم المؤمنين! حدِثيني عن خُلُقِ رسول الله ﷺ؟ قالت:
ألستَ تقرأ القرآن؟ ! فإن خُلُقَ رسول الله ﷺ كانَ القرآنَ.
قال: قلت: حدِّثيني عن قيام الليل؟ قالت:
ألست تقرأ: (يا أيها المزمل)؟ ! قال: قلت: بلى. قالت:
فإن أول هذه السورة نزلت، فقام أصحاب رسول الله ﷺ حتى انتفخت أقدامهم، وحُبِسَ خاتمتُها في السماء اثْنَيْ عَشَرَ شهرًا، ثم نزل آخرها، فصار قيامُ الليل تطوُّعًا بعد فريضة.
قال: قلت: حدِّثيني عن وتر النبي ﷺ؟ قالت:
كان يوتر بثمان ركعات، لا يجلس إلا في الثامنة، ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى، لا يجلس إلا في الثامنة والتاسعة، ولا يسلم إلا في التاسعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عَشْرَةَ ركعةً يا بُنَيَّ! فلما أسنَّ وأخذَ اللحمَ؛ أوتر بسبع ركعات، لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلِّم إلا في السابعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك
٥ ‏/ ٨٧
تسعُ ركعاتٍ يا بُنَيَّ! ولم يقم رسول الله ﷺ ليلة يُتِمُّها إلى الصباح، ولم يقرأ القرآن في ليلة قطُّ. ولم يَصُمْ شهرًا يتِمُّه غير رمضان، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها، وكان إذا غلبته عيناه من الليل بنوم؛ صلى من النهار ثِنْتَيْ عَشْرَةَ ركعةً.
قال: فأتيتُ ابن عباس فحدَّثته. فقال: هذا -والله- هو الحديث، ولو كنت أكلِّمها؛ لأتيتها حتى أُشافِهَهَا به مشافهةً! قال: قلَت: لو علمت أنك لا تكلِّمها ما حدَّثتك!
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال «الصحيح». وقد أخرجه مسلم في «صحيحه»، وكذا أبو عوانة؛ دون قوله: قال: قلت: لو علمت …).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا همام: ثنا قتادة عن زُرَارة بن أوفى عن سعد بن هشام.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلمًا لم يخرج لحفص بن عمر -وهو أبو عمرو الحَوْضِي-، وهو ثقة ثبت.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٦٨ – ١٧٠)، وأبو عوانة (٢/ ٣٢١ – ٣٢٥)، والنسائي (١/ ٢٣٧)، وابن نصر في «قيام الليل» (ص ٤٨)، وأحمد (٦/ ٥٣) من طرق عن قتادة … به؛ وعند مسلم زيادة إعداد السواك له.
وتابعه الحسن البصري عن سعد بن هشام … به نحوه.
أخرجه أحمد (٦/ ٢٣٥)؛ وصرح الحسن بالتحديث في رواية عنده (٦/ ١٦٨). وسيأتي في الكتاب (١٢٢٣).
٥ ‏/ ٨٨
١٢١٤ – وفي رواية … بإسناده نحوه؛ قال:
يصلِّي ثماني ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس؛ فيذكر الله عز وجل، ثم يدعو، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلِّم، ثم يصلي ركعة؛ فتلك إحدى عشرة ركعة يا بُنَيَّ! فلما أسنَّ رسولُ الله ﷺ وأخذَ اللَّحْم؛ أوتر بسبعٍ، وصلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلّم … بمعناه، إلى مشافهة …
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما» كما تقدم).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن قتادة … بإسناده نحوه قال …
قال المصنف: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر: ثنا سعيد … بهذا الحديث؛ قال:
يسلِّم تسليمًا يسْمِعُنا … كما قال يحيى بن سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة من طرق عن قتادة … به كما تقدم.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٥٣): ثنا يحيى: ثنا سعيد بن أبي عروبة … به.
وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ٣٢٣): حدثا الحسن بن علي بن عفان قال: ثنا محمد بن بشر … به؛ وزاد -بعد قوله: ثم يدعو-:
… رَبَّهُ، ويصلي على نبيِّه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه ﷺ، ويدعو، ثم يسلم …
٥ ‏/ ٨٩
وإسناده صحيح.
وفيه فائدة عزيزة، وهي مشروعية الصلاة عليه ﷺ في التشهد الأول.

١٢١٥ – وفي أخرى … بنحو التي قبلها؛ إلا أنه قال: ويسلم تسليمةً يُسْمِعُنا.
(قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد … بهذا الحديث. قال ابن بشار: بنحو حديث يحيى بن سعيد؛ إلا أنه قال …
والحديث أخرجه مسلم من طريق أخرى عن محمد بن أبي عدي … به.
وابن حبان (٦٦٩)، والبيهقي عن معاذ بن هشام: حدثنا أبي عن قتادة … بلفظ الكتاب.

١٢١٦ – عن زُرَارة بن أوفى:
أن عائشة رضي الله عنها سُئِلَتْ عن صلاة رسول الله ﷺ في جوف الليل؟ فقالت:
كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله، فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه، وينامُ وطَهورُهُ مُغَطّىً عند رأسه، وسِواكُهُ موضوعٌ؛ حتى يبعثه الله ساعتَهُ التي يَبعَث من الليلِ، فيتسوكُ، ويُسْبغُ الوُضوء، ثم يقوم إلى مصلّاه، فيصلي ثمان ركعات؛ يقرأ فيهن بأمِّ الكتاب وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقفُ في شيء منها، حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد، فيدعو بما شاء

٥ ‏/ ٩٠
الله أن يدعو، ويسأله ويرغَبُ إليه، ويسلم تسليمة واحدةً شديدة، يكاد يُوقِظُ أهلَ البيت مِنْ شدَّةِ تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يركع الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلِّم وينصرف. فلم تزل تلك صلاةَ رسول الله ﷺ حتى بَدَّنَ، فنقصَ من التسع ثنتين، فجعلهما إلى الستِّ والسبع؛ وركعتيه وهو قاعدٌ، حتى قُبِضَ علىَ ذلك ﷺ.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع ركعات! والمحفوظ: ركعتان).
إسناده: حدثنا علي بن حسين الدَرْهَمِيّ: ثنا ابن أبي عدي عن بَهْزِ بن حَكِيمٍ: ثنا زُرَارة بن أوفى.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا أنه منقطع بين زرارة وعائشة؛ قال في «تهذيب التهذيب»:
«والمحفوظ أن بينهما سعد بن هشام».
قلت: كذلك رواه حماد بن سلمة عن بَهْزٍ؛ كما يأتي عند المصنف. فالحديث بذلك صحيح. والله أعلم.
والحديث أخرجه أحمد أيضًا كما يأتي.

١٢١٧ – وفي رواية … بإسناده؛ قال:
يصلِّي العشاء، ثم يَأْوِي إلى فراشه … لم يذكر: الأربع ركعات، وساق الحديث قال فيه:
فيصلِّي ثمان ركعات، يُسَوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ولا

٥ ‏/ ٩١
يجلس في شيء فيهن إلا في الثامنة؛ فإنه كان يجلس، ثم يقوم ولا يسلم، فيصلي ركعة يوتربها، ثم يسلم تسليمة،؛ يرفع بها صوته حتى يُوقِظَنا … ثم ساق معناه.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله. ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا بهز بن حكيم … فذكر هذا الحديث بإسناده قال …
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ ولكنه منقطع كما سبق بيانه في الذي قبله.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٢٣٦): ثنا يزيد قال: ثنا بَهْزُ بن حَكِيم … به؛ إلا أنه قال: ركعتين مكان: أربع ركعات.
وهو المحفوظ عن عائشة في «مسلم» وغيره، كما يأتي تحقيقه بعد حديث.

١٢١٨ – وفي أخرى عن المؤمنين:
أنها سُئِلَتْ عن صلاة رسول الله ﷺ؟ فقالت: كان يصلي بالناس العشاء، ثم يرجع إلى أهله، فيصلي أربعًا، ثم يَأْوي إلى فراشه … ثم ساق الحديث بطوله؛ لم يذكر: يُسوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ولم يذكر -في التسليم-: حتى يوقظنا.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع، والمحفوظ ركعتان).
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا مروان -يعني: ابن معاوية- عن بهز: ثنا زرارة بن أوفى عن عائشة أم المؤمنين.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات أيضًا؛ ولكنه منقطع كما عرفت.

٥ ‏/ ٩٢
١٢١٩ – وفي رواية رابعة عنها … بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهم.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد -يعني: ابن سلمة- عن بهز ابن حكيم عن زُرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير بهز بن حكيم، وهو ثقة.
ويلاحظ أن حمادًا قد زاد في السند: سعد بن هشام بين زرارة وعائشة، وبذلك اتصل الإسناد، وزال الانقطاع الذي وقع في الروايات المتقدمة.
وقد توبع حماد على وصله. وكأنه لذلك جزم الحافظ في «التهذيب» بأنه المحفوظ، فقال الإمام أحمد (٦/ ٢٣٦): ثنا يونس قال: ثنا عمران بن يزيد العَطَّار عن بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام قال:
قلت لأم المؤمنين عائشة: كيف كات صلاة رسول الله ﷺ من الليل؟ قالت: كان يصلي العشاء … فذكر الحديث (يعني: من رواية يزيد بن هارون)، ويصلي ركعتين قائمًا، يرفع صوته كأنه يوقظنا -بل يوقظنا-، ثم يدعو بدعاء يُسْمِعُنا، ثم يسلم تسليمةً، ثم يرفع بها صوته.
ورجاله ثقات معروفون؛ غير عمران بن يزيد العطار، فوثقه ابن حبان.
وقد تقدم أن في رواية يزيد بن هارون: ركعتين مكان: أربع ركعات.
فكأن في قوله: «فذكر الحديث» إشارةً إلى أن ذلك في حديث العطار أيضًا؛ وإلا لذكر الخلاف بينهما.
٥ ‏/ ٩٣
وهذا هو المحفوظ: ركعتان بعد العشاء؛ ففي حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة:
أن النبي ﷺ كان يصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين … الحديث.
أخرجه مسلم (٢/ ١٦٢)، وابن خزيمة (١١٩٩).
ونحوه حديث أبي حُرَّة عن الحسن عن سعد بن هشام عنها قالت:
كان إذا صلى العشاء؛ تجوَّز بركعتين ثم ينام … الحديث.
أخرجه ابن خزيمة (١١٠٤)، وعنه ابن حبان (٢٦٢٦ و٢٦٣١)، وقال: «أبو حُرَّةَ: اسمه واصل بن عبد الرحمن».
قلت: وهو ثقة من رجال مسلم؛ الا أنهم ضعفوه في روايته عن الحسن؛ يقولون: لم يسمعها من الحسن.
فالعمدة على ما تقدم، وهو بذلك حسن صحيح.
نعم؛ قد صحت الأربع من حديث ابن عباس قال:
كنت في بيت ميمونة؛ فلما صلى النبي ﷺ العَتَمَةَ؛ جاء فصلى أربع ركعات.
أخرجه ابن نصر في «قيام الليل» (ص ٣٥) بسند صحيح عنه.

١٢٢٠ – عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ كان يصلِّي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً؛ يوتر بسبع -أو كما قالت-، ويصلي ركعتين وهو جالس، وركعتي الفجر بين الأذان والإقامة.
(قلت: إسناد حسن صحيح).

٥ ‏/ ٩٤
إسناده: حدثنا موسى -يعني: ابن إسماعيل-: ثنا حماد يعني: ابن سلمة- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لمحمد بن عمرو إلا متابعة، وهو حسن الحديث كما سبق مرارًا.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٥٥ و١٨٢) من طريقين آخرين عن محمد … به نحوه.

١٢٢١ – عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ كان يوتر بتسع ركعات، ثم أوتر بسبع ركعات، وركع ركعتين وهو جالس بعد الوتر، يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع؛ قام فركع ثم سجد.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد حسن أيضًا، والقول فيه كالقول في الذي قبله.

١٢٢٢ – وفي رواية عنها … مثله؛ قال فيه: قال علقمة بن وقاص:
يا أُمَّتَاهْ! كيف كان يصلي الركعتين؟ … فذكر معناه.
(قلت: حديث صحيح).
لم يسق المصنف إسناده، وإنما علقه تعليقًا، فقال: “قال أبو داود: روى

٥ ‏/ ٩٥
الحديثين: خالدُ بن عبد الله الواسطي … مثله قال فيه …». زاد في نسخة بعد «الواسطي»: «عن محمد بن عمرو».
ويعني: أن حماد بن سلمة لم يتفرد برواية الحديث عن محمد بن عمرو بإسناديه عن عائشة؛ بل تابعه الواسطي، فرواه عن محمد بن عمرو بالإسنادين.

١٢٢٣ – عن سعد بن هشام قال:
قَدِمْتُ المدينة، فدخلت على عائشة، فقلت: أخبريني عن صلاة رسول الله ﷺ؟ قالت:
إن رسول الله ﷺ كان يصلي بالناس صلاة العشاء، ثم يأوي إلى فراشه فينام، فإذا كان جوفُ الليل قامَ إلى حاجته وإلى طَهُوره فتوضَّأَ، ثم دخل المسجد فصلى ثمان ركعات؛ يُخَيَّلُ إليَّ أنه يُسَوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود! ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه، فربَّما جاء بلال فآذنه بالصلاة، ثم يُغْفِي، وربَّما شَكَكْتُ: أغْفَى أو لا! حتى يُؤْذِنَهُ بالصلاة، فكانت تلك صلاتَه حتى أسنَّ وَلَحُمَ؛ فذكرت من لحمه ما شاء الله … وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد. (ح) وثنا ابن المثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا هشام عن الحسن عن سعد بن هشام.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني، وعلى شرط مسلم وحده من الوجه الأول؛ لأن وَهْبَ بن بقية لم يخرج له البخاري.

٥ ‏/ ٩٦
والحسن: هو البصري، وقد سمعه س سعد بن هشام، كما تقدم تحت الحديث (١٢١٣)، ويأتي قريبًا.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٢٤٤): أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الأعلى … به.
وتابعه يزيد -وهو ابن هارون- قال: أنا هشام … به.
أخرجه أحمد (٦/ ٢٣٥): ثنا يزيد … به.
وتابعه قتادة عن الحسن قال: أخبرني سعد بن هشام … به مختصرًا.
أخرجه أحمد (١٦/ ٦٨)، والنسائي (١/ ٢٥٠).
وتابعه أبو حُرَّةَ عن الحسن عن سعد بن هشام الأنصاري … به نحوه؛ وفيه:
أنه قرأ في الركعتين وهو جالس: ﴿قل يا أيها الكافرون﴾ و﴿إذا زلزلت﴾.
أخرجه ابن حبان (٦٦٨). لكن أبو حرة -واسمه واصل بن عبد الرحمن- كان يدلس عن الحسن.
وقراءة السورتين؛ لها شاهد من حديث أبي أمامة بسند حسن، انظر «صفة الصلاة».

١٢٢٤ – عن ابن عباس:
أنه رَقَدَ عند النبي ﷺ، فرآه استيقظ فتسوَّك، وهو يقول: (إن في خلق السماوات والأرض …) حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نَفَخَ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات بستِّ ركعات، كل ذلك يستاك، ثم يتوضأ، ويقرأ هؤلاء

٥ ‏/ ٩٧
الآيات، ثم أوتر (قال عثمان: بثلاث ركعات)، فأتاه المؤذن، فخرج إلى الصلاة (وقال ابن عيسى: ثم أوتر فأتاه بلال، فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر، فصلى رَكْعَتَيِ الفجر، ثم خرج إلى الصلاة. ثم اتفقا) وهو يقول:
«اللهم! اجعل في قلبي نورًا، واجعل في لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل خَلْفي نورًا، وأمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم! وأعْظِمْ لي نورًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا هشيم: أخبرنا حُصَيْنٌ عن حَبِيبِ بن أبي ثابت. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن فُضَيْلٍ عن حُصَيْنٍ عن حَبِيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وفد أخرجه في «صحيحه» كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٨٢) من طريق أخرى عن محمد بن فُضَيْل … به.
وكذلك أخرجه أبو عوانة (٢/ ٣٢٠ – ٣٢١).
وأخرجه هو، والنسائي (١/ ٢٤٩) عن زائدة-، وأحمد (١/ ٣٧٣) -عن أبي عوانة- كلاهما عن حُصَيْنِ بن عبد الرحمن … به؛ وصرح حبيب ابن أبي ثابت بالتحديث في رواية أبي عوانة، وكذا ابن خزيمة (٤٤٩).
٥ ‏/ ٩٨
وتابعه سفيان الثوري عن حبيب … به مختصرًا.
أخرجه أحمد (١/ ٣٥٠)، والنسائي.
وتابعه منصور بن المعتمر قال: حدثني [محمد بن] علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي … به.
أخرجه أبو عوانة (٢/ ٣٢١).

١٢٣٥ – وفي رواية عنه … نحوه؛ قال: «وأعظم لي نورًا».
(قلت: يعني: ليس فيه: «اللهم». وإسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حُصَيْنٍ … نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه بهذا اللفظ من طريق أبي رشدين عن ابن عباس، وعلقه المصنف كما يأتي بعده.

