١٥ – أول كتاب الجنائز

١ – باب الأمراض المكفرة للذنوب
٢٧٠٨/ ١ – عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده – وكانت له صحبة من رسول الله ﷺ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«إن العبدَ إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغها بعمله؛ ابتلاهُ اللهُ في جسده أو في ماله، أو في ولده، ثم صبّره على ذلك حتى يُبْلغَه المنزلةَ التي سبقَتْ له من الله تعالى» (*).
(صحيح: «الصحيحة» (٢٥٩٩».

٢ – باب إذا كان الرجل يعمل عملًا صالحًا فشغله عنه مرض أو سفر
٢٧٠٨/ ٢ – عن أبي موسى قال:
سمعت النبي ﷺ غَيْرَ مَرَّةٍ ولا مَرَّتينِ – يقول:
«إذا كان العبدُ يعمل عملًا صالحًا، فشغله عنه مرضٌ أو سَفَرٌ؛ كتِبَ له كصالح ما كان يعمل وهو صحيحٌ مُقِيمٌ».
(قلت: إسناده حسن. وأخرجه البخاري وابن حبان).


(*) هذا الحديث ليس في أصل الشيخ رحمه الله؛ تبعًا للطبعة «التازية»، وقد استدركناه من نسخة «الدعاس» و«صحيح سنن أبي داود/ باختصار السند». (الناشر).
٨ ‏/ ٤٠٨
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى ومسدد – المعنى -: قالا: ثنا هُشيم عن العَوَّام بن حَوْشَب عن إبراهيم بن عبد الرحمن السَّكْسَكِيِّ عن أبي بُرْدة عن أبي موسى.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات كلهم؛ غير السَّكْسَكِيِّ؛ فإنه – مع كونه من رجال البخاري -؛ ففيه ضعف من قبل حفظه، فهو وسط، وقد ذكر الذهبي أقوال العلماء فيه في «الميزان»، وقال:
«صدوق». وقال في «الرواة المتكلم فيهم» (٥٥/ ٦):
«ليّنه شعبة، وضعفه أحمد. حديثه حسن». وقال الحافظ في «التقريب»: «صدوق، ضعيف الحفظ».
والحديث مخرج في «الإرواء» (٥٦٠)؛ فلا نعيده؛ إلا أن ابن حبان رواه (٢٩١٨).

٣ – باب عيادة النساء
٢٧٠٩ – عن أم العلاء قالت:
عادني رسول الله ﷺ وأنا مريضةٌ، فقال:
«يا أُمَّ العلاء» أَبْشِري، فإن مَرَضَ المسلمِ يُذْهِبُ الله به خطاياه، كما تُذْهِبُ النارُ خَبَثَ الذهبِ والفضةِ”.
(قلت: إسناده جيد، والحديث صحيح).
إسناده: حدثنا سَهْل بن بَكَّارٍ عن أبي عَوانة عن عبد الملك بن عُمَيْرٍ عن أم العلاء قالت …

٨ ‏/ ٤٠٩
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال البخاري، وفي بعضهم كلام لا يضر. وقال المنذري:
«حسن».
والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٢٥/ ١٤١/ ٣٤٠) من طريق أبي الوليد الطيالسي: ثنا أبو عوانة … به؛ إلا أنه قال:
«خبث الحديد».
وله شواهد كثيرة تؤكد صحته، خرجت بعضها في «الصحيحة» (٧١٤).

٤ – باب في العيادة
٢٧١٠ – عن أسامة بن زيد قال:
خرج رسول الله ﷺ يعود عبد الله بن أُبَيٍّ في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه؛ عَرَفَ فيه الموتَ، قال:
«قد كنتُ أنهاك عن حُبِّ يهودَ!».
قال: فقدْ أَبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بن زُرَارَةَ؛ فَمَهْ؟
فلما مات أتاه ابنه، فقال: يا رسول الله! إن عبدَ الله بنَ أُبَيٍّ قد مات؛ فَأَعْطِني قَمِيصَكَ أُكفِّنْهُ فيه! فنزع رسول الله ﷺ قميصه، فأعطاه إياه.
(قلت: حديث حسن بهذا التمام، وجملة القميص في «الصحيحين» من حديث ابن عمر).
إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد.

٨ ‏/ ٤١٠
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، لكن قد صرح بالتحديث كما يأتي في التخريج.
والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١/ ١٦٣ / ٣٩٠) من طريق أخرى عن عبد العزيز بن يحيى الحَرَّاني … به.
وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٥/ ٢٨٥) من طريق يونس بن بُكَيْرٍ عن ابن إسحاق قال: حدثنا الزهري … به.
وهذا إسناد حسن، صرَّح فيه ابن إسحاق بالتحديث، فثبت الحديث. والحمد لله تعالى.
على أن الشطر الثاني – الذي فيه قصة القميص – له شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ ساقه البيهقي (٥/ ٢٨٧) في قصة صلاته ﷺ على عبد الله بن أبي، وهي مخرجة في «أحكام الجنائز» (ص ٩٤ – ٩٥) من رواية الشيخين وغيرهما.

٥ – باب في عيادة الذمي
٢٧١١ – عن أنس:
أنَّ غلامًا من اليهود كان مَرِضَ، فأتاه النبي ﷺ يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له:
«أَسْلِمْ».
فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال: أَطعْ أبا القاسم! فأسلم، فقام النبي ﷺ وهو يقول:

٨ ‏/ ٤١١
«الحمد لله الذي أنقذه بي من النار».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن حبان في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٣٨٣) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (١٣٥٦) … بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٢٩٤٩ و٤٨٦٤ – الإحسان)، والبيهقي أيضًا (٦/ ٢٠٦)، وأحمد (٣/ ١٧٥ و٢٢٧ و٢٦٥ و٢٨٠) من طرق أخرى عن حماد بن زيد … به. وأحد أسانيد أحمد عين إسناد المؤلف والبخاري. وفي رواية له ولابن حبان:
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.
وعزاها الحافظ في «الفتح» للنسائي!

٦ – باب المشي في العيادة
٢٧١٢ – عن جابر قال:
كان النبي ﷺ يعودُني؛ ليس براكبِ بَغْلٍ ولا بِرْذَوْنٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في «صحيحه». وصححه الترمذي).

٨ ‏/ ٤١٢
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٣/ ٣٧٣) … بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (٥٦٦٤)، والترمذي (٣٨٥٠)، وفي «الشمائل» (٢٩١ – مختصره) من طرق أخرى عن ابن مهدي … به. وقال الترمذي:
«حسن صحيح».
ثم أخرجه البخاري (٥٦٥١)، والحميدي (١٢٢٩) من طريق سفيان عن ابن المنكدر … به أتم منه نحوه؛ وليس فيه ذِكْرُ البَغْلِ والبِرْذَوْنِ.

