٢١٣٩ – عن أبي سعيد الخدري:
أن أعرابيًّا سأل النبي ﷺ عن الهجرة؟ فقال: «وَيْحَكَ! إن شأن الهجرة شديد، فهل لك من إبل؟». قال: نعم. قال: «فهل تؤدي صدقتها؟» .. قال: نعم. قال: «فاعمل من وراء البحار؛ فإن الله لن يَتِرَكَ من عملك شيئًا».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان، وابن حبان (٣٢٣٨».
إسناده: حدثنا مُؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة، وقد توبع عند الشيخين وغيرهما كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣/ ٢٤٥ و٥/ ١٨٧ و٧/ ٢٠٧ و١٠/ ٤٥٦)، ومسلم (٦/ ٢٨ – ٢٩)، والنسائي (٢/ ١٨٢) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم … به.
وإسناده مسلسل بالتحديث عند مسلم ورواية البخاري.
وتابعه أبو إسحاق الفَزَارِيُّ عن الأوزاعي … به: أخرجه أحمد (٣/ ١٤).
وإسناده صحيح أيضًا على شرطهما؛ والفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.
سألتُ عائشة رضي الله عنها عن البَداوة؟ فقالت:
كان رسول الله ﷺ يَبْدُو إلى هذه التِّلاعِ، وإنه أراد البَدَاوة مَرةً، فأرسل إليَّ ناقةً محرَّمةً من إبل الصدقة، فقال لي:
«يا عائشة! ارْفُقِي؛ فإن الرِّفْقَ لم يكن في شيء قطّ إلا زانَهُ، ولا نُزِعَ من شيء إلا شانَهُ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان. وأخرجه مسلم دون ذكر البداوة إلى التلاع).
إسناده: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا شَرِيك عن المقدام بن شريح.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لشريك -وهو ابن عبد الله القاضي- متابعة؛ لضعف في حفظه، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (١٩٩٥) من طريق أخرى عن عثمان بن أبي شيبة … به.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٥٨٠): حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا شريك … به؛ دون قوله: «يا عائشة! …».
وقد تابعه على هذا .. شعبة عن المقدام … به: أخرجه البخاري أيضًا (٤٦٩ و٤٧٥)، ومسلم (٨/ ٢٢ – ٢٣)، وأحمد (٦/ ١٢٥ و١٧١)؛ وزاد مسلم وأحمد في رواية:
«عليك بالرفق …» الحديث.
وتابعه إسرائيل عن المقدام؛ بلفظ:
خرج رسول الله ﷺ إلى البادية إلى إبل الصدقة، فأعطى نساءه بعيرًا بعيرًا غيري، فقلت: يا رسول الله! أعطيتهن بعيرًا بعيرًا غيري؟ ! فأعطاني بعيرًا آدَدَ صعبًا، لم يُرْكَبْ عليه، فقال:
«يا عائشة! …» الحديث.
أخرجه أحمد (٦/ ١١٢)؛ وسنده صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه (٦/ ٥٨ و٢٢٢) من طرق أخرى عن شريك … بتمامه.
٢ – باب في الهجرة؛ هل انقطعت؟
٢٢٤١ – عن معاوية قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التَّوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربها».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن حَرِيزٍ عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن أبي هند عن معاوية.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي هند؛ فإنه مجهول، لكنه قد توبع كما بينته في «إرواء الغليل» (١٢٠٨)، فأغنى عن الإعادة.
«في إسناده مقال»!
٢٢٤٢ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ -يوم الفتح فتح مكة-:
«لا هجرة، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإذا اسْتُنْفِرْتم، فانفِروا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٢٨) من طرق أخرى عن جرير … به.
وأخرجه هو، والبخاري وابن الجارود وغيرهم من طرق أخرى عن منصور … به.
وهو مخرج في «الإرواء» (١١٨٧)، مع شواهد له من حديث عائشة وصفوان ابن أمية وغيرهما.
٢٢٤٣ – عن عامر قال: أتى رجلٌ عبدَ الله بن عَمرو -وعنده القوم- حتى جلس عنده، فقال: أخْبِرْني بشيء سمعته من رسول الله ﷺ؟ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجرُ مَنْ هَجَرَ ما نهى الله عنه».
إسناده: حدثا مسدد: ثنا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد: ثنا عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده، لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٦٣ و١٩٢): ثنا يحيى بن سعيد … به.
وأخرجه النسائي (٢/ ٢٦٧) من طريق أخرى عن يحيى … به.
وأخرجه البخاري (١/ ٢٦٧)، وأحمد (٢/ ١٩٣ و٢١٢ و٢٢٤) من طريق زكريا -وهو ابن أبي زائدة- عن عامر: سمعت عبد الله بن عمرو … به مرفوعًا.
وتابعه شعبة عن إسماعيل وعبد الله بن أبي السَّفَرِ عن الشعبي … به: أخرجه أحمد (٢/ ٢٠٥ و٢١٢).
وله عنده (٢/ ٢٠٦ و٢١٥) طريق أخرى عن موسى بن عُلَيٍّ قال: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص قال. سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«تدرون من المسلم؟». قالوا: الله ورسوله أعلم! قال … (فذكر الشطر الأول منه). قال:
«تدرون من المؤمن؟». قالوا: الله ورسوله أعلم! قال:
«مَنْ أمِنَهُ المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، والمهاجر مَنْ هَجَرَ السوء واجتنبه».
وسنده صحيح على شرط مسلم.
٢٢٤٤ – عن ابن حَوالة قال: قال رسول الله ﷺ:
«سيصير الأمرُ إلى أن تكونوا جُنودًا مُجَنَّدَةً: جندٌ بالشام، وجندٌ باليمن، وجندٌ بالعراق».
قال ابن حَوَالة: خِرْ لي يا رسول الله! إن أدركت ذلك؟ فقال:
«عليك بالشام؛ فإنها خيرةُ الله مِنْ أرضه، يَجْتَبِي إليها خِيرتَهُ من عباده. فأما إن أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُركم؛ فإن الله توكل لي بالشام وأهله».
(قلت: إسناده صحيح، وله طرق صحَّح أحدَها الحاكمُ والذهبيُّ).
إسناده: حدثنا حَيْوَةُ بن شُريحٍ الحَضْرَمِيُّ: ثنا بقية: حدثني بَحِيرٌ عن خالد -يعني: ابن مَعْدَانَ- عن أبي قُتَيْلَة عن ابن حوالة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وبقية -وهو ابن الوليد الحمصي- إنما يُخْشَى منه التدليس، فقد صرح بالتحديث.
وبَحِيرٌ: هو ابن سَعْد السَّحُوليُّ الحمصي.
وأبو قتيلة -مصغرًا-: اسمه مَرْثَدُ بْنُ وَداعَةَ الجُعْفِيُّ، صحابي مُقِلٌّ.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ١١٠): ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد رَبِّهِ قالا: ثنا بقية … به.
وله طرق أخرى، أشرت إليها وخرجتها في «فضائل الشام»، رقم الحديث (٢)، صحَّح أحدَها الحاكمُ والذهبيُّ.
٢٢٤٥ – عن عِمْران بن حُصَيْنٍ قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوَأهُمْ، حتى يُقاتِلَ آخرهم المسيحَ الدَّجَّالَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قتادة عن مُطَرِّفٍ عن عمران.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه الحاكم (٢/ ٧١ و٤/ ٤٥٠)، ووافقه الذهبي؛ وقد خرجته في «الصحيحة» (١٩٥٩).
٥ – باب في ثواب الجهاد
٢٢٤٦ – عن أبي سعيد عن النبي ﷺ:
أنه سُئِلَ: أيُّ المؤمنين أكملُ إيمانًا؟ قال:
«رجل يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، ورجل يعبد الله في شِعْبٍ من الشِّعَاب، قد كُفِيَ الناسُ شَرَّهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا سليمان بن كَثِيرٍ: ثنا الزهري عن
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سليمان بن كثير، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
وعلقه البخاري (١١/ ٢٧٨) عنه وعن غيره.
ووصله هو، ومسلم (٦/ ٣٩) وغيرهما من طرق أخرى عن الزهري … به.
وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وقد خرجته في «الإرواء» (١١٩٣).
٦ – باب النهي عن السِّيَاحَةِ
٢٢٤٧ – عن أبي أمامة:
أن رجلًا قال: يا رسول الله! ائذن لي في السياحة؟ قال النبي ﷺ: «إن سياحةَ أمتي: الجهاد في سبيل الله تعالى».
(قلت: حديث حسن -أو صحيح-، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن عثمان التَّنُوخِيُّ: ثنا الهيثم بن حُمَيْدِ: أخبرني العلاء بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ إن سلم من اختلاط العلاء بن الحارث؛ فإنه ثقة.
وكذلك سائر رجاله؛ على ضعف يسير في القاسم أبي عبد الرحمن؛ وبه أعله المنذري، فقال في «مختصره»:
فلم يصنع شيئًا؛ فإن كل من كان حسن الحديث؛ فهو متكلم فيه، بل وقد يكون صحيح الحديث أيضًا، وإنما يضر في الراوي من الكلام ما كان جرحًا مفسرًا مسقطًا لحديثه! وليس القاسم كذلك، وإنما هو وسط. وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في «التقريب»:
«صدوق».
وتناقض الحافظ العراقي في هذا الحديث، فقال مرة في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٩٦):
«ضعيف». وقال في موضع آخر (٣/ ٣٦):
«إسناده جيد»!
قلت: وكان يكون كذلك، لولا اختلاط العلاء كما ذكرناه.
لكن للحديث شاهد من رواية سعد بن مسعود الكندي … مرفوعًا، وفيه قصة ابن مظعون في الترهُّب وغيره.
أخرجه ابن المبارك في «الزهد»، وعنه البغوي في «شرح السنة» (رقم ٤٨٤ – طبع المكتب الإسلامي).
وفي سنده ضعيفان، وكنت ذكرت في تخريجي الأول «للمشكاة» (٧٢٤) أني لم أقف على سنده، ولذلك فاتني أن أنبه على خطأ وقع لمؤلفه، وهو أنه جعله من (مسند عثمان بن مظعون)! وإنما هو من (مسند سعد بن مسعود) كما ذكرنا.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٧٣) من طريق التنوخي … به، وصححه هو والذهبي!
٢٢٤٨ – عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: «قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ».
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!).
إسناده: حدثنا محمد بنِ المُصَفَّى: ثنا علي بن عَيَّاش عن الليث بن سعد: ثنا حَيْوة عن ابن شُفَيٍّ عن شُفَيِّ بن مَاتِعٍ عن عبد الله -هو ابن عمرو-.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن شُفَي: اسمه حسين.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٧٤): ثنا إسحاق -يعني: ابن عيسى-: حدثني ليث بن سعد … به.
ورواه الحاكم (٢/ ٧٣) من طريق محمد بن المصفى … به؛ إلا أنه سقط من إسناده قوله: عن شفي بن ماتع … وقال:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
ورواه ابن الجارود (١٠٣٩) عن الليث.
٨ – باب فضل قتال الروم على غيرهم من الأمم
٩ – باب في ركوب البحر في الغزو
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»]
٢٢٤٩ – عن أنس بن مالك قال:
حدثتني أُمُّ حَرامٍ بنتُ مِلْحَانَ أُخْتُ أمِّ سُلَيْمٍ:
أن رسول الله ﷺ قَالَ عندهم، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: يا رسول الله! ما أضْحَكَكَ؟ ! قال:
«رأيت قومًا ممن يركب ظَهْرَ هذا البحرِ كالملوك على الأسِرّةِ».
قالت: قلت: يا رسول الله! ادْعُ الله أن يجعلَني منهم! قال:
«فإنَّكِ منهم».
قالت: ثم نام، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: يا رسول الله! ما أضحكك؟ ! فقال مِثْلَ مقالته. قلت: يا رسول الله! ادْعُ الله أن يجعلَني منهم! قال:
«أنتِ من الأولين».
قال: فتزوَّجها عُبادة بن الصامت فغزا في البحر، فحملها معه، فلمَّا رجع؛ قُرِّبَتْ لها بغلة لتركبها، فصرعتها، فاندقَّتْ عنُقُهَا، فماتت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا حَمَّاد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حَبّان عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وكذا رواه أحمد (٦/ ٤٢٣).
ثم أخرجه هو (٦/ ٣٦١ و٤٢٣)، والبخاري (٦/ ١٤)، والبيهقي من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد … به.
وله طريق أخرى عن أنس، وهي الآتية بعده:
٢٢٥٠ – ومن طريق ثانية عنه قال:
كان رسول الله ﷺ إذا ذهب إلى قُبَاءَ؛ يدخل على أُمِّ حرام بنتِ مِلْحَانَ -وكانت تحت عبادة بن الصامت-، فدخل عليها يومًا، فأطعمته، وجلست تَفْلِي رأسه … وساق الحديث.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٢/ ٢٠).
ومن طريقه: البخاري (٦/ ٨ و١١/ ٦٠ و١٢/ ٣٣٠)، ومسلم (٦/ ٤٩)، والترمذي (١٦٤٥)، والنسائي (٢/ ٦٣ – ٦٤)، وأحمد (٣/ ٢٤٠)، والبيهقي أيضًا (٩/ ١٦٥) كلهم عن مالك … به. وقال الترمذي:
وله طريق ثالث عن أنس … به نحوه: أخرجه البخاري (٦/ ٥٨)، ومسلم وأحمد (٣/ ٢٦٤ – ٢٦٥).
وله طريق ثانٍ عن أم حرام، وهو:
٢٢٥١ – عن أخت أمِّ سُلَيمٍ الرُّمَيْصَاءِ قالت:
نام النبي ﷺ؛ فاستيقظَ، وكانت تَغْسِلُ رأسها، فاستيقظ وهو يضحك، فقالت: يا رسول الله! أتضحك من رأسي؟ ! قال:
«لا …»، وساق هذا الخبر، يزيد وينقص.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أخت أم سُليم الرُّمَيْصاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ والرميصاء -مصغرًا-: هي أم حرام نفسها، وهي أخت أم سليم، كما هو مصرَّح به في هذا الإسناد.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤٣٥): ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر … به نحوه؛ إلا أنه قال: عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت … فذكره؛ ولم يسمِّ المرأة.
ووقع في «مصنف عبد الرزاق» (٩٦٢٩) … بهذا الإسناد:
أن امرأة حذيفة قالت …
ولم يَدْرِ محققه الأعظمي وجه هذا الاختلاف بين رواية المؤلف ورواية
٢٢٥٢ – عن أم حرام عن النبي ﷺ: أنه قال:
«المائد في البحرِ: الذي يُصِيبُه القَيْءُ؛ له أجر شهيد، والغَرِقُ له أجر شهيد».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّارٍ العَيْشي: ثنا مروان. (ح) وثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الجَوْبَرِيُّ الدمشقي -المعنى- قال: ثنا مروان: أخبرنا هلال بن ميمون الرملي عن يعلى بن شداد عن أم حرام.
قلت: إسناده حسن أو صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ على كلام يسير في الرملي هذا، ذكرته في «الإرواء»، وخرجت الحديث هناك (١١٩٤).
٢٢٥٣ – عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله ﷺ قال:
«ثلاثةٌ كلُّهم ضامن على الله عز وجل:
رجلٌ خرج غازيًا في سبيل الله؛ فهو ضامن على الله حتى يتوفَّاه، فيدخلَهُ الجنة، أو يَرُدَّهُ بما نال من أجر وغنيمة.
ورجلٌ راح إلى المسجد؛ فهو ضامن على الله حتى يتوفاه، فيدخلَهُ الجنة، أو يَرُدَّهُ بما نال من أجر وغنيمة.
ورجلٌ دخل بيته بسلام؛ فهو ضامن على الله عز وجل».
إسناده: حدثنا عبد السلام بن عَتِيقٍ: ثنا أبو مُسْهِرٍ: ثنا إسماعيل بن عبد الله: ثنا الأوزاعي: حدثني سليمان بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٧٣)، وعنه البيهقي (٩/ ١٦٦) من طريق أخرى عن أبي مُسْهِرٍ عبد الأعلى بن مُسْهِرٍ الغَسَّانيِّ … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠٩٤) من طريق عثمان بن أبي العاتكة قال: حدثني سليمان بن حبيب المحاربي … به. والحديث قال الحافظ في «الفتح» (٦/ ٦):
«أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة بلفظ …».
وأما قول المنذري في «مختصره» (٣/ ٣٦١) -وإن تبعه صاحب «عون المعبود» (٢/ ٣١٦)؟ ! -:
«وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي»!
فوهم لا أدري وجهه؟ !
ولعله التبس عليه بحديث أبي هريرة:
«تضمن الله لمن خرج في سبيله -لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي، وتصديق برسلي-: فهو عليَّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلًا ما نال من أجر أو غنيمة».
وأخرجه البخاري (٦/ ١٦٧)، والنسائي (٢/ ٥٦)، ومالك (٢/ ٢ – ٣) ثلاثتهم بلفظ: «تكفل الله …».
١١ – باب في فضل من قَتَلَ كافرًا
٢٢٥٤ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يَجْتَمِعُ في النار كافرٌ وقاتله أبدًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه).
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاحِ البَزَّازُ: ثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر- عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٤١) من طرق أخرى عن إسماعيل بن جعفر … به.
وأحمد (٢/ ٣٩٧) من طريق أخرى عنه.
ثم أخرجه (٢/ ٣٦٨ و٣٧٨ و٤١٢) من طرق أخرى عن العلاء بن عبد الرحمن … به.
وتابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة … نحوه؛ ولفظه:
«لا يجتمعان في النار اجتماعًا يضرُّ أحدهما الآخر». قيل: من هم يا رسول الله؟ ! قال:
أخرجه مسلم والنسائي (٢/ ٥٥)، والحاكم (٢/ ٧٢)، وأحمد (٢/ ٢٦٣ و٣٤٠ و٣٩٩). وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وقد وهما في استدراكه عليه.
١٢ – باب في حرمة نساء المجاهدين على القاعدين
٢٢٥٥ – عن بُرَيْدَةَ قال: قال رسول الله ﷺ:
«حُرْمَةُ نساء المجاهدين على القاعدين: كحرمة أمَّهاتهم. وما من رجل من القاعدين يَخْلُفُ رجلًا من المجاهدين في أهله؛ إلا نُصِبَ له يوم القيامة، فقيل له: هذا قد خَلَفَكَ في أهلك؛ فخذ من حسناته ما شئت».
فالتفت إلينا رسول الله ﷺ فقال:
«ما ظنكم؟ !».
قال أبو داود: «كان قَعْنَبٌ رجلًا صالحًا. وكان ابن أبي ليلى أراد قعنبًا على القضاء فأبى عليه. وقال قعنبٌ: أنا أريدُ الحاجة بدرهم، فأستعينُ عليها برَجُلٍ، قال: وأيُّنا لا يستعين في حاجته؟ ! قال: أخرجوني حتى أنظر؛ فأُخْرِجَ، فتوارى. قال سفيان: بينما هو متوارٍ؛ إذ وقع عليه البيتُ؛ فمات».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وابن بريدة: هو سليمان.
وقعنب: هو التميمي الكوفي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٤٣) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البيهقي (٩/ ١٧٣) عن المصنف.
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (٩٠٧)، وعنه البيهقي أيضًا: ثنا سفيان … به.
وأخرجه النسائي (٢/ ٦٧): أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن: حدثنا سفيان … به؛ وزاد في آخره:
«ترون يدع من حسناته شيئًا؟ !».
ثم أخرجه هو، ومسلم وأحمد (٥/ ٣٥٢ و٣٥٥)، وابن حبان (٤٦١٥ و٤٦١٦)، وأبو عوانة (٥/ ٦٩ – ٧٣) -وبعضهم جعله من رواية عبد الله بن بريدة- من طرق أخرى عن علقمة بن مرثد … به. وزاد مسلم -بعد قوله: «في أهله»-: «فيخونه فيهم».
