سُورَةُ يُوسُفَ 2

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَاسْتَبَقَ يُوسُفُ وَامْرَأَةُ الْعَزِيزِ بَابَ الْبَيْتِ. أَمَا يُوسُفُ فَفِرَارًا مِنْ رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ لَمَّا رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ فَزَجَرَهُ عَنْهَا. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَطَلَبَهَا يُوسُفَ لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا مِنْهُ الَّتِي رَاوَدَتْهُ عَلَيْهَا، فَأَدْرَكْتُهُ فَتَعَلَّقَتْ بِقَمِيصِهِ، فَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا مَانِعَةً لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَابِ، فَقَدَّتْهُ مِنْ دُبُرٍ، يَعْنِي: شَقَّتْهُ مِنْ خَلْفٍ لَا مِنْ قُدَّامٍ، لِأَنَّ يُوسُفَ كَانَ هُوَ الْهَارِبُ وَكَانَتْ هِيَ الطَّالِبَةُ
١٣ ‏/ ١٠١
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾ [يوسف: ٢٥] قَالَ: اسْتَبَقَ هُوَ وَالْمَرْأَةُ الْبَابَ، ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ ⦗١٠٢⦘ دُبُرٍ﴾ [يوسف: ٢٥]»
١٣ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «لَمَّا رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، انْكَشَفَ عَنْهَا هَارِبًا، وَاتَّبَعَتْهُ، فَأَخَذَتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ فَشَقَّتْهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: ٢٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَصَادَفَا سَيِّدَهَا وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ لَدَى الْبَابِ، يَعْنِي: عِنْدَ الْبَابِ»
١٣ ‏/ ١٠٢
كَالَّذِي حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا﴾ [يوسف: ٢٥] قَالَ: سَيِّدُهَا: زَوْجُهَا، ﴿لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: ٢٥] قَالَ: عِنْدَ الْبَابِ»
١٣ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «السَّيِّدُ: الزَّوْجُ»
١٣ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: ٢٥] أَيْ عِنْدَ الْبَابِ»
١٣ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: ٢٥] قَالَ: جَالِسًا عِنْدَ الْبَابِ، وَابْنُ عَمِّهَا مَعَهُ. فَلَمَّا رَأَتْهُ ⦗١٠٣⦘ ﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ [يوسف: ٢٥] إِنَّهُ رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي، فَدَفَعْتُهُ عَنْ نَفْسِي، فَشَقَقْتُ قَمِيصَهُ قَالَ يُوسُفُ: بَلْ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي، وَفَرَرْتُ مِنْهَا فَأَدْرَكَتْنِي، فَشَقَّتْ قَمِيصِي فَقَالَ ابْنُ عَمِّهَا: تِبْيَانُ هَذَا فِي الْقَمِيصِ، فَإِنْ كَانَ الْقَمِيصُ، قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقْتِ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبْتِ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأُتِيَ بِالْقَمِيصِ، فَوَجَدَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ﴿قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: ٢٩]»
١٣ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: ٢٥] إِطْفِيرَ قَائِمًا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ. ﴿فَقَالَتْ﴾ [القصص: ١٢] وَهَابَتْهُ: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٥] وَلَطَّخَتْهُ مَكَانَهَا بِالسَّيِّئَةِ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَتَّهِمَهَا صَاحِبُهَا عَلَى الْقَبِيحِ فَقَالَ هُوَ، وَصَدَقَهُ الْحَدِيثَ: ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ [يوسف: ٢٦]»
١٣ ‏/ ١٠٣
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ [يوسف: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ لِزَوْجِهَا لَمَّا أَلْفَيَاهُ عِنْدَ الْبَابِ، فَخَافَتْ أَنْ يَتَّهِمَهَا بِالْفُجُورِ: مَا ثَوَابُ رَجُلٍ أَرَادَ بِامْرَأَتِكَ الزِّنَا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ فِي السِّجْنِ أَوْ إِلَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ؟ يَقُولَ: مُوجِعٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٥] لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ﴾ [يوسف: ٢٥] بِمَعْنَى إِلَّا السِّجْنُ، فَعَطَفَ الْعَذَابَ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ «أَنْ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْمِ
١٣ ‏/ ١٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ يُوسُفُ لَمَّا قَذَفَتْهُ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ بِمَا قَذَفَتْهُ مِنْ إِرَادَتِهِ الْفَاحِشَةَ مِنْهَا مُكَذِّبًا لَهَا فِيمَا قَذَفَتْهُ بِهِ، وَدَفْعًا لِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ: مَا أَنَا رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، بَلْ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ يُوسُفَ لَمْ يُرِدْ ذِكْرَ ذَلِكَ لَوْ لَمْ تَقْذِفْهُ عِنْدَ سَيِّدِهَا بِمَا قَذَفَتْهُ بِهِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَوْفٍ الشَّامِيِّ، قَالَ: «مَا كَانَ يُوسُفُ يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَهُ حَتَّى ﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ [يوسف: ٢٥] . الْآيَةَ، قَالَ: فَغَضِبَ فَقَالَ: هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي»
١٣ ‏/ ١٠٤
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الشَّاهِدِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ فِي الْمَهْدِ وَهُمْ صِغَارٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام»
١٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «عِيسَى، وَصَاحِبُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ. يَعْنِي تَكَلَّمُوا فِي الْمَهْدِ»
١٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: صَبِيُّ»
١٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا»
١٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَيْوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: صَبِيُّ» حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، بِمِثْلِهِ
١٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعُ؛ وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ صَبِيًّا فِي مَهْدِهِ»
١٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ. صَبِيُّ فِي الْمَهْدِ»
١٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي رَوَّقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: صَبِيُّ أَنْطَقَهُ اللَّهُ. وَيُقَالُ: ذُو رَأْي بِرَأْيِهِ»
١٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ» فَذَكَرَ فِيهِمْ شَاهِدَ يُوسُفَ “
١٣ ‏/ ١٠٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا فِي الدَّارِ»
١٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنَا عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ» وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ رَجُلًا ذَا لِحْيَةٍ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ ذَا لِحْيَةٍ»
١٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ مِنْ خَاصَّةِ الْمَلِكِ»
١٣ ‏/ ١٠٧
وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، سَمِعَ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: مَا كَانَ بِصَبِيٍّ، وَلَكِنْ كَانَ رَجُلًا حَكِيمًا»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَذَكَرَهُ عِنْدَهُ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] فَقَالُوا: كَانَ صَبِيًّا، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِصَبِيٍّ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ حَكِيمٌ»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ رَجُلًا»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: رَجُلٌ»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: رَجُلٌ»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: رَجُلٌ»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ ⦗١٠٩⦘ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: ذُو لِحْيَةٍ»
١٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «ابْنُ عَمِّهَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِهَا»
١٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: ذُو لِحْيَةٍ»
١٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ ذَا لِحْيَةٍ»
١٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا قَيْسٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ مِنْ خَاصَّةِ الْمَلِكِ»
١٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: رَجُلٌ حَكِيمٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا»
١٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: رَجُلٌ حَكِيمٌ مِنْ أَهْلِهَا»
١٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ رَجُلًا»
١٣ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: رَجُلٌ لَهُ رَأْي أَشَارَ بِرَأْيِهِ»
١٣ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: يُقَالُ: إِنَّمَا كَانَ الشَّاهِدُ مُشِيرًا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ إِطْفِيرِ، وَكَانَ يَسْتَعِينُ بِرَأْيِهِ. إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ لَقَدْ صَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ» وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ﴾ [يوسف: ٢٦]: حَكَمَ حَاكِمٌ حُدِّثْتُ بِذَلِكَ، عَنِ الْفَرَّاءِ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عُنِيَ بِالشَّاهِدِ الْقَمِيصُ الْمَقْدُودُ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: قَمِيصُهُ ⦗١١١⦘ مَشْقُوقٌ مِنْ دُبُرٍ، فَتِلْكَ الشَّهَادَةُ»
١٣ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَمِيصُهُ مَشْقُوقٌ مِنْ دُبُرٍ، فَتِلْكَ الشَّهَادَةُ»
١٣ ‏/ ١١١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] لَمْ يَكُنْ مِنَ الْإِنْسِ»
١٣ ‏/ ١١١
قَالَ: ثَنَا حَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] قَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسِيًّا» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ ذَكَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ، فَذَكَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ صَاحِبُ يُوسُفَ. فَأَمَّا مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ مِنْ أَنَّهُ الْقَمِيصُ الْمَقْدُودُ، فَمَا لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنِ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦] وَلَا يُقَالُ لِلْقَمِيصِ هُوَ مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةِ
١٣ ‏/ ١١١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [يوسف: ٢٦] لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِذَا كَانَ هَارِبًا فَإِنَّمَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ دُبُرِهِ، فَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الشِّقَّ لَوْ كَانَ ⦗١١٢⦘ مِنْ قُبُلٍ لَمْ يَكُنْ هَارِبًا مَطْلُوبًا، وَلَكِنْ كَانَ يَكُونُ طَالِبًا مَدْفُوعًا، وَكَانَ يَكُونُ ذَلِكَ شَهَادَةٌ عَلَى كَذِبِهِ
١٣ ‏/ ١١١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «قَالَ: أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ لَقَدْ صَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يُرِيدُ الْمَرْأَةَ مُقْبِلًا. ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف: ٢٧] وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَأْتِي الْمَرْأَةَ مِنْ دُبُرٍ. وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحَقِّ إِلَّا ذَاكَ. فَلَمَّا رَأَى إِطْفِيرُ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ عَرَفَ أَنَّهُ مِنْ كَيْدِهَا، فَقَالَ: ﴿إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٨]»
١٣ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «قَالَ: يَعْنِي الشَّاهِدَ مِنْ أَهْلِهَا: الْقَمِيصَ يَقْضِي بَيْنَهُمَا»
١٣ ‏/ ١١٢
﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٧] وَإِنَّمَا حُذِفَتْ «أَنْ» الَّتِي تُتَلَقَّى بِهَا الشَّهَادَةُ، لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالشَّهَادَةِ إِلَى مَعْنَى الْقَوْلِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِهَا: إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ، كَمَا قِيلَ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالْوَصِيَّةِ إِلَى الْقَوْلِ
١٣ ‏/ ١١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾ [يوسف: ٢٨] خَبَرٌ عَنْ زَوْجِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ الْقَائِلُ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ كَيْدِكُنَّ: أَيْ صَنِيعُكُنَّ، يَعْنِي مِنْ صَنِيعِ النِّسَاءِ، إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ. وَقِيلَ: إِنَّهُ خَبَرٌ عَنِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ الْقَائِلُ ذَلِكَ
١٣ ‏/ ١١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: ٢٩] وَهَذَا فِيمَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ قِيلِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَرْأَةِ ولِيُوسُفَ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿يُوسُفُ﴾ [يوسف: ٤] يَا يُوسُفُ ﴿أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ [هود: ٧٦] يَقُولُ: أَعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ مَا كَانَ مِنْهَا إِلَيْكَ، فِيمَا رَاوَدَتْكَ عَلَيْهِ فَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ
١٣ ‏/ ١١٣
كَمَا: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ [يوسف: ٢٩] قَالَ: لَا تَذْكُرْهُ ﴿وَاسْتَغْفِرِي﴾ [يوسف: ٢٩] أَنْتِ زَوْجَكِ، يَقُولُ: سَلِيهِ أَنْ لَا يُعَاقِبَكِ عَلَى ذَنْبِكِ الَّذِي أَذْنَبْتِ، وَأَنْ يَصْفَحَ عَنْهُ فَيَسْتُرُهُ عَلَيْكِ»
١٣ ‏/ ١١٣
﴿إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: ٢٩] يَقُولُ: إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْمُذْنِبِينَ فِي مُرَاوَدَةِ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ، يُقَالُ مِنْهُ: خَطِئَ فِي الْخَطِيئَةِ يَخْطَأُ خَطَأً وَخِطْئًا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّهُ ﴿كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ وَالْخَطَأُ فِي الْأَمْرِ، وَحُكِيَ فِي الصَّوَابِ أَيْضًا الصَّوْبُ، وَالصَّوْبُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر] ⦗١١٤⦘ لَعَمْرُكِ إِنَّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي … عَلَيَّ وَإِنَّ مَا أَهْلَكْتُ مَالُ
وَيُنْشَدُ بَيْتُ أُمَيَّةَ:
[البحر الوافر] عِبَادُكَ يَخْطِئُونَ وَأَنْتَ رَبٌّ … بِكَفَّيْكَ الْمَنَايَا وَالْحُتُومُ
مِنْ خَطِئَ الرَّجُلُ. وَقِيلَ: ﴿إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: ٢٩] لَمْ يَقُلْ: مِنَ الْخَاطِئَاتِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ قَصْدَ الْخَبَرِ عَنِ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْخَبَرَ عَمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيُخْطِئُ
١٣ ‏/ ١١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [يوسف: ٣٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَحَدَّثَ النِّسَاءُ بِأَمْرِ يُوسُفَ وَأَمْرِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ فِي مَدِينَةِ مِصْرَ، وَشَاعَ مِنْ أَمْرِهِمَا فِيهَا مَا كَانَ، فَلَمْ يَنْكَتِمْ، وَقُلْنَ: امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا: عَبْدَهَا، عَنْ نَفْسِهِ
