٢٥٣٤ – عن أبي هريرة عن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال:
«مَنِ اتَّخَذَ كلبًا – إلا كَلْبَ ماشيةٍ أو صَيْدٍ أو زَرْعٍ -؛ انتَقَص مِنْ أَجْرِهِ كلَّ يومٍ قيراطٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم. وصححه الترمذي. والبخاري؛ وليس عنده: «أو صيد» إلا في رواية معلقة من طريق أخرى عن أبي هريرة، ورواه مسلم من حديث ابن عمر أيضًا، وأصله متفق عليه).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه منهما مسلم من هذا الوجه، والبخاري موصولًا ومعلقًا من وجوه أخر كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (١٠/ ٤٣٢/ ١٩٦١٢) … بإسناده ومتنه.
وعزاه المعلق عليه للترمذي فقط!
وهذا عَجَبٌ!
فقد أخرجه مسلم (٥/ ٣٨) أيضًا، والنسائي في «الصيد»، وأحمد (٢/ ٢٦٧) كلهم من طريق عبد الرزاق.
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه البخاري (٢٣٢٢ و٣٣٢٣)، ومسلم وابن ماجه (٣٢٠٤)، وأحمد (٢/ ٤٢٥ و٤٧٣) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة … به؛ دون قوله: «أو صيد».
وله طرق أخرى: عند مسلم والنسائي وأحمد (٢/ ٣٤٥)، والبخاري معلقًا.
وفي بعضها – عنده من طريق أبي صالح وأبي حازم عن أبي هريرة -:
«.. أو صيد».
ووصلهما الحافظ في «الفتح» (٥/ ٦) برواية أبي الشيخ عنهما.
واعلم أن الحديث في كل هذه الطرق بلفظ: «قيراط»؛ إلا في طريق سعيد بن المسيب – عند مسلم وغيره -، وطريق أبي حازم – عند أبي الشيخ – فهي بلفظ:
«قيراطان».
وكذلك أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر … نحوه.
فهي زيادة محفوظة. وليس في حديث ابن عمر: «أو زرع».
وزاد مسلم في رواية:
فقيل لابن عمر: إن أبا هريرة يقول: «أو كلب زرع».
فقال ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعًا.
وليس هذا من ابن عمر على سبيل الإنكار على أبي هريرة – كما توهم بعضهم قديمًا وحديثًا -؛ وإنما هو على سبيل تأييده، وأن سبب حفظه لهذه الزيادة – دون ابن
ومما يؤيد ذلك: أن ابن عمر نفسه روى الحديث مرة بهذه الزيادة؛ كما في رواية لمسلم وأحمد (٢/ ٢٧ و٧٩) من طريق أبي الحكم (واسمه: عبد الرحمن بن أبي نُعْمٍ) البَجَلِيِّ قال: سمعت ابن عمر يحدث عن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال:
«مَنِ اتخذ كلبًا – إلا كلب زرع أو غنم أو صيد – ينقصُ من أجره كُلَّ يومٍ قيراطٌ».
فرحمة الله على أبي هريرة ما كان أحفظه!
ومما يشهد له: حديث عبد الله بن مُغَفَّلٍ الآتي بعده برواية مسلم.
٢٥٣٥ – عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال: قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم -:
«لولا أنَّ الكلابَ أُمَّةٌ من الأمم؛ لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسودَ البَهِيمَ».
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي والبغوي: «حديث حسن صحيح»، وصححه ابن حبان من حديث جابر، وزاد في آخره: «فإنه شيطان»؛ وهي عند مسلم).
إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يزيد: ثنا يونس عن الحسن عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم تقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي في «الصيد»: أخبرنا عمران بن موسى قال: حدثنا يزيد بن زُرَيْعٍ … به.
وأخرجه الترمذي (١٤٨٦)، وابن ماجه (٣٢٠٥)، وأحمد (٤/ ٨٥ و٥/ ٥٦ – ٥٧) من طرق أخرى عن يونس بن عبيد … به.
والترمذي أيضًا، والدارمي (٢/ ٩٠)، والطحاوي في «شرح المعاني» (٢/ ٢٢٦)، وأحمد (٥/ ٥٦)، وأبو نعيم في «الحلية» (٧/ ١١١)، والخطيب في «التاريخ» (٤/ ٣٠٣)، والبغوي في «شرح السنة» (١١/ ٢١١/ ٢٧٨٥) من طرق عن الحسن … به. وقال الترمذي والبغوي:
«حديث حسن صحيح».
وهو كما قالا؛ لولا العنعنة.
لكن روى أحمد (٥/ ٥٤): ثنا وكيع عن أبي سفيان بن العلاء قال: سمعت الحسن يحدث أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – قال … فذكره.
قال: فقال له رجل: يا أبا سعيد! ممن سمعت هذا؟ قال: فقال: حدثنيه – وحلف – عبد الله بن مُغَفَّلٍ عن النبي – صلي الله عليه وسلم – منذ كذا وكذا، ولقد حدثنا في ذلك المجلس! وزاد أحمد والنسائي وغيرهما:
«وأيما قوم اتخذوا كلبًا – ليس بكلب حَرْثٍ أو صيد أو ماشية – فإنه ينقص مِنْ أجره كُلَّ يومٍ قيراطٌ».
قلت: وهذه الرواية تؤيد قول الإمام أحمد وأبي حاتم: إن الحسن سمع من عبد الله بن مغفل.
«ليس بالقوي».
وهذا تضعيف خفيف، لا ينافي قول ابن عدي:
«أرجو أنه لا بأس به».
قلت: ثم تبين لي أن أبا سفيان هذا ثقة، وأنه غير قُطْبَةَ بن العلاء؛ وذلك لأمور:
الأول: تفريق البخاري وأبي حاتم وابن حبان بينهما، فأوردوا الأول في «الكنى»؛ إلا ابن حبان فذكره في ترجمة أخيه (أبي عمرو بن العلاء) من «الثقات» (٦/ ٣٤٥).
وأوردوا الآخر باسمه وضعفوه.
الثاني: أنه متقدم الطبقة على الآخر؛ فإنه روى عن الحسن البصري، وعنه وكيع كما ترى، وصرح بالتحديث عنه في رواية لأحمد، وعنه شعبة أيضًا، وسليمان الأعمش وغيرهما.
وقطبة يروي عن الثوري، وعنه أبو حاتم؛ كما قال ابنه.
الثالث: أن ابن معين قال فيه – وفي أخيه أبي عمرو -:
«ليس بهما بأس».
وأخرج ابن حبان حديثه هذا في «صحيحه» (٧/ ٤٦٦/ ٥٦٢٧ – الإحسان)، وقال عقبه:
فصح إسناد الحديث؛ والحمد لله.
ثم إن للحديث شاهدًا من رواية أبي الزبير عن جابر مرفوعًا … به.
أخرجه ابن حبان (١٠٨٣)، والبيهقي (٦/ ١٠).
وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ لولا عنعنة أبي الزبير، لكنه قد صرح بالتحديث بلفظ آخر قريب منه: عند مسلم (٥/ ٣٦) وغيره: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
أمرَنا رسولُ الله – صلي الله عليه وسلم – بقتل الكلاب .. ثم نهى عن قتلها، وقال:
«عليكم بالأسود البَهِيم ذي النُّقْطَتَيْنِ؛ فإنه شيطان».
ورواه نحوه من طريق أخرى عن ابن المفضل، وفيه: .. ثم قال:
«ما بالُهم وبالُ الكلاب؟ !». ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم [والزرع].
ورواه ابن ماجه (٣٢٠٠) نحوه، وكذا الطحاوي.
وشاهد آخر من حديث ليث عن مجاهد عن الأسود عن عائشة … مرفوعًا بلفظ:
«الكلب الأسود البهيم شيطان».
وليث – وهو ابن أبي سُلَيْمٍ – ضعيف.
أخرجه أحمد (٦/ ١٥٧).
«إذا رميتَ الصَّيْدَ، فأدركته بعد ثلاث ليالٍ وسهْمُكَ فيه؛ فَكُلْهُ؛ ما لم يُنْتِن».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»، وأحد أسانيده من طريق المؤلف. وصححه البغوي).
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا حماد بن خالد الخَيَّاط عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن أبيه عن أبي ثعلبة الخُشَنيِّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٥/ ١٣٦) من طريق المؤلف وغيره عن يحيى بن معين.
وأحمد في «المسند» (٤/ ١٩٤): ثنا حماد بن خالد … به.
ومن طريقه: أبو عوانة أيضًا، والبيهقي (٩/ ٢٤٢).