١٢٢٦ – قال أبو داود: «كذلك قال أبو خالد الدالاني عن حبيب في هذا الحديث. وقال سلمة بن كُهَيْلٍ عن أبي رِشْدِينَ عن ابن عباس».
(قلت: وصله الشيخان وأبو عوانة في «صحاحهم» عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل … به باللفظ المذكور: «وأعْظِمْ لي نورًا»).
قلت: هذا معلق؛ وقد وصله البخاري (٤/ ١٨٨)، ومسلم (٢/ ١٨٠ – ١٨٢)، وأبو عوانة (٢/ ٣١١)، وابن حبان (٢٦٢٧)، وأحمد (١/ ٢٨٣ و٢٨٤ و٣٤٣) من طرق عن سَلَمَةَ بن كُهَيْلِ … به مطولًا؛ وفيه ما أشار إليه المصنف:
«وأعظم لي نورًا».
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، وأحمد (١/ ٣٣٠) من طرق أخرى عن كُريبٍ أبي

٥ ‏/ ٩٩
رشدين … بنحوه.
وهما، وأحمد (١/ ٣٤١) من طرق أخرى عن ابن عباس … به. وسيأتي (١٢٣٧).

١٢٢٧ – عن ابن عباس قال:
بِتُّ عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله ﷺ بعدما أمسى، فقال:
» أصلَّى الغلام؟«. قالوا: نعم. فاضطجع، حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله؛ قام فتوضأ، ثم صلى سبعًا -أو خمسًا- أوتر بهن، لم يسلِّم إلا في آخرهنَّ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا محمد بن قيس الأسَدِي عن الحكم بن عُتَيْبَةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير الأسدي هذا؛ فإن البخاري إنما أخرج له في «الأدب المفرد»، وهو ثقة.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٥٤): حدثنا وكيع … به.

١٢٢٨ – وفي رواية عنه قال:
بِتُّ في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث، فصلى النبي ﷺ العشاء، ثم جاء فصلى أربعًا، ثم نام، ثم قام يصلي، فقمت عن يساره، فأدارني فأقامني عن يمينه، فصلى خمسًا؛ ثم نام حتى سمعت غَطِيطَهُ، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الغداة.

٥ ‏/ ١٠٠
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن الحكم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ١٨٩ – فتح)، والدارمي (١/ ٢٨٦)، وأحمد (١/ ٣٤١) من طرق أخرى عن شعبة … به نحوه.

١٢٢٩ – وفي أخرى عنه في هذه القصة:
فقام فصلى ركعتين ركعتين؛ حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد المجيد عن يحيى بن عَبَّاد عن سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه … في هذه القصة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وعبد المجيد: هو ابن سهل الزُّهْرِيُّ.
وخالفه حُرَيْثُ بن أبي مَطَر عن يحيى بن عباد … به مختصرًا بلفظ: قال: كان نومه ذلك وهو جالس؛ يعني: النبي ﷺ.
رواه ابن ماجة (٤٧٦).
قلت: وحُريْثٌ هذا ضعيف كما في «التقريب»، وزيادته هذه منكرة؛ لتفرده بها ومخالفته لكل الذين رووا القصة، وصرحوا أنّه اضطجع.

٥ ‏/ ١٠١
١٢٣٠ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يصلي ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، بركعتيه قبل الصبح، يصلي ستًّا: مثنى مثنى، ويوتر بخمس لا يقعد بينهن إلا في آخرهن.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَرَّاني: حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: رجال إسناده مُوَثَّقون؛ لولا عنعنة ابن إسحاق! لكنه قد سمعه من محمد بن جعفر كما يأتي. فالحديث حسن، وهو بما بعده صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٢٧٥ – ٢٧٦) من طريق أخرى عن ابن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروه بن الزبير ومحمد بن جعفر بن الزبير -كلاهما حدثني- عن عروة بن الزبير … به.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو صحيح بما بعده.

١٢٣١ – عن عائشة:
أن النبي ﷺ كان يصلي بالليل ثلاثَ عَشْرَة ركعةً، بركعتيِ الفجر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في «صحيحه» بإسناد المصنف، والبخاري وأبو عوانة بإسناد آخر عنها).
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عِرَاكِ بن مالك عن عروة عن عائشة أنها أخبرته.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

٥ ‏/ ١٠٢
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٦٦) بإسناد المؤلف فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد … به.
وأخرجه أحمد (٦/ ٢٢٢): ثنا حجاج قال: ثنا ليث … به.
وتابعه عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب … به؛ إلا أنه سقط من روايته قوله: بركعتي الفجر.
أخرجه أبو عوانة (٢/ ٣٢٧).
وتابعه القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة تقول … فذكره بتمامه.
أخرجه أبو عوانة قال: حدثنا ابن أبي الحُنَيْنِ قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: أبَنا حنظلة عن القاسم بن محمد.
قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي الحنين، فلم أعرفه!
لكن تابعه البخاري، فقال (١/ ٢٨٨): حدثنا عبيد الله بن موسى … به.

١٢٣٢ – عن عائشة:
أن رسول الله ﷺ صلى العشاء، ثم صلى ثماني ركعات قائمًا، وركعتين بين الأذانين، ولم يكن يدعهما (قال جعفر بن مسافر في حديثه: وركعتين جالسًا بين الأذانين. زاد: جالسًا).
(قلت: هذه الزيادة منكرة! والصواب فيها أنها في الركعتين اللتين بعد الوتر. كذلك أخرجه أحمد والبخاري. وإسناد المصنف صحيح على شرط الشيخين من غير طريق جعفر).
إسناده: حدثنا نصر بن علي وجعفر بن مسافر أنَّ عبد الله بن يزيد المقرئ

٥ ‏/ ١٠٣
أخبرهما عن سعيد بن أبي أيوب عن جعفر بن ربيعة عن عِرَاكِ بن مالك عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق نصر.
وأما جعفر بن مسافر؛ فهو مع كونه لم يخرج له في «الصحيحين»؛ فإن فيه ضعفًا من قبل حفظه. ولذلك قال الحافظ في «التقريب»:
«صدوق، ربما أخطأ».
قلت: وقد أخطأ في قوله: وركعتين جالسًا بين الأذانين.
والصواب: أن الجلوس صفة الركعتين بعد الوتر. كذلك أخرجه البخاري (١/ ٢٩٢): حدثنا عبد الله بن يزيد … به؛ ولفظه:
ثم صلى ثماني ركعات، وركعتين جالسًا، وركعتين بين النداءَيْن، ولم يكن يدعهما أبدًا.
ومن الغريب أنه لم يقع في هذه الرواية ذكر لركعة الوتر! فكأن سعيد بن أبي أيوب لم يحفظها. وقد حفظها يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن ربيعة … به؛ بلفظ:
كان يصلي كل ليلة ثلاث عشرة ركعة: تسعًا قائمًا، وركعتين وهو جالس … الحديث.
أخرجه أحمد (٦/ ٢٢٢)؛ وسنده صحيح على شرطهما.

١٢٣٣ – عن عبد الله بن أبي قيس قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بكم كان رسول الله ﷺ يوتر؟ قالت:
كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر

٥ ‏/ ١٠٤
بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة (زاد أحمد [بن صالح]: ولم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر! قلت: ما يوتر؟ قالت:
لم يكن يدع ذلك.
ولم يذكر أحمد: وست وثلاث).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ومححمد بن سَلَمَةَ المُرَادي قال: ثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٤٩) من طريق أخرى عن معاوية … به.

١٢٣٤ – عن كُرَيْبٍ مولى ابن عباس، أنه قال:
سألت ابن عباس: كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ بالليل؟ قال:
بِتُّ عنده ليلة وهو عند ميمونة، فقام حتى ذهب ثلث الليل أو نصفه؛ استيقظ، فقام إلى شَنٍّ فيه ماء، فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام، فقمت إلى جنبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي؛ كأنه يَمَسُّ أذني، كأنه يوقظني، فصلى ركعتين خفيفتين، قد قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة، ثم سلم، ثم صلى، حتى صلى إحدى عشرةَ ركعةً بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله! فقام فركع ركعتين؛ ثم صلى للناس.

٥ ‏/ ١٠٥
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» عن المؤلف).
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث: حدثني أبي عن جدي عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مَخْرَمَةَ بن سليمان أن كرَيبًا مولى ابن عباس أخبره.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولولا أن سعيدًا هذا عَلِمَ فيه أحمدُ الاختلاطَ؛ لكان صحيح الإسناد! ولكنه لم يتفرد به؛ فقد تابعه مالك وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ٣١٨): حدثنا أبو داود السجِسْتَاني … به.

١٢٣٥ – عن ابن عباس قال:
بِتُّ عند خالتي ميمونة، فقام النبي ﷺ يصلي من الليل، فصلى ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر، حَزَرْتُ قيامه في كل ركعة بقدر: (يا أيها المزمل).
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا نوح بن حبيب ويحيى بن موسى قالا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس؛ لم يقل نوح: منها ركعتا الفجر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ غير نوح بن حبيب، وهو ثقة، ومقرون.

٥ ‏/ ١٠٦
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن» (٣/ ٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (١/ ٣٦٥ – ٣٦٦): ثنا عبد الرزاق … به.

١٢٣٦ – عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ؛ أنه قال:
لأرْمُقَنَّ صلاة رسول الله ﷺ. قال: فتوسَّدْت عَتَبَتَهُ أو فسطاطه، فصلى رسول الله ﷺ ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين؛ وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم أوتر؛ فذلك ثلاث عَشْرَةَ ركعة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه وكذا أبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجُهَنِي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن مخرمة، فهو من رجال مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٢٢ / ١٢).
وعنه: أخرجه مسلم (٢/ ١٨٣)، وأبو عوانة (٢/ ٣١٩)، وابن نصر في «قيام الليل» (ص ٤٨).
ورواه البيهقي (٣/ ٨) من طريق المصنف.

٥ ‏/ ١٠٧
١٢٣٧ – عن ابن عباس:
أنه بات عند ميمونة زوج النبي ﷺ -وهي خالته-، قال: فاضطجعت في عَرْض الوِسادة، واضطجع رسول الله ﷺ وأهُلُه في طُولِها، فنام رسول الله ﷺ، حتى إذا انتصف الليل -أو قبله بقليل، أو بعده بقليل- استيقظ رسول الله ﷺ، فجلس يَمْسَحُ النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشرَ الآياتِ الخواتمِ من سورة آل عمران، ثم قام إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةِ، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي. قال عبد الله: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله ﷺ يده اليمنى على رأسي، فأخذ بأذني يَفْتِلُها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين -قال القعنبي: ست مرات-، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن مَخْرَمَةَ بن سليمان عن كُريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس أخبره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٢١ / ١١).
وعنه: أخرجه البخاري (٣/ ٢٢١)، وكذا مسلم (٢/ ١٧٩)، وأبو عوانة (٢/ ٣١٥ – ٣١٦)، والنسائي (١/ ٢٤١)، وأحمد (١/ ٢٤٢) كلهم عن مالك … به.
٥ ‏/ ١٠٨
وللحديث طرق أخرى عن كريب وعن ابن عباس، وقد مضى بعضها في الكتاب رقم (١١٢٤ – ١٢٢٩ و١٢٣٤).

٣١٧ – باب ما يؤمَرُ به من القصد في الصلاة
١٢٣٨ – عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال:
«اكْلَفُوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ العمل إلى الله أدْوَمُهُ وإن قلَّ»؛ وكان إذا عمل عملًا أثْبَتَهُ.
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة بأسانيد أخرى عنها نحوه).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِي عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عجلان، فأخرج له مسلم في الشواهد، وقد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٢٤) … بإسناد المصنف هذا؛ وفيه بيان سبب الحديث؛ فكأن المصنف اختصره.
وكذلك أخرجه أحمد (٦/ ٤٠): ثنا سفيان عن ابن عجلان … به.
ثم أخرجه (٦/ ٦١ و١٧٦ و١٨٠ – ١٨١ و٢٤١ و٢٦٧) من طرق أخرى عن أبي سلمة … به مطولًا ومختصرًا. وإسناد بعضها صحيح على شرطهما.
وقد أخرجه البخاري (٤/ ٢٢٣) مختصرًا، ومسلم (٢/ ١٨٨ – ١٨٩)، وأبو عوانة (٢/ ٢٩٨)، وابن ماجة (٤٢٣٧) -مطولًا-.

٥ ‏/ ١٠٩
وله عند البخاري (١/ ١٨ – ١٩ و٤/ ٢٩٩ – ٢٩١) طريق أخرى عنها.
وللجملة الوسطى منه طريق أخرى: عند مسلم (٢/ ١٨٩).
وللجملة الأولى منه شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعًا … به.
أخرجه البخاري (٢/ ٤٩٠)، ومسلم (٣/ ١٣٣ – ١٣٤)، وابن ماجة (٤٢٤٠)، وأحمد (٢/ ٢٣١ و٢٥٧ و٣١٦ و٣٥٠ و٤١٨ و٤٩٥ – ٤٩٦).
وعنده الجملة الثالثة في رواية، وهي رواية ابن ماجة؛ وسندها جيد في الشواهد.
(تنبيه): أورد السيوطي الحديث في «الجامع» بلفظ:
«ليتكلَّفْ أحدُكم من العمل ما يُطيق؛ فإن الله تعالى لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وقاربوا وسددوا»! وقال:
«رواه أبو نعيم في»الحلية«عن عائشة»!
وأقول: لم أره في فهرس «الحلية»، ولا وجدت هذه الزيادة: «وقاربوا وسددوا» في شيء من طرق الحديث المذكورة! وإنما هي في حديث آخر لعائشة بلفظ:
«سدِّدوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يُدْخِلَ أحدَكُم عملُهُ الجنةَ، وإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإن قلَّ».
أخرجه البخاري في «الرقاق» ومسلم قُبَيْلَ «الجنة».
وقد ثبت من حديث ابن عمرو أيضًا، وهو مخرج في «الأحاديث الصحيحة» (١١٥) (*).


(*) هذا حديث ثوبان، أما حديث ابن عمرو فقد خرجه رحمه الله في «الإرواء» تحت الرقم (٤١٢). (الناشر).
٥ ‏/ ١١٠
وروى ابن ماجة (٤٢٤١) عن عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله قال:
مَرَّ رسول الله ﷺ على رجل يصلِّي على صخرة، فأتى ناحية مكة، فمكث مَلِيًّا، ثم انصرف فوجد الرجل يصلي على حاله، فقام فجمع يديه، ثم قال:
«يا أيها الناس! عليكم القصدَ (ثلاثًا)؛ فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا».
قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد.
وأخرجه أبو يعلى أيضًا في «مسنده» (ق ٩٨/ ٢) من هذا الوجه.
ويأتي الحديث مختصرًا من طريق أخرى عن علقمة عن عائشة … به (رقم ١٢٤٠).
ورواه الترمذي (٢/ ١٣٩) من طريق أبي هاشم الرفاعي: حدثنا ابن فُضَيْل عن الأعمش عن أبي صالح قال:
سُئِلَتْ عائشة وأم سلمة: أيُّ العمل كان أحبَّ إلى رسول الله ﷺ؟ قالتا:
ما دِيمَ عليه وإن قلَّ. وقال:
«حسن غريب»!
وأبو هاشم هذا ضعيف، وذِكْرُ أم سلمة فيه غريب.
لكن أخرجه أحمد (٦/ ٣١٩) من طريق أخرى عن أبي سلمة عن أم سلمة … به نحوه.
وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (٦٣٧).
وللشطر الأول من الحديث شاهد من حديث عمران بن حصين: عند الطبراني في «المعجم الكبير» (١٨/ ٢٢٨ / ٥٦٨) بسند جيد.
٥ ‏/ ١١١
١٢٣٩ – عن عائشة:
أن النبي ﷺ بعث إلى عثمان بن مظعون، فجاءه فقال:
«يا عثمان! أرَغِبْتَ عن سُنَّتِي؟ !».
قال: لا والله يا رسول الله! ولكِنْ سُنَّتَكَ أطْلُبُ! قال:
«فإنِّي أنام وأصلِّي، وأصوم وأُفْطِرُ، وأنكِحُ النساء، فاتَّقِ الله يا عثمان! فإن لأهلك عليك حقًّا، وإن لضيفك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا؛ فصُمْ وأفطِرْ، وصَلِّ ونَمْ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد: ثنا عمي: ثنا أبي عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا أن ابن إلسحاق مدلس، وقد عنعنه؛ لكنه قد صرح بالتحديث عند أحمد كما يأتي؛ فثبت الحديث.
وعم عبيد الله بن سعد اسمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري المدني.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٢٦٨): ثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروة … به.
قلت: وهذا إسناد حسن، صرَّح فيه ابن إسحاق بالتحديث.
ورواه عنه: يونس بن بُكَيْرٍ: حدثني ابن إسحاق: حدثني الزهري عن سعيد ابن المسيب عن سعد بن أبي وقاص قال:
لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان مِن تَرْكِ النساء؛ بعث إليه
٥ ‏/ ١١٢
رسول الله ﷺ … الحديث نحوه.
أخرجه الدارمي (٢/ ١٣٣).
ويونس بن بكير صدوق يخطيء؛ فلعله وهم في إسناده.
ويرجح الأول: أن ابن حبان أخرجه (١٢٨٨) من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة … به.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير ابن أبي السَّرِي -وهو محمد بن المتوكل العسقلاني؛ فيه ضعف من قبل حفظه.
لكن تابعه إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاد الدَّبَرِيُّ، فقد رواه عن عبد الرزاق عن معمر … به في «المصنف» (٦/ ١٦٧/ ١٠٣٧٥).
فالإسناد بهما حسن.
وله شاهد من حديث أبي موسى … نحو حديث الترجمة وأتم منه.
أخرجه ابن حبان (١٢٨٧) من طريق أبي يعلى: حدثنا محمد بن الخَطَّاب البَلَدِيُّ الزاهد … بسنده عنه.
والبلدي هذا لم أعرفه!
ومن فوقه موثقون؛ إلا أن أبا إسحاق -وهو السبيعي- مدلس مختلط. لكن قال الهيثمي (٤/ ٣٠٢):
«رواه أبو يعلى والطبراني بأسانيد، وبعض أسانيد الطبراني رجالها ثقات».
وهو في «مسند أبي يعلى» (١٣/ ٢١٦ / ٧٢٤٢).
ثم وجدت لابن أبي السَّرِي متابعًا قويًّا، فقال البزار في «مسنده»
٥ ‏/ ١١٣
(٢/ ١٧٤ / ١٤٥٨): حدثا أحمد بن منصرر بن سَيَّار: ثنا عبد الرزاق … بسنده المتقدم.
فصح الإسناد والحمد لله؛ لأن ابن منصور هذا ثقة حافظ، مترجم في «التهذيب» وغيره.