٧ – باب في فضل العيادة على وضوء
٢٧١٣ – عن علي قال:
ما مِنْ رجلٍ يعود مريضًا مُمْسِيًا؛ إلا خرج مَعَهُ سبعون ألفَ ملكٍ، يستغفرون له حتى يُصْبِحَ، وكان له خَرِيفٌ من الجنة. ومن أتاه مُصْبِحًا؛ خرج معه سبعون ألف ملك، يستغفرون له حتى يُمْسِيَ، وكان له خَرِيفٌ من الجنة.
(قلت: حديث، صحيح موقوف في حكم المرفوع، وحسنه الترمذي مرفوعًا وقال: «منهم من وقفه ولم يرفعه»).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الله بن نافع

٨ ‏/ ٤١٣
عن علي … فذكره موقوفًا.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن نافع – وهو الهاشمي مولاهم -؛ لم يرو عنه غير الحكم – وهو ابن عتيبة -، ذكره ابن حبان في «الثقات» (٧/ ٥٤)، وقال:
«صدوق».
ووافقه الحافظ في «التقريب».
وأبى ذلك الذهبي! فانظر كتابي «تيسير الانتفاع».
والحديث أخرجه البيهقي في «سننه» (٣/ ٣٨١) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ؛ ثنا شعبة … به مرفوعًا نحوه، وقال:
«وكذلك رواه محمد بن أبي عدي عن شعبة … مرفوعًا. ورواه محمد بن كثير (الأصل: ابن أبي كثير! خطأ) عن شعبة موقوفًا».
يشير إلى رواية المؤلف هذه.
ويشهد لكونها مرفوعًا: الطريق الآتي بعده.
وطريق ثُوَيْرِ بن أبي فَاخِتَةَ عن أبيه عن علي … مرفوعًا نحوه.
أخرجه أحمد (١/ ٩١)، والترمذي (٩٦٩)، وقال:
«حديث حسن غريب. وقد روي من غير وجه، منهم من وقفه ولم يرفعه».
قلت: والأرجح عندي رفعه درايةً وروايةً: أما الدراية؛ فلأنه من أمور الغيب التي لا مجال للعقل أن يخوض فيها.
وأما الرواية؛ فللطريق الآتية وغيرها.
٨ ‏/ ٤١٤
٢٧١٤ – وفي رواية عن علي عن النبي ﷺ … بمعناه، لم يذكر: الخريف.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه المصنف أيضًا).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي.
قال أبو داود: «رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة».
قلت: يعني: الطريق الأولى، ولم أجد من وصله عن منصور!
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وكذلك صححه الحاكم والذهبي.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٨١)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٤) قالا: حدثنا أبو معاوية … بلفظ:
«إذا عاد الرجل أخاه المسلم؛ مشى في خِرافة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غَمَرَتْهُ الرحمة. فإن كان غدْوَةً؛ صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان مساءً؛ صلى عليه [سبعون] ألف ملك حتى يصبح».
وأخرجه جمع آخر ذكرتهم في «الصحيحة» (١٣٦٧)؛ منهم الحاكم، وصححه هو والذهبي كما تقدم، وصححه المؤلف أيضًا؛ فقد قال – كما نقله المنذري في «المختصر» -:
«وأُسْنِدَ هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي ﷺ».
٨ ‏/ ٤١٥
قلت: ومن تلك الوجوه: ما رواه مسلم بن أبي مريم عن رجل من الأنصار عن علي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«من عاد مريضًا؛ مشى في خِرَافِ الجنة، فإذا جلسى عنده؛ استنقع في الرحمة، فإذا خرج من عنده؛ وُكِّلَ به سبعون ألف ملك يستغفرون له ذلك اليومَ».
أخرجه عبد الله بن أحمد في «الزوائد» بسند جيد عن الرجل الأنصاري.
وهذا الرجل لا أستبعد أن يكون هو عبد الرحمن بن أبي ليلى المتقدم؛ فإنه من الأنصار! والله أعلم.
وله – عنده – طريق أخرى عن علي … مرفوعًا نحوه، وصححه ابن حبان، وهو مخرج مثل الذي قبله في المصدر السابق.
وله شاهد من حديث ثوبان … مرفوعًا بلفظ:
«من عاد مريضًا؛ لم يزل في خُرْفَة الجنة حتى يرجع».
أخرجه مسلم (٨/ ١٣)، والترمذي (٩٦٧)، والبيهقي (٣/ ٣٨٠)، وأحمد (٥/ ٢٧٧ و٢٨١ و٢٨٣ و٢٨٤)، وابن أبي شيبة وابن حبان (٢٩٤٦)، وكذا البخاري في «الأدب المفرد» (٥٢١)؛ وزاد مسلم في رواية:
قيل: يا رسول الله! وما خُرْفَة الجنة؟ قال:
«جَنَاهَا».
وشاهد آخر من حديث جابر … مرفوعًا يلفظ:
«من عاد مريضًا؛ لم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع، فإذا جلس؛ اغتمس فيها».
٨ ‏/ ٤١٦
أخرجه البخاري (٥٢٢)، وابن حبان (٢٩٤٥)، والحاكم (١/ ٣٥٥)، والبيهقي (٣/ ٣٨٠)، وأحمد (٣/ ٣٠٤). وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
ورواه ابن أبي شيبة أيضًا.

٨ – باب في العيادة مرارًا
٢٧١٥ – عن عائشة قالت:
لمَّا أُصِيبَ سَعْدُ بن معاذ يومَ الخندقِ – رَمَاهُ رجلٌ في الأَكْحَلِ -؛ فضرب رسول الله ﷺ خيمةً في المسجد؛ ليعودَهُ مِنْ قريبٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبد الله بن نُمَيْرٍ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٣٨١) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (٦/ ٥٦)، وابن سعد في «الطبقات» (٣/ ٤٢٥): أخبرنا عبد الله بن نمير … به.
وأخرجه البخاري (٤٦٣)، ومسلم (٥/ ١٦٠ – ١٦١) من طرق أخرى عن ابن نمير … به.
وله طريق أخرى عن عائشة … بسند جيد، وهو مخرج في «الصحيحة» (٦٧).

٨ ‏/ ٤١٧
٩ – باب في العيادة من الرَّمَدِ
٢٧١٦ – عن زيد بن أرقم قال:
عادني رسول الله ﷺ مِنْ وَجَعٍ كان بِعَيْنَيَّ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وحسنه المنذري).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: حدثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن أرقم.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ فهو صحيح؛ لولا أن أبا إسحاق – وهو السَّبِيعي – كان اختلط، ثم هو إلى ذلك مدلس، ولكنه قد صرح بالسماع في رواية سأذكرها بإذنه تعالى.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٣٤٢)، ومن طريقه البيهقي (٣/ ٣٨١) من طريق أخرى عن النفيلي … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
وفيه نظر من وجهين:
أحدهما: أن يونس بن أبي إسحاق لم يَرْوِ له البخاري في «الصحيح»!
وقال أحمد (٤/ ٣٧٥): ثنا حجاج … به.
وتابعه – عنده – إسماعيل بن عمر: ثنا يونس … به بالزيادة التالية.
وتابعه سَلْمُ بن قتيبة: ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق قال: سمعت زيد بن أرقم … به؛ وزاد:
٨ ‏/ ٤١٨
«يا زيد! لو أن عينيك لما بهما؛ كيف كنت تصنع؟».
قال: كنت أصبر وأحتسب. قال:
«يا زيد! لو أن عينيك لما بهما، فصبرت واحتسبت؛ لم يكن لك ثوابٌ دُونَ الجنة».
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٥٣٢)، والطبراني في «الكبير» (٥٠٥٢)، و«الأوسط» (٦٠٨٩)، وقال:
«تفرد به ابن قتيبة»!
كذا قال!
وله في «الكبير» (٥٠٩٨ و٥١٢٦) طريقان آخران، أحدهما: عند البزار (٧٧٥) نحوه دون حديث الترجمة.
ولهذا وحده شاهد من حديث أنس، رواه الحاكم، وقال:
«صحيح»، ووافقه الذهبي.
ويتقوى بطريق آخر، رواه أحمد (٣/ ١٥٥ – ١٥٦)، وعلي بن الجَعْد في «مسنده» (٢/ ٨٤٤/ ٢٣٣٥) من طريق شَرِيك عن جابر عن خيثمة عن أنس … به؛ مع الزيادة.
وهي عند البزار من طريق إسرائيل عن جابر … به نحوه؛ إلا أنه قال: عن خيثمة عن زيد بن أرقم … كما تقدم.
وهذا أصح؛ لأن إسرائيل ثقة، وشريك – وهو القاضي – سيِّئ الحفظ.
٨ ‏/ ٤١٩
لكن تابعه سفيان: عند أحمد (٣/ ١٦٠ – ١٦١).
وأعلَّ الهيثميُّ (٢/ ٣٠٨) الروايتين بجابر – وهو الجعفي -، قال:
«وفيه كلام كثير، وقد وثقه الثوري وشعبة».

