كتاب الجهاد -2

٢٣٦٤ – عن سهل بن معاذ بن أنس الجُهَنِيِّ عن أبيه قال:
غزوت مع نبي الله ﷺ غزوةَ كذا وكذا، فضيَّق الناسُ المنازلَ، وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله ﷺ مناديًا ينادي في الناس: أن «مَنْ ضيق منزلًا، أو قطع طريقًا؛ فلا جهاد له».
(قلت: حسن صحيح).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عياش عن أسِيدِ بن عبد الرحمن الخثعمي عن فَرْوَةَ بن مجاهد اللَّخْمِيِّ عن سهل بن معاذ.
حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية عن الأوزاعي عن أسِيدِ بن عبد الرحمن عن فروة بن مجاهد عن سهل بن معاذ عن أبيه قال:
٧ ‏/ ٣٧٩
غزونا مع نبي الله ﷺ … بمعناه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في بعضهم. وأما قول المنذري (٣/ ٤٣٠):
«سهل بن معاذ ضعيف. وإسماعيل بن عياش فيه مقال»! !
قلت: المقال الذي فيه خاص بروايته عن غير الشاميين، وهذه عنهم، وهو فيهم ثقة.
على أنه قد توبع عند المؤلف في الإسناد الثاني؛ فكأن المنذري لم يتنبه له.
وأما سهل؛ فهو وسط، ضعفه ابن معين، ووثقه العجلي وابن حبان، وروى عنه جماعة. ولذا قال في «التقريب»:
«لا بأس به؛ إلا في روايات زَبَّانَ عنه».
قلت: وهذه من رواية فروة بن مجاهد، وقد وثقه ابن حبان وروى عنه جماعة. وقال البخاري:
«وكانوا لا يشكُّون أنه من الأبدال».
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٥٢) عن المصنف … بإسناديه.
وأخرجه أحمد (٣/ ٤٤٠) من طريق أخرى عن إسماعيل … به.
والبيهقي من طريق أبي المغيرة: ثنا الأوزاعي … به؛ إلا أنه أسقط من الإسناد: فروة.
وله شاهد في «تاريخ ابن عساكر» (١٧/ ٢٧٦ / ١) عن علي بسند ضعيف.
٧ ‏/ ٣٨٠
٩٨ – باب في كراهية تَمَنِّي لقاء العَدُوِّ
٢٣٦٥ – عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله -وكان كاتبًا له- قال:
كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية: أن رسول الله ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال:
«يا أيها الناس! لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسَلُوا الله تعالى العافية، فإذا لقيتموهم، فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف». ثم قال:
«اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكتاب! ومُجريَ السَّحَاب! وهازمَ الأحزاب! اهْزِمْهُمْ وانصُرْنا عليهم».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان في «صحيحيهما»، وكذا أبو عوانة في «مستخرجه»، وأحد أسانيده من طريق المؤلف).
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُّ عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي صالح هذا، وهو ثقة، كما تقدم قبل ستة أبواب؛ وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٧٨) من طريق أخرى عن محبوب بن موسى … وقال:
«صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»! ووافقه الذهبي!
٧ ‏/ ٣٨١
ورواه أبو عوانة (٤/ ٩٠) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٣/ ٢٠٨ و٤/ ٢٢٣ – ٢٢٤)، والبيهقي (٩/ ١٥٢) من طرق أخرى عن أبي إسحاق … به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة … به: أخرجه مسلم (٥/ ١٤٣)، وأبو عوانة.
وتابعه إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول:
دعا رسول الله ﷺ يوم الأحزاب على المشركين فقال:
«اللهم منزل الكتاب! …» فذكره نحوه.
أخرجه البخاري (٣/ ٢٣٤)، ومسلم وأبو عوانة وأحمد (٤/ ٣٥٣ و٣٥٥).
(تنبيهان):
الأول: استدركه الحاكم على الشيخين، وقد أخرجاه كما عرفت!
ومن العجيب متابعة الذهبي له على ذلك؛ مع أن محبوبًا ليس على شرطهما.
والآخر: عزاه الأستاذ الدعاس في تعليقه على «أبي داود» (٣/ ٦٦) للترمذي!
وهو وهم؛ وإنما له منه قوله: «أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» من حديث أبي موسى الأشعري، وهو مخرج في «الإرواء» تحت حديث الباب (٥/ ٦ – ٧).
٧ ‏/ ٣٨٢
٩٩ – باب ما يُدْعَى عند اللقاء
٢٣٦٦ – عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله ﷺ إذا غزا قال:
«اللهم! أنت عَضُدِي ونَصِيري، بك أحُولُ، وبك أصُولُ، وبك أقاتلُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان وأبو عوانة، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي: ثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ والمثنى بن سعيد: هو الضَّبَعِيُّ.
والحديث أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٤/ ٨٦) عن المصنف.
والترمذي (٣٥٧٨) … بإسناده.
وابن حبان (١٦٦١): أخبرنا الحسن بن سفيان: حدثنا نصر …
وأحمد (٣/ ١٨٤): ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا المثنى بن سعيد … به.
وقال الترمذي:
«حسن غريب».
وتابعه أبو قتيبة: ثنا المثنى القَصِيرُ … به: رواه أبو عوانة.
وأبو قتيبة: اسمه سَلْمُ بن قتيبة الشّعِيرِيُّ.
٧ ‏/ ٣٨٣
١٠٠ – باب في دعاء المشركين
٢٣٦٧ – عن ابن عون قال:
كَتَبْتُ إلى نافع أسأله عن دعاء المشركين عند القتال؟ فكتب إليَّ:
أن ذلك كان في أول الإسلام، وقد أغار نبي الله ﷺ على بني المُصْطَلِقِ وهم غارُّون، وأنعامهم تُسْقَى على الماء، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهم، وسَبَى سَبْيَهُمْ، وأصاب يومئذ جُويرِيَةَ بنت الحارث. حدثني بذلك عبد الله وكان في ذلك الجيش.
قال أبو داود: «هذا حديث نبيل، رواه ابن عون عن نافع، ولم يَشْرَكْهُ فيه أحد».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في «صحاحهم»، وابن الجارود في «المنتقى»).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن إبراهيم: أخبرنا ابن عون.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وإسماعيل: هو المعروف بـ (ابن عُلَيَّة).
والحديث أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٥١): ثنا إسماعيل … به.
ثم أخرجه هو (٢/ ٣١ و٣٢)، والبخاري (٣/ ١٢٢)، ومسلم (٥/ ١٣٦)، والنسائي في «سير الكبرى» -كما في «التحفة» (٦/ ١١١) -، وابن الجارود (١٠٤٧)، وأبو عوانة (٤/ ٧٦)، والبيهقي (٩/ ٧٩ و١٠٧) من طرق أخرى عن ابن عون … به.
٧ ‏/ ٣٨٤
(تنبيه): من الواضح لكل نبيه أن في الحديث خبرًا عنه ﷺ، ورأيًا لنافع -وهو مولى ابن عمر-.
أما الخبر؛ فهو ما رواه نافع عن ابن عمر: أنه ﷺ أغار علي بني المصطلق … إلخ.
وأما الرأي؛ فهو قول نافع -أنَّ دعاء المشركين قبل القتال كان في أول الإسلام.
فهذا لو رفعه نافع إلى النبي ﷺ؛ لم يكن حجة؛ لأنه يكون مرسلًا، فكيف وهو موقوف؟ !
أقول هذا؛ لأن الأمر اختلط على الأستاذ الفاضل محمد الغزالي في مقدمة الطبعة الرابعة لكتابه «فقه السيرة»؛ فادَّعى أن الحديث ضعيف وإن كان في «الصحيحين»؛ لتوهمه «أن الرسول ﷺ باغت القوم وهم غارُّونْ ما عُرِضتْ عليهم دعوة الإسلام»! كذا قال (ص ١٠)!
ومن البين لكل ذي عين: أنه خلط بين المرفوع من الحديث والموقوف، ولم يتنبه أن قوله: «ما عرضت عليهم دعوة الإسلام»، إنما هو رأي لنافع، ما يجوز لأجله رد الحديث من أصله، وادعاء أنه مخالف لقواعد الإسلام المتيقنة، وقبول الحديث الضعيف لموافقته لتلك القواعد!
وما هو إلا مجرد دعوى، يقول مثلها أهل الأهواء قديمًا وحديثًا، ويردُّون من أجلها مئات الأحاديث الصحيحة بسوء فهمهم لها! والله المستعان.
ولو أن الأستاذ الغزالي تنبه لهذا؛ لم يبادر -إن شاء الله- إلى رد الحديث الصحيح المجمع على صحته عند العلماء، ولسلك مسلكهم في فهمه على ضوء الأحاديث الصحيحة الأخرى، التي منها حديث ابن عباس: ما قاتل قومًا إلا بعد أن دعاهم.
وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٦٤١). ولم يكن به حاجة حينئذ أن تسكن نفسه إلى الرواية الضعيفة المخالفة له، كما كنت بينته في «تخريج فقه السيرة» له (ص ٣٠٨)،
٧ ‏/ ٣٨٥
متبعًا فيه ابن القيم وغيره من العلماء المحققين الجامعين بين علمي الرواية والدراية.
ولقد كنت راجعته في ذلك في بعض لقاءاتي معه في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية، وبينت له وهمه المذكور، فوعد بأن يعيد النظر في ذلك، ولكنه لم يفعل شيئًا؛ فإنه أعاد طبع الكتاب دون أي تعديل أو إشارة إلى وعده المذكور! بل وعلق على بعض تخريجاتي بما يدل القارئ اللبيب على أنه كان خيرًا له أن لا يفعل؛ لأنه ليس من رجال هذا العلم! ! والله المستعان.

٢٣٦٨ – عن أنس:
أن النبي ﷺ كان يُغِيْرُ عند صلاة الصبح، وكان يستمع، فإذا سمع أذانًا؛ أمسك، وإلا؛ أغار.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حسن صحيح». ورواه البخاري من طريق أخرى عنه).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمة؛ ولم يتفرد به كما سأذكره.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ٩٧) من طريق المؤلف (*).
وقال الطيالسي (٢٠٣٤): حدثنا حماد بن سلمة … به نحوه.


(*) أملى الشيخ رحمه الله على الحاشية يسار الأسطر الثلاثة التالية عزوًا مختصرًا لمجموعة من المصادر:
«تمهيد (٢/ ٢٢١)، معالم (٣/ ٢٠٨)، عدي (٢/ ٦٨٢)، هق (١/ ٤٠٥)، فتح (٢/ ٩٠)، موسوعة (٦/ ٣١٧)، (٦/ ٨٩)». (الناشر).
٧ ‏/ ٣٨٦
وأخرجه مسلم (٢/ ٣ – ٤)، وأبو عوانة أيضًا (٢/ ٣٣٥ – ٣٣٦)، والترمذي (١٦١٨)، والدارمي (٢/ ٢١٧)، والبيهقي (٩/ ١٠٧ – ١٠٨)، وأحمد (٣/ ١٣٢ و٢٢٩ و٢٥٣) من طرق أخرى عن حماد … به. وزاد مسلم وغيره كالترمذي -وقال: «حسن صحيح»-:
فسمع رجلًا يقول: (الله أكبر الله أكبر)؛ فقال رسول الله ﷺ:
«على الفطرة». ثم قال: (أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله)؛ فقال رسول الله ﷺ:
«خرجتَ من النار». فنظروا؛ فإذا راعي مِعْزَى.
وتابعه حُمَيْدٌ قال: سمعت أنسًا رضي الله عنه يقول:
كان إذا غزا قومًا؛ لم يُغِرْ حتى يُصْبِحَ، فإن سمع أذانًا؛ أمسك، وإن لم يسمع أذانًا؛ أغار بعدما يصبح. فنزلنا خيبر ليلًا.
أخرجه البخاري (١/ ١٥١ و٤/ ٥)، وكذا الشافعي (٢/ ١٠١ – ترتيبه)، والبيهقي (٩/ ٨٠ و١٠٨)، وأحمد (٣/ ١٥٩ و٢٠٦ و٢٣٦ و٢٣٧) من طرق عنه.
(تنبيه): لم يعزه المنذري (٣/ ٤٣٢) للبخاري! فقصَّر.

١٠١ – بابُ المَكْرِ في الحَرْبِ
٢٣٦٩ – عن جابر: أن رسول الله ﷺ قال:
«الحَرْبُ خَدْعَةٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»، وأحد أسانيده صحيح من طريق المؤلف -وقال الترمذي:

٧ ‏/ ٣٨٧
«حسن صحيح». ورواه وابن الجارود في «المنتقى»).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن عمرو أنه سمع جابرًا.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث رواه أبو عوانة (٤/ ٧٧) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (٣/ ٣٠٨)، والحميدي (١٢٣٧) قالا: ثنا سفيان … به.
وأخرجه البخاري (٤/ ٢٤)، ومسلم (٥/ ١٤٣)، وأبو عوانة (٤/ ٧٧)، وابن الجارود (١٠٥١)، وكذا الترمذي (١٦٧٥) -وقال: «حديث حسن صحيح»-،
والبيهقي (٩/ ١٥٠) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة … به.
وعَمْروٌ: هو ابن دينار.
وتابعه أبو الزبير عن جابر … به: أخرجه أحمد (٣/ ٢٩٧).
وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ لولا عنعنة أبي الزبير.
وأخرجه أبو عوانة.
وللحديث شواهد كثيرة في «الصحيحين» وغيرهما.
وقد أخرجه أبو عوانة من حديث جمع آخر من الصحابة هذه أسماؤهم:
أبو هريرة، علي بن أبي طالب، عائشة، عبد الله بن عباس، الحسن بن علي، زيد بن ثابت، أبو أيوب الأنصاري، كعب بن مالك، أنس بن مالك، النواس بن سمعان، عوف بن مالك، نعيم بن مسعود.
وقد خَرَّجَ أحاديثَهم السيوطيُّ في «الجامع الصغير» (رقم ٣١٧١ – صحيح
٧ ‏/ ٣٨٨
الجامع)؛ إلا حديث علي فلم يذكره، وكأنه لأنه موقوف، كما سيأتي في آخر «السنة» من هذا «الصحيح»، وذكر بديله: خالد بن الوليد. وزاد عليهم: عبد الله ابن سلام، ووقع فيه: الحسين بن علي .. من رواية (طب)! والصواب: الحسن بن علي؛ فإنه كذلك في «الطبراني الكبير» (٢٧٢٨). وكذلك هو عند أبي عوانة (٤/ ٧٩)، وقد خرجت بعضها في «الروض النضير» (٧٧٠).

٢٣٧٠ – عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه:
أن النبي ﷺ كان إذا أراد غزوة؛ ورّى غيرها، وكان يقول:
«الحَرْبُ خَدْعَةٌ».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه بتمامه: ابن حبان وأبو عوانة في «صحيحيهما»، والشيخان دون شطره الثاني).
إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدٍ: ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عبيد -وهو ابن حِسَابٍ-، فهو من رجال مسلم.
وابن ثور -واسمه محمد-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٥٠) من طريق المؤلف.
وأبو عوانة (٤/ ٨١) من طريق زيد بن المبارك قال: أبَنا ابن ثور … به.
وتابعه معمر عن الزهري … به: أخرجه عبد الرزاق (٩٧٤٤)، وعنه أحمد (٦/ ٣٨٧)، وابن حبان (٣٣٥٩) … في حديث غزوة تبوك وتوبة كعب.

٧ ‏/ ٣٨٩
وهي عند الشيخين؛ دون قوله: «الحرب خدعة».
وهذا القدر منه: لأبي عوانة من هذا الوجه.
وتابعه عنده: يونس عن الزهري … بحديث الترجمة.

١٠٢ – باب في البيات
٢٣٧١ – عن إياس بن سَلَمَةَ عن أبيه قال:
أَمَّر رسول الله ﷺ أبا بكر رضي الله عنه، فغزونا ناسًا من المشركين، فبيَّتْنَاهم نَقْتُلُهم، وكان شعارنا تلك الليلة: أمِتْ أمتْ!
قال سلمة: فقتلتُ بيدي تلك الليلةَ سبعة أهل أبياتٍ من المشركين.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الصمد وأبو عامر عن عكرمة بن عمار: ثنا إياس بن سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ على كلام في عكرمة لا يضر، كما تقدم تحت هذا الحديث، وقد أخرجه المؤلف (٢٣٣٦) مختصرًا.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٧٩) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (٤/ ٤٦)، وابن ماجة (٢٨٤٠)، وابن حبان (٤٧٢٤) من طريقين آخرين عن عكرمة … به.

٧ ‏/ ٣٩٠
١٠٣ – باب في لزوم السَّاقَةِ
٢٣٧٢ – عن جابر بن عبد الله قال:
كان رسول الله ﷺ يتخلَّفُ في السير فَيُزْجِي الضعيف، ويُردِفُ، ويدعو لهم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا الحسن بن شَوْكَر: ثنا إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: ثنا الحجَّاج بن أبي عثمان عن أبي الزبير أن جابر بن عبد الله حدثهم قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحسن بن شوكر، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١١٥)، وعنه البيهقي (٥/ ٢٥٧) من طريق الإمام أحمد: ثنا إسماعيل -هو ابن عُلَيَّةَ- … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
ولم أره في «مسند أحمد»!

١٠٤ – باب على ما يُقاتَل المشركون؟
٢٣٧٣ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فإذا قالوها؛ منعوا مِني دماءهم وأموالهم؛ إلا بحقِّها، وحسابهم على الله تعالى».

٧ ‏/ ٣٩١
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم والترمذي -وصححه-، وأخرجه الشيخان من طريق أخرى، وقد مضى في أول «الزكاة»، ورواه مسلم وابن الجارود من طريق ثالثة عن أبي هريرة، وهو عنه متواتر، وكذلك هو عن النبي ﷺ.
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من ثقات شيوخ البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٢٦٠٩)، وابن ماجة «٣٩٢٧) من طرق أخرى عن أبي معاوية … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه مسلم (١/ ٣٩) من طريق أخرى عن الأعمش … به.
وتابعه عاصم -وهو ابن أبي النَّجُودِ- عن أبي صالح … به: أخرجه أحمد (٢/ ٣٧٧).
وله في «الصحيحين» وغيرهما طرق أخرى عن أبي هريرة وغيره؛ وقد مضى أحدها في أول «الزكاة»، وهي مخرجة في «الصحيحة» (٣٠٣ و٤٠٧ – ٤١٠).

٢٣٧٤ – عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ:
«أُمِرْتُ أن أقاتل الناس (وفي رواية: المشركين)، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قِبْلَتَنَا، وأن يأكُلُوا ذبيحتنا، وأن يصَلُوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك؛ حَرُمَتْ علينا دماؤهم وأموالهم؛ إلا بحقِّها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين».

٧ ‏/ ٣٩٢
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي بإسناد المؤلف. والبخاري بنحوه).
إسناده: حدثنا سعيد بن يعقوب الطَّالْقاني: ثنا عبد الله بن المبارك عن حُمَيْدٍ عن أنس.
حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب عن حُمَيْدٍ الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ:
«أمرت أن أقاتل المشركين …» بمعناه.
قلت: إسناده صحيح من الوجهين عن حميد، ورجالهما ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخي المؤلف، وكلاهما ثقة، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٢٦١١) عن الشيخ الأول، وقال:
«حديث حسن صحيح».
ومن طريق الترمذي: أخرجه ابن منده في «الإيمان» (رقم ١٩٢).
ثم أخرجه هو (رقم ٣١)، والبخاري (١/ ١٠٢ – ١٠٣)، والنسائي في أول «تحريم الدم»، و«الإيمان»، وأحمد (٣/ ١٩٩) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك … به.
ولم يذكر البخاري قوله: «لهم ما للمسلمين …» من هذا الوجه، ولكنه ذكره من الوجه الآخر معلقًا، فقال: وقال ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى قال: حدثنا حميد قال: حدثنا أنس عن النبي ﷺ …
وقد وصله محمد بن نصر في «الإيمان»، وكذا ابن منده من طريق ابن أبي مريم
٧ ‏/ ٣٩٣
المذكور -كما في «فتح الباري» (١/ ٤٩٧) -.
وهو في «إيمان ابن منده» برقم (١٩١)، ومنه تأكدت من كون الزيادة المذكورة عند الجماعة هي في هذه الطريق أيضًا، لكن سقط منه (ولعله سهو من الطابع) رجلان؛ هما في نقدي: الربيع بن سليمان عن ابن أبي مريم -واسمه: سعيد بن الحكم بن أبي مريم!
ثم علقه البخاري من طريق أخرى عن حميد قال:
سأل ميمونُ بن سِيَاهٍ أنَس بن مالك قال: يا أبا حمزة! ما يَحُرِّمُ دمَ العبد ومالَه؟ فقال … فذكره مختصرًا موقوفًا، لا مرفوعًا كما وقع في «مطبوعة إيمان ابن منده» (٢/ ٣٥٧).
ووصله هو، والبخاري من طريق أخرى عن ميمون بن سياه عن أنس … مرفوعًا مختصرًا؛ وفي آخره:
«فذلك المسلم الذي له ذِمَّةُ الله وذمة رسوله، فلا تُخفِروا الله في ذمته».
والموقوف وصله النسائي أيضًا في أول «تحريم الدم»، وابن منده (١٩٥) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري قال: أنبأنا حميد قال:
سأل ميمون بن سياه … إلخ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، ولا منافاة بينه وبين المرفوع، والكل صحيح.
على أن المرفوع أصح، ورواته أكثر، كما كنت قلت في «الصحيحة» (رقم ٣٠٣)، فراجعه؛ ففيه فائدة هامة، نادرًا ما تراها في كتاب.
٧ ‏/ ٣٩٤
٢٣٧٥ – عن أسامة بن زيد قال:
بَعَثَنَا رسولُ الله ﷺ سَرِيَّةً إلى (الحُرَقات)، فَنَذِروا بنا، فهربوا، فأدركنا رجلًا، فلما غشيناه؛ قال: لا إله إلا الله، فضربناه حتى قتلناه،
فذكرته للنبي ﷺ، فقال:
«مَنْ لك بـ (لا إله إلا الله) يوم القيامة؟ !».
فقلت: يا رسول الله! إنما قالها مَخَافَةَ السلاح! قال:
«أفلا شَقَقْتَ عن قلبه، حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟ ! مَنْ لك بـ (لا إله إلا الله؟ !)».
فما زال يقولها، حتى وددت أني لم أسلم إلا يومئذ! !
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في «صحاحهم». وقال ابن منده: «صحيح مجمع على صحته»).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي وعثمان بن أبي شيبة -المعنى- قالا: ثنا يعلى ابن عبيد عن الأعمش عن أبي ظَبْيَانَ: ثنا أسامة بن زيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأبو ظبيان: اسمه حُصَيْنُ بن جُنْدُبٍ.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٢٠٧): ثنا يعلى … به.
وأخرجه أبو عوانة (١/ ٦٧)، وابن منده (٦١) من طرق أخرى عن يعلى … به.
وتابعه أبو معاوية عن الأعمش … به: أخرجه مسلم (١/ ٦٧)، وأبو عوانة أيضًا.
٧ ‏/ ٣٩٥
وله عندهم متابعون آخرون، منها الحصين: حدثنا أبو ظبيان … به.
وأخرجه البخاري أيضًا، وابن حبان (٧/ ١٢١ / ٤٧٣١) من هذا الوجه (٥/ ٨٨ و٨/ ٣٦)، وقال ابن منده:
«هذا حديث مجمع على صحته».
ورواه الطيالسي (٦٢٦) من طريق أخرى عن أسامة مختصرًا.

٢٣٧٦ – عن المقداد بن الأسود: أنه قال:
يا رسول الله! أرأيتَ إن لقيتُ رجلًا من الكفار فقاتلني، فضرب إحدى يديَّ بالسيف، ثم لاذَ مِنِّي بشجرة فقال: أسلمت لله؛ أفأقتله يا رسول الله! بعد أن قالها؟ قال رسول الله ﷺ:
«لا تقتله».
فقلت: يا رسول الله! إنه قطع يَدِي؟ ! قال رسول الله ﷺ:
«لا تقتله، فإن قتلته؛ فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»، وهو عين إسناد مسلم في رواية له. وقال ابن منده: «حديث مجمع على صحته»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن الليث عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عَدِيِّ بن الخِيَارِ عن المقداد بن الأسود: أنه أخبره: أنه قال …

٧ ‏/ ٣٩٦
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (١/ ٦٦) … بإسناد المؤلف.
وأخرجه أبو عوانة (١/ ٦٦)، والنسائي في «سير الكبرى» -كما في «التحفة» (٨/ ٥٠٣) -، والبيهقي (٨/ ١٩) من طرق عن قتيبة … به.
وكذلك رواه ابن منده (٥٧)، وقال:
«هذا حديث مجمع على صحته».
ثم أخرجه هو، والبخاري (١٥/ ١٩ و٨/ ٣٥)، ومسلم وأبو عوانة، وأحمد (٦/ ٤ و٥) من طرق أخرى عن الزهري … به.

١٠٥ – باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود
٢٣٧٧ – عن جرير بن عبد الله قال:
بعث رسول الله ﷺ سَرِّيَةً إلى خَثْعَم، فاعتصم ناسٌ بالسجود، فأسرع فيهم القَتْلَ. قال: فبلغ ذلك النبيَّ ﷺ، فأمر لهم بنصف العقل، وقال:
«أنا بَرِيءٌ من كلّ مسلم يُقِيمُ بين أظْهُرِ المشركين».
قالوا: يا رسول الله! لِمَ؟ قال:
«لا تراءى ناراهما».
(قلت: حديث صحيح، دون العقل).
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السري: ثنا أبو معاوية عن إسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله.

٧ ‏/ ٣٩٧
قال أبو داود: «رواه هُشَيْمٌ ومَعْمَرٌ وخالد الواسطي وجماعة … لم يذكروا جريرًا».
قلت: ورجاله ثقات كلهم رجال الشيخين؛ غير هَنادِ بن السرِي؛ فمن رجال مسلم.
وقد توبع: عند البيهقي (٨/ ١٣١) وغيره ممن خرجتهم في «الإرواء» (١٢٠٧)، وذكرت له هناك بعض الطرق والشواهد، أحدها صحيح الإسناد، لكن ليس في شيء منها ذكر العقل؛ أي: الدية. وقد ذكر البيهقي عن الشافعي أنه قال:
«إن كان هذا ثبت؛ فأحسب النبي -والله أعلم- أعطى من أعطى منهم متطوعًا». والله أعلم.

١٠٦ – بابٌ في التوَلّي يَوْمَ الزحْفِ
٢٣٧٨ – عن ابن عباس قال:
نزلت (إن يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مائتَيْنِ)؛ فَشَق ذلك على المسلمين، حين فرض الله عليهم أن لا يَفِرَّ واحدٌ من عشرة، ثم إنه جاء تخفيفٌ، فقال: (الآنَ خَفَّفَ الله عنكم) -قرأ أبو توبة إلى قوله: (يغلبوا مائتين) -، قال: فلما خفف الله عنهم من العِدة؛ نقص من الصبر بقدر ما خَفَّفَ عنهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا ابن المبارك عن جرير بن حازم عن الزبير بن خِرِّيت عن عكرمة عن ابن عباس.

٧ ‏/ ٣٩٨
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٥/ ٢٠١)، والبيهقي (٩/ ٧٦) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك … به.
ثم أخرجه البيهقي وابن جرير الطبري في «التفسير» (١٠/ ٢٩) من طريقين آخرين عن جرير بن حازم … به.
والبخاري أيضًا، وابن جرير والبيهقي من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس … نحوه.

٢٣٧٩ – عن أبي سعيد قال:
نزلت في يوم بدر: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ (١).
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن هشام المصري: ثنا بشر بن المُفَضّلِ: ثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن هشام المصري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي في «تفسير الكبرى» من طريق أخرى عن بشر بن المُفَضَّل -كما في «التحفة» (٣/ ٤٥٥) -، وكذا ابن جرير في «التفسير» (٩/ ١٣٤).


(١) هنا في الأصل زيادة: (هي عارضة به)! وقد حذفتها لَمَّا لم أجد لها ذكرًا في النسخ والروايات الأخرى.
٧ ‏/ ٣٩٩
ثم أخرجاه، وكذا الحاكم (٢/ ٣٢٧) من طرق أخرى عن داود بن أبي هند … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.

١٠٧ – باب في الأسير يكْرَهُ على الكفر
٢٣٨٠ – عن خَبَّابٍ قال:
أتينا رسول الله ﷺ وهو متوسَّد بُرْدةً، في ظِلِّ الكعبة، فشكونا إليه، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ! ألا تدعو الله لنا؟ ! فجلس مُحْمَرًّا وَجْهُهُ، فقال:
«قد كان مَنْ قبلكم يُؤْخَذُ الرجلُ، فيُحْفَرُ له في الأرض، ثم يُؤْتى بالمنشار، فيُجْعَلُ على رأسه؛ فيجْعَلُ فِرْقتين، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويُمْشَطُ بأمشاط الحديد ما دون عظمه مِنْ لَحْمٍ وعَصَب، ما يصرفه ذلك عن دينه! والله! لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمرَ، حتى يسير الراكبُ ما بين صنعاء وحَضْرَ مَوْتَ؛ ما يخاف إلا اللهَ تعالى، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تَعْجَلُونَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا هشيم وخالد عن إسماعيل عن قيس ابن أبي حازم عن خباب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم؛ وقد أخرجه الأول منهما كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١١١ و٦/ ٣٩٥): ثنا يحيى بن سعيد عن

٧ ‏/ ٤٠٠
إسماعيل … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري (٤/ ١٧٩ و٨/ ٥٦).
وروى منه النسائي في «الزينة» طرفه الأول.
والطبراني في «الكبير» (٣٦٣٨) … بتمامه.
والحميدي (١٥٧)، وعنه البخاري (٤/ ٢٣٨)، والبيهقي (٥/ ٩)، وأحمد (٥/ ١٠٩ و١١٠) من طرق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد.
وتابعه بيان بن بشر عند الحميدي والبخاري.

١٠٨ – باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلمًا
٢٣٨١ – عن علي عليه السلام قال:
بعثني رسولُ الله ﷺ أنا والزبيرَ والمقدادَ، قال:
«انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَةَ (خَاخٍ)؛ فإن بها ظَعِينةً معها كتابٌ؛ فخذوه منها».
فانطلقنا تتعادى بنا خَيْلُنا، حتى أتينا الروضة، فإذا بنا بالظعينة، فقلنا: هلُمِّي الكتابَ. فقالت: ما عندي من كتاب! فقلت: لتُخرِجِنَّ الكتابَ، أو لَنُلقِيَنَّ الثيابَ! فأخرجَتْهُ من عِقَاصِهَا.
فأتينا به النبيَّ ﷺ؛ فإذا هو من حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ إلى ناس من المشركين، يخبرهم ببعض أمرِ رسول الله ﷺ فقال:
«ما هذا يا حاطب؟ !».

٧ ‏/ ٤٠١
فقال: يا رسول الله! لا تَعْجَلْ عليَّ؛ فإني كنت امْرَءًا مُلْصَقًا في قريش، ولم أكن من أنفُسها، وإن قريشًا لهم بها قراباتٌ يَحْمُون بها أهليهم بمكة، فأحببت -إذ فاتني ذلك- أن أتَّخِذَ فيهم يدًا يَحْمُون قرابتي بها، والله! ما كان بي كفرٌ ولا ارتداد! فقال رسول الله ﷺ:
«صَدَقَكم».
فقال عمر: دعني أضربْ عُنُقَ هذا المنافق! فقال رسول الله ﷺ:
«قد شهد بدرًا، وما يدريك؛ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم؟ !».
وفي رواية عنه بهذه القصة قال:
انطلق حاطب، فكتب إلى أهل مكة: إن محمدًا ﷺ قد سار إليكم …، وقال فيه:
قالت: ما معي كتاب! فانتحيناها، فما وجدنا معها كتابًا. فقال علي: والذي يُحْلَفُ به! لأقتلنَّك؛ أو لَتُخْرِجِنَّ الكتاب …، وساق الحديث.
(قلت: إسناد الأولى صحيح على شرط البخاري، والأخرى على شرط مسلم. وقد أخرجاهما. وقال الترمذي في الأولى: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن عمرو حدثه حسن بن محمد بن علي أخبره عبيد الله بن أبي رافع -وكان كاتبًا لعلي بن أبي طالب- قال: سمعت عليًّا عليه السلام يقول …
٧ ‏/ ٤٠٢
حدثنا وهب بن بَقِيَّةَ عن خالد عن حُصَيْنِ عن سعد بن عُبَيْدَةَ عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِي عن علي … بهذه القصة.
قلت: والإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري.
والإسناد الآخر كذلك؛ غير وهب بن بقية، فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجاهما كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٧٩)، والحميدي (٤٩)، وعنه البخاري (٦/ ٦٠) قالا: ثنا سفيان … به، وهو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٥/ ٨٩)، ومسلم (٧/ ١٦٨)، والترمذي (٣٣٠٢)، وأبو يعلى (١/ ١١١)، والبيهقي (٩/ ١٤٦) من طرق أخرى عن سفيان … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ثم أخرجه مسلم من طريق أخرى عن خالد -يعني: ابن عبد الله- عن حُصَيْنٍ … بالرواية الأخرى.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٥/ ٨٠١٠ / ٥٤)، والبيهقي وأبو يعلى (١/ ٣١٨ – ٣١٩) من طرق أخرى عن حصين … به.
وجملة الاطلاع؛ لها شواهد من حديث أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٧٣٢).
٧ ‏/ ٤٠٣
١٠٩ – في الجاسوس الذِّمِّيِّ
٢٣٨٢ – عن فُرَات بن حَيَّانَ:
أن رسول الله ﷺ أمر بقتله، وكان عينًا لأبي سفيان، وحليفًا لرجل من الأنصار، فَمَرَّ بِحَلْقَةٍ من الأنصار، فقال: إني مسلم. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إنه يقول: إني مسلم. فقال رسول الله ﷺ:
«إن منكم رجالًا نكلهم إلى إيمانهم، منهم فُرَاتُ بن حَيَّانَ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار: حدثني محمد بن مُحَبَّبٍ أبو هَمَّامٍ الدَّلالُ: ثنا سفيان بن سعيد عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَربٍ عن فُراتِ بن حيان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حارثة، وهو ثقة.
ومثله ابن مُحَبَّبٍ -على وزن محمد- ثقة بلا خلاف.
ووهم المنذري، فقال في «مختصره»:
«لا يحتج بحديثه»!
ولكنه أفاد أنه تابعه بشر بن السري وعباد بن موسى الأزرق العباداني، وكلاهما ثقة.
والمتابعة الأولى: عند أحمد (٤/ ٣٣٦).
٧ ‏/ ٤٠٤
والحديث مخرج في «الصحيحة» (١٧٠١)، فأغنى عن الإعادة.

١١٠ – في الجاسوس المستأمن
٢٣٨٣ – عن ابن سَلَمَةَ بن الأكوع عن أبيه قال:
أتى النبيَّ ﷺ عَيْنٌ من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه، ثم انْسَل، فقال النبي ﷺ:
«اطلبوه فاقتلوه».
قال: فسبقتهم إليه فقتلته، وأخذت سَلَبَهُ، فَنَفَّلني إياه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري وأبو عوانة في «صحيحيهما» هكذا، ومسلم مطولًا، وهو الآتي بعده).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو نعيم: ثنا أبو عُمَيْس عن ابن سلمة ابن الأكوع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ٣١): حدثنا أبو نعيم … به.
وأخرجه أبو عوانة (٤/ ١٢٢)، والبيهقي (٩/ ١٤٧) من طرق أخرى عن أبي نعيم.
وأخرجه غير هؤلاء، كما في «الإرواء» (٥/ ٥٥).

٧ ‏/ ٤٠٥
٢٣٨٤ – وفي رواية: عن إياس بن سلمة قال: حدثني أبي قال:
غزوت مع رسول الله ﷺ هوازِنَ، قال: فبينما نحن نتضحى -وعامتنا مشاة، وفينا ضَعْفَةٌ -؛ إذ جاء رجل على جمل أحمر، فانتزع طَلَقًا من حَقوِ البعير، فقيَّدَ به جمله، ثم جاء يَتَغَدَّى مع القوم، فلما رأى ضعفتهُم ورقَّة ظَهْرِهم؛ خرج يعدو إلى جمله، فأطلقه ثم أناخه فقعد عليه، ثم خرج يُرْكِضُه؛ واتَّبعه رجل من أسلم على ناقة وَرْقَاءَ -هي أمثل ظهر القوم-. قال: فخرجت أعدو، فأدركته، ورأس الناقة عند وَرِكِ الجمل، وكنت عند وَرِكِ الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند وَرِكِ الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بِخِطَامِ الجمل، فأنخته، فلما وضع رُكْبَتَهُ بالأرض؛ اخترطت سيفي، فَأضْرِبُ رأسَهُ، فندر، فجئت براحلته وما عليها أقودها، فاستقبلني رسول الله ﷺ في الناس مقبلًا، فقال:
«مَنْ قتل الرجل؟». فقالوا: ابن الأكوع. قال:
«لَهَ سَلَبُهُ أجْمَعَ».
(قلت: إسناده جيد على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله أن هاشم بن القاسم وهشامًا حدثاهم قالا: ثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة.
قال هارون: هذا لفظ هاشم.
قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
٧ ‏/ ٤٠٦
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٤٩): ثنا هاشم بن القاسم … به.
ثم أخرجه هو (٤/ ٥١)، ومسلم (٥/ ١٥٠)، وأبو عوانة (٤/ ١١٩ – ١٢٢) وغيرهم من طرق أخرى عن عكرمهَ بن عمار … به. وهو مخرج في «الإرواء» (١٢٢٢).

١١١ – بابٌ في أيِّ وقت يسْتَحَبُّ اللقاء؟
٢٣٨٥ – عن النُّعمان بن مُقَرِّنٍ قال:
شهدت رسولَ الله ﷺ إذا لم يقاتل من أول النهار؛ أخَّرَ القتال حتى تزول الشمس، وتَهبَّ الرياح، ويَنْزِلَ النصْرُ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي. والبخاري بنحوه وابن حبان).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا أبو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ عن علقمة بن عبد الله المُزَنِي عن مَعْقِلِ بن يسار أن النعمان بن مقَرنٍ قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات [رجال مسلم]؛ غير علقمة بن عبد الله المزني، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٥٣) من طريق المؤلف.
وأخرجه الترمذي (١٦١٣)، والنسائي في «سير الكبرى» -كما في «التحفة» (٩/ ٣٢) -، والحاكم (٢/ ١١٦)، وأحمد (٥/ ٤٤٤ – ٤٤٥) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وقال الحاكم:

٧ ‏/ ٤٠٧
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وهو من أوهمامهما؛ لما عرفت من حال علقمة المزني! ثم قال الترمذي:
«وعلقمة بن عبد الله: هو أخو بكر بن عبد الله المزني».
وكذا قال البخاري وأبو حاتم وغيرهم.
ونفى ذلك المؤلف -في رواية الآجري عنه-، وتبناه الحافظ في «التقريب». والله أعلم.
وللحديث طريق آخر عن النعمان … نحوه: أخرجه البخاري (٣١٦٠)، وابن حبان. وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٨٢٦).

١١٢ – باب فيما يؤمر به من الصمت عند اللقاء
٢٣٨٦ – عن قَيْسِ بن عُبَادٍ قال:
كان أصحاب النبي ﷺ يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عند القِتَالِ.
(قلت: إسناده موقوف صحيح، وهو المحفوظ كما قال الحاكم. وقد رواه مرفوعًا، وهو في الكتاب الآخر برقم (٤٥٦».
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام: ثنا قتادة عن الحسن عن قيس ابن عباد.
قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح إن شاء الله، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ والحسن: هو البصري، وهو وإن كان مدلسًا وقد عنعنه؛ فالذي ظهر لي -بالتتبع- أن عنعنته التي يعلُّون بها حديثه؛ إنما هي ما كان عن الصحابة؛ بخلاف ما يرويه عن أمثاله من التابعين. والله أعلم.

٧ ‏/ ٤٠٨
ولعلّ هذا هو السر في تصحيح من صحح أثره هذا ممن ذكرنا آنفًا، ويأتي بيانه. والله أعلم.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ٨٨)، والبيهقي (٩/ ١٥٣) من طريق المؤلف.
وابن أبي شيبة في «المصنف» (١٢/ ٤٦٢ / ١٥٢٦٧)، والحاكم (٢/ ١١٦) من طرق أخرى عن مسلم بن إبراهيم … به.
وتابعه أبو أسامة عن هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوَائِيِّ … به؛ ولفظه:
… عند ثلاث: عند القتال، وفي الجنائز، وفي الذكر.
رواه البيهقي.
وخالفه مَطَر الوَرَّاق؛ فرواه عن أبي بُرْدة عن أبيه عن النبي ﷺ … مثله.
ومطر ضعيف، وقد خالف، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (٤٥٦).

١١٣ – باب في الرجل يَتَرَجَّلُ عند اللقاءِ
٢٣٨٧ – عن البراء قال:
لَمَّا لَقِيَ النبي ﷺ المشركين يَوْمَ حنَيْنٍ؛ نزل عن بغلته فترجل.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ على كلام معروف في أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي-.

٧ ‏/ ٤٠٩
والحديث أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٤/ ٤٧١) … بإسناد المؤلف ومتنه.
ورواه الحاكم (٢/ ١١٦) من طريق أخرى عن عثمان … به، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولم يصح أنه ﷺ تَرَجَّلَ وحارب راجلًا إلا من هذا الوجه»! ووافقه الذهبي!
قلت: كذا قالا! وقد وهما في استدراكهما على الشيخين؛ فقد أخرجاه بلفظ:
فنزل.
فأخرجه البخاري (٤/ ٢٨): حدثنا عبيد الله عن إسرائيل … به نحوه أتم منه.
ثم أخرجه هو (٣/ ٢٣٣)، ومسلم (٥/ ١٦٧ – ١٦٨)، وأبو عوانة (٤/ ٢١١)، والبيهقي (٩/ ١٥٥) من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة الجُعْفِيِّ عن أبي إسحاق … به.
وتابعه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق … به: أخرجه مسلم وأبو عوانة.
وتابعهم سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق، ولكنهما لم يذكرا النزول، وروايتهما أصح، لأنهما سمعا منه قبل الاختلاط، بخلاف الذين ذكرنا؛ فإنهم سمعوا منه بعد الاختلاط.
لكن يشهد لهم حديث سلمة بن الأكوع في غزوة حنين، وفيه:
فلما غَشُوا رسول الله ﷺ؛ نزل عن البغلة … الحديث.
رواه مسلم.
٧ ‏/ ٤١٠
وله شواهد أخرى، ذكر بعضها الحافظ في «الفتح» (٨/ ٣٢)، عزا أحدها للمؤلف والترمذي، وسيأتي بيان ما فيه في «الضعيف» برقم ().

١١٤ – بابٌ في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ
٢٣٨٨ – عن جابر بن عَتِيكٍ: أن نبي الله ﷺ كان يقول:
«مِنَ الغَيْرَةِ ما يُحِبُّ الله، ومنها ما يُبْغِض الله: فأما التي يُحِبُّها الله؛ فالغيرة في الرِّيبَةِ.
وأما الغَيْرَة التي يُبْغِضُها الله؛ فالغيرة في غَيْرِ رِيبةٍ.
وإن من الخُيَلاءِ ما يُبْغِضُ الله، ومنها ما يُحِبُّ الله:
فأما الخُيَلاءُ التي يُحِبُ الله؛ فاختيال الرجل نَفْسَهُ عند القتال، واختياله عند الصدقة.
وأما التي يبْغِضُ الله؛ فاختياله في البَغْيِ -قال موسى- والفَخْرِ».
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل -المعنى واحد- قالا: ثنا أبان: ثنا يحيى عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر بن عَتِيك عن جابر بن عتيك.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن جابر؛ لكن للحديث شاهد من حديث عقبة بن عامر، حسنته من أجله في «الإرواء» (١٩٩٩)، وخرجتهما هناك؛ فليراجع.

٧ ‏/ ٤١١
١١٥ – باب في الرجل يُسْتَأْسَر
٢٣٨٩ – عن أبي هريرة قال:
بَعَثَ رسول الله ﷺ عَشَرَةً عَيْنًا، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت، فَنَفَروا لهم -هُذَيْلٌ – بقريب من مئة رجل رام، فلما أحسَّ بهم عاصم؛ لجأوا إلى قَرْدَدٍ (١)، فقالوا لهم: انزلوا فأعْطُوا بأيديكم؛ ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذِمةِ كافر، فَرَمَوْهُم بالنَّبْلٍ، فقتلوا عاصمًا في سبعة، ونزل إليهم ثلاثةُ نَفَرٍ على العهد والميثاق؛ منهم خُبَيْبٌ وزيدُ بن الدَّثِنَةِ ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم؛ أطلقوا أوتار قِسِيِّهم، فربَطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغَدْرِ! والله! لا أصْحَبُكم، إنَّ لي بهؤلاء لأُسوةً! فجرُّوه، فأبى أن يصحبهم، فقتلَوه! فَلَبِثَ خُبَيْبٌ أسيرًا، حتى أجمعوا قتله، فاستعار موسى يستحدُّ بها، فلمَّا خرجوا به ليقتلوه؛ قال لهم خُبَيْبٌ: دعوني أرْكَعْ ركعتينِ! ثم قال: والله! لولا أن يَحْسَبوُا ما بي جزعًا؛ لَزِدْتُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأسانيد أحدها إسناد المؤلف، ومتنه أتم مما هنا).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إبراهيم -يعني: ابن سعد-: أخبرنا ابن شهاب: أخبرني عمرو بن جارية الثَّقَفِيُّ حليف بني زُهْرَةَ عن أبي هريرة.
حدثنا ابن عوف: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري: أخبرني عمرو ابن أبي سفيان بن أسِيدٍ بن جارية الثقفي -وهو حليف لبني زهرة، وكان من


(١) هو الموضع المرتفع من الأرض، كأنهُمْ تحصَّنوا به.
٧ ‏/ ٤١٢
أصحاب أبي هريرة- … فذكر الحديث.
قلت، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجهين عن الزهري؛ وقد أخرجه البخاري كذلك كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٥/ ١١) من الوجه الأول.
و(٤/ ٢٨ – ٣٠) من الوجه الآخر … أتم منه.
وتابعه على الوجه الأول: الطيالسي، فقال في «مسنده» (٢٥٩٧): حدثنا إبراهيم بن سعد … به.
ومن طريقه وطريق المؤلف: أخرجه البيهقي (٩/ ١٤٥ – ١٤٦).
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٩٤) من طريق أخرى عن إبراهيم … به.
وتابعه معمر عن الزهري … به: أخرجه البخاري (٥/ ٤٠ – ٤١)، وأحمد (٢/ ٣١٠) عن عبد الرزاق، وهذا في «المصنف» (٩٧٣٠).

١١٦ – باب في الكُمَنَاءِ
٢٣٩٠ – عن البراء قال:
جعل رسول الله ﷺ على الرُّمَاةِ يومَ أُحُدٍ -وكانوا خمسين رجلًا- عبد الله بن جبير، وقال:
«إن رأيتمونا تَخْطَفُنا الطَّيْرُ؛ فلا تَبْرَحوا من مَكَانِكُمْ هذا، حتى أُرْسِلَ إليكم، وإن رأيتمونا هَزَمْنا القومَ وأوطأناهم؛ فلا تبرحوا حتى أُرْسِلَ إليكم».
قال: فهزمهم الله. قال: فأنا -واللهِ! – رأيتُ النساءَ يَشْتَدِدْنَ على الجبل.

٧ ‏/ ٤١٣
فقال أصحاب عبد الله بن جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ أيْ قَوْمُ! ظَهَرَ أصحابُكم. فقال عبد الله بن جبير: أنَسيتُمْ ما قال لكم رسول الله ﷺ؟ ! فقالوا: والله! لنأتينَّ الناسَ، فَلَنُصيبَنَّ مِنَ الغنيمةِ، فَأتَوْهُمُ، فَصُرِفَتْ وُجوهُم، وأقبلوا مهزومين.
(قلت: إسناده صحيح؛ عند الشيخين. وقد أخرجه البخاري وأبو عوانة وابن حبان في «صحاحهم»، مع كونه من رواية السبيعي، وكان اختلط!).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء يحدث قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي، مع أن أئمة الجرح قد ذكروا في ترجمة أبي إسحاق -وهو السبِيعي- أنه كان اختلط، وأن زهيرًا روى عنه بعد الاختلاط كما تقدم قريبًا! فلعل البخاري وقف له على طريق أخرى من رواية مثل شعبة الذي روى عنه قبل الاختلاط، أو على شاهد يقويه؛ كالذي سأذكره. والله أعلم.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ٣٠٣ – ٣٠٦) من طرق أخرى عن النفيلي … به أتم منه.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٤/ ٢٦ – ٢٧ و٥/ ١٧١)، والبيهقي في «الدلائل» (٣/ ٢٦٩) وسعيد بن منصور (٢/ ٣ / ٣٣٢ – ٣٣٣) من طرق أخرى عن زهير … به.
وقال الطيالسي (٧٢٥): حدثنا زهير … به.
وكذلك رواه أحمد (٤/ ٢٩٤)، وابن سعد (٢/ ٤٧) من طرق عن زهير.
وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق … به: أخرجه البخاري (٥/ ٢٩)، وأبو عوانة،
٧ ‏/ ٤١٤
وأحمد (٤/ ٢٩٣)، والبيهقي (٣/ ٢٦٧)، وابن حبان (٤٧١٨).
وله شاهد من حديث ابن عباس … نحوه.
أخرجه أحمد (١/ ٢٨٧) بإسناد حسن، وصححه الحاكم (٢/ ٢٩٦ – ٢٩٧)، ووافقه الذهبي.
وآخر من حديث ابن مسعود.
أخرجه أحمد (١/ ٤٦٣)، ورجاله ثقات.

١١٧ – باب في الصفوف
٢٣٩١ – عن حمزة بن أبي أُسَيْد عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ حين إصْطَفَفْنا يَوْمَ بدر:
«إذا أكْثَبوُكم -يعني: إذا غَشُوكم-؛ فارموهم بالنَّبْل، واسْتَبْقُوا نَبْلَكُم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو وأبو عوانة والحاكم، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو عنده عن سهل ابن سعد أيضًا).
إسناده: حدثنا أحمد بن سنان: ثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغَسِيلِ عن حمزة بن أبي أُسَيْدٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلمًا لم يرو لحمزة بن أبي أُسيد، فهو على شرط البخاري وحده؛ لكنه قد توبع عنده كما يأتي.

٧ ‏/ ٤١٥
وأحمد بن سنان: هو أبو جعفر القطان الواسطي الحافظ.
لكن في نسخة: أحمد بن حنبل -كما في «التحفة» (٨/ ٣٤٢) -، وليس يبعد عن الصحة؛ لأن ابن حنبل من شيوخ المؤلف المشهورين، ولأنه قد أخرجه في «مسنده» مع زيادة في سنده كما سأذكره.
وأبو أحمد الزبيريُّ: اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير الأسَدِيُّ.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٨): ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال: أنا عبد الرحمن بن الغسيل عن عباس بن سهل أو حمزة بن أبي أسيد عن أبيه … به.
كذا وقع فيه: (أو)! ولعل الصواب: (و)؛ فإنه كذلك وقع عند البخاري (٥/ ١٠) من طريقين عن أبي أحمد الزبيري؛ إلا أنه قال: عن حمزة بن أبي أُسَيْدٍ والزبير بن المنذر بن أبي أسَيْدٍ.
وفي الطريق الأخرى: والمنذر بن أبي أُسَيْدِ … وانظر «الفتح» (٧/ ٣٠٦).
وتابعه أبو نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن الغَسِيل عن حمزة بن أبي أُسَيْدٍ عن أبيه: أخرجه البخاري (٤/ ٢٢٧)، وأبو عوانة (٤/ ٣٥٠).
واستدركه الحاكم (٣/ ٢١) على البخاري؛ فوهم!
وهذه المتابعة تقوي رواية المؤلف رحمه الله.
لكن يقوي رواية «المسند» أن الحاكم أخرجه (٢/ ٩٦)، وعنه البيهقي في «الدلائل» (٢/ ٣٤٧) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا عبد الرحمن بن الغَسِيل عن العباس بن سهل بن سعد عن أبيه وعن حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري»! ووافقه الذهبي!
٧ ‏/ ٤١٦
وفيه ما لا يخفى على اللبيب.

١١٨ – باب في سلّ السيوف عند اللقاء
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

١١٩ – باب في المبارزة
٢٣٩٢ – عن علي قال:
تقدم -يعني: عُتْبَة بن رَبيعة-، وتبعه ابنه وأخوه، فنادى: من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم؛ إنما أردنا بني عَمِّنا! فقال رسول الله ﷺ:
«قم يا حمزةُ! قم يا عليُّ! قم يا عُبَيْدَةُ بْنَ الحارثِ!».
فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلتُ إلى شيبة، واخْتُلِفَ بين عبيدة والوليد ضربتان، فَأثْخَنَ كلُّ واحد منهما صاحبه، ثم مِلْنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عُبَيْدَةَ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا عثمان بن عمر: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَرِّبٍ عن علي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير حارثة بن مُضَرّب، وهو ثقة.
ولولا اختلاط أبي إسحاق وعنعنته؛ لقلت: إنه صحيح الإسناد! لكن

٧ ‏/ ٤١٧
الحديث صحيح؛ لشواهده الآتي بعضها.
والحديث أخرجه البزار (١١٦١): حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عثمان بن عمر … به أتم منه، وقال:
«لا نعلمه يُرْوَى عن علي إلا بهذا الإسناد».
ورواه أحمد (١/ ١١٧): ثنا حجاج: ثنا إسرائيل … به وأتم منه.
وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٣٤٩) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه فيه (٢/ ٣٤١ و٣٤٨)، وفي «السنن» (٩/ ١٣١) من طرق أخرى عن إسرائيل … به.
وأخرجه الحاكم (٣/ ١٩٤)، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»! وردَّه الذهبي بقوله:
«قلت: لم يخرجا لحارثة، وقد وهَّاه ابن المديني»!
قلت: الرجل ثقة -كما تقدم- لم يضعفه أحد، وما نقله عن ابن المديني لم يثبت، وقد أشار إلى ذلك الذهبي نفسه؛ فإنه بعد أن حكى عن ابن معين وأحمد توثيقه، وعن ابن المديني قوله:
«متروك»! عقب عليه بقوله:
«كذا نقل ابن الجوزي»! وكأنه لذلك لم يعتمده في «الكاشف» فقال: «وثقه ابن معين».
وجزم الحافظ في «التقريب» أن النقل المذكور غلط.
وللحديث شاهد من مرسل عكرمة: أخرجه عبد الرزاق (٩٧٢٧) … مطولًا.
٧ ‏/ ٤١٨
وسنده صحيح.
وآخر مختصر من رواية أبي ذر رضي الله عنه: أخرجه الشيخان والبيهقي في كتابيه (٩/ ١٣٠) و(٢/ ٣٥٠) وغيرهما.

١٢٠ – باب في النهي عن المُثْلَةِ
٢٣٩٣ – عن الهَيَّاجِ بن عمران:
أن عمران أبَقَ له غُلامٌ، فجعل لله عليه: لئِن قَدَرَ عليه؛ لَيَقْطَعَنَّ يَدَهُ! فأرسلني لأسألَ، فأتيت سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ فسألته؟ فقال:
كان نبي الله ﷺ يحثَنا على الصدقة، وينهانا عن المُثْلَةِ.
فأتيت عمران بن حصين فسألته؟ فقال:
كان رسول الله ﷺ يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المُثْلَةِ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان، وقوى إسناده الحافظ ابن حجر).
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة عن الحسن عن الهياج بن عمران.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الهياج بن عمران -وهو ابن فُضيْلٍ التميمي-، وثقه ابن سعد وابن حبان (٣/ ٢٨٣)، لكن لم يذكروا راويًا عنه غير الحسن هذا -وهو البصري-؛ فهو مجهول على قواعدهم. وقد أشار إلى تضعيف هذا التوثيقِ الذهبيُّ بقوله في «الكاشف»:
«وُثِّقَ».

٧ ‏/ ٤١٩
وصرح بذلك في «الميزان»، فقال:
«وثقه ابن سعد، وقال [علي] بن المديني: مجهول. فصدق علي».
وأشار إلى هذا الحافظ بقوله في «التقريب»:
«مقبول».
قلت: وعليه؛ فالإسناد ضعيف، وإن قوّاه الحافظ في «الفتح»، كما كنت ذكرت في «الإرواء» (٧/ ٢٩١)!
لكن ذكرت له هناك بعض الطرق والشواهد، مما يجعل الحديث صحيحًا لغيره، من ذلك أن الإمام أحمد أخرجه في رواية (٤/ ٤٤٠) من طريق المبارك عن الحسن: أخبرني عمران بن حصين قال … فذكره مرفوعًا.
فأسقط (هياجًا) من المسند، وصرح بسماع الحسن من عمران، فاتصل السند.
لكن المبارك -وهو ابن فَضَالَةَ- مدلس، وقد عنعنه كما قلت ثمة. فأزيد هنا:
أنه قد تابعه هُشَيْم عن حُمَيْدٍ عن الحسن قال: ثنا سَمُرَةُ بن جُنْدُبٍ قال … فذكره أيضًا: أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٢/ ٣٢٦).
فصرح بسماعه أيضًا من سمرة، ورجاله ثقات؛ لكنَّ هشيمًا مدلس.
وأن له شاهدًا آخر عن جرير بن عبد الله البَجَلِيِّ قال:
خطبنا النبي ﷺ على منبر صغير، فحثَّنا على الصدقة، ونهانا عن المثلة.
رواه الطيالسي (٦٦٥)، وسنده صحيح على شرط مسلم.
فصح الحديث يقينًا، والحمد لله.
٧ ‏/ ٤٢٠
(تنبيه): ذكر المنذري أن عمران الذي أبق له الغلام: هو ابن حصين!
وهذا خلاف ظاهر سياق المؤلف، بل هو باطل؛ لما في رواية لأحمد (٤/ ٤٢٨):
أن هياج بن عمران أتى عمران بن حصين فقال: إن أبي قد نذر -وفي أخرى: أن غلامًا لأبيه أبق- فبعثتي إلى عمران بن حصين، قال: فقال: أقرئ أباك السلام، وأخبره أن رسول الله ﷺ كان … الحديث.
ورواه ابن الجارود أيضًا (١٠٥٦).
فهذا صريح أن الذي أبق له الغلام: هو والد الهياج، وليس عمران بن حصين، كما هو واضح لا يحتاج إلى بيان، فلعل ذلك سبق قلم من المنذري! والله أعلم.
*
انتهى بحمد الله وفضله المجلد السابع من «صحيح سنن أبي داود»، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثامن، وأوله:

١٢١ – باب في قتل النساء
و«سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك».

٧ ‏/ ٤٢١
صَحِيحُ سُنَن أَبِي دَاوُدَ
الإِمَام الحافظ سُلَيْمَان بنِ الأَشْعَث السِّجِسْتَانِيّ
المتوفى (٢٧٥ هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
تَأْلِيف
الإِمَام المُحَدِّثْ الشَّيخ مُحَمَّد نَاصِر الدِّين الأَلْبَانِيّ
المتوفى (١٤٢٠ هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
وهُو الكِتَابُ (الأم) – كما سَمَّاه مؤلِّفه الشَّيخ رحمه الله وَالَّذي خَرَّج فِيه أحاديثه مُطَوَّلًا، وتكلَّم عَلى أَسَانِيده وَرِجَالُه مُفَصَّلًا، تَعديلًا وتَجْريحًا، وتصحيحًا وتضعيفًا؛ وعَلى النَّحو الذي انتهجه رحمه الله في «السِّلستين» «الصَّحيحة» و«الضَّعيفة»
(٨)
المُجَلَّد الثَّامِن

٢٣٩٤ – ٢٧٣٤
كِتَابُ (الجِهَاد – الجَنائز)
غَرَاس
للْنَّشْرِ وَالتَّوْزيع والدِّعَاية والإعْلَان

٨ ‏/ ١
جميع حقوق الملكية الأدبية والفنيّة محفوظة لـ دار غراس – الكويت وشريكهما ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملًا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على أسطوانات ضوئية إلَّا بموافقة خطيَّة من الناشر.
الطبعة الأولى
١٤٢٣ هـ
٢٠٠٢ م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت – شارع الصحافة – مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: ٤٨١٩٠٣٧ – فاكس: ٤٨٣٨٤٩٥ – هاتف وفاكس: ٤٥٧٨٨٦٨
الجهراء: ص. ب: ٢٨٨٨ – الرمز البريدي: ٠١٠٣٠
website: www.gheras.com
E-Mail: [email protected]
٨ ‏/ ٢
١٢١ – باب في قتل النساء
٢٣٩٤ – عن عبد الله (يعني: ابن عمر):
أنَّ امرأةً وُجِدَتْ في بعض مغازي رسول الله ﷺ مقتولة، فأنكر رسولُ اللهِ ﷺ قَتْلَ النساءِ والصِّبيانِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»، وأحد أسانيد مسلم عين إسناد المؤلف، وبه أخرجه الترمذي، وقال: «حسن صحيح»).
إسناده: حَدَّثَنَا يزيد بن خالد بن مَوْهَبٍ وقتيبة – يعني: ابن سعيد – قالا: ثنا الليث عن نافع عن عبد الله: أن امرأة …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد بن خالد؛ وهو ثقة، وهو مقرون بقتيبة، فالحديث على شرطهما؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٥/ ١٤٤) … بأسمانيد عن الليث؛ منها عن قتيبة.
وعنه: الترمذي أيضًا (١٥٦٩)، وقاله.
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه البخاري (٤/ ٢١)، وابن الجارود (١٠٤٣)، وأبو عوانة (٤/ ٩٤)، وأحمد (٢/ ٩١ و١٢٢/ ١٢٣) وغيرهم من طرق أخرى عن الليث … به.
وله طرق أخرى عن نافع … به، ويأتي ذكري لأحدها في الحديث التالي، وهو مخرج في «الإرواء» (١٢١٠).
٨ ‏/ ٣
٢٣٩٥ – عن ربَاح بن ربيع قال:
كنا مع رسول الله ﷺ في غزوة، فرأى الناس مجتمعين على شيء، فبعث رجلًا فقال:
«انظر عَلامَ اجتمع هؤلاء؟». فجاء فقال: امرأةٍ قَتِيلٍ. فقال:
«ما كانت هذه لِتقَاتِل!». فبعث رجلًا فقال:
«قل لخالد: لا يَقْتُلَنَّ امرأةً ولا عَسِيفًا».
(قلت: إسناد حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حَدَّثَنَا أبو الوليد الطيالسي: ثنا عمر بن المُرَقِّع بن صَيْفِيِّ: حدثني أبي عن جَدِّهِ رباح بن ربيع.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ فإن عمر بن المرقع وأباه صدوقان، كما قال الحافظ في «التقريب».
ويشهد له حديث ابن عمر الذي قبله، لا سيما باللفظ الذي سأذكره.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٨٢) من طريق المؤلف.
والطبراني في «الكبير» (٤٦٢١) من طريقين آخرين عن أبي الوليد الطيالسي … به.
وأخرجه هو، وابن ماجة (٢٨٤٢)، وعبد الرزاق (١٥٢٤٢)، وابن حبان (١٦٥٦) وغيرهم من طرق أخرى عن المرقع … به. وهو مخرج في «الإرواء» (٥/ ٣٥).
ثم أخرجه ابن حبان (١٦٥٥) من طريق أبي الزناد عن المُرَقِّع بن صَيْفِيٍّ عن حنظلة الكاتب قال:
٨ ‏/ ٤
كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة … الحديث مثله.
فجعله من (مسند حنظلة الكاتب)، وإسناده إلى المرقع صحيح. وقد قال ابن حبان عقبه – كما في «الإحسان» (٤٧٧١) -:
«سمع هذا الخبر المُرَقِّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ عن حنظلة الكاتب، وسمعه من جده رباح».
ويشهد له حديث ابن عمر قال:
مَرَّ رسول الله ﷺ بامرأة – يومَ فتح مكة – مقتولةٍ، فقال:
«ما كانت هذه تقاتل!». ثم نهى عن قتل النساء والصبيان.
أخرجه – بهذا اللفظ – أحمد (٢/ ١١٥) من طريق شَرِيك عن محمد بن زيد عن نافع عن ابن عمر.
وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، وقد تقدم آنفًا من طريق الليث عن نافع … نحوه.

٢٣٩٦ – عن عائشة قالت:
لَمْ يَقْتُلْ من نسائهم – يعني: بني قُرَيْظَةَ – إلَّا امرأةً؛ إنها لَعِنْدِي تُحَدِّثُ، تَضْحَكُ ظهرًا وبطنًا، ورسول الله ﷺ يقتل رجالهم بالسوق (١)؛ إذْ هتف هاتِفٌ باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا. قلت: وما شأنك؟ قالت: حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ. قالت: فانْطُلِقَ بها فَضُرِبَتْ عُنُقُها. فما أَنْسَى عَجَبًا منها؛ أنَّها تضحك ظهرًا وبطنًا، وقد علمت أنَّها تُقْتَلُ!


(١) الأصل (بالسيوف)! والتصحيح من «المختصر» وغيره.
٨ ‏/ ٥
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم!).
إسناده: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِيُّ: ثنا محمد بن سَلَمَةَ عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، إلَّا أنه لَمْ يخرج لابن إسحاق إلَّا متابعة، ولم يتنبه لهذا الحاكم؛ فصححه على شرطه كما يأتي!
والحديث في «سيرة ابن هشام» (٣/ ٢٦١ – محيي الدين) … بهذا السند.
وبه: أخرجه أحمد (٦/ ٢٧٧)، والحاكم (٣/ ٣٥)، وعنه البيهقي (٩/ ٨٢)، ثم قال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»!
وبيض له الذهبي!

٢٣٩٧ – عن الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ:
أنه سأل النَّبِيَّ ﷺ عن الدار من المشركين يُبَيَّتون، فيصاب من ذراريهم ونسائِهم؛ فقال النَّبِيّ ﷺ:
«هم منهم».
وكان عمرو – يعني: ابن دينار – يقول: هم من آبائهم.
قال الزهري: ثم نهى رسول الله ﷺ بعدَ ذلك عن قتل النساء والوِلْدَانِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة وابن حبان في «صحاحهم»؛ دون قول الزهري: ثم نهى …، وقد وصله ابن حبان وغيره في هذا الحديث عنه).

٨ ‏/ ٦
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله – يعني: ابن عبد الله – عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلَّا أحمد بن عمرو، فقد تفرد عنه مسلم» وقد خرَّجاه من طرق أخرى عن سفيان … به؛ دون قول الزهري كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٣٧ – ٣٨)، والحميدي (٧٨١) قالا: ثنا سفيان … به؛ وليس عند الحميدي قول الزهري المشار إليه.
وكذلك رواه عبد الله بن أحمد (٤/ ٧٣) عن الحميدي.
ثم أخرجه هو (٤/ ٧١ و٧٢)، والبخاري (٣٠١٢ و٣٥١٤ – فتح)، ومسلم (٥/ ١٤٤)، وابن الجارود (١٠٤٤)، وأبو عوانة (٤/ ٩٦)، والترمذي (١٥٧٥)، وابن ماجة (٢٨٣٩)، وابن حبان (١٣٦ – الإحسان)، والبيهقي (٩/ ٧٨) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وتابعه معمر عن الزهري … به مثل رواية الترمذي: أخرجه عبد الرزاق (٩٣٨٥)، وعنه مسلم وأحمد (٤/ ٣٨)، وابنه (٤/ ٧٢)، وأبو عوانة.
ثم أخرجه هذا، وعبد الله وابن حبان (١٦٥٩) من طرق أخرى عن الزهري … به؛ وزاد ابن حبان وعبد الله – في رواية علقها أبو عوانة -:
ثم نهى عن قتلهم يومَ حُنَيْنٍ.
وإسناده صحيح.
لكن أعلها الحافظ في «الفتح» (٦/ ١٤٧) بالإدراج، بدليل رواية المؤلف عن الزهري … مرسلًا بل معضلًا، ولكنه قال:
٨ ‏/ ٧
«ويؤكد كون النهي في غزوة حنين حديث رباحِ بن الربيع [يعني المتقدم برقم ٢٣٩٥]:»وَالْحَقْ خالدًا؛ فقل له: لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً ولا عَسِيفًا«. وخالد أولُ مشاهده مع النَّبِيّ ﷺ غزوة الفتح، وفي ذلك العام كانت غزوة حنين».

١٢٢ – باب في كراهية حَرْقِ العَدُوِّ بالنار
٢٣٩٨ – عن محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه:
أن رسول الله ﷺ أمَّره على سَرِيَّةٍ، قال: فخرجت فيها، وقال:
«إن وجدتم فلانًا؛ فأحرقوه بالنار». فولَّيتُ، فناداني، فرجعت إليه، فقال:
«إن وجدتم فلانًا؛ فاقتلوه، ولا تحرقوه؛ فإنه لا يُعَذِّبُ بالنارِ إلَّا رَبُّ النارِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ، ومن قبله البخاري).
إسناده: حَدَّثَنَا سعيد بن منصور: ثنا مغيرة بن عبد الرَّحمن الحِزَامِيّ عن أبي الزناد: حدثني محمد بن حمزة الأسلمي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم، وقال الحافظ في «الفتح» (٦/ ١٤٩):
«إسناده صحيح». ونقل الترمذي (٥/ ٢٩٩) عن البخاري أنه قال:
«حديث صحيح».
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٧٢) عن المؤلف.

٨ ‏/ ٨
وله عنده طريق أخرى، وهو مخرج في «الصحيحة» (١٥٦٥).

٢٣٩٩ – عن أبي هريرة قال:
بعثنا رسول الله ﷺ في بعث، فقال:
«إن وجدتم فلانًا وفلانًا …» فذكر معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأحد إسنادي المصنّف، وكذ االترمذي، وقال: «حسن صحيح»، وصححه ابن الجارود).
إسناده: حَدَّثَنَا يزيد بن خالد وقتيبة آن الليث بن سعد حدثهم عن بُكَيْرٍ عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين من طريق قتيبة – وهو ابن سعيد -؛ وقد أخرجه البخاري عنه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣٠١٦) … بإسناد المؤلف الثاني، وكذا الترمذي (١٥٧١)، وقال:
«حديث حسن صحيح».
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (٩/ ٧١).
ثم أخرجه هو، وأحمد (٢/ ٣٠٧ و٣٣٨ و٤٥٣) من طرق أخرى عن الليث … به.
ورواه ابن الجارود (١٠٥٧) من طريق شعيب بن الليث عن أبيه.

٨ ‏/ ٩
وتابعه أبو إسحاق الدُّوْسِي – وهو مجهول – عن أبي هريرة … وسمى الرَّجُلين: هَبَّار بن الأسود، ونافع بن عبد القيس.
أخرجه ابن حبان (١٥١٠ – موارد).

٢٤٠٠ – عن عبد الرَّحمن بن عبد الله عن أبيه قال:
كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرَةً معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمَّرَةُ، فجعلت تَفَرَّشُ، فجاء النَّبِيّ ﷺ فقال:
«مَنْ فَجَعَ هذه بولدها؟ ! رُدُّوا ولدها إليها».
ورأى قريةَ نَمْل قد حرقناها، فقال:
«مَنْ حَرَّق هذه؟ !».
قلنا: نحن. قال: «إنه لا ينبغي أن يُعَذِّبَ بالنار إلَّا رَبُّ النار».
(قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حَدَّثَنَا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد – قال غير أبي صالح: عن الحسن بن سعد – عن عبد الرَّحمن بن عبد الله عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، كما كنت بينته في «الصحيحة» (٢٥ و٤٨٧)، فلا داعي للإعادة، وسيعيده المؤلف سندًا ومتنًا في آخر الكتاب [الأدب/ ١٧٦ – باب في قتل الذرّ].

٨ ‏/ ١٠
١٢٣ – باب في الرجل يَكري دابته على النصف أو السهم
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

١٢٤ – باب في الأسير يُوثَقُ
٢٤٠١ – عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«عَجِبَ رَبُّنا عز وجل مِنْ قومٍ يُقَادون إلى الجَنَّةِ في السَّلاسِلِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري).
إسناده: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد – يعني: ابن سلمة -: أخبرنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن البخاري إنما روى لحماد تعليقًا، وقد توج عنده كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٣٠٢ و٤٠٦) من طرق أخرى عن حماد … به.
وتابعه شعبة عن محمد بن زياد … به: أخرجه أحمد (٢/ ٤٥٧)، والبخاري (٣٠١٠ – فتح)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص ٤٧٦).
وتابعه أبو صالح عن أبي هريرة قال:
استضحك النَّبِيّ ﷺ، فقال:
«عَجِبْتُ لأقوام يقادون إلى الجَنَّة في السلاسل وهم كارهون».
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٣٠٧) من طريق الأعمش عنه.

٨ ‏/ ١١
وسنده حسن.
وهو في «المسند» (٢/ ٤٤٨) من طريق كامل أبي العلاء قال: سمعت أبا صالح … بلفظ الكتاب.
وهو أصح، وسنده صحيح على شرط مسلم.
لكن لفظ «الحلية» له شاهدان:
الأول؛ عن أبي أمامة قال: استضحك رسول الله ﷺ … الحديث؛ دون قوله: «وهم كارهون».
أخرجه أحمد (٥/ ٢٥٦) من طريق الأعمش أيضًا عن حسين الخراساني عن أبي غالب عنه.
وسنده حسن أيضًا.
والاحْر: عن أبي الطُّفَيْلِ قال: ضحك رسول الله ﷺ، ثم قال:
«ألا تسألوني مما ضحكتُ؟ !» قالوا: يا رسول الله! مِمَّ ضحكتَ؟ قال:
«رأيت ناسًا يُساقون إلى الجَنَّة في السلاسل». قالوا: يا رسول الله! مَنْ هم؟ قال:
«قوم يَسْبِيهِمُ المهاجرون، فيُدخلونهم في الإسلام».
أخرجه البزار (١٧٣٠)، والطبراني؛ إلَّا أنه قال:
«قوم من العجم يسبيهم …» كما في «مجمع الزوائد» (٥/ ٣٣٣)، وقال:
«وفيه بشر بن سهل، كتب عنه أبو حاتم، ثم ضرب على حديثه، وبقية رجاله وُثِّقوا».
٨ ‏/ ١٢
قلت: منهم كثير أبو محمد، لَمْ يوثقه غير ابن حبان، وقَبِلَهُ الحافظ، وسكت عن حديثه هذا في «الفتح» (٦/ ١٤٥)، لكن لسقط منه مُخَرِّجُهُ، فأوهم أنه في «تفسير آل عمران» من «البخاري»!
وله شاهد ثالث من حديث سهل بن سعد / … نحوه: أخرجه أحمد (٥/ ٣٣٨)، والطبراني (٥٧٣٣ و٥٩٥٥). وقال الهيثمي:
«ورجاله رجال»الصحيح«؛ غير محمد بن يحيى الأسلمي، وهو ثقة»!
قلت: لكن فيهم الفضيل بن سليمان؛ وهو وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد ضُعِّفَ، ولذا قال الحافظ:
«صدوق، له خطأ كثير».
وقد اضطرب في إسناده بما لا مجال لذكره هنا.

٢٤٠٢ – عن أبي هريرة قال:
بَعَثَ رسول الله ﷺ قِبَلَ نَجْدٍ، فجاءت برجُلٍ من بني حَنِيفَةَ – يقال له: ثُمَامةُ بن أُثَالٍ -؛ سيد أهل اليَمَامَة، فربطوه بساريةٍ من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله ﷺ، فقال:
«ماذا عندك يا ثمامة؟ !».
قال: عندي يا محمد! خير؛ إن تَقْتُلْ؛ تَقْتُلْ ذا دَم (وفي رواية: ذا ذِمٍّ)، وإن تنْعِم؛ تُنْعِمْ على شاكر، وإن كنت تريد المال؛ فَسَلْ تُعْطَ منه ما شئت.
فتركه رسول الله ﷺ؛ حتى كان الغَدُ، ثم قال:
«ما عندك يا ثمامة؟ !»؛ فأعاد مثل هذا الكلام.

٨ ‏/ ١٣
فتركه حتى كان بَعْدَ الغَدِ؛ فذكر مثل هذا، فقال رسول الله ﷺ: «أطلقوا ثمامة».
فانطلق إلى نَخلٍ قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله … وساقا الحديث (١).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المؤلف وغيره، وأبو عوانة من طريقه).
إسناده: حَدَّثَنَا عيسى بن حماد المصري وقتيبة – قال قتيبة -: ثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول … وساقا الحديث.
قال عيسى: أخبرنا الليث … وقال: ذا ذِمٍّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو عن عيسى على شرط مسلم.
وقد أخرجه أبو عوانة (٤/ ١٦١) عن المؤلف عن شيخيه.
والبيهقي (٩/ ٨٨) عن شيخه الثاني قتيبة.
وعنه: أخرجه الشيخان وعن غيره، وهو مخرج في «الإرواء» (١٢١٦)، فأغنى عن الإعادة.


(١) كذا الأصل! ويعني: شيخي المؤلف: عيسى بن حماد وقتيبة.
وفي نسخة «عون المعبود» وغيرها: وساق الحديث؛ ويعني: قتيبة. ولعلها أصح!
٨ ‏/ ١٤
١٢٥ – باب في الأسير يُنَالُ منه ويُضْرَبُ ويُقرّر
٢٤٠٣ – عن أنس:
أن رسول الله ﷺ نَدَبَ أصحابَهُ؛ فانطلقوا إلى بَدْرٍ، فإذا هم بِرَوَايَا قريش؛ فيها عَبْدٌ أسودُ لبني الحَجَّاج، فأخذه أصحاب رسول الله ﷺ، فجعلوا يسألونه: أين أبو سفيان؟ فيقول: واللهِ! ما لي بشيء من أمره عِلْمٌ! ولكن هذه قريش قد جاءت؛ فيهم أبو جهل، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأُمَيَّةُ بن خَلَفِ. فإذا قال لهم ذلك! ضربوه، فيقول: دعوني دعوني أُخْبِرْكُمْ! فإذا تَركوه؛ قال: واللهِ! ما لي بأبي سفيان عِلْمٌ! ولكن هذه قريش قد أقبلت؛ فيهم أبو جهل، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأُمَيّةُ بن خَلَفٍ قد أقبلوا؛ والنبي ﷺ يُصَلِّي، وهو يسمع ذلك. فلما انصرف؛ قال:
«والذي نفسي بيده! إنكم لتضربونه إذا صدقكم، وتَدَعُونَهُ إذا كَذَبكم! هذه قريش قد أقبلت لتمنع أبا سفيان».
قال أنس: قال رسول الله ﷺ:
«هذا مصرع فلان غدًا -، ووضع يده على الأرض -، وهذا مصرع فلان غدًا – ووضع يده على الأرض -، وهذا مصرع فلان غدًا – ووضع يده على الأرض -».
فقال: والذي نفسي بيده! ما جاوز أحد منهم عن موضع يد رسول الله ﷺ! فأمر بهم رسول الله ﷺ، فأُخِذَ بأرجلهم فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا في قَلِيبِ بَدْرٍ.
٨ ‏/ ١٥
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٤٧ – ١٤٨) من طريق المؤلف.
ومن طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل … به.
وأخرجه مسلم (٥/ ١٧٠)، وأبو عوانة (٤/ ٢١٤ – ٢١٧)، وأحمد (٣/ ٢١٩ و٢٥٧ – ٢٥٨) من طرق أخرى عن حماد … به – وهو: حماد بن سلمة -.

١٢٦ – باب في الأسير يُكْرَهُ على الإسلام
٢٤٠٤ – عن ابن عباس قال:
كانت المرأة تكون مِقْلاتًا، فتجعلُ على نفسها: إن عاش لها ولد؛ أن تُهَوِّده، فلما أُجْليَتْ بنو النَّضِيرِ؛ كان فيهم مِنْ أَبْنَاءِ الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا! فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾.
قال أبو داود: «(المِقْلَاتُ): التي لا يَعِيشُ لها وَلَدٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه ابن حبان في «صحيحه»، والضياء في «المختارة»).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن عمر المُقَدَّمِيُّ قال: ثنا أشعث بن عبد الله – يعني: السِّجسْتَانِيَّ -. (ح) وثنا ابن بشار قال: حَدَّثَنَا ابن أبي عدي – وهذا لفظه -. (ح) وثنا الَحسن بن عليّ قال: ثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن

٨ ‏/ ١٦
جُبَيْرٍ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الوجهين الأخيرين على شرط الشيخين، رجاله كلهم ثقات؛ وأبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وَحْشِيَّة؛ من أثبت الناس في سعيد.
والحديث أخرجه الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (٥٩/ ٢٠٨/ ٢) من الوجه الأول من طريق يوسف بن يعقوب: نا محمد بن أبي بكر المُقَدَّمِيُّ … به.
وأخرجه ابن جرير في «التفسير» (٣/ ١٠) من الوجه الثاني: حَدَّثَنَا محمد بن بشار … به.
وبه: أخرجه النسائي في «الكبرى – التفسير» – كما في «التحفة» (٤/ ٤٠١) -.
ورواه ابن حبان (١٧٢٥) من الوجه الثالث من طريق أخرى عن الحسن بن علي الحُلْوَاني … به.
وله شاهد من مرسل عامر الشعبي. أخرجه الطبري.

١٢٧ – باب قتل الأسير ولا يُعْرَضُ عليه الإسلام
٢٤٠٥ – عن سعد قال:
لمَّا كان يومُ فتحِ مكَّة؛ أمَّن رسول الله ﷺ الناسَ؛ إلَّا أربعة نَفَرٍ وامرأتين – وَسَمَّاهم -، وابن أبي سرح … فذ كر الحديث؛ قال:
وأما ابن أبي سَرْح؛ فإنه اختبأ عند عثمان بن عفّان، فلما دعا رسول الله ﷺ الناس إلى البيعة، جاء به حتى أوقفه على رسول الله ﷺ، فقال: يا نبي الله! بَايعْ عَبْدَ الله! فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثًا، كُلَّ ذلك

٨ ‏/ ١٧
يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال:
«أَمَا كان فيكم رَجُلٌ رَشِيدٌ، يقوم إلى هذا – حيث رآني كَفَفْتُ يدي عن بيعته – فَيَقْتُلَهُ؟».
فقالوا: ما ندري يا رسول الله! ما في نفسك، إلا أومأت إلينا بعينك؟ ! قال:
«إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين!».
(قلت: حديث صحيح، وهو على شرط مسلم؛ كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي. وقد رواه من طريق المؤلف).
إسناده: حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا أحمد بن المُفَضَّلِ قال: ثنا أَسْبَاط بن نَصْر قال: زعم السَّدِّيُّ عن مصعب بن سعد عن سعد …
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في أسباط بن نصر، حتى قال ابن حجر:
«كثير الخطأ».
ونحوه أحمد بن المفضل، قال الحافظ:
«صدوق، في حفظه شيء»؛ لكن هذا قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (٣/ ٤٥) من طريق المؤلف، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وفيه من الضعف ما ذكرته آنفًا.
لكن له شاهد يتقوى به، كما بينته في «الصحيحة» (١٧٢٣)، وخرجته هناك
٨ ‏/ ١٨
مع حديث الباب، فأغنى عن الإعادة. وسيأتي في «الحدود» بإسناده ومتنه، مختصرًا.
ثم وجدت لأوله متابعًا، إلا وهو عمرو بن طلحة القناد: ثنا أسباط بن نصر … به مختصرًا؛ بلفظ:
لما كان يوم فتح مكة؛ أَمَّنَ رسول الله ﷺ الناس؛ إلَّا أربعة وامرأتين، وقال: «اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خَطَلٍ، ومِقْيَسُ بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سَرْحٍ».
أخرجه البيهقي (٩/ ٢١٢).

٢٤٠٦ – عن أنس بن مالك:
أن رسول ﷺ دَخَلَ مكةَ عامَ الفتح وعلى رأسه المِغْفَرُ، فلما نزعه؛ جاءه رجل فقال: ابْنُ خَطلٍ مُتَعَلِّقٌ بأستار الكعبة! فقال: «اقتلوه».
قال أبو داود: «ابن خَطَلٍ: اسمه عبد الله، وكان أبو برزة قتله» (١).


(١) كذا قال المؤلف، ولم أره مسندًا، وإنما ذكره ابن إسحاق في «السيرة» (٤/ ٣٠) بغير إسناد، فقال:
«وأما عبد الله بن خطل؛ فقتله سعيد بن حُرَيْثٍ المخزومي وأبو برزة الأسلمي؛ اشتركا في دمه».
لكن في حديث سعد الذي قبله – واختصره المؤلف – ما نصه: «فأما عبد الله بن خطل؛ فَأُدْركَ وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حُرَيْثٍ وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارًا – وكان أشب الرجلين – فقتله …» الحديث. رواه النسائيّ والطحاوي والبزار (١٨٢١).
٨ ‏/ ١٩
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وهو عند مسلم من طريق شيخ المؤلف في رواية. وصححه هو وأبو عوانة).
إسناده: حَدَّثَنَا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ٢٦٩ – ٢٧٠) … بهذا الإسناد والمتن.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (١٨٤٦ و٣٠٤٤ و٤٢٨٦ و٥٨٠٨ – فتح)، ومسلم (٤/ ١١١)، وأبو عوانة (٢/ ٢٨١)، والترمذي (١٦٩٣) – وقال: «حسن صحيح غريب» -، والنسائي في «الحجِّ»، والدارمي (٢/ ٧٣ و٢٢١)، وابن ماجة (٢٨٠٥)، والطحاوي في «شرح المعاني» (٣/ ٣٢٩)، والبيهقي (٢/ ٢١٩)، وأحمد (٣/ ١٠٩ و١٦٤ و١٨٥ و١٨٦ و٢٢٤ و٢٣١ و٢٣٢ و٢٤٠) كلهم عن مالك … به.
وقد ادعى بعضهم أن مالكًا تفرد به عن الزهري!
وتعقب بأن له متابعين، كما بينه الحافظ ابن حجر (٤/ ٥٩ – ٦٠). ولو سلم بالتفرد؛ لَمْ يضرَّ لأنه تَفَرُّدُ ثِقَةٍ بل إمام، ومن حفظ حجة على من لَمْ يحفظ.
وما أحسن قول الإمام الشافعي رحمه الله:
«الشاذ: أن يروي الثقة حديثًا يخالف ما روى الناس، وليس من ذلك أن يرو ما لَمْ يرو غيره».
وهذا هو الصواب في تعريف الحديث الشاذ، كما أفاده الحافظ ابن كثير في «اختصار علوم الحديث»؛ فراجعه إن شئت.
٨ ‏/ ٢٠
١٢٨ – باب في قتل الأسير صبرًا
٢٤٠٧ – عن إبراهيم قال:
أراد الضَّحَّاك بن قيس أن يستعمل مسروقًا، فقال له عُمَارة بن عقبة: أتستعمل رجلًا من بقايا قَتَلَةِ عثمان؟ ! فقال له مسروق: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسعود – وكان في أنفسنا موثوق الحديث -:
أن النَّبِيّ ﷺ لما أراد قتل أبيك؛ قال: مَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ قال:
«النار»! فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا علي بن الحسين الرَّقِّيُّ قال: ثنا عبد الله بن جعفر الرَّقِّيُّ قال: أخبرني عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أُنَيْسَةَ عن عمرو بن مُرَّةَ عن إبراهيم.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير علي بن الحسين الرقي شيخ المؤلف، ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال:
«مات في شهر رمضان سنة خمس ومائتين». وقال في «التقريب»:
«صدوق».
قلت: وقد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٦٥) من طريق هلال بن العلاء الرَّقِّيُّ: ثنا عبد الله بن جعفر … به.
وذكر له شاهدًا من حديث سهل بن أبي حَثْمَةَ، لكن فيه الواقدي؛ وهو متروك.
٨ ‏/ ٢١
وله شاهد ثان من رواية ابن إسحاق عن أبي عُبَيْدَةَ بن محمد بن عمار بن ياسر … مرسلًا: أخرجه ابن هشام في «السيرة» (٢/ ٢٨٧).
وشاهد ثالث من حديث ابن عباس: عند الطبراني (١٢١٥٤) من طريق عبد الرزاق، وهذا في «المصنّف» (٩٣٩٤)، وقد تكلمت على إسناده في «الإرواء» (٥/ ٤٤).

١٢٩ – باب في قتل الأسير بالنبل
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

١٣٠ – باب في المَنِّ على الأسير بغير فِدَاءٍ
٢٤٠٨ – عن أنس:
أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هَبَطُوا على النَّبِيِّ ﷺ وأصحابه من جبال التنعيم – عند صلاة الفجر – ليقتلوهم، فأخذهم رسول الله ﷺ سَلْمًا، فأعتقهم رسول الله ﷺ، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ….﴾ إلى آخر الآية.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما». وصححه الترمذي. وهو عند أبي عوانة من طريق المؤلف في رواية له).
إسناده: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ٢٣٣) من طريق المؤلف … بإسناده ومتنه.

٨ ‏/ ٢٢
ثم أخرجه هو، ومسلم (٥/ ١٩٢)، والترمذي (٣٢٦٠) – وقال: «حديث حسن صحيح» -، والنسائي في «السير»، و«التفسير» من «الكبرى» – كما في «التحفة» (١/ ١١٦) -، وابن جرير الطبري في «التفسير» (٢٦/ ٥٩)، والبيهقي (٩/ ٦٧)، وأحمد (١٢٤/ ٣ و٢٩٠) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به.
ولثابت فيه إسناد آخر؛ يرويه الحسين بن واقد عنه عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال … فذكره نحوه؛ إلَّا أنه قال:
ثلاثون شابًا.
أخرجه ابن جرير والحاكم (٢/ ٤٦١)، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
وإنما هو على شرط مسلم؛ لأنَّ الحسين هذا إنما أخرج له البخاري تعليقًا، وهو ثقة له أوهام.

٢٤٠٩ – عن جُبَيْر بن مُطْعِمٍ: أن النَّبِيّ ﷺ قال لأسَارَى بَدْرٍ:
«لو كان مُطْعِمُ بن عَدِيٍّ حيًّا، ثم كَلَّمَني في هؤلاء النَّتْنَى؛ لأطلقتهم له».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى بن فارس قال: ثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا مَعْمَرٌ عن الزهري عن محمد بن جُبَيْر بن مُطْعِمٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس – وهو الذُّهِلِيُّ -، فمن شيوخ البخاري وحده؛ وقد أخرجه من غير طريقه كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٩٤٠٠) … بإسناده ومتنه.

٨ ‏/ ٢٣
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٣١٣٩ و٢٠٢٤)، والبيهقي (٩/ ٦٧)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١٥٠٤) كلهم عن عبد الرزاق … به.
وتابعه سفيان بن عيينة: ثنا الزهري … به: أخرجه أحمد (٤/ ٨٠)، والحميدي (٥٥٨)، والطبرا في (١٥٠٥).
وسفيان بن حسين عن الزهري … به: أخرجه الطبراني (١٥٠٦ و١٥٠٧).
(تنبيه): عزاه المنذري في «مختصره» (٣/ ٢٤) لمسلم أيضًا! وهو من أوهامه.

١٣١ – باب في فِدَاءِ الأسير بالمال
٢٤١٠ – عن عمر بن الخطاب قال:
لمَّا كان يومُ بدرٍ، فأخذ – يعني: النَّبِيّ ﷺ – الفداءَ؛ أنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ﴾: من الفداء، ثم أَحَلَّ لهم الغنائم.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة مطولًا، والترمذي بعضه؛ وصححه).
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا أبو نوح قال: أخبرنا عكرمة بن عمار قال: ثنا سِمَاك الحَنَفِيُّ [قال: حدثني ابن عباس] قال: حدثني عمر بن الخطاب قال …
قال أبو داود: «اسم أبي نوح: قُراد. والصحيح: عبد الرَّحمن بن غزوان».
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم” غير أبي نوح؛ فهو من رجال البخاري، وقد توبع.

٨ ‏/ ٢٤
وفي عكرمة بن عمار كلام لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن؛ لا سيما ولم ينفرد به كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٠ و٧٢) … بإسناده مطولًا.
وأخرجه أبو عوانة (٤/ ١٥٧): حَدَّثَنَا عباس الدُّورِيُّ: قال: ثنا قرَادٌ أبو نوح … به.
ثم أخرجه هو، ومسلم (٥/ ١٥٦ – ١٥٨)، والطبري (١٠/ ٣١)، والبيهقي (١/ ٣٢٦ و٩/ ٦٧ – ٦٨) من طرق أخرى عن عكرمة بن عمار … به؛ إلَّا أن الطبري لَمْ يذكر فيه: (عمر بن الخطاب).
وروى بعضَهُ الترمذيُّ (٣٠٨١)؛ وليس فيه القدر الذي عند المؤلف، وقال:
«حسن صحيح غريب».
وأقول: له شاهد من حديث ابن مسعود: أخرجه الطبري وأحمد (١/ ٣٨٣)، والبيهقي والحاكم (٣/ ٢١)، وصححه هو والذهبي! !
وصححاه أيضًا (٢/ ٣٢٩) من حديث ابن عمر.
وثالث عن أنس والحسن: عند أحمد (٣/ ٢٤٣).
٢٤١١/ ١ – عن ابن عباس:
أن النَّبِيَّ ﷺ جَعَلَ فِدَاءَ أهل الجاهلية يومَ بدرٍ أَرْبَعَ مِئَةٍ.
(قلت: صحيح دون الأربعمائة، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حَدَّثَنَا عبد الرَّحمن بن المبارك العَيْشِيُّ قال: ثنا سفيان بن حبيب قال: ثنا شعبة عن أبي العَنْبَسِ عن أبي الشَّعْثَاءِ عن ابن عباس.
٨ ‏/ ٢٥
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي العَنْبَسِ لَمْ يوثقه أحد، وقد خولف في عدد الفدية بسند خير من هذا.
والقصة في أصلها مشهورة، لها شواهد كثيرة، خرجت الكثير منها في «إرواء الغليل» (١٢١٨)؛ فلا نعيد الكَرَّةَ.
والحديث أخرجه البيهقي في «السن» (٦/ ٣٢١) من طريق أخرى عن عبد الرَّحمن بن المبارك … به.
وأخرجه هو (٩/ ٦٨)، والحاكم (٢/ ١٤٠) من طريق أبي بَحْرِ البَكْرَاوِيِّ: ثنا شُعْبَةُ … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
٢٤١١/ ٢ – عن عائشة قالت:
لما بعث أهل مكة في فِداء أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زينَبُ في فداء أبي العاصِ بمالٍ، وبعثتْ فيه بقلادةٍ لها، كانت عند خديجة، أدخَلَتْها بها على أبي العاص. قالت: فلما رآها رسول الله ﷺ؛ رَقَّ لها رِقَّةً شديدة، وقال:
«إن رأيتم أن تطلقوا لها أَسِيرَها، وتَرُدُّوا الذي لها؟».
فقالوا: نعم، وكان رسول الله ﷺ أخذ عليه – أو وعده – أن يخلِّيَ سبيل زينب إليه. وبعث رسول الله ﷺ زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار، فقال:
«كونوا ببطن (يَأْجِجَ)؛ حتى تَمُرَّ بكما زينبُ، فتصحباها حتى تأتيا بها».
٨ ‏/ ٢٦
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي).
إسناده: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عَبَّاد عن أبيه عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ غير يحيى بن عباد ومحمد بن إسحاق، وهما ثقتان؛ على كلام في ابن إسحاق، لا سيما إذا عنعن، ولكنه قد صرح بالتحديث كما يأتي؛ فالإسناد حسن.
والحديث في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٢٩٧) عن ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد … به.
وكذلك رواه عنه جمع، خرجتهم في «الإرواء» (١٢١٦)، وذكرت هناك أن الحاكم والذهبي سكتا عنه، وهو كذلك؛ ولكني وجدتهما في مكان آخر (٣/ ٢٣) قد صححاه! فاقتضى التنبيه.

٢٤١٢ – عن مروان والمِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ:
أن رسول الله ﷺ قال (١) حين جاءه وَفْدُ هَوَازِنَ مسلمين؛ فسألوه أن يرد إليهم أموالهم، فقال لهم رسول الله ﷺ:
«مَعِي مَنْ تَرَون، وأحبُّ الحديث إليَّ أَصْدَقُهُ، فاختاروا: إما السَّبْيَ، وإما المالَ».
فقالوا: نختار سَبْيَنا.


(١) كذا الأصل! وهو رواية للبخاري، وفي أخرى له: (قام)، وهي رواية الأكثر؛ ولعلَّها الصواب.
٨ ‏/ ٢٧
فقام رسول الله ﷺ، فأثنى على الله، ثم قال:
«أما بَعْدُ؛ فإن إخوانكم هؤلاء جاؤوا تائبين، وإني قد رأيت أن أردَّ إليهم سَبْيَهُمْ، فمن أحب منكم أن يُطَيِّبَ ذلك، فليفعَل. ومن أحب منكم أن يكون على حَظِّهِ حتى نُعطيَهُ إياه من أول ما يُفِيُء اللهُ علينا؛ فليفعل».
فقال الناس: قد طيَّبنا ذلك لهم يا رسول الله! فقال رسول الله ﷺ: «إنا لا ندري مَنْ أَذِنَ منكم مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ! فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم».
فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم، فأخبروهم أنهم قد طَيَّبُوا وأَذِنُوا.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري).
إسناده: ثنا أحمد بن أبي مريم: ثنا عَمِّي – يعني: سعيد بن الحكم – قال: أخبرنا الليث بن سعد عن عُقَيْلِ عن ابن شهاب [قال]: وذكر عروة بن الزبير: أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه: أنَّ رسول الله ﷺ …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن أبي مريم – وهو أحمد بن سعد بن الحكم -، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
وسعيد: هو ابن أبي مريم.
والحديث أخرجه البخاري (٢٥٣٩ و٢٥٤٠): حَدَّثَنَا ابن أبي مريم … به.
ثم أخرجه هو وغيره من طرق أخرى عن الليث … به. وهو مخرج في «الإرواء» (١٢١١). وأزيد هنا فأقول:
وقد تابعه موسى بن عقبه عن الزهري … به مختصرًا: أخرجه البخاري (٧١٧٦ و٧١٧٧)، والبيهقي (٦/ ٣٦٠).
٨ ‏/ ٢٨
٢٤١٣ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده … في هذه القصة، قال: فقال رسول الله ﷺ «:
»رُدُّوا عليهم نِساءَهم وأبناءهم، فمن مَسَكَ بشيء من هذا الفيء؛ فإن له به علينا ستَّ فرائض من أول شيء يُفِيئُهُ الله علينا«.
ثم دنا – يعني: النَّبِيّ ﷺ – من بعير، فأخذ وَبَرَةً من سَنامِه، ثم قال:
»يا أيها الناسُ! إنه ليس لي من هذا الفَيْءِ شيء ولا هذا – ورفع إصبعيه – إلَّا الخُمُسَ، والخُمُسُ مردودٌ عليكم؛ فأدُّوا الخِيَاطَ والمخيِطَ«.
فقام رجل في يده كُبَّةٌ من شَعَرٍ، فقال: أخذت هذه لأُصْلِحَ بها بَرْذَعَةً لي؟ ! فقال رسول لله ﷺ»:
«أمَّا ما كان لي ولبني عبد المطلب؛ فهو لك».
فقال: أَمَا إذْ بَلَغَتْ ما أرى، فلا أرَبَ لي فيها! ونبذها.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن الجارود).
إسناده: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه قد صرح بالتحديث في «السيرة» (٤/ ١٣٤ – ١٣٩) وغيره، وهو مخرج في «الإرواء» (٥/ ٣٦ – ٣٧).
وقد رواه ابن الجارود (١٠٨٠)؛ دون قضية الأمر برد النساء.
والبيهقي (٩/ ٧٥) … بتمامه.
٨ ‏/ ٢٩
١٣٢ – باب في الإمام يُقِيمُ عند الظهور على العَدُوِّ بعَرْصتهم
٢٤١٤ – عن أبي طلحة قال:
كان رسول الله ﷺ إذا غلب على قوم؛ أقام بالعَرْصَةِ ثلاثًا (قال ابن المثنى: إذا غلب قومًا؛ أَحَبَّ أن يُقِيمَ بعَرْصتهم ثلاثًا).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن المثنى قال: ثنا معاذ بن معاذ. وثنا هارون بن عبد الله قال: ثنا رَوْحٌ قال: ثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الوجه الأول عن سعيد – وهو ابن أبي عروبة – على شرط الشيخين. ومن الوجه الآخر عنه على شرط مسلم؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٢٩) من الوجهين قال: ثنا معاذ بن معاذ. وثنا روح كلاهما قال: ثنا سعيد … به.
وأخرجه البخاري (٣٠٦٥ و٣٩٧٦)، ومسلم (٨/ ١٦٤) عن روح.
والترمذي (١٥٥١)، والدارمي (٢/ ٢٢٢)، والبيهقي (٩/ ٦٢ – ٦٣) عن معاذ بن معاذ … به.
ومسلم أيضًا من طريق عبد الأعلى عن سعيد … به.
وعلقه البخاري عن معاذ وعبد الأعلى. وقال الترمذي:
«حسن صحيح».
٨ ‏/ ٣٠
وتابعه شيبان عن قتادة … به؛ إلَّا أنه لَمْ يذكر أبا طلحة: أخرجه أحمد (٣/ ١٤٥ و٤/ ٢٩).
ورواية سعيد أَوْلى؛ كما قال الحافظ (٧/ ٣٠٢).

١٣٣ – باب في التفريق بين السَّبْيِ
٢٤١٥ – عن علي:
أنه فَرَّقَ بين جايلة وولدها، فنهاه النَّبِيّ ﷺ عن ذلك، وَرَدَّ البَيْعَ.
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: «حسن غريب»، والحاكم: «صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي! ! وقوَّاه البيهقي).
إسناده: حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا إسحاق بن منصور: ثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرَّحمن عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي.
قال أبو داود: «ميمون لَمْ يدرك عليًّا؛ قُتِلَ بـ (الجماجم)، و(الجماجم) سنة ثلاث وثمانين».
قال أبو داود: «والحَرَّةُ سنة ثلاث وستين. وقُتِلَ ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين».
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:
الأولى: الانقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وعلي؛ كما يدلُّ عليه قول المؤلف بأنه لَمْ يدركه. ومثله قول ابن معين:
«لَمْ يسمع من علي».

٨ ‏/ ٣١
والأخرى: ضعف يزيد بن عبد الرَّحمن – وهو أبو خالد الدَّالانِيُّ -، قال الحافظ:
«صدوق يخطئ كثيرًا، وكان يدلس».
لكنه قد توبع، فتبقى العلة الأولى. ولكنها منجبرة بما لها من الشواهد، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٢٦) من طريق المصنّف.
والحاكم (٢/ ١٢٥) من طريق أخرى عن عثمان بن أبي شيبة … به، وقال: «صحيح على شرطهما»! ووافقه الذهبي! !
وأخرجه الدارقطني (٣/ ٦٦) من هذا الوجه وغيره.
وقد تابعه أبو مريم عن الحكم بن عُتَيْبَةَ … به: أخرجه البيهقي (٩/ ١٢٦).
لكن أبو مريم هذا؛ الظاهر أنه المسمى بعبد الغفار بن القاسم الأنصاري؛ وهو متروك الحديث، كما قال النسائي وغيره؛ فلا يفرح بمتابعته!
وتابعه أيضًا الحجاج بن أرطاة، فرواه عن الحكم … به؛ إلَّا أنه خالف في اللفظ فقال: عن علي قال:
وَهَبَ لي رسول الله ﷺ غلامين أخوين، فَبِعْتُ أحدَهما. فقال النَّبِيّ ﷺ: «ما فعل الغلامان؟». قلت: بعت أحدهما. قال: «رُدَّهُ».
أخرجه الطيالسي (١٨٥)، وأحمد (١/ ١٠٢)، والترمذي (١٢٨٤)، وابن ماجة (٢٢٤٩)، والدارقطني والبيهقي. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب»!
٨ ‏/ ٣٢
وفيه نظر؛ لأنَّ الحجاج مدلس، وقد عنعنه.
مع أن هذا اللفظ حديث آخر قد جاء من طريق سعيد – يعني: ابن أبي عروبة – عن الحكم عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن علي: أخرجه: أحمد (١/ ٩٧ و١٢٦)، والدارقطني والحاكم، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»؛ ووافقه الذهبي.
والبيهقي وأعلَّه بما لا يقدح، وقال – عقب حديث الحجاج -:
«كذا رواه! والحجاج لا يحتج به. وحديث أبي خالد الدالاني عن الحكم أَوْلَى أن يكون محفوظًا؛ لكثرة شواهده»!
قلت: ومن تلك الشواهد: ما أخرجه البيهقي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدِّه:
أنَّ أبا أسَيْد الأنصاري قَدِمَ بِسَبْيٍ من البحرين، فَصَفُّوا، فقام رسولُ الله ﷺ فنظر إليهم؛ فإذا امرأةٌ تبكي، فقال:
«ما يُبْكِيكِ؟ !». فقالت: بِيعَ ابني في (عَبْس)! فقال النَّبِيُّ ﷺ:
«لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ به؛ كما بعتَ بالثمن»«. فركِبَ أبو أُسَيْدٍ فجاء به … وقال:
»هذا وإن كان مرسلًا؛ فهو مرسل حسن .. شاهدٌ لما تقدم«.
ومن شواهده: قوله ﷺ»:
«مَنْ فَرَّق بين والدة وولدِها؛ فرَّق الله بينه وبين أحِبَّتِهِ يومَ القيامة».
وهو مخرج في «المشكاة» (٣٣٦١).
٨ ‏/ ٣٣
١٣٤ – باب الرخصة في المُدْرِكِينَ يفَرَّقُ بينهم
٢٤١٦ – عن إياس بن سَلَمَةَ قال: حَدَّثَنِي أبي قال:
خرجنا مع أبي بكر – وأمَّرَه رسول الله ﷺ، فغزونا فَزَارَةَ، فَشَنَنَّا الغارة، ثم نظرتُ إلى عُنُقٍ من الناس؛ فيه الذرية والنساء، فرميتُ بِسَهْم، فوقع بينهم وبين الجبل، فقاموا، فجئت بهم إلى أبي بكر، فيهم امرأة من فَزَارة، وعليها قِشَعٌ من أَدَم؛ معها بنت لها من أَحسَنِ العرب، فنفَّلني أبو بكر ابنتَها، فَقَدِمْتُ المدينة، فلَقِيَنِي رسولُ الله ﷺ، فقال لي:
«يا سلمة! هَبْ لي المرأَةَ». فقلت: والله! لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوبًا! فسكتَ حتى إذا كان من الغَدِ؛ لَقِيَنِي رسول الله ﷺ في السُّوق، فقال:
«يا سلمة! هَبْ لي المرأة؛ لله أبوك!».
فقلت: يا رسول الله! والله! ما كشفت لها ثوبًا، وهي لك!
فبعث بها إلى أهل مكة وفي أيديهم أسرى؛ ففداهم بتلك المرأة.
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة والحاكم في «صحاحهم»).
إسناده: حَدَّثَنَا هارون بن عبد الله قال: ثنا هاشم بن القاسم قال: ثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ على ضعف يسير في عكرمة كما تقدم؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
٨ ‏/ ٣٤
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٥١): ثنا هاشم بن القاسم … به.
ثم أخرجه هو (٤/ ٤٦)، ومسلم (٥/ ١٥٠ – ١٥١)، وأبو عوانة (٤/ ١٢٧ – ١٣٠)، والطبراني (٦٢٣٧ – ٦٢٣٨)، والحاكم (٣/ ٣٦) من طرق عن عكرمة … به.
ووهم الحاكم في استدراكه إياه على مسلم!
وروى بعضَهُ ابن ماجة (٢٨٤٠ و٢٨٤٦).

١٣٥ – باب المال يُصِيبُهُ العدوُّ من المسلمين، ثم يدركه صاحبُهُ في الغنيمة
٢٤١٧ – عن ابن عمر:
أن غلامًا لابن عمر أبَق إلى العدوِّ؛ فظهر عليه المسلمون، فردَّهُ رسول الله ﷺ إلى ابن عمر، ولم يَقْسِمْ.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا صالح بن سُهيل: ثنا يحيى بن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير صالح بن سهيل، وهو ثقة؛ وثقه ابن حبان، وأبو زرعة بروايته عنه؛ فإنه لا يروي إلَّا عن ثقة، وقد روى عنه جمع، ووقع في «التقريب»: (سَهل) مكبرًا! وهو خطأ، كقوله فيه:
«مقبول»؛ فإنه غير مقبول منه بعد توثيق من ذكرنا، على أنَّه قد توبع كما سأذكره.

٨ ‏/ ٣٥
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١١٠) من طريق محمد بن سليمان – لُوَيْن -: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة … به.
وابن سليمان هذا ثقة اتفاقًا.
فهي متابعة قوية لابن سهيل.
ويحيى من رجال الشيخين. فصح الحديث؛ والحمد لله، لكنه قد خولف في متنه.

٢٤١٨ – عنه قال:
ذهب فرس له، فأخذها العَدُوُّ، فظهر عليهم المسلمون، فَرُدَّ عليه في زمن رسول الله ﷺ.
وأَبَقَ عَبْدٌ له، فَلَحِقَ بأرض الروم، فظهر عليهم المسلمون، فَرَدَّهُ عليه خالد بن الوليد بعد النبيِّ ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري معلقًا. وقد قوَّاه البيهقي، وصححه ابن الجارود وابن حبان).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن سليمان الأنباري والحسن بن عليّ – المعنى – قالا: ثنا ابن نمَيْرٍ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجه الأول، وعلى شرط الشيخين من الوجه الآخر عن ابن نمير – واسمه: عبد الله -؛ وقد علقه البخاري كما يأتي.
والحديث قال البخاري (٣٠٦٧): وقال ابن نمير: حَدَّثَنَا عبيد الله … به.

٨ ‏/ ٣٦
ووصله البيهقي (٩/ ١١٠) من طريق المؤلف رحمه الله.
ثم أخرجه هو، وابن حبان (١٦٧٤) من طريق محمد بن عبد الله بن نُمَيْرٍ: ثنا أبي … به.
وقال ابن الجارود (١٠٦٨): حَدَّثَنَا محمد بن عثمان الوَرَّاق قال: ثنا ابن نمير … به.
واعلم أن مدار هذا الحديث والذي قبله على عبيد الله – وهو ابن عمر العُمَرِيُّ المصغَّر الثقة الثبت -، وقد اخَتَلَفَ عليه – في متنه – ابنُ نمير وابنُ أبي زائدة من ناحيتين:
الأولى: أن ابن نمير زاد على ابن أبي زائدة: قصة الفرس.
ولا إشكال في هذا؛ لأنَّ زيادة الثقة مقبولة، لا سيما وقد توبع عليها كما يأتي.
والأخرى: أن ابن نمير ذكر أن قصة العبد وقعت بعد النَّبِيِّ ﷺ، وأن خالدًا رَدَّه على ابن عمر. خلافًا لابن أبي زائدة الذي قال: فَرَدَّهُ رسول الله ﷺ إلى ابن عمر.
وقد وافق ابنَ نمير على ذلك: يحيى القطانُ: عند البخاري (٣٥٦٨)، وأبو معاوية: عند البيهقي.
وقد تابعهما على قصة الفرس فقط: زهير عن موسى بن عقْبَةَ عن نافع … به.
رواه البخاري (٣٠٦٩)، والبيهقي، وقال:
«فيحتمل أن يكون العبد هو الذي رُدَّ عليه في عهد النَّبِيّ ﷺ، والفرسُ بعده؛ ليكون موافقًا لرواية ابن أبي زائدة، ثم رواية موسى بن عقبة. والله أعلم»!
قلت: ولا يخفى أن هذا الاحتمال يستلزم تقوية رواية ابن أبي زائدة وترجيحها
٨ ‏/ ٣٧
على روايه ابن نمير؛ وهذا خلاف القواعد الحديثية! فإن لَمْ يحمل على التعدد؛ فرواية ابن نمير هي الأرجح؛ لما له من المتابعين. والله أعلم.

١٣٦ – باب في عَبِيد المشركين يَلْحَقونَ بالمسلمين فيُسْلِمُون
٢٤١٩ – عن علي بن أبي طالب قال:
خرج عَبْدَانِ إلى رسول الله ﷺ – يعني – يومَ الحُدَيْبِيَّةِ قَبْلَ الصُّلْح، فكتب إليهم مواليهم، فقالوا: يا محمد! والله! ما خرجوا إليك رَغْبَةً في دينك؛ وإنما خرجوا هَرَبًا من الرِّقِّ! فقال ناس: صدقوا يا رسول الله! رُدَّهُمْ إليهم. فَغَضِبَ رسول الله ﷺ وقال:
«ما أراكم تَنْتَهُونَ يا معشر قريش! حتى يبعثَ الله عليكم مَنْ يضربُ رِقابَكم على هذا»، وأبى أن يَرُدَّهم، وقال:
«هُمْ عتقاءُ اللهِ عز وجل».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي والضياء في «المُختارة»).
إسناده: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن يحيى الحَرَّاني: حدثني محمد – يعني: ابن سلمة – عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعيّ بن حراش عن علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، ولكنه قد توبع.
والحديث أخرجه الضياء المقدسي في «المختارة» (رقم ٤٢٢ – بتحقيقي) من طريق المؤلف.

٨ ‏/ ٣٨
وأخرجه الحاكم (٢/ ١٢٥)، وعنه البيهقي (٩/ ٢٢٩) من طريق شيخ المؤلف عبد العزيز بن يحيى الحراني … به. وقال الحاكم:
»صحيح على شرط مسلم«! ووافقه الذهبي! !
وفيه نظر بَيِّن؛ لما عرفت من العنعنة؛ مع أن مسلمًا لَمْ يخرج لابن إسحاق إلَّا متابعة.
وأما الحَرَّاني، فلم يخرج له مطلقًا.
لكن ابن إسحاق قد تابعه شريك … نحوه» دون قوله: «هم عتقاء الله عز وجل».
أخرجه الترمذي (٣٧١٦)، وصححه هو، والحاكم (٢/ ١٣٧ – ١٣٨)، والذهبي. وفي آخره زيادة منكرة.
ورواه أحمد مختصرًا، وهو مخرج في التعليق على «المختارة» (٤٢١ و٤٢٢).
وله شاهد مختصر، يرويه الحجاج عن الحكم عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس قال:
أتى النَّبِيّ ﷺ عبدان من الطائف، فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة.
أخرجه الدارمي (٢/ ٢٣٨)، والبيهقي.
ثم رواه البيهقي من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن المُكَدَّمِ الثقفي قال … فذكره أتم منه؛ وفي آخره: فقال:
«لا؛ أولئك عتقاء الله عز وجل». وقال:
«هذا منقطع».
قلت: وهو في «سيرة ابن هشام» (٤/ ١٣٠): قال ابن إسحاق: وحدثني من
٨ ‏/ ٣٩
لا أتهم عن عبد الله بن مُكدَّم عن رجال من ثقيف قالوا … فذكره.
فهذا متصل فيما يظهر؛ لأنَّ عبد الله هذا روى عن عبد الله بن قارب – كما قال ابن أبي حاتم (٢/ ٢/ ١٨١) -، وابن قارب له صحبة – كما قال ابن حبان في «الثقات» (٣/ ٢٤٠) -، وكان صديقًا لعمر – كما قال ابن أبي حاتم (٢/ ٢/ ١٤١) -. والله أعلم.

١٣٧ – باب في إباحة الطعام في أرض العدو
٢٤٢٠ – عن ابن عمر:
أن جيشًا غَنِمُوا في زمان رسول الله ﷺ طعامًا وعسلًا، فلم يُؤْخَذْ منهم الخُمُسُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن حبان).
إسناده: حَدَّثَنَا إبراهيم بن حمزة الزُّبَيْرِيُّ قال: ثنا أنس بن عِيَاضٍ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير الزبيري، فإنه على شرط البخاري وحده، ولم يتفرد به كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٥٩) من طريق محمد بن عبد الحكيم: ثنا الزبير بن إبراهيم بن حمزة: حدثني أنس بن عياض … إلخ.
كذا وقع فيه: (الزبير بن)! ولعله محرف من: (المصري: ثنا)؛ فإنه ليس في الرواة: (الزبير بن إبراهيم).
وهو: محمد بن عبد الله بن عبد الحكيم المصري الفقيه الثقة.

٨ ‏/ ٤٠
وأخرجه ابن حبان (١٦٧٠) من طريق ابن أبي السَّرِيِّ: حَدَّثَنَا شعيب بن إسحاق: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر … به.
وخالفهما عثمان بن الحكم الجُذَامِيّ فقال: عن عبيد الله بن عمر عن نافع: أن جيشًا غنموا … دون ذكر ابن عمر فيه.
أخرجه البيهقي هكذا مرسلًا.
قلت: والصواب الموصول؛ لأنَّ الجذامي هذا – وإن كان صدوقًا – فله أوهام.
وقد خالفه أنس بن عياض؛ وهو ثقة من رجال الشيخين كما تقدم، مع متابعة شعيب بن إسحاق إياه – وهو ثقة أيضًا من رجالهما -، وإن كان الراوي عنه ابن أبي السري – واسمه: محمد بن المتوكل – فيه ضعف أيضًا؛ فمتابعته تنفع ولا تضر؛ كما لا يخفى.

٢٤٢١ – عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال:
دُلِّيَ جِرابٌ من شحم يوم خيبر، قال: فأتيته فالتزمته، قال: ثم قلت: لا أعطي من هذا أحدًا اليوم شيئًا! قال: فالتفتُّ؛ فإذا رسول الله ﷺ يَتَبَسَّمُ إليَّ!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل والقعنبي قالا: ثنا سليمان عن حُمَيْدٍ – يعني: ابن هلال – عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

٨ ‏/ ٤١
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٢٣٤) من الوجه الثاني عن سليمان فقال: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان – هو ابن المغيرة – … به.
وأخرجه الطيالسي (٩١٧)، وعنه أبو عوانة (٤/ ١١٠)، وكذا البيهقي (٩/ ٥٩) قال: حَدَّثَنَا شعبة وسليمان بن المغيرة القيسي كلاهما عن حميد بن هلال العَدَوِيِّ … به؛ إلَّا أنه قال:
فاستحييت منه.
وكذلك أخرجه مسلم (٥/ ١٦٣)، وأحمد (٥/ ٥٦) من طريق الطيالسي عن شعبة وحده.
ثم أخرجه هو، وأحمد (٥/ ٥٥)، وكذا البخاري (٣١٥٣ و٤٢٢٤ و٥٥٥٨)، والبيهقي من طرق أخرى عن شعبة … به.
ومسلم وأبو عوانة والنسائي في «الضحايا»، وأحمد (٤/ ٨٦) من طرق أخرى عن سليمان بن المغيرة … بلفظ الكتاب.

١٣٨ – باب في النهي عن النُّهْبَى إذا كان في الطعام قِلَّةٌ في أرض العَدُوِّ
٢٤٢٢ – عن أبي لَبِيدٍ قال:
كنا مع عبد الرَّحمن بن سَمُرَةَ بـ (كَابُلَ)، فأصاب الناسُ غنيمةً، فانتهبوها، فقام خطيبًا فقال: سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن النُّهبْىَ.
فَرَدُّوا ما أخذوا، فقسمه بينهم.
(قلت: إسناده صحيح).

٨ ‏/ ٤٢
إسناده: حَدَّثَنَا سليمان بن حرب قال: ثنا جرير [يعني: ابن حازم عن يعلى] ابن حَكِيم عن أبي لَبِيدٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي لَبِيدٍ – بفتح اللام وكسر الباء الموحّدة، واسمه: لُمَازَةُ بن زَبّارِ؛ وهو بضم اللام، كما قال المنذري، وهو ظاهر كلام ابن ماكولا في «الإكمال»؛ وَأما الحافظ ابن حجر فقال في «التقريب»: إنه بكسر اللام! فالله أعلم -؛ وهو ثقة، على نَصبٍ فيه لا يضر في حديثه، كما حققه الحافظ في ترجمته من «التهذيب».
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٦٢ و٦٣) من طرق أخرى عن جرير بن حازم … به.

٢٤٢٣ – عن محمد بن أبي مجالد عن عبد الله بن [أبي] أوفى قال:
قلت: هل كنتم تُخَمِّسون – يعني: الطعامَ – في عهد رسول الله ﷺ؟ فقال:
أصبنا طعامًا يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه، ثم ينصرف.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وهكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو معاوية: ثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي مجالد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١٢٦) من طريق أخرى عن أبي كُرَيْبٍ – وهو

٨ ‏/ ٤٣
محمد بن العلاء – … وقال:
«صحيح على شرط البخاري؛ فقد احتج بمحمد وعبد الله ابني أبي المجالد جميعًا»! ووافقه الذهبي!
كذا قالا! وهو من أوهامهما؛ فإنهم لَمْ يترجموا لمحمد بن أبي المجالد؛ لأنه لا وجود له، وإنما هو: عبد الله بن أبي المجالد؛ سمَّاه بعض الرواة: محمدًا، كما في هذا الإسناد وغيره. والذهبي نفسه قال في ترجمة عبد الله من «الكاشف»:
«.. ثقة، وسمَّاه شعبة محمدًا؛ فوهم».
وقد سمَّاه أيضًا مُحمَّدًا: الشيباني كما ترى، وراجع «التهذيب».
وأخرجه ابن الجارود (١٠٧٢)، والحاكم أيضًا (٢/ ١٣٣)، وعنه البيهقي (٩/ ٦٠)، وأحمد (٤/ ٣٥٤) عن هُشَيْمٍ: أنا الشيباني … به.

٢٤٢٤ – عن رجل من الأنصار قال:
خرجنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فأصاب الناسَ حاجةٌ شديدةٌ وجَهْدٌ، فأصابوا غَنَمًا، فانتهبوها، فإنَّ قُدُورنا لَتَغْلِي؛ إذْ جاء رسولُ الله ﷺ يمشي على قوسه، فأكفأ قُدُورَنا بقوسه، ثم جعل يُرَمِّلُ اللَّحْمَ بالتراب، ثم قال:
«إنَّ النُّهبة ليست بأحلَّ من الميتة – أو: إن الميتة ليست بأحلَّ من النهبة -». الشك من هَنَّاد.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا هَنَّاد بن السَّرِيِّ: ثنا أبو الأحوص عن عاصم – يعني: ابن

٨ ‏/ ٤٤
كُلَيْبٍ – عن أبيه عن رجل من الأنصار.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير كليب والد عاصم، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٦١) من طريق المؤلف.
وله شواهد، أوردت بعضها في «الصحيحة». (١٦٧٣) تحت هذا الحديث.

١٣٩ – باب في حمل الطعام من أرض العدو
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

١٤٠ – باب في بيع الطعام إذا فَضَلَ عن الناس في أرض العَدُوِّ
٢٤٢٥ – عن عبد الرَّحمن بن غَنْم قال:
رابطنا مدينةَ (قِنَّسْرِين) مع شُرَحْبِيلَ بن السِّمْط، فلما فتحها؛ أصاب فيها غنمًا وبقرًا، فَقَسَمَ فينا طائفة منها، وجعل بقيَّتَها في المَغْنَم، فلقيتُ معاذ بن جبل فحدَّثته؟ فقال معاذ:
غزونا مع رسول الله ﷺ خيبر، فأصبنا فيها غنمًا، فَقَسَمَ فينا رسول الله طائفة، وجعل بقيَّتَها في المَغْنَمِ.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن المُصَفَّى: ثنا محمد بن المبارك عن يحيى بن حمزة قال: ثنا أبو عبد العزيز – شيخ من أهل الأُرْدُنِّ – عن عُبَادَةَ بن نُسَيٍّ عن عبد الرَّحمن بن غَنْمٍ.

٨ ‏/ ٤٥
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات معرفون؛ على ضعف يسير في ابن المصفى.
غير أبي عبد العزيز الأردني – وهو يحيى بن عبد العزيز -؛ قال ابن أبي حاتم (٤/ ٢/ ١٧٠) عن أبيه:
«ما بحديثه بأس».
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٦٠) من طريق المؤلف.

١٤١ – باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء
٢٤٢٦ – عن رُوَيْفع بن ثابت الأنصاري: أن النَّبِيّ ﷺ قال:
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يَرْكَبْ دابَّةً من فَيْءِ المسلمين، حتى إذا أَعْجَفَها؛ رَدَّها فيه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يَلبَسْ ثوبًا من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه رَدَّه، فيه».
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا سعيد بن منصور وعثمان بن أبي شيبة – المعنى -.
قال أبو داود: وأنا لحديثه أتقن، قالا: ثنا أبو معاوية عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجِيبَ عن حَنَشٍ الصنعاني عن رُوَيْفعِ بن ثابت الأنصاري.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات معروفون؛ غير أبي مرزوق – واسمه: ربيعة بن سُلَيْمٍ -؛ وهو حسن الحديث، كما حققته في «الإرواء» (٧/ ٢١٣).
وابن إسحاق كذلك، وإنما يخشى منه تدليسه، وقد صرح بالتحديث، مع

٨ ‏/ ٤٦
متابعة غيره له فيما يأتي.
والحديث قد سبق في «النِّكَاح» برقم (١٨٧٥) عن سعيد بن منصور …. أتم مما هنا، وبالرقم الذي قبله عن النفيلي … بقطعة أخرى من رواية سعيد هناك.
ورواه ابن أبي شيبة في «المصنّف» شيخ المؤلف الثاني هنا؛ ولكنه لَمْ يَسُقْ من المتن إلَّا فقرة واحدة منه كما سبق ذكره هناك.
وهو بتمامه في «السيرة» (٣/ ٣٨٢) عن ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب … به.
وكذلك رواه أحمد (٤/ ١٠٨)، والطبراني في «الكبير» (٤٤٨٢ و٤٤٨٥).
وتابعه – عنده (٤٤٨٣) – نافع بن يزيد: حدثني رَبِيعَةُ بن أبي سُلَيْم التُّجِيبيُّ … به.
وسنده صحيح.
و(٤٤٨٤) جعفر بن ربيعة عن أبي مرزوق … به مثله.
وفيه ابن لهيعة.
وله – عنده (٤٤٩٠) – طريق أخرى عن رويفع بن ثابت؛ لكن فيه من لَمْ أعرفه.
هذا وقد تابع يزيدَ بنَ أبي حبيب: يحيى بن أيوب أيضًا … على الفقرتين الواردتين عند المؤلف: رواه ابن حبان (١٦٧٥)؛ والبيهقي (٩/ ٦٢)؛ وزاد فقرة ثالثة:
في النهي عن وَطْءِ الحبلى.
٨ ‏/ ٤٧
وهذه تقدمت في «النِّكَاح»، وبهنت قد وهمت في روايهَ يحيى هذه، وزعمت أنَّها مخالفة لرواية يزيد سندًا، والآن تنبهت لهذا؛ فليصحح ما في «الإرواء» على ضوء ما ذكرت هنا. ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾!

١٤٢ – باب في الرُّخصة في السلاح يُقَاتَلُ به في المعركة
٢٤٢٧ – عن أبي عُبَيْدَةَ عن أبيه (عبد الله بن مسعود) قال:
مَرَرْتُ؛ فإذا أبو جهل صَرِيعٌ، قد ضُرِبَتْ رجْلُهُ، فقلت: يا عَدُوَّ الله! يا أبا جهل! قد أخزى الله الآخِرَ – قال – ولا أهابه عند ذلك. فقال: أعْمَدُ من رجل قتله قومه؟ (١) فضربْتُهُ بسيف غير طائل، فلم يُغْنِ شيئًا، حتى سقط سَيْفُهُ منَ يدِهِ؛ فضربته حتى بَرَدَ.
(قلت: حديث صحيح. وروى بعضَهُ البخاريُّ وأبو عوانة).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم – يعني: ابن يوسف [ابن إسحاق] بن أبي إسحاق السَّبيعي – عن أبيه عن أبي إسحاق: حدثني أبو عبيدة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي عبيدة، وهو ثقة؛ لولا أنه لَمْ يسمع من أبيه. فهو منقطع، وبه أعله المنذري.
وله علة أخرى، وهي اختلاط أبي إسحاق السَّبِيعي.
لكن له شاهد يتقوى به، سأذكره قريبًا إن شاء الله تعالى.


(١) أي: هل زاد على رجل قتله قومه، وهل كان إلَّا هذا! أي: أنه ليس بعارٍ.
وقيل غير ذلك؛ فانظر «النهاية» – إن شئت – و«فتح الباري» (٧/ ٢٩٤).
٨ ‏/ ٤٨
والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (٨٤٧١) من طريق أخرى عن أبي كُرَيْبٍ – وهو محمد بن العلاء -.
ثم أخرجه هو (٨٤٧٠ و٨٤٧٢ و٨٤٧٣)، وأحمد (١/ ٤٠٣ و٤٤٤)، والطيالسي (٣٢٨)، وعنه الطبراني (٨٤٧٥)، والبيهقي (٩/ ٦٢) و«الدلائل» (٢/ ٣٦١) من طرق – يزيد بعضهم على بعض -، منها عن سفيان وشعبة عن السبيعي … به؛ إلَّا أن بعضهم جعل: عمرو بن ميمون .. مكان: أبي عبيدة.
وكذلك رواه أبو عوانة (٤/ ١١٨ – ١١٩)، والطبراني (٨٤٥٤) من طريق زيد ابن أبي أُنَيْسَةَ عن أبي إسحاق عنه عن ابن مسعود.
وزيد ثقة.
فالظاهر أن ذلك من تخاليط أبي إسحاق، والصواب رواية الجماعة: أبي عبيدة … لأنَّ منهم سفيان وشعبة، وقد سمعا من أبي إسحاق قبل الاختلاط. فلا يغتر بقول الهيثمي (٦/ ٧٩):
«رواه الطبراني، ورجاله رجال»الصحيح«؛ غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، وهو ثقة»! ولا بسكوت الحافظ عليه في «الفتح» (٧/ ٢٩٤)!
لكن للحديث أصل من طريق إسماعيل عن قيس عن عبد الله رضي الله عنه:
أنه أتى أبا جهل وبه رَمَقٌ يَوْمَ بدر، فقال أبو جهل: هل أعْمَدُ من رجل قتلتموه؟
رواه البخاري (٣٩٦١)، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٣٦١).
ويشهد له حديث ابن عباس في قصة قتل أبي جهل قال:
٨ ‏/ ٤٩
ثم مَرَّ بأبي جهل – وهو عَقِيرٌ – مُعَوِّذُ ابن عَفْرَاءَ، فضربه حتى أثبته، فتركه وبه رَمَقٌ، فمَرَّ عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله ﷺ أن يُلْتَمَسَ في القتلى … قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمق، فعرفته، فوضعت رَجْلِي على عنقه … الحديث إلى قوله: أأعمد من رجل قتلتموه؟ !
أخرجه ابن إسحاق في «السيرة» (٢/ ٢٧٥ – ٢٧٦)، وعنه أبو نعيم في «الدلائل» (ص ٤١٢)، والبيهقي (٢/ ٣٥٩).
وسنده حسن.

١٤٣ – باب في تعظيم الغُلُولِ
٢٤٢٨ – عن أبي هريرة؛ أنه قال:
خرجنا مع رسول الله ﷺ عامَ خيبر، فلم نَغْنَمْ ذهبًا ولا وَرِقًا؛ إلَّا الثيابَ والمتاعَ والأموالَ. قال: فَوَجَّهَ رسولُ الله ﷺ نحو (وادي القُرَى)، وقد أُهْدِيَ لرسول الله ﷺ عَبْدٌ أسودُ – يقال له: (مِدْعَم) -، حتى إذا كانوا بـ (وادي القُرَى)؛ فبينا (مِدْعَمٌ) يَحُطُّ رَحْلَ رسول الله ﷺ؛ إذ جاءه سَهْمٌ فقتله. فقال الناس: هَنِيئًا له الجنةُ! فقال النَّبِيّ ﷺ:
«كلا والذي نفسي بيده! إن الشَّمْلَةَ التي أخذها يومَ خيبر من المغانم – لَمْ تصبها المقاسم – لَتَشْتَعِلُ عليه نارًا».
فلما سَمِعُوا ذلك؛ جاء رجل بِشِرَاكٍ أو شِرَاكينِ إلى رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:
«شِرَاكٌ من نار – أو قال: شراكان من نار -».

٨ ‏/ ٥٠
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ثور بن زيد الدِّيلِيِّ عن أبي الغَيْثِ مولى مُطِيعٍ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (١/ ٤٩) من طريق أخرى عن القعنبي … به.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٤٢٣٤ و٦٧٠٧)، ومسلم (١/ ٧٥ – ٧٦)، والنسائي «الأيمان»، والبيهقي (٩/ ١٥٥) من طرق أخرى عن مالك … به.
وهو في «الموطأ» (٢/ ١٥ – ١٦)

١٤٤ – باب في الغلُولِ إذا كان يسيرًا؛ يتركهُ الإمام ولا يُحَرِّقُ رَحْلَهُ
٢٤٢٩ – عن عبد الله بن عمرو قال:
كان رسول الله ﷺ إذا أصاب غَنِيمَةً؛ أَمَرَ بلالًا فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم، فيُخَمِّسُهُ ويَقْسِمُهُ، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شَعَرٍ، فقال: يا رسول الله! هذا فيما كنَّا أصبنا من الغنيمة. فقال: «أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا؟».
قال: نعم. قال:
«فما منعك أن تجيء به؟ !». فاعتذر! فقال:

٨ ‏/ ٥١
«كنْ أنت تجيءُ به يومَ القيامة، فَلَنْ أَقْبَلَهُ منك».
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَاري عن عبد الله بن شَوْذَب قال: حدثني عامر – يعني: ابن عبد الواحد – عن ابن بُرَيْدَةَ عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف في عامر بن عبد الواحد، مع كونه من رجال مسلم، قال في «التقريب»:
«صدوق يخطئ، وهو عامر الأحول».
وقد صحح له من يأتي ذكره.
وابن بريدة: اسمه عبد الله.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١٢٧)، وعنه البيهقي (٩/ ١٠٢) من طريق عثمان بن سعيد: ثنا محبوب بن موسى … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه ابن حبان (١٦٧٧) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سَهْمٍ: ثنا أبو إسحاق الفزاري … به.

١٤٥ – باب في عقوبة الغالّ
١٤٦ – باب النهي عن الستر على مَن غَلَّ
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]

٨ ‏/ ٥٢
١٤٧ – باب في السَّلَبِ يُعْطَى القَاتِلَ
٢٤٣٠ – عن أبي قتادة قال:
خرجنا مع رسول الله ﷺ في عام حُنَيْنٍ، فلما التقينا؛ كانت للمسلمين جَوْلَةٌ، قال: فرأيت رجلًا من المشركين قد علا رجلًا من المسلمين، قال: فاستدرت له، حتى أتيته من ورائه؛ فضربته بالسيف على حَبْلِ عاتِقِه، فأقبل إليّ، فضمَّني ضَمَّةً، وجدت منها رِيحَ الموت، ثم أدركه الموت، فأرسلني.
فلَحِقْتُ عُمَرَ بن الخطاب؛ فقلت: ما بال الناس؟ ! قال: أَمْرُ الله! ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله ﷺ، وقال:
«مَنْ قَتَلَ قتيلًا له عليه بَيِّنَةٌ؛ فله سَلَبُهُ».
قال: فقمت ثم قلت: مَنْ يشهدُ لي؟ ثم جلست، ثم قال:
«مَنْ قَتَلَ قتيلًا له عليه بَيِّنَةٌ؛ فله سَلَبُهُ».
قال: فقمت ثم قلت: مَنْ يشهدُ لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت، فقال رسول الله ﷺ:
«ما لك يا أبا قتادة؟ !».
قال: فاقتصَصْتُ عليه القِصَّةَ، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله! وسَلَبُ ذلك القتيلِ عندي؛ فأَرْضِهِ منه، فقال أبو بكر الصديق: لاها الله، إذًا يَعْمِدُ إلى أَسَدٍ من أُسْدِ الله، يقاتلُ عن الله وعن رسوله، فيعطيك سلبه؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
٨ ‏/ ٥٣
«صَدَقَ، فأعطه إياه».
فقال أبو قتادة: فأعطانيه، فبِعْتُ الدرْعَ، فابتعت به مَخْرَفًا في بني سَلِمَةَ، فإنَّهُ لأَوَّلُ مالٍ تَأَثَّلْتُهُ في الإسلام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة وابن الجارود في «صحاحهم». وقال الإمام الشافعي: «حديث ثابت معروف»، وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأبو محمد: اسمه نافع بن عباس – بموحدة ومهملة -، ووقع في كنى «التقريب»: (عياش) – بمثناة تحتية ومعجمة -! وهو تصحيف؛ وهو المدني.
وكذلك عمر هذا مدني؛ وهو غير عمر بن كثير بن أفلح المكي.
والحديث أخرجه الشيخان وأبو عوانة (٤/ ١١١ – ١١٦) وغيرهم من طرق عن مالك … به.
وهو في «الموطأ» (٢/ ١٠ – ١٢)، وعنه الشافعي أيضًا في «السنن» – كما في «بدائع المنن» (١١٣/ ٢ – ١١٥) -.
ومن طريقه: أبو عوانة، وقال:
«قال الشافعي: هذا حديث ثابت معروف عندنا».
٨ ‏/ ٥٤
والحديث مخرج في «الإرواء» (٥/ ٥٢ – ٥٤)؛ فأغنى عن الإعادة، وذكرت له هناك بعض المتابعات والطرق، فمن شاء التوسع؛ رجع إليه.

٢٤٣١ – عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله ﷺ يومئذ – يعني يومَ حنين -: «من قتل كافرًا؛ فله سَلَبُهُ».
فقتل أبو طلحة يومئذٍ عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم.
ولقي أبو طلحة أمَّ سُلَيْم ومعها خنْجَرٌ، فقال: يا أم سليم! ما هذا معك؟ قالت: أردت – واللهِ! – إن دنا مِنًّي بعضُهم؛ أَبْعَجُ به بَطْنَهُ! فأخبر بذلك أبو طلحة رسولَ الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والبيهقي والذهبي. وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» بتمامه، ومسلم بقصة أم سُلَيْمٍ؛ وزاد في رواية أخرى عن أنس في آخره: فجعل رسول الله ﷺ يضحك).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الطيالسي (٢٠٧٩): حدثنا حماد بن سلمة … به وأتم منه؛ فيه قصة أبي قتادة، وقتلِهِ للمشرك المتقدمةُ آنفًا، وزاد في آخره:
فضحك رسول الله ﷺ.
ومن طريقِه: أخرجه أبو عوانة (٤/ ٣٦٨ – ٣١٩)، والبيهقي (٩/ ٣٠٦) دون

٨ ‏/ ٥٥
الزيادة. وقال البيهقي:
«إسناده صحيح على شرط مسلم».
ثم أخرجه هو، وأبو عوانة وأحمد (٣/ ١٩٠ و٢٧٩)، والبزار في «مسنده» (٢/ ١٨٣٥/‏٣٥١) من طرق أخرى عن حماد … به.
وكذا رواه ابن حبان – كما في «الموارد» (١٦٧١ و١٧٠٥)؛ ولكنه لم يَسُقْ قصة أم سُلَيْمٍ.
وكذلك رواه الحاكم (٢/ ١٣٥ و٣/ ٣٥٣) – مفرقًا – وصححه أيضًا على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وأخرج منه مسلم (٥/ ١٩٦) قصة أم سليم.
وقد أخرجها أيضًا هو، وأبو عوانة (٤/ ٣١٧)، وأحمد (٣/ ٢٨٦) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس … به؛ وزاد مسلم الزيادة المذكورة آنفًا.
وهي عند الطيالسي من الطريق الأولى كما تقدم.
وقرن البزار في رواية (١٨٣٦) – مع حماد -: شعبة.
وسنده صحيح.
والقصة رواها أحمد (٣/ ١٠٨ – ١٠٩) من طريق حميد عن أنس.
ومرجعها إلى رواية ثابت، كما هو معروف عند المهرة في هذا الفن.
وقصة أبي طلحة مخرجة في «الإرواء» (١٢٢١) بفوائد أخرى.
٨ ‏/ ٥٦
١٤٨ – باب في الإمام يمنع القاتل السَّلَبَ إن رأى، والفرسُ والسلاحُ من السَّلَبِ
٢٤٣٢ – عن عوف بن مالك الأَشْجَعِيِّ قال:
خَرَجْتُ مع زيد بن حارثة في غزوة مُؤْتَةَ، فرافقني مَدَدِيٌّ من أهل اليمن، ليس معه غير سيفه، فنحر رجلٌ من المسلمين جزورًا، فسأله المَدَدِيُّ طائفةً من جلده، فأعطاه إياه، فاتخذه كهيئة الدَّرَق، ومضينا، فلَقِينا جُموعَ الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقرَ، عليه سَرْجٌ مُذْهَبٌ، وسلاح مُذْهَبٌ، فجعل الرُّومِيُّ يُفْرِي بالمسلمين، فقعد له المَدَدِيُّ خَلْفَ صخرةٍ، فمرَّ به الرومي، فعرقب فرسه فَخَرَّ، وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه.
فلما فتح الله عز وجل للمسلمين؛ بعث إليه خالدُ بن الوليد، فأخذ من السَّلَبِ.
قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد! أَمَا علمت أن رسول الله ﷺ قَضَى بالسَّلَبِ للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. قلت: لَتَرُدَّنَّهُ أو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول الله ﷺ فأبى أن يَرُدَّ عليه.
قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله ﷺ، فقصَصْتُ عليه قصة المَدَدِيِّ وما فعل خالد. فقال رسول الله ﷺ:
«يا خالد! ما حملك على ماصنعت؟».
قال: يا رسول الله! استكثرته! فقال رسول الله ﷺ:
٨ ‏/ ٥٧
«يا خالد! رُدَّ عليه ما أخذت منه».
قال عوف: فقلت: دونك يا خالد! ألم أفِ لك؟ فقال رسول لله ﷺ:
«وما ذلك؟». فأخبرته. قال: فغضب رسول الله ﷺ، فقال:
«يا خالد» لا تَرُدَّ عليه! هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ ! لكم صفوةُ أمرِهِمْ، وعليهِم كَدَرُهُ«.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في»صحيحيهما«).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صفوان بن عمروٍ عن عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن أبيه عن عوف بن مالك.
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا الوليد قال: سألت ثورًا عن هذا الحديث؟ فحدثني عن خالد بن مَعْدَان عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن عوف بن مالك الأشجعي … نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجهين عن جبير بن نفير، وهو من الوجه الأول على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
ومن الوجه الآخر رجاله رجال»الصحيح”.
ومدارهما على الوليد بن مسلم، وكان يدلس تدليس التسوية، ولكنه قد توبم كما سأبينه، فلا ضير منه إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ١٢٧)، والبيهقي (٦/ ٣١٠) من طريق المؤلف … بالوجهين.
٨ ‏/ ٥٨
وهما في «مسند أحمد» (٦/ ٢٧ – ٢٨).
وقد تابعه جمع على الوجه الأول: عند مسلم (٥/ ١٤٩ – ١٥٠)، وأبي عوانة أيضًا، والطحاوي في «شرح المعاني» (٣/ ٢٣١).
وعلى الوجه الآخر عند الآخرين.
وثور: هو ابن يزيد الحمصي.
وتابعه معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير … به: أخرجه مسلم وأبو عوانة.

١٤٩ – باب في السَّلَبِ لا يُخَمَّسُ
٢٤٣٣ – عن عوف بن مالك الأشجعي وخالد بن الوليد:
أن رسول الله ﷺ قَضَى بالسَّلَبِ للقاتل، ولم يُخَمِّسِ السَّلَبَ.
(قلت: إسناده صحيح. ورواه ابن الجارود، وهو عند مسلم وأبي عوانة مطولًا، وهو الذي قبله).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عَيَّاش عن صفوان بن عَمْروٍ عن عبد الرحمن بن خبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن أبيه عن عوف بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير إسماعيل بن عياش، وهو ثقة في روايته عن الشاميين، وهذه منها، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الطحاوي (٣/ ٢٢٦) من طريق المؤلف.
وكذا البيهقي (٦/ ٣١٠).

٨ ‏/ ٥٩
وتابعه أبو المغيرة قال: ثنا صفوان بن عمرو … به: أخرجه ابن الجارود (١٥٧٧)، وأحمد (٦/ ٢٦).
وله عنده رواية أخرى مطولة … مثل رواية الوليد بن مسلم المتقدمة آنفًا، من رواية الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو … به.

١٥٠ – باب من أجاز على جريح مثخنٍ يُنَفَّلُ من سَلَبِه
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

١٥١ – باب فيمن جاء بعد الغنيمة؛ لا سَهْمَ له
٢٤٣٤ – عن عَنْبَسَةَ بن سَعِيدٍ: أنه سمع أبا هريرة يحدث سعيد بن العاص:
أن رسول الله ﷺ بعث أَبَانَ بن سعيدِ بن العاص على سَرِيَّةٍ من المدينة قِبَل نَجْد، فَقَدِمَ أبان بن سعيد وأصحابه على رسول الله ﷺ (خيبر) بعد أنَّ فتحها، وإنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فقال أبان: اقْسِمْ لنا يا رسول الله! قال أبو هريرة: فقلت: لا تَقْسمْ لهم يا رسولَ الله! فقال أبان: أنتَ بها يا وَبْرُ! تَحَدَّرُ علينا من رأس ضال (١)؟ ! فقال النبي ﷺ:


(١) هو السِّدْرُ البَرِّيّ، كما في «الفتح» وغيره.
و(وَبْرٌ): دابة صغيرة – كالسنور – وحشية. قال الخطابي:
«أراد أبان تحقير أبي هريرة، وأنه ليس في قدر من يشير بعطاء ولا منع، وأنه قليل القدرة على القتال».
٨ ‏/ ٦٠
«اجلس يا أبان!»؛ ولم يقسم لهم رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح. وعلقه البخاري، ووصله أبو نعيم في «مستخرجه عليه»).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور قال: ثنا إسماعيل بن عَيّاش عن محمد بن الوليد الزُّبَيْدِيِّ عن الزهري: أن عنبسة بن سعيد أخبره: أنه سمع …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير إسماعيل بن عياش، وهو ثقة في روايته عن الشاميين كما تقدم في الباب الذي قبله، وهذه منها أيضًا.
وكأنه لذلك علقه البخاري في «صحيحه» (٤٢٣٨)، فقال: ويُذْكَرُ عن الزبيدي … إلخ.
وقد وصله أيضًا أبو نعيم في «المستخرج» – كما في «الفتح» (٧/ ٤٩١) – وغيره، وقد توبع إسماعيل كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٣٤) من طريق المؤلف.
والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٢٤٤) من طريق ابن وهب قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش … به. ووقع فيه تصحيف وسقط يصحح ويستدرك من هنا.
وتابعه عبد الله بن سالم عن الزبيدي: في «مستخرج أبي نعيم»؛ وهو الأشعري الحمصي، وهو ثقة أيضًا من رجال البخاري.
٨ ‏/ ٦١
٢٤٣٥ – عن أبي هريرة قال:
قَدِمْتُ المدينة؛ ورسولُ الله ﷺ بخيبرَ حين افتتحها، فسألته أن يُسْهِمَ [لي]، فتكلم بعضُ وَلَدِ سعيد بن العاص، فقال: لا تُسْهِمْ له يا رسول الله! قال: فقلت: هذا قاتل ابن قوقل (١). فقال سعيد بن العاص (٢): يا عَجَبًا لوَبْرٍ تَدَلَّى علينا من قَدوم ضالٍ (٣)؛ يُعيِّرني بقتل امرئ مسلم؛ أكرمه الله على يدي، ولم يُهنِّي على يديه.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري، وقال: فقال ابن سعيد .. وهو الصواب).
قال أبو داود: «هؤلاء كانوا نحو عشرة، فقتل منهم ستة، ورجع مَنْ بقي».
إسناده: حدثنا حامد بن يحيى البَلْخِي قال: ثنا سفيان قال: ثنا الزهري – وسأله إسماعيل بن أمية فحدثناه الزهري – أنه سمع عنبسة بن سعيد القرَشِيُّ يحدث عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير حامد بن يحيى البَلْخِيّ، وهو ثقة حافظ. وقد توبع، وخولف في حرف منه عند البخاري وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه الحميدي في «مسنده» (١١٠٩)، ومن طريقه البخاري


(١) هذا لقب ثعلبة، وهو جد النعمان بن مالك بن ثعلبة الذي استشهد يوم أحد على يد ابن سعيد.
(٢) كذا وقع! والصواب: ابن سعيد .. كما تقدم آنفًا، وهو أبان، كما في الحديث الأول.
(٣) باللام – وفي رواية البخاري: بالنون؛ إلا في رواية فباللام – وهو الصواب كما قال ابن دقيق العيد، وأقره الحافظ، وهو السدر البري.
و(قَدوم)؛ أي: طرف.
٨ ‏/ ٦٢
(٢٨٢٧)، والبيهقي (٦/ ٣٣٣) قال: ثنا سفيان … به؛ إلا أنه قال: فقال ابن سعيد .. وهو الصواب كما قال المنذري (٤/ ٤٧) – تبعًا لأبي بكر الخطيب -.
ثم إن في هذا الحديث: أن أبا هريرة هو الذي سأل النبي ﷺ أن يُسْهِمَ له، وأن ابن سعيد هو الذي قال للنبي ﷺ: لا تسهم له، وهذا عكس ما في الحديث الذي قبله!
فرجح الذهلي الحديث الأول، فقال: «لم يُقِمِ ابن عيينة متنه، والحديث حديث الزبيدي». وتبعه على هذا الحافظ في «الفتح» (٧/ ٤٩٢)، لكنه ذكر أنه يمكن الجمع بينهما، فراجعه.
قلت: ولعله يؤيد ما رجحه الذُّهْلِيُّ: رواية سعيد بن عبد العزيز قال: سمعت الزهري يذكر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه سمعه يحدث سعيد بن العاص … فذكر الحديث نحو رواية الزبيدي؛ إلا أنه زاد في رواية:
فغضب أبان ونال منه، قال: وَحمل عليه برمحه.
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٤٧٩٤ – ٤٧٩٥ – الإحسان).
قلت: ورجاله ثقات كلهم؛ إلا أن سعيدًا هذا كان اختلط، فلعل قوله: وحمل عليه برمحه .. من تخاليطه! والله أعلم.

٢٤٣٦ – عن أبي موسى قال:
قَدِمْنا، فوافقْنا رسولَ الله ﷺ حين افتتح خيبر، فأسهم لنا – أو قال: فأعطانا منها -، وما قَسَمَ لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا؛ إلا لمن شهد معه؛ إلا أصحابَ سفينةِ جعفرٍ وأصحابه؛ فأسهم لهم معهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المؤلف

٨ ‏/ ٦٣
مطولًا، وأبو عوانة عنه مختصرًا كما هنا. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء قال: ثنا أبو أسامة: ثنا بُريد عن أبي بردة عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بإسناد المؤلف كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة من طريق المؤلف (٤/ ٣٢٠ – ٣٢١).
والبخاري (٤٢٣٠)، ومسلم (٧/ ١٧١ – ١٧٢)، وأبو يعلى (٤/ ١٧٥٩)، والبيهقي (٦/ ٣٣٣) كلهم عن محمد بن العلاء أبي كريب … به مطولًا.
وتابعه عبد الله بن بَرَّادٍ الأشعري عن أبي أسامة … به: رواه مسلم مقرونًا بابن العلاء.
وتابع أبا أسامة: حفصُ بن غِيَاثٍ: ثنا بريد بن عبد الله … به مختصرًا.
أخرجه البخاري (٤٢٣٣)، وأبو عوانة (٤/ ٣٢١)، والترمذي (١٥٥٩)، والبيهقي وأحمد (٥/ ٤٠٤ – ٤٠٦)، وأبو يعلى (٤/ ١٧٣٥). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».

٢٤٣٧ – عن ابن عمر قال:
إن رسول الله ﷺ قام – يعني: يومَ بدرٍ -، فقال:
«إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسول الله ﷺ؛ وإني أبايع له»؛ فَضَرَبَ له رسولُ الله ﷺ بسهم، ولم يَضْرِبْ لأحد غابَ عنه.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي).

٨ ‏/ ٦٤
إسناده: حدثنا محبوب بن موسى أبو صالح: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُّ عن كُلَيْبِ بن وائل عن هانئ بن قيس عن حَبِيبِ بن أبي مُلَيْكَةَ عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير حبيب بن أبي مليكة؛ وقد وثقه أبو زرعة وابن حبان.
وأمّا هانئ بن قيس؛ فلم يوثقه غير ابن حبان، لكن قد روى. عنه أيضًا سالم الأفطس وأبو خالد الدالاني، فالحديث يحتمل التحسين، ولكنه صحيح بما سأذكر له من طرق وشواهد.
والحديث أخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (٣/ ٢٤٤) من طريق عبد الواحد بن زياد قال: ثنا كُلَيْبُ بن وائل … به.
وهذه متابعة قوية من عبد الواحد لأبي إسحاق الفزاري، وهما ثقتان.
وقد خالفهما آخرون فقالوا: عن كُلَيْبٍ عن حبيب، أسقطوا من بينهما: هانئ بن قيس؛ فأخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (٣/ ٢٤٤) – من طريق عبد الواحد بن زياد قال: ثنا كليب -، وأخرجه ابن أبي شيبة (١٢/ ٤٦/ ١٢٠٩٠)، وعنه ابن حبان (٦٨٧٠)، والطبراني في «الكبير» (١٢٥) – من طريق زائدة -، والحاكم (٣/ ٩٨) – من طريق المعتمر بن سليمان – ثلاثتهم عن كليب بن وائل … به؛ وصرَّح المعتمر بسماع كليب إياه من حبيب. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا؛ إن كان كليب سمعه منه؛ ففي النفس من ذلك ما فيها. والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى، يرويه عثمان بن عبد الله بن مَوْهَبٍ عن ابن عمر … به نحوه؛ وفيه قصة.
٨ ‏/ ٦٥
أخرجه البخاري (٣٦٩٨)، والطيالسي (١٩٥٨)، وعنه البيهقي (٦/ ٢٩٢)، وأحمد (٢/ ١٠١ و١٢٠) من طريقين عنه.
ومن شواهد الحديث: ما أخرجه أحمد (١/ ٦٨) وغيره من طريق عاصم عن شَقِيقٍ … فذكر قصته، وفيها أن عثمان قال:
وأما قوله: إني تخلفت يوم بدر؛ فإني كنت أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بنت رسول الله ﷺ حين ماتت، وقد ضرب لي رسول الله ﷺ بسهمي، ومن ضرب له رسول الله ﷺ بسهمه؛ فقد شهد.
وإسناده حسن.
ومنها: ما أخرجه الطبراني (١٢٦)، والبيهقي عن عروة … مرسلًا نحوه.
وسنده حسن في الشواهد.
وله شواهد أخرى في «مجمع الزوائد» (٩/ ٨٤).

١٥٢ – باب في المرأة والعبد يُحْذَيَانِ من الغنيمة
٢٤٣٨ – عن يزيد بن هُرْمُزَ قال:
كتبَ نَجْدَةُ إلى ابن عباس يسأله عن كذا، وعن أشياء، وعن المملوك؛ أَلَهُ في الفَيْءِ شيء؟ وعن النساء هل كنَّ يخرجن مع النبي ﷺ؛ وهل لهنَّ نصيب؟ فقال ابن عباس:
لولا أن يأتيَ أُحْمُوقَةً؛ ما كتبت إليه!
أما المملوك؛ فكان يُحْذَى.

٨ ‏/ ٦٦
وأما النساء؛ فكنَّ يُداوِينَ الجرحى. ويسقِينَ الماءَ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»، وابن الجارود، وهو عند أبي عوانة عن المؤلف في رواية. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا محبوب بن موسى أبو صالح: ثنا أبو إسحاق الفزاري عن زائدة عن الأعمش عن الختار بن صَيْفِي عن يزيد بن هُرْمُزَ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير الختار هذا، فلم يوثقه غير ابن حبان، ولا روى عنه غير الأعمش، لكنه قد توبع؛ فالحديث صحيح كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ٣٢٧ – ٣٢٨) من طريق المؤلف وغيره عن الفزاري.
وأخرجه مسلم (٥/ ١٩٩) من طريق أخرى عن زائدة … به.
وتابعه قيس بن سعد عن يزيد بن هرمز … به وأتم منه: أخرجه مسلم أيضًا، وأبو عوانة (٤/ ٣٢٢ – ٣٢٤)، وابن الجارود (١٠٨٦)، والبيهقي (٦/ ٣٣٢)، وأحمد (١/ ٢٤٨ و٢٩٤) من طريق جرير بن حازم … به.
وله متابعات أخرى: عند مسلم وغيره، ويأتي أحدها في الكتاب عقب هذا.
وله طريق أخرى: عند أحمد (١/ ٢٢٤) عن الحجاج عن عطاء عن ابن عباس … به مطولًا.
والحجاج: هو ابن أرطاة، مدلس، وهو مخرج في «إرواء الغليل» (١٢٣٦).
ومن أسئلة نجدة المشار إليها: ما سيأتي برقم (٢٦٤١).
٨ ‏/ ٦٧
٢٤٣٩ – ومن طريق أخرى عن يزيد بن هرمز قال:
كتب نَجْدَةُ الحَرُورِيُّ إلى ابن عباس يسأله عن النساء؛ هل كُنَّ يشهدن الحرب مع رسول الله ﷺ؟ وهل كان يُضْرَبُ لهنَّ بِسَهْمٍ؟ فأنا كتبت كتابَ ابن عباس إلى نجدة:
قد كنَّ يَحْضُرْنَ الحربَ مع رسول الله ﷺ، فأما أن يُضْرَبَ لَهُن بسهم؛ فلا، وقد كان يُرْضَخُ لَهُنَّ.
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة، وهو عنده من طريق المؤلف في رواية).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: ثنا أحمد بن خالد – يعني: الوَهْبِيَّ -: ثنا ابن إسحاق عن أبي جعفر والزهري عن يزيد بن هرمز.
قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، ولكنه قد توبع عليه؛ فالحديث صحيح كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ٣٣١) من طريق المؤلف.
وأخرجه هو، والنسائي في «قَسْمِ الفَيْءِ»، والبيهقي وأحمد (١/ ٣٥٢) من طرق أخرى عن محمد بن إسحاق … به.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة (٤/ ٣٢٦ و٣٢٨)، والترمذي (١٥٥٦)، وابن الجارود (١٠٨٥)، وأحمد (١/ ٣٥٨) من طريق أخرى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
٨ ‏/ ٦٨
ثم أخرجه أبو عوانة من طرق أخرى عن الزهري وحده.

٢٤٤٠ – عن عُمَيْر مولى آبِي اللَّحْمِ قال:
شَهِدْتُ خيبرَ مع سادتي، فكلَّموا فيَّ رسولَ الله ﷺ، فأمر بي، فَقُلِّدتُ سيفًا، فإذا أنا أجُرُّهُ، فأُخْبِرَ أَنِّي مملوك، فَأَمَرَ لي بشيء من خُرْثِيِّ المتاع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال البيهقي. وأخرجه أبو عوانة من طريق المؤلف. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا بشر – يعني: ابن المُفَضَّل – عن محمد بن زيد قال: حدثني عمير مولى آبي اللحم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٥/ ٢٢٣) … بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو عوانة (٤/ ٣٣١) من طريق المؤلف.
وتابعه – عنده – حفص بن غياث عن محمد بن زيد … به.
وقد روى مسلم (٣/ ٩٠) … بهذا الإسناد حديثًا آخر في الزكاة؛ أشار إليه البيهقي وقال:
«وهذا المتن أيضًا صحيح على شرطه».
وفات ذلك الحاكم (٢/ ١٣١) والذهبي؛ فلم يصححاه على شرطه؛ مع أنه أخرجه من طريق أحمد! !

٨ ‏/ ٦٩
وقد أخرجه الطيالسي (١٢١٥): حدثنا ابن المبارك عن عبد الله بن عقبه الحضرمي عن محمد بن زيد بن قُنْفُذٍ … به.
وإسناده صحيح، وعبد الله هذا: هو ابن لهيعة بن عقبة الحضرمي.
وقد أخرجه جمع آخر عن ابن قنفذ، خرجتهم في «الإرواء» (١٢٣٤)، ومنه نقلت تصحيح من ذكرتهم آنفًا.

٢٤٤١ – عن جابر قال:
كنت أَمِيحُ أصحابي الماء يوم بدرٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه البخاري في «التاريخ» (١/ ٢/ ٢٠٧)، وأبو يعلى (٢/ ٦١٣)، والحاكم (٣/ ٥٦٥) من طرق أخرى عن الأعمش … به.
ولذا قال الحافظ في «الإصابة» – ترجمة جابر بعد أن عزاه لـ «التاريخ» -:
«إسناده صحيح إلى أبي سفيان عن جابر …».
قلت: وكأنه يشير إلى ما في أبي سفيان – واسمه: طلحة بن نافع – من الكلام وإلا؛ لَمْ يذكره بين السند الصحيح وجابر كما هو ظاهر!
لكن المتقرر أن الكلام المشار إليه غير مؤثر فيه، ولذلك احتج به مسلم، وأخرج له البخاري متابعة. وقال الحافظ:

٨ ‏/ ٧٠
«صدوق».
وأما الحاكم؛ فلم يصحح الحديث؛ مع أنه على شرطه؛ لأنه نقل عن الواقدي أنه أنكره؛ لأن جابرًا لم يشهد بدرًا!
وهذا قد صح عن جابر نفسه قال:
لم أشهد بدرًا ولا أحدًا؛ منعني أبي … الحديث.
أخرجه مسلم (٥/ ١٩٩ – ٢٠٠).
ولكن أليس الجمع بين حديثيه أولى من ضرب أحدهما بالآخر؛ كما هي القاعدة؟ ! بأن يقال: إنه لم يشهد معركة بدر، ولم يباشر القتال فيها، وإنما كان يساعد على نضح الماء بالنزول إلى البئر ومَلْء الدلو لرفعه إلى الذي ينرع الدلو، وهو الذي يعرف بـ (الماتح)، والأول بـ (المايح)؛ وهو هنا جابر! هذا ما ظهر لي! والله أعلم.

١٥٣ – باب في المشرك يُسْهَم له
٢٤٤٢ – عن عائشة:
أن رجلًا من المشركين لَحِقَ بالنبي ﷺ ليقاتل معه؛ فقال:
«ارجع؛ إنا لا نستعين بمشرك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما» مطولًا، وابن الجارود مختصرًا. وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد ويحيى بن معين قالا: ثنا يحيى عن مالك عن الفضيل عن عبد الله بن نِيَارٍ عن عروة عن عائشة – قال يحيى -: أن رجلًا … إلى قوله:

٨ ‏/ ٧١
«ارجع»، ثم اتفقا فقال: «إنا لا نستعين بمشرك».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٥/ ٢٠٠ – ٢٩١)، وأبو عوانة (٤/ ٣٣٢ – ٣٣٤)، والترمذي (١٨٥٨) – وقال: «حسن غريب» -، والدارمي (٢/ ٢٣٣)، وابن ماجه (٢٨٣٢)، وابن الجارود (١٠٤٨)، وابن حبان (١٦٢١)، وابن سعد (٣/ ٥٣٥)، والبيهقي (٩/ ٣٦ – ٣٧)، وأحمد (٦/ ٦٧ و١٤٨) من طرق أخرى عن مالك … به.
وليس هو في «الموطأ» – رواية يحيى بن يحيى الليثي -.
ويحيى الراوي عن مالك هنا: هو يحيى بن سعيد القطان، الثقة الحافظ.
وللحديث شاهد من رواية خَبَيْبِ بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال:
خرج رسول الله في بعض غزواته، فأتيته أنا ورجل قَبْلَ أن نسْلِمَ، فقلنا: إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدًا فلا نشهده! قال:
«أَسْلَمْتما؟». قلنا: لا، قال:
«فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين». فأسلمنا وشهدنا مع رسول الله ﷺ.
أخرجه ابن سعد (٣/ ٥٣٤ – ٥٣٥)، والطبراني في «الكبير» (٤/ ٤١٩٤ – ٤١٩٦)، والحاكم (٢/ ١٢١ – ١٢٢)، وعنه البيهقي (٩/ ٣٧). وقال الحاكم:
«وخبيب بن عبد الرحمن بن الأسود بن حارثة: جده صحابي معروف»!
كذا قال! وهو مخالف لصنيع سائر مخرجيه؛ فإنهم ذكروه في ترجمة خبيب بن إساف. وقال البيهقي عقبه:
٨ ‏/ ٧٢
«جده خبيب بن يِساف – ويقال: إساف – له صحبة».
وعبد الرحمن بن خبيب بن يساف؛ ذكره ابن حبان في «الثقات». وانظر «تعجيل المنفعة».
وله شاهد آخر من حديث أبي حميد الساعدي: عند الحاكم والبيهقي.

١٥٤ – باب في سُهْمَانِ الخيل
٢٤٤٣ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ أَسْهَمَ لرجلٍ ولفرسِه ثلاثةَ أسْهُمٍ: سهمًا له، وسهمين لفرسه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»، وهو عند أبي عوانة من طريق المؤلف في رواية، وابن الجارود والترمذي – وصححه -).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو معاوية: ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ١٥١ – ١٥٢) من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن الجارود وغيره من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
ولأبي معاوية متابعون ثقات في «الصحيحين» وغيرهما، وقد خرجتهم في «الإرواء» (٥/ ١٢٢٦).

٨ ‏/ ٧٣
٢٤٤٤ – عن أبي عَمْرَةَ عن أبيه قال:
أتينا رسول الله ﷺ أربعةَ (وفي رواية: ثلاثةَ) نَفَرٍ، ومعنا فَرَسٌ، فأعطى كلَّ إنسان منا سهمًا، وأعطى للفرس سهمين، – زاد في رواية: فكان للفارس ثلاثة أسهم -.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن يزيد: حدثني المسعودي: حدثني أبو عمرة.
حدثنا مسدد: ثنا أُمَيَّةُ بن خالد: ثنا المسعودي عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة … بمعناه؛ إلا أنه قال: ثلاثة نفر … زاد: فكان للفارس …
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ المسعودي – واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله – كان اختلط، وقد اضطرب في إسناده، ففي الإسناد الأول صرح بسماعه من أبي عمرة، وفي الأخرى: أدخل بينه وبينه رجلًا لم يُسَمه.
وأبو عمرة نفسه مجهول، لكن حديثه هذا صحيح، يشهد له ما قبله.
وعبد الله بن يزيد: هو المُقْرِئ المصري.
والحديث في «مسند أحمد» (٤/ ١٣٨) … من الوجه الأول.
ورواه البيهقي (٦/ ٣٢٦) من طريق أخرى عن المقرئ … به؛ إلا أنه قال: عن ابن أبي عمرة عن أبيه.
ثم أخرجه من طريق المؤلف … بإسناده الثاني عن مسدد … به.
وله طريق أخرى: عند ابن حبان (٤٧٩١) … بالشطر الثاني منه.
٨ ‏/ ٧٤
وسنده صحيح.

١٥٥ – باب فيمن أسهم له سهمًا
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

١٥٦ – باب في النَّفَلِ
٢٤٤٥ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ يوم بدر:
«مَنْ فعل كذا وكذا، فله من النفل كذا وكذا».
قال: فتقدَّم الفتيانُ، ولَزِمَ المشيخةُ الراياتِ فلم يَبْرَحوها. فلما فتح الله عليهم؛ قال المشيخة: كنا رِدْءًا لكم، لو انهزمتم لَفئْتُمْ إلينا، فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى! فأبى الفتيان وقالوا: جَعَلَهُ رسول الله ﷺ لنا. فأنزل الله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ …﴾ إلى قوله: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾، يقول: فكان ذلك خيرًا لهم، فكذلك أيضًا فأطيعوني؛ فإني أَعْلَمُ بعاقبة هذا منكم، – زاد في رواية: فقسمها رسول الله ﷺ بالسَّواءِ -.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي – دون الزيادة -، والضياء في «المختارة»).
إسناده: حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس.
حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْمٌ: أخبرنا داود بن أبي هند عن عكرمة … ثم

٨ ‏/ ٧٥
ساق نحوه. وحديث خالد أتم.
حدثنا هارون بن محمد بن بَكَّارٍ بن بلال: ثنا يزيد بن خالد بن مَوْهَب الهَمْدَانِيُّ قال: ثنا يحيى بن أبي زائدة قال: أخبرني داود … بهذا الحديث بإسناده؛ قال: فقسمها.
قلت: إسناده صحيح من طرقه الثلاث، مدارها على داود بن أبي هند، وهو ثقة من رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقًا.
وعلى العكس من ذلك عكرمة – وهو مولى ابن عباس؛ احتج به البخاري، وروى له مسلم مقرونًا.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١٣١ – ١٣٢) من طريق أخرى عن وهب بن بقية الواسطي … به، وقال:
«صحيح؛ فقد احتج البخاري بعكرمة، ومسلم بداود بن أبي هند». وخالفه الذهبي فقال:
«قلت: هو على شرط خ»!
فما أصاب؛ لأن ابن أبي هند لم يحتج به البخاري؛ وإنما روى له تعليقًا كما ذكرت آنفًا، وكذلك ذكر الذهبي نفسه في «الكاشف».
ورواه البيهقي (٦/ ٢٩١ – ٢٩٢) من طريق الحاكم.
ثم رواه (٦/ ٣١٥) من طريق المؤلف عن زياد بن أيوب.
ثم رواه (٦/ ٢٩٢) من طريق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة … به.
ثم أخرجه هو (٦/ ٣١٥)، وابن حبان (١٧٤٣)، والحاكم (٢/ ٣٢٦ – ٣٢٧)، والضياء في «المختارة» (٦٤/ ٣٧/ ٢) من طريق المعتمر بن سليمان قال: سمعت داود
٨ ‏/ ٧٦
ابن أبي هند … به؛ دون قوله: يقول: فكان ذلك … وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي هنا.
ومن هذا الوجه: رواه النسائي في «تفسير الكيرى» (٦/ ٣٤٩/ ١١١٩٧)، وابن جرير (٩/ ١١٦).

٢٤٤٦ – عن مصعب بن سعد عن أبيه قال:
جئتُ إلى النبي ﷺ يومَ بدر بسيفٍ، فقلت: يا رسول الله! إن الله قد شَفَى صدري اليومَ من العدوّ، فهب لي هذا السيف! قال:
«هذا السيفُ ليس لي ولا لك».
فذهبتُ وأنا أقول: يُعْطاهُ اليومَ مَنْ لم يُبلِ بلائي! فبينما أنا؛ إذ جاءني الرسول فقال: أجب. فظننت أنه نزَل فيّ شيء بكلامي، فجئت، فقال لي النبي ﷺ:
«إنك سألتني هذا السيفَ، وليس هو لي ولا لك، وإن الله قد جعله لي؛ فهو لك»، ثم قرأ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»، دون قوله: «وإن الله قد جعله لي، فهو لك»؛ وقالا: فنزلت هذه الآية …).
إسناده: حدثني هنَّاد بن السَّرِيِّ عن أبي بَكْرٍ عن عاصم عن مصعب بن سعد.
قلت: وهذا إسناد حسن صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وفي أبي بكر – وهو ابن

٨ ‏/ ٧٧
عياش – كلام يسير لا يضر.
ونحوه عاصم – وهو ابن أبي النَّجُودِ -، وقد توبع كما يأتي، فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه الترمذي (٣٠٨٠) – وقال: «حسن صحيح» – والحاكم (٢/ ١٣٢) – وقال: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي -، والبيهقي (٦/ ٢٩١)، وأحمد (١/ ١٧٨)، والطبري في «التفسير» (٩/ ١١٧) من طرق عن أبي بكر بن عياش … به.
وتابعه أبو الأحوص عن عاصم … به: أخرجه الطبري.
وتابع عاصمًا: سِمَاكُ بن حرب عن مصعب بن سعد … به نحوه، دون قوله المذكور آنفًا: أخرجه مسلم (٥/ ١٤٦ و٧/ ١٢٥ – ١٢٦)، وأبو عوانة (٤/ ١٠٣ – ١٠٤)، وابن حبان (٩/ ٦٧/ ٦٩٥٣)، والبيهقي أيضًا، والطيالسي (٢٠٨)، وأحمد (١/ ١٨٥ – ١٨٦)، والطبري أيضًا، وأبو يعلى (١/ ١٩٩ – ٢٠٠ و٢٠٨ و٢٢٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٢٧٩) من طرق عن سِمَاك … به نحوه؛ وزاد الطيالسي في آخره:
وهي في قراءة عبد الله هكذا: يسألونك عن الأنفال.
وأخشى أن تكون هذه الزيادة مدرجة في الحديث؛ لأنها لم تقع في شيء من الطرق، لا عن عاصم، ولا عن سماك. وهي عنده من روايته عن شعبة؛ وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة وغيرهما عنه بدونها، وقد علقها المؤلف كما يأتي.
ثم إني أرى أن فيها تحريفًا؛ لأنه لا فرق في سياق الحديث عنده بين القراءتين، فلعل الصواب في قراءة ابن مسعود: (يسألونك الأنفال) – بإسقاط حرف التعدية: (عن) – كما هو عند المؤلف وابن جرير وغيره، كما يأتي، وعليه يدل كلام العلامة أبي حيان في «البحر المحيط» (٤/ ٤٥٦)؛ فليراجعه من شاء.
٨ ‏/ ٧٨
٢٤٤٧ – قال أبو داود: «قراءة ابن مسعود: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾».
إسناده: وصله ابن جرير (٩/ ١١٨) من طريق الأعمش قال:
كان أصحاب عبد الله يقرأُونها: (يسألونك الأنفال).
وهذا منقطع.
وعن جُوَيْبِرٍ عن الضحاك قال:
هي في قراءة ابن مسعود: (يسألونك الأنفال).
وهذا – مع انقطاعه – جويبر متروك. والله أعلم.

١٥٧ – باب في نَفَلِ السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ من العَسْكَرِ
٢٤٤٨ – عن ابن عمر قال:
بَعَثَنا رسولُ الله ﷺ في جيش قِبَلَ نجدٍ، وانبعثت سَرِيَّةٌ من الجيش، فكان سُهْمَانُ الجيشِ: اثْنَيْ عَشَرَ بعيرًا، اثْنَيْ عَشَرَ بعيرًا، ونَفَلُ أهلِ السَّرِيَّةِ: بعيرًا بعيرًا، فكانت سهمانهم: ثلاثةَ عَشَرَ، ثلاثةَ عَشَرَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه ابن الجارود بتمامه، وأبو عوانة دون قوله: فكانت سهمانهم …، وهو في «الصحيحين» بنحوه، ويأتي في الباب قريبًا برقم (٢٤٥٠».
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: ثنا الوليد بن مسلم. (ح) وثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي قال: ثنا مُبَشِّرٌ. (ح) وثنا محمد بن عوف الطائي أن الحكم بن نافع حدثهم – المعنى – كلهم عن شعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر.

٨ ‏/ ٧٩
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لأن الطرق الثلاثة إلى شعيب صحيحة، وهو نفسه من رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه من غير طريقه كما يأتي.
والحديث أخوجه أبو عوانة (٤/ ١٠٧) من طريق أبي اليمان قال: أبَنا شعيب عن أبي اليمان … به نحوه.
وكذلك رواه البيهقي (٦/ ٣١٢) من طريق ثالثة عن شعيب.
وابن الجارود (١٠٧٤).
وقد تابعه مالك والليث بن سعد وعبيد الله بن عمر العمري – المصغَّر – وأيوب السَّخْتِيَانِي وغيرهم عن نافع … بألفاظ مختلفة متقاربة المعنى، فهو متواتر عن نافع، وقد ذكر المؤلف رواياتهم فيما يأتي.

٢٤٤٩ – عن الوليد بن مسلم قال:
حَدَّثتُ (١) ابن المبارك بهذا الحديث. قلت: وكذا ثنا ابن أبي فروة عن نافع؟ . قال: لا تَعْدِلْ من سَمَّيتَ بمالك! هكذا أو نحوه. يعني: مالك بن أنس.


(١) االأصل: (حدثنا)! وفي نسخة «عون المعبود» وغيرها ما أثبتناه، ولعله أصح كما يدل عليه السياق.
وابن أبي فروة: اسمه إسحاق بن عبد الله، وهو متروك، لكن متابعه شعيب بن أبي حمزة ثقة من رجال الشيخين كما تقدم.
ومع ذلك؛ لم يرض عبد الله بن المبارك أن يعدله بمالك بن أنس، وكأنه يشير إلى تقديم رواية مالك الآتية على رواية شعيب هذه؛ مع أنها غير مخالفة لها إلا في عدد السُّهمان؛ فإنه شك فيه – كما يأتي بيانه في الحديث الآتي بعده -.
وليس بخاف على أهل العلم أن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وأن زيادة الثقة مقبولة، لا سيما إذا لم يتفرد بذلك؛ كما في الروايات الآتية، وراجع لهذا «فتح الباري» (٦/ ٢٣٩ – ٢٤٠)، و«عون المعبود» (٣/ ٣٢).
٨ ‏/ ٨٠
(قلت: إسناده صحيح، وبشير ابن المبارك إلى ترجيح رواية مالك الآتية على رواية شعيب المتقدمة! وليس بينهما اختلاف يوجب الترجيح).
إسناده: حدثنا الوليد بن عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ قال: قال الوليد بن مسلم …
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى الوليد بن مسلم؛ فإنَّ سَمِيَّةُ الوليد بن عتبة ثقة بلا خلاف. وقد قال أبو زرعة الدمشقي:
قلت لدحيم: فأي الثلاثة أحبُّ إليك في الوليد بن مسلم؟ قال: وليد بن عتبة أكْيَسُهم.

٢٤٥٠ – وفي رواية عنه:
أن رسول الله ﷺ بعث سَرِيَّةً – فيها عبد الله بن عمر – قِبَلَ نجد، فغنموا إبلًا كثيرة، فكانت سُهْمَانُهم اثني عشر بعيرًا، ونُفِّلوا بعيرًا بعيرًا؛ – زاد في رواية: فلم يُغَيِّرْهُ رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين بدون الزيادة. وقد أخرجاه وأبو عوانة في «صحاحهم»، وإسناد الزيادة صحيح، وقد أخرجها مسلم وأبو عوانة، وبقية الحديث عندهما باللفظ الذي هنا، ولفظ الشيخين: اثني عشر بعيرًا – أو أحد عشر بعيرًا -. والأول هو الصحيح).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك. (ح) وثنا عبد الله بن مسلمة ويزيد بن خالد بن مَوْهَبٍ قالا: ثنا الليث – المعنى – عن نافع عن عبد الله بن عمر … زاد ابن موهب: فلم يغيره رسول الله ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الطريقين مالك والليث عن نافع دون الزيادة؛ لأن ابن موهب ليس على شرطهما، ولكنه ثقة حجة؛ وقد توبع

٨ ‏/ ٨١
كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٢/ ٨) … بإسناده ومتنه؛ إلا أنه قال: اثني عشر بعيرًا؛ على الشك.
وهكذا أخرجه البخاري (٤٣٣٤)، ومسلم (٥/ ١٤٦)، وأبو عوانة (٤/ ١٠٦)، وكذا الشافعي (٢/ ١١٧ – البدائع)، والبيهقي (٦/ ٣١٢)، وأحمد (٢/ ٦٢/ ١١٢) كلهم عن مالك … به على الشك؛ إلا أحمد في الموضع الثاني؛ فإنه رواه من طريق شيخه عن إسحاق: ثنا مالك … به بلفظ الكتاب دون شك.
وهذا مما يخدج فيما نقله الحافظ في «الفتح» (٦/ ٢٣٩)، قال:
«قال ابن عبد البر: اتفق جماعة رواة»الموطأ«على روايته بالشك؛ إلا الوليد بن مسلم؛ فإنه رواه عن شعيب ومالك جميعًا؛ فلم يشك. وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب». قال الحافظ:
«قلت: وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث؛ بغير شك. فكأنه أيضًا حمل رواية مالك على رواية الليث. قال ابن عبد البر: وقال سائر أصحاب نافع: اثني عشر بعيرًا .. بغير شك، لم يقع الشك فيه إلا من مالك»!
قلت: يَرُدُّ الحملَ المذكورَ مِنِ ابن عبد البر والحافظ: روايةُ إسحاق المشار إليها عند أحمد؛ فإنها رواية منفردة غير مقرونة بغيره؛ فلا يصح الحمل المذكور بالنسبة إليها.
وإسحاق: هو ابن عيسى بن الطَّبَّاع؛ وهو ثقة من شيوخ مسلم، فالأظهر أن يقال – والله أعلم -: إن مالكًا رحمه الله كان أحيانًا لا يشك، فعليه يحمل صنيع المؤلف وغيره ممن كان يقرن رواية مالك برواية الليث أو غيره التي لا شك فيها. والله أعلم.
٨ ‏/ ٨٢
ثم إن رواية الليث؛ قد أخرجها مسلم (٥/ ١٤٦) – من طريق محمد بن رُمْحِ -، وأبو عوانة (٤/ ١٠٦) – من طريق عمرو بن الربيع وأبي النضر -، والبيهقي (٦/ ٣١٢) – من طريق شعيب بن الليث – كلهم عن الليث … به؛ وفيه الزيادة.
ولليث فيه إسناد آخر عن ابن عمر، يأتي بعد.

٢٤٥١ – وفي أخرى عنه قال:
بعثنا رسول الله ﷺ في سرية، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرًا، ونَفَّلنا رسول الله ﷺ بعيرًا بعيرًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»، وهو عند أبي عوانة من طريق المؤلف في رواية).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، ولكنه قد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ١٠٥) عن المؤلف.
وهو في «مسند أحمد» (٢/ ٥٥): ثنا يحيى … به.
ثم رواه أبو عوانة، وكذا مسلم (٥/ ١٤٧) من طرق أخرى عن يحيى القطان … به.

٨ ‏/ ٨٣
٢٤٥٢ – قال أبو داود:
«رواه بُرْدُ بن سِنَانِ عن نافع … مثل حديث عبيد الله. ورواه أيوب عن نافع … مثله؛ إلا أنَّه قال: ونُفِّلْنا بعيرًا بعيرًا .. لم يذكر النبي ﷺ».
(قلت: وصله البخاري وأبو عوانة بهذ االلفظ، ومسلم وغيره بلفظ: ونَفَّلنا رسول الله ﷺ بعيرًا بعيرًا .. فصرح برفعه إلى النبي ﷺ. وهو الأرجح؛ كما أشار إلى ذلك البيهقي. وأما رواية بُرْدٍ؛ فلم أقف الأن على من وصلها!).
قلت: وصله البخاري (٤٣٣٨): حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد: حدثنا أيوب عن نافع … بلفظ المبني للمجهول.
وتابعه مسدد قال: ثنا حماد بن زيد … به.
أخرجه أبو عوانة (٤/ ١٠٤).
وخالفهما معمر – عند عبد الرزاق (٥/ ٩٣٣٥) -، وأبو الربيع – عند مسلم (٥/ ١٤٧)، والبيهقي (٢/ ٣١٦) -، وأبو كامل أيضًا – عند مسلم – ثلاثتهم قالوا: ثنا حماد بن زيد … به؛ إلا أنهم قالوا:
ونفلنا رسول الله ﷺ بعيرًا بعيرًا .. رفعوه إلى النبي ﷺ.
وهو الأصح، كما يشير إلى ذلك قول البيهقي عقبه:
«ورواه عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة وغيرهما عن نافع عن ابن عمر: أن النبي ﷺ نفلهم».
قلت: ومع أن أكثر الرواة عن نافع رفعوه، وكذلك أكثر الرواة عن حماد بن زيد
٨ ‏/ ٨٤
كما رأيت؛ فقد توبع حماد على الرفع، فقال أحمد (٢/ ١٠): ثنا سفيان عن أيوب … به.
وهذا مُرَجِّحٌ آخر لرواية الرفع.
وقد يبدو لأول وهلة أنها تخالف رواية الليث المتقدمة (٢٤٥٠) بلفظ:
فلم يُغَيِّرْه رسول الله ﷺ.
فإنه ظاهر أن ذلك صدر من أمير الجيش، وأن النبي ﷺ أقر ذلك، ولكن لا تخالف؛ فإنه يمكن أن تحمل على التقرير، فتجتمع الروايتان، كما قال الحافظ (٦/ ٢٤٠).
ومما يؤكد الرفع: روايةُ بُرْد بن سنان – وهو صدوق -، ولكني لم أر حتى الآن من وصلها!

٢٤٥٣ – ومن طريق أخرى عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله ﷺ قد كان يُنَفِّلُ بعض مَنْ يبعث من السرايا – لأنفسهم خاصةً – النَّفَلَ؛ سوى قَسْمِ عامة الجيش، والخمسُ واجبٌ في ذلك كُلِّهِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه أبو عوانة من طريق المؤلف، ومسلم بأحد إسناديه، والحاكم – وصححه هو والذهبي -، وهو عند البخاري دون قوله: والخمس …).
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثني أبي عن جدي.
(ح) وحدثنا حجاج بن أبي يعقوب قال: حدتني حُجَيْنٌ قال: ثنا الليث عن عُقَيْلٍ عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن عمر.

٨ ‏/ ٨٥
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلهم على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٤/ ١٠٩) عن المؤلف … بإسناديه.
والبيهقي (٦/ ٣١٣) عنه بإسناده الأول، وكذا الحاكم (٢/ ١٢٣)؛ لكن من طريق ابن المؤلف أبي بكر بن أبي داود: ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث به.
ورواه البيهقي أيضًا من طريق الحاكم، وقال هذا:
«صحيح على شرط الشيخنِ»! ووافقه الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم وحده، فإنه تفرد بالرواية عن عبد الملك وأبيه شعيب؛ دون البخاري.
ثم إنه – أعني: مسلمًا – قد أخرج هذا الحديث بهذا الإسناد، فقال (٥/ ١٤٧): حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث … به.
فلا وجه لاستدراكه عليه.
وأخرجه البخاري فقال (٣١٣٥): حدثنا يحيى بن بُكَيْرٍ: أخبرنا الليث … به؛ دون قوله في آخره: والخمس في ذلك واجب كلهْ.
وهي زيادة ثابتة، اتفق عليها شعيب بن الليث وحُجَيْنٌ – وهو ابن المثنى اليمامي -، وكلاهما ثقة من رجال مسلم كما سبق.
وقد تابعهما آدم بن أبي إياس: عند أبي عوانة.
ثم ساقه من طريق يحيى بن بكير وأبي صالح قالا: ثنا الليث … به.
فلا أدري أوقعت الزيادة في رواية يحيى بن بكير عنده، أم أراد به أصل
٨ ‏/ ٨٦
الحديث دون الزيادة؟ ! كما فعل البيهقي؛ فإنه قال عقب الحديث – من طريقه عن المؤلف والحاكم -:
«رواه مسلم في»الصحيح«عن عبد الملك بن شعيب. ورواه البخاري عن يحيى بن بكير عن الليث»!
(تنبيه): قد عرفت مما سبق أن أبا عوانة رواه من طريق المؤلف بإسناديه، لكن وقع عنده مرسلًا مصرحًا بذلك، حيث قال: حدثنا أبو داود … عن سالم بن عبد الله: أن النبي ﷺ … ولم يذكر ابن عمر.
وهو خطأ مخالف لا في الكتاب، ولرواية البيهقي عنه؛ فضلًا عن الخالفة لرواية مسلم والحاكم.

٢٤٥٤ – عن عبد الله بن عَمرو:
أن رسول الله ﷺ خرج يوم بدر في ثلاث مئةٍ وخَمْسَةَ عَشَرَ، فقال رسول الله ﷺ:
«اللهم! إنهم حُفاة فاحمِلْهم. اللهم! إنهم عُرَاةٌ؛ فاكْسُهُم. اللهم! إنهم جِياعٌ؛ فأَشْبِعهم».
ففتح الله له يَوْمَ بَدْرٍ، فانقلبوا – حين انقلبوا – وما منهم رجل إلا قد رَجَعَ بِجَمَلٍ أو جَمَلَيْن، واكْتَسَوْا وشَبِعُوا.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: ثنا حُيَيٌّ عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ عن عبد الله بن عَمْرٍ [و].

٨ ‏/ ٨٧
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال «الصحيح»؛ غير حُيَيٌّ – وهو ابن عبد الله المَعَافِرِيُّ -، صدوق يهم، كما في «التقريب».
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٠٥) من طريق المؤلف.
والحاكم (٢/ ١٣٢) من طريق ابنه أبي بكر بن أبي داود: ثنا أحمد بن صالح المصري … به، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
قلت: وهو مردود بأمرين:
الأول: أن حييًّا لم يخرج له الشيخان مطلقًا؛ بل ذكر الذهبي في «الميزان» وغيره أن البخاري قال فيه:
«فيه نظر».
ووثقه غيره.
وهو وسط حسن الحديث.
الآخر: أن أحمد بن صالح لم يرو له مسلم شيئًا، وان كان ثقة حافظًا.
على أنه قد توبع، فأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٣٢٣) من طريق يحيى بن سليمان الجُعفي: حدثنا ابن وهب … به.
والجعفي هذا: من شيوخ البخاري أيضًا، ولكنه صدوق يخطئ؛ كما في «التقريب».
وبالجملة؛ فالحديث حسن الإسناد. والله أعلم.
٨ ‏/ ٨٨
١٥٨ – باب فيمن قال: الخُمُسُ قَبْلَ النَّفَلِ
٢٤٥٥ – عن حَبِيبِ بن مَسْلَمَةَ الفِهْرِيِّ أنه قال:
كان رسول الله ﷺ يُنَفل [الرُّبُعَ بعد الخُمُس، و] الثُّلُثَ بعد الخُمُسٍ [إذا قَفَلَ].
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي عن مكحول عن زياد بن جارية التميمي عن حبيب بن مسلمة الفِهْرِيِّ.
حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجُشَمِيُّ قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول.
قلت: وهذا إسناد صحيح، مداره من الطريقين على مكحول، وهو ثقة من رجال مسلم، ولكن يُخْشَى منه التدليس أحيانًا؛ وبخاصة في روايته عن الصحابة؛ إلا أنه قد صرح بالتحديث في الحديث الآتي بعده.
وزياد بن جارية وثقه النسائي وابن حبان، وصحح له جمع كما يأتي.
وسفيان: هو الثوري؛ وقد توبع.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣١٤) من طريق أخرى عن محمد بن كثير … به.
ثم رواه هو، وابن ماجه (٢٨٥١)، والحاكم (٢/ ١٣٣)، وعبد الرزاق (٥/ ٩٣٣٣)، وأحمد (٩/ ١٥٤ و١٦٠) من طرق أخرى عن سفيان … به. وقال الحاكم:
٨ ‏/ ٨٩
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (٣٥١٩) من طريق عبد الرزاق.
وتابعه سفيان بن عيينة، فقال سعيد بن منصور في «سننه» (٢٧٠١)، والحميدي في «مسنده» (٨٧١)، وعنه الطبراني (٣٥٢٠): ثنا سفيان … به.
ثم أخرجه البيهقي عن المؤلف من الطريق الثاني: معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث.
وهذا – مع ثقته – كان اختلط، وفي حديثه الزيادتان، ولكنه قد توبع كما يأتي.
وقد أخرجه أحمد (٤/ ١٦٠)، والطبراني (٣٥٢٥)، والبيهقي أيضًا من طريقين آخرين عن معاوية … به.
وتابعه الهيثم بن حُمَيْدٍ: حدثنا العلاء بن الحارث … به: رواه الطبراني (٣٥٢٤).
وتابعه سعيد بن عبد العزيز عن مكحول … به: أخرجه ابن الجارود (١٠٧٨ و١٠٧٩)، والحاكم (٣/ ٤٣٢)، وأحمد، والطبراني (٣٥١٨)، والبيهقي؛ وصرح عنده مكحول بسماعه من زياد.
لكن سعيدًا كان اختلط أيضًا.
ولكنه متابع قوي للعلاء؛ فيقوي أحدهما الآخر. وقد قال عبد الله بن أحمد عقب الحديث:
«سمعت أبي يقول: ليس في الشام رجلٌ أصح حديثًا من سعيد بن عبد العزيز – يعني: التَّنُوخِيَّ -».
٨ ‏/ ٩٠
وتابعه سليمان بن موسى الدمشقي عن مكحول … به: أخرجه ابن حبان (١٦٧٢)، وأحمد، والطبراني (٣٥٢٨ – ٣٥٣٠).
ثم رواه هو (٣٥٢٢ و٣٥٢٦ و٣٥٢٧ و٣٥٣١)، وسعيد بن منصور (٢٧٠٢)، والحاكم (٣/ ٣٤٧)، والمؤلف في الرواية الآتية.

٢٤٥٦ – وفي رواية عن مكحول قال:
كنت عبدًا بمصر لامرأة من بني هُذَيْلٍ، فأعتقتني، فما خرجت من مصر وبها عِلْمٌ، إلا حَوَيْتُ عليه فيما أُرى. ثم أتيت الحجاز، فما خرجت منها وبها عِلْمٌ، إلا حَوَيْتُ عليه فيما أُرى. ثم أتيت العراق، فما خرجت منها وبها عِلْمٌ، إلا حَوَيْتُ فيما أُرَى. ثم أتيت الشام فَغَرْبَلْتُها، كُلَّ ذلك أسألُ عن النَّفَل، فلم أجد أحدًا يخبرني فيه بشيء، حتى أتيت شيخًا – يقال له: زياد بن جارية التميمي -، فقلت له: هل سمعت في النَّفَلِ شيئًا؟ قال: نعم، سمعت حبيب بن مسلمة الفِهْريَّ يقول:
شهدت النبي ﷺ نَفَّلَ الرُّبُعَ في البَدْأَة، والثُّلُثَ في الرَّجْعَةِ.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ومحمود بن خالد الدمشقيان – المعنى – قالا ثنا مروان بن محمد قال: ثنا يحيى بن حمزة قال: سمعت أبا وهب يقول: سمعت مكحولًا يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وأبو وهب: اسمه عبيد الله بن عُبَيْدٍ الكَلاعِيُّ.

٨ ‏/ ٩١
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١٣٣)، وعنه البيهقي (٦/ ٣١٣) من طريق أخرى عن شيخي المؤلف … به.
وأخرج المرفوعَ منه: الطبراني (٣٥٢٤) من طريق أخرى عن العلاء بن الحارث وأبي وهب … به.

١٥٩ – باب في السَّرِيَّةِ ترد على أهل العسكر
٢٤٥٧ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ.
«المسلمون تتكافَأُ دماؤهم، يَسْعَى بِذِمَّتِهمْ أدناهم، ويُجِيرُ عليهم أقصاهم، وهم يَدٌ على مَنْ سِواهم، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ على مُضْعِفِهِمْ، ومُتَسَرِّيهِم على قاعدهم. لا يُقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عَهْدٍ في عَهْدِهِ».
قلت: إسناده حسن حيح، وصححه ابن الجارود، وحسن الترمذي منه جملة: «لا يقتل مؤمن بكافر»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق … ببعض هذا. (ح) وثنا عبيد الله بن عمر: حدثني هُشَيْمٌ عن يحيى بن سعيد – جميعًا – عن عمرو بن شعيب … ولم يذكر ابن إسحاق: القَوَدَ والتَّكَافِي.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف المعروف في عمرو بن شعيب.
وابن إسحاق – مع كونه متابعًا هنا – فإنه قد صرح بالتحديث في بعض الطرق عنه.
والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف من الوجه الثاني عن عمرو.

٨ ‏/ ٩٢
وابن الجارود (١٠٧٣) من طريق أخرى عن هشيم … به.
وسيعيده المؤلف في «الديات».
وأخرجه أيضًا (٨/ ٢٩ و٩/ ٥١) من طريقين آخرين عن ابن إسحاق: حدثني عمرو.
ورواه ابن الجارود (٧٩٣ و١٠٥٢) من طريق أخرى عنه.
وكذا الترمذي (١٤١٣) – مقتصرًا على جملة: «لا يقتل مسلم بكافر» -، وقال:
«حديث حسن».
ورواه أحمد وغيره من طرق أخرى عن عمرو.
وهو مخرج في «الإرواء» (٢٢٠٨).
وله شاهد من حديث علي، سيأتي عند المؤلف.

٢٤٥٨ – عن إياس بن سلمة عن أبيه قال:
أغار عبد الرحمن بن عُيَيْنَةَ على إِبِل رسول الله ﷺ، فقتل راعِيَها، وخرج يَطْرُدُها هو وأناس معه في خَيْلٍ، فجعلتُ وجهي قِبَلَ المدينة، ثم ناديت ثلاث مرات: يا صَبَاحَاهْ! ثم اتَّبَعْتُ القومَ، فجعلتُ أرمي وأَعْقِرُهم، فإذا رجع إليَّ فارسٌ؛ جلست في أصل شَجَرَةٍ، حتى ما خلق الله شيئًا من ظهر النبي ﷺ إلا جعلته وراءَ ظَهْرِي، وحتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحًا، وثلاثين بُرْدَةً يَسْتَخِفُّون منها، ثم أتاهم عيينة مَدَدًا، فقال:

٨ ‏/ ٩٣
لِيقُمْ إليه نَفَرٌ منكم، فقام إليَّ منهم أربعة، فصَعِدُوا الجبلَ. فلما أسمعتهم؛ قلت: أتعرفوني؟ قالوا: ومن أنت؟ قلت: أنا ابن الأ كوع، والذي كرَّم وجه محمد ﷺ! لا يطلُبُني رجل منكم فَيُدْرِكَني، ولا أطلبُهُ فيَفوتَنِي! فما بَرِحْسث حتى نظرت إلى فوارسِ رسولِ الله ﷺ يتخلَّلون الشَّجَرَ، أوَّلُهم الأخرمُ الأَسَدِيُّ؛ فيلحقُ بعبد الرحمن بن عيينةَ، ويعطِفُ عليه عبد الرحمن، فاختلفا طَعْنَتَيْن، فَعَقَرَ الأخرمُ عبدَ الرحمن، وطعنه عبدُ الرحمن فقتلَهَ، فتحوَّل عبد الرحمن على فرس الأخرم، فيلحقُ أبو قتادة بعبد الرحمن، فاختلفا طعنتين، فَعُقِرَ بأبي قتادة، وقَتَلَهُ أبو قتادة، فتحوَّل أبو قتادة على فرس الأخرم.
ثم جئت إلى رسول الله ﷺ وهو على الماء الذي جَلَّيْتُهمْ عنه: (ذو قرد) -. فإذا نبيُّ الله ﷺ وهو في خَمْسِ مِئةٍ، فأعطاني سَهْمَ الفارسِ والراجلِ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة مطولًا جدًّا، وأخرجاه وكذا البخاري مختصرًا عَمَّا هنا).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا عكرمة: حدثني إياس بن سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٥٢): ثنا هاشم بن القاسم … به مطولًا.
وأخرجه مسلم (٥/ ١٨٩) من طريق أخرى عن هاشم … به مطولًا.
وهو، وأبو عوانة (٤/ ٢٥٢ – ٢٨٩)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٧/ ١٧
٨ ‏/ ٩٤
و١٨/ ٦٢٤٠ و٦٢٤٢)، والبيهقي (٩/ ١٥٤) من طرق أخرى عن عكرمة بن عمار … به.
وتابعه يزيد بن أبي عُبَيْدٍ عن سلمة بن الأكوع … به مختصرًا: أخرجه البخاري (٣٠٤١ و٤١٩٤) -، ومسلم أيضًا، وأبو عوانة (٤/ ٢٧٩ – ٢٨٢)، وأحمد (٤/ ٤٠٨)، والطبراني (٦٢٨٤) من طرق عنه.

١٦٠ – باب في النَّفَلِ من الذهب والفضة ومِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ
٢٤٥٩ – عن أبي الجُوَيْرِيَةِ الجَرْمِيِّ قال:
أصبت بأرض الروم جَرَّةً حَمْرَاءَ – فيها دنانير – في إمْرَةِ معاوية، وعلينا رجل من أصحاب النبي ﷺ من بني سُليم – يقال له -: مَعْنُ بن يزيد – فأتيته بها، فَقَسَمها بين المسلمين، وأعطاني منها مِثْلَ ما أعطى رجلًا منهم، ثم قال: لولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«لا نَفَل إلا بعد الخُمْسِ»، لأعطيتك! ثم أخذ يَعْرِضُ عليَّ من نصيبه، فَأَبَيْتُ.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَاري عن عاصم بن كُلَيْبٍ عن أبي الجويرية الجَرْمي.
حدثنا هَنَّادٌ عن ابن المبارك عن أبي عَوانة عن عاصم بن كُلَيب … بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من الوجهين؛ وأبو الجويرية:

٨ ‏/ ٩٥
اسمه حِطَّانُ بن خُفَافٍ وهو ثقة من رجال البخاري.
وعاصم بن كليب ثقة من رجال مسلم.
فإعلال المنذري للحديث به غير جيد!
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣١٤)، وأحمد (٣/ ٤٧٠)، وأبو يعلى (٢/ ٤٣١) من طرق أخرى عن أبي عوانه … به.
وهو عند أبي يعلى مختصر موقوف؛ إن لم يكن في النسخة سقط؛ فإنها سيئة!

١٦١ – باب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه
٢٤٦٠ – عن عَمْرِو بن عَبَسَةَ قال:
صلَّى بنا رسول الله ﷺ إلى بعير، فلما سَلَّمَ؛ أخذ وَبَرَةً من جَنْبِ البعير، ثم قال:
«ولا يَحِلُّ لي من غنائمكم مثلُ هذا؛ إلا الخُمُسَ، والخُمُسُ مردودٌ فيكم».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا الوليد بن عتبة: ثنا الوليد: ثنا عبد الله بن العلاء: أنه سمع أبا سَلام الأسود قال: سمعت عمرو بن عبسة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ والوليد: هو ابن مسلم الدمشقي.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٣٩) من طريق المؤلف.

٨ ‏/ ٩٦
والحاكم (٣/ ٦١٦ – ٦١٧) من طريق محمد بن شعيب بن شَابُورٍ: ثنا عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ … به.
وللحديث شواهد مذكورة في «الإرواء»؛ وقد مضى أحدها برقم (٢٤١٣).

١٦٢ – باب في الوفاء بالعهد
٢٤٦١ – عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ قال:
«إن الغادر يُنْصَبُ له لِواءٌ يوم القيامة، فيقال: هذه غَدْرَةُ فلانِ بن فلانٍ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة وابن الجارود في «صحاحهم» بأسانيد عنه، وأحد أسانيد البخاري هو عين إسناد المؤلف. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٣٩) من طريق المؤلف.
والبخاري (٦١٧٨) … بإسناده.
وأبو عوانة (٤/ ٧١) من طريق أخرى عن القعنبي وجمع آخر عن مالك. وعزاه البيهقي لمسلم عن يحيى بن يحيى، يعني: عن مالك!
وهو من أوهامه رحمه الله، فإنه ليس عند مسلم من حديث مالك – لا من

٨ ‏/ ٩٧
رواية يحيى هذا، ولا من غيره -، وليس هو في «الموطأ».
نعم؛ أخرجه مسلم (٥/ ١٤٢)، وكذا البخاري (٦٩٦٦)، وأبو عوانة (٤/ ٧٢ – ٧٣)، والنسائي في «السير» من «الكبرى» – كما في «التحفة» (٥/ ٤٤٧) -، وأحمد (٢/ ٥٦ و١٠٣ و١١٦ و١٢٣) من طرق أخرى عن عبد الله بن دينار … به.
وتابعه نافع عن ابن عمر … به: أخرجه البخاري (٣١٨٨ و٦١٧٧ و٧١١١)، ومسلم وأبو عوانة والترمذي (١٥٨١) – وقال: «حسن صحيح» -، وابن الجارود (١٠٥٣)، وأحمد (٢/ ١٦ و٢٩ و٤٨ و٩٦ و١١٢ و١٤٢) من طرق عنه؛ وفي لفظ لمسلم وأبي عوانة وأحمد:
«إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة؛ يُرْفَعُ لكل غادرٍ …» نحوه.
وله متابعات أخرى: عند مسلم وأبي عوانة وأحمد (٢/ ٤٩ و٧٠ و٧٥ و١٢٦).
وله شواهد كثيرة؛ بل هو عندي متواتر:
منها: عن ابن مسعود: أخرجه البخاري (٣١٨٦)، ومسلم وأبو عوانة والدارمي (٢/ ٢٤٨)، وابن ما جه (٢٨٧٢)، والطيالسي (٢٥٤)، وأحمد (١/ ٤١١ و٤١٧ و٤٤١).
وعن أنس بن مالك: عند البخاري (٣١٨٧)، ومسلم وأبي عوانة وأحمد (٣/ ١٤٢ و١٥٠ و٢٥٠ و٢٧٠).
وأبي سعيد: عند مسلم وأبي عوانة وابن ماجه (٢٨٧٣)، والطيالسي (٢١٥٦
٨ ‏/ ٩٨
و٢١٥٩)، وأحمد (٣/ ٧ و٣٥ و٣٩ و٤٦ و٦١ و٦٤ و٧٠ و٨٤).
وعن عائشة: لأبي عوانة، وصححه الحاكم (٢/ ١٤١) والذهبي.
وعمرو بن الحَمِقِ: للطيالسي (١٢٨٦)، وأحمد (٥/ ٢٢٣ و٢٢٤ و١٢٤ و٤٣٦).

١٦٣ – باب في الإمام يُسْتَجنُّ به في العهود
٢٤٦٢ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «إنما الإمام جُنَّةٌ؛ يُقاتَلُ به».
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة بلفظ:
«يُقاتَلُ مِنْ ورائِهِ ويُتَّقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجرًا، وإن أمر بغير ذلك، فإنَّ عليه منه وزرًا»).
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاحِ البَزَّازُ قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد [عن أبي الزناد] عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن هذا، وهو حسن الحديث كما تقدم، ولكنه صحيح هنا؛ لمتابعة جمع كما يأتي الإشارة إلى ذلك.
والحديث أخرجه البخاري (٢٩٥٧)، ومسلم (٦/ ١٧)، وأبو عوانة (٤/ ٤٥٧)، وأحمد (٢/ ٥٢٣) من طرق عن أبي الزناد … به.

٢٤٦٣ – عن أبي رافع قال:

٨ ‏/ ٩٩
٢٤٦٣ – عن أبي رافع قال:
بعثتني قريش إلى رسول الله ﷺ، فلما رأيت رسول الله ﷺ؛ أُلقيَ في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله! إني – واللهِ! – لا أرجعُ إليهم أبدًا فقال رسول الله ﷺ:
«إني لا أَخيسُ بالعَهْد، ولا أَحْبِسُ البُرْد! ولكن ارجع؛ فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن؛ فارجع».
قال: فذهبت، ثم أتيت النبي ﷺ فأسلمت.
قال بُكَيْرٌ: وأخبرني أن أبا رافع كان قِبْطِيًّا.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان).
سمعت (١) أبا داود يقول: «هذا كان في ذلك الزمان، فأما اليوم؛ [فـ] لا يصلح».
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو عن بُكَيْرِ بن الأشج عن الحسن بن علي بن أبي رافع أن أبا رافع أخبره قال …


(١) القائل: (سمعت) هو محمد بن عمرو اللؤلؤي – راوي الكتاب عن المؤلف -.
ولعل المراد به: أن رد النبي ﷺ: لأبي رافع إنما كان في المدة التي شرط لهم النبي ﷺ أن يرد إلى المشركين من جاء منهم إليه مسلمًا، كما يشير إلى ذلك قوله ﷺ الحديث: «إني لا أخيس العهد»؛ أي: لا أنقضه.
وحينئذٍ فما جاء في ترجمة أبي رافع في «الإصابة» وغيره: أنه أسلم قبل بدر، وأنه شهد أحدًا وما بعدها؛ فينبغي أن يحمل على أبي رافع آخر غير القبطي هذا! أو أن ذلك لم يصح من قبل إسناده! فإنهم يتساهلون في المناقب والمغازي والسير! والله أعلم. وراجع «عون المعبود»، و«بذل المجهود».
٨ ‏/ ١٠٠
علي بن أبي رافع، وهو ثقة.
والحديث مخرج في «الصحيحة» (٧٠٢)، وأزيد هنا فأقول:
قد رواه الطحاوي أيضًا في «شرح المعاني» (٣/ ٣١٨)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٩٦٣)، والبيهقي (٩/ ١٤٥) من طرق أخرى عن ابن وهب … به.

١٦٤ – باب الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه
٢٤٦٤ – عن سُلَيْمِ بن عامر – رجل من حِمْيَرٍ – قال:
كان بين معاوية وبين الرُّوم عهد، وكان يسيرُ نَحْوَ بلادهم، حتى إذا انقضى العهد؛ غزاهم، فجاء رجل على فرس أو بِرْذَوْنٍ، وهو يقول: الله أكبر الله أكبر، وفاءٌ لا غدرٌ! فنظروا؛ فإذا عمرو بن عَبَسَةَ، فأرسل إليه معاوية، فسأله؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«من كان بينه وبين قوم عهد؛ فلا يَشُدَّ عُقْدَةً ولا يَحُلَّها؛ حتى ينقضي أَمَدُها، أو يَنْبِذَ إليهم على سواءٍ».
فرجع معاوية.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيُّ قال: ثنا شعبة عن أبي الفَيْضِ عن سُلَيْمِ بن عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي الفيض، وهو ثقة – واسمه: موسى بن أيوب الحمصي -.

٨ ‏/ ١٠١
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٣١) من طريق المؤلف.
وأخرجه جمع من طرق عن شعبة؛ منهم الترمذي، وقال:
«حديث حسن صحيح». وهو مخرج في «الأحاديث الصحيحة» (٢٣٥٧).
ورواه ابن الجارود (١٠٦٩) من طريق أخرى عن شعبة.

١٦٥ – باب في الوفاء للمعاهد وحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ
٢٤٦٥ – عن أبي بَكْرَةَ قال: قال رسول الله ﷺ.
«من قتل معاهدًا في غير كنْهِهِ؛ حَرَّمَ الله عليه الجَنَّةَ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود، وكذا ابن حبان والحاكم بإسنادين آخرين عنه، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عيينة وأبيه عبد الرحمن بن جوشن، وهما ثقتان، وقد صحح لهما من يأتي ذكره.
والحديث أخرجه الطيالسي (٨٧٩)، ومن طريقه البيهقي (٩/ ٢٣١): حدثنا ابن عيينة … به.
وأخرجه أحمد (٥/ ٣٦): ثنا وكيع … به.
ثم أخرجه (ص ٣٦ و٣٨)، والنسائي في «القسامة»، والدارمي (٢/ ٢٣٥)، وابن الجارود (١٠٧٠) من طرق أخرى عن عيينة … به.

٨ ‏/ ١٠٢
ثم أخرجه النسائي وابن حبان (١٥٣٠ – ١٥٣٣)، والحاكم (١/ ٤٤ و٢/ ١٢٦)، وأبو عُبَيْدٍ في «الغريب» (ق ١٨/ ١)، والدَّوْلابي في «الكنى» (٢/ ١٢٦)، وأحمد (٥/ ٣٦ و٤٦ و٥٠ و٥١) من طرق أخرى عن أبي بكرة؛ أحدها صحيح.
وآخر صححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث أبي هريرة … مرفوعًا بلفظ:
«… لم يَرِحْ رائحة الجنة، وإن ريح الجنة توجد من مسيرة مئة عام».
وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٣٥٦).
وشاهد آخر مخرج في «تخريج الحلال» (٤٥٠).

١٦٦ – باب في الرسل
٢٤٦٦ – عن سَلَمَةَ بن الفضل عن محمد بن إسحاق قال:
كان مسيلمة كتب إلى رسول الله ﷺ (١) … قال: وقد حدثني محمد بن إسحاق عن شيخ من أَشْجَعَ – يقال له: سعد بن طارق – عن سَلَمَةَ بن نُعْيَمِ بن مسعود الأشجعي عن أبيه نُعَيْمٍ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول لهما – حين قرأ كتاب مسيلمة -:
«ما تقولان أنتما؟».
قالا: نقول كما قال! قال:
«أمَا واللهِ! لولا أن الرسل لا تُقْتَلُ؛ لضربتُ أعناقكما».


(١) قلت: لم يذكر سلمة أو من دونه نص كتاب مسيلمة الكذاب، وكأن ذلك لسخفه، وتجد نصه في «السيرة»، وفيه: «فقدم عليه رسولان بهذا الكتاب».
٨ ‏/ ١٠٣
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا سلمة – يعني: ابن الفضل -.
قلت: وهو إسناد ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق، وضعف سلمة؛ لكنه قد توبع كما يأتي بيانه.
والحديث في «سيرة ابن هشام» (٤/ ٢٧٢) عن ابن إسحاق .. مصرحًا بالتحديث؛ غير أنه لم يسم الشيخ الأشجعي، وهي من رواية زياد البَكَّائي كما هو معلوم، فهذه متابعة قوية لابن الفضل.
وقد رواه عنه الإمام أحمد (٣/ ٤٨٧ – ٤٨٨) مُصَرِّحًا بالتحديث مُسَمّىً، فقال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي قال: ثنا سلمة بن الفضل الأنصاري قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني سعد بن طارق … به.
وكذلك رواه يونس بن بُكَيْرٍ عن محمد بن إسحاق: حدثني سَعْدُ بن طارق … به: أخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (٣/ ٣١٨)، والحاكلم (٣/ ٥٢)، والبيهقي (٩/ ٢١١) من طرق عنه. وقال الحاكم – على عادته -:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي كعادته غالبًا!
وابن إسحاق إنما روى له مسلم مقرونًا.

٢٤٦٧ – عن حارثة بن مُضَرِّبٍ:
أنه أتى عبد الله فقال: ما بيني وبين أحد من العرب حِنَةٌ، وأنا مررت بمسجد لبني حنيفة، فإذا هم يُؤْمِنُونَ بمسيلمة! فأرسل إليهم عبد الله، فَجِيءَ بهم، فاستتابهم غيرَ ابنِ النَّوَّاحَة، قال له: سمعت رسول الله ﷺ يقول:

٨ ‏/ ١٠٤
«لولا أنك رسولٌ؛ لضربتُ عُنُقَكَ». فأنت اليوم لست برسول! فأمر قَرَظَةَ بن كَعْبٍ؛ فضرب عنقه في السوق. ثم قال: مَنْ أراد أن ينظر إلى ابن النَّوَّاحة قتيلًا؛ بالسوق.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، وكذا ابن الجارود والحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَرِّبٍ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير حارثة، وهو ثقة، فالسند صحيح؛ لولا عنعنة أبي إسحاق، ولكنه قد توبع؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢١١) من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن حبان (١٦٢٩)، والطبراني في «الكبير» (٨٩٥٧) من طرق أخرى عن ابن كثير.
ثم أخرجه البيهقي (٨/ ٢٠٦) من طريق أبي عوانة … به أتم منه.
والطبراني (٨٩٥٩) من طريق قيس بن الربيع عن أبي إسحاق … به مختصرًا.
وخالفهم شَرِيك فقال: عن أبي إسحاق عن صِلَةَ عن عبد الله … به.
أخرجه أحمد (١/ ٣٠٦).
وشريك: هو ابن عبد الله القاضي، سيئ الحفظ؛ فلا يُعْتَدُّ بمخالفته.
وتابع أبا إسحاق: الأعمشُ فقال: عن حارثة بن مضرب … به: أخرجه
٨ ‏/ ١٠٥
أحمد (١/ ٣٨٤)، والطبراني (٨٩٥٨).
وإسناده صحيح؛ إن كان الأعمش سمعه من حارثة .. فإنه مدلس أيضًا.
وتابع حارثةَ: أبو وائل، على اختلاف عليه في إسناده، فقال الطيالسي (٢٥١): حدثنا المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله … به مطولًا.
وكذا أخرجه أحمد (١/ ٣٩٠ و٣٩٦) من طريقين آخرين عن المسعودي – واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة -، وكان اختلط.
وأخرجه الحاكم (٣/ ٥٣) من طريق أخرى عنه عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن أبيه قال:
جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود … الحديث مطولًا. وقال:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وقد عرفت حال المسعودي.
وأخرجه الطبراني (٨٩٦٠) من طريق أخرى عنه عن القاسم قال:
أُتي عبد الله …
فأسقط منه قوله: عن أبيه! لكن قال في آخره: قال عبد الرحمن بن عبد الله:
فلقيت شيخًا منهم كبيرًا بعد ذلك بالشام، فقال لي: رحم الله أباك، والله! لو قتلنا يومئذ؛ لدخلنا النار كلُّنا.
فهذا يدل على أنه تلقاه عن أبيه عبد الرحمن، فلعل قوله: عن أبيه .. سقط ممن دونه! والله أعلم.
ورواه أبو بكر بن عياش عن عاصم … به؛ إلا أنه أدخل – بين أبي وائل
٨ ‏/ ١٠٦
وابن مسعود -: ابن مُعَيْرٍ السعدي: أخرجه الدارمي (٢/ ٢٣٥)، والطحاوي (٣/ ٣١٧)، وأحمد (١/ ٤٠٤).
و(ابن معير)؛ كذا وقع عندهم بالرّاء! ووقع عند ابن أبي حاتم: (معيز) بالزاي.
وكذا في «التجريد»، وقال:
«له إدراك». وفي «المشتبه»:
«تصغير (مَعَز): عبد الله بن مُعَيْزٍ السَّعْدِيُّ».
وكذا سماه الحافظ ابن حجر في آخر «تعجيل المنفعة»، ولم يترجم له في الأسماء.
لكن أبو بكر بن عياش – وإن كان من رجال البخاري – ففى حفظه ضعف، فهو والمسعودي متقاربان، فلا بد من مرجح.
وقد وُجِدَ؛ فقد تابع المسعوديَّ: سفيانُ؛ فقال: عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال:
جاء ابن النواحة رسولًا من عند مسيلمة إلى رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ.
«لو كنتُ قاتلًا رسولًا؛ لقتلتك ولضربت عنقك».
أخرجه ابن الجارود (١٠٤٦)، وابن حبان (٤٨٥٨ – الإحسان)، والبيهقي (٩/ ٢١١)، وأحمد (١/ ٤٥٦)، والبزار (١٦٨١)، وقال:
«لا نعلم رواه هكذا إلا الثوري»!
قلت: قد وجدت له متابعًا، فقال أبو يعلى في «مسنده» (٣/ ١٢٦٤): حدثنا إبراهيم بن الحَجَّاج: نا سَلام أبو المنذر: نا عاصم … به أتم منه.
٨ ‏/ ١٠٧
وهذه متابعة قوية، سلام أبو المنذر (وفي الأصل: ابن المنذر! خطأ) صدوق يهم.
فالإسناد جيد.
وللحديث طريق أخرى من رواية قيس بن أبي حازم قال:
جاء رجل إلى ابن مسعود … الحديث.
أخرجه الطبراني (٨٩٥٦) من طريق عبد الرزاق، وهذا في «المصنف» (١٠/ ١١٧٠٨) عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عنه.
وهذا إسناد صحيح.

١٦٧ – باب في أمان المرأة
٢٤٦٨ – عن ابن عباس قال: حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب:
أنها أجارت رجلًا من المشركين يوم الفتح، فأتَتِ النبيَّ ﷺ، فذست له ذلك، فقال:
«قد أَجَرْنا مَنْ أَجَرْت، وأمَّنَّا مَنْ أمَّنْتِ».
(قلت: حديث صحيح. رواه ابن الجارود بتمامه، والشيخان دون قوله: «وأمَّنا …» من طريق آخر عنها).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب قال: أخبرني عِيَاضُ بن عبد الله عن مَخْرَمَةَ بن سليمان عن كُرَيْبٍ عن ابن عباس.
قلت: إسناده على شرط مسلم، على لين في عياض بن عبد الله – وهو الفِهْرِيُّ المدني، ثم المصري -، ولكنه قد توبع على الحديث من طرق كما يأتي.

٨ ‏/ ١٠٨
والحديث أخرجه الحاكم (٤/ ٥٣ – ٥٤)، والبيهقي (٩/ ٩٥) من طرق أخرى عن ابن وهب.
وسكت عنه الحاكم والذهبي!
وأخرجه مالك (١/ ١٦٦)، وعنه البخاري (٣٥٧ و٣١٧١ و٦١٥٨)، ومسلم (٢/ ١٥٨)، وأبو عوانة (٢/ ٢٩٣ – ٢٩٤)، والدارمي (١/ ٣٣٩ و٢/ ٢٣٤)، والبيهقي (٩/ ٩٤ – ٩٥)، وأحمد (٦/ ٣٤٣ و٤٢٣ و٤٢٥) كلهم عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله: أن أبا مُرَّةَ مولى عَقِيلِ بن أبي طالب أخبره: أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول … فذكره؛ دون قوله: «وأمَّنَّا من أمَّنت».
وكذلك رواه إبراهيم بن عبد الله بن حسين عن أبي مرة: عند أحمد (٦/ ٣٤٢).
لكن قد رواه سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيّ عن أبي مرة … بالزيادة.
أخرجه ابن الجارود (١٠٥٥)، وأحمد (٦/ ٣٤١ و٣٤٣ و٤٢٣)، والحميدي (٣٣١)، والطحاوي (٣/ ٣٢٣)، والبيهقي.
فهذا شاهد قوي لحديث الباب، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وللترمذي منه (١٥٧٩) الزيادة فقط، وقال:
«حديث حسن صحيح».

٢٤٦٩ – عن عائشة قالت:
إنْ كانتِ المرأةُ لَتُجِيرُ على المؤمنين؛ فَيَجُوزُ.
(قلت: (*)


(*) كذا في أصل الشيخ رحمه الله؛ لم يورد قوله. (الناشر).
٨ ‏/ ١٠٩
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٩٥) من طريق الأ عمش عن إبراهيم … به.
وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:
«إن المرأة لَتَأْخُذُ للقوم»؛ يعني: تُجير على المسلمين.
أخرجه الترمذي (١٥٧٩)، وقال:
«حديث حسن غريب. وسألت محمدًا (يعني: الإمام البخاري)؟ فقال: هذا حديث صحيح».

١٦٨ – باب في صُلْحِ العَدُوِّ
٢٤٧٠ – عن المِسْوَر بن مَخْرَمَةَ قال:
خرج النبي ﷺ – زمن الحُدَيْبيَّةِ – في بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً من أصحابه، حتى إذا كانواب (ذي الحُلَيْفَةِ)؛ قَلَّدَ الهَدْيَ، وأشعره، وأحرم بالعمرة … وساق الحديث؛ قال:
وسار النبي ﷺ، حتى إذا كان بالثَّنِيَّةِ التي يَهْبِطُ عليهم منها؛ بَرَكَتْ به راحلته. فقال الناس: حَلْ حَلْ، خلأت القَصواء (مرتين)! فقال النبي ﷺ:
«ما خلأتْ، وما ذلك لها بِخُلُقٍ! ولكن حَبَسَها حابسُ الفِيلِ». ثم قال:

٨ ‏/ ١١٠
«والذي نفسي بيده! لا يسألوني خُطَّةً يُعَظِّمُونَ بها حُرُماتِ الله؛ إلا أعطيتُهم إياها».
ثم زَجَرَها؛ فوثبت، فعدل عنهم؛ حتى نزل بأقصى (الحديبية) – على ثَمَدٍ قليل الماء؛ فجاءه بُدَيْلُ بن وَرْقَاءَ الخُزَاعِيُّ، ثم أتاه – يعني – عروة بن مسعود، فجعل يُكَلِّمُ النبي ﷺ. فكلما كلَّمه؛ أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على النبي ﷺ، ومعه السيف، وعليه المِغْفَرُ، فضرب يَدَهُ بِنَعْل المسيف؛ وقال: أَخِّرْ يَدَكَ عن لِحْيته! فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة. فقال: أيْ غُدَرُ! أَوَلَسْتُ أَسْعَى في غَدْرَتِكَ؟ ! وكان المغيرة صَحِبَ قومًا في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي ﷺ:
«أما الإسلام؛ فقد قَبِلْنا. وأما المال؛ فإنه مال غَدْرٍ لا حاجة لنا فيه …». فذكر الحديث.
فقال النبي ﷺ:
«اكتب: هذا ما قضى عليه محمد رسول الله …»، وقص الخبر؛ فقال سُهَيْلٌ: وعلى أنه لا يأتيك مِنَّا رجل – وإن كان على دينك – إلا رَدَدْتَهُ إلينا. فلما فرغ من قضية الكتاب؛ قال النبي ﷺ لأصحابه:
«قوموا فانْحَرُوا، ثم احْلِقُوا».
ثم جاء نسوة مؤمنات مهاجرات … الآية (١)، فنهاهم الله أن يَرُدُّوهن،


(١) أي: فذكر الآية، وهو اختصار شديد من المؤلف رحمه الله! ويعني: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ …﴾.
٨ ‏/ ١١١
وأمرهم أن يَرُدُّوا الصَّداق.
ثم رجع إلى المدينة، فجاءه أبو بَصِيرٍ – رجل من قريش – يعني: فأرسلوا في طلبه، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به، حتى إذا بلغا ذا الحليفة؛ نزلوا يأكلون من تَمْرٍ لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله! إني لأرى سيفك هذا يا فلان! جيدًا، فاستلَّه الآخر؛ فقال: أجلْ قد جَرَّبْتُ به. فقال أبو بصير: أَرِني أَنْظُرْ إليه! فَأَمْكَنَهُ منه، فضريه حتى بَرَدَ، وفرَّ الآخر؛ حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال النبي ﷺ:
«لقد رأى هذا ذُعْرًا».
فقال: قد قُتِلَ – والله! – صاحبي، وإني لَمَقْتولٌ! فجاء أبو بصير فقال: قد أوفى الله ذِمَّتَكَ، قد رَدَدْتَنِي إليهم؛ ثم نجَّاني الله منهم. فقال النبي ﷺ:
«ويلُ أمِّهِ! مِسْعَرَ حَرْبٍ؛ لو كان له أحدٌ!».
فلما سَمعَ ذلك؛ عَرَفَ أنه سَيَرُدُّةُ إليهم. فخرج حتى أتى سَيْفَ البحر، وينفلتُ أبو جَنْدَلٍ فَلَحِقَ بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عِصَابَةٌ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري مطولًا، وهو وابن الجارود مختصرًا).
إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: أن محمد بن ثور حدثهم عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن ثور – وهو الصنعاني -، وهو ثقة.
٨ ‏/ ١١٢
وهذا إن كان ابن عبيد: هو ابن حِسَابٍ البصري.
وإن كان ابن محمد المحاربي الكوفي؛ فليس من رجال مسلم، وإن كان ثقة، ولم يتعين أيهما المراد عندي؛ لأنهما كليهما يرويان عن ابن ثور، ويروي عنهما المؤلف، كما في «التهذيب». والله أعلم.
وقد أعاده المصنف بطرف من الحديث في «السنة» قبيل «باب في فضل أصحاب رسول الله ﷺ».
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٢٨) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه (٩/ ٢١٨ – ٢٢١)، والبخاري (١٦٩٤ و١٦٩٥ و١٨١١ و٢٧٣١ و٢٧٣٢)، وعبد الرزاق (٩٧٢٠)، وعنه ابن الجارود (٥٠٥)، وأحمد (٤/ ٣٢٨ – ٣٣٢) من طرق أخرى عن معمر … به مطولًا ومختصرًا.
ثم أخرجه البخاري (٢٧١١ و٢٧١٢ و٤١٧٨ و٤١٤٩ و٤١٨٥ و٤١٨١)، والبيهقي (٩/ ٢٢٣ و٢٢٨ – ٢٢٩) من طرق أخرى عن الزهري … ببعضه.
ورواه أحمد (٤/ ٣٢٣) من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري … مطولًا، وصرح بالتحديث في «السيرة» (٣/ ٣٥٦).
وعزاه المنذري (٤/ ٧٧) لمسلم أيضًا، وهو من أوهامه!

٢٤٧١ – وفي رواية عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم:
أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيهن الناس، وعلى أن بيننا عَيْبَةً مَكْفُوفةً، وأنه لا إسلال ولا إغلال.
(قلت: حديث حسن).

٨ ‏/ ١١٣
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس قال: سمعت ابن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة و…
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث، لولا أنه عنعن، لكنه قد صرح بالتحديث في بعض الروايات عنه؛ فالحديث حسن.
والحديث في «السيرة» (٣/ ٣٥٦ – ٣٦٦): قال ابن إسحاق: حدثني ابن شهاب الزهري … به الحديث مطولًا جدًّا، نحو الذي قبله؛ ذكر المؤلف طرفًا منه.
ومن طريق ابن إسحاق: أخرجه البيهقي (٩/ ٢٢١ – ٢٢٢ و٢٢٧ – ٢٢٨)، وأحمد (٤/ ٣٢٣ – ٣٢٦).

٢٤٧٢ – عن حَسَّانَ بنِ عَطِيَّةَ قال: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن مَعْدَانَ، ومِلْتُ معهما، فحدثنا عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ قال: قال جبير:
انْطَلِقْ بنا إلى ذي مِخْبَرٍ – رجلٌ من أصحاب النبي ﷺ -، فأتيناه، فسأله جبير عن الهُدْنَةِ؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«ستصالحون الرومَ صلحًا آمنًا، وتَغْزُونَ أنتم وهم عدوًّا من ورائكم».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا عيسى بن يونس: ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية.
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ غير ذي مخبر، وهو صحابي معروف.

٨ ‏/ ١١٤
والحديث أخرجه ابن ماجه (٤٠٨٩) من طريق أخرى عن عيسى:
وابن حبان (١٨٧٤ و١٨٧٥)، والحاكم (٤/ ٤٢١)، والبيهقي (٩/ ٢٢٣)، وأحمد (٤/ ٩١ و٥/ ٣٧١) من طرق أخرى عن الأوزاعي … به.
وله عنده تتمة قد ساقها المؤلف بالسند نفسه في أول «الملاحم». وقال الحاكم والذهبي:
«صحيح الإسناد».

١٦٩ – باب في العدو يُؤْتَى على غِرَّةٍ ويُتَشبَّهُ بهم
٢٤٧٣ – عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ:
«مَنْ لِكَعْب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله؟ !».
فقام محمد بن مسلمة فقال: أنا يا رسول الله! أتُحِبُّ أن أقتله؟ قال: «نعم».
قال: فَأْذَنْ لي أن أقولَ شيئًا. قال:
«نعم، قُلْ».
فأتاه فقال: إن هذا الرجل قد سألنا الصدقة، وقد عَنَّانَا. قال: وأيضًا لَتَمَلُّنَّهُ! قال: اتَّبعْنَاهُ؛ فنحن نكره أن نَدَعَهُ حتى ننظر إلى أيِّ شيء يصير أمره؟ وقد أردنا أن تُسلِفنا وَسْقًا أو وَسْقَيْنِ. قال كعب: أيَّ شيءٍ ترهنوني؟ قالوا: وما تريد منا؟ قال: نساءَكم. قالوا: سبحان الله! أنت أجمل العرب؛ نرهنك نساءنا، فيكون ذلك عارًا علينا! قال: فترهنوني أولادكم. قالوا: سبحان الله! يُسَبُّ ابنُ أحدِنا فيقال: رُهِنْتَ بوَسْق أو وَسْقَيْنِ!

٨ ‏/ ١١٥
قالوا: نرهنك الَّلأمَة، يريد: السلاح -. قال: نعم. فلما أتاه، ناداه، فخرج إليه وهو مُتَطَيِّبٌ يَنْضَح رأسُهُ، فلما أن جلس إليه – وقد كان جاء معه ثلاثة أو أربعة -، فذكروا له قال: عندي فلانة، وهي أعطر نساء الناس، قال: تَأْذَنُ لي فَأَشُمَّ؟ قال: نعم. فأدخل يَدَهُ في رأسه فَشَمَّهُ، قال: أعود؟ قال: نعم. فأدخل يَدَهُ في رأسه، فلما استمكن منه؛ قال: دُونَكُم! فضربوه حتى قتلوه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٢٥١٠ و٣٠٣١ و٣٠٣٢ و٤٠٣٧)، ومسلم (٥/ ١٨٤)، وأبو عوانة (٤/ ٣٤٦ – ٣٤٨)، والبيهقي (٩/ ٨١) من طرق أخرى عن سفيان – وهو ابن عيينة -.
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (١٢٥٠): ثنا سفيان … به.
وللحديث طريق أخرى عن جابر … مختصرًا.
أخرجه الحاكم (٣/ ٤٣٤)، وقال:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وهو عندي حسن الإسناد.
وله شاهد من حديث ابن عباس: رواه ابن إسحاق في «السيرة» (٢/ ٤٣٨ –
٨ ‏/ ١١٦
٤٣٩): فحدثني ثور بن زيد عن عكرمة عنه … مطولًا.
ومن طريقه: أحمد (١/ ٢٦٦)، والبزار (١٨٠١)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١١٥٥٤ و١١٥٥٥) ثلاثتهم عن ابن إسحاق … به مختصرًا.
وعزاه إليهم الهيثمي (٦/ ١٩٦)؛ وأعله بقوله:
«وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وبقية رجاله رجال (الصحيح)»!
وذهل عن تصريح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد، فضلًا عن «السيرة»!
ورواه ابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٣٣) من طريق أيوب عن عكرمة … مرسلًا.
وهو رواية للبزار (١٨٠٢) من طريق ابن إسحاق عن ثور عن عكرمة.
ورواه ابن سعد أيضًا عن الزهري … مرسلًا.
وعبد الرزاق (٩٣٨٨) عنه عن ابن كعب بن مالك:
أن كعب بن الأشرف كان يهجو النبي ﷺ ويؤذيه … الحديث نحوه.
وهو مرسل أيضًا.
لكن وصله المؤلف بذكر كعب بن مالك؛ كما سيأتي في «الخراج/ باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة» (رقم ٢٦٥٤).

٢٤٧٤ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«الإيمان قَيَّد الفَتْكَ؛ لا يَفتِك مُؤْمِنٌ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وجزم الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام بنسبته إلى النبي ﷺ).

٨ ‏/ ١١٧
إسناده: حدثنا محمد بن خزَابَةَ: ثنا إسحاق – يعني: ابن منصور -: ثنا أسباط الهَمْدَانِيُّ عن السُّدِّي عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في أسباط.
غير ابن حُزابة، وهو ثقة.
وأبي السدي – واسمه عبد الرحمن بن أبي كريمة -؛ وهو مجهول الحال، كما قال الحافظ.
لكن الحديث صحيح بما له من الشواهد، وسأذكر بعضها، ولعله لذلك جزم بنسبته إلى النبي ﷺ: الإمامُ أبو عبيد القاسم بن سلام في «الإيمان» (ص ٨٤).
وأعله المنذري بغير أبي السُّدِّيِّ، فقال:
«في إسناده أسباط بن نصر الهَمْداني، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وقد أخرج لهما مسلم، وتكلم فيهما غير واحد من الأئمة»!
قلت: وإعلاله بوالد السدي – عبد الرحمن – كما فعلنا أَوْلَى؛ لأمرين:
أحدهما: أنه لم يخرج له مسلم.
والآخر: أنه لم يوثقه أحد – اللهم إلا ابن حبان؛ وهو معروف بتساهله في التوثيق -، وما حدّث عنه سوى ولده – كما قال الذهبي في «الميزان» -، وسكت عنه في «الكاشف»؛ فلم يوثقه. وقول الحافظ في «التقريب»:
«مجهول الحال»!
لا يتماشى مع القواعد؛ لأن شرط مجهول الحال أن يروي عنه اثنان فصاعدًا؛ فتنبه!
والحديث أخرجه الحاكم (٤/ ٣٥٢) من طريق أخرى عن أسباط بن نصر … به، وقال:
٨ ‏/ ١١٨
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
فغفلا عن حال والد السدي!
ومن شواهد الحديث: ما أخرجه أحمد (٤/ ٩٢)، والحاكم من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان بن الحكم قال:
دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالت: يا معاوية! قتلت حُجْرًا وأصحابه، وفعلت الذي فعلت؛ ألا تخشى أن أَخْبَأَ لك رجلًا فَيَقْتُلَكَ؟
قال: لا؛ إني في بيت أمان، سمعت رسول الله ﷺ يقول … فذكره.
ومنها: ما رواه الحسن عن الزبير بن العوام مرفوعًا … به.
رواه أحمد (١/ ١٦٦).

١٧٠ – باب في التكبير على كُلِّ شَرَفٍ في المسير
٢٤٧٥ – عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله ﷺ كان إذا قَفَل من غزوٍ أو حَجٍّ أو عمرةٍ؛ يُكَبِّرُ على كل شَرَفٍ من الأرض ثلاثَ تكبيراتٍ، ويقول:
«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
آيبون، تائبون، عابد ون، ساجدون، لربنا حامدون.
صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده».

٨ ‏/ ١١٩
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٦٨) … بإسناده ومتنه.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (١٧٩٧ و٦٣٨٥)، ومسلم (٥/ ١٠٤)، والنسائي في «السير» من «الكبرى» – كما في «التحفة» (٦/ ٢١٠) -، والبيهقي (٥/ ٢٥٩)، وأحمد (٢/ ٦٣) من طرق عن مالك … به؛ وقد قرن البيهقي معه: عمر بن محمد وعبد الله بن عمر.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٣٠٨٤)، ومسلم والترمذي (٩٥٠)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٥٢٠)، وعبد الرزاق في «المصنف» (٥/ ٩٢٣٥)، وعنه الطبراني (١٣٣٧١)، وأحمد (٢/ ٥ و١٥ و١٠٥) من طرق أخرى عن نافع … به؛ وقرن به أحمد في روايةٍ: سالمَ بنَ عبد الله بن عمر.
وهو رواية للبخاري (٤١١٦)، والبيهقي.
وأخرجاه في رواية أخرى لهما، وكذا أحمد (٢/ ١٠)، والحميدي (٦٤٣)، وأبو يعلى (٤/ ١٣٢٩ – ١٣٣٠)، والطبراني (١٣١٩٦) من طرق أخرى عن سالم عن أبيه … به.
ولفقرة: «آيبون …» طريق ثالث عن ابن عمر، تقدم في «٧٩ – باب ما يقول الرجل إذا سافر» برقم (٢٣٣٩).
٨ ‏/ ١٢٠
١٧١ – باب في الإذن في القُفُولِ بعد النهي
٢٤٧٦ – عن ابن عباس قال:
﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ …﴾ الآية؛ نسختها التي في ﴿النور﴾: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ …﴾ إلى قوله: ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
(قلت: إسناده حسن، وأشار البيهقي إلى تقويته).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيُّ: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النَّحْوِيِّ عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجابه ثقات؛ على ضعف في علي بن حسين – وهو ابن واقد المروزي -؛ قال في «التقريب»:
«صدوق يهم». وأشار إلى هذا المنذري بقوله فيه:
«وفيه مقال».
وهذا مما لا ينبغي أن يستلزم منه أنه ضعيف؛ كما فعل المنذري في بعض متون هذا الإسناد؛ كما تقدم بيانه في الحديث المتقدم برقم (١٨٢٢).
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٧٣) من طريق المصنف، وأشار إلى تقويته بقوله عقبه:
«وكذلك رواه عطية بن سعد عن ابن عباس».
وعزاه في «الدر المنثور» (٣/ ٢٤٧) لأ بي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، وفاته أن يقرن معهم المؤلف! ولكنه أورده بزيادة في آخره:
٨ ‏/ ١٢١
فجعل الله النبي ﷺ بأعلى النظرين في ذلك؛ من غزا غزا في فضيلة، ومن قعد قعد في غير حرج إن شاء.
وأخرجه ابن جرير مرسلًا، فقال (١٠/ ١٠١): حدثنا ابن حُمَيْدٍ قال: ثنا يحيى بن واضح عن الحسين عن يزيد عن عكرمة والحسن البصري قالا … فذكره نحوه.
وابن حُمَيْدٍ – واسمه محمد الرازي – ضعيف مع حفظه.

١٧٢ – باب في بعثة السرايا (*)
٢٤٧٧ – عن جرير قال: قال لي رسول الله ﷺ:
«ألا تُرِيحُني من ذي الخَلَصَةِ؟».
فأتاها فحرَّقها، ثم بعث رجلًا من أَحْمَسَ إلى النبي ﷺ؛ يُبَشِّرُهُ – يُكْنَى أبا أرطاة -.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه بأتم منه).
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا عيسى عن إسماعيل عن قيس عن جرير.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وقيس: هو ابن أبي حازم.
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وعيسى هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وقد توبع.


(*) في طبعة الدعاس: «في بعثة البشراء». (الناشر).
٨ ‏/ ١٢٢
والحديث أخرجه البخاري (٣٠٤٠ و٣٠٧٦ و٤٣٥٦ و٤٣٥٧ و٦٣٣٣)، ومسلم (٧/ ١٥٧)، والبيهقي (٩/ ١٧٤)، وأحمد (٤/ ٢٦٠ و٢٦٢ و٢٦٥)، والحميدي (٧٩٩)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٢٥٢ – ٢٢٥٦) من طرق أخرى عن إسماعيل … به.
ورواه البخاري أيضًا (٣٨٢٣ و٤٣٥٥)، ومسلم والطبراني (٢٢٨٩) من طريق بيان عن قيس.
وبيان: هو ابن بشر الأحمسي.
وتابعه الحسن بن عُمَارة عن طارق بن عبد الرحمن عن قيس … به.
لكن الحسن هذا متروك، وقد خالف اجماعة في بعض الأحرف.

١٧٣ – باب في إعطاء البشير
٢٤٧٨ – عن كعب بن مالك قال:
كان النبي ﷺ إذا قَدِمَ من سفر؛ بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس … وقص ابن السرح الحديث؛ قال:
ونهى رسول الله ﷺ المسلمين عن كلامنا – أيُّها الثلاثةُ! -، حتى إذا طال عليَّ؛ تسورت جد ار حائط أبي قتادة – وهو ابن عمي -، فسلَّمْتُ عليه، فوالله! ما ردَّ عليَّ السلام.
ثم صليت الصُّبْحَ صباح خمسين ليلةً على ظهربيت من بيوتنا، فسمعت صارخًا: يا كعبُ بنَ مالك! أبْشِرْ! فلما جاءني الذي سمعت صوته يُبَشِّرُني؛ نزعت له ثوبيَّ فكسوتهما إياه.

٨ ‏/ ١٢٣
فانطلقت حتى دخلت المسجد؛ فإذا رسول الله ﷺ جالس، فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرول، حتى صافحني وهَنَّأني.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه مطولًا جدًّا بإسناد المؤلف، وكذلك البخاري من طريق أخرى).
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث طرف من حديث كعب بن مالك في تخلُّفه في غزوة تبوك، وتوبة الله عليه، وهو طويل جدًّا، روى المؤلف منه أطرافًا متفرقة بهذا الإسناد وغيره، وقد مضى شيء منه هنا في «الجهاد» برقم (٢٣٤٤ و٢٣٧٠)، وفي «الطلاق» برقم (١٩١٢)، ويأتي بعضه في «النذور والأيمان»، وفي أول «السنة» إن شاء الله تعالى.
وقد أخرجه بطوله مسلم (٨/ ١٠٥ – ١١٢) … بإسناد المؤلف هنا.
وكذلك أخرجه البخاري (٤٤١٨) … بطوله.
والبيهقي (٩/ ٣٣ – ٣٦) من طريق عُقَيْلٍ عن ابن شهاب … به.
وأخرج البخاري أطرافًا منه في مواطن متفرقة (٣٩٥١ و٤٦٧٣ و٤٦٧٨ و٦٢٥٥ و٧٢٢٥)، وكذا البيهقي (٩/ ١٥٠ و١٥١ و١٧٤).
وأخرجه عبد الرزاق (٩٧٤٤)، وعنه أحمد (٦/ ٣٨٧ – ٣٩٠) من طريق معمر عن الزهري … بطوله؛ إلا أنه قال: عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن
٨ ‏/ ١٢٤
أبيه .. لم يذكر في إسناده: عبد الله بن كعب.
وكذلك رواه الترمذي (٣١٠١) من طريق عبد الرزاق … ببعضه، وأشار إلى هذا الاختلاف وغيره.
وعبد الرحمن بن كعب: هو أخو عبد الله بن كعب؛ وقد قال أحمد بن صالح:
«لم يسمع الزهري من عبد الرحمن بن كعب شيئًا؛ إنما روى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب».
وقد أخرجه أحمد (٣/ ٤٥٦ – ٤٥٩) من طريق ابن أخي الزهري عن عمه محمد بن مسلم الزهري … به مثل رواية عُقَيْلٍ.
وهو رواية لمسلم؛ لكن وقع فيه: (عبيد الله)؛ مصغرًا.

١٧٤ – باب في سجود الشكر
٢٤٧٩ – عن أبي بَكْرَةَ عن النبي ﷺ:
أنه كان إذا جاءه أمرُ سرورٍ أو يُسَرُّ به؛ خرَّ ساجدًا شاكرًا لله.
(قلت: حديث صحيح، وحَسَّن إسنادَه الترمذيُّ، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا أبو عاصم عن أبي بكرة بَكَّارِ بن عبد العزيز: أخبرني أبي عبد العزيز عن أبي بكرة.
قلت: وهذا إسناد حسن – أو محتمل للتحسين -، رجاله ثقات؛ غير بكار بن عبد العزيز، فإنه قد اختلف فيه، فقال ابن معين:

٨ ‏/ ١٢٥
»ليس بشيءٍ«. وقال في رواية:
»صالح«. وقال ابن عدي:
»أرجو أنه لا بأس به، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم«. وقال»ليس به بأس«. وقال مرة:
»ضعيف«.
وذكره ابن حبان في»الثقات«. ولخص ذلك الحافظ» فقال في «التقريب»: «صدوق يهم». قال الذهبي في «الكاشف»:
«فيه لين».
قلت: وقال الترمذي:
«مُقارب الحديث»؛ وحسن له هذا الحديث كما يأتي. وقال المنذري في «مختصره» (٤/ ٨٦):
«فيه مقال، وقد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء بن عازب بإسناد صحيح، ومن حديث كعب بن مالك، وغير ذلك».
والحديث أخرجه الترمذي (١٥٧٨)، وابن ماجه (١٣٩٤)، والبيهقي (٢/ ٣٧٠) من طرق أخرى عن بكار بن عبد العزيز … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث بكار، وهو مقارب الحديث».
ومن طريقه: أخرجه أحمد وغيره … بنحوه؛ وزاد فيه:
٨ ‏/ ١٢٦
«هلكت الرجال إذا أطاعت النساء ..».
ومع ذلك؛ صححه الحاكم والذهبي! !
وقد أوردته – من أجل هذه الزيادة – في «الضعيفة» (٤٣٦).
أما حديث الباب؛ فصحيح قطعًا؛ لأن له شواهد كثيرة، قد خرجت جملة طيبة منها في «الإرواء» (٤٧٤)؛ أحدها: حديث البراء الذي صححه المنذري – كما تقدم – وهو تابع في ذلك للبيهقي كما تراه هناك، وأقره الحافظ في «التلخيص» (ص ١١٥).
وأما حديث كعب بن مالك الذي أشار إليه المنذري؛ فقد أخرجه ابن ماجه (١٣٩٣) من طريق عبد الرزاق … بإسناده عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال:
لما تاب الله عليه؛ خرَّ ساجدًا.
وصحح إسناده البوصيري!
وهو منقطع؛ لأنه قطعة من حديثه الطويل في توبته، وقد أشرت إليه في آخر الحديث الذي قبله.

١٧٥ – باب في الطُّرُوقِ
٢٤٨٠ – عن جابر بن عبد الله قال:
كان رسول الله ﷺ يَكْرهُ أن يأتيَ الرَّجُلُ أهلَهُ طُرُوقًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).

٨ ‏/ ١٢٧
إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: ثنا شعبة عن مُحَارِبِ بن دِثَارٍ عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (١٧٢٤)، ومن طريقه أبو عوانة (٤/ ١١٥)، والبيهقي (٥/ ٢٦٠): حدثنا شعبة … به.
وأخرجه البخاري (١٨٥١) … بإسناد المؤلف الثاني: حدثنا مسلم بن إبراهيم؛ بلفظ:
نهى أن يَطْرُقَ أَهْلَة ليلًا.
ثم أخرجه البخاري (٥٢٤٣)، ومسلم (٦/ ٥٦)، وأبو عوانة والبيهقي وأحمد (٣/ ٢٩٩) من طرق أخرى عن شعبة … به.
وتابعه سفيان عن محارب … بلفظ مسلم بن إبراهيم؛ وزاد:
يتخوَّنهم، أو يلتمس عثراتهم.
أخرجه مسلم وأبو عوانة وأحمد (٣/ ٣٠٢)، والدارمي (٢/ ٢٧٥). وفي رواية لأبي عوانة:
أتى ابن رواحة امرأته وامرأةٌ تمشطها، فأشار بالسيف، فذُكِرَ ذلك لرسول الله ﷺ؛ فنهى أن … الحديث.
هكذا وقع في الأصل، ونقله عنه الحافظ في «الفتح» (٩/ ٣٤١) بلفظ:
… امرأته ليلًا، وعندها امرأة تمشطها، فظنها رجلًا، فأشار إليها بالسيف … وهذا أتم.
٨ ‏/ ١٢٨
وللحديث طرق أخرى عن جابر: عند أحمد (٣١٠/ ٣ و٣٥٨ و٣٩١ و٣٩٥ و٣٩٩) وأبي عوانة، ولفظه:
كان ينهى أحدَنا إذا جاء من سفره أن يطرق أهله.
وهو رواية لأحمد. وفي طريق آخر له:
نهانا عن الطروق إذا جئنا من السفر.
ومن طرقه: الآتي عند المصنف بعده.

٢٤٨١ – ومن طريق أخرى عنه اعن النبي ﷺ قال:
«إن أحسنَ ما دخل الرجلُ على أهله – إذا قدم من سفر – أَوَّلُ الليل».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه بنحوه).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن مُغِيرَةَ عن الشعبي عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بنحوه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٥٢٤٦)، ومسلم (٦/ ٥٥)، وأبو عوانة (٥/ ١١٤)، وأحمد (٣/ ٢٩٨ و٣٥٥) من طريق شعبة عن سَيَّارٍ عن الشعبي … نحوه؛ ولفظه:
«إذا دخلت ليلًا؛ فلا تدخل على أهلك، حتى تَسْتَحِدَّ المُغيبَةُ، وتَمْتَشِطَ الشَّعِثَة».

٨ ‏/ ١٢٩
وقد جاء من طريق أخرى عن سيار بلفظ آخر؛ وهو الآتي بعده.

٢٤٨٢ – وفي رواية عنه قال:
كنا مع النبي ﷺ في سفر، فلما ذهبنا لندخل؛ قال: «أَمْهِلُوا حتى نَدْخُلَ ليلًا؛ لكي تمتشطَ الشَّعِثَةُ، وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكلذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
قال أبو داود: «قال الزهري: الطروق بعد العشاء (١)».
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا هُشَيْمٌ: أخبرنا سَيَّارٌ عن الشعبي عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٣/ ٣٠٣) … بإسناده ومتنه؛ إلا أنه زاد – بعد قوله: «ليلًا» -: «أي: عِشاءً».
وهي في «الصحيحين» أيضًا، فقد أخرجه البخاري (٥٠٧٩ و٥٢٤٥ و٥٢٤٧)، ومسلم (٦/ ٥٥)، وأبو عوانة (٤/ ١١٥) وكذا النسائي في «عشرة النساء» من «الكبرى» – كما في «التحفة» (٢/ ٢٠٥) – من طرق أخرى عن هشيم … به مع الزيادة. ولهذا قال الحافظ (٩/ ٣٤١ – ٣٤٢):
“هذا التفسير في نفس الخبر، وفيه إشارة إلى الجمع بين هذا الأمر بالدخول


(١) لم أجد الآن من وصله!
٨ ‏/ ١٣٠
ليلًا، والنهي عن الطروق ليلًا: بأن المراد بالأمر الدخول في أول الليل، وبالنهي الدخول في أثنائه».
قلت: وهو مما بينه المؤلف رحمه الله بما نقله عن الزهري: أن الطروق بعد العشاء. وزاده بيانًا بقوله – كما في بعض النسخ -:
«قال أبو داود: وبعد الغرب؛ لا بأس به».

١٧٦ – باب في التَّلَقِّي
٢٤٨٣ – عن السائب بن يزيد قال:
لمَّا قَدِمَ النبِيُّ ﷺ المدينةَ من غزوة (تبوك)؛ تلقَّاه الناس، فلقيتُه مع الصِّبْيَانِ على ثَنِيَّةِ الوداع.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري. وصححه الترمذي والبغوي).
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ: ثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح. فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي – واسمه: أحمد بن عمرو بن عبد الله أبو الطاهر المصري -.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٤٩): ثنا سفيان … به.
وإسناده ثلاثي، وسفيان: هو ابن عيينة.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٣٠٨٣ و٤٤٢٦ و٤٤٢٧)، ومن طريقه البغوي

٨ ‏/ ١٣١
في «شرح السنة» (١١/ ٢٧٦٠) – وقال: «حديث صحيح» -، والترمذي (١٧١٨) – وقال: «حديث حسن صحيح» -، والبيهقي (٩/ ١٧٥)، والطبراني (٦٦٥٣) كلهم من طرق عنه.

١٧٧ – باب فيما يُسْتَحَبُّ من إنفاد الزاد في الغزو إذا قَفَلَ
٢٤٨٤ – عن أنس بن مالك:
أن فَتىً من أسلم قال: يا رسول الله! إني أريد الجهاد، وليس لي مال أتجهَّز به! قال:
«اذهب إلى فلان الأنصاري؛ فإنه كان قد تَجَهَّزَ فَمَرِضَ، فقل له: إن رسول الله ﷺ يُقرئك السلام، وقل له: ادفع إليَّ ما تجهزت به».
فأتاه، فقال له ذلك. فقال لامرأته: يا فلانة! ادفعي إليه ما جَهَّزتنِي به، ولا تَحْبِسي منه شيئًا، فوالله! لا تحبسين منه شيئًا؛ فَيُبَارَكَ لك فيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت البُنَاني عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٤١)، والبيهقي (٩/ ٢٨)، وأحمد (٣/ ٢٠٧) من طرق أخرى عن حماد … به.

٨ ‏/ ١٣٢
١٧٨ – الصلاة عند القدوم من السفر
٢٤٨٥ – عن ابن عمر:
أن رسول الله – حين أقبل من حَجَّته – دخل المدينة، فأناخ على باب مسجده، ثم دخل فركع فيه ركعتين، ثم انصرت إلى بيته.
قال نافع: فكان ابن عمر كذلك يصنع.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن منصور الطُّوسِيُّ: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث.
ويعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٢٩): ثنا يعقوب … به.
وله شواهد؛ منها: حديث كعب بن مالك المتقدم قريبًا برقم (٢٤٧٨).

١٧٩ – باب في كراء المقاسم
١٨٠ – باب في التجارة في الغزو
١٨١ – باب في حمل السلاح إلى أرض العدو
[ليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]

٨ ‏/ ١٣٣
١٨٢ – باب في الإقامة بأرض الشرك
٢٤٨٦ – عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ: أما بعد؛ قال رسول الله ﷺ: «مَنْ جامع المشرك وسكن معه؛ فإنه مثله».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن داود بن سفيان: ثنا يحيى بن حسان: أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود: ثنا جعفر بن سعد بن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ: حدثني خبَيْبُ بن سليمان عن أبيه سليمان بن سَمُرَةَ عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل تقدم بيانها في غير ما حديث واحد بهذا الإسناد، تقدمت في الكتاب الآخر، أقربها الحديث (٤٧٢)، وإنما أوردت هذا هنا؛ لما له من الشواهد التي تؤيد معناه، كنت خرجتها معه في «إرواء الغليل» (٥/ ٢٩ – ٣٣)؛ منها: حديث جرير المتقدم برقم (٢٣٧٧):
«أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين».
والحديث أخرجه الطبراني (٧٠٢٣) من طريق أخرى عن يحيى.
و(٧٠٢٤) من طريق آخر عن جعفر بن سعد … به.
ورواه (٦٩٠٥) من طريق أخرى عن سمرة، صححها الحاكم والذهبي!
وفيه واهٍ بمرة، كما تراه في «الإرواء».

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – كتاب الطهارة -5

١١٣ – باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر ٣١٩ – عن سُمَيٍّ …