١٣ ‏/ ١١٤
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: “وَشَاعَ الْحَدِيثُ فِي الْقَرْيَةِ، وَتَحَدَّثَ النِّسَاءُ بِأَمْرِهِ وَأَمْرِهَا، وَقُلْنَ: ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا ⦗١١٥⦘ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٣٠] أَيْ عَبْدَهَا وَأَمَّا الْعَزِيزُ فَإِنَّهُ الْمَلِكُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دُؤَادٍ:
[البحر الرمل] دُرَّةٌ غَاصَ عَلَيْهَا تَاجِرٌ … جُلِيَتْ عِنْدَ عَزِيزٍ يَوْمَ طَل
يَعْنِي بِالْعَزِيزِ: الْمَلِكَ، وَهُوَ مِنَ الْعِزَّةِ
١٣ ‏/ ١١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] يَقُولُ قَدْ وَصَلَ حُبُّ يُوسُفَ إِلَى شَغَافِ قَلْبِهَا، فَدَخَلَ تَحْتَهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَى قَلْبِهَا. وَشَغَافُ الْقَلْبِ: حِجَابُهُ وَغِلَافُهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِيَّاهُ عَنَى النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ بِقَوْلِهِ:
[البحر الطويل] وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُونَ ذَلِكَ دَاخِلٌ … دُخُولَ شُغَافٍ تَبْتَغِيهِ الْأَصَابِعُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: دَخَلَ حُبُّهُ تَحْتَ الشَّغَافِ»
١٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: دَخَلَ حُبُّهُ فِي شَغَافِهَا»
١٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: دَخَلَ حُبُّهُ فِي شَغَافِهَا»
١٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: كَانَ حُبُّهُ فِي شَغَافِهَا» قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَبَابَةَ
١٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ، ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] يَقُولُ: عَلَقَهَا حُبًّا»
١٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: غَلَبَهَا»
١٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ،؛ وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيْوبَ بْنِ عَائِذٍ الطَّائِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: الْمَشْغُوفُ: ⦗١١٧⦘ الْمُحِبُّ، وَالْمَشْعُوفُ: الْمَجْنُونُ»
١٣ ‏/ ١١٦
وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، وَالْحَسَنِ، «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَنَهَا حُبًّا، وَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ صَدَقَهَا حُبًّا»
١٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: “﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: قَدْ بَطَنَهَا حُبًّا قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ أَبُو بِشْرٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: قَدْ بَطَنَهَا حُبًّا
١٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: بَطَنَهَا حُبًّا. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ ذَلِكَ»
١٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: قَدْ بَطَنَ بِهَا حُبًّا»
١٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ: «﴿قَدْ ⦗١١٨⦘ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: بَطَنَهَا حُبَّهُ»
١٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ. عَنِ الْحَسَنِ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: بَطَنَ بِهَا»
١٣ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: اسْتَبْطَنَا حُبَّهَا إِيَّاهُ»
١٣ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] أَيْ قَدْ عَلَقَهَا»
١٣ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: قَدْ عَلَقَهَا حُبًّا»
١٣ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «هُوَ الْحَبُّ اللَّازِقُ بِالْقَلْبِ»
١٣ ‏/ ١١٨
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] يَقُولُ: هَلَكَتْ عَلَيْهِ حُبًّا، وَالشَّغَافُ: شَغَافُ الْقَلْبِ»
١٣ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: وَالشَّغَافُ: جِلْدَةٌ عَلَى الْقَلْبِ يُقَالُ لَهَا: لِسَانُ الْقَلْبِ، يَقُولُ: دَخَلَ الْحَبُّ الْجِلْدَ حَتَّى أَصَابَ الْقَلْبَ» وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ بِالْغَيْنِ: ﴿قَدْ شَغَفَهَا﴾ [يوسف: ٣٠] عَلَى مَعْنَى مَا وَصَفْتُ مِنَ التَّأْوِيلِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو رَجَاءٍ: «قَدْ شَعَفَهَا» بِالْعَيْنِ
١٣ ‏/ ١١٩
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ «قَدْ شَعَفَهَا»
١٣ ‏/ ١١٩
قَالَ: ثَنَا خَلَفٌ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ أَوْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، «قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا» بِالْعَيْنِ “
١٣ ‏/ ١١٩
قَالَ: ثَنَا خَلَفٌ، قَالَ: ثَنَا مَحْبُوبٌ، قَالَ: “قَرَأَهُ عَوْفٌ: «قَدْ شَعَفَهَا»
١٣ ‏/ ١١٩
قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أُسَيْدٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، «قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا» وَقَالَ: شَعَفَهَا إِذَا كَانَ هُو يُحِبُّهَا ” ⦗١٢٠⦘ وَوَجَّهَ هَؤُلَاءِ مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ الْحَبَّ قَدْ عَمَّهَا وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَدْ شَعَفَ بِهَا، كَأَنَّهُ ذَهَبَ بِهَا كُلَّ مَذْهَبٍ مِنْ شَعَفِ الْجِبَالِ، وَهِيَ رُءُوسُهَا
١٣ ‏/ ١١٩
وَرُوِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «الشَّغَفُ: شَغَفُ الْحُبِّ. وَالشَّعَفُ: شَعَفُ الدَّابَّةِ حِينَ تَذْعُرُ» حَدَّثَنِي بِذَلِكُ الْحَارِثُ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ قَالَ: يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْهُ قَالَ الْحَارِثُ: قَالَ الْقَاسِمُ، يَذْهَبُ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَنَّ أَصْلَ الشَّغَفِ: هُوَ الذُّعْرُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْأَصْلِ، إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ رُبَّمَا اسْتَعَارَتِ الْكَلِمَةَ فَوَضَعَتْهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
[البحر الطويل]

أَتَقْتُلُنِي وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤَادَهَا … كَمَا شَعَفَ الْمَهْنُوءَةَ الرَّجُلُ الطَّالِي
⦗١٢١⦘ قَالَ: وَشَعَفُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحُبِّ، وَشَعَفُ الْمَهْنُوءَةِ مِنَ الذُّعْرِ، فَشَبَّهَ لَوْعَةَ الْحُبِّ وَجَوَاهُ بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قَالَ: أَنَّ الشَّغَفَ، وَالشَّعَفَ مُخْتَلِفَانِ، وَالشَّعَفُ فِي الْبُغْضِ، وَالشَّغَفُ فِي الْحُبِّ» وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ الشَّعَفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى عُمُومِ الْحُبِّ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَجْهَلَهُ ذُو عِلْمٍ بِكَلَامِهِمْ وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ: ﴿قَدْ شَغَفَهَا﴾ [يوسف: ٣٠] بِالْغَيْنِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ

١٣ ‏/ ١٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [يوسف: ٣٠] قُلْنَ: إِنَّا لَنَرَى امْرَأَةَ الْعَزِيزِ فِي مُرَاوَدَتِهَا فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَغَلَبَةِ حُبِّهِ عَلَيْهَا لَفِي خَطَأٍ مِنَ الْفِعْلِ وَجَوْرٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ مُبِينٍ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَعَلِمَهُ أَنَّهُ ضَلَالٌ وَخَطَأٌ غَيْرُ صَوَابٍ وَلَا سَدَادَ، وَإِنَّمَا كَانَ قِيلُهُنَّ مَا قُلْنَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَحَدُّثُهُنَّ بِمَا تَحَدَّثْنَ بِهِ مِنْ شَأْنِهَا وَشَأْنِ يُوسُفَ مَكْرًا مِنْهُنَّ، فِيمَا ذُكِرَ لِتُرِيهِنَّ يُوسُفَ
١٣ ‏/ ١٢١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا سَمِعَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ بِمَكْرِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قُلْنَ فِي الْمَدِينَةِ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عز وجل عَنْهُنَّ. وَكَانَ مَكْرُهُنَّ
١٣ ‏/ ١٢٢
مَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ: بِقَوْلِهِنَّ»
١٣ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «لَمَّا أَظْهَرَ النِّسَاءُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ: تُرَاوِدُ عَبْدَهَا مَكْرًا بِهَا لِتُرِيَهُنَّ يُوسُفَ، وَكَانَ يُوصَفْ لَهُنَّ بِحُسْنِهِ وَجَمَالِهِ؛ ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا﴾»
١٣ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١]: أَيْ بِحَدِيثِهِنَّ، ﴿أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ: أَرْسَلَتْ إِلَى النِّسْوَةِ اللَّاتِي تَحَدَّثْنَ بِشَأْنِهَا وَشَأْنِ يُوسُفَ»
١٣ ‏/ ١٢٢
﴿وَأَعْتَدَتْ﴾ [يوسف: ٣١] أَفَعَلَتْ مِنَ الْعَتَادِ، وَهُوَ الْعُدَّةُ، وَمَعْنَاهُ: أَعَدَّتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً يَعْنِي مَجْلِسًا لِلطَّعَامِ، وَمَا يَتَّكِئْنَ عَلَيْهِ مِنَ النَّمَارِقِ وَالْوَسَائِدِ، ⦗١٢٣⦘ وَهُوَ مُفْتَعَلٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: اتَّكَأْتُ، يُقَالُ: أَلْقِ لَهُ مُتَّكَأً، يَعْنِي: مَا يَتَّكِئُ عَلَيْهِ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: طَعَامًا وَشَرَابًا وَمُتَّكَأً»
١٣ ‏/ ١٢٣
قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: يَتَّكِئْنَ عَلَيْهِ»
١٣ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: مَجْلِسًا»
١٣ ‏/ ١٢٣
قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ، «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ﴿مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] وَيَقُولُ: هُوَ الْمَجْلِسُ وَالطَّعَامُ»
١٣ ‏/ ١٢٣
قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، «مَنْ قَرَأَ: «مُتَكَئًا» خَفِيفَةً، يَعْنِي طَعَامًا، وَمَنْ قَرَأَ ﴿مُتَّكَئًا﴾ يَعْنِي الْمُتَّكَأَ» ⦗١٢٤⦘ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ مِنْ تَأْوِيلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، هُوَ مَعْنَى الْكَلِمَةِ وَتَأْوِيلِ الْمُتَّكَأِ، وَأَنَّهَا أَعَدَّتْ لِلْنِسْوَةِ مَجْلِسًا فِيهِ مُتَّكَئًا وَطَعَامٌ وَشَرَابٌ وَأُتْرُجٌ. ثُمَّ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْمُتَّكَأَ بِأَنَّهُ الطَّعَامُ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنِ الَّذِي أُعِدَّ مِنْ أَجْلِهِ الْمُتَّكَأُ، وَبَعْضُهُمْ عَنِ الْخَبَرِ عَنِ الْأُتْرُجِّ، إِذْ كَانَ فِي الْكَلَامِ: وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا، لِأَنَّ السِّكِّينَ إِنَّمَا تُعَدُّ لِلْأُتْرُجِ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُقْطَعُ بِهِ. وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْبَزْمَاوَرْدِ
١٣ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: الْبَزْمَاوَرْدُ» وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: الْمُتَّكَأُ: هُوَ النَّمْرِقُ يُتَّكَأُ عَلَيْهِ وَقَالَ: زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ الْأُتْرُجُّ، قَالَ: وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُتَّكَإِ أُتْرُجٌّ ⦗١٢٥⦘ يَأْكُلُونَهُ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّهُ بَعْضُ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ الْكَسَائِيَّ كَانَ يَقُولُ: قَدْ ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ انْقَرَضَ أَهْلُهُ. وَالْقَوْلُ فِي أَنَّ الْفُقَهَاءَ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا شَكَّ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَبْعُدْ مِنَ الصَّوَابِ فِي هَذَا الْقَوْلِ، بَلِ الْقَوْلُ كَمَا قَالَ مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلْمُتَّكَأِ هُوَ الْأُتْرُجُّ، إِنَّمَا بَيَّنَ الْمُعَدَّ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي فِيهِ الْمُتَّكَأُ، وَالَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْطِينَ السَّكَاكِينَ، لِأَنَّ السَّكَاكِينَ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ لِلْمُتَّكَأِ إِلَّا لِتَخْرِيقِهِ، وَلَمْ يُعْطَيْنَ السَّكَاكِينَ لِذَلِكَ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ صِحَّةَ ذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ أَنَّ الْمُتَّكَأَ هُوَ الْمَجْلِسُ
١٣ ‏/ ١٢٤
ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ، مَا: حَدَّثَنِي بِهِ، سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: أَعْطَتْهُنَّ أُتْرُجًّا، وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا» فَبَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ هَذِهِ مَا أَعْطَتِ النِّسْوَةُ، وَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ ⦗١٢٦⦘ بَيَانِ مَعْنَى الْمُتَّكَأِ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مَعْنَاهُ ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي تَأْوِيلِ الْمُتَّكَأِ مَا ذَكَرْنَا:
١٣ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا﴾ قَالَ: التُّرُنْجُ»
١٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «مُتْكًا» مُخَفَّفَةً، وَيَقُولُ: هُوَ الْأُتْرُجُّ»
١٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا﴾ قَالَ الطَّعَامَ»
١٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: طَعَامًا» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: طَعَامًا» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ
١٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ ﴿مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] فَهُوَ الطَّعَامُ، وَمَنْ قَرَأَهَا «مُتْكًا» فَخَفَّفَهَا، فَهُوَ الْأُتْرُجُّ»
١٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: طَعَامًا» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ: «مُتْكًا» خَفِيفَةً، فَهُوَ الْأُتْرُجُّ» حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ، يَقُولُ: «الْأُتْرُجُّ»
١٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [سورة: يوسف، آية رقم: ٣١]: أَيْ طَعَامًا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٢٨
قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مُتَّكَأً﴾ [سورة: يوسف، آية رقم: ٣١] قَالَ: طَعَامًا»
١٣ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] يَعْنِي الْأُتْرُجَّ»
١٣ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] وَالْمُتَّكَأُ: الطَّعَامُ»
١٣ ‏/ ١٢٨
قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: الطَّعَامَ»
١٣ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: طَعَامًا»
١٣ ‏/ ١٢٨
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] فَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ يُجَزُّ بِالسِّكِّينِ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَالنِّسْوَةِ اللَّاتِي تَحَدَثْنَ بِشَأْنِهَا فِي ⦗١٢٩⦘ الْمَدِينَةِ: ﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي حَضَرْنَهَا سِكِّينًا لِتَقْطَعَ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ مَا تَقْطَعُ بِهِ، وَذَلِكَ مَا ذَكَرْتُ أَنَّهَا آتَتْهُنَّ، إِمَّا مِنَ الْأُتْرُجِّ، وَإِمَّا مِنَ الْبَزْمَاوَرْدِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقْطَعُ بِالسِّكِّينِ
١٣ ‏/ ١٢٨
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] وَأُتْرُجًّا يَأْكُلْنَهُ»
١٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: أَعْطَتْهُنَّ أُتْرُجًّا، وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا»
١٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] لِيَحْتَزِزْنَ بِهِ مِنْ طَعَامِهِنَّ»
١٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] وَأَعْطَتْهُنَّ تُرُنْجًا وَعَسَلًا، فَكُنَّ يَحْزُزْنَ التُّرُنْجَ بِالسِّكِّينِ، وَيَأْكَلْنَ بِالْعَسَلِ» وَفِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ بَيَانُ صِحَّةِ مَا قُلْنَا وَاخْتَرْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَعَتْدَتْ لَهُنَّ ⦗١٣٠⦘ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ إِيتَاءِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ النِّسْوَةَ السَّكَاكِينَ، وَتَرَكَ مَالَهُ آتَتْهُنَّ السَّكَاكِينَ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ السَّكَاكِينَ لَا تَدْفَعُ إِلَى مَنْ دُعِيَ إِلَى مَجْلِسٍ إِلَّا لِقَطْعِ مَا يُؤْكَلُ إِذَا قُطِعَ بِهَا، فَاسْتَغْنَى بِفَهْمِ السَّامِعِ بِذِكْرِ إِيتَائِهَا صَوَاحِبَاتِهَا السَّكَاكِينَ عَنْ ذِكْرِ مَالَهُ آتَتْهُنَّ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ اعْتِدَادِهَا لَهُنَّ الْمُتَّكَأُ عَنْ ذِكْرِ مَا يُعْتَدُّ لَهُ الْمُتَّكَأُ مِمَّا يَحْضُرُ الْمَجَالِسَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْفَوَاكِهِ وَصُنُوفِ الِالْتِهَاءِ؛ لِفَهْمِ السَّامِعِينَ بِالْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ، وَدَلَالَةُ قَوْلِهِ: ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] عَلَيْهِ. فَأَمَّا نَفْسُ الْمُتَّكَأِ فَهُوَ مَا وَصَفْنَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ
١٣ ‏/ ١٢٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ لِيُوسُفَ: ﴿اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١] فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ يُوسُفُ، ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَلَمَّا رَأَيْنَ يُوسُفَ أَعْظَمْنَهُ وَأَجْلَلْنَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] أَعْظَمْنَهُ» حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ ⦗١٣١⦘ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١]: أَيْ أَعْظَمْنَهُ»
١٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١] لِيُوسُفَ، ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١]: عَظَّمْنَهُ»
١٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: أَعْظَمْنَهُ»
١٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١] فَخَرَجَ ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] أَعْظَمْنَهُ وَبُهِتْنَ»
١٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: حِضْنَ»
١٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ
١٣ ‏/ ١٣١
عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ: أَعْظَمْنَهُ» حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ، أَعْنِي الْقَوْلَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِي مَعْنَى ﴿أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] أَنَّهُ حِضْنَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عَنَى بِهِ أَنَّهُنَّ حِضْنَ مِنْ إِجْلَالِهِنَّ يُوسُفَ، وَإِعْظَامِهِنَّ لِمَا كَانَ اللَّهُ قَسَمَ لَهُ مِنَ الْبَهَاءِ وَالْجَمَالِ، وَلِمَا يَجِدُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ النِّسَاءُ عِنْدَ مُعَايِنَتِهِنَّ إِيَّاهُ، فَقَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: فَلَمَّا رَأَيْنَ يُوسُفَ أَكْبَرْنَهُ، فَالْهَاءُ الَّتِي فِي أَكْبَرْنَهُ مِنْ ذِكْرِ يُوسُفَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنَ الْمِحَالِ أَنْ يَحِضْنَ يُوسُفَ، وَلَكِنَّ الْخَبَرَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَا رُوِيَ، فَخَلِيقٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُنَّ حِضْنَ لَمَّا أَكْبَرْنَ مِنْ حُسْنِ يُوسُفَ وَجَمَالِهِ فِي أَنْفُسِهِنَّ وَوَجَدْنَ مَا يَجِدُ النِّسَاءُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَنْشَدَهُ فِي أَكْبَرْنَ بِمَعْنَى حِضْنَ، بَيْتًا لَا أَحْسِبُ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ عِنْدَ الرُّوَاةِ، وَذَلِكَ:
[البحر البسيط] نَأْتِي النِّسَاءَ عَلَى أَطْهَارِهِنَّ وَلَا … نَأْتِي النِّسَاءَ إِذَا أَكْبَرْنَ إِكْبَارَا
١٣ ‏/ ١٣٢
وَزَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ: إِذَا حِضْنَ
١٣ ‏/ ١٣٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُنَّ حَزَزْنَ بِالسِّكِّينِ فِي أَيْدِيهِنَّ، وَهُنَّ يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يَقْطَعْنَ الْأُتْرُجَّ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] حَزًّا حَزًّا بِالسِّكِّينِ»
١٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: “﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: حَزًّا حَزًّا بِالسَّكَاكِينِ
١٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُجَيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ؛ قَالَ: وثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: حَزًّا حَزًّا بِالسِّكِّينِ»
١٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: جَعَلَ النِّسْوَةَ يَحْزُزْنَ أَيْدِيَهُنَّ، يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يَقْطَعْنَ الْأُتْرُجَّ»
١٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ، ⦗١٣٤⦘ يَقُولُ: «كَانَتْ فِي أَيْدِيهِنَّ سَكَاكِينُ مَعَ الْأُتْرُجِّ، فَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَسَالَتِ الدِّمَاءُ، فَقُلْنَ: نَحْنُ نَلُومُكِ عَلَى حُبِّ هَذَا الرَّجُلِ، وَنَحْنُ قَدْ قَطَّعْنَا أَيْدِيَنَا وَسَالَتِ الدِّمَاءُ»
١٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «جَعَلْنَ يَحْزُزْنَ أَيْدِيَهُنَّ بِالسِّكِّينِ، وَلَا يَحْسَبْنَ إِلَّا أَنَّهُنَّ يَحْزُزْنَ التُّرُنْجَ، قَدْ ذَهَبَتْ عُقُولُهُنَّ مِمَّا رَأَيْنَ»
١٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] وَحَزَزْنَ أَيْدِيَهُنَّ»
١٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَعَلْنَ يَقْطَعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَهُنَّ يَحْسَبَنَ أَنَّهُنَّ يَقْطَعْنَ الْأُتْرُجَّ»
١٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: جَعَلْنَ يَحْزُزْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَلَا يَشْعُرْنَ بِذَلِكَ»
١٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «قَالَتْ لِيُوسُفَ: اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ، وَغُلِبَتْ عُقُولُهُنَّ عَجَبًا حِينَ رَأَيْنَهُ، فَجَعَلْنَ يَقْطَعْنَ أَيْدِيَهُنَّ بِالسَّكَاكِينِ الَّتِي مَعَهُنَّ مَا يَعْقِلْنَ شَيْئًا ⦗١٣٥⦘ مِمَّا يَصْنَعْنَ، ﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف: ٣١]» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُنَّ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَبَنَّهَا، وَهُنَّ لَا يَشْعُرْنَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَلْقَيْنَهَا»
١٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَلْقَيْنَهَا» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْهُنَّ أَنَّهُنَّ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَهُنَّ لَا يَشْعُرْنَ لِإِعْظَامِ يُوسُفَ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ قَطْعًا بِإِبَانَةٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ قَطْعَ حَزٍّ وَخَدْشٍ، وَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَصَوْبُ مِنَ التَّسْلِيمِ لِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ
١٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ الْحُسْنِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي ⦗١٣٦⦘ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٣٥
وَبِهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «قُسِمَ لِيُوسُفَ وَأُمِّهِ ثُلُثُ الْحُسْنِ»
١٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ الْخَلْقِ»
١٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّانِ، قَالَا: ثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ شَطْرَ الْحُسْنِ»
١٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَيْنِ» أَوْ قَالَ: «أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ الثُّلُثَيْنِ، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَ»
١٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: «قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنٍ، ⦗١٣٧⦘ فَأُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ سَارَةُ نِصْفَ الْحُسْنِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ سَائِرِ الْخَلْقِ»
١٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: «قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنِ: فَقُسِمَ لِيُوسُفَ وَأُمِّهِ النِّصْفُ، وَالنِّصْفُ لِسَائِرِ النَّاسِ»
١٣ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: «قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنٍ، فَجُعِلَ لِيُوسُفَ وَسَارَةَ النِّصْفُ، وَجُعِلَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ نِصْفٌ»
١٣ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ، «أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ الدُّنْيَا، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَيْنِ» وَقَوْلُهُ: ﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: ﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١] بِفَتْحِ الشِّينِ وَحَذْفِ الْيَاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ «حَاشَى لِلَّهِ» . وَفِيهِ لُغَاتٌ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا: «حَاشَى اللَّهِ» كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل] ⦗١٣٨⦘ حَاشَى أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ بِهِ … ضِنًّا عَنِ الْمَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ
وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِهَذِهِ اللُّغَةِ: «حَاشَ اللَّهَ» بِتَسْكِينِ الشِّينِ وَالْأَلِفِ يَجْمَعُ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ، فَإِنَّمَا هِيَ بِإِحْدَى اللُّغَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَمَنْ قَرَأَ: ﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١] بِفَتْحِ الشِّينِ وَإِسْقَاطِ الْيَاءِ، فَإِنَّهُ أَرَادَ لُغَةَ مَنْ قَالَ: «حَاشَى لِلَّهِ»، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَلَكِنَّهُ حَذَفَ الْيَاءَ لِكَثْرَتِهَا عَلَى أَلْسُنِ الْعَرَبِ، كَمَا حَذَفَتِ الْعَرَبُ الْأَلِفَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا أَبَ لِغَيْرِكَ، وَلَا أَبَ لِشَانِيكَ، وَهُمْ يَعْنُونَ: لَا أَبًا لِغَيْرِكَ، وَلَا أَبًا لِشَانِيكَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَزْعُمُ أَنَّ لِقَوْلِهِمْ: «حَاشَى لِلَّهِ»، مَوْضِعَيْنِ فِي الْكَلَامِ: أَحَدُهُمَا: التَّنْزِيهُ، وَالْآخَرُ: الِاسْتِثَنَاءُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَنَا بِمَعْنَى التَّنْزِيهِ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَعَاذَ اللَّهِ ⦗١٣٩⦘ وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْقَارِئِ، فِي قِرَاءَتِهِ بِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِقِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ، وَإِنْ شَاءَ بِقِرَاءَةِ الْبَصْرِيِّينَ، وَهُوَ: ﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١] وَ«حَاشَى لِلَّهِ» لِأَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلُغَاتٌ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ قَارِئًا قَرَأَ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ١٣٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١]: مَعَاذَ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ١٣٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١]: مَعَاذَ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ١٣٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١]: مَعَاذَ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ١٣٩
قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١]: مَعَاذَ اللَّهِ» حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ: قُلْنَ مَا هَذَا بَشَرًا، لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَرَيْنَ فِي حُسْنِ صُورَتِهِ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا، فَقُلْنَ: لَوْ كَانَ مِنَ الْبَشَرِ لَكَانَ كَبَعْضِ مَا رَأَيْنَا مِنْ صُورَةِ الْبَشَرِ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا مِنَ الْبَشَرِ
١٣ ‏/ ١٤٠
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف: ٣١]: مَا هَكَذَا تَكُونُ الْبَشَرُ» وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ
١٣ ‏/ ١٤٠
وَقَدْ: حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ زِيَادٍ الْفَرَّاءِ، قَالَ: ثَنِي دِعَامَةُ بْنُ رَجَاءٍ التَّيْمِيُّ، وَكَانَ غُرًّا، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ الْحَنَفِيِّ، «أَنَّهُ قَرَأَ: «مَا هَذَا بِشِرًى»: أَيْ مَا هَذَا بِمُشْتَرًي، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَنْكَرْنَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مُسْتَعْبَدًا يُشْتَرَى وَيُبَاعُ» وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ خِلَافُهَا فِيهِ. وَأَمَّا نَصْبُ الْبَشَرَ، فَمِنْ لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ إِذَا أَسْقَطُوا الْبَاءَ مِنَ الْخَبَرِ نَصَبُوهُ، فَقَالُوا: مَا عَمْرٌو قَائِمًا. وَأَمَّا أَهْلُ نَجْدٍ، فَإِنَّ مِنْ لُغَتِهِمْ رَفْعَهُ، يَقُولُونَ: مَا عَمْرٌو قَائِمٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حَيْثُ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
١٣ ‏/ ١٤٠
لَشَتَّانِ مَا أَنْوِي وَيَنْوِي بَنُو أَبِي … جَمِيعًا، فَمَا هَذَانِ مُسْتَوَيَانِ
تَمَنَّوْا لِيَ الْمَوْتَ الَّذِي يَشْعَبُ الْفَتَى … وَكُلُّ فَتًى وَالْمَوْتُ يَلْتَقِيَانِ
وَأَمَّا الْقُرْآنُ، فَجَاءَ بِالنَّصْبِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ
١٣ ‏/ ١٤١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١] يَقُولُ: قُلْنَ مَا هَذَا إِلَّا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
١٣ ‏/ ١٤١
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١] قَالَ: قُلْنَ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ»
١٣ ‏/ ١٤١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [يوسف: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ لِلْنِسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، فَهَذَا الَّذِي أَصَابَكُنَّ فِي رُؤْيَتِكُنَّ إِيَّاهُ، وَفِي نَظْرَةٍ مِنْكُنَّ نَظَرْتُنَّ إِلَيْهِ مَا أَصَابَكُنَّ مِنْ ذَهَابِ الْعَقْلِ وَغُرُوبِ الْفَهْمِ، وَلَهًا إِلَيْهِ حَتَّى قَطَّعْتُنَّ أَيْدِيَكُنَّ، هُوَ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِي حِبِّي إِيَّاهُ، وَشَغَفُ فُؤَادِي بِهِ، فَقُلْتُنَّ: قَدْ شَغَفَ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ فَتَاهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. ثُمَّ أَقَرَّتْ لَهُنَّ بِأَنَّهَا قَدْ رَاوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الَّذِي تَحَدَّثْنَ بِهِ عَنْهَا فِي أَمْرِهِ حَقٌّ، فَقَالَتْ: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣٢] مِمَّا رَاوَدْتُهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ
١٣ ‏/ ١٤١
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣٢]: تَقُولُ: بَعْدَ مَا حَلَّ السَّرَاوِيلَ اسْتَعْصَى، لَا أَدْرِي مَا بَدَا لَهُ»
١٣ ‏/ ١٤٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣٢]: أَيْ فَاسْتَعْصَى»
١٣ ‏/ ١٤٢
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣٢] يَقُولُ: فَامْتَنَعَ»
١٣ ‏/ ١٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [يوسف: ٣٢] تَقُولُ: وَلَئِنْ لَمْ يُطَاوِعْنِي عَلَى مَا أَدْعُوهُ إِلَيْهِ مِنْ حَاجَتِي إِلَيْهِ ﴿لَيُسْجَنَنَّ﴾ [يوسف: ٣٢]، تَقُولُ: لَيُحْبَسَنَّ فِي السِّجْنِ، وَلَيَكُونًا مِنْ أَهْلِ الصَّغَارِ وَالذِّلَّةِ بِالْحَبْسِ وَالسِّجْنِ، وَلَأَهِينَنَّهُ. وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿لَيُسْجَنَنَّ﴾ [يوسف: ٣٢] بِالنُّونِ لِأَنَّهَا مُشَدَّدَةٌ، كَمَا قِيلَ: ﴿لَيُبَطِّئَنَّ﴾ [النساء: ٧٢] وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَلَيَكُونًا﴾ [يوسف: ٣٢] فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهَا النُّونُ الْخَفِيفَةُ،
١٣ ‏/ ١٤٢
وَهِيَ شَبِيهَةُ نُونِ الْإِعْرَابِ فِي الْأَسْمَاءِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: رَأَيْتُ رَجُلًا عِنْدَكَ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الرَّجُلِ قِيلَ: رَأَيْتُ رَجُلًا، فَصَارَتِ النُّونُ أَلِفًا، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي: ﴿وَلَيَكُونًا﴾ [يوسف: ٣٢]، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ﴾ [العلق: ١٦] الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ لِمَا ذَكَرْتُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
[البحر الطويل] وَصَلِّ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّاتِ وَالضُّحَى … وَلَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا
وَإِنَّمَا هُوَ: «فَاعَبُدَنْ»، وَلَكِنْ إِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ كَانَ الْوَقْفُ بِالْأَلِفِ
١٣ ‏/ ١٤٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: ٣٣] وَهَذَا الْخَبَرُ مِنَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ قَدْ عَاوَدَتْ يُوسُفَ فِي الْمُرَاوَدَةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَتَوَعَّدَتْهُ بِالسِّجْنِ وَالْحَبْسِ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَاخْتَارَ السِّجْنَ عَلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ عَاوَدَتْهُ وَتَوَعَّدَتْهُ بِذَلِكَ، كَانَ مُحَالًا أَنْ يَقُولَ: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [يوسف: ٣٣] وَهُوَ لَا يُدْعَى إِلَى شَيْءٍ وَلَا يُخَوَّفُ بِحَبْسٍ. وَالسِّجْنُ هُوَ الْحَبْسُ نَفْسُهُ، وَهُوَ بَيْتُ الْحَبْسِ. وَبِكَسْرِ السِّينِ قَرَأَهُ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ كُلُّهَا، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْأَمَاكِنَ الْمُشْتَقَّةِ مِنَ الْأَفْعَالِ مَوَاضِعَ الْأَفْعَالِ فَتَقُولُ: طَلَعَتِ الشَّمْسُ مَطْلِعًا، وَغَرَبَتْ مَغْرِبًا، فَيَجْعَلُونَهَا وَهِيَ أَسْمَاءُ خَلَفًا مِنَ الْمَصَادِرِ، فَكَذَلِكَ السِّجْنُ، فَإِذَا فُتِحَتِ السِّينُ مِنَ السِّجْنِ كَانَ مَصْدَرًا
١٣ ‏/ ١٤٣
صَحِيحًا. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُ: «السَّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ» بِفَتْحِ السِّينِ. وَلَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى خِلَافِهَا. وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: قَالَ يُوسُفُ: يَا رَبِّ الْحَبْسُ فِي السِّجْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ وَيُرَاوِدْنَنِي عَلَيْهِ مِنَ الْفَاحِشَةِ
١٣ ‏/ ١٤٤
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [يوسف: ٣٣]: مِنَ الزِّنَا»
١٣ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «قَالَ يُوسُفُ، وَأَضَافَ إِلَى رَبِّهِ وَاسْتَعَانَهُ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [يوسف: ٣٣]: أَيِ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آتِيَ مَا تَكْرُهُ»
١٣ ‏/ ١٤٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣٣] يَقُولُ: وَإِنْ لَمْ تَدْفَعْ عَنِّي يَا رَبِّ فِعْلَهُنَّ الَّذِي يَفْعَلْنَ بِي فِي مُرَاوَدَتِهِنَّ إِيَّايَ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ ﴿أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣٣]، يَقُولُ: أَمِيلُ إِلَيْهِنَّ، وَأُتَابِعُهُنَّ عَلَى مَا يُرِدْنَ مِنِّي، وَيَهْوِينَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: صَبَا فُلَانٌ ⦗١٤٥⦘ إِلَى كَذَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِلَى هِنْدٍ صَبَا قَلْبِي … وَهِنْدٌ مِثْلُهَا يُصْبِي
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣٣] يَقُولُ: أُتَابِعْهُنَّ»
١٣ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ﴾ [يوسف: ٣٣]: أَيْ مَا أَتَخَوَّفُ مِنْهُنَّ ﴿أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣٣]»
١٣ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: ٣٣] قَالَ: إِلَّا يَكُنْ مِنْكَ أَنْتَ الْعَوْنُ وَالْمَنْعَةُ، لَا يَكُنُ مِنِّي وَلَا عِنْدِي»
١٣ ‏/ ١٤٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: ٣٣] يَقُولُ: وَأَكُنْ بِصَبْوَتِي إِلَيْهِنَّ مِنَ الَّذِينَ جَهِلُوا حَقَّكَ وَخَالَفُوا أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ
١٣ ‏/ ١٤٥
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿وَأَكُنْ مِنَ ⦗١٤٦⦘ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: ٣٣]: أَيْ جَاهِلًا إِذَا رَكِبْتُ مَعْصِيَتَكَ»
١٣ ‏/ ١٤٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يوسف: ٣٤] إِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾ [يوسف: ٣٤] وَلَا مَسْأَلَةَ تَقَدَّمَتْ مِنْ يُوسُفَ لِرَبِّهِ، وَلَا دَعَا بِصَرْفِ كَيْدِهِنَّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ رَبَّهُ أَنَّ السِّجْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ؟ قِيلَ: إِنَّ فِي إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ شِكَايَةً مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ مِمَّا لَقِيَ مِنْهُنَّ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣٣] مَعْنَى دُعَاءٍ وَمَسْأَلَةٍ مِنْهُ رَبَّهُ صَرْفَ كَيْدِهِنَّ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾ [يوسف: ٣٤] وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِآخَرَ: إِنْ لَا تَزُرْنِي أُهِنْكَ، فَيُجِيبُهُ الْآخَرُ: إِذَنْ أَزُورَكَ، لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: إِنْ لَا تَزُرْنِي أُهِنْكَ، مَعْنَى الْأَمْرِ بِالزِّيَارَةِ. وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِيُوسُفَ دُعَاءَهُ، فَصَرَفَ عَنْهُ مَا أَرَادَتْ مِنْهُ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ وَصَوَاحِبَاتُهَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ
١٣ ‏/ ١٤٦
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يوسف: ٣٤]: أَيْ نَجَّاهُ مِنْ أَنْ يَرْكَبَ الْمَعْصِيَةَ فِيهِنَّ، وَقَدْ نَزَلَ بِهِ بَعْضُ مَا حَذَرَ مِنْهُنَّ»
١٣ ‏/ ١٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ [الأنفال: ٦١] دُعَاءَ يُوسُفَ حِينَ دَعَاهُ بِصَرْفِ كَيَدِ النِّسْوَةِ عَنْهُ، وَدُعَاءَ كُلِّ دَاعٍ مِنْ خَلْقِهِ. ﴿الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢] بِمَطْلَبِهِ وَحَاجَتِهِ، وَمَا يُصْلِحُهُ، وَبِحَاجَةِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَمَا يُصْلِحُهُمْ
١٣ ‏/ ١٤٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ بَدَا لِلْعَزِيزِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي رَاوَدْتُ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: «بَدَا لَهُمْ»، وَهُوَ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بِاسْمِهِ، وَيُقْصَدُ بِعَيْنِهِ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] وَقِيلَ: إِنَّ قَائِلَ ذَلِكَ كَانَ وَاحِدًا. وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ﴾ [يوسف: ٣٥] فِي الرَّأْيِ الَّذِي كَانُوا رَأَوْهُ مِنْ تَرْكِ يُوسُفَ مُطْلَقًا، وَرَأَوْا أَنْ يَسْجُنُوهُ ﴿مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ﴾ [يوسف: ٣٥] بِبَرَاءَتِهِ مِمَّا قَذَفَتْهُ بِهِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ. وَتِلْكَ الْآيَاتُ كَانَتْ: قَدَّ الْقَمِيصِ مِنْ دُبُرٍ، وَخَمْشًا فِي الْوَجْهِ، وَقَطْعَ أَيْدِيهِنَّ
١٣ ‏/ ١٤٧
كَمَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَضْرِ بْنِ عَرَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: كَانَ مِنَ الْآيَاتِ قَدٌّ فِي ⦗١٤٨⦘ الْقَمِيصِ وَخَمْشٌ فِي الْوَجْهِ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ نَضْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدَ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: قَدَّ الْقَمِيصِ مِنْ دُبُرٍ»
١٣ ‏/ ١٤٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: قَدَّ الْقَمِيصِ مِنْ دُبُرٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ؛ قَالَ: وثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٤٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: الْآيَاتُ: حَزُّهُنَّ أَيْدِيَهُنَّ، وَقَدُّ الْقَمِيصِ»
١٣ ‏/ ١٤٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «قَدُّ الْقَمِيصِ مِنْ دُبُرٍ»
١٣ ‏/ ١٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ [يوسف: ٣٥] بِبَرَاءَتِهِ مِمَّا اتُّهِمَ بِهِ مِنْ شَقِّ قَمِيصِهِ مِنْ دُبُرٍ، ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥]»
١٣ ‏/ ١٤٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: الْآيَاتُ: الْقَمِيصُ، وَقَطْعُ الْأَيْدِي»
١٣ ‏/ ١٤٩
وَقَوْلُهُ: ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينَ﴾ [يوسف: ٣٥] يَقُولُ: لَيَسْجُنُنَّهُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَرَوْنَ فِيهِ رَأْيَهُمْ. وَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْحَبْسَ لِيُوسُفَ فِيمَا ذُكِرَ عُقُوبَةً لَهُ مِنْ هَمِّهِ بِالْمَرْأَةِ وَكَفَّارَةً لِخَطِيئَتِهِ
١٣ ‏/ ١٤٩
حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] عَثَرَ يُوسُفُ عليه السلام ثَلَاثَ عَثَرَاتٍ: حِينَ هَمَّ بِهَا فَسُجِنَ، وَحِينَ قَالَ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ، وَقَالَ لَهُمْ: ﴿إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: ٧٠] فَ ﴿قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ [يوسف: ٧٧]» وَذُكِرَ أَنَّ سَبَبَ حَبْسِهِ فِي السِّجْنِ: كَانَ شَكْوَى امْرَأَةِ الْعَزِيزِ إِلَى زَوْجِهَا ⦗١٥٠⦘ أَمْرَهُ وَأَمْرَهَا
١٣ ‏/ ١٤٩
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ الْعِبْرَانِيَّ قَدْ فَضَحَنِي فِي النَّاسِ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِمْ وَيُخْبِرُهُمْ أَنِّي رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَسْتُ أُطِيقُ أَنْ أَعْتَذِرَ بِعُذْرِي، فَإِمَّا أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَخْرَجَ فَأَعْتَذِرَ، وَإِمَّا أَنْ تَحْبِسَهُ كَمَا حَبَسْتَنِي، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥]» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ دُخُولِ هَذِهِ اللَّامِ فِي: ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ [يوسف: ٣٥] فَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: دَخَلَتْ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يَقَعُ فِيهِ «أَيْ»، فَلَمَّا كَانَ حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ يَدْخُلُ فِيهِ دَخَلَتْهُ النُّونُ، لِأَنَّ النُّونَ تَكُونُ فِي الِاسْتِفْهَامِ، تَقُولُ: بَدَا لَهُمْ أَيُّهُمْ يَأْخُذُنَّ: أَيِ اسْتَبَانَ لَهُمْ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ: هَذَا يَمِينٌ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: هَلْ تَقُومَنَّ بِيَمِينٍ، وَلَتَقُومَنَّ، لَا يَكُونُ إِلَّا يَمِينًا. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: بَدَا لَهُمْ، بِمَعْنَى: الْقَوْلُ، وَالْقَوْلُ يَأْتِي بِكُلٍّ: الْكَلَامُ بِالْقَسَمِ وَبِالِاسْتِفْهَامِ، فَلِذَلِكَ جَازَ: بَدَا لَهُمْ قَامَ زَيْدٌ، وَبَدَا لَهُمْ لَيَقُومَنَّ. وَقِيلَ: إِنَّ الْحِينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْنِيٌّ بِهِ سَبْعُ سِنِينَ ⦗١٥١⦘ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «﴿لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] قَالَ: سَبْعِ سِنِينَ»
١٣ ‏/ ١٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَدَخَلَ مَعَ يُوسُفَ السِّجْنَ فَتَيَانِ، فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى مَتْرُوكٍ قَدْ تُرِكَ مِنَ الْكَلَامِ وَهُوَ: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] فَسَجَنُوهُ وَأَدْخَلُوهُ السِّجْنَ، وَدَخَلَ مَعَهُ فَتَيَانِ، فَاسْتَغْنَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ [يوسف: ٣٦] عَلَى إِدْخَالِهِمْ يُوسُفَ السِّجْنَ مِنْ ذِكْرِهِ. وَكَانَ الْفِتْيَانُ فِيمَا ذُكِرَ: غُلَامَيْنِ مِنْ غِلْمَانِ مَلِكِ مِصْرَ الْأَكْبَرِ: أَحَدُهُمَا صَاحِبُ شَرَابِهِ، وَالْآخَرُ صَاحِبُ طَعَامِهِ
١٣ ‏/ ١٥١
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «فَطُرِحَ فِي السِّجْنِ، يَعْنِي يُوسُفَ، وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ، غُلَامَانِ كَانَا لِلْمَلِكِ الْأَكْبَرِ: الرَّيَّانِ بْنِ الْوَلِيدِ، كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَرَابِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى بَعْضِ أَمْرِهِ، فِي ⦗١٥٢⦘ سَخْطَةٍ سَخِطَهَا عَلَيْهِمَا، اسْمُ أَحَدِهِمَا مَجْلَثُ، وَالْآخَرُ نَبُو، وَنَبُو الَّذِي كَانَ عَلَى الشَّرَابِ»
١٣ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: كَانَ أَحَدُهُمَا خَبَّازًا لِلْمَلِكِ عَلَى طَعَامِهِ، وَكَانَ الْآخَرُ سَاقِيهِ عَلَى شَرَابِهِ» وَكَانَ سَبَبُ حَبْسِ الْمَلِكِ الْفَتَيَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ
١٣ ‏/ ١٥٢
مَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «إِنَّ الْمَلِكَ غَضِبَ عَلَى خَبَّازِهِ، بَلَغَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسِمَّهُ، فَحَبَسَهُ وَحَبَسَ صَاحِبَ شَرَابِهِ، ظَنَّ أَنَّهُ مَالَأَهُ عَلَى ذَلِكَ فَحَبَسَهُمَا جَمِيعًا؛ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنُ فَتَيَانِ﴾ [يوسف: ٣٦]»
١٣ ‏/ ١٥٢
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] ذُكِرَ أَنَّ يُوسُفَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لَمَّا أُدْخِلَ السِّجْنَ، قَالَ لِمَنْ فِيهِ مِنَ الْمُحَبَّسِينَ، وَسَأَلُوهُ عَنْ عَمَلِهِ: ⦗١٥٣⦘ إِنِّي أَعْبُرُ الرُّؤْيَا، فَقَالَ أَحَدُ الْفَتَيَيْنِ اللَّذَيْنِ أُدْخِلَا مَعَهُ السِّجْنَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ فَلْنُجَرِّبْهُ
١٣ ‏/ ١٥٢
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «لَمَّا دَخَلَ يُوسُفُ السِّجْنَ قَالَ: أَنَا أَعْبُرُ الْأَحْلَامَ. فَقَالَ أَحَدُ الْفَتَيَيْنِ لِصَاحِبِهِ: هَلُمَّ نُجَرِّبُ هَذَا الْعَبْدَ الْعِبْرَانِيَّ نَتَرَاءَى لَهُ فَسَأَلَاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَا رَأَيَا شَيْئًا. فَقَالَ الْخَبَّازُ: إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا»