وأخرجه مسلم (٦/ ٥٩) من طريق أخرى عن حماد … به.
ثم أخرجوه جميعًا، وكذا النسائي في «الصيد» من طرق أخرى عن معاوية بن صالح … به.
ومن طريق مسلم عن حماد: رواه البغوي في «شرح السنة» (١١/ ١٩٨)، وقال: «حديث صحيح».
ورواه الدارقطني في «السن» (٤/ ٢٩٥) من طريق الحسن بن عَرَفَةَ: نا حمّاد بن خالد … به.
٢٥٣٧ – عن عَدِي بن حاتم قال: سألت النبي ﷺ؛ قلت:
إني أُرْسِلُ الكلابَ المُعَلَّمَةَ، فَتُمْسِكُ عليَّ، أفآكل؟ قال:
«إذا أرسلْتَ الكلابَ المُعَلَّمَةَ، وذكرْتَ اسمَ الله؛ فكُلْ مِمَّا أمْسَكْنَ عليك».
قلت: وإن قَتَلْنَ؟ قال:
«وإن قَتَلْنَ؛ ما لم يَشْرَكْها كَلْبٌ ليس منها».
قلت: أرمي بالمِعراض فأصيب، أفآكل؟ قال:
«إذا رميت بالمِعْراض، وذكرْتَ اسمَ الله، فأصاب فَخَزَقَ فكُلْ. وإن أصاب بِعَرْضِهِ؛ فلا تأكل».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»، وهو عند الأخير من طريق المؤلف في رواية. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن همام عن عدي بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عيسى – وهو الطَّبَّاعُ -، وهو ثقة، وقد توبع.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٥/ ١٢١) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه، هو ومسلم (٦/ ٥٦)، والنسائي في «الصيد»، والبيهقي (٩/ ٢٣٥) من طرق أخرى عن جرير … به.
وروى ابن ماجه (٣٢١٥) منه: الجملة الأخيرة مختصرًا.
٢٥٣٨ – ومن طريق ثانية عن عَدِيِّ بن حاتم قال: سألت النبي ﷺ؛ قلت:
إنا نصيد بهذه الكلاب؟ فقال لي:
«إذا أرسلت كلابَكَ المُعَلَّمَةَ، وذكرتَ اسمَ الله عليها؛ فكل مما أمسكْنَ عليك؛ وإن قتل؛ إلا أن يأْكُلَ الكلبُ. فإن أكل؛ فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَّرِيِّ: ثنا ابن فُضَيْلٍ عن بَيَانَ عن عامر عن عَدِيِّ بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٢٥٨): ثنا محمد بن فُضَيْلٍ … به.
وأخرجه البخاري (٥٤٨٣)، ومسلم (٦/ ٥٦)، وأبو عوانة (٥/ ١٢٥)، وابن ماجه (٣٢٠٨) من طرق أخرى عن ابن فضيل … به.
«إذا رميت بسهمك، وذكرت اسم الله، فوجدْتَهُ من الغَد، ولم تَجِدْهُ في ماءٍ، ولا فيه أَثَرٌ غيْرُ سهمِك؛ فكل. وإذا اختلط بكلابك كلبٌ من غيرها؛ فَلا تأكل؛ لا تدري لعله قتله الذي ليس منها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في «صحاحهم». وصححه الترمذي. وأحد أسانيده عند أبي عوانة من طريق المؤلف).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن عاصم الأحول عن الشعبي عن عَدِيِّ بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد – وهو ابن سلمة؛ – كما في «التحفة» (٧/ ٢٧٧) -؛ فإنه على شرط مسلم وحده.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٥/ ١٣٢). من طريق المؤلف، لكن وقع فيه: (مؤمل)! مكان: (موسى) وهو خطأ مطبعي.
ورواه البخاري (٥٤٨٤) … بإسناد المؤلف؛ إلا أنه وقع فيه: (ثابت بن يزيد)؛ بدل: (حماد).
وأخرجه مسلم (٦/ ٥٨)، وأبو عوانة أيضًا، والترمذي (١٤٦٩)، والدارقطني (٤/ ٢٩٤/ ٨٩)، وكذا النسائي في «الصيد»، وأحمد (٤/ ٢٥٧ و٣٧٩) من طرق عن عاصم … به. وقال الترمذي:
«حسن صحيح».
