٥ – أول كتاب المناسك -2

١٦٤١ – عن صَفِيَّةَ بنت شيبة قالت:
لما اطْمَأنَّ رسول الله ﷺ بمكة عامَ الفتح؛ طاف على بعير، يستلم الركن بِمِحْجَنٍ في يَدِهِ. قالت: وأنا أنظر إليه.
(قلت: إسناده حسن، وكذلك قال المِزِّيُّ والعسقلاني).
إسناده: حدثنا مُصَرِّفُ بن عمرو اليَامي: ثنا يونس: ثنا ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف في صحبة صفية بنت شيبة، وفي هذا الحديث قولها: وأنا أنظر إليه … وصرحت بالسماع في حديث آخر لها: عند ابن ماجة (٢/ ٢٦٦ – ٢٦٧)، وسنده حسن أيضًا، وعلقه البخاري. وأخرج لها (٩/ ١٩٦) حديثًا آخر موصولًا.
٦ ‏/ ١٣٠
وهذا معناه أنها عنده صحابية.
ولعله يشهد لذلك قول ميمون بن مهران التابعي: دخلت على صفية بنت شيبة عجوز كبيرة …
رواه ابن سعد (٨/ ١٣٣)؛ وسنده صحيح.
والحديث أخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٢٢)، والبيهقي (٥/ ١٠١) من طريقين آخرين عن يونس بن بُكَيْر … به. وقال الحافظ في «الفتح» (٩/ ١٩٦):
«قال المزي: هذا يُضَعِّفُ قول من أنكر أن يكون لها رؤية؛ فإن إسناده حسن». وأقره الحافظ عليه.

١٦٤٢ – عن أبي الطُّفَيْلِ قال:
رأيت النبي ﷺ يَطُوفُ بالبيت على راحلته، يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبِّله -زاد محمد بن رافع: ثم خرج إلى الصفا والمروة؛ فطاف سبعًا على راحلته-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو نعيم في «مستخرجه» عليه. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع -المعنى- قالا: ثنا أبو عاصم عن معروف -يعني: ابن خَرَّبُوذ المكي-. ثنا أبو الطفيل.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٠١) عن المصنف … بإسناده الثاني.
وأخرجه هو، ومسلم وابن الجارود وغيرهما من طرق أخرى عن معروف …

٦ ‏/ ١٣١
به، وهو مخرج في «الإرواء» (١١١٤).

١٦٤٣ – عن جابر بن عبد الله قال:
طاف النَّبِيُّ ﷺ في حَجَّةِ الوداع على راحلته بالبيت، وبالصفا والمروة؛ ليراه الناس، وَلِيَشْرُفَ، وليسألوه؛ فإن الناس غَشُوهُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في «صحيحه»، وأبو نعيم في «مستخرجه» عليه).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٣/ ١٧) … بهذا الإسناد.
ثم أخرجه هو (٣/ ٣٣٣ – ٣٣٤)، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن جريج … به. وهو مخرج في «الإرواء» (١١١٨).

١٦٤٤ – عن أم سلمة زوج النبي ﷺ؛ أنها قالت:
شَكَوْتُ إلى رسول الله ﷺ أني أشتكي؟ ! فقال:
«طوفي من وراء الناس وأنت راكبة».
قالت: فطفت؛ ورسولُ الله ﷺ حينئذ يصلِّي إلى جنب البيت، وهو يقرأ بـ: (الطور. وكتاب مسطور).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن

٦ ‏/ ١٣٢
الجارود وابن حبان).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَلٍ عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٣٨٥) … بإسناد المصنف.
وأخرجه هو (٣/ ٣٧٧ – ٣٧٨)، ومسلم (٤/ ٦٨)، والنسائي (٢/ ٣٧)، وابن ماجة (٢/ ٢٢٥)، وابن الجارود (٤٦٢)، وأحمد (٦/ ٢٩٠ و٣١٩) من طرق أخرى عن مالك … به.
وهو في «الموطأ» (١/ ٣٣٦).

٥٠ – باب الاضطباع في الطواف
١٦٤٥ – عن يعلى قال:
طاف النبي ﷺ مُضْطَبعًا بِبُرْدٍ أحْمرَ.
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلى عن يعلى.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير ابن يعلى، فهو غير معروف عندي.
وأبوه يعلى -وهو ابن أمية- له من الأولاد: صفوان ومحمد وعثمان

٦ ‏/ ١٣٣
وعبد الرحمن، وكلهم روى عنه، ولذلك قال الحافظ: «يحتمل أن يكون هو صفوان».
وأما الجزم بأنه صفوان -كما فعل بعض الشراح-؛ فمما لا دليل عليه!
على أن ابن جريح مدلس، وقد عنعنه، وقد أدخل بعض الرواة بينه وبين ابن يعلى: عبد الحميد بن جبير كما يأتي.
لكن الحديث يشهد له الحديث الآتي بعده؛ فهو به حسن.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٣ و٢٢٤): ثنا وكيع قال: ثنا سفيان … به.
وأخرجه الترمذي (٨٥٩)، وابن ماجة (٢/ ٢٢٣) من طرق أخرى عن سفيان عن عبد الحميد عن ابن يعلى … به.
وهو رواية لأحمد (٤/ ٢٢٢)؛ ولكنه قال: عن رجل .. لم يقل: عبد الحميد. وقال الترمذي:
«لا نعرفه إلا من حديث الثوري عن ابن جريج، وهو حديث حسن صحيح، وعبد الحميد: هو ابن جبير بن شيبة عن ابن يعلى عن أبيه؛ وهو يعلى بن أمية».

١٦٤٦ – عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ وأصحابه اعتمروا من الجِعْرَانَةِ، فرَمَلُوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى.
(قلت: إسناده جيد، ورجاله رجال مسلم، وقال المنذري: «حديث حسن». وأخرجه الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة»).

٦ ‏/ ١٣٤
إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى: ثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيْمٍ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله رجال مسلم، وقد حسنه وقوّاه من ذكرنا آنفًا؛ وتفصيل ذلك مع تخريج الحديث في «الإرواء» (١٠٩٤).

٥١ – باب في الرَّمَلِ
١٦٤٧ – عن أبي الطُّفَيْل قال:
قلت لابن عباس: يزعم قومك أن رسول الله ﷺ قد رَمَلَ بالبيت، وأن ذلك سنةٌ؟ !
قال: صدقوا وكذبوا.
قلت: وما صدقوا وكذبوا؟ !
قال: صدقوا؛ قد رَمَلَ رسول الله ﷺ. وكذبوا؛ ليس بسنةٍ؛ إن قريشًا قالت زمن الحديبية: دَعُوا محمدًا وأصحابه حتى يموتوا موت النَّغَفِ، فلمَّا صالحوه على أن يجيئوا من العام المُقْبِلِ، فيقيموا بمكة ثلاثة أيام؛ فقدم رسول الله ﷺ -والمشركون من قبل قعَيْقِعانَ- فقال رسول الله ﷺ لأصحابه:
«ارمُلُوا بالبيت ثلاثًا»، وليس بسنة.
قلت: يزعم قومك أن رسول الله ﷺ طاف بين الصفا والمروة على بعير، وأن ذلك سنة؟ !
فقال: صدقوا وكذبوا.

٦ ‏/ ١٣٥
قلت: ما صدقوا وما كذبوا؟ !
قال: صدقوا؛ قد طاف رسول الله ﷺ بين الصفا والمروة على بعيره. وكذبوا؛ ليس بسنة؛ كان الناس لا يُدْفَعونَ عن رسول الله ﷺ ولا يُصْرَفُونَ عنه، فطاف على بعير؛ ليسمعوا كلامه، وليروا مكانه، ولا تنالَهُ أيديهم.
(قلت: حديث صحيح. أخرجه مسلم وأبو نعيم في «مستخرجه» عليه نحوه).
إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا أبو عاصم الغَنَوِيُّ عن أبي الطفيل.
قلت: وهذا إسناد رجاله على شرط مسلم؛ غير أبي عاصم، لم يرو عنه غير حماد -وهو ابن سلمة- ولم يوثقه أحد غير ابن معين.
ولكنه قد تابعه الجريري عن أبي الطفيل … نحوه، وهو مخرج في «الإرواء» (١١١٨).
وتابعه سعيد بن جبير عن ابن عباس … بالرمل نحوه، وهو الآتي بعده.

١٦٤٨ – وفي طريق أخرى عنه قال:
قَدِمَ رسول الله ﷺ مكة؛ وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ، فقال المشركون: إنَّه يَقْدَمُ عليكم قوم وقد وَهَنَتْهُمُ الحمى، ولَقُوا منها شَرًّا، فأطلع الله نبيه ﷺ على ما قالوه، فأمرهم أن يَرْمُلُوا الأشواطَ الثلاثةَ، وأن يمشُوا بين الركنين، فلما رأوهم رَمَلُوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم؟ ! هؤلاء أجلد منا!
قال ابن عباس: ولم يأمرهم أن يَرْمُلوا الأشواط كلها؛ إلا إبقاءً عليهم.

٦ ‏/ ١٣٦
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٣٦٨ و٧/ ٤١٠)، ومسلم (٤/ ٦٥)، والنسائي (٢/ ٣٩)، والبيهقي (٥/ ٨٢)، وأحمد (١/ ٢٩٠ و٢٩٥) من طرق أخرى عن حماد ابن زيد … به.
وتابعه حماد بن سلمة عن أيوب … به نحوه؛ بلفظ:
فلما قدم رسول الله ﷺ لعامه الذي اعتمر فيه؛ قال لأصحابه:
«ارملوا بالبيت ثلاثًا؛ ليرى المشركون قوتكم». فلما رملوا قالت قريش: ما وهنتهم!
أخرجه أحمد (١/ ٣٠٦ و٣٧٣) بسند جيد، وعلقه البخاري، ووصله الإسماعيلي.

١٦٤٩ – عن عمر بن الخطاب قال:
فِيمَ الرَّمَلانُ والكشفُ عن المناكب. وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟ ! مع ذلك لا ندع شيئًا كنا نفعله على عهد رسول الله ﷺ!
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي على شرطه. وأخرجه البخاري بنحوه).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا هشام بن سعد

٦ ‏/ ١٣٧
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول …
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن سعد، فهو من رجال مسلم، وفيه كلام يسير من قبل حفظه.
والحديث في «مسند أحمد» (١/ ٤٥) … بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٢٣)، والحاكم (١/ ٤٥٤)، وعنه البيهقي (٥/ ٧٩) من طريقين آخرين عن هشام بن سعد … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا؛ على ما عرفت من حال هشام بن سعد.
وقد خالفه محمد بن جعفر فقال: أخبرني زيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب قال … فذكره نحوه.
أخرجه البخاري (٣/ ٣٧٠).
وزيد بن أسلم لم يسمع من عمر، فاستغربت إخراج البخاري إياه! وزادني استغرابًا أن الحافظ لم يتكلم عليه بشيء، فرجعت إلى نسخة أخرى من «البخاري»؛ وإذا فيها زيادة: عن أبيه.
فاتصل الإسناد من طريق محمد بن جعفر، وتبين أنه متابع لهشام، وليس بمخالف. والحمد لله على توفيقه.

١٦٥٠ – عن ابن عباس:
أن النبي ﷺ اضطبع، فاستلم وكبَّر، ثم رمل ثلاثة أطواف، وكانوا إذا بلغوا الركن اليماني، وتغيَّبوا من قريش؛ مَشَوْا، ثم يَطْلُعون عليهم يَرْمُلُون، تقول قريش: كأنهم الغزلان!

٦ ‏/ ١٣٨
قال ابن عباس: فكانت سنة.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا يحيى بن سُلَيْمٍ عن ابن خُثَيْمٍ عن أبي الطفيل عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في يحيى بن سليم الطائفي، ولكنه قد توبع كما يأتي بعده.
والحديث أخرجه ابن حبان (٣٨٠١)، والبيهقي (٥/ ٧٩) من طريق أخرى عن الطائفي … به.

١٦٥١ – وفي رواية عنه:
أن رسول الله ﷺ وأصحابه اعتمروا من الجِعْرَانة، فرملوا بالبيت ثلاثًا، ومشوا أربعًا.
(قلت: إسناده جيد، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْمٍ عن أبي الطفيل عنه.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات رجال مسلم. ولابن خثيم فيه إسناد آخر تقدم في الكتاب برقم (١٦٤٦).
وتابع حمادًا معمرٌ: عند ابن حبان (٣٨٠٣).
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٠٦) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به.

٦ ‏/ ١٣٩
وتابعه إسماعيل بن زكريا عن عبد الله بن عثمان … به أتم منه؛ ولفظه: أن رسول الله ﷺ لما نزل الظهران في عمرته؛ بلغ أصحابَ رسول الله ﷺ أن قريشًا تقول: ما يتباعثون من العَجَفِ! فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه، وحسونا من مرقه؛ أصبحنا غدًا حين ندخل على القوم؛ وبنا جَمَامَةٌ! قال:
«لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لي من أزوادكم». فجمعوا له وبسطوا الأنطاع؛ فأكلوا حتى تولوا، وحثى كل واحد منهم في جرابه، ثم أقبل رسول الله ﷺ حتى دخل المسجد، وقعدتْ قريش نحو الحِجْرِ، فاضطبع بردائه، ثم قال: “لا يرى القوم فيكم غَمِيزَةً، فاستلم الركن، ثم دخل، حتى إذا تغيب بالرُّكْن اليماني؛ مشى إلى الركن الأسود. فقالت قريش: ما يرضون بالمشي؛ إنهم لَيَنْقُزونَ نقز الظِّباء! ففعل ذلك ثلاثة أطواف، فكانت سنة. قال أبو الطفيل: وأخبرني ابن عباس:
أن النبي ﷺ فعل ذلك في حجة الوداع
أخرجه أحمد (١/ ٣٠٥)؛ وسنده جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.

١٦٥٢ – عن نافع:
أن ابن عمر رمل من الحَجَرِ إلى الحَجَرِ، وذكر أن رسول الله ﷺ فعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف).
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا سُلَيم بن أخضر: ثنا عبيد الله عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

٦ ‏/ ١٤٠
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٨٣) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (٤/ ٦٤) … بإسناده.
وأخرجه أحمد (٢/ ١٠٠): ثنا عفان: ثنا سُلَيْمُ بن أخضر … به.
وهو (١/ ١٢٣)، والدارمي (٢/ ٤٣)، وابن ماجة (٢/ ٢٢٣) من طريقين آخرين عن عبيد الله … به نحوه؛ زاد عفان: قال عبيد الله:
فذكروا لنافع أنه كان يمشي ما بين الركنين؟ قال:
ما كان يمشي إلا حين يريد أن يستلم.

٥٢ – باب الدعاء في الطواف
١٦٥٣ – عن عبد الله بن السائب قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول ما بين الركنين: (ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار).
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا ابن جريج عن يحيى بن عُبَيْدٍ عن أبيه عن عبد الله بن السائب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن عبيد -وهو المكي مولى السائب المخزومي-، وقد روى عنه أيضًا واصل مولى ابن عيينة، ووثقه النسائي وابن حبان.

٦ ‏/ ١٤١
وأبوه لم يذكروا له راويًا غير ابنه يحيى، وذكره ابن حبان في «الثقات». لكن ذكره في «الصحابة»: ابنُ قانع وابن منده وأبو نعيم، فإن ثبت ذلك؛ فالإسناد حسن؛ وإلا فالحديث حسن لما له من الشواهد كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق (٨٩٦٣)، وعنه ابن الجارود (٤٥٦)، وأحمد (٣/ ٤١١)، وابن حبان (١٠٠١)، والحاكم (١/ ٤٥٥)، والبيهقي (٥/ ٨٤) من طرق أخرى عن ابن جريج … به، وصرح ابن جريج بالتحديث في رواية عبد الرزاق وأحمد.
والحديث عزاه المنذري في «مختصره» للنسائي! ولعله يعني: في «سننه الكبرى»!
وإن مما يقوي الحديثَ عملُ السلف به؛ فقد روى عبد الرزاق (٨٩٦٦) عن معمر قال: أخبرني من أثق به عن رجل قال:
سمعت لعمر بن الخطاب هَجِيرًا حول البيت يقول … فذكر الآية.
والرجل الذي لم يسم: هو حبيب بن صُهْبان؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم عن حَبِيبِ بن صُهْبان … به.
وهذا إسناد حسن.
ثم أخرجه عبد الرزاق (٨٩٦٤ و٨٩٦٥) من طريق أخرى عن ابن عمر … مثله.
ورجاله ثقات؛ غير تابعيه -وهو أبو شعبة البكري- لا يعرف.

١٦٥٤ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ كان إذا طاف في الحج والعمرة؛ أول ما يَقْدَمُ؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف، ويمشي أربعًا، ثم يصلي سجدتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).

٦ ‏/ ١٤٢
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (٢/ ٣٨) … بسند المصنف.
والبخاري (٣/ ٣٧٣)، ومسلم (٤/ ٦٣) من طرق أخرى عن موسى … به.

٥٣ – باب الطواف بعد العصر
١٦٥٥ – عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ يبلغ به النبي ﷺ قال:
«لا تمنعوا أحدًا يطوف بهذا البيت، ويصلي أيَّ ساعة شاء من ليل أو نهار».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه الترمذي وابن حبان).
إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن بَابَاهْ عن جبير بن مطعم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وابن السرح: اسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله.
وقد صرح أبو الزبير بسماعه من عبد الله بن باباه، كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٨٠)، والحميدي (٥٦١) قالا: ثنا سفيان … به؛ إلا أنه قال: ثنا أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن باباه … به في رواية الحميدي.
ومن طريقه: أخرجه الحاكم (١/ ٤٤٨)، وقال:

٦ ‏/ ١٤٣
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (٨٦٨)، والنسائي (٢/ ٣٦)، والدارمي (٢/ ٧٠)، والطحاوي (١/ ٣٩٥)، وابن حبان (٦٢٦)، والبيهقي (٥/ ٩٢) من طرق أخرى عن سفيان … به، وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه أحمد (٤/ ٨١ و٨٤) من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن بابِيهْ … به.
وتابعه عمرو بن الحارث أن الزبير حدثه … به.
أخرجه ابن حبان.
وتابعه عبد الله بن أبي نَجِيحٍ عن عبد الله بن بابيه … به.
أخرجه أحمد (٤/ ٨٢ و٨٣)، والبيهقي (٥/ ١١٠).
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس … مرفوعًا نحوه.
أخرجه الطحاوي.

٥٤ – باب طواف القارن
١٦٥٦ – عن جابر بن عبد الله قال:
لم يَطُفِ النبي ﷺ ولا أصحابُهُ بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا: طوافه الأول.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن الجارود).

٦ ‏/ ١٤٤
إسناده: حدثنا ابن حنبل: ثنا يحيى عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٣١٧) … بإسناده المذكور.
وأخرجه مسلم (٤/ ٣٦)، وابن الجارود (٤٥٩)، والطحاوي (١/ ٤٠٦)، والبيهقي (٥/ ١٠٦) من طرق أخرى عن ابن جريج … به.

١٦٥٧ – عن عائشة:
أن أصحاب رسول الله ﷺ الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رَمَوُا الجمرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو طرف من حديثها المتقدم برقم (١٥٦٢».
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو طرف من الحديث المتقدم برقم (١٥٦٢)؛ فلا داعي للإعادة.

١٦٥٨ – وعنها: أن النبي ﷺ، قال لها:
«طوافك بالبيت، وبالصفا والمروة يكفيكِ لحجِّكِ وعمرتك».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم).

٦ ‏/ ١٤٥
إسناده: حدثنا الربيع بن سليمان المُؤَذِّنُ: أخبرني الشافعي عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة.
قال الشافعي: كان سفيان ربما قال: عن عطاء عن عائشة، وربما قال: عن عطاء أن النبي ﷺ قال لعائشة رضي الله عنها …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
ومراد الشافعي: أن سفيان -وهو ابن عيينة- كان يتردد في روايته، فتارة يسنده فيقول: عن عطاء عن عائشة، وتارة يرسله فيقول عن عطاء أن النبي ﷺ قال لعائشة …
ولا يضر هذا التردد في صحة الحديث؛ لأنه قد جاء من طريق أخرى عنها كما يأتي.
والحديث أخرجه الشافعي في «مسنده» (ص ٣٩) … هكذا.
وتابعه عنده: ابن جريج عن عطاء … مرسلًا.
وخالفهما إبراهيم بن نافع فقال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها:
أنها حاضت بِسَرِفَ؛ فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله ﷺ:
«يُجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك».
أخرجه مسلم (٤/ ٣٤)، والبيهقي (٥/ ١٠٦).
وتابعه عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عائشة … به نحوه؛ وزاد:
فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج.
٦ ‏/ ١٤٦
أخرجاه: مسلم والبيهقي، وأحمد أيضًا (٦/ ١٢٤).

٥٥ – باب الملتزم
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]

٥٦ – باب أمر الصفا والمروة
١٦٥٩ – عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه قال:
قلت لعائشة زوج النبي ﷺ -وأنا يومئذ حديث السِّنِّ-: أرأيتِ قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)؛ فما أرى على أحد شيئًا أن لا يَطَّوَّفَ بهما؟ قالت عائشة: كلا! لو كان كما تقول؛ كانت: (فلا جناح عليه أن لا يَطَّوَّف بهما)! إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار؛ كانوا يُهِلُّون لمناةَ، وكانت مناةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وكانوا يَتَحَرَّجُونَ أن يَطَّوَّفُوا بين الصفا والمروة. فلما جاء الإسلام؛ سألوا رسول الله ﷺ عن ذلك؟ فأنزل الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة. (ح) وثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب عن مالك عن هشام عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٩٦) من طريق أخرى عن القعنبي.
وهو في «الموطأ» (١/ ٣٣٨).

٦ ‏/ ١٤٧
ومن طريقه: رواه البخاري أيضًا (٨/ ١٤٢).
وأخرجه مسلم (٤/ ٦٨)، وابن ماجة (٢/ ٢٣١)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به.
وتابعه الزهري عن عروة بن الزبير … به أتم منه: أخرجه البخاري (٣/ ٣٩١)، ومسلم، والترمذي (٢٩٦٩) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، والنسائي (٢/ ٤١)، والبيهقي، وأحمد (٦/ ١٤٤ و٢٢٧) من طرق عنه.
ورواه الحميدي أيضًا (٢١٩).

١٦٦٠ – عن عبد الله بن أبي أوفى:
أن رسول الله ﷺ اعتمر، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، ومعه مَنْ يَسْتُرُهُ من الناس. فقيل لعبد الله: أدَخَل رسول الله ﷺ الكعبة؟ قال: لا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بسنده ومتنه، ولمسلم منه جملة الدخول. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد بن عبد الله: ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٣٦٧) … بإسناد المصنف ومتنه.
وهو (٣/ ٤٨٦ و٧/ ٤١٠)، وابن ماجة (٢/ ٢٣٢)، وأحمد (٤/ ٣٨١)،

٦ ‏/ ١٤٨
والحميدي (٧٢١) من طرق أخرى عن إسماعيل … به.
وأخرج مسلم (٤/ ٩٧) منه الجملة المتعلقة بالدخول.
والدارمي (٢/ ٦٩) ما قبلها.

١٦٦١ – وفي رواية عنه … بهذا الحديث؛ زاد:
ثم أتى الصفا والمروة، فسعى بينهما سبعًا، ثم حَلَقَ رأسه.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: ثم حلق رأسه …، فقد تفرد به شريك القاضي، وهو سيئ الحفظ).
إسناده: حدثنا تَمِيمُ بن المنتصر: أخبرنا إسحاق بن يوسف: أخبرنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا سوء حفظ شريك -وهو ابن عبد الله القاضي-؛ فإني أخشى أن يكون تفرد بقوله. ثم حلق رأسه.
فإني لم أر هذه الزيادة في شيء من الطرق المتقدمة عن إسماعيل، والله أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٠٢) من طريق المصنف.

١٦٦٢ – عن كثير بن جُمْهان:
أن رجلًا قال لعبد الله بن عمر -بين الصفا والمروة-: يا أبا عبد الرحمن! إني أراك تمشي والناس يَسْعَوْنَ؟ ! قال:
إن أمشِ؛ فقد رأيت رسول الله ﷺ يمشي، وإن أسْعَ؛ فقد رأيت رسول الله ﷺ يسعى، وأنا شيخ كبير.