١٣ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَا رَأَى صَاحِبَا يُوسُفَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا كَانَا تَحَالَمَا لِيُجَرِّبَا عَلِمَهُ» وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّمَا سَأَلَهُ الْفِتْيَانِ عَنْ رُؤْيَا كَانَا رَأَيَاهَا عَلَى صِحَّةٍ وَحَقِيقَةٍ، وَعَلَى تَصْدِيقٍ مِنْهُمَا لِيُوسُفَ لَعَلِمِهِ بِتَعْبِيرِهَا ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «لَمَّا رَأَى الْفِتْيَانِ يُوسُفَ، قَالَا: وَاللَّهِ يَا فَتَى لَقَدْ أَحْبَبْنَاكَ حِينَ رَأَيْنَاكَ»
١٣ ‏/ ١٥٣
قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ «أَنْ يُوسُفَ، قَالَ لَهُمْ حِينَ قَالَا لَهُ ذَلِكَ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهُ أَنْ لَا تُحِبَّانِي فَوَاللَّهِ مَا أَحَبَّنِي أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا دَخَلَ عَلَيَّ مِنْ حُبِّهِ بَلَاءٌ، لَقَدْ أَحَبَّتْنِي عَمَّتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ مِنْ حُبِّهَا بَلَاءٌ، ثُمَّ لَقَدْ أَحَبَّنِي أَبِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ بِحُبِّهِ بَلَاءٌ، ثُمَّ لَقَدْ أَحَبَّتْنِي زَوْجَةُ صَاحِبِي هَذَا، فَدَخَلَ عَلَيَّ بِحُبِّهَا إِيَّايَ بَلَاءٌ، فَلَا تُحِبَّانِي بَارِكَ اللَّهُ فِيكُمَا قَالَ: فَأَبَيَا إِلَّا حُبَّهُ، وَإِلْفَهُ حَيْثُ كَانَ، وَجَعَلَا يُعْجِبُهُمَا مَا يَرَيَانِ مِنْ فَهْمِهِ وَعَقْلِهِ، وَقَدْ كَانَا رَأَيَا حِينَ أُدْخِلَا السِّجْنَ رُؤْيَا، فَرَأَى مَجْلِثُ أَنَّهُ يَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِهِ، خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ، وَرَأَى نَبُو أَنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا، فَاسْتَفْتِيَاهُ فِيهَا وَقَالَا لَهُ: ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] إِنْ فَعَلْتَ» وَعَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] أَيْ إِنِّي أَرَى فِي نَوْمِي أَنِّي أَعْصِرُ عِنَبًا. وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ
١٣ ‏/ ١٥٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الصَّائِغِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةَ، قَالَ ” فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَبًا» ⦗١٥٥⦘ وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ لُغَةِ أَهْلِ عُمَانَ، وَأَنَّهُمْ يُسَمُّونَ الْعِنَبَ خَمْرًا ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٥٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] يَقُولُ: أَعْصِرُ عِنَبًا، وَهُوَ بِلُغَةِ أَهْلِ عُمَانَ، يُسَمُّونَ الْعِنَبَ خَمْرًا»
١٣ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وَثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: «﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: عِنَبًا، أَرْضُ كَذَا وَكَذَا يَدْعُونَ الْعِنَبَ خَمْرًا»
١٣ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: عِنَبًا»
١٣ ‏/ ١٥٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «أَتَاهُ فَقَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنِّي غَرَسْتُ حَبَلَةً مِنْ عِنَبٍ، فَنَبَتَتْ، فَخَرَجَ فِيهِ عَنَاقِيدُ فَعَصَرْتُهُنَّ، ثُمَّ سَقَيْتُهُنَّ الْمَلِكَ، فَقَالَ: تَمْكُثُ فِي السِّجْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتَسْقِيهِ خَمْرًا»
١٣ ‏/ ١٥٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ الْآخَرُ مِنَ الْفَتَيَيْنِ: إِنِّي أَرَانِي فِي مَنَامِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا؛ يَقُولُ: أَحْمِلُ عَلَى رَأْسِي، فَوُضِعَتْ «فَوْقَ» مَكَانَ «عَلَى» ﴿تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ﴾ [يوسف: ٣٦] يَعْنِي مِنَ الْخُبْزِ
١٣ ‏/ ١٥٦
وَقَوْلُهُ: ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦] يَقُولُ: أَخْبِرْنَا بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ مَا أَخْبَرْنَاكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُ فِي مَنَامِنَا وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ
١٣ ‏/ ١٥٦
كَمَا: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: بِهِ» قَالَ الْحَارِثُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي مُجَاهِدَ: أَنَّ تَأْوِيلَ الشَّيْءِ: هُوَ الشَّيْءُ. قَالَ: وَمِنْهُ تَأْوِيلُ الرُّؤْيَا، إِنَّمَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي تَئُولُ إِلَيْهِ “
١٣ ‏/ ١٥٦
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْإِحْسَانِ الَّذِي وَصَفَ بِهِ الْفِتْيَانِ يُوسُفَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنَّهُ كَانَ يَعُودُ مَرِيضَهُمْ، وَيُعَزِّي حَزِينَهُمْ، وَإِذَا احْتَاجَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ جَمَعَ لَهُ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٥٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَهُ بِبَلْخٍ، فَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: «﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: قِيلَ ⦗١٥٧⦘ لَهُ: مَا كَانَ إِحْسَانُ يُوسُفَ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا مَرِضَ إِنْسَانٌ قَامَ عَلَيْهِ، وَإِذَا احْتَاجَ جَمَعَ لَهُ، وَإِذَا ضَاقَ أَوْسَعَ لَهُ»
١٣ ‏/ ١٥٦
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الضَّحَّاكَ عَنْ قَوْلِهِ: «﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] مَا كَانَ إِحْسَانُهُ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا مَرِضَ إِنْسَانٌ فِي السِّجْنِ قَامَ عَلَيْهِ، وَإِذَا احْتَاجَ جَمَعَ لَهُ، وَإِذَا ضَاقَ عَلَيْهِ الْمَكَانُ أَوْسَعَ»
١٣ ‏/ ١٥٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ إِحْسَانَهُ أَنَّهُ كَانَ يُدَاوِي مَرِيضَهُمْ، وَيُعَزِّي حَزِينَهُمْ، وَيَجْتَهِدُ لِرَبِّهِ. وَقَالَ: لَمَّا انْتَهَى يُوسُفُ إِلَى السِّجْنِ وَجَدَ فِيهِ قَوْمًا قَدِ انْقَطَعَ رَجَاؤُهُمْ وَاشْتَدَّ بَلَاؤُهُمْ، فَطَالَ حُزْنُهُمْ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَبْشِرُوا وَاصْبِرُوا تُؤْجَرُوا، إِنَّ لِهَذَا أَجْرًا، إِنَّ لِهَذَا ثَوَابًا فَقَالُوا: يَا فَتَى بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ مَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ، وَأَحْسَنَ خُلُقَكَ، لَقَدْ ⦗١٥٨⦘ بُورِكَ لَنَا فِي جِوَارِكَ، مَا نُحِبُّ أَنَّا كُنَّا فِي غَيْرِ هَذَا مُنْذُ حُبِسْنَا لِمَا تُخْبِرُنَا مِنَ الْأَجْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالطَّهَارَةِ، فَمَنْ أَنْتَ يَا فَتَى؟ قَالَ: أَنَا يُوسُفُ ابْنُ صَفِّي اللَّهِ يَعْقُوبَ ابْنِ ذَبِيحِ اللَّهِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ. وَكَانَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّةٌ، وَقَالَ لَهُ عَامِلُ السِّجْنِ: يَا فَتَى وَاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْتُ لَخَلَّيْتُ سَبِيلَكَ، وَلَكِنْ سَأُحْسِنُ جِوَارَكَ وَأُحْسِنُ إِسَارَكَ، فَكُنْ فِي أَيِّ بُيُوتِ السِّجْنِ شِئْتَ»
١٣ ‏/ ١٥٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ خَلَفٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي: «﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: كَانَ يُوَسِّعُ لِلرَّجُلِ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَتَعَاهَدُ الْمَرْضَى» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] إِذْ نَبَّأْتَنَا بِتَأْوِيلِ رُؤْيَانَا هَذِهِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «اسْتَفْتَيَاهُ فِي رُؤْيَاهُمَا، وَقَالَا لَهُ: ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] إِنْ فَعَلْتَ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ الْكَلَامِ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ إِذَنْ كَمَا قُلْتَ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا يُوسُفَ أَنْ يُنَبِّئَهُمَا بِتَأْوِيلِ رُؤْيَاهُمَا لَيْسَتْ مِنَ الْخَبَرِ عَنْ صِفَتِهِ بِأَنَّهُ يَعُودُ ⦗١٥٩⦘ الْمَرِيضَ وَيَقُومُ عَلَيْهِ وَيُحْسِنُ إِلَى مَنِ احْتَاجَ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِ هَذَا فَإِنَّكَ عَالِمٌ، وَهَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَحْسُنُ بِالْوَصْفِ بِالْعِلْمِ لَا بِغَيْرِهِ؟ قِيلَ: إِنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا قَالَا لَهُ: نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِ رُؤْيَانَا مُحْسِنًا إِلَيْنَا فِي إِخْبَارِكَ إِيَّانَا بِذَلِكَ، كَمَا نَرَاكَ تُحْسِنُ فِي سَائِرِ أَفْعَالِكَ، إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
١٣ ‏/ ١٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿قَالَ﴾ [البقرة: ٣٠] يُوسُفُ لِلْفَتَيَيْنِ اللَّذَيْنِ اسْتَعْبَرَاهُ الرُّؤْيَا: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا﴾ [يوسف: ٣٧] أَيُّهَا الْفَتَيَانُ فِي مَنَامِكُمَا ﴿طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] فِي يَقَظِتِكُمَا ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا﴾ [يوسف: ٣٧] . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «قَالَ يُوسُفُ لَهُمَا: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] فِي النَّوْمِ ﴿إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] فِي الْيَقَظَةِ»
١٣ ‏/ ١٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «قَالَ يُوسُفُ لَهُمَا: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] يَقُولُ: فِي نَوْمِكُمَا ﴿إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٧]» ⦗١٦٠⦘ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ ﴿بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦]: مَا يَئُولُ إِلَيْهِ وَيَصِيرُ مَا رَأَيَا فِي مَنَامِهِمَا مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي رَأَيَا أَنَّهُ أَتَاهُمَا فِيهِ
١٣ ‏/ ١٥٩
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ [يوسف: ٣٧] يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَذْكُرُ أَنِّي أَعْلَمُهُ مِنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي فَعَلِمْتُهُ. ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [يوسف: ٣٧] وَجَاءَ الْخَبَرُ مُبْتَدَأً: أَيْ تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ، وَالْمَعْنَى: مَا مِلْتُ وَإِنَّمَا ابْتَدَأَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ الدَّلِيلَ عَلَى مَعْنَاهُ
١٣ ‏/ ١٦٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [يوسف: ٣٧] يَقُولُ: إِنِّي بَرِئْتُ مِنْ مِلَّةِ مَنْ لَا يُصَدِّقُ بِاللَّهِ، وَيَقِرُّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ. ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [هود: ١٩] يَقُولُ: وَهُمْ مَعَ تَرْكِهِمُ الْإِيمَانَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ لَا يُقِرُّونَ بِالْمِعَادِ وَالْبَعْثِ وَلَا بِثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ. وَكُرِّرَتْ «هُمْ» مَرَّتَيْنِ، فَقِيلَ: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [هود: ١٩] لَمَّا دَخَلَ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: ﴿بِالْآخِرَةِ﴾ [البقرة: ٨٦] فَصَارَتْ «هُمْ» الْأُولَى كَالْمُلْغَاةِ، وَصَارَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الثَّانِيَةِ، كَمَا قِيلَ: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٣] وَكَمَا قِيلَ: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا وَجْهُ هَذَا الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ مِنْ يُوسُفَ، وَأَيْنَ جَوَابُهُ الْفَتَيَيْنِ عَمَّا سَأَلَاهُ مِنْ تَعْبِيرِ رُؤْيَاهُمَا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ؟
١٣ ‏/ ١٦٠
قِيلَ لَهُ: إِنَّ يُوسُفَ كَرِهَ أَنْ يُجِيبَهُمَا عَنْ تَأْوِيلِ رُؤْيَاهُمَا لَمَّا عَلِمَ مِنْ مَكْرُوهِ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِهِ وَأَخَذَ فِي غَيْرِهِ لِيُعْرِضَا عَنْ مَسْأَلَتِهِ الْجَوَابَ بِمَا سَأَلَاهُ مِنْ ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٦١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦] قَالَ: فَكَرِهَ الْعِبَارَةَ لَهُمَا، وَأَخْبَرَهُمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَسْأَلَاهْ عَنْهُ لِيُرِيَهُمَا أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا. وَكَانَ الْمَلِكُ إِذَا أَرَادَ قَتْلَ إِنْسَانٍ، صَنَعَ لَهُ طَعَامًا مَعْلُومًا، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِ، فَـ ﴿قَالَ﴾ [يوسف: ٣٧] يُوسُفُ: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يَشْكُرُونَ﴾ [يوسف: ٣٨] فَلَمْ يَدَعَاهُ، فَعَدَلَ بِهِمَا، وَكَرِهَ الْعِبَارَةَ لَهُمَا، فَلَمْ يَدَعَاهُ حَتَّى يَعْبُرَ لَهُمَا، فَعَدَلَ بِهِمَا وَقَالَ: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [يوسف: ٣٩] . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٠] فَلَمْ يَدَعَاهُ حَتَّى عَبَرَ لَهُمَا، فَقَالَ: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ﴾ [يوسف: ٤١] قَالَا: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا، إِنَّمَا كُنَّا نَلْعَبُ قَالَ: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١]»
١٣ ‏/ ١٦١
وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] فِي الْيَقَظَةِ لَا فِي النَّوْمِ. وَإِنَّمَا أَعْلَمَهُمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمَ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُ الطَّعَامِ الَّذِي يَأْتِيهُمَا مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ وَمِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ النَّوْعَ الَّذِي إِذَا أَتَاهُمَا كَانَ عَلَامَةً لَقَتْلِ مَنْ أَتَاهُ ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَالنَّوْعَ الَّذِي إِذَا أَتَاهُ كَانَ عَلَامَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ عِنْدَهُ عِلْمُ ذَلِكَ
١٣ ‏/ ١٦٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنَّ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ وَاتَّبَعْتُ دِينَهُمْ لَا دِينَ أَهْلِ الشِّرْكِ. ﴿مَا كَانَ لَنَا أَنَّ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [يوسف: ٣٨] يَقُولُ: مَا جَازَ لَنَا أَنَّ نَجْعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا فِي عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ، بَلِ الَّذِي عَلَيْنَا إِفْرَادُهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالْعِبَادَةِ. ﴿ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٣٨] يَقُولُ: اتِّبَاعِي مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَتَرْكِي ﴿مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٣٧]، مِنْ فَضْلِ اللَّهِ الَّذِي تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْنَا، فَأَنْعَمَ إِذْ أَكْرَمَنَا بِهِ ﴿وَعَلَى النَّاسِ﴾ [يوسف: ٣٨] يَقُولُ: وَذَلِكَ أَيْضًا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ، إِذْ أَرْسَلَنَا إِلَيْهِمْ دُعَاةً إِلَى تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ. ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٣] يَقُولُ: وَلَكِنَّ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ لَا يَشْكُرُ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَعْرِفُ الْمُتَفَضِّلَ بِهِ.