٢٥٤٠ – وفي رواية ثالثة عنه؛ أن النبي ﷺ قال
«إذا وقعت رمِيَّتُك في ماء، فَغَرِقَ فمات؛ فلا تأكلْ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وله ولمسلم معناه. وصححه الترمذي. ورواه أبو عوانة من طريق المؤلف. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة: أخبرني عاصم الأحول عن الشعبي عن عَدِيِّ بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن يحيى، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٥/ ١٣٢) من طريق المؤلف.
وهو في «مسند أحمد» (٤/ ٣٧٨) … بإسناده ومتنه.
ثم أخرجه من طريق أخرى عن يحيى بن معين عن يحيى بن زكريا … به.
وأخرجه ابن الجارود (٩٢٠) … بإسناد المؤلف أيضًا، إلا أنه جعل: (ابن الطباع) مكان: (أحمد بن حنبل).
وابن الطباع ثقة أيضًا من رجال مسلم، واسمه: إسحاق بن عيسى بن نَجِيحٍ البغدادي.
«ما عَلَّمتَ من كَلْبٍ أو بازٍ، ثم أرسلته، وذكرت اسم الله؛ فكل مما أمسك عليك».
قلت: وإن قتل؟ قال:
«إذا قتله ولم يأكل منه شيئًا؛ فإنما أمسكه عليك».
(قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: «أو باز»؛ فإنه منكر، تفرد به مجالد؛ مخالفًا لجميع روايات الثقات المتقدمة! وبذلك أعله البيهقي. ويؤيده أنه ثبت عن الشعبي أنه قال: كُلْ من صيد الباز وإن أكل … فلو كان ذِكْرُ الباز ثابتًا في حديثه؛ لم يخالفه إن شاء الله تعالى).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبد الله بن نُمَيْرٍ: ثنا مجالد عن الشعبي عن عَدِيِّ بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مجالد – وهو ابن سعيد -، وليس بالقوي كما تقدم مرارًا، فلا يحتج به؛ ولا سيما عند المخالفة كما هنا؛ فإنه تفرد بذكر (الباز)؛ دون كل الثقات الذين شاركوه في رواية أصل الحديث عن الشعبي، كما سبق في الطريق المتقدمة عنه؛ فهي زيادة منكرة. وبذلك أعلها البيهقي كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٣٨) من طريق المؤلف.
وأحمد (٤/ ٢٥٧): حدثنا عبد الله بن نمير … به وأتم منه.
ورواه عيسى بن يونس عن مجالد … به مختصرًا؛ بلفظ:
سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي؟ فقال:
أخرجه ابن جرير في «التفسير» (٦/ ٥٨)، والترمذي (١٤٦٧)، وقال:
«لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي».
قلت: وقد أشار البيهقي إلى تفرد مجالد بذكر الباز فيه؛ بقوله:
«ذكر الباز في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ الذين قَدَّمنا ذكرهم عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد».
قلت: ومما يؤكد نكارة هذه الزيادة عن الشعبي: أنه ثبت عنه التفريق بين ما أكل منه الكلب – فلا يؤكل -، وبين ما أكل منه الباز – فيؤكل -، كما رواه ابن جرير عنه (٦/ ٥٩ و٦٠)؛ والحديث يسوي بينهما، فلو كان ذلك عنده؛ لم يخالفه إن شاء الله تعالى.
أقول هذا؛ مع العلم بأن المسألة خلافية، ورجح الطبري التسوية، ولعله الأقرب! والله سبحانه وتعالى أعلم.
٢٥٤٢ – وفي خامسة عنه؛ أنه قال:
يا رسول الله! أَحَدُنا يرمي الصيدَ؛ فيقتفي أَثَرَهُ اليومينِ والثلاثةَ، ثم يجدُهُ مَيْتًا وفيه سَهْمُهُ؛ أياكل؟ قال:
«نعم؛ إن شاء – أو قال: يأكل؛ إن شاء -».
(قلت: إسناده صحيح. وعلقه البخاري).
إسناده: حدثنا الحسين بن معاذ بن خُلَيْفٍ: ثنا عبد الأعلى: ثنا داود عن عامر عن عَدِي بن حاتم.
وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى البصري: وداود: هو ابن أبي هند.