١٠ – باب الخروج من الطاعون
٢٧١٧ – عن عبد الله بن عباس قال: قال عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«إذا سمعتم به بأرض؛ فلا تَقْدِموا عليه. وإذا وقع بأرض وأنتم بها؛ فلا تَخْرُجوا فرارًا منه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في «صحيحيهما»؛ وفيه قصة).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «موطأ مالك» (٣/ ٨٩ – ٩٠) … بإسناده ومتنه؛ إلا أن فيه قصة وقوع الطاعون في أرض الشام، واستشارة عمر رضي الله عنه للمهاجرين والأنصار في المُضِيِّ إلى الشام أو الرجوع إلى المدينة، واختلافهم عليه، واختياره الرجوع، وأيَّده في ذلك عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بروايته لهذا الحديث.

٨ ‏/ ٤٢٠
وأخرجه البخاري (٦٩٧٣) … بإسناد المصنف به؛ إلا أنه زاد فيه بعض القصة.
ثم أخرجه هو (٥٧٢٩)، ومسلم (٧/ ٢٩)، وأحمد (١/ ١٩٤) من طرق أخرى عن مالك … به؛ وفيه القصة.
ثم رواه مالك، ومن طريقه الشيخان، وأيضًا، والبيهقي (٣/ ٣٧٦)، وأحمد أيضًا عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة:
أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام … الحديث مختصرًا.
وللحديث شواهد.

١١ – باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة
٢٧١٨ – عن سعد قال:
أشتكيت بمكة، فجاءني النبي ﷺ يعودني، ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني، ثم قال:
«اللهم! اشْفِ سعدًا، وأَتْمِمْ له هجرته».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه – مختصرًا -، والبخاري – بتمامه -).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا مَكِّيُّ بن إبراهيم: ثنا الجُعَيْدُ عن عائشة بنت سعد أن أباها قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هارون بن

٨ ‏/ ٤٢١
عبد الله – وهو أبو موسى الحَمَّال -، فمن رجال مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٥٦٥٩): حدثنا المَكِّيُّ بن إبراهيم … به أتم منه؛ وفيه قصة مرض سعد في مكة، واستئذانه النبيَّ ﷺ أن يوصيَ بثلثَيْ ماله، فأبى ذلك عليه، وقال له:
«الثلث، والثلث كثير …» الحديث.
وقد تقدمت بأتم من هذا في «الوصايا» (٢٥٥٠)، لكن من طريق عامر بن سعد عن أبيه، لكن ليس فيه حديث الترجمة، وفيه:
«اللهم! أمضِ لأصحابي هجرتهم …».
رواه الشيخان وغيرهما.
وأخرجه مسلم (٥/ ٧٢)، وأحمد (١/ ١٦٨)، وأبو يعلى (٢/ ٧٨١) من طريق ثلاثة من ولد سعد، كلهم يحدثه عن أبيه … بها؛ وفيه:
«اللهم! اشف سعدًا» (ثلاثًا).
وأخرجه البيهقي (٣/ ٣٨١) من طريق أخرى عن مكي بن إبراهيم … به.
وقال أحمد (١/ ١٧١): ثنا يحيى بن سعيد عن الجعد بن أوس قال: حدثتني عائشة بنت سعد … به نحو رواية البخاري عن المكي بن إبراهيم.
والجعد: هو الجعيد – يكبَّر ويصغَّر -، وهو ابن عبد الرحمن بن أوس، نسب إلى جده.
٨ ‏/ ٤٢٢
١٢ – باب الدعاء للمريض عند العيادة
٢٧١٩ – عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال:
«مَنْ عاد مريضًا – لم يَحْضرْ أجلُه -، فقال عنده سَبْعَ مِرَارٍ: أسالُ اللهَ العظيمَ – ربَّ العرش العظيم – أن يَشْفِيَك؛ إلا عافاه الله من ذلك المرض».
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا الربيع بن يحيى: ثنا شعبة: ثنا يزيد أبو خالد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير يزيد أبي خالد – وهو الدَّالاني -، وهو صدوق يخطئ كثيرًا، وكان يدلس، كما في «التقريب»، لكنه قد توبع كما يأتي. فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه الترمذي (٢٠٨٤)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (١٠٤٨)، وكذا ابن السني (٥٣٨)، والحاكم (١/ ٣٤٣ و٤/ ٢١٣)، والطبراني في «الدعاء» (١١١٤)، وأحمد (١/ ٢٣٩ و٢٤٣) من طرق أخرى عن شعبة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب». وقال الحاكم:
«صحيح على شرط البخاري»! ووافقه الذهبي!
قلت: وهذا من أوهامهما؛ فإن الدالاني ليس من رجال البخاري – أولًا -، ثم هو ضعيف مدلس – ثانيًا – كما عرفت.
٨ ‏/ ٤٢٣
نعم؛ قد توبع، فرواه الأشجعي عن شعبة عن مَيْسَرَةَ النَّهْدِيِّ عن المنهال بن عمرو … به: أخرجه النسائي (١٠٤٧)، والحاكم (٤/ ٢١٣)، والطبراني في «الكبير» (١١/ ٤٤٨/ ٢٢٧٢١)، وفي «الدعاء» (١١١٥ و١١١٨) من طرق عنه.
قلت: وهذه متابعة جيدة؛ ميسرة النَّهْدِيُّ – وهو ابن حَبِيبٍ – صدوق.
والأشجعي: اسمه عبيد الله بن عبيد الرحمن الكوفي، وهو ثقة من رجال الشيخين.
وتابعه محمد بن شعيب قال: حدثني شعبة بن الحجاج … به.
أخرجه النسائي في رواية (١٠٤٥).
وأدخل – بين محمد وشعبة – رجلًا في الرواية التي بعدها.
وتابعه شريك عن ميسرة بن حبيب … به.
أخرجه الطبراني (١١١٦).
وشريك – وهو ابن عبد الله القاضي – ضعيف؛ لسوء حفظه، لكن حديثه صحيح؛ لأنه متابع.
وتابعه زيد بن أبي أُنَيْسَةَ عن المنهال بن عمرو … به.
أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٢٢٧٧)، وفي «الدعاء» (١١١٧). وإسناده صحيح.
وتابعه عبد ربه بن سعيد عن المنهال بن عمرو … به.
٨ ‏/ ٤٢٤
أخرجه ابن حبان (٢٩٦٧)، والطبراني في «الدعاء» (١١٢٠).
وهذا صحيح أيضًا.
لكن ابن حبان أخرجه من طريق أبي يعلى، وهذا أخرجه في «مسنده» (٤/ ٣١٨/ ٢٤٣٠) … بإسناده عن عبد ربه بن سعيد … به، لكنه قال: حدثني المنهال بن عمرو – ومرةً قال: أخبرني سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث – عن ابن عباس.
وهكذا رواه النسائي (١٠٤٣)، وابن حبان (٢٩٦٤)؛ لكن وقع في إسناده شيء.
فالظاهر أن عبد ربه كان يرويه تارة عن المنهال عن سعيد بن جبير، وتارة عن سعيد مباشرة.
ثم إنه خالف الجماعة؛ فأدخل – بين سعيد وابن عباس -: عبد الله بن الحارث – وهو أبو الوليد نسيب ابن سيرين -، وهو ثقة أيضًا، فإذا صح هذا؛ فالإسناد صحيح على الوجهين. والله أعلم.
وخالفهم جميعًا: الحجاج – وهو ابن أرطاة – فقال: عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس … به: أخرجه النسائي (١٠٤٤)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٣١٤)، وأبو يعلى (٢٤٨٣)، وكذا أحمد (١/ ٢٣٩ و٣٥٢)، والبغوي في «شرح السنة» (٥/ ٢٣١).
والحجاج مدلس كالدالاني.
فمن الغريب تقوية المعلق على «الشرح» بقوله في الحجاج:
«وهو حسن الحديث في المتابعة»! !
٨ ‏/ ٤٢٥
فإن المدلس لا يتقوى حديثه بمدلس آخر مثله وفي طبقته؛ لاحتمال أن يكون شيخهما واحدًا! وهذا من العلم الذي قد لا تجده مذكورًا!
ولو كان ذا باع في هذا العلم؛ لقواه بما ذكرنا!