٦ ‏/ ١٤٩
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا عطاء بن السائب عن كثير بن جُمْهان.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير كثير بن جمهان، وثقه ابن حبان فقط، وروى عنه ليث بن أبي سليم أيضًا. وقال الحافظ:
«مقبول».
فمثله يمكن تحسين حديثه؛ لا سيما إذا توبع، وقد توبع كما يأتي.
لكن عطاء كان اختلط.
وبه أعله المنذري! وليس بشيء؛ فقد رواه عنه سفيان الثوري أيضًا كما يأتي؛ وهو سمع منه قبل الاختلاط.
والحديث أخرجه الترمذي (٨٦٤) -وقال: «حسن صحيح»- وابن ماجة (٢/ ٢٣٢)، والبيهقي (٥/ ٩٩)، وأحمد (٢/ ٦١ و١٢٠) من طرق أخرى عن عطاء … به.
وتابعهم سفيان الثوري عنه: أخرجه النسائي (٢/ ٤٢)، وأحمد (٢/ ٥٣).
ثم رواه النسائي من طريق عبد الرزاق قال: أنبأنا الثوري عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير قال:
رأيت ابن عمر … وذكر نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٧٧٢) من طريق أخرى عن الثوري … به.
٦ ‏/ ١٥٠
٥٧ – بابُ صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ ﷺ
١٦٦٣ – عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
دخلنا على جابر بن عبد الله، فلما انتهينا إليه؛ سأل عن القوم؟ حتى انتهى إليَّ؛ فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زِرِّي الأعلى، ثم نزع زِرِّي الأسفلَ، ثم وضع كَفَّه بين ثَدْيَيَّ -وأنا يومئذ غلام شابٌّ- فقال: مرحبًا بك، وأهلًا يا ابن أخي! سَلْ عَمَّا شئت، فسألته -وهو أعمى-؟ وجاء وقت الصلاة، فقام في نِسَاجَةِ مُلْتَحِفًا بها -يعني: ثوبًا مُلَفَّقًا-، كلما وضعها على منكبه؛ رجع طرفاها من صِغَرِها، فصلى بنا ورداؤه إلى جنبه على المِشْجَبِ. فقلت: أخْبِرْنِي عن حَجَّةِ رسول الله ﷺ؟ فقال بيده، فَعَقَدَ تسعًا، ثم قال:
إن رسول الله ﷺ مكث تسع سنين لم يَحُجَّ، ثم أذَّنَ في الناس في العاشرة: أن رسول الله ﷺ حَاجٌّ، فقدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كثيرٌ، كُلُّهم يلتمس أن يَأْتمَّ برسول الله ﷺ، ويعملَ بمثلِ عملِه. فخرج رسول الله ﷺ، وخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فَوَلَدَتْ أسماءُ بنتُ عُمَيْس محَمَّدُ بنَ أبي بكر، فأرسلَتْ إلى رسول الله ﷺ: كيف أصنع؟ قال:
«اغتسلي واسْتَذْفِرِي بثوب، وأحْرِمي». فصلى رسول الله ﷺ في المسجد، ثم ركب القَصْوَاء، حتى إذا استوت به ناقته على البيداء -قال جابر: – نظرت إلى مَدِّ بصري من بين يديه؛ من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله ﷺ بين أظْهُرِنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، فما عَمِلَ به من شيء؛
٦ ‏/ ١٥١
عَمِلْنَا به- فأهَلَّ رسول الله ﷺ بالتوحيد:
«لَبَّيْكَ اللهمَّ! لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
وأهلَّ الناس بهذا الذي يُهِلُّون به، فلم يَرُدَّ عليهم رسولُ الله ﷺ شيئًا منه، ولَزِمَ رسول الله ﷺ تَلْبِيتَهُ.
قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه؛ استلم الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم تقدَّم إلى مقام إبراهيم فقرأ: (واتَّخذُوا مِنْ مَقَامِ إبراهيم مُصَلّىً)، فجعل المقام بينه وبين البيت. قال: فكان أبي يقول -قال ابن نُفَيْلٍ وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي ﷺ. قال سليمان: ولا أعلمه إلا قال-: كان رسول الله ﷺ يقرأ في الركعتين بـ: (قل هو الله أحد)، و: (قل يا أيها الكافرون)، ثم رجع إلى البيت، فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا؛ قرأ:
«(إن الصفا والمروة من شعائر الله)، نبدأ بما بدأ الله به»؛ فبدأ بالصفا، فَرَقِيَ عليه حتى رأى البيت، فكبَّرَ الله ووحَّده، وقال:
«لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو كل على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده». ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبَّتْ قدماه؛ رَمَلَ في بطن الوادي، حتى إذا صَعِدَ؛ مشى، حتى أتى المروة، فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا، حتى إذا كان آخرُ الطوافِ على المروة؛ قال:
٦ ‏/ ١٥٢
«إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لم أسُقِ الهَدْيَ، ولجعلتها عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معه هدي؛ فَلْيُحْلِلْ وليجعلْها عمرة»؛ فَحَلَّ الناسُ كلُّهم وقَصَّروا؛ إلا النبي ﷺ ومن كان معه هدي، فقام سُراقَةُ بن جُعْشُمٍ، فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فَشَبَّكَ رسول الله ﷺ أصابعه في الأخرى، ثم قال:
«دخلت العمرة في الحج هكذا (مرتين)؛ لا، بل لأبدِ أبدٍ، لا، بل لأبدِ أبدٍ». قال:
وقَدمَ علي رضي الله عنه من اليمنِ ببُدْنِ النبي ﷺ، فَوَجَدَ فاطمة رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ، ولبست ثيابًا صَبِيغًا، واكتحلت، فأنكر عَلِيٌّ ذلك عليها، وقال: مَنْ أمَرَك بهذا؟ ! فقالت: أبي. فكان علي يقول بالعراق: ذَهَبْتُ إلى رسول الله ﷺ مُحَرِّشًا على فاطمة في الأمر الذي صَنَعَتْهُ؛ مستفتيًا لرسول الله ﷺ في الذي ذكرتْ عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا؟ فقال:
«صدقت صدقت! ماذا قلتَ حين فرضْتَ الحج؟».
قال: قلت: اللهم! إني أُهل بما أَهل به رسول الله ﷺ. قال:
«فإنَّ معيَ الهَدْيَ، فلا تَحْلِلْ». قال:
وكان جماعةُ الهَدْيِ الذي قَدِمَ به عليٌّ من اليمن -والذي أتى به النبيُّ ﷺ من المدينة- مئةً. فحلَّ الناس كلُّهم وقصَّروا؛ إلا النبي ﷺ ومن كان معه هدي. قال:
فلما كان يَوْمُ التروية، ووجَّهوا إلى منى؛ أهلُّوا بالحج، فركِبَ رسول
٦ ‏/ ١٥٣
الله ﷺ، فصلى بِمِنىً: الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ، والصبحَ، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بِقُبَّةٍ له مِنْ شَعَرٍ، فَضُرِبَتْ بـ: (نَمِرَةَ)، فسار رسول الله ﷺ، ولا تَشُكُّ قريش أن رسول الله ﷺ واقفٌ عند المشعر الحرام بالمزدلفة، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله ﷺ حتى أتى عرفة، فوجد القُبَّةَ قد ضُرِبَتْ له بـ (نَمِرَةَ)، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس؛ أمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ له، فركب حتى أتى بطن الوادي، فخطب الناس فقال:
«إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا! ألا إن كُلَّ شيء من أمر الجاهلية تحت قَدَمَي موضوعٌ، ودماءَ الجاهلية موضوعة، وأولُ دم أضعُهُ دماؤُنا-: دم .. قال عثمان: دم ابن ربيعة، وقال سليمان: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقال بعض هؤلاء: كان مسترضعًا في بني سعد، فقتلته هذيل-. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضعه ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب؛ فإنهُ موضوع كلُّهُ! اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، وإنَّ لكم عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحدًا تكرهونه؛ فإن فَعَلْنَ؛ فاضربوهنَّ ضربًا غَيْرَ مُبَرِّح، ولهنَّ عليكم رِزْقُهُن وكِسْوَتُهُن بالمعروف، وإني قد تركت فيكم ما لن تَضِلُّوا بعده إن اعتَصمتم به: كتاب الله. وأنتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟».
قالوا: نشهد أنك قد بَلَّغْتَ وأدَّيْتَ ونصحت. ثم قال بأصبعه السَّبابَةِ؛ يَرْفَعُها إلى السماء، وَينْكُبُها إلى الناس:
٦ ‏/ ١٥٤
«اللهم! اشهد، اللهم! اشهد، اللهم! اشهد».
ثم أذَّنَ بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا. ثم ركب القصواء، حتى أتى الموقف، فجعل بَطْنَ ناقته القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وجعل حَبْلَ المشاة بين يديه، فاستقبل القبلة، فلم يَزَلْ واقفًا؛ حتى غَرَبَتِ الشمسُ؛ وذهبت الصُّفْرَةُ قليلًا حين غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، فدفع رسول الله ﷺ؛ وقد شَنَقَ للقصواء الزِّمَامَ، حتى إن رَأْسَها لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وهو يقول بيده اليمنى:
«السَّكِينَةَ أيها الناس! السكينةَ أيها الناس!»؛ كلما أتى حَبْلًا من الحبال؛ أرخى لها قليلًا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين -قال عثمان: ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا. ثم اتفقوا-، ثم اضطجع رسول الله ﷺ حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تَبَيَّنَ له الصبح -قال سليمان: بنداء وإقامة. ثم اتفقوا-، ثم ركب القصواء، حتى أتى المَشْعَرَ الحرام، فَرَقِيَ عليه -قال عثمان وسليمان: فاستقبل القبلة؛ فحَمِدَ الله وكبَّرَهُ وهَلَّلَهُ -زاد عثمان: ووحَّده-. فلم يزل واقفًا؛ حتى أسْفَرَ جدًّا، ثم دفع رسول الله ﷺ قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلًا حَسَنَ الشَعَرِ، أبيضَ وسيمًا، فلما دفع رسول الله ﷺ مَرَّ الظعُنُ يَجْرِينَ؛ فطَفِقَ الفَضْلُ ينظر إليهن، فوضع رسول الله ﷺ يده على وجه الفضل، وصَرَفَ الفضلُ وجهَهُ إلى الشقِّ الآخر، وحَوَّلَ رسول الله ﷺ يَدَهُ إلى الشِّقِّ الآخر، وصرف الفضلُ وجهه إلى الشِّقِّ الآخر يَنْظُرُ، حتى أتى مُحَسِّرًا، فَحَرَّكَ قليلًا، ثم سلك الطريق الوسطى الذي يخرجك إلى الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند
٦ ‏/ ١٥٥
الشجرة، فرماها بسبع حَصَيَاتٍ -يُكَبِّرُ مع كل حصاه منها- بمثل حصى الخَذْفِ، فرمى من بطن الوادي، ثم انصرف رسول الله ﷺ إلى المنحر، فنحر بيده ثلاثًا وستين، وأمر عليًّا فنحر ما غَبَرَ-يقول: ما بقي-، وأشْرَكَهُ في هَدْيِهِ، ثم أمر مِنْ كُلِّ بَدَنَة بِبَضْعَة؛ فَجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها -قال سليمانْ: ثم ركب-، ثم أفاض رسول الله ﷺ إلى البيت، فصلى بمكة الظهر؛ ثم أتى بني عبد المطلب وهم يَسْقُونَ على زَمْزَمَ، فقال:
«انْزِعُوا بني عبد المطلب! فلولا أن يَغْلِبَكُمُ الناس على سِقَايَتكُم؛ لنزعتُ معكم». فناولوه دَلْوًا فَشَرِبَ منه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الجارود بطوله).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان -وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة والشيء- قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه بطوله كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٧ – ٩) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن الجارود (٤٦٩) من طريق النفيلي وحده.
وابن ماجة (٢/ ٢٥٢ – ٢٥٨) من حديث هشام بن عمار وحده.
ومسلم (٤/ ٣٨ – ٤٣)، والدارمي (٢/ ٤٤ – ٤٩) من طرق أخرى عن حاتم بن إسماعيل … بطوله.
٦ ‏/ ١٥٦
وأخرج النسائي وأحمد وغيرهما … أطرافًا منه. وقد خرجته بتوسع في الجزء الذي كنت جمعته في حديث جابر هذا، مستوعبًا طرقه وزياداته، وهو مطبوع.

١٦٦٤ – وفي رواية عنه عن أبيه:
أن النبي ﷺ صلى الظهر والعصر بأذان واحد بعرفة -ولم يُسَبِّحْ بينهما- وإقامتين، وصلى المغرب والعشاء بِجَمْع بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسَبِّحْ بينهما.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل، والصواب أنه من مسند جابر كما في الرواية الأولى وما بعدها. وهذا القدر في «صحيح مسلم»، وابن الجارود وابن حبان عن جابر كما تقدم).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان -يعني: ابن بلال-. (ح) وثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الوهاب الثقفي -المعنى واحد- عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي ﷺ …
قال أبو داود: «هذا الحديث أسنده حاتم بن إسماعيل في الحديث الطويل. ووافق حاتم بن إسماعيل على إسناده: محمدُ بن علي الجعفي عن جعفر عن أبيه عن جابر، إلا أنه قال: فصلى المغرب والعَتَمَةَ بأذان وإقامة.
قلت: وهذا إسناد مرسل، وقد أشار المصنف إلى ترجيح رواية حاتم المسندة عن جابر، وهي المتقدمة برواية محمد بن علي الجُعْفِيِّ المعلقة، ولم أجد من وصلها!
ومحمد بن علي هذا: هو أخو الحسين بن علي الجُعْفي، كما في»تاريخ البخاري«(١/ ١ / ١٨٤)، و»الجرح والتعديل” (٤/ ١ / ٢٧)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، فقوله: وإقامة … شاذ بل منكر، والمحفوظ: وإقامتين … كما في

٦ ‏/ ١٥٧
الرواية المسندة والمرسلة.
وقد أسند الحديث: حفصُ بن غياث أيضًا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر … به نحو حديث حاتم بن إسماعيل: أخرجه مسلم.
وكذلك أسنده جماعة من الثقات، بعضهم مطولًا وبعضهم مختصرًا، ومنهم سليمان بن بلال نفسه: عند أحمد (٣/ ٣٤٠ و٣٩٤).
فلا يُعِلُّهُ تقصير من قصر فيه فأرسله.

١٦٦٥ – وفي أخرى عن جابر قال: ثم قال النبي ﷺ:
«قَدْ نَحَرْت ها هنا، ومنِىً كلُّها مَنْحَرٌ». ووقف بعرفة فقال:
«قد وقفت ها هنا، وعرفة كلُّها مَوْقِفٌ»، ووقف بالمزدلفة فقال:
«قد وقفت ها هنا، ومزدلفة كلُّها مَوْقِفٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الجارود).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا جعفر: ثنا أبي عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث في «المسند» (٣/ ٣٢٠ – ٣٢١) … بهذا الإسناد مطولًا.
وكذلك رواه ابن الجارود (٤٦٥).
وأخرج منه النسائي (٢/ ٤٥ و٤٨): «عرفة كلها موقف»، و«المزدلفة كلها موقف» كلاهما من طريق يحيى بن سعيد … به.

٦ ‏/ ١٥٨
وتابعه على هذه الرواية -بجميع فقراتها- حفص بن غياث: عند مسلم، وقد تقدم آنفًا.
وكذلك رواه البيهقي؛ وعنده الزيادة الآتية.

١٦٦٦ – زاد في رواية:
«فانْحَرُوا في رحالكم».
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حفص بن غياث عن جعفر … بإسناده؛ زاد …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١١٥ و١٧٠) من طريقين آخرين عن مسدد … به.
وأخرجه مسلم (٤/ ٤٣): حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي … به.

١٦٦٧ – وفي أخرى عن جابر … فذكر الحديث؛ وأدرج في الحديث -عند قوله: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) -: قال: فقرأ فيهما بالتوحيد و(قل يا أيها الكافرون). وقال فيه: قال علي رضي الله عنه بالكوفة- قال أبي: هذا الحرف لم يذكره جابر-: فذهبت محرِّشًا … وذكر قصة فاطمة رضي الله عنها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بنحوه، وليس فيه

٦ ‏/ ١٥٩
الإدارج المذكور إلا في قصة فاطمة، وهو الأرجح، وقد مضى في الكتاب برقم (١٦٦٣».
إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا يحيى بن سعيد القطان عن جعفر: حدثني أبي عن جابر … فذكر هذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه أحمد وابن الجارود عن يحيى بن سعيد؛ كما تقدم برقم (١٦٦٥)، وفيه عندهما معنى الإدارج الذي صرح به المؤلف رحمه الله، والإدراج في قصة التحريش تقدم أيضًا في حديث حاتم ابن إسماعيل (١٦٦٣).
وأما القراءة في الركعتين؛ فلم يدرجها، بل قال جعفر بن محمد بن علي: فكان أبي يقول: ولا أعلم ذكره إلا عن النبي ﷺ.
وهذا أقرب إلى الجزم برفعه إلى النبي ﷺ من الشك فيه؛ لأن العلم ينافي الشك كما قال النووي.
ويؤيده أن مالكًا جزم به فقال: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر … بلفظ:
قرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، فصلى ركعتين، فقرأ فاتحة الكتاب و: (قل يا أيها الكافرون) و: (قل هو الله أحد).
أخرجه النسائي (٢/ ٤٠)، والبيهقي (٥/ ٩١).
ورواه الترمذي (٨٦٩) من طريق آخر عن جعفر … به.
٦ ‏/ ١٦٠
٥٨ – باب الوقوف بعرفة
١٦٦٨ – عن عائشة قالت:
كانت قريش ومَنْ دَانَ لِينَهَا يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسَمَّوْنَ (الحُمْسَ)، وكان سائرُ العربِ يقفون بعرفة. قالت: فلما جاء الإسلام؛ أمر الله تعالى نَبِيَّهُ ﷺ أن يأتي عرفاتِ، فيقف بها، ثم يُفِيضَ منها، فذلك قوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيثُ أفاض الناسُ).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا هَنَّاد عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هَنَّاد -وهو ابن السَّرِيِّ التميمي الكوفي-، فهو على شرط مسلم، وقد أخرجه هو والبخاري على ما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٤٣)، والنسائي (٢/ ٤٥)، والبيهقي (٥/ ١١٣) من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
ومسلم أيضًا، والبخاري (٨/ ١٥٠)، والترمذي (٨٨٤) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، وابن حبان (١٧٢٠ – موارد)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به؛ ولفظ ابن حبان: منى .. مكان: المزدلفة! وهو شاذ.
٦ ‏/ ١٦١
٥٩ – باب الخروج إلى منى
١٦٦٩ – عن ابن عباس قال:
صلى رسول الله ﷺ الظهر يوم التروية، والفجر يوم عرفة بمنى.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط البخاري»، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا الأحوص بن جَوَاب الضبيُّ: ثنا عمار بن رُزَيْقٍ عن سليمان الأعمش عن الحكم عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ وقد أعل بما لا يقدح عندي كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٨٨٠)، والدارمي (٢/ ٥٤)، والحاكم (١/ ٤٦١)، وأحمد (١/ ٢٩٧ و٣٠٣) من طرق أخرى عن الأعمش … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط البخاري»، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
وأما الترمذي؛ فأعله بقوله:
«قال علي بن المديني: قال يحيى: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أشياء. وعَدَّها، وليس هذا الحديث فيما عَدَّ شعبة»!
قلت: قد قال أحمد:
«وأما غير ذلك؛ فأخذها من كتاب».
قلت: وما أظن الكتاب في ذلك الزمان إلا موثوقًا. على أن للحديث طريقًا أخرى من رواية إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس … نحوه.
٦ ‏/ ١٦٢
رواه الترمذي وابن ماجة (٢/ ٢٣٥)؛ وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
وله شاهد عن ابن عمر: رواه أحمد (٢/ ١٢٩) -مفرقًا- بسند حسن، ويأتي في الكتاب بعد حديث؛ دون ذكر صلاة الظهر في منى.
وهذا القدر: في حديث جابر الطويل المتقدم (١٦٦٣).
وآخر من حديث عبد الله بن الزبير، صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

١٦٧٠ – عن عبد العزيز بن رُفَيْعٍ قال: سألت أنس بن مالك قلت:
أخْبِرْنِي بشيء عَقَلْتَه عن رسول الله ﷺ، أين صلى رسول الله ﷺ الظهر يوم التروية؟ فقال: بمنى.
قلت: فأين صلى العصر يوم النَّفْرِ؟ قال: بالأبطح. ثم قال: افعل كما يفعل أُمراؤك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا إسحاق الأزرق عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن إبراهيم -وهو الدَّوْرَقِي-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ١٠٠): ثنا إسحاق … به.
ومن طريقه: أخرجه الدارمي (٢/ ٥٥).

٦ ‏/ ١٦٣
ثم أخرجه هو، والبخاري (٣/ ٣٩٩ و٤٦٦)، ومسلم (٤/ ٨٤ – ٨٥)، والترمذي (٩٦٤) – وقال: «حديث حسن صحيح»-، والنسائي (٢/ ٤٤)، والبيهقي (٥/ ١١٢)، وابن الجارود (٤٩٤)، وأبو يعلى (٧/ ١٠٦ – ١٠٧) من طريق أخرى عن إسحاق بن يوسف الأزرق … به.

٦٠ – باب الخروج إلى عرفة
١٦٧١ – عن ابن عمر قال:
غدا رسول الله ﷺ من منى حين صلى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يومِ عرفة، حتى أتى عرفة، فنزل بِنَمِرَةَ، وهي مَنْزِلُ الإمام الذي ينزل به بعرفة، حتى إذا كان عند صلاة الظهر؛ راح رسول الله ﷺ مُهَجِّرًا، فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، كما في هذا الحديث.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٢٩) … بهذا السند والمتن.
ثم ساق به بعده إلى ابن عمر:
أنه كان يحب -إذا استطاع- أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية، وذلك أن رسول الله ﷺ صلى الظهر بمنى.

٦ ‏/ ١٦٤
٦١ – باب الرَّوَاح إلى عرفة
١٦٧٢ – عن ابن عمر قال:
لما قَتَلَ الحَجَّاجُ ابنَ الزُبَيْرِ؛ أرسل إلى ابن عمر: أيةَ ساعةٍ كان رسول الله ﷺ يروح في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذاك رُحْنَا. فلما أراد ابن عمر أن يروح؛ قالوا: لم تَزِغِ الشمس! قال: أزاغت؟ قالوا: لم تَزِغ! قال: فلما قالوا: قد زاغت؛ ارتحل.
(قلت: حديث حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا نافع بن عمر عن سعيد بن حسان عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن حسان؛ فلم يوثقه غير ابن حبان، وقد روى عنه أيضًا إبراهيم بن نافع الصائغ. فمثله قد يحسن حديثه؛ لا سيما في الشواهد والمتابعات، والحديث الذي قبله مما يشهد له.
وكذلك حديث ابن الزبير قال: مِنْ سُنَّةِ الحج: أن يصليَ الإمام الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ الآخرةَ والصبحَ بمنىً، ثم يغدوَ إلى عرفة فيقيلَ حيث قُضِيَ له، حتى إذا زالت الشمس؛ خطب الناس: ثم صلى الظهر والعصر جميعًا، ثم وقف بعرفات … الحديث.
أخرجه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وقد تقدم قريبًا.
والحديث في «المسند» (٢/ ٢٥) … سندًا ومتنًا؛ إلا أنه سقط من السند ذكر وكيع، ومن المتن بعض الأحرف.
وأخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٣٦) من طريق أخرى عن وكيع … به.
٦ ‏/ ١٦٥
٦٢ – باب الخطبة على المنبر بعرفة
١٦٧٣ – عن نُبَيْطٍ:
أنه رأى النبي ﷺ واقفًا بعرفة على بعير أحمر يخطب.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن سلمة بن نُبَيْطٍ عن رجل من الحي عن أبيه نُبَيْطٍ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سلمة بن نُبَيْطٍ، وهو ثقة.
لكن شيخه لم يُسَمَّ؛ فهو مجهول؛ إلا أن جماعة من الثقات قد رووه عن سلمة عن أبيه؛ لم يدخلوا بينهما أحدًا، وهو المحفوظ.
والحديث أخرجه البخاري في «التاريخ» (٤/ ١٣٧)، والنسائي (٢/ ٤٥) -عن سفيان؛ وهو الثوري-، والنسائي -عن ابن المبارك-، وأحمد (٤/ ٣٠٥) -عن وكيع وعبد الحميد بن عبد الرحمن أبي يحيى الحِمَّاني وسالم بن أبي الجعد- خمستهم قالوا: عن سلمة بن نُبَيْطٍ عن أبيه … به.
فهو إسناد صحيح.

١٦٧٤ – عن خالد بن العَدَّاء بن هَوْذَةَ قال:
رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس يوم عرفة على بعير؛ قائمٌ في الرِّكابَيْنِ.
(قلت: إسناده صحيح).

٦ ‏/ ١٦٦
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَّريِّ وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا وكيع عن عبد المجيد قال: حدثني العَدَّاء بن خالد بن هَوْذَةَ -قال هناد: عن عبد المجيد أبي عمرو قال: حدثني خالد بن العداء بن هوذة-.
قال أبو داود: «رواه ابن العلاء عن وكيع كما قال هناد. حدثنا عباس بن عبد العظيم: ثنا عثمان بن عمر: ثنا عبد المجيد أبو عمرو عن العداء بن خالد … بمعناه».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
وقد أخرجه أحمد (٥/ ٣٠) عن وكيع … به مثل رواية هناد.

٦٣ – باب موضع الوقوف بعرفة
١٦٧٥ – عن يزيد بن شيبان قال:
أتانا ابن مِرْبَعٍ الأنصاري ونحن بعرفة -في مكان يباعده عمرو عن الإمام، – فقال: إني رسولُ رسولِ اللهِ ﷺ إليكم، يقول لكم:
«قِفُوا على مشاعركم؛ فإنكم على إِرْثٍ من إِرْثِ أبيكم إبراهيم».
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا ابن نُفَيْلٍ: ثنا سفيان عن عمرو -يعني: ابن دينار- عن عمرو ابن عبد الله بن صفوان عن يزيد بن شيبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عمرو بن عبد الله بن صفوان، وهو ثقة.

٦ ‏/ ١٦٧
ويزيد بن شيبان صحابي معروف.
وابن نفيل: اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيْلٍ الحَرَّاني.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ١٣٧): ثنا سفيان … به.
وأخرجه الترمذي (٨٨٣)، والنسائي (٢/ ٤٥)، وابن ماجة (٢/ ٢٣٧)، والحاكم (١/ ٤٦٢) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وقال الحاكم.
«صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي.

٦٤ – بابُ الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ
١٦٧٦ – عن ابن عباس قال:
أفاض رسول الله ﷺ من عرفة؛ وعليه السَّكِينةُ، ورديفُه أسامةُ، وقال:
«أيُّها الناس! عليكم بالسكينة؛ فإنَّ البِرَّ ليس بإيجاف الخيل والإبل». قال: فما رأيتها رافعةً يديها عادِيَة حتى أتى جمعًا -زاد وهب: ثم أرْدف الفضل بن العباس، وقال:
«أيها الناس! إن البِرَّ ليس بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة».
قال: فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى-.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي. ورواه البخاري مختصرًا).

٦ ‏/ ١٦٨
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن الأعمش. (ح) وحدثنا وهب ابن بَيَان: ثنا عَبِيدَةُ: ثنا سليمان الأعمش -المعنى- عن الحكم عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من الوجهين؛ ورجال الوجه الأول رجال البخاري.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١١٩) من طريق آخر عن محمد بن كثير … به.
وأخرجه الحاكم (١/ ٤٦٥)، وأحمد (١/ ٢٦٩)، والحميدي (٥٧٧) من طرق أخرى عن سفيان.
وأحمد (١/ ٢٣٥ و٢٥١ و٢٧٧ و٣٥٣) من طرق أخرى عن الأعمش … به.
وأخرجه البخاري (٣/ ٤١١) -من طريق سعيد بن جبير-، والنسائي (٢/ ٤٦)، وأحمد (١/ ٢١١) -عن عطاء- كلاهما عن ابن عباس … مختصرًا.
ورواه النسائي (٢/ ٤٦) من طريق قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس أن أسامة بن زيد قال … فذكره نحوه مختصرًا؛ وفيه: وهو يقول:
«يا أيها الناس! عليكم بالسكينة والوقار؛ فإن البر ليس في إيضاع الإبل».
وإسناده جيد.
وأخرجه أحمد (٥/ ٢٠٢) من طريق ابن إسحاق: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن أسامة بن زيد … به.
وإسناده حسن. وقد أخرجه المصنف من طريق أحمد، ولكنه لم يسق لفظه بتمامه، وهو الآتي برقم (١٦٨٠).
٦ ‏/ ١٦٩
١٦٧٧ – عن كُرَيْبٍ: أنه سأل أسامة بن زيد:
قلت: أخْبِرْنِي كيف فعلتم -أو صنعتم- عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رسول الله ﷺ؟
قال: جئنا الشِّعْبَ الذي يُنِيخُ فيه الناس للمُعَرَّسِ، فأناخ رسول الله ﷺ ناقته، ثم بال وما -قال زهير- أهراق الماء، ثم دعا بالوَضُوءِ، فتوضأ وُضُوءًا ليس بالبالغ جدًّا. قلت: يا رسول الله! الصلاةَ؟ ! قال:
«الصلاةُ أمامك». قال: فركب حتى قدمنا المزدلفة، فأقام المغرب، ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يَحِلُّوا حتى أقام العشاء وصلى، ثم حَلَّ الناس -زاد محمد في حديثه: قال: قلت: كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال: رَدِفَهُ الفضل، وانطلقت أنا في سُبَّاقِ قريش على رِجْلَيَّ-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بتمامه، والبخاري مختصرًا).
إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير. (ح) وثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان -وهذا لفظ حديث زهير-: ثنا إبراهيم بن عقبة: أخبرني كُرَيْبٌ: أنه …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير إبراهيم بن عقبة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٢٢) من طريق المصنف.
ومسلم (٤/ ٧٣)، والدارمي (٢/ ٥٧)، وأحمد (٥/ ١٩٩ – ٢٠٠) من طرق أخرى عن زهير أبي خيثمة … به.
وأخرجه النسائي (٢/ ٤٦)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٠)، والبيهقي (٥/ ١١٩)،
٦ ‏/ ١٧٠
وأخرجه النسائي (٢/ ٤٦)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٠)، والبيهقي (٥/ ١١٩)، وأحمد (٥/ ٢١٠) من طرق أخرى عن سفيان -وهو الثوري- … به مختصرًا.
ثم أخرجه مسلم والدارمي والنسائي (٢/ ٤٧)، وأحمد أيضًا (٥/ ٢٠٠ و٢١٠)، والبيهقي من طرق أخرى عن إبراهيم بن عقبة … به.
وقد رواه عنه ابن إسحاق أيضًا. وتابعه أخوه موسى بن عقبة، ويأتيان في الكتاب قريبًا.
وتابعهما محمد بن أبي حرملة عن كريب … ببعض اختصار.
أخرجه البخاري (٣/ ٤٠٩)، والبيهقي، ومسلم (٤/ ٧٠)، والحميدي (٥٤٨) -وقرن معه إبراهيم بن عقبة-.

١٦٧٨ – عن علي قال:
ثم أردف أسامة، فجعل يُعْنِقُ على ناقته، والناس يَضْرِبُونَ الإبل يمينًا وشمالًا، لا يلتفت إليهم، ويقول:
«السكينةَ أيها الناس!»، ودفع حين غابت الشمس.
(قلت: إسناده حسن، لكن قوله: لا يلتفت … شاذ، والمحفوظ: يلتفت … وهو رواية الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». وأخرجه الضياء المقدسي في «المختارة»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن عبد الرحمن ابن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف في حفظ ابن عياش -وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي المدني-؛ قال الحافظ:

٦ ‏/ ١٧١
«صدوق له أوهام».
وزيد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، وهو الذي ينسب إليه الزيدية.
والحديث في «مسند أحمد» (١/ ١٥٧) … بهذا الإسناد مطولًا، كما يشير إليه المصنف بقوله: ثم قال … وسيأتي في الباب بعده طرف آخر منه.
ثم أخرجه أحمد (١/ ٧٥ – ٧٦)، والترمذي (٨٨٥)، والبيهقي (٥/ ١٢٢) من طريق أبي أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير: حدثنا سفيان … بطوله؛ إلا أنه قال: يلتفت إليهم .. دون (لا) النافية؛ إلا في نسخة من «البيهقي»! والصواب النسخة الأخرى؛ لمطابقتها لرواية أحمد والترمذي.
وكذلك في رواية ابنه عبد الله في «زوائده» (١/ ٧٦ و٨١) عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ومسلم بن خالد الزنجي؛ كلاهما عن عبد الرحمن ابن الحارث … به؛ بلفظ:
وهو يلتفت ويقول.
وهذا هو الصواب؛ لاتفاق هؤلاء الرواة عليه؛ خلافًا لرواية يحيى بن آدم؛ فإنها شاذة عندي. والله أعلم.

١٦٧٩ – عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال:
سُئِلَ أسامة بن زيد وأنا جالس: كيف كان رسول الله ﷺ يسير في حجة الوداع حين دَفَعَ؟ قال:
كان يَسِيرُ العَنَقَ، فإذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ.
قال هشام: النَّصُّ: فوقَ العَنَقِ.

٦ ‏/ ١٧٢
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٥١) … سندًا ومتنًا.
وعنه: أخرجه البخاري (٣/ ٤٠٧)، والنسائي (٢/ ٤٩).
ثم أخرجه البخاري (٦/ ١٠٤ و٨/ ٨٩)، ومسلم (٤/ ٧٤)، والنسائي (٢/ ٤٦)، والدارمي (٢/ ٥٧)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٠)، والبيهقي (٥/ ١١٩)، وأحمد (٥/ ٢٠٢ و٢٠٥ و٢١٠)، والحميدي (٥٤٣) من طرق أخرى عن هشام … به.
وتابعه إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد … به؛ دون تفسير هشام.
أخرجه أحمد (٥/ ٢٠٢) بسند حسن، وهو الآتي في الكتاب بعده.

١٦٨٠ – عن أسامة قال:
كنت رِدْفَ النبيِّ ﷺ، فلما وقعت الشَّمْسُ؛ دَفَعَ رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب عن أسامة.
قلت: وهذا إسناد حسن.

٦ ‏/ ١٧٣
وهو في «المسند» (٥/ ٢٠٢) … بأتم منه؛ وفيه سير النَّصِّ الذي أشرت إليه آنفًا.

١٦٨١ – عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة بن زيد: أنه سمعه يقول:
دفع رسول الله ﷺ من عرفة، حتى إذا كان بالشِّعبِ؛ نزل فبال، فتوضأ ولم يُسْبغِ الوُضوء. قلت له: الصلاة؟ فقال:
«الصلاة أمامك»؛ فركب، فلما جاء المزدلفة؛ نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كلُّ إنسان بعيرَهُ في منزله، ثم أقيمت الصلاة، فصلاها، ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وعبد الله بن مسلمة: هو القعنبي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٥٥) … سندًا ومتنًا.
وعنه أيضًا: أخرجه البخاري (٣/ ٤١١)، ومسلم (٤/ ٧٣)، والبيهقي (٥/ ١٢٢) -وقد رواه من طرق عنه منها القعنبي-، وأحمد (٥/ ٢٠٨).
وقد تابعه إبراهيم بن عقبة أخو موسى بن عقبة: عند مسلم وغيره، وقد مضى حديثه في الكتاب قريبًا (١٦٧٧).

٦ ‏/ ١٧٤
٦٥ – باب الصلاة بِجَمْعٍ
١٦٨٢ – عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله ﷺ صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٥٥).
ومن طريقه: أخرجه أيضًا مسلم (٤/ ٧٥)، والبيهقي (٥/ ١٢٠)، وأحمد (٢/ ٦٢ و١٥٢) من طرق أخرى عن مالك … به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما عن غير مالك، كما يأتي بعده.

١٦٨٣ – وفي رواية ثانية … بإسناده ومعناه؛ وقال:
بإقامة إقامة؛ جمع بينهما.
قال أحمد: قال وكيع: صلى كُلَّ صلاة بإقامة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد آخر بلفظ: صلاها بإقامة واحدة .. وهو شاذ لمخالفته لهذه الرواية، ولحديث جابر الطويل المتقدم (١٦٦٣)، وهي التي لم يرو البخاري غيرها عن ابن عمر، وهي الآتية).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن

٦ ‏/ ١٧٥
الزهري … بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد بن خالد -وهو الخَيَّاط القرشي-، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي في الرواية التالية.
والحديث في «المسند» (٢/ ١٥٧) … بهذا السند والمتن؛ دون قوله: قال وكيع …
واعلم أن هذا الحديث -مع صحته- قد اضطرب الرواة في ضبط أمرين منه:
الأول: هل الإقامة كانت لكل من صلاتي المغرب والعشاء -كما في هذه الرواية- أم لهما معًا -كما في الروايات الآتية-؟ !
والآخر: هل أذَّنَ لهما أم لا؟ فمنهم من نفى -كما في الرواية الثالثة-، ومنهم من أثبت -كما في الرواية الثامنة-.
والصواب من ذلك كله: الأذان والإقامتان؛ لموافقةِ الروايات المثبتة لذلك حديثَ جابر الطويل المتقدم برقم (١٦٦٣)، ولأن رواية الإقامتين -وهي الثالثة- هي التي لم يعتمد غيرها الإمام البخاري، فلم يخرج سواها.
ويشهد لها حديث أسامة بن زيد المتقدم برقم (١٦٧٧ و١٦٨١)؛ ففيه التصريح بالإقامتين. وقد فصل الإمام ابن القيم في «تهذيب السنن» (٢/ ٤٠٠ – ٤٠٢) القول في اضطراب هذا الحديث، وأقوال العلماء في المسألة، وانتهى إلى القول:
“والصحيح في ذلك كله: الأخذ بحديث جابر، وهو الجمع بينهما بأذان وإقامتين؛ لوجهين اثنين:
٦ ‏/ ١٧٦
أحدهما: أن الأحاديث سواه مضطربة، فهذا حديث ابن عمر في غاية الاضطراب … (ثم بين ذلك بيانًا شافيًا، ثم قال).
الوجه الثاني: أنه قد صح من حديث جابر في جمعه ﷺ بعرفة: أنه جمع بينهما بأذان وإقامتين، ولم يأت في حديث ثابت قط خلافه. والجمع بين الصلاتين بمزدلفة كالجمع بينهما بعرفة، لا يفترقان إلا في التقديم والتأخير، فلو فرضنا تدافع أحاديث الجمع بمزدلفة؛ لأخذنا حكم الجمع من عرفة».

١٦٨٤ – وفي رواية ثالثة … بإسناده ومعناه؛ قال:
بإقامة واحدة لكل صلاة، ولم ينادِ في الأولى، ولم يُسَبِّحْ على إِثْرِ واحدة منهما.
قال مَخْلَدٌ: لم يُنَادِ في واحدة منهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري؛ لكن ليس عنده: لم يُنَادِ … وهو الصواب؛ لشذوذه ومخالفته للرواية الثامنة، وحديث جابر المشار إليه آنفًا؛ فقد ثبت فيهما الأذان).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا شَبَابَةُ. (ح) وحدثنا مَخْلَدُ بن خالد -المعنى-: أخبرنا عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري … بإسناد ابن حنبل عن حماد ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤١١)، والنسائي (٢/ ٤٧)، والدارمي (٢/ ٥٨)، والطحاوي (١/ ٤١٠)، والبيهقي (٥/ ١٢٠)، وأحمد (٢/ ٥٦) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب … به؛ وليس عند البخاري والدارمي قوله: لم يناد …

٦ ‏/ ١٧٧
وهو الصواب كما ذكرته في الأعلى.
وفي رواية النسائي وأحمد شذوذ آخر؛ فإنه ليس عندهما: لكل صلاة!

١٦٨٥ – وفي رابعة من طريق ثانية عن عبد الله بن مالك قال:
صَلَّيْتُ مع ابن عمر: المغربَ ثلاثًا والعشاءَ ركعتين. فقال له مالك بن الحارث: ما هذه الصلاة؟ !
قال: صليتها مع رسول الله ﷺ في هذا المكان بإقامة واحدة.
(قلت: إسناده مقبول؛ لكن قوله: بإقامة واحدة .. شاذ، والمحفوظ بزيادة: لكل صلاة .. كما في الرواية التي قبلها).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن مالك -وهو ابن الحارث الهَمْدَانِيُّ-؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه أيضًا أبو رَوْقٍ الهَمْدَاني؛ وقد توبع كما في الرواية الآتية.
والحديث أخرجه الترمذي (٨٨٧)، والطحاوي (١/ ٤١٠)، وأحمد (٢/ ١٨) من طرق أخرى عن سفيان الثوري … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح»!
كذا قال! وقد عرفت مما تقدم أنه شاذ.
وتابعه شعبة عن أبي إسحاق … به: رواه الطحاوي وأحمد (٢/ ٧٨).

٦ ‏/ ١٧٨
١٦٨٦ – وفي خامسة من طريق ثالثة عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك قالا:
صلينا مع ابن عمر بالمزدلفة: المغرب والعشاء بإقامة واحدة … فذكر معنى حديث ابن كثير.
(قلت: يعني: الذي قبله؛ وقد عرفت ما فيه من الشذوذ).
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا إسحاق -يعني: ابن يوسف- عن شَرِيكٍ عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك.
قلت: إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في شريك -وهو ابن عبد الله القاضي-؛ لكنه قد توبع كما تقدم ويأتي.
وشريك قد تابعه سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك، كما تقدم آنفًا.
وتابعه إسماعيل بن أبي خالد في روايته عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير، كما في الرواية الآتية.
وتوبع أبو إسحاق في روايته عن سعيد بن جبير من سَلَمَةَ بن كُهَيْلٍ وغيره، كما يأتي بيانه في الرواية السابعة.

١٦٨٧ – وفي رواية سادسة عن سعيد بن جبير قال:
أفَضْنَا مع ابن عمر، فلما بَلَغْنَا جَمْعًا؛ صلى بنا المغرب والعشاء بإقامة واحدة ثلاثًا واثنتين؛ فلما انصرف قال لنا ابن عمر:
هكذا صلى بنا رسول الله ﷺ في هذا المكان.

٦ ‏/ ١٧٩
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ لكن قوله: بإقامة واحدة .. شاذ كما سبق).
إسناده: حدثنا ابن العلاء: ثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٧٥)، والترمذي (٨٨٨) من طريق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد … به.
وأبو إسحاق: هو السَّبِيعِيُّ، وقد توبع كما في الرواية الآتية.

١٦٨٨ – وفي رواية سابعة من طريق سَلَمَةَ بن كُهَيلٍ قال:
رأيت سعيد بن جبير أقام بِجَمْعٍ، فصلى المغرب ثلاثًا، ثم صلى العشاء ركعتين، ثم قال: شهدت ابن عمر صنع في هذا المكان مثل هذا، وقال:
شهدت رسول الله ﷺ صنع مثل هذا في هذا المكان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ وفيه الشذوذ السابق).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني، سَلَمَةُ بن كُهَيْلٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٧٥)، والطحاوي (١/ ٤١٠)، وأحمد (٢/ ٦٢) من

٦ ‏/ ١٨٠
طريق أخرى عن شعبة قال: أخبرني الحكم بن عُتَيْبَةَ وسَلَمَةُ بن كهيل معًا … بلفظ: بإقامة .. زاد مسلم: واحدة.
وتابعه الثوري عن سلمة بن كهيل … به: أخرجه مسلم والنسائي (٢/ ٤٧).
وفي رواية لأحمد (٢/ ٨١) من طريق شعبة عن الحكم وحده؛ بلفظ: أقام بجمع -قال: وأحسبه- وأذَّنَ فصلى المغرب …
وقد جزم أبو بشر عن سعيد بن جبير بالأذان: عند الطحاوي من فعل ابن عمر. وقال الطحاوي:
«ومُحَالٌ أن يكون أدخل في ذلك أذانًا؛ إلا وقد علمه من رسول الله ﷺ».

١٦٨٩ – وفي ثامنة من طريق أشْعَثَ بن سُلَيْمٍ عن أبيه قال:
أقبلت مع ابن عمر من عرفات إلى المزدلفة، فلم يكن يَفْتُرُ من التكبير والتهليل؛ حتى أتينا المزدلفة؛ فأذن وأقام، أو أمر إنسانًا فأذن وأقام، فصلى بنا المغرب ثلاث ركعات، ثم التفت إلينا فقال: الصلاة، فصلى بنا العشاء ركعتين، ثم دعا بعَشائه.
قال: وأخبرني عِلاجُ بن عمرو … بمثل حديث أبي عن ابن عمر.
قال: فقيل لابن عمر في ذلك؟ ! فقال:
صليت مع رسول الله ﷺ هكذا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري من الوجه الأول؛ وفيه إثبات الأذان للصلاتين؛ خلافًا للرواية الثالثة، وهو المحفوظ كما سبق هناك. وأما قوله: الصلاة .. مكان الإقامة الثانية؛ فشاذ أيضًا، والمحفوظ الإقامة مرة أخرى

٦ ‏/ ١٨١
كما مضى).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أشعث بن سليم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده.
وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء.
وأبوه: اسمه سليم بن أسود بن حنظلة المحاربي الكوفي.
وأبو الأحوص: اسمه سَلام بن سُلَيْمٍ الحنفي -مولاهم- الكوفي.
وأما علاج بن عمرو -وهو الشيخ الثاني لأشعث بن سليم في هذا الحديث-؛ فلا يعرف، كما قال الذهبي. وذكره ابن حبان في «الثقات»! وروى عنه أبو صخرة جامع بن شَدَّادٍ أيضًا.
قلت: فمثله يستشهد به؛ بل أن بعضهم ليحتج به لو تفرد.
وقد اتفق هو وسليم أبو الشعثاء على إثبات الأذان في المزدلفة؛ خلافًا للروايات السابقة، وهو الموافق لحديث جابر كما سبق؛ بخلاف قوله: الصلاة .. بدل: الإقامة! فشاذ.

١٦٩٠ – عن ابن مسعود قال:
ما رأيت رسول الله ﷺ صلى صلاة إلا لوقتها؛ إلا بجمع؛ فإنه جمع بين المغرب والعشاء بِجَمْعٍ، وصلى صلاة الصبح من الغَدِ قبل وقتها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).

٦ ‏/ ١٨٢
إسناده: حدثنا مسدد أن عبد الواحد وأبا عوانة وأبا معاوية حدثوهم عن الأعمش عن عُمَارَةَ عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٨٤): ثنا أبو معاوية … به.
وأخرجه مسلم (٤/ ٧٦)، والنسائي (٢/ ٤٧) من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
والبخاري (٣/ ٤١٧)، ومسلم أيضًا، والبيهقي (٥/ ١٢٤)، وأحمد (١/ ٤٢٦ و٤٣٤)، والحميدي (١١٤) من طرق أخرى عن الأعمش … به.

١٦٩١ – عن علي:
فلمَّا أصبح -يعني: النبي ﷺ ووقف على قُزَحَ؛ فقال:
«هذا قُزَحُ، وهو الموقف، وجَمْعٌ كلها موقف. ونحرت ها هنا، ومنى كلها مَنْحَرٌ؛ فانحروا في رحالكم».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الترمذي والضياء المقدسي كما تقدم (١٦٧٨».
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن عبد الرحمن ابن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ وقد مضى الكلام عليه قريبًا برقم (١٦٧٨).
وروى ابن ماجة (٣٠١٠): جملة الوقوف في عرفة.

٦ ‏/ ١٨٣
١٦٩٢ – عن جابر: أن النبي ﷺ قال:
«وقفت ها هنا بعرفة؛ وعرفة كلها موقف. ووقفت ها هنا بجَمْعٍ؛ وجمع كلها موقف، ونحرت ها هنا؛ ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم».
(إسناده: صحيح، وقد مر بالجملة الأخيرة منه ١٦٦٦).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد مضى من طريق آخر عن جعفر (١٦٦٥).
والجملة الأخيرة منه: بهذا الإسناد (١٦٦٦).

١٦٩٣ – ومن طريق أخرى عنه: أن رسول الله ﷺ قال:
«كل عرفة موقف، وكل مِنىً مَنْحَرٌ، وكل المزدلفة موقف، وكل فِجَاجِ مكَّةَ طريقٌ ومَنْحَرٌ».
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء قال: حدثني جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أسامة بن زيد -وهو الليثي-، فهو من رجال مسلم؛ على ضعف في حفظه، لكن تقويه الطريق التي قبله.
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٥٦ – ٥٧)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٧)، وأحمد

٦ ‏/ ١٨٤
(٣/ ٣٢٦) من طرق أخرى عن أسامة بن زيد … به.

١٦٩٤ – عن عمر بن الخطاب قال:
كان أهل الجاهلية لا يُفِيضونَ حتى يَرَوا الشمس على ثَبِيرٍ، فخالفهم النبي ﷺ، فدفع قبل طلوع الشمس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا ابن كثير: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق -وهو السبيعي- وإن كان اختلط؛ فقد سمع منه سفيان -وهو الثوري- قبل الاختلاط، وقد صَرَّحَ في رواية شعبة الآتية بالتحديث.
والحديث أخرجه الطحاوي (١/ ٤١٣)، وأحمد (١/ ٢٩ و٣٩ و٤٢ و٥٤) من طرق أخرى عن سفيان … به؛ وزاد في رواية.
وكانوا يقولون: «أشرق ثَبِيرُ! كيما نُغِير».
وتابعه شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرو بن ميمون … به: أخرجه البخاري (٣/ ٤١٨)، والنسائي (٢/ ٤٨ – ٤٩)، والطيالسي (١/ ٢٢٢)، وعنه الترمذي (٨٩٦)، وكذا البيهقي (٥/ ١٢٤)، وأحمد (١/ ١٤ و٥٠).
ورواه الدارمي (٢/ ٥٩)، وابن ماجة (٢/ ٢٤١)، والطحاوي من طريقين آخرين عن أبي إسحاق.

٦ ‏/ ١٨٥
٦٦ – باب التعجيل مِنْ جَمْعٍ
١٦٩٥ – عن ابن عباس قال:
أنا ممن قَدَّمَ رسول الله ﷺ ليلة المزدلفة في ضَعَفَةِ أهله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «المسند» (١/ ٢٢٢)؛ وإسناده ثلاثي.
وكذلك أخرجه الحميدي (٤٦٣)، والشافعي (١٠٧٧).
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة … به.
وله طرق أخرى عن ابن عباس، خرجتها كلها في «الإرواء» (١٠٧٦).

١٦٩٦ – وعنه قال:
قَدَّمنَا رسولُ الله ﷺ ليلةَ المزدلفةِ -أُغيْلِمَةَ بني عبد المطلب- على حُمُرَاتٍ، فجعل يَلْطَحُ أفخاذنا ويقول:
«أُبَيْنِيَّ! لا ترموا الجَمْرَةَ حتى تطلع الشمس».
قال أبو داود: «اللَّطْحُ: الضرب الليِّنُ».
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان قال: حدثني سلمة بن كهيل عن الحسن العُرَنِيِّ عن ابن عباس.

٦ ‏/ ١٨٦
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ العرني لم يسمع من ابن عباس.
لكنه قد صح من رواية مقسم عن ابن عباس: عند الترمذي وغيره.
وتابعه عطاء عن ابن عباس، وقد خرجت ذلك كله في المصدر السابق.

١٦٩٧ – ومن طريق أخرى عنه قال:
كان رسول الله ﷺ يُقَدِّمُ ضعفاء أهله بغَلَسٍ؛ ويأمرهم -يعني: – لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس.
(قلت: حديث صحيح بمجموع طريقيه، وله طريق ثالث صحيح: عند الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح»، وصححه ابن حبان وحسنه الحافظ).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا الوليد بن عقبة: ثنا حمزة الزَّيَّاتُ عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عباس.
وهذا إسناد رجاله ثقات، ولولا عنعنة حبيب؛ لصححته؛ لكن الحديث صحيح بطريقيه المتقدمين.

١٦٩٨ – عن عطاء:
أخبرني مُخْبِرٌ عن أسماء: أنها رمت الجمرة.
قلت: إنَّا رمينا الجمرة بليل؟ !
قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله ﷺ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان نحوه).

٦ ‏/ ١٨٧
إسناده: حدثنا محمد بن خَلاد الباهلي: ثنا يحيى عن ابن جريج: أخبرني عطاء.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مُخْبِرِ عطاء؛ فإنه لم يُسَمَّ في هذه الرواية؛ إلا أنه قد جاء مسمى في بعض الروايات الأخرى بـ: عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر -وهو ابن كيسان القرشي التيمي أبو عمر المدني-، وهو ثقة؛ قال المصنف:
«ثبت».
فصح الحديث، والحمد لله.
ويحيى: هو ابن سعيد بن فَرُّوخِ القَطَّان، الحافظ الإمام في الجرح والتعديل، وكان لا يحدث إلا عن ثقة، وهو أجل أصحاب مالك بالبصرة.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٣٤٧): ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله مولى أسماء عن أسماء:
أنها نزلت عند دار المزدلفة، فقالت: أي بُنَيَّ! هل غاب القمر ليلة جمع؟ وهي تصلي. قلت: لا. فصلت ساعة، ثم قالت. أي بُنَيَّ! هل غاب القمر؟ قال -وقد غاب القمر-: قلت: نعم. قالت: فارتحلوا. فارتحلنا، ثم مضينا بها حتى رمينا الجمرة، ثم رجعت فَصَلَّتِ الصبح في منزلها. فقلت لها: أيْ هَنْتَاهْ! لقد غلسنا؟ ! قالت: كلا يا بُنَيَّ! إن نبيَّ الله ﷺ أذن للظُّعُنِ.
هكذا صرح ابن جريج بالتحديث، ولم يذكر عطاءً.
وكذلك رواه أحمد أيضًا (٦/ ٣٥١) -عن محمد بن بكر وروح-، والبخاري (٣/ ٤١٤)، والبيهقي (٥/ ١٣٣) -عن مسدد-، ومسلم (٤/ ٧٧) -عن محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي- كلهم عن يحيى … به.
٦ ‏/ ١٨٨
وتابعه عيسى بن يونس عن ابن جريج … به. أخرجه مسلم.
وسعيد بن سالم: عند الطحاوي (١/ ٤١٢).
ورواه الطيالسي (١/ ٢٢٢) عن طلحة عن عبد الله … به مختصرًا.
وطلحة: هو ابن عمرو المكي، متروك.
وأخرجه مالك (١/ ٣٥٠) عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أن مولاة (!) لأسماء بنت أبي بكر أخبرته قالت:
جئنا مع أسماء ابنة أبي بكر مِنىً بِغَلَسِ، قالت: فقلت لها: لقد جئنا منى بغلس؟ ! فقالت: قد كنا نصنع ذلك مع من هو خير منك.
كذا وقع فيه: مولاة! بالتأنيث. وفي «الفتح» (٣/ ٤١٥) معزوًا لمالك: مولى .. بالتذكير، وقال:
«وكذا أخرجه الطبراني من طريق أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد. فالظاهر أن ابن جريج سمعه من عطاء، ثم لقي عبد الله فأخذه عنه. ويحتمل أن يكون مولى أسماء شيخ عطاء غير عبد الله».
ثم رأيته في «النسائي» (٢/ ٤٩) عن مالك … بلفظ: مولى .. كما نقله في «الفتح».
قلت: ويحيى بن سعيد شيخ مالك، لبس هو القطان، وإنما هو الأنصاري القاضي، ولكني لم أجد في شيوخه عطاءً! والله أعلم.

١٦٩٩ – عن جابر قال:
أفاض رسولُ الله ﷺ وعليه السكينةُ، وأمرهم أن يرموا بمثل حصى الخَذْفِ، وأوْضَعَ في وادي مُحَسِّرٍ.

٦ ‏/ ١٨٩
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم من حديث الفضل بن عباس).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان: حدثني أبو الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا عنعنة أبي الزبير؛ لكن قد رواه عنه ليث بن سعد، وهو لا يروي عنه إلا ما سمعه من جابر.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٢٥) من طريقين آخرين عن محمد بن كثير … به.
ثم أخرجه هو، والنسائي (٢/ ٤٦)، وابن ماجة (٢/ ٢٤١)، وأحمد (٣/ ٣٣٢ و٣٦٧ و٣٩١)؛ وزاد:
«لتأخذ أمتي مَنْسَكَها؛ فإني لا أدري لعلِّي لا ألقاهم بعد عامهم هذا!».
ولهذه الزيادة طريق أخرى، ستأتي في الكتاب في «باب رمي الجمار» رقم (١٧١٩).
وللنسائي (٢/ ٤٩) من الحديث: الإيضاع فقط؛ وهو رواية لأحمد (٣/ ٣٠١).
وأخرجه الدارمي (٢/ ٦٠) من طريق ليث عن أبي الزبير؛ لكن من حديث أبي مَعْبَدٍ مولى ابن عباس عن ابن عباس عن الفضل بن عباس … نحوه.
وكذلك رواه مسلم (٤/ ٧١) من هذا الوجه.
وأخرجه هو، والنسائي والدارمي من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير … به.
لكن الظاهر أن أبا الزبير رواه عن جابر أيضًا؛ لرواية سفيان هذه.
وقد تابعه ابن جريج أيضًا، كما سيأتي في الموضع المشار إليه آنفًا.
٦ ‏/ ١٩٠
٦٧ – باب يوم الحج الأكبر
١٧٠٠ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ وقف يوم النَّحْرِ بين الجَمَرَاتِ في الحجة التي حَجَّ، فقال:
«أيُّ يومٍ هذا؟». قالوا: يوم النحر. قال:
«هذا يوم الحجِّ الأكبِر».
(قلت: إسناده صحيح. وعلقه البخاري بصيغة الجزم).
إسناده: حدثنا مُؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد ثنا هشام -يعني: ابن الغاز-: ثنا نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مسلسل بالتحديث.
والحديث أخرجه ابن سعد (٢/ ١٨٣) من طريق آخر عن الوليد بن مسلم … به.
وأخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٤٨ – ٢٤٩)، والبيهقي (٥/ ١٣٩) من طريقين آخرين عن هشام … به.
وعلقه عليه البخاري (٣/ ٤٥٤ – فتح) بصيغة الجزم، فقال: وقال هشام بن الغاز …
وللحديث شاهد من حديث عمرو بن الأحوص: عند ابن ماجة والترمذي (٣٠٨٧)، وصححه.
وللجملة الأخيرة منه شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي ﷺ.
٦ ‏/ ١٩١
أخرجه أحمد (٣/ ٤٧٣) بسند صحيح.
وآخر عن علي: عند الترمذي (٩٥٧) بسند ضعيف.

١٧٠١ – عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال:
بعثني أبو بكر فيمن يُؤَذِّنُ يومَ النحر بمنىً: أن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيتِ عُرْيَانٌ، ويوم الحج الأكبرِ: يومُ النحرِ، والحجُّ الأكبرُ: الحجُّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم؛ دون قوله: «ويوم الحج الأكبر …»؛ فإنها عندهما من قول حميد بن عبد الرحمن.
وبه جزم الحافظ؛ فهي مدرجة في رواية المصنف).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: أن الحكم بن نافع حدثهم: ثنا شعيب عن الزهري: حدثني حُمَيْدُ بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٦/ ٢١٤): حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب … به؛ إلا أنه قال:
وإنما قيل: الأكبر؛ من أجل قول الناس: الحج الأصغر .. بدل قوله: والحج الأكبر: الحج.
وقد جزم الحافظ بأن هذا القِيلَ: إنما هو مدرج ليس من الحديث المرفوع؛ وإنما هو من قول حميد بن، عبد الرحمن، قاله تفقهًا، وقد ميزه البخاري في رواية، وهي

٦ ‏/ ١٩٢
رواية مسلم عن الحديث، مصرحًا بأنه من قول حميد، كما بينته في «إرواء الغليل» (١١٠١).

٦٨ – باب الأشهر الحرم
١٧٠٢ – عن أبي بَكْرَةَ: أن النبي ﷺ خطب في حَجَّتِهِ، فقال:
«أن الزمان قد استدار كهيئتِهِ يومَ خلق الله السماوات والأرض: السنة اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعة حرم: ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعْدَةِ، وذو الحِجَّةِ، والمحَرَّم، ورجب مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وشعبانَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. ثنا أيوب عن محمد عن ابن أبي بَكْرَةَ عن أبي بكرة.
حدثنا محمد بن يحيى بن فَيَّاضٍ: ثنا عبد الوهاب: ثنا أيوب السَّخْتِيَانِيُّ عن محمد بن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي ﷺ … بمعناه.
قال أبو داود: «سَمَّاه ابن عون فقال. عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة … في هذا الحديث».
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري؛ فهو صحيح على شرطه من الوجه الأول؛ لأن ابن أبي بكرة: هو عبد الرحمن، كما في الوجه الثاني العلق، وسأذكر من وصله.
لكن ابن أبي بكرة قد سقط من بعض نسخ الكتاب المطبوعة من الوجه الأول؛ فلا أدري أهكذا وقعت الرواية للمؤلف؟ ! أو هو لسقط من بعض النساخ؟ !

٦ ‏/ ١٩٣
ولعله يؤيد الأولَ أن المنذري قال في «مختصره»:
«حديث ابن سيرين عن أبي بكرة: أخرجه النسائي، وحديث ابن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبيه: أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة مختصرًا ومطولًا».
ويزيده تأييدًا: أن أحمد رواه كالنسائي كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٣٧)، وابن سعد (٢/ ١٨٦): ثنا إسماعيل: أنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة …
هكذا لم يذكر: ابن أبي بكرة! وهو كذلك عند بعض رواة البخاري؛ لرواية حماد بن زيد الآتية. قال الحافظ (١/ ١٦١):
«فصار منقطعًا؛ لأن محمدًا لم يسمع من أبي بكرة».
أقول: ولا يُعَلُّ الحديث بذلك؛ لأن المحفوظ عن عبد الوهاب عن أيوب وغيره: إثبات ابن أبي بكرة. وإليك البيان:
أخرجه البخاري (٦/ ٢٢٦ و٨/ ٨٧ – ٨٨ و١٣/ ٣٧٠ – ٣٧١) -عن محمد بن المثنى- و(١٠/ ٦) -عن محمد بن سلام-، ومسلم (٥/ ١٠٧) -عن أبي بكر بن أبي شيبة ويحيى بن حبيب الحارثي- كلهم قالوا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن أبي بكرة … به.
وتابعه حماد عن أيوب … به:
أخرجه البخاري (١/ ١٦١).
وحماد: هو ابن زيد، وقد عرفت ما وقع في روايته من السقط عند بعض رواة «كتاب البخاري».
٦ ‏/ ١٩٤
وتابعه على وصله: عبد الله بن عون؛ علقه المصنف عنه، وقد وصله البخاري (١/ ١٢٩)، ومسلم، وأحمد (٥/ ٣٧ و٤٥) من طرق عنه عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة … به؛ لكنه لم يذكر هذا الطرف من الحديث، وإنما ذكر ما بعده من قوله: «أتدرون أي يوم هذا؟ …» الحديث.
وتابعه أيضًا قُرَّةُ بن خالد فقال: عن محمد بن سيرين قال: أخبرني عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة، ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن -حميد بن عبد الرحمن عن أبي بكرة- … بمثل حديث ابن عون: أخرجه البخاري (٣/ ٤٥٣)، ومسلم، والبيهقي (٥/ ١٤٠)، وأحمد (٥/ ٣٩ و٤٩).
وللحديث شاهد من رواية علي بن زيد عن أبي حُرَّةَ الرَّقَاشِي عن عَمِّه … مرفوعًا به؛ دون تسمية الأشهر.
أخرجه أحمد (٥/ ٧٢ – ٧٣) وسنده لا بأس به في الشواهد.

٦٩ – باب مَنْ لم يُدْرِكْ عَرَفَةَ
١٧٠٣ – عن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ قال:
أتيت النبيَّ ﷺ بعرفة، فجاء ناس -أو نَفَرٌ- من أهل نَجْد، فأمروا رجلًا فنادى رسول الله ﷺ: كيف الحج؟ فأمر رسول الله ﷺ فنادى:
«الحَجُّ؟ ! الحج يومُ عرفةَ، مَنْ جاء قبل صلاة الصبح؛ من ليلة جمع؛ فتَمَّ حَجُّهُ، أيامُ منىً ثلاثةٌ؛ فمنْ تعجَّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخَّرَ فلا إثم عليه». قال: ثم أردف رجلًا خلفه؛ فجعل ينادي بذلك.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم، ووافقه

٦ ‏/ ١٩٥
الذهبي، وقال سفيان بن عيينة: ليس بالكوفة حديث أشرف ولا أحسن من هذا).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان: حدثني بُكَيْرُ بن عطاء عن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ.
قال أبو داود: «وكذلك رواه مهران عن سفيان قال:»الحجُّ الحجُ«مرتين.
ورواه يحيى بن سعيد القطان عن سفيان قال:»الحج«مرةً».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بكير بن عطاء الليثي، وهو ثقة.
والحديث أخرجه سائر أصحاب «السنن» وغيرهم، وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٦٤).

١٧٠٤ – عن عروة بن مُضَرِّس الطائي قال:
أتيت رسول الله ﷺ بالموقف -يِعني: بجَمْعٍ- قلت: جئت يا رسول الله! من جبل طيِّئٍ، أكلَلْتُ مَطِيَّتِي، وأتَعبتُ نَفْسي، والله! ما تركت من حَبْل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله ﷺ:
«من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا؛ فقد تَمَّ حجُّهُ، وقضى تَفَثَهُ».
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه ابن الجارود أيضًا، وابن حبان والحاكم والذهبي، وكذا القاضي أبو بكر بن العربي).

٦ ‏/ ١٩٦
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن إسماعيل: ثنا عامر: أخبرني عروة بن مضَرِّسٍ الطائي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عروة بن مضرس، وهو صحابي.
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقد توبع عند بقية أصحاب «السنن» وغيرهم، وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٦٦).

٧٠ – باب النزول بمنى
١٧٠٥ – عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من «أصحاب النبي ﷺ قال:
خطب النبي ﷺ الناس بمنىً، ونَزَّلهم منازلهم، فقال:
»لينزل المهاجرون ها هنا -وأشار إلى مَيْمَنَةِ القبلة-، والأنصار ها هنا -وأشار إلى مَيْسَرَةِ القبلة-، ثم لينزل الناسُ حولَهم”.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وجهالة الصحابي لا تضر، وعبد الرحمن بن معاذ صحابي، ولم يذكر الرجل في رواية عنه، تأتي برقم (١٧١٠)، وهو الصحيح عند البيهقي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن حُمَيْدٍ الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. غير الرجل الذي لم يُسَمَّ، ولا يضرُّ؛ فإنه صحابي، وكلهم عدول.

٦ ‏/ ١٩٧
وعبد الرحمن بن معاذ صحابي أيضًا.
وقد خولف معمر في إسناده، فرواه عبد الوارث عن حميد الأعرج … به؛ إلا أنه لم يذكر الرجل في إسناده، وسيأتي بعد ثلاثة أبواب برقم (١٧١٠). وقال البيهقي:
«وهذا هو الصحيح؛ عبد الرحمن بن معاذ له صحبة. وزعموا أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يدركه، وأن روايته عنه مرسلة. والله أعلم»!
قلت: لم أر هذا الإعلال لغير البيهقي! وقد ذكر المزي عبد الرحمن بن معاذ في شيوخ محمد بن إبراهيم، ولما ذكر الحافظ في «تهذيبه» الذين أرسل عنهم محمد بن إبراهيم؛ لم يذكر فيهم عبد الرحمن هذا! والله أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٣٨) من طريق المؤلف.
وهو في «المسند» (٤/ ٦١ و٥/ ٣٧٤) … بهذا الإسناد.
وقد خالف معمرًا عبد الوارث بن سعيد وسفيان بن عيينة؛ فلم يذكرا في السند: عن رجل؛ كما سيأتي هناك؛ وهو الصحيح كما قال البيهقي.

٧١ – باب أيَّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنىً؟
١٧٠٦ – عن رجلين من بني بكر قالا:
رأينا رسول الله ﷺ يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته، وهي خطبة رسول الله ﷺ التي خطب بِمِنىً.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن المبارك عن إبراهيم بن نافع عن ابن

٦ ‏/ ١٩٨
أبي نَجِيحٍ عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وابن أبي نجيح: اسمه عبد الله بن يسار.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٥١) من طريق المؤلف.

٧٢ – باب من قال: خطب يوم النحر
١٧٠٧ – عن الهرماس بن زياد الباهلي قال:
رأيت النبي ﷺ يَخْطُبُ الناس على ناقته العضبَاء يومَ الأضحى بمنىً.
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هشام بن عبد الملك: ثنا عكرمة: حدثني الهرماس بن زياد الباهلي.
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله ثقات على شرط مسلم؛ على ضعف يسير في عكرمة -وهو: ابن عمار-.
والحديث أخرجه ابن حبان (١٠١٦): أخبرنا أبو خليفة: حدثنا أبو الوليد … به.
وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه البيهقي (٥/ ١٤٠)، وأحمد (٣/ ٤٨٥ و٥/ ٧)، وابن سعد (٢/ ١٨٥) من طرق أخرى عن عكرمة … به.
وقال ابن سعد: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي … به أتم منه.

٦ ‏/ ١٩٩
١٧٠٨ – عن أبي أمامة قال:
سمعت خطبة رسول الله ﷺ بمنىً يومَ النَّحْرِ.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا مُؤَمَّلٌ -يعني: ابنَ الفَضْلِ الحَرَّانيّ-: ثنا الوليد: ثنا ابن جابر: ثنا سُلَيْمُ بن عامر الكَلاعي: سمعت أبا أمامة يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحراني، وهو ثقة.
وابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد.
والوليد: هو ابن مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٤٠) من طريق المؤلف.
وأخرجه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن سليم بن عامر … به؛ وساق نص الخطبة، ولم يذكر بمنى يوم النحر. وهو مخرج في «الصحيحة» (٨٦٧).
وله في «المسند» (٥/ ٢٦٦) طريق آخر … نحوه.

٧٣ – باب أيَّ وقتٍ يخطبُ يومَ النَّحْرِ؟
١٧٠٩ – عن رافع بن عمرو المُزَنِيِّ قال:
رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس بمنىً حين ارتفع الضحى على بغلة شَهْبَاءَ؛ وعليٌّ رضي الله عنه يُعَبِّرُ عنه، والناسُ بين قاعد وقائم.

٦ ‏/ ٢٠٠
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الدمشقي: ثنا مروان عن هلال ابن عامر المُزَنيِّ: حدثني رافع بن عمرو المُزَنِيُّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ ومروان هو ابن معاوية الفَزَارِيُّ.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٤٠) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه من طريق البخاري، وهذا في «تاريخه» (٢/ ١ / ٣٠٢/ ١٠٢٦) عن أبي حفص (وفي البيهقي: أبي جعفر): حدثنا مروان … به. وقال البخاري:
«وتابعه عبد الرحمن بن مَغْرَاء. وقال أبو معاوية: عن هلال عن أبيه عن النبي ﷺ. والأول أصح».
قلت: رواية أبي معاوية في «المسند» (٣/ ٤٧٧): ثنا أبو معاوية قال: ثنا هلال ابن عامر عن أبيه … به.
ثم قال: ثنا محمد بن عبيد: حدثنا شيخ من بني فَزَارَةَ عن هلال بن عامر … به.
وهذا الشيخ الفزاري يحتمل أنه مروان بن معاوية نفسه. فإن صح ذلك؛ فيكون قد تابع أبا معاوية الضرير على روايته عن هلال عن أبيه. فالله أعلم.
وسيأتي حديث أبي معاوية عند المصنف في «اللباس» [٢١ – باب].
٦ ‏/ ٢٠١
٧٤ – باب ما يَذْكُرُ الإمامُ في خطبته بمنى
١٧١٠ – عن عبد الرحمن بن معاذ التَّيمِيِّ قال:
خَطَبَنَا رسولُ الله ﷺ ونحن بمنىً، فَفُتِحَتْ أسماعُنا؛ حتى كُنَّا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فَطَفِقَ يعلِّمهم مناسِكَهم، حتى بَلَغَ الجمارَ، فوضع إصبعيه السَّبَّابتين، ثم قال: «بحصى الخَذْفِ»؛ ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مُقَدَّمِ المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد مضى مختصرًا برقم (١٧٠٥) عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل، والصحيح أنه من (مسند عبد الرحمن) كما سبق بيانه هناك).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن حُمَيْدٍ الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي.
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد سبق الكلام عليه فيما تقدم (١٧٠٥).
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٣٩) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه هو (٥/ ١٢٧)، وأحمد (٥/ ٣٧٤)، وابن سعد (٢/ ١٨٥) من طرق أخرى عن عبد الوارث بن سعيد … به.
وأخرجه الحميدي (٨٥٢): ثنا سفيان: ثنا حميد الأعرج … به.
٦ ‏/ ٢٠٢
٧٥ – باب يبيتُ بمكةَ لياليَ منىً
١٧١١ – عن ابن عمر قال:
استأذن العباسُ رسولَ الله ﷺ أن يبيت بمكة لياليَ منىً؛ من أجل سقايته؟ فأذِنَ له.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٨٦): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا ابن نمير وأبو أسامة … به.
ثم أخرجه هو، والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن عبيد الله بن عمر … به. وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٧٩).

٧٦ – باب الصلاة بمنى
١٧١٢ – عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
صلى عثمان بمنى أربعًا، فقال عبد الله: صليتُ مع النبي ﷺ ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين -وزاد عن حفص: ومع عثمان صدرًا من إمارته، ثم أتمها. زاد من ها هنا عن أبي معاوية: ثم تفرَّقَتْ

٦ ‏/ ٢٠٣
بكم الطرق! فلودِدْتُ أنَّ لي من أربعِ ركعاتٍ ركعتين متقبَّلَتَيْن! -.
قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قُرّةَ عن أشياخه: أن عبد الله صلى أربعًا.
قال: فقيل له: عِبْتَ على عثمان، ثم صليت أربعًا؟ !
قال: الخلاف شَرٌّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون حديث معاوية بن قرة. وهذا إسناد صحيح؛ فإن الأشياخ جمع ينجبر بعددهم جهالتهم، مع احتمال أن يكونوا من الصحابة -وجهالتهم لا تضر-؛ فإن معاوية ابن قرة تابعي).
إسناده: حدثنا مسدد: أن أبا معاوية وحفص بن غياث حدثاه -وحديث أبي معاوية أتم- عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١٤٣ – ١٤٤) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (٢/ ٥٦٣ – الخطيب)، ومسلم (٢/ ١٤٩)، والنسائي (١/ ٢١٢): حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد الواحد عن الأعمش … به؛ ولفظ النسائي مختصر.
ثم أخرجه البخاري (٣/ ٤٠٠)، ومسلم، والنسائي، والطحاوي (١/ ٢٤٢) من طرق أخرى عن الأعمش … به؛ وليس عندهم جميعًا رواية الأعمش عن معاوية ابن قرة.
٦ ‏/ ٢٠٤
وقد أخرجه البيهقي (٢/ ١٤٤) من طريق أبي نعيم عن الأعمش: ثنا معاوية ابن قُرَّةَ -بواسط- عن أشياخ الحي قال:
صلى عثمان الظهر بمنى أربعًا، فبلغ ذلك عبد الله، فعاب عليه، ثم صلى بأصحابه في رَحْلِهِ العصرَ أربعًا. فقيل (الأصل: فقلت) له: عِبْتَ على عثمان وصليت أربعًا؟ ! قال: إني أكره الخلاف. وقال.
«وقد روي ذلك بإسناد موصول …»، ثم ساقه من طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
كنا مع عبد الله بن مسعود بجَمْعٍ، فلما دخل مسجد مِنىً؛ سأل: كم صلى أمير المؤمنين؟ قالوا: أربعًا. فصلى أربعًا. قال: فقلنا: ألم تحدِّثنا أن النبي ﷺ صلى ركعتين، وأبا بكر صلى ركعتين؟ ! فقال. بلى، وأنا أحدثكموه الآن، ولكن عثمان كان إمامًا، فما أخالفه، والخلاف شَرٌّ.
ورجال هذا ثقات؛ لولا أن أبا إسحاق -هو السَّبِيعِيُّ- مدلس مختلط.
أما حكمه على السند الذي قبله بأنه منقطع؛ فلجهالة الأشياخ، وهذا اصطلاح خاص له! ولا يقدح ذلك في صحة الإسناد؛ لما ذكرته في الأعلى.
وفي الباب عن ابن عمر قال: صلى النبي ﷺ بمنى صلاة السافر، وأبو بكر وعمر وعثمان ثماني سنين -أو قال: ست سنين-.
أخرجه مسلم (٢/ ١٤٦)، وأحمد (٢/ ٤٥) … بلفظ: سِتَّ سنين من إمرته، ثم صلى أربعًا.
وظاهر هذا الحديث وحديث الباب: أن عثمان رضي الله عنه كان يُتِمُّ في منى أيام الحج.
٦ ‏/ ٢٠٥
ولكني وجدت ما يدل على أنه كان يقصر فيها، وإن كان الإتمام منه قبل الحج وبعد الفراغ منه، فقال ابن إسحاق: ثنا يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عَبَّاد قال:
قدِمَ علينا معاوية حاجًّا، قدمنا معه مكة. قال: فصلى بنا الظهر ركعتين، ثم انصرف إلى دار الندوة. قال: وكان عثمان -حين أتم الصلاة- إذا قدم مكة؛ صلى بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعًا، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى؛ أتم الصلاة حتى يخرج من مكة … الحديث.
أخرجه أحمد (٤/ ٩٤)؛ وإسناده حسن.
فلعل قصره في منى قبل الفراغ من الحج كان بعد أن عاب ابن مسعود عليه وغيره من الصحابة. والله أعلم.

١٧١٣ – عن الزهري:
أن عثمان بن عَفَّان أتمَّ الصلاة بمنىً؛ من أجل الأعراب؛ لأنهم كَثُرُوا عامَئِذٍ، فصلى بالناس أربعًا؛ ليُعلِمَهُم أن الصلاة أربعٌ.
(قلت: إسناده حسن لغيره، وقد قواه الحافظ).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب عن الزهري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ لكنه قد روي موصولًا من وجه آخر كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١٤٤) من طريق المصنف.

٦ ‏/ ٢٠٦
وأخرجه الطحاوي (١/ ٢٤٧) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة … به.
ويقويه ما أخرجه البيهقي من طريق سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن حميد عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عثمان:
أنه أتم الصلاة بمنى، ثم خطب الناس فقال: يا أيها الناس! إن السنة سنة رسول الله ﷺ وسنة صاحبيه؛ ولكنه حَدَثَ العام (كذا ولعل الصواب: طَغامٌ؛ كما في «الفتح»)، فخِفْتُ أن يَسْتَنُّوا.
وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات معروفون؛ غير سليمان بن سالم -وهو العَطَّار المدني القرشي-، ذكره ابن حبان في «الثقات». وقال ابن عدي:
«ولا أرى بمقدار ما يرويه بأسًا». وقال ابن أبي حاتم (٢/ ١ / ١٢٠) عن أبيه:
«شيخ». وقال الحافظ -عقب هذه الطريق من رواية البيهقي-:
«وعن ابن جريج: أن أعرابيًّا ناداه في منى: يا أمير المؤمنين! ما زلتُ أصليها منذ رأيتك عامَ أولَ ركعتين. وهذه طرق يُقَوِّي بعضها بعضًا».

٧٧ – باب القصر لأهل مكة
١٧١٤ – عن حارثة بن وهب الخُزَاعي -وكانت أمُّهُ تحت عمر، فولدت عبيد الله بن عمر- قال:
صليت مع رسول الله ﷺ بمنى؛ والناسُ أكثرُ ما كانوا، فصلى بنا ركعتين في حجة الوداع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الترمذي: “حديث

٦ ‏/ ٢٠٧
حسن صحيح»، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق: حدثني حارثة بن وهب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق كان اختلط، لكن رواه عنه سفيان وشعبة أيضًا كما يأتي، وهما سمعا منه قبل الاختلاط.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٤٧)، وابن سعد (٢/ ١٨٣)، والبيهقي (٣/ ١٣٤ – ١٣٥) من طريق أخرى عن زهير … به.
ثم أخرجه البيهقي، وكذا البخاري (٣/ ٤٠٠)، والنسائي (١/ ٢١٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» رقم (١٧٠٢)، والطحاوي (١/ ٢٤٣)، وأحمد (٤/ ٣٠٦) -عن شعبة-، والنسائي وأحمد -عن سفيان-، ومسلم والترمذي (٨٨٢) -وصححه عن أبي الأحوص- كلهم عن أبي إسحاق … به.

٧٨ – باب في رمي الجمار
١٧١٥ – عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت:
رأيت رسول الله ﷺ يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب، يُكَبِّرُ مع كل حصاة، ورجلٌ من خلفه يَسْتُرُهُ فسألت عن الرجل؟ فقالوا: الفضل بن العباس. وازدحم الناس، فقال النبي ﷺ:
«يا أيها الناس! لا يقتل بعضكم بعضًا، وإذا رميتم الجمرة؛ فارموا بمثل حصى الخَذْفِ».
(قلت: حديث حسن).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن مهدي: حدثني علي بن مُسْهِرٍ عن يزيد بن أبي

٦ ‏/ ٢٠٨
زياد: أخبرنا سليمان بن عمرو بن الأحوص.
قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ سليمان بن عمرو بن الأحوص فيه جهالة، لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه شَبِيبُ بن غَرْقَدٍ أيضًا.
ويزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي مولاهم- سيئ الحفظ. وبه أعله المنذري.
لكن الحديث قد جاء كله أو جله مفرقًا في أحاديث:
فرمي الجمرة -وهي جمرة العقبة-؛ كما في الرواية الثانية في حديث جابر الطويل المتقدم (١٦٦٣). ومثله في رواية لمسلم في حديث ابن مسعود الآتي قريبًا (١٧٢٣).
وقولها: ورجل من خلفه … أي: رديفه؛ في حديث جابر المشار إليه آنفًا.
وفيه التكبير مع كل حصاة. ومثله في حديث عائشة الآتي قريبًا (١٧٢٢).
وسائره له طريق أخرى بلفظ:
«يا أيها الناس! عليكم بالسكينة والوقار، وعليكم بمثل حصى الخذف».
أخرجه أحمد (٥/ ٣٧٩) من طريق ليث عن عبد الله بن شداد عن أم جندب الأزْدِية:
أنها سمعت النبي ﷺ حيث أفاض قال …
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وليث: هو ابن سعد الإمام.
ويشهد له حديث جابر المتقدم برقم (١٦٩٩).
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٣٠) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو (٥/ ١٢٨)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٢ و٢٤٣)، وأحمد (٣/ ٥٠٣
٦ ‏/ ٢٠٩
و٥/ ٣٧٩) من طرق أخرى عن يزيد بن أبي زياد … به نحوه.
ومن طرقه ما يأتي.

١٧١٦ – وفي رواية عنها قالت:
رأيت رسول الله ﷺ عند جمرة العقبة راكبًا، ورأيت بين أصابعه حجرًا؛ فرمى، ورمى الناس.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد ووهب بن بيان قالا: ثنا عَبيِدةُ عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه.
قلت: سبق الكلام عليه في الذي قبله؛ وإنما ساقه المصنف من أجل زيادة الحجر بين أصابعه ﷺ. وشاهده الحديث (١٧١٠).

١٧١٧ – وفي أخرى عنها: زاد:
ولم يَقُمْ عندها.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس: ثنا يزيد بن أبي زياد … بإسناده في هذا الحديث؛ زاد …
قلت: سبق الكلام عليه قبل حديث؛ وإنما ساقه المصنف رحمه الله من أجل هذه الزيادة: ولم يقم عندها.
ويشهد لها حديث عائشة الآتي بعد أربعة أحاديث.

٦ ‏/ ٢١٠
١٧١٨ – عن ابن عمر:
أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة -بعد يوم النحر- ماشيًا، ذاهبًا وراجعًا، ويخبر أن النبي ﷺ كان يفعل ذلك.
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد الله -يعني: ابن عمر- عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عمر المُكَبِّرِ، وهو ضعيف.
لكن تابعه أخوه عبيد الله -وهو المصغر- عند الترمذي، وصححه.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٣١) من طريق المصنف وغيره عن القعنبي وغيره، وهو مخرج في «الأحاديث الصحيحة» (٢٠٧٢)؛ فلا داعي للإعادة.

١٧١٩ – عن جابر بن عبد الله قال:
رأيت رسول ﷺ يَرْمِي على راحلته يوم النحر؛ يقول:
«لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحجُّ بعد حَجَّتِي هذه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

٦ ‏/ ٢١١
والحديث في «المسند» (٣/ ٣٣٢) … بهذا الإسناد.
وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن جريج … به؛ وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٧٤).
وتابعه سفيان: حدثني أبو الزبير … به؛ قد مضى في الكتاب برقم (١٦٩٩).

١٧٢٠ – وعنه قال:
رأيت رسول الله ﷺ يرمي يوم النحر ضُحىً. فأما بعد ذلك؛ فبعد زوال الشمس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: وحدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في «المسند» (٣/ ٣١٩) … بهذا الإسناد والمتن.
ثم أخرجه هو (٣/ ٣١٢ و٣٩٩)، ومسلم (٤/ ٨٠)، والترمذي (٨٩٤)، والنسائي (٢/ ٥٠)، والدارمي (٢/ ٦١)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٧)، والطحاوي (١/ ٤١٤)، والدارقطني (٢٧٨)، وابن الجارود (٤٧٤)، والبيهقي (٥/ ١٣١) من طرق أخرى عن ابن جريج … به. وقال الترمذي:
«حسن صحيح».

٦ ‏/ ٢١٢
وتابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير … به: رواه البيهقي وأحمد (٣/ ٣٤١).

١٧٢١ – عن وَبْرَةَ قال:
سألت ابن عمر: متى أرمي الجمار؟
قال: إذا رمى إمامك؛ فارْمِ. فأعدت عليه المسألة؟ فقال:
كنا نتحيَّنُ زوال الشمس، فإذا زالت الشمس؛ رمينا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري: ثنا سفيان عن مِسْعَرٍ عن وَبْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الزهري هذا؛ فإنه لم يخرج له البخاري، وقد أخرجه عن غيره كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٥٧): حدثنا أبو نعيم: حدثنا مسعر … به.
وأخرجه البيهقي (٥/ ١٤٨) من طريق أخرى عن أبي نعيم.

١٧٢٢ – عن عائشة قالت:
أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها لياليَ أيام التشريق؛ يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كلَّ جمرة بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية، فيطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يَقِفُ عندها.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: حين صلى الظهر .. فهو منكر؛ لأن ظاهره أنه صلى الظهر قبل طواف الإفاضة، وهو خلاف حديث جابر الطويل

٦ ‏/ ٢١٣
المتقدم (١٦٦٣)، وحديث ابن عمر الآتي (١٧٤٤)؛ فإن فيهما أنه صلاها بعد الإفاضة. وقد صحح الحديثَ ابنُ الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا علي بن بحر وعبد الله بن سعيد -المعنى- قالا: ثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية ابن حبان؛ لكن في إسناده من تكلم فيه كما بينته في «الإرواء» (١٠٨٢)، فإن ثبت ذلك فبها؛ وإلا فالحديث صحيح؛ لثبوته مفرقًا في أحاديث؛ دون قوله: حين صلى الظهر … فإنه منكر؛ لما ذكرته أعلاه، ولم أجد له شاهدًا.
اللهم إلا على رواية الدارقطني بلفظ: حتى صلى الظهر؛ فهي حينئذ مطابقة لحديث جابر، لكن هذه الرواية شاذة عندي؛ لمخالفتها لرواية الآخرين؛ فإنها عندهم باللفظ الأول. والله أعلم.
وأما الأحاديث التي تشهد لسائره؛ فحديث ابن عمر المتقدم برقم (١٧١٨)، وحديث جابر (١٧٢٠)، وحديث ابن مسعود الآتي برقم (١٧٢٣) بزيادة الشيخين.
ومثله حديث ابن عمر عند البخاري (٣/ ٤٦٠)؛ وزاد:
ثم يتقدم فيسهِّل، فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا، فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال، فيسهِّل ويقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا، فيدعو يرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها.
٦ ‏/ ٢١٤
١٧٢٣ – عن ابن مسعود قال:
لما انتهى إلى الجمرة الكبرى؛ جعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، ورمى الجمرة بسبع حصيات، وقال:
هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم -المعنى- قالا: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٥٨) … بإسناد المصنف الأول.
ثم أخرجه هو، ومسلم (٤/ ٧٩)، والنسائي (٢/ ٥٠)، وابن الجارود (٤٧٥)، والبيهقي (٥/ ١٢٩)، وأحمد (١/ ٤١٥ و٤٣٦) من طرق أخرى عن شعبة … به.
وتابعه الأعمش عن إبراهيم … به؛ وزاد:
من بطن الوادي؛ يكبر مع كل حصاة.
أخرجه الشيخان والنسائي والبيهقي، وأحمد (١/ ٤٥٦).
وتابعه جامع بن شَدَّاد أبو صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد … به مع الزيادة: أخرجه الترمذي (٩٠١)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٣)، وأحمد (١/ ٤٣٠ و٤٣٢). وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
٦ ‏/ ٢١٥
وتابعه يزيد النخعي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد … به.
أخرجه أحمد (١/ ٤٥٨).
وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه … به؛ وزاد زيادة أخرى بلفظ: حتى إذا فرغ قال:
«اللهم! اجعله حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا».
أخرجه البيهقي وأحمد (١/ ٤٢٧) عن ليث عنه.
لكن ليث -وهو ابن أبي سليم- ضعيف.
ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عمر: عند البيهقي؛ وأعله بقوله:
«عبد الله بن حكيم ضعيف».
قلت: بل هو هالك؛ فإنه الدَّاهِرِيُّ، متهم.
ولذلك؛ فإنه لا يصلح للاستشهاد به، وقد خرجته في «الضعيفة» (١١٠٧).

١٧٢٤ – عن أبي البَدَّاح بن عاصم عن أبيه:
أن رسول الله ﷺ أرْخَص لرِعَاءِ الإبل في البيتوتة؛ يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغَدَ ومن بعد الغَدِ بيومين، ويرمون يوم النَّفْر.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك. (ح) وحدثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن

٦ ‏/ ٢١٦
عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي البَدَّاح بن عاصم.
قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي البَدَّاح، وهو مشهور في التابعين، كما قال الحاكم والذهبي.
وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد روى عنه جماعة، وقيل: إن له صحبة، وَرَدَّهُ الحافظ.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٦٠).
وقد رواه جماعة من أصحاب «السنن» وغيرهم، وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٨٠).

١٧٢٥ – وفي رواية عن أبي البَدَّاح بن عدي عن أبيه:
أن النبي ﷺ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أن يرموا يومًا، ويَدَعُوا يومًا.
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه من ذكرنا آنفًا. وأبو البداح: هو ابن عاصم بن عدي، نُسِبَ في هذه الرواية إلى جده، كما قال الحاكم والبيهقي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن، عبد الله ومحمد ابْنَيْ أبي بكر عن أبيهما عن أبي البداح بن عدي عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضًا، رجاله رجال البخاري؛ غير أبي البداح، وهو ثقة كما تقدم آنفًا.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٥١) من طريق المصنف.
ورواه غيره من طريق أخرى عن سفيان … به، دون ذكر محمد بن أبي بكر في إسناده!

٦ ‏/ ٢١٧
وذكره فيه محفوظ، كما بينته في المصدر السابق عن البيهقي.

١٧٢٦ – عن أبي مِجْلَزٍ قال:
سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار؟ فقال:
ما أدري أرماها رسول الله ﷺ بست أو بِسَبْعٍ؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: ثنا خالد بن الحارث: ثنا شعبة عن قتاده قال: سمعت أبا مجلز يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الرحمن ابن المبارك، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما تأتي الإشارة إليه قريبًا.
والحديث أخرجه النسائي (٢/ ٥١) من طريق أخرى عن خالد … به.
وقال أحمد (١/ ٣٧٢): ثنا روح: ثنا شعبة عن قتادة … به.

١٧٢٧ – عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ:
«إذا رمى أحدكم جمرة العقبة؛ فقد حَلَّ له كل شيء إلا النساءَ».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا الحجاج عن الزهري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
قال أبو داود: «هذا حديث ضعيف؛ الحجاج لم يَرَ الزهري ولم يسمع منه».

٦ ‏/ ٢١٨
قلت: وهو كما قال رحمه الله، ولذلك رُمِيَ الحجاج بالتدليس، وكان يخطيء أيضًا، ولذلك قال الحافظ:
«صدوق كثير الخطأ والتدليس».
وقد اضطرب في رواية هذا الحديث إسنادًا ومتنًا على وجوه، ذكرتها في «الأحاديث الضعيفة» (١٠١٣)، وباختصار في «الإرواء» (١٠٤٦). وقال البيهقي عقبه:
«وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ كما رواه سائر الناس عن عائشة رضي الله عنها».
قلت: حديث عمرة أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٤٧) مع سائر طرقه عن عائشة. ومنها طريق القاسم المتقدم في أول «المناسك» (١٥٣٢). وفي بعض طرقه عنها:
طيبت رسول الله ﷺ .. حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت.
وفي أخرى من طريق سالم عن ابن عمر قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول:
إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم؛ فقد حل كل شيء؛ إلا النساء والطيب. قال سالم: وقالت عائشة رضي الله عنها: حلَّ له كل شيء إلا النساء. قال: وقالت: أنا طيبت رسول الله ﷺ؛ يعني: لحله.
زاد الحميدي (٢١٢):
بعدما رمى الجمرة وقبل أن يزور. قال سالم: وسنة رسول الله ﷺ أحق أن تُتَّبَعَ.
٦ ‏/ ٢١٩
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وهذا شاهد قوي لحديث الحجاج، وإن كان يختلف عنه في اللفظ؛ فإن هذا من فعله ﷺ، وذاك من قوله.
لكن له شاهدان آخران من قوله ﷺ:
أحدهما: من حديث ابن عباس … مرفوعًا مثله: أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أنه منقطع كما بينته في «الصحيحة» (٢٣٩).
والآخر: من حديث أم سليمة … مرفوعًا مثله أيضًا؛ وفيه زيادة سيأتي الكلام عند تخريج حديثها في «باب الإفاضة في الحج» رقم (١٧٤٥).
وله شاهد آخر، يتردد النظر بين أن يكون من فعله ﷺ أو قوله؛ وهو ما أخرجه الحاكم (١/ ٤٦١)، وعنه البيهقي (٥/ ١٢٢) من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال:
من سنة الحج: أن يصلِّيَ الإمام الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى .. فإذا رمى الجمرة الكبرى؛ حَلَّ له كل شيء إلا النساء والطيب؛ حتى يزور البيت. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
وهو خطأ بين؛ فإن فيه إبراهيم بن عبد الله -وهو ابن بشار الواسطي، الراوي عن يزيد بن هارون- ترجمه الخطيب (٦/ ١٢٠). ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
لكن أخرجه ابن خزيمة (٢٨٠٠) من غير طريقه.
فلعل قوله: والطيب .. وهم منه، كما تدل عليه سائر الأحاديث؛ فإنه موقوف على عمر، الذي ردته عائشة، فيكون قد دخل عليه حديث في حديث ويؤيده أن
٦ ‏/ ٢٢٠
الطحاوي رواه (١/ ٤٢١) بإسناد أصح منه … موقوفًا على ابن الزبير؛ دون ذكر الطيب. والله أعلم.

٧٩ – باب الحلق والتقصير
١٧٢٨ – عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله ﷺ قال:
«اللهم! ارْحَمِ المحلِّقين». قالوا: يا رسول الله! والمقصِّرين؟ ! قال:
«اللهم! ارْحَمِ المحلِّقين». قالوا: يا رسول الله! والمقصِّرين؟ ! قال:
«والمقصِّرين».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأبو نعيم في «مستخرجه»، وابن الجارود. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٥٢) … سندًا ومتنًا.
وعنه: أخرجه الشيخان أيضًا.
وأخرجه غيرهم من طرق عن نافع … به. وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٨٤).

١٧٢٩ – وعنه:
أن رسول الله ﷺ حَلَقَ رأسه في حَجّةِ الوداع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).

٦ ‏/ ٢٢١
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ ويعقوب: هو ابن عبد الرحمن بن محمد القاريّ.
والحديث أخرجه الشيخان من طرق أخرى عن موسى بن عقبة، وهو مخرج في المصدر المشار إليه آنفًا.
وأزيد هنا فأقول:
إنه أخرجه أيضًا أحمد (٢/ ٨٨)، وابن سعد (٢/ ١٨١) عن موسى.
وأخرجه الترمذي (٩١٣)، وأحمد (٢/ ١١٩) عن الليث عن نافع … به؛ دون قوله: في حجة الوداع .. وزاد مكانها:
وحلق طائفة من أصحابه، وقصر بعضهم. فقال ابن عمر: فقال رسول الله ﷺ:
«رحم الله المحلقين …» فذكر الحديث الذي قبله.
وهذه الزيادة عند الشيخين أيضًا، لكن ليس فيها عند البخاري الحديث الذي قبله.
ومجموع هذه الروايات يدل على أن النبي ﷺ قال هذا الدعاء في حجة الوداع. وقد جاء ذلك صراحة في أحاديث، وثبت أيضًا في أحاديث أخرى أنه قاله في يوم الحديبية؛ خلافًا لنفي ابن عبد البر، وإن أيده الحافظ ابن حجر! وقد أخرجت الأحاديث المشار إليها كلها في المصدر السابق الذكر.
وللحديث طريق أخرى، فقال أحمد (٢/ ٨٩): ثنا عبد الرزاق: أنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر … به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
٦ ‏/ ٢٢٢
١٧٣٠ – عن أنس بن مالك:
أن رسول الله ﷺ رمى جمرة العقبة يوم النحر، ثم رجع إلى منزله بمنى، فدعا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ، ثم دعا بالحلاق، فأخذ بِشقِّ رأسه الأيمن فحلقه، فجعل يَقْسِمُ بين من يليه الشعرةَ والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر فحلقه، ثم قال:
«ها هنا أبو طلحة؟»، فدفعه إلى أبي طلحة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو نعيم. وصححه ابن الجارود، وزاد هو ومسلم -واللفظ له-: فقال: «اقسمه بين الناس»).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا حفص عن هشام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وهشام: هو ابن حسان.
وحفص: هو ابن غياث.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٨٢) … بإسناد المصنف وغيره عن حفص … به.
وأخرجه ابن الجارود وغيره، ممن ذكرتهم في «الإرواء» (١٠٨٥).

١٧٣١ – عن ابن عباس:
أن النبي ﷺ كان يُسْأَلُ يوم منى فيقول:
«لا حرج». فسأله رجل؛ فقال: إني حلقت قبل أن أذبح؟ قال:
«اذبح ولا حرج». قال: إني أمسيت ولم أرمِ؟ قال:
«ارم ولا حرج».

٦ ‏/ ٢٢٣
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه من هذا الوجه، ومسلم من طريق أخرى).
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا يزيد بن زُرَيْعٍ: أخبرنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عكرمة -وهو مولى ابن عباس-؛ فإنه من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٤٨)، والنسائي (٢/ ٥٠)، وابن ماجة (٢/ ٢٤٦) من طرق أخرى عن يزيد بن زريع … به.
وأخرجه البيهقي (٥/ ١٤٣) من طريق إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء … به؛ وزاد:
ولم يأمر بشيء من الكفارة. وقال:
«هذا إسناد صحيح».
وقال أحمد (١/ ٢١٦): حدثنا هشيم: أخبرنا خالد … به دونها.
وتابعه أيوب عن عكرمة … به.
أخرجه البخاري (١/ ١٤٧)، والبيهقي وأحمد (١/ ٢٩١ و٣١١).
وتابعه طاوس عن ابن عباس … به نحوه.
أخرجه البخاري، ومسلم (٤/ ٨٤)، والبيهقي، وأحمد (١/ ٢٥٨ و٢٦٩).
وتابعه عطاء عنه: أخرجه أحمد (١/ ٢١٦)، والبخاري (٣/ ٤٤٠)؛ وزاد: زُرْتُ قبل أن أرمي؟ قال:
٦ ‏/ ٢٢٤
«لا حرج».
وهي في رواية له (٣/ ٤٤١) من الطريق الأولى من رواية عبد الأعلى عن خالد … به.
وتابعه أيضًا عطاء بن السائب وسعيد بن جبير عنه: عند أحمد (١/ ٣٠٠ و٣٢٨).

١٧٣٢ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:
«ليس على النساء حلق؛ إنما على النساء التقصير».
(قلت: أحد إسناديه صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن الحسن العَتَكِيُّ. ثنا محمد بن بكر: ثنا ابن جريج قال: بلغني عن صفية بنت شيبة بن عثمان قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس قال …
حدثنا أبو يعقوب البغدادي -ثقة-: ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جُبَيْرِ بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني …
قلت: إسناده الثاني صحيح؛ على ما حققته في «الصحيحة» (٦٠٥)، وخرجته ثَمَّ.
وأخرجه البيهقي أيضًا (٥/ ١٠٤).

٨٠ – باب العمرة
١٧٣٣ – عن ابن عمر قال:
اعتمر رسول الله ﷺ قبل أن يَحُجَّ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري وابن خزيمة).

٦ ‏/ ٢٢٥
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا مخلد بن يزيد ويحيى بن زكريا عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن جريج مدلس، وقد عنعنه، ولكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٧٢)، والبيهقي (٤/ ٣٥٤) من طريق عبد الله (ابن المبارك): أخبرنا ابن جريج: قال عكرمة … به. قال الحافظ:
«فإن قيل: إن ابن جريج ربما دلس؛ فالجواب أن ابن خزيمة أخرجه من طريق محمد بن بكر عن ابن جريج قال: قال عكرمة بن خالد … فذكره»! !
قلت: وهذا مما لا طائل تحته؛ فإنه لا فرق بين رواية ابن خزيمة ورواية البخاري في الحاجة إلى إزالة شبهة التدليس.
والجواب الشافي: ما سبقت الإشارة إليه من المتابعة، وهو ما صنعه البخاري؛ فإنه عقب الحديث بقوله: وقال إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق: حدثني عكرمة ابن خالد … به.
وهذا وصله أحمد (٢/ ١٥٨): ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي …
وهذا إسناد موصول جيد.
ورواية ابن خزيمة أخرجها أحمد أيضًا (٢/ ٤٦): ثنا محمد بن بكر … به.
وله عنده (٢/ ٧٠ و١٣٩) طريق أخرى من رواية شريك عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر.
٦ ‏/ ٢٢٦
١٧٣٤ – عن ابن عباس قال:
والله! ما أعْمَرَ رسولُ الله ﷺ عائشةَ في ذي الحجة؛ إلا ليقطع بذلك أمْرَ أهل الشرك؛ فإن هذا الحي من قريش -ومَنْ دان دينَهم- كانوا يقولون: إذا عَفَا الوَبَرْ، وبَرَأ الدَّبَرْ، ودَخَلَ صَفَرْ؛ فقد حَلَّتِ العُمْرَةُ لمن اعْتَمَرْ! فكانوا يُحَرِّمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم.
(قلت: حديث حسن بهذا التمام. وأخرجه الشيخان بنحوه؛ دون قول ابن عباس في أوله: والله! … الشرك).
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَّرِيِّ عن ابن أبي زائدة: ثنا ابن جريج ومحمد بن إسحاق عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ فهو صحيح لولا عنعنة ابن جريج وابن إسحاق، لكن هذا قد صرح بالتحديث في رواية أخرى كما سأذكره.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٦١): حدثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن طاوس.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد تابعه عبد الله بن طاوس عن أبيه … به؛ مع اختصار شرحته آنفًا.
أخرجه البخاري (٣/ ٢٣٢)، ومسلم (٤/ ٥٦)، والنسائي (٢/ ٢٤)، وأحمد (١/ ٢٥٢) من طريق وهيب بن خالد: حدثنا عبد الله بن طاوس.
٦ ‏/ ٢٢٧
١٧٣٥ – عن أبي بكر بن عبد الرحمن:
أخبرني رسولُ مروانَ الذي أرْسَلَ إلى أُمِّ مَعْقِلٍ قالت: كان أبو مَعْقِل حاجِّا مع رسول الله ﷺ، فلما قدم؛ قالت أم معقل: قد علمتُ أن عليَّ حَجَّةً! فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه، فقالت: يا رسول الله! إن علي حجةً، وإن لأبي معقل بَكْرًا، قال أبو معقل: صدقت، جعلتُهُ في سبيل الله. فقال رسول الله ﷺ:
«أعْطِها فَلْتَحُجَّ عليه؛ فإنه في سبيل الله». فأعطاها البَكر. فقالت:
يا رسول الله! إني امرأة قد كَبِرْتُ وَسَقُمْتُ؛ فهل من عمل يَجْزِي عَنِّي من حجتي؟ قال:
«عمرة في رمضان تَجْزِي حجة».
(قلت: حديث صحيح؛ دون قول المرأة: إني امرأة … من حجتي. وصححه الحاكم والذهبي وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في إبراهيم بن مهاجر؛ غير رسول مروان؛ فإنه لم يُسَمَّ، فهو مجهول.
وقد جاء بإسناد صحيح إسقاطه من بين أبي بكر بن عبد الرحمن وأم معقل، مع تصريحه بسماعه منها، كما سأذكره إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٣٧٥): ثنا عفان قال: ثنا أبو عوانة … به.
٦ ‏/ ٢٢٨
وتابعه شعبة عن إبراهيم بن مهاجر … به؛ دون قولها: إني امرأة قد كبرت … من حجتي.
أخرجه ابن خزيمة (٣٠٧٥)، وأحمد (٦/ ٤٠٥ – ٤٠٦)، والحاكم (١/ ٤٨٢) -من طريق أحمد وغيره- عنه، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
كذا قالا! وقد عرفت حال إبراهيم؛ على أنه قد اضطرب في إسناد الحديث ومتنه، كما بينته في «الإرواء» (٨٦٩).
لكن الحديث صحيح في الجملة؛ لما له من الطرق والشواهد، ويأتي بعضها في الكتاب.

١٧٣٦ – عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن جَدَّتِهِ أم معقل قالت:
لَمَا حَجَّ رسول الله ﷺ حجة الوداع، وكان لنا جَمَلٌ، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض، وهلك أبو معقل، وخرج النبي ﷺ، فلما فرغ من حجه جئته، فقال:
«يا أم معقل! ما منعك أن تخرجي معنا؟ !».
قالت: لقد تَهَيَّأْنَا؛ فهلك أبو معقل، وكان لنا جَمَلٌ هو الذي نَحُجُّ عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله! قال:
«فَهَلا خرجت عليه؟ ! فإن الحج في سبيل الله. فأمَّا إذْ فاتَتْكِ هذه الحجة معنا؛ فاعتمري في رمضان؛ فإنها كحجة».
فكانت تقول: الحج حجة، والعمرة عمرة، وقد قال لي هذا رسول الله ﷺ؛

٦ ‏/ ٢٢٩
ما أدري ألي خاصة؟ !
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: فكانت تقول … لتعرِّيهِ عن الشاهد).
إسناده: حدثنا محمد بن عوف الطائي. ثنا أحمد بن خالد الوَهْبِي: ثنا محمد بن إسحاق عن عيسى بن معقل ابن أم معقل الأسدي -أسَدِ خزيمة-: حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عيسى بن معقل، فلم يوثقه غير ابن حبان.
وابن إسحاق مُدَلِّس وقد عنعنه. وقد خولف شيخه في إسناده كما يأتي.
ويوسف بن عبد الله بن سلام صحابي صغير.
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٥١ – ٥٢): أخبرنا أحمد بن خالد … به.
وأخرجه أحمد (٤/ ٣٥)، والحميدي (٨٧٠) فقالا: ثنا سفيان بن عيينة قال: ثنا ابن المنكدر قال: سمعت يوسف بن عبد الله بن سلام يقول: قال رسول الله ﷺ لرجل من الأنصار وامرأته:
«اعتمرا في رمضان؛ فإن عمرة في رمضان لكما حَجَّةٌ».
وهذا إسناد صحيح مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة.
وقد صح من طريق أخرى عن أم معقل وغيرها … مرفوعًا مختصرًا، وهو مخرج في «الإرواء» (٨٦٩). ويشهد لها الحديث الآتي.
٦ ‏/ ٢٣٠
١٧٣٧ – عن ابن عباس قال:
أراد رسول الله ﷺ الحَجَّ، فقالت امرأة لزوجها: أحِجّنِي مع رسول الله ﷺ فقال: ما عندي ما أُحِجُّكِ عليه! قالت: أحِجَّنِي على جملك فلان! قال: ذاك حَبيِس في سبيل اللهَ عز وجل! فأتى رسول الله ﷺ فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سألتني الحج معك؛ قالت: أَحِجَّنِي مع رسول الله ﷺ، فقلت: ما عندي ما أُحِجُّكِ عليه، فقالت: أَحِجَّني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله؟ ! فقال:
«أما إنك لو أحْجَجْتَها عليه كان في سبيل الله». قال: وإنها أمرتني أن أسألك: ما يَعْدِلُ حجة معك؟ فقال رسول الله ﷺ:
«أقرئها السلامَ ورحمةَ الله وبركاتِهِ، وأخبرها أنها تعدل عمرةً في رمضان».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن العربي في «شرح الترمذي». وأخرجه الشيخان مختصرًا، وكذا ابن الجارود وابن حبان، وزاد: «حجة معي»، وهي رواية البخاري).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر بن عبد الله عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عامر الأحول، فهو من رجال مسلم؛ على ضعف فيه.
والحديث أخرجه الحاكم والبيهقي من طرق أخرى عن مسدد … به.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين!
٦ ‏/ ٢٣١
وردَّه الذهبي من وجهين، بينتهما في «الإرواء» (١٥٨٧).
والصواب أنه حسن كما ذكرت، ولكنه صحيح لغيره؛ فإن له شاهدًا من حديث أبي طَلِيقٍ نحوه:
أخرجه الدولابي وغيره بسند صحيح، وقد خرجته في المصدر المذكور برقم (٨٦٩).
وأخرجه ابن خزيمة (٣٠٧٧): ثنا بشر بن هلال: ثنا عبد الوارث بن سعيد العنبري … به.

١٧٣٨ – عن عائشة:
أن رسول الله ﷺ اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القَعْدَةِ، وعمرة في شوال.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقواه الحافظ. وقوله: في شوال؛ يعني: ابتداءً؛ وإلا فهي كانت في ذي القَعْدَةِ أيضًا؛ لحديث أنس الآتي).
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١١) من طريق أخرى عن عبد الأعلى بن حماد … به.
ثم أخرجه (٤/ ٣٤٦) من طريق عبد العزيز بن محمد: أبَنَا هشام بن عروة … بلفظ:

٦ ‏/ ٢٣٢
اعتمر ثلاث عُمَرٍ: عمرة في شوال، وعمرتين في ذي القَعْدَةِ.
وإسناده قوي، كما قال الحافظ (٣/ ٤٧٣).
وهذا صحيح على شرط مسلم، وهو أصح عندي من اللفظ الأول؛ لأنه قد تابعه مالك في «الموطأ» (١/ ٣١٦) عن هشام بن عروة … به؛ إلا أنه لم يذكر عائشة في إسناده؛ فأرسله.
والموصول أصح؛ لاتفاق ثقتين عليه.
وللفظ الثاني شاهد من حديث أبي هريرة … مرفوعًا به؛ دون ذكر شوال؛ وقال:
كلها في ذي القَعْدَةِ.
أخرجه البيهقي (٤/ ٣٤٥) بسند جيد.
وآخر من حديث ابن عمروٍ … مثل حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (٢/ ١٨٠).
ولحديث عائشة طريق أخرى، وهو في الكتاب الآخر (٣٤١) … مثل حديث أبي هريرة؛ ليس فيه شوال.
وهذا هو المحفوظ، كما حققه ابن القيم في «الزاد» (١/ ٢٥٧)، و«التهذيب» (١/ ٤٢٤)، وقال فيه:
«والوهم من عروة أو من هشام؛ إلا أن يحمل على أنه ابتدأ إحرامها في شوال، وفعلها في ذي القعدة، فتتفق الأحاديث كلها. والله أعلم».
٦ ‏/ ٢٣٣
١٧٣٩ – عن ابن عباس قال:
اعتمر رسول الله ﷺ أربع عُمَرٍ: عمرة الحديبية، والثانية حين تواطَأُوا على عمرة مِنْ قابل، والثالثة من الجِعْرَانَةِ، والرابعة التي قَرَنَ مع حجته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»).
إسناده: حدثنا النفيلي وقتيبة قالا: ثنا داود بن عبد الرحمن العَطَّار عن عمرو ابن دينار عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الترمذي (٨١٦) … بإسناد المصنف الثاني، وقال:
«حديث حسن غريب. ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة: أن النبي ﷺ … لم يذكر فيه: عن ابن عباس». ثم ساق إسناده الصحيح بذلك.
وأقول: داود بن عبد الرحمن -وهو العطار- ثقة من رجال الشيخين، وقد وصله بذكر ابن عباس فيه، وهي زيادة من ثقة؛ فيجب قبولها، وقد صححه من يأتي ذكرهم.
ويشهد له حديث أنس الذي بعده.
وأخرجه الدارمي (٢/ ٥١)، وابن حبان (١٠١٨)، والحاكم (٣/ ٥٠)، والبيهقي (٥/ ١٢)، وأحمد (١/ ٢٤٦ و٣٢١) من طرق أخرى عن داود بن عبد الرحمن … به. وقال الحاكم:
٦ ‏/ ٢٣٤
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
قلت: ولو زادا: «على شرط الشيخين» -كما قلنا- لأصابا.

١٧٤٠ – عن أنس:
أن رسول الله ﷺ اعتمر أربع عُمَرٍ؛ كلَّهن في ذي القَعْدَةِ؛ إلا التي مع حَجَّتِهِ -قال أبو داود: أتقنت من ها هنا من هُدْبَةَ، وسمعته من أبي الوليد ولم أضبطه-: زمنَ الحديبية -أو من الحديبية- في ذي القعدة، وعمرة من الجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غنائمَ حنينٍ في ذي القعدة، وعمرة في حجته.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وهدبة بن خالد قالا: ثنا همام عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٤٧٤) … بإسنادي المصنف عن همام.
وأخرجه مسلم (٤/ ٦١)، والبيهقي (٥/ ١٠) … بإسناده الثاني عنه.
ثم أخرجه مسلم، والترمذي (٨١٥)، وأحمد (٣/ ١٣٤ و٢٤٥ و٢٥٦) من طرق أخرى عن همام … به. وقال الترمذي.
«حديث حسن صحيح».

٦ ‏/ ٢٣٥
٨١ – بابُ المُهِلَّةِ بالعمرة تَحِيضُ، فيدركها الحجُّ، فتَنْقُض عمرتها، وتُهِلُّ بالحج؛ هل تَقْضِي عمرتها؟
١٧٤١ – عن عبد الرحمن بن أبي بكر:
أن رسول الله ﷺ قال لعبد الرحمن:
«يا عبد الرحمن! أرْدِفْ أختك عائشة، فأعْمِرْها من التنعيم، فإذا هبطت بها من الأكَمَةِ؛ فلتحرم؛ فإنها عمرة متقبَّلة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الشيخان مختصرًا دون قوله: «فإذا هبطتَ …». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا داود بن عبد الرحمن: حدثني عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن يوسف بن، ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر عن أبيها.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٣٥٨) من طريق المصنف … به.
ثم أخرجه هو، والدارمي (٢/ ٥٢)، وأحمد (١/ ١٩٨) من طرق أخرى عن داود بن عبد الرحمن … به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر … مختصرًا كما بينته فوق، وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٩٠).
٦ ‏/ ٢٣٦
١٧٤٢ – عن مُحَرِّشٍ الكَعْبِيِّ قال:
دخل النبيُّ ﷺ الجِعْرَانَة، فجاء إلى المسجد، فركع ما شاء الله، ثم أحرم، ثم استوى على راحلته، فاستقبل بطن سَرِفَ، حتى لقي طريق المدينة، فأصبح بمكة كبائتٍ.
(قلت: حديث صحيح، دون قوله: فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله .. فإنه منكر، وبدونه حسنه الترمذي والحافظ).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا سعيد بن [مزاحم بن] أبي مزاحم: حدثني أبي مزاحمٌ عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسِيدٍ عن مُحَرِّش الكعبي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير سعيد بن مزاحم، فهو مجهول، لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير قتيبة بن سعيد، ولذلك قال الحافظ فيه:
«مقبول»؛ يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة. وقد توبع، إلا على الركوع في المسجد، فهو منكر.
والحديث أخرجه الترمذي (٩٣٥)، والنسائي (٢/ ٢٩)، والدارمي (٢/ ٥٢)، والبيهقي (٤/ ٣٥٧)، وأحمد (٣/ ٤٢٦ و٤٢٧) -من طريق ابن جريج-، والنسائي، والشافعي (١/ ٢٩٨)، وعنه البيهقي وأحمد أيضًا -عن إسماعيل بن أمية- كلاهما عن مزاحم بن أبي مزاحم … به.
وأخرجه الحميدي (٨٦٣) عن إسماعيل … مختصرًا. وقال الترمذي: «حسن غريب»!
ولفظه عند أحمد عن ابن جريج:
٦ ‏/ ٢٣٧
خرج من الجعرانة معتمرًا، فدخل مكة ليلًا، ثم خرج من تحت ليلته، فأصبح بالجعرانة كبائت، فلما زالت الشمس؛ أخذ في بطن سَرِفَ، حتى جامع الطريق طريقَ المدينةِ، فلذلك خفيت عمرته [على كثير من الناس].
وزاد إسماعيل في حديثه:
فنظرت إلى ظهره؛ كأنه سَبِيكَةُ فضة.
والحديث أشار إليه الحافظ في «الفتح» (٣/ ٤٧٣)، وسكت عليه؛ مشيرًا إلى أنه حسن عنده.

٨٢ – باب المُقَامِ في العُمْرةِ
١٧٤٣ – عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ أقام في عمرة القضاء ثلاثة.
(قلت: حديث صحيح. أخرجه الشيخان من حديث البراء مطولًا).
إسناده: حدثنا داود بن رُشَيْدٍ: ثنا يحيى بن زكريا: ثنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح وعن ابن أبي نَجِيحٍ عن مجاهد عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له شاهدًا قويًّا من حديث البراء بن عازب … في حديثه الطويل في صلح الحديبية.
أخرجه البخاري (٧/ ٤٠٤ – ٤٠٩)، ومسلم (٥/ ١٧٤)، وأحمد (٤/ ٢٨٩ و٢٩١ و٣٠٢).

٦ ‏/ ٢٣٨
وقد أخرج المصنف طرفًا منه فيما تقدم (١٦٠٨).

٨٣ – باب الإفاضة في الحج
١٧٤٤ – عن ابن عمر:
أن النبي ﷺ أفاض يوم النحر، ثم صلى الظهر بمنى؛ يعني: راجعًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وعلقه البخاري. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم، وعلقه البخاري. ومن عزاه للمتفق عليه؛ فقد وهم! كما بينته في «الإرواء» (١٠٧٠)، والحديث مخرج هناك.

١٧٤٥ – عن أم سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إليَّ فيها رسول الله ﷺ مساءَ يوم النحر، فصار إليَّ، ودخل عليَّ وَهْبُ بن زَمْعَةَ، ومعه رجل من آل أبي أمية مُتقمِّصين، فقال رسول الله ﷺ لوهب:
«هل أفَضْتَ يا أبا عبد الله؟ !». قال: لا والله يا رسول الله! قال ﷺ:
«انْزِعْ عنك القميصَ». قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قال: لِمَ يا رسول الله؟ ! قال:
“إن هذا يوم رُخِّصَ لكم -إذا أنتم رميتم الجمرة- أن تَحِلُّوا -يعني-

٦ ‏/ ٢٣٩
من كل ما حُرِمْتُم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت؛ صِرْتُمْ حُرُمًا، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، قبل أن تطوفوا به».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقواه أحد رواته، وهو أبو عبيدة بن عبد الله ابن زَمْعَةَ التابعي، ثم الحافظ ابن حجر. واستدركه الحاكم. وقال ابن القيم: «إن الحديث محفوظ» وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين -المعنى واحد- قالا: ثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق: ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرِّج لابن إسحاق إلا مقرونًا، وقد صرح بالتحديث.
وأبو عبيدة بن عبد الله روى عنه جمع من الثقات، وروى له مسلم في «الرضاع» (٤/ ١٦٩).
على أنه لم يتفرد به، وقد قوّاه ابن القيم كما يأتي.
والحديث في «المسند» (٦/ ٢٩٥): ثنا محمد بن أبي عدي … به.
وعنه: الطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٤١٢)؛ وزاد أحمد: قال محمد: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس ابنة مِحْصَن -وكانت جارة لهم- قالت:
خرج من عندي عُكَّاشة بن مِحْصَنٍ في نفر من بني أسَد متقمصين عشيةَ يوم النحر، ثم رجعوا إليَّ عِشَاءً قُمُصُهُمْ على أيديهم يحملونها. قالت: فقلت: أيْ عُكَّاشة! ما لكم خرجتم متقمصين، ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها؟ ! فقال: أخبرتنا أم قيس:
٦ ‏/ ٢٤٠
كان هذا يومًا قد رُخِّصَ لنا فيه -إذا نحن رمينا الجمرة- حللنا من كل ما حُرِمنا منه؛ إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف به؛ صرنا حرمًا لهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة، حتى نطوف به. ولم نطف؛ فجعلنا قمصنا كما تَرَيْنَ.
وهكذا -وبهذه الزيادة-: أخرجه الحاكم (١/ ٤٨٩ – ٤٩٠)، وعنه البيهقي (٥/ ١٣٧) من طريق أخرى عن يحيى بن معين. ثنا ابن أبي عدي … به.
وسقط من «المستدرك» ما بعد قوله: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس … فيصحح من «البيهقي»، وبسببه لم نعرف ما إذا كان الحاكم صححه -كما هي عادته-، أم سكت عنه -كما يفعل أحيانًا-؟ !
والغريب أن السقط نفسه وقع من «تلخيص المستدرك» أيضًا! وقال ابن القيم في «التهذيب» (٢/ ٤٢٧) -عقب الزيادة-:
«وهذا يدل على أن الحديث محفوظ؛ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه، وعن أمه، وعن أم قيس».
وأشار الحافظ إلى تقويته بسكوته عليه في «التلخيص» (٢/ ٢٦٠). وهو بلا شك قوي؛ لما سبق من حال إسناده، وما يأتي له من المتابعات والشواهد.
ثم أخرجه البيهقي، وأحمد (٦/ ٣٠٣)، والطبراني (١٨/ ٢٣ – ٢٤) من طريقين آخرين عن ابن إسحاق: حدثني أبو عبيدة … به؛ وزاد أحمد: قال أبو عبيدة:
أوَلا يَشُدُّ لك هذا الأثرُ إفاضةَ رسول الله ﷺ من يومه ذلك قبل أن يمسي؟ !
قلت: يشير إلى حديث ابن عمر قبله. ونحوه حديث جابر الطويل المتقدم (١٦٦٣).
٦ ‏/ ٢٤١
ولابن إسحاق فيه إسناد آخر، فقال أحمد: ثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن يزيد بن رومان عن خالد مولى الزبير بن نَوْفَلٍ قال: حدثتني زينب ابنة أبي سلمة عن أمها أم سلمة … هذا الحديث.
ورجاله ثقات؛ غير خالد هذا، فقال الحافظ في «التعجيل»:
«لا يُدْرَى من هو؟ !».
وللحديث شواهد تقويه من حديث عائشة وابن عباس … مرفوعًا نحوه؛ دون قوله: «فإذا أمسيتم …»؛ وقد مضى الكلام عليهما عند حديث عائشة رقم (١٧٢٧).
ويشهد لسائره ما أخرجه الطحاوي (١/ ٤١٨) عن عبد الله بن لهيعة قال: ثنا أبو الأسود عن عروة عن جُدَامة بنت وهب -أخت عكاشة بن وهب-:
أن عُكَّاشة بن وهب -صاحب النبي ﷺ وأخًا له آخر جاءاها حين غابت الشمس يوم النحر، فألقيا قميصهما. فقالت: ما لكما؟ ! فقالا: إن رسول الله ﷺ قال:
«من لم يكن أفاض منها (وفي رواية: من عشية هذه)؛ فليلق ثيابه». وكانوا تطيَّبوا ولبسوا الثياب.
قلت: ورجاله ثقات كلهم؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكن لا بأس به في الشواهد.
فالحديث -بمجموع ما ذكرته من الطرق- صحيح عندي، وقد سكت عنه الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٢٥٨ و٢٦٠)، وقال:
٦ ‏/ ٢٤٢
«قال البيهقي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بهذا الحديث. وذكر ابن حزم أنه مذهب عروة بن الزبير».
قلت: وحكاه الطحاوي عن قوم من أهل العلم. والله أعلم.

١٧٤٦ – عن ابن عباس:
أن النبيَّ ﷺ لم يَرْمُلْ في السَّبْعِ الذي أفاض فيه.
(قلت: حديث صحيح، وكذا قال الحاكم، وزاد: «على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي، وقواه الحافظ).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود: أخبرنا ابن وهب: حدثني ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان ابن جريج سمعه من عطاء، لكن سأذكر ما يقويه.
وسليمان: هو المَهْرِيُّ المصري.
والحديث أخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٤٩)، والحاكم (١/ ٤٧٥)، والبيهقي (٥/ ٨٤) من طرق أخرى عن ابن وهب … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
ويشهد له حديث ابن عمر … مرفوعًا:
«كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف …» الحديث.
أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد مضى برقم (١٦٥٤).

٦ ‏/ ٢٤٣
٨٤ – باب الوداع
١٧٤٧ – عن ابن عباس قال:
كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال النبي ﷺ:
«لا يَنْفِرَنَّ أحد، حتى يكون آخرَ عهدِهِ الطوافُ بالبيتِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود، وأخرجه الشيخان بنحوه مرفوعًا؛ وزادا: إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض).
إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الشافعي (٢/ ٧٣)، وأحمد (١/ ٢٢٢)، والحميدي (٥٠٢) قالوا: ثنا سفيان … به.
وأخرجه مسلم (٤/ ٩٣)، والدارمي (٢/ ٧٢)، وابن ماجة (٢/ ٢٥١)، وابن الجارود (٤٩٥)، والبيهقي (٥/ ١٦١) من طرق عن سفيان … به.
ولسفيان فيه إسناد آخر، يرويه عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: أُمِرَ الناس أن يكون آخرُ عهدِهِمْ بالبيتِ إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض.
أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في «الإرواء» (١٠٨٦)، وزاد البخاري في رواية عن طاوس قال: وسمعت ابن عمر يقول:
٦ ‏/ ٢٤٤
إنها لا تنفر.
ثم سمعته يقول بَعْدُ:
إن النبي ﷺ رَخَّصَ لهنَّ.

٨٥ – باب الحائض تخرج بعد الإفاضة
١٧٤٨ – عن عائشة:
أن رسول الله ﷺ ذكر صَفِيَّةَ بنت حُيَيٍّ، فقيل: إنها قد حاضت، فقال رسول الله ﷺ:
«لعلها حابستنا!»، فقالوا: يا رسول الله! إنها قد أفاضت! فقال: «فلا إذن».
(قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٦٣) … بهذا الإسناد.
وعنه: أخرجه البيهقي.
وأخرجه أحمد (٦/ ٢٠٢ و٢٠٧ و٢١٣ و٢٣١) من طرق أخرى عن هشام … به.
وأخرجه الشيخان من طريق الزهري عن أبي سلمة وعروة عنها.
وابن الجارود (٤٩٦)، وأحمد (٦/ ١٦٤) عنه عن عروة وحده.

٦ ‏/ ٢٤٥
وله عنها طرق أخرى في «الصحيحين» وغيرهما، وهي مخرجة في «الإرواء» (١٠٦٩).

١٧٤٩ – عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال:
أتيت عمر بن الخطاب، فسألته عن المرأة تَطُوُفُ بالبيت يوم النحر، ثم تحيض؟
قال: لِيَكُنْ آخرُ عهدها بالبيت.
قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله ﷺ. قال: فقال عمر:
أرِبْتَ عن يديك! سألتني عن شيء سألتَ عنه رسول الله ﷺ؛ لكيما أخالف؟ !
(قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: «حسن». لكن الحديث منسوخ بحديث عائشة الذي قبله وغيره).
إسناده: حدثنا عمرو بن عوف: أخبرنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد ابن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث بن عبد الله بن أوس، وهو صحابي. وقال المنذري:
«إسناده حسن، وأخرجه النسائي».
والحديث أخرجه الطحاوي (١/ ٤٢١)، وكذا النسائي في «الكبرى» (٢/ ٤٦٣ – ٤٦٤)، وأحمد (٣/ ٤١٦ – ٤١٧) من طرق أخرى عن أبي عوانة … به.
وأخرجه أحمد، والترمذي (٩٤٦) من طريق الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك

٦ ‏/ ٢٤٦
ابن المغيرة عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن عمرو بن أوس عن الحارث بن عبد الله. وقال الترمذي:
«حديث غريب» .. بلفظ:
«من حج البيت أو اعتمر؛ فليكن آخر عهده بالبيت». فقال له عمر: خَرَرْتَ من يديك! سمعت هذا من رسول الله ﷺ ولم تخبرنا به! !
وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن البيلماني، وعنعنة الحجاج بن أرطاة؛ فإنه كان مدلسًا.
والحديث منسوخ؛ كما قال الطحاوي.
لكن من المحتمل أنه لم يذكر فيه الحائض صراحة، وإنما استدل الحارث بعمومه، كما هو لفظه في رواية ابن البيلماني. وحينئذٍ فهو مخصَّص بحديث عائشة وابن عباس اللذين قبله. والله أعلم.

٨٦ – باب طواف الوداع
١٧٥٠ – عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أحْرَمْتُ من التنعيم بعمرةٍ، فَدَخَلْتُ فقضيتُ عمرتي، وانتظرني رسول الله ﷺ بالأبطح حتى فرغت، وأمر الناس بالرَّحيل.
قالت: وأتى رسول الله ﷺ البيتَ فطاف به، ثم خرج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري باللفظ الذي بعده).

٦ ‏/ ٢٤٧
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن أفلح عن القاسم عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه باللفظ الذي بعده.

١٧٥١ – وفي رواية عنها قالت:
خرجت معه -يعني: مع النبي ﷺ في النَّفْرِ الآخر، فنزل المُحَصَّبَ … في هذا الحديث؛ قالت: ثم جئته بِسَحَرٍ؛ فأذَّن في أصحابه بالرحيل، فارتحل، فمرَّ بالبيت قبل صلاة الصبح، فطاف به حين خرج، ثم انصرف متوجهًا إلى المدينة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد إسنادي البخاري هو عين إسناد المصنف).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا أبو بكر -يعني: الحنفي-: ثنا أفلح عن القاسم عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأفلح: هو ابن حُمَيْدٍ الأنصاري.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٣٢٨) … بإسناد المصنف ولفظه، ولكنه ساقه بتمامه.
ثم أخرجه هو (٣/ ٤٨٣)، ومسلم (٤/ ٣١)، والبيهقي (٥/ ١٦١) من طرق أخرى عن أفلح … به.

٦ ‏/ ٢٤٨
٨٧ – باب التحصيب
١٧٥٢ – عن عائشة [قالت]:
إنما نزل رسول الله ﷺ المُحَصَّبَ ليكون أسمح لخروجه، وليس بسنةٍ؛ فمن شاء نزله، ومن شاء لم ينزله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن هشام عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «المسند» (٦/ ١٩٠) … بهذا المسند والمتن.
وأخرجه البيهقي (٥/ ١٦١) عن المصنف.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٣/ ٤٦٦)، ومسلم (٤/ ٨٥)، والترمذي (٩٢٣) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، وابن ماجة (٢/ ٢٥١)، وأحمد أيضًا (٦/ ٤١ و٢٠٧ و٢٣٠) من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به.
وتابعه الزهري: وأخبرني عروة عنها:
أنها لم تكن تفعل ذلك، وقالت: إنما نزله رسول الله ﷺ؛ لأنه كان منزلًا أسمح لخروجه.
أخرجه أحمد (٦/ ٢٢٥)؛ وسنده صحيح على شرط الشيخين.
٦ ‏/ ٢٤٩
١٧٥٣ – عن أبي رافع قال:
لم يأمرني أن أنزله، ولكن ضَرَبْتُ قُبَّتَهَ فنزله.
قال مسدد: وكان على ثَقَلِ النبي ﷺ.
قال عثمان: يعني: في الأبطح.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة -المعنى-. (ح) وثنا مسدد قالوا: ثنا سفيان: ثنا صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار قال: قال أبو رافع …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الحميدي في «مسنده» (٥٤٩): ثنا سفيان … به؛ دون ذكر الثقل.
وزاد عن سفيان: وكان عمرو بن دينار يحدث بهذا الحديث عن صالح بن كيسان، فلما قدم صالح علينا قال لنا عمرو: اذهبوا إليه فاسألوه عن هذا الحديث.
ورواه البيهقي (٥/ ١٦١) من طريق الحميدي.
وأخرجه مسلم (٤/ ٨٥) من طرق أخرى عن سفيان … به؛ دون زيادة الحميدي؛ وعنده ذكر الثقل.
ولم أر الحديث في «مسند أحمد»! والله أعلم.
٦ ‏/ ٢٥٠
١٧٥٤ – عن أسامة بن زيد قال:
قلت: يا رسول الله! أين ننزل غدًا -في حجته-؟ قال:
«هل ترك لنا عَقِيلٌ منزلًا؟ !». ثم قال:
«نحن نازلون غدًا بِخَيْفِ بني كِنَانَةَ، حيث قاسمت قريشٌ على الكفر»؛ يعني: المحصَّب.
وذلك أن بني كنانة حالفت قريشًا علي بني هاشم: أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يُؤْوُوْهُمْ.
قال الزهري: والخَيْفُ: الوادي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «المسند» (٥/ ٢٠٢) … بهذا السند والمتن.
وأخرجه البخاري (٦/ ١٣١ – ١٣٢)، ومسلم (٤/ ١٠٨)، وابن ماجة (٢/ ٢٢١)، والبيهقي (٥/ ١٦٠) من طرق أخرى عن عبد الرزاق … به.
وتابعه يونس بن يزيد عن ابن شهاب … به نحوه مختصرًا.
أخرجه البخاري (٣/ ٣٥٤)، ومسلم، وابن ماجة (٢/ ١٦٤).
وتابعه محمد بن أبي حفصة أيضًا: عند أحمد (٥/ ٢٠١)، والبخاري (٨/ ١١)، ومسلم -وقرن معه زمعة بن صالح- وقالا:
٦ ‏/ ٢٥١
وذلك زمن الفتح.
ورجح الحافظ رواية معمر، فقال:
«ومعمر أوثق وأتقن من محمد بن أبي حفصة».
قلت: لكن مع ابن أبي حفصة: زمعة بن صالح، وهذا وإن كان في حفظه ضعف، فمتابعته لا بأس بها.
وقد يجمع بين الروايتين بتعدد القصة. والله أعلم.
ويشهد لرواية معمر: حديث أبي هريرة الآتي:

١٧٥٥ – عن أبي هريرة:
أن رسول الله ﷺ قال -حين أراد أن يَنْفِرَ من منى-:
«نحن نازلون غدًا …» فذكر نحوه؛ ولم يذكر أوله، ولا ذكر: الخيف: الوادي.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا عمر: ثنا أبو عمرو -يعني: الأوزاعي- عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عمر -وهو ابن عبد الواحد-، ومحمود، وهما ثقتان، وقد توبعا.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٣٧): ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي … به.
وأخرجه البخاري (٣/ ٣٥٥)، ومسلم (٤/ ٨٦)، والبيهقي (٥/ ١٦٠)، وأحمد

٦ ‏/ ٢٥٢
(٢/ ٥٤٠) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم … به.
ورواه البخاري (٨/ ١٢)، ومسلم، وأحمد (٢/ ٢٦٣ و٣٢٢ و٣٥٣) من طرق أخرى عن الزهري، وعن أبي هريرة.

١٧٥٦ – عن بكر بن عبد الله ونافع:
أن ابن عمر كان يَهْجَعُ هَجْعَةً بالبَطْحَاءِ، ثم يدخل مكة، ويزعم أن رسول الله ﷺ كان يفعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري عن نافع وحده أتمَّ منه).
إسناده: حدثنا موسى أبو سلمة: ثنا حماد عن حُمَيْدٍ عن بكر بن عبد الله وأيوب عن نافع: أن ابن عمر كان …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد -وهو ابن سلمة-؛ فإنه على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه البخاري بنحوه، كما يأتي في الذي بعده.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٨ – ٢٩)، ثنا رَوْحٌ: ثنا حماد عن حميد عن بكر بن عبد الله: أن ابن عمر …

١٧٥٧ – وفي رواية عنهما:
أن النبي ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم هَجَعَ هَجْعَةً، ثم دخل مكة. وكان ابن عمر يفعله.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري من طريق

٦ ‏/ ٢٥٣
أخرى عن نافع وحده؛ دون دخول مكة).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة: أخبرنا حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر. وأيوب عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كالذي قبله.
والحديث في «المسند» (٢/ ١٠٠) … سندًا ومتنًا.
ثم أخرجه (٢/ ١١٠ و١٢٤) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة … به؛ إلا أنه قال:
ثم دخل فطاف بالبيت.
وأخرجه البخاري (٣/ ٤٦٧)، والبيهقي (٥/ ١٦٠) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر … به؛ دون ذكر الدخول والطواف.

٨٨ – باب فيمن قَدَّمَ شيئًا قبل شيء في حَجِّهِ
١٧٥٨ – عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه قال:
وَقَفَ رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنىً يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! إني لم أشْعُرْ، فحلَقْتُ قبل أن أذبح؟ ! فقال رسول الله ﷺ: «اذبحْ ولا حَرَجَ».
وجاء رجل آخر؛ فقال: يا رسول الله لم أشْعُرْ، فَنحَرْتُ قبل أن أرميَ؟ قال:
«ارْمِ ولا حَرَجَ».

٦ ‏/ ٢٥٤
قال: فما سُئِلَ يومئذ عن شيء قُدِّمَ أو أُخِّرَ؟ إلا قال:
«اصْنَعْ ولا حَرَجَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٦٨) … سندًا ومتنًا.
وعنه: أخرجه أحمد أيضًا (٢/ ١٩٢)، والبخاري (٣/ ٤٤٨ – ٤٥١)، ومسلم (٤/ ٨٢ – ٨٣)، والدارمي (٢/ ٦٤)، والبيهقي (٥/ ١٤٠ – ١٤١) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه البخاري أيضًا (٣/ ٤٥١)، ومسلم، والترمذي (٩١٦) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، والدارمي أيضًا، وابن ماجة (٢/ ٢٤٦)، وابن الجارود (٤٨٧ و٤٨٨)، والبيهقي، وأحمد (٢/ ٢٠٢ و٦٩٥٧ و٧٠٣٢)، والحميدي (٥٨٠) من طرق أخرى عن ابن شهاب … به.
وللحديث شواهد، منها: حديث ابن عباس … نحوه: عند الشيخين، ومضى برقم (١٧٣١).
ومنها: حديث أسامة بن شريك، وهو الآتي بعده.
٦ ‏/ ٢٥٥
١٧٥٩ – عن أسامة بن شَرِيكٍ قال:
خَرَجْتُ مع النبي ﷺ حاجًّا، فكان الناس يأتونه، فمن قال: يا رسول الله! سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئًا، أو أخرت شيئًا؟ فكان يقول:
«لا حرجَ، لا حرجَ؛ إلا على رَجُلٍ اقتَرَضَ عِرْضَ رجل مسلم وهو ظالم؛ فذلك الذي حَرِجَ وهَلَكَ».
(قلت: إسناده صحيح؛ لكن قوله: سعيت قبل أن أطوف .. شاذ، وقد أشار إلى ذلك البيهقي بقوله: «إن كان محفوظًا». وبدونه صححه ابن حبان والحاكم).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الشيباني عن زياد بن عِلاقةَ عن أسامة بن شريك.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أسامة بن شريك، وهو صحابي، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٤٦) من طريق المصنف، وقال:
«هذا اللفظ: سعيت قبل أن أطوف .. غريب، تفرد به جرير عن الشيباني. فإن كان محفوظًا؛ فكأنه سأله عن رجل سعى عَقِبَ طواف القدوم قبل طواف الإفاضة؟ فقال:»لا حرج«. والله أعلم»! وتعقبه ابن التركماني بقوله:
«هذه الصورة مشهورة، وهي التي فعلها النبي ﷺ. فالظاهر أنه لا يسأل عنها، وإنما سأل عن تقديم السعي على طواف الإفاضة (الأصل: القدوم)، وعموم قول الصحابي: فما سئل عن شيء قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قال:»افعل ولا حرج” يدل
٦ ‏/ ٢٥٦
على جواز ذلك. وهو مذهب عطاء والأوزاعي، واختاره ابن جرير الطبري في»تهذيب الآثار«…»!
قلت: وهذا كلام سليم، ولكنه لم يتعرض لإشارة البيهقي إلى كون اللفظ المذكور شاذًا بنفي أو إثبات! والأمر الأول أرجح عندي، وليس ذلك لمجرد تفرد جرير -وهو ابن عبد الحميد-؛ بل لمخالفة الثقات له.
منهم: أسباط بن محمد فقال: ثنا أبو إسحاق الشيباني … به؛ إلا أنه لم يذكر تلك اللفظة؛ بل قال:
فسئل عمن حلق قبل أن يذبح، أو ذبح قبل أن يحلق.
أخرجه الطحاوي (١/ ٤٢٣)، والحاكم (٤/ ١٩٨)، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي.
ثم أخرجه هو (٤/ ١٩٨ و٣٩٩ – ٤٠٠)، وابن حبان (١٩٢٤ و١٩٢٥)، وأحمد (٤/ ٢٧٨) من طرق أخرى عن زياد بن علاقة … به أتمَّ منه؛ دون اللفظة، وإنما بلفظ:
وسألوه عن أشياء: هل علينا حرج في كذا وكذا؟ .
والحديث أخرج المصنف طرفًا آخر منه في أول «الطب»، وسيأتي هناك إن شاء الله تعالى.

٨٩ – باب في مكة
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

٦ ‏/ ٢٥٧
٩٠ – باب تحريم حَرَمِ مكة
١٧٦٠ – عن أبي هريرة قال:
لمَّا فتح الله تعالى على رسول الله ﷺ مَكَّةَ؛ قام رسول الله ﷺ فيهم، فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:
«إن الله حَبَسَ عن مكة الفِيلَ، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين، وإنما أُحِلَّتْ لي ساعةً من النهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يُعْضَدُ شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صيدُها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنْشِدٍ».
فقام عباس -أو قال: قال العباس-: يا رسول الَله! إلا الإِذْخِرَ؛ فإنه لقبورنا وبيوتنا؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«إلا الإذخر».
قال أبو داود: «وزادنا فيه ابن المُصَفَّى عن الوليد: فقام أبو شَاهٍ -رجل من أهل اليمن-، فقال: يا رسول الله! اكتبوا لي. فقال رسول الله ﷺ:
»اكتبوا لأبي شاه«. قلت للأوزاعي: ما قوله:»اكتبو لأبي شاه«؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله ﷺ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي: حدثني يحيى -يعني: ابن أبي كثير- عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
٦ ‏/ ٢٥٨
والحديث في «المسند» (٢/ ٢٣٨) … سندًا ومتنًا كما رواه المصنف عنه؛ لكن فيه الزيادة التي رواها ابن المصفى عن الوليد.
وهذا -فيما يبدو لي- مما لم يسمعه المصنف عن أحمد، وسمعه ابنه عنه. لكن هذا قد زاد زيادة أخرى، فقال -بعد أن ساق إسناد أبيه المذكور-: قال أبي: وأبو داود: حدثنا حرب عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة: ثنا أبو هريرة -المعنى- قال … فذكره.
وفي هذه الزيادة فائدة تصريح يحيى بالتحديث.
وقد أخرجه الدارمي (٢/ ٢٦٥) من طريق أخرى عن حرب … به.
والبخاري (١/ ١٦٦) من طريق شيبان عن يحيى عن أبي سلمة … به.
ثم أخرجه هو (٥/ ٦٦)، ومسلم (٤/ ١١٠) من طرق عن الوليد بن مسلم … به مسلسلًا بالتحديث.
وأخرجه الطحاوي (١/ ٤٣٧).
وتابعه الوليد بن مَزْيَدٍ: ثنا الأوزاعي … به مسلسلًا كذلك: أخرجه ابن الجارود (٥٠٨)، والبيهقي (٥/ ١٩٥) … نحوه.

١٧٦١ – عن ابن عباس … في هذه القصة؛ قال:
«ولا يُختلى خَلاها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس.

٦ ‏/ ٢٥٩
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ٣٨) … بإسناد المصنف؛ لكنه ساقه بتمامه، وفيه الجملة التي ذكرها المصنف.
ثم أخرجه هو (٣/ ٣٥٢ و٦/ ٢١٨)، ومسلم (٤/ ١٠٩)، والنسائي (٢/ ٣٠)، والبيهقي (٥/ ١٩٥) من طرق أخرى عن جرير … به. وهو عند النسائي مختصر.
ثم أخرجه هو، ومسلم، وابن الجارود (٥٠٩)، وأحمد (١/ ٢٥٩ و٣١٥) من طرق أخرى عن منصور … به.
والطحاوي (١/ ٤٣٧) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد … به.
وتابعه عكرمة عن ابن عباس … به: أخرجه البخاري (٣/ ١٦٦ و٤/ ٢٥٣ و٥/ ٦٦)، والبيهقي، وأحمد (١/ ٢٥٣).
ومعمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس: أخرجه أحمد (١/ ٣٤٨).
وسنده على شرط الشيخين. لكن خالفه زكريا بن إسحاق فقال: حدثنا عمرو ابن دينار عن عكرمة عنه: علقه البخاري، ووصله الإسماعيلي وأبو نعيم، كما في «الفتح»، ولم يتعرض لرواية معمر بذكر! ولعلها شاذة. والله أعلم.

٩١ – باب في نَبِيذِ السِّقَايَةِ
١٧٦٢ – عن بكر بن عبد الله قال:
قال رجل لابن عباس: ما بال أهل هذا البيت يَسْقُونَ النبيذَ، وبنو عَمِّهِمْ يَسْقُونَ اللبن والعسل والسَّوِيقَ؟ ! أبُخْلٌ بهم، أم حاجةٌ؟
فقال ابن عباس: ما بنا من بخلٍ، ولا بنا من حاجةٍ، ولكن دخل

٦ ‏/ ٢٦٠
رسول الله ﷺ على راحلته، وخلفه أسامة بن زيد، فدعا رسول الله ﷺ بشراب، فأُتِيَ بنبيذ، فَشَرِبَ منه، ودفع فَضْلَهُ إلى أسامة بن زيد، فشرب منه، ثم قال رسول الله ﷺ:
«أحْسَنْتُمْ وأجْمَلْتُمْ، كذلك فافعلوا». فنحن هكذا؛ لا نريد أن نُغَيِّرَ ما قال رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: ثنا خالد عن حُمَيْدٍ عن بكر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم.
وخالد: هو ابن عبد الله الطحان.
وحميد: هو الطويل.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٨٦)، والبيهقي (٥/ ١٤٧)، وأحمد (١/ ٣٦٩ و٣٧٢) من طرق أخرى عن حميد … به.

٩٢ – باب الإقامة بمكة
١٧٦٣ – عن عبد الرحمن بن حُمَيْدٍ:
أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن يزيد: هل سمعت في الإقامة بمكة شيئًا؟
قال: أخبرني ابن الحضرمي: أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
«للمهاجرين إقامةٌ بَعْدَ الصَّدْرِ ثلاثًا».

٦ ‏/ ٢٦١
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز -يعني: الدراوردي- عن عبد الرحمن ابن حميد: أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن الدراوردي قرنه البخاري بغيره، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٧/ ٢١٣)، ومسلم (٤/ ١٠٨ – ١٠٩)، والترمذي (٩٤٩) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، والنسائي (١/ ٢١٢)، والدارمي (١/ ٣٥٥)، وابن ماجة (١/ ٣٣٢)، وابن الجارود (٢٢٥)، والبيهقي (٣/ ١٤٧)، وأحمد (٤/ ٣٣٩ و٥/ ٥٢) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن حميد … به نحوه.
وتابعه أبوه حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن السائب بن يزيد أخبره … به.
أخرجه مسلم والنسائي والدارمي والبيهقي وأحمد، وابن سعد (٢/ ١٨٩) من طريق إسماعيل بن محمد بن سعد عنه.

٩٣ – باب الصلاة في الكعبة
١٧٦٤ – عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله ﷺ دخل الكعبة، هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة الحَجَبِيُّ وبلال، فأغلقها عليه، فمكث فيها.
قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالًا حين خرج: ما صنع رسول الله ﷺ؟ فقال:

٦ ‏/ ٢٦٢
جعل عمودًا عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة-، ثم صلى».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٥٤) … سندًا ومتنًا.
وكذلك أخرجه أحمد (٢/ ١١٣ و١٣٨)، والبخاري (١/ ٤٥٨)، ومسلم (٤/ ٩٥)، والنسائي (١/ ١٢٢)، والبيهقي (٥/ ١٥٧) من طرق عن مالك … به؛ وزاد النسائي وغيره كما يأتي قريبًا:
وجعل بينه وبين الجدار نحوًا من ثلاثة أذرع.
وسنده صحيح.
ثم أخرجه البخاري (١/ ٤٥٩ و٣/ ٣٦٦)، ومسلم، وابن ماجة (٢/ ٢٥٠)، وأحمد، والحميدي (١٤٩) من طرق أخرى عن نافع … به نحوه.
وتابعه سالم بن عبد الله عن أبيه … نحوه.
أخرجه البخاري (٣/ ٣٦٣)، ومسلم أيضًا، والنسائي (١/ ١١٢)، وأحمد (٢/ ١٢٠).
وتابعه مجاهد عن ابن عمر … نحوه؛ وزاد:
ركعتين.
أخرجه البخاري.
٦ ‏/ ٢٦٣
ويشهد لهذه الزيادة أحاديث؛ منها حديث عمر الآتي بعد روايتين.

١٧٦٥ – وفي رواية عنه … بهذا؛ لم يذكر السواري، قال:
ثم صلى؛ وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذْرَمِيُّ: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك … بهذا.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الأذرمي هذا، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١١٣ و١٣٨): ثنا عبد الرحمن بن مهدي … به.
وتابعه على هذه الزيادة: ابن القاسم قال: حدثني مالك … به: أخرجه النسائي (١/ ١٢٢) كما تقدم.
وتابعه موسى بن عقبة عن نافع … به.
أخرجه البخاري (١/ ٤٥٩ و٣/ ٣٦٦).

١٧٦٦ – وفي أخرى عنه عن النبي ﷺ … بمعنى حديث القعنبي (يعني: الرواية الأولى)؛ قال:
ونسيتُ أن أسأله: كم صلى؟
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.

٦ ‏/ ٢٦٤
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٩٥): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة … به، وساقه بتمامه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (٢/ ٣٣ و٥٥) من طرق أخرى عن عبيد الله … به.
وهو أيضًا، والبيهقي، والحميدي (١٤٩)، وكذا ابن ماجة (٢/ ٢٥٠) من طرق أخرى عن نافع … به؛ وعند مسلم وغيره: أن ذلك كان عام الفتح.
واعلم أن قوله في هذه الرواية: ونسيت أن أسأله: كم صلى؟ ينافي رواية مجاهد عن ابن عمر المتقدمة آنفًا: أنه صلى ركعتين!
وقد جمع الحافظ بينهما بوجه لا بأس به؛ فراجع (١/ ٣٩٧).
ويشهد للركعتين الحديث الآتي.

١٧٦٧ – عن عبد الرحمن بن صفوان قال:
قلت لعمر بن الخطاب: كيف صنع رسول الله ﷺ حين دخل الكعبة؟ قال:
صلى ركعتين.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن بن صفوان -وهو ابن قُدَامَة الجُمَحِيُّ-، فقد اختلفوا في صحبته.

٦ ‏/ ٢٦٥
ويزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي مولاهم- فيه ضعف من قبل حفظه.
لكن للحديث شواهد تقويه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٣١): ثنا أحمد بن الحجاج: أنا جرير … به؛ وفي أوله قصة فتح مكة.
وأخرجه الطبراني أيضًا بإسناد؛ قال الحافظ (١/ ٣٩٨):
«صحيح».
قلت: فلعله عنده من غير طريق يزيد بن أبي زياد؛ فإن كان كذلك؛ ثبتت صحبة عبد الرحمن بن صفوان؛ لأن سياق أحمد والطبراني يدل على أنه كان حاضرًا حين صلى الرسول ﷺ. وقال الهيثمي (٣/ ٢٩٦):
«رواه الطبراني، ورجاله رجال (الصحيح)». وعزاه (٣/ ٢٩٥) للبزار، وقال: «ورجاله رجال (الصحيح)»!
وفاته هو والحافظ: أنه في «المسند»؛ فلم يعزواه إليه!
ويغلب على ظني الآن أن سنده عند البزار والطبراني فيه الهاشمي أيضًا، وهو من رجال مسلم مقرونًا، ولذلك قال الهيثمي متسامحًا:
«ورجاله رجال (الصحيح)»! وتلقاه عنه الحافظ، فقال:
«إسناده صحيح»! ظانًّا أن رجاله كلهم محتج بهم في «الصحيح»، وهو المتبادر من ذلك القول. وخفي عليه أن الهاشمي من رجاله لم يحتج به مسلم. والله أعلم.
وللحديث شواهد أخرى، تراها في «الفتح».
٦ ‏/ ٢٦٦
١٧٦٨ – عن ابن عباس:
أن النبي ﷺ لما قَدِمَ مكة؛ أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأُخرجت، قال: فأخْرَجَ صورةَ إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام، فقال رسول الله ﷺ:
«قاتلهم الله! والله! لقد علموا ما اقتسما بها قَطُّ».
قال: ثم دخل البيت؛ فكبَّر في نواحيه وفي زواياه، ثم خرج ولم يصلِّ فيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج: ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٣٦٧) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه هو (٨/ ١٣)، والبيهقي (٥/ ١٥٨)، وأحمد (١/ ٣٣٤) من طريق عبد الوارث: ثنا أيوب … به. وقال البيهقي.
«والقول قول من قال: صلى؛ لأنه شاهد. والذي قال: لم يصل؛ ليس بشاهد».
قلت: وكذا قال البخاري في «جزء رفع اليدين».
ولدخوله البيت ومَحْوِ الصور شاهد بسند حسن عن جابر، يأتي في «اللباس» [٤٨ – باب في الصور].
٦ ‏/ ٢٦٧
٩٤ – باب الصلاة في الحِجْرِ
١٧٦٩ – عن عائشة أنها قالت:
كنت أُحِبُّ أن أدْخُلَ البيت فأصليَ فيه، فأخذ رسول الله ﷺ بيدي، فأدخلني الحِجْرَ، فقال:
«صَلِّي في الحجر إذا أردت دخول البيت؛ فإنما هو قطعة من البيت؛ فإن قومك اقتصروا حين بَنَوُا الكعبة، فأخرجوه من البيت».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز عن علقمة عن أمه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، أو محتمل للتحسين على الأقل، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أم علقمة -واسمها مرجانة-، روى عنها أيضًا بُكَيْرُ بن الأشَجِّ، ذكرها ابن حبان في «الثقات». وقال العجلي:
«مدنية تابعية ثقة».
وصحح لها الترمذي كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٨٧٦)، والنسائي (٢/ ٣٥)، وأحمد (٦/ ٩٢) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وله طريق أخرى، أخرجه البيهقي (٥/ ١٥٨) -عن علي بن عاصم-، وأحمد (٦/ ٦٧) -عن حماد بن سلمة-، والأزرقي في «أخبار مكة» (ص ٢٢٣) -عن خالد بن عبد الله- كلهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن عائشة
٦ ‏/ ٢٦٨
رضي الله عنها … بمعناه.
وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط، وهؤلاء سمعوا منه في الاختلاط؛ إلا أن حمادًا سمع منه قبل الاختلاط أيضًا. والله أعلم.
والشطر الأخير من المرفوع منه: أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق كثيرة عنها، يزيد بعضهم على بعض، وقد جمعت أطرافه، وضممت بعضها إلى بعض في سياق واحد، مع تخريجه في «الصحيحة» (٤٣).

٩٥ – باب في دخول الكعبة
١٧٧٠ – عن صَفِيَّةَ بنت شيبة قالت: سمعت الأسلَمِيَّةَ تقول:
قلت لعثمان: ما قال لك رسول الله ﷺ حين دعاك؟ قال:
«إني نسيت أن آمرَكَ أن تُخَمِّرَ القَرْنَيْنِ؛ فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيتِ شيءٌ يَشغَلُ المُصَلِّيَ».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا ابن السرح وسعيد بن منصور ومسدد قالوا: ثنا سفيان عن منصور الحَجَبِيِّ: حدثني خالي عن أمي صفية بنت شيبة.
قال ابن السرح: خالي مُسَافعُ بن شَيْبَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الأسلمية، وهي صحابية بايعت النبي ﷺ، وهي أم عثمان ابنة سفيان، وهي أم بني شيبة الأكابر، كما يأتي في رواية لأحمد، وهي التي روت عن ابن عباس حديث:
«ليس على النساء حلق …»، وقد مضى (١٧٣٢).

٦ ‏/ ٢٦٩
ومنصور: هو ابن عبد الرحمن الحَجَبِيُّ.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٦٨ و٥/ ٣٨٠)، والحميدي (٥٦٥) قالا: ثنا سفيان … به؛ إلا أنهما قالا: عن صفية بنت شيبة -زاد أحمد- أم منصور- قالت: أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا … زاد أحمد: قال سفيان:
لم يزل قرنا الكبش في البيت، حتى احترق البيت، فاحترقا.
وخالفه محمد بن عبد الرحمن فقال: عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه عن أم عثمان ابنة سفيان، وهي أم بني شيبة الأكابر -قال محمد بن عبد الرحمن- وقد بايعت النبي ﷺ:
أن النبي ﷺ دعا شيبة، ففتح، فلما دخل البيت ورجع وفرغ، ورجع شيبة؛ إذا رسولُ رسول الله ﷺ: أن أجب. فأتاه، فقال:
«إني رأيت في البيت قرنًا فغيِّبْهُ».
قال منصور: فحدثني عبد الله بن مسافع عن أمي عن أم عثمان بنت سفيان: أن النبي ﷺ قال له في الحديث:
«فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يُلْهي المصلِّين».
أخرجه أحمد.
لكن محمد بن عبد الرحمن هذا -وهو أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبي-؛ قال الدارقطني:
«متروك».
وقد خالفه أخوه في إسناده ومتنه؛ فلا يُعْبَأُ به.
٦ ‏/ ٢٧٠
٩٦ – باب في مال الكعبة
١٧٧١ – عن شيبة -يعني: ابن عثمان- قال:
قعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقعدك الذي أنت فيه، فقال: لا أخْرُجُ حتى أَقْسِمَ مالَ الكعبة. قال: قلت: ما أنت بفاعلٍ. قال: بلى لأفعلَنَّ. قال: قلت: ما أنت بفاعل. قال: لِمَ؟
قلت: لأن رسول الله ﷺ قد رأى مكانه، وأبو بكر رضي الله عنه، وهما أحوج منك إلى المال، فلم يحَرِّكاه! فقام فخرج.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الشيباني عن واصل الأحدب عن شَقِيقٍ عن شيبة -يعني: ابن عثمان-.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الكوفي.
والمحاربي قال أحمد: «كان يدلس»؛ لكنه قد توبع.
وواصل: هو ابن حَيَّان.
والحديث أخرجه ابن ماجة (٢/ ٢٦٩): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا المحاربي … به أتم منه، وقال في آخره:
فلم يحركاه، فقام كما هو، فخرج.
ولم أر الحديث في «المسند» من طريق المحاربي! وإنما عن سفيان الثوري، فقال
٦ ‏/ ٢٧١
(٣/ ٤١٠): ثنا وكيع: ثنا سفيان عن واصل الأحدب … به: ثنا عبد الرحمن عن سفيان … به.
وأخرجه البخاري (١٣/ ٢١٢) من طريق أخرى عن عبد الرحمن … به. وقال الحافظ:
«وعبد الرحمن: هو ابن مهدي. وسفيان: هو الثوري».
وتابعه خالد بن الحارث: حدثنا سفيان … به نحوه.

٩٧ – باب
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

٩٨ – باب في إتيان المدينة
١٧٧٢ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ:
«لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى».
(قلت: أخرجه الشيخان. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع.

٦ ‏/ ٢٧٢
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٣٨)، والحميدي (٩٤٣): ثنا سفيان … به.
وأخرجه البخاري (٤/ ٤٩)، ومسلم (٤/ ١٢٦)، وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان … به.
وكذلك رواه ابن الجارود (٥١٠).
وله طريقان آخران عن أبي هريرة.
وشاهدان من حديث أبي سعيد الخدري، وابن عمرو بن العاص؛ وذلك كله مخرج في «الإرواء» (٩٧٠).

٩٩ – باب في تحريم المدينة
١٧٧٣ – عن علي رضي الله عنه قال:
ما كتبنا عن رسول الله ﷺ؛ إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال: قال رسول الله ﷺ:
«المدينة حرام: ما بين عَائِرٍ إلى ثَورٍ، فمن أحدث حَدَثًا، أو آوى مُحْدِثًا؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ، ولا صَرْفٌ! ذِمَّةُ المسلمين واحدة؛ يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ ولا صَرْفٌ! ومن والى قومًا بغير إذن مواليه؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ ولا صَرْفٌ!».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).

٦ ‏/ ٢٧٣
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٩٦) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (٦/ ٢١٤) … بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه هو (٤/ ٦٨ و٦/ ٢١٠ و١٢/ ٣٤ و١٣/ ٢٣٥)، ومسلم (٤/ ١١٥)، وأحمد (١/ ٨١ و١٢٦) من طرق أخرى عن الأعمش … به.

١٧٧٤ – ومن طريق أخرى عنه رضي الله عنه … في هذه القصة عن النبي ﷺ قال:
«لا يُخْتَلَى خَلاها، ولا يُنَفَّرُ صيدُها، ولا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُها؛ إلا لمن أشَادَ بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يصلح أن يَقْطَعَ منها شجرة؛ إلا أن يَعْلِفَ رَجُلٌ بعيره».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الصمد: ثنا همام: ثنا قتادة عن أبي حسان عن علي رضي الله عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير أبي حسان -وهو الأعرج البصري-، وهو ثقة من رجال مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ١١٩): ثنا بَهْز: ثنا همام … به.
وأخرجه البيهقي (٥/ ٢٠١) من طريق المؤلف.

٦ ‏/ ٢٧٤
ومن طريق هُدْبَةَ: ثنا همام … به.
١٧٧٤ / م-عن سليمان بن كنانة مولى عثمان بن عفان: أخبرنا عبد الله ابن أبي سفيان عن عدي بن زيد قال:
حمى رسول الله ﷺ كلَّ ناحية من المدينة بريدًا بريدًا؛ لا يخبط شجره، ولا يعضد؛ إلا ما يساق به الجمل.
(قلت: إسناده ضعيف (*)، مسلسل بالمجهولين: عدي بن زيد فنازلًا).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أن زيد بن الحباب حدثهم: ثنا سليمان بن كنانة …
قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن أبي سفيان -وهو مولى ابن أبي أحمد-؛ قال الذهبي في ترجمته بعد أن ساق الحديث:
«لا يعرف عدي إلا بهذا الحديث، ولا يُدرى من هو عبد الله في خلق الله، تفرد به عنه سليمان بن كنانة، وما هو بالمشهور».
وعبد الله هذا روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال ابن القطان:
«لا يعرف حاله». وقال المنذري:
«هو في معنى المجهول».
وسليمان بن كنانة -وهو الأموي؛ مولى عثمان- روى عنه أيضًا أبو عامر العقدي والواقدي. قال أبو حاتم:


(*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من «الضعيف» إلى هنا. انظر نهاية التخريج. (الناشر).
٦ ‏/ ٢٧٥
«لا أعرفه». وقال الحافظ:
«مجهول الحال». لكن ذكر في ترجمة عدي بن زيد الجذامي من «الإصابة»؛ أنه تابعه إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عدي بن زيد الأنصاري. وقال:
«فيحتمل أن يكون هذا جذاميًّا حَالَفَ الأنصارَ».
قلت: لكن إبراهيم هذا متروك؛ فلا فائدة من متابعته.
وروي من طريق الفضل عن جابر مختصرًا.
أخرجه البزار (١١٦٠)، وقال:
«لا يروى إلا من هذا الوجه، والفضل بن مبشر صالح الحديث».
قلت: وتعقبه الحافظ في «مختصر الزوائد» فقال (١/ ٤٧٩):
«قلت: بل ضعيف».
ثم وجدت للحديث شاهدين آخرين؛ أحدهما صحيح، فخرجت الحديث مع شواهده في «الصحيحة» (٣٢٣٤)، ولذلك قررت نقله إلى «الصحيح».

١٧٧٥ – عن سليمان بن أبي عبد الله قال:
رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلًا يصيد في حَرَمِ المدينة الذي حرم رسول الله ﷺ، فَسَلَبَهُ ثيابه، فجاء مواليه، فكلَّمُوه فيه! فقال:
إن رسول الله ﷺ حَرَّمَ هذا الحرم، وقال:
«من أخذ أحدًا يصيد فيه؛ فَليسلُبهُ». فلا أرُدُّ عليكم طُعْمَةً أطْعَمَنِيها رسولُ الله ﷺ، ولكن إن شئتم؛ دفعتُ إليكم ثَمَنَهُ.

٦ ‏/ ٢٧٦
(قلت: حديث صحيح؛ لكن قوله: يصيد .. منكر، والمحفوظ: يقطع شجرًا .. كما رواه مسلم من طريق أخرى، والمصنف من الطريق الآتية).
إسناده: حدثنا أبو سلمة. ثنا جرير -يعني: ابن حازم-: حدثني يعلى بن حَكِيمٍ عن سليمان بن أبي عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن أبي عبد الله؛ قال أبو حاتم:
«ليس بالمشهور؛ فيعتبر بحديثه».
وذكره ابن حبان في «الثقات»! وقال البخاري وأبو حاتم:
«أدرك المهاجرين والأنصار». وفي «التقريب»:
«مقبول». يعني: عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي.
وأبو سلمة: موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكِيُّ.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٩٩) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (١/ ١٧٠): ثنا عفان: ثنا جرير بن حازم … به.
وتابعه عامر بن سعد.
أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدًا يقطع شجرًا أو يخبطه؛ فسلبه … الحديث نحوه.
أخرجه مسلم (٤/ ١١٣)، وأحمد (١/ ١٦٨)، والبيهقي.
٦ ‏/ ٢٧٧
١٧٧٦ – ومن طريق مولىً لسعد:
أن سعدًا وَجَدَ عَبِيدًا من عَبِيد المدينة يقطعون من شجر المدينة، فأخذ متاعهم، وقال -يعني: لمواليهم-:
سمعت رسول الله ﷺ ينهى أن يقطع من شجر المدينة شيء، وقال: «من قطع منه شيئًا؛ فَلِمَنْ أخذه سَلَبُهُ».
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم من طريق عامر بن سعد عن أبيه نحوه).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن مولى لسعد.
قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا أن مولى سعد لم يسم! ولعله سليمان بن أبي عبد الله الذي قبله.
وقد تابعه عامر بن سعد؛ كما سبق ذكره في الذي قبله، فالحديث به صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ١٩٩) من طريق الطيالسي: ثنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة: حدثني بعض ولد سعد عن سعد … به.
وهذا يرجح احتمال أن يكون هذا البعض هو عامر بن سعد، الذي من طريقه أخرجه مسلم، كما سبق تخريجه آنفًا.

١٧٧٧ – عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله ﷺ قال:
«لا يُخْبَطُ ولا يُعْضَدُ حِمَى رسولِ الله ﷺ، ولكن يُهَشُّ هَشًّا رقيقًا».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان).

٦ ‏/ ٢٧٨
إسناده: حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القَطَّان: ثنا محمد بن خالد: أخبرني خارجة بن الحارث الجُهَنِيُّ: أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث: وهو ابن رافع بن مَكِيثٍ الجُهَني، وروى عنه أيضًا ابن أخيه محمد بن خالد بن رافع، وذكره ابن حبان في «الثقات». وقال ابن القطان:
«لا يعرف».
ومحمد بن خالد: هو ابن رافع بن مَكِيثٍ؛ فيما جزم به الحافظ. وقال في «التقريب»:
«مستور».
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٢٠٠) من طريق المصنف.
وهو، وابن حبان (٣٧٤٤) من طريق أخرى عن خارجة بن الحارث … به.
وله طريق أخرى رواها ابن لهيعة: أنا أبو الزبير قال: أخبرني جابر … مرفوعًا:
«… حرام ما بين حَرَّتَيْها وحِمَاها كلها، لا يقطع منها شجرة؛ إلا أن يعلف رجل منها …».
أخرجه أحمد (٣/ ٣٩٣).
وسنده حسن في المتابعات والشواهد. وأصله في «مسلم» (٤/ ١١٣).
ويشهد له حديث عليٍّ المتقدم (١٧٧٤).
وحديث أبي سعيد … مرفوعًا نحوه: عند مسلم (٤/ ١١٧).
٦ ‏/ ٢٧٩
١٧٧٨ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ كان يأتي قُبَاءَ ماشيًا وراكبًا -زاد ابن نمير: ويصلي ركعتين-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وليس عند البخاري الزيادة).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة عن ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني، وعلى شرط البخاري من الوجه الأول؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٥٣) … بإسناد المصنف الأول الذي ليس فيه الزيادة.
ومسلم (٤/ ١٢٧)، والبيهقي (٥/ ٢٤٨) من طرق أخرى عن ابن نمير … به مع الزيادة.
وعلقه البخاري.
وأخرجه مالك (١/ ١٨١)، ومسلم، وأحمد (٢/ ٤) من طرق أخر عن نافع … به دون الزيادة.
ومسلم، والنسائي (١/ ١١٣)، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن عمر … به.
٦ ‏/ ٢٨٠
١٠٠ – باب زيارة القبور
١٧٧٩ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«ما من أحد يُسَلِّمُ عليّ؛ إلا رَدَّ الله عَلَيَّ روحي، حتى أرُدَّ عليه السلام».
(قلت: إسناده حسن، وقال العراقي: «جيد»، وقال الحافظ: «رجاله ثقات»).
إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا المقرئ: ثنا حَيْوَة عن أبي صخر حُمَيْدِ ابن زياد عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْطٍ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير أن حميد بن زياد قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، ولا ينزل ذلك حديثه عن مرتبة الحسن. وإلى ذلك أشار الحافظ بقوله:
«صدوق يهم». ولذلك قال في «الفتح» (٦/ ٣٧٩):
«ورجاله ثقات». وقال شيخه الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ٢٧٩):
«سنده جيد».
والمقرئ: هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المصري.
ومن طريقه: رواه الطبراني في «الأوسط» (٣١١٦).
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٥٢٧): ثنا عبد الله بن يزيد … به.
٦ ‏/ ٢٨١
وأخرجه البيهقي (٥/ ٢٤٥) وغيره من طريق أخرى عن المقرئ … به؛ وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٢٦٦).

١٧٨٠ – وعنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم».
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ، وحسنه ابن القيم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: قرأت على عبد الله بن نافع: أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
ومن طريق المؤلف: البيهقي في «شعب الإيمان» (٣/ ٤٩١).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ على ضعف في حفظ عبد الله بن نافع -وهو الصائغ-؛ لكنه هنا قد حدث من كتابه، وقد قال ابن حبان وغيره:
«كان صحيح الكتاب، وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ». ولذلك قال الحافظ في «الفتح» (٦/ ٣٧٩):
«سنده صحيح». وقال ابن القيم في «إغاثة اللهفان» (١/ ١٩١):
«إسناده حسن؛ رواته كلهم ثقات مشاهير».
وله شاهد من طريق أهل البيت رضي الله عنهم: عند القاضي إسماعيل بن إسحاق في «فضل الصلاة على النبي ﷺ» رقم (٢٠ و٣٠ – بتحقيقي) و«تحذير الساجد» (ص ١٤٠).

٦ ‏/ ٢٨٢
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٧): ثنا سُرَيْجٍ قال: ثنا عبد الله بن نافع … به.

١٧٨١ – عن رِبيعَةَ بن الهُدَيْرِ قال:
ما سمعت طلحة بن عبيد الله يحدِّث عن رسول الله ﷺ حديثًا قطُّ غير حديث واحد.
قال: قلت: وما هو؟ قال:
خرجنا مع رسول الله ﷺ، يريد قبور الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حَرَّةِ (واقم)، فلما تدلينا منها؛ فإذا قبور بِمَحْنِيَةٍ، قال: قلنا: يا رسول الله! أقبور إخواننا هذه؟ قال:
«قبور أصحابنا». فلما جئنا قبور الشهداء؛ قال:
«هذه قبور إخواننا».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا حامد بن يحيى: ثنا محمد بن مَعْنٍ المَدَنِيُّ: أخبرني داود بن خالد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ربيعة -يعني: ابَن الهُدَيْرِ-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
وربيعة: ابن الهدير -ويقال: ربيعة بن عبد الله بن الهدير-.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٢٤٩) من طريق أخرى عن حامد بن يحيى … به.
وأخرجه هو، وأحمد (١/ ١٦١) من طريق علي بن عبد الله: ثنا محمد بن معن الغِفاري … به.

٦ ‏/ ٢٨٣
١٧٨٢ – عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله أنَاخَ بالبطحاء الني بذي الحليفة، فصلى بها. فكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وفي رواية لهما: كان إذا صدر من الحج أو العمرة؛ أناخ …).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٥٨) … سندًا ومتنًا.
وعنه أيضًا: أخرجه البخاري (٣/ ٣٠٥)، ومسلم (٤/ ١٠٦)، والنسائي (٢/ ٧)، والبيهقي (٥/ ٢٤٤ – ٢٤٥)، وأحمد (٢/ ٢٨ و١١٢ و١٣٨) من طرق عنه … به.
وتابعه موسى بن عقبة عن نافع؛ بلفظ:
أن عبد الله بن عمر كان إذا صدر من الحج أو العمرة؛ أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة، التي كان يُنيخُ بها رسول الله ﷺ.
أخرجه البخاري (٣/ ٤٦٧)، ومسلم أيضًا، والبيهقي وأحمد (٢/ ٨٧).
وتابعه عبيد الله عن نافع … بلفظ:
وأن رسول الله ﷺ كان إذا خرج إلى مكة؛ يصلي في مسجد الشجرة، وإذا رجع؛ صلى بذي الحليفة وببطن الوادي، وبات حتى يصبح.
أخرجه البخاري (٣/ ٣٠٥).
ورواه المصنف مختصرًا، وقد مضى برقم (١٦٣١).
٦ ‏/ ٢٨٤
١٧٨٣ – قال مالك:
لا ينبغي لأحد أن يجاوز المُعَرَّسَ إذا قَفَلَ راجعًا إلى المدينة؛ حتى يصلي ما بدا له؛ لأنه بلغني:
أن رسول الله ﷺ عَرَّس به.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين مقطوعًا).
إسناده: حدثنا القعنبي قال: قال مالك …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما.
وهو في «الموطأ» عقب الحديث الذي قبله.

١٧٨٤ – سمعت محمد بن إسحاق المدني قال: المُعَرَّس: على ستة أميال من المدينة.
(قلت: محمد بن إسحاق هذا: هو المُسَيَّبِيُّ، ثقة من شيوخ مسلم).
أخرجه البيهقي (٥/ ٢٤٥) من طريق المصنف.
(فائدة): المعرس: مكان معروف بذي الحليفة، قال الحافظ:
«وكل من الشجرة والمعرس على ستة أميال من المدينة، لكن المعرس أقرب، وهو وادي العقيق، وهو بقرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال».
آخر كتاب «المناسك» من «صحيح أبي داود»
وكان الفراغ منه قُبَيْلَ صُبْحِ عرفة بساعتين من يوم الاثنين ٩/ ١٢ / ١٣٩٤ هـ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – كتاب الطهارة -5

١١٣ – باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر ٣١٩ – عن سُمَيٍّ …