والحديث رواه البيهقي (٩/ ٢٤٢) من طريق أخرى عن عبد الأعلى.
وعلقه البخاري (٥٤٨٥).
٢٥٤٣ – وفي سادسة عنه:
سألت النبي ﷺ عن المِعْرَاض؟ فقال:
«إذا أصاب بِحَدِّه فَكُلْ، وإذا أصاب بِعَرْضِهِ فلا تأكل؛ فإنه وَقِيذٌ».
قلت: أُرسِلُ كلبي، فأجدُ عليه كلبًا آخر؟ فقال:
«لا تأكل؛ لأنك إنما سَمَّيَتَ على كلبك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه الشيخان وأبو عوانة وابن الجارود في «صحاحهم». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السَّفَرِ عن الشعبي قال: قال عَدِيُّ بن حاتم …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٠٣٠): حدثنا شعبة … به وأتم منه.
وأخرجه البخاري (٥٤٧٦ و٥٤٨٦)، ومسلم (٦/ ٥٦ – ٥٧)، وأبو عوانة
وللدارمي (٢/ ٩١) منه: قضية المعراض.
والقضية الأخرى: عنده (٢/ ٨٩) من طريق زكريا – وهو ابن أبي زائدة – عن الشعبي.
وهو بتمامه: عند الشيخين وأبي عوانة (٥/ ١٢٣ – ١٢٤)، وابن الجارود (٩١٤)، وأحمد (٤/ ٢٥٦) من هذا الوجه. وقال الترمذي (١٤٧١):
«حديث حسن صحيح».
وليس عنده إلا القضية الأولى.
٢٥٤٤ – عن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ قال:
قلت: يا رسول الله! إني أَصِيدُ بكلبي المُعَلَّمِ وبكلبي الذي ليس بِمُعَلَّمٍ؟ قال:
«مَا صِدْتَ بكلبك المُعَلَّمِ؛ فاذكرِ اسمَ الله وَكُلْ. وما أَصَّدْتَ بكلبِكَ الذي ليس بمعلَّم فأدركت ذَكاتَهُ؛ فَكُلْ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المؤلف في رواية، ومن طريقه أبو عوانة في رواية، والبخاري وابن الجارود).
إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ عن ابن المبارك عن حَيْوَة بن شُرَيْحٍ قال: سمعت رَبِيعَةَ بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس الخَوْلاني عائذُ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخُشَنِيَّ يقول …
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٥٨) … بإسناد المؤلف ومتنه أتم منه.
وأبو عوانة (٥/ ١٣٦) من طريقه.
والبيهقي (٩/ ٢٤٧) من طريقين آخرين عن هَنَّادٍ.
ثم أخرجوه جميعًا، وكذا البخاري (٥٤٧٨ و٥٤٨٨ و٥٤٩٦)، والنسائي في «الصيد»، وابن ماجه (٣٢٠٧)، وابن الجارود (٩١٦)، وأحمد (٤/ ١٩٥) من طرق عن حيوة … به.
وفيه عندهم جميعًا – إلا النسائي – الأمر بغسل آنية الكفار.
وقد رواها المؤلف من طريق أخرى عن أبي ثعلبة … بزيادة فيه، وسيأتي الكلام عليها في «الأطعمة» إن شاء الله تعالى.
٢٥٤٥ – وفي رواية عنه قال: قال لي رسول الله ﷺ:
«يا أبا ثعلبة! كُلْ ما ردَّتْ عليك قَوْسُكُ وكَلْبُكُ – زاد عن ابن حرب: المعلَّمُ – ويدُك؛ فَكُلْ ذَكِيًّا وغَيْرَ ذَكِيٍّ».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن المُصَفَّى: ثنا محمد بن حرب. (ح) وثنا محمد بن المُصَفَّى: ثنا بَقِيَّةُ عن الزُّبَيْدِيِّ: ثنا يُونُسُ بن سَيْفٍ: ثنا أبو إدريس الخولاني: حدثني أبو ثعلبة الخُشَنِيُّ …
الأول: أنه مُتَابَعٌ من محمد بن حرب؛ وهو ثقة من رجال الشيخين.
والآخر: أنه صرح بالتحديث كما يأتي. فإن صح ذلك عنه؛ فهو قوة للحديث؛ وإلا فلا يضره.
ويونس بن سيف: هو الكَلاعي الحمصي؛ قال البزار:
«صالح الحديث». والدارقطني:
«ثقة».
