١ – باب فيمن خَبَّبَ امرأة على زوجها
١٨٩٠ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«ليس مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرأة على زوجها، أو عبدًا على سَيِّدِهِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا زيد بن الحُبَابِ: ثنا عمار بن رُزيق عن عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يَعْمَرَ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد صححه من ذكر آنفًا.
وله شاهدان مخرجان في «الصحيحة» (٣٢٤ و٣٢٥).
٢ – باب في المرأةِ تسألُ زوجَها طلاقَ امرأةٍ له؟
١٨٩١ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تَسْألِ المرأةُ طلاقَ أختها لِتَسْتَفْرغَ صَحْفَتَها، ولِتَنْكِحَ؛ فإنما لها ما قُدِّرَ لها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
والحديث في «الموطأ» (٣/ ٩٣ – ٩٤) … سندًا ومتنًا.
وعنه أيضًا: أخرجه البخاري (١١/ ٤١٨).
ثم أخرجه هو (٩/ ١٨٠)، ومسلم (٤/ ١٣٦)، والنسائي (٢/ ٢١٧)، وأحمد (٢/ ٢٣٨ و٣١١ و٤١٠ و٤٨٩ و٥٠٨ و٥١٦) من طرق عدة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
٣ – باب في كراهية الطلاق
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٤ – باب في طلاقِ السُّنَّةِ
١٨٩٢ – عن نافع عن عبد الله بن عمر:
أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله ﷺ، فسأل عمرُ بنُ الخطاب رسولَ اللهِ ﷺ، عن ذلك؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُر، ثم تَحيِضَ، ثم تَطُهْرَ، ثم إن شاء أمسك بعد ذلك، وإن شاء طَلَّقَ قبل أن يَمَسَّ؛ فتلك العِدَّةُ التي أمر اللهُ سبحانه أن تُطَلَّقَ لها النِّساءُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن الجارود).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.
والحديث في «الموطأ» (٢/ ٩٦) … إسنادًا ومتنًا.
وعنه: أخرجه الشيخان وغيرهما.
ومن طريق غيره أيضًا عن نافع. وهو مخرج في «الإرواء» (٢٠٥٩)، وقد استوعبت فيه طائفة كبيرة من طرقه، فبلغت (١٣) طريقًا.
١٨٩٣ – وفي رواية عنه:
أن ابن عمر طَلَّقَ امرأة له وهي حائض، تطليقه … بمعنى حديث مالك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسناد المصنف).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضًا على شرطهما.
وقد أخرجه مسلم (٤/ ١٧٩) بإسناد المصنف وغيره عن الليث … به؛ وزاد: واحدة … وساق متنه بتمامه، وقال:
«جَوَّدَ الليث في قوله: تطليقة واحدة».
قلت: تابعه عليه عبيد الله بن عمر عن نافع: رواه النسائي.
وتابعه أيوب عنه: عند عبد الرزاق (١٠٩٥٤).
أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ للنبيِّ ﷺ؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«مُرْهُ فليراجعها، ثم ليُطَلِّقْها إذا طَهرَتْ، أو وَهِيَ حاملٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، وكذا ابن الجارود. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه هو وغيره، وقد ذكرت بعضهم أعلاه، وهو مخرج في «الإرواء» (٢٠٥٩).
١٨٩٥ – وفي رواية عنه:
أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ لرسول الله ﷺ؟ ! فتغيَّظَ رسول الله ﷺ، ثم قال:
«مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ، ثم تحيضَ فتَطْهُرَ، ثم إن شاء؛ طلَّقَها طاهرًا قبل أن يَمَسَّ؛ فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله عز وجل».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب: أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه.
والحديث أخرجه البخاري (٨/ ٥٢٩ – ٥٣٠)، ومسلم (٤/ ١٨٠)، والنسائي (٢/ ٩٤)، وأحمد (٢/ ١٣٠) من طرق أخرى عن ابن شهاب … به؛ وزاد مسلم وغيره:
وكان عبد الله طلقها تطليقةً، فحُسِبَتْ من طلاقها، وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله ﷺ.
١٨٩٦ – وعن يونس بن جُبَيْرٍ:
أنه سأل ابن عمر، فقال: كَمْ طَلَّقْت امرأتك؟ فقال: واحدة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين: أخبرني يونس بن جبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (١٠٩٥٩) … بهذا الإسناد أتمَّ منه.
١٨٩٧ – وفي رواية عنه قال: سألت عبد الله بن عمر؛ قال:
قلت: رجل طلق امرأته وهي حائض؟
قال: تَعْرِفُ عبد الله بن عمر؟ قلت: نعم.
قال: فإن عبد الله بن عمر طَلَّقَ امرأته وهي حائض، فأتى عمرُ النبيَّ ﷺ فسأله؟ فقال:
قال: قلت: فَيُعْتَدُّ بها؟
قال: فَمَهْ! أرأيت إن عَجَزَ واستحمق؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا يزيد -يعني: ابن إبراهيم- عن محمد بن سيرين: حدثني يونس بن جبير.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما كالترمذي، وقال:
«حديث حسن صحيح». وهو مخرج في المصدر السابق.
١٨٩٨ – عن أبي الزبير:
أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر -وأبو الزبير يسمع- قال:
كيف ترى في رجل طَلَّقَ امرأته حائضًا؟ قال:
طَلَّقَ عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله ﷺ، فسأل عمر رسول الله ﷺ؛ فقال: إن عبد الله بن عمر طَلَّق امرأته وهي حائض؟ قال عبد الله: فردَّها عليَّ ولم يَرَهَا شيئًا، وقال:
«إذا طَهُرَتْ؛ فليطلِّق أو ليُمْسِكْ».
قال ابن عمر: وقرأ النبي ﷺ:
«(يا أيها النبيُّ إذا طلقتم النساء فطلِّقوهن) في قُبُلِ عِدتهِن».
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير.
قال أبو داود: «رَوى هذا الحديثَ عن ابن عمر: يونسُ بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل؛ معناهم كلهم: أن النبي ﷺ أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر. وأما رواية الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر: أن النبي ﷺ أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. ورُوي عن عطاء الخراساني عن الحسن عن ابن عمر … نحو رواية نافع والزهري. والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير»!
قلت: كذا قال المصنف رحمه الله! وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير شيخه أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
وأبو الزبير؛ إنما يخشى منه العنعنة، وقد صرح بالسماع، فوجب قبول حديثه؛ لا سيما ولم يتفرد بهذا اللفظ؛ بل تابعه سعيد بن جبير في رواية عنه عن ابن عمر قال:
وسنده صحيح.
ولذلك كان لا بد من تأويل الرد المذكور فيه بما لا يعارض الحديث الذي قبله وما في معناه، لا سيما ما كان صريحًا في الرفع، وقد ذكرنا آنفًا ما تأوله به العلماء. ومن شاء التفصيل؛ فعليه بـ «فتح الباري» (٩/ ٢٨٨ – ٢٩١)، ففيه ما يكفي ويشقي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٧/ ٣٠٩ – ٣١٠/ ١٠٩٦٠) … إسنادًا ومتنًا.
وأخرجه البيهقي (٧/ ٣٢٧) من طريق المصنف.
ومسلم (٤/ ١٨٣) من طريق أخرى عن عبد الرزاق … به؛ لكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ رواية حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج … فذكره دون قوله: ولم يرها شيئًا.
وكذلك أخرجه ابن الجارود (٧٣٣) عن حجاج … به.
وقد أشار مسلم إلى زيادة عبد الرزاق هذه؛ فقال عقب حديثه: «وفيه بعض الزيادة». وقال:
«أخطأ حيث قال: (عروة)؛ وإنما هو (مولى عَزَّة)».
قلت: وتابعه على هذه الزيادة: رَوْحُ بن عبادة فقال: ثنا ابن جريج … به: أخرجه أحمد (٢/ ٨٠).
١٨٩٩ – عن مُطَرِّفِ بن عبد الله:
أن عمران بن حصين سئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها ولم يُشْهِدْ على طلاقها ولا على رجعتها؟ فقال:
طَلَّقْتَ لغير سُنَّةٍ، وراجعت لغير سنَّةٍ! أشهِد على طلاقها وعلى رجعتها؛ ولا تعد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا بشر بن هلال أن جعفر بن سليمان حدثهم عن يزيد الرِّشْكِ عن مطرف بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وله طريق أخرى خرجته في «الإرواء» (٢٠٧٨).
٦ – باب في سنة طلاق العبد
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٧ – باب في الطلاق قبل النكاح
١٩٠٠ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي ﷺ قال:
«لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك -زاد ابن الصَّبَّاح: ولا وفاء نذر إلا فيما تملك-».
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام. (ح) وثنا ابن الصَّبَّاح: ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قالا: ثنا مَطَرٌ الوَرَّاق عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
ومطر الوراق فيه ضعف، لكنه قد توبع، كما في الرواية التي بعدها وغيرها.
والحديث أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (١/ ٢٨١)، والبيهقي (٧/ ٣١٨) من طريق أخرى عن مسلم بن إبراهيم … به؛ دون زيادة ابن الصباح: «ولا وفاء …».
ثم أخرجه هو، والطحاوي والدارقطني (ص ٤٣١)، وأحمد (٢/ ١٩٠) من طرق أخرى عن مطر … به؛ وفيه الزيادة عند الدارقطني وأحمد.
ولها شاهد: عند الطحاوي عن علي، وهو مخرج في «الإرواء» (١٧٥١).
وتابعه عامر الأحول عن عمرو بن شعيب … به؛ ولكنه قال:
«ولا يمين فيما لا يملك»، بدل: «ولا بيع إلا فيما تملك».
أخرجه أحمد والدارقطني والترمذي (١١٨١)؛ دون فقرة البيع وبديلها، وقال:
«حديث حسن صحيح».
ولابن الجارود (٧٤٣) الفقرة الأولى والثانية.
١٩٠١ – وفي رواية عنه … بإسناده ومعناه؛ زاد:
«من حلف على معصية؛ فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم؛ فلا يمين له».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير: حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ وعبد الرحمن بن الحارث: هو المخزومي، كما في الرواية الآتية، وهو صدوق له أوهام.
١٩٠٢ – وفي أخرى عنه … أن النبي ﷺ قال في هذا الخبر؛ زاد:
«ولا نذر إلا فيما ابتُغِي به وجه الله تعالى ذِكْرُهُ».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد أخرج الزيادة الواردة فيه: أحمد (٢/ ١٨٥) من طريق أخرى عن المخزومي … به.
١٩٠٣ – عن محمد بن عُبَيْدِ بن أبي صالح -الذي كان يسكن إيلياء- قال:
خرجت مع عَدِيِّ بن عَدِيِّ الكِنْدِيِّ حتى قدمنا مكة، فبعثني إلى صفية بنت شيبة، وكانت قد حفظت من عائشة، قالت: سمعت عائشة تقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«لا طلاق ولا عتاق في غِلاق».
قال أبو داود: «الغِلاق: أظنُّهُ الغضب».
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي، ولفظه عنده وآخرين: «إغلاق»؛ وهو المحفوظ كما قال الخَطَّابي).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري أن يعقوب حدثهم قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق عن ثور بن يزيد الحمصي عن محمد بن عبيد بن أبي صالح.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير محمد بن عبيد هذا، فهو ضعيف كما جزم به الحافظ تبعًا لأبي حاتم، ولم يرو عنه غير ثور هذا وعبيد الله بن أبي جعفر المصري. ولذلك قال الذهبي في «الميزان»:
«مُقِلٌّ جدًّا، ضعفه أبو حاتم».
وابن إسحاق قد صرح بالتحديث في رواية الإمام أحمد.
وقد خولف في إسناده؛ لكن رجح أبو حاتم رواية ابن إسحاق هذه.
وله متابعون خرجتهم في «الإرواء» (٢٠٤٧)؛ انتهيت فيه إلى أن الحديث
٩ – باب في الطلاق على الهَزْلِ
١٩٠٤ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«ثلاث جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرجعة».
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»، ووافقه الحافظ، ومن قبله الخطابي، وصححه ابن الجارود والحاكم).
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد- عن عبد الرحمن ابن حبيب عن عطاء بن أبي رَباح عن ابن ماهِك عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن حبيب -وهو ابن أرْدكَ المدني-، وقد روى عنه جمع من الثقات، ولذلك وثقه ابن حبان والحاكم. لكن قال النسائي:
«منكر الحديث».
ولينه الذهبي والعسقلاني.
لكن لحديثه شاهد مرسل صحيح الإسناد، وشواهد أخرى موصولة، خرجتها في «الإرواء» (١٨٢٦).
والحديث أخرجه سعيد بن منصور (٣/ ٣٧٣ / ١٦٠٣): نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي … به. وراجع المصدر السابق.
١٩٠٥ – عن ابن عباس:
﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ …﴾ الآية؛ وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته؛ فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا؛ فنُسِخَ ذلك؛ وقال: ﴿الطلاق مرتان …﴾ الآية.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه؛ حيث أخرج المصنف به متنًا آخر برقم (١٨٢٢). وقد خرجت هذا في «الإرواء» (٢٠٨٠)، وذكرت له شاهدًا مرسلًا صحيح الإسناد.
وروي موصولًا عن عائشة؛ وصححه الحاكم ورده الذهبي.
١٩٠٦ – عن ابن عباس قال:
طَلَّقَ عبدُ يزيد أبو رُكَانةَ وإخوتِهِ أمَّ ركانة، ونكح امرأة من مُزَيْنَةَ، فجاءت النبي ﷺ، فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة -لشعرة أخذتها من رأسها-؛ ففرِّقْ بيني وبينه! فأخذت النبي ﷺ حَمِيَّةٌ، فدعا بركانة وإخوتِه، ثم قال لجلسائه:
“أترون فلانًا يشبه منه كذا وكذا -من عبد يزيد-، وفلانًا منه كذا
«راجع امرأتك أمَّ ركانة وإخوته». فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول الله! قال:
«قد علمت؛ راجعها»، وتلا: ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾.
(قلت: حديث حسن في الباب، وصححه الحاكم، وردَّه الذهبي قائلًا: «الخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإسلام»، وقال: «المعروف أن صاحب القصة ركانة».
قلت: كذلك رواه محمد بن إسحاق: ثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس … مختصرًا. أخرجه أحمد، وصححه هو، والحاكم والذهبي وابن القيم، وقال ابن تيمية: «إسناده جيد»، وقوّاه الحافظ، وهو عندي حسن لغيره، كما سيأتي في حديث آخر برقم (١٩٣٨».
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي ﷺ عن عكرمة، مولى ابن عباس عن ابن عباس.
قال أبو داود: «وحديث نافع بن عُجَيْرٍ وعبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده: أن ركانة طلق امرأته، فردها إليه النبي ﷺ أصح؛ لأن ولد الرجل وأهله أعلم به: أن ركانة طلق امرأته البتة، فجعلها النبي ﷺ واحدة».
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري، فهو صحيح؛ لولا أن بعض بني أبي رافع لم يسم، ولكنه قد توبع على موضع الشاهد منه كما يأتي.
وهو عند البيهقي (٧/ ٣٣٩) من طريق المؤلف.
ثم رواه عبد الرزاق … بسنده المذكور عن ابن عباس قال:
طلق رجل على عهد النبي ﷺ امرأته ثلاثًا، فأمره (الأصل: فقال) النبي ﷺ أن يراجعها، فقال: إني طلقتها … إلخ؛ وزاد: الآية. قال: فارتجعها.
وهذا قد تابعه عليه داود بن الحصين عن عكرمة … به نحوه، وقد سقت لفظه وخرجته وتكلمت على إسناده في «الإرواء» (٢٠٦٣)، ويتلخص منه أن الحديث حسن على الأقل بمجموع الطريقين.
ويزيده قوةً حديثُ أبي الصهباء الآتي بعدُ.
واعلم أن الحديث الذي علقه المصنف هنا عن نافع بن عجير؛ قد وصله بعد ثلاثة أبواب، وصرح هناك -كما صرح هنا- بأنه أصح من حديث ابن جريج هذا عن بعض بني أبي رافع.
وكان يكون الأمر كما قال؛ إذا افترض أن حديث ابن جريج لا شاهد له. أما والأمر بخلافه -للمتابعة التي سبقت الإشارة إليها-؛ وفيها ما في حديث ابن جريج: أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا؛ خلافًا لحديث نافع بن عجير الذي فيه أنه طلقها البتة؛ أي: واحدة.
ولذلك قال ابن تيمية في «الفتاوى» (٣/ ١٨) -بعد أن ساق لفظ المتابعة-:
«وهذا إسناد جيد. وله شاهد من وجه آخر، رواه أبو داود في»السنن«، ولم يذكر أبو داود هذا الطريق الجيد، فلذلك ظن أن تطليقة واحدة أصح؛ وليس الأمر كما قاله، بل الإمام أحمد رجح هذه الرواية على تلك، وهو كما قال أحمد».
وقد خرجت الحديث من طرقه الثلاث في «الإرواء» (٢٠٦٣)، وتكلمت فيه على عللها، مع بيان الراجح من المرجوح منها.
١٩٠٧ – عن مجاهد قال:
كنت عند ابن عباس، فجاء رجل فقال: إنه طلَّق امرأته ثلاثًا؟ قال: فسكت حتى ظننت أنه رادُّها إليه، ثم قال:
ينطلق أحدكم فيركب الأُحْمُوقَةَ، ثم يقول: يا ابن عباس! يا ابن عباس! وإن الله قال: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ له مَخْرَجًا﴾، وإنَّك لم تَتَّقِ اللهَ، فلم أجِدْ لك مخرجًا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، وإن الله قال: ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن﴾ في قُبُلِ عِدَّتهن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر).
إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب عن عبد الله ابن كثير عن مجاهد.
قال أبو داود: “روى هذا الحديثَ: حميدٌ الأعرج وغيره عن مجاهد عن ابن عباس. ورواه شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأيوب وابن جريج جميعًا عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وابن جريج عن عبد الحميد بن رافع عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الأعمش عن مالك ابن الحارث عن ابن عباس. وابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. كلهم
قال أبو داود: «وروى حماد بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس:
إذا قال: أنت طالق ثلاثًا بفم واحد؛ فهي واحدة.
ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا … قولَهُ؛ ولم يذكر: ابن عباس، وجعله قول عكرمة.
وصار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى …».
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر كما نقلته عنه في «الإرواء»، وخرجته هناك (٢٠٥٥).
والطرق المعلقة عند المصنف؛ قد وصلها جلها: عبد الرزاق في «المصنف» (٦/ ٣٩٦ – ٣٩٨) وغيره، وقد خرجت بعضها في المصدر السابق (٢٠٥٦ و٢٠٥٧).
١٩٠٨ – عن محمد بن إياس:
أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سُئِلُوا عن البِكْرِ يطلقها زوجها ثلاثًا؟ فكلهم قالوا: لا تحِلُّ له حتى تنكح زوجًا غيره.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى -وهذا حديث أحمد- قالا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣٥٤) من طريق المصنف.
وأخرجه (٧/ ٣٣٥) من طريق مالك عن الزهري عن ابن ثوبان … به.
١٩٠٩ – قال أبو داود: «وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن بُكَيْرِ بن الأشَجِّ عن معاوية بن أبي عياش: أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد ابن إياس بن البكير إلى ابن الزبير وعاصم بن عمر، فسألهما عن ذلك؟ فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة؛ فإني تركتهما عند عائشة رضي الله عنها … ثم ساق هذا الخبر».
(قلت: هو خبر صحيح بما قبله).
إسناده: هذا معلق كما ترى؛ وقد وصله البيهقي (٧/ ٣٣٥ و٣٥٥) من طريقين عن مالك … به.
ووصله الطحاوي أيضًا (٢/ ٣٣).
ومعاوية هذا: هو أخو النعمان بن أبي عياش الزُّرَقِيِّ المديني، كما في «الجرح والتعديل» (٤/ ١ / ٣٨٠)؛ ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
١٩١٠ – عن ابن طاوس عن أبيه: أن أبا الصهباء قال لابن عباس:
أتعلم أنما كانت الثلاث تُجْعَلُ واحدةً على عهد النبي ﷺ، وأبي بكر، وثلاثًا من إمارة عمر؟
قال ابن عباس: نعم.
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني ابن طاوس عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي ..
والحديث أخرجه الدارقطني (ص ٤٤٥)، والبيهقي (٧/ ٣٣٦) من طريق المصنف.
وأخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (٢/ ٣١): حدثنا رَوْحُ بن الفَرَجِ قال: ثنا أحمد بن صالح … به.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١١٣٣٧).
ومن طريقه: أخرجه أحمد (١/ ٣١٤)، ومسلم (٤/ ١٨٤)، والدارقطني (ص ٤٤٤)، والحاكم (٢/ ١٩٦) كلهم من طرق أخرى عن عبد الرزاق … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»؛ ووافقه الذهبي. وقد وهما في قولهما:
«ولم يخرجاه»! فقد أخرجه مسلم.
وتابعه جماعة عن ابن جريج … به.
أخرجه مسلم والنسائي (٢/ ٩٦)، والدارقطني.
فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛ فلوا أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم.
وتابعه إبراهيم بن ميسرة عن طاوس … به. أخرجه مسلم وابن أبي شيبة (٧/ ٢٦)، والدارقطني والبيهقي من طرق ثلاث عن حماد بن زيد عن أيوب السَّخْتِيَاني عنه … به.
وخالفهم أبو النعمان عن حماد بن زيد … به، فقال: عن غير واحد عن طاوس … به؛ وزاد في متنه:
قبل أن يدخل بها!
وهي زيادة منكرة، كما شرحته في «الضعيفة» (١١٣٤)؛ ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (٣٧٨).
وتابعه عمرو بن دينار أن طاوسًا أخبره … به: أخرجه عبد الرزاق (١١٣٣٨) عن عمر بن حوشب عنه.
وتابعه ابن أبي مليكة قال: سأل أبو الجوزاء ابن عباس: هل علمت … الحديث.
أخرجه الدارقطني والحاكم، وقال:
«صحيح الإسناد»! من طريق عبد الله بن المؤمل عنه. وقال الدارقطني:
«هو ضعيف، ولم يروه عن ابن أبي مليكة غيره». وقال الذهبي في تعقبه على الحاكم:
وروى هشام بن حُجَيْرٍ عن طاوس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قد كان لكم في الطلاق أناة؛ فاستعجلتم أناتكم، وقد أجزنا عليكم ما استعجلتم من ذلك.
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (٣/ ٢٥٩).
وإسناده إلى طاوس حسن.
ثم روى عن الحسن في الرجل يطلق امرأته ثلاثًا بكلمة واحدة، فقال: قال عمر:
لو حملناهم على كتاب الله، ثم قال: لا، بل نلزمهم ما ألزموا أنفسهم.
ورجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمر بن الخطاب.
ومن طريق أخرى عنه:
أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري: لقد هممت أن أجعل -إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا في مجلس- أن أجعلها واحدة، ولكن أقوامًا جعلوا على أنفسهم، فأُلْزِمُ كل نفس ما ألزم نفسه! من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام؛ فهي حرام، ومن قال لامرأته: أنت بائنة؛ فهي بائنة، ومن قال: أنت طالق ثلاثًا؛ فهي ثلاث.
وإسناده إلى الحسن صحيح.
قلت: وهذه الطرق تشهد لزيادة معمر -عند مسلم وغيره- المتقدمة، وهي صريحة في أن عمر رضي الله عنه إنما نفذها عليهم ثلاثًا باجتهاد من عنده؛ وإلا لم
وقد فصل القول في المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى»، وتلميذه ابن القيم في «إعلام الموقعين» وغيره، وأثبتا أن الحديث محكم، لم ينسخه شيء؛ فمن شاء البسط فليرجع إليهما.
١١ – باب فيما عُنِيَ به الطلاقُ والنيات
١٩١١ – عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله ﷺ:
«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيده عند البخاري هو إسناد المصنف. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وسفيان: هو الثوري.
والحديث أخرجه البخاري (٥/ ١٢١ – ١٢٢) … بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه البيهقي (١/ ٤١) من طريق أخرى عن محمد بن كثير … به.
وأخرجه مسلم (٦/ ٤٨)، وابن الجارود (٦٤) من طرق أخرى عن سفيان … به -وهو ابن عيينة-.
ثم أخرجه أحمد (١/ ٤٣)، والبخاري (١/ ١١١ و٧/ ١٨٠ و٩/ ٩٤ و١١/ ٤٨٤ و١٢/ ٢٧٥)، ومسلم، والترمذي (١٦٤٧)، والنسائي (١/ ٢٤ و٢/ ١٠١)، وابن ماجة (٢/ ٥٥٦)، والدارقطني (ص ١٩)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد … به. وقال الترمذي:
«هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري. قال عبد الرحمن بن مهدي: ينبغي أن نضع هذا الحديث في كل باب».
١٩١٢ – عن عبد الله بن كعب -وكان قائد كعب من بنيه حين عَمِيَ- قال: سمعت كعب بن مالك … فساق قصته في تبوك (١)؛ قال:
حتى إذا مضت أربعون من الخمسين؛ إذا رسول رسول الله ﷺ يأتي، فقال: إن رسول الله ﷺ، يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال: فقلت: أُطَلِّقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا؛ بل اعتزلها فلا تقربها. فقلت لا مرأتي: الْحَقِي بأهلك فكوني عندهم؛ حتى يقضيَ الله سبحانه في هذا الأمر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» بأحد إسنادي المصنف بتمام القصة، وكذا أخرجه البخاري من طريق أخرى).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، وسليمان بن داود -وهو أبو الربيع المَهْرِيُّ-، وهما ثقتان من رجال مسلم، وقد توبعا كما يأتي، وهو قطعة من حديث توبة كعب الطويل، وقد ساق المؤلف قطعة منه في «الجهاد»، وسيأتي برقم (٢٣٤٤)، وطرفًا آخر في آخر «الأيمان» في أول كتاب «السنة».
والحديث أخرجه مسلم (٨/ ١٠٥ – ١١٢) … بإسناد المصنف الأول بتمامه.
وأخرجه المصنف … طرفًا آخر منه في «الأيمان والنذور» [٢٩ – باب فيمن نذر أن يتصدق بماله]، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأخرج النسائي (٢/ ٩٩) … بإسناد المصنف الثاني مختصرًا مثل روايته.
ومن طريق أخرى عن عبد الله -وهو ابن وهب- … به.
وتابعه عُقَيْلٌ عن ابن شهاب … بتمامه.
أخرجه البخاري (٨/ ٩٢ – ١٠١)، وأحمد (٣/ ٤٥٩ – ٤٦٠).
وللنسائي موضع الشاهد منه.
وتابعه محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري عن عمه محمد بن مسلم الزهري … به: أخرجه مسلم وأحمد (٣/ ٤٥٦ – ٤٥٩).
١٩١٣ – عن عائشة قالت:
خَيَّرَنَا رسول الله ﷺ، فاخترناه؛ فلم يَعُدَّ ذلك شيئًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان بلفظ: أفكان طلاقًا؟ ! وهو رواية للشيخين).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي الضُّحَى عن مسروق عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (١٦٤٥): نا أبو عوانة … به؛ إلا أنه قال: طلاقًا مكان: شيئًا.
ثم قال هو (١٦٤٦)، وأبو بكر بن أبي شيبة (٥/ ٦١)، وأحمد (٦/ ٤٥ و٤٧ – ٤٨): نا أبو معاوية: نا الأعمش … به بلفظ الكتاب.
وأخرجه مسلم (٤/ ١٨٧)، وابن ماجة (١/ ٦٣٢) من طريق ابن أبي شيبة.
وأخرجه البخاري (٩/ ٣٠٢)، ومسلم أيضًا، والترمذي (١١٧٩)، والنسائي (٢/ ٦٨)، وأحمد أيضًا (٦/ ١٧٣ و٢٣٩) من طرق أخرى عن الأعمش … وصرح بالتحديث من أبي الضحى: عند أحمد والبخاري باللفظ الأول؛ إلا النسائي وأحمد فباللفظ الثاني.
وتابعه الشعبي عن مسروق .. به: أخرجه أحمد (٦/ ٢٠٢ و٢٠٥ و٢٤٠)، والشيخان والترمذي والنسائي والدارمي (٢/ ١٦٢)، وابن الجارود (٧٤٠)، والبيهقي (٧/ ٣٤٥)، وكذا ابن حبان (٤٢٥٣).
وأخرجه أحمد (٦/ ١٧١ و١٨٥ و٢٦٢ – ٢٦٣)، وسعيد بن منصور (١٦٤٤) من طريقين آخرين عنها.
١٣ – باب في (أمْرُكِ بِيَدِكِ)
١٩١٤ – عن الحسن: في أمرك بيدك، قال: ثلاث.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع موقوف على الحسن -وهو البصري-. وقد روي مرفوعًا من حديث أبي هريرة، وهو في الكتاب الآخر (٣٧٩».
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن الحسن.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ ولكنه مقطوع موقوف على الحسن -وهو البصري-.
والحديث أخرجه سعيد بن منصور (١٦٥٧): نا هُشَيْمٌ قال: أنا يونس ومنصور عن الحسن … به.
وهذا صحيح أيضًا.
١٤ – باب في البتة
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
١٩١٥ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«إن الله تجاوز لأُمَّتي عمَّا لم تتكلَّم أو تعمل به، وبما حدثت به أنفسَها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي. وأحد أسانيد البخاري إسناد المصنف).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن زُرَارَةَ بن أبي أوفى عن أبي هريرة.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بنحوه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٩/ ٣٢٣) … بإسناد المصنف؛ بلفظ:
«إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها؛ ما لم تعمل أو تتكلم».
وأخرجه مسلم (١/ ٨٢)، وأحمد (٢/ ٢٨١) من طريق وكيع: حدثنا مِسْعَرٌ وهشام عن قتادة … به؛ وزاد أحمد:
قال هشام: قال رسول الله ﷺ … ووقفه مسعر.
قلت: وفي هذا نظر! فقد أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٥) -عن يزيد؛ وهو ابن هارون-، والحميدي (١١٧٣)، وعنه البخاري (٥/ ١٢١) -عن سفيان؛ وهو ابن عيينة- عن مسعر … بلفظ: قال رسول الله ﷺ.
فلعل قوله: (وقفه) تحرف على بعض الرواة، والصواب: (رفعه)، فقد رواه هكذا البخاري (١١/ ٤٦٤ – ٤٦٥): حدثنا خلاد بن يحيى: حدثنا مسعر … عن أبي هريرة يرفعه قال … فذكره.
«وما استكرهوا عليه»!
وهي زيادة شاذة، لكن لها شواهد فراجع «الإرواء» (٨٢).
١٦ – باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي!
١٩١٦ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ:
«إن إبراهيم لم يكذب قطُّ إلا ثلاثًا: اثنتان في ذات الله تعالى: قوله: (إني سقيم)، وقوله: (بل فعله كبيرهم هذا). وبينما هو يسير في أرض جَبَّارٍ من الجبابرة؛ إذ نزل منزلًا، فأُتِيَ الجَبارُ، فقيل له: إنه نزل ها هنا رجل معه امرأة هي أحسن الناس. قال: فأرسل إليه، فسأله عنها؟ فقال: إنها أختي. فلما رجع إليها قال: إن هذا سألني عنك؟ فأنبأته أنك أختي، وإنه ليس اليوم مسلم غيري وغيرك، وإنك أختي في كتاب الله؛ فلا تُكَذِّبيني عنده …» وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بتمامه، والترمذي مختصرًا؛ وصححه).
إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة.
قال أبو داود: “روى هذا الخبَر: شعيبُ بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٦/ ٣٠١ – ٣٠٤ و٩/ ١٠٤ – ١٠٥)، ومسلم (٧/ ٩٨ – ٩٩) من حديث أيوب السَّخْتِيَانِيِّ عن محمد بن سيرين … به، وساقه بتمامه.
وخبر شعيب بن أبي حمزة؛ وصله البخاري (٤/ ٣٢٦): حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب … فذكره بتمامه.
وتابعه ورقاء عن أبي الزناد … به: أخرجه أحمد (٢/ ٤٠٣): ثنا علي بن حفص قال: ثنا ورقاء … به.
وتابعه محمد بن إسحاق عن أبي الزناد … به مختصرًا.
أخرجه الترمذي (٣١٦٥)، وقال:
«حديث حسن صحيح».
١٧ – باب في الظهار
١٩١٧ – عن سَلَمَةَ بن صَخْرٍ البَيَاضِيِّ قال:
كنت امرأً أُصِيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان؛ خِفْتُ أن أُصِيبَ مِن امرأتي شيئًا يُتابَعُ بي حتى أصبح، فظاهرت منها؛ حتى ينسلخ شهر رمضان. فبينا هي تَخْدُمُنِي ذاتَ ليلة؛ إذ تكشَّف لي منها شيء، فلم ألبث أن نَزَوْتُ عليها. فلما أصبحت؛ خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر، وقلت: امْشُوا مَعِي إلى رسول الله ﷺ! قالوا: لا والله! فانطلقت إلى النبي ﷺ فأخبرته؟ فقال:
«حَرِّرْ رَقَبَةً».
قلت: والذي بعثك بالحق؛ ما أمْلِك رقبة غيرَها. -وضربت صَفْحَةَ رقبتي-! قال:
«فَصمْ شهرين متتابعين».
قال: وَهَلْ أصَبْتُ الذي أصبتُ إلا مِنَ الصِّيَامِ؟ ! قال:
«أطْعِمْ وَسْقًا من تمر بين ستين مسكينًا».
قلت: والذي بعثك بالحق! لقد بِتْنا وَحْشَيْنِ، ما لنا طعام! قال:
«فانطلقْ إلى صاحب صدقة بني زُرَيْقٍ؛ فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكينًا وَسْقًا من تمر، وَكُلْ أنت وعيالكَ بِقيَّتَها».
فرجعتُ إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضَّيقَ وسوءَ الرَّأْيِ، ووجدت عند النبي ﷺ السَّعَةَ وحُسْنَ الرأي، وقد أمرني -أو أمر لي- بصدقتكم.
زاد ابن العلاء: قال ابن إدريس: بَيَاضَة: بَطْنٌ من بني زريقٍ.
(قلت: حديث حسن كما قال الترمذي، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي، وحسنه الحافظ).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء قالا: ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء -قال ابن العلاء- بن علقمة
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو مدلس، وقد عنعنه.
وسليمان بن يسار لم يسمع من سلمة.
لكن للحديث طريق أخرى، وشاهد مختصر يتقوى به، وقد خرجت ذلك كله في «الإرواء» (٢٠٩١).
١٩١٨ – عن خُوَيلة بنت مالك بن ثعلبة قالت:
ظاهر مني زوجي أوْسُ بن الصامت، فجئت رسول الله ﷺ أشكو إليه، ورسول الله ﷺ يجادلني فيه، ويقول:
«اتقي الله؛ فإنه ابْنُ عَمِّكِ». فما بَرِحْتُ حتى نزل القرآن: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها …) إلى الفَرْض، فقال:
«يعتق رقبة». قالت: لا يجد! قال:
«يصوم شهرين متتابعين». قالت: يا رسول الله! إنه شيخ كبير، ما به من صيام! قال:
«فليطعم ستين مسكينًا». قالت: ما عنده من شيء يتصدق به! قالت:
فأُتِيَ ساعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ من تمر، قلت: يا رسول الله! وأنا أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخر.
قال:
«قد أحسنتِ، اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك».
(وفي رواية: قال: والعَرَقُ: مِكْتَلٌ يسع ثلاثين صاعًا).
قال أبو داود: «هذا أصح من حديث يحيى بن آدم».
(قلت: يعني: الرواية التي قبلها، وأصح منهما عندي الرواية الآتية.
والحديث حسن، وقال الحافظ: «إسناده حسن»، وصححه ابن الجارود وابن حبان، وحسنه الحافظ).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا ابن إدريس عن محمد ابن إسحاق عن مَعْمَرِ بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة.
قال أبو داود: «في هذا أنها كفرت عنه من غير أن تستأمره. حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد العزيز بن يحيى: ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق … بهذا الإسناد نحوه؛ إلا أنه قال: والعرق …».