٢٧٢٠ – عن ابن عَمرٍو قال: قال النبي ﷺ:
«إذا جاء الرجلُ يعودُ مريضًا؛ فليقلِ: اللهمَّ! اشْفِ عبدك؛ يَنْكَأْ لَكَ عَدُوًّا، أو يَمْشِي لك إلى جنازة».
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرَّمْلِيُّ: ثنا ابن وهب عن حُيَيِّ بن عبد الله عن الحُبُلِيِّ عن ابن عمرو.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي حيي بن عبد الله كلام لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن. وإلى هذا أشار الحافظ بقوله:
«صدوق يهم».
وحسن له الترمذي، وصحح له ابن حبان والحاكم.
والحديث أخرجه جمع من طريق ابن وهب … به.
وهو مخرج في «الصحيحة» (١٣٠٤).
وأضيف هنا بأنه أخرجه ابن حبان أيضًا (٢٩٦٣)، وكلهم قالوا:
«صلاة» مكان: «جنازة»، ورواية الجماعة أولى.

٨ ‏/ ٤٢٦
١٣ – باب في كراهية تمني الموت
٢٧٢١ – عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يَدْعُوَنَّ أحدُكم بالموت (وفي طريق: لا يَتَمَنَّيَن أحدُكم الموتَ) لِضُرٍّ نَزَلَ به، ولكن ليقل:
اللهم! أَحْيِني ما كانت الحياةُ خيرًا لي، وتوفَّنِي إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن حبان).
إسناده: حدثنا بشر بن هلال: ثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك. حدثنا محمد بن بشار: ثنا أبو داود: ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال:
«لا يتمنين أحدكم الموت …» فذكر مثله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن هلال، فهو من شيوخ مسلم، وقد توبع كما يأتي.
والإسناد الآخر صحيح كذلك.
والحديث أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٢٩٩٠) من طريق مُسَدَّدِ بن مُسَرْهَدٍ: حدثنا عبد الوارث بن سعيد … به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن عبد العزيز وعن غيره عن أنس. وهو مخرج في «الإرواء» (٦٨٣).
وأخرجه ابن حبان (٢٩٨٨ و٢٩٨٩) من حديث خَبَّابِ بن الأَرَتِّ وأبي هريرة.
٨ ‏/ ٤٢٧
وهما في «البخاري» (٥٦٧٢ و٥٦٧٣)، ومسلم (٨/ ٦٤)؛ وليس فيهما الدعاء.
وعبد الرزاق (١١/ ٣١٤/ ٢٠٦٣٤ – ٢٠٦٣٦).
وله شاهد من حديث أم الفضل … نحوه دون الدعاء. وهو مخرج في «أحكام الجنائز» (ص ٤).

١٤ – باب موت الفَجْأَةِ
٢٧٢٢ – عن عُبَيْدِ بن خالد السُّلَمِيِّ – رجل من أصحاب النبي ﷺ؛
قال مرةً: عن النبي ﷺ، ثم قال مرة: عن عبيد – قال:
«مَوْتُ الفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ».
(قلت: إسناده صحيح مرفوعًا وموقوفًا، وقواه المنذري).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن منصور عن تَمِيمِ بن سلمة – أو سعد بن عُبيدة – عن عبيد بن خالد السُّلَمِيِّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ وقد أُعِلِّ بما لا يقدح، فقال الحافظ في «الفتح» (٣/ ٢٥٤):
«ورجاله ثقات؛ إلا أن راويه رفعه مرة، ووقفه أخرى»!
قلت: وهذا لا يضر؛ لأن الراوي قد لا ينشط أحيانًا فيوقفه. ولهذا قال المنذري في «مختصره» – وأجاد -:
«رجال إسناده ثقات، والوقف فيه لا يؤثر، فإن مثله لا يؤخذ بالرأي، فكيف وقد أسنده الراوي مرة؟ ! والله أعلم».

٨ ‏/ ٤٢٨
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٣٧٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (٣/ ٤٢٤ و٤/ ٢١٩): ثنا يحيى بن سعيد … به.
ثنا محمد بن جعفر: ثناشعبة عن منصورعن تميم بن سلمة عن عبيد بن خالد … به موقوفًا.
وكذا رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٧٠).
وأخرجه البيهقي من طريق رَوْح بن عُبَادَةَ: ثنا شعبة عن منصور عن تميم بن سلمة عن عبيد – من غير شك – … ورفعه.
قال شعبة: هكذا حدثنيه. وحدثنيه مرة أخرى؛ فلم يرفعه.
وللحديث شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
سألت رسول الله ﷺ عن موت الفَجْأَةِ؟ فقال: «راحة للمؤمن، وأَخْذَة أَسَفٍ للكافر».
أخرجه أحمد (٦/ ١٣٦)، والبيهقي من طريق عبيد الله بن الوليد عن عبد الله بن عبيد بن عمير عنها.
قلت: ورجال إسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير عبيد الله بن الوليد – وهو الوَصَّافي – ضعيف.
ووَهِمَ الحافظ العراقي، فقال في «تخريج الإحياء» (٤/ ٤٦٣):
«أخرجه أحمد بإسناد صحيح»!
وخالفه تلميذه الهيثمي؛ فقال في «المجمع» (٢/ ٣١٨):
٨ ‏/ ٤٢٩
«رواه أحمد والطبراني في»الأوسط«، وفيه قصة، وفيه عبيد الله بن الوليد الوَصَّافي، وهو متروك»!
قلت: وهذا وهم آخر من التلميذ؛ فإن الوَصَّافي ليس في إسناد الطبراني! قال في «الأوسط» (رقم ٣٢٨٥ – بترقيمي): حدثنا بكر قال: نا سعيد بن منصور قال: نا صالح بن موسى الطَّلْحِيُّ عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة قال:
بلغ عائشةَ أن ابن عمر يقول: إن موت الفَجْأَةِ سُخْطَةٌ على المؤمنين. فقالت: يغفر الله لابن عمر! إنما قال رسول الله ﷺ:
«موت الفجأة تخفيف عن المؤمنين، وسُخْطةٌ على الكافرين»! وقال:
«لم يروه عن عبد الملك إلا صالح»!
قلت: وهو متروك، كما في «التقريب».
وبكر بن سهل ضعيف.
وروى عبد الرزاق (٣/ ٥٩٨/ ٦٧٨١) عن يحيى بن العلاء عن ابن سابط عن حفصة ابنة عبد الرحمن عن عائشة قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«موت الفجأة تخفيف على المؤمن، وأخذة أسف على الكافر».
وابن العلاء متهم بالوضع؛ فلا يستشهد به.
ونحوه في الضعف: ما روى أحمد (٢/ ٣٥٦) عن إبراهيم بن إسحاق عن سعيد عن أبي هريرة:
أن النبي ﷺ مرَّ بجدار – أو حائط – مائل؛ فأسرع المشي، فقيل له؟ فقال: «إني أكره مَوْتَ الفوات».
٨ ‏/ ٤٣٠
وإبراهيم هذا: هو ابن الفضل، وهو متروك؛ كما في «التقريب».

١٥ – باب في فضل من مات في الطاعون
٢٧٢٣ – عن جابر بن عَتِيكٍ:
أن رسول الله ﷺ جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غُلِبَ، فصاح به رسول الله ﷺ؛ فلم يُجِبْهُ، فاسترجع رسول الله ﷺ، وقال: «غُلِبْنا عليك يا أبا الربيع!».
فصاح النِّسْوَةُ وبَكَيْنَ، فجعل ابن عَتيك يُسَكِّتُهُنَّ! فقال رسول الله ﷺ:
«دَعْهُنَّ؛ فإذا وَجَبَ فلا تَبكِيَنَّ باكيةٌ».
قالوا: وما الوجوب يا رسول الله؟ ! قال:
«الموت».
قالت ابنته: والله إنْ كنتُ لأرجو أن تكون شهيدًا؛ فإنك قد كنت قضيت جِهَازَكَ! قال رسول الله ﷺ:
«إن الله عز وجل قد أوقع أجره على قَدْرِ نِيَّتِهِ. وما تعدون الشهادة؟».
قالوا: القَتْلُ في سبيل الله تعالى. قال رسول الله ﷺ:
«الشهادة سَبْعٌ – سوى القتل في سبيل الله -: المطعون شهيدٌ، والغَرِقُ شهيدٌ، وصاحب ذات الجَنْبِ شهيدٌ، والمبطون شهيدٌ، وصاحب الحَريق شهيدٌ، والذي يموت تحت الهَدْمِ شهيدٌ، والمرأة تموت بِجُمْعٍ شهيدةٌ».

٨ ‏/ ٤٣١
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والمنذري والذهبي وغيرهم).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عَتيك بن الحارث بن عَتيك – وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه – أنه أخبره أن جابر بن عَتيك أخبره ..
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عَتيك بن الحارث هذا، فلم يوثقه غير ابن حبان (٥/ ٢٨٦)، ولكنه ذكر أنه روى عنه الناس، يعني: غير عبد الله هذا – الراوي عنه هذا الحديث -.
بيد أنني أشك فيما ذكره؛ لما بينته في «تيسير الانتفاع»! لكن الحديث صحيح على كل حال لما يأتي ذكره.
والحديث أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٢٣٢ – ٢٣٣) … بإسناده ومتنه.
وأخرجه الحاكم والطبراني في «المعجم الكبير» (٢/ ١٩١/ ١٧٧٩) من طريق أخرى عن القعنبي. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه النسائي وابن حبان في «صحيحه»، والبيهقي (٤/ ٦٩)، وأحمد من طرق أخرى عن مالك … به.
وقد خولف في إسناده، فقال أبو العُمَيْسِ: عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن أبيه عن جده:
أنه مرض، فأتاه النبي ﷺ يعوده … الحديث نحوه.
أخرجه ابن ماجه (٢٨٠٣) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن
٨ ‏/ ٤٣٢
أبي العميس.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» (٥/ ٣٣٢).
وذكره الحافظ في «الإصابة»من رواية ابن منده، وقال:
«وفيه اختلاف كثير، ورواية مالك هي المعتمدة. ويرجحها ما روى أبو داود والنسائي من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن ابن جابر بن عتيك عن أبيه مرفوعًا:»إن من الغيرة ما يبغض الله … «الحديث. وإسناده صحيح»!
قلت: كذا قال! وابن جبر هذا؛ إن كان هو الذي في إسناد مالك – كما هو ظاهر كلامه -؛ ففيه ما عرفت من الجهالة. وعليه يدل قول الحافظ في «التقريب»:
«مقبول»، أي: لين الحديث، وهو الذي يدل عليه صنيعه في ترجمة (عبد الله بن جبر) من «التهذيب»، وفي «باب من نسب إلى أبيه أو جده …» بعد الكنى منه.
وإن كان غيره – كما كنت ذكرت عنه في تخريج حديث الغيرة المذكور في «الإرواء» (١٩٩٩)، وقد مضى في «الجهاد» (٢٣٨٨) -؛ فهو مجهول أيضًا لا يعرف فأنى لإسناده الصحة؟ !
ثم إنه لم يظهر لي وجه كون هذا مرجحًا لرواية مالك؛ وفيها الحارث بن عتيك بين ابن جابر وبين صحابي الحديث جابر بن عتيك! !
ثم إن الحديث – مع ما فيه من الجهالة والاضطراب -؛ فإني لا أشك في صحته؛ لأن له شواهد كثيرة متفرقة، كما كنت ذكرت ذلك في «أحكام الجنائز» (ص ٤٠)، وخرجت فيه كثيرًا من الأحاديث التي تشهد مفرداتها لمفردات هذا الحديث. وأتمها حديث الربيع الأنصاري: في «الطبراني الكبير»؛ (٥/ ٦٥/ ٤٦٠٧)؛ وسنده صحيح إن شاء الله.
٨ ‏/ ٤٣٣
ورواه عبد الرزاق (٣/ ٥٦٢/ ٦٦٩٥) عن أبي عُبَيْدَةَ بن الجراح … نحوه.
وفي سنده انقطاع.