وذكره ابن حبان في «الثقات»؛ وروى عنه – غير الزبيدي محمدِ بنِ الوليد -: ثور بن يزيد ومعاوية بن صالح وآخرون، فقول الحافظ فيه:
«مقبول»!
تقصير غير مقبول.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ١٩٥): ثنا يزيد بن عبد الله قال: ثنا محمد بن حرب قال: ثنا الزبيدي … به.
وأخرجه البيهقي (٩/ ٢٤٤ – ٢٤٥) من طريق أحمد بن الفَرَجِ: ثنا بقية بن الوليد: حدثني الزبيدي … به.
وابن الفرج فيه ضعف، لكن لا بأس به في المتابعات إن شاء الله تعالى.
والعمدة في الحديث على الوجه الأول.
يا رسول الله! إنا بأرض صيد؛ فكيف نصنع؟ قال:
«إذا أرسلت كلبك المُكَلَّبَ، وذكرت اسم الله عز وجل فَقَتَلَ؛ فكل، وإن كان غير مُكَلَّبٍ؛ فَذَكِّ وَكُلْ …».
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وأما زيادة المصنف – من طريق أخرى -:
«.. فكل؛ وإن أكل منه»!
فهي منكرة، كما بينته في الكتاب الآخر برقم (٤٩٢).
ومثله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده برقم (٤٩٣).
٣ – باب في صَيْدٍ قُطعَ منه قِطْعَةٌ
٢٥٤٦ – عن أبي واقد قال: قال النبي ﷺ
«ما قُطعَ من البهيمةِ – وهي حَيَّةٌ – فهي مَيْتَةٌ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد.
«قال أبو حاتم: فيه لين». وقال الحافظ في «التقريب»:
«صدوق يخطئ».
قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقد تابعه جمع؛ منهم سليمان بن بلال: عند الحاكم (٤/ ٢٣٩)، وقال:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
وإنما هو على شرط البخاري؛ كما بينته في «غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام» (ص ٤١ – ٤٤)؛ وتوسعت هناك في تخريج متابعاته وطرقه، فليرجع إليه من شاء الوقوف عليها.
٤ – باب في اتِّباعِ الصيد
٢٥٤٧ (*) – عن ابن عباس عن النبي ﷺ – وقال مَرَّةً سفيانُ: ولا أعلمه إلا عن النبي ﷺ قال:
«هنا نقص بالنسبة لنسخة الدعاس، وفيه حديث يتعلق بالصيد إذا أنتن؛ عزاه للمؤلف في الجامع».
قلنا: وهو حديث أبي ثعلبة الخشني المتقدم برقم (٢٥٣٦)، وموقعه هناك كما في الطبعة «التازية». (الناشر).
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثنى أبو موسى عن وَهْبِ بن مُنَبِّهٍ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وأبو موسى: اسمه إسرائيل بن موسى البصري – نزيل الهند -.
ثم استدركت فقلت: إنه أبو موسى اليماني، وهو مجهول.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٥٧): ثنا رَوْحٌ: ثنا [زكريا بن] إسحاق: ثنا عمرو بن دينار. وثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان … به.
وأخرجه الترمذي (٢٢٥٧)، والنسائي في»الصيد«، والطبراني في»الكبير«(١١٠٣٠)؛ وفيه أبو موسى اليماني. وقال الترمذي:
(حديث حسن صحيح غريب. وفي الباب عن أبي هريرة».
قلت: وعن البراء بن عازب أيضًا: كلاهما رواهما أحمد، وهما مخرجان في «الصحيحة» (١٢٧٢)، والأول منهما عزاه الحافظ في «الفتح» (٩/ ٦٠٢) للترمذي! والآخر للدارقطني في «الأفراد». والعزو الأول فيه إيهام بأنه عند الترمذي موصول؛ وإنما هو عنده معلق كما رأيت.
ووهم الأستاذ الدعاس في تعليقه على «الترمذي»؛ فقال:
وها أنت ترى – ونحن في آخر الكتاب – أنه عنده من حديث ابن عباس فقط! (*) وقد عزاه إليه قبيل هذا التعليق!
»سقط هذا الحديث من ثلاث نسخ”.
والآخر حديث أبي ثعلبة الخشني المشار إليه في حاشية الصفحة السابقة. (الناشر).