قلت: وهذا إسناد حسن لغيره؛ كما بينته في «الإرواء» (٢٠٨٧)، فلا نعيد الكلام عليه، لا سيما وقد حسنه الحافظ لذاته، وصححه غيره كما ترى أعلاه.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣٩١ و٣٩٢) من طريق المصنف، وهو مخرج في المصدر السابق.
١٩١٩ – عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:
يعني بـ (العَرَق): زنبيلًا يأخذ خمسة عشر صاعًا.
(قلت: إسناده صحيح مرسل. وقد وصله البيهقي عن أبي سلمة عن أبي
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن.
قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل؛ وقد روي موصولًا كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣٩٠) من طريق المصنف، وقال عقبه:
«وروي عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن سليمان بن صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمه. حتى يمضي رمضان … فذكر الحديث إلى أن قال: فأتي النبي ﷺ بمكتل فيه خمسة عشر صاعًا من تمر، فدفعه إليه، وقال:»اذهب وأطعم هذا ستين مسكينًا«…»؛ وقال:
«وهو خطأ، المشهور عن يحيى مرسل، دون ذكر أبي هريرة فيه».
قلت: وكذلك رواه مرسلًا: علي بن المبارك: عند الترمذي (١٢٠٠)، والبيهقي (٧/ ٣٩٠).
وحرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير: أنبأنا أبو سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن سليمان بن صخر … الحديث. وقال الترمذي:
«حديث حسن». والحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
وقد رواه الزهري عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة:
فأتي رسول الله ﷺ بزنبيل -وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعًا … الحديث.
أخرجه أحمد (٢/ ٥١٦).
وسنده على شرط الشيخين؛ على ضعف في حفظ محمد بن أبي حفصة.
لكن تابعه هشام بن سعد عن الزهري؛ لكنه قال: عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ كما يأتي في «الصوم» (٢٠٧٣).
ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن سلمان بن صخر … به.
أخرجه عبد الرزاق (١١٥٢٨).
١٩٢٠ – وعن سليمان بن يسار … بهذا الخبر؛ قال:
فَأُتِيَ رسول الله ﷺ بتمر، فأعطاه إياه، وهو قريب من خمسة عشر صاعًا، قال:
«تصدق بهذا». قال: فقال: يا رسول الله ﷺ على أفْقَرَ مِنِّي ومن أهلي؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«كُلْهُ أنت وأهلُكَ».
(قلت: حديث حسن، وإسناده مرسل صحيح، وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بُكَيْرِ بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسار.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣٩١) من طريق المصنف.
وابن الجارود (٧٤٥): حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم … به. وقال البيهقي:
«فهذه الرواية عن سليمان موافقة لرواية أبي سلمة بن عبد الرحمن وابن ثوبان في قصة سلمة بن صخر، فهي أولى».
ورواية أبي سلمة وابن ثوبان تقدم تخريجها تحت الحديث السابق.
١٩٢١ – عن أوس أخي عُبَادَةَ بن الصامت:
أن النبي ﷺ أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير؛ إطعامَ ستين مسكينًا.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: قال أبو داود: قرأت على محمد بن وزيرٍ المصري: حدثكم بشر بن بكر: ثنا الأوزاعي: ثنا عطاء عن أوس أخي عبادة بن الصامت.
قال أبو داود: «وعطاء لم يدرك أوسًا، وهو من أهل بدر، قديم الموت، والحديث مرسل».
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣٩٧) من طريق المصنف.
١٩٢٢ – عن هشام بن عروة:
أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت، وكان رجلًا به لَمَمٌ، فإذا اشتدَ لَمَمُهُ؛ ظاهر من امرأته، فأنزل الله تعالى فيه كفارة الظهار.
(قلت: حديث صحيح مرسل. وقد وصله المصنف بعده).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عروة.
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ وقد روي موصولًا كما يأتي بعده.
١٩٢٣ – وفي رواية عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة … مثله.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا محمد بن الفضل: ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة … مثله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم كلهم؛ إلا أن محمد بن الفضل -وهو: أبو الفضل السَّدُوسِيُّ، الملقب بـ (عارم) -كان اختلط، كما قال أحمد وغيره.
وقد خالفه موسى بن إسماعيل عن حماد … فأرسله كما في الرواية التي قبله.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٤٨١)، عنه البيهقي (٧/ ٣٨٢) من طريق علي ابن الحسن الهلالي: ثنا أبو النعمان محمد بن الفضل … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وله طريق أخرى عن عروة … به موصولًا نحوه.
مما يدل على أن له أصلًا في الموصول، وهو مخرج في «الإرواء» (٢٠٨٧).
١٩٢٤ – عن عكرمة:
أن رجلًا ظاهر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يُكَفِّرَ، فأتى النبيَّ ﷺ فأخبره؟ ! فقال:
«ما حملك على ما صنعت؟ !».
قال: رأيت بياض ساقها في القمر. قال:
«فاعتزلها حتى تُكَفِّرَ عنك».
(قلت: حديث صحيح مرسل. وقد وصله المصنف بعده).
إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقَانِيُّ: ثنا سفيان: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة.
قلت: وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ غير الحكم بن أبان، ففيه ضعف من قبل حفظه. وقد اضطرب في إسناده؛ فأرسله مَرّةً، كما في رواية سفيان هذه، ورواية غيره ممن يأتي، ووصله أخرى؛ كما في رواية إسماعيل ومعمر الآتيين عنه.
وتابعه معمر عن الحكم بن أبان … به مرسلًا.
أخرجه عبد الرزاق (١١٥٢٥)، وعنه النسائي (٢/ ١٠٣).
لكن خالفه الفضل بن موسى؛ فرواه عن معمر … به موصولًا، كما يأتي في الكتاب.
وتابعه المعتمر بن سليمان: سمعت الحكم … به مرسلًا.
أخرجه النسائي والمصنف، كما يأتي بعد حديث.
١٩٢٥ – وفي رواية عنه عن ابن عباس عن النبي ﷺ … نحوه، ولم يذكر: الساق.
(قلت: حديث صحيح، وحسن إسناده الحافظ، وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا إسماعيل: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الحكم، ففيه الضعف المشار إليه آنفًا. ومع ذلك حسن الحافظ في «الفتح» (٩/ ٣٥٧) إسناده، وصححه من ذكرت آنفًا، وهو مخرج في «الإرواء» (٢٠٩١).
وإسماعيل: هو: ابن عُلَيَّةَ.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣٨٦) من طريق المصنف؛ إلا أنه قال: عن عكرمة عن النبي ﷺ … نحوه، لم يذكر الساق؛ لم يذكر فيه ابن عباس فأرسله.
١٩٢٦ – وعن عكرمة عن النبي ﷺ … بنحو حديث سفيان.
(قلت: يعني: الحديث الذي قبله بحديث).
إسناده: حدثنا أبو كامل أن عبد العزيز بن المختار حدثهم: ثنا خالد: حدثني مُحَدِّثٌ عن عكرمة عن النبي ﷺ … بنحو حديث سفيان.
قال أبو داود: «وسمعت محمد بن عيسى يحدث … به: ثنا المعتمر قال: سمعت الحكم بن أبان يحدث … بهذا الحديث؛ ولم يذكر ابن عباس».
قلت: وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ غير الحكم على ما سبق، وهو المحدِّثُ الذي لم يُسَمَّ في رواية خالد -وهو الحَذَّاء-.
وقد أخرجه النسائي من طريقين آخرين عن المعتمر … به، وقال:
«المرسل أولى بالصواب من المسند».
قلت: وقد أشار إلى ذلك المصنف بسياقه لأسانيده عن الحكم، وأكثرها مرسل كما رأيت، وهو ضعيف مرسلًا وصولًا؛ لأن مداره على الحكم، وقد عرفت حاله، وإنما صححته لشواهده التي قبله. والله أعلم.
١٩٢٧ – وفي رواية عن عكرمة عن ابن عباس … بمعناه عن النبي ﷺ.
(قلت: حديث صحيح، وانظر ما قبله بحديث).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير الحكم، وهو مضعف، كما سبق؛ على اضطرابه في إسناده، فتارة أرسله -وهو الأكثر-، وتارة أسنده، وانظر الرواية المتقدمة؛ و«الإرواء».
وجملة القول: فأحاديث الباب كلها معلولة، لكن بعضها يشهد لبعض. والله أعلم.
١٨ – باب في الخُلْعِ
١٩٢٨ – عن ثَوْبَانَ قال: قال رسول الله ﷺ:
«أيُّما امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غير ما بأس؛ فحرامٌ عليها رائحةُ الجَنَّةِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه أيضًا ابن الجارود وابن حبان، وقال الترمذي: «حديث حسن»).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي أسماء -وهو عمرو بن مَرْثَدٍ الرحبي-، فلم يخرج له البخاري إلا في «الأدب المفرد».
والحديث مخرج في «الإرواء» (٢٠٣٥).
أنها كانت تحت ثابت بن قيس الشَّمَّاسِ، وأن رسول الله ﷺ خرج إلى الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغَلَسِ، فقال رسول الله ﷺ:
«من هذه؟ !». فقالت: أنا حبيبة بنت سهل. قال:
«ما شأنك؟ !». قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس -لزوجها-. فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله ﷺ:
«هذه حبيبة بنت سهل»؛ وذكرت ما شاء الله أن تذكر. وقالت حبيبة: يا رسول الله! كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله ﷺ لثابت ابن قيس:
«خذ منها»؛ فأخذ منها، وجلست هي في أهلها.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهيل الأنصارية.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كانت عمرة سمعته من حبيبة؛ فقد أشار الحافظ في ترجمتها من «التهذيب» إلى أنه اختلف عليها في إسناده.
قلت: فرواه مالك عن يحيى … هكذا.
وخالفه هشيم؛ فقال سعيد بن منصور (١٤٣٠): حدثنا هشيم: أنا يحيى بن سعيد … به؛ إلا أنه قال:
فهذا مرسل.
ثم قال (١٤٣١): حدثنا سفيان عن يحيى … به؛ إلا أنه قال: عن عمرة قالت:
جاءت حبيبة …
وهذا أصرح في الإرسال.
لكن للحديث شواهد يتقوى بها؛ منها: حديث عائشة بعده.
وحديث ابن عباس نحوه: عند البخاري وغيره. وكلها مخرجة في «الإرواء» (٢٠٣٦).
١٩٣٠ – عن عائشة:
أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شَمَّاسٍ؛ فضربها، فكسر بعضها، فأتت رسول الله ﷺ بعد الصبح، فدعا النبي ﷺ ثابتًا، فقال:
«خذ بعض مالها وفارقها». فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ ! قال: «نعم». قال: فإني أصدقتها حديقتين، وهما بيدها! فقال النبي ﷺ:
«خذهما وفارقها»؛ ففعل.
(قلت: حديث صحيح).
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي عمرو السدوسي المديني -وهو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي مولاهم-، فهو من رجال مسلم، لكن فيه كلام من قبل حفظه، أشار إليه الحافظ بقوله:
«صحيح الكتاب، يخطيء من حفظه».
قلت: فإن كان حدَّث به من كتابه؛ فهو صحيح لذاته؛ وإلا فهو صحيح لشواهده، التي منها حديث حبيبة الذي قبله، وما سأذكره في الحديث بعده.
ومحمد بن معمر: هو القيسي أبو عبد الله البصري.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٣١٥) من طريق عبد الله بن رجاء: أنا سعيد ابن سلمة بن أبي الحسام … به نحوه؛ وزاد.
فأخذ إحداهما، ففارقها، ثم تزوجها أبي بن كعب رضي الله عنه بعد ذلك، فخرج إلى الشام، فتوفيت هناك.
١٩٣١ – عن ابن عباس:
أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي ﷺ عِدَّتها حيضة.
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: «حسن غريب»، والحاكم: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي).
قال أبو داود: «وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي ﷺ … مرسلًا».
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير القطان، وهو ثقة.
إلا أن عمرو بن مسلم -وهو الجَنَدي- وإن أخرج له مسلم؛ فقد ضعفه الجمهور من قبل حفظه. وقال الحافظ:
«صدوق له أوهام».
وقد اختلف عليه في إسناده، كما أشار إلى ذلك المصنف بذكره رواية عبد الرزاق المرسلة، وهي عنده في «المصنف» (١١٨٥٨).
وسواءً كان الراجح في الحديث وصله أو إرساله؛ فهو صحيح لشواهده الآتية.
والحديث أخرجه الترمذي (١١٨٥)، والدارقطني (٣٩٧)، والحاكم (٢/ ٢٠٦)، وعنه البيهقي (٧/ ٤٥٠) من طرق أخرى عن هشام بن يوسف … به.
وحسنه الترمذي.
وصححه الحاكم والذهبي كما ذكرت آنفًا. لكن زاد الدارقطني في المتن فقال: حيضة ونصفًا.
وهي زيادة شاذة؛ بل منكرة، تفرد بها أحد رواة الدارقطني ممن دون هشام بن يوسف؛ خِلافًا لكل من رواه عن هشام. وبخاصة أن رواية عبد الرزاق المرسلة خالية عن هذه الزيادة، وكذلك الشأن في الطرق الأخرى والشواهد الآتي ذكرها.
«والراوي عن معمر هنا في الحيضة والنصف: هو الراوي عنه في الحيضة الواحدة، وهو هشام بن يوسف، خرج له البخاري وحده، فالحديث مضطرب من جهة الإسناد والمتن، فسقط الاحتجاج به في أن الخلع فسخ، وفي أن عدة المطلقة حيضة»!
فأقول: كلا؛ ويشهد له ما رواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان:
أن رُبَيِّعَ بنت مُعَوِّذِ ابن عَفْراءَ أخبرته:
أن ثابت بن قيس بن شَمَّاس ضرب امرأته، فكسر يدها -وهي جميلة بنت عبد الله بن أُبَيٍّ-، فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله ﷺ، فأرسل رسول الله ﷺ إلى ثابت، فقال له: «خذ الذي لها عليك، وخلِّ سبيلها». قال: نعم. فأمرها رسول الله ﷺ أن تتربص حيضة واحدة فَتَلْحَقَ بأهلها.
أخرجه النسائي (٢/ ١٠٩) من طريق يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني محمد ابن عبد الرحمن … به.
قلت: وسنده صحيح على شرط البخاري.
وتابعه أبو الأسود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذٍ … مختصرًا بالجملة الأخيرة منه.
أخرجه الدارقطني (٣٩٧) عن ابن لهيعة: نا أبو الأسود …
وسنده لا بأس به في المتابعات والشواهد.
وسنده صحيح. وقال الترمذي:
«حديث الربيع بنت معوذ؛ الصحيح أنها أُمِرَتْ أن تعتد بحيضة».
يعني: أن الآمر لها ليس هو النبي ﷺ، وإنما هو عثمان بن عفان، كما في رواية صحيحة صريحة بذلك عند البيهقي، سأذكرها في الحديث الآتي إن شاء الله. لكن قد صرح عثمان -بعد أن أفتاها بذلك- برفعه إلى النبي ﷺ، فقال لها:
«وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله ﷺ في مريم المَنَالية؛ كانت تحت ثابت ابن قيس بن شَمَّاسٍ فاختلعت منه».
أخرجه النسائي وابن ماجة (١/ ٦٣٣ – ٦٣٤) بإسناد حسن. وقال الحافظ (٩/ ٣٢٨):
«وإسناده جيد».
١٩٣٢ – عن ابن عمر قال:
عِدَّةُ المختلِعة حيضة (١).
(قلت: إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح على شرط الشيخين.
وكذلك هو في «الموطأ» (٢/ ٨٨) لكن بأتم منه؛ ولفظه: عن نافع:
أن رُبَيِّعَ بنت مُعَوِّذِ ابن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر، فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فلم ينكره، وقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة.
قلت: فرواية «الموطأ» مطابقة لرواية البيهقي عن المصنف، فقد يبدو أن روايته في الكتاب مخالفة أو شاذة، وليس كذلك؛ بل كلاهما محفوظة، ولكن على نوبتين، فما في «الموطأ» و«البيهقي» كان أول الأمر، وما رواه المصنف هو الذي استقر عليه رأيه آخر الأمر.
والدليل ما رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
أن الرُّبَيِّعَ اختلعت من زوجها، فأتى عَمُّها عثمان فقال: تعتد بحيضة، وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حِيَضٍ؛ حتى قال هذا عثمان، فكان يفتي به ويقول: خَيْرُنا وأعلمُنا.
رواه ابن أبي شيبة (٥/ ١١٤)، والبيهقي (٧/ ٤٥٠ – ٤٥١).
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه عبد الرزاق (١١٨٥٩) عن معمر عن أيوب عن نافع … به نحوه مختصرًا، لكن سقط من إسناده: ابن عمر، كما استظهره محققه الفاضل الشيخ الأعظمي.
***
الطبعة الأولى
١٤٢٣ هـ
٢٠٠٢ م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: ٤٨١٩٠٣٧ – فاكس: ٤٨٣٨٤٩٥ – هاتف وفاكس: ٤٥٧٨٨٦٨
الجهراء: ص. ب: ٢٨٨٨ – الرمز البريدي: ٠١٠٣٠
Website: www.gheras.com
E-mail: [email protected]
١٩٣٣ – عن ابن عباس:
أن مُغِيثًا كان عبدًا، فقال: يا رسول الله! اشْفَعْ لي إليها! فقال رسول الله ﷺ:
«يا بَرِيرَةُ! اتَّقي الله؛ فإنه زوجك وأبو ولدِك».
فقالت: يا رسول الله ﷺ أتأمرني بذلك؟ قال:
«لا؛ إنما أنا شافع». فكان دموعه تسيل على خده، فقال رسول الله ﷺ للعباس:
«ألا تعجب من حُبِّ مغيثٍ بريرةَ، وبُغْضِها إيّاه؟ !».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حَمَاد عن خالد الحَذّاء عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد -وهو ابن سلمة-، فهو على شرط مسلم وحده، لكنه قد توبع كما يأتي قريبًا.
والحديث أخرجه البخاري والدارمي والبيهقي وأحمد (١/ ٢١٥) من طرق أخرى عن خالد الحذاء … به.
وأخرجه البخاري وابن الجارود والبيهقي وأحمد وابن سعد (٨/ ٢٦٠) من طرق أخرى عن عكرمة … به.