١٢٤٠ – عن علقمة قال: سألت عائشة:
كيف كان عملُ رسول الله ﷺ؟ ! هل كان يخصُّ شيئًا من الأيام؟ قالت:
لا؛ كان كلُّ عمله دِيمةً، وأيُّكم يستطيع ما كان رسول الله ﷺ يستطيع؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين في «صحيحيهما». وقد أخرجاه وابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٨٩)، وابن حبان (٥/ ٢٦٢ / ٣٦٣٩) من طريق أخرى عن جرير … به.
وأخرجه البخاري (١/ ٤٩٥)، وأحمد (٦/ ٥٥ و١٨٩ و٢٧٨) من طرقٍ عن منصور … به.

٥ ‏/ ١١٤
باب تفريع أبواب شهر رمضان

٣١٨ – باب في قيام شهر رمضان
١٢٤١ – عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله ﷺ يُرَغِّبُ في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول:
«من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذَنْبِهِ».
فَتُوُفِّيَ رسول الله ﷺ والأمرُ على ذلك. ثم كان الأمرُ على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر رضي الله عنه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في «صحيحه». وصححه الترمذي. وأخرجه البخاري؛ لكنه جعل قوله: فتوفي … من قول الزهري. وبه جزم الحافظ).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المتوكِّل قالا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر -قال الحسن في حديثه- ومالك بن أنس -عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال أبو داود: «وكذا رواه عُقيْلٌ ويونس وأبو أويس:»من قام رمضان«. وروى عقيل:»من صام رمضان وقامه«…».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين عن الحسن بن علي -وهو الحُلْواني-.
وأما قرينه محمد بن المتوكل -وهو العسقلاني المعروف بابن أبي السري-؛ فضعيف.

٥ ‏/ ١١٥
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٧٧)، والنسائي (٧/ ٣٥١)، والترمذي (١/ ١٥٤)، وأحمد (٢/ ٢٨١) من طرق عن عبد الرزاق … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ١١٣ / ٢) عن ابن شهاب … به؛ إلا أنه قال:
قال ابن شهاب: فتوفِّي رسول الله ﷺ …
فجعله من قول الزهري، وليس من قول أبي هريرة كما هو ظاهر رواية عبد الرزاق.
وهكذا أخرجه البخاري (١/ ٤٩٩) عن مالك.
وكأنه لذلك روى مسلم والنسائي وأحمد (٢/ ٤٨٦) منه المرفوع فقط! وقال الحافظ في «الفتح» (٤/ ٢١٨):
«وقد أدرج بعضهم قول ابن شهاب في نفس الخبر. أخرجه الترمذي من طريق معمر عن ابن شهاب»!
قلت: وفاته أن مسلمًا أخرجه كذلك كما تقدم.
وأما رواية عقَيْلٍ التي علقها المصنف بلفظ: «من صام رمضان وقامه»؛ فلم أقف عليها هكذا! وإنما أخرجها البخاري من طريق الليث عنه عن ابن شهاب بلفظ الجماعة عنه؛ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول لرمضان:
«من قامه إيمانًا …».
وإنما رواه باللفظ المذكور: محمد بن عمرو عن أبي سلمة … به، فقال أحمد (٢/ ٥٠٣): ثنا يزيد: أنا محمد عن أبي سلمة … بلفظ:
٥ ‏/ ١١٦
«من صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا …» الحديث. وسيشير إليه المصنف في الحديث الآتي بعده.
وقد أخرجه الترمذي (١/ ١٣٢) من طريق آخر عن ابن عمرو.

١٢٤٢ – عن أبي هريرة يبلغ به النبي ﷺ:
«من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد وابن أبي خلف قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال أبو داود: «وكذا رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة. ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة».
قلت: رواية محمد بن عمرو؛ وصلها أحمد كما خرجته آنفًا.
وروى منه ابن ماجة (١٣٢٦) الشطر الأول فقظ؛ دون قوله: «وقامه».
وأما رواية يحيى بن أبي كثير؛ فوصلها مسلم (٢/ ١٧٧)، والنسائي (١/ ٣٠٨)، والدارمي (٢/ ٢٦)، وأحمد (٢/ ٤٠٨ و٤٢٣)؛ وصرح بتحديث يحيى عن أبي سلمة.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٥٠٠ – ٥٠١)، والنسائي (١/ ٣٠٨)، وأحمد (٢/ ٢٤١) من طرق عن سفيان … به.

٥ ‏/ ١١٧
١٢٤٣ – عن عائشة زوج النبي ﷺ:
أن النبي ﷺ صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناسٌ، ثم صلى من القابلة؛ فكَثُرَ الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله ﷺ. فلما أصبح قال:
«قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم؛ إلا أني خَشِيتُ أن يُفْرَضَ عليكم». وذلك في رمضان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١١٣ / ١).
وعنه: البخاري (١/ ٢٨٦ و٤٩٩ – ٥٠٠)، ومسلم (٢/ ١٧٧)، والنسائي (٢/ ٢٣٨)، وأحمد (٦/ ١٧٧) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه البخاري (١/ ٢٣٥)، ومسلم، وأحمد (٦/ ١٦٩ و٢٢٢) من طرق أخرى عن الزهري … به؛ وليس فيه أن ذلك في رمضان.

١٢٤٤ – عن عائشة قالت:
كان الناس يصلُّون في المسجد في رمضان أوزاعًا، فأمرني رسول الله ﷺ، فضربتُ له حصيرًا، فصلى عليه … بهذه القصة؛ قال فيه: قال -تعني: النبي ﷺ.

٥ ‏/ ١١٨
«أيها الناس! أما واللهِ ما بِتُّ ليلتي هذه -بحمد الله- غافلًا! ولا خفي عليَّ مكانكم».
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا هَنَّاد: ثنا عَبْدَةُ عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رحال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد ابن عمرو متابعة. وقد توبع كما يأتي.
وهناد: هو ابن السرِيِّ.
وعبدة: هو ابن سليمان.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٢٦٧): ثنا يعقوب قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْمِيُّ … به؛ وزاد:
«ولكني تخوَّفْتُ أن يُفْتَرَضَ عليكم، فاكْلَفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا».
قال: وكانت عائشة تقول: إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ.
قلت: وإسناده حسن؛ فالحديث بهذه المتابعة صحيح.
وللزيادة طرق أخرى عن أبي سلمة في «الصحيحين» وغيرهما، وقد مضى في الكتاب أحدها (١٢٣٨).

١٢٤٥ – عن أبي ذَرٍّ قال:
صُمْنَا مع رسول الله ﷺ رمضانَ، فلم يَقُمْ بنا شيئًا من الشهر، حتى

٥ ‏/ ١١٩
بَقِيَ سبعٌ، فقام بنا حتى ذهب ثلُثُ الليل. فلما كانت السادسةُ لم يَقُمْ بنا. فلما كانت الخامسةُ؛ قام بنا حتى ذهب شَطْرُ الليل. فقلت: يا رسول الله! لو نَفَّلْتَنا قيامَ هذه الليلة! قال: فقال:
«إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف؛ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ». فلما كانت الرابعة لم يقم. فلما كانت الثالثة؛ جمع أهلَهُ ونساءَهُ والناسَ، فقام بنا حتى خَشِينا أن يفوتنا الفلاح. قال: قلت: ما الفلاحُ؟ قال: السُّحُورُ. ثم لم يَقُمْ بنا بقيةَ الشهرِ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (٢٥٣٨».
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَيْعٍ: أخبرنا داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبَيْرٍ بن نُفَيْرٍ عن أبي ذَرٍّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده.
والحديث أخرجه بقية أصحاب «السنن» وغيرهم من طرق أخرى عن داود بن أبي هند … به، وهو مخرج في رسالتي «صلاة التراويح» (ص ١٧).
ورواه ابن حبان أيضًا (٩١٩) من هذا الوجه.
وله طريق آخر في «المسند» (٥/ ١٧٢) من طريق شُرَيْحِ بن عُبَيْد الحضرمي يردُّه إلى أبي ذر … به نحوه؛ وفي آخره:
«يا أبا ذر! إنك إذا صليت مع إمامك، وانصرفت إذا انصرف؛ كُتِبَ لك قنوتُ ليلتك».
ورجاله ثقات؛ لكن شريح لم يَلْقَ أبا ذر.
٥ ‏/ ١٢٠
وله شاهد في «المستدرك» (١/ ٤٤٠) عن النعمان بن بشير … نحوه.

١٢٤٦ – عن عائشة:
أن النبي ﷺ كان إذا دخل العشر؛ أحيا الليل، وشدَّ المِئْزَرَ، وأيقظ أهله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا نصر بن علي وداود بن أمية أن سفيان أخبرهم عن أبي يَعْفُورٍ وقال داود: عن ابن عبيد بن نِسْطاسٍ -عن أبي الضُّحَى عن مسروق عن عائشة.
قال أبو داود: «وأبو يعفور: اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق علي بن نصر -وهو الجَهْضَمِيّ-.
وأما داود بن أمية؛ فهو ثقة، ولكنهما لم يخرجا له.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٥٠٣) ومسلم (٣/ ١٧٦)، والنسائي (١/ ٢٤٣)، وابن ماجة (١٧٦٨)، وابن نصر في «قيام الليل» (١٠٣)، وأحمد (٦/ ٤٠ – ٤١) كلهم عن سفيان -وهو ابن عيينة- … به.

٣١٩ – باب في ليلة القدر
١٢٤٧ – عن عاصم عن زِرٍّ قال: قلت لأُبَيِّ بن كعب:
أخبرني عن ليلة القدر يا أبا المنذر؟ ! فإن صاحبنا سُئِلَ عنها؟ فقال: مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْها! فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن! واللهِ لقد علم أنها

٥ ‏/ ١٢١
في رمضان -زاد مسدد: ولكن كره أن يَتَّكلوا، وأحبَّ أن لا يتكلوا، ثم اتفقا-! والله إنها لفي رمضان، ليلةَ سبع وعشرينَ؛ لا يستثني.
قلت: يا أبا المنذر! أنَّى عَلِمْتَ ذلك؟ !
قال: بالآية التي أخْبَرَنَا رسولُ الله ﷺ.
قلت لِزِرٍّ: ما الآية؟ قال:
«تُصْبِحُ الشمسُ صبيحةَ تلك الليلة مثلَ الطَّسْتِ، ليس لها شُعَاعٌ حتى ترتفع».
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم في «صحيحه». وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد -المعنى- قالا: ثنا حماد عن عاصم.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لعاصم -وهو ابن بَهْدَلَةَ- مقرونًا.
وأما مسدد؛ فهو من رجال البخاري فقط.
وحماد: هو ابن زيد.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١٣١)، وابنه (٥/ ١٣٠) من طرق أخرى عن حماد بن زيد … به.
وأخرجه أحمد (٥/ ١٣٠)، ومسلم (٣/ ١٧٣ – ١٧٤) عن سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم عن زر … به.
٥ ‏/ ١٢٢
وهما من طريق شعبة عن عبدة بن أبي لُبَابةَ وحده عن زر … به.
وأحمد أيضًا (٥/ ١٣٢)، وابنه (٥/ ١٣١)، والترمذي (١/ ١٥٢) من طرق أخرى عن عاصم وحده. وقال الترمذي:
«حسن صحيح».
وله عند الطيالسي (٥٤٢)، وأحمد (٥/ ١٣٠)، وابنه (٥/ ١٣١) طرق أخرى عن زِرٍّ … به.
وللحديث شاهد من حديث عبادة بن الصامت في علامة الليلة بلفظ:
«… وإن أمارتها: أن الشمس صَبِيحَتَها تَخْرُجُ مْسْتَوِيةً ليس لها شعاع، مثلَ القمر ليلة البدر».
أخرجه أحمد (٥/ ٣٢٤)، وابن نصر (ص ١٠٨) بإسناد جيد؛ لولا أن فيه انقطاعًا بين عبادة وخالد بن معدان.
وله شاهد آخر عن ابن مسعود … مرفوعًا به نحوه.
أخرجه الطيالسي (٣٩٤) عن أبي يعفور عن ابن أبي عضرب عنه.
ورجاله ثقات؛ غير ابن أبي عضرب هذا؛ فلم أعرفه!

١٢٤٨ – عن عبد الله بن أُنَيْسٍ قال:
كنت في مجلس بني سَلِمَةَ وأنا أصغرهم، فقالوا: من يسألُ لنا رسول الله ﷺ عن ليلة القدر؟ ! وذلك صبيحة إحدى وعشرين من رمضان، فخرجت فوافَيْتُ مع رسول الله ﷺ صلاة المغرب، ثم قمْتُ بباب بيته، فمرّ بي، فقال: «ادخل»؛ فدخلتُ، فأُتِيَ بعَشائِهِ، فرآني أكفُّ عنه من

٥ ‏/ ١٢٣
قِلَّتِهِ. فلما فرغ قال: «ناولني نعلي»، فقام وقمت معه، فقال:
«كأنَّ لك حاجة!». قلت: أجل أرسلني إليك رَهْطٌ من بني سَلِمَةَ، يسألونك عن ليلة القدر؟ فقال:
«كم الليلة؟». فقلت: اثنتان وعشرون. قال:
«هي الليلة»، ثم رجع فقال:
«أو القابلة»؛ يريد ليلة ثلاث وعشرين.
(قلت: إسناد حسن صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن حفص: ثنا أبي: ثنا إبراهيم بن طَهْمان عن عَبَّاد ابن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن ضَمْرَةَ بن عبد الله بن أُنيْسٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ غير ضمرة بن عبد الله؛ وثقه ابن حبان فقط، لكن روى عنه جماعة من، الثقات، منهم الزهري، فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف. وقال الحافظ:
«مقبول»؛ يعني عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٥)، وابن نصر (ص ١٠٦) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني معاذ بن عبد الله بن خُبيبٍ الجُهَنِي عن أخيه عبد الله بن عبد الله بن خُبَيْبٍ قال:
جلس معنا عبد الله بن أُنَيسٍ صاحب رسول الله ﷺ في مجلسه -في مجلس جُهَيْنَةَ-، قال: في رمضان، قال: فقلنا له: يا أبا يحيى! سمعت من رسول الله ﷺ في هذه الليلة المباركة من شيء؟ فقال: نعم، جلسنا مع رسول الله
٥ ‏/ ١٢٤
ﷺ في آخر هذا الشهر، فقلنا له: يا رسول الله! متى نلتمس هذه الليلة المباركة؟ قال:
«التمسوها هذه الليلة». قال: وذلك مساءَ ليلة ثلاث وعشرين. فقال له رجل من القوم: وهي إذًا يا رسول الله! أول ثمان؟ ! قال: فقال رسول الله ﷺ:
«إنها ليست بأول ثمان! ولكنها أول السبع، إن الشهر لا يتمُّ».
قلت: وإسناده حسن بما قبله؛ عبد الله بن عبد الله بن حبيب لم يذكر فيه ابن حاتم (٢/ ٢ / ٩٠) جرحًا ولا تعديلًا.
وتابعه أبو بكر بن حزم عن عبد الله بن أنيس … به مختصرًا:
أنه ﷺ قال لهم -وسألوه عن ليلة يتراءوْنها في رمضان؟ – قال:
«ليلة ثلاث وعشرين».
أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٥)؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم.

١٢٤٩ – عن ابن عبد الله بن أنيس الجُهَني عن أبيه قال:
قلت: يا رسول الله! إن لي باديةً أكون فيها، وأنا أصلي فيها بحمد الله؛ فَمُرْني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد؟ فقال:
«انزِلْ ليلة ثلاث وعشرين».
فقلت لابنه: كيف كان أبوك يصنع؟ قال:
كان يدخل المسجد إذا صلى العصر، فلا يخرج منه لحاجة حتى يصلي الصبح. فإذا صلى الصبح؛ وجد دابَّتَهُ على باب المسجد، فجلس عليها، فلَحِقَ بباديته.

٥ ‏/ ١٢٥
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: أخبرنا محمد بن إسحاق: ثنا محمد بن إبراهيم عن ابن عبد الله بن أنيس الجهني.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وابن عبد الله بن أنيس: اسمه ضمرة، كما في الإسناد السابق.
وزهير: هو ابن معاوية.
والحديث أخرجه ابن نصر (ص ١٠٦) من طريق أحمد بن خالد: ثنا محمد ابن إسحاق … به.
ورواه البيهقي (٤/ ٣٠٩) عن المصنف.
ومن طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عبد الله بن أنيس … به مختصرًا؛ دون قوله: فقلت لابنه …
وإسناده صحيح.

١٢٥٠ – عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال:
«التمسوها في العشر الأواخر من رمضان: في تاسعة تبقى، وفي سابعة تبقى، وفي خامسة تبقى».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه» بإسناد المصنف).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْبٌ: أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.

٥ ‏/ ١٢٦
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٥٠٢) … بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (٤/ ٣٠٨)، وأحمد (١/ ٢٧٩) من طريقين آخرين عن وهيب … به.
وأحمد أيضًا (١/ ٢٣١ و٣٦٠ و٣٦٥) من طرق أخرى عن أيوب … به.
ثم أخرجه (١/ ٢٨١)، وكذا البخاري من طريق أبي مِجْلَزٍ وعكرمة قالا: قال ابن عباس … فذكره.
وخالفه خالد الحَذَّاء؛ فرواه عن عكرمة مختصرًا؛ بلفظ:
«التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين».
ورجاله ثقات؛ لكن الحذاء كان تغير حفظه لما قدم الشام، فلا تطمئن النفس لمخالفته؛ بل حديثه هذا شاذ لمخالفته من هو أحفظ منه.
أخرجه ابن نصر في «قيام الليل» (ص ١٠٧).
ثم رواه هو، وأحمد (٦/ ١٢) من حديث بلال … به؛ وفيه ابن لهيعة.
والطيالسي (٢١٦٧) من حديث أبي سعيد؛ وهو منكر أو شاذ مخالف لحديثه الآتي.
وللحديث شاهد من حديث أبي بكرة … مرفوعًا به نحوه.
أخرجه الترمذي (١/ ١٥٢) -وصححه-، وابن حبان (٩٢٤)، والحاكم (١/ ٤٣٨)، ووافقه الذهبي.
ومن حديث أبي سعيد: عند أحمد (٣/ ٧١) بسند صحيح على شرط مسلم.
٥ ‏/ ١٢٧
٣٢٠ – باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين
١٢٥١ – عن أبي سعيد الخدري قال:
كان رسول الله ﷺ يعتكف العَشرَ الأوْسَط من رمضان، فاعتكف عامًا؛ حتى إذا كانت ليلةُ إحدى وعشرين -وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه- قال:
«من كان اعتكف معي؛ فليعتكفِ العَشْرَ الأواخرَ، وقد رأيتُ هذه الليلة، ثم أُنْسِيتُها، وقد رأيتُنِي أسجدُ صبيحتَها في ماءٍ وطينٍ؛ فالتمِسُوها في العشر الأواخر، والتمِسُوها في كل وتر».
قال أبو سعيد: فمَطَرَتِ السماءُ تلك الليلةَ، وكان المسجد على عَرِيشٍ، فوَكَفَ المسجدُ، فقال أبو سعيد:
بَصَرَتْ عينايَ رسولَ الله ﷺ وعلى جبهته وأنفه أثَر الماء والطين من صبيحةِ إحدى وعشرين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ١٠٣ و٣/ ٣٠٩) من طريق أخرى عن القعنبي … به.
وهو في «الموطأ» (١/ ٣١٩ / ٩).
٥ ‏/ ١٢٨
وعنه: البخاري (١/ ٥٠٣ – ٥٠٤)، والنسائي (١/ ١٦٥)، وابن نصر (ص ١٠٧) من طرق أخرى عنه.
والبخاري أيضًا (١/ ٥٠١ – ٥٠٢)، ومسلم (٣/ ١٧١) من طرق أخرى عن ابن الهاد … به.
ومسلم أيضًا، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢١٧١)، وكذا البخاري (٢٠١٨) من طرق أخرى عن محمد بن إبراهيم … به؛ وعند الأولَيْنِ:
أنه اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تُرْكيَّةٍ على سُدَّتها حصيرٌ.
والبخاري (١/ ٢٠٩)، ومسلم (٣/ ١٧٢)، وابن ماجة (١٧٦٦)، وأحمد (٣/ ٦٠ و٧٤) عن يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة … به.
وأحمد (٣/ ٢٤)، وابن حبان (٣٦٦٩) عن محمد بن عمرو: حدثني أبو سلمة … به نحوه.
وله طريق ثانٍ عن أبي سعيد، يأتي بعده.

١٢٥٢ – عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ:
«التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة».
قال: قلت: يا أبا سعيد! إنكم أعلم بالعدد منا. قال: أجل. قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال:
إذا مضت واحدة وعشرون؛ فالتي تليها التاسعة. وإذا مضت ثلاث

٥ ‏/ ١٢٩
وعشرون؛ فالتي تليها السابعة. وإذا مضى خمس وعشرون؛ فالتي تليها الخامسة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسنادين، أحدهما إسناد المصنف).
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: أخبرنا سعيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٧٢): حدثنا محمد بن المثنى وأبو بكر بن خَلَّاد قالا: حدثنا عبد الأعلى … به؛ وفي أوله زيادة عنده نحو التي في الطريق السابقة.
وكذلك أخرجه أحمد (٣/ ١٠): ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد الجُريرِي … به.
والبيهقي (٤/ ٣٠٨) من طريق ثالثة عن الجريري.

٣٢١ – باب من روى أنها ليلة سبع عشرة
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

٣٢٢ – باب من روى: في السبع الأواخر
١٢٥٣ – عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ:
«تَحَرَّوْا ليلةَ القدرِ في السبع الأواخر».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وأخرجه

٥ ‏/ ١٣٠
البخاري بسند آخر عن ابن عمر).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وفد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٢٠ / ١١) … بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه مسلم (٣/ ١٧٠)، وأبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٣٤٧).
ورواه الطيالسي (١٨٨٨)، وأحمد (٢/ ٢٧ و٦٢ و٧٤ و١٥٧ – ١٥٨) من طرق أخرى عن عبد الله بن دينار … به نحوه.
ثم أخرجه مالك (١٤) عن نافع عن ابن عمر … نحوه.
وأخرجه البخاري (١/ ٥٠١)، وكذا مسلم، وابن حبان (رقم ٣٦٦٧) عن مالك.
وله عند مسلم طرق أخرى عن ابن عمر: أحدها عند الدارمي (٢/ ٢٨).
وثانية: عند ابن حبان (٣٦٦٨).
وأخرى: عند ابن خزيمة (٢١٨٢).

٣٢٣ – باب من قال: سبع وعشرون
١٢٥٤ – عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي ﷺ في ليلة القدر قال: «ليلة سبع وعشرين».
(قلت: إسناده صحيح، ورجاله رجال «الصحيح»، وصححه ابن حبان).

٥ ‏/ ١٣١
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: أخبرنا شعبة عن قتادة: أنه سمع مُطَرِّفًا عن معاوية بن أبي سفيان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ إلا عبيد الله بن معاذ، فعلى شرط مسلم وحده.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٣١٢) عن المصنف.
وأخرجه بإسناده: ابنُ نصر في «قيام الليل» (١١٦)، وابن حبان (٩٢٥) من طريق أخرى عن عبيد الله بن معاذ … به.
وخالفه أبو داود الطيالسي فقال: ثنا شعبة … به؛ إلا أنه أوقفه على معاوية: أخرجه البيهقي، وقال:
«وقفه أبو داود، ورفعه معاذ بن معاذ».
قلت: وهو ثقة متقن، احتج به الشيخان.
وأما أبو داود؛ فهو ثقة حافظ، غلط في أحاديث، احتج به مسلم وحده. فالأول أتقن؛ لا سيما ومعه زيادة الرفع، وهي مقبولة.
ولا يعارضه ما رواه ابن نصر من طريق علي بن عاصم عن الجريري عن بُريدَةَ عن معاوية … مرفوعًا:
«التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان».
فلا يصح؛ لأن علي بن عاصم هذا -وهو الواسطي- قال الحافظ:
«صدوق، يخطيء ويُصِرُّ».
فمثله لا يحتج بحديثه إذا تفرد، فكيف إذا خالف؟ !
٥ ‏/ ١٣٢
ثم وجدت له شاهدًا؛ انظر «الصحيحة» (١٤٧١).

٣٢٤ – باب من قال: هي في كل رمضان
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله

٣٢٥ – باب في كم يقرأ القرآن؟
١٢٥٥ – عن عبد الله بن عمرو: أن النبي ﷺ قال له:
«اقرأ القرآن في شهر». قال: إني أجد قوة! قال:
«اقرأ في عَشْرٍ». قال: إني أجد قوة! قال:
«اقرأ في سبع، ولا تَزِيدَنَّ على ذلك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: «أخبرنا أبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو داود:»حديث مسلم أتم”.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٠٨)، ومسلم (٣/ ١٦٣ – ١٦٤)، وأحمد (٢/ ١٨٨) من طرق أخرى عن يحيى … به؛ ولم يذكر أحمد في إسناده: محمد ابن إبراهيم.

٥ ‏/ ١٣٣
وتابعه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم … به: أخرجه أحمد (٢/ ٢٠٠).
وتابعه عنده: محمد بن عمرو أيضًا.

١٢٥٦ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله ﷺ:
«صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر». فناقصني وناقصته فقال:
«صم يومًا وأفطر يومًا».
قال عطاء: واختلفنا عن أبي فقال بعضنا: سبعة أيام. وقال بعضنا: خمسًا.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: أخبرنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط، ولا يُدْرى أتلقَّاه حماد عنه قبل الاختلاط أم بعده؟ لأن حمادًا سمع منه في الصحيح والاختلاط جميعًا، وهو حماد بن سلمة. ويحتمل أن يكون هو حماد بن زيد؛ وهذا سمع منه قبل الاختلاط.
ولم يترجح لدي الآن أيهما المراد هنا؛ لأنهما قد رويا جميعًا عن عطاء، وروى عنهما أيضًا سليمان بن حرب!
لكن الحديث صحيح على كل حال بما تقدم ويأتي.

٥ ‏/ ١٣٤
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٦٢ و٢١٦) من طريقين آخرين عن عطاء … به مختصرًا ومطولًا؛ دون قول عطاء: واختلفنا … وفيه:
ثم ناقصني وناقصته؛ حتى صار إلى سبع.

١٢٥٧ – عن عبد الله بن عمرو: أنه قال:
يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن؟ قال:
«في شهر»، قال: إني أقوى من ذلك -رَدَّدَ الكلام أبو موسى-! وتناقصه حتى قال:
«اقرأه في سبع». قال إني أقوى من ذلك! قال:
«لا يفقه من قرأه في أقلِّ من ذلك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (٧٥٥».
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الصمد: أخبرنا همام: أخبرنا قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ويزيد: هو ابن عبد الله بن الشخير.
وهمام: هو ابن يحيى بن دينار العَوذِي.
وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري.
وابن المثنى: اسمه محمد أبو موسى.
والحديث أخرجه الطيالسي (٢٢٧٥)، وأحمد (٢/ ١٦٤ و١٦٥ و١٨٩ و١٩٣)

٥ ‏/ ١٣٥
من طرق أخرى عن همام … به.
وتابعه شعبة عن قتادة … به مختصرًا بلفظ:
«من قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث؛ لم يفقهه».
أخرجه أحمد (٢/ ١٩٥)، والترهذي (٢/ ١٥٦)؛ ولفظه: «لم يفقه …»، وقال:
«حسن صحيح».
وكذلك رواه سعيد -وهو ابن أبي عَرُوبة عن قتادة … به، كما يأتي في الكتاب (١٢٦٠).

١٢٥٨ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله ﷺ:
«اقرأ القرآن في شهر». قال: إن بي قوة! قال:
«اقرأه في ثلاث».
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القَطَّان خال عيسى بن شاذان: أخبرنا أبو داود: أخبرنا الحَرِيشُ بن سُلَيْمٍ عن طلحة بن مُصَرِّفٍ عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو علي: سمعت أبا داود يقول: «سمعت أحمد -يعني: ابن حنبل- يقول: عيسى بن شاذان كَيِّسٌ».
قلت: وهذا إسناد حسن؛ طلحة وخيثمة -وهو ابن عبد الرحمن الجُعْفِيُّ- ثقتان من رجال الشيخين.

٥ ‏/ ١٣٦
والحريش بن سليم؛ قال أبو داود الطيالسي: «ثقة».
وذكره ابن حبان في «الثقات». وقال ابن معين: «ليس بشيء». وقال الحافظ:
«مقبول».
وأبو داود: هو الطيالسي، ثقة من رجال، مسلم.
ومحمد بن حفص القطان؛ ذكره ابن حبان في «الثقات»، وروى عنه جماعة.
وقال الحافظ:
«مقبول».
وبالجملة؛ فالإسناد عندي حسن، وهو صحيح بما قبله، وما سنذكره تحت الحديث (١٢٦١).

٣٢٦ – باب تحزيب القرآن
١٢٥٩ – عن ابن الهاد قال: سألني نافع بن جبير بن مُطْعِمٍ، فقال لي:
في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحَزِّبه. فقال لي نافع: لا تقل: ما أحزبه؛ فإن رسول الله ﷺ قال:
«قرأت جُزءًا من القرآن»!
قال: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة.
(قلت: إسناده صحيح).

٥ ‏/ ١٣٧
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: أخبرنا ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري، وظاهره الإرسال؛ لكن قوله -أعني: ابن الهاد-: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة … يدل على أنه مسند. والله أعلم.

١٢٦٠ – عن عبد الله -يعني: ابن عمرو- قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا محمد بن المنهال: أخبرنا يزيد بن زُريع: أخبرنا سعيد عن قتادة عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّيِر عن عبد الله -يعني: ابن عمرو-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين.
والحديث رواه شعبة وهمام عن قتادة … به نحوه، كما تقدم (١٢٥٧).

١٢٦١ – عن عبد الله بن عمرو:
أنه سأل النبي ﷺ: في كم يُقْرأ القرآن؟ قال:
«في أربعين يومًا»، ثم قال: «في شهر»، ثم قال: «في عشرين»، ثم قال: «في خَمْسَ عَشْرَةَ»، ثم قال: «في عشر»، ثم قال: «في سبع»؛ لم ينزل من سبع.
(قلت: إسناده صحيح، إلا أن قوله: لم ينزل من سبع! شاذ؛ فقد صح فيما تقدم (١٢٥٨) أنه قال له: «اقرأه في ثلاث»).

٥ ‏/ ١٣٨
إسناده: حدثنا نوح بن حبيب: أخبرنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن سِمَاكِ ابن الفضل عن وهب بن مُنَبِّهٍ عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن قوله: لم ينزل من سبع! شاذ؛ لمخالفته لما رواه جمع من قوله ﷺ: «اقرأه في ثلاث» كما تقدم (١٢٥٨) من رواية خيثمة عن ابن عمرو.
وتابعه مجاهد عنه بلفظ:
«اقرأه في كل ثلاث».
أخرجه أحمد (٢/ ١٥٨ و١٨٨) بسند صحيح.
ويؤكد شذوذه: رواية أبي العباس عن ابن عمرو بلفظ:
«اقرأ القرآن في خمسة أيام».
رواه أحمد (٢/ ١٩٥) بسند صحيح على شرط مسلم.
ففيه أنه نزل من سبع؛ خلافًا لما قال وهب بن منبه أو بعض من دونه.
لكنه لم يتفرد به؛ فقد روى يحيى بن حَكِيم بن صفوان عن عبد الله بن عمرو بلفظ:
«اقرأه في كل سبع». قلت. يا رسول الله! دَعْني أستمتع من قوتي وشبابي! فأبى.
رواه أحمد (٢/ ١٦٣ و١٩٩)؛ لكن يحيى هذا مجهول، لم يرو عنه غير ابن أبي مليكة.
والحديث أخرجه ابن نصر (٦٢)، والترمذي (٢/ ١٥٦) مختصرًا.
٥ ‏/ ١٣٩
١٢٦٢ – عن علقمة والأسود قالا:
أتى ابنَ مسعودٍ رجلٌ، فقال: أني أقْرأ المُفَصَّلَ في ركعة. فقال:
أهذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، ونَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقلِ؟ ! لكنَّ النبي ﷺ كان يقرأ النظائر: السورتين في ركعة:
(الرحمن) و(النجم) في ركعة.
و(اقتربت) و(الحاقة) في ركعة.
و(الطور) و(الذاريات) في ركعة.
و(إذا وقعت) و(الذاريات) في ركعة.
و(سأل سائل) و(النازعات) في ركعة.
و(هل أتى) و(لا أقسم بيوم القيامة) في ركعة.
و(عم يتساءلون)، و(المرسلات): في ركعة.
و(الدخان) و(إذا الشمس كورت) في ركعة.
قال أبو داود: «هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله».
(قلت: حديث صحيح، وقد صححه ابن خزيمة، وأحرجه الشيخان في «صحيحيهما» من طريق أخرى عن ابن مسعود -دون سَردِ السور-).
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود.
قلت: وهنا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن أبا إسحاق -وهو السبِيعي- كان اختلط وإسرائيل ممن سمع منه بعد الاختلاط؛ وهو ابن يونس بن
٥ ‏/ ١٤٠
أبي إسحاق السبيعي.
لكن الحديث في الجملة صحيح؛ فقد توبع عليه.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٤١٨) من طريق زهير عن أبي إسحاق … به؛ دون قوله: و(اقتربت) … إلخ، وقال مكانه. قال:
فذكر أبو إسحاق عشر ركعات بعشرين سورة؛ على تأليف عبد الله، آخرهن: (إذا الشمس كورت) و(الدخان).
وللحديث طرق أخرى عن ابن مسعود.

١ – عن نَهِيكِ بن سنَان السُّلَمي: أنه أتى عبد الله بن مسعود فقال: قرأت المفصَّل الليلة في ركعة. فَقال: هَذًّا … فذكره نحوه.
أخرجه أحمد (١/ ٤١٧)، والطبراني (٣/ ٥٢ / ٢).
ورجاله ثقات معروفون؛ غير نهيك بن سنان؛ ذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ٤٨٠)، وروى عنه ثقتان، وصححه ابن خزيمة (١/ ٢٦٩).

٢ – عن أبي وائل: أن رجلًا جاء إلى ابن مسعود فقال: إني قرأت المفصَّل الليلةَ كلَّه في ركعة. فقال عبد الله: هَذًّا كَهذِّ الشعر؟ ! فقال عبد الله:
لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله ﷺ يَقْرُنُ بينهنَّ.
قال: فذكر عشرين سورة من المفصل: سورتين سورتين في كل ركعة.
أخرجه البخاري (١/ ٢٠٠ و٣/ ٣٩٦)، ومسلم (٢/ ٢٠٥)، وأحمد (١/ ٣٨٠ و٤٢٧)، والبيهقي (٢/ ٦٠)، والطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٣٤٦)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٣/ ٥٢ / ٢). وله عنده طرق أخرى، أتمها: عن محمد بن سَلَمَةَ بن كُهَيْلٍ عن أبيه عن شَقِيق بن سَلَمةَ قال: قال عبد الله:

٥ ‏/ ١٤١
لقد علمت النظائر التي كان يصلي بهن رسول الله ﷺ: (الذاريات)، و(الطور).
و(النجم) و(اقتربت).
و(الرحمن) و(الواقعة).
و(ن)، و(الحاقة).
و(المُزَمِّل) و(لا أقسم بيوم القيامة).
و(هل أتى على الإنسان) و(المرسلات).
و(عم يتساءلون) و(النازعات).
و(عبس)، و(ويل للمطففين).
و(إذا الشمس كورَتْ) و(حم) الدخان.
وجملة القول: أن الحديث صحيح؛ دون سرد السور (*)؛ فإنه لم يرد فيما علمت إلا من طريق أبي إسحاق، وقد علمت ما فيه، مع مخالفة محمد بن سلمة إياه في بعضها تقديمًا وتأخيرًا. على أن ابن سلمة هذا ضعيف أيضًا، كما في «الفتح» (٢/ ٢١٥).

١٢٦٣ – عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سألت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت؟ فقال: قال رسول الله ﷺ:
«من قرأ الأيتين من آخر سورة (البقرة) في ليلة كَفَتَاه».


(*) وفي «صفة الصلاة» (ص ١٠٤ – ١٠٥) -لشيخنا المؤلف رحمه الله «تصحيحه» تامًّا. (الناشر).
٥ ‏/ ١٤٢
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حَسن صحيح»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: أخبرنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٣٩٨)، ومسلم (٢/ ١٩٨)، والدارمي (١/ ٣٤٩ و٢/ ٤٥٠)، وأحمد (٤/ ١٢١) من طرق أخرى عن شعبة … به.
ثم أخرجه البخاري (٣/ ٣٩٨ و٤٠٧)، وأحمد (٤/ ١٢٢) عن سفيان عن منصور … به.
ومسلم، وابن ماجة (١٣٦٩)، والترمذي (٢/ ١٤٥) -وصححه- عن جرير بن عبد الحميد عنه … به.
وتابعه الأعمش: حدثني إبراهيم … به: أخرجه البخاري (٣/ ٤٠٥)، ومسلم.
وتابعه علقمة عن أبي مسعود … به. أخرجه أحمد (٤/ ١١٨)، وسنده حسن في المتابعات.

١٢٦٤ – عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ:
«من قام بعشر آيات لم يُكْتَبْ من الغافلين. ومن قام بمئة آية كُتِبَ من القانتين. ومن قام بألف آية كُتِبَ من المُقنْطِرِينَ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان وابن خزيمة).

٥ ‏/ ١٤٣
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا ابن وهب: أخبرنا عمرو أن أبا سَوِيَّة حدثه أنه سمع ابن حُجَيْرَةَ يخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ … فذكره.
قال أبو داود: «ابن حجيرة الأصغر: عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة».
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ غير أبي سوية -واسمه عُبَيْدُ بن سَوِيَّةَ-، وهو صدوق، كما اعتمدته في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (٦٤٢)، وذكرت هناك من أخرجه غير أبي داود، مع شاهد له من حديث ابن عمر، وآخر من حديث أبي هريرة.

٣٢٧ – باب في عدد الآي
١٢٦٥ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«سورة من القرآن ثلاثون آية؛ تَشْفَعُ لصاحبها حتى يُغْفَرَ له: (تبارك الذي بيده الملك)».
(قلت: حديث حسن، كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان (٧٨٤)، والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا قتادة عن عباس الجُشَمِي عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عباس الجشمي، فلم يوثقه غير ابن حبان؛ لكن حسن وصحح له من يأتي ذكره.
والحديث أخرجه الترمذي (٢/ ١٤٦)، وابن ماجة (٣٧٨٦)، وابن نصر (٦٦)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٦٧٧)، والحاكم (١/ ٥٦٥)، وأحمد (٢/ ٣٢١)،

٥ ‏/ ١٤٤
وأبو بكر الشافعي في «حديثه» (٣/ ٢) من طرق عن شعبة … به. وقال الترمذي: «حديث حسن». وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وصححه ابن حبان أيضًا، كما في «الموارد» للهيثمي (رقم ١٧٦٦ و١٧٦٧).
قلت: وهو حسن كما قال الترمذي؛ فإن له شاهدًا من حديث أنس بن مالك … نحوه.
أخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (ص ٩٩)، وعنه الضياء المقدسي في «المختارة» (ق ٤٦/ ١)، ورجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير شيخ الطبراني سليمان ابن داود بن يحيى الطبيب البصري؛ فلم أعرفه!
غير أن في كلام الطبراني -عقبه- ما يشير إلى أنه لم يتفرد به. والله أعلم.

٣٢٨ – باب تفريع أبواب السجود، وكم سجدة في القرآن؟
١٢٦٥ / م-عن مِشْرَح بن هاعان أبي المصعب: أن عقبة بن عامر حدثه قال:
قلت لرسول الله ﷺ: أفي سورة (الجج) سجدتان؟ قال:
«نعم، ومن لم يَسْجدْهما؛ فلا يقرأهما».
(قلت: إسناده حسن. وهو صحيح دون قوله: «ومن لم يسجدهما …»).
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة: أن مشرح بن هاعان أبا المصعب حدثه.

٥ ‏/ ١٤٥
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير مشرح بن هاعان؛ فهو مختلف فيه، فقال عثمان الدارمي عن ابن معين:
«ثقة». وقال عثمان:
«صدوق». ولم يزد أحمد على قوله:
«معروف». وقال ابن عدي (ق ٤٠٣/ ١).
«وأرجو أنه لا بأس به». وقال ابن حبان في «الثقات»:
«يخطيء ويخالف». ثم قال في «الضعفاء»:
«يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها؛ فالصواب ترك ما انفرد به».
وقول ابن حبان هذا هو الذي اعتمدوه فيه؛ فأورده الذهبي في «الضعفاء» وقال:
«تكلم فيه ابن حبان».
ولذلك لم يوثقه الحافظ في «التقريب» فقال:
«مقبول». يعني: عند المتابعة -كما هي قاعدته-.
ولذلك ضعف إسناده الترمذي كما يأتي. وفي «عون المعبود» (١/ ٥٣٠):
«قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال: حديث إسناده ليس بالقوي. هذا آخر كلامه. وفي إسناده عبد الله بن لهيعة ومشرح بن هاعان، ولا يحتج بحديثهما. انتهى. وفي»المرقاة«: قال ميرك: لكن الحديث صحيح. أخرجه الحاكم في»مستدركه«من غير طريقهما، وأقره الذهبي على تصحيحه.».
قلت: ولنا على هذا الكلام ملاحظتان:
٥ ‏/ ١٤٦
الأولى: أن الراجح المستفاد من كلام الأئمة في ابن لهيعة أنه لا يحتج بحديثه إذا كان من غير رواية العبادلة عنه، وهم: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ؛ وأما رواية هؤلاء عنه فهي صحيحة، وأنت ترى أن المصنف قد رواه عنه من هذا الوجه، فإعلاله بابن لهيعة ليس بجيد كما فعل المنذري، وتبعه عليه جماعة كابن حجر والمناوي وغيرهما -مثل ابن الوزير اليماني في «الروض الباسم» (١/ ١٢١) -، وإنما علة الحديث مشرح هذا.
والأخرى: أن قول ميرك ومن تابعه؛ أن الحاكم أخرجه من غير طريقهما؛ خطأ، فهو إنما أخرجه من طريقين عن ابن لهيعة بإسناده في الكتاب، ولم يصححه؛ بل إنه أشار إلى إعلاله بابن لهيعة، فقال عقبه: (٢/ ٣٩٠):
«هذا حديث لم نكتبه مسندًا إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة، إنما نُقم عليه اختلاطه في آخر عمره».
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٣٩٠)، والبيهقي (٢/ ٣١٧) من طريق ابن وهب … به. وقال أحمد (٤/ ١٥٥): ثنا أبو عبد الرحمن: ثنا ابن لهيعة … به.
وأبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرئ الآنف الذكر.
ثم أخرجه الحاكم من طريق إسحاق بن عيسى، والترمذي (١/ ١١٤) من طريق قتيبة؛ كلاهما عن ابن لهيعة … به؛ إلا أنهما قالا:
«أفضلت سورة (الحج) بسجدتين؟».
وضعفه الترمذي بقوله المذكور آنفًا.
وقد روي هذا مرسلًا عن خالد بن معدان: أن النبي ﷺ قال:
٥ ‏/ ١٤٧
«فضلت سورة (الحج) على القرآن بسجدتين».
أخرجه أبو داود في «المراسيل»، وعنه البيهقي. وقال أبو داود:
«قد أسند هذا، ولا يصح». وكأنه يعني حديث مشرح المتقدم.
ثم تبين أن كلام ابن حبان لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن؛ لأنه لما أورده في «الثقات» وقال: «يخطيء ويخالف»؛ وقد وثقه جمع كابن معين وغيره. وقول الحافظ: «مقبول»- بالمعنى الذي نص عليه في المقدمة-؛ مرفوض كما بينته في كتابي «تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان»، يسر الله إتمامه.
ويشهد للحديث مرسل خالد بن معدان، وإسناده جيد؛ فالحديث به صحيح دون قوله: «ومن لم يسجدهما؛ فلا يقرأهما»؛ فإنه حسن.
ومثله في الشهادة حديث عمرو بن العاص (٢٤٨ – ضعيف أبي داود)
ويزداد قوة بأنه روي ذلك عن جمع من الصحابة، صحح بعضها البيهقي؛ فراجعه.

٣٢٩ – باب مَنْ لم يَرَ السجودَ في المُفَصَّلِ
١٢٦٦ – عن زيد بن ثابت قال:
قرأت على رسول الله ﷺ (النجم)؛ فلم يسجد فيها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي: ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْطٍ عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت.

٥ ‏/ ١٤٨
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه هو والبخاري على ما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه الترمذي (١/ ١١٣)، وأحمد (٥/ ١٨٦) من طرق أخرى عن وكيع … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه البخاري (١/ ٢٧٤)، والدارمي (١/ ٣٤٣)، وأحمد (٥/ ١٨٣ و١٨٦) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب … به.
وتابعه يزيد بن خُصَيْفَةَ عن ابن قُسَيْطٍ … به: أخرجه البخاري، ومسلم (٢/ ٨٨)، والنسائي (١/ ١٥٢).
وتابعه إسماعيل بن أبي كثير عن يزيد بن قُسَيْطٍ … به: أخرجه الطحاوي (١/ ٢٠٧).
ثم قال المصنف: حدثنا ابن السَّرْح: أخبرنا ابن وهب: ثنا أبو صخر عن ابن قُسَيْطٍ عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عن النبي ﷺ … بمعناه.
قال أبو داود: «كان زيدٌ الإمامَ؛ فلم يسجد».
قلت: يشير المؤلف بهذا إلى أن أبا صخر قد خالف الجماعة في إسناده؛ فجعل خارجة بن زيد مكان: عطاء بن يسار الذي عند الجماعة!
والصواب روايتهم؛ لأنهم جمع، ولأن أبا صخر -واسمه حُمَيْدُ بن زياد- مع مخالفته إياهم؛ فإن فيه ضعفًا، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ فيه:
«صدوق يهم».
٥ ‏/ ١٤٩
ومن طريقه: أخرجه الطحاوي أيضًا، وكذا الطبراني، كما في «الفتح»، (٢/ ٤٥٩)، وأشار إلى أنه غير محفوظ من هذا الوجه.

٣٣٠ – باب من رأى فيها السجود
١٢٦٧ – عن عبد الله:
أن رسول الله ﷺ قرأ سورة (النجم)، فسجد فيها، وما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفًّا من حصىً -أو تراب- فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا!
قال عبد الله: فلقد رأيته بعد ذلك قُتِلَ كافرًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ١٧٣)، ومسلم (٢/ ٨٨)، والنسائي (١/ ١٥٢)، والدارمي (١/ ٣٤٢)، وأحمد (١/ ٤٠١ و٤٣٧ و٤٤٣ و٤٦٢) من طرق أخرى عن شعبة … به.
وتابعه سفيان -وهو الثوري- عن أبي اسحاق … به: أخرجه أحمد (١/ ٣٨٨).

٥ ‏/ ١٥٠
٣٣١ – باب السجود في (إذا السماء انشقت) و(اقرأ)
١٢٦٨ – عن أبي هريرة قال:
سجدنا مع رسول الله ﷺ في (إذا السماء انشقت)، و(اقرأ باسم ربك الذي خلق).
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم في «صحيحه». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن عطاء بن مِيناء عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٨٩)، والترمذي (١/ ١١٣)، والنسائي (١/ ١٥٢)، والدارمي (١/ ٣٤٣)، وابن ماجة (١٠٥٨)، والطحاوي (١/ ٢١٠)، وأحمد (٢/ ٢٤٩ و٤٦١) من طرق عن سفيان بن عيينة … به.
ولابن عيينة إسناد آخر، فقال أحمد (٢/ ٢٤٧): ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر الأنصاري عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر المخزومي عن أبي هريرة:
أن النبي ﷺ سجد في … الحديث.
ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي أيضًا، والترمذي، وابن ماجة (١٠٥٩)، والدارمي (١/ ٣٤٣)؛ وليس عندهما: و(اقرأ باسم ربك) … وهو رواية للنسائي. وإسنادهم صحيح على شرط الشيخين.
٥ ‏/ ١٥١
وله طريق أخرى عن قُرَّةَ بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال:
سجد أبو بكر -وعمر رضي الله عنهما ومن هو خير منهما ﷺ في … فذكره.
أخرجه النسائي بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

١٢٦٩ – عن أبي رافع قال:
صليت مع أبي هريرة العَتَمَةَ، فقرأ: (إذا السماء انشقت)؛ فسجد.
فقلت: ما هذه السجدة؟ ! قال:
سجدت بها خَلْفَ أبي القاسم ﷺ؛ فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في «صحيحه» بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم أيضًا).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر: سمعت أبي: ثنا بكر عن أبي رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري.
وقد أخرجه في «صحيحه» (١/ ٢٧٥) … بهذا الإسناد.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٨٩)، والنسائي (١/ ١٥٩)، وأحمد (٢/ ٢٢٩) من طرق أخرى عن المعتمر … به.
وتابعه عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع … به نحوه: أخرجه مسلم، وأحمد (٢/ ٤٥٩).

٥ ‏/ ١٥٢
وتابعه مروان الأصفر قال: سمعت أبا رافع … به نحوه: أخرجه أحمد (٢/ ٤٥٦).

٣٣٢ – باب السجود في (ص)
١٢٧٠ – عن ابن عباس قال:
ليس (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله ﷺ يسجد فيها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهيب: ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٢٧٣)، والترمذي (١/ ١١٤)، والدارمي (١/ ٣٤٢)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤/ ٣٤)، وأحمد (١/ ٢٧٩ و٣٦٠) من طرق عن أيوب … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وروى أحمد (١/ ٣٦٤) من طريق ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال:
كان النبي ﷺ يسجد في (ص).

٥ ‏/ ١٥٣
وليث -وهو ابن أبي سُلَيم- ضعيف.
ورواه النسائي (١/ ١٥٢) من طريق سعيد بن جبير عنه … به نحوه؛ وزاد: سجدها داود توبة، ونسجدها شكرًا.
وإسناده صحيح.

١٢٧١ – عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال:
قرأ رسول الله ﷺ -وهو على المنبر-: (ص)، فلما بلغ السجدة؛ نزل فسجد، فسجد الناس معه. فلما كان يومٌ آخرُ قرأها، فلما بلغ السجدة؛ تشزَّن الناس للسجود، فقال النبي ﷺ:
«إنما هي توبة نبي؛ ولكني رأيتكم تَشَزَّنتُمْ للسجود»؛ فنزل فسجد وسجدوا.
(قلت: حديث صحيح، رجاله رجال «الصحيح»، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (٢٧٥٤)، والحاكم والبيهقي وابن حزم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو -يعني: ابن الحارث- عن ابن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْحٍ عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فعلى شرط البخاري وحده.
إلا أن ابن أبي هلال -واسمه سعيد- مع ثقته واحتجاج الشيخين به؛ فقد رماه أحمد بن حنبل بالاختلاط. وقال ابن حزم:

٥ ‏/ ١٥٤
«ليس بالقوي». قال الحافظ:
«ولعله اعتمد على قول الإمام أحمد فيه».
قلت: وكأن ابن حزم نسي قوله هذا! فصحح الحديث كما يأتي، فلعل ذلك منه لشواهده، كما هو قولنا.
والحديث أخرجه ابن حزم في «المحلى» (٥/ ٦١) من طريق المصنف، ثم صححه (٥/ ١٠٧).
وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار»، (٤/ ٣١)، وابن حبان (٦٩٠)، والحاكم (٢/ ٤٣١)، وعنه البيهقي (٢/ ٣١٨) من طرق أخرى عن ابن وهب … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي:
«حديث حسن الإسناد صحيح».
وتابعه الليث بن سعد: حدثني خالد بن يزيد … به: أخرجه الدارمي (١/ ٣٤٢)، وابن حبان (٦٨٩) من طريق ابن حزيمة، وقد أخرجه هذا أيضًا في «صحيحه» (١/ ١٨٨ / ١).
ولأبي سعيد الخدري حديث آخر في الباب، يرويه بكر بن عبد الله المزني عنه قال:
“رأيت -فيما يرى النائم- كأني افتتحت سورة (ص)، حتى انتهيت إلى السجدة، فَسَجَدتِ الدواةُ والقلمُ وما حول، فأخبرت بذلك النبي ﷺ؟ فسجد فيها. وفي رواية: فلم يزل يسجد فيها.
أخرجه أحمد (٣/ ٧٨ و٨٤)، والحاكم (٢/ ٤٣٢) -وسكت عليه-. وقال الذهبي:
٥ ‏/ ١٥٥
«صحيح على شرط مسلم».
وهو كما قال؛ إن كان سمعه منه المزني؛ فإنه قال في رواية البيهقي (٢/ ٣٢٠): أخبرني مُخْبِرٌ …
ويشهد للحديث أيضًا: حديث ابن عباس الذي قبله، مع طريق سعيد بن جبير عنه التي ذكرتها.

٣٣٣ – باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة
١٢٧٢ – عن ابن عمر قال:
كان رسول الله ﷺ يقرأ علينا السورة (قال ابن نمير: في غير الصلاة، ثم اتفقا)، فيسجد ونسجد معه، حتى لا يجد أحدنا مكانًا لموضع جبهته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد. (ح) وثنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا ابن نمير -المعنى- عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيحين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري من الوجه الآخر؛ فإن أحمد بن أبي شعيب لم يخرج له مسلم، واسم أبي شعيب: مسلم -وهو جده-، واسم أبيه: عبد الله.
وقد تابعه ابن حنبل كما يأتي.

٥ ‏/ ١٥٦
والحديث في «المسند» (٢/ ١٧) … بهدا الإسناد.
ورواه بالإسناد الآخر أيضًا فقال (٢/ ١٤٢): ثنا ابن نمير … به.
وأخرجه البخاري (١/ ٢٧٥)، ومسلم (٢/ ٨٨) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان … به.
ورواه الحاكم (١/ ٢٢٢) من طريق عيسى بن يونس: ثنا عبيد الله بن عمر … به نحوه.

٣٣٤ – باب ما يقول إذا سجد
١٢٧٣ – عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يقول في سجود القرآن بالليل، يقول في السجدة مرارًا:
«سجد وَجْهِي للذي خَلَقَهُ، وشَقَّ سمعه وبصره بحَوْلِهِ وقُوَّتِهِ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. ثنا خالد الحَذَّاء عن رجل عن أبي العالية عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الرجل الذي لم يُسَمّ، فهو مجهول. غير أن ذكره في السند شاذ؛ تفرد به إسماعيل -وهو ابن عُلَيَّةَ- دون سائر أصحاب الحذاء كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٣٢٥) من طريق المصنف.

٥ ‏/ ١٥٧
وابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٢٥): حدثنا ابن عُلَيَّةَ … به.
وأخرجه أحمد (٦/ ٣٠)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٠): ثنا هُشَيْم: ثنا خالد عن أبي العالية … به؛ لم يذكر الرجل في إسناده.
وتابعه عبد الوهاب الثقفي: حدننا خالد الحذاء … به.
أخرجه النسائي (١/ ١٦٩)، والترمذي (١/ ١١٤)، وقال:
«حديث حسن صحيح». والحاكم (١/ ٢٢٠)، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وزاد الحاكم:
«فتبارك الله أحسن الخالقين».
وهي زيادة شاذة عندي؛ لتفرد الحاكم بها في هذه الطريق دون الآخرين، ولعدم ورودها في شيء من الطرق الأخرى عن الحذاء، وإنما وردت في سجود الصلاة، كما تقدم في حديث علي (٧٣٨).
وتابعه أيضًا وُهَيْبُ بن خالد عن الحذاء … به: أخرجه الحاكم.
فهؤلاء ثلاثة من الثقات -هشيم، وعبد الوهاب الثقفي، ووهيب بن خالد- اتفقوا على أنه ليس في السند: (عن رجل) كما قال ابن عُلَيَّةَ؛ فروايتهم أرجح. والله أعلم.
وله شاهد مرسل عن قيس بن سَكَنٍ وشيخ آخر: عند ابن أبي شيبة.

٣٣٥ – باب فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

٥ ‏/ ١٥٨
باب تفريع أبواب الوتر

٣٣٦ – استحباب الوتر
١٢٧٤ – عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«يا أهل القرآن! أوتروا؛ فإن الله وتر يُحِبُّ الوتر».
(قلت: حديث صحح، وصححه ابن خزيمة، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى عن زكريا عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ وفي عاصم -وهو ابن ضمرة- كلام لا يضر.
لكن أبو إسحاق -وهو السبيعي- كان اختلط، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه.
لكن يشهد لحديثه ما بعده؛ فهو به حسن إن شاء الله تعالى؛ بل هو صحيح لما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٢٤٦) والترمذي (١/ ٩١)، وابن ماجة (١١٦٩)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ١١٧ / ١)، وابن نصر في «الوتر» (١١١)، والحاكم (١/ ٣٠٠) -شاهدًا-، والبيهقي (٢/ ٤٦٨)، وأحمد (١/ ١١٠)، وابنه (١/ ١٤٣ و١٤٨) من طرق عن أبي إسحاق … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن».

٥ ‏/ ١٥٩
١٢٧٥ – عن عبد الله عن النبي ﷺ … بمعناه؛ زاد:
فقال أعرابي: ما تقول؟ ! فقال:
«ليس لك، ولا لأصحابك!».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو حفص الأبَّار عن الأعمش عن عمرو بن مُرَّةَ عن أبي عبيدة عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حفص الأبار -واسمه عمر بن عبد الرحمن بن قيس-، وهو صدوق.
لكن أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه على الراجح من الأقوال.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١١٧٠) … بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه للبيهقي (٢/ ٤٦٨) عنه وعن غيره عن أبي حفص.
وأخرجه ابن نصر (١١١) عن إبراهيم بن طهمان عن الأعمش … به.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٣/ ٧٠ / ٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٣١٣)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١٥/ ١٩٧ / ١) من طرق أخرى عن عمرو بن مرة … به.
وللحديث طريقان آخران عن ابن مسعود:
الأول: عن أبي وائل عنه … به؛ دود قوله: «فإن الله وتر يحب الوتر». أخرجه أبو نعيم، وقال:
٥ ‏/ ١٦٠
«غريب من حديث أبي وائل عن ابن مسعود. تفرد به ابن أبي عمر».
قلت: وهو صدوق من رجال مسلم، وكذلك من فوقه؛ فالسند صحيح.
والآخر: عن علقمة بن قيس عنه … مرفوعًا بلفظ:
«الوتر على أهل القرآن».
رواه الطبراني، وفيه مجهول، كما بينته في «الروض النضير» (٦٤٥).

٣٣٧ – باب فيمن لم يوتر
١٢٧٦ – عن ابن محَيْرِيزٍ:
أن رجلًا من بني كِنَانة -يدعى المُخدَجِيَّ- سمع رجلًا بالشام -يدعى أبا محمد- يقول: إن الوتر واجب. قال المُخْدَجِيُّ: فَرُحْتُ إلى عبادة بن الصامت فأخبرته؟ فقال عبادة: كذب أبو محمد! سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله على العباد، فمن جاء بهنَّ، لم يُضَيِّع منهُنَّ شيئًا استخفافًا بحقِّهن؛ كان له عند الله عَهْدُ أن يدخله الجنة. ومن لم يأتِ بهن؛ فليس له عند الله عهد؛ إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدخله الجنة».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان وغيره؛ كما مضى (٤٥٢».
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ابن حَبَّان عن ابن محَيْرِيز.

٥ ‏/ ١٦١
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المُخْدَجِي؛ قال الطحاوي في «المشكل»:
«اسمه: رُفَيْعٌ فيما ذكر يحيى بن معين. وأبو محمد المذكور: اسمه سعد بن أوس».
وجاء في بعض طرق الحديث عنده: أن أبا محمد هذا من أصحاب النبي ﷺ.
وأما المُخْدَجيُّ فلا يعرف، كما قال الذهبي وغيره؛ ولكنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
وابن محيريز: اسمه عبد الله الجُمَحِيُّ.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٢٣ / ١٤) … بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه النسائي (١/ ٨٠)، والطحاوي (٤/ ٢٢٣)، وابن نصر (١١٣)، والبيهقي (٢/ ٤٦٧) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه الدارمي (١/ ٣٧٠)، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد (٥/ ٣١٥) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد الأنصاري … به.
وكذا رواه ابن حبان (٢٥٣).
وأخرجه هو (٢٥٢)، وابن ماجة (١٤٠١)، والطحاوي، وأحمد (٥/ ٣٢٢) من طريقين آخرين عن محمد بن يحيى بن حَبَّان … به.
وللحديث طريق أخرى عن عبادة، تقدمت في الكتاب برقم (٤٥٢)، وذكرت له هناك طريقًا ثالثًا.
٥ ‏/ ١٦٢
٣٣٨ – باب كم الوتر؟
١٢٧٧ – عن ابن عمر:
أن رجلًا من أهل البادية سأل النبي ﷺ عن صلاة الليل؟ فقال بأصبعيه هكذا:
«مثنى مثنى، والوتر ركعةٌ من آخر الليل».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»؛ وقد مضى بنحوه (١١٩٧».
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الله بن شقيق، فعلى شرط مسلم؛ وقد أخرجه في «صحيحه» كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٢٤٦)، وأحمد (٢/ ١٠٠) من طرق أخرى عن همام … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٧٢)، وأبو عوانة (٢/ ٣٣٢)، وأحمد أيضًا«(٢/ ٥٨ و٧١ و٧٦ و٨١) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق … به.
وفي بعضها عنه مختصرًا بلفظ:
»بادروا الصبح بالوتر”.
وهذا؛ أخرجه أبو عوانة أيضًا، والترمذي (١/ ٩٣)، وابن حبان (٦٧٢)، وابن نصر (١٣٨) من طريق نافع عن ابن عمر … به. وقال الترمذي:
٥ ‏/ ١٦٣
«حديث حسن صحيح».
وصححه الحاكم أيضًا (١/ ٣٠١)، ووافاته الذهبي.
وللحديث طرق أخرى كثيرة عن ابن عمر … نحوه، وقد مضى أحدها (١١٩٧).

١٢٧٨ – عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله ﷺ:
«الوتر حَقٌّ على كل مسلم؛ فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٢٤٠٣)، والحاكم والنووي والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: حدثني قُرَيش بن حَيانَ العِجْلِيُّ: ثنا بَكْرُ بن وائل عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير بَكْرِ بن وائل، فهو من رجال مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٢٣) من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٠٣) من طريق أخرى عن ابن المبارك … به.
والنسائي (١/ ٢٤٩)، والدارقطني -عن دُوَيْدِ بن نافع-، وهما أيضًا، وابن ماجة (١١٩٠)، وابن نصر (١٢٢)، والحاكم أيضًا، والبيهقي (٣/ ٢٤) -عن الأوزاعي-، والدارمي (١/ ٣٧١)، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي -عن سفيان ابن حسين-، وابن حبان (٦٧٠) -عن يونس-، والدارقطني، والحاكم، والخطيب

٥ ‏/ ١٦٤
في «التاريخ» (٨/ ٣٠٧ و١٤/ ٣٣٣) -عن محمد بن الوليد الزُّبَيْدِي-، وهؤلاء؛ غير الخطيب -عن سفيان بن عيينة-، وهما -عن معمر بن راشد-، وهذا -عن محمد ابن أبي حَفْصة-؛ كل هؤلاء التسعة رووه عن الزهري … به مرفوعًا. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
قلت: وخالف هؤلاء جماعة فأوقفوه. فأخرجه النسائي -عن أبي مَعْبَدٍ وسفيان بن عيينة-، والحاكم -عن محمد بن إسحاق-، والبيهقي -عن معمر بن راشد-؛ أربعتهم عن الزهري … به موقوفًا على أبي أيوب!
وقد رجح بعض المتقدمين رواية الوقف! ولا أراه صوابًا؛ لأن الذين أوقفوه قلة. على أن بعضهم قد رفعه أيضًا كما رأيت، فالرفع أصح. والله أعلم.
والحديث صححه النووي أيضًا في «المجموع» (٤/ ١٧ و٢٢).
(تنبيه): زاد النسائي وابن حبان والحاكم من طرق عن الزهري … به: «ومن غَلَبَهُ ذلك؛ فليومِئْ إيماءً».

٣٣٩ – باب ما يُقرَأ في الوتر
١٢٧٩ – عن أُبَيِّ بن كعب قال:
كان رسول الله ﷺ يوتر بـ: (سَبِّحِ اسْمَ ربك الأعلى) و: (قل للذين كفروا و: الله الواحد الصمد).
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال العراقي، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو حفص الأبَّار. (ح) وثنا إبراهيم

٥ ‏/ ١٦٥
ابن موسى: أخبرنا محمد بن أنس -وهذا لفظه-عن الأعمش عن طلحة وزُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حفص الأبَّار -واسمه عمر بن عبد الرحمن-، ومحمد بن أنس، وهما ثقتان، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (٦٧٦) من طريق أخرى عن أبي حفص الأبَّار … به؛ إلا أنه قال: و: (قل يا أيها الكافرون) و: (قل هو الله أحد).
وتابعه أبو جعفر الرازي عن الأعمش … به: أخرجه الدارقطني (ص ١٧٥)، والبيهقي (٣/ ٣٨).
وتابعه فِطْر عن زُبَيْدٍ … به: أخرجه الدارقطني.
وتابعه أيضًا سفيان عن زبيد … به؛ وزاد:
ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ قال عند فراغه:
«سبحان الملك القدوس»؛ ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.
أخرجه النسائي (١/ ٢٤٨). ولابن ماجة (١١٨٢) منه: القنوت قبل الركوع.
ثم أخرجه النسائي، وابن نصر (١٢٦)، والدارقطني، والبيهقي من طرق أخرى عن سعيد بن عبد الرحمن … به.
والحديث قال العراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ٣١٠ – ٣١١):
«رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح»!
ولم أره عند ابن ماجة بهذا التمام!
٥ ‏/ ١٦٦
وله شاهد من حديث ابن عباس … مرفوعًا: أخرجه النسائي، والترمذي (١/ ٩٢)، والدارمي (١/ ٣٧٢ – ٣٧٣)؛ ورجاله ثقات.
وآخر عن عائشة، وهو الآتي:

١٢٨٠ – عن عبد العزيز بن جريج قال:
سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شيء كان يوتر رسول الله ﷺ؟ … فذكر معناه؛ قال:
وفي الثالثة بـ: (قل هو الله أحد) و(المعوذتين).
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، والحاكم، والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا محمد بن سلمة: ثنا خُصَيْف عن عبد العزيز بن جُريج.
قلت: وهذا إسناد ضعيف عبد العزيز بن جريج مجهول، كما قال الدارقطني.
وخصيف ضعيف؛ وهو ابن عبد الرحمن الجَزَرِي. لكنه لم يتفرد به كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه الترمذي (١/ ٩٣)، والبيهقي (٣/ ٣٨) من طريق أخرى عن محمد بن سلمة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب».
وأخرجه ابن حبان (٦٧٥ و٦٦٨٢)، والدارقطني (١٧٢)، والبيهقي (٣/ ٣٧) من طرق عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة … به.

٥ ‏/ ١٦٧
وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي.

٣٤٠ – باب القنوت في الوتر
١٢٨١ – عن أبي الحَوْرَاءِ قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما:
عَلَّمَنِي رسول الله ﷺ كلماتٍ أقولُهن في الوتر -قال ابن جَوَّاس: في قنوت الوتر-:
«اللهم! اهْدِني فيمن هديتَ، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولني فيمن تولَّيتَ، وبارك لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيت؛ إنك تقضي ولا يُقْضَى عليك، وإنه لا يَذِلُّ من وَالَيْتَ [ولا يعزُّ من عاديت] (*)، تبارَكْتَ ربنا! وتعاليتَ».
(قلت، حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن جَوَّاس الحنفي قالا: ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن بُرَيْدِ بن أبي مريم عن أبي الحوراء …
حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق … بإسناده ومعناه؛ قال في آخره: قال: هذا يقول في الوتر في القنوت؛ ولم يذكر: أقولهن في الوتر. أبو الحوراء: ربيعة بن شيبان.


(*) زيادة استدركت من طبعة الدعاس وغيرها، وفي أصل الشيخ رحمه الله دونها؛ تبعًا للطبعة التازية. (الناشر).
٥ ‏/ ١٦٨
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أن أبا إسحاق -وهو السبيعي- مختلط ومدلس، وقد عنعنه؛ لكنه قد توبع؛ فالحديث صحيح، وقد صححه وحسنه من ذكر آنفًا، وقد خرجته في «الإرواء» رقم (٤٢٩)؛ فأغنى عن الإعادة.

١٢٨٢ – عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنَّ رسول الله ﷺ كان يقول في آخر وتره:
«اللهم! إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثْنَيْتَ على نفسك».
(قلت: إسناده صحيح، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عمرو الفَزَارِي عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب.
قال أبو داود: «هشام أقدم شيخ لحماد، وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال: لم يَرْوِ عنه غير حماد بن سلمة».
قلت: ومع ذلك؛ فقد قال ابن معين في تمام كلامه المذكور:
«وهو ثقة». وقال أبو حاتم:
«ثقة شيخ قديم».
ووثقه أحمد أيضًا، وابن حبان.
والحديث أخرجه بقية أصحاب «السنن» وغيرهم من طرق عن حماد بن سلمة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب». وقد خرجته في «الإرواء» (٤٣٠).

٥ ‏/ ١٦٩
١٢٨٣ – عن أبي بن كعب:
أن رسول الله ﷺ قنت -يعني: في الوتر- قبل الركوع.
(قلت: علقه المصنف؛ وأعله بالمخالفة! والراجح عندي أنه محفوظ، وقد وصله النسائي وغيره بإسناد صحيح).
إسناده معلق؛ قال أبو داود: «روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كَعْب».
قلت: وصله النسائي، فقال (١/ ٢٤٨): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عيسى بن يونس … به.
وبهذا الإسناد: أخرجه ابن نصر (١٢٦ و١٣١)؛ ولفظ الحديث عندهما نحو ما تقدم في الكتاب (١٢٧٩)؛ وليس عند ابن نصر في روايته ذكر للقنوت. وهو رواية النسائي.
وأخرجه الدارقطني (ص ١٧٤)، وعنه البيهقي (٣/ ٣٩) من طريق المسيب بن واضح: ثنا عيسى بن يونس … به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كلهم؛ وعيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي، ثقة مأمون كما قال الحافظ؛ فزيادته مقبولة، لا سيما وقد توبع عليها كما يأتي.
قال أبو داود: «روى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضًا عن فِطْرِ بن خليفة عن زُبَيْدٍ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي عن النبي ﷺ … مثله».
قلت: وصله الدارقطني (١٤٥)، وعنه البيهقي (٣/ ٤٠) من طريق علي بن خَشْرَمٍ: ثنا عيسى بن يونس … به.
٥ ‏/ ١٧٠
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ثم قال المصنف:
«وروى عن حفص بن غياث عن مِسْعَرٍ عن زُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزى عن أبيه عن أُبيّ بن كعب: أن رسول الله ﷺ قنت قبل الركوع».
قلت: وهذه متابعة قوية من مسعر لفِطْرٍ عن زُبَيْدٍ -وهو ثقة ثبت- وكذا الراويان عنه ثقتان: مسعر من رجال الشيخن، وفطر من رجال البخاري. ولكني لم أجد الآن من وصله من هذا الوجه!
ثم رأيت البيهقي (٣/ ٤٠ – ٤١) قد وصله من طريق محمد بن يونس عن عمر ابن حفص بن غياث: ثنا أبي عن مسعر … به.
ومحمد بن يونس: هو الكُديمِي، متهم.
لكني وجدت متابعة أخرى، فقال للنسائي (١/ ٢٤٨): أخبرنا علي بن ميمون قال: حدثنا مَخْلَدُ بن يزيد عن سفيان عن زبيد … به بتمامه.
وبهذا الإسناد: أخرجه ابن ماجة مقتصرًا على ذكر القنوت فقط، كما تقدم هناك (١٢٧٩).
وأزيد هنا فأقول: أخرجه أيضًا الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (١/ ٤٠٠ – ٤٠١) من طريق النسائي وغيره عن علي بن ميمون … به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير علي بن ميمون، وهو ثقة كما في «التقريب». وقد صححه الحافظ العراقي كما تقدم.
قال أبو داود: «حديث سعيد عن قتادة، رواه يزيد بن زُريع عن سعيد عن قتادة عن عَزْرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي ﷺ … لم يذكر للقنوت، ولا ذكر أُبيًّا. وكذلك رواه عبد الأعلى ومحمد بن بِشرِ العَبْدِي؛ وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس … ولم يذكروا القنوت».
٥ ‏/ ١٧١
قلت: وصله النسائي (١/ ٢٤٨ – ٢٤٩ و٢٥٣)، وأحمد (٣/ ٤٠٦) من طريقين آخرين عن سعيد … به.
قال المصنف: وقد رواه أيضًا هشام الدَّستَوَائي وشعبة عن قتادة … ولم يذكرا القنوت».
قلت: وصله عن هشام: النسائي (١/ ٢٥٣). وعن شعبة: هو (١/ ٢٥٢)، وأحمد (٣/ ٤٠٦).
قال: «وحديث زُبَيْد؛ رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجَرير بن حازم كلهم عن زبيد … لم يذكر أحد منهم القنوت؛ إلا ما روي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد؛ فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبل الركوع».
قال أبو داود: «وليس هو بالمشهور من حديث حفص؛ نخاف أن يكون عن حفص غير مسعر»!
قال أبو داود: «وروي أن أُبَيًّا كان يقنت في النصف الآخر من رمضان»!
قلت: فاتته رواية سفيان عن زبيد المتقدمة من طريق النسائي؛ ففيها القنوت أيضًا.
وجملة القول: أن أكثر الرواة عن سعيد عن قتادة وعن زبيد لم يذكروا القنوت، ولكن الذين ذكروه ثقات؛ وهم: سفيان وفِطْرٌ ومِسْعَرٌ وعيسى بن يونس؛ فتوهيم هؤلاء جميعًا مما لا يطمئن القلب إليه. فالأقرب أن يؤخذ بزيادتهم، وأن الآخرين لم يذكروها اختصارًا، كما فعل بعضهم في الزيادة الآتية (١٢٨٤):
كان إذا سلَّم في الوتر قال: «سبحان الملك القدوس»؛ فإنه من تمام الحديث عند آخرين عما يأتي بيانه.
٥ ‏/ ١٧٢
فكما لم يَضُرَّ في ثبوته عدم ذكر البعض لها؛ فكذلك لم يضر -إن شاء الله تعالى- عدم ذكر بعضهم لهذه الزيادة. فالواجب الأخذ بكلٍّ منهما؛ من باب: «زيادة الثقة مقبولة».
وأما قول المصنف: «ويروى أن أُبَيًّا كان يقنت في النصف من رمضان».
فهو يعني الإشارة إلى تضعيف هذه الزيادة من طريق المتن؛ فإنه لو كانت ثابتة عن أبي؛ لم يكن ليدع القنوت في النصف الأول من رمضان!
وهذا في نظري ليس بشيء؛ لأن السند في الرواية المذكورة عن أبي لا يصح، ولعل المصنف أشار إلى ذلك بقوله: «روي». ولو صح فليس نصًّا فيما ذهب إليه المصنف، كما بينت في الكتاب الآخر (٢٥٧ – ٢٥٨).

٣٤١ – باب في الدعاء بعد الوتر
١٢٨٤ – عن أبَيِّ بن كعب قال:
كان رسول الله ﷺ إذا سلَّم في الوتر قال: «سبحان الملك القدوس».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن أبي عبيدة: ثنا أبي عن الأعمش عن طلحة الأيَامِي عن ذرٍّ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبيّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وأبو عبيدة: اسمه عبد الملك بن مَعْنٍ المَسْعودي.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٤١) من طريق المصنف.

٥ ‏/ ١٧٣
وأخرجه النسائي (١/ ٢٥١)، وابن حبان (٦٧٧)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (٥/ ١٢٣) من طرق أخرى عن محمد بن أبي عبيدة … به؛ وزادوا:
ثلاثًا.
وزادوا قبلها ما كان يقرأه في ثلاث ركعات الوتر؛ كما تقدم برقم (١٢٧٩).
وتابعه زُبَيْدٌ عن ذَرٍّ … به: أخرجه النسائيِ (١/ ٢٥١ و٢٥٣)، وعبد الله بن أحمد؛ وزاد النسائي:
يَمُدُّ صوته في الثالثة، ثم يرفع.
ورواه سفيان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن … به؛ بلفظ:
ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.
أخرجه النسائي وغيره من طريق مخلد بن يزيد عنه.
وتابعه قاسم ومحمد بن عُبَيْدٍ عن سفيان الثوري … به: أخرجه النسائي (١/ ٢٥٢)، وقال:
«وخالفهما أبو نعيم؛ فرواه عن سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد».
ثم ساقه من طريق محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي نعيم … به، وقال:
«أبو نعيم أثبت عندنا من محمد بن عبيد ومن قاسم بن يزيد»!
قلت: اتفاقهما مع مخلد بن يزيد -على إسقاط ذر- من الصعب توهيمه؛ فلعل سفيان سمعه أولًا من يزيد عن ذر، ثم سمعه من ذر مباشرة؛ فحدث به تارة
٥ ‏/ ١٧٤
هكذا؛ وتارة هكذا، وحدث كلٌّ بما سمع منه! والله أعلم.

١٢٨٥ – عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ:
«من نام عن وتره أو نَسِيَهُ؛ فَلْيُصَلِّهِ إذا ذكره».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا عثمان بن سعيد عن أبي غسان محمد ابن مُطَرِّفٍ المدني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عوف، وشيخه عثمان بن سعيد -وهو ابن دينار-؛ وهما ثقتان.
والحديث أخرجه جماعة آخرون، منهم الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في «الإرواء» (٤٢٢)، وذكرت له هناك طريقًا أخرى عن عطاء.

٣٤٢ – باب في الوتر قبل النوم
١٢٨٦ – عن أبي هريرة قال:
أوصاني خليلي ﷺ بثلاث، لا أدَعُهُنَّ في سفر ولا حضر: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، ولا أنام إلا على وِترٍ.
(قلت: حديث صحيح وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»؛ دون قوله: في سفر ولا حضر).
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا أبو داود: ثنا أبان بن يزيد عن قتادة عن أبي سعيد -من أزْدِ شَنُوءَةَ- عن أبي هريرة.

٥ ‏/ ١٧٥
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي سعيد هذا؛ فإنه لا يعرف، ووثقه ابن حبان!
وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي صاحب «المسند»؛ وليس الحديث فيه.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٧١ و٤٨٩) من طريقين آخرين عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة … به.
ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن الحسن -وهو البصري- مدلس، ولم يصرح بسماعه من أبي هريره، وفي ثبوت سماعه منه في الجملة اختلاف، ولا أستبعد أن يكون هو أبا سعيد الأزدي الذي في طريق المصنف؛ فإنه يكنى بأبي سعيد مولى الأنصار، كما في «التهذيب» وغيره، والأنصار كلهم من أولاد أزْدٍ -وهو ابن الغوث-، ويقال: أزد شنوءة، وأزد عُمَان، وأزْدُ السَّرَاةِ؛ كما في «القاموس» وغيره.
ورواه أحمد (٢/ ٥٠٥)، وابن خزيمة (١٢٢٣) من طريق أخرى عن سليمان بن أبي سليمان أنه سمع أبا هريرة يقول … فذكره؛ وزاد بعد ركعتي الضحى:
«فإنها صلاة الأوابين».
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير سليمان هذا؛ قال الذهبي:
«لا يكاد يعرف».
ولهذه الزيادة شاهد في «صحيح مسلم»، فانظر «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (١١٦٤).
ولها طريق أخرى عن أبي هريرة: عند الديلمي (٢/ ٢٤٤)؛ وسنده ضعيف.
٥ ‏/ ١٧٦
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٧ و٤/ ١٩٧)، ومسلم (٢/ ١٥٨)، وأبو عوانة (٢/ ٢٦٦)، والنسائي (١/ ٢٤٧)، والدارمي (١/ ٣٣٩)، وابن نصر (١١٧)، والبيهقي (٣/ ٣٦)، والطيالسي (٢٣٩٢)، وأحمد (٢/ ٤٥٩)؛ وزاد البخاري والدارمي:
لا أدعهن حتى أموت.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة: عند الطيالسي (٢٣٩٦ و٢٤٤٧ و٢٥٩٣)، وأحمد (٢/ ٢٢٩ و٢٣٣ و٢٥٤ و٢٥٨ و٢٦٠ و٢٦٥ و٢٧٧ و٣١١ و٣٢٩ و٣٤٧ و٣٩٢ و٤٠٢ و٤٥٩ و٤٧٢ و٤٩٧ و٤٩٩). وفي طريق واحدة فقط بلفظ: أمرني؛ بدل: أوصاني … وفيها ضعيفان!
لكن له طريق أخرى: عند الترمذي (٤٥٥) بسند صحيح.

١٢٨٧ – عن أبي الدرداء قال:
أوصاني خليلي ﷺ بثلاث، لا أدعهن لشيء؛ أوصاني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا أنامُ إلا على وتر، وبسُبْحَةِ الضُّحى في السفر والحضر.
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: «في السفر والحضر». أخرجه مسلم في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: ثنا أبو اليمان عن صفوان بن عمرو عن أبي إدريس السَّكُوني عن جُبَيْرِ بن نُفيْرٍ عن أبي الدرداء.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي إدريس السكوني، فهو مجهول كما قال ابن القطان.

٥ ‏/ ١٧٧
وما تعقبه به الذهبي في «الميزان»؛ رَدَّهُ عليه الحافظ في «التهذيب». ولذلك قال في «التقريب»:
«مقبول»؛ يعني: عند المتابعة.
وقد توبع متابعة قاصرة كما يأتي، فالحديث صحيح.
وأبو اليمان: اسمه الحكم بن نافع الحمصي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤٥١): ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان … به.
وخالفه أبو المغيرة فقال: ثنا صفوان قال: حدثني بعض المشيخة عن أبي إدريس السَّكوني … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٥٩)، وابن نصر (١١٧) من طريق أخرى عن أبي الدرداء … به؛ دون قوله: في السفر والحضر.

١٢٨٨ – عن أبي قتادة:
أن النبي ﷺ قال لأبي بكر:
«متى توتر؟». قال: أوتر من أول الليل.
وقال لعمر:
(متى توتر؟). قال: آخِرَ الليل. فقال لأبي بكر:
«أخَذَ هذا بالحَزْمِ». وقال لعمر:
«أخذ هذا بالقوة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي).

٥ ‏/ ١٧٨
إسناده: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف: ثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق السِّيلَحِينِيُّ: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٣٠١) عن بشر بن موسى: ثنا يحيى بن إسحاق السِّيلَحِينِيُّ … به، وقال:
«حديث صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن خزيمة (١٠٧٩) من طريق آخر عن السيلَحينِيِّ … به.
ثم ذكر له شاهدًا -قال: «بإسناد صحيح»- من طريق يحيى بن سُلَيْمٍ عن عُبَيْدِ الله عن نافع عن ابن عمر … مرفوعًا نحوه.
وأخرجه ابن نصر أيضًا (١١٦)، وابن خزيمة (١٠٨٠)، وابن حبان (٦٧٣).
ويحيى بن سُلَيم: هو الطائفي، وهو صدوق سيئ الحفظ كما قال الحافظ.
وله شاهد آخر من حديث عقبة بن عامر … نحوه.
أخرجه الرُّوياني (٣٥/ ١)؛ وفيه ابن لهيعة.

٣٤٣ – باب في وقت الوتر
١٢٨٩ – عن مسروق قال: قلت لعائشة:
متى كان يوتر رسول الله ﷺ؟ قالت
كلَّ ذلك قد فعل؛ أوترَ أولَ الليلِ، ووسَطَهُ، وآخِرَهُ، ولكن انتهى وتره حين مات إلى السّحَرِ.

٥ ‏/ ١٧٩
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في «صحيحيهما». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا أبو بكر بن عَيَّاش عن الأعمش عن مسلم عن مسروق.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٢٩): ثنا أسود بن عامر قال: أنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن مسلم عن مسروق. (ح) وأبي حصين عن يحيى بن وَثَّاب عن مسروق … به.
وبهذا يتبين أن لابن عياش فيه ثلاثة أسانيد:
الأول: عن الأعمش عن مسلم -وهو أبو الضحى-.
وقد تابعه عليه جماعة عن الأعمش … به.
أخرجه البخاري (٢/ ٤٠٦)، ومسلم (٢/ ١٦٨)، وأحمد (٦/ ٤٦ و١٠٧).
الثاني: عن عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود- عن مسلم.
تابعه سفيان -وهو الثوري- عن عاصم بن أبي النَّجُود … به: أخرجه أحمد (٦/ ٢٠٤).
الثالث: عن أبي حَصِينٍ عن ابن وَثَّاب.
وقد أخرجه الترمذي (١/ ٩١) -وصححه-، وابن ماجة (١١٨٥) عن ابن عياش من هذا الوجه.
٥ ‏/ ١٨٠
وتابعه سفيان الثوري عن أبي حصين: أخرجه مسلم، والدارمي (١/ ٣٧٢)، وأحمد (٦/ ٢٠٥).

١٢٩٠ – عن ابن عمر: أن النبي ﷺ قال:
«بادروا الصُّبْحَ بالوِتْرِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (٢٤٣٦».
إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا ابن أبي زائدة: حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم بإسناد آخر كما تقدم ويأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٧٢ – ١٧٣) وغيره من هذا الوجه عن ابن أبي زائدة: أخبرني عاصم الأحول عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر … به. وقد مضى تخريجه تحت الحديث (١٢٧٧).

١٢٩١ – عن عبد الله بن أبي قيس [قال]:
سألت عائشة عن وِتْرِ رسول الله ﷺ؟ قالت:
ربما أوتر أول الليل، وربما أوتر من آخره.
قلت: كيف كانت قراءته؛ أكان يُسِرُّ بالقراءة أم يجهر؟ قالت:

٥ ‏/ ١٨١
كل ذلك كان يفعل؛ ربما أسر، وربما جهر. وربَّما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام.
قال أبو داود: «قال غير قتيبة: تعني: في الجنابة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» بإسناد المصنف، وأخرجه أبو عوانة من طريقه وطريق غيره. وصححه الحاكم، والذهبي، والترمذي).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس … به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (١/ ١٧١) … بإسناد المصنف هذا؛ ولكنه لم يسق منه إلا ما يتعلق بالجنابة؛ ولفظه:
سألت عائشة عن وتر رسول الله ﷺ … فذكر الحديث. قلت: كيف كان يصنع في الجنابة؛ أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل؛ ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سَعَةً!
ومن هذا السياق؛ يتبين أن في سياق المصنف اختصارًا كثيرًا.
وقد أخرجه أبو عوانة (٢/ ٣٠٨) من طريقه؛ ولكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ حديث ابن وهب قال: أخبرني معاوية بن صالح … به نحوه.
وقد أخرجه أحمد (٦/ ٧٣ – ٧٤ و١٤٩) من طريقين آخرين عن معاوية … به.
٥ ‏/ ١٨٢
وللحديث طريق أخرى عن عائشة، مضى في «الطهارة» (٢٢٣).

١٢٩٢ – عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال:
«اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكلذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن عبيد الله: حدثني نافع عن ابن عمر.
قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٢/ ٢٠) … بإسناده هذا.
وأبو عوانة (٢/ ٣١٠) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (٢/ ٤٠٦ – فتح)، ومسلم (٢/ ١٧٣)، وابن نصر (١٢٧)، والبيهقي (٣/ ٣٤) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان … به.
وقال أحمد (٢/ ١٤٣): ثنا ابن نمير ومحمد بن عبيد قالا: ثنا عبيد الله … به.
وأخرجه مسلم عن ابن نمير.
وأبو عوانة عن ابن عبيد.
ومسلم من طرق أخرى عن عبيد الله … به.

٥ ‏/ ١٨٣
٣٤٤ – باب في نقض الوتر
١٢٩٣ – عن قيس بن طَلْقٍ قال:
زارنا طَلْقُ بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا تلك الليلة، وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر قدَّم رجلًا، فقال: أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«لا وترانِ في ليلة».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا ملازم بن عمرو: ثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ وقيس بن طلق فيه كلام لا يضر، كما تقدم (١٧٦).
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٣٦) عن المصنف.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٤٩ / ٢): ملازم بن عمرو … به.
والنسائي (١/ ٢٤٧)، والترمذي (١/ ٩٤)، وابن حبان (٦٧١)، وأحمد (٤/ ٢٣) من طرق عن ملازم … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب».
وتابعه أيوب بن عُتْبَةَ عن قيس بن طلق … به مرفوعًا دون القصة.
٥ ‏/ ١٨٤
أخرجه الطيالسي (١٠٩٥)، وعنه ابن نضر (١٢٨).
وتابعه سِرَاجُ بن عقبة عن قيس به أخرجه أحمد في رواية ملازمة مقرونًا مع عبد الله بن بدر.
وتابعه محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر ….. به: أخرجه أحمد.

٣٤٥ – باب القنوت في الصلاة
١٢٩٤ – عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: ثنا أبو هريرة قال:
والله! لأُقَرِّبَنَّ لكم صلاة رسول الله ﷺ. قال:
فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة، وصلاة الصبح، فيدعوا للمؤمنين، ويلعن الكافرين.
(قلت: إسناده صحيح وأخرجه البخاري ومسلم في «صحيحيهما»).
إسناده حدثنا داود بن أمية: ثنا معاذ -يعني: ابن هاشم-: حدثني يحيى بن كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجال ثقات شرط الشيخين؛ غير داود بن أمية، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ١٩٨) من طرق المصنف.
وأخرجه (٢/ ١٣٥) من طرق محمد بن المثنى: ثنا معاذ بن هاشم.
والبخاري (٢/ ٢٣٦ – ٢٣٧ – فتح)، والنسائي (١/ ١٦٤)، والبيهقي، وأحمد (٢/ ٢٥٥ و٣٣٧ و٤٧٠) من طرق أخرى عن هشام به.

٥ ‏/ ١٨٥
١٢٩٥ – عن البراء:
أن النبي ﷺ كان يقنت في صلاة الصبح -زاد ابن معاذ: وصلاة المغرب-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أبو الوليد ومسلم بن إبراهيم وحفص بن عمر. (ح) وثنا ابن معاذ: حدثني أبي: قالوا كلهم: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن ابن أبي ليلى عن للبراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وابن معاذ: اسمه عبيد الله بن معاذ بن معاذ بن نصر العنبري.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٣٧)، وأبو عوانة (٢/ ٢٨٧)، والنسائي (١/ ١٦٤)، والترمذي (١/ ٨١)، والبيهقي (٢/ ١٩٨)، وأحمد (٤/ ٢٨٥) من طرق عن شعبة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».

١٢٩٦ – عن أبي هريرة قال:
قنت رسول الله ﷺ في صلاة العَتَمَةِ شهرًا، يقول في قنوته:
«اللهم! نَجِّ الوليد بن الوليد، اللهم! نَجِّ سلمة بن هشام، اللهم! نَجِّ المستضعفين من المؤمنين، اللهم! اشْدُدْ وَطْأتَكَ على مُضَرَ، اللهم! اجعلها عليهم سنين كَسِنِي يوسف».
وأصبح رسول الله ﷺ ذات يوم؛ فلم يَدْعُ لهم، فذكرتُ ذلك له؟ فقال:

٥ ‏/ ١٨٦
«وما تراهم قد قدموا؟ !».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه كما يأتي.
وعبد الرحمن هذا: هو الدمشقي الملقب بـ (دُحَيْم)، وهو حافط متقن.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٠٠) من طريق المؤلف.
ومسلم (٢/ ١٣٥)، وأبو عوانة (٢/ ٢٨٤) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم … به.
وعزاه المنذري للبخاري أيضًا!
وما أظنه إلا وهمًا أو تساهلًا؛ فقد فتشت عنه، فلم أره عنده إلا مختصرًا، دون قول أبي هريرة: وأصبح …
ولذلك لم يعزه البيهقي إلا لمسلم وحده، وهو عنده في «التفسير» عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عنه.

١٢٩٧ – عن ابن عباس قال:
قنت رسول الله ﷺ شهرًا متتابعًا: في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح، في دُبُرِ كل صلاة إذا قال: «سمع الله لمن حمده» من الركعة الآخرة؛ يدعو على أحياء من بني سُلَيْمٍ: على رِعْلٍ وذَكْوانَ

٥ ‏/ ١٨٧
وعُصَيَّةَ، ويؤمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن معاوية الجُمَحِيُّ: ثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خَبَّاب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير هلال بن خباب، وهو صدوق تغيَّر بآخره، كما قال الحافظ.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٢٢٥ – ٢٢٦)، وعنه البيهقي (٢/ ٢٠٠)، وأحمد (١/ ٣٠١) من طرق أخرى عن ثابت … به؛ وزادوا:
قال عكرمة: هذا مفتاح القنوت. وقال الحاكم.
«صحيح على شرط البخاري»! ووافقد الذهبي!
وهلال بن خباب لم يخرج له البخاري شيئًا.

١٢٩٨ – عن محمد عن أنس بن مالك: أنه سئل:
هل قنت النبي ﷺ في صلاة الصبح؟ فقال: نعم.
فقيل له: قبل الركوع أو بعد الركوع؟ قال:
بعد الركوع -قال مسدد: يسيرًا (١) -.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة


(١) الأصل: (بيسير)، وكذا في «الهندية». وعلى هامشها: «نسخة: يسيرًا».
وهو الموافق لرواية «الصحيحين»؛ فأثبتناه.
٥ ‏/ ١٨٨
في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن أيوب عن محمد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
الحديث أخرجه البخاري (٢/ ٤٠٧ – ٤٠٨)، والبيهقي (٢/ ٢٠٦) عن مسدد.
والبيهقي عن سليمان بن حرب.
وأبو عوانة (٢/ ٢٨١)، والنسائي (١/ ١٦٣) من طريقين آخرين عن حماد بن زيد … به.
وتابعه أيوب عن محمد -وهو ابن سيرين: – أخرجه أحمد (٣/ ١١٣)، ومسلم (٢/ ١٣٦).
وتابعه خالد الحَذَّاء عنه؛ ولفظه:
سألت أنس بن مالك: هل قنت عمر؟ قال: نعم، ومن هو خير من عمر -رسول الله ﷺ بعد الركوع.
أخرجه أحمد (٣/ ١٦٦ و٢٠٩) عن هلال بن أبي زينب عنه.
وهلال هذا مجهول. وقوله: نعم، ومن هو خير من عمر …
منكر؛ لأنه مخالف لرواية قتادة عن أنس قال:
قنت رسول الله ﷺ شهرًا يدعو … فقلت لأنس: قنت عمر؟ قال: عمر! لا.
وإسناده صحيح.
وتابعه أنس بن سيرين عن أنس؛ وهو الآتي بعده.
٥ ‏/ ١٨٩
١٢٩٩ – عن أنس بن مالك:
أنَّ النبي ﷺ قنت شهرًا، ثم تركه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وكذا أبو عوانة).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا حماد بن سلمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٣٦)، وأبو عوانة (٢/ ٢٨٦)، وأحمد (٣/ ١٨٤) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به.
وكان اضطرب فيه حماد؛ فقد قال في رواية أخرى عنده (٣/ ٢٤٩): ثنا أنس ابن سيرين عن قتادة عن أنس.
وفي أخرى: ثنا قتادة: ثنا أنس بن سيرين.
وتابعهم هشام عن قتادة عن أنس بن مالك: أخرجه مسلم (٢/ ١٣٧)، وأحمد (٣/ ٢١٧ و٢٦١).
وهمام: أخبرني قتادة قال: حدثني أنس … به: أخرجه أحمد (٣/ ١٩١ و٢٥٢).

١٣٠٠ – عن محمد بن سيرين قال:
حَدَّثني مَنْ صلى مع النبي ﷺ صلاةَ الغداة؛ فلما رفع رأسه من الركعة الثانية؛ قام هُنَيَّة.

٥ ‏/ ١٩٠
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن مُفَضَّلٍ: ثنا يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ وجهالة الصحابي لا تضر.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٦٣) من طريق أخرى عن بشر … به.

٣٤٦ – باب في فضل التطوُّعِ في البيت
١٣٠١ – عن زيد بن ثابت أنه قال:
احْتَجَرَ رسول الله ﷺ في المسجد حُجْرَةً، فكان رسول الله ﷺ يخرج من الليل فيصلي فيها. قال: فصلَّوا معه بصلاته -يعني: رجالًا-، وكانوا يأتونه كلَّ ليلة؛ حتى إذا كان ليلة من الليالي؛ لم يخرج إليهم رسول الله ﷺ، فتنحنحوا، ورفعوا أصواتهم، وحَصَبوُا بابه. قال: فخرج إليهم رسول الله ﷺ مغْضَبًا، فقال:
«أيها الناس! ما زال بكم صنيعُكم، حتى ظننت أنْ سَتكْتَبُ عليكم! فعليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المَرْءِ في بيته؛ إلا الصلاة المكتوبة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في «صحاحهم». وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله البزاز: ثنا مَكِّيُّ بن إبراهيم: ثنا عبد الله

٥ ‏/ ١٩١
-يعني: ابن سعيد بن أبي هند- عن أبي النَّضْرِ عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن ثابت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير هارون، فهو على شرط مسلم فقط.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١٨٧): ثنا مَكِّيٌّ … به.
وأخرجه أبو عوانة (٢/ ٢٩٤) من طريقين آخرين عن مكي … به.
ومسلم (٢/ ١٨٨)، والترمذي (١/ ٩٠) -مختصرًا، وقال: «حديث حسن»- من طريق محمد بن جعفر: حدثنا عبد الله بن سعيد … به.
وتابعه موسى بن عقبة قال: سمعت أبا النضر … به. أخرجه البخاري (٢/ ١٧٩)، ومسلم، وأبو عوانة (٢/ ٢٧٩ و٢٩٣)، والنسائي (١/ ٢٣٧)، والبيهقي (٢/ ٤٩٤).
وتابعه إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه … له مختصرًا، وقد مضى في الكتاب (٩٥٩).

١٣٠٢ – عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ:
«اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، ومضى (٩٥٨) بإسناد على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله: أخبرنا نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في

٥ ‏/ ١٩٢
«صحيحه» … بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه المصنف وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد؛ كما تقدم (٩٥٨)، وقد خرجته هناك؛ فلا داعي للإعادة.

٣٤٧ – باب طول القيام
١٣٠٣ – عن عبد الله بن حُبْشِيٍّ الخَثْعَميِّ:
أن النبي ﷺ سئل: أيُّ الأعمالِ أفضل؟ قال:
«طول القيام». قيل: فأيُّ الصدقةِ أفضل؟ قال:
«جُهْدُ المُقِلِّ». قيل: فأيُّ الهجرةِ أفضل؟ قال:
«مَنْ هَجَرَ ما حَرَّمَ اللهُ عليه». قيل: فأيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قال:
«من جاهد المشركين بماله ونفسه». قال: فأيُّ القتلِ أشرفُ؟ قال: «من أُهْرِيقَ دَمُهُ، وعُقِرَ جوادُهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن الصواب: الصلاة؛ بدل: الأعمال؛ كما تقدم (١١٩٦».
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حَجَّاج قال: قال ابن جريج: حدثني عثمان بن أبي سليمان عن علي الأزْديِّ عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن حُبْشِيٍّ الخثعمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد مضى (١١٩٦) مختصرًا، وبَيَّنَّا هناك ما وقع للمصنف رحمه الله تعالى من الخلل في اختصاره.

٥ ‏/ ١٩٣
٣٤٨ – باب الحَثِّ على قيام الليل
١٣٠٤ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«رَحِمَ الله رجلًا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّتْ؛ فإن أبت نضح في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء!».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقد مضى سندًا ومتنًا (١١٨١».
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا يحيى عن ابن عجلان: ثنا القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى بهذا السند والمتن رقم (١١٨١).

١٣٠٥ – عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله ﷺ:
«من استيقظ من الليل وأيقظ امراته، فصلَّيا ركعتين جميعًا؛ كُتِبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد مضى نحوه (١١٨٢».
إسناده: حدثنا محمد بن حاتم بن بَزِيع: ننا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن علي بن الأقمر عن الأغرّ أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى الحديث بهذا الإسناد، وآخر غيره في الموضع المشار إليه في الأعلى، مع ذكر من خرجه غير المصنف؛ فأغنى عن الإعادة.

٥ ‏/ ١٩٤
٣٤٩ – باب في ثواب قراءة القرآن
١٣٠٦ – عن عثمان عن النبي ﷺ قال:
«خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في «صحيحه». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن علقمة بن مَرْثَدٍ عن سعد بن عُبَيْدَةَ عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير حفص بن عمر -وهو الحوضي-، فهو على شرط البخاري وحده.
وقد أخرجه في «صحيحه»، وآخرون، منهم الترمذي، وقال:
«حديث حسن صحيح»، كما خرجته في «الصحيحة» (١١٧٣).

١٣٠٧ – عن عائشة عن النبي ﷺ قال:
«الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به: مع السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، والذي يقرأُهُ وهو يشتدُّ عليه؛ فله أجران».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه في «صحيحيهما». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام وهمام عن قتادة عن زُرَارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة.

٥ ‏/ ١٩٥
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٤٤٤) … بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٩٥)، وأحمد (٦/ ٤٨ و١٩٢ و٢٨٩) عن هشام الدَّسْتَوَائي.
وأخرجه الطيالسي (١٤٩٩) -وعنه الترمذي (٢/ ١٤٨) -: حدثنا شعبة وهشام عن قتادة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه البخاري (٨/ ٥٣٢)؛ وأحمد (٦/ ١١٠ و١٧٠) -عن شعبة-، وأحمد أيضًا (٦/ ٩٤) -عن همام- كلاهما عن قتادة … به.

١٣٠٨ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السَّكِينة، وغَشِيَتْهُمُ الرحمةُ، وحَفَّتهم الملائكةُ، وذكَرهم الله فيمن عنده».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في «صحيحه». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٨/ ٧١)، وابن ماجة (٢٢٥) … بهذا الإسناد وغيره

٥ ‏/ ١٩٦
عن أبي معاوية.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٥٢): ثنا أبو معاوية … به. ومسلم، والترمذي (٢/ ١٥٥)، وأحمد (٢/ ٤٠٧) من طرق أخرى عن الأ عمش … به؛ وصرح الأعمش بالتحديث في رواية لمسلم.
وأخرجه مسلم، وأحمد (٢/ ٤٤٧ و٣/ ٣٣ و٤٩ و٩٢ و٩٤) من طرق عن أبي إسحاق عن الأعرابي مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي ﷺ أنه قال … فذكره نحوه.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – كتاب الطهارة -5

١١٣ – باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر ٣١٩ – عن سُمَيٍّ …