١٦ – باب المريض يؤخذ من أظفاره وعانته
٢٧٢٤ – عن أبي هريرة قال:
ابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خُبَيْبًا – وكان خُبَيْبٌ هو قَتَلَ الحارث بن عامر يَوْمَ بدرٍ -، فَلَبِثَ خبيبٌ عندهم أسيرًا، حتى أجمعوا لقتله، فاستعار من ابنة الحارث موسى يَسْتَحِدُّ بها؛ فأعارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لها وهي غافلة، حتى أتته، فوجدته مُخْلِيًا – وهو على فخذه – والموسى بيده! فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَها، فقال: أتخشَيْنَ أن أقتله؟ ! ما كنت لأفعل ذلك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن حبان في «صحيحيهما»، وإسناد البخاري عين إسناد المصنف).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إبراهيم بن سعد: أخبرنا ابن شهاب: أخبرني عمر بن جارية الثقفي – حليف بني زُهرة، وكان من أصحاب أبي هريرة – عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وعمر – ويقال: عمرو -: هو ابن أبي سفيان بن أَسِيد.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٤٦) من طريق المؤلف.
والبخاري (٣٩٨٩) … بإسناده عينه؛ لكن مطولًا.

٨ ‏/ ٤٣٤
وتابعه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (٢٥٩٧): حدثنا إبراهيم بن سعد … به مطولًا.
ومن طريقه: أحمد (٢/ ٢٩٤)، والبيهقي.
ثم أخرجه البخاري (٣٠٤٥ و٤٠٨٦)، وعبد الرزاق (٥/ ٣٥٣/ ٩٧٣٠)، ومن طريقه ابن حبان (٧٠٠٠)، وأحمد (٢/ ٣١٠) من طرق عن الزهري … به.

٢٧٢٥ – وفي رواية مُعَلَّقة عن ابنة الحارث:
أنهم حين اجتمعوا – يعني: لقتله -؛ استعار منها مُوسىً يَسْتَحِدُّ بها؛ فأعارتْهُ.
(قلت: وصله البخاري في «صحيحه»).
قال أبو داود: «روى هذه القصةَ: شعيبُ بن أبي حمزة عن الزهري: أخبرني عبيد الله بن عِيَاضٍ أن ابنة الحارث أخبرته: أنهم …».
قلت: وصله البخاري في القصة المتقدمة (٣٠٤٥ و٧٤٠٢): حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب … به.

١٧ – باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت
٢٧٢٦ – عن جابر بن عبد الله قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول – قبل موته بثلاث، قال -:
«لا يموت أحدكم؛ إلا وهو يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن حبان في

٨ ‏/ ٤٣٥
صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فمن شيوخ البخاري، وقد توبع كما يأتي.
وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع الواسطي، وقد توبع أيضًا.
والحديث أخرجه مسلم (٨/ ١٦٥) من طريق آخر عن عيسى بن يونس.
ثم أخرجه هو، وابن ماجه (٤١٦٧)، وابن حبان (٦٣٥ – ٦٣٧)، والطيالسي (١٧٧٩)، وأحمد (٣/ ٢٩٣ و٣١٥ و٣٣٠)، وابن سعد (٢/ ٢٥٥)، وأبو يعلى (٩/ ٤١٩/ ١٩٠٧)، وعبد بن حميد (ق ١٣٣/ ٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٨٧)، والبيهقي (٣/ ٣٧٨)، والبغوي في «شرح السنة» (٥/ ٢٧٢) من طرق أخرى عن الأعمش … به.
وتابعه أبو الزبير عن جابر … به.
أخرجه مسلم، والبيهقي، وأحمد (٣/ ٣٢٥ و٣٩٠).
وصرح أبو الزبير بالتحديث في رواية لأحمد (٣/ ٣٣٤).
وعبد بن حميد (١/ ١٣٦)؛ وسنده صحيح على شرط مسلم.
وزاد أحمد في رواية:
“فإن قومًا قد أَرْدَاهُم سُوءُ ظَنِّهم بالله عز وجل! ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
٨ ‏/ ٤٣٦
وإسناده ضعيف؛ لأنه من رواية النضر بن إسماعيل القاصِّ – وهو أبو المغيرة -: ثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبير. انظر «الضعيفة» (٥٨٣١).

١٨ – باب ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت
٢٧٢٧ – عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ:
أنه لمَّا حضره الموت دعا بثياب جُدُد، فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«الميِّتُ يُبْعَثُ في ثيابه التي يموت فيها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي. وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم.
والحديث أخرجه ابن حبان (٧٢٧٢)، والحاكم، ومن طريقه البيهقي من طرق أخرى عن ابن أبي مريم … به.
وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي.
وهو في «الصحيحة» (١٦٧١).
(تنبيه): قال الحافظ في «الفتح» (١١/ ٣٨٤):

٨ ‏/ ٤٣٧
«والحديث أورده الغزالي بزيادة لم أجد لها أصلًا، وهي:»فإن أمتي تحشر في أكفانها، وسائر الأمم عراة«…».

١٩ – باب ما يستحب أن يقال عند الميت من الكلام
٢٧٢٨ – عن أم سلمة قالت: قال رسول الله ﷺ:
«إذا حَضَرْتُمُ الميِّتَ؛ فقولوا خيرًا؛ فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون».
فلما مات أبو سلمة قلت: يا رسول الله! ما أقول؟ قال:
«قولي: اللهم! اغفرْ له، وأَعْقِبْنا عُقْبَى صالحة». فأعقبني الله تعالى به محمدًا ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن حبان في «صحيحيهما». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (٢٩٩٤) من طريق أخرى عن محمد بن كثير … به.
وتابعه عبد الرزاق (٣/ ٣٩٣/ ٦٠٦٦)، ومن طريقه أحمد (٦/ ٣٢٢)، والطبراني (٢٣/ ٣١٨/ ٧٢٢) … دون قصة موت أبي سلمة.
وتابعه جمع عن الأعمش … بتمامه.

٨ ‏/ ٤٣٨
أخرجه مسلم (٣/ ٣٨)، والترمذي (٩٧٧) – وقال: «حسن صحيح» -، والنسائي (١٨٢٥)، وفي «عمل اليوم والليلة» (١٠٠٩)، وابن ماجه (١٤٤٧)، والحاكم (٤/ ١٦)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٦)، والبيهقي (٣/ ٣٨٣ – ٣٨٤)، وأحمد (٦/ ٢٩١ و٣٠٦)، وأبو يعلى (٤/ ١٦٥٨)، وعبد بن حميد (ق ١٩٧/ ١)، والطبراني أيضًا (٢٣/ ٣٩٣/ ٩٤٠).

٢٠ – باب في التلقين
٢٧٢٩ – عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: «من كان آخرُ كلامهِ (لا إله إلا الله)؛ دخل الجنة».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وابن حبان من طريق أخرى).
إسناده: حدثنا مالك بن عبد الواحد المِسْمَعِيّ: ثنا الضَّحَّاكُ بن مَخْلَدٍ: ثنا عبد الحميد بن جعفر: حدثني صالح بن أبي عَرِيبٍ عن كَثِيرِ بن مُرَّةَ عن معاذ بن جبل.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير صالح بن أبي عريب؛ ذكره ابن حبان في «الثقات» (٦/ ٤٥٧) من رواية عبد الحميد بن جعفر هذا عنه، فادعى ابن القطان أنه لا يعرف إلا به!
فردَّه الذهبي في «الميزان»، والحافظ في «التهذيب» بأنه روى عنه جمع آخر من الثقات. ولذلك قال الذهبي في «الكاشف»:
«ثقة». وقصَّر الحافظ، فقال فيه:
«مقبول»!

٨ ‏/ ٤٣٩
فجرى على العادة فيمن تفرد ابن حبان بتوثيقه! وليس ذلك بالأمر المُطَّرِد؛ كما حققته في «تمام المنة» (ص ١٩٧ – ٢٠٧).
والحديث صححه الحاكم والذهبي. وهو مخرج – مع شاهد له من حديث أبي هريرة أتم منه – في «إرواء الغليل» (٦٨٧).
وله طريق أخرى عن معاذ … مرفوعًا أتم منه. وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٢٧٨).

٢٧٣٠ – عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: «لقِّنُوا موتاكم قول: (لا إله إلا الله)».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان في «صحيحيهما».
وصححه الترمذي. ومسلم أيضًا، وابن الجارود وابن حبان من حديث أبي هريرة).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بِشْرٌ: ثنا عُمارة بن غَزِيَّةَ: ثنا يحيى بن عُمَارة قال: سمعت أبا سعيد الخدري …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ ويحيى بن عُمَارة: هو الأنصاري المدني.
وبشر: هو ابن المُفَضَّلِ.
ومسدد قد توبع عليه كما يأتي، فهو على شرط مسلم.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٣): ثنا بِشْرُ بن المُفَضَّل … به.
ومسلم (٣/ ٣٧)، والترمذي (٩٧٦)، والنسائي (١٨٢٦)، وابن حبان

٨ ‏/ ٤٤٠
(٢٩٩٢)، وابن ماجه (١٤٤٥)، والبيهقي (٣/ ٣٨٣)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٨).
وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب صحيح».
وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعًا … به.
رواه مسلم وابن الجارود وغيرهما. وهو مخرج في «إرواء الغليل» (رقم ٦٨٦).
وله طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعًا … به أتم منه.
أخرجه ابن حبان (٢٩٩٣) بإسناد رجاله ثقات؛ غير محمد بن إسماعيل الفارسي، وقد ذكره في «ثقاته» (٩/ ٧٨)، وقال:
«يُغْرِبُ».
وللحديث شاهد آخر عن عائشة.
أخرجه النسائي بسند صحيح.

٢١ – باب تغميض الميت
٢٧٣١ – عن أم سلمة قالت:
دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة؛ وقد شَقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، فَصَيَّحَ ناس من أهله! فقال:
«لا تدْعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فالملائكة يؤمِّنون على ما تقولون».
ثم قال:
“اللهم! اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المَهْدِيِّينَ، واخْلُفْهُ في

٨ ‏/ ٤٤١
عَقبِهِ في الغابرين، واغفر لنا وله ربَّ العالمين! اللهم! افْسَحْ له في قبره، ونَوِّرْ له فيه».
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان بزيادة في أوله، وبلفظ: فضجَّ … وهو المحفوظ).
إسناده: حدثنا عبد الملك بن حَبِيبٍ أبو مروان: ثنا أبو إسحاق – يعني: الفَزَارِيِّ – عن خالد الحَذَّاء عن أبي قِلابة عن قَبِيصَةَ بن ذُؤَيْبٍ عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي مروان هذا؛ فلم يوثقه أحد، لكن روى عنه جمع من الثقات والحفاظ – غير المؤلف -، وقد توبع كما يأتي.
وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث الإمام.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٢٩٧): ثنا معاوية بن عَمرو قال: ثنا أبو إسحاق – يعني: الفزاري – … به؛ وزاد – بعد قوله: فأغمضه -:
«إن الروح إذا قبِضَ؛ تَبِعَة البصر»؛ فضجَّ …
هكذا قال: فضج … وهو المحفوظ.
وكذلك أخرجه مسلم (٣/ ٣٨)، وابن ماجه (١٤٥٤)، وأبو يعلى (٤/ ١٦٧٤)، وعنه ابن حبان (٧٠٠١)، والبيهقي (٣/ ٣٨٤)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٣/ ٣١٤ – ٣١٥) من طرق عن معاوية بن عمرو … به.
وتابعه عبيد الله بن الحسن: حدثنا خالد الحذاء … به نحوه.
أخرجه مسلم والطبراني، وعند هذا متابع آخر.
٨ ‏/ ٤٤٢
ورواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٤٠) عن سفيان الثوري عن خالد … به مختصرًا جدًّا؛ لم يذكر فيه: أم سلمة، وغير التغميض»!
ورواه عبد الرزاق (٣/ ٣٨٨/ ٦٠٥٠) عن معمر عن الزهري عن قَبِيصة …. مرسلًا ببعض اختصار.
ولزيادة (متابعة البصر الروح) شاهد من حديث أبي هريرة: عند عبد الرزاق (٣/ ٣٩٤/ ٦٠٦٩).
ومن طريقه: مسلم (٣/ ٣٩)، والبيهقي (٣/ ٣٨٥).

٢٢ – باب في الاسترجاع
٢٧٣٢ – وعنها قالت: قال رسول الله ﷺ:
«إذا أصابتْ أحدَكم مصيبةٌ؛ فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم! عندك أحتسب مصيبتي فآجرني فيها، وأَبْدِل لي خيرًا منها».
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي. وأخرجه مسلم من طريق آخر عنها).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، غير ابن عمر بن أبي سلمة – واسمه محمد، كما في «التاريخ» (١/ ١٧٦/‏١)، و«الجرح» -، وقال عن أبيه:
«لا أعرفه».
وذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ٣٦٣) من رواية ابنه أبي بكر عنه.

٨ ‏/ ٤٤٣
وأبو بكر هذا لم يذكر له البخاري – ثم ابن أبي حاتم – راويًا عنه غير محمد بن إسحاق.
وقد وهم فيه – أعني: محمدًا هذا – الحافظُ ابن حجر من وجوه:
الأول: أنه لم يترجمه في أسماء «التهذيب»، وإنما أورده في «باب من نسب إلى أبيه …»منه! وأورده في «التقريب» في الموضعين المشار إليهما، وقال فيه: «مقبول».
الثاني: أنه ترجمه في «اللسان»، وليس من شرطه؛ فإنه من رجال المصنِّف والنسائي كما سيأتي!
الثالث: أنه قال فيه:
«روى عنه محمد بن إسحاق. ذكره البخاري. وقال أبو حاتم: يكنى أبا بكر، ولا أعرفه»!
قلت: وهذا خلط عجيب نادر مثله من الحافظ الفريد«وذلك أن البخاري إنما ذكر محمد بن إسحاق راويًا عن أبي بكر بن محمد بن عمر هذا – في كل من ترجمتيهما -!
وأيضًا؛ فإن ابن أبي حاتم قال عن أبيه في ترجمة محمد:
»روى عنه ابنه أبو بكر«.
فتحرف ذلك على الحافظ – أو كاتب نسخته – إلى:»يكنى أبا بكر«!
والخلاصة: أن علة هذا الإسناد: جهاله محمد عمر هذا.
وله علة أخرى، وهي الاضطراب في إسناده كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه النسائي في»اليوم والليلة ” (١٠٧١ و١٠٧٢)، وأحمد
٨ ‏/ ٤٤٤
(٦/ ٣١٣ – ٣١٤ و٣١٧ – ٣١٨)، وابن سعد (٨/ ٨٩)، والطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٢٥٠/ ٥٠٧) من طرق عن حماد بن سلمة … به.
قلت: وقد اختلف فيه على حماد على وجهين آخرين:
أحدهما: قال أحمد (٤/ ٢٧): ثنا روح: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت: حدثني ابن عمر عن أبيه عن أم سلمة: أن أبا سلمة حدثهم: أن رسول الله ﷺ قال … فذكره.
فجعله من (مسند أبي سلمةَ رضي الله عنه.
وكذلك أخرجه النسائي (١٠٧٢) من طريق محمد بن كثير: حدثنا حماد بن سلمة … به.
وكذا رواه الطبراني (٢٣/ ٢٤٦ – ٢٤٧)، وكذا الحاكم (٣/ ٦٢٩)، لكنه عنده من رواية السَّرِيِّ بن خزيمة: ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد … به.
وهذا شاذ عندي؛ لمخالفته لرواية المؤلف عن موسى بن إسماعيل … به؛ دون ذكر أبي سلمة. وقال الحاكم:
«حديث مخرج في»الصحيحين«، وإنما خرجته لأني لم أجد لأبي سلمة عن رسول الله ﷺ حديثًا مسندًا غير هذا»! ووافقه الذهبي!
وهذا من أوهامهما؛ فليس الحديث في «الصحيحين»، ولا لأبي سلمة فيهما شيء؛ كما يؤخذ من ترجمته في «التحفة» (٢٨١//٥)!
ورواه الترمذي (٣٥٩٠٦) من طريق ثالث عن حماد .. به، وقال:
«حديث حسن غريب».
٨ ‏/ ٤٤٥
والوجه الآخر: عند النسائي (١٠٧٠) من طريق آدم: حدثنا حماد بن سلمة قال: ثنا ثابت قال: حدثني عمر بن أبي سلمة عن أمه أم سلمة عن أبي سلمة … به.
فأسقط – من بين ثابت وعمر -: ابنه.
وتابعه عبد الملك بن قُدَامة الجُمَحِيُّ عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة … به: أخرجه ابن ماجه (١٥٩٨)، وابن سعد (٨/ ٨٧).
وعبد الملك ضعيف.
وأبوه مقبول.
ويقويه: أن له طريقًا أخرى عن أم سلمة: أخرجه أحمد (٤/ ٢٧) من طريق عمرو – يعني: ابن أبي عمرو – عن المطلب عن أم سلمة قالت:
أتاني أبو سلمة يومًا من عند رسول الله ﷺ، فقال: لقد سمعت من رسول الله ﷺ قولًا، فسُرِرْتُ به! قال … فذكره بأتم منه.
ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المطلب – وهو ابن عبد الله بن المطلب المخزومي -، وهو ثقة؛ إلا أنه كان كثير التدليس، وقد عنعنه.
ومن طريقه: أخرجه الفسوي في «تاريخه» (١/ ٢٤٦).
لكن أخرجه مسلم (٣/ ٣٧)، والبيهقي (٤/ ٦٥)، وأحمد (٦/ ٣٠٩)، والطبراني (٢٣/ ٣٠٦ و٤٠٠) من طريق ابن سفينة عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول … فذكره أتم منه.
وله – عند الطبراني (٢٣/ ٢٦٢) – طريق أخرى. وانظر «الإرواء» (١٨١٩).
قلت: والذي يظهر لي من مجموع روايات هذا الحديث: أن أم سلمة رضي الله
٨ ‏/ ٤٤٦
عنها سمعت الحديث أولًا من زوجها أبي سلمة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ، ثم سمعته من رسول الله ﷺ مباشرة، فكانت ترويه تارة هكذا، وتارة هكذا. والله أعلم.

٢٣ – باب في الميت يُسَجَّى
٢٧٣٣ – عن عائشة:
أن النبيّ ﷺ سُجِّيَ في ثوب حِبَرَةٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «السند» (٦/ ١٥٣) … بإسناده ومتنه.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٣/ ٤٢٢/ ٦١٧٤)؛ لكن وقع فيه: عن الثوري عن أبي سلمة …
وأظنه خطأ من الناسخ أو الطابِع! وانطلى أمره على محققه الأعظمي، فلم يتنبه لذلك، مع أنه ذكر أن مسلمًا رواه من طريق «المصنف» عن معمر، وهو عنده كما رواه المؤلف كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ٥٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٦٥٩١ – الإحسان)، والبيهقي (٣/ ٣٨٥) من طرق عن عبد الرزاق … به.

٨ ‏/ ٤٤٧
وأخرجه البخاري (٥٨١٤)، وعنه البغوي في «شرح السنة» (١٤٦٩)، ومسلم أيضًا، وكذا البيهقي من طرق أخرى عن الزهري … به.

٢٤ – باب القراءة عند الميت
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]

٢٥ – باب في الجلوس عند المصيبة
٢٧٣٤ – عن عائشة قالت:
لمَّا قُتِلَ زيد بن حارثة وجعفرٌ وعبد الله بن رَوَاحة؛ جَلَسَ رسول الله ﷺ في المسجد يُعْرفُ في وجهه الحزن … وذكر القصة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سليمان بن كثير عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
ومحمد بن كثير: هو العَبْدِيُّ البَصْرِيُّ.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٥٩) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه هو، والبخاري (١٢٩٩ و١٣٠٥ و٤٢٦٣)، ومسلم (٣/ ٤٥ – ٤٦)، والنسائي (١٨٤٧)، وابن حبان (٣١٣٧) وأحمد (٦/ ٥٨ – ٥٩)، وابن سعد (٤/ ٤٠) من طرق عن يحيى بن سعيد ..، به.

٨ ‏/ ٤٤٨
ورواه الحاكم أيضًا (٣/ ٢١٥).
وأخرجه ابن سعد أيضًا، وأحمد (٦/ ٢٧٦ – ٢٧٧)، والحاكم (٣/ ٢٠٩) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة … به نحوه. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وإنما هو حسن فقط.

٢٦ – باب الصبر عند الصدمة
* * *
هذا آخر ما حققه الشيخ رحمه الله تعالى من هذا الكتاب الكبير، الذي صحبه وكبر معه على مدى نصف قرن من الزمان
نسأل الله العلي القدير أن يجزيه من الجزاء أحسنه ..، ومن الفضل أعظمه ..، ومن الرحمة أوسعها .. إنه سميع مجيب، وعلى ما يشاء قدير

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – كتاب الطهارة -5

١١٣ – باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر ٣١٩ – عن سُمَيٍّ …