وفي رواية لابن سعد من طريق أيوب عن عكرمة … بلفظ:
١٩٣٤ – وفي رواية عنه:
أن زوج بريرة كان عبدًا أسود؛ يُسَمَّى مُغِيثًا، فخيَّرها -يعني- النبي ﷺ، وأمرها أن تَعْتَدَّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن الجارود مختصرًا).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عفان: ثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٩/ ٣٣٥) من طريق شعبة وهمام عن قتادة … به مختصرًا نحوه؛ دون قوله: فخيرها …
وأفاد الحافظ أن هذا لفظ شعبة.
وأما لفظ همام؛ فأخرجه أبو داود من طريق عفان عنه … وساقه أحمد عن عفان عن همام مطولًا، وفيه:
أنها تعتد عِدَّة الحرة.
كذا قال! وهو وهم منه رحمه الله؛ فإن الحديث في «مسند أحمد» (١/ ٢٨١): ثنا عفان … به مطولًا كما قال؛ لكن ليس فيه: عِدَّة الحُرَّةِ.
نعم، هذه الزيادة عنده (١/ ٤٦١) من غير طريق عفان، فقال: ثنا بهز: ثنا
وأمرها أن تعتدَّ -قال همام مَرَّةً: – عِدَّةَ الحُرَّة.
وأخرجه الدارقطني (٤١٣ – ٤١٤)، وعنه البيهقي (٧/ ٤٥١) من طريق حَبَّانَ ابن هلال: نا همام … بلفظ:
ففرق بينهما؛ وجعل عليها عدة الحُرَّةِ … وقال:
«قال أبو بكر النيسابوري: جَوَّدَ حبان في قوله: عدة الحرة؛ لأن عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم روياه فقالا: وأمرها أن تعتد … ولم يذكرا: عدة الحُرَّةِ .. قال الإمام أحمد رحمه الله: وكذلك قاله هُدْبَةُ عن همام: فأمرها أن تعتد عدة حرة».
وتابعه حَجَّاج الباهلي عن قتاده … بلفظ: وحدَّث ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا بكر رضي الله عنه حَدَّث:
أن رسول الله ﷺ جعل عليها عدة الحرة.
أخرجه البيهقي.
وسنده صحيح، والباهلي: هو حجاج بن حجاج الأحول.
ولهذه الزيادة شاهد من حديث الحسن البصري … مرسلًا: أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ١٨١) بسند صحيح عنه.
ثم أخرجه عن إبراهيم والزهري … نحوه.
وله شاهد آخر من حديث عائشة، لعله يأتي التنبيه عليه قريبًا.
وبمجموع ما ذكرنا لهذه الزيادة من شواهد؛ يتبين ضعف مَيْل ابن القيم إلى أن قوله: عدة الحرة … مدرج! والله أعلم.
كان زوجها عبدًا، فخيَّرها رسول الله ﷺ، فاختارت نفسها، ولو كان حرًّا؛ لم يخيِّرها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي. لكن قوله: ولو كان حرًّا؛ لم يخيرها .. مدرج من قول عروة؛ كما جزم به الحافظ؛ تبعًا للزيلعي، وهو رواية النسائي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٧٠): ثنا جرير … به.
وأخرجه مسلم والنسائي وغيرهما من طرق أخرى عن جرير … به؛ إلا أن النسائي قال: قال عروة: فلو كان حرًّا؛ ما خيرها رسول الله ﷺ.
وكذلك رواه ابن حبان في «صحيحه».
فدل هذا على أن هذه الكلمة مدرجة في الحديث، وهو الذي جزم به الحافظ الزيلعي، وتبعه العسقلاني، كما بينته في «الإرواء» (١٨٧٣)، وتخريج الحديث تجده هناك من جميع طرقه التي وقفت عليها.
١٩٣٦ – ومن طريق أخرى عنها:
أن بريرة خَيَّرها رسول الله ﷺ، وكان زوجها عبدًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سماك -وهو ابن حرب-، فعلى شرط مسلم وحده.
والوليد بن عقبة -وهو ابن المغيرة الكوفي الطحان-، وهو صدوق، وهو مقرون كما ترى، وقد توبعا.
وحسين بن علي: هو الجُعْفِيُّ.
وقد أخرجه مسلم عنه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٢١٥): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حسين بن علي … به.
وأخرجه النسائي (٢/ ١٠٣) من طريق أخرى عن حسين … به.
وأحمد (٦/ ١١٥): ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة … به.
وعن معاوية: أخرجه البيهقي أيضًا (٧/ ٢٢٠).
وقد توبع سماك؛ فراجع «الإرواء» (١٨٧٣).
٢٠ – باب من قال: كان حُرًّا
١٩٣٧ – ومن طريق ثالثة عنها:
أن زوج بريرة كان حرًّا حين أُعتِقَتْ، وأنها خُيِّرَتْ فقالت: ما أُحِبُّ أن أكون معه وأنَّ لي كذا وكذا!
إسناده: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٨٦)، والبيهقي (٧/ ٢٢٣) وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان … به. وقال البيهقي:
«هكذا أدرجه الثوري في الحديث عن عائشة رضي الله عنها. وقوله: وكان زوجها حرًّا .. من قول الأسود، لا من قول عائشة رضي الله عنها»!
قلت: نسبة الإدراج إلى الثوري فيه نظر عندي! فقد توبع؛ فقال أحمد (٦/ ١٧٠): ثنا جرير عن منصور … به؛ إلا أنه ذكر المدرج في آخر الحديث.
وأخرجه البخاري (٥/ ١٢٦) من طريق عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير … به؛ إلا أنه لم يذكر المدرج أصلًا.
وتابع منصورًا: الأعمشُ، فقال أحمد (٦/ ٤٢): ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش … به مثل رواية سفيان.
فالظاهر أن الإدراج من إبراهيم. وهو الذي جزم به الدارقطني؛ فقال الحافظ في «الفتح» (٩/ ٣٣٨):
“قال الدارقطني: وقال إبراهيم عن الأسود عن عائشة: كان حرًّا. قلت: وأصرح ما رأيته في ذلك رواية أبي معاوية … (فذكرها مع غيرها بمعناها، وقال)؛
وراجع تمام كلامه فيه، أو في «الإرواء» (١٨٧٣)؛ فقد استخرجت فيه طرق الحديث، وذكرت من خرجها، وبعض الفوائد المتعلقة به. وأزيد هنا فأقول:
أخرجه أحمد (٦/ ١٨٦): ثنا وكيع عن سفيان … به؛ دون قولها: ما أحب أن أكون …
وروى ابن ماجة (١/ ٦٤٠): حدثنا علي بن محمد: ثنا وكيع … بإسناده المذكور عن عائشة قالت:
أُمِرَتْ بريرة أن تَعْتَدَّ بثلاث حِيَضٍ.
وهذا إسناد صحيح، وإن غمز منه ابن القيم بما لا يقدح! ولذا قال الحافظ (٩/ ٣٣٤):
«إنه على شرط الشيخين، بل هو في أعلى درجات الصحة. وقد أخرج أبو يعلى والبيهقي من طريق أبي مَعْشَرٍ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي ﷺ جعل عدة بريرة عدة المطلقة. وهو شاهد قوي …» إلخ كلامه.
وهذا كله يشهد لحديث ابن عباس المتقدم برقم (١٩٣٤).
٢١ – باب حتى متى يكون لها الخيار؟
٢٢ – باب في المملوكين يعتقان معًا؛ هل تخير امرأته؟
٢٣ – باب إذا أسلم أحد الزوجين
[ليس تحت هذه الأبواب الثلاثة حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
١٩٣٨ – عن ابن عباس قال:
رَدَّ رسولُ الله ﷺ ابنتَه زينبَ على أبي العاصِ بالنكاح الأول؛ لم يُحْدِثْ شيئًا. -قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد سِتِّ سنين. وقال الحسن بن علي: بعد سنتين-.
(قلت: حديث صحيح دون ذكر السنين، وصححه أحمد والحاكم والذهبي، وقال الترمذي: «ليس بإسناده بأس»).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِيُّ: ثنا محمد بن سلمة. (ح) وثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا سلمة -يعني: ابن الفضل-. (ح) وثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد -المعنى- كلهم عن ابن إسحاق عن داود بن الحُصَيْنِ عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن له علة، وهو ضعف داود بن الحُصَيْنِ في حديثه عن عكرمة خاصةً، كما أشار إلى ذلك ما ذكروه عن المؤلف أنه قال فيه:
«أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة». وتبناه الحافظ، فقال:
«ثقة إلا في عكرمة».
ومع ذلك؛ فقد قوى الحديث الأئمة المذكورون أعلاه، ولعلهم صححوه -إلا الترمذي- لما له من الشواهد، وقد ذكرتها وخرجتها مع الحديث في «الإرواء» (١٩٢١).
أن النبي ﷺ ردّ ابنته زينب على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد.
وقد اتفق علماء الحديث على ضعفه؛ إلا من شذ من متعصبة الحنفية؛ كما بينته في المصدر المذكور (١٩٢٢).
٢٥ – باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان
١٩٣٩ – عن الحارث بن قيس بن عُمَيْرَةَ الأسَدِيِّ قال:
أسلمت وعندي ثمانِ نسوةٍ، فذكرت ذلك للنبي ﷺ؟ فقال النبي ﷺ:
«اخْتَرْ منهنَّ أربعًا».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والبيهقي وابن القطان من حديث ابن عمر مرفوعًا … نحوه في قصة غَيْلانَ بن سَلَمَة حين أسلم. وفي رواية: عن قيس بن الحارث. وصوبها المصنف، وأيَّده ابن التركماني؛ خلافًا للبيهقي. والله تعالى أعلم).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا هُشَيْمٌ. (ح) وثنا وهب بن بقية: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن حُمَيْضَةَ بن الشَّمَرْدَلِ عن الحارث بن قيس -قال مسدد- ابن عُمَيْرَةَ -وقال وهب- الأسدي …
حدثنا به أحمد بن إبراهيم: ثنا هشيم … بهذا الحديث، فقال: قيس بن الحارث، مكان: الحارث بن قيس.
حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا بكر بن عبد الله قاضي الكوفة عن عيسى بن المختار عن ابن أبي ليلى عن حُمَيْضَةَ بن الشَّمَرْدَلِ عن قيس بن الحارث … بمعناه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن أبي ليلى -واسمه محمد بن عبد الرحمن-.
وحميضة بن الشمردل ضعفه البخاري وغيره، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان.
لكن يشهد لحديثه: حديث ابن عمر المذكور أنفًا وغيره؛ مما خرجته في «الإرواء» (١٨٨٣ – ١٨٨٥).
وقد بين المصنف رحمه الله أن الرواة اختلفوا في اسم صاحب القصة هذه، فمنهم من قال: الحارث بن قيس، ومنهم من قال: قيس بن الحارث، وهو الصواب عنده، وأيّده ابن التركماني؛ خلافًا للبيهقي. والله أعلم.
١٩٤٠ – عن الضَّحَّاك بن فيروز عن أبيه قال:
قلت: يا رسول الله! إني أسلمت وتحتي أختان؟ قال:
«طَلِّقْ أيَّتَهُما شِئْتَ».
(قلت: حديث حسن؛ كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان والبيهقي، واحتجّ به الإمام الأوزاعي وترك رأيه لأجله. وروي العمل به عن عُمَرَ وعليٍّ رضي الله عنهما.
إسناده: حدثنا يحيى بن مَعِينٍ: ثنا وهب بن جرير عن، أبيه قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجَيْشَانِيِّ عن
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي وهب والضحاك بن فيروز؛ ففيهما ضعف.
لكن يشهد له -في المعنى- الحديث الذي قبله، وما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما من العمل به، وقوّاه من ذكرت آنفًا، وتفصيل هذا الإجمال مما أودعته في «الإرواء» تحت الحديث (١٩١٥).
٢٦ – باب إذا أسلم أحد الأبوين؛ مع من يكون الولد؟
١٩٤١ – عن رافع بن سنان:
أنه أسلم، وأبَتِ امرأته أن تُسْلِمَ، فَأتَتِ النبي ﷺ فقالت: ابْنَتِي، وهي فَطِيمٌ أو شبهه! وقال رافع: ابنتي! فقال له النبي ﷺ:
«اقْعُدْ ناحيةً». وقال لها: «اقعدي ناحيةً».
قال: وأقعد الصَّبِيَّةَ بينهما، ثم قال: «ادْعُوَاها». فمالت الصبية إلى أمِّها، فقال النبي ﷺ:
«اللهم! اهدها»؛ فمالت الصبية إلى أبيها؛ فأخذها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي وابن القطان).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى: ثنا عبد الحميد بن جعفر: أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ وعيسى: هو ابن يونس.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٢٠٦)، وعنه البيهقي (٨/ ٣ – ٤) من طريق أخرى عن إبراهيم بن موسى … به؛ إلا أنه قال: حدثني .. مكان: عن جدي.
وهذا يؤيد -إن كان محفوظًا- أن والد عبد الحميد روى عن جده، كما ذكروا في ترجمته؛ وجاء فيها: وقيل: إن رافع بن سنان جده لأمه.
وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٤/ ١٧٨ – ١٧٩)، وأحمد (٥/ ٤٤٦) من طريقين آخرين عن عيسى بن يونس … به.
وتابعه المُعَافَى بن عمران -عند النسائي في «الكبرى»-، وعلي بن غراب وأبو عاصم -عند الدارقطني (ص ٤٤٣) – ثلاثتهم عن عبد الحميد بن جعفر … به؛ إلا أن ابن غراب قال: عن جد أبيه رافع بن سنان.
وهذا يؤيد ما تقدم عن المزي.
وخالفهم بكر بن بَكَّار فقال: عن عبد الحميد عن أبيه قال: حدثني أبي وغير واحد:
أن أبا الحكم أسلم … فذكره. قال المزي:
«وحديث بكر أقرب إلى الصواب»!
كذا قال! وهو غريب؛ فإن رواية الجماعة هي الصواب، كما هي القاعدة، وحديث بكر شاذ؛ لأنه فَرْدٌ خالفَ الجماعةَ.
وخالفهم جمعيًا: عثمان البَتِّيُّ فقال: عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن
أن رجلًا أسلم …
وهذا مرسل.
وفي أخرى له -وكذا أحمد-: عن عبد الحميد بن سلمة:
أن جده أسلم …
وهذا معضل.
فقد اضطرب فيه البَتِّيُّ اضطرابًا شديدًا، فلا تجوز معارضة رواية الجماعة عن عبد الحميد بن جعفر به، كما فعل ابن التركماني! واضطرب في متنه أيضًا، كما شرحه الزيلعي في «نصب الراية» (٣/ ٢٦٩ – ٢٧١)؛ نقلًا عن ابن القطان في «كتابه». وقال هذا -أعني: ابن القطان- عقب روايات عبد الحميد بن سلمة المضطربة:
«وهذه الروايات لا تصح؛ لأن عبد الحميد بن سلمة وأباه وجده لا يعرفون، ولو صحت لم يَنْبَغِ أن نجعله خلافًا لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر عن عبد الحميد بن جعفر؛ فإنهم ثقات، وهو وأبوه ثقتان، وجده رافع بن سنان معروف». وأقره الزيلعي.
وأشار الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (٤/ ١١) إلى كلام ابن القطان هذا، فقال:
«ورجح ابن القطان رواية عبد الحميد بن جعفر. وقال ابن المنذر: لا يثبته أهل النقل، وفي إسناده مقال»!
وإن كان يعني ابن جعفر نفسه -كما فعل ابن القيم رحمه الله في «الزاد»-؛ فإنه قال (٤/ ١٩٠):
«وقد ضعفه إمام العلل يحيى بن سعيد القطان، وكان سفيان الثوري يحمل عليه»!
قلت: فهذا لا يضر أيضًا؛ لأنه جرح غير مفسر، وقد وثقه الجمهور، واحتج به مسلم، وسبق توثيق ابن القطان الفاسي له. ونحوه قول الحافظ في «التقريب»:
«صدوق، وربما وهم».
ولعله لذلك أقرَّ الحاكمَ على تصحيحه للحديث في «بلوغ المرام». والله أعلم.
٢٧ – باب في اللعَانِ
١٩٤٢ – عن سهل بن سعد:
أن عُوَيْمِرَ بن أشْقَرَ العَجْلانِيَّ جاء إلى عاصم بن عَدِيٍّ، فقال له: يا عاصم! أرأيت رجلًا وَجَدَ مع امرأته رجلًا؛ أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ سَلْ لي يا عاصمُ! رسولَ الله ﷺ عن ذلك؟
فسأل عاصمٌ رسولَ اللهِ ﷺ، فكره رسول الله ﷺ المسائل وعابها؛
حتى كَبُرَ على عاصم ما سمع من رسول الله ﷺ! فلما رجع عاصم إلى أهله؛ جاءه عويمر فقال له: يا عاصم! ماذا قال لك رسول الله ﷺ؟ فقال عاصم: لم تأتِني بخير؛ قد كَرِهَ رسول الله ﷺ! المسألةَ التي سألته عنها.
يا رسول الله ﷺ! أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا؛ أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله ﷺ:
«قد أُنْزِلَ فيك وفي صاحبتك قرآن، فاذهب فَأْتِ بها».
قال سهل: فَتَلاعَنَا -وأنا مع الناس- عند رسول الله ﷺ. فلما فرغنا؛ قال عويمر: كَذَبْتُ عليها يا رسول الله! إن أمسكتها. فطلَّقَها عويمر ثلاثًا قبل أن يأمره النبي ﷺ.
قال ابن شهاب: فكانت تلك سُنَّةَ المتلاعِنَيْنِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب.
قلت: صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وسائر أصحاب «السنن»، وهو مخرج في «الإرواء» (٢١٠٠).
١٩٤٣ – ومن طريق أخرى عن سهل:
أن النبي ﷺ قال لعاصم بن عدي:
«أمسكِ المرأةَ عندك حتى تَلِدَ».
(قلت: إسناده حسن).
قلت: وهذا إسناده حسن، وهو مخرج في المصدر السابق.
١٩٤٤ – وفي رواية ثالثة من الطريق الأولى عنه قال:
حَضَرْتُ لِعَانَهُمَا عند النبي ﷺ وأنا ابن خَمْسَ عَشْرَةَ سنةً … وساق الحديث؛ قال فيه: ثم خَرَجَتْ حاملًا، فكان الولد يُدْعَى إلى أمه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم، والبخاري نحوه).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو من شيوخ البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٦): حدثني حرملة بن يحيى: أخبرنا ابن وهب … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (٧/ ٤٠٠ – ٤٠١).
وأخرجه البخاري (٩/ ٣٧٣)، والبيهقي من طريق ابن جريج.
وهو، والبخاري (٨/ ٣٦٢) من طريق فلَيْحِ بن سليمان عن الزهري … به نحوه.
«أبْصِرُوها؛ فإن جاءت به أدعج العينين، عظيم الأليَتَيْنِ؛ فلا أراه إلا قد صدق. وإن جاءت به أُحَيْمِر -كأنه وَحَرَةٌ -؛ فلا أراه إلا كاذبًا». قال: فجاءت به على النَّعْتِ المكروه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا محمد بن جعفر الوَرَكاني: أخبرنا إبراهيم -يعني: ابن سعد- عن الزهري عن سَهْلِ بن سعد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الوركاني، فهو على شرط مسلم.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١/ ٦٣٦)، وأحمد (٥/ ٣٣٤) من طريقين آخرين عن إبراهيم بن سعد … به.
وأخرجه البخاري (٨/ ٣٦٢ و٩/ ٣٧٣ – ٣٧٤ و١٢/ ١٥١ – ١٥٢ و١٣/ ٢٣٧ – ٢٣٨)، وابن الجارود (٧٥٦)، وعبد الرزاق (١٢٤٤٧) من طرق أخرى عن الزهري … به.
١٩٤٦ – وفي خامسة عنه … بهذا الخبر، قال: فكان يُدْعى -يعني: الولد- لأُمِّهِ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن الجارود).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمود بن خالد -وهو السُّلَمِيُّ-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٨/ ٣٦٢)، وابن الجارود (٧٥٦)، والبيهقي (٧/ ٤٠٠) من طرق أخرى عن محمد بن يوسف الفريابي … به وساق الحديث بتمامه.
والقدر الذي أورده المصنف منه؛ أخرجه مسلم والبخاري أيضًا من طرق أخرى عن الزهري، كما تقدم في الكتاب برقم (١٩٤٤).
١٩٤٧ – وفي سادسة عنه … في هذا الخبر؛ قال:
فطلَّقَها ثلاثَ تطليقاتِ عند رسول الله ﷺ، فأنفذه رسول الله ﷺ، وكان ما صُنِعَ عند النبي ﷺ سُنَّةً.
قال سهل: حَضَرْتُ هذا عند رسول الله ﷺ، فمضتِ السُّنَّةُ -بعدُ- في المتلاعِنَيْنِ: أن يُفَرَّقَ بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفِهْرِيِّ وغيره عن ابن شهاب عن سهل بن سعد.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ فهو صحيح، لولا أن عياضًا هذا فيه لين، كما في «التقريب»، لكنه قد توبع كما يأتي.
وأخرجه (٧/ ٤٠٠) من طريقين عن الأوزاعى عن الزُّبَيْدِيِّ عن الزهري … مطولًا؛ وفيه:
فتلاعنا، ففرَّق رسول الله ﷺ بينهما، وقال:
«لا يجتمعان أبدًا».
قلت: وهذا شاهد قوي لحديث الفهري هذا، ولحديث ابن عيينة الآتي بعده.
١٩٤٨ – وفي سابعة عنه -قال مسدد: – قال:
شَهِدْتُ المتلاعنين على عهد رسول الله ﷺ وأنا ابن خمس عشرة، فَفَرَّقَ بينهما رسول الله ﷺ حين تلاعنا -وتَمَّ حديث مسدد-. وقال الآخرون:
إنّه شهد النبي ﷺ فرق بين المتلاعنين، فقال الرجل: كذبتُ عليها يا رسول الله! إن أمسكتها … -لم يقل بعضهم: عليها-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري باللفظ الآخر).
إسناده: حدثنا مسدد ووهب بن بيان وأحمد بن عمرو بن السرح وعمرو بن عثمان قالوا: ثنا سفيان عن الزهري عن سهل بن سعد. قال مسدد …
قال أبو داود: «لم يُتَابعِ ابنَ عيينة أحدٌ على أنه فرق بين المتلاعنين»!
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أعله المصنف بتفرد ابن عيينة بذكر التفريق فيه! وسبقه إلى ذلك ابن معين؛ فقال:
لكن البيهقي أشار إلى الرد على المصنف بقوله -عقب إعلاله المذكور-:
«يعني بذلك في حديث الزهري عن سهل بن سعد؛ إلا ما روينا عن الزُّبَيْدِيِّ عن الزهري». قال المنذري:
«يريد أن ابن عيينة لم ينفرد بها، وقد تابعه عليها الزبيدي».
قلت: وهي متابعة قوية، وقد ذكرتها في تخريج الحديث للذي قبله.
وتابعه عياض بن عبد الله الفهري أيضًا، كما تقدم هناك.
وتابعه أيضًا ابن جريج: أخبرني ابن شهاب … بهذا الحديث؛ وفي آخره: ففارقها عند النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ:
«ذلك التفريق بين كل متلاعنين».
أخرجه عبد الرزاق (١٢٤٤٦)، وعنه مسلم (٤/ ٢٠٦)، وكذا البخاري (٩/ ٣٧٣)، ولكنه جعل هذه الزيادة من قول ابن شهاب؛ إلا أن هذا لا يمنع من صحة نسبته إلى سهل، كما ألمح إلى ذلك الإمام الشافعي، ويؤيده تلك المتابعات.
وقد تابع عبد الرزاق على وصله: سعيد بن سالم فقال: عن ابن جريج … به: أخرجه البيهقي (٧/ ٣٩٩).
وبالجملة؛ فاجتماع هذه الطرق على هذه الزيادة؛ مما يدفع احتمال خطئهم فيها، ولعله لذلك لم يعبأ البخاري بإعلال ابن معين لرواية ابن عيينة هذه؛ فأخرجها في «صحيحه» (١٢/ ١٥١).
وأخرجه سعيد بن منصور أيضًا (١٥٥٥).
١٩٤٩ – وفي ثامنة … عنه في هذا الحديث:
وكانت حاملًا، فأنكر حَمْلَهَا، فكان ابنُها يُدْعَى إليها؛ ثم جَرَتِ السُّنَّةُ في الميراث: أن يرثها وترث منه ما فَرَضَ الله عز وجل لها.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري بإسناد المؤلف).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا فُلَيْحٌ عن الزهري عن سهل بن سعد.
قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ لولا أن فليحًا -وهو ابن سليمان المدني- كثير الخطأ، كما في «التقريب».
والحديث أخرجه البخاري (٨/ ٣٦٢ – ٣٦٣) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البيهقي (٧/ ٤٠١) من طرق أخرى عن سليمان بن داود العَتَكِي … به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب … به؛ دون قوله: فأنكر حملها.
أخرجه البخاري (٣/ ٣٧٣) من طريق عبد الرزاق، وتقدم قريبًا.
ولجملة الميراث شواهد، تأتي في الكتاب برقم (٢٥٨٢ – ٢٥٨٣).
ويشهد للملاعنة على الحَبَلِ: حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
أخرجه البيهقي (٧/ ٤٠٥) بسند صحيح عنه.
وحديث ابن عباس:
أن النبي ﷺ لاعَنَ بالحمل.
أخرجه أحمد (١/ ٣٥٥) من طريق عَبَّاد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس.
وعباد ضعيف.
لكن تابعه أبو الزناد عن القاسم بن محمد أنه سمع ابن عباس يقول:
إن رسول الله ﷺ لاعَنَ بين العجلاني وامرأته -قال: وكانت حُبْلَى- فقال: والله! ما قَرِبْتها منذ عَفَرْنا (قال: والعفر: أن يسقي النخل -بعد أن يترك من السقي- بعد الإبار بشهرين). قال: وكان زوجها حَمْشَ الساقين والذراعين، أصهب الشعرة، وكان الذي رُمِيَتْ به ابنَ السَّحْمَاء، قال: فولدت غلامًا أسود أجلى جعدًا عَبْلَ الذراعين.
أخرجه أحمد (١/ ٣٣٥ – ٣٣٦).
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأصله عند البخاري (٩/ ٣٧٤ – ٣٧٦ و٣٨٠ – ٣٨١) … بنحوه مع تقديم وتأخير.
ورواه نحوه من حديث عكرمة عنه نحوه، وهو الآتي في الكتاب بعد حديث.
إنا لَلَيْلَةَ جُمُعَةٍ في المسجد؛ إذ دخل رجل من الأنصار المسجدَ، فقال: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، فتكلم به؛ جلدتموه، أو قَتَلَ؛ قتلتموه، فإن سكت؛ سكت على غيظ! والله! لأسألنَّ عنه رسول الله ﷺ! ! فلما كان من الغد؛ أتى رسولَ الله ﷺ فسأله، فقال: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فتكلم به؛ جلدتموه، أو قتل؛ قتلتموه، أو سكت؛ سكت على غيظ؟ فقال:
«اللهم! افتح»؛ وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: ﴿والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم …﴾ هذه الآية، فابْتُلِيَ به ذلك الرجلُ من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله ﷺ، فتلاعنا، فشهد الرجل أرْبَعَ شهادات بالله: إنه لمن الصادقين. ثم لَعَنَ الخامسة عليه إن كان من الكاذبين. قال: فذهبت لِتَلعَن، فقال لها النبي ﷺ:
«مَهْ»، ففعلت. فلما أدبرا؛ قال:
«لعلها أن تَجِيءَ به أسودَ جعدًا»؛ فجاءت به أسود جعدًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٨ – ٢٠٩) من طرق أخرى عن جرير.
١٩٥١ – عن ابن عباس:
أن هلال بن أُمَيَّةَ قَذَفَ امرأته عند رسول الله ﷺ بِشَرِيكِ بن سَحْمَاءَ، فقال النبي ﷺ.
«البينة، أو حَدٌّ في ظهرك».
قال: يا رسول الله! إذا رأى أحدنا رجلًا على امرأته يلتمس البينة؟ ! فجعل النبي ﷺ يقول:
«البينة، وإلا؛ فحدٌّ في ظهرك».
فقال هلال: والذي بعثك بالحق! إني لصادق، وَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ في أمري ما يُبْرِئُ ظهري من الحَدِّ! فنزلت: ﴿والذين يَرْمُونَ أزواجهم ولم يكن لهم شهداءُ إلا أنفسُهم﴾، فقرأ حتى بلغ: ﴿من الصادقين﴾، فانصرف النبي ﷺ، فأرسل إليهما، فجاءاه، فقام هلال بن أمية فَشَهِدَ، والنبي ﷺ يقول:
«الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب؟ !». ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة: ﴿أنَّ غَضَبَ الله عليها إن كان من الصادقين﴾ – وقالوا لها: إنها موجبة.
قال ابن عباس: فتلكَّأتْ ونَكَصَتْ؛ حتى ظَنَنَّا أنها سترجع-؛ فقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم! فمضت، فقال النبي ﷺ:
«لولا ما مضى من كتاب الله؛ لكان لي ولها شأن».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف. وقال الترمذي: «حسن غريب»).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا ابن أبي عدي: أخبرنا هشام بن حسان: حدثني عكرمة عن ابن عباس.
قال أبو داود: «وهذا مما تفرد به أهل المدينة؛ حديث ابن بشار -حديث هلال-».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٨/ ٣٦٣) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه آخرون من حديث هشام بن حسان، وهو مخرج في «الإرواء» (٢٠٩٨).
١٩٥٢ – ومن طريق أخرى عنه:
أن النبي ﷺ أمر رجلًا -حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا- أن يَضَعَ يده على فيه عند الخامسة؛ يقول: إنها موجبة.
(قلت: إسناده صحيح).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير كليب -والد عاصم- وهو ثقة.
والحديث أخرجه الحميدي في «مسنده» (٥١٨): ثنا سفيان … به. وأخرجه النسائي وغيره عن سفيان، وهو مخرج في «الإرواء» (٢١٠١/ ١).
١٩٥٣ – عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ للمتلاعنين:
«حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها». قال: يا رسول الله! مالي؟ ! قال:
«لا مال لك؛ إن كنت صدقت عليها؛ فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها؛ فذلك أبْعَدُ لك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه؛ وابن الجارود).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة قال: سمع عمروٌ سعيدَ ابن جبير يقول: سمعت ابن عمر يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٢/ ١١) … إسنادًا ومتنًا.
وكذلك هو في «مسند الحميدي» (٦٧١).
١٩٥٤ – وعن سعيد بن جبير قال:
قلت لابن عمر: رجل قذف امرأته؟
قال: فرَّقَ رسول الله ﷺ بين أخَوَيْ بني العَجْلانِ، وقال:
«الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟»؛ يردِّدها ثلاث مرات، فأبَيَا، ففرَّق بينهما.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا إسماعيل: ثنا أيوب عن سعيد بن جبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضًا على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «المسند» (٢/ ٤) … إسنادًا ومتنًا.
وأخرجه البخاري (٩/ ٣٧٦)، والنسائي (٦/ ١٠٢) من طريقين آخرين عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ به.
ومسلم (٤/ ٢٠٧)، والبيهقي (٧/ ٤٠١) من طرق أخرى عن أيوب السَّخْتِيَاني … به.
أن رجلًا لاعَنَ امرأتَه في زمان رسول الله ﷺ، وانتفى من ولدِها، ففرَّق رسولُ الله ﷺ بينهما، وألحقَ الولدَ بالمرأةِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع … به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٢/ ٩٠) … إسنادًا ومتنًا.
وأخرجه البخاري (٩/ ٣٧٩)، ومسلم (٤/ ٢٠٨)، والترمذي (١٢٠٣)، والنسائي (٢/ ١٠٦)، والدارمي (٢/ ١٥١)، وابن ماجة (١/ ٦٣٨)، وابن الجارود (٧٥٤)، والبيهقي (٧/ ٤٠٢)، وأحمد (٢/ ٧) كلهم عن مالك … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ثم أخرجه البخاري (٨/ ٣٦٤ و٩/ ٣٧٨)، ومسلم، وأحمد (٢/ ١٢٦) من طريقين آخرين عن نافع … به.
ومسلم والترمذي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر … مطولًا.
١٩٥٦ – عن أبي هريرة قال:
جاء رجل إلى النبي ﷺ -من بني فَزَارَةَ-، فقال: إن امرأتي جاءت بولد أسود؟ ! فقال: «هل لك من إبل؟». قال: نعم. قال: «ما ألوانها؟». قال: حُمْرٌ. قال: «فهل فيها أوْرَقُ؟». قال: إن فيها لَوُرْقًا، قال: «فأنى تراه؟». قال: عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ! قال:
«وهذا عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ!».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان).
إسناده: حدثنا ابن أبي خلف: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي خلف -وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي خلف البغدادي-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٣٩)، والحميدي (١٠٨٤) قالا: ثنا سفيان … به.
وأخرجه مسلم (٤/ ٢١١)، والنسائي (٢/ ١٠٦)، وابن ماجة (١/ ٦١٧)، والبيهقي (٧/ ٤١١) من طرق أخرى عن سفيان … به.
وأخرجه البخاري (٩/ ٣٦٤ – ٣٦٦ و١٢/ ١٤٧)، ومسلم والنسائي، والبيهقي وأحمد (٢/ ٣٣٣ و٤٠٩) من طرق أخرى عن الزهري … به نحوه.
ورواه ابن ماجة من حديث ابن عمر … نحوه.
١٩٥٧ – وفي رواية عنه … بإسناده ومعناه؛ قال:
وهو حينئذٍ يُعَرِّضُ بأن يَنْفِيَهُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري … بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (١٢٣٧١) … بإسناده ومتنه؛ وزاد في آخره:
ولم يرخِّصْ له في الانتفاء منه.
وهكذا رواه مسلم (٤/ ٢١١) من طرق أخرى عن عبد الرزاق.
ورواه النسائي (٢/ ١٠٦ – ١٠٧) من طريق يزيد بن زُرَيْعٍ: حدثنا معمر … به.
وأحمد (٢/ ٢٣٣ – ٢٣٤): ثنا عبد الأعلى عن معمر … به؛ دون الزيادة في آخره.
ورواه البخاري كما تقدم دون الزيادتين، وهو عنده من رواية مالك عن الزهري.
١٩٥٨ – ومن طريق أخرى عنه:
أن أعرابيًّا أتى النبي ﷺ فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، وإني أُنْكِرُهُ … فذكر معناه.
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٣/ ٢٥٢ – ٢٥٣)، ومسلم (٤/ ٢١١ – ٢١٢) من طرق أخرى عن ابن وهب … به؛ وزاد البخاري في آخره:
ولم يرخِّص له في الانتفاء.
وهذه الزيادة أخرجها مسلم أيضًا وغيره من الطريق التي قبلها.
٢٩ – باب التغليظ في الانتفاء
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٣٠ – بابٌ في ادِّعاءِ وَلَدِ الزِّنَى
١٩٥٩ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
إن النبي ﷺ قضى: أن كل مُسْتَلْحِقٍ اسْتُلْحِقَ بعد أبيه الذي يُدعى له ادَّعاه وَرَثَتُهُ، فقضى: أن كل من كان مَن أمَةٍ يملكها يوم أصابها؛ فقد لَحِقَ بمن اسْتَلْحَقَهُ، وليس له مما قُسِمَ قبله من الميرَاث، وما أدرك من ميراث لم يُقْسَمْ؛ له نصيبه، ولا يَلْحَقُ إذا كان أبوه الذي يُدعى له أنكره. وإن
إسناده: حدثنا شيبان بن فَرُوخٍ: ثنا محمد بن راشد. (ح) وحدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن راشد -وهو أشبع- عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ كما قال البوصيري (ق ١٧٠/ ١)؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
ومحمد بن راشد -وهو المكحولي- صدوق يهم.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٨١): ثنا يزيد … به.
ثم أخرجه (٢/ ٢١٩)، والدارمي (٢/ ٣٨٩ – ٣٩٠)، وابن ماجة (٢/ ١٦٨ – ١٦٩) من طرق أخرى عن محمد بن راشد … به.