ولأحمد معناها.
٢٢٥٦ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ:
«ما مِنْ غازيةٍ تغزو في سبيل الله، فيصيبون غنيمة؛ إلا تعجَّلوا ثُلُثَيْ أجرِهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث. فإن لم يصيبوا غنيمة؛ تَمَّ لهم أجرهم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن مَيْسَرَةَ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة وابن لهيعة قالا: ثنا أبو هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحُبُلِي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة؛ ولكنه مقرون؛ وقد أخرجه مسلم غير مقرون به كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٦٩): حدثنا أبو عبد الرحمن: ثنا حيوة وابن لهيعة … به.
وأبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ.
وحيوة: هو ابن شُرَيْحٍ التُجِيبِيُّ المصري.
وأبو هانئ: اسمه حُمَيْدُ بن هانئ.
وأبو عبد الرحمن الحُبُلِيُّ: هو عبد الله بن يزيد المَعَافِرِيُّ.
وأخرجه النسائي (٢/ ٥٧)، والبيهقي (٩/ ١٦٩) من طرق أخرى عن المقرئ … به؛ إلا أن النسائي لم يُسَمِّ: ابن لهيعة! وإنما أشار إليه بقوله: وآخر …
وأخرجه مسلم (٦/ ٤٧)، وابن ماجة (٢/ ١٨١) عن القرى أيضًا … به؛ إلا أنهما لم يذكرا: ابن لهيعة مطللقًا.
واستدركه الحاكم (٢/ ٧٨)؛ فوهم هو والذهبي!
١٤ – باب في تضعيف الذكر في سبيل الله تعالى
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
١٥ – باب فيمن مات غازيًا
٢٢٥٧ – عن أبي مالك الأشعري قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«من فصل في سبيل الله فمات …». (*)
١٦ – باب في فضل الرِّباطِ
٢٢٥٨ – عن فَضَالَةَ بن عُبَيْدِ: أن رسول الله ﷺ قال:
«كل مَيِّتٍ (١) يُخْتَمُ على عمله؛ إلا المرابط؛ فإنه يَنْمُو له عَمَلُهُ إلى يوم القيامة، ويُؤَمنُ من فَتّانِ القَبْرِ».
(١) الأصل: «الميت»، وهو رواية المصنف! والصواب ما أثبتنا، وهي رواية أحمد والترمذي وغيرهما.
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن وهب: حدثني أبو هانئ عن عمرو بن مالك عن فَضَالة بن عُبَيْدٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن مالك -وهو الجَنْبِيُّ أبو علي-، وهو ثقة.
وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ، المتقدم قبل حديث.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٧٩) من طريق أخرى عن سعيد بن منصور … باللفظ الذي أثبتنا.
وكذلك أخرجه الترمذي (١٦٢١)، واحمد (٦/ ٢٠) من طريق عبد الله بن المبارك: أخبرنا حيوة بن شريح … به.
وتابعه -عنده- رِشْدِين: حدثني ابن هانئ الخولاني … به.
وتابعه أيضًا حيوة بن شريح: عند ابن حبان (٤٦٠٥).
وله شاهد عن عقبة بن عامر … به: أخرجه الدارمي (٢/ ٢١١)، وأحمد (٥/ ١٤٦ و١٥٠).
وإسناده صحيح.
١٧ – باب في فضل الحَرْسِ في سبيل الله تعالى
٢٢٥٩ – عن سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ:
أنهم ساروا مع رسول الله ﷺ يوم (حُنين)، فأطْنَبوُا السَّيْرَ، حتى كانت عشيةً، فحضرتُ صلاةً عند رسول الله ﷺ، فجاء رجلٌ فارس، فقال:
«تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله». ثم قال:
«من يَحْرُسُنا الليلة؟». قال أنس بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَويُّ: أنا يا رسول الله! قال:
«فاركب». فركب فرسًا له، فجاء إلى رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:
«استقبل هذا الشِّعْبَ، حتى تكون في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ من قبلك الليلة». فلما أصبحنا؛ خرج رسول الله ﷺ إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال:
«هل أحْسَسْتُمْ فارسكم؟». قالوا: يا رسول الله! ما أحسسناه! فَثُوِّبَ بالصلاة، فجعل رسول الله ﷺ -وهو يصلي- يلتفت إلى الشِّعْبِ، حتى إذا قضى صلاته وسلَّم؛ قال:
«أبْشروا فقد جاء فارسكم!». فجعلنا ننظر خِلالَ الشَّجَرِ في الشِّعْبِ؛ فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله ﷺ، فسلّم، فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِّعْبِ، حيث أمرني رسول الله ﷺ، فلما أصبحت؛ طلعتُ الشِّعْبَيْنِ كليهما، فنظرت فلم أر أحدًا! فقال له رسول الله ﷺ:
«هل نزلت الليلة؟». قال: لا؛ إلّا مصليًّا أو قاضيًا حاجة. فقال له
«قد أوْجَبْتَ؛ فلا عليك أن لا تَعْمَلَ بعدها».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا أبو توبة: ثنا معاوية -يعني: ابن سَلام- عن زيد -يعني: ابن سَلام- أنه سمع أبا سلام قال: حدثني السَّلُولِيُّ أبو كبشة أنه حدثه سهل ابن الحنظلية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كما تقدم برقم (٨٥٠).
والحديث أخرجه النسائي في «الكبرى» -كما في «تحفة الأشراف» (٤/ ٩٥) – والبيهقي (٩/ ١٤٩) من طريقين آخرين عن أبي توبة … به.
وتابعه مروان بن محمد: ثنا معاوية بن سلام … به.
١٨ – باب كراهية ترك الغزو
٢٢٦٠ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدِّثْ نفسه بالغزو؛ مات على شُعْبَةٍ من النفاق».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»، وابن الجارود).
إسناده: حدثنا عَبْدَةُ بن سليمان المَرْوَزِيُّ: أخبرنا ابن المبارك: أخبرنا وهيب -يعني: ابن الورد-: أخبرني عمر بن محمد بن المنكدر عن سُمَيٍّ عن أبي صالح
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبدة بن سليمان المروزي، وهو ثقة، وقد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٤٩)، والنسائي (٢/ ٥٤)، وأبو عوانة (٥/ ٨٤)، وأحمد (٢/ ٣٧٤)، والحاكم (٢/ ٧٩) من طرق عن ابن المبارك … به؛ ومن شيوخ أبي عوانة فيه المصنف رحمه الله تعالى.
وتابعه عبد الله بن رجاء عن عمر بن محمد بن المنكدر … به: أخرجه ابن الجارود (ص ٣٤٥ / رقم ١٠٣٦)، والحاكم.
٢٢٦١ – عن أبي أمامة عن النبي ﷺ قال:
«مَنْ لم يَغْزُ، أو يُجَهِّزْ غازيًا، أو يَخْلُفْ غازيًا في أهله بخير؛ أصابه الله بِقَارِعَةٍ قبل يوم القيامة».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان -وقرأته على يزيد بن عبد رَبِّهِ الجُرْجُسِيِّ- قالا: ثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في القاسم.
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٢٠٩)، وابن ماجة (٢/ ١٧٣) من طريقين آخرين عن الوليد بن مسلم: ثنا يحيى بن الحارث الذِّمَاري … به.
«جاهدوا المشركين: بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٨١) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل … به، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وتابعه جمع عن حماد بن سلمة … به: أخرجه النسائي (٢/ ٥٣)، والدارمي (٢/ ٢١٣)، وابن حبان (١٦١٨)، وأحمد (٣/ ١٢٤ و١٥٢ و٢٥١)؛ وزاد في رواية:
«وأيديكم».
وسنده صحيح أيضًا.
١٩ – باب في نسخ نفير العامة بالخاصة
٢٢٦٣ – عن ابن عباس قال:
(إلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكم عذابًا أليمًا)، و: (ما كان لأهل المدينة) إلى
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثا أحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ: حدثني علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على خلاف في بعضهم، وقد مضى الكلام عليه في أول «النكاح» رقم (١٨٢٢).
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٤٧) من طريق المؤلف رحمه الله تعالى.
٢٠ – باب في الرخصة في القعود من العذر
٢٢٦٤ – عن زيد بن ثابت قال:
كنت إلى جَنْبِ رسول الله ﷺ، فَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ، فوقعتْ فَخِذُ رسولِ الله ﷺ على فَخِذِي، فما وجدتُ ثِقَلَ شيء أثْقَلَ من فَخِذِ رسول الله ﷺ، ثم سُرِّي عنه، فقال:
«اكتب». فكتبْتُ في كَتِفٍ: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين … والمجاهدون في سبيل الله …) إلى آخر الآية، فقام ابن أم مكتوم -وكان
«اقرأ يا زيد!»؛ فقرأ: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين …)، فقال رسول الله ﷺ: (غَيْرُ أولي الضرر …) الآيةَ كلَّها.
قال زيد: فأنزلها الله وحدها، فألحقْتُها. والذي نفسي بيده! لكأني أنظر إلى مُلْحَقِها عند صَدْعٍ في كَتِفٍ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وكذلك قال الترمذي. وأخرجه البخاري وابن الجارود في «المنتقى»، ورواه الشيخان عن البراء مختصرًا. وصححه الترمذي أيضًا).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، فهو من رجال مسلم وحده، وفي حفظه ضعف؛ لكنه قد توبع، فحديثه صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١٩٠ – ١٩١ و١٩١)، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن أبي الزناد … به.
وللحديث طرق أخرى، وشاهد:
الأولى: عن سهل بن سعد الساعدي عن مروان بن الحكم أن زيد بن ثابت
«حديث حسن صحيح».
الثانية: عن الزهري عن قَبِيصَةَ بن ذُؤَيْبٍ عن زيد بن ثابت … به نحوه: أخرجه أحمد (٥/ ١٨٤)، وعلقه الترمذي.
الثالثة: علَّقه مسلم (٦/ ٤٣) عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن رجل عن زيد ابن ثابت.
وأما الشاهد؛ فأخرجه الشيخان والنسائي وأبو عوانة (٥/ ٧٣ – ٧٤)، والبيهقي وأحمد (٤/ ٢٨٢ و٢٨٤)، وصححه الترمذي (٣٠٣٤).
٢٢٦٥ – عن أنس بن مالك: أن رسول الله ﷺ قال:
«لقد تركتم في المدينة أقوامًا، ما سِرْتُم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ؛ إلا وهم معكم فيه».
قالوا: يا رسول الله! وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ ! قال:
«حَبَسَهُمُ العُذْرُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري وابن حبان).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن موسى بن أنس ابن مالك عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
وعلقه البخاري (الجهاد / ٣٥) من هذا الوجه.
ووصله أحمد (٣/ ١٦٠ و٢١٤) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به.
وأخرجه هو (٣/ ١٠٣ و١٨٢)، والبخاري وابن ماجة (٢/ ١٧٤) من طرق أخرى عن حميد عن أنس … به.
وصححه ابن حبان (١٦٢٣).
وله شاهد عن جابر: رواه مسلم (٦/ ٤٩)، وابن ماجة (٢٧٦٥).
٢١ – باب ما يجزي من الغزو
٢٢٦٦ – عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ: أن رسول الله قال:
«مَنْ جَهَّزَ غازيًا في سبيل الله؛ فقد غزا، ومن خَلَفَهُ في أهله بخير؛ فقد غزا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة).
إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسين: حدثني يحيى: حدثني أبو سلمة: حدثني بُسْرُ بن سعيد: حدثني زيد بن خالد الجُهَنِيُّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٥/ ٦٦)، والبيهقي (٩/ ٢٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (الجهاد / ٣٨) … بإسناده.
وأحمد (٥/ ١٩٣)، والترمذي (١٦٢٨ و١٦٣١)، والنسائي (٢/ ٦٥)، وأبو عوانة من طرق أخرى عن يحيى … به.
ومسلم وأبو عوانة والنسائي عن بُكَيْرِ بن الأشَجِّ عن بُسْر بن سعيد … به.
وتابعه عطاء عن زيد بن خالد … مرفوعًا؛ بلفظ:
«من جهز غازيًا في سبيل الله، وخلفه في أهله؛ كتب الله له مثل أجره؛ إلا أنه لا ينقص من أجر الغازي شيئًا».
أخرجه الدارمي (٢/ ٢٠٩)، والترمذي (١٦٢٩) -وحسنه-، وابن حبان (١٦١٩ – موارد)، وأحمد (٥/ ١٩٢).
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
٢٢٦٧ – عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله ﷺ بعث إلى بَنِي (لِحْيَانَ)، وقال:
«لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رجلين رَجُلٌ»، ثم قال للقاعد:
«أيُّكم خَلَفَ الخارجَ في أهله وماله بخير؛ كان له مثلُ نصفِ أجْرِ الخارجِ».
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان وابن الجارود. وصححه الحاكم والذهبي).
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم، ورجاله كلهم ثقات؛ غير يزيد بن أبي سعيد؛ فإنه غير مشهور، لم يذكروا له راويًا -مع ابن أبي حبيب هذا- غير رباح بن بشير بن مُحْرِزٍ، ولم يوثقه غير ابن حبان؛ لكنه قد توبع كما يأتي.
وأما والده أبو سعيد المَهْرِيُّ مولاهم؛ فقد روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه العجلي وابن حبان.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٥/ ٦٩)، والبيهقي (٩/ ٤٨) من طريق المصنف وغيره.
وأخرجه مسلم (٦/ ٤٢) … بإسناده.
ثم أخرجه أبو عوانة وابن حبان (٤٦١٠)، والحاكم (٢/ ٨٢)، وأحمد (٣/ ١٥) من طرق أخرى عن ابن وهب … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»! ووافقه الذهبي!
وتابعه ابن لهيعة: حدثني يزيد بن أبي حبيب … به: أخرجه أحمد (٣/ ٥٥).
وتابعه يحيى بن كثير: حدثني أبو سعيد مولى المهري … به: أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود (١٠٣٨).
٢٢٦٨ – عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«شَرَّ ما في رَجُلٍ: شُحٌّ هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالعٌ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا عبد الله بن الجَرَّاح عن عبد الله بن يزيد عن موسى بن عُلَيِّ ابن رباح عن أبيه عن عبد العزيز بن مروان قال: سمعت أبا هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كما بينته في «الصحيحة» (٥٦٠)، وخرجت الحديث هناك؛ فلا داعي للإعادة؛ إلا أنني أزيد هنا فأقول:
إن الإمام أحمد قال: حدثنا أبو عبد الرحمن: ثنا موسى بن عُلَيٍّ … به.
وأبو عبد الرحمن هذا: هو عبد الله بن يزيد المقرئ.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي أيضًا (٩/ ١٧٠).
٢٣ – باب في قوله تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيديكم إلى التَّهْلُكَةِ)
٢٢٦٩ – عن أسْلَمَ أبي عِمْرَانَ قال:
غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملْصِقُو ظهورِهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدوِّ، فقال الناس: مَهْ! ! مَهْ! ! لا إله إلا الله! يلقي بِيَدَيْهِ إلى التَّهْلُكَةِ! فقال أبو أيوب:
قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله؛ حتى دُفِنَ بالقسطنطينية.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن حيوة بن شُرَيْحٍ وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران.
قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق حيوة، ورجاله على شرط مسلم؛ غير أسلم أبي عمران -واسم أبيه: يزيد المصري التُّجِيبي-، وهو ثقة.
ووهم الحاكم، فصححه على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! كما بينته وخرجته في «الصحيحة» أيضًا (١٣).
٢٤ – باب في الرمي
٢٢٧٠ – عن عقبة بن عامر الجُهَنِيِّ قال:
سمعت رسول الله ﷺ وهو على المنبر يقول:
” (وأعِدُّوا لهم ما استطعتم من قوة)؛ ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُّ، ألا إن القوةَ
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي ثُمَامَةَ بن شُفَيٍّ الهَمْداني أنه سمع عقبة بن عامر الجُهَنِيِّ يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ثمامة هذا، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرج الحديث هذا كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم وابن ماجة وأحمد وغيرهم من طرق عن ابن وهب … به.
وهو مخرج في «إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل» (٥/ ٣٢٥ / ١٥٠٠). وهو مطبوع -والحمد لله- في ثمان مجلدات. وفي لفظ لمسلم (٦/ ٥٢) من طريق آخر عن ابن وهب:
«ستفتح عليكم أرَضُون، ويكفيكم الله؛ فلا يَعْجِزْ أحدكم أن يَلْهُوَ بسهمه».
ورواه الترمذي من طريق أخرى … نحوه.
٢٢٧١ – عن معاذ بن جبل عن رسول الله ﷺ؛ أنه قال:
«الغَزْوُ غزوان:
فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسَرَ الشريك (١)، واجتنب الفساد؛ فإن نومه ونُبْهَهُ أجْرٌ كُلُّهُ.
وأما من غزا فخرًا ورياءً وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض؛ فإنه لم يرجع بالكفاف».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا حيوة بن شُرَيْحٍ الحضرمي: أخبرنا بقية: حدثني بَحيِرٌ عن خالد بن مَعْدانَ عن أبي بَحْرِيَّةَ عن معاذ بن جبل.
قلت: وهذا إسناد حسن أو صحيح؛ فإن رجاله كلهم ثقات، والمقال الذي في بقية -وهو ابن الوليد- لا يعلُّه؛ لأنه بسبب تدليسه إذا عنعن، وهنا قد صرح بالتحديث كما ترى؛ فزالت شبهة تدليسه.
وبَحِيرٌ -بكسر المهملة-: هو ابن سَعْد الحمصي، وهو ثقة ثبت.
وأبو بَحْرِيَّةَ -بفتح الموحدة وسكون المهملة وتشديد المثناة-: اسمه عبد الله بن قيس الكِنْدِيُّ الحمصي.
والحديث أخرجه النسائي في «سننه الصغرى» في «الجهاد» وفي «البيعة»، وفي «الكبرى» أيضًا، وفي «السير» (٢/ ٥٢ / ١)، والدارمي (٢/ ٢٠٨)، وأحمد
وكذلك أخرجه البيهقي (٩/ ١٦٨).
٢٢٧٢ – عن أبي هريرة:
أن رجلًا قال: يا رسول الله! رجل يريد الجهاد في سبيل الله؛ وهو يبتغي عَرَضًا من عَرَضِ الدنيا؟ فقال رسول الله ﷺ:
«لا أجْرَ له». فأعظم ذلك الناسُ، وقالوا للرجل: عُدْ لرسول الله ﷺ؛ فلعلك لم تفهمْهُ! فقال:
يا رسول الله! رجلٌ يريد الجهاد في سبيل الله؛ وهو يبتغي عَرَضًا من الدنيا؟ فقال:
«لا أجْرَ له». فقالوا للرجل: عُدْ لرسول لله ﷺ فقال له الثالثة؟ فقال:
«لا أجْرَ له».
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع عن ابن المبارك عن ابن أبي ذئب عن القاسم عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن الأشجِّ عن ابن مِكْرَزٍ -رجل من أهل الشام- عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن مكرز، قال الذهبي:
قلت: لكن للحديث شاهد -من حديث أبي أمامة- عند النسائي؛ جوَّد إسنادَهُ المنذريُّ في «الترغيب»، تراه في كتابي «صحيح الترغيب» برقم (٨).
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن» (٩/ ١٦٩) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٩٠ و٣٦٦)، والحاكم (٢/ ٨٥ و٣٧١)، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان أيضًا.
٢٦ – باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
٢٢٧٣ – عن أبي موسى:
أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله ﷺ، فقال: إن الرجل يقاتل للذِّكْرِ، ويقاتل ليُحْمَدَ، ويقاتل لِيَغْنَمَ، ويقاتل ليُرَى مكانُهُ؟ فقال رسول الله ﷺ:
«من قاتل حتى تكون كلمة الله هي أعلى؛ فهو في سبيل الله عز وجل».
(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن أبي وائل عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لغيره؛ فإن رجاله كلهم ثقات
٢٢٧٤ – وفي رواية: عن عمرو بن مُرَّة قال:
سمعت من أبي وائل حديثًا أعجبني … فذكر معناه.
إسناده: حدثنا علي بن مسلم: حدثنا أبو داود عن شعبة عن عمرو قال: سمعت …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي داود -وهو الطيالسي صاحب «المسند» المعروف به-؛ وهو ثقة من رجال مسلم.
وقد تابعه حفص بن عمر، كما في الإسناد الذي قبله.
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (٢٠٣٥ – ترتيبه) … بسنده المذكور في الكتاب.
وأخرجه البخاري في «العلم»، وفي «الجهاد»، ومسلم فيه، والنسائي وأحمد (٤/ ٤٠٢)، والبيهقي (٩/ ١٦٧) من طرق أخرى عن شعبة … به.
والشيخان أيضًا، والترمذي (١٦٤٦)، وابن ماجة (٢٧٨٣)، وأحمد (٤/ ٣٩٢ و٣٩٧ و٤٠٥ و٤١٧) من طرق أخرى عن أبي وائل … به نحوه. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وهو في «مختصري لصحيح البخاري» رقم (٨١).
٢٢٧٥ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:
«لَمَّا أُصِيبَ إخوانكم بأُحُدٍ؛ جعل الله أرواحهم في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِد أنهار الجنة؛ تأكل من ثمارها، وتَأْوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظلِّ العرش، فلما وجدوا طِيبَ مَأْكَلِهم ومَشْرَبهِم ومقيلهم؛ قالوا: مَنْ يُبْلغُ إخواننا عنا أنَّا أحياء نُرْزَقُ؛ لئلا يَزْهَدُوا في الجهاد، ولا يَنْكُلوا في الحرب؟ فقال الله سبحانه: أنا أُبْلِغُهُم عنكم».
قال: فأنزل الله: (ولا تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُوا في سبيل الله …) إلى آخر الآية.
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي، وأقره المنذري).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم كلهم؛ إلا أنه إنما أخرج لابن إسحاق مقرونًا، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه؛ لكنه قد صرح بالتحديث في رواية لأحمد تأتي.
وكذلك أبو الزبير مدلس أيضًا.
لكن للحديث شاهد من حديث عبد الله بن مسعود، رواه مسلم وغيره؛ وقد خرجته في تعليقي على «الآيات البينات» (ص ٣٩).
وأحمد (١/ ٢٦٦) … بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٨٨) من طريق أخرى عن عثمان … به، وقال: «صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وخالفه إبراهيم بن سعد الزهري فقال: عن ابن إسحاق: حدثني إسماعيل ابن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير عن ابن عباس … به؛ فلم يذكر في إسناده: سعيد بن جبير: أخرجه أحمد.
٢٢٧٦ – عن حسناءَ بنتِ معاويةَ الصَّرِيمِيَّةِ قالت: حدثني عَمِّي قال:
قلت للنبي ﷺ: من في الجنة؟ قال:
«النبيُّ في الجنة، والمولودُ في الجنة، والوَئِيدُ في الجنة».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يزيد بن زُريع: حدثنا عوف: حدثتنا حسناء بنت معاوية الصرِيمية.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات؛ لولا جهالة حسناء هذه، ولذلك قال الحافظ عنها:
«مقبولة»؛ أي: عند المتابعة.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٦٦٣) من طريق أخرى عن مُسدد.
وأخرجه أحمد (٥/ ٥٨) من طرق أخرى عن عوف … به.
٢٨ – باب الشهيد يشفع
٢٢٧٧ – عن نِمْرانَ بن عتبة الذِّمَاري قال:
دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا؛ فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله ﷺ:
«يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، وصححه الترمذي من حديث المقدام).
إسناده: أحمد بن صالح: حدثنا يحيى بن حسان: حدثنا الوليد بن رباح الذِّمَاري: حدثني عمي نِمْرَان بن عتبة الذِّمَاري.
قال أبو داود: «صوابه: رباح بن الوليد».
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير نمران هذا؛ قال الذهبي: «لا يدرى من هو؟».
قلت: لكن للحديث شواهد يتقوى به؛ منها: حديث المقدام المشار إليه في الأعلى: أخرجه الترمذي (١٦٦٣)، وقال:
«حديث حسن صحيح غريب».
ومنها: عن عبادة بن الصامت وقيس الجُذَامي، وأسانيدها صحيحة، وهي مخرجة في كتابي «الجنائز» (ص ٥٠ – ٥١).
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (١٦١٢ – موارد) من طريق جعفر بن مسافر التِّنيِّسِيِّ: حدثنا يحيى بن حسان … به؛ إلا أنه قال: الوليد بن رباح الذمَاري … على الصواب.
وهو رواية عن أحمد بن صالح، كما بينه الحافظ في «التهذيب». ولفظ جعفر: قال:
دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام صغار، فمسحت رؤوسنا، وقالت: أبشروا يا بَنِيَّ! فإني أرجو أن تكونوا في شفاعة أبيكم، فإني سمعت … إلخ.
٢٩ – باب في النور يُرى عند قبر الشهيد
٢٢٧٨ – عن عبيد بن خالد السُّلَمِيِّ قال:
آخى رسول الله ﷺ بين رجلين، فَقُتِلَ أحدهما، ومات الآخر بعده بجمعة أو نحوها، فصلَّيْنا عليه، فقال رسول الله ﷺ:
«ما قلتم؟». فقلنا: دعَوْنا له وقلنا: اللهم! اغفر له، وألحقه بصاحبه! فقال رسول الله ﷺ:
«فأين صلاته بعد صلاته، وصومه بعد صومه» شك شعبة في: صومه «وعمله بعد عمله؟ ! إن بينهما كما بين السماء والأرض».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت عمرو بن ميمون عن عبد الله بن رُبَيِّعَةَ عن عبيد بن خالد السلمي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٢١٩) من طرق أخرى عن شعبة … به.
وأخرجه الطيالسي (٧٣٢)، وعنه البيهقي (٣/ ٣٧١): حدثنا شعبة … به.
وأخرجه النسائي في «الجنائز».
٣٠ – باب في الجعائل في الغزو
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٣١ – باب الرخصة في أخذ الجعائل
٢٢٧٩ – عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله ﷺ قال:
«للغازي أجْرُهُ، وللجاعل أجْرُهُ وأجْر الغازي».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه أبو عوانة).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي: حدثنا حجاج -يعني: ابن محمد-. (ح) وحدثنا عبد الملك بن شعيب: حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن حيوة بن شُرَيْحٍ عن ابن شُفَيّ عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير ابن شُفَيٍّ -واسمه: حسين-؛ وهو ثقة كما في «التقريب».
وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» وغيره، كما تراه في «الصحيحة» (٢١٥٣).
٣٢ – باب في الرجل يغزو بأجر الخدمة
٢٢٨٠ – عن يعلى ابن مُنْيَةَ قال:
أذَّنَ رسولُ الله ﷺ بالغزو وأنا شيخ كبير، ليس لي خادم، فالتمست أجيرًا يكفيني؛ وأُجْرِي له سَهْمَهُ، فوجدت رجلًا، فلما دنا الرحيل؛ أتاني، فقال: ما أدري ما السُّهْمَانُ، وما يبلغ سهمي؟ فَسَمِّ لي شيئًا -كان السهم أو لم يكن-، فسميت له ثلاثة دنانير، فلمَّا حضرت غنيمته؛ أردت أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبي ﷺ، فذكرت له أمره؟ فقال:
«ما أجد له في غزوته هذه -في الدنيا والآخرة- إلا دنانيره التي سَمَّى».
(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عاصم بن حَكيم عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْبَانِيّ عن عبد الله بن الدَّيلَمِيِّ أن يعلى ابن منية قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير عاصم بن حكيم؛ قال أبو حاتم:
وذكره ابن حبان في «الثقات»، وروى عنه جمع؛ وقد توبع كما سأذكره.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١١٢)، وقال:
«صحيح على شرطهما»! ووافقه الذهبي!
والبيهقي (٦/ ٣٣١) من طريق أخرى عن أحمد بن صالح … به.
وأخرجه هو (٩/ ٢٩)، وأحمد (٤/ ٢٢٣) من طريق أخرى عن بشير بن طلحة أبي نَصْرٍ الحضرمي عن خالد بن دُرَيْكٍ عن يعلى بن أمية … به نحوه.
قلت: وهذا إسناد جيد، إن كان خالد سمعه من يعلى؛ فقد تكلموا في سماعه منه، لكن قد جاء تصريحه بالسماع في هذا الحديث في بعض الروايات، فراجع ترجمة خالد في «التهذيب».
٣٣ – باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان
٢٢٨١ – عن عبد الله بن عمرو قال:
جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: جئتُ أبايِعُك على الهجرة، وتركت أبَوَيَّ يبكيان؟ فقال:
«ارجع عليهما؛ فَأضْحِكْهُمَا كما أبكيتهما».
(قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٦) من طريق أخرى عن ابن كثير. وهو مخرج في «الإرواء» (١١٩٩).
٢٢٨٢ – وفي طريق أخرى عنه قال:
جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله! أُجَاهِدُ؟ قال:
«ألك أبوان؟». قال: نعم. قال:
«ففيهما فجاهد».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناد البخاري إسناد المؤلف).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو داود: «أبو العباس هذا: الشاعر؛ اسمه: السائب بن فَرُّوخٍ».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق عن حبيب … به؛ وقد صرح حبيب بالسماع في أحد طرقه عند الشيخين. وغيرهما، كما تراه مخرجًا في «الإرواء» (١١٩٩).
وأحد أسانيده عند البخاري هو عين إسناد المصنف هذا.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمرو، تقدم آنفًا أحدها، وشواهد ذكرت بعضها هناك؛ ويأتي أحدها عقب هذا.
أن رجلًا هاجر إلى رسول الله ﷺ من اليمن فقال:
«هل لك أحد باليمن؟». قال: أبوايَ. قال:
«أذِنَا لك؟». قال: لا. قال:
«ارجع إليهما فاستأذنهما؛ فإن أذِنا لك؛ فجاهدْ وإلا؛ فَبِرَّهُمَا».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجًا أبا السَّمْحِ حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ للكلام المعروف في درَّاج هذا، ومع ذلك صحح الحديث من ذكرنا أعلاه! وهو تساهل ظاهر.
لكنه صحيح بشواهده التي خرجتها في الموضع المشار إليه آنفًا؛ لا سيما حديث ابن عمرو المتقدم، وفيه عند مسلم:
«فارجع إلى والديك؛ فأحسن صحبتهما».
٣٤ – باب في النساء يغزون
٢٢٨٤ – عن أنس قال:
كان رسول الله ﷺ يغزو بأمِّ سُليم ونسوةٍ من الأنصار؛ لِيَسْقِينَ الماءَ، ويُدَاوِينَ الجَرْحَى.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي
إسناده: حدثنا عبد السلام بن مُطَهَّرٍ: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير جعفر بن سليمان، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (رقم ١٨١٠)، والترمذي (رقم ١٥٧٥)، وابن حبان (١٦٦٢) من طرق أُخَرَ عن جعفر … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
٣٥ – باب في الغزو مع أئمة الجور
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٣٦ – باب الرجل يَتَحَمَّل بمال غيره يغزو
٢٢٨٥ – عن جابر بن عبد الله حدث عن رسول الله ﷺ:
أنه أراد أن يغزو، فقال:
«يا مَعْشَرَ المهاجرين والأنصار! إن من إخوانكم قومًا ليس لهم مالٌ ولا عَشِيرةٌ، فَلْيَضُمَّ أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثةَ». فما لأحدنا من ظَهْرٍ يَحْمِلُهُ إلا عقبةٌ كعقبةِ -يعني- أحدهم.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٣٥٨): حدثنا عَبِيدة … به.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٩٠) من طريق أخرى عن عبيدة … به، وقال: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
٣٧ – باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة
٢٢٨٦ – عن ابن زُغْبٍ الإِيَادِيِّ قال:
نَزَلَ عليَّ عبدُ الله بن حَوَالَةَ الأزْديُّ، فقال لي:
بَعَثَنَا رسول الله ﷺ لِنَغْنَمَ على أقدامنا، فرجعْنا فلم نَغْنَمْ شيئًا، وعَرَفَ الجَهْدَ في وجوهنا، فقام فينا فقال:
«اللهم! لا تكِلْهم إليَّ فأضْعفَ عنهم، ولا تَكِلْهُمْ إلى أنفسهم فَيَعْجِزُوا عنها، ولا تَكِلْهم إلى الناس فيستأثروا عليهم»، ثم وضع يده على رأسي -أو قال: على هامتي-، ثم قال:
«يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدس؛ فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعةُ يومئذٍ أقرب من الناس من يَدِي هذه من رأسك».
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي).
قال أبو داود: «عبد الله بن حوالة حمصي».
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير ابن زغب الإيادي -واسمه: عبد الله-، مختلف في صحبته، وقد كنت ملت في تعليقي على «المشكاة» (٥٤٤٩) إلى نفيها! والآن أجد نفسي تميل إلى إثباتها؛ لأنه صرح بسماعه من النبي ﷺ لحديث:
«من كذب عليّ …»: عند الطبراني، وإسناده لا بأس به، كما قال الحافظ في «التهذيب».
وأسد بن موسى صدوق، وفيه كلام لا يضر، لا سيما وقد تابعه عبد الرحمن ابن مهدي: ثنا معاوية … به.
أخرجه أحمد (٥/ ٢٨٨)، والحاكم (٤/ ٤٢٥)، وقال:
«صحيح الإسناد، وعبد الرحمن (!) بن زُغْبٍ الإيادي معروف في تابعي أهل مصر»!
كذا قال! ووافقه الذهبي!
المذكور في «التهذيب» أنه شامي؛ وأن اسمه عبد الله، كما تقدم.
وتابعه أيضًا أبو صالح -يعني: عبد الله بن صالح-: عند البيهقي (٩/ ١٦٩)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١/ ٣٧٦) عنه وعن غيره.
٢٢٨٧ – عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ:
«عَجِبَ رَبُّنا من رجل غزا في سبيل الله، فانهزم -يعني- أصحابُهُ، فعَلِمَ ما عليه، فرجع حتى أُهْرِيقَ دَمُهُ، فيقولُ الله لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، وشفقةً مما عندي؛ حتى أُهريق دَمُهُ».
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا عطاء بن السائب عن مُرَّةَ الهَمْدَانِي عن عبد الله بن مسعود.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ إلا أن ابن السائب كان اختلط، وحماد -وهو ابن سلمة- وإن كان سمع منه قبل الاختلاط؛ فقد سمع منه بعد الاختلاط أيضًا، كما حققه الحافظ في «التهذيب». فمن صححه من القُدَامى والمعاصرين؛ فما أصاب!
نعم، الحديث حسن أو صحيح؛ فإن له شاهدًا بنحوه من حديث أبي الدرداء، حَسَّنَ إسناده المنذري، وهو في كتابي «صحيح الترغيب والترهيب» (١٣٨٤)، وقد طبع المجلد الأول منه، يسر الله تمام طبعه (*).
الحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١١٢) من طريق آخر عن موسى بن إسماعيل … به، وقال:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه ابن حبان (٦٤٣)، وأحمد (١/ ٤١٦)، والطبراني في «الكبير»
ورواه البيهقي (٩/ ١٦٤)؛ وأشار إلى حديث أبي الدرداء.
٣٩ – باب فيمن يُسْلِمُ ويُقْتَلُ مكانَهُ في سبيل الله عز وجل
٢٢٨٨ – عن أبي هريرة:
أن عَمْرَو بن أُقَيْشٍ كان له رِبًا في الجاهلية، فَكَرِهَ أن يُسْلِمَ حتى يأخذَهُ، فجاء يَوْمَ أُحُدٍ، فقال: أين بَنُو عَمِّي؟ قالوا: بِأُحُد. قال: أين فلان؟ قالوا: بِأُحُدٍ. قال: فأين فلان؟ قالوا: بِأُحُدٍ. فَلَبِسَ لأْمتَهُ، ورَكِبَ فَرَسَهُ، ثم توجَّه قِبَلَهُمْ، فلما رآه المسلمون؛ قالوا: إليك عنا يا عَمْرُو! قال: إني قد آمنت! فقاتل حتى جُرِحَ، فحُمِلَ إلى أهله جريحًا، فجاء سعد بن معاذ فقال لأخته: سَلِيهِ: حَمِيَّةً لقومِكَ أو غضبًا لهم، أم غضبًا لله؟ فقال: غضبًا لله ولرسوله! فمات، فدخل الجَنةَ وما صَلَى لله صلاة.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي!).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد ابن عمرو مقرونًا.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١١٣ و٣/ ٢٨)، وعنه البيهقي (٩/ ١٦٧) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل … به. وقال الحاكم:
٤٠ – باب في الرجل يموت بسلاحِهِ
٢٢٨٩ – عن سَلَمَةَ بن الأكْوَعِ قال:
لمَّا كان يَوْمُ خيبر؛ قاتل أخي قتالًا شديدًا، فارتدَّ عليه سيفُهُ فقتله، فقال أصحاب رسول الله ﷺ في ذلك -وشَكُّوا فيه-: رجل مات بسلاحه! فقال رسول الله ﷺ:
«مات جاهدًا مجاهدًا».
قال ابن شهاب: ثم سألت ابنًا لسلمة بن الأكوع؟ فحدَّثني عن أبيه بمثل ذلك؛ غير أنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«كَذَبُوا! مات جاهدًا مجاهدًا؛ فله أجره مرتين».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن وعبد الله بن كعب بن مالك -قال أبو داود: قال أحمد: كذا قال هو -يعني: ابن وهب- وعنبسة -يعني: ابن خالد- جميعًا عن يونس. قال أحمد: والصواب: عبد الرحمن بن عبد الله -أن سلمة بن الأكوع قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والاختلاف الذي حكاه عن أحمد بن صالح لا يضره؛ لأنه إذا كان الصواب ما ذهب إليه؛ فعبد الرحمن -وهو ابن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، كما يأتي في رواية أحمد- ثقة سمع
وإن صحت رواية ابن وهب وعنبسة؛ فهي متابعة قوية لعبد الرحمن من أبيه عبد الله بن كعب. والله أعلم.
والحديث أخرجه مسلم في «الجهاد» (رقم ١٨٠٢): وحدثني أبو الطاهر: أخبرنا ابن وهب … به مثل إسناد ابن صالح؛ إلا أنه لم يذكر في إسناده: عبد الله ابن كعب.
وخالفهم عمرو بن سَوَادٍ قال: أنبأنا ابن وهب … به؛ إلا أنه قال: عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب بن مالك … أخرجه النسائي.
فجعل عبد الرحمن أخًا لعبد الله بن كعب!
وخالف ابن جريج فقال: عن ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب بن مالك الأنصاري أن سلمة بن الأكوع قال … فذكره: أخرجه أحمد (٤/ ٤٦ – ٤٧).
وقد تابعه يزيد بن أبي عُبَيْدٍ مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع … به وأتم منه: أخرجه البخاري (٤١٩٦)، ومسلم، وأحمد (٤/ ٤٧ – ٤٨).
٤١ – باب الدعاء عند اللقاء
٢٢٩٠ – عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله ﷺ:
«ثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ -أو: قَلَّما تُرَدَّان-: الدعاءُ عند النداءِ، وعند البأس؛ حين يُلْحِمُ بعضهم بعضًا -زاد في رواية: وَوَقْتَ المطر-».
(قلت: حديث صحيح دون الزيادة، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي، وكذا ابن الجارود. وأما الزيادة فهي حسنة).
قال موسى: وحدثني رِزْقُ بن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي ﷺ قال:
«وقت المطر».
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الزمعي، وهو صدوق سيئ الحفظ؛ لكنه توبع.
والحديث أخرجه الدارمي (١/ ٢٧٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٤١٩)، وابن الجارود في «المنتقى» (١٠٦٥)، والحاكم (١/ ١٩٨ و٢/ ١١٣)، والبيهقي (١/ ٤١٠) من طرق عن سعيد بن أبي مريم … به.
وأخرجه ابن حبان (٢٩٧ و٢٩٨) من طريق أخرى عن أبي حازم … به.
وهو مخرج -مع شواهد للزيادة- في «الصحيحة» (١٤٦٩).
٤٢ – باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة
٢٢٩١ – عن معاذ بن جبل حدثهم: أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
«من قاتل في سبيل الله -فُوَاقَ ناقةٍ-؛ فقد وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل من نفسه صادقًا، ثم مات أو قُتِلَ؛ فإن له أجر شهيد -زاد ابن المُصَفَّى من هنا: ومن جُرِحَ جرحًا في سبيل الله، أو نُكِبَ نَكْبَةً؛ فإنها تجيءُ يومَ القيامة كَأغْزَرِ ما كانت: لونها لون الزعفرانِ، وريحُها ريحُ المِسْكِ، ومن خَرَجَ به خُرَاجٌ في سبيل الله؛ فإن عليه طَابَعَ الشُّهَداء-».
إسناده: حدثنا هشام بن خالد أبو مروان وابن المصفى قالا: حدثنا بقية عن ابن ثوبان عن أبيه يَرُدُّ إلى مكحول إلى مالك بن يَخَامِر أن معاذ بن جبل حدثهم.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ لولا أن بقية -وهو ابن الوليد- مدلس؛ وقد عنعنه؛ إلا أنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢٤٣): ثنا زيد بن يحيى الدمشقي: ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كَثِيرِ بن مُرَّةَ عن مالك بن يخامر … به.
وزيد هذا ثقة؛ وقد زاد في السند: كثير بن مرة -وهو ثقة أيضًا-؛ فالإسناد جيد.
وأخرجه ابن حبان (١٥٩٦ و١٦١٥).
وقد تابعه سليمان بن موسى قال: حدثنا مالك بن يخامر … به: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٩٥٣٤)، والترمذي (١٦٥٤ و١٦٥٧)، والنسائي «باب من قاتل في سبيل الله فواق ناقة»، وابن ماجة (٢٧٩٢)، والحاكم (٢/ ٧٧)، والبيهقي (٩/ ١٧٠)، وأحمد (٥/ ٢٣٠ و٢٤٤) من طرق عنه … به، أكثرهم مطولًا، ومنهم الترمذي، وقال:
«حديث حسن صحيح»! وبعضهم مختصرًا؛ ومنهم الحاكم، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»!
وتابعه بحَيِرٌ بن سَعْدٍ عن خالد بن مَعْدَانَ عن مالك بن يخامر … به مختصرًا: أخرجه الدارمي (٢/ ٢٠١)، وأحمد (٥/ ٢٣٥).
٢٢٩٢ – عن رجل -وفي رواية عن عُتَبْةَ بن عَبْدٍ السُّلَمِيِّ-: أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
«لا تَقُصُّوا نَواصِيَ الخيلِ، ولا معارِفَها، ولا أذنابَها؛ فإن أذنابَها مَذَابُّها، ومعارفَها دِفاؤُها، ونواصيَها معقودٌ فيها الخيرٌ».
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه أبو عوانة في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا أبو توبة عن الهيثم بن حميد. (ح) وحدثنا خُشَيْشُ بن أصْرَمَ: حدثنا أبو عاصم -جميعًا- عن ثور بن يزيد عن نصْرِ الكِنَانِي عن رجل. وقال أبو توبة: عن ثور بن يزيد عن شيخ من بني سُلَيْمٍ عن عُتْبَة بن عَبْد السُّلَمِيِّ -وهذا لفظه- أنه سمع رسول الله ﷺ يقول … فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة نصر الكناني -وهو نصر بن عبد الرحمن الكناني-، قال الذهبي:
«لا يُعْرَفُ، عداده في الشاميين». ولهذا قال الحافظ ابن حجر:
«شامي مجهول».
قلت: وهو الشيخ من بني سليم في رواية أبي توبة.
وأما الرجل الذي لم يُسَمِّ في رواية خشيش؛ فهو عتبة بن عبد السلمي.
المسمى في رواية أبي توبة.
ويبيِّن ذلك بعض الروايات الأخرى عن ثور بن يزيد، فقال الإمام أحمد (٤/ ١٨٣): ثنا عبد الرزاق: أنبأنا سفيان عن ثور بن يزيد عن نصر عن رجل -يقال له: عتبة بن عبد السلمي- ثنا عبد الله بن الحارث: حدثني ثور بن يزيد عن نصر
قلت: كذا وقع في «المسند»: عن نصر عن رجل … !
ولعل الصواب: عن نصر: رجلٍ … على البدل من نصر! والله أعلم.
وقد وجدت الحديث من طريق خير من هذه، فقال أحمد (٤/ ١٨٤): ثنا عَلِيُّ ابن بَحْرٍ: ثنا بقية بن الوليد: حدثني نصر بن علقمة قال: حدثني رجال من بني سليم عن عتبة بن عبد السلمي … به.
قلت: وهذا إسناد حسن، صرح فيه بقية بالتحديث.
ونصر بن علقمة -وهو الحضرمي الحمصي- وثقه دحيم وابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات. فقول الحافظ فيه:
«مقبول»!
غير مقبول كما هو ظاهر؛ لأنه في معنى: مجهول، وهل يستقيم هذا وقد وثقه دحيم؟ !
وقد أخرجه عنه: أبو عوانة أيضًا في «صحيحه» (٥/ ١٩).
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٣١) من طريق المؤلف.
٤٤ – باب فيما يُستحبُّ من ألوان الخيل
٢٢٩٣ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:
«يُمْنُ الخَيْلِ في شُقْرِها».
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عيسى بن علي -وهو ابن عبد الله بن عباس-، وهو صدوق مُقِلٌّ كما في «التقريب».
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٢٧٢): ثنا حسين … به.
وأخرجه البيهقي (٦/ ٣٣٠)، والخطيب في «التاريخ» (١١/ ١٤٨) من طريق أخرى عن الحسين … به.
وتابعه أبو داود الطيالسي، فقال في «مسنده» (١١٨٨): حدثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي … به.
ويزيد بن هارون: أخبرنا شيبان … به: أخرجه الترمذي (١٦٩٥)، وقال: «حديث حسن غريب».
وله طريقان آخران عن ابن عباس، خرجتهما في «التعليق الرغيب» (٢/ ١٦٣).
٤٥ – هل تُسَمَّى الأنثى من الخيل فَرَسًا؟
٢٢٩٤ – عن أبي هريرة:
أن رسول الله ﷺ كان يُسَمِّي الأنثى من الخيل: فرسًا.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم).
إسناده: حدثنا موسى بن مروان الرَّقِّيُّ: حدثنا مروان بن معاوية عن أبي حَيَّانَ
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرقي هذا، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٣٠) من طريق الحاكم، وهو مخرج في «الصحيحة» (٢١٣١) عن الرقي.
وتابعه عمرو بن عثمان بن سعيد: حدثنا مروان بن معاوية … به.
أخرجه ابن حبان (١٦٣٤).
٤٦ – باب ما يُكْرَهُ من الخيل
٢٢٩٥ – عن أبي هريرة قال:
كان النبي ﷺ يَكْرَهُ الشِّكَالَ من الخيل. والشِّكَالُ: أن يكون الفرسُ في رجله اليمنى بياضٌ وفي يده اليسرى بياضٌ، أو في يده اليمنى وفي رجله اليسرى.
قال أبو داود: «أي مخالف».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سَلْمٍ -هو ابن عبد الرحمن- عن أبي زرعة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٣٠) من طريق أخرى عن محمد بن كثير … به.
«حديث حسن صحيح. وقد رواه شعبه عن عبد الله بن يزيد الخَثْعَمِيِّ عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ … نحوه».
قلت: وصله الطيالسي في «مسنده» (١١٩٠): حدثنا شعبة … به.
وكذلك أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (٢/ ٤٥٧) من طرق أخرى عن شعبة … به.
وأعلّه أحمد بقوله عقبه:
«شعبة يخطيء في هذا القول: (عبد الله بن يزيد)! وإنما هو (سلم بن عبد الرحمن النخعي)».
قلت: شعبة حافظ إمام، فتوهيمه لا بُدَّ له من دليل، وهذا غير معروف، وإخراج مسلم إياه تقوية له. وكذلك قول الترمذي المتقدم: «وقد رواه شعبة …».
٤٧ – باب ما يُؤْمَرُ به من القيام على الدوابِّ والبهائم
٢٢٩٦ – عن سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ قال:
مَرَّ رسول الله ﷺ ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهره ببطنه، فقال:
«اتقوا الله في هذه البهائمِ المُعْجَمَةِ؛ فاركبوها صالحةً، وكِلُوها صالحةً».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والنووي).
قلت: وإسناده صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير محمد بن مهاجر، فهو من رجال مسلم، وقد صححه النووي وغيره، وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٣).
وقد رواه ابن خزيمة أيضًا (٢٥٤٥).
٢٢٩٧ – عن عبد الله بن جعفر قال:
أرْدَفَني رسولُ الله ﷺ خَلْفَهُ ذاتَ يومٍ؛ فأسَرَّ إليَّ حديثًا لا أحدث به أحدًا من الناس، وكان أحبُّ ما استتر به رسول الله ﷺ لحاجته هَدَفًا أو حائشَ نَخْلٍ. قال: فدخل حائطًا لرجل من الأنصار؛ فإذا جَمَلٌ، فلما رأى النبيّ؛ حَنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي ﷺ، فمسح ذِفْرَاهُ، فسكت، فقال:
«مَنْ ربُّ هذا الجمل؟ ! لمن هذا الجمل؟ !». فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول الله! فقال:
«أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ ! فإنه اشتكى إليَّ أنك تُجِيعُهْ وتُدْئبُهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي والضياء. وأخرج مسلم أوله).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا مهدي: حدثنا ابن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر.
والحديث أخرجه مسلم (٣٤٢)، والبيهقي في «السنن» (١/ ٩٤)، وأحمد (١/ ٢٠٤) من طرق أخرى عن مهدي بن ميمون … به؛ وليس عند مسلم والبيهقي قصة الجمل.
ورواه الحاكم بتمامه، وقال:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وفاتهما أنه على شرط مسلم، وأنه أخرج طرفه الأول، كما نبهت على ذلك في «الصحيحة» (٢٠)؛ فراجعه ففيه زيادة تخريج.
وتابعه جرير بن حازم قال: سمعت محمد بن أبي يعقوب … به بتمامه: أخرجه أحمد (١/ ٢٠٥): ثنا هب بن جرير: ثنا أبي.
٢٢٩٨ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«بينما رجل يمشي بطريق؛ فاشتد عليه العطش، فوجد بئرًا، فنزل فيها؛ فشرب ثم خرج، فإذا كَلْبٌ يَلْهَثُ؛ يأكل الثَّرَى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكَلْبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغني! فنزل البئر، فملأ خُفَّهُ، فأمسكه بِفِيهِ، حتى رقِيَ، فسقى الكلب، فشكر الله له، فَغَفَرَ له».
فقالوا: يا رسول الله! وإنا لنا في البهائم لأجرًا؟ ! فقال:
«في كُلِّ ذاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما عن مالك … به. انظر «الصحيحة» (٢٩).
٤٨ – باب في نزول المنازل
٢٢٩٩ – عن أنس بن مالك قال:
كنا إذا نزلنا منزلًا؛ لا نُسَبِّحُ حتى نَحُلَّ الرِّحَالَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن حمزة الضبي قال: سمعت أنس بن مالك قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حمزة الضَّبِّيِّ -واسم أبيه: عمرو العائذي-، وهو من رجال مسلم وحده.
٤٩ – باب في تقليد الخيل بالأوتار
٢٣٠٠ – عن أبي بَشِيرٍ الأنصاري:
أنه كان مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله ﷺ رسولًا -قال عبد الله بن أبي بكر: حسبت أنه قال- والناس في مَبِيتهم:
«لا يَبْقَيَنَّ في رَقَبَةِ بعيرٍ قلادةٌ مِنْ وَتَرٍ، ولا قلادةٌ إلا قُطِعَتْ».
قال مالك: أُرى أن ذلك من أجل العَيْنِ.
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عَبَّاد بن تميم أن أبا يشير الأنصاري أخبره …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في آخر «موطأ مالك» … بإسناده ومتنه؛ إلا أنه قال: مقيلهم .. مكان: مبيتهم.
وأخرجه البخاري في «الجهاد»، ومسلم في «اللباس» (٦/ ١٦٣)، وأحمد (٥/ ٢١٦) من طرق أخرى عن مالك … به؛ إلا أنهم قالوا: مبيتهم .. كما في الكتاب.
٥٠ – باب إكرام الخيل وارتباطها والمسح على أكفالها
٢٣٠١ – عن أبي وَهْبٍ الجُشَمِيِّ -وكانت له صحية- قال: قال رسول الله ﷺ:
«ارْتَبِطُوا الخَيْلَ، وامسحوا بنواصيها وأعجازها -أو قال: أكفالها-، وقَلِّدُوها، ولا تقلِّدُوها الأوتارَ».
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: حدثنا هشام بن سعيد الطَّالْقَانِيُّ: أخبرنا محمد بن المهاجر: حدثني عَقِيلُ بن شَبِيبٍ عن أبي وهب الجُشَمِيّ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عقيل بن شبيب، فلم يوثقه غير ابن حبان، فهو مجهول.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٣٤٥)، ومن طريقه البيهقي (٦/ ٣٣٠): ثنا هشام ابن سعيد … به.
وأخرجه النسائي في «الخيل» من طريق أخرى عن هشام … به.
ويشهد له ما رواه عُتْبَة بن أبي حَكِيمٍ: حدثني حُصَيْنُ بن حرملة عن أبي مُصَبِّحِ المَقْرَائِيِّ عن جابر … مرفوعًا بلفظ:
«الخيل معقود في نواصيها الخيرُ والنَّيْلُ إلى يوم القيامة، وأهلها مُعَانونَ عليها، فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة، وقلدوها؛ ولا تقلِّدوها بالأوتار».
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (١/ ١٣٢)، وأحمد (٣/ ٣٥٢)، والطبراني في «الأوسط».
وإسناده حسن في الشواهد، رجاله ثقات؛ غير عتبة، وهو صدوق كثير الخطأ، كما قال الحافظ.
وحصين بن حرملة؛ وثقه ابن حبان.
٥١ – باب في تعليق الأجراس
٢٣٠٢ – عن أم حَبِيبَةَ عن النبي ﷺ قال:
«لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها جَرَسٌ».
(قلت: حديث صحيح بما بعده، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن سالم عن أبي
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي الجراح، وهو مجهول الحال، وقد وثقه ابن حبان! وقال في «التقريب»:
«مقبول»؛ يعني: عند المتابعة، وقد توبع من مقبول مثله كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤٢٦): ثنا يحيى … به.
وأخرجه ابن حبان (١٤٩٢) من طريق أخرى عن يحيى القطان.
وله في «المسند» طرق أخرى عن عبيد الله. وهي مخرجة -مع شواهد للحديث- في «الصحيحة» (١٨٧٣).
وأخرجه النسائي من طريق سليمان بن بَابِيهْ مولى آل نوفل أن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول … فذكره
ومما يشهد له: الحديث الآتي بعده.
٢٣٠٣ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها كلبٌ أو جَرَسٌ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه في «صحيحه»، وصححه الترمذي كما تراه مخرجًا في المصدر السابق.
ورواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٥٥٣).
٢٣٠٤ – وعنه:
أن النبي ﷺ قال في الجَرَسِ: «مِزْمَارُ الشيطان».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وكذا ابن خزيمة وابن حبان).
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: حدثنا أبو بكر بن أبي أُوَيْسٍ: حدثني سليمان بن بلال عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢١١٤)، والبيهقي (٥/ ٢٥٣)، وأحمد (٢/ ٣٦٦ و٣٧٢) من طرق أخرى عن العلاء … به.
٥٢ – باب في رُكُوبِ الجَلالَةِ
٢٣٠٥ – عن ابن عمر قال:
نُهِي عن ركوب الجلالة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا عبد الوراث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال …
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٢٥٤ و٩/ ٣٣٣) من طريق المؤلف.
وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر، وهي الآتية بعده.
٢٣٠٦ – وعنه قال:
نهى رسول الله ﷺ عن الجَلَّالَةِ -في الإبل- أن يُرْكَبَ عليها.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سُرَيْجٍ الرازي: أخبرني عبد الله بن الجَهْمِ: حدثنا عمرو -يعني: ابن أبي قيس- عن أيوب السَّخْتِيَانِيِّ عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي بعضهم كلام لا يضر.
وله طريق أخرى، خرجتها في «إرواء الغليل» (٨/ ١٥٠).
وطريق ثالثة ستأتي في الكتاب في «الأطعمة / ٢٥ – باب».
والحديث سيعيده المؤلف هناك بإسناده ومتنه؛ إلا أنه زاد فيه: أو يشرب من ألبانها.
وهكذا أخرجه البيهقي (٩/ ٣٣٣) من طريق المؤلف وغيره.
٢٣٠٧ – عن معاذ قال:
كُنْتُ رِدْفَ رسولِ الله ﷺ على حمار يقال له: عُفَيْرٌ.
(قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، لكن ذِكْرَ الحمار فيه شاذٌّ عندي، وقد أخرجاه من طريق أخرى عنه بلفظ: ليس بينه وبينه إلا مُؤْخِرَةُ الرحل .. وهو المحفوظ عندي).
إسناده: حدثنا هنّاد بن السرِي عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو ابن ميمون عن معاذ.
قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ غير هناد بن السري، فهو على شرط مسلم وحده، لكنه قد توبع كما يأتي.
إلا أن في النفس شيئًا من أبي إسحاق -وهو السبيعي عمرو بن عبد الله-؛ فإنه كان اختلط، والقاعدة في مثله أن ما حدَّث به قبل الاختلاط فهو حجة، وإلا؛ فلا.
وأبو الأحوص الراوي له عنه -واسمه سلام ابن سليم- لم يذكروه في جملة من سمع منه قبل الاختلاط. وكذلك من تابعه ممن سأذكره.
أضف إلى ذلك أنه موصوف بالتدليس أيضًا، وقد عنعنه كما ترى، وأنه اضطرب في متنه، فكان تارة يذكر الحمَار فيه -كما في هذه الرواية- وتارة لا يذكره -كما في رواية حفيده إسرائيل-.
وكذا سفيان ومعمر بن راشد عنه: أخرجه أحمد (٥/ ٢٢٨).
وسفيان -وهو الثوري- وشعبة كلاهما سمع من السبيعي قبل الاختلاط.
وتؤيده رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ: عنده أيضًا (٥/ ٢٣٠).
نعم؛ قد جاء ذكر الحمار دون اسمه: (عفير) في بعض الطرق عن معاذ، يرويه الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال:
أتينا معاذ بن جبل، فقلنا: حدثنا من غرائب حديث رسول الله ﷺ؟ ! قال:
نعم، كنت رِدْفَهُ على حمار، قال: فقال:
«يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد؟» …
أخرجه أحمد (٥/ ٢٢٨ و٢٣٦).
وسنده حسن على شرط مسلم؛ وأبو سفيان -واسمه: طلحة بن نافع- فيه كلام، والراجح أنه حسن الحديث إذا لم يخالف.
ثم روى (٥/ ٢٣٨) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْمٍ أن معاذ بن جبل حدثه عن النبي ﷺ … به نحوه؛ وفيه تسمية الحمار بـ (يعفور).
لكن شهر ضعيف.
بَيْدَ أنه قد صح من طريق أخرى عن معاذ خلاف كل ما سبق، فقال همام: حدثنا قتادة: حدثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قال:
كنت رِدْفَ النبي ﷺ -ليس بيني وبينه إلا مُؤْخِرَةُ الرحل- فقال:
«يا معاذ! …» الحديث.
آخرة الرحل.
والمعنى واحد، وهي -بالمد- الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير، كما في «النهاية» لابن الأثير.
ويشهد له: ما روى علي بن زيد عن أبي المَلِيحِ الهُذَلِيِّ عن رَوْحِ بن عابد عن أبي العَوَّام عن معاذ بن جبل قال:
كنت رِدْفَ النبي ﷺ على جمل أحمرَ، فقال: «يا معاذ! ..» الحديث.
أخرجه أحمد (٥/ ٢٣٤).
وعلي بن زيد -وهو ابن جدعان- لا بأس به فيما نحن فيه من الاستشهاد.
وأما ما أخرجه أحمد -عَقِبَه-من طريق حماد عن عطاء بن السائب عن أبي رَزِينٍ عن معاذ بن جبل … مثله؛ غير أنه قال:
أُتِيَ رسول الله ﷺ بحمار قد شُدَّ عليه بَرْدَعَةٌ …
فإنه منكر أيضًا لا يصح؛ لأن عطاء بن السائب كان اختلط؛ وحماد -وهو ابن سلمة- سمع منه بعد الاختلاط أيضًا، هذا مع مخالفته لحديث الرَّحْل وشاهده.
ولا يقويه ما روى يزيد بن عطاء البزاز: أخبرنا أبو اسحاق عن أبي عُبَيْدَةَ بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال:
كان لرسول الله ﷺ حمار يقال له: عفير.
أخرجه الطيالسي (٢٥٠٠ – ترتيبه)، وابن سعد في «الطبقات» (١/ ٤٩٢).
١ – أنه منقطع بين أبي عبيدة وأبيه ابن مسعود؛ فإنه لم يسمع منه باعترافه.
٢ – أن يزيد بن عطاء هذا في الحديث؛ كما في «التقريب».
٣ – أنه لو سَلِمَ من العلتين المذكورتين؛ فلا يصح الاستشهاد به وتقوية حديث الباب به؛ لأنه من باب تقوية الضعيف بنفسه؛ لأن أبا إسحاق الذي بينهما: هو السبيعي نفسه، وقد عرفت حاله من حيث الاختلاط والتدليس من جهة، ومخالفة حديثه لحديث أنس عن معاذ في «الصحيحين» المذكور آنفًا، وكذلك لحديث شهر، حيث سمَّى الحِمار بـ: (يعفور) لا (عفير).
وكذلك جاءت تسميته بـ (يعفور) في حديثين آخرين مرسلين مختصرين: عند ابن سعد:
أحدهما: عن علقمة بن أبي علقمة … بلاغًا.
والآخر: عن جعفر بن محمد عن أبيه … مرسلًا.
وجملة القول: أن ذكر الحمار في هذا الحديث خطأ من السبيعي، ومن الظاهر أن ذلك كان في اختلاطه. وقد وجدت ما يؤيد ذلك، وهو ما أخرجه الترمذي (٢٦٤٥) من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ:
«أتدرون ما حق الله على العباد؟ …» الحديث.
فهذا سفيان -وهو الثوري- وقد روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فلم يذكر فيه ركوبه على الحمار؛ فهذا أصح، وحينئذ فلا تعارض؛ فتأمل.
وإذا عرفت ما سبق من التحقيق؛ فلا حاجة بنا إلى تكلُّف تأويل الرَّحْل بأنه
«ولم أر في»البخاري«من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه، كالثوري وشعبة، لا عن المتأخرين كابن عيينة وغيره»!
قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله تعالى؛ فإن له في «البخاري» من رواية زهير ابن معاوية وغيره -ممن سمع منه بعد الاختلاط-، وقد خرجت بعض أحاديثهم في «الأحاديث الضعيفة».
والحديث أخرجه مسلم (رقم / ٣٠): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص سَلام بن سُليم … به؛ وتمامه: قال: فقال:
«يا معاذ! تدري ما حقُّ الله على العباد، وما حق العباد على الله؟». قال: قلت: الله ورسوله أعلم! قال:
«فإن حق الله على العباد: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا. وحق العباد على الله عز وجل: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا». قال: قلت: يا رسول الله! أفلا أُبَشِّرُ الناس؟ قال:
«لا تبشِّرْهم؛ فيتكلوا».
وأخرجه البخاري في «الجهاد» من طريق يحيى بن آدم: حدثنا أبو الأحوص … به.
لكن ذكر الحافظ أن أبا الأحوص هذا -الذي روى عنه يحيى- ليس هو سلام ابن سليم، وإنما هو عمار بن رُزَيْقٍ! فالله تعالى أعلم.
٥٤ – باب في النداء عند النفير: يا خيل الله! اركبي!
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٥٥ – بابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ البَهِيمَةِ
٢٣٠٨ – عن عمران بن حُصَين:
أنَّ النبي ﷺ كان في سفر، فسمع لَعْنَةً، فقال: «ما هذه؟».
قالوا: هذه فُلانةُ لعنتْ راحِلَتَها. فقال النبي ﷺ:
«ضَعُوا عنها؛ فإنها ملعونة»؛ فوضعوا عنها.
قال عمران: فكأني أنظر إليها ناقةً وَرْقَاءَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وكذا ابن حبان).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قِلابة عن أبي المُهَلّبِ عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وحماد: هو ابن زيد؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٢٨٨) … بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه هو، والبيهقي (٥/ ٢٥٤)، وأحمد (٤/ ٤٢٩ و٤٣١) من طرق أخرى عن أيوب … به؛ وفيه: أن المرأة من الأنصار.
وله شاهد من حديث أبي بَرْزَةَ الأسلمي … نحوه؛ وفيه: أنها جارية.
أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (٤/ ٤٢٣).
ثم أخرجه (٦/ ٧٢ و١٣٨ و٢٥٧) من طريقين عن عائشة … نحوه؛ وفيه: أنها هي نفسها صاحبة القصة.
فالظاهر أنها متعددة! ويؤيده: أن في رواية أنه رجل. انظر «الإرواء» (٢١٨٤).
٥٦ – باب في التحريش بين البهائم
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٥٧ – باب في وَسْمِ الدوابِّ
٢٣٠٩ – عن أنس بن مالك قال:
أتيت النبيَّ ﷺ بأخٍ لي حين وُلِدَ ليُحَنِّكَهُ؛ فإذا هو في مربدٍ يَسِمُ غنمًا -أحسبه قال: في آذانها-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك.
والحديث أخرجه البخاري في «الذبائح»، ومسلم (٢١١٩)، وأحمد (٣/ ١٧١ و٢٥٤) من طرق أخرى عن شعبة … به.
ومن طريقه: ابن ماجة (٣٥٦٥)؛ وزاد:
ورأيته متزرًا بكساء.
وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف.
٥٨ – باب النهي عن الوَسْمِ في الوجه، والضرب في الوجه
٢٣١٠ – عن جابر:
أن النبي ﷺ مُرَّ عليه بِحِمارٍ قد وُسِمَ في وجهه، فقال:
«أمَا بلغكم أني قد لَعَنْتُ من وَسَمَ البهيمة في وَجْهِهَا، أو ضربها في وجهها؟ !»، فنهى عن ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» بنحوه).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد صرح عنده أبو الزبير بالسماع في رواية كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢١١٦) وغيره من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو
٥٩ – باب في كراهية الحُمُرِ تُنْزَى على الخَيْلِ
٢٣١١ – عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
أُهْدِيَتْ لرسول الله ﷺ بَغْلَةٌ فرَكِبَها. فقال علي: لو حَمَلْنَا الحمير على الخَيْلِ، فكانت لنا مثل هذه! قال رسول الله ﷺ:
«إنما يفعلُ ذلك الذين لا يَعْلَمُونَ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن زُرير عن علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن زُريرٍ -واسمه عبد الله المصريُّ- وهو ثقة.
والحديث أخرجه النسائي في «الخيل» … بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه أحمد (١/ ١٠٠)، وابن سعد في «الطبقات» (١/ ٤٩١)، وابن حبان (١٦٣٩)، والبيهقي (١٠/ ٢٢ – ٢٣) من طرق أخرى عن الليث … به.
ثم أخرجه أحمد (١/ ١٥٨)، والبيهقي من طرق أخرى عن يزيد بن أبي حبيب؛ وذكر فيه خلافًا على يزيد لا يضر.
لا سيما وله طريق أخرى، يرويه شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة عن علي رضي الله عنه … به نحوه: أخرجه الطيالسي (١١٩١)، وأحمد (١/ ٩٨)، والبيهقي.
وله طريق ثالث عن محمد بن علي عن أبيه عن علي … مختصرًا: أخرجه أحمد (١/ ٧٨).
ثم رواه (٤/ ٣١١) عن دِحْيَةَ الكَلْبِي.
وله شاهد مختصرًا عن ابن عباس، تقدم في «الصلاة» (رقم ٧٦٩).
٦٠ – باب في ركوب ثلاثة على دَابَّةٍ
٢٣١٢ – عن عبد الله بن جعفر قال:
كان النبي ﷺ إذا قَدِمَ من سفرٍ؛ استُقْبِلَ بنا، فأيُّنا استقبل أولًا؛ جعله أمَامَه، فاستُقْبِلَ بي، فحملني أمَامه، ثم استْقُبِلَ بحسن أو حسين، فجعله خلفه؛ فدخلنا المدينة وإنا لَكَذَلِكَ.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُّ عن عاصم بن سليمان عن مُوَرِّقٍ -يعني: العِجْلِيَّ-: حدثني عبد الله بن جعفر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محبوب بن موسى، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد، وقد توبع.
قال أحمد (١/ ٢٠٣): حدثنا أبو معاوية: حدثنا عاصم … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (٢٤٢٧).
ورواه مسلم وأحمد من طريق ثانية عن عبد الله بن جعفر … مختصرًا.
وأحمد (١/ ٢٠٥) من طريق ثالثة … عنه أتم منه.
وإسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي (٥/ ٢٦٠) عن أبي معاوية.
وله عنده شاهد مختصر من حديث ابن عباس.
وآخر من حديث عائشة.
٦١ – باب في الوقوف على الدابة
٢٣١٣ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«إيَّاكم أن تتخذوا ظهورَ دوابِّكم منابِرَ؛ فإن الله إنما سخرها لكم لِتُبَلِّغَكم إلى بَلَدٍ لَمْ تكونوا بَالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الأنْفُس، وجعل لكم الأرض؛ فَعَلَيْهَا فاقْضوا حاجاتِكم».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: حدثنا ابن عَيَّاش عن يحيى بن أبي عُمَرَ السَّيْبَانِي عن أبي مريم عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن عياش -وهو إسماعيل- إنما يُخْشى من روايته عن غير الشاميين، وهذه عن الشاميين.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٢٥٥) من طريق المؤلف، وصححت منه اسم أبي مريم؛ فإنه وقع في الأصل: (ابن أبي مريم)! وكذلك وقع في طبعة الشيخ محمد محيي الدين -منه-، كما كنت نبهت عليه هناك.
٦٢ – باب في الجنائب
٢٣١٤ – عن أبي هريرة: قال رسول الله ﷺ:
«تكون إبلٌ للشياطين، وبيوت للشياطين …» (*).
٦٣ – باب في سرعة السير، والنهي عن التعريس في الطريق
٢٣١٥ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا سافرتم في الخِصْبِ؛ فأعطوا الإبل حَقَّها، وإذا سافرتم في الجَدْبِ؛ فأسرعوا السَّيْرَ، فإذا أردتم التعريسَ؛ فتنكَّبوا عن الطريق».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان وابن خزيمة).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٣٣٧) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة … به.
وأخرجه هو، ومسلم (١٩٢٦)، والترمذي (٢٨٦٢) من طرق أخرى عن سهيل … به؛ وزادوا:
«فإنها طرق الدوابِّ، ومأوى الهوامِّ بالليل».
وقد رواه غيرهم كابن خزيمة (٢٥٥٦)، وابن حبان، وقد خرجته في «الصحيحة» (١٣٥٧) من المجلد الثالث، وهو تحت الطبع، يسر الله تمامه (*)؛ فإنه يطبع تحت ظروف حرجة، نسأل الله أن يعاملنا بفضله؛ إنه سميع مجيب!
٢٣١٦ – عن جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ … نحو هذا؛ قال -بعد قوله: «حقَّها»-:
«ولا تَعْدُوا المنازلَ».
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا هشام عن الحسن عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن الحسن -وهو البصري-
وهكذا أخرجه أحمد وغيره؛ وساقوا لفظه بتمامه.
ومنه يتبين أن فيه ألفاظًا ومعانيَ لم تَرِدْ في الحديث الذي قبله، ولا شاهد لها، ولذلك سقته وخرجته في «الأحاديث الضعيفة» (١١٤٠). وإنما أوردته هنا في هذا «الصحيح»؛ باعتباره أن فيه شاهدًا لما قبله، ولو أن المؤلف ساقه بتمامه؛ لما استسغت إيراده إلا في الكتاب الآخر: «ضعيف أبي داود»؛ فَلْيُعلَمْ هذا؛ لكي لا يَظُنَّ ظانٌّ أن في الأمر تناقضًا!
وقوله فيه: «ولا تعدوا المنازل»؛ هو مفهوم قوله في الحديث الذي قبله: «فتنكبوا الطريق». والله أعلم.
٦٤ – باب في الدُّلْجَةِ
٢٣١٧ – عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ:
«عليكم بالدُّلْجَةِ، فإن الأرض تُطْوَى بالليلِ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وكذا ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا عمرو بن علي: حدثنا خالد بن يزيد: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثوقون؛ غير أبي جعفر الرازي، فهو سيئ الحفظ.
لكن الحديث صحيح؛ فقد جاء من طريق أخرى عن أنس مرفوعًا … به.
وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (٢٥٥٥)، والحاكم على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! !
وقد أخرجه البزار أيضًا في «مسنده» (١٦٩٦ – كشف الأستار)، وهو مخرج في المصدر المذكور برقم (٦٨٢)، مع بعض الشواهد من حديث جابر وغيره.
وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: أخرجه البزار (١٦٩٥).
٦٥ – باب: رَبُّ الدابةِ أحقُّ بِصَدْرِها
٢٣١٨/ ١ – عن بُريدَةَ قال:
بينما رسول الله ﷺ يمشي؛ جاء رجلٌ ومعه حمارٌ، فقال: يا رسول الله! اركب، وتأخر الرَّجُلُ، فقال رسول الله ﷺ:
«لا! أنت أحقُّ بصدر دابَّتك مني؛ إلا أن تجعله لي».
قال: فإني قد جعلته لك! فركب.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيُّ: حدثني علي بن حسين: حدثني أبي: حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدةَ يقول …
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المروزي، وهو ثقة.
وفي علي بن الحسين -وهو ابن واقد- كلام يسير من قبل حفظه.
والحديث أخرجه الترمذي (٢٧٧٤)، والحاكم (٢/ ٦٤)، والبيهقي (٥/ ٢٥٨) من طرق أخرى عن علي بن الحسين بن واقد … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
والأقرب ما قاله الترمذي: «حديث حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن قيس بن سعد بن عبادة».
وتابعه زيد بن الحُبَابِ: حدثني حسين بن واقد … به.
أخرجه أحمد (٥/ ٣٥٣)، وابن حبان (٢٠٠١).
وخالفه حَبِيبُ بن الشَّهيد، فقال: عن عبد الله بن بريدة:
أن معاذ بن جبل أتى النبي ﷺ بدابة ليركبها، فقال رسول الله ﷺ:
«رَبُّ الدابة أحق بصدرها». قال معاذ: هي لك يا رسول الله! قال: فركب النبي ﷺ وأردف معاذًا.
أخرجه البيهقي.
قلت: ولا شك أن هذا المرسل أقوى من الموصول الذي قبله؛ لكنه يتقوى بما له من الشواهد الكثيرة عن جمع من الصحابة:
منهم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رواه أحمد (١/ ١٩). وحبيب بن مسلمة وقيس بن سعد بن عبادة: عنده أيضًا (٣/ ٤٢٢). وإسناده حسن.
وغيرهم ممن خرَّجهم الحافظ الهيثمي (٨/ ١٠٧)، وخرجته عن بعضهم في «الإرواء» تحت الحديث (٤٩٤).
٢٣١٨/ ٢ – عن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير: حدثني أبي -الذي أرضعني، وهو أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغَزَاةِ؛ غزاة مؤتَةَ- قال:
والله! لكأنِّي أنظر إلى جعفر، حين اقتحم عن فَرَسٍ له شَقْرَاءَ، فَعَقَرَها، ثم قاتل القوم حتى قُتِلَ.
قال أبو داود: «هذا الحديث ليس بالقوي».
(قلت: إسناده حسن، وتضعيف المؤلف إياه غير ظاهر؛ إلا أن تكون جهالة اسم والد عَبَّاد في الرضاعة! وهذا غير ضائر؛ لأنه صحابي كما هو الظاهر. والله أعلم).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِيُّ: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق: حدثني ابن عَبَّاد عن أبيه عَبَّادِ بن عبد الله بن الزبير -قال أبو داود: هو يحيى بن عَبَّاد-: حدثني أبي- الذي أرضعني، وهو …
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون ليس فيهم مغمز؛ إلا ما يخشى من تدليس ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث.
فلا أدري وجه تضعيف المؤلف لإسناده؛ إلا أن يكون جهالة اسم أبي عباد في الرضاعة! وذلك مما لا يضر في اصطلاح العلماء؛ لأن الظاهر أنه صحابي، والصحابة عدول كلهم. والله أعلم.
ثم رأيت الحافظ قد سبقني في «الفتح» (٧/ ٥١١) إلى تحسين إسناده، فالحمد لله على توفيقه.
٢٣١٩ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا سَبَقَ إلا في خُفٍّ، أو حَافِرٍ، أو نَصْلٍ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير نافع ابن أبي نافع، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (١٠/ ١٦) وغيره من أصحاب «السنن» وغيرهم من طرق عن ابن أبي ذئب.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد، خرجتها في «إرواء الغليل» (١٥٠٦).
٢٣٢٠ – عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله ﷺ سابق بين الخيل التي قَدْ ضُمِّرَتْ من (الحَفْيَاءِ)، وكان أمَدُهَا (ثَنِيَّةَ الوداع). وسابق بين الخيل التي لم تُضَمِّرْ مِنَ (الثَّنِيَّةِ) إلى (مسجد بني زُرَيْقِ)؛ وإن عبد الله كان ممن سابق بها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد أخرجاه من طريق مالك وغيره، وهو في «الموطأ» آخر «كتاب الجهاد»، وقد خرجته في المصدر السابق (١٥٠١).
٢٣٢١ – وفي رواية عنه:
أن نبي الله ﷺ كان يُضَمِّرُ الخيلَ، يسابِقُ بها.
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا مُعْتَمِرٌ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو مختصر للذي قبله.
وقد أخرجه أحمد (٢/ ٨٦) من طريق ابن أبي ليلى عن نافع … به مختصرًا؛ دون قوله: يسابق بها.
٢٣٢٢ – وفي أخرى عنه:
أن رسول الله ﷺ سَبَّق بين الخيل، وفَضَّل القُرَّح في الغاية.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا عُقْبَةُ بن خالد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
والحديث في «مسند الإمام أحمد» (٢/ ١٥٧) … بإسناده ومتنه.
٦٨ – باب في السَّبَقِ على الرِّجْلِ
٢٣٢٣ – عن عائشة رضي الله عنها:
أنها كانت مع النبي ﷺ في سفر، قالت: فسابقته، فسبقتُهُ على رِجْلَيَّ. فلما حملتُ اللَّحْمَ؛ سابقته فسبقني، فقال:
«هذه بتلك السَّبْقَةِ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق -يعني: الفَزَارِي- عن هشام بن عروة عن أبيه وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنطاكي، وهو ثقة. وهما إسنادان عن عائشة:
أحدهما: عن هشام عن أبيه عنها … وقد جاء عنه من طرق.
والآخر: عن هشام عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها.
أخرجهما أحمد وغيره مفصولًا أحدهما عن الآخر، وقد خرجته في «الإرواء» (١٥٠٢)، و«آداب الزفاف».
ورواه النسائي في «الكبرى» (٥/ ٣٠٣ – ٣٠٥) … بالإسنادين.
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٧٠ – باب في الجَلَبِ على الخيل في السباق
٢٣٢٤ – عن عمران بن حصين عن النبي ﷺ قال:
«لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ -زاد يحيى في حديثه- في الرِّهان».
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد: حدثنا عنبسة. (ح) وحدثنا مسدد: حدثنا بشر بن المُفَضَّل عن حُمَيْدٍ الطويل جميعًا عن الحسن عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم رجال «الصحيح»؛ لولا أن الحسن لم يصرح بالسماع من عمران.
لكنه ينجبر بمجيءِ الحديث عن جمع من الصحابة؛ منهم: عبد الله بن عمرو ابن العاص. وقد مضى حديثه في أول «الزكاة» (رقم ١٤١٩).
ومنهم: أنس بن مالك: في «المسند» (٣/ ١٩٧). وسنده صحيح.
ومنهم: ابن عباس: في «التلخيص» (٤/ ١٦٥).
والحديث أخرجه البيهقي (١٠/ ٢١) عن المؤلف من الوجه الأول.
والترمذي (١١٢٣) من طريق آخر عن بشر بن المفضل.
«حديث حسن صحيح».
٤٣٢٥ – عن قتادة قال:
الجلب والجنب في الرِّهانِ.
(قلت: إسناده مقطوع صحيح).
٧١ – باب في السيف يُحَلَّى
٢٣٢٦ – عن قتادة عن أنس قال:
كانت قَبِيعَةُ سيفِ رسولِ الله ﷺ فِضَّةً.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا جرير بن حازم: حدثنا قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وجرير -وإن كان ضعفه بعضهم في روايته عن قتادة-؛ فإنما ذلك فيما تفرد به، كما يشير إلى ذلك قول ابن عدي فيه:
«له أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو مستقيم الحديث صالح فيه؛ إلا روايته عن قتادة؛ فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره».
قلت: فإذا شاركه غيره؛ فذلك دليل على حفظه لما روى، وقد توبع على هذا
والحديث أخرجه الترمذي (١٦٩١)، والدارمي (٢/ ٢٢١)، وابن سعد في «الطبقات» (١/ ٤٨٧)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ» (ص ١٤٠ – السعادة)، والبيهقي من طرق عن جرير بن حازم … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب. وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس. وقد روى بعضهم عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن …»؛ فذكر الرواية الآتية بعده.
ورواية همام؛ وصلها ابن سعد في «الطبقات»، فقال: أخبرنا عمرو بن عاصم: أخبرنا همام وجرير بن حازم … به.
والنسائي آخر «الزينة»، فقال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا عمرو بن عاصم … به؛ ولفظه:
كان نعل سيف رسول الله ﷺ من فِضَّةٍ، وقبيعة سيفه فضَّة، وما بين ذلك حِلَقُ فضة.
قلت: فهذه متابعة قوية من همام -وهو ابن يحيى البصري-، وهو ثقة من رجال الشيخين.
وكذلك الراوي عنه عمرو بن عاصم؛ وفيه كلام يسير لا يضر، كما يأتي بيانه.
٢٣٢٧ – وفي رواية عنه عن سعيد بن أبي الحسن قال:
كانت قَبِيعة سيفِ رسولِ الله ﷺ فضةً.
قال قتادة: وما علمت أحدًا تابعه على ذلك.
إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وسعيد هذا: هو أخو الحسن البصري.
وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوَائِيُّ، وهو ثقة ثبت. ولذلك رَجَّحَ روايتَهُ هذه المرسلةَ النسائيُّ على رواية جريرٍ الموصولة، فقال في «الكبرى» -له كما في «تحفة الأشراف» للمزي (١/ ٣٠١) -:
«وهذا حديث منكر. والصواب: قتادة عن سعيد بن أبي الحسن. وما رواه عن همام غير عمرو بن عاصم».
قلت: عمرو هذا من رجال الشيخين كما تقدم، بل هو حافظ ثبت كما قال الذهبي في «تذكرة الحفاظ»، فتفرده محتمل مقبول كسائر الحفاظ، فاستنكار النسائي للحديث غير مقبول؛ بعد ثبوت متابعة همام بن يحيى لجرير برواية هذا الحافظ الثبت عنهما معًا!
وبهذا تعرف الجواب عن تضعيف المؤلف لأحاديث الباب الآتي في آخره، وتقويته لحديث سعيد بن أبي الحسن! مع أن ظاهر قول قتادة عقب حديث سعيد:
وما علمت أحدًا تابعه على ذلك .. فيه استنكار لحديثه، كما ذكره بعض العلماء المتأخرين احتمالًا، ومال إلى أن صواب العبارة: قال أبو داود .. لا قتادة، وإلى أن ضمير قوله: (تابعه) يرجع إلى جرير بن حازم، لا إلى سعيد بن أبي الحسن (١).
وجملة القول: إن الحديث -برواية همام وجرير عن قتادة عن أنس- صحيح لا شك فيه.
ويزيده قوة: أن له شواهد بالإضافة إلى طريق عثمان الآتية، منها: ما عند النسائي عن أبي أمامة بن سهل قال:
كانت قبيعة سيف رسول الله ﷺ من فضة.
وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وأبو أمامة معدود في الصحابة، كما في «التقريب».
ومنها: ما رواه أبو الشيخ والبيهقي وغيرهما من طريق أبي الحكم: حدثني مرزوق الصَّيْقَلُ قال:
صَقَلْتُ سيفَ النبيِّ ﷺ ذا الفقار، فكان فيه قبيعة من فضة، وبَكَرَةٌ في وسطه من فضة، وحِلَقٌ في قيده من فضة.
ورجاله ثقات؛ غير أبي الحكم، فهو غير معروف، كما يستفاد من «نصب الراية» (٤/ ٢٣٣).
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
كانت نعل سيف رسول الله ﷺ وحِلَقُهُ وقُبَاعَتُهُ من فضةٍ.
أخرجه ابن سعد وأبو الشيخ. وإسناده صحيح مرسل.
(قلت: حديث صحيح بما قبله).
قال أبو داود: «أقوى هذه الأحاديث: حديث سعيد بن أبي الحسن. والباقية ضعاف»!
(قلت: بل الأول صحيح، وما بعده يتقوى به ولا يُعِلُّهُ).
إسناده: حدثنا محمد بن بشار، حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العَنْبَرِيُّ عن عثمان بن سعد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عثمان بن سعد -وهو الكاتب أبو بكر البصري-، وهو ضعيف.
لكن حديثه هذا صحيح بمجيئه من طريق صحيح عن قتادة عن أنس، كما تقدم تحقيقه قريبًا، وبما له من شواهد، ذكرت بعضها آنفًا.
والحديث أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ» (ص ١٤٠)، والبيهقي (٤/ ١٤٣) من طريقين آخرين عن يحيى بن كثير … به.
وللحديث شاهد آخر من حديث مَزِيدَةَ: أخرجه الترمذي وغيره.
لكن فيه زيادة منكرة، أودعته من أجلها في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» رقم (٥٤٠٦).
٢٣٢٩ – عن جابر عن رسول الله ﷺ:
أنه أمر رجلًا -كان يتصدق بالنَّبْلِ في المسجد- أن لا يَمُرَّ بها إلا وهو آخذ بنصُولها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسناد المؤلف، وهو والبخاري مختصرًا).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وأبو الزبير -وإن كان معروفًا بالتدليس-؛ فإن الليث -وهو ابن سعد- إنما روى عنه ما صَرَّحَ فيه بالتحديث، كما هو معروف في ترجمته.
والحديث أخرجه مسلم (٢٦١٤) … بإسناد المؤلف ومتنه.
ثم أخرجه هو، وأحمد (٣/ ٣٥٠) من طرق أخرى عن الليث … به.
وتابعه عمرو بن دينار عن جابر … به نحوه: أخرجه البخاري (رقم ٢٣٩ – مختصري للبخاري)، ومسلم والنسائي في «المساجد»، والدارمي (١/ ١٥٢ و٣٢٦)، وابن ماجة (٣٧٧٧)، والبيهقي (٨/ ٢٣)، وأحمد (٨/ ٣٠٣) من طرق عنه.
٢٣٣٠ – عن أبي موسى عن النبي ﷺ قال:
«إذا مَرَّ أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا، ومعه نَبْلٌ؛ فليُمسك على نصالها -أو قال: فَلْيَقْبِضْ كَفَّهُ، أو قال: فليقبض بِكَفِّه-؛ أن تصيب أحدًا من المسلمين».
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو أسامة عن بُريد عن أبي بردة عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري في أول «الفتن»، ومسلم (٢٦١٥) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه ابن ماجة (٣٧٧٨): حدثنا محمود بن غَيْلان: ثنا أبو أسامة … به.
وأحمد (٤/ ٤١٠): ثنا وكيع: حدثني بُرَيْدُ بن أبي بردة، … به.
ثم أخرجه هو (٤/ ٤٠٠ و٤١٣ و٤١٨)، والبخاري في «الصلاة» (رقم ٢٤٠ – المختصر)، ومسلم من طرق أخرى عن أبي بردة، … به.
ورواه البيهقي (٨/ ٢٣).
٧٣ – باب في النهي أن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلولًا
٢٣٣١ – عن جابر:
أن النبي ﷺ نهى أن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا.
(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم، وقد صححه الحاكم على شرطه، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر.
ولولا أن أبا الزبير مدلس -وقد عنعنه- لصححته، ولكنه صحيح على كل حال؛ فقد صرح بالتحديث في رواية أخرى سأذكرها.
والحديث أخرجه الترمذي (٢١٦٤)، والحاكم (٤/ ٢٩٠)، وأحمد (٣/ ٣٠٠ و٣٦١) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي:
«وهذا حديث حسن غريب من حديث حماد بن سلمة. وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر. وعن بَنَّةَ الجُهَنِيِّ عن النبي ﷺ. وحديث حماد بن سلمة عندي أصح».
قلت: ولا شك في ذلك؛ لما عُرِفَ من سوء حفظ ابن لهيعة. وقد وصل حديثه هذا: الإمام أحمد (٣/ ٣٤٧)؛ إلا أنه وقع فيه: عن جابر أن بَنَّةَ الجهني أخبره …
ولعله الصواب، ولفظ حديثه:
أن النبي ﷺ مَرَّ على قوم في المسجد -أو في المجلس- يَسُلُّون سيفًا بينهم، يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال:
«لعن الله من يفعل ذلك، أَوَلَمْ أزجُرْكم عن هذا؟ ! فإذا سللتم السيف فَلْيَغْمِدْهُ الرجل، ثم لْيُعْطِهِ كذلك».
ويشهد لغالبه: ما روى أبو إسحاق الفَزَارِيُّ عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن جابر:
أخرجه أحمد (٣/ ٣٧٠). ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن جريج.
لكن أخرجه -عقبه- بالإسناد ذاته عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يحدِّث … ذلك عن النبي ﷺ.
فهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وبه صح الحديث والحمد لله.
وذكر له الحاكم شاهدًا من حديث أبي بكرة، وصححه هو والذهبي، وهو حسن صحيح، قد صرَّح المبارك بن فَضَالة والحسن البصري بالتحديث فيه. فانظر «المشكاة» (٣٥٢٧).
ثم رأيت ابن حبان رواه (١٨٥٤) من طريق أبي عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا … به مثل رواية أحمد.
وهذا إسناد متصل صحيح.
٧٤ – باب في النهي أن يُقَدَّ السَّيْرُ بين إصبعين
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٧٥ – باب في لُبْسِ الدُّرُوعِ
٢٣٣٢ – عن السائب بن يزيد عن رجل قد سَمَّاه:
أن رسول الله ﷺ ظاهر يومَ أُحُدٍ بين درعين، أو لَبِسَ درعين.
(قلت: حديث صحيح، وقد حسن الترمذي شاهده من حديث الزبير بن العوام، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ إلا الرجل الذي نسي اسمه سفيان -وهو ابن عيينة-، لكن الظاهر أنه صحابي؛ فإن السائب صحابي صغير، حُجَّ به في حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين.
لكنهم اختلفوا في إسناده على سفيان على وجوه، لا بد من بيانها:
الأول: رواية مسدد هذه: عن السائب عن رجل قد سماه.
الثاني: قال بِشْرُ بن السَّرِيِّ عن سفيان بن عيينة … به؛ إلا أنه قال: عن السائب عَمَّنْ حدثه عن طلحة بن عبيد الله … به! فزاد في إسناده: عن طلحة.
أخرجه البيهقي (٩/ ٤٧).
الثالث: قال إبراهيم بن بشَّار الرَّمَادِيُّ أبو إسحاق: ثنا سفيان … به عن السائب.
قال إبراهيم: وجدت في كتابي: عن رجل من بني تَيْمٍ عن طلحة بن عبيد الله: أن النبي ﷺ …
أخرجه البيهقي أيضًا: فزاد على الذي قبله نسبة الرجل الذي لم يُسَمَّ: إلى (تَيْمٍ).
الرابع: خالفهم جميعًا هشامُ بن عمار: عند ابنِ ماجة (٢٨٠٦)، وأحمدُ (٣/ ٤٤٩) -فقال هذا وهشام-: ثنا سفيان … به عن السائب مرفوعًا؛ فحذفا الرجل وطلحة؛ إلا أنهما قالا: عن السائب بن يزيد إن شاء الله تعالى.
وهذا شبيه بقول مسدد عن سفيان: حسبت أني … من حيثُ عدمُ الجزمِ
ولكن قال أحمد عقبه: وحدثنيه مَرَّةً أخرى فلم يَسْتَثْنِ.
وقد تابعه على ترك الاستثناء: محمد بن أبي عمر العَدَنِيُّ -في «شمائل الترمذي» (١٠٤) -، وعلي بن المديني -عند ابن حَيَّان في «أخلاق النبي ﷺ» (ص ١٤٢ – طبعة السعادة) -، ويحيى بن الربيع المَكِّيُّ -عند البيهقي-، وعبد الله ابن المبارك، عند ابن سعد (٢/ ٤٦) -؛ إلا أن هذا خالفهم جميعًا فقال: عن السائب بن يزيد أو غيره!
وهذا اختلاف شديد، قلما نجد مثله فيما اضطرب فيه من الحديث. ومع ذلك يمكن ترجيح الوجه الثاني والثالث منها على غيرها؛ بقاعدة: (زيادة الثقة مقبولة)، وهي فيهما: الرجل عن طلحة.
وعليه يقال: إن كان الرجل صحابيًّا؛ فالسند صحيح، وإلا؛ فهو بحاجة إلى ما يشهد له.
وقد وُجِدَ؛ وهو ما رواه محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن جده عن الزبير رضي الله عنه قال:
فرأيت رسول الله ﷺ حين ذهب لينهض إلى الصخرة، وكان رسول الله ﷺ قد ظاهر بين درعين؛ فلم يستطع أن ينهض إليها، فجلس طلحة بن عبيد الله تحته، فنهض رسول الله ﷺ؛ حتى استوى عليها، فقال رسول الله ﷺ: «أوجب طلحة».
أخرجه الترمذي في «السنن» (١٦٩٢)، وفي «الشمائل» (رقم ١٠٣ – سورية)، والحاكم (٣/ ٢٥)، وعنه البيهقي (٩/ ٤٦). وقال الحاكم:
وإنما هو حسن فقط؛ للخلاف المعروف في ابن إسحاق. ولذا قال الترمذي:
«حديث حسن غريب».
٧٦ – باب في الرايات والألوية
٢٣٣٣ – عن يونس بن عُبَيْدٍ مولى محمد بن القاسم قال:
بعثني محمد بن القاسم إلى البراء بن عازب يسأله عن راية رسول الله ﷺ ما كانت؟ فقال:
كانت سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ.
(قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: مربعة …، وحسنه الترمذي والذهبي).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا ابن أبي زائدة: أخبرنا أبو يعقوب الثقفي: حدثني يونس بن عُبَيْدٍ.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة يونس هذا؛ فإنه لا يدرى من هو؟ كما قال الذهبي في «الميزان». وذكره ابن حبان على قاعدته في «الثقات»! ووقع في المطبوعة منه (٣/ ٢٩٧): أن الراوي عنه أبو إسحاق السبيعي!
وهو تحريف عجيب، وإنما هو أبو يعقوب الثقفي، كما في الإسناد، وكتب التراجم -واسمه: إسحاق بن إبراهيم-، وثقه ابن حبان؛ وفيه ضعف كما في «التقريب».
لكن للحديث شواهد في الجملة، يتقوى بها:
كانت راية رسول الله ﷺ سوداءَ، ولواؤُه أبيضَ.
أخرجه الترمذي (١٦٨١)، وابن ماجة (٢٨١٨)، والحاكم (٢/ ١٠٥)، والبيهقي (٦/ ٣٦٢). وقال الترمذي:
«حسن غريب».
وله في «كبير الطبراني» (١١٦١) طريق آخر.
وفي «طبقات ابن سعد» (١/ ٤٥٥) شاهد آخر مرسل.
وكأنه لذلك قال الذهبي -عقب ترجمة يونس-:
«حديث حسن».
والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف.
والترمذي (١٦٨٠)، وأحمد (٤/ ٢٩٧) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة … به. وقال الترمذي:
«حسن غريب».
وعزاه المنذري لابن ماجة! فوهم.
٢٣٣٤ – عن جابر … يرفعه إلى النبي ﷺ:
أنه كان لواؤه يَوْمَ دَخَلَ مكةَ أبيضَ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لشريك -وهو ابن عبد الله القاضي- إلا متابعة؛ لضعف في حفظه.
وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه.
والمروزي: هو الإمام ابن راهويه.
والحديث أخرجه النسائي في «الحج» … بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه الترمذي (١٦٧٩)، وابن ماجة (٢٨١٧)، وابن حبان (١٧٠١)، والحاكم (٢/ ١٠٤ – ١٠٥)، وعنه البيهقي (٦/ ٣٦٢) كلهم من طرق أخرى عن يحيى بن آدم … به. وقال الترمذي:
«حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك. وسألت محمدًا -يعني: الإمام البخاري- عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك».
قلت: قد وجدت له متابعًا قويًّا: أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٧٥٨)، و«الصغير» (رقم ٢٣٠ – الروض) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى: ثنا معاوية بن عمار الدُّهْنِيُّ عن أبيه … به مختصرًا؛ بلفظ:
أن راية رسول الله ﷺ كانت سوداء.
هكذا سنده في «الصغير».
وأما في «الكبير» فقال: شريك .. بدل: معاوية بن عمار!
وفي الروايتين -والشيخ فيهما واحد-: سوداء!
وللحديث شواهد؛ منها: حديث ابن عباس الذي أوردته تحت الحديث السابق.
٧٧ – باب في الانتصار بِرُذُلِ الخَيْلِ والضَّعَفَةِ
٢٣٣٥ – عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «أبْغُوني الضُّعَفَاءَ؛ فإنما تُنْصَرُونَ بضعفائكم».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفَضْلِ الحَرَّانِيُّ: ثنا الوليد: ثنا ابن جابر عن زيد بن أرطاة الفَزَارِيُّ عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ الحَضْرَمِيِّ أنه سمع أبا الدرداء يقول …
قال أبو داود: «زيد بن أرطاة: أخو عَدِيِّ بن أرطاة».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، لا علة فيه سوى ما يخشى من تدليس الوليد -وهو ابن مسلم- تدليسَ التسويةِ.
وقد تابعه عبد الله بن المبارك وغيره: عند الحاكم (٢/ ١٠٦ و١٤٥) وغيره، وصححه هو والذهبي والترمذي وابن حبان، وهو مخرج في «الأحاديث الصحيحة» (٧٧٩)؛ فلا داعي للإعادة.
٢٣٣٦ – عن إياس بن سَلَمَةَ عن أبيه قال:
غزونا مع أبي بكر رضي الله عنه زَمَنَ النبيِّ ﷺ؛ فكان شعارنا: أمِتْ أمتْ!
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا هَنَّادٌ عن [ابن] المبارك عن عكرمة بن عَمَّار عن إياس بن سَلَمَةَ.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ فهو على شرطه؛ وفي عكرمة بن عمار كلام لا يضر، وقد توبع كما يأتي؛ فهو صحيح.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١٠٧)، وعنه البيهقي (٦/ ٣٦١) من طريق عَبْدان: أنا عبد الله … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي! !
وعكرمة بن عمار إنما روى له البخاري تعليقًا.
ورواه النسائي في «السير» من «سننه الكبرى» -كما في «تحفة المزي» (٤/ ٣٨) – من طريقين آخرين عنه … نحوه.
والمصنف … أتم منه، كما سيأتي في «البيات» رقم (٢٣٧١).
وقد تابعه أبو عُمَيْسٍ عن إياس بن سلمة عن أبيه قال:
أخرجه الدارمي (٢/ ٢١٩). وسنده صحيح على شرط الشيخين.
والحاكم (٢/ ١٠٨) … مختصرًا، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وشطره الأول: عند البخاري كما يأتي (٢٣٨٣).
٢٣٣٧ – عن المُهَلَّبِ بن أبي صُفْرَةَ: أخبرني من سمع النبي ﷺ [يقول]:
«إن بُيِّتُّمْ؛ فليكن شعاركم: حم لا يُنْصَرُون».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي!).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن المُهَلَّبِ بن أبي صُفْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير المهلب بن أبي صفرة، وهو من ثقات الأمراء، كما في «التقريب».
وسفيان: هو الثوري، سمع من أبي إسحاق قبل اختلاطه.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ١٠٧)، والبيهقي (٦/ ٣٦١) من طرق أخرى عن محمد بن كثير … به.
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي! !
والمهلب ليس من رجال الشيخين؛ كما أشار إلى ذلك الذهبي نفسه في «الكاشف»، وقال فيه:
«صدوق دَيِّنٌ شجاع».
وتابعه شَرِيكٌ عن أبي إسحاق عن المهلب … به: أخرجه أحمد (٤/ ٦٥ و٥/ ٣٧٧) من طريق أسود بن عامر عنه.
وخالفه علي بن حَكِيمٍ، فقال: ثنا شريك … به؛ إلا أنه قال: عن البراء بن عازب .. فسمى الصحابي.
أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي.
وأسود بن عامر ثقة.
وكذا علي بن حكيم.
وقد تابعه الأجلح من جهة.
وخالفه وغيره من جهة أخرى فقال: عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب .. فأسقط من الإسناد: المهلب: أخرجه الحاكم وأحمد (٤/ ٢٨٩).
والأجلح -وهو ابن عبد الله- صدوق في نفسه، ولكن قد ضعفه غير واحد؛ فلا يحتج به عند المخالفة، وكون صحابي الحديث البراء أو غيره الذي لم يسم؛ فلا يضر في صحة الحديث؛ لأن الصحابة كلهم عدول، كما هو معلوم عند أهل السنة.
٢٣٣٨ – عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله ﷺ إذا سافر؛ قال:
«اللهم! أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهل.
اللهم! إني أعوذ بك من وَعْثَاءِ السَّفر، وكآبة المُنْقَلَبِ، وسُوء المَنْظَرِ في الأهل والمال.
اللهم! اطوِ لنا الأرضَ، وهَوِّنْ علينا السَّفَرَ».
(قلت: إسناده حسن صحيح. ورواه الترمذي بإسناد آخر عنه -وحسنه-، وابن حبان عن ابن عباس، ولمسلم بعضه عن عبد الله بن سرجس وعبد الله بن عمر، ويأتي حديثه عَقِبَهُ).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى: ثنا محمد بن عَجْلان: حدثني سعيد المَقْبُرِي عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن عجلان، فأخرج له مسلم مقرونًا، وهو حسن الحديث كما تقدم مرارًا.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٤٣٣): ثنا يحيى … به.
وله طريق أخرى، يرويها شعبة عن عبد الله بن بِشْرٍ الخَثْعَمِيِّ عن أبي زرعة عن أبي هريرة … به؛ وزاد في رواية:
«اللهم! اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ، واقْلِبْنا بذمَّتِكَ».
وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب».
وهو كما قال أو أعلى؛ فإن رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الخثعمي، وقد وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم:
«شيخ».
وروى عنه جمع من الثقات -غير شعبة- منهم سفيان الثوري.
وله متابع: عند الحاكم (٢/ ٩٩).
وله شاهد من حديث ابن عباس … أتم منه: أخرجه ابن حبان (٩٦٩)، وأحمد (١/ ٢٥٦ و٢٩٩ – ٣٠٠)، وابنه أيضًا من طريق أبي الأحوص عن سِمَاك ابن حرب عنه.
وسنده جيد.
ومن حديث عبد الله بن سرجس: أخرجه مسلم (٤/ ١٠٥)، والترمذي (٣٤٣٥)، والنسائي في «الاستعاذة»، وابن ماجة (٣٨٨٨)، والدارمي (٢/ ٢٨٧)، والطيالسي (١١٨٠)، وأحمد (٥/ ٨٢). وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح»؛ وليس عندهم الفقرة الأخيرة في طَيِّ الأرض … وزادوا:
«ومِنَ الحَوْرِ بعد الكَوْرِ، ومن دعوة المظلوم». وزاد مسلم وابن ماجة وأحمد:
وإذا رجع؛ قال مثلها.
ومن حديث عبد الله بن عمر، وهو الآتي بعده.
٢٣٣٩ – عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر؛ كَبَّرَ ثلاثًا، ثم قال:
«(سبحان الذي سَخَّرَ لنا هذا وما كنا له مقْرِنينَ. وإنا إلى ربّنا لمُنْقَلِبوُنَ).
اللهم! إني أسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى. اللهم! هَوِّنْ علينا سَفَرَنا هذا.
اللهم! اطْوِ لنا البُعْدَ.
اللهم! أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهل والمال».
وإذا رجع؛ قالَهُنَّ، وزاد فيهن:
«آيِبُونَ تائبونَ عابدونَ، لربِّنا حامدونَ».
وكان النبي ﷺ وجيوشُهُ إذا عَلَوُا الثنايا كبَّروا، وإذا هَبَطوا سَبَّحوا؛ فَوُضِعَتِ الصلاةُ على ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وكذا ابن خزيمة دون قوله: وكان النبي ﷺ وجيوشه … وحسنه الترمذي، لكن قوله: فوضعت الصلاة … شاذ).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أن عليًّا الأزْدِي أخبره أن ابن عمر أعلمه …
وعلي: هو ابن عبد الله البَارِقِيُّ.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ١٠٤)، والنسائي في «التفسير»، و«اليوم والليلة» من «الكبرى» -كما في «التحفة» (٦/ ١٦) -، وابن خزيمة (٢٥٤٢)، وأحمد (٢/ ١٥٠) من طرق عن عبد الرزاق … به؛ دون قوله: وكان النبي ﷺ وجيوشه … إلخ.
وهكذا هو في «مصنف عبد الرزاق» (٩٢٣٢).
وقد توبع؛ فرواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٥٤٢) من طريقين آخرين عن ابن جريج … به.
وقد توبع ابن جريج، فقال الطيالسي في «مسنده» (١٩٣١): حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير … به دون الزيادة.
ومن هذا الوجه: أخرجه الترمذي (٣٤٤٤)، والدارمي (٢/ ٢٨٧)، وأحمد (٢/ ١٤٤) من طرق أخرى عن حماد … به. وقال الترمذي:
«حسن غريب من هذا الوجه».
قلت: ولابن عمر حديث آخر من رواية نافع عنه فيما كان يقوله ﷺ إذا قَفَلَ من حج أو عمرة، فيه التكبير على كل شَرَفٍ ثلاثًا، وقوله: «آيبون …» دون قوله: وكان ﷺ وجيوشه … إلخ.
فانقدح في النفس أن هذه الزيادة مدرجة في الحديث، ليست من قول ابن عمر؛ لتفرد المؤلف بها عن شيخه الحسن بن علي -وهو الحُلْواني-، وهو ثقة حافظ؛ فهي شاذة، لا سيما قوله فيها: «فوضعت الصلاة على ذلك»! فإني لا أعرف لها شاهدًا؛ بخلاف التكبير والتسبيح، فيشهد له حديث جابر رضي الله عنه قال:
أخرجه البخاري (٢٦٩٣ – فتح)، والدارمي (٢/ ٢٨٨)، وابن خزيمة (٢٥٦٢)، وأحمد (٣/ ٣٣٣).
وفي رواية نافع المشار إليها التكبير فقط ثلاثًا. وستأتي عند المؤلف في آخر هذا الكتاب؛ «الجهاد» -إن شاء الله تعالى-.
ثم تأكدت من الإدراج المذكور، حين رأيت عبد الرزاق روى هذه الجملة المدرجة منفصلة عن الحديث (برقم ٩٢٤٥) عن ابن جريج قال:
كان النبي ﷺ وجيوشه … إلخ.
فهي عنده معضلة، أدرجها بعضهم في الحديث؛ فصارت متصلة! ولا تصح.
وجملة: «آيبون …» إلخ؛ لها شاهد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: عند ابن حبان (٩٧٠ و٩٧١)، و«مصنف عبد الرزاق» (٩٢٤٠)، وكذا الترمذي (٣٥٣٦) -وصححه-، والطيالسي (٧١٦)، وأحمد (٤/ ٢٨١ و٢٨٩ و٣٠٠).
٨٠ – بابٌ في الدُّعاءِ عند الوَدَاع
٢٣٤٠ – عن قَزَعَةَ قال:
قال لي ابن عمر: هَلُمَّ أُوَدِّعْكَ كما وَدَّعَنِي رسول الله ﷺ:
«أسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ، وأمَانَتَكَ، وخَواتِيمَ عَمَلِكَ».
(قلت: حديث صحيح لطرقه، صحح بعضها الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في عبد العزيز بن عمر -وهو الأُمَوِيُّ ابن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز-.
وإسماعيل بن جرير لَيِّنُ الحديث.
وفي الإسناد عِلَّة أخرى؛ وهي الاختلاف على عبد العزيز في إسناده: فرواه عنه بعضهم هكذا. وبعضهم أسقط منه إسماعيل بن جرير.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له طرقًا أخرى، قد خرجتها مع هذه الطريق في «الأحاديث الصحيحة» (رقم ١٤)؛ فأغنى عن الإعادة.
٢٣٤١ – عن عبد الله الخَطْمِيِّ قال:
كان النبي ﷺ إذا أراد أن يَسْتَوْدِعَ الجيشَ؛ قال:
«أسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكُم، وأمَانَتَكُمْ، وخَواتِيمَ أعمالِكُمْ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
خُرِّج في «الصحيحة» (١٥).
٨١ – باب ما يقول الرجل إذا ركب
٢٣٤٢ – عن عليِّ بن رَبِيعَةَ قال:
شَهِدْتُ عليًّا رضي الله عنه أُتِي بِدَابةٍ لِيَرْكَبَها، فلما وضع رِجْلَهُ في الركاب؛ قال:
فلما استوى على ظهرها؛ قال:
الحمد لله. ثم قال:
(سبحان الذي سَخَّرَ لنا هذا وما كُنَّا له مُقرِنين. وإنا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ). ثم قال:
الحمد لله (ثلاث مرات). ثم قال:
الله أكبر (ثلاث مرات). ثم قال:
سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك. فقيل: يا أمير المؤمنين! مِنْ أيِّ شيءٍ ضَحِكْتَ؟ قال:
رأيت النبي ﷺ فعل كما فعلت، ثم ضَحِكَ، فقلت: يا رسول الله! مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قال:
«إن رَبَّك يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إذا قال: اغفر لي ذنوبي؛ يَعْلَمُ أنه لا يغفرُ الذنوبَ غيري».
(قلت: حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أبو إسحاق الهَمْدَاني عن علي ابن ربيعة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وأبو الأحوص: اسمه سَلام بن سُلَيْمٍ الحَنَفِيُّ -مولاهم-.
عن شعبة: قلت لأبي إسحاق: ممن سمعته؟ قال: من يونس بن خَبّاب. فلقيت يونس بن خباب؛ قلت: ممن سمعته؟ قال: من رجل سمعه من علي بن ربيعة. رواه شعيب بن صفوان عن يونس بن خَبَّاب عن شَقِيقِ بن عُقْبَةَ الأسَدِيِّ عن علي بن ربيعة». انتهى ما في «التحفة».
وأقول: ويعكِّر على قول أبي إسحاق -المذكور- ما رواه عبد الرزاق عن معمر عنه قال: أخبرني علي بن ربيعة:
أنه شهد عليًّا حين ركب … الحديث.
أخرجه البيهقي (٥/ ٢٥٢)؛ وسنده صحيح إلى أبي إسحاق.
فالظاهر أن هذا من تخاليطه؛ لأن معمرًا ممن روى عنه بعد الاختلاط.
ثم وجدت الحديث في «مسند أحمد» (١/ ١١٥)؛ رواه عن عبد الرزاق: ثنا معمر عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة، قاله مرة. قال عبد الرزاق: وأكثر ذاك يقول: أخبرني من شهد عليًّا حين ركب …
فهذا يؤكد أن أبا إسحاق لم يحفظ الحديث يقول: أخبرني، فكان يضطرب في إسناده، فتارة يقول: عن علي بن ربيعة -وهي رواية الجماعة-، وتارة يقول: أخبرني علي بن ربيعة -وهي رواية البيهقي-. ونحوها رواية أحمد؛ إلا أنه لم يُسَمِّ علي بن ربيعة.
ويونس هذا فيه ضعف؛ فهو علة هذه الطريق!
لكنه قد جاء من طريق أخرى كما يأتي؛ فالحديث بها صحيح إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه الترمذي (٣٤٤٣)، وفي «الشمائل» (٢٣٣ – حمص) و(مختصري له)، والنسائي في «سير الكبرى»، وابن حبان (٢٣٨١) كلهم بسند واحد عن قتيبة بن سعيد: حدثنا أبو الأحوص … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح»!
ثم رواه النسائي وابن حبان (٢٣٨٠)، والحاكم (٢/ ٩٩)، وأحمد (١/ ٩٧ و١٢٨) من طرق أخرى عن أبي إسحاق … به.
وأخرجه الحاكم من الطريق الأخرى عن المِنْهَال بن عمروٍ عن علي بن ربيعة … به، وقال:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
والمنهال إنما روى له البخاري فقط.
٨٢ – باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٢٣٤٣ – عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ إذا غَابَتِ الشمسُ؛ حتى تَذْهَبَ فَحْمَة العِشَاءِ؛ فإن الشياطينَ تَعِيثُ إذا غابتِ الشمسُ؛ حتى تذهب فَحْمَةُ العشاء».
قال أبو داود: «الفواشي: ما يفشو من كل شيء».
(قلت: حديث صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن خزيمة في «صحاحهم»، وأخرجوه هم والبخاري من طريق أخرى تأتي في آخر «الأشربة»).
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شُعَيْبٍ الحَرَّاني: ثنا زهير: ثنا أبو الزبير عن جابر.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه.
وزهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة.
وأحمد بن أبي شعيب نسب إلى جده، واسم أبيه: عبد الله، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ١٠٦)، وأبو عوانة (٥/ ٣٣٣)، وأحمد (٣/ ٣١٢ و٣٨٦ و٣٩٥) من طرق عن زهير … به؛ وزادوا:
«وصبيانكم».
وتابعه سفيان وحماد وفِطْرُ بن خليفة عن أبي الزبير … به: أخرجه مسلم
وتابعه عطاء بن يسار عن جابر … به نحوه: أخرجه الشيخان وأبو عوانة وغيرهم، وهو مخرج في «إرواء الغليل» (٣٩)، وسيأتي عند المصنف في آخر «الأشربة»، وليس فيه عندهم ذكر: الفواشي.
٨٤ – باب في أيِّ يوم يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ؟
٢٣٤٤ – عن كعب بن مالك قال:
قَلَّمَا كان رسول الله ﷺ يَخْرُج في سَفَرٍ إلا يَوْمَ الخميس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري وابن خزيمة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٥/ ٢٥٠) من طريق أخرى عن سعيد بن منصور … به.
وأخرجه البخاري (٢٩٤٩) من طريق أخرى عن ابن المبارك … به.
وابن خزيمة (٢٥١٧)، والبيهقي من طريق ابن وهب: أخبرني يونس … به.
وأحمد (٣/ ٤٥٦ و٦/ ٣٨٧).
والمنذري للنسائي فقط؛ وقلَّده الدَّعَّاس! فقصَّرا!
وهو عند النسائي في «سير الكبرى» -كما في «التحفة» (٨/ ٣٢٠) – عن ابن وهب.
٨٥ – باب في الابتكار في السفر
٢٣٤٥ – عن صَخْرٍ الغَامِدِيِّ عن النبي ﷺ قال:
«اللهمَّ! بارك لأُمَّتي في بُكُورها».
وكان إذا بعث سَرِيَّةً أو جيشًا؛ بعثهم من أول النهار.
وكان صخر رجلًا تاجرًا، فكان يبعث تجارته من أول النهار، فَأثرَى وكَثُرَ ماله.
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وقوّاه ابن عبد البر والمنذري والحافظ ابن حجر والسخاوي).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا هُشَيْمٌ: ثنا يعلى بن عطاء: ثنا عُمَارَةُ ابن حَدِيدٍ عن صخر الغامدي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمارة بن حديد، وهو مجهول كما قال غير واحد.
وذكره ابن حبان في «الثقات» (٣/ ٢٠٠)! وقال العجلي:
«حجازي تابعي ثقة»!
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٢٤٦): حدثنا شعبة قال: أخبرني يعلى بن عطاء … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه الدارمي (٢/ ٢١٤)، وكذا النسائي في «سير الكبرى» -كما في «التحفة» (٤/ ١٦١) -، وأحمد (٣/ ٤١٦).
وأخرجه الترمذي (١٢١٢)، وابن ماجة (٢٢٣٦) -من طريق هشيم-، والطبراني في «الكبير» (٧٢٧٥ و٧٢٧٦) -من الوجهين-، ومن وجه ثالث – (٧٢٧٧) – عن يعلى بن عطاء … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن».
يعني: لطرقه، وهو كما قال أو أعلى؛ فقد جاءت له شواهد كثيرة عن جمع كثير من الصحابة، خرجت أحاديث عشرة منهم في «الروض النضير»، تحت حديث ابن عمر (٤٩٠)؛ وهو أحدهم، وذكرت هناك أقوال من قوّاه من العلماء الذين سبق ذكرهم، فلا ضرورة للإطالة بذكرها.
٨٦ – باب في الرجل يسافر وحده
٢٣٤٦ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ:
«الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة رَكْبٌ».
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي وابن
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب وأبيه، وهو إسناد حسن، كما تقدم تقريره مفصلًا برقم (١٢٤)؛ ولذلك قال الحافظ ابن حجر:
«وهو حديث حسن الإسناد».
والحديث أخرجه الترمذي وغيره من طريق مالك وغيره، وقال الترمذي:
«حديث حسن». وهو مخرج في «الصحيحة» (٦٢)، فأغنى عن الإعادة؛ غير أني أزيد هنا فأقول:
إنه رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٥٧٠) عن يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن عمرو … به.
وخالفه المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي فقال: ثنا ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة … به مرفوعًا؛ ذكره الحاكم (٢/ ١٠٢) شاهدًا لحديث الباب، وتبعه الحافظ في «الفتح» (٦/ ٥٣). ثم قال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي! وأقره العسقلاني! وفي ذلك نظر من وجهين:
الأول: أن ابن عجلان ليس على شرط مسلم؛ وإنما روى له تبعًا.
والمخزومي لم يرو له مسلم أصلًا، وإنما البخاري، ثم هو إلى ذلك صدوق يهم، كما في «التقريب».
وقد خالف مالكًا: ابنُ أبي الزناد، فرواه عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة … مرفوعًا نحوه.
وابن أبي الزناد فيه ضعف؛ لا سيما عند المخالفة، لكن الراوي عنه فيه جهالة، ولذلك خرجته في «الضعيفة» (٣٧٦٧).
٨٧ – باب في القوم يسافرون؛ يؤمِّرون أحدهم
٢٣٤٧ – عن أبي سعيد الخُدْري: أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا خرج ثلاثة في سَفَرٍ؛ فليؤمِّروا أحدهم».
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه»، والضياء المقدسي في «المختارة»).
إسناده: حدثنا علي بن بحر بن بَرِّيٍّ: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في ابن عجلان.
ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة وأبو يعلى، كما كنت خرجته في «الصحيحة» (١٣٢٢). وأزيد هنا فأقول:
ورواه البيهقي (٥/ ٢٥٧) من طريق المصنف.
وقد وجدت له شاهدًا من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: قال رسول الله ﷺ:
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١/ ٣٤٤ – هند): حدثنا وكيع عن ثور الشامي عن مهاجِر بن حبيب عنه.
وهذا سند مرسل صحيح.
وقد خالفه محمد بن الزبرِقان: ثنا ثور بن يزيد عن مهاصر عن أبي سلمة عن أبي هريرة … مرفوعًا به؛ دون لفظ: «ثلاثة مسلمين».
أخرجه البزار (١٦٧١) من طريق عبد الله بن رُشَيْدٍ عن ابن الزبرقان.
وهذا ثقة.
لكن ابن رشيد لم أعرفه.
ومهاصر ثقة عند ابن حبان، وقال أبو حاتم:
«لا بأس به».
وتابعه نافع في الرواية الآتية.
٢٣٤٨ – وفي رواية: عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا كان ثلاثة في سفر؛ فليؤمِّروا أحدهم».
قال نافع: فقلنا لأبي سلمة: فأنت أميرنا.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو عين إسناد الرواية الأولى؛ إلا أنه فيها جعله من (مسند أبي سعيد)، وفي هذه جعله من (مسند أبي هريرة)، ومدارهما على ابن عجلان، وقد عرفت ما فيه من الضعف اليسير، والظاهر أن هذا الاختلاف منه، فقد تكلموا في روايته عن سعيد المقبري وعن نافع، وهذه عن نافع كما ترى.
وقد كنت نقلت في «الإرواء» (٨/ ١٠٦) عن يحيى أنه وصفه بأنه مضطرب الحديث عن نافع.
ومما يؤكد ذلك: أنني رأيته قد رواه على وجه ثالث، فقال البزار (١٦٧٣): حدثنا إبراهيم بن المستمر: ثنا عُبَيْسُ بن مرحوم: ثنا حاتم بن إسماعيل … به إلا أنه جعله من (مسند ابن عمر)!
وقد كنت جعلته هناك شاهدًا لحديث الباب؛ اغترارًا بقول الهيثمي:
«ورجاله رجال»الصحيح«؛ خلا عُبَيْسِ بن مرحوم، وهو ثقة»!
والآن تبين لي أنه لا يصلح شاهدًا؛ لأن مداره على ابن عجلان! وهذا من فوائد الرجوع إلى الأصول، فبها تتجلى الحقائق لكل ذي بصيرة في هذا العلم الشريف، ولكني أقول كما قلت هناك: أن هذا الاضطراب لا يؤثر في صحة الحديث؛ لأنه تردد بين صحابي وآخر، وكلهم عدول؛ والله أعلم.
ولا سيما وله شاهد من حديث عمر، وسنده صحيح. وبالله التوفيق.
٢٣٤٩ – عن عبد الله بن عمر قال:
نهى رسول الله ﷺ أن يُسَافَرَ بالقرآن إلى أرض العدو -قال مالك: أراه- مَخَافَةَ أن ينالَهُ العَدُوُّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وليس عندهما قول مالك: أراه … وهو عند مسلم من تمام الحديث مرفوعًا، وهو الصواب).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله ابن عمر قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه عن مالك؛ دون قوله في آخره: قال مالك … إلخ.
وهو في «جهاد الموطأ» بتمامه.
والصواب: أن هذا مرفوع إلى النبي ﷺ، كما رواه بعضهم عن مالك.
وتابعه على رفعه جمع من الثقات، رووه عن نافع.
وتابعه عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وقد خرجتها في «إرواء الغليل» (٨/ ١٨٥ – ١٨٦)؛ فمن شاء؛ رجع إليه.
٨٩ – باب فيمن يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا
٢٣٥٠ – عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال:
«خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمئة …» (*).
٢٣٥١ – عن سليمان بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال:
كان رسول الله ﷺ إذا بعث أميرًا على سَرِيَّةٍ أو جيشٍ؛ أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيرًا، وقال:
«إذا لقيت عَدُوَّكَ من المشركين؛ فادْعُهُمْ إلى إحدى ثلاث خصال -أو خلال-، فأيَّتُها أجابوك إليها؛ فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم:
ادْعُهُمْ إلى الإسلام؛ فإن أجابوك؛ فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم. ثم ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلِمْهم أنهم إن فعلوا ذلك؛ أنَّ لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبَوْا، واختاروا دارهم؛ فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفَيْءِ والغنيمةِ نصيبٌ؛ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.
فإن هم أبَوْا؛ فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا؛ فاقبل منهم وكُفَّ عنهم.
فإن أبَوْا؛ فاستعن بالله تعالى عليهم وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حِصْنٍ، فأرادوك أن تُنْزِلَهم على حكم الله تعالى؛ فلا تنزلهم؛ فإنكم لا تدرون ما يَحْكُمُ الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم، ثم اقضوا فيهم بَعْدُ ما شئتم».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود. وقال
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان عن علقمة ابن مَرْثَدٍ عن سليمان بن بريدَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري شيخ المؤلف، وهو ثقة.
وقد توبع من جمع، منهم الإمام أحمد (٥/ ٣٥٢): ثنا وكيع … به.
وسفيان: هو الثوري.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٨٤) من طريق المؤلف.
ورواه هو، ومسلم وأبو عوانة وغيرهم من طرق أخرى عن سفيان … به. وهو مخرج في «إرواء الغليل» (١٢٤٧) من مصادر عديدة من دواوين السنة؛ فليراجعه من شاء الوقوف عليها.
٢٣٥٢ – وعن النعمان بن مُقَرِّن عن النبي ﷺ … مثل حديث سليمان بن بريدة.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم أيضًا، وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: قال المؤلف عقب الحديث السابق: «قال سفيان: قال علقمة: فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حَيّان، فقال: حدثني مسلم -هو ابن هَيْصَم- عن النعمان بن مُقَرِّن …».
وكذلك أخرجه مسلم وأبو عوانة وغيرهما. وهو مخرج في «الإرواء» كما تقدم.
وهيصم: بفتح الهاء، وسكون الياء المثناة من تحت، ثم صاد مهملة، كما في «مختصر المنذري»، و«شرح مسلم» للنووي. ووقع في «التهذيب» و«التقريب» وغيرهما بالضاد المعجمة! وهو تصحيف.
٢٣٥٣ – وفي رواية عن سليمان بن بريدة عن أبيه: أن النبي ﷺ قال:
«اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدِروا، ولا تَغُلُّوا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليدًا».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود والترمذي، وقال: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُّ عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة.
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله بحديث، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي صالح الأنطاكي، وهو ثقة.
وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.
وقد توبع عليه عند مسلم وغيره، وهو عندهم طرف من الحديث المشار إليه آنفًا.
٢٣٥٤ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ حَرَّقَ نَخْلَ النَّضِيرِ، وقطع؛ وهي البُوَيْرة، فأنزل الله عز وجل: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة وابن الجارود في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٨٣) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري في «تفسير الحشر» (٦/ ٥٨ – إستانبول)، ومسلم (٥/ ١٤٥)، والترمذي (١٥٥٢) -وقال: «حديث حسن صحيح»- كلهم عن شيخ المؤلف … بإسناده ومتنه.
وكذلك رواه النسائي في «السير»، و«التفسير» من «الكبرى» -كما في «التحفة» (٦/ ١٩٥) -.
ثم أخرجه مسلم وابن ماجة (٢٨٤٤)، وأحمد (٢/ ١٢٣ و١٤٠)، والبيهقي من طرق أخرى عن الليث … به.
وكذا رواه أبو عوانة في «مستخرجه» (٤/ ٩٩).
والبخاري (٣/ ٦٧ و٤/ ٢٣)، ومسلم وأبو عوانة والدارمي (٢/ ٢٢٢)، وابن ماجة (٢٨٤٥)، وابن الجارود (١٠٥٤)، والطيالسي (١٨٣٣)، وأحمد (٢/ ٧ و٥٢
ولها يقول حسان:
وَهَانَ على سَرَاةِ بني لُؤَيٍّ … حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ.
٩٢ – باب في بعث العيون
٢٣٥٥ – عن أنس قال:
بَعَثَ -يعني- النبيُّ ﷺ (بُسيسة) عينًا ينظر ما صنعتْ عِيرُ أبي سفيان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه» عن شيخ المؤلف، وأبو عوانة).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة- عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٤٤) عن شيخ المؤلف هذا وإسناده، وبلفظه ولكنه أتم.
وأخرجه أحمد (٣/ ١٣٦): ثنا هاشم … به.
ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة (٥/ ٣٥ – ٣٧)، والبيهقي (٩/ ٤٣ و١٤٨) من طرق أخرى عن هاشم … به.
٢٣٥٦ – عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ: أن نبي الله ﷺ قال:
«إذا أتى أحدُكم على ماشية؛ فإن كان فيها صاحبها؛ فليستأذنه، فإن أذن له؛ فَلْيَحْتَلِبْ وليَشْرَبْ، فإن لم يكن فيها؛ فليُصَوِّتْ ثلاثًا، فإن أجابه فليستأذنه، وإلا؛ فَلْيَحْتَلِبْ وليشربْ، ولا يحملْ».
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: «حسن غريب»، وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد الخدري نحوه).
إسناده: حدثنا عَيَّاش بن الوليد الرَّقَّام: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد عن قتادة عن [الحسن عن] سمرة بن جندب.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا الرقام؛ فهو من شيوخ البخاري، فالسند صحيح؛ لولا عنعنة الحسن البصري، ومع ذلك حسنه الترمذي!
لكن له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، رواه جمع وصححه ابن حبان، وقد خرجته مع حديث الباب في «الإرواء» (٢٥٢١)؛ فليراجعه من شاء.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٣٥٩) من طريق المؤلف.
٢٣٥٧ – عن عَبّاد بن شُرَحْبِيلَ قال:
أصابتني سَنَةٌ، فدخلت حائطًا من حِيطَانِ المدينة، فَفَرَكْتُ سُنْبُلًا، فأكلتُ وحَمَلْتُ في ثوبي، فجاء صاحبه، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله ﷺ، فقال له:
وأمره فردَّ علي ثوبي، وأعطاني وَسْقًا أو نصف وَسْقٍ من طعام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الحاكم والذهبي وابن القيم).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أبي بشر عن عَبَّاد بن شرحبيل.
حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر قال: سمعت عَبَّادَ بن شرحبيل رجلًا من بني غُبَرَ … بمعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عَبَّاد، ولا يضر؛ فإنه صحابي معروف.
والحديث أخرجه أحمد وغيره من طرق عن شعبة … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي. وهو مخرج في «الأحاديث الصحيحة» (٤٥٣)، وأزيد هنا فأقول.
إن ابن القيم قد حكى في «تهذيب السنن» (٣/ ٤٢٥) عن بعض الناس أنه تكلف في إعلال الحديث تكلفًا باردًا! وجزم ابن القيم بأنه صحيح الإسناد؛ فمن شاء؛ رجع إليه.
٩٤ – باب من قال: إنه يأكل مما سقط
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٢٣٥٨ – عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله ﷺ قال:
«لا يحلُبَنَّ أحدٌ ماشِيةَ أحد بغير إذنه، أيُحِبُّ أحدُكم أن تؤتى مَشْرُبَتُهُ، فتُكْسَرَ خِزانَتُهُ، فَيُنْتَشَلَ طعامُه؟ ! فإنما تخزُنُ ضروع مواشيهم أطعمتهم؛ فلا يحلُبَنَّ أحد ماشية أحد إلا بإذنه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وعبد الله بن مسلمة: هو القَعْنَبِيُّ؛ وقد توبع.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٣٥٨) من طريق أخرى عن القعنبي.
وهو في «الموطأ» – «باب الاستئذان»، ومن طريقه الشيخان.
وقد توبع؛ وهو مخرج في «إرواء الغليل» (٨/ ١٦١).
٩٦ – باب في الطاعة
٢٣٥٩ – قال ابن عباس:
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم): في عبد الله بن قيس بن عَدِيٍّ، بعثه النبي ﷺ في سَرِيَّةٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا حجاج: قال ابن جريج: (يا أيها الذين آمنوا …) الحديث: أخبرنيه يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وقلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
ويعلى: هو ابن مسلم بن هُرْمُزٍ المَكِّيُّ.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ١٣) … بإسناد المؤلف وغيره عن حجاج.
وأخرجه أحمد (١/ ٣٣٧): ثنا حجاج عن ابن جريج … به.
وأخرجه البخاري (٥/ ١٨٠)، وأبو عوانة (٤/ ٤٤٢)، والترمذي (١٦٧٢) -وقال: «حسن صحيح غريب»-، والنسائي في «البيعة»، وابن الجارود (١٠٤٠).
٢٣٦٠ – عن علي رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ بعث جيشًا، وأمَّرَ عليهم رجلًا، وأمرهم أن يسمعوا له ويُطيعوا، فأجَّج نارًا، وأمرهم أن يقتحموا فيها! فأبى قوم أن يدخلوها وقالوا: إنما فررنا من النار، وأراد قوم أن يدخلوها. فبلغ ذلك النبيَّ ﷺ، فقال:
«لو دخلوها -أو دخلوا فيها- لم يزالوا فيها»! وقال:
«لا طاعة في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (٨٩ و١٠٩): حدثنا شعبة … به.
والبخاري (٨/ ١٣٤)، ومسلم (٦/ ١٥)، وأبو عوانة (٤/ ٤٥١ – ٤٥٢)، والنسائي في «البيعة»، وأحمد (١/ ٩٤) من طرق عن شعبة.
وتابعه الأعمش عن سعد بن عبيدة … به: أخرجه البخاري (٥/ ١٠٧ و٧/ ١٠٦)، ومسلم وأبو عوانة وأحمد (١/ ٨٢ و١٢٤).
٢٣٦١ – عن عبد الله (يعني: ابن عمر) عن رسول الله ﷺ: أنه قال:
«السمع والطاعة على المرء المسلم: فيما أَحَبَّ وكَرِهَ؛ ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمِرَ بمعصية؛ فلا سَمْعَ ولا طاعةَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه» بإسناد المؤلف ومتنه، ومسلم وأبو عوانة وابن الجارود. وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله: حدثني نافع عن عبد الله عن رسول الله ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ٧ و٨/ ١٠٥) … بإسناد المؤلف ومتنه.
وتابعه أحمد (٢/ ١٧): ثنا يحيى … به.
وأخرجه هو (٢/ ١٤٢)، ومسلم (٦/ ١٥)، وأبو عوانة والترمذي (١٧٠٧)، والنسائي في «البيعة»، وابن الجارود (١٠٤١) من طرق أخرى عن عبيد الله -وهو ابن عمر؛ كما صرحت رواية الترمذي.
أو ابن أبي جعفر المصري، كما في رواية النسائي.
وكلاهما روى عن نافع، وروى عن كل منهما الليث بن سعد، وسندهما عنه واحد! فالله أعلم.
٢٣٦٢ – عن بِشْرِ بن عاصم عن عقبة بن مالك -من رَهْطِهِ- قال:
بَعَثَ النبي ﷺ سَرِيَّةً، فسلَّحتُ رجلًا منهم سَيْفًا، فلما رجع؛ قال: لو رأيتَ ما لامنا رسول الله ﷺ! قال:
«أعَجَزْتُمْ إذ بعثت رجلًا -فلم يَمْضِ لأمري- أن تجعلوا مكانه مَنْ يَمْضِي لأمري؟ !».
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا يحيى بن مَعِينٍ: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث: ثنا سليمان ابن المغيرة: ثنا حُمَيْدُ بن هلال عن بشر بن عاصم.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن عاصم -وهو الليثي- وثقه النسائي وابن حبان (٤/ ٦٨)، وروى عنه جمع، وصحح له من يأتي.
وأخرجه الحاكم (٢/ ١١٥) من طريق أخرى عن ابن معين.
وابن حبان (١٥٥٣) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي -وهو ابن راهويه-: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
٩٧ – باب ما يُؤْمَرُ مِنِ انضمامِ العَسْكَرِ، وسعته
٢٣٦٣ – عن أبي ثعلبة الخُشَنِي قال:
كان الناس إذا نزلوا منزلًا (وفي رواية: كان الناس إذا نزل رسول الله ﷺ منزلًا)؛ تَفَرَّقُوا في الشِّعَابِ والأودية، فقال رسول الله ﷺ:
«إن تفرُّقَكُمْ في هذه الشِّعَابِ والأوديةِ إنما ذلكم من الشيطان». فلم ينزل بَعْدَ ذلك منزلًا؛ إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يقال: لو بُسِطَ عليهم ثَوْبٌ لَعَمهُمْ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ويزيد بن قُبَيْس -من أهل جَبَلَةَ: ساحلِ حِمْصٍ، وهذا لفظ يزيد- قالا: ثنا الوليد عن عبد [الله بن] العلاء أنه سمع مسلم بن مِشْكَمٍ أبا عبيد الله يقول: ثنا أبو ثعلبة الخشني قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه النسائي في «السير- الكبرى» -كما في «التحفة»
ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم (٢/ ١١٥)، وقال:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان (١٦٦٤)، وأحمد (٤/ ١٩٣) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم … به.
وإسنادهما كله مسلسل بالسماع.
وتابعه عيسى بن عبد الله بن الحكم بن النعمان بن بشير عن عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ … به: أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١٤/ ٩ / ٢).
لكن عيسى هذا ضعيف، من رجال «الميزان».