١٣ ‏/ ١٦٢
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٣٨] أَنْ جَعَلَنَا أَنْبِيَاءَ. ﴿وَعَلَى النَّاسِ﴾ [يوسف: ٣٨] يَقُولُ: أَنْ بَعَثَنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا»
١٣ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: “﴿ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ﴾ [يوسف: ٣٨] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: «يَا رُبَّ شَاكِرِ نِعْمَةٍ غَيْرُ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لَا يَدْرِي، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ»
١٣ ‏/ ١٦٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] ذُكِرَ أَنَّ يُوسُفَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِلْفَتَيَيْنِ اللَّذَيْنِ دَخَلَا مَعَهُ السِّجْنَ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مُشْرِكًا، فَدَعَاهُ بِهَذَا الْقَوْلِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَتَرْكِ عِبَادَةِ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ، فَقَالَ: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ﴾ [يوسف: ٣٩] يَعْنِي: يَا مَنْ هُوَ فِي السِّجْنِ. وَجَعَلَهُمَا صَاحِبَيْهِ لِكَوْنِهِمَا فِيهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِسُكَّانِ الْجَنَّةِ ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨٢] وَكَذَلِكَ قَالَ لِأَهْلِ النَّارِ، وَسَمَّاهُمْ أَصْحَابَهَا لِكَوْنِهِمْ فِيهَا
١٣ ‏/ ١٦٣
وَقَوْلُهُ: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] يَقُولُ: أَعِبَادَةُ أَرْبَابٍ شَتَّى مُتَفَرِّقِينَ، وَآلِهَةٍ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ خَيْرٌ، أَمِ عِبَادَةُ الْمَعْبُودِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ فِي قُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، الَّذِي قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ فَذَلَّلَهُ وَسَخَّرَهُ فَأَطَاعَهُ طَوْعًا وَكَرْهًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ﴾ [يوسف: ٣٩] . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٠] لَمَّا عَرَفَ نَبِيُّ اللَّهِ يُوسُفُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَقْتُولٌ دَعَاهُمَا إِلَى حَظِّهِمَا مِنْ رَبِّهِمَا وَإِلَى نَصِيبِهِمَا مِنْ آخِرَتِهِمَا»
١٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ﴾ [يوسف: ٤١] يُوسُفُ يَقُولُهُ» قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «ثُمَّ دَعَاهُمَا إِلَى ⦗١٦٥⦘ اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: ٣٩]: أَيُّ خَيْرٍ أَنْ تَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا، أَوْ آلِهَةً مُتَفَرِّقَةً لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا؟»
١٣ ‏/ ١٦٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٠] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ [يوسف: ٤٠]: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَقَالَ: ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: ١٣٣] وَقَدِ ابْتَدَأَ الْخِطَابَ بِخِطَابِ اثْنَيْنِ، فَقَالَ: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ﴾ [يوسف: ٣٩] لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُخَاطَبَ بِهِ وَمَنْ هُوَ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ مُقِيمٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَالَ لِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ: مَا تَعْبُدُ أَنْتَ وَمَنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ ﴿إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ [يوسف: ٤٠]، وَذَلِكَ تَسْمِيَتُهُمْ أَوْثَانَهُمْ آلِهَةً أَرْبَابًا، شِرْكًا مِنْهُمْ وَتَشْبِيهًا لَهَا فِي أَسْمَائِهَا الَّتِي سَمُّوهَا بِهَا بِاللَّهِ، تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ شَبِيهٌ. ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [يوسف: ٤٠] يَقُولُ: سَمُّوهَا بِأَسْمَاءٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ بِتَسْمِيَتِهَا، وَلَا وَضَعَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ أَسْمَاؤُهَا دَلَالَةً وَلَا حُجَّةً، وَلَكِنَّهَا اخْتِلَاقٌ مِنْهُمْ لَهَا وَافْتِرَاءً
١٣ ‏/ ١٦٥
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [يوسف: ٤٠] يَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا أَنْتُمْ وَجَمِيعُ خَلْقِهِ إِلَّا اللَّهَ الَّذِي لَهُ الْأَلُوهَةُ وَالْعِبَادَةُ خَالِصَةً دُونَ كُلِّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ
١٣ ‏/ ١٦٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا ⦗١٦٦⦘ تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [يوسف: ٤٠] قَالَ: أُسِّسَ الدِّينُ عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ»
١٣ ‏/ ١٦٥
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: ٣٦] يَقُولُ: هَذَا الَّذِي دَعَوْتُكُمَا إِلَيْهِ مِنَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عِبَادَةِ مَا سِوَى اللَّهِ مِنَ الْأَوْثَانِ، وَأَنْ تُخْلِصَا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، هُوَ الدِّينُ الْقَوِيمُ الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ، وَالْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ. ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٧] يَقُولُ: وَلَكِنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ يَجْهَلُونَ ذَلِكَ، فَلَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهُ
١٣ ‏/ ١٦٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ يُوسُفَ لِلَّذَيْنِ دَخَلَا مَعَهُ السِّجْنَ: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٤١] هُوَ الَّذِي رَأَى أَنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا، فَيَسْقِي رَبَّهُ: يَعْنِي سَيِّدَهُ وَهُوَ مَلِكُهُمْ، خَمْرًا: يَقُولُ: يَكُونُ صَاحِبَ شَرَابِهِ
١٣ ‏/ ١٦٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٤١] قَالَ: سَيِّدَهُ» وَأَمَّا الْآخَرُ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى أَنَّ عَلَى رَأْسِهِ خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ⦗١٦٧⦘ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ؛ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا عَبَّرَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ فِي مَنَامِهِمَا، قَالَا لَهُ: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا، فَقَالَ لَهُمَا: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] يَقُولُ: فَرَغَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي فِيهِ اسْتَفْتَيْتُمَا، وَوَجَبَ حُكْمُ اللَّهِ عَلَيْكُمَا بِالَّذِي أَخْبَرْتُكُمَا بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٦٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «قَالَ اللَّذَانِ دَخَلَا السِّجْنَ عَلَى يُوسُفَ: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا فَقَالَ: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١]»
١٣ ‏/ ١٦٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] قَالَ: لَمَّا قَالَا مَا قَالَا، أَخْبَرَهُمَا، فَقَالَا: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا فَقَالَ: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١]»
١٣ ‏/ ١٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «فِي الْفَتَيَيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَا يُوسُفَ وَالرُّؤْيَا: إِنَّمَا كَانَا تَحَالَمَا لِيُجَرِّبَاهُ. ⦗١٦٨⦘ فَلَمَّا أَوَّلَ رُؤْيَاهُمَا قَالَا: إِنَّمَا كُنَّا نَلْعَبُ قَالَ: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١]»
١٣ ‏/ ١٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَا رَأَى صَاحِبَا يُوسُفَ شَيْئًا، إِنَّمَا كَانَا تَحَالَمَا لِيُجَرِّبَا عِلْمَهُ؛ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَبًا، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ، نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ. فَلَمَّا عَبَّرَ، قَالَا: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا، قَالَ: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] عَلَى مَا عَبَّرَ يُوسُفُ»
١٣ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «قَالَ لِمَجَلْثِ: أَمَّا أَنْتَ فَتُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِكَ، وَقَالَ لِنَبُو: أَمَّا أَنْتَ فَتُرَدُّ عَلَى عَمَلِكَ، فَيَرْضَى عَنْكَ صَاحِبُكَ. ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] أَوْ كَمَا قَالَ»
١٣ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: «﴿فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١]»
١٣ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ⦗١٦٩⦘ نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] عِنْدَ قَوْلِهِمَا: مَا رَأَيْنَا رُؤْيَا إِنَّمَا كُنَّا نَلْعَبُ قَالَ: قَدْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا عَلَى مَا أَوَّلْتُ» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: ﴿الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] فَذَكَرَ مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٦٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ يُوسُفُ لِلَّذِي عَلِمَ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ اللَّذَيْنِ اسْتَعْبَرَاهُ الرُّؤْيَا ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] يَقُولُ: اذْكُرْنِي عِنْدَ سَيِّدِكَ، وَأَخْبِرْهُ بِمَظْلَمَتِي وَأَنِّي مَحْبُوسٌ بِغَيْرِ جُرْمٍ
١٣ ‏/ ١٦٩
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «قَالَ، يَعْنِي لِنَبُو: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢]: أَيِ اذْكُرْ لِلْمَلِكِ الْأَعْظَمِ مَظْلَمَتِي، وَحَبْسِي فِي غَيْرِ شَيْءٍ. قَالَ: أَفْعَلُ»
١٣ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ لِلَّذِي نَجَا مِنْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ، يُوسُفُ يَقُولُ: اذْكُرْنِي عِنْدَ الْمَلِكِ» ⦗١٧٠⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٣ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، «﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: عِنْدَ مَلِكِ الْأَرْضِ»
١٣ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَلِكَ»
١٣ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] الَّذِي نَجَا مِنْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ لِلْمَلِكِ، يَقُولُ يُوسُفُ: اذْكُرْنِي»
١٣ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، «أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى بَابِ السِّجْنِ قَالَ لَهُ صَاحِبٌ لَهُ. حَاجَتَكَ أَوْصِنِي بِحَاجَتِكَ قَالَ: حَاجَتِي أَنْ تَذْكُرَنِي عِنْدَ رَبِّكَ. يَنْوِي ⦗١٧١⦘ الرَّبَّ الَّذِي مَلَكَ يُوسُفَ» وَكَانَ قَتَادَةُ يُوَجِّهُ مَعْنَى الظَّنِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى الظَّنِّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْيَقِينِ
١٣ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] وَإِنَّمَا عِبَارَةُ الرُّؤْيَا بِالظَّنِّ، فَيَحِقُّ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيَبْطُلُ مَا يَشَاءُ» وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَتَادَةُ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الرُّؤْيَا ظَنٌّ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ. فَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَغَيْرُ جَائِزٍ مِنْهَا أَنْ تُخْبِرَ بِخَبَرٍ عَنْ أَمْرٍ أَنَّهُ كَائِنٌ ثُمَّ لَا يَكُونُ، أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ كَائِنٍ ثُمَّ يَكُونُ مَعَ شَهَادَتِهَا عَلَى حَقِيقَةِ مَا أَخْبَرَتْ عَنْهُ أَنَّهُ كَائِنٌ أَوْ غَيْرُ كَائِنٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ جَازَ عَلَيْهَا فِي إِخْبَارِهَا لَمْ يُؤْمَنْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ أَخْبَارِهَا، وَإِذَا لَمْ يُؤْمَنْ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِهَا سَقَطَتْ حُجَّتُهَا عَلَى مَنْ أُرْسِلَتْ إِلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَ بِخَبَرٍ إِلَّا وَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ. فَمَعْلُومٌ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ أَنَّ يُوسُفَ لَمْ يَقْطَعِ الشَّهَادَةَ عَلَى مَا أَخْبَرَ الْفَتَيَيْنِ اللَّذَيْنِ اسْتَعْبَرَاهُ أَنَّهُ كَائِنٌ، فَيَقُولُ لِأَحَدِهِمَا: ﴿أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ﴾ [يوسف: ٤١] ثُمَّ يُؤَكِّدُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] عِنْدَ قَوْلِهِمَا: لَمْ تَرَ شَيْئًا، إِلَّا وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ مَا أَخْبَرَهُمَا ⦗١٧٢⦘ بِحُدُوثِهِ، وَكَوْنِهِ أَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلِيَقِينِهِ بِكَوْنِ ذَلِكَ قَالَ لِلْنَاجِي مِنْهُمَا: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] فَبَيَّنَ إِذَنْ بِذَلِكَ فَسَادَ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ قَتَادَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا﴾ [يوسف: ٤٢]
١٣ ‏/ ١٧١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ [يوسف: ٤٢] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ غَفْلَةٍ عَرَضَتْ لِيُوسُفَ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ نَسِيَ لَهَا ذِكْرَ رَبِّهِ الَّذِي لَوْ بِهِ اسْتَغَاثَ لَأَسْرَعَ بِمَا هُوَ فِيهِ خَلَاصُهُ، وَلَكِنَّهُ زَلَّ بِهَا، فَأَطَالَ مِنْ أَجْلِهَا فِي السِّجْنِ حَبْسَهُ، وَأَوْجَعَ لَهَا عُقُوبَتَهُ
١٣ ‏/ ١٧٢
كَمَا: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: «لَمَّا قَالَ يُوسُفُ لِلسَّاقِي: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: قِيلَ: يَا يُوسُفُ اتَّخَذْتَ مِنْ دُونِي وَكِيلًا؟ لَأُطِيلَنَّ حَبْسَكَ فَبَكَى يُوسُفُ وَقَالَ: يَا رَبِّ أَنْسَى قَلْبِي كَثْرَةُ الْبَلْوَى، فَقُلْتُ كَلِمَةً، فَوَيْلٌ لِإِخْوَتِي»
١٣ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْلَا أَنَّهُ» يَعْنِي يُوسُفَ «قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ»
١٣ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: «رَحِمَ اللَّهُ يُوسُفَ لَوْلَا كَلِمَتُهُ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ»، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: ثُمَّ يَبْكِي الْحَسَنُ فَيَقُولُ: نَحْنُ إِذَا نَزَلَ بِنَا أَمْرٌ فَزِعْنَا إِلَى النَّاسِ “
١٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْلَا كَلِمَةُ يُوسُفَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ»
١٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ لَمْ يَقُلْ يُوسُفُ» يَعْنِي الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ «مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ» يَعْنِي حَيْثُ يَبْتَغِي الْفَرَجَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ “
١٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَوْ لَمْ يَسْتَعِنْ يُوسُفُ عَلَى رَبِّهِ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ»
١٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنَّ يُوسُفَ اسْتَشْفَعَ عَلَى رَبِّهِ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ، وَلَكِنْ إِنَّمَا عُوقِبَ بِاسْتِشْفَاعِهِ عَلَى رَبِّهِ»
١٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «قَالَ لَهُ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى رَأَى الْمَلِكُ الرُّؤْيَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ يُوسُفَ أَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ، وَأَمَرَهُ بِذِكْرِ الْمَلِكِ، وَابْتِغَاءِ الْفَرَجِ مِنْ عِنْدِهِ. فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢]» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] عُقُوبَةً لِقَوْلِهِ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو سَوَاءً حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ حَدِيثِ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: إِنَّمَا أَنْسَى الشَّيْطَانُ السَّاقِيَ ذِكْرَ أَمْرِ يُوسُفَ لِمَلِكِهِمْ
١٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ، يَعْنِي الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا، رُدَّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَرَضِيَ عَنْهُ صَاحِبُهُ. فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ ذَلِكَ لِلْمَلِكِ الَّذِي أَمَرَهُ يُوسُفُ أَنْ يَذْكُرَهُ، فَلَبِثَ يُوسُفُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ. يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَلَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ لِقِيلِهِ لِلْنَاجِي مِنْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ مِنَ الْقِيلِ: اذْكُرْنِي عِنْدَ سَيِّدِكَ، بِضْعَ سِنِينَ عُقُوبَةً لَهُ مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَدْرِ الْبِضْعِ الَّذِي لَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ سَبْعُ سِنِينَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «لَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ»
١٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: سَبْعَ سِنِينَ»
١٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ أَبُو الْهُذَيْلِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا، يَقُولُ: «أَصَابَ أَيُّوبَ الْبَلَاءُ سَبْعَ سِنِينَ، وَتُرِكَ فِي السِّجْنِ يُوسُفُ سَبْعَ سِنِينَ، وَعُذِّبَ بُخْتُنَصَّرَ يَجُولُ فِي السِّبَاعِ سَبْعَ ⦗١٧٦⦘ سِنِينَ»
١٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: «زَعَمُوا أَنَّهَا، يَعْنِي الْبِضْعَ: سَبْعَ سِنِينَ، كَمَا لَبِثَ يُوسُفُ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْبِضْعُ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يَقُولُ: “الْبِضْعُ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ
١٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] قَالَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ مَا دُونَ الْعَشْرِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] دُونَ الْعَشَرَةِ» ⦗١٧٧⦘ وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ الْبِضْعَ لَا يُذْكَرُ إِلَّا مَعَ الْعَشْرِ، وَمَعَ الْعِشْرِينَ إِلَى التِّسْعِينَ، وَهُوَ نَيِّفٌ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى التِّسْعَةِ. وَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ الْعَرَبَ تَفْعَلُ، وَلَا يَقُولُونَ: بِضْعُ وَمِئةٌ، وَلَا بِضْعُ وَأَلْفٌ، وَإِذَا كَانَتْ لِلْذُكْرَانِ قِيلَ: بِضْعٌ. وَالصَّوَابُ فِي الْبِضْعِ مِنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ إِلَى الْعَشْرِ، وَلَا يَكُونُ دُونَ الثَّلَاثِ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى الْعِقْدِ إِلَى الْمِئَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْمِئَةِ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ بِضْعٌ
١٣ ‏/ ١٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف: ٤٣] يَعْنِي جَلَّ ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ مَلِكُ مِصْرَ ﴿إِنِّي أَرَى﴾ [الأنفال: ٤٨] فِي الْمَنَامِ ﴿سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ﴾ [يوسف: ٤٣] مِنَ الْبَقَرِ ﴿عِجَافٌ﴾ [يوسف: ٤٣] وَقَالَ: ﴿إِنِّي أَرَى﴾ [الأنفال: ٤٨]، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، لِتَعَارُفِ الْعَرَبِ بَيْنَهَا فِي كَلَامِهَا إِذَا قَالَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ: أَرَى أَنِّي أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ ذَلِكَ فِي مَنَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ النَّوْمَ. وَأَخْرَجَ الْخَبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى مَا قَدْ جَرَى بِهِ اسْتِعْمَالُ الْعَرَبِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ. ﴿وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ﴾ [يوسف: ٤٣] يَقُولُ: وَأَرَى سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ فِي مَنَامِي. ﴿وَأُخَرَ﴾ [آل عمران: ٧] يَقُولُ: وَسَبْعًا أُخَرَ مِنَ السُّنْبُلِ ﴿يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ﴾ [يوسف: ٤٣] يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الْأَشْرَافُ مِنْ رِجَالِي وَأَصْحَابِي ﴿أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ﴾ [يوسف: ٤٣] فَاعْبُرُوهَا
١٣ ‏/ ١٧٧
﴿إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا﴾ [يوسف: ٤٣] عَبَرَةَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَرَى الْمَلِكَ فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا هَالَتْهُ، فَرَأَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ، وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ. فَجَمَعَ السَّحَرَةَ وَالْكَهَنَةَ وَالْحُزَاةَ وَالْقَافَةَ، فَقَصَّهَا عَلَيْهِمْ. ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف: ٤٤]»
١٣ ‏/ ١٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ الرَّيَّانَ بْنَ الْوَلِيدِ رَأَى رُؤْيَاهُ الَّتِي رَأَى، فَهَالَتْهُ، وَعَرَفَ أَنَّهَا رُؤْيَا وَاقِعَةٌ، وَلَمْ يَدْرِ مَا تَأْوِيلُهَا؛ فَقَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ: ﴿إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ﴾ [يوسف: ٤٣] . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف: ٤٤]»
١٣ ‏/ ١٧٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف: ٤٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ سَأَلَهُمْ مَلِكُ مِصْرَ عَنْ تَعْبِيرِ رُؤْيَاهُ: رُؤْيَاكَ ⦗١٧٩⦘ هَذِهِ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ؛ يَعْنُونَ أَنَّهَا أَخْلَاطُ رُؤْيَا كَاذِبَةٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا. وَهِيَ جَمْعُ ضِغْثٍ، وَالضِّغْثُ: أَصْلُهُ الْحُزْمَةُ مِنَ الْحَشِيشِ، يُشَبِّهُ بِهَا الْأَحْلَامَ الْمُخْتَلَطَةً الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لَهَا. وَالْأَحْلَامُ جَمْعُ حُلْمِ، وَهُوَ مَا لَمْ يُصَدَّقْ مِنَ الرُّؤْيَا، وَمِنَ الْأَضْغَاثِ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
[البحر الكامل] خَوْدٌ كَأَنَّ فِرَاشَهَا وُضِعَتْ بِهِ … أَضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاةَ شَمَالِ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر البسيط] يَحْمِي ذِمَارَ جَنِينٍ قَلَّ مَانِعُهُ … طَاو كَضِغْثِ الْخَلَا فِي الْبَطْنِ مُكْتَمِنُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٧٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ [يوسف: ٤٤] يَقُولُ: مُشْتَبِهَةٌ»
١٣ ‏/ ١٧٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ [يوسف: ٤٤] كَاذِبَةٌ»
١٣ ‏/ ١٨٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «لَمَّا قَصَّ الْمَلِكُ رُؤْيَاهُ الَّتِي رَأَى عَلَى أَصْحَابِهِ، قَالُوا: أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ: أَيْ فِعْلُ الْأَحْلَامِ»
١٣ ‏/ ١٨٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ [يوسف: ٤٤] قَالَ: أَخْلَاطُ أَحْلَامٍ، ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف: ٤٤]»
١٣ ‏/ ١٨٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ: كَاذِبَةٌ»
١٣ ‏/ ١٨٠
قَالَ: ثَنِي الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالُوا: «أَضْغَاثُ، قَالَ: كَذِبٌ»
١٣ ‏/ ١٨٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ [يوسف: ٤٤]: هِيَ الْأَحْلَامُ الْكَاذِبَةُ»
١٣ ‏/ ١٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف: ٤٤] يَقُولُ: وَمَا نَحْنُ بِمَا تَئُولُ إِلَيْهِ ⦗١٨١⦘ الْأَحْلَامُ الْكَاذِبَةُ بِعَالِمِينَ. وَالْبَاءُ الْأُولَى الَّتِي فِي التَّأْوِيلِ مِنْ صِلَةِ «الْعَالِمِينَ»، وَالَّتِي فِي «الْعَالِمِينَ» الْبَاءُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْخَبَرِ مَعَ «مَا» الَّتِي بِمَعْنَى الْجَحْدِ. وَرَفَعَ «أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ»، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: لَيْسَ هَذِهِ الرُّؤْيَا بِشَيْءٍ إِنَّمَا هِيَ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ
١٣ ‏/ ١٨٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنَ الْقَتْلِ مِنْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ اللَّذَيْنِ اسْتَعْبَرَا يُوسُفَ الرُّؤْيَا ﴿وَادَّكَرَ﴾ [يوسف: ٤٥] يَقُولُ: وَتَذَكَّرَ مَا كَانَ نَسِيَ مِنْ أَمْرِ يُوسُفَ، وَذَكَرَ حَاجَتَهُ لِلْمَلِكِ الَّتِي كَانَ سَأَلَهُ عِنْدَ تَعْبِيرِهِ رُؤْيَاهُ أَنْ يَذْكُرَهَا لَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢]، ﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] يَعْنِي بَعْدَ حِينٍ
١٣ ‏/ ١٨١
كَالَّذِي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] قَالَ: بَعْدَ حِينٍ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ ⦗١٨٢⦘ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٨١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥]: بَعْدَ حِينٍ»
١٣ ‏/ ١٨٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] قَالَ: بَعْدَ حِينٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٨٢
قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] يَقُولُ: بَعْدَ حِينٍ»
١٣ ‏/ ١٨٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: “﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] قَالَ: ذَكَرَ بَعْدَ حِينٍ
١٣ ‏/ ١٨٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] بَعْدَ حِينٍ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥]: بَعْدَ حِينٍ»
١٣ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: «﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥]: بَعْدَ حِينٍ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] قَالَ: بَعْدَ سِنِينَ»
١٣ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] قَالَ: بَعْدَ حِينٍ»
١٣ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] أَيْ بَعْدَ حِقْبَةٍ مِنَ الدَّهْرِ» وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: ﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] بِضَمِّ الْأَلِفِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْقُرَّاءِ فِي أَمْصَارِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ: «بَعْدَ أُمَّةٍ» بِفَتْحِ الْأَلِفِ، وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى بَعْدَ نِسْيَانٍ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: أَمِهَ الرَّجُلُ يَأْمَهُ أَمَهًا: إِذَا نَسِيَ. وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «بَعْدَ أَمَهٍ» وَيُفَسِّرُهَا: بَعْدَ نِسْيَانٍ»
١٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ قَرَأَ: «بَعْدَ أَمَهٍ» يَقُولُ: بَعْدَ نِسْيَانٍ»
١٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ الْخَلِيلِ الْيَحْمِدِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «أَنَّهُ قَرَأَ: «بَعْدَ أَمَهٍ» وَالْأَمَهُ: النِّسْيَانُ» حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: قَالَ هَارُونُ، وَثَنِي أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «بَعْدَ أَمَهٍ»: بَعْدَ نِسْيَانٍ “
١٣ ‏/ ١٨٥
قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ»: بَعْدَ نِسْيَانٍ “
١٣ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ: «أَيْ بَعْدَ نِسْيَانٍ»
١٣ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ⦗١٨٦⦘ قَتَادَةَ، «وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ قَالَ: مِنْ بَعْدِ نِسْيَانِهِ»
١٣ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمُعَلِّمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ” أَنَّهُ قَرَأَ: «وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ»
١٣ ‏/ ١٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، «﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥] قَالَ: بَعْدَ نِسْيَانٍ»
١٣ ‏/ ١٨٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ» يَقُولُ: بَعْدَ نِسْيَانٍ ” وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا قِرَاءَةً ثَالِثَةً وَهِيَ
١٣ ‏/ ١٨٦
مَا: حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: “قَرَأَ مُجَاهِدٌ: وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمْةٍ «مَجْزُومَةَ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً» وَكَأَنَّ قَارِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَمِهَ يَأْمَهُ أَمْهًا، وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، نَظِيرُ تَأْوِيلِ مَنْ فَتْحَ الْأَلِفَ وَالْمِيمَ
١٣ ‏/ ١٨٦
وَقَوْلُهُ: ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٤٥] يَقُولُ: أَنَا أُخْبِرُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ. ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾ [يوسف: ٤٥] يَقُولُ: فَأَطْلِقُونِي أَمْضِي لِآتِيَكُمْ بِتَأْوِيلِهِ مِنْ عِنْدِ الْعَالِمِ بِهِ. وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ قَدْ تُرِكَ ذِكْرُهُ اسْتِغْنَاءً بِمَا ظَهَرَ عَمَّا تُرِكَ وَذَلِكَ: فَأَرْسَلُوهُ فَأَتَى يُوسُفَ، فَقَالَ لَهُ: يَا يُوسُفُ يَا أَيُّهَا الصِّدِّيقُ
١٣ ‏/ ١٨٧
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «﴿وَقَالَ الْمَلِكُ﴾ [يوسف: ٤٣] لِلْمُلَإِ حَوْلَهُ: ﴿إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾ [يوسف: ٤٣] . الْآيَةَ، وَقَالُوا لَهُ مَا قَالَ، وَسَمِعَ نَبُو مِنْ ذَلِكَ مَا سَمِعَ، وَمَسْأَلَتُهُ عَنْ تَأْوِيلِهَا؛ ذَكَرَ يُوسُفَ، وَمَا كَانَ عَبَّرَ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ وَمَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ: ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ [يوسف: ٤٥] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥]: أَيْ حِقْبَةٍ مِنَ الدَّهْرِ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا يُوسُفُ إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ رَأَى كَذَا وَكَذَا فَقَصَّ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا، فَقَالَ فِيهَا يُوسُفُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا فِي الْكِتَابِ فَجَاءَهُمْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ تَأْوِيلُهَا، فَخَرَجَ نَبُو مِنْ عِنْدِ يُوسُفَ بِمَا أَفْتَاهُمْ بِهِ مِنْ تَأْوِيلِ رُؤْيَا الْمَلِكِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ» وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا إِنَّمَا قَالَ: أَرْسَلُونِي؛ لِأَنَّ السِّجْنَ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٨٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ [يوسف: ٤٥]⦗١٨٨⦘ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَكُنِ السِّجْنُ فِي الْمَدِينَةِ، فَانْطَلَقَ السَّاقِي إِلَى يُوسُفَ، فَقَالَ: ﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾ [يوسف: ٤٦] الْآيَاتِ»
١٣ ‏/ ١٨٧
قَوْلُهُ: ﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ [يوسف: ٤٦] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ رُئِينَ فِي الْمَنَامِ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ مِنْهَا عِجَافٌ، وَفِي سَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ رُئِينَ أَيْضًا، وَسَبْعٌ أُخَرَ مِنْهُنَّ يَابِسَاتٍ. فَأَمَّا السَّمَّانُ مِنَ الْبَقَرِ: فَإِنَّهَا السِّنُونَ الْمُخْصَبةُ
١٣ ‏/ ١٨٨
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ﴾ [يوسف: ٤٦] قَالَ: أَمَّا السِّمَانُ: فَسِنُونَ مِنْهَا مُخْصَبَةٌ. وَأَمَّا السَّبْعُ الْعِجَافُ: فَسِنُونَ مُجْدَبَةٌ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا»
١٣ ‏/ ١٨٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾ [يوسف: ٤٦] فَالسِّمَانُ الْمَخَاصِيبُ، وَالْبَقَرَاتُ الْعِجَافُ: هِيَ السِّنُونَ الْمُحُولُ الْجُدُوبُ»
١٣ ‏/ ١٨٨
قَوْلُهُ: ﴿وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ [يوسف: ٤٣] أَمَّا الْخُضْرُ: فَهُنَّ السِّنُونَ ⦗١٨٩⦘ الْمَخَاصِيبُ، وَأَمَّا الْيَابِسَاتُ: فَهُنَّ الْجُدُوبُ الْمُحُولُ. وَالْعِجَافُ: جَمْعُ عِجْفٌ، وَهِيَ الْمَهَازِيلُ
١٣ ‏/ ١٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٦] يَقُولُ: كَيْ أَرْجِعَ إِلَى النَّاسِ فَأُخْبِرَهُمْ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٦] يَقُولُ: لِيَعْلَمُوا تَأْوِيلَ مَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ مِنَ الرُّؤْيَا
١٣ ‏/ ١٨٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾ [يوسف: ٤٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ يُوسُفُ لِسَائِلِهِ عَنْ رُؤْيَا الْمَلِكِ: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا﴾ [يوسف: ٤٧] يَقُولُ: تَزْرَعُونَ هَذِهِ السَّبْعَ السِّنِينَ، كَمَا كُنْتُمْ تَزْرَعُونَ سَائِرَ السِّنِينَ قَبْلَهَا عَلَى عَادَتِكُمْ فِيمَا مَضَى. وَالدَّأَبُ: الْعَادَةُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
[البحر الطويل] كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا … وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ
يَعْنِي كَعَادَتِكَ مِنْهَا
١٣ ‏/ ١٨٩
وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾ [يوسف: ٤٧] وَهَذَا ⦗١٩٠⦘ مَشُورَةٌ أَشَارَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْقَوْمِ، وَرَأْي رَآهُ لَهُمْ صَلَاحًا يَأْمُرُهُمْ بِاسْتِبْقَاءِ طَعَامِهِمْ
١٣ ‏/ ١٨٩