١٩٦٠ – وفي رواية … بإسناده ومعناه؛ زاد:
وهو ولد زِنىً لأهل أمه -مَنْ كانوا: حُرَّةً أو أمةً-؛ وذلك فيما اسْتُلْحِقَ في أول الإسلام. فما اقْتُسِمَ من مال قبل الإسلام؛ فقد مضى.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال البوصيري).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا أبي عن محمد بن راشد … بإسناده ومعناه.
قلت: إسناده حسن، وتقدم الكلام عليه في الذي قبله.
١٩٦١ – عن عائشة قالت:
دخل عليَّ رسولُ الله ﷺ -قال مسدد وابن السرح: يومًا مسرورًا.
وقال عثمان: تُعرف أسارير وجهه-، فقال:
«أيْ عائشةُ! ألم تَرَي أن مجزِّزًا المُدْلِجِيَّ رأى زيدًا وأسامة قد غطَّيَا رؤوسهما بقطيفة، وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض؟ !».
قال أبو داود: «كان أسامةُ أسودَ، وكان زيدٌ أبيضَ».
إسناده: حدثنا مسدد وعثمان بن أبي شيبة -المعنى- وابن السرح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٢/ ٤٦ – ٤٧)، ومسلم (٤/ ١٧٢)، والنسائي (٢/ ١٠٨)، وابن ماجة (٢/ ٥٩ – ٦٠)، والحميدي (٢٣٩) كلهم من طرق عن سفيان … به.
ثم أخرجه البخاري (٦/ ٤٤٦ و٧/ ٧٠)، ومسلم والنسائي، وأحمد (٦/ ٨٢ و٢٢٦) من طرق أخرى عن الزهري … به.
وقد ذكره المؤلف من طريق أحدهما؛ وهو الآتي بعده.
تَبْرُقُ أساريرُ وَجْهِهِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناده في الرواية الأخرى أحد أسانيد مسلم فيها).
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن ابن شهاب … بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق أخرى عن ابن شهاب … به، كما بينته في الذي قبله.
وهو عند مسلم والنسائي … بإسناد المصنف هذا.
وقال أحمد (٦/ ٨٢): ثنا هاشم قال: ثنا ليث … به.
٣٢ – باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد
١٩٦٣ – عن زيد بن أرقم قال:
كنت جالسًا عند النبي ﷺ، فجاء رجل من اليمن فقال: إن ثلاثةَ نَفَرٍ من أهل اليمن أتَوْا عليًّا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طُهْرٍ واحدٍ. فقال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا. ثم قال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا. ثم قال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا.
فقال: أنتم شركاءُ متشاكسونَ؛ إني مُقْرِعٌ بينكم: فمن قُرِعَ؛ فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدِّيَةِ. فأقرع بينهم، فجعله لمن قُرِعَ.
فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت أضراسه -أو نواجذه-.
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن الأجلح عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الله بن الخليل -ويقال: ابن أبي الخليل- الحضرمي؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وهو -إلى ذلك- قد اختلف عليه في إسناده ورفعه؛ كما بينه البيهقي في «سننه»، والمصنف كما يأتي بعد حديث.
والراجح عندي رفعه؛ للإسناد الآتي بعده؛ فإنه مرفوع وسالم من الاضطراب. والله أعلم.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٢٠٧)، وعنه البيهقي (١٠/ ٢٦٧) من طريق أخرى عن مسدد … به. وقال الحاكم:
«اتفق الشيخان على ترك الاحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكِنْدي، وإنما نَقَمَا عليه حديثًا واحدًا لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، فهذا الحديث إذًا صحيح»، ووافقه الذهبي.
وأخرجه النسائي (٢/ ١٠٨): أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى … به.
ثم أخرجه هو، وأحمد (٤/ ٣٧٤)، والحميدي (٧٨٥) من طرق أخرى عن الأجلح … به.
وأعله المنذري في «مختصره» بالأجلح؛ فقال:
«واسمه: يحيى بن عبد الله الكِنْدِيُّ؛ ولا يحتج به»!
قلت: وهذا غلو منه رحمه الله تعالى؛ فالرجل مختلف فيه، ومن تكلم فيه؛ فإنما هو من قبل حفظه؛ والأرجح أنه حسن الحديث. وكان الأولى إعلاله بشيخه
«والأجلح قد روى عنه الأئمة: الثوري وابن المبارك ويحيى بن القطان؛ إلا أنه لم يَحْتَجَّ به الشيخان. وعبد الله بن الخليل يتفرد به، واختلف عليه في إسناده ورفعه».
ويستغرب منه قوله: يتفرد به ابن الخليل! مع أنه قد تابعه عَبْدُ خيرٍ، كما يأتي في الطريق التي بعده.
١٩٦٤ – ومن طريق أخرى عن زيد بن أرقم قال:
أُتِيَ علي رضي الله عنه بثلاثة -وهو باليمن- وقعوا على امرأة في طُهْرٍ واحد، فسأل اثنين: أتُقِرَّانِ لهذا بالولد؟ قالا: لا. حتى سألهم جميعًا، فجعل كُلَّمَا سأل اثنين؛ قالا: لا. فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة، وجعل عليه ثُلُثَيِ الدِّيَةِ. قال: فَذَكَرَ ذلك للنبيِّ ﷺ؟ فَضَحِك حتى بَدَتْ نواجذه.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم، وتبعه ابن القيم).
إسناده: حدثنا خُشَيْشُ بن أصْرَمَ: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن صالح الهَمْدَاني عن الشعبي عن عبد خَيْرٍ عن زيد بن أرقم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد خير، وهو ثقة.
ومثله خشيش بن أصرم، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (٢/ ١٠٧ – ١٠٨) … بإسناد المصنف ومتنه.
وهو في «المصنف» (١٣٤٧٢). وعلقه البخاري عليه في «التاريخ» (٣/ ١ / ٧٩).
وخالفهم أحمد فقال (٤/ ٣٧٣): ثنا عبد الرزاق: ثنا سفيان عن أجلح عن الشعبي … به.
فجعل (الأجلح) مكان: (صالح الهمداني)؛ فكأنه سلك الجادة؛ فإن الأجلح هو المعروف برواية هذا الحديث عن الشعبي؛ لكن عنه عن عبد الله بن الخليل، كما في الطريق الأولى من رواية جمع عنه.
أما من رواية سفيان الثوري عن أجلح عن الشعبي عن عبد خير؛ فلم أره إلا في رواية أحمد هذه عن عبد الرزاق؛ فإن كانت محفوظة فهي متابعة قوية من الأجلح لصالح الهمداني عن الشعبي.
والأرجح أن للشعبي شيخين:
أحدهما: عبد الله بن الخليل: رواه الجماعة عن الأجلح عنه.
والثاني: عبد خير؛ كما في رواية الجماعة عن عبد الرزاق عن الثوري عن صالح الهمداني عنه.
ويؤيده: أنني وجدت له شيخًا ثالثًا، فقال الحميدي في «مسنده» (٧٨٦): ثنا سفيان قال: ثنا أبو سهل عن الشعبي عن علي بن ذَرِيحٍ عن زيد بن أرقم عن النبي ﷺ … بمثله.
لكن أبو سهل هذا ضعيف؛ واسمه: محمد بن سالم الهَمْداني.
وخالفهم جميعًا سَلَمَة بن كُهَيْلٍ فقال: عن الشعبي عن الخليل عن ابن الخليل قال … فذكر الحديث موقوفًا على علي مرسلًا مختصرًا.
هكذا أخرجه المصنف من طريق عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عنه.
وأخرجه النسائي (٢/ ١٠٨) من طريق محمد -وهو ابن جعفر غُنْدَرٌ -: حدثنا شعبة … به؛ إلا أنه قال: عن أبي الخليل -أو ابن أبي الخليل- … فذكره، وقالا:
«ولم يذكر: زيد بن أرقم، ولم يرفعه»، وقال:
«هذا صواب»!
كذا قال! ومثله قول ابن أبي حاتم في «العلل» (١/ ٤٠٢) -بعد أن ذكره من طريق الأجلح المسندة المرفوعة-:
«فقال أبي: قد اختلفوا في هذا الحديث فاضطربوا، والصحيح حديث سلمة ابن كهيل»!
قلت: كان يكون الأمر كما ذكر هو والنسائي؛ لو أن الأجلح كان وحده في مقابلة سلمة.
أما وقد تابعه صالح الهمداني فأسنده ورفعه، ولو أنه خالفه في تابعي الحديث؛ فلا أرى ما رَأيَا، لا سيما وأن سلمة قد اختلف عليه في ضبط اسم عبد الله بن الخليل كما رأيت، فلا أرى الصواب إلا المسند المرفوع! ولذلك أوردت هذا الموقوف في الكتاب الآخر (٣٩١). والله أعلم.
١٩٦٥ – عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ:
أن النِّكاحَ كان في الجاهلية على أربعة أنْحَاءٍ:
فكان منها: نكاح الناس اليوم؛ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ، فَيُصْدِقُها، ثم يَنْكِحُها.
ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طَهُرَتْ من طَمْثِها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا؛ حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها؛ أصابها زوجها إن أحَبَّ، وإنما يفعل ذلك رَغْبَةً في نَجَابَةِ الوَلَدِ، فكان هذا النكاح يُسَمَّى: نِكاحَ الاستبضاع.
ونكاح آخر: يجتمع الرَّهْطُ -دون العشرة-، فيدخلون على المرأة؛ كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومَرَّ ليالٍ بعد أن تضع حملها؛ أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عَرَفْتُمُ الذي كان من أمركم، وقد وَلَدْتُ، وهو ابنك يا فلان! فَتُسَمِّي من أحَبَّتْ منهم باسمه، فَيَلْحَقُ به ولدُها.
ونكاح رابع: يجتمع الناس الكثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها -وَهُنَّ البغايا-، كُنَّ يَنْصِبْنَ على أبوابهن رايات يَكُنَّ علمًا لمن أرادهنَّ دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها؛ جُمعوا لها، وَدَعَوْا لهمُ القافة، ثم ألحَقُوا ولدها بالذي يَرَوْنَ فالتاطَهُ ودُعِيَ ابنَهُ؛ لا يمتنع من ذلك. فلما بعث الله محمدًا ﷺ؛ هَدَمَ نكاحَ أهل الجاهلية كلَّه؛ إلا نكاح أهل الإسلام اليوم.
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة بن خالد: حدثني يونس بن يزيد قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ أخبرته: أن النكاح …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ١٩٠) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري (٩/ ١٥٠) … بإسناده وإسناد آخر فقال: حدثنا يحيى بن سليمان: حدثنا ابن وهب عن يونس. وحدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عنبسة: حدثنا يونس عن ابن شهاب … به.
٣٤ – باب: «الولد للفراش»
١٩٦٦ – عن عائشة:
اختصم سعد بن أبي وقاص وعَبْدُ بن زَمْعَةَ إلى رسول الله ﷺ في ابن أمَةِ زَمْعَةَ، فقال سعد: أوصاني أخي عُتْبَةُ إذا قدمت مكة؛ أن أنظر إلى ابنَ أمَةِ زمعةَ فأقبضَهُ؛ فإنه ابنه. وقال عبد بن زمعة: أخي، ابنُ أمَةِ أبي؛ وُلِدَ على فراش أبي، فرأى رسول الله ﷺ شَبَهًا بَيِّنًا بِعتْبَةَ، فقال:
«الولدُ للفِراش، واحتجبي منه يا سودة!» -زاد مسدد في حديثه: وقال: «هو أخوك يا عبدُ!»-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الزيادة فهي على شرط
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور ومسدد قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين عن الشيخ الأول، وعلى شرط البخاري وحده عن الشيخ الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٣٧)، والحميدي (٢٣٨): ثنا سفيان … به دون الزيادة.
وأخرجه مسلم (٤/ ١٧١) عن الشيخ الأول.
وهو، والبخاري (٥/ ٥٦ – ٥٧)، والنسائي (٢/ ١٠٧)، وابن ماجة (١/ ٦١٨)، والبيهقي (٧/ ٤١٢) من طرق أخرى عن سفيان … به.
وتابعه مالك عن ابن شهاب … به؛ وزاد:
«وللعاهر الحجر».
أخرجه في «الموطأ» (٢/ ٢١٣)، وعنه البخاري (٤/ ٢٣٥ و٥/ ٣٨٦ و٨/ ١٩ و١٢/ ٢٥ و١٣/ ١٤٨)، والبيهقي، وأحمد (٦/ ٢٤٧) كلهم عن مالك … به.
والبخاري (٤/ ٣٢٧ و٥/ ١٢٣ و١٢/ ١٠٦)، ومسلم والنسائي، والدارمي (٢/ ١٥٢)، وأحمد (١٦/ ٢٩ و٢٠٠ و٢٢٦ و٢٣٧) من طرق أخرى عن الزهري … به.
وزاد البخاري في رواية معلقة له عن الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب … بلفظ:
«وصله الذُّهْلِيُّ في»الزهريات«…».
واحتج به الحافظ في مكان آخر (١٢/ ٢٩)؛ بل صرح في الصفحة التي تليها بصحته، فقال:
«في الطرق الصحيحة:»هو أخوك يا عبد! «…».
(تنبيه): وقعت زيادة مالك المتقدمة: «وللعاهر الحجر» في رواية سفيان -وهو ابن عيينة- في بعض نسخ الكتاب -منها نسخة «عون المعبود»-، واغتر بها محقق نسخة «دار الكتب العلمية» المشهورة! فوضعها بين معكوفتين []! !
وذلك خطأ على سفيان؛ لأنه صرَّح أنها ليست في روايته؛ فقد قال الحميدي عقب الحديث:
فقيل لسفيان: فإن مالكًا يقول: «وللعاهر الحجر»؟ فقال سفيان: لكنا لم نحفظ عن الزهري أنه قال في هذا الحديث.
ولما أخرجه مسلم من طرق عن سفيان، ومن طريق معمر؛ قال في روايتيهما: ولم يذكر: «وللعاهر الحجر».
أقول هذا تحريرًا لرواية سفيان، وإلا؛ فحسب الزيادة صحةً أنَّه زادها مالك جبل الحفظ، ولا سيما ولها شواهد:
منها: حديث عمرو بن شعيب الآتي في الكتاب.
ومنها: عن أبي هريرة في «الصحيحين».
وعن ابن مسعود: عند ابن حبان (٤٠٩٢ – الإحسان).
١٩٦٧ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلانًا ابني، عاهرتُ بأُمِّهِ في الجاهلية؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«لا دَعْوَةَ في الإسلام! ذهب أمر الجاهلية؛ الولد للفراش، وللعاهر الحجر».
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا حسين المعلِّم عن عمرو بن شعيب … به.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٠٧): ثنا يزيد … به؛ وفيه زيادة بلفظ:
«وللعاهر الأثلب». قيل: يا رسول الله! وما الأثلب؟ قال:
«الحَجَرُ».
ثم قال (٢/ ١٧٩): ثنا يحيى عن حسين … به؛ دون قوله: قيل: يا رسول الله! …
ويشهد للحديث ما قبله. وانظر «تخريج المشكاة» (٣٣٢٠).
١٩٦٨ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو:
أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بَطْنِي له وعاءً، وثَدْيِي له سِقاءً، وحِجْرِي له حِوَاءً، وإن أباه طلَّقني، وأراد أن ينتزعه مني؟ ! فقال لها رسول الله ﷺ:
«أنْتِ أحقُّ به؛ ما لم تَنْكِحي».
(قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد السُّلَمِي: ثنا الوليد عن أبي عمرو -يعني: الأوزاعي-: حدثني عمرو بن شعيب … به.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المشهور في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
والوليد: هو ابن مسلم؛ وقد صرح بالتحديث في رواية الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في «الإرواء» (٢١٨٧).
١٩٦٩ – عن أبي ميمونة سلمى -مولى من أهل المدينة، رجل صدق- قال:
بينما أنا جالس مع أبي هريرة؛ جاءته امرأة فارسية معها ابن لها، فادعياه، وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة! -وَرَطَنَتْ بالفارسية- زوجي يريد أن يذهب بابني؟ ! فقال أبو هريرة: اسْتَهِمَا عليه -ورطن لها بذلك-، فجاء زوجها فقال: مَنْ يُحَاقُّنِي في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهم! إني لا أقول هذا؛ إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله ﷺ وأنا
«اسْتَهِمَا عليه». فقال زوجها: مَنْ يحاقُّني في ولدي؟ فقال النبي ﷺ:
«هذا أبوك، وهذه أمك؛ فخذ بيد أيِّهما شئت»؛ فأخذ بيد أمهِ، فانطلقتْ به.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه أيضًا ابن حبان وابن القطان).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج: أخبرني زياد عن هلال بن أسامة. أن أبا ميمونة سلمى.
قلت: إسناده صحيح، وصححه من ذكرت أعلاه، وهو مخرج في المصدر السابق (٢١٩٢).
١٩٧٠ – عن علي رضي الله عنه قال:
خرج زيد بن حارثة إلى مكة، فقدم بابنة حمزة، فقال جعفر: أنا آخذها؛ أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي خالتها، وإنما الخالة أمٌّ! فقال علي: أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي ابنة رسول الله ﷺ، وهي أحق بها! فقال زيد: أنا أحق بها؛ أنا خرجت إليها، وسافرت، وقَدِمْتُ بها! فخرج النبي ﷺ … فذكر حديثًا؛ قال:
«وأما الجارية؛ فأقضي بها لجعفر؛ تكون مع خالتها، وإنما الخالة أمٌّ».
(قلت: حديث صحيح).
قلت: رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير نافع بن عجير، وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع.
لكن خولف عبد الملك بن عمر في إسناده، كما بينته في «الإرواء» (٢١٩٠).
لكن يشهد للحديث الإسنادان الآتيان بعده.
١٩٧١ – ومن طريق أخرى عنه … بهذا الخبر وليس بتمامه؛ قال:
وقضى بها لجعفر، وقال:
«إن خالتها عنده».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا سفيان عن أبي فَرْوَةَ عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى … بهذا الخبر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عيسى -وهو الطبَّاع-، وهو ثقة.
وأبو فروة: اسمه مسلم بن سالم النَّهْدِيُّ الكوفي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه الطحاوي في «المشكل» (٤/ ١٧٤) من طريق أخرى عن سفيان … به؛ وصرح بأنه عن علي بن أبي طالب.
لمَّا خرجنا من مكة؛ تبعتنا بنت حمزة تنادي: يا عمُّ! يا عمُّ! فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها، وقال: دونكِ بنتَ عمِّك! فحملتها … فقص الخبر؛ قال: وقال جعفر: ابنةُ عمي، وخالتها تحتي! فقضى بها النبي ﷺ لخالتها، وقال:
«الخالة بمنزلة الأمِّ».
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى أن إسماعيل بن جعفر حدثهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ وهُبَيْرَةَ عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هانئ -وهو ابن هانئ الهَمْداني الكوفي- لا يعرف كما قال الشافعي، ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي، ومع ذلك قال النسائي:
«ليس به بأس».
ووثقه ابن حبان والعجلي. وقال الحافظ:
«مستور».
لكن هو هنا مقرون مع هبيرة -وهو ابن يَرِيم الشِّبَامي-، وحاله قريب من حال قرينه، لكن روى عنه أبو فاختة أيضًا، وقال الأثرم عن أحمد:
«لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره».
قلت: فأحدهما يقوي الآخر، لا سيما وقد تابعهما عبد الرحمن بن أبي ليلى ونافع بن عجير -أو أبوه -كما في الطريقين السابقين.
وعليه؛ فلا يضر الحديث أن فيه عنعنة أبي إسحاق، مع اختلاطه، وقد صححه من ذكرنا أعلاه، وهو مخرج في «الإرواء» (٢١٩٠).
٣٦ – باب في عِدَّةِ المطلَّقة
١٩٧٣ – عن أسماء بنت يزيد بن السَّكَنِ الأنصارية:
أنها طُلِّقَتْ على عهد رسول الله ﷺ، ولم يكن للمطلقة عِدة، فأنزل الله عز وجل -حينَ طُلِّقَتْ أسماءُ- بالعِدَّةِ للطلاق، فكانت أول من أُنزِلَتْ فيها العدَّةُ للمطلَّقات.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البَهْرَانِي: ثنا يحيى بن صالح: ثنا إسماعيل بن عَيَّاش: حدثني عمرو بن مهاجر عن أبيه عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية.
قلت: وهذا إسناد شامي حسن، رجاله ثقات؛ على كلام يسير في البَهْرَاني؛ وقد توبع.
ومهاجر -والد عمرو-: هو النَّبَّال الشامي (*)، وثقه ابن حبان؛ لكن روى عنه
وأما إعلال المنذري إياه بأن إسماعيل بن عياش قد تَكَلَّمَ فيه غير واحد! فليس بشيء؛ لأن الذي يتحرر من كلام الأئمة فيه -كالإمام أحمد والبخاري وغيرهما- أنه صحيح الحديث في روايته عن الشاميين، وهذا منها كما تراه.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٤١٤) من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن أبي حاتم -يعني: في «التفسير»- فقال: حدثنا أبي: حدثنا أبو اليمان: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن عياش … به. ذكره ابن كثير، وقال:
«حديث غريب من هذا الوجه».
قلت: ولكنه حسن الإسناد كما ذكرنا، والغرابة قد تجامع الحسن؛ بل الصحة، ولذلك ترى الترمذي كثيرًا ما يقول:
«حديث حسن صحيح غريب»، أو: «حسن غريب».
ولكن أليس من الغريب حقًّا: أن يخفى على الحافظ ابن كثير ورود هذا الحديث في «سنن أبي داود»؛ فلا يَعْزُوَهُ إليه، فيُبْعِدَ النُّجْعَةَ؛ فيعزوه لابن أبي حاتم؟ !
٣٧ – باب في نسخ ما استثني به من عِدَّةِ المطلقات
١٩٧٤ – عن ابن عباس قال:
(والمطلَّقات يتربَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قُرُوء)، وقال: (واللائي يَئِسْنَ من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعِدَّتهن ثلاثة أشهر)، فنسخ من ذلك، وقال: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسُّوهن فما لكم عليهن مِنْ عِدَّةٍ تعتدُّونها).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيُّ: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه برقم (١٨٢٢).
والحديث أخرجه النسائي (٢/ ١٠٩) من طريق أخرى عن علي بن حسين بن واقد … به أتم منه.
٣٨ – باب في المراجعة
١٩٧٥ – عن عمر:
أن رسول الله ﷺ طلَّق حفصة، ثم راجعها.
(قلت: إسناد صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان من حديث ابن عمر أيضًا).
إسناده: حدثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكري: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن صالح بن صالح عن سلمة بن كُهَيْلٍ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر.
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير العسكري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة … به، وهو مخرج في «الإرواء» (٢٠٧٧)، وخرجت له فيه شواهد من حديث أنس، وابن عمر، وعاصم بن عمر، وقيس بن زيد وقتادة كلاهما … مرسلًا.
١٩٧٦ – عن فاطمة بنت قيس:
أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البَتَّةَ وهو غائب، فأرسل إليها وكيلَه بشعير، فَتَسَخَّطَتْهُ، فقال: والله! ما لكِ علينا من شَيءٍ. فجاءت رسولَ الله ﷺ، فذكرت ذلك له؟ فقال لها: «ليس لكِ عليه نفقة»؛ وأمرها أن تعتد في بيت أمِّ شريك، ثم قال:
«إن تلك امرأة يغشاها أصحابي! اعتدِّي في بيت ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى؛ تضعين ثيابك، وإذا حَلَلْتِ؛ فآذنيني».
قالت: فلما حَلَلْتُ؛ ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني؟ فقال رسول الله ﷺ:
«أما أبو جهم؛ فلا يضع عصاه عن عاتقه! وأما معاوية؛ فصُعْلُوكٌ لا مال له! انكحي أسامة بن زيد». قالت: فكرهته، ثم قال: «انكحي أسامة بن زيد». فنكحته، فجعل الله فيه خيرًا كثيرًا، واغْتَبَطْتُ به.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٢/ ٩٨ – ٩٩) … إسنادًا ومتنًا.
ومن طريقه: أخرجه مسلم والنسائي وغيرهما، وهو مخرج في «الإرواء»
١٩٧٧ – وفي رواية ثانية عنها:
أن أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاثًا … وساق الحديث؛ فيه: وأن خالد بن الوليد ونفرًا من بني مخزوم أتوا النبي ﷺ، فقالوا: يا نبي الله! إن أبا حفص بن المغيرة طلَّق امرأته ثلاثًا، وإنه ترك لها نفقة يسيرة؟ ! فقال:
«لا نفقة لها» … وساق الحديث، وحديث مالك أتم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان بن يزيد العطار: حدثني يحيى ابن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن فاطمة بنت قيس حدثته.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين مسلسل بالتحديث.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ١٩٦) من طريق شيبان عن يحيى بن أبي كثير … الحديث بتمامه؛ وفيه قوله في الرواية الآتية: «لا تسبقيني بنفسك».
١٩٧٨ – وفي ثالثة عنها:
أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثًا … وساق الحديث وخبر خالد بن الوليد؛ قال: فقال النبي ﷺ:
«ليست لها نفقة ولا مَسْكَنٌ» … قال: وفيه: وأرسل إليها النبي ﷺ أن:
«لا تسبقيني بنفسك».
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد: نا أبو عمرو عن يحيى: حدثني أبو سلمة: حدثتني فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمود بن خالد، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والوليد: هو ابن مسلم.
وأبو عمرو: هو الأوزاعي.
والحديث أخرجه الطحاوي (٢/ ٣٧): حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد بن مسلم … به.
حدثنا رَبِيعٌ المؤذِّن قال: ثنا بشر بن بكر قال: ثنا الأوزاعي … فذكر بإسناده مثله.
وأخرجه مسلم من طريق شيبان عن يحيى … به؛ كما تقدم ذكره في الذي قبله.
١٩٧٩ – وفي رابعة عنها قالت:
كنت عند رجل من بني مخزوم، فطلقني البتة … ثم ساق نحو حديث مالك (يعني: الرواية الأولى)؛ قال فيه: «ولا تفوتيني بنفسك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه).
إسناده: وحدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم: ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عمرو، فأخرج له مسلم متابعة، وقد تابعه عبد الله بن يزيد ويحيى بن أبي كثير في الروايات المتقدمة.
وله متابعون آخرون: عند الطحاوي (٢/ ٣٨)، وأحمد (٦/ ٤١٣ و٤١٤)؛ ويأتي أحدهم عند المصنف بعد حديث.
وما علقه المصنف على الشعبي والثلاثة الذين معه؛ وصلها مسلم؛ إلا رواية ابن عاصم، فوصلها النسائي وغيره، وهو مخرج في «الإرواء» (١٨٠٤).
ورواية الشعبي؛ وصلها المؤلف أيضًا، وهي الآتية بعده.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤١٣): ثنا محمد بن جعفر … به.
وأخرجه مسلم من طريق آخر عن ابن عمرو … به.
١٩٨٠ – ومن طريق ثانية عنها:
أن زوجها طلَّقها ثلاثًا، فلم يجعل لها النبي ﷺ نفقة ولا سُكْنى.
(قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: ثنا سلمة بن كُهَيْلٍ عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
وأخرجه مسلم وأحمد (٦/ ٤١١)، والطحاوي (٢/ ٣٧)، وكذا النسائي (٢/ ١١٦) من طرق أخرى عن الشعبي … به.
١٩٨١ – وفي خامسة من الطريق الأولى عنها:
أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة، وأن أبا حفص بن المغيرة طلَّقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت أنها جاءت رسول الله ﷺ، فاستفتته في خروجها من بيتها؟ فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يُصَدِّقَ حديث فاطمة في خروج المطلَّقة من بيتها.
قال عروة: أنْكَرَتْ عائشة رضي الله عنها على فاطمة بنت قيس.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرَّمْلِيُّ: ثنا الليث عن عُقَيْلٍ عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنها.
قال أبو داود: «وكذلك رواه صالح بن كيسان وابن جريج وشعيب بن أبي حمزة كلهم عن الزهري».
قال أبو داود: «شعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار، وهو مولى زياد».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة، وقد توبع.
وأحمد (٦/ ٤١٦) عن ابن جريج: أخبرني ابن شهاب … به.
١٩٨٢ – ومن طريق ثالثة عن عبيد الله قال:
أرسل مروان إلى فاطمة، فسألها؟ فأخبرته أنها كانت عند أبي حفص، وكان النبي ﷺ أمَّر علي بن أبي طالب -يعني- على بعض اليمن، فخرج معه زوجها، فبعث إليها بتطليقة كانت بَقِيَتْ لها، وأمر عَيَّاش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام أن يُنْفِقَا عليها، فقالا: والله! ما لها نفقةٌ إلا أن تكون حاملًا! فأتت النبي ﷺ؟ فقال:
«لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملًا».
واستأذنته في الانتقال، فأذن لها. فقالت: أين أنتقل يا رسول الله؟ ! قال:
«عند ابن أم مكتوم»؛ وكان أعمى، تضع ثيابها عنده ولا يُبصرها. فلم تزل هناك؛ حتى مضت عدتها، فأنكحها النبي ﷺ أسامة. فرجع قَبِيصَةُ إلى مروان فأخبره بذلك.
فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة! فسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها! فقالت فاطمة حين بلغها ذلك: بيني وبينكم كتاب الله، قال الله تعالى: (فطلِّقوهن لعدتهن)؛ حتى: (لا تدري لعل الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمرًا).
قالت: فأيُّ أمرٍ يُحْدِثُ بعد الثلاث؟ !
إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله.
قال أبو داود: «وكذلك رواه يونس عن الزهري. وأما الزُّبَيْدِيُّ؛ فروى الحديثين جميعًا -حديث عبيد الله بمعنى معمر، وحديث أبي سلمة بمعنى عُقَيْلٍ-. ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري أن قَبِيصَةَ بن ذُؤَيْبٍ حدثه … بمعنى دل على خبر عبيد الله بن عبد الله حين قال: فرجع قبيصة إلى مروان فأخبره بذلك».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مخلد بن خالد فعلى شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم من طرق عن عبد الرزاق … به.
وأخرجه أحمد وغيره؛ وهو مخرج في «الإرواء» (١٨٠٤).
٤٠ – باب من أنكر ذلك على فاطمة بنت قيس
١٩٨٣ – عن أبي إسحاق قال:
كنت في المسجد الجامع مع الأسود، فقال: أتت فاطمةُ بنتُ قيسٍ عُمَرَ ابنَ الخطابِ رضي الله عنه؛ فقال:
ما كُنَّا لِنَدَعَ كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة؛ لا ندري أحفظت أم لا؟ !
(قلت: حديث موقوف صحيح. وأخرجه مسلم بأتم منه).
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو على شرطهما؛ لولا أن أبا إسحاق -وهو السبيعي- كان اختلط، لكنه قد توبع، ولعله لذلك أخرجه مسلم كما يأتي.
وأما الإمام أحمد؛ فلم يصححه، قال المصنف رحمه الله في «مسائل أحمد» (ص ١٨٤):
«قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس: طلقها زوجها؟ قال: نعم. فذُكِرَ له قول عمر رضي الله عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا؟ فقال: (كتاب ربنا)! أي شيء هو؟ ! قال الرجل: (أسكنوهن من حيث سكنتم). قال: هذا لمن يملك الرجعة. قلت: يصح هذا من عمر رضي الله عنه؟ قال: لا».
قال الحافظ عقبه في «الفتح» (٩/ ٣٩٧):
«ولعله أراد ما ورد من طريق إبراهيم النخعي عن عمر؛ لكونه لم يلقه».
قلت: ومن المحتمل أنه أراد به رواية أبي إسحاق هذه -وهي متصلة-؛ لأنه مختلط كما تقدم، واختلف عليه في بعض متنه كما يأتي، لكنه لم يتفرد به.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ١٩٨)، والطحاوي (٢/ ٣٩)، والدارقطني (ص ٤٣٥)، وعنه البيهقي (٧/ ٤٧٥) من طرق أخرى عن أبي أحمد الزُّبَيرِي … به؛ ولفظهم.
كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أن رسول الله ﷺ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة. ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك! تحدث بمثل
لعلها حفظت أو نسيت … إلا الطحاوي فإنه قال:
لعلها كذبت!
وهي شاذة. وذكره ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ١٩٤) بلفظ:
لا ندري؛ أصدقت أم كذبت … وقال:
«غلظ؛ ليس في الحديث، وإنما في الحديث: حفظت أم نسيت … هذا لفظ مسلم».
وتابعه سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق … بهذا الإسناد نحوه: أخرجه مسلم.
وخالفه يحيى بن آدم فقال. نا عمار بن رزيق … به؛ إلا أنه قال:
ويحك تحدث -أو تفتي- بمثل هذا؟ ! قد أتَتْ عُمَرَ فقال: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهم سمعاه من رسول الله ﷺ، وإلا؛ لم نترك كتاب الله لقول امرأة: (لا تخرجوهن من بيوتهن)!
أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي (٧/ ٤٣١)، وقالا:
«لم يقل فيه: وسنة نبينا .. وهذا أصح من الذي قبله؛ لأن هذا الكلام لا يثبت، ويحيى بن آدم أحفظ من أبي أحمد الزُّبَيْرِي وأثبت منه. وقد تابعه قبيصة ابن عقبة …»، ثم ساق إسناده بذلك إليه!
أحدهما: عن ميمون بن مهران قال: قال عمر:
لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة.
أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ١٤٨). وإسناده صحيح على شرط مسلم.
والآخر: من طريق عامر عن عمر: أخرجه أحمد (٦/ ٤١٥)؛ وهو منقطع.
١٩٨٤ – عن عروة قال:
لقد عابت ذلك عائشةُ رضي الله عنها أشدَّ العيبِ -يعني: حديث فاطمة بنت قيس-، وقالت:
إن فاطمة كانت في مكان وَحْشٍ، فَخِيفَ على ناحيتها، فلذلك أرْخَصَ لها رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي! وعلقه البخاري مجزومًا، وقوّاه الحافظ).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود: ثنا ابن وهب: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عبد الرحمن بن أبي الزناد كلام يسير، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٤٣٣) من طريق المصنف.
والحاكم (٤/ ٥٥) من طريق أخرى عن ابن وهب … به، وقال:
وعلقه البخاري (٩/ ٣٩٥) على ابن أبي الزناد، وقوّاه الحافظ، فقال (٩/ ٣٩٦):
«تنبيه: طعن أبو محمد بن حزم في رواية ابن أبي الزناد المعلقة، فقال: عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف جدًّا. وحكم على روايته هذه بالبطلان. وتُعُقِّبَ بأنه مختلف فيه، ومن طعن فيه لم يذكر ما يدل على تركه، فضلًا عن بطلان روايته، وقد جزم يحيى بن معين بأنه أثبت الناس في هشام بن عروة، وهذا من روايته عن هشام».
١٩٨٥ – وفي رواية عنه:
أنه قيل لعائشة: ألم تَرَي إلى قول فاطمة؟
قالت: أمَا إنه لا خَيْرَ لها في ذِكْرِ ذلك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عروة بن الزبير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٤٣٢) من طريق أخرى عن محمد بن كثير وغيره … به.
ثم أخرجه البخاري (٩/ ٣٩٥)، ومسلم (٤/ ٢٠٠) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان … به.
أن يحيى بن سعيد بن العاص طَلَّقَ بنتَ عبد الرحمن بن الحكم البَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عبدُ الرحمن، فأرسلت عائشةُ رضي الله عنها إلى مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة- فقالت له: اتقِ الله، وارْدُدِ المرأةَ إلى بيتها، فقال مروان -في حديث سليمان-: إن عبد الرحمن غلبني. -وقال مروان في حديث القاسم: – أوَمَا بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟
فقالت عائشة: لا يَضُرُّكَ أن لا تذكر حديث فاطمة!
فقال مروان: إن كان بِكِ الشَّرُّ؛ فحسبُكِ ما كان بين هذين من الشَّرِّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بتمامه، ومسلم مختصرًا؛ دون قوله: فقال مروان: إن كان بك …).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران: أن يحيى بن سعيد بن العاص …
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٢/ ٩٧ – ٩٨) … إسنادًا ومتنًا.
