(اُفْتُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ زِيدَتْ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: اُفْتُرِضَتْ الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَوَّلَ مَا اُفْتُرِضَتْ عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، كُلَّ صَلَاةٍ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَتَمَّهَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَأَقَرَّهَا فِي السَّفَرِ عَلَى فَرْضِهَا الْأَوَّلِ رَكْعَتَيْنِ [٣] .
جحجاح. وَكَانَ الْوَجْه أَن يُقَال الجحاجيح (بِالْيَاءِ) فحذفها لإِقَامَة وزن الشّعْر. والحدثان: حوادث الدَّهْر.
[٢] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ابْتِدَاء مَا افْترض الله سبحانه وتعالى على النَّبِي ﷺ من الصَّلَاة وأوقاتها» .
[٣] قَالَ السهيليّ: «وَذكر الْمُزنِيّ أَن الصَّلَاة قبل الْإِسْرَاء كَانَت صَلَاة قبل غرُوب الشَّمْس، وَصَلَاة قبل طُلُوعهَا، وَيشْهد لهَذَا القَوْل قَوْله سُبْحَانَهُ: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ ٤٠: ٥٥. وَقَالَ يحيى ابْن سَلام مثله، وَقَالَ: كَانَ الْإِسْرَاء وَفرض الصَّلَوَات الْخمس قبل الْهِجْرَة بعام، فعلى هَذَا يحْتَمل قَول عَائِشَة: «فزيد فِي صَلَاة الْحَضَر» . أَي زيد فِيهَا حِين أكملت خمْسا، فَتكون الزِّيَادَة فِي الرَّكْعَات وَفِي عدد الصَّلَوَات، وَيكون قَوْلهَا: «فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ»: أَي قبل الْإِسْرَاء، وَقد قَالَ بِهَذَا طَائِفَة من السّلف، مِنْهُم ابْن عَبَّاس. وَيجوز أَن يكون معنى قَوْلهَا: «فرضت الصَّلَاة»: أَي لَيْلَة الْإِسْرَاء، حِين فرضت الْخمس فرضت رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ زيد فِي صَلَاة الْحَضَر بعد ذَلِك، وَهَذَا هُوَ الْمَرْوِيّ عَن بعض رُوَاة هَذَا الحَدِيث
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الصَّلَاةَ حِينَ اُفْتُرِضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ عَيْنٌ، فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ عليه السلام، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ إلَيْهِ، لِيُرِيَهُ كَيْفَ الطُّهُورُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا رَأَى جِبْرِيلَ تَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ بِهِ جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِهِ، وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِصَلَاتِهِ، ثُمَّ انْصَرف جِبْرِيل عليه السلام.
(تَعْلِيمُ الرَّسُولِ ﷺ خَدِيجَةَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ):
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَدِيجَةَ، فَتَوَضَّأَ لَهَا لِيُرِيَهَا كَيْفَ الطُّهُورُ لِلصَّلَاةِ كَمَا أَرَاهُ جِبْرِيلُ فَتَوَضَّأَتْ كَمَا تَوَضَّأَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام، ثُمَّ صَلَّى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام كَمَا صَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ فَصَلَّتْ بِصَلَاتِهِ [١] .
[١] قَالَ السهيليّ: «هَذَا الحَدِيث مَقْطُوع فِي السِّيرَة، وَمثله لَا يكون أصلا فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَلكنه قد روى مُسْندًا إِلَى زيد بن حَارِثَة يرفعهُ. غير أَن هَذَا الحَدِيث الْمسند يَدُور على عبد الله بن لَهِيعَة، وَقد ضعف وَلم يخرج عَنهُ مُسلم، وَلَا البُخَارِيّ، لِأَنَّهُ يُقَال إِن كتبه احترقت، فَكَانَ يحدث من حفظه. وَكَانَ مَالك ابْن أنس يحسن فِيهِ القَوْل. وَيُقَال: إِنَّه الّذي روى عَنهُ حَدِيث بيع العربان فِي الْمُوَطَّأ: مَالك عَن الثِّقَة عِنْده، عَن عَمْرو بن شُعَيْب. فَيُقَال: إِن الثِّقَة هَاهُنَا ابْن لَهِيعَة. وَيُقَال: إِن ابْن وهب حدث بِهِ عَن ابْن لَهِيعَة، وَحَدِيث ابْن لَهِيعَة هَذَا أخبرنَا بِهِ أَبُو بكر الْحَافِظ مُحَمَّد بن العربيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو المطهر سعد بن عبد الله ابْن أَبى الرَّجَاء، عَن أَبى نعيم الْحَافِظ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر أَحْمد بن يُوسُف الْعَطَّار، قَالَ: حَدثنَا ابْن
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَكَانَ نَافِعُ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اُفْتُرِضَتْ الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ حِينَ مَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ مِنْ غَدٍ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلِيَّهُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتْ الشَّمْسُ لِوَقْتِهَا بِالْأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الصُّبْحَ مُسْفِرًا غَيْرَ مُشْرِقٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، الصَّلَاةُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاتِكَ الْيَوْمَ وَصَلَاتِكَ بِالْأَمْسِ [١]