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «قَالَ لَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ يُوسُفُ ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا﴾ [يوسف: ٤٧] . الْآيَةَ، فَإِنَّمَا أَرَادَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ الْبَقَاءَ»
١٣ ‏/ ١٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨] يَقُولُ: ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِ السِّنِينَ السَّبْعِ الَّتِي تَزْرَعُونَ فِيهَا دَأَبًا، سِنُونَ سَبْعٌ شِدَادٌ؛ يَقُولُ: جُدُوبٌ قَحْطَةٌ ﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ﴾ [يوسف: ٤٨] يَقُولُ: يُؤْكَلُ فِيهِنَّ مَا قَدَّمْتُمْ فِي إِعْدَادِ مَا أَعْدَدْتُمْ لَهُنَّ فِي السِّنِينَ السَّبْعَةِ الْخَصْبَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَالْأَقْوَاتِ. وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يَأْكُلْنَ﴾ [يوسف: ٤٨] فَوَصَفَ السِّنِينَ بِأَنَّهُنَّ يَأْكُلُهُنَّ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: أَنَّ أَهْلَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ يَأْكُلُونَ فِيهِنَّ، كَمَا قِيلَ:
[البحر الطويل]
١٣ ‏/ ١٩٠
نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ … وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لَازِمُ
فَوَصَفَ النَّهَارَ بِالسَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، وَاللَّيْلَ بِالنَّوْمِ، وَإِنَّمَا يَسْهَى فِي هَذَا وَيَغْفَلُ فِيهِ وَيَنَامُ فِي هَذَا، لِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِمَعْنَاهُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ: ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨]، يَقُولُ: إِلَّا يَسِيرًا مِمَّا تُحْرِزُونَهُ. وَالْإِحْصَانُ: التَّصْيِيرُ فِي الْحِصْنِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهُ: الْإِحْرَازُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ﴾ [يوسف: ٤٨] يَقُولُ يَأْكُلْنَ مَا كُنْتُمْ اتَّخَذْتُمْ فِيهِنَّ مِنَ الْقُوتِ، ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨]»
١٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ﴾ [يوسف: ٤٨] وَهُنَّ الْجُدُوبُ الْمُحُولُ، ﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨]»
١٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ⦗١٩٢⦘ سَبْعٌ شِدَادٌ﴾ [يوسف: ٤٨] وَهُنَّ الْجُدُوبُ، ﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨]: مِمَّا تَدَّخِرُونَ»
١٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨] يَقُولُ: تَخْزِنُونَ»
١٣ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨]: تُحْرِزُونَ»
١٣ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨] قَالَ: مِمَّا تَرْفَعُونَ» وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي قَوْلِهِ: ﴿تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨] وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ قَائِلِيهَا فِيهِ، فَإِنَّ مَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ وَتَأْوِيلُهَا عَلَى مَا بَيَّنْتُ
١٣ ‏/ ١٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] وَهَذَا خَبَرٌ مِنْ يُوسُفَ عليه السلام لِلْقَوْمِ عَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي رُؤْيَا مَلِكِهِمْ، وَلَكِنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ دَلَالَةً عَلَى نُبُوَّتِهِ وَحُجَّةً عَلَى صِدْقِهِ
١٣ ‏/ ١٩٢
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «ثُمَّ زَادَهُ اللَّهُ عِلْمَ سَنَةٍ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهَا، فَقَالَ: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩]» وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾ [يوسف: ٤٩] بِالْمَطَرِ وَالْغَيْثِ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: فِيهِ يُغَاثُونَ بِالْمَطَرِ»
١٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، «﴿فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: بِالْمَطَرِ»
١٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: أَخْبَرَهُمْ بِشَيْءٍ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهُ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَلَّمَهُ إِيَّاهُ، عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ بِالْمَطَرِ»
١٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗١٩٤⦘ مُجَاهِدٍ، «﴿فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾ [يوسف: ٤٩] بِالْمَطَرِ»
١٣ ‏/ ١٩٣
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَفِيهِ يَعْصِرُونَ الْعِنَبَ وَالسِّمْسِمَ وَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: الْأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ»
١٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] السِّمْسِمَ دُهْنًا، وَالْعِنَبَ خَمْرًا، وَالزَّيْتُونَ زَيْتًا»
١٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] يَقُولُ: يُصِيبُهُمْ غَيْثٌ، فَيَعْصِرُونَ فِيهِ الْعِنَبَ، وَيَعْصِرُونَ فِيهِ الزَّيْتَ، وَيَعْصِرُونَ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ»
١٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: يَعْصِرُونَ أَعْنَابَهُمْ»
١٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: الْعِنَبَ»
١٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: كَانُوا يَعْصِرُونَ الْأَعْنَابَ وَالثَّمَرَاتِ»
١٣ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: يَعْصِرُونَ الْأَعْنَابَ وَالزَّيْتُونَ وَالثِّمَارَ مِنَ الْخِصْبِ، هَذَا عِلْمٌ آتَاهُ اللَّهُ يُوسُفَ لَمْ يُسْئَلْ عَنْهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] وَفِيهِ يَحْلِبُونَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٣ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي ابْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] قَالَ: فِيهِ يَحْلِبُونَ»
١٣ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ،
١٣ ‏/ ١٩٥
قَالَ: ثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: «وَفِيهِ تَعْصِرُونَ» بِالتَّاءِ، يَعْنِي تَحْتَلِبُونَ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] بِالْيَاءِ، بِمَعْنَى مَا وَصَفْتُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَصْرَ الْأَعْنَابِ وَالْأَدْهَانِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: (وَفِيهِ تَعْصِرُونَ) بِالتَّاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ: «وَفِيهِ يُعْصَرُونَ» بِمَعْنَى: يُمْطَرُونَ، وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِخِلَافِهَا مَا عَلَيْهِ مِنْ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لِقَارِئِهِ الْخِيَارَ فِي قِرَاءَتِهِ بِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِالْيَاءِ رَدًّا عَلَى الْخَبَرِ بِهِ عَنِ النَّاسِ، عَلَى مَعْنَى: ﴿فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] أَعْنَابَهُمْ وَأَدْهَانَهُمْ. وَإِنْ شَاءَ بِالتَّاءِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨] وَخِطَابًا بِهِ لِمَنْ خَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا
١٣ ‏/ ١٩٦
مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨] لِأَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ بِاتِّفَاقِ الْمَعْنَى، وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ بِهِمَا. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ كَانَ لَا شَكَّ أَنَّهُمْ أُغِيثُوا وَعُصِرُوا: أُغِيثَ النَّاسُ الَّذِينَ كَانُوا بِنَاحِيَتِهِمْ وَعُصِرُوا، وَكَذَلِكَ كَانُوا إِذَا أُغِيثَ النَّاسُ بِنَاحِيَتِهِمْ وَعُصِرُوا، أُغِيثَ الْمُخَاطَبُونَ وَعُصِرُوا، فَهُمَا مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى، وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ بِقِرَاءَةِ ذَلِكَ. وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِمَّنْ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأْيهِ عَلَى مَذْهَبِ كَلَامِ الْعَرَبِ يُوَجِّهُ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩] إِلَى: وَفِيهِ يَنْجُونَ مِنَ الْجَدْبِ وَالْقَحْطِ بِالْغَيْثِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ مِنَ الْعَصْرِ، وَالْعَصْرُ الَّتِي بِمَعْنَى الْمَنْجَاةِ، مِنْ قَوْلِ أَبِي زُبَيْدٍ الطَّائِيِّ:
[البحر الخفيف] صَادِيًا يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ … ولَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ الْمَنْجُودِ
أَيِ الْمَقْهُورِ، وَمِنْ قَوْلِ لَبِيدٍ:
[البحر الطويل] فَبَاتَ وَأَسْرَى الْقَوْمُ آخِرَ لَيْلِهِمْ … وَمَا كَانَ وَقَّافًا بِغَيْرِ مُعَصَّرِ
وَذَلِكَ تَأْوِيلٌ يَكْفِي مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطَئِهِ، خِلَافُهُ قَوْلَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
١٣ ‏/ ١٩٧
وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي رَوَى الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَقَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَخِلَافُ مَا يُعْرَفُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
١٣ ‏/ ١٩٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُولُ الَّذِي أَرْسَلُوهُ إِلَى يُوسُفَ، الَّذِي قَالَ: ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ [يوسف: ٤٥] فَأَخْبَرَهُمْ بِتَأْوِيلِ رُؤْيَا الْمَلِكِ عَنْ يُوسُفَ، عَلِمَ الْمَلِكُ حَقِيقَةَ مَا أَفْتَاهُ بِهِ مِنْ تَأْوِيلِ رُؤْيَاهُ، وَصِحَّةَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْمَلِكُ: ائْتُونِي بِالَّذِي عَبَّرَ رُؤْيَايَ هَذِهِ
١٣ ‏/ ١٩٨
كَالَّذِي: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «فَخَرَجَ نَبُو مِنْ عِنْدِ يُوسُفَ بِمَا أَفْتَاهُمْ بِهِ مِنْ تَأْوِيلِ رُؤْيَا الْمَلِكِ حَتَّى أَتَى الْمَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِمَا فِي نَفْسِهِ كَمَثَلِ النَّهَارِ وَعَرَفَ أَنَّ الَّذِيَ قَالَ كَائِنٌ كَمَا قَالَ، قَالَ: ائْتُونِي بِهِ»
١٣ ‏/ ١٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «لَمَّا أَتَى الْمَلِكَ رَسُولُهُ، قَالَ: ائْتُونِي بِهِ»
١٣ ‏/ ١٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ﴾ [يوسف: ٥٠] يَقُولُ: فَلَمَّا جَاءَهُ رَسُولُ الْمَلِكِ يَدْعُوهُ إِلَى الْمَلِكِ، ﴿قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٥٠] يَقُولُ: قَالَ يُوسُفُ لِلرَّسُولِ: ارْجِعْ إِلَى سَيِّدِكَ ﴿فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٥٠] وَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَ الرَّسُولِ، وَإِجَابَةَ الْمَلِكِ حَتَّى يَعْرِفَ صِحَّةَ أَمْرِهِ عِنْدَهُمْ مِمَّا كَانُوا قَذَفُوهُ بِهِ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: سَلِ الْمَلِكَ مَا شَأْنُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي سُجِنْتُ بِسَبَبِهَا
١٣ ‏/ ١٩٩
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٥٠] وَالْمَرْأَةِ الَّتِي سُجِنْتُ بِسَبَبِ أَمْرِهَا عَمَّا كَانَ مِنْ ذَلِكَ»
١٣ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «لَمَّا أَتَى الْمَلِكَ رَسُولُهُ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ ﴿ائْتُونِي بِهِ﴾ [يوسف: ٥٠] فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ وَدَعَاهُ إِلَى الْمَلِكِ أَبَى يُوسُفُ الْخُرُوجَ مَعَهُ، وَقَالَ: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٥٠] الْآيَةَ»
١٣ ‏/ ١٩٩
قَالَ السُّدِّيُّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَوْ خَرَجَ يُوسُفُ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمَلِكُ بِشَأْنِهِ، مَا زَالَتْ فِي نَفْسِ الْعَزِيزِ مِنْهُ حَاجَةٌ، يَقُولُ: هَذَا الَّذِي رَاوَدَ ⦗٢٠٠⦘ امْرَأَتَهُ»
١٣ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَرْحَمُ اللَّهُ يُوسُفَ إِنْ كَانَ ذَا أَنَاةٍ، لَوْ كُنْتُ أَنَا الْمَحْبُوسُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ لَخَرَجْتُ سَرِيعًا، إِنْ كَانَ لَحَلِيمًا ذَا أَنَاةٍ»
١٣ ‏/ ٢٠٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ، إِذْ جَاءَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٥٠] الْآيَةَ» حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِهِ
١٣ ‏/ ٢٠٠
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبَانَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: ثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِي» حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِهِ
١٣ ‏/ ٢٠١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٠] قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ كُنْتُ أَنَا لَأَسْرَعْتُ الْإِجَابَةَ، وَمَا ابْتَغَيْتُ الْعُذْرَ»
١٣ ‏/ ٢٠١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَرَأَ: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٥٠] . . . الْآيَةَ، فَقَالَ ⦗٢٠٢⦘ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ بَعَثَ إِلَيَّ لَأَسْرَعْتُ فِي الْإِجَابَةِ وَمَا ابْتَغَيْتُ الْعُذْرَ»
١٣ ‏/ ٢٠١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ يُوسُفَ وَصَبْرِهِ وَكَرَمِهِ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْبَقَرَاتِ الْعِجَافِ وَالسِّمَانِ، وَلَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ مَا أَخْبَرْتُهُمْ بِشَيْءٍ حَتَّى أَشْتَرِطَ أَنْ يُخْرِجُونِيَ، وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ يُوسُفَ وَصَبْرِهِ وَكَرَمِهِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ حِينَ أَتَاهُ الرَّسُولُ، وَلَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ لَبَادَرْتُهُمُ الْبَابَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعُذْرُ»
١٣ ‏/ ٢٠٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ [يوسف: ٥٠] أَرَادَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ أَنْ لَا يَخْرُجَ حَتَّى يَكُونَ لَهُ الْعُذْرُ»
١٣ ‏/ ٢٠٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: «﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يوسف: ٥٠] قَالَ: أَرَادَ يُوسُفُ الْعُذْرَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ السِّجْنِ»
١٣ ‏/ ٢٠٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٠] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذُو عِلْمٍ ⦗٢٠٣⦘ بِصَنِيعِهِنَّ وَأَفْعَالِهِنَّ الَّتِي فَعَلْنَ بِي وَيَفْعَلْنَ بِغَيْرِي مِنَ النَّاسِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ جَزَائِهِنَّ عَلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ سَيِّدِي إِطْفِيرَ الْعَزِيزَ زَوْجَ الْمَرْأَةِ الَّتِي رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ذُو عِلْمٍ بِبَرَاءَتِي مِمَّا قَذَفَتْنِي بِهِ مِنَ السُّوءِ
١٣ ‏/ ٢٠٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف: ٥١] وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ قَدِ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ عَنْهُ، وَهُوَ: فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَى الْمَلِكِ مِنْ عِنْدِ يُوسُفَ بِرِسَالَتِهِ، فَدَعَا الْمَلِكُ النِّسْوَةَ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَامْرَأَةَ الْعَزِيزِ، فَقَالَ لَهُنَّ: ﴿مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١]
١٣ ‏/ ٢٠٣
كَالَّذِي: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، «فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ الْمَلِكَ مِنْ عِنْدِ يُوسُفَ بِمَا أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ جَمَعَ النِّسْوَةَ ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١]» وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿مَا خَطْبُكُنَّ﴾ [يوسف: ٥١] مَا كَانَ أَمْرُكُنَّ، وَمَا كَانَ شَأْنُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَجَبْنَهُ: ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ، ⦗٢٠٤⦘ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ [يوسف: ٥١] تَقُولُ: الْآنَ تَبَيَّنَ الْحَقُّ وَانْكَشَفَ فَظَهَرَ، ﴿أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١] وَإِنَّ يُوسُفَ لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِي قَوْلِهِ ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ [يوسف: ٢٦] .

وَبِمِثْلِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى: ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ [يوسف: ٥١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:

١٣ ‏/ ٢٠٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ [يوسف: ٥١] قَالَ: تَبَيَّنَ»
١٣ ‏/ ٢٠٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ [يوسف: ٥١] تَبَيَّنَ»

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …