سُورَةُ الْمَائِدَةِ 7

وَقَوْلُهُ: ﴿مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: ٨٣] يَقُولُ: فَيْضُ دُمُوعِهُمْ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِأَنَّ الَّذِي يُتْلَى عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ حَقٌّ:
٨ ‏/ ٦٠١
كَمَا حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: بَعَثَ النَّجَاشِيُّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلًا يَسْأَلُونَهُ وَيَأْتُونَهُ بِخَبَرِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنَ فَبَكَوْا. وَكَانَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ رُهْبَانٌ وَخَمْسَةٌ قِسِّيسُونَ، أَوْ خَمْسَةٌ رُهْبَانٌ وَسَبْعَةٌ قِسِّيسُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ [المائدة: ٨٣] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ “
٨ ‏/ ٦٠١
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ [المائدة: ٨٣]»
٨ ‏/ ٦٠٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: ٨٣]، قَالَ: «ذَلِكَ فِي النَّجَاشِيِّ»
٨ ‏/ ٦٠٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: “كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ [المائدة: ٨٣]
٨ ‏/ ٦٠٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الْآيَاتِ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ، وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ [المائدة: ٨٣] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: ٦٣]، قَالَ: «مَا زِلْتُ أَسْمَعُ عُلَمَاءَنَا يَقُولُونَ: نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ»
٨ ‏/ ٦٠٢
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يَقُولُونَ﴾ [المائدة: ٨٣]، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ بِلَفْظِ اسْمٍ كَانَ نَصْبًا عَلَى الْحَالِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ قَائِلِينَ: رَبَّنَا آمَنَّا. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا﴾ [المائدة: ٨٣] أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا صَدَّقْنَا لَمَّا سَمِعْنَا مَا أَنْزَلْتَهُ إِلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ كِتَابِكَ، وَأَقْرَرْنَا بِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِكَ، وَأَنَّهُ الْحَقُّ لَا شَكَّ فِيهِ
٨ ‏/ ٦٠٣
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٥٣]، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي تَأْوِيلِهِ مَا
٨ ‏/ ٦٠٣
حَدَّثَنَا بِهِ، هَنَّادٌ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي وَابْنُ نُمَيْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٣]، قَالَ: «أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ»
٨ ‏/ ٦٠٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٣] «مَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ»
٨ ‏/ ٦٠٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٣] «يَعْنُونَ بِالشَّاهِدِينَ مُحَمَّدًا ﷺ وَأُمَّتَهُ»
٨ ‏/ ٦٠٣
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٣]، قَالَ: «مُحَمَّدٍ ﷺ وَأُمَّتِهِ، أَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَشَهِدُوا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغَتْ» حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: ثني ⦗٦٠٤⦘ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَشَهِدُوا لِلرُّسُلِ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا ” فَكَأَنَّ مُتَأَوِّلَ هَذَا التَّأْوِيلِ قَصَدَ بِتَأْوِيلِهِ هَذَا إِلَى مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]، فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ الشَّاهِدِينَ هُمُ الشُّهَدَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]، وَهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَإِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ ذَلِكَ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ لِأَنْبِيَائِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا أُمَمَهُمْ رِسَالَاتِكَ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ مَا أَنْزَلْتَهُ إِلَى رَسُولِكَ مِنَ الْكُتُبِ حَقٌّ، كَانَ صَوَابًا لِأَنَّ ذَلِكَ خَاتِمَةُ قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٣]، وَذَلِكَ صِفَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَهُمْ بِإِيمَانِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَتَكُونُ مَسْأَلَتُهُمْ أَيْضًا اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُمُ مِمَّنْ صَحَّتْ عِنْدَهُ شَهَادَتُهُمْ بِذَلِكَ، وَيُلْحِقُهُمْ فِي الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ مَنَازِلَهُمْ. وَمَعْنَى الْكِتَابِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْجَعْلُ، يَقُولُ: فَاجْعَلْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، وَأَثْبِتْنَا مَعَهُمْ فِي عِدَادِهِمْ
٨ ‏/ ٦٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ [المائدة: ٨٤] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ
٨ ‏/ ٦٠٤
الْآيَاتِ، أَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ كِتَابِهِ، آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَقَالُوا: مَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ؟ يَقُولُ: لَا نُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، ﴿وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: ٨٤] يَقُولُ: وَمَا جَاءَنَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ وَآيِ تَنْزِيلِهِ، وَنَحْنُ نَطْمَعُ بِإِيمَانِنَا بِذَلِكَ ﴿أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ [المائدة: ٨٤]، يَعْنِي بِالْقَوْمِ الصَّالِحِينَ: الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ الْمُطِيعِينَ لَهُ، الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا مِنَ اللَّهِ الْجَنَّةَ بِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ. وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: وَنَحْنُ نَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ أَهْلِ طَاعَتِهِ مَدَاخِلَهُمْ مِنْ جَنَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُلْحِقُ مَنَازِلَنَا بِمَنَازِلِهِمْ، وَدَرَجَاتِنَا بِدَرَجَاتِهِمْ فِي جَنَّاتِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٨ ‏/ ٦٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ [المائدة: ٨٤]، قَالَ: «الْقَوْمُ الصَّالِحُونَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ»
٨ ‏/ ٦٠٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: ٨٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَجَزَاهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِمْ: رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ، وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥]، يَعْنِي: بَسَاتِينَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [البقرة: ١٦٢]، يَقُولُ: دَائِمًا فِيهَا مُكْثُهُمْ، لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يُحَوَّلُونَ عَنْهَا ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: ٨٥]، يَقُولُ: وَهَذَا الَّذِي جَزَيْتُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ بِمَا وَصَفْتُ عَنْهُمْ مِنْ قِيلِهِمْ عَلَى مَا قَالُوا مِنَ الْجَنَّاتِ الَّتِي
٨ ‏/ ٦٠٥
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، جَزَاءُ كُلِّ مُحْسِنٍ فِي قِيلِهِ وَفِعْلِهِ. وَإِحْسَانُ الْمُحْسِنِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُوَحِّدَ اللَّهَ تَوْحِيدًا خَالِصًا مَحْضًا لَا شِرْكَ فِيهِ، وَيُقِرُّ بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَمَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْكُتُبِ، وَيُؤَدِّي فَرَائِضَهُ، وَيَجْتَنِبُ مَعَاصِيهِ، فَذَلِكَ كَمَالُ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [آل عمران: ١٥] .
٨ ‏/ ٦٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [المائدة: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيدَ اللَّهِ، وَأَنْكَرُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَكَذَّبُوا بِآيَاتِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ، يَقُولُ: هُمْ سُكَّانُهَا وَاللَّابِثُونَ فِيهَا. وَالْجَحِيمُ: مَا اشْتَدَّ مِنَ النَّارِ، وَهُوَ الْجَاحِمُ وَالْجَحِيمُ.
٨ ‏/ ٦٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ ﷺ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿، لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، يَعْنِي بِالطَّيِّبَاتِ: اللَّذِيذَاتِ الَّتِي تَشْتَهِيهَا النُّفُوسُ وَتَمِيلُ إِلَيْهَا الْقُلُوبُ، فَتَمْنَعُوهَا إِيَّاهَا، كَالَّذِي فَعَلَهُ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ، فَحَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ النِّسَاءَ وَالْمَطَاعِمَ الطَّيِّبَةَ وَالْمَشَارِبَ اللَّذِيذَةَ، وَحَبَسَ فِي الصَّوَامِعِ بَعْضُهُمْ أَنْفُسَهُمْ، وَسَاحَ فِي الْأَرْضِ بَعْضُهُمْ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَا تَفْعَلُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ كَمَا فَعَلَ أُولَئِكَ، وَلَا تَعْتَدُوا حَدَّ اللَّهِ الَّذِي حَدَّ لَكُمْ فِيمَا أَحَلَّ لَكُمْ وَفِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ، فَتُجَاوِزُوا حَدَّهُ الَّذِي حَدَّهُ، فَتُخَالِفُوا بِذَلِكَ طَاعَتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنِ اعْتَدَى حَدَّهُ الَّذِي حَدَّهُ لِخَلْقِهِ
٨ ‏/ ٦٠٦
فِيمَا أَحَلَّ لَهُمْ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٨ ‏/ ٦٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: ثنا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] الْآيَةَ، قَالَ: «عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأُنَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَرَّمُوا عَلَيْهِمُ النِّسَاءَ، وَامْتَنَعُوا مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْطَعَ ذَكَرَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ»
٨ ‏/ ٦٠٧
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثني خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «كَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ هَمُّوا بِالْخِصَاءِ وَتَرْكِ اللَّحْمِ وَالنِّسَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]»
٨ ‏/ ٦٠٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «أَنَّ رِجَالًا، أَرَادُوا كَذَا وَكَذَا، وَأَرَادُوا كَذَا وَكَذَا، وَأَنْ يَخْتَصُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٨]»
٨ ‏/ ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ⦗٦٠٨⦘ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] قَالَ: «كَانُوا حَرَّمُوا الطَّيِّبَ وَاللَّحْمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا فِيهِمْ»
٨ ‏/ ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «أَنَّ أُنَاسًا قَالُوا: لَا نَتَزَوَّجُ، وَلَا نَأْكُلُ، وَلَا نَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]»
٨ ‏/ ٦٠٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: أَرَادَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَرْفُضُوا الدُّنْيَا وَيَتْرُكُوا النِّسَاءَ وَيَتَرَهَّبُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَغَلَّظَ فِيهِمُ الْمَقَالَةَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالتَّشْدِيدِ، شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدِّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأُولَئِكَ بَقَايَاهُمْ فِي الدِّيَارِ وَالصَّوَامِعِ، اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحُجُّوا وَاعْتَمِرُوا، وَاسْتَقِيمُوا يُسْتَقَمْ لَكُمْ» قَالَ: وَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] الْآيَةَ
٨ ‏/ ٦٠٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، أَرَادُوا أَنْ يَتَخَلَّوْا مِنَ اللِّبَاسِ وَيَتْرُكُوا النِّسَاءَ وَيَتَزَهَّدُوا، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ»
٨ ‏/ ٦٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي ⦗٦٠٩⦘ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَكُونُوا قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا»
٨ ‏/ ٦٠٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] الْآيَةَ، ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ رَفَضُوا النِّسَاءَ وَاللَّحْمَ وَأَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا الصَّوَامِعَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَيْسَ فِي دِينِي تَرْكُ النِّسَاءِ وَاللَّحْمِ، وَلَا اتِّخَاذُ الصَّوَامِعِ» وَخُبِّرْنَا أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اتَّفَقُوا، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ اللَّيْلَ لَا أَنَامُ، وَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ النَّهَارَ فَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آتِي النِّسَاءَ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكُمُ اتَّفَقْتُمْ عَلَى كَذَا؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: «لَكِنِّي أَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَآتِي النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» . وَكَانَ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِكَ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِكَ، وَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ» . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: «إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَهَؤُلَاءِ إِخْوَانُهُمْ فِي الدُّورِ وَالصَّوَامِعِ، اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَحُجُّوا وَاعْتَمِرُوا، وَاسْتَقِيمُوا يُسْتَقَمْ لَكُمْ»
٨ ‏/ ٦٠٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَلَسَ يَوْمًا، فَذَكَّرَ النَّاسَ، ثُمَّ قَامَ ⦗٦١٠⦘ وَلَمْ يَزِدْهُمْ عَلَى التَّخْوِيفِ، فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانُوا عَشَرَةً، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ: مَا حَقُّنَا إِنْ لَمْ نُحْدِثْ عَمَلًا، فَإِنَّ النَّصَارَى قَدْ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَنَحْنُ نُحَرِّمُ. فَحَرَّمَ بَعْضُهُمْ أَكْلَ اللَّحْمِ وَالْوَدَكِ، وَأَنْ يَأْكُلَ بِالنَّهَارِ، وَحَرَّمَ بَعْضُهُمُ النَّوْمَ، وَحَرَّمَ بَعْضُهُمُ النِّسَاءَ، فَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مِمَّنْ حَرَّمَ النِّسَاءَ، وَكَانَ لَا يَدْنُو مِنْ أَهْلِهِ وَلَا يَدْنُونَ مِنْهُ، فَأَتَتِ امْرَأَتُهُ عَائِشَةَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهَا: الْحَوْلَاءُ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَمَنْ عِنْدَهَا مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: مَا بَالُكِ يَا حَوْلَاءُ مُتَغَيِّرَةَ اللَّوْنِ، لَا تَمْتَشِطِينَ وَلَا تَطَيَّبِينَ؟ فَقَالَتْ: وَكَيْفَ أَتَطَيَّبُ وَأَمْتَشِطُ وَمَا وَقَعَ عَلَيَّ زَوْجِي وَلَا رَفَعَ عَنِّي ثَوْبًا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَجَعَلْنَ يَضْحَكْنَ مِنْ كَلَامِهَا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ يَضْحَكْنَ، فَقَالَ: «وَمَا يُضْحِكْكُنَّ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَوْلَاءُ سَأَلْتُهَا عَنْ أَمْرِهَا، فَقَالَتْ: مَا رَفَعَ عَنِّي زَوْجِي ثَوْبًا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ: «مَا بَالُكَ يَا عُثْمَانُ؟» قَالَ: إِنِّي تَرَكْتُهُ لِلَّهِ لِكَيْ أَتَخَلَّى لِلْعِبَادَةِ. وَقَصَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ أَرَادَ أَنْ يَجُبَّ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا رَجَعْتَ فَوَاقَعْتَ أَهْلَكَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: «أَفْطِرْ»، فَأَفْطَرَ وَأَتَى أَهْلَهُ فَرَجَعَتِ الْحَوْلَاءُ إِلَى عَائِشَةَ قَدِ اكْتَحَلَتْ وَامَتَشَطَتْ وَتَطَيَّبَتْ. فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ: مَا بَالُكِ يَا حَوْلَاءُ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَتَاهَا أَمْسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَالطَّعَامَ وَالنَّوْمَ؟ أَلَا إِنِّي أَنَامُ وَأَقُومُ، وَأُفْطِرُ وَأَصُومُ، وَأَنْكَحُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا ⦗٦١١⦘ أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾ [المائدة: ٨٧]، يَقُولُ لِعُثْمَانَ: لَا تَجُبَّ نَفْسَكَ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الِاعْتِدَاءُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا أَيْمَانَهُمْ، فَقَالَ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]
٨ ‏/ ٦٠٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] قَالَ: هَمَّ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالُوا: نَقْطَعُ مَذَاكِيرَنَا، وَنَتْرُكُ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا. وَنَسِيحُ فِي الْأَرْضِ كَمَا تَفْعَلُ الرُّهْبَانُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ. فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَنْكَحُ النِّسَاءَ، فَمَنْ أَخَذَ بِسُنَّتِي فَهُوَ مِنِّي، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»
٨ ‏/ ٦١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ ثنا عَمِّي قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، وَذَلِكَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَاللَّحْمَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَخَذُوا الشِّفَارِ لِيَقْطَعُوا مَذَاكِيرَهُمْ لِكَيْ تَنْقَطِعَ الشَّهْوَةُ وَيَتَفَرَّغُوا لِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ. فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: «مَا أَرَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: أَرَدْنَا أَنْ تَنْقَطِعَ الشَّهْوَةُ عَنَّا وَنَتَفَرَّغَ لِعِبَادَةِ رَبَّنَا، وَنَلْهُوَ عَنِ النِّسَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ، وَلَكِنِّي أُمِرْتُ فِي دِينِي أَنْ أَتَزَوَّجَ النِّسَاءَ» . فَقَالُوا: نُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ، وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]⦗٦١٢⦘ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٨]
٨ ‏/ ٦١١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَرَادَ رِجَالٌ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنْ يَتَبَتَّلُوا، وَيُخْصُوا، أَنْفُسَهُمْ، وَيَلْبَسُوا الْمُسُوحَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٨]
٨ ‏/ ٦١٢