وأخرجه البخاري (٩/ ٣٩٤)، والبيهقي (٧/ ٤٣٣) من طرق أخرى عن مالك … به.
وأخرجه مسلم (٤/ ٢٠٠)، والبيهقي أيضًا من طريق هشام: حدثني أبي قال:
تروج يحيى بن سعيد بن العاص بنت عبد الرحمن بن الحكم … به نحوه مختصرًا؛ دون قول مروان المذكور أعلاه.
قدمت المدينة، فَدفِعْتُ إلى سعيد بن المسيَّب، فقلت: فاطمة بنت قيس طُلِّقَتْ فخرجت من بيتها؟ فقال سعيد:
تلك امرأة فَتَنَتِ الناسَ! إنها كانت لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ على يَدَيِ ابن أم مكتوم الأعمى.
(قلت: إسناده مقطوع صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا جعفر بن بُرْقان: ثنا ميمون بن مهران.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١٢٠٣٨) من طريق معمر عن جعفر بن برقان … به.
وهو، والبيهقي (٧/ ٤٣٣) من طريقين آخرين عن ميمون … به.
٤١ – باب في المبتوتة تخرج بالنهار
١٩٨٨ – عن جابر قال:
طُلِّقت خالتي ثلاثًا، فخرجت تَجُدُّ نخلًا لها، فَلَقِيَها رَجُلٌ فنهاها، فأتتِ النبيَّ ﷺ، فذكرت ذلك له؟ فقال لها:
«اخرجي فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ لعلك أن تصدَّقي منه، أو تفعلي خيرًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الحاكم
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الزبير قد صرح بالتحديث كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق (١٢٠٣٢)، وعنه أحمد (٣/ ٣٢١): أخبرني ابن جريج: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله … به. وهو مخرج في «الصحيحة» (٧٢٣).
ولم أره في «المسند» عن يحيى بن سعيد! والله أعلم.
٤٢ – باب نسخ متاع المتوفَّى عنها بما فُرِضَ لها من الميراث
١٩٨٩ – عن ابن عباس:
﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾؛ فنُسِخَ ذلك بآية الميراث بما فُرِضَ لَهُنَّ من الربع والثُّمنِ، ونُسِخَ أجَلُ الحول بأن جُعِلَ أجَلُها أربعةَ أشهرٍ وعشرًا.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه برقم (١٨٢٢).
٤٣ – باب إحداد المُتَوفَّى عنها زَوْجُها
١٩٩٠ – عن زينب بنت أبي سلمة قالت:
دخلت على أُمِّ حبيبة حين تُوُفِّيَ أبوها أبو سفيان، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فيه صُفْرةُ خلوقٍ أو غيره، فدهنت منه جاريةً، ثم مَسَّتْ بعارِضَيْها، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على مَيِّتٍ فوق ثلاث ليالٍ؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا».
١٩٩١ – قالت زينب:
ودخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فَمَسَّتْ منه، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول الله ﷺ يقول وهو على المنبر:
«لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاث ليال؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا».
١٩٩٢ – قالت زينب:
وسمعت أمي أُمَّ سلمة تقول:
جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي
«لا» -مرتين أو ثلاثًا- كلَّ ذلك يقول: «لا». ثم قال رسول الله ﷺ:
«إنما هي أربعة أشهر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية تَرْمي بالبَعْرَة على رأس الحول».
قال حُمَيْدٌ: فقلت لزينب: وما «ترمي بالبعرة على رأس الحول»؟ فقالت زينب:
كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها؛ دخلت حِفْشًا، ولَبِسَتْ شَرَّ ثيابها، ولم تَمَسَّ طيبًا ولا شيئًا حتى تَمُرَّ بها سنة، ثم تؤتى بدابَّةٍ: حمار أو شاة أو طائر؛ فتفتضُّ به، فقلَّما تفتضُّ بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بَعْرَةً فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره.
قال أبو داود: «(الحِفْشُ): بيت صغير».
(قلت: إسناد هذه الأحاديث الثلاثة صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاها. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وأخرج ابن الجارود الأول والثالث منها).
١٩٩٠ – ١٩٩٢ – إسنادها: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حُمَيْدِ بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة؛ قالت زينب …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم.
وعنه أيضًا: الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في «الإرواء» (٢١١٤).
٤٤ – باب في المتوفى عنها تنتقل
١٩٩٢ / م (*) – عن زينب بنت كعب بن عجرة: أن الفُرَيعةَ بنتَ مالك بن سنان -وهي أختُ أبي سعيد الخدري-؛ أخبرتها:
أنها جاءتْ إلى رسول الله ﷺ تسألُه أن ترجعَ إلى أهلِها في بني خُدْرة؛ فإن زوجَها خرجَ في طلب أعبُد له أبَقُوا، حتى إذا كانوا بطرفِ القُدومِ؛ لحقهم، فقتلوه، فسألتُ رسولَ الله ﷺ أن أرجعَ إلى أهلي، فإني لم يتركني في مسكنٍ يملِكُهُ، ولا نفقةٍ؟ قالت: فقال رسول الله ﷺ: «نعم».
قالت: فخرجتُ، حتى إذا كنت في الحجرة -أو في المسجد-؛ دعاني -أو أمر بي فدعيتُ له-، فقال: «كيفَ قلتِ؟»، فرددت عليه القصة التي ذكرتُ من شأنِ زوجي. قالت: فقال:
«امكُثي في بيتكِ حتى يبلغَ الكتابُ أجلَه».
قالت: فاعتددتُ فيه أربعةَ أشهرٍ وعشرًا.
قالت: فلما كان عثمانُ بنُ عفانَ؛ أرسلَ إلي فسألني عن ذلك؟
«ينقل إلى»الصحيح«، وراجع»الإرواء«والتعليق الجديد عليه، والتعليق على ترجمة زينب في»ترتيب ثقات ابن حبان«».
قلنا: وصححه الشيخ رحمه الله أيضًا في «الضعيفة» (١٢/ ٢٠٨) تحت الحديث (٥٥٩٧).
(قلت: إسناده ضعيف لجهالة حال زينب هذه، وبها أعله ابن حزم، وتبعه عبد الحق الإشبيلي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحاق ابن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ غير زينب بنت كعب، فلم يوثقها غير ابن حبان، وقد روى عنها أيضًا سليمان بن إسحاق بن كعب، ولذلك حكم بجهالتها من ذكرتُ أعلاه، ونحوه قول الحافظ فيها:
«مقبولة». يعني عند المتابعة.
والحديث مخرج في «الإرواء» (٢١٣٠).
٤٥ – باب مَنْ رأى التَّحَوُّلَ
١٩٩٣ – عن عطاء قال: قال ابن عباس:
نَسَخَتْ هذه الآية عِدَّتَها عند أهله؛ فتعتدُّ حيث شاءت، وهو قول الله تعالى: (غَيْرَ إخراج).
قال عطاء: إن شاءت؛ اعتدَّتْ عند أهله، وسكنت في وصيتها، وإن شاءت؛ خرجت؛ لقول الله تعالى: ﴿فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فَعَلْنَ﴾.
قال عطاء: ثم جاء الميراث فَنَسَخَ السُّكنى، تَعْتَدُّ حيث شاءت.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أحمد بن المروزي، وهو ثقة، وقد مضى له حديث آخر قريبًا (١٩٨٩)، وقد توبع كما يأتي.
وعطاء: هو ابن أبي رباح.
والحديث أخرجه البيهقي (٧/ ٤٣٥) من طريق الحسن بن مثنى العنبري: نا موسى بن مسعود … به.
ثم أخرجه البخاري (٨/ ١٥٦ و٩/ ٤٠٦ – ٤٠٧) من طريق رَوْحٍ: ثنا شبل … به.
وتابعه ورقاء عن ابن أبي نجيح … به مختصرًا: أخرجه النسائي (٢/ ١١٣).
٤٦ – باب فيما تجتنبه المعتدَّة في عِدَّتها
١٩٩٤ – عن أم عطية: أن النبي ﷺ قال:
«لا تُحِدُّ المرأة فوق ثلاث؛ إلا على زوج؛ فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا؛ إلا ثوب عَصْبٍ، ولا تكتحل، ولا تمس طيبًا؛ إلا أدنى طُهْرَتِها إذا طَهُرَتْ من محيضها بِنُبْذَةٍ من قُسْطٍ أو أظْفَارٍ».
قال يعقوب -مكان: «عَصْبٍ»-: «إلا مغسولًا».
وزاد يعقوب: «ولا تختضب».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود).
حدثنا هارون بن عبد الله ومالك بن عبد الواحد المِسْمَعِيُّ قالا: ثنا يزيد بن هارون عن هشام عن حفصة عن أم عطية أن النبي ﷺ … بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهما: قال المسمعي: قال يزيد: ولا أعلمه إلا قال فيه: «ولا تختضب»؛ وزاد فيه هارون: «ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عَصْبٍ».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد ساقه من طرق ثلاث عن هشام بن حسان.
وإسناد الأولى على شرط البخاري.
والثانية: إسنادها حسن؛ لأن ابن الجراح في حفظه ضعف.
والثالثة: على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن هشام وغيره … به، وهو مخرج في «الإرواء» (٢١١٤).
١٩٩٥ – عن أم سلمة زوج النبي ﷺ عن النبي ﷺ؛ أنه قال:
«المُتَوَفَّى عنها زوجها؛ لا تلبس المُعَصْفَرَ من الثياب، ولا المُمَشّقَةَ، ولا الحُلِيَّ، ولا تختضب، ولا تكتحل».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وبديل: هو ابن ميسرة.
والحديث مخرج في «الإرواء» (٢١٢٩).
٤٧ – باب في عِدَّةِ الحامل
١٩٩٦ – عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:
أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يَدْخُلَ على سُبيعة بنت الحارث الأسلمية؛ فيسألها عن حديثها، وعمَّا قال لها رسول الله ﷺ حين استفتته؟ فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره: أن سبيعة أخبرته:
أنها كانت تحت سَعْدِ بن خولة -وهو من بني عامر بن لؤي، وهو ممن شهد بدرًا-؛ فتوفي عنها في حَجةِ الوداع وهي حامل، فلم تَنْشَبْ أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تَعَلَّتْ من نفاسها تجمَّلَتْ للخطاب، فدخل عليها أبو السَّنَابِلِ بِنْ بَعْكَك -رجل من بني عبد الدار-، فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ ! لعلك ترتجين النكاح؟ إنك -والله- ما أنت بناكح؛ حتى يَمُرَّ عليك أربعة أشهر وعشر! قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك؛ جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله ﷺ فسألته عن ذلك؟ فأفتاني بأني قد حَلَلْتُ حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.
قال ابن شهاب: ولا أرى بأسًا أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت في
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، والبخاري معلقًا بتمامه، وموصولًا مختصرًا، وأخرجه الشيخان من حديث أم سلمة نحوه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٠ – ٢٠١)، والنسائي (٢/ ١١٢)، والبيهقي (٧/ ٤٢٨) من طرق أخرى عن عبد الله بن وهب … به.
وعلقه البخاري، فقال (٧/ ٢٤٨ – ٢٤٩): وقال الليث: حدثني يونس … به.
وقد وصله (٩/ ٣٨٨ – ٣٨٩) من طريق يحيى بن بكير عن الليث؛ لكنه قال: عن يزيد: أن ابن شهاب كتب إليه: أن عبيد الله بن عبد الله أخبره … به مختصرًا.
ورواه النسائي من طريق آخر عن يزيد بن أبي حبيب … به أتم منه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (٦/ ٤٣٢) من طرق أخرى عن الزهري … به؛ ولفظ أحمد:
وقد اكتحلت؛ مكان: تجملت.
وإسناده على شرط الشيخين. وفي أخرى له:
وقد اختضبت وتهيأت.
وأخرجه البخاري (٨/ ٥٣٠)، ومسلم والنسائي، والترمذي (١١٩٤) -وصححه- وابن الجارود (٧٦٢) وغيرهم من حديث أم سلمة … نحوه.
ورواه الترمذي وابن ماجة وابن حبان (١٣٢٩ – موارد) من طريق الأسود بن يزيد عن أبي السنابل قال … فذكره مختصرًا نحوه؛ وفيه:
«وما يمنعها وقد انقضى أجلها؟ !».
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. وقد أُعِلَّ بالانقطاع بين الأسود وأبي السنابل!
ولا وجه له عندي؛ فإن الأسود -مع ثقته وفضله فإنه- تابعي كبير؛ ولم يذكر بتدليس أو إرسال.
ثم رأيت الحافظ قد سبقني إلى تصحيح هذا الإسناد، ودفع الإعلال المذكور بكلام جيد قوي، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. فانظر «الفتح» (٩/ ٤٧٢).
١٩٩٧ – عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
من شاء؛ لاعَنْتُهُ! لأُنْزِلَتْ سورة النساء القُصْرَى بعد الأربعة الأشهر وعشر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري نحوه).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء -قال عثمان: حدثنا، وقال ابن العلاء- أخبرنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٤/ ٢٩٧ – ٢٩٨): ثنا أبو معاوية … به.
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٦٢٦)، والبيهقي (٧/ ٤٣٠) من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
وتابعه أبو إسحاق السبيعي؛ لكنه قال: عن الأسود ومسروق وعَبيدَةَ عن عبد الله:
أن سورة النساء القصرى نزلت بعد البقرة.
أخرجه النسائي (٢/ ١١٢ – ١١٣).
وتابعهم مالك وعلقمة بن قيس عنه … نحوه: أخرجهما النسائي والبيهقي، والبخاري (٨/ ١٥٦ و٥٣٠ – ٥٣١) -معلقًا وموصولًا- عن مالك وحده؛ وهو ابن عامر أبو عطية.
٤٨ – باب في عِدَّةِ أُمِّ الولدِ
١٩٩٨ – عن عمرو بن العاص قال:
لا تَلْبِسُوا علينا سُنَّتَهُ -قال ابن المثنى: سنة نبينا ﷺ! عِدَّةُ المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر؛ يعني: أم الولد.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي وابن التركماني).
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ فهو صحيح؛ لولا أنه لم يخرج لمطر -وهو الوَرّاق- إلا في المتابعات.
لكن تابعه قتادة؛ كما بينته في «الإرواء» (٢١٤١).
وقد أعل بالانقطاع بين قبيصة وعمرو! وهو مردود، كما شرحته هناك، ومن قبلي ابن التركماني في «الجوهر النقي».
٤٩ – باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجًا غيره
١٩٩٩ – عن عائشة قالت:
سُئِلَ رسول الله ﷺ عن رجلٍ طَلَّقَ امرأته، فتزوجت زوجًا غيره، فدخل بها، ثم طلقها قبل أن يواقعها؛ أتَحِلُّ لزوجها الأول؟ قالت: قال النبي ﷺ:
«لا تَحِلُّ للأول؛ حتى تذوق عُسَيْلَةَ الآخر، ويذوق عُسَيْلَتَها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن الجارود من طرق عنها. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤٢)، وابن أبي شيبة (٤/ ٢٧٤): ثنا أبو معاوية … به.
وأخرجه النسائي (٢/ ٩٦ – ٩٧): أخبرنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو معاوية … به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخر عن عائشة رضي الله عنها؛ وهي مخرجة في «الإرواء» (١٨٨٧).
٥٠ – باب في تعظيم الزِّنى
٢٠٠٠ – عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال:
قلت: يا رسول الله! أي الذنب أعظمُ؟ قال:
«أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك». قال: فقلت: ثمَّ أيُّ؟ قال:
«أن تَقْتُلَ ولدَكَ مخافةَ أن يأكل معك». قال: قلت: ثم أيُّ؟ قال: «أن تُزَانِيَ حليلةَ جارِكَ».
قال: وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي ﷺ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ …﴾ الآيةَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن حبان).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن عمرو بن شُرَحْبِيلَ عن عبد الله.
والحديث أخرجه البخاري (١٠/ ٣٥٦) … بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه هو (٨/ ١٣٣ و١٣/ ٤٢٤)، ومسلم (١/ ٦٣)، والترمذي (٣١٨١) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، والنسائي (٢/ ١٦٥)، وابن حبان (٤٣٩٨)، وأحمد (١/ ٤٣٤) من طرق أخرى عن منصور … به.
وتابعه الأعمش عن أبي وائل … به: أخرجه البخاري (١٢/ ١٧٥ – ١٥٨ و١٣/ ٤٣٤)، ومسلم، والترمذي -قرنه بمنصور-، وأحمد (١/ ٤٣٤) -أيضًا قرنه بمنصور، وقرن بهما واصلًا الأحدب-.
ورواه عنه الترمذي والنسائي، وهو رواية البخاري (٨/ ٣٩٩ – ٤٠٠)، وأحمد (١/ ٤٦٢ و٤٦٤)، لكن بعضهم أسقط الواسطة في روايته بين أبي وائل وابن مسعود، وهو رواية لأحمد (١/ ٣٨٠ و٤٣١) من طريق الأعمش.
وفي إسناده اختلاف آخر، بينه الحافظ في «الفتح»، لا يؤثر في صحة الحديث إن شاء الله تعالى.
٢٠٠١ – عن جابر بن عبد الله قال:
جاءت مُسَيْكَةُ (١) لبعض الأنصار فقالت: إن سَيِّدي يكْرِهُني على البِغَاءِ؟ ! فنزل في ذلك: ﴿ولا تُكْرِهُوا فتياتِكُم على البِغَاءِ﴾.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي. وأخرجه مسلم بإسناد آخر عنه).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأحمد بن إبراهيم: هو الدَّوْرَقِيُّ.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٣٩٧) من طريق أخرى عن حجاج بن محمد … به؛ وقال:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وعزاه ابن كثير (٣/ ٢٨٨) للنسائي فقط من حديث ابن جريج!
وفاته أيضًا أنه عند مسلم (٨/ ٢٤٤) من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر … به أتم منه.
٢٠٠٢ – عن معتمر (يعني: ابن سليمان) عن أبيه:
﴿وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ قال: قال سعيد بن أبي الحسن: غفور لهن: المكرَهات.
(قلت: إسناده مقطوع صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا معتمر.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح على شرط مسلم.