٣ – كتاب الزكاة

١٣٩١ – عن أبي هريرة قال:
لما تُوُفِّيَ رسولُ الله ﷺ، واستُخْلِفَ أبو بكر بعده، وكَفَرَ مَنْ كَفَرَ من العرب؛ قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِل الناسَ وقد قال رسول الله ﷺ: «أمرْتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال: لا إله إلا الله؛ عَصَمَ مني مالَهُ ونفسَهُ إلا بحقِّهِ؛ وحسابه على الله عز وجل»؟ ! فقال أبو بكر:
والله لأقاتلنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاةَ حقُّ المال! واللهِ لو منعوني عقالًا كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله ﷺ؛ لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ اللهَ عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال -قال-؛ فعرفت أنه الحقُّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بسند المصنف ومتنه، لكن قوله: «عقالًا» شاذ، والمحفوظ: «عَنَاقًا»؛ كما يأتي).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي: ثنا الليث عن عقَيْل عن الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة.
قال أبو داود: «رواه رَبَاحُ بن زيد عن معمر عن الزهري … بإسناده، قال بعضهم: عقالًا. ورواه ابن وهب عن يونس … قال: عناقًا».
قال أبو داود: «قال شعيب بن أبي حمزة ومعمر والزُّبيدي عن الزهري … في هذا الحديث: لو منعوني عناقًا. وروى عنبسة عن يونس عن الزهري … في هذا الحديث قال: عناقًا».
٥ ‏/ ٢٧٨
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بإسناده ومتنه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٣/ ٢١٨)، ومسلم (١/ ٣٨)، والترمذي (٢٦١٠)، والنسائي (١/ ٣٣٥ و٢/ ١٦١) كلهم قالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد … به.
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٠٤) من طريق المصنف. وقال البخاري عقبه:
«قال ابن بُكَيْرٍ وعبد الله عن الليث: (عناقًا)، وهو أصح».
قلت: يعني: من رواية قتيبة المذكورة عن الليث بلفظ: (عقالًا).
وكأن المصنف أشار إلى ترجيح ما رجحه البخاري بتسمية الرواة الذين تابعوا عُقَيْلًا على اللفظ الراجح. ومن المفيد أن أَصِلَ رواياتهم، ثم أُتْبِعَها بذكر متابعين آخرين ممن وقفت عليهم.
وابن بكير: اسمه يحيى بن عبد الله، وقد وصل روايته: البخاري (١٢/ ٢٣٢ – ٢٣٤). فلنبدأ الآن بوصل الروايات المشار إليها:

١ – ابن وهب عن يونس: وصلها مسلم (١/ ٣٩)؛ ولكنه لم يَسُقِ القصة، وإنما الحديث المرفوع فقط.

٢ – شعيب بن أبي حمزة عن الزهري: وصلها البخاري (٢/ ٢٠٦)، والنسائي (٢/ ٥٣ و١٦٢)، والبيهقي، وأحمد (١/ ١٩).

٣ – معمر عن الزهري: وصلها أحمد (١/ ٣٥ – ٣٦ و٤٧ – ٤٨).

٤ – الزُّبَيْدِيُّ عن الزهري: وصلها النسائي (٢/ ٥٢).

٥ ‏/ ٢٧٩
فهؤلاء أربعة من الثقات، وزدت عليهم:

٥ – سفيان بن عيينة عن الزهري: رواه النسائي (٢/ ٥٣ و١٦١ – ١٦٢).

٦ – محمد بن أبي حفصة: ثنا الزهري: أخرجه أحمد (٢/ ٥٢٨ – ٥٢٩).
وثمة راوٍ آخر، قرنه النسائي مع شعيب وابن عيينة، فيحتمل أن يكون سابعًا، ويحتمل أن يكون أحد هؤلاء الستة!
وأيضًا هناك سفيان بن حسين؛ رواه عن الزهري أيضًا؛ لكنه قال: كذا وكذا؛ لم يحدد موضع النزل.
أخرجه أححد (١/ ١١)، والنسائي (٢/ ١٦٢)، وقال.
«سفيان بن حسين في الزهري ليس بالقوي».
أقول: يتبين لنا من هذا التخريج أن الذين اتفقوا في هذه اللفظة: (عناقًا) على الزهري هم أربعة: شعيب، والزبيدي، وابن عيينة، ومحمد بن أبي حفصة، والآخرون اختلف عليهم.
ولا شك أن الاعتماد على اتفاق هؤلاء -وكلهم ثقات- أولى من العكس، فلا جَرَمَ أن الإمام البخاري قال فيها: «إنها أصح». وإليه جنح الحافظ، وأيده بروايه أخرى لأبي عبيدة؛ فراجعه إن شئت (١٢/ ٢٣٤).

١٣٩٢ – وفي رواية معلقة في هذا الحديث:
لو منعوني عَناقًا.
(قلت: وصلها البخاري، وقال: إنها أصح من الرواية السابقة والآتية.
وأشار المصنف إلى تقويتها، وجنح الحافظ إليها).

٥ ‏/ ٢٨٠
١٣٩٣ – وفي أخرى موصولة قال:
قال أبو بكر: إن حقَّهُ أداءُ الزكاة … وقال: عقالًا.
(قلت: إسنادها صحيح، ولكنها شاذة).

١ – باب ما تجب فيه الزكاة
١٣٩٤ – عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ:
«ليس فيما دونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صدقةٌ، وليس فيما دُونَ خَمْسِ أواقٍ صدقةٌ، وليس فيما دُونَ خمسةِ أوْسقٍ صدقةٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس عن عمرو ابن يحيى المازني عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه مالك في «الموطأ» … بإسناده هنا ومتنه.
وأخرجه عنه: البخاري وغيره.
ورواه سائر الستة وغيرهم من طرق أخرى عن المازني … به؛ وهو مخرج عندي في «إرواء الغليل» (٨٠٠)؛ فلا داعي للإعادة.
لكن لا بد هنا مما التنبيه على فائدة لم نتمكن من ذكرها هناك، وهي أن ابن حبان أخرج الحديث في «صحيحه» (٣٢٦٤ و٣٢٦٥ و٣٢٧٠ و٣٢٧١) من طرق

٥ ‏/ ٢٨١
عن عمرو بن يحيى … به؛ وفي بعض الطرق بلفظ:
«لا يَحِلُّ في البُرِّ والتمر زكاة حتى يبلغ خمسةَ أوْسُقٍ، ولا يَحِلُّ في الوَرِقِ زكاة حتى يبلغ خَمْسَ أواقٍ، ولا يَحِلُّ في الإبل زكاة حتى يبلغً خَمْسَ ذَوْدٍ».
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ ابن حبان: محمد بن المسيب بن إسحاق، وهو من شيوخ ابن خزيمة أيضًا، وهو حافظ بارع؛ كما في «تذكرة الحفاظ».

١٣٩٥ – عن إبراهيم قال:
الوَسْقُ: ستون صاعًا مختومًا بالحَجَّاجِيِّ.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع).
إسناده: حدثنا محمد بن قُدَامة بن أعْيَنَ: ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أعين، وهو ثقة.
وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعِيُّ.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ١٣٨): حدثنا هُشَيْمٌ عن مغيرة … به.
ثم أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري … موقوفًا عليه.
وإسناده منقطع، وفيه ابن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ.
وقد رواه بعض الثقات مرفوعًا، ولكنه منقطع كما ذكرنا، وهو في الكتاب الآخر برقم (٢٧٣).

٥ ‏/ ٢٨٢
٢ – باب العُروض إذا كانت للتجارة؛ هل فيها زكاة؟
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

٣ – باب الكنز؛ ما هو؟ وزكاة الحلي
١٣٩٦ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن امرأة أتَتْ رسولَ الله ﷺ ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتها مَسَكتانِ غليظتان من ذهب، فقال لها:
«أتعطين زكاة هذا؟». قالت: لا. قال:
«أيَسُرُّكِ أن يسَوِّركِ الله بهما يومَ القيامةِ سِوارينِ من نار؟ !». قال: فخلعتها، فألقَتْهما إلى النبي ﷺ، وقالت: هما لله عز وجل ولرسوله! !
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن القَطَّان).
إسناده: حدثنا أبو كامل وحُمَيْدُ بن مسْعَدَةَ -المعنى- أن خالد بن الحارث حدثهم: ثنا حُسَيْنٌ عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٧٠٦٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٥٣)، وغيرهما من أصحاب «السنن» من طرق أخرى عن عمرو … به نحوه، وهو مخرج في «الإرواء» (٨١٧)؛ فاكتفيت به عن تخريجه هنا.

٥ ‏/ ٢٨٣
١٣٩٧ – عن أم سلمة قالت:
كنت أَلْبَسُ أوضاحًا (١) من ذهب، فقلت: يا رسول الله! أكَنْزٌ هو؟ فقال: «ما بلغ أن تُؤَدَّى زكاتُهُ فَزُكِّيَ؛ فليس بكنزٍ».
(قلت: المرفوع منه حسن).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عَتَّابُ -يعني: ابن بَشِيرٍ- عن ثابت بن عَجْلان عن عطاء عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف من وجوه، بينتها في «الأحاديث الصحيحة» (٥٥٩)، وإنما حسنته لأن له شاهدًا، خرجته هناك مع الحديث؛ فليرجع إليه من شاء.

١٣٩٨ – عن عبد الله بن شداد: أنه قال:
دخلنا على عائشة زوج النبي ﷺ، فقالت:
دخل عليَّ رسولُ الله ﷺ، فرأى في يَدِي فَتَخَاتٍ من وَرِقٍ، فقال:
«ما هذا يا عائشة؟ !». فقلت: صنعتهن أتزيَّنُ لك يا رسول الله! قال:
«أتؤدين زكاتهن؟». قلت: لا؛ أو ما شاء الله. قال:
«هو حَسْبُكِ من النار».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي والعسقلاني).


(١) هي نوع من الحلي يعمل من الفضة، كما في «النهاية».
وهنا وصفها الراوي بأنها من ذهب! فلعله من وهمه.
٥ ‏/ ٢٨٤
إسناده: حدثنا محمد بن إدريس الرازي: ثنا عمرو بن الربيع بن طارق: ثنا يحيى بن أيوب عن [عبيد الله بن أبي جعفر: أن محمد بن عمرو بن عطاء أخبره عن] (*) عبد الله بن شَدَّاد بن الهاد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي وتبعهم العسقلاني، وقد ذكرت أقوالهم، وخرجت الحديث في»آداب الزفاف«(ص ٢٦٣ – ٢٦٤)، و»الإرواء«(٨١٧)، فأغنى عن الإعادة».
(تنبيه): حديث: «ليس في الحلي زكاة» -مع مخالفته الصريحة لهذا الحديث والذي قبله-؛ فهو ضعيف الإسناد لا يصح، كما حققته في «الإرواء»، فلا يجوز الاعتماد عليه في مخالفته الحديثين المذكورين؛ فتنبه.

٤ – باب في زكاه السائمة
١٣٩٩ – عن حماد قال:
أخذت من ثُمَامَةَ بن عبد الله بن أنس كتابًا، زعم أن أبا بكر كتبه لأنس، وعليه خاتم رسول الله ﷺ حين بعثه مُصَدِّقًا، وكتبه له، فإذا فيه:
هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله ﷺ على المسلمين، التي أمر الله عز وجل بها نبيَّه ﷺ؛ فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئِلَ فوقها فلا يُعْطِهِ:
“فيما دون خمس وعشرين من الإبل الغنم؛ في كل خمسِ ذَوْدٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمسًا وعشرين؛ ففيها ابنةُ مَخَاضٍ، إلى أن تبلغ خَمسًا وثلاثين، فإن لم يكن فيها بنتُ مخاضٍ؛ فابن لَبُونٍ ذكرٌ، فإذا بلغت ستًّا


(*) ما بين المعقوفتين سقط من أصل الشيخ رحمه الله. (الناشر).
٥ ‏/ ٢٨٥
وثلاثين؛ ففيها بنت لبون، إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستًّا وأربعين؛ ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل، إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين؛ ففيها جَذَعَةٌ، إلى خمس وسبعين، فإذا بلغت ستًّا وسبعين؛ ففيها ابنتا لبَوُنٍ، إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين؛ ففيها حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الفَحْلِ، إلى عشرين ومئة، فإذا زادت على عشرين ومئَة؛ ففي كل أربعين بنتُ لَبُونٍ، وفي كل خمسين حِقَّةٌ، فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات؛ فمن بلغت عنده صدقة الجَذَعَةِ، وليست عنده جَذَعَةٌ، وعنده حِقَّةٌ؛ فإنها تقبل منه، وأن يجعل معها شاتين إن تَيَسَّرَتا له، أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحِقَّةِ، وليست عنده حِقَّةٌ، وعنده جَذَعَةٌ؛ فإنها تُقْبَلُ منه، ويعطيه المُصَدِّق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحِقَّة، وليس عنده حِقَّةٌ وعنده ابنة لَبوُنٍ؛ فإنها تُقْبَلُ منه -قال أبو داود: من هنا لم أضبطه عن موسى كما أُحِبُّ-، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وليس عنده إلا حقة؛ فإنها تُقْبَلُ منه -قال أبو داود: إلى ها هنا، ثم أتقنته-، ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليس عنده إلا بنت مخاض؛ فإنها تُقْبَلُ منه، وشاتين أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاض ولمس عنده إلا ابن لبون ذكر؛ فإنه يقبل منه وليس معه شيء، ومن لم يكن عنده إلا أربع؛ فليس فيها شيء إلا أن يشاء رَبُّها.
وفي سائمة الغنم: إذا كانت أربعين؛ ففيها شاة، إلى عشرين ومئةٍ، فإذا زادت على عشرين ومئةٍ؛ ففيها شاتان، إلى أن تبلغ مئتين، فإذا زادت على المئتين؛ ففيها ثلاث شياه، إلى أن تبلغ ثلاث مئةٍ، فإذا زادت على
٥ ‏/ ٢٨٦
ثلاث مئة؛ ففي كل مئةِ شاةٍ شاةٌ.
ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذات عَوَارٍ من الغنم، ولا تَيْسُ الغنم؛ إلا أن يشاء المُصَدِّقُ.
ولا يُجْمَع بين مُفْتَرِقٍ، ولا يفَرَّقُ بين مُجْتَمعٍ خَشْيَةَ الصدقة.
وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بينهمَا بالسَّوِيَّةِ.
فإن لم تبلغ سائمة الرجل أربعين؛ فليس فيها شيء؛ إلا أن يشاء رَبُّها. وفي الرِّقَةِ رُبُعُ العُشُرِ، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومئةً؛ فليس فيها شيء؛ إلا أن يشاء رَبُّهَا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه الإمام الدارقطني. ورواه البخاري مختصرًا).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه الدارقطني، وقد ذكرت أقوالهم، وخرجت الحديث في «الإرواء» (٧٩٢).

١٤٠٠ – عن سالم عن أبيه قال:
كتب رسول الله ﷺ كتاب الصدقة، فلم يخرجه إلى عُمَّاله حتى قُبِضَ، فَقَرَنهُ بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قُبِض، ثم عَمِلَ به عمرُ حتى قُبِضَ فكان فيه:
“في خمس من الإبل شاةٌ، وفي عشرٍ شاتان، وفي خَمْسَ عَشْرَةَ ثلاثُ

٥ ‏/ ٢٨٧
شِياهٍ، وفي عشرينَ أربعُ شياهٍ، وفي خمس وعشرين ابنةُ مخاضٍ؛ إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدة؛ ففيها ابنةُ لَبُونٍ؛ إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها ابنتا لبون؛ إلى تسعين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها حِقَّتَانِ؛ إلى عشرين ومئةٍ، فإن كانت الإبل أكثر من ذلك؛ ففي كل خمسين حِقَّةٌ، وفي كلِّ أربعين ابنةُ لَبوُنٍ. وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة؛ إلى عشرين ومئةٍ، فإن زادت واحدةَ فشاتان؛ إلى مئتين، فإن زادت على المئتين ففيها ثلاثَ؛ إلى ثلاث مائة، فإن كانت الغنم أكثر من ذلك؛ ففي كل مئة شاةٍ شاةٌ؛ ليس فيها شيء حتى تبلغ المئة. ولا يُفَرَّقُ بين مجتمع، ولا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ مَخافةَ الصدقة. وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بالسَّوِيَّةِ.
ولا يُؤْخَذُ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عيب».
قال: وقال الزهري: إذا جاء المُصَدِّقُ قُسِّمَتِ الشاء أثلاثًا: ثلثًا شرارًا، وثلثًا خيارًا، وثلثًا وسطًا، فأخذ المصدق من الوسط … ولم يذكر الزهري: البقر.
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا عَبَّاد بن العَوَّام عن سفيان بن حسين عن الزهري.
قلت: إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ على ضعف في سفيان في روايته عن الزهري خاصةً، لكنه قد توبع، وأشار البخاري إلى تقويته كما ذكرت في «الإرواء» (٧٩٢).
وتشهد له رواية الزهري الآتية بعد الرواية الثانية عن نسخة كتاب رسول الله ﷺ، التي عند آل عمر.
٥ ‏/ ٢٨٨
١٤٠١ – زاد في رواية:
«فإن لم تكن ابنةُ مخاضٍ؛ فابنُ لَبُونٍ».
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن يزيد الواسطي: أخبرنا سفيان بن حسين … بإسناده ومعناه.
قلت: الكلام فيه كالكلام في الذي قبله.
والزيادة التي فيه شاهد من حديث الشعبي … مرسلًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ١٢٣) بسند جيد.

١٤٠٢ – وعن ابن شهاب قال:
هذه نسخة كتاب رسول الله ﷺ الذي كتبه في الصدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب.
قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر … فذكر الحديث؛ قال:
“فإذا كانت إحدى وعشرين ومئةً؛ ففيها ثلاثُ بناتِ لبون؛ حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومئةً، فإذا كانت ثلاثين ومئةً؛ ففيها بنتا لبون وحِقَّةٌ؛ حتى تبلغ تسعًا وثلاثين ومئةً، فإذا كانت أربعين ومئةً؛ ففيها حِقَّتان وبنت لبون؛ حتى تبلغ تسعًا وأربعين ومئةً، فإذا كانت خمسين ومئةً؛ ففيها ثلاث حِقاقٍ؛ حتى تبلغ تسعًا وخمسين ومئةً؛ فإذا كانت ستين ومئةً؛ ففيها أربع بنات لبون؛ حتى تبلغ تسعًا وستين ومئةً، فإذا كانت سبعين ومئةً ففيها

٥ ‏/ ٢٨٩
ثلاث بنات لبون وحِقَّةٌ؛ حتى تبلغ تسعًا وسبعين ومئةً، فإذا كانت ثمانين ومئةً؛ ففيها حقتان وابنتا لبون؛ حتى تبلغ تسعًا وثمانين ومئةً، فإذا كانت تسعين ومئةً، ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون حتى تبلغ تسعًا وتسعين ومئةً، فإذا كانت مئتين؛ ففيها أربع حقاق، أو خمس بنات لبون، أيُّ السنينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ. وفي سائمة الغنم …»؛ فذكر نحو حديث سفيان بن حسين (يعني: الذي قبله)؛ وفيه:
«ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عَوَارٍ من الغنم، ولا تيس الغنم؛ إلا أن يشاء المُصَدِّقُ».
(قلت: حديث صحيح برواياته الثلاث، وإسناد الأخيرة صحيح وجِادةً).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب.
قلت: وهذا إسناد صحيح عندي؛ لأن ابن شهاب قرأ الكتاب من نسخة سالم بن عبد الله بن عمر، وهذه رواية بالوجادة، وهي حجة؛ فلا يضرها من أعلها بالإرسال.
والحديث أخرجه الدارقطني، والحاكم، كما خرجته في «الإرواء» (٧٩٢).

١٤٠٣ – عن مالك قال:
وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(لا يُجْمَعُ بين متفرِّق، ولا يُفَرَّقُ بين مجتمع): هو أن يكون لكل رجل أربعون شاة، فإذا أظلَّهم المصدق؛ جمعوها لئلا يكون فيها إلا شاةٌ.

٥ ‏/ ٢٩٠
و(لا يُفَرَّق بين مجتمع): أن الخليطين إذا كان لكل واحد منهما مئةُ شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فإذا أظلَّهما المصدق فرّقا غَنَمَهما؛ فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة، فهذا الذي سمعت في ذلك.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع) (*).

١٤٠٤ – عن علي رضي الله عنه -قال زهير: أحْسَبُه- عن النبي ﷺ أنه قال:
“هاتوا رُبُعَ العُشُرِ؛ من كل أربعين درهمًا دِرْهَمٌ، وليس عليكم شيء حتى يتم مئة درهم، فإذا كانت مئتي درهم؛ ففيها خمسة دراهم، فما زاد فبحساب ذلك.
وفي الغنم؛ في كل أربعين شاةً شاةِّ، فإن لم يَكُنَّ إلا تسعًا وثلاثين؛ فليس عليك فيها شيء … -وساق صدقة الغنم مثل الزهري (يعني: الحديث ١٤٠٨) -.
وفي البقر؛ في كل ثلاثين تَبِيعٌ، وفي الأربعين مسنةٌ، وليس على العوامل شيء. وفي الإبل … -فذكر صدقتها كما ذكر الزهري؛ قال: – وفي خمس وعشرين خمسة من الغنم، فإذا زادت واحدة؛ ففيها ابنةُ مخاضٍ، فإن لم تكن بنتَ مخاض؛ فابنُ لبون ذكر؛ إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها بنت لبون؛ إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدةً؛ ففيها حقة طروقة الجمل؛ إلى ستين … -ثم ساق مثل حديث الزهري؛ قال:


(*) لم يورد الشيخ رحمه الله إسناده وتخريجه. (الناشر).
٥ ‏/ ٢٩١
– فإذا زادت واحدة -يعني: واحدة وتسعين-؛ ففيها حقتان طروقتا الجمل؛ إلى عشرين ومئة، فإن كانت الإبل أكثر من ذلك؛ ففي كل خمسين حِقَّةٌ. ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق؛ خشية الصدقة.
ولا تؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذات عَوَارٍ، ولا تيسٌ؛ إلا أن يشاء المصدق.
وفي النبات ما سقته الأنهار أو سقت السماء: العُشُرُ، وما سقى الغَرْبُ؛ ففيه نصف العشر.
وفي حديث عاصم والحارث:
«الصدقة في كل عام».
قال زهير: أحسبه قال: مرة.
وفي حديث عاصم:
«إذا لم يكن في الإبل ابنة مخاض ولا ابن لبون؛ فعشرة دراهم أو شاتان».
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة. وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد حسن من طريق عاصم بن ضمرة عن علي؛ إن كان أبو إسحاق -وهو السبيعي- سمعه منه، وحدث به أبو إسحاق قبل اختلاطه؛ فإن زهيرًا سمع منه بعد الاختلاط.
٥ ‏/ ٢٩٢
وقد خالفه جماعة من الثقات، فرووه عنه عن عاصم عن علي … موقوفًا؛ منهم من ساقه بتمامه، ومنهم من اقتصر على بعض فقراته.
أخرجه كذلك: عبد الرزاق في «المصنف» برقم (٦٧٩٤ و٦٧٩٦ و٦٨٢٩ و٦٨٤٢ و٦٨٨١ و٦٩٠١ و٦٩٠٢ و٧٠٢٣ و٧٠٧٤ و٧٠٧٦ و٧٢٣٣ و٧٢٣٤)، وابن أبي شيبة أيضًا (٣/ ١١٧ و١١٨ و١١٩ و١٢٢ و١٢٣ و١٢٤ و١٢٥ و١٢٧ و١٢٩ و١٣٠ و١٣٢ و١٣٣ و١٣٦ و١٤٥ و١٥٨ و١٥٩ و٢١٩).
ومن هؤلاء: سفيان الثوري، ومنهم شعبة، كما يأتي في كلام المصنف بعد الرواية الثانية، وهما قد سمعا من أبي إسحاق قبل الاختلاط، كما أن شعبة لا يروي عنه ما دلسه. فالمحفوظ عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي موقوف، وهو الذي رجحه جمع، ذكرتهم في «الإرواء» (٧٨٧)، وأشار إليه المصنف فيما يأتي، وذلك ما كنت جنحت إليه في «الإرواء».
لكني لما تأملت في قول الحافظ:
«… والآثار تعضده»؛ وجدته كذلك، لا سيما وقد طبع بعد ذلك كتاب «المصنف» لعبد الرزاق بن همام الإمام الحافظ، فرأيته ساق للحديث طريقًا أخرى؛ فإنه -بعد أن ساقه (٦٧٩٤) من طريق معمر عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي … موقوفًا بطوله- قال عقبه (٦٧٩٥): عن ابن عيينة قال: أخبرني محمد ابن سُوقَةَ قال: أخبرني أبو يعلى منذر الثوري عن محمد ابن الحنفية قال:
جاء ناس من الناس إلى أبي، فشكوا سُعَاةَ عثمان! فقال أبي: خذ هذا الكتاب، فاذهب إلى عثمان بن عفان، فقل له: قال أبي: إن ناسًا من الناس قد جاءوا شكوا سعاتك، وهذا أمر رسول الله ﷺ في الفرائض، فليأخذوا به. فانطلقت بالكتاب حتى دخلت على عثمان، فقلت له: إن أبي أرسلني إليك، وذكر أن ناسًا من الناس شكوا سعاتك، وهذا أمر رسول الله ﷺ في الفرائض،
٥ ‏/ ٢٩٣
فَأْمرْهُمْ فليأخذوا به. فقال: لا حاجة لنا في كتابك. قال: فرجعت إلى أبي فأخبرته. فقال أبي: لا عليك! اردد الكتاب من حيث أخَذْتَهُ. قال: فلو كان ذاكرًا عثمان بشيء لذكره -يعني: بسوء-. قال: وإنما كان في الكتاب ما في حديث علي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري في «الخُمُسِ» من «صحيحه» من طريق الحميدي وغيره عن ابن عيينة … به؛ لكنه لم يذكر الجملة الأخيرة التي هي موضع الشاهد منه.
وعزاه الحافظ لابن أبي شيبة أيضًا. وقول المعلق الفاضل على «المصنف»:
«وقد تغافل الحافظ عما كان في الكتاب»!
ليس بجيد، ولو قال: «وقد غفل …» لكان آدَبَ!
قلت: فبهذه الطريق المرفوعة صح الحديث، والحمد لله.
ولم يتعرض لذكرها القرضاوي في «فقه الزكاة»!

١٤٠٥ – وفي رواية عنه عن النبي ﷺ … ببعض أول الحديث؛ قال:
«فإذا كانت لك مئتا درهم، وحال عليها الحول؛ ففيها خمسة دراهمٍ، وليس عليك شيء -يعني: في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كان لك عشرون دينارًا، وحال عليها الحول؛ ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك -قال: فلا أدري أعَلِيٌّ يقول:»فبحساب ذلك«، أو رفعه إلى النبي ﷺ؟ ! -، وليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحول».
إلا أن جريرًا قال: ابن وهب يزيد في الحديث عن النبي ﷺ:

٥ ‏/ ٢٩٤
«ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول».
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني جرير بن حازم -وسمى آخر- عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي.
قلت: ورجاله ثقات؛ على التفصيل المذكور قبله؛ غير الحارث، فهو ضعيف.
والآخر؛ لعله أبو عوانة الآتي بَعْد.

١٤٠٦ – وفي أخرى عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«قد عفوت عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرِّقَّةِ؛ من كل أربعين درهمًا، وليس في تسعين ومئةٍ شيء، فإذا بلغت مئتين، ففيها خمسة دراهم».
(قلت: حديث صحيح. رواه عبد الرزاق بسند صحيح. وقال النووي: «حديث صحيح أو حسن». وقال الزيلعي: «حديث حسن». وقال العسقلاني: «لا بأس بإسناده، والآثار تعضده، فيصلح للحجة». ونحوه قال الشوكاني).
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم ابن ضمرة عن علي عليه السلام.
قال أبو داود: «روى هذا الحديث: الأعمشُ عن أبي إسحاق، كما قال أبو عوانة. ورواه شيبان وأبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي ﷺ … مثله. وروى حديث النفيلي (يعني: المتقدم برقم ١٤٠٣): شعبةُ وسفيانُ وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي … لم يرفعوه».

٥ ‏/ ٢٩٥
قلت: وشعبة وسفيان -وهو الثوري- مع ثقتهما وجلالتهما؛ قد رويا عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فروايتهما عنه عن عاصم عن علي … موقوفًا أرجح من رواية من رواه عنه … به مرفوعًا، كما سبقا بيانه تحت حديث النفيلي المشار إليه آنفًا.
لكن الحديث في حكم المرفوع؛ لا سيما وقد جاء من طريق أخرى صحيحة، كما سبق بيانه هناك، فراجعه.
وحديث الأعمش الذي علقه المصنف قد وصله ابن أبي شيبة (٣/ ١١٧): حدثنا ابن نمير عن الأعمش … به مختصرًا.

١٤٠٧ – عن بَهْزِ بن حَكِيمٍ عن أبيه عن جده: أن رسول الله ﷺ قال:
«في كل سائمة إبلٍ في أربعين بنتُ لبونٍ، ولا يُفَرَّق إبلٌ عن حسابها، مَنْ أعطاها مُؤْتَجِرًا بها؛ فله أجرها، ومن منعها؛ فإنا آخذوها وشَطْرَ مالِهِ، عَزَمَةً من عَزَماتِ ربنا عز وجل، ليس لآل محمد منها شيء».
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا بهز بن حكيم. (ح) وحدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا أبو أسامة عن بهز بن حكيم.
قلت: وهذا إسناد حسن، كما بينته في «الإرواء» (٧٩١)، مع تخريج الحديث؛ فلا داعي للإعادة.

٥ ‏/ ٢٩٦
١٤٠٨ – عن معاذ:
أن النبي ﷺ لمَّا وجَّهه إلى اليمن؛ أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين: تبيعًا أو تبيعةً، ومن كل أربعين: مُسِنَّةً، وعن كل حالم -يعني: محتلمًا-: دينارًا، أو عدله من المَعَافِرِ -ثياب تكون باليمن-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وابن عبد البر: «ثنا متصل»، وصححه ابن حبان أيضًا وابن الجارود).
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن معاذ.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة والنفيلي وابن المثنى قالوا: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ عن النبي ﷺ مثله.
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال:
بعثه النبي ﷺ إلى اليمن … مثله؛ لم يذكر: ثيابًا تكون باليمن، ولا ذكر: يعني: محتلمًا.
قال أبو داود: «ورواه جرير ويعلى ومعتمر وشعبة وأبو عوانة ويحيى بن سعيد عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق. قال يعلى ومعمر: عن معاذ … مثله».
قلت: يعني المصنف رحمه الله: أن الجماعة رووه عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق … مرسلًا؛ لم يذكروا معاذًا. وخالفهم يعلى ومعمر فأسنداه عن معاذ.
ورواية معمر وصلها عبد الرزاق (٦٨٤١)، أخبرنا معمر والثوري عن الأعمش
٥ ‏/ ٢٩٧
عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ … به.
وأخرجه الدارقطني (ص ٢٠٣) عن عبد الرزاق.
ورواية يعلى وصلها الدارمي، فقال (١/ ٣٨٢): حدثنا يعلى بن عبيد: ثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق. والأعمش عن إبراهيم قالا: قال معاذ …
وهذا ظاهره أن إبراهيم يرويه عن معاذ مباشرة؛ وليس كذلك، بدليل رواية أبي معاوية الثانية عند المصنف، فقد أدخل بينهما مسروقًا أيضًا، فالأعمش له شيخان: شقيق أبو وائل، وإبراهيم -وهو النَّخَعِيُّ-، وكلاهما يرويه عن مسروق عن معاذ؛ إلا أن بعضهم قد يسقط مسروقًا من بين أبي وائل ومعاذ، كما في رواية أبي معاوية الأولى عند المصنف.
وكذلك رواه عنه البيهقي (٩/ ١٩٣).
ورواه الحاكم (١/ ٣٩٨) من طريق أخرى عن أبي معاوية … فأثبت مسروقًا بينهما، وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. وراجع تمام التخريج في «الإرواء» (٧٩٥).

١٤٠٩ – عن سُويدِ بن غَفَلَةَ قال:
سِرْتُ -أو قال: أخبرني من سار- مع مُصَدَّقِ النبي ﷺ؛ فإذا في عهد رسول الله ﷺ:
«أن لا تأخذْ من راضع لَبَنٍ، ولا تجمعْ بين مفترق، ولا تفرِّق بين مجتمع».
وكان إنما يأتي المياه حين ترد الغنم، فيقول:

٥ ‏/ ٢٩٨
«أدُّوا صدقاتِ أموالكم». قال: فَعَمَدَ رجل منهم إلى ناقةٍ كَوْمَاءَ -قال: قلت: يا أبا صالح! ما الكَوْمَاءُ؟ قال: عَظِيمةُ السَّنَامِ، قال: – فأبى أن يقبلها. قال: إني أحب أن تأخذ خَيْرَ إبلي. قال: فأبى أن يَقْبَلها. قال: فَخَطَمَ له أخرى دونها، فأبى أن يقبلها. ثم خَطَمَ له أخرى دونها، فَقَبِلَها وقال: إني آخذها وأخاف أن يجد عَلَيَّ رسول الله ﷺ؛ يقول لي: «عَمَدْتَ إلى رجلٍ فتخيَّرْتَ عليه إبله؟ !».
وفي رواية عنه قال:
أتانا مُصَدِّقُ النبي ﷺ، فأخذت بيده وقرأت في عهده:
«لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة …»؛ ولم يذكر: «راضع لبن».
(قلت: إسناده حسن من الطريق الأولى).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن هلال بن خَبَّاب عن ميسرة أبي صالح عن سويد بن غفلة.
قال أبو داود: «ورواه هشيم عن هلال بن خباب … نحوه؛ إلا أنه قال:»لا يُفَرَّقُ«. حدثنا محمد بن الصباح البزاز: ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عنه عن أبي ليلى الكندي عن سُوَيْدِ بن غَفَلَةَ قال:
»أتانا مصدق النبي ﷺ …”.
قلت: والإسناد الأول حسن، رجاله ثقات؛ غير هلال بن خباب، وهو حسن الحديث.
٥ ‏/ ٢٩٩
وميسرة أبو صالح لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جمع، وقد تابعه أبو ليلى الكندي، وهو ثقة، لكن في الطريق إليه شريك -وهو ابن عبد الله القاضي-، وهو سيئ الحفظ، فيحتجُّ بحديثه ما تابعه عليه الثقات.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٣٤٠)، وأحمد (٤/ ٣١٥)، والفَسَويُّ في «التاريخ» (١/ ٢٢٧) من طريق هشيم … به.
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٥٥٢) من طريق شريك. وكذا الدارمي (١/ ٣٨٣).

١٤١٠ – عن عبد الله بن معاوية الغَاضِرِيِّ -من غَاضِرَةِ قَيْسٍ- قال: قال النبي ﷺ:
«ثلاث من فعلهن؛ فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: مَنْ عَبَدَ اللهَ وحدَهُ، وأنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة مالِهِ طَيِّبَةً بها نَفْسُهُ، رافدةً عليها كل عامٍ، ولا يُعطي الهَرِمَةَ، ولا الدَّرِنَةَ، ولا المريضةَ، ولا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، ولكن من وَسَطِ أموالكم؛ فإن الله لم يسألكم خَيْرَهُ، ولم يأمركم بِشَرِّهِ».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: قال أبو داود: قرأت في كتاب عبد الله بن سالم -بحمص عند آل عمرو بن الحارث الحمصي-: عن الزُّبَيْدِيِّ قال: وأخبرني يحيى بن جابر عن جُبَيْرِ ابن نُفَيْرٍ عن عبد الله بن معاوية.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ والزبيدي: هو محمد بن الوليد، ولا يضره أن المصنف لم يسمعه؛ فإنه وجادة.
وقد وصله البيهقي، فانظر «الصحيحة» (١٠٤٦).

٥ ‏/ ٣٠٠
١٤١١ – عن أبي بن كعب قال:
بعثني النبي ﷺ مُصَدِّقًا، فمررت برجل، فلما جمع لي مَالَهُ؛ لم أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض؛ فقلت: له: أدِّ ابنة مخاض؛ فإنها صدقتك. فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقةٌ فَتِيَّة عظيمة سمينة فخذها. فقلت له: ما أنا بآخذٍ ما لم أُومَرْ به، وهذا رسول الله ﷺ منك قريب، فإن أحببت أن تأتِيَهُ فتعرض عليه ما عَرَضتَ عليَّ؛ فافعل، فإن قَبِلَه منك قَبِلْتُهُ، وإن رَدَّه عليك رددته. قال: فإني فاعل، فخرج معي، وخرج بالناقة التي عرض عليَّ، حتى قَدِمْنا على رسول الله ﷺ، فقال له:
يا نبيَّ الله! أتاني رسولك لِيأخذَ منِّي صدقة مالي -وايْم اللهِ ما قام في مالي رسول الله ﷺ ولا رسولُه قَطُّ قبله-، فجمعت له مالي، فزعم أن ما عليَّ فيه ابنة مخاض، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة فَتيَّةً عظيمة ليأخذها؛ فأبى عليَّ! وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله! خُذْها. فقال له رسول الله ﷺ:
«ذاك الذي عليك، فإن تطوعت بخير؛ آجرك الله فيه، وقبلناه منك».
قال: فها هي ذه يا رسول الله! قد جئتك بها فخذها. قال: فأمر رسول الله ﷺ بِقَبْضِها، ودعا له في ماله بالبركة.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي!).
إسناده: حدثنا محمد بن منصور: ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي عن ابن
٥ ‏/ ٣٠١
إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن سعد بن زُرَارة عن عُمَارة بن عمرو بن حزم عن أُبيِّ بن كعب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المعروف في محمد بن إسحاق.
ومحمد بن منصور: هو أبو جعفر الطُّوسِيُّ.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١٤٢)، ومن طريقه الحاكم (١/ ٣٩٩)، وعنه البيهقي (٤/ ٩٦)؛ وصححه الحاكم كما ذكرنا ووافقه الذهبي.

١٤١٢ – عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ بعث معاذًا إلى اليمن، فقال:
«إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فإيَّاك وكرائمَ أموالهم، واتَّقِ دعوةَ الظلومِ؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجابٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا زكريا بن إسحاق المَكِّيُّ عن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي عن أبي مَعْبَدٍ عن ابن عباس.

٥ ‏/ ٣٠٢
قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وهو مخرج في «إرواء الغليل» (٨٥٥)، فلا داعي لإعادة التخريج.
والحديث في «مسند أحمد» (١/ ٢٣٣): ثنا وكيع … به.
وبه: أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في «المصنف» (٣/ ١٤٤).
ورواه الدارمي (١/ ٣٧٩ و٣٨٤): حدثنا أبو عاصم عن زكريا … به.

١٤١٣ – عن أنس بن مالك: أن رسول الله ﷺ قال:
«المُعْتَدِي في الصدقة كمانعها».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سِنَانٍ عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سعد بن سنان -ويقال: سنان بن سعد كما يأتي-؛ قال الحافظ:
«صدوق له أفراد».
والحديث أخرجه الترمذي (٦٤٦) … بإسناد المصنف.
والبيهقي (٤/ ٩٧) من طريق أخرى عن قتيبة بن سعيد … به.
وأخرجه هو، وابن ماجة (١/ ٥٥٤) من طريقين آخرين عن الليث بن سعد … به. وقال الترمذي:
“حديث غريب من هذا الوجه، وقد تكلم أحمد بن حنبل في سعد بن

٥ ‏/ ٣٠٣
سنان، وهكذا يقول الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان.
ويقول عمرو بن الحارث وابن لهيعة: عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد.
وسمعت محمدًا يقول: والصحيح: سنان بن سعد».
وكذا قال البيهقي.

٥ – باب رضا المصَدّق
١٤١٤ – عن جرير بن عبد الله قال:
جاء ناس -يعني- من الأعراب إلى رسول الله ﷺ فقالوا: إن ناسًا من المصَدِّقين يأتونا فيظلمونا؟ قال:
فقال: «أرْضُوا مُصَدّقيكم». قالوا: يا رسول الله وإن ظلمونا؟ قال: «أرْضُوا مُصَدِّقيكم -زاد عثمان: وإن ظُلِمْتُمْ-».
قال أبو كامل في حديثه: قال جرير: ما صدر عنى مُصَدِّق بعد ما سمعت هذا من رسول الله ﷺ؛ إلا وهو عني راضٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد آخر).
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا عبد الواحد -يعني: ابن زياد-. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبد الرحيم بن سليمان -وهذا حديث أبي كامل- عن محمد بن أبي إسماعيل: ثنا عبد الرحمن بن هلال العَبْسِيُّ عن جرير بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

٥ ‏/ ٣٠٤
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٧٤) … بإسناد المصنف الأول.
وبإسناد آخر عن عبد الرحيم بن سليمان … به.
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٣٧) عن المصنف … بإسناديه.
ومسلم أيضًا، والنسائي (١/ ٣٤١)، وأحمد (٤/ ٣٦٢) من طرق أخرى عن محمد بن أبي إسماعيل … به.
ثم أخرجه مسلم (٣/ ١٢١)، وابن أبي شيبة (٣/ ١١٥)، والنسائي، والترمذي (٦٤٧ و٦٤٨)، والدارمي (١/ ٣٩٤)، والبيهقي، وأحمد (٤/ ٣٦٠ و٣٦٤ و٣٦٥) من طريق الشعبي عن جرير بن عبد الله … به نحوه؛ وزاد ابن أبي شيبة:
وقال الشعبي: المعتدي في الصدقة كمانعها.
وسنده صحيح على شرط مسلم.

٦ – باب دعاء المُصَدِّق لأهل الصدقة
١٤١٥ – عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
كان أبي من أصحاب الشجرة، وكان النبي ﷺ إذا أتاه قوم بصدقتهم قال:
«اللهم! صلِّ على آل فلان». قال: فأتاه أبي بصدقته، فقال:
«اللهم! صَلِّ على آل أبي أوفى».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيُّ وأبو الوليد الطيالسي -المعنى- قالا:

٥ ‏/ ٣٠٥
ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير النمري؛ فإن مسلمًا لم يخرج له، ولكنه مقرون مع أبي الوليد الطيالسي -وهو هشام ابن عبد الملك الباهلي مولاهم-، وقد أخرجا له.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن شعبة … به. وهو مخرج في»الإرواء«(٨٥٣)، وقد نَبَّهْتُ فيه إلى أن عزو البوصيري إياه للترمذي وهم!

٧ – باب تفسير أسنان الإبل
١٤١٦ – قال أبو داود:
»سمعته من الرِّيَاشي وأبي حاتم وغيرهما، ومن «كتاب النَّضْرِ بن شُمَيْلٍ»، ومن «كتاب أبي عبيد»، وربما ذكر أحد هم الكلمة. قالوا: يسمى: الحوار، ثم الفَصِيل -إذا فصل-، ثم تكون بنت مخاض -لسنة إلى تمام سنتين-، فإذا دخلت في الثالثة؛ فهي ابنة لَبُونٍ. فإذا تَمَّتْ له ثلاث سنين؛ فهو حِقٌّ وحِقَّةٌ، إلى تمام أربع سنين؛ لأنها استحقَّت أن تُرْكَبَ ويُحْمَلَ عليها الفحل، وهي تَلْقَحُ، ولا يُلْقَحُ الذكر حتى يُثَنِّيَ. ويقال لِلْحِقَّةِ: طَرُوقةُ الفَحْلِ؛ لأن الفَحْلَ يَطْرُقُها إلى تمام أربع سنين. فإذا طَعَنَتْ في الخامسة؛ فهي جَذَعَةٌ، حتى يَتمَّ لها خمسُ سنينَ. فإذا دخلت في السادسة وألقى ثَنِيَّتَهُ؛ فهو حينئذ ثَنِيّ، حتى يستكمل ستًّا. فإذا طعن في السابعة رَبَاعِيًّا سُمِّيَ الذكر رَبَاعِيًّا والأنثى رباعِيَّةً، إلى تمام السابعة. فإذا دخل في الثامنة وألقى السِّنَّ السَّدِيسَ الذي بعد الرباعية؛ فهو سَدِيسٌ وسَدَسٌ إلى تمام الثامنة. فإذا دخل في التسع، وطلع نابه فهو

٥ ‏/ ٣٠٦
بازل؛ أي: بَزَلَ نابُه، يعني: طلع، حتى يدخل في العاشرة، فهو حينئذ مُخْلِفٌ. ثم ليس له اسم، ولكن يقال: بازلُ عامٍ، وبازلُ عامينِ، ومُخْلِفُ عامٍ، ومُخْلِفُ عامينِ، ومُخْلِفُ ثلاثةِ أعوام؛ إلى خمس سنين. والخَلِفَةُ: الحامل. قال أبو حاتم: والجَذُوعة: وقتٌ من الزمن ليس بِسِنٍّ. وفصول الأسنان عند طلوع سهيل».
قال أبو داود: «وأنشدنا الرياشي:
إذا سُهَيْلٌ آخِرَ اللَّيْل طَلَعْ … فابنُ اللبونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ
لَمْ يَبْقَ مِنْ أسْنَانِها غَيْرُ الهُبَعْ.
و(الهبع): الذي يولد في غير حينه».
أخرجه البيهقي (٤/ ٩٥) من طريق المصنف؛ دون قوله: «قال أبو حاتم …»، ثم قال:
«وقد ذكر الشافعي رحمه الله تفسير أسنان الإبل في رواية حرملة نحو هذا، وزاد فقال: وإنما سُمِّيَ ابن مخاض -يعني: الذكر منها-؛ لأنه فصل عن أمه، ولحقت أمه بالمخاض، وهي الحوامل، فهو ابن مخاض، وإن لم تكن حاملًا. قال: وإنما سمي ابن لبون؛ لأن أمَّه وضعت غيره، فصار لها لبن! .

٨ – باب أين تُصَدَّقُ الأموال؟
١٤١٧ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ﷺ قال:
»لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا تؤخذ صَدَقاتُهُمْ إلا في دُورِهِمْ”.
(قلت: إسناده حسن صحيح).

٥ ‏/ ٣٠٧
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن عمرو ابن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ فإن ابن إسحاق إنما يخشى من تدليسه؛ وقد صرَّح بالتحديث كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (٣٤٥)، وأحمد (٢/ ١٨٠) من طرق أخرى عن ابن إسحاق … به.
وأحمد أيضًا (٢/ ٢١٦)، والبيهقي (٤/ ١١٠) من طريق إبراهيم بن سعد: حدثني عمرو بن شعيب … به.
وتابعه عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن عمرو ابن شعيب … به: أخرجه أحمد (٢/ ٢١٥).
وله شاهد من حديث عائشة … مرفوعًا بلفظ:
«تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وأفنيتهم».
أخرجه ابن الجارود (٣٤٦)، والبيهقي من طريق عبد الملك بن محمد بن أبي بكر عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عنها.
ورجاله ثقات؛ غير عبد الملك بن محمد بن أبي بكر -وهو ابن عمرو بن حزم-، روى عنه ثلاثة من الثقات، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم (٢/ ٢ / ٣٦٩) جرحًا ولا تعديلًا، ولعله في «ثقات ابن حبان»!
وللشطر الأول منه شواهد؛ من حديث عمران وغيره، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى عند حديث عمران الذي رواه المصنف في «الجهاد» (٦٢ – باب).
٥ ‏/ ٣٠٨
١٤١٨ – عن محمد بن إسحاق في قوله: «لا جلب ولا جنب»؛ قال: أن تُصَدَّقَ الماشيةُ في مواضعها، ولا تُجْلَبَ إلى المُصَدِّقِ.
والجَنَبُ عن غير هذه الفريضةِ أيضًا: لا يُجْنَبُ أصحابُها، يقول: ولا يكون الرجل بأقصى مواضع الصدقة، فتجنب إليه، ولكن تؤخذ في موضعه.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يعقوب بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول: عن محمد بن إسحاق.
قلت: إسناده صحيح مقطوع.

٩ – باب الرجل يبتاع صدقته
١٤١٩ – عن عبد الله بن عمر:
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله، فوجده يُبَاعُ، فأراد أن يبتاعَهُ، فسأل رسول الله ﷺ عن ذلك؟ فقال: «لا تَبْتَعْهُ، ولا تَعُدْ في صدقتك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه كما تراه في «الإرواء» (٨٤٩).

٥ ‏/ ٣٠٩
١٠ – باب صدقة الرقيق
١٤٢٠ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«ليس في الخيل والرقيق زكاة؛ إلا زكاة الفطر في الرقيق».
(حديث صحيح. وأخرجه مسلم من طريق أخرى. وصححه ابن حبان (٣٢٦١».
وفي رواية: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن يحيى بن فَيَّاضٍ قالا: ثنا عبد الوهاب: ثنا عبيد الله عن رجل عن مكحول عن عِرَاكِ بن مالك عن أبي هريرة.
قلت: رجال إسناده ثقات رجال مسلم؛ غير الرجل الذي لم يُسَمَّ، وقد سَماهُ سفيان بن عيينة فقال: حدثنا أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك … به؛ إلا أنه لم يذكر الاستثناء.
أخرجه مسلم (٣/ ٦٧)، وابن الجارود (٣٥٥) وغيرهما، وفيه بيان أن مكحولًا لم يسمعه من عراك. وبه جزم البيهقي (٤/ ١١٧)، وقال:
«إنما رواه عن سليمان بن يسار عن عراك …»، ثم ساقه عن سفيان … به.
وللحديث طريق أخرى عن عراك بن مالك … به؛ وفيه الزيادة: رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في «الأحاديث الصحيحة» (٢١٨٩)، و«الضعيفة» (٤٠١٤).
وأما الرواية الأخرى؛ فإسنادها هكذا: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا مالك
٥ ‏/ ٣١٠
عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وصححه الترمذي وابن الجارود، وهو مخرج في المصدر الأخير منهما.

١١ – باب صدقة الزرع
١٤٢١ – عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ:
«فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بعلًا: العُشْرُ، وفيما سقي بالسواني أو النَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ».
(قلت: إسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري).
إسناده: حدثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيْلِيُّ: ثنا عبد الوهاب بن وهب: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأيلي، فهو من رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه عنه وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٦٧): حدثنا هارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي قالا: ثنا ابن وهب … به.
وأخرجه البخاري، وابن الجارود وغيرهما من طرق أخرى عن ابن وهب … به، وهو مخرج في «الإرواء» (٧٩٩).
وقد ذكرت له فيه طريقًا أخرى عن ابن عمر.
وله طريق ثالثة من رواية عبد الله بن دينار عنه.
رواه ابن حبان (٣٢٧٥)؛ وسنده حسن.

٥ ‏/ ٣١١
١٤٢٢ – عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله ﷺ قال:
«فيما سقت الأنهارُ والعيونُ: العُشْرُ، وما سُقِيَ بالسَّواني: ففيه نِصْفُ العُشْرِ».
(قلت: حديث صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم في «صحيحه». وقد صححه ابن الجارود والبيهقي).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن صالح -وهو المصري-؛ فإنه من رجال البخاري، وقد توبع.
لكن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه؛ إلا أنه قد صرح بالتحديث كما يأتي؛ فصح الحديث، والحمد لله.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٦٧)، وابن الجارود (٣٤٧)، وأحمد وغيرهم من طرق كثيرة عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث: أن أبا الزبير حدثه: أنه سمع جابر ابن عبد الله … به؛ وهو مخرج في «الإرواء» (٧٩٩).

١٤٢٣ – قال وكيع:
البعل: الكَبُوسُ الذي ينبت من ماء السماء.
قال ابن الأسود: وقال يحيى -يعني: ابن آدم-: سألت أبا إياس الأسَدِيَّ؟ فقال:
الذي يُسْقَى بماء السماء.

٥ ‏/ ٣١٢
(قلت: صحيح الإسناد عن وكيع. وصحيح عن يحيى بن آدم).
إسناده: حدثنا الهيثم بن خالد الجُهَنِيُّ وابن الأسود العجلي قالا: قال وكيع …
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى وكيع؛ فإن الهيثم بن خالد الجهني ثقة.
وأما ابن الأسود -وهو الحسين بن علي بن الأسود-؛ فقال الحافظ:
«صدوق يخطيء كثيرًا، لم يثبت أن أبا داود روى عنه»!
قلت: وهذه الرواية تَرُدُّ عليه نفيه المذكور؛ فالصواب أن يقال. روى عنه مقرونًا بغيره.
وعليه؛ فقول يحيى بن آدم لا يثبت عنه؛ لتفرد ابن الأسود عنه به.
ثم استدركت فقلت: بل تابعه الحسن -وهو ابن علي بن عفان- عن يحيى … به: أخرجه البيهقي (٤/ ١٣١).

١٢ – باب زكاة العسل
١٤٢٤ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
جاء هلال -أحد بني مُتْعَانَ- إلى رسول الله ﷺ بعُشُورِ نَحْلٍ له، وكان سأله أن يَحْمِيَ له واديًا -يقال له: (سَلَبَةُ) -، فحمى له رسولَ الله ﷺ ذلك الواديَ. فلما وَلِيَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه؛ كتب سفيان ابن وهب إلى عمر بن الخطاب، يسأله عن ذلك؟ فكتب عمر رضي الله عنه:
إنْ أدَّى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله ﷺ من عُشُورِ نَحْلِهِ؛ فاحْمِ له (سَلَبَةَ)؛ وإلا فإنما هو ذُبَابُ غَيْثٍ، يأكله من يشاء.

٥ ‏/ ٣١٣
وفي رواية عنه عن أبيه عن جده: أن شَبَابَةَ -بطن من فهم- … فذكر نحوه قال: مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ. وقال: سفيان بن عبد الله الثقفي. قال: وكان يحمي لهم واديين، زاد: فأدَّوْا إليه ما كانوا يُؤَدُّون إلى رسول الله ﷺ، وحَمى لهم وادِيَيْهِمْ.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا موسى بن أعْيَنَ عن عمرو ابن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب.
حدثنا أحمد بن عَبْدَةَ الضَّبيُّ: ثنا المغيرة -ونسبه إلى عبد الرحمن بن الحارث المخزومي- قال: حدثني أبي عن عمرو بن شعيب … به بالرواية الأخرى.
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذِّن: ثنا ابن وهب: أخبرني أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب … بمعنى المغيرة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لأن مداره على عمرو بن شعيب.
وقد روي مرسلًا، ولا تعارض بينه وبين الموصول، كما بينته في «الإرواء» (٨١٠)، وقد خرجت الحديث هناك، فلا داعي للإعادة.

١٣ – باب في خرص العنب
١٤ – باب في الخرص
١٥ – باب متى يخرص التمر؟
[ليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]

٥ ‏/ ٣١٤
١٦ – باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة
١٤٢٥ – عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه قال:
نهى رسول الله ﷺ عن الجُعْرُورِ، ولون الحُبَيْقِ أن يؤخذ في الصدقة.
قال الزهري: لَوْنَيْنِ من تمر المدينة.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا سعيد بن سليمان: ثنا عَبّادٌ عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل.
قال أبو داود: «وأسنده أيضًا أبو الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري».
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، فهو صحيح؛ لولا أن سفيان ابن حسين قد ضُعِّفَ في روايته عن الزهري خاصة، لكنه لم يتفرد به، كما يشير إلى ذلك قول المصنف المذكور: «وأسنده أيضًا …».
وهذا المعلَّق قد وصله ابن أبي حاتم في «التفسير»، فقال: حدثنا أبي: حدثنا أبو الوليد … به.
قلت: وسليمان بن كثير -وهو العبدي- حاله في الزهري كحال ابن حسين؛ قال الحافظ:
«لا بأس به في غير الزهري».
ومما يدل على ضعفهما فيه: أنهما قد خولفا في إسناده ممن هو أوثق منهما، فقال ابن أبي شيبة (٣/ ٢٢٦): حدثنا أبو أسامة عن محمد بن أبي حفصة قال: حدثني الزهري عن أبي أمامة بن سهل قال … فذكره؛ ولم يقل: عن أبيه .. جعله من (مسند أبي أمامة) نفسه.
٥ ‏/ ٣١٥
وقد تابعه عبد الجليل بن حُمَيْدٍ اليَحْصُبِيُّ أن ابن شهاب حدثه … به: أخرجه النسائي (١/ ٣٤٥).
قلت: وعبد الجليل هذا ثقة، ومثله محمد بن أبي حفصة؛ فإنه من رجال الشيخين؛ لكن قال الحافظ:
«صدوق يخطيء».
فاتفاقهما على خلاف رواية سفيان وسليمان: ممَّا قد يدل على وهم الأخيرين في ذكر سهل في إسناد الحديث.
فإن قيل: فهل يضر ذلك في صحة الحديث؟
فالجواب: لا؛ لأن أبا أمامة بن سهل بن حنيف صحابي صغير؛ فإن لم يكن قد تلقاه عن أبيه؛ فهو مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة.

١٤٢٦ – عن عوف بن مالك قال:
دخل علينا رسول الله ﷺ؛ وبيده عصًا، وقد علَّقَ رجلٌ قِنًا حَشَفًا، فطعن بالعصا في ذلك القِنْوِ، وقال:
«لو شاء رب هذه الصدقة؛ تَصَدَّق بأطيب منها». وقال:
«إن رب هذه الصدقة يأكل الحَشَفَ يوم القيامة».
(قلت: حديث حسن).
إسناده: حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي: ثنا يحيى -يعني: القطان- عن عبد الحميد بن جعفر: حدثني صالح بن أبي عَرِيبٍ عن كثِيرِ بن مُرَّةَ عن عوف بن مالك.

٥ ‏/ ٣١٦
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير صالح بن أبي عريب، ونصر الأنطاكي؛ فذكرهما ابن حبان في «الثقات»، والأول روى عنه جماعة، ولم يضعف.
والآخر ذكره العقيلي في «الضعفاء»، وقال الحافظ:
«لين الحديث»، ولكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٣٤٥): أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: أنبأنا يحيى … به.
قلت: ورواه ابن ماجة (١٨٢١) من طريق أخرى عن يحيى … به.
ورواه ابن حبان في «صحيحه» (٦٧٣٦) من طريق عمرو بن أبي عاصم النَّبِيل قال: ثنا أبي قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر … به أتم منه.
والحاكم (٤/ ٤٢٥ – ٤٢٦) من طريق أخرى عن أبي عاصم … به، وقال: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.

١٧ – باب زكاة الفطر
١٤٢٧ – عن ابن عباس قال:
فرض رسول الله ﷺ زكاةَ الفِطْرِ: طُهْرةً للصائم من اللَّغْوِ والرَّفَثِ، وطُعْمَةً للمساكينِ، مَنْ أدَّاها قبل الصلاة؛ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَنْ أدَّاها بعد الصلاة؛ فهي صَدَقَةٌ من الصدقات.
(قلت: إسناده حسن، وحسنه ابن قدامة والنووي).

٥ ‏/ ٣١٧
إسناده: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي وعبد الله بن عبد الرحمن السَّمَرْقَنْدِيُّ قالا: ثنا مروان -قال عبد الله-: ثنا أبو يزيد الخَوْلاني -وكان شَيْخَ صِدْق، وكان ابن وهب يروي عنه-: ثنا سَيَّارُ بن عبد الرحمن -قال محمود: الصَّدَفِيُّ عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي يزيد الخَوْلاني، ففيه قول مروان فقط -وهو ابن محمد الطَّاطَرِيُّ-:
«شيخ صدق». ولكنهم قد اعتمدوه، فقال الحافظ فيه:
«صدوق».
وصحح حديثه هذا: الحاكم، وأقره جمع، وحسَّنه من ذكرناه آنفًا، وبيانه في «الإرواء» (٨٤٣).
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ١٦٣) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجة وغيره ممن ذكرته هناك، فلا داعي للإعادة، وفيه التنبيه على وهم وقع للحاكم فيه.

١٨ – باب متى تؤدى؟
١٤٢٨ – عن ابن عمر قال:
أمَرَ رسول الله ﷺ بزكاة الفطر أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
قال: فكان ابن عمر يؤَدِّيها قبل ذلك باليوم واليومين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم دون فعل ابن عمر. وللبخاري معناه).

٥ ‏/ ٣١٨
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِيُّ. ثنا زهير: ثنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير النفيلي، فهو من رجال البخاري.
وزهير: هو ابن معاوية الجُعْفِيُّ، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٥٤ – ١٥٥) من طريقين آخرين عن زهير … به؛ دون فعل ابن عمر.
وكذلك أخرجه هو (٢/ ١٥١)، والبخاري (٣/ ٢٩٢)، ومسلم (٣/ ٧٠) من طرق أخرى عن موسى بن عقبة … به.
وقد تابعه عمر بن نافع عن أبيه … به: أخرجه البخاري وغيره، كما في «الإرواء» (٨٣٢)، وزاد البخاري (٣/ ٢٩٣ – ٢٩٤) من طريق أخرى عن نافع بلفظ:
وكان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يُعْطَوْنَ قبل الفطر بيوم أو يومين.

١٩ – باب كم يؤدِّي في صدقة الفطر؟
١٤٢٩ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر -قال فيه فيما قرأ على مالك: زكاةُ الفطر من رمضان- صاعـ[ـًا] من تمر، أو صاعـ[ـًا] من شعير: على كل حُرٍّ أو عبدٍ، ذكرٍ أو أنثى من المسلمين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).

٥ ‏/ ٣١٩
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا مالك -وقرأه على مالك أيضًا- عن نافع عن ابن عمر …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٦٨) … بإسناد المصنف هذا. وهو، والبخاري (٣/ ٢٨٨) وغيرهما من طرق أخرى عن مالك … به، وهو مخرج في «الإرواء» (٨٣٢).
وقوله: «من المسلمين» قد قيل: إنها شاذة لتفرد مالك بها!
ورد ذلك الحافظ وغيره بأنه قد تابعه عليها جمع، منهم عبيد الله بن عمر، كما في رواية المصنف الآتية، وعدد آخر ذكرتهم وخرجت أحاديثهم في المصدر المذكور.

١٤٣٠ – وزاد في رواية:
والصغير والكبير؛ وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه» بإسناد المصنف).
إسناده: حدثنا يحيى بن محمد بن السَّكَنِ: ثنا محمد بن جَهْضَمٍ: ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال:
فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعًا … فذكر بمعنى مالك؛ وزاد … فذكره.
قال أبو داود: «رواه عبد الله العمري عن نافع قال: على كل مسلم. ورواه سعيد الجُمَحِيُّ عن عبيد الله عن نافع؛ قال فيه: من المسلمين. والمشهور عن عبيد الله؛ ليس فيه من المسلمين»!

٥ ‏/ ٣٢٠
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير يحيى بن محمد بن السكن، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ١٦٢) من طريق المصنف.
والبخاري (٣/ ٢٨٧)، والنسائي (١/ ٣٤٦) … بسند المصنف.
والدارقطني، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن شيخ المصنف … به.
قلت: فهذه متابعة قويّة من عمر بن نافع لمالك على تلك الزيادة.
وتابعه أيضًا عبد الله بن عمر المكبر -كما علقه المصنف-، وقد وصله أحمد (٢/ ١١٤): ثنا سُرَيج: ثنا عبد الله … به.
ووصله الدارقطني أيضًا، والبيهقي (٤/ ١٦٣) مقرونًا برواية مالك المتقدمة.
وكذلك وصله ابن الجارود (٣٥٦)، لكن وقع فيه: (عبيد الله) -مصغرًا-! وهو خطأ مطبعي.
وتابعه أخوه عبيد الله المصغر -كما علقه المصنف أيضًا-، وقد وصله أحمد أيضًا (٢/ ٦٦ و١٣٧)، والحاكم (١/ ٤١٠ – ٤١١) عن سعيد بن عبد الرحمن الجُمَحِيُّ عنه … به. وصححه الحاكم والذهبي.
لكن الجُمَحِيَّ قد خولف كما في الرواية المشهورة الآتية.

١٤٣١ – وفي أخرى:
على الصغير والكبير، والحر والمملوك، -زاد موسى: والذكر والأنثى-.
(قلت: إسناده صحيح).

٥ ‏/ ٣٢١
إسناده: حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد وبشر بن المُفَضَّل حدثاه عن عبيد الله.
(ح) وثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله عن النبي ﷺ:
أنه فرض صدقة الفطر: صاعًا من شعير أو تمر، على الصغير …
قال أبو داود: قال فيه أيوب وعبد الله -يعني: العمري- في حديثهما عن نافع: ذكر أو أنثى أيضًا».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو أصح من رواية الجُمَحِيِّ المتقدمة آنفًا؛ لأن اتفاق هؤلاء الحفاظ الثقات -يحيى بن سعيد وبشر بن المفَضّل وأبان، وهو ابن يزيد العطار- على رواية الحديث عن عبيد الله دون زيادة: «من المسلمين»؛ يدل على أنها زيادة غير محفوظة؛ لشذوذ الجمَحِي بها عنهم، ولكن ذلك لا يمنع صحتها من طريق مالك وغيره عن نافع، كما تقدم.
ورواية أيوب التي علقها المصنف -وفيها زيادة: ذكر أو أنثى- وصلها المصنف في الرواية الآتية.
وأما رواية عبد الله العمري؛ فقد وصلها أحمد والدارقطني، كما تقدم قريبًا.

١٤٣٢ – وفي رواية رابعة عنه قال:
فعدل الناس -بعد- نصف صاع من برٍّ. قال:
وكان عبد الله يعطي التمر، فأعْوَزَ أهل المدينة التمر عامًا، فأعطى الشعير.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري مختصرًا نحوه).
إسناده: حدثنا مسدد وسليمان بن داود العَتَكِيُّ قالا: ثنا حماد عن أيوب عن

٥ ‏/ ٣٢٢
نافع قال: قال عبد الله بن عمر …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري مختصرًا كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٣٤٦)، والطحاوي (١/ ٣١٩) من طرق أخرى عن حماد بن زيد … به؛ دون إعطاء ابن عمر التمر.
وأخرجه بتمامه: أحمد (٢/ ٥): ثنا إسماعيل: أنا أيوب … به؛ وفي أوله عندهم جميعًا:
فرض رسول الله (*)

١٤٣٣ – عن أبي سعيد الخدري قال:
كنا نُخْرِجُ -إذ كان فينا رسول الله ﷺ زكاةَ الفطرِ عن كلِّ صغير وكبير، حُرٍّ أو مملوك: صاعًا من طعام، أو أقِطٍ، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب. فلم نزل نخرجه، حتى قدم معاوية حاجًّا أو معتمرًا، فكلَّم الناس على المنبر، فكان فيما كلم الناس به أنْ قال: إني أرى أن مدينِ مِنْ سَمْرَاءِ الشام تعدل صاعًا من تمر! فأخذ الناس بذلك. فقال أبو سعيد: فأما أنا؛ فلا أزال أخرجه أبدًا ما عِشْتُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» بإسناد المصنف ومتنه، وأخرجه البخاري دون قصة معاوية).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا داود -يعني: ابن قيس- عن عِيَاضِ ابن عبد الله عن أبي سعيد الخدري.


(*) في أصل الشيخ ما يدل على أن التخريج لم ينته بعد. والله أعلم. (الناشر).
٥ ‏/ ٣٢٣
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن قيس، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه آخرون من طرق أخرى عن داود … به.
وله طرق أخرى عن عياض … به نحوه: أخرجه البخاري من بعضها (٣/ ٢٩٠ و٢٩٢ و٢٩٣)، دون قصة قدوم معاوية. وفي بعض الطرق عند المصنف وغيره زيادة: أو صاعًا من دقيق.
ولكنها غير محفوظة؛ ولذلك أوردتها في الكتاب الآخر (٢٨٤ – ٢٨٦). والطرق الأخرى عن عياض قد سقتها مخرجة في «الإرواء» (٨٤٧)؛ فأغنى عن ذكرها هنا.

٢٠ – باب من روى: نصف صاع من قمح
١٤٣٤ – عن ثعلبة بن عبد الله -أو قال: عبد الله بن ثعلبة – (وفي رواية: عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ؛ لم يَشُك) عن أبيه قال:
قام رسول الله ﷺ خطيبًا، فأمر بصدقةِ الفطرِ: صاعٍ تمرٍ، أو صاعٍ شعير: على كل رأس -زاد عَلِيٌّ في حديثه: أو صاع بُرٍّ، أو قمح بين اثنين. ثم اتفقا-: عن الصغير والكبير، والحر والعبد.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا علي بن الحَسَن الدَّرَابِجِرْدِيُّ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا همام:

٥ ‏/ ٣٢٤
ثنا بكر -هو ابن وائل- عن الزهري عن ثعلبة بن عبد الله -أو قال: عبد الله بن ثعلبة- عن النبي ﷺ.
حدثنا محمد بن يحيى النَّيْسَابوري: ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا همام عن بكر الكوفي -قال ابن يحيى: هو بكر بن وائل بن داود- أن الزهري حدثهم عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ عن أبيه.
حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: وقال ابن شهاب: قال عبد الله بن ثعلبة -قال ابن صالح: قال: العدوي، وإنما هو العذري-:
خطب رسول الله ﷺ الناسَ قبل الفطر بيومين … بمعنى حديث المقرئ.
قلت: وهذا حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ مداره على الزهري، وقد اختلف الرواة عليه في إسناده، كما بينه المصنف رحمه الله تعالى، فمنهم من سمى شيخه: ثعلبة بن عبد الله، ومنهم من قلبه فقال: عبد الله بن ثعلبة. ثم إن منهم من أرسله؛ فلم يجاوز به ثعلبة أو عبد الله. ومنهم من وصله فقال: عن أبيه. وقال البيهقي:
«قال محمد بن يحيى الذُّهْلِيُّ في»كتاب العلل«: إنما هو عبد الله بن ثعلبة. هكذا رواية بكر بن وائل، لم يقم هذا الحديث غيره، قد أصاب الإسناد والمتن»!
كذا قال! وفيه نظر؛ فإنه قد اختلف في إسناده على بكر بن وائل، فقد قال عبد الله بن يزيد المقرئ عن همام عنه عن الزهري: عن ثعلبة بن عبد الله -أو قال: عبد الله بن ثعلبة- عن النبي ﷺ … كما تقدم في الرواية الأولى عند المصنف رحمه الله! فلم يجزم فيها بأنه عبد الله بن ثعلبة. وقد أشار إلى هذه الرواية البيهقي. وقال الدارقطني:
«الصواب فيه: عبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعَيْرٍ، لثعلبةَ صحبةٌ، ولعبد الله رؤية».
٥ ‏/ ٣٢٥
فأشار إلى أن الصواب أنه مرسل.
ولكن للحديث شواهد كثيرة تشهد لصحته، وقد ذكرت طائفة منها في «الأحاديث الصحيحة» (١١٧٧)، مع بيان مُخَرِّجيها.
وللحديث عند المصنف طريق أخرى بزيادة في المتن، تفرد بها النعمان بن راشد عن الزهري، ولذلك أوردته بها في الكتاب الآخر برقم (٢٨٧).

٢١ – باب في تعجيل الزكاة
١٤٣٥ – عن أبي هريرة قال:
بعث النبي ﷺ عمرَ بنَ الخطابِ على الصدقة، فمنع ابنُ جميلٍ وخالدُ بن الوليدِ والعباسُ، فقال رسول الله ﷺ:
«ما ينقم ابنُ جميل إلا أن كان فقيرًا فأغناه الله! وأما خالد بن الوليد؛ فإنكم تظلمون خالدًا؛ فقد احتبس أدراعه وأعْتُدَهُ في سبيل الله! وأما العباس عمُّ رسول الله ﷺ؛ فهي عليَّ ومثلُها». ثم قال:
«أما شعرتَ أن عمَّ الرجلِ صِنْو الأبِ -أو صِنْوُ أبيه-؟ !».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بتمامه. وصحح الترمذي الجملةَ الأخيرةَ منه. وأخرجه البخاري بنحوه -دون الجملة المذكورة- بلفظ: «فهي عليه»، وهو الأرجح).
إسناده: حدثنا الحسن بن الصبَّاح: ثنا شَبَابَةُ عن وَرْقَاءَ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

٥ ‏/ ٣٢٦
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم وأحمد وغيرهما من طرق أخرى عن ورقاء … به.
والبخاري وغيره من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد … به نحوه؛ دون قوله: «أما شعرت …»؛ وقال:
«فهي عليه صدقة، ومثلها معها»؛ مكان قوله: «فهي علي ومثلها».
وهو الأرجح عندي؛ لأن لشعيب فيه متابِعَيْنِ عليه، ذكرتهما في «الإرواء» (٨٥٨)، وخرجت أحاديثهم، وما رجحه البيهقي هناك.

١٤٣٦ – عن علي:
أن العباس سأل النبي ﷺ في تعجيل صدقته قبل أن تَحِلَّ؟ فرخَّص له في ذلك.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حُجَيَّةَ عن علي.
قال أبو داود: «روى هذا الحديث: هُشَيْمٌ عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي ﷺ. وحديث هشيم أصح».
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حجَيَّةَ -وهو ابن عَدِيٍّ-، والحجاج بن دينار؛ وقد وثِّقَا على اختلاف فيهما.

٥ ‏/ ٣٢٧
وقد اختلف في إسناده على الحكم على وجوه ستة: أحدها هذا الذي علقه المصنف عن هشيم، وهو الأصح كما قال المصنف وغيره.
لكن الحديث له شواهد ثلاثة، ذكرتها مع سائر الوجوه المشار إليها في «الإرواء» (٨٥٧)، وذكرت فيه أن الحديث يرتقي بها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال.

٢٢ – باب في الزكاة، هل تُحَمْلُ من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ؟
١٤٣٧ – عن إبراهيم بن عطاء -مولى عمران بن حصين- عن أبيه:
أن زيادًا -أو بعض الأمراء- بعث عمران بن حُصَيْنٍ على الصدقة.
فلما رجع قال لعمران: أين المال؟ قال:
وللمال أرسلتني؟ ! أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله ﷺ، ووضعناها حيث كنا نضعها عدى عهد رسول الله ﷺ!
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي: أخبرنا إبراهيم بن عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن عطاء، وهو ثقة.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١/ ٥٥٥) من طريق أخرى عن إبراهيم … به.

٥ ‏/ ٣٢٨
٢٣ – باب من يُعْطَى الصَّدَقَةَ؟ وحَدِّ الغنى
١٤٣٨ – عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: قال رسول الله ﷺ:
«من سأل وله ما يغنيه؛ جاءت يوم القيامة خمُوشٌ أو خُدُوشٌ أو كُدُوحٌ في وجهه».
فقيل: يا رسول الله! وما الغنى؟ قال:
«خمسون درهمًا، أو قيمتها من الذهب».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن حَكِيمِ بن جُبَيْرٍ عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله. قال يحيى: فقال عبد الله بن عثمان لسفيان: حِفْظِي أن شعبة لا يروي عن حكيم بن جبير؟ فقال سفيان: فقد حَدَّثناه زُبَيْدٌ عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق زُبَيْدٍ -وهو ابن الحارث اليَامِيُّ-؛ فإنه ثقة من رجال الشيخين، لا من طريق حَكِيمِ بن حُبَيْرٍ؛ فإنه ضعيف.
والحديث أخرجه الترمذي -وحسنه-، والنسائي وغيره، وقد خرجته في «الصحيحة» (٤٩٩).

١٤٣٩ – عن رجل من بني أسَدٍ؛ أنه قال:
نزلت أنا وأهلي ببقيع الغَرْقَدِ، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله ﷺ فسَلْهُ لنا شيئًا نأكله، فجعلوا يذكرون من حاجتهم! فَذَهَبْتُ إلى رسول الله ﷺ، فوجدت عنده رجلًا يسأله، ورسول الله ﷺ يقول: “لا

٥ ‏/ ٣٢٩
أجد ما أعطيك»؛ فتولى الرجل عنه وهو مُغْضَبٌ، وهو يقول: لَعَمْرِي إنك لَتُعْطِي مَنْ شئت! فقال رسول الله ﷺ:
«يغضَبُ عليّ أنْ لا أجِدَ ما أعطيه! من سأل منكم وله أُوقِيَّةٌ أو عِدْلُهَا؛ فقد سأل إلحافًا».
قال الأسدي: فقلت: اللِّقْحَةُ لنا خيرٌ من أُوقِيَّةِ، والأوقية أربعون درهمًا. قال: فرجعت ولم أسأله! فَقَدِمَ على رسول الله ﷺ بعد ذلك شعيرٌ أو زبيبٌ، فَقَسَمَ لنا منه -أو كما قال-، حتى أغنانا الله.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسَد.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الأسَدِي، فهو صحابي، ولا تضر جهالة اسمه؛ فإنهم عدول كلهم.
والحديث أخرجه مالك في آخر «الموطأ» (٣/ ١٥٩ – ١٦٠) … بهذا الإسناد والمتن.
وأخرجه النسائي (١/ ٣٦٣)، وابن الجارود (٣٦٦) من طريق أخرى عن مالك … به.
وتابعه سفيان عن زيد بن أسلم … به مقتصرًا على قوله: «من سأل وله أوقية أو عِدْلُها؛ فقد سأل إلحافًا».

١٤٤٠ – عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ:
«من سأل وله قيمة أوقية؛ فقد ألحف».
فقلت: ناقتي الياقوتةُ هِيَ خَيْرٌ من أوقية -قال هشام: خير من أربعين

٥ ‏/ ٣٣٠
درهمًا-، فرجعت فلم أسأله.
زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهد رسول الله ﷺ أربعين درهمًا.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا: ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجَالِ عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ والحديث مخرج في «الصحيحة» (١٧١٩)، مع الذي قبله.

١٤٤١ – عن سهل ابن الحنظليَّة قال:
قَدِمَ على رسول الله ﷺ عُيَيْنَةُ بن حِصْن والأقْرَعُ بن حَابِسِ، فسألاه، فأمر لهما بما سألا، وأمر معاويةَ فكتب لهما بما سألا. فأما الأقرع؛ فأخَذ كتابه، فَلَفَّهُ في عِمَامَتِه وانطلق. وأما عُيَيْنَةُ؛ فأخذ كتابه وأتى النبي ﷺ مكانه، فقال: يا محمد! أتراني حاملًا إلى قومي كتابًا، لا أدري ما فيه كصحيفة المُتَلَمِّسِ؟ ! فأخبر معاويةُ بقوله رسولَ الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:
«من سأل وعنده ما يُغْنِيه؛ فإنما يستكثر من النار».
-وقال النُّفَيْلِيُّ في موضع آخر: «من جمر جهنم»-.
فقالوا: يا رسول الله! وما يغنيه؟ -وقال النفيلي في موضع آخر: وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ – قال:
«قَدْرُ ما يُغَدِّيهِ أو يُعَشِّيهِ» -وقال النفيلي في موضع آخر:

٥ ‏/ ٣٣١
«أن يكون له شِبعُ يوم وليلةٍ، أو ليلة ويوم»-.
وكان حدثنا به مختصرًا على هذه الألفاظ التي ذكرت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا مِسْكِينٌ: ثنا محمد بن المُهَاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كَبْشَةَ السَّلولِي: ثنا سَهْلُ ابن الحنظلية.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن المهاجر، فهو من رجال مسلم، وقد توبع كما يأتي.
ومسكين: هو ابن بكر الحَرَّاني؛ وفيه ضعف من قبل حفظه، لكنه لم يتفرد كما سترى.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ١٨٠ – ١٨١): ثنا علي بن عبد الله: حدثني الوليد بن مسلم: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني ربيعة بن يزيد … به أتم منه؛ وفيه قصة البعير والأمر بالرفق به، وقد ساقها المصنف في أوائل الجهاد بإسناده هنا رقم (٢٢٠٦).
وكذلك أخرجه ابن حبان (٨٤٤ و٨٤٥) من طريقين آخرين عن علي بن عبد الله … به.

١٤٤٢ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«ليس المسكين الذي تَرُدُّهُ التمرة والتمرتان، والأُكْلةُ والأُكْلتان؛ ولكِنِ المسكينُ الذي لا يَسْألُ الناس شيئًا، ولا يَفْطُنون به فَيُعْطُونَهُ».
ومن طريق أخرى عنه مثله قال:

٥ ‏/ ٣٣٢
«لكن المسكين المتعفِّف -زاد مسدد في حديثه: ليس له ما يستغني به، الذي لا يسأل، ولا يُعْلَمُ بحاجتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عليه، فذاك المحرومُ-».
قال أبو داود: «(المحروم): من كلام الزهري أصح».
(قلت: وهو كما قال، والحديث بدون هذه الزيادة صحيح من الطريقين، وهما على شرط الشيخين. وقد أخرجاه من طرق أخرى بدونها، فهي زيادة شاذة، والصحيح أنها مقطوعة من كلام الزهري).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
حدثنا مسدد وعبيد الله بن عمر وأبو كامل -المعنى- قالوا: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -مثله- قال …
قال أبو داود: «روى هذا: محمد بن ثور وعبد الرزاق عن معمر … جعلا:»المحروم«من كلام الزهري، وهو أصح».
قلت: وهذان إسنادان صحيحان كلاهما على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بأسانيد أخرى كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٣٩٣): ثنا أبو نعيم قال: ثنا الأعمش … به.
ثم أخرجه هو (٢/ ٢٦٠)، والنسائي (١/ ٣٥٩) من طريق عبد الأعلى: حدثنا معمر … به مثل رواية ابن ثور وعبد الرزاق المعلقة عند المصنف، لكن النسائي لم يذكر زيادة: «فذاك المحروم» مطلقًا.
فقد اتفق ثلاثة من الثقات على رواية هذه الزيادة موقوفًا على الزهري. فرفعها
٥ ‏/ ٣٣٣
شاذ ووهم!
والظاهر: أنه من عبد الواحد بن زياد؛ فإنه مع ثقته واحتجاج الشيخين بحديثه-؛ فقد تكلموا في روايته عن الأعمش خاصة. ولذلك قال الحافظ:
«ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال».
ومما يؤيد شذوذها: أن الحديث أخرجه البخاري (٣/ ٢٦٥ و٢٦٧ و٨/ ١٦٣)، ومسلم (٣/ ٩٥ – ٩٦)، والنسائي (١/ ٣٥٨)، والدارمي (١/ ٣٧٩)، والبيهقي (٤/ ١٩٥ – ١٩٦)، وأحمد أيضًا (٢/ ٢٦٠ و٣١٦ و٣٩٥ و٤٤٥ و٤٤٩ و٤٥٧ و٤٦٩ و٥٠٦) من طرق عديدة عن أبي هريرة … به نحوه دون الزيادة.
فثبت شذوذها يقينًا.
قلت: ومثلها في الشذوذ: رواية شَرِيكِ بن أبي نَمِر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة … مرفوعًا به نحوه، وزاد في آخره:
«اقْرَأُوا إن شئتم: (لا يسألون الناس إلحافًا)».
وابن أبي نَمِرٍ؛ وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد تُكُلِّمَ فيه من قبل حفظه، ومخالفته للثقات أحيانًا، كمثل ذكره في قصة الإسراء والمعراج أنه كان منامًا! مما هو مبين في مكان آخر. ولذلك قال الحافظ عنه في «التقريب»:
«صدوق يخطيء».
وهكذا شذ بهذه الزيادة عن كل الطرق المشار إليها آنفًا عند الشيخين وغيرهما، فلم يذكرها أحد منهم في الحديث، حتى الإمام مسلم لم يذكرها في هذه الطريق؛ وقد أخرج الحديث من هذا الوجه دونها، مشيرًا بذلك إلى شذوذها! والظاهر أنها مدرجة من بعض الرواة.
٥ ‏/ ٣٣٤
١٤٤٣ – عن رجلين:
أنهما أتيا النبي ﷺ في حَجّةِ الوداع وهو يَقْسِمُ الصدقة، فسألاه منها، فَرَفَعَ فينا البَصَرَ وخَفَضَهُ، فرآنا جَلْدَينِ، فقال:
«إن شئتما أعطيتكما؛ ولا حَظَّ فيها لغني، ولا لِقَوِيٍّ مكتسب».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن عبد الهادي، وجَوَّدَهُ أحمد).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عَدِي بن الخِيَارِ قال: أخبرني رجلان …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده.
والرجلان صحابيان، لا يضر جهالتنا باسميهما؛ لأن الصحابة كلهم عدول، كما ذكرنا ذلك مرارًا. وأما قول الشيخ الأعظمي في تعليقه على «مصنف عبد الرزاق» (٤/ ١١٠) -بعد أن عزاه للمصنف، وذكر أنه متصل-:
«وفيه ما فيه»!
فمما لا معنى له!
والحديث مخرج في «الإرواء» (٨٧٦)؛ وأزيد هنا فأقول:
قد رواه عبد الرزاق (٧١٥٤) عن معمر عن هشام بن عروة … به؛ إلا أنه أرسله عن عبيد الله بن عدي؛ لم يقل: أخبرني رجلان!
والوصل أصح؛ لأنه زيادة ثقة؛ لا سيما ومعمر في روايته عن هشام بن عروة شيء.
٥ ‏/ ٣٣٥
ثم وجدت سفيان -وهو ابن عيينة- رواه عن هشام … مثل رواية عيسى: أخرجه الشافعي (١/ ٢٤٢).

١٤٤٤ – عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال:
«لا تَحِلُّ الصدقة لِغَنِيٍّ، ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى الأنباري الخُتُّلِيُّ: ثنا إبراهيم -يعني: ابن سعد- قال: أخبرني أبي عن ريحَانَ بن يزيد عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو داود: «رواه سفيان عن سعد بن إبراهيم … كما قال إبراهيم. ورواه شعبة عن سعد قال:»لذي مِرَّةٍ قَوِيٍّ«. والأحاديث الأُخَرُ عن النبي ﷺ؛ بعضها:»لذي مرة قوي«، وبعضها:»لذي مرة سوي«. وقال عطاء بن زهير: إنه لقي عبد الله بن عمرو فقال: إن الصدقة لا تَحِلُّ لقوي، ولا لذي مرة سوي».
قلت: رجال إسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير ريحان بن يزيد، فقال ابن حبان:
«كان أعرابيًّا صدوقًا».
ووثقه ابن معين، مع أنهم لم يذكروا له راويًا غير سعد بن إبراهيم.
وحسن له الترمذي هذا الحديث. وقال الحافظ:
«مقبول»؛ يعني: عند المتابعة؛ وقد توبع؛ فإن للحديث طريقًا أخرى يتقوى بها، وشواهد من حديث أبي هريرة وغيره، خرجتها كلها في «الإرواء» (٨٧٧).
ورواية سفيان المعلقة وصلها عبد الرزاق (٧١٥٥) وغيره، كالترمذي، وقال:

٥ ‏/ ٣٣٦
«حديث حسن».
ورواية شعبة وصلها الطحاوي والحاكم.
ورواية عطاء بن زهير وصلها البيهقي.
وعطاء هذا لم أره في «التهذيب»! وإنما في «الجرح والتعديل».

٢٤ – باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني
١٤٤٥ – عن عطاء بن يسار أن رسول الله ﷺ قال:
«لا تحل الصدقة لِغَنِيٍّ إلا لخمسة،: لغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغارمٍ، أو لرجلٍ اشتراها بماله (١)، أو لرجلٍ كان له جارٌ مسكينٌ فتصدق على المسكين، فأهداها المسكينُ للغنيِّ».
(وفي رواية عنه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ … بمعناه).
(قلت: إسناده صحيح مرسلًا ومسندًا، ورجح طائفة من الأئمة المسند، وصححه جماعة؛ منهم ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار.
حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري.


(١) يراجع «عون المعبود» (٢/ ٣٨ – طبع الهند).
٥ ‏/ ٣٣٧
قال أبو داود: «ورواه ابن عيينة عن زيد … كما قال مالك. ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثَّبْتُ عن النبي ﷺ».
قلت: إسناده صحيح مرسلًا وموصولًا، وقد أشار المصنف إلى ترجيح المرسل على المسند! وعكس ذلك البيهقي، وجزم بذلك شيخه الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو الراجح عندي؛ لعدم تفرد معمر بإسناده، كما ذكرته في «الإرواء» (٨٧٠) عن جمع من الأئمة الذين جزموا بصحة المسند؛ ممن ذكرنا آنفًا. وأزيد هنا فأقول:
أن ممن أسنده: الثوري، لكنه لم يُسَمِّ الصحابي، فقال عبد الرزاق في «المصنف» (٧١٥٢): عن الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من أصحاب النبي ﷺ … مثله.
وهذا إسناد صحيح.
وما علقه المصنف عن الثوري … حدثني الثبت … لعله رواية عنه.

٢٥ – باب كم يُعْطَى الرجلُ الواحدُ من الزكاة؟
١٤٤٦ – عن رجل من الأنصار -يقال له: سهل بن أبي حَثْمَةَ-:
أن النبي ﷺ وداه بمئةٍ من الإبل. يعني: دِيَةَ الأنصاري الذي قُتِلَ بخيبر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم مطولًا، وسيأتي كذلك في «الديات»).
إسناده: حدثنا الحسن بن محمد بن الصَّبَّاحِ: ثنا أبو نُعَيْم: حدثني سعيد بن عبَيْد الطائي عن بُشَيْرِ بن يسار زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له …

٥ ‏/ ٣٣٨
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن الصباح؛ فهو من رجال البخاري، وقد تابعه البخاري نفسه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٢/ ١٩٤ – ١٩٦): حدثنا أبو نعيم … به أتم منه.
وكذلك أخرجه النسائي (٢/ ٢٣٨) من طريق أخرى عن أبي نعيم.
ومسلم (٥/ ١٠٠) من طريق ابن نمير: حدثنا سعيد بن عبيد … به مختصرًا وأتم من رواية المصنف.
وسيأتي بتمامه في «الديات» [٨ – باب القتل بالقسامة] من طريق يحيى بن سعيد عن بُشَيْرٍ. ومن طريق أبي ليلى عن سهل.

٢٦ – باب ما تجوز فيه المسألة
١٤٤٧ – عن سَمُرَةَ عن النبي ﷺ قال:
«المسائلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بها الرجلُ وَجْهَهُ؛ فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك؛ إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمرٍ لا يجد منه بُدًّا».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيُّ: ثنا شعبة عن عبد الملك بن عُمَيْر عن زيد بن عقبة الفزاري عن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير زيد بن عقبة الفزاري، وهو ثقة.
والحديث مخرج في «التعليق الرغيب» (٢/ ٢)، فلا داعي للإعادة. ولكني أزيد هنا فأقول:

٥ ‏/ ٣٣٩
إن النسائي والطحاوي قد أخرجاه من طريقين آخرين عن عبد الملك بن عمير … به.
وابن حبان (٨٤٢) من طريق ثالثة. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».

١٤٤٨ – عن قَبِيصَةَ بن مُخَارِق الهلالي قال:
تحمَّلْتُ حَمَالَةً، فأتيت النبي ﷺ، فقال:
«أقِمْ يا قبيصة! حتى تأتِيَنَا الصدقةُ، فنأمُرَ لك بها». ثم قال:
«إن المسألة لا تَحِلُّ إلا لأحدِ ثلاثةِ: رَجَلٌ تحمَّلَ حَمَالةً، فحلَّتْ له المسألةُ، فسأل حتى يصِيبَها، ثم يُمْسِك. ورجلٌ أصابته جائحة فاجْتَاحَتْ ماله، فحَلَّتْ له المسألة، فسأل حتى يُصِيبَ قوامًا من عيش -أو قال: سِدَادًا من عَيْش-. ورجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجَى من قومه: قد أصابت فلانًا الفاقةُ، فحَلَّتْ له المسألةُ، فسأل حتى يُصيب قوامًا من عيش -أو سِدادًا من عَيْش-، ثم يمسك. وما سواهن من المسألة يا قبيصة! سُحْتٌ، يأكلها صاحبها سُحْتًا».
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال «الصحيح». وقد أخرجه مسلم. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن هارود بن رئاب قال: حدثني كِنَانَةُ بن نُعَيْم العَدَوِيُّ عن قَبِيصَةَ بن مخَارِقٍ الهلالي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال «الصحيح»؛ وقد أخرجه مسلم وغيره، كما في «الإرواء» (٨٦٨).

٥ ‏/ ٣٤٠
٢٧ – باب كراهية المسألة
١٤٤٩ – عن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين -أما هو إليَّ فَحَبيبٌ، وأما هو عندي فأمين- عوف بن مالك قال:
كنا عند رسول الله ﷺ سبعةً أو ثمانيةً أو تسعةً، فقال:
«ألا تبايعون رسول الله ﷺ؟ !». وكنا حَدِيثَ عَهْدٍ ببيعة. قلنا: قد بايعناك! حتى قالها ثلاثًا، فبسطنا أيدينا، فبايعناه. فقال قائل: يا رسول الله! إنا قد بايعناك؛ فَعَلامَ نبايِعُكَ؟ ! قال:
«أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وتُصَلُّوا الصلواتِ الخمسَ، وتَسْمَعُوا وتُطِيعُوا -وأسر كلمةً خَفِيَّةً، قال: – ولا تسألوا الناس شيئًا».
قال: فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فما يسأل أحدًا أن يناوله إياه.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان (٣٣٧٦».
إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا الوليد: ثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة -يعني: ابن يزيد- عن أبي إدريس الخولاني عن أبي مسلم الخولاني.
قال أبو داود: «حديث هشام لم يروه إلا سعيد».
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ غير هشام بن عمار، فهو على شرط البخاري؛ على ضعف فيه، ولكنه قد توبع كما يأتي.
وكذلك سعيد بن عبد العزيز؛ فيه ضعف لاختلاطه، لكنه لم يتفرد به كما سأبينه.
٥ ‏/ ٣٤١
والحديث أخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٠٣) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه مسلم (٣/ ٩٧)، والنسائي (١/ ٨٠) من طرق أخرى عن سعيد بن عبد العزيز … به؛ وليس عند النسائي: فلقد كان بعض أولئك …
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٩٧) … مثل رواية مسلم.
وللحديث طريق أخرى يتقوى بها؛ يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لَقِيطٍ عن عوف بن مالك الأشجعي … به؛ دون قوله: «أن تعبدوا … وتطيعوا».
أخرجه أحمد (٦/ ٢٧)، ورجاله ثقات؛ غير ابن لهيعة، فهو سيئ الحفظ.
ثم إنني أخشى أن يكون منقطعًا؛ فقد روى أحمد أيضًا (٦/ ٢٤) من طريق سعيد بن أبي أيوب قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لَقِيطٍ عن مالك بن هِدْمٍ عن عوف بن مالك الأشجعي قال … فذكر حديثًا آخر.
وسعيد بن أبي أيوب ثقة.
وقد ذكر الحافظ في «التعجيل» لربيعة بن لقيط رواية عن مالك بن هِدْمٍ، ولم يذكر له رواية عن عوف! والله أعلم.

١٤٥٠ – عن ثوبان -وكان مَوْلى رسول الله ﷺ قال: قال رسول الله ﷺ:
«من يَكْفُلُ لي أن لا يسألَ الناسَ شيئًا؛ وأتَكَفَّلُ له بالجنةِ؟ !».
فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الحاكم على شرط

٥ ‏/ ٣٤٢
مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه المنذري).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن عاصم عن أبي العالية عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعاصم: هو ابن سليمان الأحول.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٤١٧) من طريق آخر عن عبيد الله بن معاذ … به، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وهذا تقصير، والصواب ما ذكرنا.
وأخرجه أحمد (٥/ ٢٧٦): حدثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة … به.
وتابعه عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن ثوبان … به: أخرجه النسائي (١/ ٣٦٣)، وابن ماجة (١/ ٥٦٣)، والبيهقي (٤/ ١٩٧)، والطيالسي (١/ ١٧٨)، وأحمد أيضًا (٥/ ٢٧٧ و٢٨١) عن ابن أبي ذئب عن محمد بن قيس عنه.
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، وهو ثقة.
ومحمد بن قيس: هو المَدَنِيُّ قاصُّ عمر بن عبد العزيز.
وتابعه العباس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن يزيد … به: أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٩).
٥ ‏/ ٣٤٣
٢٨ – باب في الاستعفاف
١٤٥١ – عن أبي سعيد الخُدْري:
أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله ﷺ، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم، حتى إذا نَفِدَ ما عنده قال:
«ما يكون عندي من خير؛ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عنكم. ومن يسْتِعففْ؛ يُعِفَّهُ الله، ومن يَسْتَغْنِ؛ يغْنِهِ اللهُ، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله. وما أعطى اللهُ أحدًا مِنْ عطاءٍ أوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٢٦١)، ومسلم (٣/ ١٠٢)، والترمذي (٢٠٢٥) -وقال: «حسن صحيح»-، والنسائي (١/ ٣٦٢)، والدارمي (١/ ٣٧٨)، وأحمد (٣/ ٩٤) من طرق عن مالك … به.
وهو في آخر «الموطأ» (٣/ ١٥٨) … سندًا ومتنًا.
ورواه عنه البيهقي أيضًا (٤/ ١٩٥).
ثم أخرجه البخاري (١١/ ٢٥٤)، ومسلم، وأحمد (٣/ ٩٣) من طرق أخرى عن الزهري … به نحوه.
٥ ‏/ ٣٤٤
وتابعه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري … مختصرًا: أخرجه أحمد (٣/ ١٢ و٤٧).
وله طريق ثالثة، يرويه شعبة قال: أخبرني أبو جَمْرَةَ قال: سمعت هلال بن حِصْنٍ يقول:
قدمت المدينة، فنزلت على أبي سعيد في داره … الحديث نحوه؛ وفيه قصة.
أخرجه الطيالسي (١/ ١٧٨)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢١١)، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير هلال هذا، وثقه ابن حبان فقط.
وطريق رابعة، يرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد … به نحوه؛ وزاد في آخره:
قال: فرجعت ولم أسأله، فأنا اليوم أكثرُ الأنصارِ مالًا.
أخرجه ابن حبان (٣٣٨٩) بسند حسن.
ثم أخرجه (٣٣٩٠) من طريق ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِي عن أبي سعيد … مثل حديث الباب؛ وإسناده حسن أيضًا.

١٤٥٢ – عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ:
«من أصابته فَاقَةٌ، فأنزلها بالناس؛ لم تُسَدَّ فَاقتُهُ. ومن أنزلها بالله؛ أوشك الله له بالغنى: إما بِمَوْتٍ عاجلٍ، أو غِنىً عاجل».
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).

٥ ‏/ ٣٤٥
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود. (ح) وثنا عبد الملك بن حبيب أبو مروان: ثنا ابن المبارك -وهذا حديثه-عن بَشِيرِ بن سلمان عن سَيارٍ أبي حمزة عن طارق عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير سيار أبي حمزة، فقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع. وغير أبي مروان؛ فإنه متابع.
والحديث أخرجه جمع، منهم الترمذي والحاكم -وصححاه- وتبعهما الذهبي، وقد خرجته في «التعليق الرغيب» (٢/ ١٤)، وبسط القول فيه في «الصحيحة» (٢٧٨٧) سندًا ومتنًا.

١٤٥٣ – عن ابن الساعدي قال:
استعملني عمر رضي الله عنه على الصدقة. فلما فرغت منها وأديتُها إليه؛ أمر لي بِعُمَالَةٍ. فقلت: إنما عَمِلْتُ لله، وأجْري على الله! قال: خُذْ ما أُعْطِيتَ، فإني قد عَمِلْتُ على عهد رسول الله ﷺ فعَمَّلني، فقلت مِثْلَ قولك، فقال لي رسول الله ﷺ:
«إذا أُعْطِيتَ شيئًا من غير أن تسأله؛ فَكُلْ وتصدق».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن حبان من طريق أخرى؛ وزاد: أن عُمَالة السَّعْدِيِّ كانت ألفَ دينارٍ).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن الأشَجِّ عن بُسْرِ بن سَعِيد عن ابن الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه كما يأتي.

٥ ‏/ ٣٤٦
وابن الساعدي- ويقال: السعدي: اسمه عبد الله، صحابي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٩٨) من طريق أخرى عن الليث … به.
وأخرجه البخاري (١٣/ ١٢٨ – ١٣٠)، وأحمد (١/ ١٧ و٤٠) من طريق السائب بن يزيد ابن أخت نمر أن حُوَيْطِبَ بن عبد العُزَّى أخبره أن عبد الله بن السعدي … به نحوه أتم منه؛ ولم يقع في «المسند» ذكر لحويطب. وهو رواية مسلم من هذه الطريق.
والحديث أخرجه غير هؤلاء، ممن ذكرتهم في «الإرواء» (٨٦٢)، ومنهم ابن حبان. والزيادة التي ذكرناها له فيما سبق؛ إسنادها صحيح.

١٤٥٤ – عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله ﷺ قال -وهو على المنبر، وهو يذكر الصدقة، والتعفُّفَ منها، والمسألة-:
«اليد العليا خير من اليد السفلى، واليدُ العُلْيا: المنفقةُ. والسُّفلى: السائلةُ».
(قلت:
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قال أبو داود: «اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث؛ قال عبد الوارث:»اليد العليا: المتعففة«. وقال أكثرهم عن حماد بن زيد عن أيوب:»العليا: المنفقة«. وقال واحد عن حماد:»المتعففة«».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

٥ ‏/ ٣٤٧
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٢٣٠) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه مسلم (٣/ ٩٤)، والنسائي (١/ ٣٥٠) عن قتيبة بن سعيد عن مالك.
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٩٧) من الطريقين عن مالك، وهذا في «الموطأ» (٣/ ١٥٨).
ووصله البخاري، والدارمي (١/ ٣٨٩)، والبيهقي، وأحمد (٢/ ٩٨) من رواية جماعة عن حماد بن زيد عن أيوب … به.
وتابعه موسى بن عقبة عن نافع … به: أخرجه أحمد (٢/ ٦٧) والبيهقي.
وفي رواية له: «المتعففة».
وأما رواية عبد الوارث؛ فلم أر من وصلها!
وأما الواحد الذي يشير إليه المصنف؛ فهو مسدد، رواه في «مسنده» -كما في «الفتح»-، وأيد قول ابن عبد البر:
«رواية مالك أولى وأشبه بالأصول».

١٤٥٥ – عن مالك بن نَضْلَةَ قال: قال رسول الله ﷺ:
«الأيدي ثلاثة: فَيَدُ اللهِ العليا، ويدُ المعطي التي تليها، ويدُ السائلِ السُّفلى؛ فأعط الفَضْلَ، ولا تَعْجِزْ عن نفسك».
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عَبِيدَة بن حُمَيْد التيمي: حدثني أبو الزَّعْرَاءِ عن أبي الأحوص عن أبيه مالك بن نَضْلَةَ.

٥ ‏/ ٣٤٨
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير أبي الزعراء -واسمه عمرو بن عمرو الكوفي-، وهو ثقة، كما قال ابن معين وغيره.
وأبو الأحوص: عمه، واسمه عوف بن مالك.
والحديث في «مسند أحمد» (٤/ ١٣٧).
وعنه: أخرجه الحاكم أيضًا (١/ ٤٠٨)، وقال:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان (٨٠٩)، والبيهقي (٤/ ١٩٨)، وفي «الأسماء والصفات» (٣٢٢) من طريق آخر عن عَبِيدَةَ بن حُمَيْدٍ … به.
وكذا رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ٢٤٧ / ١)، وعنه تلقاه ابن حبان.
وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود … مرفوعًا نحوه، وهو مخرج في «التعليق الرغيب» (٢/ ١٠).

٢٩ – باب الصدقة علي بني هاشم
١٤٥٦ – عن أبي رافع:
أن النبي ﷺ بعث رجلًا على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: اصحبني؛ فإنك تصيب منها. قال: حتى آتِيَ النبي ﷺ فأسألَهُ! فأتاه فسأله؟ فقال:
«مولى القوم من أنفسهم، وإنَّا لا تَحِلُّ لنا الصدقة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي).

٥ ‏/ ٣٤٩
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبي رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وابن أبي رافع: اسمه عبيد الله.
والحكم: هو ابن عتَيْبَة.
والحديث أخرجه جماعة، منهم الترمذي، وقال:
«حديث حسن صحيح». وهو مخرج في «الإرواء» (٨٦٢).

١٤٥٧ – عن أنس:
أن النبي ﷺ كان يَمُرُّ بالتمرة العائرة، فما يمنعه من أخذها؛ إلا مخافةَ أن تكونَ صدقةً.
(وفي رواية عنه:
أن النبي ﷺ وجد تمرة، فقال:
«لولا أني أخاف أن تكون صدقة؛ لأكلتها»).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» بلفظ الرواية الأخرى).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم -المعنى- قالا: ثنا حماد عن قتادة عن أنس.
حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي عن خالد بن قيس عن قتادة عن أنس:

٥ ‏/ ٣٥٠
أن النبي ﷺ وجد تمر …
قال أبو داود: «رواه هشام عن قتادة هكذا».
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم من الوجهين؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمة؛ وفيه كلام يسير في روايته عن غير ثابت، وهنا قد تابعه خالد بن قيس، وهو ثقة.
على أنه قد روي عنه عن ثابت؛ لكِنْ في إسناده إليه ضعف كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ١٩٣ و٢٥٨) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة … بالرواية الأولى.
وخالفهم مؤَمَّلٌ فقال: ثنا حماد: ثنا ثابت عن أنس … به: أخرجه أحمد (٣/ ٢٤١).
ومؤمل: هو ابن إسماعيل، فيه ضعف، فلا يحتج به؛ لا سيما إذا خالف.
ورواية هشام المعلقة وصلها مسلم (٣/ ١١٨)، وأحمد (٣/ ٢٩١ – ٢٩٢) … بلفظ الرواية الثانية.
وتابعه عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة … به: أخرجه أحمد (٣/ ١٨٤).
ولها طريق أخرى، يرويه منصور عن طلحة بن مصَرِّفٍ: حدثنا أنس بن مالك … به.
٥ ‏/ ٣٥١
أخرجه مسلم، وأحمد (٣/ ١١٩ و١٣٢)، والبخاري أيضًا (٢٤٣١).

١٤٥٨ – عن ابن عباس قال:
بعثني أبي إلى النبي ﷺ في إبل، أعطاها إياه من الصدقة.
(وفي رواية عنه … نحوه؛ زاد: أبي يُبْدِلُها له).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد المحارِبِيُّ: ثنا محمد بن فُضَيْل عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كُرَيْب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: بعثني …
حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا محمد -هو ابن أبي عبيدة- عن أبيه عن الأعمش عن سالم عن كريب.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم من الوجه الثاني، وكذلك من الوجه الأول؛ إلا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه.

٣٠ – باب الفقير يُهْدِي للغنيِّ من الصدقة
١٤٥٩ – عن أنس:
أن النبي ﷺ أُتِيَ بلَحْمٍ. قال:
«ما هذا؟».
قالوا: شيء تُصُدِّقَ بها على بريرة. فقال:

٥ ‏/ ٣٥٢
«هو لها صدقة، ولنا هدية».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقلت على شرط الشيخين؛ غير عمرو بن مرزوق، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٢٧٨ و٥/ ١٥٥)، ومسلم (٣/ ١٢٠)، والنسائي (٢/ ١٣٨)، وأحمد (٣/ ١١٧ و١٣٠ و١٨٠ و٢٧٦) من طرق عن شعبة … به.

٣١ – باب من تَصَدَّقَ بصدقة، ثم وَرِثَها
١٤٦٠ – عن بُريدَةَ:
أن امرأة أتَتْ رسولَ الله ﷺ، فقالت: كنتُ تصدَّقْتُ على أمِّي بِوَلِيدَةٍ، وإنها ماتت وتركتْ تلك الوليدةَ؟ قال:
«قد وَجَبَ أجْرُكِ، ورجعتْ إليكِ في الميراث».
(قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» بزيادة قضيتين أُخريين، وسيأتي كذلك في «الوصايا»).
إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير: ثنا عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عطاء، فهو على شرط مسلم وحده، وقد وثقه ابن معين وابن حبان. وقال النسائي:

٥ ‏/ ٣٥٣
«ليس بالقوي»! وقال الذهبي في «الميزان»:
«صدوق إن شاء الله». ثم ساق له قصة يؤخذ منها أنه دلس في حديث: «كنا نتناوب رِعْيَةَ الإبل». وكأنه من هنا قال الحافظ:
«صدوق يخطيء ويدلس»!
ولعل تدليسه كان نادرًا، وخطأه يسيرًا؛ ومن هنا احتج به مسلم، وصدقه الذهبي. والله أعلم.
والحديث أخرجه مسلم وغيره من طرق عن عبد الله بن عطاء … أتم منه، وسيأتي كذلك في «الوصايا».

٣٢ – باب في حقوق المال
١٤٦١ – عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
كنا نَعُدُّ الماعونَ على عَهْدِ رسولِ الله ﷺ: عارِيَّةَ الدلْوِ والقِدْرِ.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو عوانة عن عاصم بن أبي النَّجُودِ عن شقيق عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنهما أخرجا لعاصم متابعةً.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ١٨٣) من طريق المصنف، ومن طريق شيبان عن عاصم … به.

٥ ‏/ ٣٥٤
وأخرجه ابن جرير (٣٠/ ٢٠٤ – ٢٠٦) من هذا الوجه، ومن وجوه أخرى صحيحة عن ابن مسعود … أتم منه.

١٤٦٢ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«ما من صاحب كنز لا يؤدِّي حقَّهُ إلا جعله الله يوم القيامة يُحْمَى عليها في نار جهنم، فتُكْوَى بها جَبهتُهُ وجَنْبُهُ وظَهْرُهُ، حتى يقضيَ اللهُ بين عبادِهِ في يوم كان مقداره خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب غنم لا يؤدِّي حقَّها؛ إلا جاءت يوم القيامة أوْفَرَ ما كانت، فَيُبْطَحُ لها بقاعٍ قَرْقرٍ، فَتَنْطَحُهُ بقرونها، وتَطَأُهُ بأظلافها، ليس فيها عَقْصَاءُ، ولا جلحاءُ، كلما مضت أخراها رُدَّتْ عليه أولاها، حتى يَحْكُمَ الله بين عباده؛ في يوم كان مقدارُهُ خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب إبل لا يؤدِّي حقَّها؛ إلا جاءت يوم القيامة أوْفَرَ ما كانت، فيُبْطَحُ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، فَتَطَأُهُ بأخفافها، كلَّما مضتْ عليه أُخراها؛ رُدَّتْ عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنةِ مما تعدُّون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار».
(وفي رواية في قصة الإبل -بعد قوله: «لا يؤدي حقها»- قال: «ومِنْ حَقِّها حَلَبهُا يوم وِرْدِها»).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وأخرجه البخاري مختصرًا بنحو الرواية الأولى؛ وفيه الزيادة).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن

٥ ‏/ ٣٥٥
أبيه عن أبي هريرة.
حدثنا جعفر بن مسَافِرٍ: ثنا ابن أبي فُدَيْكٍ عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ … نحوه، قال في قصة الإبل بعد قوله …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من الوجه الأول، وصحيح فقط من الوجه الآخر؛ لأن جعفر بن مسافر ليس من رجال مسلم، لكنه لم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٧١ – ٧٢)، وعبد الرزاق (٦٨٥٨)، وأحمد (٢/ ٢٦٢ و٣٨٣) من طرق عن حماد بن سلمة … به؛ وزاد مسلم ما في الرواية الأخرى من قوله: «ومن حقها …».
ثم أخرجه هو، والبيهقي (٤/ ١٨٣) من طريق ابن وهب: حدثني هشام بن سعد … به؛ وفيه الزيادة.
وأخرجها البخاري (٣/ ٢٠٨ – ٢٠٩)، والنسائي (١/ ٣٣٨ – ٣٣٩) مختصرًا من طريق الأعرج عن أبي هريرة … مرفوعًا.
والبخاري أيضًا (٥/ ٣٨)، وأحمد (٢/ ٣٦٠ و٤٨٢) من طريق عبد الرحمن بن أبي عَمْرَةَ عن أبي هريرة … بالزيادة فقط.
وابن ماجة (١٧٨٦) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه … مختصرًا.
ولها شاهد من حديث جابر مرفوعًا بلفظ:
«ما من صاحب إبل …» الحديث؛ دون قوله: “كلما مضت عليه
٥ ‏/ ٣٥٦
أخراها …». وزاد:
قلنا: يا رسول الله! وما حقها؟ قال:
«إطراق فحلها، وإعارة دَلْوها، ومَنِيحَتُها، وحَلَبُها على الماء، وحَمْلٌ عليها في سبيل الله».
أخرجه مسلم (٣/ ٧٤)، والنسائي (١/ ٣٣٩)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢١٣)، والبيهقي (٤/ ١٨٢ – ١٨٣) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير عنه؛ وقد صرح أبو الزبير بالسماع من جابر في رواية ابن جريج: أخبرني أبو الزبير … به؛ وزاد:
قال أبو الزبير: وسمعت عُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ يقول:
قال رجل: يا رسول الله! ما حق الإبل؟ قال … فذكره.
أخرجه عبد الرزاق (٦٨٦٦)، وعنه مسلم، وابن الجارود (٣٣٥)، والبيهقي، وأحمد (٣/ ٣٢١) كلهم عن عبد الرزاق … به.
وأعله البيهقي بالانقطاع، ويعني: الإرسال؛ لأن عبيد بن عمير ولد على عهد النبي ﷺ كما قال مسلم، وعدّه غيره في كبار التابعين، وهو مجمع على ثقته كما قال الحافظ.

١٤٦٣ – ومن طريق أبي عمر الغُدَاني عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ … نحو هذه القصة. فقال له -يعني: لأبي هريرة-: فما حق الإبل؟ قال:
«تُعْطِي الكريمةَ، وتمنح الغَزِيرَةَ، وتُفْقِرُ الظَّهْرَ، وتُطْرِقُ الفَحْلَ، وتَسْقِي اللَّبَنَ».

٥ ‏/ ٣٥٧
(قلت: ليس من شرط الكتاب؛ لأن الغُدَاني هذا لم يوثقه غير ابن حبان! وإنما أوردته؛ لأنه شاهد للقصة، ولأن الزيادة موقوفة على أبي هريرة، فلا تنافي المرفوع، وقد صححه الحاكم والذهبي، ولها شاهد يأتي بعده).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أبي عمر الغُدَاني.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ١٨٣)، وأحمد (٢/ ٤٩٠) عن يزيد … به.
ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الغُدَاني؛ فإنه مجهول لم يوثقه غير ابن حبان.
لكن الحديث صحيح بما قبله وما بعده.

١٤٦٤ – عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ قال:
قال رجل: يا رسول الله! ما حق الإبل؟ … فذكر نحوه؛ زاد:
«وإعارة دلوها».
(قلت: إسناده مرسل صحيح. وقد وصله مسلم. وابن الجارود من حديث جابر).
إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: قال أبو الزبير سمعت عبيد بن عمير.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه في «صحيحه» في آخر حديث جابر المشار إليه في تخريج الحديث المتقدم (١٤٦٢)، وتقدم تخريجه هناك.

٥ ‏/ ٣٥٨
١٤٦٥ – عن جابر بن عبد الله:
أن النبي ﷺ أمَرَ مِنْ كُلِّ جادِّ عَشَرَةِ أوْسُقٍ من التمر بِقِنْوٍ يُعَلَّقُ في المسجد للمساكين.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم).
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَرَّاني: حدثني محمد بن سَلَمَةَ عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حَبَّانَ عن عمه واسع بن حَبَّانَ عن جابر بن عبد الله …
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون رجال مسلم؛ غير الحراني، فهو صدوق ربما وهم، لكنه قد توبع كما يأتي.
إلا أن محمد بن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة، ثم هو إلى ذلك مدلس، ولكنه قد صرح بالتحديث في رواية عنه تأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (٨٠١)، وأحمد (٣/ ٣٥٩ – ٣٦٠) من طرق أخرى عن محمد بن سلمة … به.
وأخرجه أحمد أيضًا (٣/ ٣٥٩)، والحاكم (١/ ٤١٧) من طريقين آخرين عن ابن إسحاق. وقال أحمد في روايته عنه: حدثني محمد بن يحيى بن حَبَّان … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم».
ثم أخرج له هو، وابن حبان (٨٠٢) شاهدًا مختصرًا من حديث ابن عمر … به، وصححه على شرط مسلم أيضًا.
٥ ‏/ ٣٥٩
١٤٦٦ – عن أبي سعيد الخدري قال:
بينما نحن مع رسول الله ﷺ في سفر؛ إذ جاء رجل على ناقة له، فجعل يَصْرِفُها يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله ﷺ:
«من كان عنده فَضْل ظَهْرٍ؛ فليَعُدْ به على مَنْ لا ظهر له. ومن كان عنده فَضْلُ زادٍ؛ فَلْيَعُدْ به على مَنْ لا زادَ له»، حتى ظننا أنه لا حَقَّ لأحدٍ منَّا في الفَضْلِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (٧/ ٣٩٢».
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله الخُزَاعي وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبو الأشهب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير الخزَاعي؛ فإنه متابع، وهو ثقة.
والحديث أخرجه مسلم (٥/ ١٣٨)، وأحمد (٣/ ٣٤)، والبيهقي (٤/ ١٨٢) من طرق أخرى عن أبي الأشهب … به.

٣٣ – باب حَقِّ السائل
١٤٦٧ – عن أم بُجَيْدٍ -وكانت ممن بايع رسول الله ﷺ: أنها قالت له:
يا رسول الله! صلى الله عليك؛ إن المسكين لَيَقُومُ على بابي، فما أجد له شيئًا أُعْطِيهِ إياه؟ فقال لها رسول الله ﷺ:
«إن لم تَجِدِي له شيئًا تُعْطيهِ إيَّاهُ إلا ظِلْفًا مُحْرَقًا؛ فادفَعِيهِ إليهِ في يَدِهِ».

٥ ‏/ ٣٦٠
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن بُجَيْدٍ عن جدته أم بُجَيْدٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن بُجَيْدٍ، فهو ثقة، وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات، وقيل: أن له صحبة، وقد صحح حديثه من يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٦٦٥) … بإسناد المصنف ومتنه، وقال:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه ابن حبان (٨٢٤) من طريق قتيبة.
وأحمد (٦/ ٣٨٢)، والحاكم (١/ ٤١٧) من طرق أخرى عن الليث … به، وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
والحديث مخرج في «المشكاة» (١٨٧٩ و١٩٤٢ – التحقيق الثاني).

٣٤ – بابُ الصَّدَقةِ على أهل الذمَّةِ
١٤٦٨ – عن أسماء قالت:
قَدِمَتْ عليَّ أُمِّي راغبةً في عهد قريش، وهي راغمَةٌ مشركةٌ، فقلت: يا رسول الله ﷺ! إن أمي قدمتْ عليَّ وهي راغمة مشركة، أفأصلها؟ قال: «نعم، فَصِلي أُمَّكِ».

٥ ‏/ ٣٦١
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد -وهو ابن عبد الله بن أبي شعيب-، وهو ثقة من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٥/ ١٧٨ و٦/ ٢١٦ و١٠/ ٣٣٩)، ومسلم (٣/ ٨١)، وابن حبان (٤٥٣ – إحسان)، وأحمد (٦/ ٣٤٤ و٣٤٧ و٣٥٥) من طرق عن هشام … به. وزاد أحمد في رواية:
قال: وأظنها ظِئْرَها.
وسنده جيد على شرط مسلم.
وخالف مصعب بن ماهان فقال: عن سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة … به مختصرًا.
رواه ابن حبان (٤٥٤)؛ ومصعب كثير الخطأ، فلا يعتد بمخالفته.

٣٥ – باب ما لا يجوز منعه
٣٦ – باب المسألة في المساجد
٣٧ – باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى
[ليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]

٥ ‏/ ٣٦٢
٣٨ – باب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله
١٤٦٩ – عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله ﷺ:
«من استعاذ بالله؛ فأعيذوهُ، ومن سأل بالله؛ فأعطُوهُ، ومن دعاكم؛ فأجيبوُهُ، ومن صنع إليكم معروفًا؛ فكافِئُوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه؛ فادعوا له حتى تَرَوْا أنكم قد كافأتموه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حرير عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» وغيره من طرق عن الأعمش … به، وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٥٤).
ولبعض فقراته شاهد من حديث ابن عباس: أخرجه المصنف في «الأدب»، وسيأتي هناك أن شاء الله تعالى في (باب الرجل يستعيذ من الرجل)، وهو في «الصحيحة» أيضًا (٢٥٣).

٣٩ – باب الرجل يُخْرِجُ من ماله
١٤٧٠ – عن أبي سعيد الخدري قال:
دخل رجل المسجد، فأمر النبيّ ﷺ الناسَ أن يَطْرَحُوا ثيابًا، فطرحوا، فأمر لَهُ منها بثوبين، ثم حَثَّ على الصدقة، فجاء فَطَرَحَ أحدَ الثوبين، فصاح به وقال:

٥ ‏/ ٣٦٣
«خذ ثوبك».
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان عن ابن عَجْلان عن عياضِ ابن عبد الله بن سعد سمع أبا سعيد الخدري يقول.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في محمد ابن عجلان، وقد أخرج له مسلم مقرونًا.
وسفيان: هو ابن عيينة.
وإسحاق: هو الطَّالْقَانِيُّ.
والحديث أخرجه الحميدي في «مسنده» (٧٤١)، وعنه الحاكم (١/ ٤١٣): ثنا سفيان … به مطولًا.
وأخرجه النسائي (١/ ٣٥١)، وابن حبان (٨٤٠) من طريق أخرى عن ابن عجلان … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!

١٤٧١ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إن خيرَ الصدقةِ ما تَرَكَ غِنىً، أو تُصُدِّقَ به عن ظَهْرِ غِنىً، وابدأ بمن تَعُولُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

٥ ‏/ ٣٦٤
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري وغيره من هذا الوجه، كما بينته في «الإرواء» (٨٣٤)، وقد سقت له فيه أكثر من عشرة طرق عن أبي هريرة … بنحوه.

٤٠ – باب في الرخصة في ذلك
١٤٧٢ – وعنه؛ أنه قال:
يا رسول الله! أيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال:
«جُهْدُ المُقِلِّ، وابدأْ بِمَنْ تَعُولُ».
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوهَب الرملي قالا: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن يحيى بن جَعْدَةَ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير يحيى بن جعدة، وهو ثقة.
والرملي مثله، لكنه مقرون بقتيبة؛ وهو من رجالهما.
والحديث مخرج في «الإرواء» (٨٣٤) أيضًا.

١٤٧٣ – عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
أمَرَنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليومَ أسْبِقُ أبا بكر! إن سَبَقْتُهُ يومًا! فجئتُ بِنِصْفِ مالي، فقال رسول الله ﷺ:

٥ ‏/ ٣٦٥
»ما أبقيت لأهلك؟«. قلت: مِثْلَهُ.
قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بِكُلِّ ما عنده، فقال له رسول الله ﷺ:
»ما أبقيت لأهلك؟«. قال: أبقيت لهم اللهَ ورسولَهُ.
قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا!
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه الترمذي، وقال الحاكم:»صحيح على شرط مسلم«! ووافقه الذهبي!».
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح وعثمان بن أبي شَيْبَة -وهذا حديثه- قالا: ثنا الفَضْلُ بن دُكَيْنٍ: ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول …
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الترمذي (٣٦٧٦) -وقال: «حسن صحيح»-، والدارمي (١/ ٣٩١ – ٣٩٢)، والحاكم (١/ ٤١٤)، وعنه البيهقي (٤/ ١٨٠ – ١٨١) من طرق أخرى عن الفضل بن دكينٍ … به. وقال الحاكم:
«حديث صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!

٤١ – باب في فضل سقي الماء
١٤٧٤ – عن سعيد:
أن سعدًا أتى النبي ﷺ فقال: أيُّ الصدقةِ أعجبُ إليك؟ قال: «الماء».

٥ ‏/ ٣٦٦
(قلت: إسناده مرسل صحيح؛ سَعِيدٌ: هو ابن المسيَّبِ، وسَعْدٌ هو ابن عبادة. وقد روي مسندًا عنه، وهو الآتي بعده).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن ظاهره الإرسال؛ لأن الإسناد انتهى إلى سعيد -وهو ابن المسيَّبِ-، ولم يسنده، ولو أسنده عن سعد -وهو ابن عبادة- كما في الرواية الآتية؛ فهو منقطع؛ لأن سعيدًا لم يدرك سعد بن عبادة، كما قال المنذري.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٤١٤) من طريقين آخرين عن محمد بن كثير … به، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»! وردَّهُ الذهبي بقوله:
«قلت: لا؛ فإنه غير متصل».

١٤٧٥ – وفي رواية عن سعيد بن المسيّبِ والحسن عن سَعْدِ بن عُبَادة عن النبي ﷺ … مثله.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم).
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم: ثنا محمد بن عَرْعَرَةَ عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير محمد بن عبد الرحيم -وهو ابن عبد الله بن عبد الرحيم بن سَعْيَةَ المصري ابْنِ البَرْقِيِّ-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.

٥ ‏/ ٣٦٧
فالإسناد صحيح؛ لولا الانقطاع بين سعيد وسعد كما تقدم، وكذلك بينه وبين الحسن -وهو البصري-؛ فإنه لم يدركه أيضًا.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٤١٤)، وعنه البيهقي (٤/ ١٨٥) من طريق أخرى عن ابن عرعرة … به.
وتابعه عفان: ثنا شعبة … به: أخرجه البيهقي.
وتابعه هشام صاحب الدَّسْتَوَائِيُّ عن قتادة عن سعيد وحده.
أخرجه ابن ماجة (٢/ ٣٩٤)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ق ٢٥٢/ ١)، وعنه ابن حبان (٨٥٨).
وأخرجه أحمد (٥/ ٢٨٤) عن المبارك عن الحسن وحده.
وهو رواية له من طريق شعبة عن قتادة قال: سمعت الحسن … به.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، مخرج في «التعليق الرغيب» (٢/ ٥٢ – ٥٣)؛ فهو به حسن.

١٤٧٦ – ومن طريق رجل عن سعد بن عبادة: أنه قال:
يا رسول الله! إن أم سعد ماتت؛ فأيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: «الماء».
قال: فحفر بئرًا وقال: هذه لأم سعد.
(قلت: حديث حسن، وقد صححه من ذكرنا آنفًا).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل.

٥ ‏/ ٣٦٨
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الذي لم يسم، ويحتمل أنه الحسن البصري، أو سعيد بن المسيب اللذين في الطريق التي قبلها، وقد سبق الكلام عليها.

٤٢ – بابٌ في المَنِيحَةِ
١٤٧٧ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ:
«أربعون خَصْلَةً -أعلاهن مَنِيحَةُ العَنْزِ-، ما يعمل رجل بخَصْلَةٍ منها رجاءَ ثوابها، وتصديقَ مَوْعُودِها؛ إلا أدخله الله بها الجنة».
وفي حديث مُسَدَّد: قال حَسَّان: فعدَدْنا ما دون مَنِيحَة العَنْزِ: مِنْ رَدِّ السلام، وتشميت، العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه؛ فما استطعنا أن نبلغ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأحد إسنادي المصنف ومتنه).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل. (ح) وثنا مسدد: ثنا عيسى -وهذا حديث مسدد: وهو أتم- عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كَبْشَةَ السَّلُولي قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري من الوجه الآخر؛ فإن مسَدَّدًا لم يخرج له مسلم.
وبه: أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٥/ ١٨٦): حدثنا مسدد … به.

٥ ‏/ ٣٦٩
وأخرجه أحمد (٢/ ١٦٠): ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية: ثنا أبو كبشة السلولي.
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٨٤).

٤٣ – باب أجر الخازن
١٤٧٨ – عن أبي موسى قال: قال رسول الله ﷺ:
«إن الخازن الأمين، الذي يُعْطِي ما أُمِرَ به كاملًا مُوَفرًا، طَيِّبةً به نَفْسُهُ؛ حتى يَدْفَعَهُ إلى الذي أُمِرَ له به: أحَدُ المتَصَدِّقَيْنِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء -المعنى- قالا: ثنا أبو أسامة عن بُرَيْدِ بن عبد الله بن أبي بُرْدَةَ عن أبي بُرْدَةَ عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ٣٨٨) … بإسناد المصنف الثاني.
وأخرجه مسلم (٣/ ٩٠) -به وبغيره- عن أبي أسامة … به.
وأخرجه أحمد (٤/ ٣٩٤): ثنا حماد بن أسامة … به.
وتابعه سفيان عن بُرَيْدِ بن أبي بردة … به: أخرجه البخاري (٤/ ٣٤٨)، والنسائي (١/ ٣٥٧).
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٩٢) عن أبي أسامة -وهو حماد بن أسامة-.

٥ ‏/ ٣٧٠
٤٤ – باب المرأة تتصدق من بيت زوجها
١٤٧٩ – عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي ﷺ:
«إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غَيْرَ مُفْسِدَةٍ؛ كان لها أجْرُ ما أنْفَقَتْ، ولزوجِها أجْرُ ما اكتسب، ولخازنه مِثْلُ ذلك، لا يَنْقُصُ بعضُهم أجْرَ بعضٍ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن شَقِيقٍ عن مسروق عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٢٢٨ و٤/ ٢٤٠)، ومسلم (٣/ ٩٠)، والبيهقي (٤/ ١٩٢)، وأحمد (٦/ ٢٧٨) من طرق عن منصور … به.
وأخرجه الترمذي (٦٧٢)، وقال:
«حديث حسن صحيح».
وتابعه الأعمش عن شقيق … به: أخرجه عبد الرزاق (٧٢٧٥)، والبخاري (٣/ ٢٣٥)، ومسلم (٣/ ٩٠)، وابن ماجة (٢/ ٤٤)، وأحمد (٦/ ٤٤).
وخالفهما عمرو بن مُرَّةَ فقال: سمعت أبا وائل يحدث عن عائشة … به؛ فلم يذكر مسروقًا في إسناده: أخرجه النسائي (١/ ٣٥١ – ٣٥٢)، والترمذي (٦٧١)، وقال:
«حديث حسن». وقال:
٥ ‏/ ٣٧١
«حديث منصور أصح، وعمرو بن مرة لا يذكر في حديثه: عن مسروق».

١٤٨٠ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره؛ فلها نِصْفُ أجْرِهِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن مُنَبِّهٍ قال: سمعت أبا هريرة يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٧٢٧٢) كما رواه المصنف عنه؛ إلا أنه قال: «فله نصف أجره».
وكذلك أخرجه البخاري (٤/ ٢٤٠)، ومسلم (٣/ ٩١)، وأحمد (٢/ ٣١٦)، والبيهقي (٤/ ١٩٢)؛ ولفظ البخاري مثل لفظ المؤلف والمعنى واحد.

١٤٨١ – وعنه؛ في المرأة تَصَدَّقُ من بيت زوجها؟ قال:
لا؛ إلا من قوتها، والأجر بينهما، ولا يَحِلُّ لها أن تَصَدَّقَ من مال زوجها إلا بإذنه.
(قلت: إسناده صحيح موقوف، وهو تفسير للمرفوع الذي قبله).
إسناده: حدثنا محمد بن سَوَّارٍ المصري: ثنا عَبْدَة عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن سَوَّار،

٥ ‏/ ٣٧٢
وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ١٩٣) من طريق المصنف.
وأخرجه عبد الرزاق (٧٢٧٣) عن عبد الملك بن أبي سليمان … به.
وأورده البيهقي تحت باب (من حمل هذه الأخبار [يعني: حديث عائشة وأبي هريرة المتقدمين] على أنها تعطيه من الطعام الذي أعطاها زوجها، وجعله بحكمها دون سائر أمواله، استدلالًا بأصل تحريم مال الغير إلا بإذنه).

٤٥ – باب في صلة الرحم
١٤٨٢ – عن أنس قال:
لما نزلت: ﴿لن تنالوا البِرَّ حتى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾؛ قال أبو طلحة: يا رسول الله! أرَى رَبَّنا يسألنا من أموالنا؛ فإني أشهدك أني قد جعلت أرضي (بَأرِيحَاء) له. فقال رسول الله ﷺ:
«اجعلها في قرابتك»؛ فَقَسَمها بين حسان بن ثابت وأُبَي بن كعب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وأخرجه هو والبخاري من طريق أخرى بنحوه وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد -وهو ابن سلمة-، وهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٧٩)، وأحمد (٣/ ٢٨٥) من طرق أخرى عن

٥ ‏/ ٣٧٣
حماد … به.
وأخرجه مالك (٣/ ١٥٦ – ١٥٧)، وعنه البخاري (٣/ ٢٥٣ و٨/ ١٧٩)، ومسلم أيضًا، والدارمي (١/ ٣٩٠)، وأحمد (٣/ ١٤١) كلهم عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس … به نحوه أتم منه.
وتابعه همام: أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة … به مختصرًا نحو رواية ثابت: أخرجه أحمد (٣/ ٢٥٦).
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وتابعه حميد عن أنس … به. أخرجه أحمد (٣/ ١١٥ و١٧٤ و٢٦٢)، والترمذي (٣٠٠)، وقال:
«حديث حسن صحيح».

١٤٨٣ – عن ميمونة زوج النبي ﷺ قالت:
كانت لي جارية فأعتقتها، فدخل عليَّ النبي ﷺ، فأخبرته، فقال: «آجَرَكِ الله! أما إنك لو كنت أعطيتِها أخوالك؛ كان أعظمَ لأجرك».
(قلت: حديث صحيح. أخرجه الشيخان).
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ عن عَبْدَةَ عن محمد بن إسحاق عن بُكَيْرِ بن الله بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسار عن ميمونة زوج النبي ﷺ.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه قد توبع، مع المخالفة في الإسناد كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٤١٤) من طريق أخرى عن هَنَّاد بن السَّرِي … به.

٥ ‏/ ٣٧٤
ثم أخرجه هو، وأحمد (٦/ ٣٣٢) من طريقين آخرين عن محمد بن إسحاق … به.
وقد خالفه يزيد بن أبي حبيب -عند البخاري (٥/ ١٦٦) -، وعمرو بن الحارث -عند مسلم (٣/ ٧٩ – ٨٠)، والبيهقي (٤/ ١٨٩) -، وابن لهيعة -عند أحمد أيضًا- ثلاثتهم قالوا: عن بُكَيْرٍ عن كُرَيْبٍ عن ميمونة … به نحوه.
وهذا أصح؛ كما قال الدارقطني، وأقره الحافظ.

١٤٨٤ – عن أبي هريرة قال:
أمر النبي ﷺ بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله! عندي دينار؟ ! فقال:
«تَصَدَّقْ به على نفسك». قال: عندي آخر؟ ! قال:
«تَصَدَّقْ به على ولدك». قال: عندي آخر؟ ! قال:
«تَصَدَّقْ به على زوجتك -أو قال: زوجك-». قال: عندي آخر؟ !
قال:
«تَصَدَّقْ به على خادمك». قال: عندي آخر؟ ! قال:
«أنت به أبْصَرُ».
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن

٥ ‏/ ٣٧٥
عجلان؛ فإنه حسن الحديث كما تقدم مرارًا.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٣٥١)، وأحمد (٢/ ٤٧١) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان … به.
وأخرجه ابن حبان (٨٢٨) عن الليث عنه.
والحاكم (١/ ٤١٥) من طريق أخرى عن محمد بن كثير، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٩٧) … بإسناد المؤلف.
وله عنده شاهد من حديث جابر (٧٥٠).
وفيه أبو رافع إسماعيل بن رافع، وهو ضعيف، وفي متنه نقص، وزيادة منكرة.

١٤٨٥ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ:
«كفى بالمرء إثمًا أن يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوت».
(حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرجه مسلم بنحوه من طريق أخرى).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: ثنا أبو إسحاق عن وَهْبِ بن جابر الخَيْوَاني عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الخَيْواني -بفتح المعجمة وسكون التحتية- وهو مجهول؛ وإنما حَسَنت الحديث، لأن له طريقًا أخرى، خرجتها مع الأولى في «الإرواء» (٨٩٤).

٥ ‏/ ٣٧٦
١٤٨٦ – عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ:
«من سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأ في أثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ويعقوب بن كعب -وهذا حديثه- قالا: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن الزهري عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح -وهو المصري-، فهو على شرط البخاري.
وقد تابعه يعقوب بن كعب، وهو ثقة، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٨/ ٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٤٣٨) من طريقين آخرين عن ابن وهب … به.
وأخرجه مسلم أيضًا؛ والبخاري (١٠/ ٣٤١) من طريق عُقَيْلِ بن خالد عن ابن شهاب.
وأخرجه البخاري (٤/ ٢٤١) عن حسان: حدثنا يونس … به.
وأخرجه أحمد (٣/ ٢٤٧) من طريق قُرَّةَ عن ابن شهاب … به.
وله عنده (٣/ ١٥٦ و٢٦٦) طريقان آخران عن أنس … به.
وله شاهدان:
أحدهما: من حديث أبي هريرة: عند البخاري.
والآخر: من حديث ثوبان: عند أحمد (٥/ ٢٧٩).
٥ ‏/ ٣٧٧
وثالث: عن علي: عند البزار (١٨٧٩ – كشف).

١٤٨٧ – عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«قال الله: أنا الرحمنُ، وهي الرَّحِمُ؛ شَقَقْتُ لها اسمًا مِنِ اسْمِي، مَنْ وَصَلَها؛ وَصَلْتُهُ، ومَنْ قَطَعها؛ بَتَتُّهُ».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف.
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري: حدثني أبو سلمة أن الرَّدادَ الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله ﷺ … بمعناه.
قلت: والإسناد الأول رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين من طريق أبي بكر، ومسدد من رجال البخاري، ولكنه منقطع؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه عبد الرحمن.
وقد وصله معمر في السند الثاني، فذكر بينهما أبا الرداد.
ومع أن هذا لا يعرف؛ فقد خَطَّأ الترمذيُّ معمرًا في ذكره إياه فيه، ورجح عليه رواية سفيان!
وهو خطأ منه؛ لأن معمرًا قد توبع، كما حققته في «الصحيحة» (٥٢٠)، وذكرت له فيه شاهدًا قويًّا.

٥ ‏/ ٣٧٨
١٤٨٨ – عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ يَبْلُغُ به النبيَّ ﷺ قال:
«لا يدخل الجنةَ قاطعُ رَحِمٍ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري، وقد توبع.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٨٠): ثنا سفيان … به، دون قوله: «رحم».
وكذلك أخرجه مسلم (٨/ ٧ – ٨)، والترمذي (١٩١٠) من طرق عديدة قالوا: حدثنا سفيان … به؛ وزاد ابن أبي عمر: قال سفيان:
يعني: قاطع رحم. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ثم أخرجه مسلم، وكذا البخاري (١٠/ ٣٤٠)، وفي «الأدب المفرد» (٦٤)، وأحمد أيضًا (٤/ ٨٣ و٨٤) من طرق أخرى عن الزهري … به، وزاد في «الأدب»: «رحم».
١٤٨٩/ ١ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ:
«ليس الواصلُ بالمُكَافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ هو الذي إذا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها».
٥ ‏/ ٣٧٩
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف ومتنه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش والحسن بن عمرو وفِطْرِ عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو -قال سفيان: ولم يرفعه سليمان إلى النبي ﷺ، ورفعه فطر والحسن- قال: قال رسول الله ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين موقوفًا، وعلى شرط البخاري مرفوعًا؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٠/ ٣٤٧) … بإسناد المصنف ومتنه.
وكذلك أخرجه في «الأدب المفرد» (٦٨).
وأخرجه أحمد (٢/ ١٩٠) من طريق سفيان عن الحسن بن عمرو وحده.
ثم رواه هو (٢/ ١٦٣ و١٩٣) من طرق أخرى عن فطر وحده.
والترمذي (١٩٠٩) عنه مقرونًا مع بشير أبي إسماعيل عن مجاهد … به، وقال: «حديث حسن صحيح».

٤٦ – باب في الشُّحِّ
١٤٨٩/ ٢ – عن عبد الله بن عمرو قال: خطب رسول الله ﷺ فقال:
«إياكم والشُّحَّ؛ فإنما هَلَكَ مَنْ كان قبلكم بالشُّحِّ؛ أمَرَهُمْ بالبُخْلِ فَبَخِلُوا، وأمَرَهُمْ بالقَطِيعة فَقَطَعُوا، وأمَرَهُمْ بالفُجور فَفَجَروا».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).

٥ ‏/ ٣٨٠
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير أبي كثير -وهو الزُّبَيْدِيُّ الكوفي، اختلفوا في اسمه-، وثقه النسائي وغيره.
والحديث أخرجه أحمد والحاكم -وصححه-، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في «الصحيحة» (٨٥٨).

١٤٩٠ – عن أسماء بنت أبي بكر قالت:
قلت: يا رسول الله! ما ليَ شيء، إلا ما أدْخَلَ عَلَي الزُّبَيْرُ بَيْتَهُ، أفَأُعْطِي منه؟ قال:
«أعْطِي ولا تُوكي؛ فيوكى عليك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم بأسانيد أخر. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب: ثنا عبد الله بن أبي مُلَيْكَة: حدثتني أسماء بنت أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه بإسناد آخر كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٣٤٤): ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب … به.
وأخرجه الترمذي (١٩٦١) من طريق أخرى عن أيوب … به، وقال: «حديث حسن صحيح».

٥ ‏/ ٣٨١
وخالفه ابن جريج؛ فقال: أخبرني ابن أبي مليكة أن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير أخبره عن أسماء … به نحوه: أخرجه مسلم (٣/ ٩٢ – ٩٣)، والنسائي (٣٥٥).
ثم أخرجه مسلم من طريقين آخرين عن أسماء:
أحدهما: عند النسائي والبخاري (٣/ ٢٣٣ و٥/ ١٦٦).
وهما: عند أحمد (٦/ ٣٥٤).

١٤٩١ – عن عائشة:
أنها ذكرت عِدَّةً من مساكين -قال أبو داود: وقال غيره: أو عِدَّةً من صدقة-، فقال لها رسول الله ﷺ:
«أعطي ولا تحصي؛ فيُحْصَى عليك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب: عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو الذي قبله، لكن هنا جعله من (مسند عائشة رضي الله عنها.
وقد وجدت له متابعًا قويًّا، وهو عروة بن الزبير عنها:
أن سائلًا سأل. قالت: فأمرتُ الخادِمَ فأخرج له شيئًا. قالت: فقال النبي ﷺ لها:
«يا عائشة! لا تحصي …».

٥ ‏/ ٣٨٢
أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في «زوائده» (٦/ ٧٠ – ٧١)، وابن حبان (٨٢٢) من طريق الحكم عنه.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ثم أخرجه أحمد (٦/ ١٠٨) عن هشام بن عروة عن أبيه عنها: أنها قالت:
يا ابن أختي! قال لي رسول الله ﷺ … فذكره.
وسنده جيد.
وقد جاءت هذه العبارة في حديث أسماء المتقدم آنفًا في بعض طرقه: عند الشيخين وغيرهما.
ثم وجدت للحديث طريقًا أخرى من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف عنها … أتم منه.
أخرجه النسائي (٢٥٤٩) بسند حسن في المتابعات والشواهد.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – كتاب الطهارة -5

١١٣ – باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر ٣١٩ – عن سُمَيٍّ …