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فِي أَصْحَابٍ تَبَتَّلُوا، فَجَلَسُوا فِي الْبُيُوتِ وَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ وَحَرَّمُوا طَيِّبَاتِ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ، إِلَّا مَا أَكَلَ وَلَبِسَ أَهْلُ السِّيَاحَةِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهَمُّوا بِالِاخْتِصَاءِ، وَأَجْمَعُوا لَقِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ، فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]، يَقُولُ: لَا تَسْتَنُّوا بِغَيْرِ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ، يُرِيدُ مَا حَرَّمُوا مِنَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ، وَمَا أَجْمَعُوا لَهُ مِنْ صِيَامِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَمَا هَمُّوا لَهُ مِنَ الْإِخْصَاءِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ فِيهِمْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ لِأَنْفُسِكُمْ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَعْيُنِكُمْ حَقًّا، صُومُوا وَأَفْطِرُوا، وَصَلُّوا وَنَامُوا، فَلَيْسَ مِنَّا مَنْ تَرَكَ سُنَّتَنَا» قَالُوا: اللَّهُمَّ أَسْلَمْنَا وَاتَّبَعْنَا مَا أَنْزَلْتَ
٨ ‏/ ٦١٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، قَالَ: قَالَ أُبَيُّ: ضَافَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ ضَيْفٌ، فَانْقَلَبَ ابْنُ رَوَاحَةَ وَلَمْ يَتَعَشَّ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: مَا عَشَّيْتِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَانْتَظَرْتُ أَنْ تَأْتِيَ. قَالَ: فَحَبَسْتِ ضَيْفِي مِنْ أَجْلِي؟ فَطَعَامُكِ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ ذُقْتُهُ، فَقَالَتْ هِيَ: وَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ ذُقْتُهُ إِنْ لَمْ تَذُقْهُ، وَقَالَ الضَّيْفُ: هُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ ذُقْتُهُ إِنْ لَمْ تَذُوقُوهُ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: قَرِّبِي طَعَامَكِ، كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ، وَغَدَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَدْ أَحْسَنْتَ»، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] وَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] إِذَا قُلْتَ: «وَاللَّهِ لَا أَذُوقُهُ»، فَذَلِكَ الْعَقْدُ
٨ ‏/ ٦١٣
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ” أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي إِذَا أَصَبْتُ مِنَ اللَّحْمِ انْتَشَرْتُ وَأَخَذَتْنِي شَهْوَتِي، فَحَرَّمْتُ اللَّحْمَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]
٨ ‏/ ٦١٣
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ ⦗٦١٤⦘ عِكْرِمَةَ، قَالَ: “هَمَّ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِتَرْكِ النِّسَاءِ وَالْخِصَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] الْآيَةَ
٨ ‏/ ٦١٣
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الِاعْتِدَاءِ الَّذِي قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٩٠]، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «الِاعْتِدَاءُ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ مَا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ هَمَّ بِهِ مِنْ جَبِّ نَفْسِهِ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ لَهُ: هَذَا هُوَ الِاعْتِدَاءُ» وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ السُّدِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: ثني أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ عَنْهُ بِهِ
٨ ‏/ ٦١٤
وَقَالَ آخَرُونَ: «بَلْ ذَلِكَ» هُوَ مَا كَانَ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَمُّوا بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَالنَّوْمِ، فَنُهُوا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ وَأَنْ يَسْتَنُّوا بِغَيْرِ سُنَّةِ نَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ ﷺ ” وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عِكْرِمَةُ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْهُ بِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ ذَلِكَ نَهْي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْ يُتَجَاوَزَ الْحَلَالُ إِلَى الْحَرَامِ
٨ ‏/ ٦١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
٨ ‏/ ٦١٤
آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾ [المائدة: ٨٧]، قَالَ: «لَا تَعْتَدُوا إِلَى مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَى الِاعْتِدَاءِ: تَجَاوَزُ الْمَرْءِ مَالَهُ إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ عَمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا تَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ١٩٠] النَّهْيَ عَنِ الْعُدْوَانِ كُلِّهِ، كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْكُومًا لِمَا عَمَّهُ بِالْعُمُومِ حَتَّى يَخُصَّهُ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَدَّى حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مِمَّا أَحَلَّ أَوْ حَرَّمَ، فَمَنْ تَعَدَّاهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٩٠]، وَغَيْرُ مُسْتَحِيلٌ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَالرَّهْطِ الَّذِينَ هَمُّوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمَا هَمُّوا بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيَكُونُ مُرَادًا بِحُكْمِهَا كُلَّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُمْ مِمَّنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، أَوْ أَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ تَجَاوَزَ حَدًّا حَدَّهُ اللَّهُ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ هَمُّوا بِمَا هَمُّوا بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضِ مَا أَحَلَّ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا عُوتِبُوا عَلَى مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ تَجَاوِزِهِمْ مَا سَنَّ لَهُمْ وَحَّدَ إِلَى غَيْرِهِ
٨ ‏/ ٦١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رِزْقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ نَهَاهُمْ أَنْ يُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ: ﴿كُلُوا﴾ [البقرة: ٥٧] أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الَّذِي رَزَقَكُمْ وَأَحَلَّهُ لَكُمْ حَلَالًا طَيِّبًا:
٨ ‏/ ٦١٥
كَمَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رِزْقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٨٨] يَعْنِي: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ»
٨ ‏/ ٦١٦
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٨] فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَخَافُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَعْتَدُوا فِي حُدُودِهِ، فَتُحِلُّوا مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ، وَتُحَرِّمُوا مَا أَحَلَّ لَكُمْ، وَاحْذَرُوهُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُخَالِفُوهُ فَيَنْزِلُ بِكُمْ سَخَطُهُ، أَوْ تَسْتَوْجِبُوا بِهِ عُقُوبَتَهُ. ﴿الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٨] يَقُولُ: الَّذِي أَنْتُمْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ مُقِرُّونَ، وَبِرُبُوبِيَّتِهِ مُصَدِّقُونَ.
٨ ‏/ ٦١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٨٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلَّذِينَ كَانُوا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ الطَّيِّبَاتِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانُوا حَرَّمُوا ذَلِكَ بِأَيْمَانٍ حَلَفُوا بِهَا، فَنَهَاهُمْ عَنْ تَحْرِيمِهَا، وَقَالَ لَهُمْ: لَا يُؤَاخِذُكُمْ رَبُّكُمْ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ
٨ ‏/ ٦١٦
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَاللَّحْمَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَيْمَانِنَا الَّتِي حَلَفْنَا عَلَيْهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] الْآيَةَ» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَيْمَانٍ حَلَفُوا بِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِسَبَبِهِمْ ⦗٦١٧⦘ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] بِتَشْدِيدِ الْقَافِ، بِمَعْنَى: وَكَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ وَرَدَّدْتُمُوهَا. وَقُرَّاءُ الْكُوفِيِّينَ: (بِمَا عَقَدْتُمُ الْأَيْمَانَ) بِتَخْفِيفِ الْقَافِ، بِمَعْنَى: أَوْجَبْتُمُوهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَعَزَمَتْ عَلَيْهَا قُلُوبُكُمْ وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِتَخْفِيفِ الْقَافِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تَسْتَعْمِلُ فَعَّلْتُ فِي الْكَلَامِ، إِلَّا فِيمَا يَكُونُ فِيهِ تَرَدُّدٌ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: شَدَّدْتُ عَلَى فُلَانٍ فِي كَذَا إِذَا كَرَّرَ عَلَيْهِ الشَّدَّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِذَا أَرَادُوا الْخَبَرَ عَنْ فَعَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً قِيلَ: شَدَدْتُ عَلَيْهِ بِالتَّخْفِيفِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْيَمِينَ الَّتِي تَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهَا الْكَفَّارَةُ تَلْزَمُ بِالْحِنْثِ فِي حَلِفِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْهَا الْحَالِفُ مَرَّاتٍ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ مُؤَاخِذٌ الْحَالِفَ الْعَاقِدَ قَلْبَهُ عَلَى حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْهُ وَلَمْ يُرَدِّدْهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِتَشْدِيدِ الْقَافِ مِنْ عَقَّدْتُمْ وَجْهٌ مَفْهُومٌ. فَتَأْوِيلِ الْكَلَامِ إِذَنْ: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَيْمَانُكُمْ بِمَا لَغَوْتُمْ فِيهِ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا أَوْجَبْتُمُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مِنْهَا وَعَقَدَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ. وَقَدْ بَيَّنَّا الْيَمِينَ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ وَالَّتِي اللَّهُ مُؤَاخِذٌ الْعَبْدَ بِهَا، وَالَّتِي فِيهَا الْحِنْثُ وَالَّتِي لَا حِنْثَ فِيهَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، فَكَرِهْنَا إِعَادَةَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
٨ ‏/ ٦١٦
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] فَإِنَّ:
٨ ‏/ ٦١٧
هَنَّادًا حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]⦗٦١٨⦘ قَالَ: «بِمَا تَعَمَّدْتُمْ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦١٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] يَقُولُ: «مَا تَعَمَّدْتَ فِيهِ الْمَأْثَمَ، فَعَلَيْكَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ»
٨ ‏/ ٦١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى. ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٨٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْهَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ﴾ [المائدة: ٨٩] عَلَى مَا هِيَ عَائِدَةٌ، وَمَنْ ذَكَرَ مَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ عَائِدَةٌ عَلَى «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]
٨ ‏/ ٦١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: «هُوَ أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَأَنْتَ يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّهُ كَمَا حَلَفْتَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ، فَلَا كَفَّارَةَ، وَلَكِنَّ الْمَؤَاخَذَةَ وَالْكَفَّارَةَ فِيمَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ»
٨ ‏/ ٦١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «اللَّغْوُ لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]⦗٦١٩⦘ قَالَ: مَا عَقَّدَ فِيهِ يَمِينَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ»
٨ ‏/ ٦١٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: «الْأَيْمَانُ ثَلَاثٌ: يَمِينٌ تُكَفِّرُ، وَيَمِينٌ لَا تُكَفِّرُ، وَيَمِينٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا. فَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي تُكَفَّرُ، فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ لَا يَفْعَلُهُ ثُمَّ يَفْعَلُهُ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا تُكَفَّرُ: فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَتَعَمَّدُ فِيهِ الْكَذِبَ، فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ. وَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا: فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَهُوَ اللَّغْوُ»
٨ ‏/ ٦١٩
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبَى لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «لَغْوُ الْيَمِينِ مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ الْحَالِفُ قَلْبَهُ»
٨ ‏/ ٦١٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «لَيْسَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ كَفَّارَةٌ»
٨ ‏/ ٦١٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ، حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: “أَيْمَانُ الْكَفَّارَةِ كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ فِيهَا الرَّجُلُ عَلَى جَدٍّ مِنَ الْأُمُورِ فِي غَضِبٍ أَوْ غَيْرِهِ لَيَفْعَلَنَّ لَيَتْرُكَنَّ، فَذَلِكَ عَقْدُ الْأَيْمَانِ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ فِيهَا الْكَفَّارَةَ، وَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]
٨ ‏/ ٦١٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَا: «لَيْسَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ كَفَّارَةٌ»
٨ ‏/ ٦٢٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] يَقُولُ: «مَا تَعَمَّدْتَ فِيهِ الْمَأْثَمَ فَعَلَيْكَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ. قَالَ: وَقَالَ قَتَادَةُ: أَمَّا اللَّغْوُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ»
٨ ‏/ ٦٢٠
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «لَا كَفَّارَةَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ»
٨ ‏/ ٦٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: «لَيْسَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ كَفَّارَةٌ» فَمَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ، فَكَفَّارَةُ مَا عَقَّدْتُمْ مِنْهَا: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ﴾ [المائدة: ٨٩] عَائِدَةٌ عَلَى اللَّغْوِ، وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْهُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ إِذَا كَفَّرْتُمُوهُ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ إِذَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَأَقَمْتُمْ عَلَى الْمُضِيِّ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةِ فِيهِ، وَالْإِقَامَةُ عَلَى الْمُضِيِّ عَلَيْهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لَكُمْ، فَكَفَّارَةُ اللَّغْوِ مِنْهَا إِذَا حَنَثْتُمْ فِيهِ: إِطْعَامُ ⦗٦٢١⦘ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ
٨ ‏/ ٦٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى أَمْرٍ ضِرَارٍ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا يَفْعَلُهُ، فَيَرَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَأْتِيَ هُوَ خَيْرٌ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى قَوْلُهُ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: وَاللَّغْوُ مِنَ الْيَمِينِ هِيَ الَّتِي تُكَفَّرُ، لَا يُؤَاخَذُ اللَّهُ بِهَا، وَلَكِنْ مَنْ أَقَامَ عَلَى تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُ وَلَمْ يُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، فَتِلْكَ الَّتِي يُؤَاخِذُ بِهَا»
٨ ‏/ ٦٢١
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: «هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَلَا يَفِي، فَيُكَفِّرُ»
٨ ‏/ ٦٢١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ تَعَالَى، يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَأْتِي الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]: الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ثُمَّ يُقِيمُ عَلَيْهَا، فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ»
٨ ‏/ ٦٢١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ⦗٦٢٢⦘ قَالَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ: “هِيَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَقَالَ: أَوَ لَا تَقْرَأُ فَتَفْهَمَ؟ قَالَ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩]، قَالَ: فَلَا يُؤَاخِذُهُ بِالْإِلْغَاءِ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ بِالْمُقَامِ عَلَيْهَا. قَالَ: وَقَالَ: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٤]
٨ ‏/ ٦٢١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا إِنْ تَرَكَهَا. قُلْتُ: وَكَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُكَفِّرُ يَمِينَهُ، وَيَتْرُكُ الْمَعْصِيَةَ»
٨ ‏/ ٦٢٢
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: «الْيَمِينُ الْمُكَفَّرَةُ»
٨ ‏/ ٦٢٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «اللَّغْوُ: يَمِينٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا، وَفِيهَا كَفَّارَةٌ» وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ﴾ [المائدة: ٨٩] عَائِدَةٌ عَلَى «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] لِمَا قَدَّمْنَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ، أَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ فِي يَمِينِهِ كَفَّارَةٌ وَأُخِذَ بِهَا، غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَدْ أُوخِذَ: لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي
٨ ‏/ ٦٢٢
أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤَاخَذًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ مَنْ أَخْبَرَنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ إِنَّمَا عَنَى تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] بِالْعُقُوَبَةِ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ إِذَا حَنَثْتُمْ وَكَفَّرْتُمْ، لَا أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُهُمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا بِتَكْفِيرٍ فَإِنَّ إِخْبَارَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى الظَّاهِرِ الْعَامِّ عِنْدَنَا بِمَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، دُونَ الْبَاطِنِ الْعَامِّ الَّذِي لَا دَلَالَةَ عَلَى خُصُوصِهِ فِي عَقْلٍ وَلَا خَبَرٍ، وَلَا دَلَالَةَ مِنْ عَقْلٍ وَلَا خَبَرٍ أَنَّهُ عَنَى تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] بَعْضَ مَعَانِي الْمَؤَاخَذَةِ دُونَ جَمِيعِهَا. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا مَؤَاخَذًا بِهَا بِعُقُوبَةٍ فِي مَالِهِ عَاجِلَةٍ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْبَرَنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُهُ بِهَا. وَإِذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَا بِالَّذِي عَلَيْهِ دَلَّلْنَا، فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذَنْ: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ أَيُّهَا النَّاسُ بِلَغْو مِنَ الْقَوْلِ وَالْأَيْمَانِ إِذَا لَمْ تَتَعَمَّدُوا بِهَا مَعْصِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا خِلَافَ أَمْرِهِ، وَلَمْ تَقْصِدُوا بِهَا إِثْمًا، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا تَعَمَّدْتُمْ بِهِ الْإِثْمَ وَأَوْجَبْتُمُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَعَزَمَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، وَيُكَفِّرُ ذَلِكَ عَنْكُمْ، فُيُغَطِّي عَلَى سَيِّئِ مَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ كَذِبٍ وَزُورِ قَوْلٍ، وَيَمْحُوهُ عَنْكُمْ فَلَا يَتَّبِعْكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ، إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ
٨ ‏/ ٦٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]⦗٦٢٤⦘ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] أَعْدَلَهُ
٨ ‏/ ٦٢٣
كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ عَطَاءٌ: «أَوْسَطُهُ: أَعْدَلُهُ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ مِنْ أَجْنَاسِ الطَّعَامِ الَّذِي يَقْتَاتُهُ أَهْلُ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ أَهَالِيهِمْ
٨ ‏/ ٦٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَشٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ ﴿أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ وَالزَّيْتُ وَالسَّمْنُ، وَأَفْضَلُهُ اللَّحْمُ»
٨ ‏/ ٦٢٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَشٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ» زَادَ هَنَّادٌ فِي حَدِيثِهِ: الزَّيْتُ، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ الْخَلَّ “
٨ ‏/ ٦٢٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «مِنْ ⦗٦٢٥⦘ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ، وَالْخُبْزُ وَالسَّمْنُ وَالْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، وَمِنْ أَفْضَلِ مَا يُطْعِمُهُمُ: الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ»
٨ ‏/ ٦٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] «الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ، وَالْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، وَالْخُبْزُ وَالْجُبْنُ، وَالْخُبْزُ وَالْخَلُّ»
٨ ‏/ ٦٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَشٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ عَنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ، قَالَ: «الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنَشٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ» حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا أَزْهَرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] «الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ»
٨ ‏/ ٦٢٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ ⦗٦٢٦⦘ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كَانُوا يَقُولُونَ: أَفْضَلُهُ الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ، وَأَوْسَطُهُ: الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، وَأَخَسُّهُ: الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ»
٨ ‏/ ٦٢٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «خُبْزٌ وَلَحْمٌ، أَوْ خُبْزٌ وَسَمْنٌ، أَوْ خُبْزٌ وَلَبَنٌ»
٨ ‏/ ٦٢٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي مُصْلِحٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ وَالْمَرَقَةُ»
٨ ‏/ ٦٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ الطَّائِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ شُرَيْحٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ عَلَى يَمِينٍ فَأَثِمْتُ، قَالَ شُرَيْحٌ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قَدَّرَ عَلَيَّ، فَمَا أَوْسَطُ مَا أُطْعِمُ أَهْلِي؟ قَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: «الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ وَالْخَلُّ طَيِّبٌ. قَالَ: فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ لَا يَزِيدُهُ شُرَيْحٌ عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَطْعَمْتُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَرْفَعُ طَعَامِ أَهْلِكَ وَطَعَامِ النَّاسِ»
٨ ‏/ ٦٢٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَرْثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ خُبْزًا وَزَيْتًا، أَوْ خُبْزًا وَسَمْنًا، أَوْ خَلًّا وَزَيْتًا»
٨ ‏/ ٦٢٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زِبْرِقَانَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] «خُبْزٌ وَزَيْتٌ وَخَلٌّ»
٨ ‏/ ٦٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «أُكْلَةٌ وَاحِدَةٌ خُبْزٌ وَلَحْمٌ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَتَأْكُلُونَ الْخَبِيصَ وَالْفَاكِهَةَ»
٨ ‏/ ٦٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، وَحَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «يُجْزِيكَ أَنْ تُطْعِمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أُكْلَةً وَاحِدَةً خُبْزًا وَلَحْمًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَخُبْزًا وَسَمْنًا وَلَبَنًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَخُبْزًا وَخَلًّا وَزَيْتًا حَتَّى يَشْبَعُوا»
٨ ‏/ ٦٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ زِبْرِقَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا رَزِينٍ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، مَا يُطْعِمُ؟ قَالَ: «خُبْزًا وَخَلًّا وَزَيْتًا مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ، وَذَلِكَ قَدْرَ قُوتِهِمْ يَوْمًا وَاحِدًا» . ثُمَّ اخْتَلَفَ قَائِلُو ذَلِكَ فِي مَبْلَغِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَبْلَغُ ذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ غَيْرَهَا
٨ ‏/ ٦٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «إِنِّي أَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ ثُمَّ يَبْدُو لِي، فَإِذَا رَأَيْتُنِي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأُطْعِمُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ»
٨ ‏/ ٦٢٨
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَ أَقْوَامًا ثُمَّ يَبْدُو لِي أَنْ أُعْطِيَهُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُنِي فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأُطْعِمُ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ “
٨ ‏/ ٦٢٨
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ»
٨ ‏/ ٦٢٨
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] «نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ كُلَّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٢٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَجْمَعُهُمْ؟ قَالَ: «لَا أَعْطِهِمْ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ، مُدًّا لِطَعَامِهِ وَمُدًّا لِإِدَامِهِ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٨ ‏/ ٦٢٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو زَيْدٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: «مَكُّوكَيْنِ: مَكُّوكًا لِطَعَامِهِ، وَمَكُّوكًا لِإِدَامِهِ»
٨ ‏/ ٦٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ»
٨ ‏/ ٦٢٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ مِنْ بُرٍّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ»
٨ ‏/ ٦٢٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، ⦗٦٣٠⦘ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مُدَّانِ مِنْ طَعَامٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٢٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا سَعْدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ إِطْعَامِ الْمِسْكِينِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: أُكْلَةٌ. قُلْتُ: فَإِنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ: مَكُّوكُ بُرٍّ، وَمَكُّوكُ تَمْرٍ، فَمَا تَرَى فِي مَكُّوكِ بُرٍّ؟ فَقَالَ: «إِنَّ مَكُّوكَ بُرٍّ لَا، أَوْ مَكُّوكَ تَمْرٍ لَا» قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَرَاهُ حَسَنًا، وَقَلَبَ أَبُو سَلَمَةَ يَدَهُ
٨ ‏/ ٦٣٠
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِيمَا وَجَبَ فِيهِ الطَّعَامُ: «مَكُّوكُ تَمْرٍ، وَمَكُّوكُ بُرٍّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣٠
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِنْ جَمَعَهُمْ أَشْبَعَهُمْ إِشْبَاعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ أَعْطَاهُمْ أَعْطَاهُمْ مَكُّوكًا مَكُّوكًا»
٨ ‏/ ٦٣٠
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «⦗٦٣١⦘ فَإِنْ أَعْطَاهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ فَمَكُّوكُ بُرٍّ وَمَكُّوكُ تَمْرٍ»
٨ ‏/ ٦٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَكَمِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «إِطْعَامُ نِصْفِ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ﴿أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] «نِصْفُ صَاعٍ»
٨ ‏/ ٦٣١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْفَضْلَ بْنَ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «الطَّعَامُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ بُرٍّ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَبْلَغُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحُبُوبِ مُدٌّ وَاحِدٌ
٨ ‏/ ٦٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ ⦗٦٣٢⦘ قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣١
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ رُبُعُهُ إِدَامُهُ» حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ
٨ ‏/ ٦٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ»
٨ ‏/ ٦٣٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ الْيَمِينَ بِعَشَرَةِ أَمْدَادٍ بِالْمُدِّ الْأَصْغَرِ»
٨ ‏/ ٦٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «مَا يُطْعِمُ؟ قَالَا: مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ إِذَا كَفَّرَ أَحَدُهُمْ كَفَّرَ بِعَشَرَةِ أَمْدَادٍ بِالْمُدِّ الْأَصْغَرِ»
٨ ‏/ ٦٣٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «عَشَرَةُ أَمْدَادٍ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ»
٨ ‏/ ٦٣٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «كَانَ يُقَالُ: الْبُرُّ وَالتَّمْرُ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ، وَمُدٌّ مِنْ بُرٍّ»
٨ ‏/ ٦٣٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «مِنْ أَوْسَطِ مَا تَعُولُونَهُمْ. قَالَ: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ رَأَوْا أَوْسَطَ ذَلِكَ مُدًّا بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ حِنْطَةٍ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ الْوَسَطُ مِمَّا يَقُوتُ بِهِ أَهْلَهُ، لَيْسَ بِأَدْنَاهُ وَلَا بِأَرْفَعِهِ»
٨ ‏/ ٦٣٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ⦗٦٣٤⦘ سَالِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «مُدٌّ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ غَدَاءٌ وِعَشَاءٌ
٨ ‏/ ٦٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَرْثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ»
٨ ‏/ ٦٣٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَالَ: «غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ»
٨ ‏/ ٦٣٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ الْمُكَفِّرُ أَهْلَهُ. قَالَ: إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُشْبِعُ أَهْلَهُ أَشْبَعَ الْمَسَاكِينَ الْعَشَرَةَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشْبِعْهُمْ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ أَطْعَمَ الْمَسَاكِينَ عَلَى قَدْرِ مَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ
٨ ‏/ ٦٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ⦗٦٣٥⦘ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُشْبِعُ أَهْلَكَ فَأَشْبِعِ الْمَسَاكِينَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا تُطْعِمُ أَهْلَكَ بِقَدْرِهِ»
٨ ‏/ ٦٣٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] وَهُوَ «أَنْ تُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مِنْ نَحْوِ مَا تُطْعِمُ أَهْلَكَ مِنَ الشِّبَعِ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ»
٨ ‏/ ٦٣٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مِنْ عُسْرِهِمِ وَيُسْرِهِمْ»
٨ ‏/ ٦٣٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «مِنْ عُسْرِهِمِ وَيُسْرِهِمْ»
٨ ‏/ ٦٣٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «قُوتِهِمْ»
٨ ‏/ ٦٣٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْعَبْسِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «قُوتِهِمْ»
٨ ‏/ ٦٣٥
حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، قَالَ: ثنا عَنْبَسَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: “كَانُوا يُفَضِّلُونَ الْحُرَّ عَلَى الْعَبْدِ وَالْكَبِيرَ عَلَى الصَّغِيرِ، فَنَزَلَتْ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]
٨ ‏/ ٦٣٦
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: “كَانُوا يُطْعِمُونَ الْكَبِيرَ مَا لَا يُطْعِمُونَ الصَّغِيرَ، وَيُطْعِمُونَ الْحُرَّ مَا لَا يُطْعِمُونَ الْعَبْدَ، فَقَالَ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]
٨ ‏/ ٦٣٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُشْبِعُ أَهْلَكَ فَأَشْبِعْهُمْ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تُشْبِعْهُمْ فَعَلَى قَدْرِ ذَلِكَ»
٨ ‏/ ٦٣٦
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «مِنْ عُسْرِهِمِ وَيُسْرِهِمْ»
٨ ‏/ ٦٣٦
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ بَعْضَ أَهْلِهِ قُوتًا دُونًا، وَبَعْضُهُمْ قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] عِنْدَنَا ⦗٦٣٧⦘ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا بِذَلِكَ وَرَدَتْ، وَذَلِكَ كَحُكْمِهِ ﷺ فِي كَفَّارَةِ الْحَلْقِ مِنَ الْأَذَى بِفَرَقٍ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَكَحُكْمِهِ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ رُبْعُ صَاعٍ. وَلَا يُعْرَفُ لَهُ ﷺ شَيْءٌ مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَمَرَ بِإِطْعَامِ خُبْزٍ وَإِدَامٍ وَلَا بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِحْدَى الْكَفَّارَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ مِنْ لَزِمَتْهُ، كَانَ سَبِيلُهَا سَبِيلَ مَا تَوَلَّى الْحَكَمُ فِيهِ ﷺ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مُكَفِّرِهَا مِنَ الطَّعَامِ مِقْدَارٌ لِلْمَسَاكِينِ الْعَشَرَةِ مَحْدُودٌ بِكَيْلٍ دُونَ جَمْعِهِمْ عَلَى غَدَاءٍ أَوْ عَشَاءٍ مَخْبُوزٍ مَأْدُومٍ، إِذْ كَانَتْ سُنَّتُهُ ﷺ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ كَذَلِكَ. فَإِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا بِمَا بِهِ اسْتَشْهَدْنَا فَبَيِّنٌ أَنَّ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ، فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَعْدَلِ إِطْعَامِكُمْ أَهْلِيكُمْ، وَأَنَّ «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، لَا بِمَعْنَى الْأَسْمَاءِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَأَعْدَلُ أَقْوَاتِ الْمُوسِعِ عَلَى أَهْلِهِ مُدَّانِ، وَذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ فِي رُبُعِهِ إِدَامُهُ، وَذَلِكَ أَعْلَى مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فِي كَفَّارَةٍ فِي إِطْعَامِ ⦗٦٣٨⦘ مَسَاكِينَ، وَأَعْدَلُ أَقْوَاتِ الْمُقْتِرِ عَلَى أَهْلِهِ مُدٌّ وَذَلِكَ رُبْعُ صَاعٍ، وَهُوَ أَدْنَى مَا حَكَمَ بِهِ فِي كَفَّارَةٍ فِي إِطْعَامِ مَسَاكِينَ. وَأَمَّا الَّذِينَ رَأَوْا إِطْعَامَ الْمَسَاكِينِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ قَبْلُ، وَالَّذِينَ رَأَوْا أَنْ يُغَدَّوْا أَوْ يُعَشَّوْا، وَالَّذِينَ رَأَوْا أَنْ يُغَدَّوْا وَيُعَشَّوْا، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]: مِنْ أَوْسَطِ الطَّعَامِ الَّذِي تُطْعِمُونَهُ أَهْلِيكُمْ، فَجَعَلُوا «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] اسْمًا لَا مَصْدَرًا، فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُكَفِّرِ إِطْعَامَ الْمَسَاكِينِ مِنْ أَعْدَلِ مَا يُطْعِمِ أَهْلَهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ. وَذَلِكَ مَذْهَبٌ لَوْلَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْكَفَّارَاتِ غَيْرِهَا الَّتِي يَجِبُ إِلْحَاقُ أَشْكَالِهَا بِهَا، وَأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَهَا نَظِيرَةٌ وَشَبِيهَةٌ يَجِبُ إِلْحَاقُهَا بِهَا
٨ ‏/ ٦٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: فَكَفَّارَةُ مَا عَقَّدْتُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتُهُمْ. يَقُولُ إِمَّا أَنْ تُطْعِمُوهُمُ أَوْ تَكْسُوهُمْ، وَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْمُكَفِّرِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْكِسْوَةِ الَّتِي عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ كِسْوَةَ ثَوْبٍ وَاحِدٍ
٨ ‏/ ٦٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي كِسْوَةِ الْمَسَاكِينِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: «أَدْنَاهُ ثَوْبٌ» .
٨ ‏/ ٦٣٨
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، ⦗٦٣٩⦘ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «أَدْنَاهُ ثَوْبٌ، وَأَعْلَاهُ مَا شِئْتَ»
٨ ‏/ ٦٣٨
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]: «ثَوْبٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ»
٨ ‏/ ٦٣٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبِيدَةُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، جَمِيعًا عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ»
٨ ‏/ ٦٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ ثَوْبٌ» قَالَ مَنْصُورٌ: الْقَمِيصُ، أَوِ الرِّدَاءُ، أَوِ الْإِزَارُ “
٨ ‏/ ٦٣٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «كِسْوَةُ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ثَوْبٌ ثَوْبٌ»
٨ ‏/ ٦٣٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: قَالَ ثنا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ ثَوْبٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٣٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «إِذَا كَسَاهُمْ ثَوْبًا ثَوْبًا أَجْزَأَ عَنْهُ»
٨ ‏/ ٦٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: «ثَوْبٌ أَوْ ثَوْبَانِ، وَثَوْبٌ لَا بُدَّ مِنْهُ»
٨ ‏/ ٦٤٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «ثَوْبٌ ثَوْبٌ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَقَدْ كَانَتِ الْعَبَاءَةُ تَقْضِي يَوْمَئِذٍ مِنَ الْكِسْوَةِ»
٨ ‏/ ٦٤٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «الْكِسْوَةُ: عَبَاءَةٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ أَوْ شَمْلَةٌ»
٨ ‏/ ٦٤٠
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ. ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: «ثَوْبٌ، أَوْ قَمِيصٌ، أَوْ رِدَاءٌ، أَوْ إِزَارٌ»
٨ ‏/ ٦٤٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنِ اخْتَارَ صَاحِبُ الْيَمِينِ الْكِسْوَةَ، كَسَا عَشَرَةَ أَنَاسِيٍّ كُلَّ إِنْسَانٍ عَبَاءَةً»
٨ ‏/ ٦٤٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، الْكِسْوَةُ: «ثَوْبٌ ثَوْبٌ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: الْكِسْوَةُ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ
٨ ‏/ ٦٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبِيدَةُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، جَمِيعًا عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، قَالَ: «عَبَاءَةٌ وَعِمَامَةٌ»
٨ ‏/ ٦٤١
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ. ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «عِمَامَةٌ يَلِفُّ بِهَا رَأْسَهُ، وَعَبَاءَةٌ يَلْتَحِفُ بِهَا»
٨ ‏/ ٦٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، قَالَا: «ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ»
٨ ‏/ ٦٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «ثَوْبَيْنِ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٤١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ ⦗٦٤٢⦘ الْحَسَنِ، قَالَ: «ثَوْبَانِ ثَوْبَانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٤١
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، «أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَكَسَا ثَوْبَيْنِ مِنْ مُعَقَّدَةِ الْبَحْرَيْنِ»
٨ ‏/ ٦٤٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أَبَا مُوسَى «كَسَا ثَوْبَيْنِ مِنْ مُعَقَّدَةِ الْبَحْرَيْنِ»
٨ ‏/ ٦٤٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى: أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ «حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى أَنْ يُكَفِّرَ فَفَعَلَ، وَكَسَا عَشَرَةَ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ»
٨ ‏/ ٦٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى «حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَكَفَّرَ، فَكَسَا عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ»
٨ ‏/ ٦٤٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «عَبَاءَةٌ وَعِمَامَةٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٤٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: (أَوْ كَأُسْوَتِهِمْ)، فَقَالَ سَعِيدٌ: لَا إِنَّمَا هِيَ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] . قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا كِسْوَتُهُمْ؟ قَالَ: «لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَبَاءَةٌ وَعِمَامَةٌ، عَبَاءَةٌ يَلْتَحِفُ بِهَا، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأْسَهُ»
٨ ‏/ ٦٤٣
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْفَضْلَ بْنَ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «الْكِسْوَةُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ: رِدَاءٌ وَإِزَارٌ، كَنَحْوِ مَا يَجِدُ مِنَ الْمَيْسَرَةِ وَالْفَاقَةِ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ: كِسْوَتُهُمْ: ثَوْبٌ جَامِعٌ، كَالْمَلْحَفَةِ وَالْكِسَاءِ وَالشَّيْءِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلُّبْسِ وَالنَّوْمِ
٨ ‏/ ٦٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «الْكِسْوَةُ: ثَوْبٌ جَامِعٌ»
٨ ‏/ ٦٤٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ جَامِعٌ» . قَالَ: وَقَالَ مُغِيرَةُ: وَالثَّوْبُ الْجَامِعُ الْمِلْحَفَةُ أَوِ الْكِسَاءُ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَا نَرَى الدِّرْعَ وَالْقَمِيصَ وَالْخِمَارَ وَنَحْوَهُ جَامِعًا “
٨ ‏/ ٦٤٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «⦗٦٤٤⦘ ثَوْبٌ جَامِعٌ»
٨ ‏/ ٦٤٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «ثَوْبٌ جَامِعٌ»
٨ ‏/ ٦٤٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ»
٨ ‏/ ٦٤٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «ثَوْبٌ جَامِعٌ» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ كِسْوَةَ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَقَمِيصٍ
٨ ‏/ ٦٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ بُرْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ فِي الْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ: «إِزَارٌ، وَرِدَاءٌ، وَقَمِيصٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: كُلُّ مَا كَسَا فَيَجْزِي، وَالْآيَةُ عَلَى عُمُومِهَا
٨ ‏/ ٦٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «⦗٦٤٥⦘ يُجْزِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا التُّبَّانُ»
٨ ‏/ ٦٤٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «يُجْزِئُ عِمَامَةٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ»
٨ ‏/ ٦٤٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أُوَيْسٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ: «نِعْمَ الثَّوْبُ التُّبَّانُ»
٨ ‏/ ٦٤٥
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: «عِمَامَةٌ يَلِفُّ بِهَا رَأْسَهُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصِّحَّةِ وَأَشْبَهُهَا بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ مِمَّا يَكُونُ ثَوْبًا فَصَاعِدًا، لِأَنَّ مَا دُونَ الثَّوْبِ لَا خِلَافَ بَيْنَ جَمِيعِ الْحُجَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا دَخَلَ فِي حُكْمِ الْآيَةِ، فَكَانَ مَا دُونَ قَدْرِ ذَلِكَ خَارِجًا مِنْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَنَاهُ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ، وَالثَّوْبُ وَمَا فَوْقَهُ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْآيَةِ، إِذْ لَمْ يَأْتِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَحْي، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ ﷺ خَبَرٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَّةِ إِجْمَاعٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حُكْمِهَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِخْرَاجُ مَا كَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ مُحْتَمِلَهُ مِنْ حُكْمِ الْآيَةِ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، وَلَا حُجَّةَ بِذَلِكَ
٨ ‏/ ٦٤٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة: ٨٩] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: أَوْ فَكُّ عَبْدٍ مِنِ أَسْرِ الْعُبُودَةِ وَذُلِّهَا. وَأَصْلُ التَّحْرِيرِ: الْفَكُّ مِنَ الْأَسْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ بْنِ غَالِبٍ:
[البحر الكامل] أَبَنِي غُدَانَةَ إِنَّنِي حَرَّرْتُكُمْ … فَوَهَبْتُكُمْ لِعَطِيَةَ بْنِ جِعَالِ
٨ ‏/ ٦٤٥
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: حَرَّرْتُكُمْ: فَكَكْتُ رِقَابَكُمْ مِنْ ذُلِّ الْهِجَاءَ وَلُزُومِ الْعَارِ. وَقِيلَ: تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَالْمُحَرَّرُ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهَا إِذَا أَسَرَتْ أَسِيرًا أَنْ تَجْمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِقَيْدٍ أَوْ حَبْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِذَا أَطْلَقَتْهُ مِنَ الْأَسْرِ أَطْلَقَتْ يَدَيْهِ وَحَلَّتْهُمَا مِمَّا كَانَتَا بِهِ مَشْدُودَتَيْنِ إِلَى الرَّقَبَةِ. فَجَرَى الْكَلَامُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِمُ الْأَسِيرَ، بِالْخَبَرِ عَنْ فَكِّ يَدَيْهِ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَهُمْ يُرِيدُونَ الْخَبَرَ عَنْ إِطْلَاقِهِ مِنْ أَسْرِهِ، كَمَا يُقَالُ: قَبَضَ فُلَانٌ يَدَهُ عَنْ فُلَانٍ: إِذَا أَمْسَكَ يَدَهُ عَنْ نَوْالِهِ، وَبَسَطَ فِيهِ لِسَانَهُ: إِذَا قَالَ فِيهِ سُوءًا، فَيُضَافُ الْفِعْلُ إِلَى الْجَارِحَةِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلُ دُونَ فَاعِلِهِ، لِاسْتِعْمَالِ النَّاسِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَعِلْمِهِمْ بِمَعْنَى ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة: ٨٩] أُضِيفَ التَّحْرِيرُ إِلَى الرَّقَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غُلٌّ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا شَدُّ يَدٍ إِلَيْهَا، وَكَانَ الْمُرَادُ بِالتَّحْرِيرِ نَفْسَ الْعَبْدِ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ جَرَّى اسْتِعْمَالِ النَّاسِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمَعْنَاهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَكُلُّ الرِّقَابِ مَعْنِيُّ بِذَلِكَ أَوْ بَعْضُهَا؟ قِيلَ: بَلْ مَعْنِيُّ بِذَلِكَ كُلُّ رَقَبَةٍ كَانَتْ سَلِيمَةً مِنَ الْإِقْعَادِ وَالْعَمَى وَالْخَرَسِ وَقَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ شَلَلِهِمَا وَالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ وَنَظَائِرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ بِهِ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ مِنَ الرِّقَابِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ مِنَ الْحُجَّةِ أَنَّهُ لَا يَجْزِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يَعْنِهِ بِالتَّحْرِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. فَأَمَّا الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، فَإِنَّهُمْ مَعْنِيُّونَ بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
٨ ‏/ ٦٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ وَاجِبَةٌ، فَاشْتَرَى نَسَمَةً، قَالَ: إِذَا أَنْقَذَهَا مِنْ عَمَلٍ أَجْزَأَتْهُ، وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ مَنْ لَا يَعْمَلُ. فَأَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ كَالْأَعْوَرِ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا الَّذِي لَا يَعْمَلُ فَلَا يَجْزِي كَالْأَعْمَى وَالْمُقْعَدِ»
٨ ‏/ ٦٤٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَ يَكْرَهُ عِتْقَ الْمُخَبَّلِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ»
٨ ‏/ ٦٤٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عِتْقَ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنَ الرِّقَابِ إِلَّا صَحِيحٌ، وَيُجْزِئُ الصَّغِيرُ فِيهَا
٨ ‏/ ٦٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «لَا يُجْزِئُ فِي الرَّقَبَةِ إِلَّا صَحِيحٌ»
٨ ‏/ ٦٤٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «يُجْزِئُ الْمَوْلُودُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ رَقَبَةٍ»
٨ ‏/ ٦٤٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «مَا كَانَ ⦗٦٤٨⦘ فِي الْقُرْآنِ مِنْ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَلَا يُجْزِئُ إِلَّا مَا صَامَ وَصَلَّى، وَمَا كَانَ لَيْسَ بِمُؤْمِنَةٍ فَالصَّبِيُّ يُجْزِئُ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقَالُ لِلْمَوْلُودِ رَقَبَةٌ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ تَأْتِي عَلَيْهِ
٨ ‏/ ٦٤٧
ذِكْرُ مَنْ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: «إِذَا وُلِدَ الصَّبِيُّ فَهُوَ نَسَمَةٌ، وَإِذَا انْقَلَبَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ فَهُوَ رَقَبَةٌ، وَإِذَا صَلَّى فَهُوَ مُؤْمِنَةٌ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَمَّ بِذِكْرِ الرَّقَبَةِ كُلَّ رَقَبَةٍ، فَأَيُّ رَقَبَةٍ حَرَّرَهَا الْمُكَفِّرُ يَمِينِهِ فِي كَفَّارَتِهِ فَقَدْ أَدَّى مَا كُلِّفَ، إِلَّا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُجَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَعْنِهِ بِالتَّحْرِيرِ، فَذَلِكَ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِ الْآيَةِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَجَائِزٌ تَحْرِيرُهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ. وَالْمُكَفِّرُ مُخَيَّرٌ فِي تَكْفِيرِ يَمِينِهِ الَّتِي حَنِثَ فِيهَا بِإِحْدَى هَذِهِ الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي سَمَّاهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَذَلِكَ: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ، أَوْ كِسْوَتُهُمْ، أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْجَمِيعِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إِجْمَاعٌ مِنَ الْجَمِيعِ لَيْسَ كَمَا قُلْنَا
٨ ‏/ ٦٤٨
لِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: جَاءَ نُعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إِنِّي آلَيْتُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْفَرَاشِ، فَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]، قَالَ: ⦗٦٤٩⦘ فَقَالَ نُعْمَانُ: إِنَّمَا سَأَلْتُكَ لِكَوْنِي أَتَيْتُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «ائْتِ النِّسَاءَ وَنَمْ وَأَعْتِقْ رَقَبَةً، فَإِنَّكَ مُوسِرٌ»
٨ ‏/ ٦٤٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثني جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشَ حَدَّثَهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ نُعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشِي سَنَةً، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَنَمْ عَلَى فِرَاشِكَ، قَالَ: بِمَ أُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِي؟ قَالَ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً فَإِنَّكَ مُوسِرٌ» وَنَحْوِ هَذَا مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ لِمَنْ أَمَرُوهُ بِالتَّكْفِيرِ بِمَا أَمَرُوهُ بِالتَّكْفِيرِ بِهِ مِنَ الرِّقَابِ، لَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْزِي عِنْدَهُمُ التَّكْفِيرُ لِلْمُوسِرِ إِلَّا بِالرَّقَبَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجْزِي الْمُوسِرَ التَّكْفِيرُ إِلَّا بِالرَّقَبَةِ. وَالْجَمِيعُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ قَدِيمُهُمْ وَحَدِيثُهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ التَّكْفِيرَ بِغَيْرِ الرِّقَابِ جَائِزٌ لِلْمُوسِرِ، فَفِي ذَلِكَ مُكْتَفًى عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِ
٨ ‏/ ٦٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [البقرة: ١٩٦]
٨ ‏/ ٦٤٩
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ لِكَفَّارِةِ يَمِينِهِ الَّتِي لَزِمَهُ تَكْفِيرُهَا مِنَ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالرِّقَابِ مَا يُكَفِّرُهَا بِهِ عَلَى مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِ وَأَوْجَبْنَاهُ فِي كِتَابِنَا وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] يَقُولُ: فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾ [البقرة: ١٩٦] وَمَتَى يَسْتَحِقُّ الْحَانِثُ فِي يَمِينِهِ الَّذِي قَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ اسْمَ غَيْرِ وَاجِدٍ حَتَّى يَكُونَ مِمَّنْ لَهُ الصِّيَامُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: “إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَانِثِ فِي وَقْتِ تَكْفِيرِهِ عَنْ يَمِينِهِ إِلَّا قَدْرُ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَمِنَ الْفَضْلِ مَا يُطْعِمُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَوْ مَا يَكْسُوهُمْ، لَزِمَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ أَوِ الْكِسْوَةِ وَلَمْ يُجْزِهِ الصِّيَامُ حِينَئِذٍ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَنْهُ الرَّبِيعُ. وَهَذَا الْقَوْلُ قَصَدَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ أَوْجَبَ الطَّعَامَ عَلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ دِرْهَمَانِ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ
٨ ‏/ ٦٥٠
وَبِنْحَوِ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَطْعَمَ. قَالَ: يَعْنِي فِي الْكَفَّارَةِ»
٨ ‏/ ٦٥٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ: الرَّجُلُ يَحْلِفُ وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُكَفِّرُ؟ ⦗٦٥١⦘ قَالَ: كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: «يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»
٨ ‏/ ٦٥٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِذَا كَانَ عِنْدَهُ دِرْهَمَانِ»
٨ ‏/ ٦٥١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وَقَالَ آخَرُونَ: جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِئَتَا دِرْهَمٍ أَنْ يَصُومَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ. وَقَالَ آخَرُونَ: جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ رَأْسِ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ بِهِ لِمَعَاشِهِ مَا يُكَفِّرُ بِهِ بِالْإِطْعَامِ أَنْ يَصُومَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ كِفَايَةٌ مِنَ الْمَالِ مَا يَتَصَرَّفُ بِهِ لِمَعَاشِهِ وَمِنَ الْفَضْلِ عَنْ ذَلِكَ مَا يُكَفِّرُ بِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَهَذَا قَوْلٌ كَانَ يَقُولُهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمُتَفَقِّهَةِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي حَالِ حِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ إِلَّا قَدْرُ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ لَا فَضْلَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ، يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ لَا يَجِدُ مَا يُطْعِمُ أَوْ يَكْسُو أَوْ يُعْتِقُ. وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْفَضْلِ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ مَا يُطْعِمُ أَوْ يَكْسُو عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَوْ يُعْتِقُ رَقَبَةً، فَلَا يُجْزِيهِ حِينَئِذٍ الصَّوْمُ، لِأَنَّ إِحْدَى الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ حِينَئِذٍ مِنْ إِطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ عِتْقٍ حَقٌّ قَدْ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَالِهِ وجُوبَ الدَّيْنِ، وَقَدْ قَامَتِ الْحُجَّةُ بِأَنَّ الْمُفْلِسَ إِذَا فَرَّقَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُعْدِمِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَالِهِ بِسَبَبِ الْكَفَّارَةِ الَّتِي لَزِمَتْ مَالَهُ.
٨ ‏/ ٦٥١
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ الصَّوْمِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: صِفَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُوَاصِلًا بَيْنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ غَيْرَ مُفَرِّقِهَا
٨ ‏/ ٦٥٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «كُلُّ صَوْمٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ مُتَتَابِعٌ إِلَّا قَضَاءَ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»
٨ ‏/ ٦٥٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَقْرَأُ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)
٨ ‏/ ٦٥٢
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ” أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)
٨ ‏/ ٦٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ قَزَعَةَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: “فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)
٨ ‏/ ٦٥٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: “فِي قِرَاءَتِنَا: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) ⦗٦٥٣⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «فِي قِرَاءَةِ أَصْحَابِ عبْدِ اللَّهِ» فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ “
٨ ‏/ ٦٥٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)
٨ ‏/ ٦٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)
٨ ‏/ ٦٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يَقْرَءُونَ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)
٨ ‏/ ٦٥٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: «إِذَا فَرَّقَ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يُجْزِهِ» . قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي رَجُلٍ صَامَ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ ثُمَّ أَفْطَرَ، قَالَ: «يَسْتَقْبِلُ الصَّوْمَ»
٨ ‏/ ٦٥٣
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [البقرة: ١٩٦]، قَالَ: «إِذَا لَمْ يَجِدْ طَعَامًا وَكَانَ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ)، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ قَتَادَةُ»
٨ ‏/ ٦٥٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «هُوَ بِالْخِيَارِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلَ ⦗٦٥٤⦘ فَالْأَوَّلَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: جَائِزٌ لِمَنْ صَامَهُنَّ أَنْ يَصُومَهُنَّ كَيْفَ شَاءَ مُجْتَمِعَاتٍ وَمُفْتَرِقَاتٍ
٨ ‏/ ٦٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «كُلُّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الصِّيَامِ، فَأَنْ يُصَامَ تِبَاعًا أَعْجَبُ، فَإِنْ فَرَّقَهَا رَجَوْتُ أَنْ تُجْزِيَ عَنْهُ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَى تَكْفِيرِهَا بِالْإِطْعَامِ أَوِ الْكِسْوَةِ أَوِ الْعِتْقِ سَبِيلًا، أَنْ يُكَفِّرَهَا بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَشْرِطْ فِي ذَلِكَ مُتَتَابَعَةً، فَكَيْفَمَا صَامَهُنَّ الْمُكَفِّرُ مُفَرَقَةً وَمُتَتَابَعَةً أَجْزَأَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَكَيْفَمَا أَتَى بِصَوْمِهِنَّ أَجْزَأَ. فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قِرَاءَتِهِمَا (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) فَذَلِكَ خِلَافُ مَا فِي مَصَاحِفِنَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَنَا أَنْ نَشْهَدَ بِشَيْءٍ لَيْسَ فِي مَصَاحِفِنَا مِنَ الْكَلَامِ أَنَّهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. غَيْرَ أَنِّي أَخْتَارُ لِلصَّائِمِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يُتَابِعَ بَيْنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُفَرِّقُ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ كَفَّارَتِهِ. وَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ، فَفِعْلُ مَا لَا يُخْتَلَفُ فِي جَوَازِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ جَائِزًا
٨ ‏/ ٦٥٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٨٩]
٨ ‏/ ٦٥٤
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢] هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ لَكُمْ أَنَّهُ ﴿كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] مِنْ إِطْعَامِ الْعَشَرَةِ الْمَسَاكِينِ أَوْ كِسْوَتِهِمْ أَوْ تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ، وَصِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إِذَا لَمْ تَجِدُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، هُوَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمُ الَّتِي عَقَّدْتُمُوهَا ﴿إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا﴾ [المائدة: ٨٩] أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴿أَيْمَانَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] أَنْ تَحْنَثُوا فِيهَا ثُمَّ تُضَيِّعُوا الْكَفَّارَةَ فِيهَا بِمَا وَصَفْتُهُ لَكُمْ ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ﴾ [البقرة: ٢٤٢] كَمَا بَيْنَ لَكُمْ كَفَّارَةَ أَيْمَانِكُمْ، كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ جَمِيعَ آيَاتِهِ، يَعْنِي: أَعْلَامَ دِينِهِ، فَيُوَضِّحُهَا لَكُمْ، لِئَلَّا يَقُولَ الْمُضَيِّعُ الْمُفَرِّطُ فِيمَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ: لَمْ أَعْلَمْ حُكْمَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ٥٢] يَقُولُ: لِتَشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى هِدَايَتِهِ إِيَّاكُمْ وَتَوْفِيقِهِ لَكُمْ.
٨ ‏/ ٦٥٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠] وَهَذَا بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلَّذِينَ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ النِّسَاءَ وَالنَّوْمَ وَاللَّحْمَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ تَشَبُّهًا مِنْهُمْ بِالْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ كِتَابَهُ يَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧] فَنَهَاهُمْ بِذَلِكَ عَنْ تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا تَعْتَدُوا أَيْضًا فِي حِدُودِي، فَتُحِلُّوا مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَكُمْ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا غَيْرُ جَائِزٍ لَكُمْ تَحْرِيمُ مَا حَلَلْتُ، وَإِنِّي لَا أُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ عَنِ الَّذِي حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِمَّا إِذَا اسْتَحَلُّوهُ وَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِ كَانُوا مِنَ الْمُعْتَدِينَ فِي حُدُودِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، إِنَّ الْخَمْرَ الَّتِي تَشْرَبُونَهَا، وَالْمَيْسِرَ الَّذِي تَتَيَاسَرُونَهُ، وَالْأَنْصَابَ الَّتِي تَذْبَحُونَ عِنْدَهَا، وَالْأَزْلَامَ الَّتِي
٨ ‏/ ٦٥٥
تَسْتَقْسِمُونَ بِهَا ﴿رِجْسٌ﴾ [المائدة: ٩٠] يَقُولُ: إِثْمٌ وَنَتْنٌ، سَخِطَهُ اللَّهُ وَكَرِهَهُ لَكُمْ ﴿مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠] يَقُولُ: شُرْبُكُمُ الْخَمْرَ، وَقِمَارُكُمْ عَلَى الْجُزُرِ، وَذَبْحُكُمْ لِلْأَنْصَابِ، وَاسْتِقْسَامُكُمْ بِالْأَزْلَامِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَكُمْ، وَدُعَائِهِ إِيَّاكُمْ إِلَيْهِ، وَتَحْسِينِهِ لَكُمْ، لَا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي نَدَبَكُمْ إِلَيْهَا رَبُّكُمْ، وَلَا مِمَّا يَرْضَاهُ لَكُمْ، بَلْ هُوَ مِمَّا يَسْخَطُهُ لَكُمْ. ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠] يَقُولُ: فَاتْرُكُوهُ وَارْفُضُوهُ، وَلَا تَعْمَلُوهُ. ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١٨٩] يَقُولُ: لَكِيْ تَنْجَحُوا فَتَدَرَكُوا الْفَلَاحَ عِنْدَ رَبِّكُمْ، بِتَرْكِكُمْ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْأَزْلَامِ فِيمَا مَضَى، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ. وَأَمَّا الْأَنْصَابُ، فَإِنَّهَا جَمْعُ نَصَبٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى النَّصَبِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى وَرُوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَى الرِّجْسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا:
٨ ‏/ ٦٥٦
حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠] يَقُولُ: سَخَطٌ وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ مَا:
٨ ‏/ ٦٥٦
حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠] قَالَ: «الرِّجْسُ: الشَّرُّ» ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠] يَقُولُ: فَاتْرُكُوهُ وَارْفُضُوهُ، وَلَا تَعْمَلُوهُ ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠] يَقُولُ: لِكَيْ تَنْجَحُوا فَتُدْرِكُوا الْفَلَاحَ عِنْدَ رَبِّكُمْ بِتَرْكِكُمْ ذَلِكَ
٨ ‏/ ٦٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيُصَدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّمَا يُرِيدُ لَكُمُ الشَّيْطَانُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالْمُيَاسَرَةِ بِالْقِدَاحِ، وَيُحَسِّنُ ذَلِكَ لَكُمْ إِرَادَةً مِنْهُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي شُرْبِكُمُ الْخَمْرَ
٨ ‏/ ٦٥٦
وَمُيَاسَرَتِكُمْ بِالْقِدَاحِ، لِيُعَادِيَ بَعْضَكُمْ بَعْضًا، وَيُبَغِّضَ بَعْضَكُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَيُشَتِّتُ أَمْرَكُمْ بَعْدَ تَأْلِيفِ اللَّهِ بَيْنَكُمْ بِالْإِيمَانِ وَجَمْعِهِ بَيْنَكُمْ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ. ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٩١] يَقُولُ: وَيَصْرِفُكُمْ بِغَلَبَةِ هَذِهِ الْخَمْرِ بِسُكْرِهَا إِيَّاكُمْ عَلَيْكُمْ وَبِاشْتِغَالِكُمْ بِهَذَا الْمَيْسِرِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ الَّذِي بِهِ صَلَاحُ دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ، وَعَنِ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١] يَقُولُ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ عَنْ شُرْبِ هَذِهِ، وَالْمُيَاسَرَةِ بِهَذَا، وَعَامِلُونَ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ مِنْ أَدَاءِ مَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ لِأَوْقَاتِهَا، وَلُزُومِ ذِكْرِهِ الَّذِي بِهِ نَجَحُ طَلَبَاتِكُمْ فِي عَاجِلِ دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ بِسَبَبٍ كَانَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَكْرُوهَ عَاقِبَةٍ شَرِبَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَسَأَلَ اللَّهَ تَحْرِيمَهَا
٨ ‏/ ٦٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، قَالَ: فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: ٢١٩]، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]، قَالَ: وَكَانَ مُنَادِي النَّبِيِّ ﷺ يُنَادِي إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ: لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ السَّكْرَانُ، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، قَالَ: فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ ⦗٦٥٨⦘ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١] فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١] قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا» حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ بِالْعَقْلِ وَالْمَالِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٥٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثني أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: “لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ النَّاسُ، وَقَدْ كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُونَ الْمَيْسِرَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩]، فَقَالُوا: هَذَا شَيْءٌ قَدْ جَاءَ فِيهِ رُخْصَةٌ، نَأْكُلُ الْمَيْسِرَ وَنَشْرَبُ الْخَمْرَ،
٨ ‏/ ٦٥٨
وَنَسْتَغْفِرُ مِنْ ذَلِكَ. حَتَّى أَتَى رَجُلٌ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. فَجَعَلَ لَا يَجَوِّدُ ذَلِكَ وَلَا يَدْرِي مَا يَقْرَأُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣]، فَكَانَ النَّاسُ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَيَدَعُونَ شُرْبَهَا، فَيَأْتُونَ الصَّلَاةَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا يَقُولُونَ. فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]، فَقَالُوا: انْتَهَيْنَا يَا رَبُّ ” وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِسَبَبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَاحَى رَجُلًا عَلَى شَرَابٍ لَهُمَا، فَضَرَبَهُ صَاحِبُهُ بِلَحْيِ جَمَلٍ، فَفَزَرَ أَنْفَهُ، فَنَزَلَتْ فِيهِمَا
٨ ‏/ ٦٥٩
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: «صَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا فَدَعَانَا، قَالَ: فَشَرِبْنَا الْخَمْرَ حَتَّى انْتَشَيْنَا، فَتَفَاخَرَتِ الْأَنْصَارُ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَحْنُ أَفْضَلُ مِنْكُمْ. قَالَ: فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَحْيَ جَمَلٍ فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدٍ فَفَزَرَهُ، فَكَانَ سَعْدٌ أَفْزَرَ الْأَنْفِ. قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ»
٨ ‏/ ٦٥٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: «شَرِبْتُ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَضَرَبْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَظُنُّ بِفَكِّ جَمَلٍ فَكَسَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ» حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَرِبْتُ الْخَمْرَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٨ ‏/ ٦٦٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ «أَنَّ أَوَّلَ مَا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَصْحَابًا لَهُ شَرِبُوا، فَاقْتَتَلُوا، فَكَسَّرُوا أَنْفَ سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] الْآيَةَ» وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ
٨ ‏/ ٦٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا رَبِيعَةُ ⦗٦٦١⦘ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ، شَرِبُوا حَتَّى إِذَا ثَمِلُوا عَبَثَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَلَمَّا أَنْ صَحُوا جَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَرَى الْأَثَرَ بِوَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ، فَيَقُولُ: فَعَلَ بِي هَذَا أَخِي فُلَانٌ وَكَانُوا إِخْوَةً لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ضَغَائِنُ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ بِي رَءُوفًا رَحِيمًا مَا فَعَلَ بِي هَذَا، حَتَّى وَقَعَتْ فِي قُلُوبِهِمُ الضَّغَائِنُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ: هِيَ رِجْسٌ، وَهِيَ فِي بَطْنِ فُلَانٍ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقُتِلَ فُلَانٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ»
٨ ‏/ ٦٦٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ، عَنْ سَلَّامٍ، مَوْلَى حَفْصِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: “بَيْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ عَلَى شَرَابٍ لَنَا وَنَحْنُ نَشْرَبُ الْخَمْرَ حِلًّا، إِذْ قُمْتُ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ
٨ ‏/ ٦٦١
مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]، فَجِئْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١] . قَالَ: وَبَعْضُ الْقَوْمِ شَرْبَتُهُ فِي يَدِهِ قَدْ شَرِبَ بَعْضًا وَبَقِيَ بَعْضٌ فِي الْإِنَاءِ، فَقَالَ بِالْإِنَاءِ تَحْتَ شَفَتِهِ الْعُلْيَا كَمَا يَفْعَلُ الْحَجَّامُ، ثُمَّ صَبُّوا مَا فِي بَاطِيَتِهِمْ، فَقَالُوا: انْتَهَيْنَا رَبَّنَا، انْتَهَيْنَا رَبَّنَا ” وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا كَانَتِ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ كَانَتْ تَكُونُ بَيْنَ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ بِسَبَبِ الْمَيْسِرِ لَا بِسَبَبِ السُّكْرِ الَّذِي يَحْدُثُ لَهُمْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، فَلِذَلِكَ نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنِ الْمَيْسِرِ
٨ ‏/ ٦٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ بِشْرٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ يَزِيدَ وَحَدَّثَنِيهِ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَامِرُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَيَقْعُدُ حَزِينًا سَلِيبًا يَنْظُرُ إِلَى مَالِهِ فِي يَدَيْ غَيْرِهِ، فَكَانَتْ تُورِثُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةً وَبَغْضَاءَ، فَنَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدَّمَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي يُصْلِحُ خَلْقَهُ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي سَمَّاهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ رِجْسًا وَأَمَرَ بِاجْتِنَابِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَجَائِزٌ أَنْ ⦗٦٦٣⦘ يَكُونَ نُزُولُهَا كَانَ بِسَبَبِ دُعَاءِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي أَمْرِ الْخَمْرِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ بِسَبَبِ مَا نَالَ سَعْدًا مِنَ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ انْتِشَائِهِمَا مِنَ الشَّرَابِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْ أَجْلِ مَا كَانَ يَلْحَقُ أَحَدَهُمْ عِنْدَ ذَهَابِ مَالِهِ بِالْقِمَارِ مِنْ عَدَاوَةِ مَنْ يَسَرَهُ وَبُغْضِهِ. وَلَيْسَ عِنْدَنَا بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ خَبَرٌ قَاطِعٌ لِلْعُذْرِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَقَدْ لَزِمَ حُكْمُ الْآيَةِ جَمِيعَ أَهْلِ التَّكْلِيفِ، وَغَيْرُ ضَائِرِهِمُ الْجَهْلُ بِالسَّبَبِ الَّذِي لَهُ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَالْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَرْضٌ عَلَى جَمِيعِ مَنْ بِلَغَتْهُ الْآيَةُ مِنَ التَّكْلِيفِ اجْتِنَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠]
٨ ‏/ ٦٦٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: ٩٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فِي اجْتِنَابِكُمْ ذَلِكَ وَاتِّبَاعِكُمْ أَمْرَهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ الِانْزِجَارِ عَمَّا زَجَرَكُمْ عَنْهُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي بَيَّنَهَا لَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا، وَخَالِفُوا الشَّيْطَانَ فِي أَمْرِهِ إِيَّاكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَبْغِي لَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بَيْنَكُمْ بِالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ﴿وَاحْذَرُوا﴾ [المائدة: ٩٢] يَقُولُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَرَاقِبُوهُ أَنْ يَرَاكُمْ عِنْدَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا، أَوْ يَفْقِدَكُمْ عِنْدَ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ فَتُوبِقُوا أَنْفُسَكُمْ وَتُهْلِكُوهَا ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٩٢] يَقُولُ: فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَعْمَلُوا بِمَا أَمَرْنَاكُمْ بِهِ وَتَنْتَهُوا عَمَّا نَهَيْنَاكُمْ عَنْهُ وَرَجَعْتُمْ مُدْبِرِينَ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَكُمْ بِهِ نَبِيُّكُمْ، ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: ٩٢]
٨ ‏/ ٦٦٣
يَقُولُ: فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَيْكُمْ بِالنِّذَارِةِ غَيْرُ إِبْلَاغِكُمُ الرِّسَالَةَ الَّتِي أُرْسِلَ بِهَا إِلَيْكُمْ، مُبَيَّنَةً لَكُمْ بَيَانًا يُوَضِّحُ لَكُمْ سَبِيلَ الْحَقِّ وَالطَّرِيقَ الَّذِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَسْلُكُوهُ، وَأَمَّا الْعِقَابُ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَالِانْتِقَامِ بِالْمَعْصِيَةِ، فَعَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ دُونَ الرُّسُلِ. وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِيدٌ لِمَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، يَقُولُ لَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ عَنْ أَمْرِي وَنَهْيِي، فَتَوَقَّعُوا عِقَابِي وَاحْذَرُوا سَخَطِي.
٨ ‏/ ٦٦٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: ٩٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ قَالُوا إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠]: كَيْفَ بِمَنْ هَلَكَ مِنْ إِخْوَانِنَا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا وَبِنَا وَقَدْ كُنَّا نَشْرَبُهَا: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: ٩٣] مِنْكُمْ حَرَجٌ فِيمَا شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَالِ الَّتِي لَمْ يَكُنِ اللَّهُ تَعَالَى حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، ﴿إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: ٩٣]، يَقُولُ: إِذَا مَا اتَّقَى اللَّهَ الْأَحْيَاءُ مِنْهُمْ، فَخَافُوهُ وَرَاقَبُوهُ فِي اجْتِنَابِهِمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ، وَصَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَاهُمْ وَنَهَاهُمْ، فَأَطَاعُوهُمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥] يَقُولُ: وَاكْتَسَبُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا كَلَّفَهُمْ بِذَلِكَ رَبُّهُمْ ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا﴾ [المائدة: ٩٣] يَقُولُ: ثُمَّ خَافُوا اللَّهَ وَرَاقَبُوهُ بِاجْتِنَابِهِمْ مَحَارِمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّكْلِيفِ أَيْضًا، فَثَبَتُوا عَلَى اتِّقَاءِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرُوا وَلَمْ يُبَدِّلُوا ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا﴾ [المائدة: ٩٣] يَقُولُ: ثُمَّ خَافُوا اللَّهَ، فَدَعَاهُمْ خَوْفُهُمُ اللَّهَ إِلَى الْإِحْسَانِ، وَذَلِكَ
٨ ‏/ ٦٦٤
الْإِحْسَانُ هُوَ الْعَمَلُ بِمَا لَمْ يَفْرِضْهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَلَكِنَّهُ نَوَافِلُ تَقَرَّبُوا بِهَا إِلَى رَبِّهِمْ طَلَبَ رِضَاهُ وَهَرَبًا مِنْ عِقَابِهِ ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] يَقُولُ: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُتَقَرِّبِينَ إِلَيْهِ بِنَوَافِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَرْضَاهَا. فَالِاتِّقَاءُ الْأَوَّلُ: هُوَ الِاتِّقَاءُ بِتَلَقِّي أَمْرِ اللَّهِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ وَالدَّيْنُونَةِ بِهِ وَالْعَمَلِ، وَالِاتِّقَاءُ الثَّانِي: الِاتِّقَاءُ بِالثَّبَاتِ عَلَى التَّصْدِيقِ وَتَرْكِ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ، وَالِاتِّقَاءُ الثَّالِثُ: هُوَ الِاتِّقَاءُ بِالْإِحْسَانِ وَالتَّقَرُّبِ بِنَوَافِلِ الْأَعْمَالِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِاتِّقَاءَ الثَّالِثَ هُوَ الِاتِّقَاءُ بِالنَّوَافِلِ دُونَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالْفَرَائِضَ؟ قِيلَ: إِنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ وَضْعِهِ الْجُنَاحَ عَنْ شَارِبِي الْخَمْرَ الَّتِي شَرِبُوهَا قَبْلَ تَحْرِيمِهِ إِيَّاهَا إِذَا هُمُ اتَّقَوُا اللَّهَ فِي شُرْبِهَا بَعْدَ تَحْرِيمِهَا وَصَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي تَحْرِيمِهَا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الْفَرَائِضِ. وَلَا وَجْهَ لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
٨ ‏/ ٦٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِأَصْحَابِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ؟ ⦗٦٦٦⦘ فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ﴾ [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بِإِسْنَادِهِ، نَحْوَهُ
٨ ‏/ ٦٦٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثني عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «بَيْنَا أَنَا أُدِيرُ الْكَأْسَ، عَلَى أَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَسُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَبِي دُجَانَةَ، حَتَّى مَالَتْ رُءُوسُهُمْ مِنْ خَلِيطِ بُسْرٍ وَتَمْرٍ، فَسَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، قَالَ: فَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ وَلَا خَرَجَ مِنَّا خَارِجٌ حَتَّى أَهْرَقْنَا الشَّرَابَ وَكَسَرْنَا الْقِلَالَ. وَتَوَضَّأَ بَعْضُنَا، وَاغْتَسَلَ بَعْضُنَا، فَأَصَبْنَا مِنْ طِيبِ أُمِّ سُلَيْمٍ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا مَنْزِلَةُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَهُوَ يَشْرَبُهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ» فَقَالَ رَجُلٌ لِقَتَادَةَ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ رَجُلٌ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَمْ يَكْذِبْ، وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَكْذِبُ وَلَا نَدْرِي مَا الْكَذِبُ “
٨ ‏/ ٦٦٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَالُوا: كَيْفَ بِأَصْحَابِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ»
٨ ‏/ ٦٦٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ: «مَاتَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: فَكَيْفَ بِأَصْحَابِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ»
٨ ‏/ ٦٦٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «نَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] فِيمَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ وَأُحُدٍ مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ»
٨ ‏/ ٦٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ ⦗٦٦٨⦘ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قِيلَ لِي أَنْتَ مِنْهُمْ»
٨ ‏/ ٦٦٧
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ بَعْدَ سُورَةِ الْأَحْزَابِ قَالَ فِي ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: “أُصِيبَ فُلَانٌ يَوْمَ بَدْرٍ وَفُلَانٌ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا، فَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: ٩٣] يَقُولُ: شَرِبَهَا الْقَوْمُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَإِحْسَانٍ، وَهِيَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَلَالٌ، ثُمَّ حُرِّمَتْ بَعْدَهُمْ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ
٨ ‏/ ٦٦٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣]، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَضَوْا، كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُونَ الْمَيْسِرَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] يَعْنِي قَبْلَ التَّحْرِيمِ إِذَا كَانُوا مُحْسِنِينَ مُتَّقِينَ. وَقَالَ ⦗٦٦٩⦘ مَرَّةً أُخْرَى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا مِنَ الْحَرَامِ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ إِذَا مَا اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا بَعْدَ مَا حُرِّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]
٨ ‏/ ٦٦٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] يَعْنِي بِذَلِكَ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيهَا جُنَاحٌ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ، فَلَمَّا حُرِّمَتْ قَالُوا: كَيْفَ تَكُونُ عَلَيْنَا حَرَامًا وَقَدْ مَاتَ إِخْوَانُنَا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: ٩٣] يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْهِمْ حَرَجٌ فِيمَا كَانُوا يَشْرَبُونَ قَبْلَ أَنْ أُحَرِّمَهَا إِذَا كَانُوا مُحْسِنِينَ مُتَّقِينَ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ “
٨ ‏/ ٦٦٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] «لِمَنْ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ مِمَّنْ قُتِلَ مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ بِبَدْرٍ وَأُحُدٍ»
٨ ‏/ ٦٦٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْفَضْلَ بْنَ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا ⦗٦٧٠⦘ عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ﴾ [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ: هَذَا فِي شَأْنِ الْخَمْرِ حِينَ حُرِّمَتْ، سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: «إِخْوَانُنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ»
٨ ‏/ ٦٦٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المائدة: ٩٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ﴾ [المائدة: ٩٤] يَقُولُ: لَيَخْتَبِرَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ، يَعْنِي: بِبَعْضِ الصَّيْدِ. وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ يَبْلُوهُمْ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُهُمْ بِصَيْدِ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا ابْتَلَاهُمْ بِصَيْدِ الْبَرِّ، فَالِابْتِلَاءُ بِبَعْضٍ لَمْ يَمْتَنِعْ. وَقَوْلُهُ: ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤] فَإِنَّهُ يَعْنِي: إِمَّا بِالْيَدِ، كَالْبَيْضِ وَالْفِرَاخِ، وَإِمَّا بِإِصَابَةِ النَّبْلِ وَالرِّمَاحِ، وَذَلِكَ كَالْحُمُرِ وَالْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ، فَيَمْتَحِنَكُمْ بِهِ فِي حَالِ إِحْرَامِكُمْ بِعُمْرَتِكُمْ أَوْ بِحَجِّكُمْ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
٨ ‏/ ٦٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤]⦗٦٧١⦘ قَالَ: ﴿أَيْدِيكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤] صِغَارُ الصَّيْدِ، أَخْذُ الْفِرَاخِ وَالْبَيْضِ. وَالرِّمَاحُ قَالَ: كِبَارُ الصَّيْدِ ” حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٧٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤] قَالَ: «النَّبْلُ، وَرِمَاحُكُمْ تَنَالُ كَبِيرَ الصَّيْدِ، وَأَيْدِيكُمْ تَنَالُ صَغِيرَ الصَّيْدِ، أَخْذُ الْفِرَاخِ وَالْبَيْضِ»
٨ ‏/ ٦٧١
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤] قَالَ: «مَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الصَّيْدِ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٧١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤] قَالَ: «هُوَ الضَّعِيفُ مِنَ الصَّيْدِ وَصَغِيرُهُ، يَبْتَلِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ فِي إِحْرَامِهِمْ حَتَّى لَوْ شَاءُوا نَالُوهُ بِأَيْدِيهِمْ، ⦗٦٧٢⦘ فَنَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَقْرَبُوهُ»
٨ ‏/ ٦٧١
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، وَلَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤] قَالَ: «الْفِرَاخُ وَالْبَيْضُ، وَمَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفِرَّ»
٨ ‏/ ٦٧٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المائدة: ٩٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: لِيَخْتَبِرَنَّكُمُ اللَّهُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الصَّيْدِ فِي حَالِ إِحْرَامِكُمْ، كَيْ يَعْلَمَ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَالْمُنْتَهُونَ إِلَى حُدُودِهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، مَنِ الَّذِي يَخَافُ اللَّهَ فَيَتَّقِي مَا نَهَاهُ عَنْهُ وَيَجْتَنِبُهُ خَوْفَ عِقَابِهِ بِالْغَيْبِ، بِمَعْنَى: فِي الدُّنْيَا بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْغَيْبَ إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: غَابَ عَنِّي هَذَا الْأَمْرُ فَهُوَ يَغِيبُ غَيْبًا وَغَيْبَةً، وَأَنَّ مَا لَمْ يُعَايَنْ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ غَيْبًا فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: لِيَعْلَمَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ فَيَتَّقِي مَحَارِمَهُ الَّتِي حَرَّمَهَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ وَلَا يُعَايِنُهُ
٨ ‏/ ٦٧٢
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَمَنْ تَجَاوَزَ حَدَّ اللَّهِ الَّذِي حَدَّهُ لَهُ بَعْدَ ابْتِلَائِهِ بِتَحْرِيمِ الصَّيْدِ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرَامٌ، فَاسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَخْذِهِ وَقَتْلِهِ ﴿فَلَهُ عَذَابٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] مِنَ اللَّهِ ﴿أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠] يَعْنِي: مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ.
٨ ‏/ ٦٧٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [المائدة: ٩٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ﴾ [المائدة: ٩٥] الَّذِي بَيَّنْتُ لَكُمْ، وَهُوَ صَيْدُ الْبَرِّ دُونَ صَيْدِ الْبَحْرِ ﴿وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ١] يَقُولُ: وَأَنْتُمْ مُحْرِمُونَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَالْحُرُمُ: جَمْعُ حَرَامٍ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، تَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ حَرَامٌ، وَهَذِهِ امْرَأَةٌ حَرَامٌ، فَإِذَا قِيلَ مُحْرِمٌ، قِيلَ لِلْمَرْأَةِ مُحْرِمَةٌ. وَالْإِحْرَامُ: هُوَ الدُّخُولُ فِيهِ، يُقَالُ: أَحْرَمَ الْقَوْمُ: إِذَا دَخَلُوا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، أَوْ فِي الْحَرَمِ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ مُحْرِمُونَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] فَإِنَّ هَذَا إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَادَهُ حُكْمَ الْقَاتِلِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ الصَّيْدَ الَّذِي نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ الْعَمْدِ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِهِ الْكَفَّارَةَ وَالْجَزَاءَ فِي قَتْلِهِ الصَّيْدَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْعَمْدُ لِقَتْلِ الصَّيْدِ مَعَ نِسْيَانِ قَاتِلِهِ إِحْرَامَهُ فِي حَالِ قَتْلِهِ، وَقَالَ: إِنْ قَتَلَهُ وَهُوَ ذَاكِرٌ إِحْرَامَهُ مُتَعَمِّدًا قَتْلَهُ فَلَا حُكْمَ عَلَيْهِ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ. قَالُوا: وَهَذَا أَجَلُّ أَمْرًا مِنْ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونَ لَهُ كَفَّارَةٌ
٨ ‏/ ٦٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]: «مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، فَذَلِكَ الَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَتَلَهُ ذَاكِرًا لِحُرْمِهِ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ»
٨ ‏/ ٦٧٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي الَّذِي يَقْتُلُ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ وَمُتَعَمِّدٌ قَتْلَهُ، قَالَ: «لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، وَلَا حَجَّ لَهُ وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: هُوَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ، وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَالْخَطَأُ أَنْ يُصِيبَهُ وَهُوَ نَاسٍ إِحْرَامَهُ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، أَوْ يُصِيبَهُ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ، فَذَلِكَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ مَرَّةً»
٨ ‏/ ٦٧٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] «غَيْرَ نَاسٍ لِحُرْمِهِ وَلَا مُرِيدٍ غَيْرَهُ، فَقَدْ حَلَّ وَلَيْسَتْ لَهُ رُخْصَةٌ. وَمَنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ ⦗٦٧٥⦘ فَأَخْطَأَ بِهِ، فَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ»
٨ ‏/ ٦٧٤
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ»
٨ ‏/ ٦٧٥
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ قَالَ: ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «الْعَمْدُ هُوَ الْخَطَأُ الْمُكَفَّرُ»
٨ ‏/ ٦٧٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا لَيْثٌ قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «فَالْعَمْدُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُصِيبَ الصَّيْدَ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ فَيُصِيبَهُ، فَهَذَا الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ، فَأَمَّا الَّذِي يُصِيبُهُ غَيْرَ نَاسٍ وَلَا مُرِيدٍ لِغَيْرِهِ، فَهَذَا لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، هَذَا أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ»
٨ ‏/ ٦٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «يَقْتُلُهُ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٧٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] «غَيْرَ نَاسٍ لِحُرْمِهِ وَلَا مُرِيدٍ غَيْرَهُ، فَقَدْ حَلَّ وَلَيْسَتْ لَهُ رُخْصَةٌ. وَمَنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا لِحُرْمِهِ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ، فَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ»
٨ ‏/ ٦٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] «لِلصَّيْدِ، نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ»، ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [المائدة: ٩٤] «مُتَعَمِّدًا لِلصَّيْدِ يَذْكُرُ إِحْرَامَهُ»
٨ ‏/ ٦٧٦
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يُفْتِي فِيمَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ: «لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ» . قَالَ إِسْمَاعِيلُ، وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَ ذَلِكَ
٨ ‏/ ٦٧٦
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَمَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ أَنْ أَسْأَلَ، عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] الْآيَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: «هُوَ بِالْخِيَارِ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ، إِنْ شَاءَ أَهْدَى، وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ» فَأَخْبَرْتُ بِهِ جَعْفَرًا وَقُلْتُ: مَا سَمِعْتَ فِيهِ؟ فَتَلَكَّأَ سَاعَةً ثُمَّ جَعَلَ يَضْحَكُ وَلَا يُخْبِرُنِي، ثُمَّ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولُ: «يُحْكَمُ عَلَيْهِ مِنَ النَّعَمِ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ، فَقَوَّمَ طَعَامًا فَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِ حَكَمَ الصِّيَامَ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَى عَشَرَةٍ»
٨ ‏/ ٦٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] «غَيْرَ نَاسٍ لِحُرْمِهِ وَلَا مُرِيدٍ غَيْرَهُ فَقَدْ حَلَّ وَلَيْسَتْ لَهُ رُخْصَةٌ، وَمَنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا أَوْ أَرَادَ ⦗٦٧٧⦘ غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ، فَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ»
٨ ‏/ ٦٧٦
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «أَمَّا الَّذِي يَتَعَمَّدُ فِيهِ الصَّيْدَ وَهُوَ نَاسٍ لِحُرْمِهِ أَوْ جَاهِلٌ أَنَّ قَتْلَهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ. فَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا بَعْدَ نَهْيِ اللَّهِ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَأَنَّهُ حَرَامٌ، فَذَلِكَ يُوكَلُ إِلَى نِقْمَةِ اللَّهِ، وَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ النِّقْمَةَ»
٨ ‏/ ٦٧٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْعَمْدُ مِنَ الْمُحْرِمِ لِقَتْلِ الصَّيْدِ ذَاكِرًا لِحُرْمِهِ
٨ ‏/ ٦٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ»
٨ ‏/ ٦٧٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ طَاوُسٌ: “وَاللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ إِلَّا: ﴿وَمَنْ قَتْلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥]
٨ ‏/ ٦٧٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ، أَصْحَابِنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالْعَمْدِ، وَجَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْخَطَأِ. يَعْنِي فِي الْمُحْرِمِ يُصِيبُ الصَّيْدَ»
٨ ‏/ ٦٧٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]، قَالَ: «إِنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا أَوْ نَاسِيًا حُكِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ مُتَعَمِّدًا عُجِّلَتْ لَهُ الْعُقُوبَةُ، إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ»
٨ ‏/ ٦٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَتِ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ، وَلَكِنْ غُلِّظَ عَلَيْهِمْ فِي الْخَطَأِ كَيْ يَتَّقُوا» حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ، قَالَا: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ
٨ ‏/ ٦٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ يَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ إِلَّا: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥]» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ قَتْلَ صَيْدِ الْبِرِّ ⦗٦٧٩⦘ عَلَى كُلِّ مُحْرِمٍ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ مَا دَامَ حَرَامًا بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ﴾ [المائدة: ٩٥] ثُمَّ بَيَّنَ حُكْمَ مَنْ قَتَلَ مَا قَتَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ بِهِ الْمُتَعَمِّدَ قَتْلَهُ فِي حَالِ نِسْيَانِهِ إِحْرَامَهُ، وَلَا الْمُخْطِئَ فِي قَتْلِهِ فِي حَالِ ذِكْرِهِ إِحْرَامَهُ، بَلْ عَمَّ فِي التَّنْزِيلِ بِإِيِجَابِ الْجَزَاءِ كُلَّ قَاتِلِ صَيْدٍ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ مُتَعَمِّدًا. وَغَيْرُ جَائِزٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ إِلَى بَاطِنٍ مِنَ التَّأْوِيلِ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِّ كِتَابٍ، وَلَا خَبَرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا إِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ، وَلَا دَلَالَةَ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَسَوَاءٌ كَانَ قَاتِلَ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَامِدًا قَتْلَهُ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ، أَوْ عَامِدًا قَتْلَهُ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ، أَوْ قَاصِدًا غَيْرَهُ فَقَتَلَهُ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ، فِي أَنَّ عَلَى جَمِيعِهِمْ مِنَ الْجَزَاءِ مَا قَالَ رَبُّنَا تَعَالَى وَهُوَ: ﴿مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهُ ذَوَا عَدْلٍ﴾ [المائدة: ٩٥] مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا، دُونَ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَأَمَّا مَا يُلْزِمُ بِالْخَطَأِ قَاتِلَهُ، فَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِيهِ فِي كِتَابِنَا «كِتَابٌ لَطِيفُ الْقَوْلِ فِي أَحْكَامِ الشَّرَائِعِ» بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ ذِكْرِهِ، لِأَنَّ قَصْدَنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْإِبَانَةُ عَنْ تَأْوِيلِ التَّنْزِيلِ، وَلَيْسَ فِي التَّنْزِيلِ لِلْخَطَإِ ذِكْرٌ فَنَذْكُرُ أَحْكَامَهُ
٨ ‏/ ٦٧٨
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَبَدَلٌ، يَعْنِي بِذَلِكَ: جَزَاءُ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَعَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ جَزَاءُ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (فَجَزَاؤُهُ
٨ ‏/ ٦٧٩
مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: (فَجَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) بِإِضَافَةِ الْجَزَاءِ إِلَى الْمِثْلِ وَخَفْضِ الْمِثْلِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ﴾ [المائدة: ٩٥] بِتَنْوِينِ الْجَزَاءِ وَرَفْعِ الْمِثْلِ بِتَأْوِيلِ: فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ﴾ [المائدة: ٩٥] بِتَنْوِينِ الْجَزَاءِ وَرَفْعِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ هُوَ الْمِثْلُ، فَلَا وَجْهَ لِإِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ. وَأَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ قَرَأُوا ذَلِكَ بِالْإِضَافَةِ رَأَوْا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ أَنْ يَجْزِيَ مِثْلَهُ مِنَ الصَّيْدِ بِمِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى قَاتِلِهِ أَنْ يَجْزِيَ الْمَقْتُولَ نَظِيرَهُ مِنَ النَّعَمِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْمِثْلُ هُوَ الْجَزَاءُ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ، وَلَنْ يُضَافَ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقْرَأْ ذَلِكَ قَارِئٌ عَلِمْنَاهُ بِالتَّنْوِينِ وَنَصْبِ الْمِثْلِ. وَلَوْ كَانَ الْمِثْلُ غَيْرَ الْجَزَاءِ لَجَازَ فِي الْمِثْلِ النَّصَبَ إِذَا نُوِّنَ الْجَزَاءُ، كَمَا نُصِبَ الْيَتِيمُ إِذْ كَانَ غَيْرَ الْإِطْعَامِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٥]، وَكَمَا نُصِبَ الْأَمْوَاتُ وَالْأَحْيَاءُ وَنُوِّنَ الْكِفَاتُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً
٨ ‏/ ٦٨٠
وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥]، إِذْ كَانَ الْكِفَاتُ غَيْرَ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ. وَكَذَلِكَ الْجَزَاءُ، لَوْ كَانَ غَيْرَ الْمِثْلِ لَاتَّسَعَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الْمِثْلِ بِالنَّصْبِ إِذَا نُوِّنَ الْجَزَاءُ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ ضَاقَ فَلَمْ يَقْرَأْهُ أَحَدٌ بِتَنْوِينِ الْجَزَاءِ وَنَصْبِ الْمِثْلِ، إِذْ كَانَ الْمِثْلُ هُوَ الْجَزَاءَ، وَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ هُوَ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ الْجَزَاءِ، وَكَيْفَ يَجْزِي قَاتِلُ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ مَا قَتَلَ بِمِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْظُرُ إِلَى أَشْبَهِ الْأَشْيَاءِ بِهِ شَبَهًا مِنَ النَّعَمِ، فَيُجْزِيهِ بِهِ وَيَهْدِيهِ إِلَى الْكَعْبَةِ
٨ ‏/ ٦٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «أَمَّا جَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ قَتَلَ نَعَامَةً أَوْ حِمَارًا فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَإِنْ قَتَلَ بَقَرَةً أَوْ أَيِّلًا أَوْ أَرْوَى فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ، أَوْ قَتَلَ غَزَالًا أَوْ أَرْنَبًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَإِنْ قَتَلَ ضَبًّا أَوْ حِرْبَاءَ أَوْ يَرْبُوعًا فَعَلَيْهِ سَخْلَةٌ قَدْ أَكَلَتِ الْعُشْبَ وَشَرِبَتِ اللَّبَنَ»
٨ ‏/ ٦٨١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي مُجَاهِدٍ قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ: أَيُغْرَمُ فِي صَغِيرِ الصَّيْدِ كَمَا يُغْرَمُ فِي كَبِيرِهِ؟ قَالَ: “أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]؟
٨ ‏/ ٦٨٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، قَالَ: «عَلَيْهِ مِنَ النَّعَمِ مِثْلُهُ»
٨ ‏/ ٦٨٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ وَجَدَ جَزَاءَهُ ذَبَحَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَزَاءَهُ قَوَّمَ الْجَزَاءَ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَوَّمَ الدَّرَاهِمَ حِنْطَةً ثُمَّ صَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. قَالَ: وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِالطَّعَامِ الصَّوْمَ، فَإِذَا وَجَدَ طَعَامًا وَجَدَ جَزَاءً»
٨ ‏/ ٦٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥]، قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ حُكِمَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَظَرَ كَمْ ثَمَنُهُ» قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ: «نَظَرَ كَمْ قِيمَتُهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ طَعَامًا، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا. قَالَ: إِنَّمَا أُرِيدَ بِالطَّعَامِ الصِّيَامَ، فَإِذَا وَجَدَ الطَّعَامَ وَجَدَ جَزَاءَهُ»
٨ ‏/ ٦٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، قُوِّمَ الْهَدْي عَلَيْهِ طَعَامًا، وَصَامَ عَنْ كُلِّ صَاعٍ يَوْمَيْنِ»
٨ ‏/ ٦٨٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ حُكِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ طَعَامًا ثُمَّ صَامَ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا»
٨ ‏/ ٦٨٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: ابْتَدَرْتُ وَصَاحِبٌ لِي ظَبْيًا فِي الْعَقَبَةِ فَأَصَبْتُهُ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ، فَنَظَرَا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «اذْبَحْ كَبْشًا» ⦗٦٨٤⦘ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ نَحْوًا مِمَّا حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ
٨ ‏/ ٦٨٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَتَلَ صَاحِبٌ لِي ظَبْيًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً فَيَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَيَسْقِي إِهَابَهَا “
٨ ‏/ ٦٨٤
حَدَّثَنِي هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ظَبْيًا، فَسَأَلَ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «أَهْدِ شَاةً»
٨ ‏/ ٦٨٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَحَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ: أَصَبْتُ ظَبْيًا وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَمْرَهُ أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَضَرَبَنِي بِالدِّرَّةَ حَتَّى سَابَقْتُهُ عَدْوًا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «قَتَلْتَ الصَّيْدَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ ثُمَّ تُغْمِصُ الْفُتْيَا»، قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَحَكَمَا شَاةً “
٨ ‏/ ٦٨٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ⦗٦٨٥⦘ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «إِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ حُكِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَتَلَ ظَبْيًا أَوْ نَحْوَهُ فَعَلَيْهِ شَاةٌ تُذْبَحُ بِمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ قَتَلَ أَيِّلًا أَوْ نَحْوَهُ فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ، وَإِنْ قَتَلَ نَعَامَةً أَوْ حِمَارَ وَحْشٍ أَوْ نَحْوَهُ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ مِنَ الْإِبِلِ»
٨ ‏/ ٦٨٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ أَعْوَرُ أَوْ أَعْرَجُ أَوْ مَنْقُوصٌ أُغْرَمُ مِثْلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ. قُلْتُ: أُوفِي أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ عَطَاءٌ: «وَإِنْ قَتَلْتَ وَلَدَ الظَّبْيِ فَفِيهِ وَلَدُ شَاةٍ، وَإِنْ قَتَلْتَ وَلَدَ بَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ فَفِيهِ وَلَدُ بَقَرَةٍ إِنْسِيَّةٍ مِثْلُهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ»
٨ ‏/ ٦٨٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْفَضْلَ بْنَ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يَقُولُ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] «مَا كَانَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ مِمَّا لَيْسَ لَهُ قَرْنُ الْحِمَارِ وَالنَّعَامَةِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنَ الْإِبِلِ، وَمَا كَانَ ذَا قَرْنٍ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ مِنْ وَعْلٍ أَوْ أَيِّلٍ فَجَزَاؤُهُ مِنَ الْبَقَرِ، وَمَا كَانَ مِنْ ظَبْي فَمِنَ الْغَنَمِ مِثْلُهُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْنَبٍ فَفِيهَا ثَنِيَّةٌ، وَمَا كَانَ مِنْ يَرْبُوعٍ وَشِبْهِهِ فَفِيهِ حَمَلٌ صَغِيرٌ، وَمَا كَانَ مِنْ جَرَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَفِيهِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ، وَمَا كَانَ مِنْ طَيْرِ الْبَرِّ فَفِيهِ أَنْ يَقُومَ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ لِكُلِّ
٨ ‏/ ٦٨٥
نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَإِنْ أَصَابَ فَرْخَ طَيْرٍ بَرِيَّةٍ أَوْ بَيْضَهَا فَالْقِيمَةُ فِيهَا طَعَامٌ أَوْ صَوْمٌ عَلَى الَّذِي يَكُونُ فِي الطَّيْرِ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي بَيْضِ النَّعَامِ إِذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ أَنْ يَحْمِلَ الْفَحْلُ عَلَى عِدَّةِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْبِيضِ عَلَى بَكَارَةِ الْإِبِلِ، فَمَا لَقَحَ مِنْهَا أَهْدَاهُ إِلَى الْبَيْتِ، وَمَا فَسَدَ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ»
٨ ‏/ ٦٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «مَنْ قَتَلَهُ يَعْنِي الصَّيْدَ نَاسِيًا، أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ، فَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ، فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ ابْتَاعَ بِثَمَنِهِ طَعَامًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا»
٨ ‏/ ٦٨٦
وَقَالَ عَطَاءٌ: «فَإِنْ أَصَابَ إِنْسَانٌ نَعَامَةً، كَانَ لَهُ إِنْ كَانَ ذَا يَسَارٍ مَا شَاءَ، إِنْ شَاءَ يَهْدِي جَزُورًا، أَوْ عَدْلُهَا طَعَامًا، أَوْ عَدْلُهَا صِيَامًا، أَيُّهُنَّ شَاءَ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ: ﴿فَجَزَاءٌ﴾ [المائدة: ٩٥] أَوْ كَذَا قَالَ: فَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: أَوْ، أَوْ، فَلْيَخْتَرْ مِنْهُ صَاحِبُهُ مَا شَاءَ»
٨ ‏/ ٦٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: «مَنْ أَصَابَ مِنَ الصَّيْدِ مَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ شَاةً فَصَاعِدًا، فَذَلِكَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وَأَمَّا ﴿كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٩٥] فَذَلِكَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَدْي، الْعُصْفُورُ يُقْتَلُ فَلَا يَكُونُ فِيهِ. قَالَ: أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا، عَدْلُ النَّعَامَةِ، أَوْ عَدْلُ الْعُصْفُورِ، أَوْ ⦗٦٨٧⦘ عَدْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يُقَوَّمُ الصَّيْدُ الْمَقْتُولُ قِيمَتَهُ مِنَ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ يَشْتَرِي الْقَاتِلُ بِقِيمَتِهِ نِدًّا مِنَ النَّعَمِ، ثُمَّ يَهْدِيهِ إِلَى الْكَعْبَةِ
٨ ‏/ ٦٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «مَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ مِنْ شَيْءٍ حُكِمَ فِيهِ قِيمَتُهُ»
٨ ‏/ ٦٨٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: «فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ثَمَنُهُ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ، مَا قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا: “إِنَّ الْمَقْتُولَ مِنَ الصَّيْدِ يُجْزَى بِمِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الَّذِي قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ دَرَاهِمُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَيْسَتْ مِنَ النَّعَمِ فِي شَيْءٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلًا لِلْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ، فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا الْمِثْلُ مِنَ النَّعَمِ، فَيَهْدِيهِ الْقَاتِلُ، فَيَكُونُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ جَازِيًا بِمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ مِثْلًا مِنَ النَّعَمِ؟ قِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنَ الصَّيْدِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ سَلِيمًا، أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنَ الصَّيْدِ كَبِيرًا أَوْ سَلِيمًا بِقِيمَتِهِ مِنَ النَّعَمِ إِلَّا صَغِيرًا أَوْ مَعِيبًا، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ خِلَافَهُ
٨ ‏/ ٦٨٧
وَخِلَافَ صِفَتِهِ فَيَهْدِيهِ، أَمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ، وَهُوَ لَا يَجِدُ إِلَّا خِلَافَهُ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ إِلَّا مِثْلَهُ، تُرِكَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ ذَلِكَ فَيَهْدِيهِ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا، وَإِذَا أَجَازُوا شِرَى مِثْلِ الْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ بِقِيمَتِهِ وَإِهْدَاءَهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْتُولُ صَغِيرًا مَعِيبًا، أَجَازُوا فِي الْهَدْيِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ فَيَهْدِيَهُ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا أَوْضَحَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْخِلَافَ لِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَمْدًا الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ إِذَا وَجَدُوهُ، وَقَدْ زَعَمَ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمِثْلُ مِنَ النَّعَمِ وَهُوَ إِلَى ذَلِكَ وَاجِدٌ سَبِيلًا. وَيُقَالُ لِقَائِلِ ذَلِكَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَالَ قَائِلٌ آخَرُ: مَا عَلَى قَاتِلِ مَا لَا تَبْلُغُ مِنَ الصَّيْدِ قِيمَتُهُ مَا يُصَابُ بِهِ مِنَ النَّعَمِ مَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ مِنْ إِطْعَامٍ وَلَا صِيَامٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا خَيَّرَ قَاتِلَ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي سَمَّاهَا فِي كِتَابِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ سَبِيلٌ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْآخَرَيْنِ، لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا كَانَ لَهُ وَلَهُ إِلَى الثَّلَاثَةِ سَبِيلٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَى بَعْضِ ذَلِكَ سَبِيلٌ بَطَلَ فَرْضُ الْجَزَاءِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ عُنِيَ بِالْآيَةِ نَظِيرُ الَّذِي قُلْتَ أَنْتَ: إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَقْتُولُ مِنَ الصَّيْدِ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مَا يُصَابُ مِنَ النَّعَمِ مِمَّا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا،
٨ ‏/ ٦٨٨
فَقَدْ سَقَطَ فَرْضُ الْجَزَاءِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِالْإِطْعَامِ أَوِ الصِّيَامِ، هَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَرْقٌ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٨٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَحْكُمُ بِذَلِكَ الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ مِثْلُ الْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ عَدْلَانِ مِنْكُمْ، يَعْنِي: فَقِيهَانِ عَالِمَانِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ هَدْيًا يَقُولُ: يَقْضِي بِالْجَزَاءِ ذَوَا عَدْلٍ أَنْ يَهْدِيَ فَيَبْلُغُ الْكَعْبَةَ. وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ يْحَكُمُ بِهِ عَائِدَةٌ عَلَى الْجَزَاءِ، وَوَجْهُ حُكْمِ الْعَدْلَيْنِ إِذَا أَرَادَا أَنْ يَحْكُمَا بِمِثْلِ الْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ يَنْظُرَا إِلَى الْمَقْتُولِ وَيَسْتَوْصِفَاهُ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ ظَبْيًا صَغِيرًا حَكَمَا عَلَيْهِ مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ الَّذِي قَتَلَهُ فِي السِّنِّ وَالْجِسْمِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ كَبِيرًا حَكَمَا عَلَيْهِ مِنَ الضَّأْنِ بِكَبِيرٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَ حِمَارَ وَحْشٍ حَكَمَا عَلَيْهِ بِبَقَرَةٍ إِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَ كَبِيرًا مِنَ الْبَقَرِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَصَغِيرًا، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ ذَكَرًا فَمِثْلُهُ مِنْ ذُكُورِ الْبَقَرِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَمِثْلُهُ مِنَ الْبَقَرِ أُنْثَى، ثُمَّ كَذَلِكَ يَنْظُرَانِ إِلَى أَشْبَهِ الْأَشْيَاءِ بِالْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ شَبَهًا مِنَ النَّعَمِ فَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ.
٨ ‏/ ٦٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنَ الْأَعْرَابِ مُحْرِمَيْنِ، فَأَحَاشَ أَحَدُهُمَا ظَبْيًا فَقَتَلَهُ الْآخَرُ، فَأَتَيَا عُمَرَ وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَمَا تَرَى؟ قَالَ: شَاةً. قَالَ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ، اذْهَبَا فَأَهْدِيَا شَاةً، فَلَمَّا مَضَيَّا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا دَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَقُولُ حَتَّى سَأَلَ صَاحِبَهُ. فَسَمِعَهَا عُمَرُ، فَرَدَّهُمَا فَقَالَ: هَلْ تَقْرَآنِ سُورَةَ الْمَائِدَةِ؟ فَقَالَا: لَا. فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمَا: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥]، ثُمَّ قَالَ: «اسْتَعَنْتُ بِصَاحِبِي هَذَا»
٨ ‏/ ٦٩٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: ابْتَدَرْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي ظَبْيًا فِي الْعَقَبَةِ، فَأَصَبْتُهُ. فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى رَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَنَظَرَا فِي ذَلِكَ. قَالَ: فَقَالَ: «اذْبَحْ كَبْشًا» قَالَ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ لِي اذْبَحْ شَاةً. فَانْصَرَفْتُ فَأَتَيْتُ صَاحِبِي، قُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَقَالَ صَاحِبِي: انْحَرْ نَاقَتَكَ، فَسَمِعَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ ضَرْبًا بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: «تَقْتُلُ الصَّيْدَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ وَتُغْمِصُ الْفُتْيَا»، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ ⦗٦٩١⦘ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥] هَذَا ابْنُ عَوْفٍ وَأَنَا عُمَرُ ” حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ بِنَحْوِ مَا حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ
٨ ‏/ ٦٩٠
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو هِشَامٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَكُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ اقْتَدَرْنَا رَوَاحِلَنَا نَتَمَاشَى نَتَحَدَّثُ. قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ غَدَاةٍ إِذْ سَنَحَ لَنَا ظَبْي، أَوْ بَرَحَ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَّا بِحَجَرٍ، فَمَا أَخْطَأَ خُشَشَاءَهُ، فَرَكِبَ رَدْعَهُ مَيِّتًا. قَالَ: فَعَظَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، خَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا عُمَرَ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. قَالَ: وَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ قَلْبُ فِضَّةٍ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَالْتَفَتَ إِلَى صَاحِبِهِ فَكَلَّمَهُ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ الرَّجُلُ قَالَ: أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ قَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ تَعَمَّدْتُ رَمْيَهُ، وَمَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: «مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ أَشْرَكْتَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، اعْمَدْ إِلَى شَاةٍ فَاذْبَحْهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاسْقِ إِهَابَهَا، قَالَ: فَقُمْنَا مِنْ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ عَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ، فَمَا دَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا يُفْتِيكَ حَتَّى سَأَلَ صَاحِبَهُ، اعْمَدْ ⦗٦٩٢⦘ إِلَى نَاقَتِكَ فَانْحَرْهَا، فَفَعَلَ ذَاكَ. قَالَ قَبِيصَةُ: وَلَا أَذْكُرُ الْآيَةَ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: فَبَلَغَ عُمَرَ مَقَالَتِي، فَلَمْ يَفْجَأْنَا إِلَّا وَمَعَهُ الدِّرَّةُ، قَالَ: فَعَلَا صَاحِبِي ضَرْبًا بِالدِّرَّةِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: أَقَتَلْتَ فِي الْحَرَمِ وَسَفَّهْتَ الْحُكْمَ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا أُحِلُّ لَكَ الْيَوْمَ شَيْئًا يَحْرُمُ عَلَيْكَ مِنِّي. قَالَ: يَا قَبِيصَةُ بْنَ جَابِرٍ، إِنِّي أَرَاكَ شَابَّ السِّنِّ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، بَيِّنَ اللِّسَانِ، وَإِنَّ الشَّابَّ يَكُونُ فِيهِ تِسْعَةُ أَخْلَاقٍ حَسَنَةٌ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ، فَيُفْسِدُ الْخُلُقُ السَّيِّئُ الْأَخْلَاقَ الْحَسَنَةَ، فَإِيَّاكَ وَعَثَرَاتِ الشَّبَابِ»
٨ ‏/ ٦٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: أَوْطَأَ أَرْبَدُ ضَبًّا فَقَتَلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَتَى عُمَرَ لِيَحْكُمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: “احْكُمْ مَعِي فَحَكَمَا فِيهِ جَدْيًا قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥]
٨ ‏/ ٦٩٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا، أَصَابَ صَيْدًا، فَأَتَى ابْنَ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِابْنِ صَفْوَانَ: إِمَّا أَنْ أَقُولَ فَتُصَدِّقَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَقُولَ فَأُصَدِّقَكَ فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: بَلْ أَنْتَ فَقُلْ، فَقَالَ ابْنُ ⦗٦٩٣⦘ عُمَرَ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ
٨ ‏/ ٦٩٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ وَجَدْتُ حَكَمًا عَدْلًا لَحَكَمْتُ فِي الثَّعْلَبِ جَدْيًا، وَجَدْي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الثَّعْلَبِ»
٨ ‏/ ٦٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَعِنْدَهُ ابْنُ صَفْوَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: «إِمَّا أَنْ تَقُولَ فَأُصَدِّقَكَ، أَوْ أَقُولُ فَتُصَدِّقَنِي، قَالَ: قُلْ وَأُصَدِّقَكَ»
٨ ‏/ ٦٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جَرِيرٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: أَصَبْتُ ظَبْيًا وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: “ائْتِ رَجُلَيْنِ مِنْ إِخْوَانِكَ فَلْيَحْكُمَا عَلَيْكَ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَسَعْدًا، فَحَكَمَا عَلَيَّ تَيْسًا أَعْفَرَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْأَعْفَرُ: الْأَبْيَضُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ، مِثْلَهُ
٨ ‏/ ٦٩٣
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: “كَانَ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَبْصَرَ ظَبْيًا يَأْوِي إِلَى أَكَمَةٍ، فَقَالَ: لَأَنْظُرُ أَنَا أَسْبِقُ إِلَى هَذِهِ الْأَكَمَةِ أَمْ هَذَا الظَّبْي؟ فَوَقَعَتْ عَنْزٌ مِنَ الظِّبَاءِ تَحْتَ قَوَائِمِ نَاقَتِهِ فَقَتَلَتْهَا. فَأَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَحَكَمَ عَلَيْهِ هُوَ وَابْنُ عَوْفٍ عَنْزًا عَفْرَاءَ قَالَ: وَهِيَ الْبَيْضَاءُ
٨ ‏/ ٦٩٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَوْطَأَ ظَبْيًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَإِلَى جَنْبِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَكَلَّمَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ: «أَهْدِ عَنْزًا عَفْرَاءَ»
٨ ‏/ ٦٩٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَمْضِ فِيهِ حُكُومَةٌ، اسْتَقْبَلَ بِهِ، فَيَحْكُمُ فِيهِ ذَوَا عَدْلٍ»
٨ ‏/ ٦٩٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبَشِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ، أَصَابَ وَلَدَ أَرْنَبٍ، فَقَالَ: فِيهِ وَلَدُ مَاعِزٍ فِيمَا أَرَى أَنَا. ثُمَّ قَالَ لِي: أَكَذَاكَ؟ فَقُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي، فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥]
٨ ‏/ ٦٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، أَنَّ رَجُلَيْنِ، أَبْصَرَا ظَبْيًا وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَتَرَاهَنَا، وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ ⦗٦٩٥⦘ سَبَقَ إِلَيْهِ. فَسَبَقَ إِلَيْهِ أَحَدُهُمَا، فَرَمَاهُ بِعَصَاهُ فَقَتَلَهُ. فَلَمَّا قَدِمَا مَكَّةَ أَتَيَا عُمَرَ يَخْتَصِمَانِ إِلَيْهِ وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا قِمَارٌ، وَلَا أُجِيزُهُ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: شَاةً، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ. فَلَمَّا قَفَّى الرَّجُلَانِ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا دَرَى عُمَرُ مَا يَقُولُ حَتَّى سَأَلَ الرَّجُلَ، فَرَدَّهُمَا عُمَرُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِعُمَرَ وَحْدَهُ فَقَالَ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥] وَأَنَا عُمَرُ، وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يَنْظُرُ الْعَدْلَانِ إِلَى الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فَيُقَوِّمَانِهِ قِيمَتُهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ يَأْمُرَانِ الْقَاتِلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِذَلِكَ مِنَ النَّعَمِ هَدْيًا. فَالْحَاكِمَانِ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِمَا لِتَقْوِيمِ الصَّيْدِ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهُ فِيهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ مِنْ شَيْءٍ حُكِمَ فِيهِ قِيمَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ مُتَفَقِّهَةِ الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿هَدْيًا﴾ [المائدة: ٩٥] فَإِنَّهُ مَصْدَرٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْهَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وَقَوْلُهُ: ﴿بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] مِنْ نَعْتِ الْهَدْيِ وَصِفَتِهِ. وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يُنْعَتَ بِهِ وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى مَعْرِفَةٍ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] يَبْلُغُ الْكَعْبَةَ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا فَمَعْنَاهُ التَّنْوِينُ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ⦗٦٩٦⦘ الِاسْتِقْبَالِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤] فَوَصَفَ بِقَوْلِهِ: ﴿مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤] عَارِضًا، لِأَنَّ فِي ﴿مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤] مَعْنَى التَّنْوِينِ، لِأَنَّ تَأْوِيلَهُ الِاسْتِقْبَالُ، فَمَعْنَاهُ: هَذَا عَارِضٌ يُمْطِرُنَا، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥]
٨ ‏/ ٦٩٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ. وَالْكَفَّارَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: (أَوْ كَفَّارَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ) بِالْإِضَافَةِ. وَأَمَّا قُرَّاءُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ عَامَّتَهُمْ قَرءُوا ذَلِكَ بِتَنْوِينِ الْكَفَّارَةِ وَرَفْعِ الطَّعَامِ: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِتَنْوِينِ الْكَفَّارَةِ وَرَفْعِ الطَّعَامِ، لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْلِهِ: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَاتِلَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَيْدًا عَمْدًا، لَا يَخْلُو مِنْ وُجُوبِ بَعْضِ
٨ ‏/ ٦٩٦
هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مِثْلِ الْمَقْتُولِ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، أَوْ طَعَامِ مِسْكِينٍ كَفَّارَةً لِمَا فَعَلَ، أَوْ عَدْلِ ذَلِكَ صِيَامًا، لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَيِّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ، وَأَنَّهُ بِأَيِّهَا كَانَ كَفَّرَ فَقَدْ أَدَّى الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ أَنَّ قَاتِلَ ذَلِكَ كَمَا وَصَفَ لَنْ يَخْرُجَ حُكْمُهُ مِنْ إِحْدَى الْخِلَالِ الثَّلَاثَةِ. قَالُوا: فَحُكْمُهُ إِنْ كَانَ عَلَى الْمِثْلِ قَادِرًا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمَقْتُولِ مِنَ النَّعَمِ، لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ مَا دَامَ لِلْمِثْلِ وَاجِدًا. قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاجِدًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، فَكَفَّارَتُهُ حِينَئِذٍ إِطْعَامُ مَسَاكِينَ
٨ ‏/ ٦٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾ [المائدة: ٩٥]، قَالَ: «إِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ حُكِمَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ قَتَلَ ظَبْيًا أَوْ نَحْوَهُ فَعَلَيْهِ شَاةٌ تُذْبَحُ بِمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَإِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ قَتَلَ أَيِّلًا أَوْ نَحْوَهُ فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَطْعَمَ عِشْرِينَ مِسْكِينًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عِشْرِينَ يَوْمًا. وَإِنْ قَتَلَ نَعَامَةً أَوْ حِمَارَ وَحْشٍ أَوْ نَحْوَهُ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالطَّعَامُ مُدٌّ مُدٌّ يُشْبِعُهُمْ»
٨ ‏/ ٦٩٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ ⦗٦٩٨⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥] فَالْكَفَّارَةُ مِنْ قَتْلِ مَا دُونَ الْأَرْنَبِ إِطْعَامٌ
٨ ‏/ ٦٩٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ حُكِمَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ وَجَدَ جَزَاءً ذَبَحَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَزَاءَهُ قُوِّمَ الْجَزَاءُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمَتِ الدَّرَاهِمُ حِنْطَةً، ثُمَّ صَامَ مَكَانَ كُلِّ صَاعٍ يَوْمًا. قَالَ: إِنَّمَا أُرِيدُ بِالطَّعَامِ: الصَّوْمَ، فَإِذَا وَجَدَ طَعَامًا وَجَدَ جَزَاءً»
٨ ‏/ ٦٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَامِرٍ: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ﴾ [المائدة: ٩٥]، قَالَ: «إِنَّمَا الطَّعَامُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ»
٨ ‏/ ٦٩٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قُوِّمَ الْجَزَاءُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمَتِ الدَّرَاهِمُ طَعَامًا، ثُمَّ صَامَ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا»
٨ ‏/ ٦٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ مَا لَا يُتِمُّ نِصْفَ صَاعٍ صَامَ لَهُ يَوْمًا، وَلَا ⦗٦٩٩⦘ يَكُونُ الصَّوْمُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ ثَمَنَ هَدْي فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، حُكِمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. ﴿كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: فِيمَا لَا يَبْلُغُ ثَمَنَ هَدْي. ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] مِنَ الْجَزَاءِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِي بِهِ هَدْيًا، أَوْ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ، مِمَّا لَا يَبْلُغُ ثَمَنَ هَدْي، حُكِمَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا»
٨ ‏/ ٦٩٨
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «عَلَيْهِ مِنَ النَّعَمِ مِثْلُهُ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ ابْتَاعَ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا، فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا»
٨ ‏/ ٦٩٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «إِذَا قَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا حُكِمَ عَلَيْهِ قُوِّمَ الْفِدَاءُ كَمْ هُوَ دِرْهَمًا، وَقُدِّرَ ثَمَنُ ذَلِكَ بِالطَّعَامِ عَلَى الْمِسْكِينِ، فَصَامَ عَنْ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا، وَلَا يَحِلُّ طَعَامُ الْمِسْكِينِ، لِأَنَّ مَنْ وَجَدَ طَعَامَ الْمِسْكِينِ فَهُوَ يَجِدُ الْفِدَاءَ»
٨ ‏/ ٦٩٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحَسَنُ ⦗٧٠٠⦘ بْنُ مُسْلِمٍ: «مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ مِمَّا جَزَاؤُهُ شَاةٌ، فَذَلِكَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥]، وَمَا كَانَ مِنْ كَفَّارَةٍ طَعَامِ مَسَاكِينَ مِثْلُ الْعُصْفُورَةِ يَقْتُلُ وَلَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَدْي، ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: عَدْلُ النَّعَامَةِ أَوِ الْعُصْفُورِ، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَطَاءٍ، فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ (أَوْ أَوْ)، فِلِصَاحِبِهِ أَنْ يَخْتَارَ مَا شَاءَ»
٨ ‏/ ٦٩٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَزَاءً قُوِّمَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ طَعَامًا ثُمَّ صَامَ لِكُلِّ صَاعٍ يَوْمَيْنِ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ لِلْقَاتِلِ صَيْدًا عَمْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ الْخِيَارَ بَيْنَ إِحْدَى الْكَفَّارَاتِ الثَّلَاثِ، وَهِيَ الْجَزَاءُ بِمِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ، وَالطَّعَامُ، وَالصَّوْمُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْزِيَ بِمِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ، أَوْ يُكَفِّرَ بِإِطْعَامِ مَسَاكِينَ أَوْ بِعَدْلِ الطَّعَامِ مِنَ الصِّيَامِ
٨ ‏/ ٧٠٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] قَالَ: «إِنْ أَصَابَ إِنْسَانٌ ⦗٧٠١⦘ مُحْرِمٌ نَعَامَةً، فَإِنَّ لَهُ إِنْ كَانَ ذَا يَسَارٍ أَنْ يَهْدِيَ مَا شَاءَ جَزُورًا، أَوْ عَدْلَهَا طَعَامًا، أَوْ عَدْلَهَا صِيَامًا. قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ (أَوْ أَوْ)، فَلْيَخْتَرْ مِنْهُ صَاحِبُهُ مَا شَاءَ»

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …