مَكِّيَّةٌ، وَآيَاتُهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١٤ / ٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الر. تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ١] وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ [يونس: ١] فَإِنَّهُ يَعْنِي: هَذِهِ الْآيَاتُ، آيَاتُ الْكُتُبِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴿وَقُرْآنٍ﴾ [الحجر: ١] يَقُولُ: وَآيَاتُ قُرْآنٍ ﴿مُبِينٍ﴾ [البقرة: ١٦٨] يَقُولُ: يُبَيِّنُ مَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ رُشْدَهُ وَهُدَاهُ، كَمَا:
١٤ / ٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ١] قَالَ: «تَبَيَّنَ وَاللَّهِ هُدَاهُ وَرُشْدُهُ وَخَيْرُهُ»
١٤ / ٥
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿الر﴾ [الحجر: ١] فَوَاتِحُ يَفْتَتِحُ بِهَا كَلَامَهُ ” ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ [الحجر: ١] قَالَ: «التَّوْرَاةُ ⦗٦⦘ وَالْإِنْجِيلُ»
١٤ / ٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ [الحجر: ١] قَالَ: «الْكُتُبُ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ»
١٤ / ٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ﴿رُبَمَا﴾ [الحجر: ٢] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ ﴿رُبَمَا﴾ [الحجر: ٢] بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِتَشْدِيدِهَا. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَئِمَّةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ مُصِيبٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى «مَا» الَّتِي مَعَ «رُبَّ»، فَقَالَ بَعْضُنَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: أَدْخَلَ مَعَ «رُبَّ» مَا «لِيَتَكَلَّمَ بِالْفِعْلِ بَعْدَهَا، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ» مَا ” بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ، فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: رُبَّ شَيْءٍ يَوَدُّ: أَيْ رُبَّ وُدٍّ يَوَدُّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ، وَقَالَ: الْمَصْدَرُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى عَائِدٍ، وَالْوُدُّ قَدْ وَقَعَ عَلَى «لَوْ»، رُبَّمَا يَوَدُّونَ لَوْ كَانُوا: أَنْ يَكُونُوا قَالَ: وَإِذَا
١٤ / ٦
أَضْمَرَ الْهَاءَ فِي «لَوْ» فَلَيْسَ بِمَفْعُولٍ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْمَفْعُولِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجَمَ الْمَصْدَرُ بِشَيْءٍ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ جَعَلَهُ وُدًّا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ عَائِدًا فَكَانَ الْكَسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ يَقُولَانِ: لَا تَكَادُ الْعَرَبُ تُوقِعُ «رُبَّ» عَلَى مُسْتَقْبَلٍ، وَإِنَّمَا يُوقِعُونَهَا عَلَى الْمَاضِي مِنَ الْفِعْلِ كَقَوْلِهِمْ: رُبَّمَا فَعَلْتَ كَذَا، وَرُبَّمَا جَاءَنِي أَخُوكَ، قَالَا: وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ: رُبَّمَا يَوَدُّ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ وَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَمَا فِيهِ، فَهُوَ حَقٌّ كَأَنَّهُ عَيَانٌ، فَجَرَى الْكَلَامُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ مَجْرَاهُ فِيمَا كَانَ، كَمَا قِيلَ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ﴾ [سبأ: ٥١]، كَأَنَّهُ مَاضٍ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِصِدْقِهِ فِي الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ لَا مُكَذِّبَ لَهُ، وَأَنَّ الْقَائِلَ لَا يَقُولُ إِذَا نَهَى أَوْ أَمَرَ فَعَصَاهُ الْمَأْمُورُ، يَقُولُ: أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ نَدَامَةٍ لَكَ تَذْكُرُ قَوْلِي فِيهَا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَنْدَمُ، وَاللَّهُ وَوَعْدُهُ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِ الْمَخْلُوقِينَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَصْحَبَ «رُبَّمَا» الدَّائِمَ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ يَفْعَلُ، يُقَالُ: رُبَّمَا يَمُوتُ الرَّجُلُ فَلَا يُوجَدُ لَهُ كَفَنٌ، وَإِنَّ أُوِّلَتِ الْأَسْمَاءُ كَانَ مَعَهَا ضَمِيرُ كَانَ، كَمَا قَالَ أَبُو دُؤَادٍ:
[البحر الخفيف] رُبَّمَا الْجَامِلُ الْمُؤَبَّلُ فِيهِمْ … وَعَنَاجِيجُ بَيْنَهُنَّ الْمِهَارُ
[البحر الخفيف] رُبَّمَا الْجَامِلُ الْمُؤَبَّلُ فِيهِمْ … وَعَنَاجِيجُ بَيْنَهُنَّ الْمِهَارُ
١٤ / ٧
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ فَجَحَدُوا وَحْدَانِيَّتَهُ لَوْ كَانُوا فِي دَارِ الدُّنْيَا مُسْلِمِينَ كَمَا:
١٤ / ٨
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، وَمَعَهُمْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، قَالَ الْكُفَّارُ لِمَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ: أَلَسْتُمْ مُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالُوا: فَمَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلَامُكُمْ، وَقَدْ صِرْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟ قَالُوا: كَانَتْ لَنَا ذُنُوبٌ فَأُخِذْنَا بِهَا، فَسَمِعَ اللَّهُ مَا قَالُوا، فَأَمَرَ بِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي النَّارِ فَأُخْرِجُوا، فَقَالَ مَنْ فِي النَّارِ مِنَ الْكُفَّارِ: يَا لَيْتَنَا كُنَّا مُسْلِمِينَ» ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ. رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] “
١٤ / ٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ الْقُطَعِيُّ، وَرَوْحٌ الْقَيْسِيُّ، وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي قَطَنٍ قَالُوا: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَرْوَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَتَأَوَّلَانِ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَا: «ذَلِكَ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ أَهْلَ الْخَطَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فِي النَّارِ» وَقَالَ عَفَّانُ: حِينَ يُحْبَسُ أَهْلُ الْخَطَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، فَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ زَادَ أَبُو قَطَنٍ: قَدْ جُمِعْنَا وَإِيَّاكُمْ، وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ، ⦗٩⦘ وَعَفَّانُ: فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، وَلَمْ يَقُلْهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَالُوا جَمِيعًا: فَيُخْرِجُهُمُ اللَّهُ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] “
١٤ / ٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «يُدْخِلُ الْجَنَّةَ وَيَرْحَمُ، حَتَّى يَقُولَ فِي آخِرِ ذَلِكَ: «مَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ» قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] ذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَتَمَنَّى الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُوَحِّدِينَ “
١٤ / ٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «هَذَا فِي الْجَهَنَّمِيِّينَ إِذَا رَأَوْهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ»
١٤ / ٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ الْعَبْدِيُّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَا يَتَأَوَّلَانِ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] يَتَأَوَّلَانِهَا «يَوْمَ يَحْبِسُ اللَّهُ أَهْلَ الْخَطَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي النَّارِ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهُمُ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، فَيُخْرِجُهُمْ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا يَزَالُ اللَّهُ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ، وَيَرْحَمُ وَيَشْفَعُ حَتَّى يَقُولَ: «مَنْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ» فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالَ: فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ، فَيَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ: «اشْفَعُوا» فَيَشْفَعُونَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَيَتَطَاوَلُ رَجَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ “
١٤ / ١٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ⦗١١⦘ اللَّهِ عز وجل: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «يَقُولُ مَنْ فِي النَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمِينَ: مَا أَغْنَتْ عَنْكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ، فَيَقُولُ: «مَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلْيَخْرُجْ مِنَ النَّارِ» قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ: ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَقُولُونَ: كُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ وَكُفْرٍ، فَمَا شَأْنُ هَؤُلَاءِ الْمُوَحِّدِينَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ: فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ لِلْمُوَحِّدِينَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِيمَانُكُمْ؟ قَالَ: فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ قَالَ: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُسْلِمٌ قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «الْكُفَّارُ يُعَيِّرُونَ أَهْلَ التَّوْحِيدِ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ، ⦗١٢⦘ فَيَأْمُرُ النَّبِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةَ فَيَشْفَعُونَ، فَيَخْرُجُ أَهْلُ التَّوْحِيدِ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَيَتَطَاوَلَ رَجَاءَ أَنْ يَخْرُجَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «هَذَا فِي الْجَهَنَّمِيِّينَ، إِذَا رَأَوْهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ، قَالَ: مَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] “
١٤ / ١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ١٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]⦗١٣⦘ قَالَ: «فِيهَا وَجْهَانِ اثْنَانِ، يَقُولُونَ: إِذَا حَضَرَ الْكَافِرَ الْمَوْتُ وَدَّ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، وَيَقُولُ آخَرُونَ: بَلْ يُعَذِّبُ اللَّهُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي النَّارِ بِذُنُوبِهِمْ، فَيَعْرِفُهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَيَقُولُونَ: مَا أَغْنَتْ عَنْكُمْ عِبَادَةُ رَبِّكُمْ وَقَدْ أَلْقَاكُمْ فِي النَّارِ؟ فَيَغْضَبُ لَهُمْ فَيُخْرِجُهُمْ، فَيَقُولُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ»
١٤ / ١٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] «وَذَلِكَ وَاللَّهِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَدُّوا لَوْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُسْلِمِينَ»
١٤ / ١٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا يَزَالُ اللَّهُ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ وَيُشَفِّعُ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]»
١٤ / ١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الحجر: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ذَرْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَأْكُلُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مَا هُمْ آكِلُوهُ، وَيَتَمَتَّعُوا مِنْ لَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهِمْ فِيهَا إِلَى أَجَلِهِمُ الَّذِي ⦗١٤⦘ أَجَّلْتُ لَهُمْ، وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ عَنِ الْأَخْذِ بِحَظِّهِمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِيهَا، وَتَزَوُّدِهِمْ لِمَعَادِهِمْ مِنْهَا بِمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ غَدًا إِذَا وَرَدُوا عَلَيْهِ وَقَدْ هَلَكُوا عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَشِرْكِهِمْ، حِينَ يُعَايِنُونَ عَذَابَ اللَّهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ تَمَتُّعِهِمْ بِمَا كَانُوا يَتَمَتَّعُونَ فِيهَا مِنَ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ كَانُوا فِي خَسَارٍ وَتَبَابٍ
١٤ / ١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا﴾ [الحجر: ٤] يَا مُحَمَّدُ ﴿مِنْ﴾ [البقرة: ٤] أَهْلِ ﴿قَرْيَةٍ﴾ [البقرة: ٢٥٩] مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا فِيمَا مَضَى ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤] يَقُولُ: إِلَّا وَلَهَا أَجَلٌ مُؤَقَّتٌ وَمُدَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، لَا نُهْلِكُهُمْ حَتَّى يَبْلُغُوهَا، فَإِذَا بَلَغُوهَا أَهْلَكْنَاهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: فَكَذَلِكَ أَهْلُ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَنْتَ مِنْهَا وَهِيَ مَكَّةُ، لَا نُهْلِكَ مُشْرِكِي أَهْلِهَا إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِ كِتَابِهِمْ أَجَلَهُ، لِأَنَّ مِنْ قَضَائِي أَنْ لَا أَهْلِكَ أَهْلَ قَرْيَةٍ إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِ كِتَابِهِمْ أَجَلَهُ
١٤ / ١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ [الحجر: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا يَتَقَدَّمُ هَلَاكُ أُمَّةٍ قَبْلَ أَجَلِهَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَجَلًا لِهَلَاكِهَا، وَلَا يَسْتَأْخِرُ هَلَاكُهَا عَنِ الْأَجَلِ الَّذِي جُعِلَ لَهَا أَجَلًا، كَمَا:
١٤ / ١٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ [الحجر: ٥] قَالَ: «نَرَى ⦗١٥⦘ أَنَّهُ إِذَا حَضَرَ أَجَلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ سَاعَةً وَلَا يُقَدَّمُ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يُؤَخِّرُ مَا شَاءَ، وَيُقَدِّمُ مَا شَاءَ»
١٤ / ١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ. لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الحجر: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ لَكَ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ [الحجر: ٦] وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ مَوَاعِظَ خَلْقِهِ ﴿إِنَّكَ لِمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦] فِي دُعَائِكَ إِيَّانَا إِلَى أَنْ نَتَّبِعَكَ وَنَذَرَ آلِهَتَنَا. ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ [الحجر: ٧] قَالُوا: هَلَّا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ شَاهِدَةً لَكَ عَلَى صِدْقِ مَا تَقُولُ ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأعراف: ٧٠] يَعْنِي: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَسُولًا وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ كِتَابًا، فَإِنَّ الرَّبَّ الَّذِي فَعَلَ مَا تَقُولُ بِكَ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إِرْسَالُ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ مَعَكَ، حُجَّةً لَكَ عَلَيْنَا، وَآيَةً لَكَ عَلَى نُبُوَّتِكَ وَصِدْقِ مَقَالَتِكَ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ مَوْضِعَ «لَوْ مَا» لَوْلَا «، وَمَوْضِعَ» لَوْلَا «لَوْ مَا»، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
[البحر البسيط] لَوْمَا الْحَيَاءُ وَلَوْمَا الدِّينُ عِبْتُكُمَا … بِبَعْضِ مَا فِيكُمَا إِذْ عِبْتُمَا عَوَرِي
يُرِيدُ: لَوْلَا الْحَيَاءُ.
[البحر البسيط] لَوْمَا الْحَيَاءُ وَلَوْمَا الدِّينُ عِبْتُكُمَا … بِبَعْضِ مَا فِيكُمَا إِذْ عِبْتُمَا عَوَرِي
يُرِيدُ: لَوْلَا الْحَيَاءُ.
١٤ / ١٥
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ [الحجر: ٦] قَالَ: «الْقُرْآنُ»
١٤ / ١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ﴾ [الحجر: ٨] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾ [الحجر: ٨] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: (مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ) بِالتَّاءِ تَنَزَّلُ وَفَتْحِهَا وَرَفْعُ «الْمَلَائِكَةُ»، بِمَعْنَى: مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ، عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لِلْمَلَائِكَةِ، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾ [الحجر: ٨] بِالنُّونِ فِي نُنَزِّلُ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ وَنَصْبِ الْمَلَائِكَةِ، بِمَعْنَى: مَا نُنَزِّلُهَا نَحْنُ، وَ«الْمَلَائِكَةُ» حِينَئِذٍ مَنْصُوبٌ بِوُقُوعِ «نُنَزِّلُ» عَلَيْهَا، وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (مَا تُنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ)، بِرَفْعِ الْمَلَائِكَةِ وَالتَّاءِ فِي «تُنَزَّلُ» وَضَمِّهَا عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ
١٤ / ١٦
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكُلُّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثِ مُتَقَارِبَاتُ الْمَعَانِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا نَزَّلَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولٍ مِنْ رُسُلِهِ تَنَزَّلَتْ إِلَيْهِ، وَإِذَا تَنَزَّلَتْ إِلَيْهِ فَإِنَّمَا تَنْزِلُ بِإِنْزَالِ اللَّهِ إِيَّاهَا إِلَيْهِ، فَبِأَيِّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كُنْتَ أُحِبُّ لِقَارِئِهِ أَنْ لَا يَعْدُو فِي قِرَاءَتِهِ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُ مِنْ قِرَاءَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْأُخْرَى الَّتِي عَلَيْهَا جُمْهُورُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الْعَامَّةِ، وَالْأُخْرَى: أَعْنِي قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: (مَا تُنَزَّلُ)، بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ تُنَزَّلُ وَرَفْعُ الْمَلَائِكَةِ شَاذَّةٌ قَلِيلٌ مَنْ قَرَأَ بِهَا. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: مَا نُنَزِّلُ مَلَائِكَتَنَا إِلَّا بِالْحَقِّ، يَعْنِي بِالرِّسَالَةِ إِلَى رُسُلِنَا، أَوْ بِالْعَذَابِ لِمَنْ أَرَدْنَا تَعْذِيبَهُ وَلَوْ أَرْسَلْنَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَا يَسْأَلُونَ إِرْسَالَهُمْ مَعَكَ آيَةً فَكَفَرُوا لَمْ يَنْظُرُوا فَيُؤَخَّرُوا بِالْعَذَابِ، بَلْ عُوجِلُوا بِهِ كَمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ حِينَ سَأَلُوا الْآيَاتِ، فَكَفَرُوا حِينَ أَتَتْهُمُ الْآيَاتِ، فَعَاجَلْنَاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الحجر: ٨] قَالَ: «⦗١٨⦘ بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ١٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ [الحجر: ٩] وَهُوَ الْقُرْآنُ، ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [يوسف: ١٢] قَالَ: “وَإِنَّا لِلْقُرْآنِ لَحَافِظُونَ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بَاطِلٌ مَا لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ يَنْقُصُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ مِنْ أَحْكَامِهِ وَحُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: «لَهُ» مِنْ ذِكْرِ الذِّكْرِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] قَالَ: «عِنْدَنَا» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ⦗١٩⦘ الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ﴾ [فصلت: ٤٢] وَالْبَاطِلُ: إِبْلِيسُ، ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ [فصلت: ٤٢] فَأَنْزَلَهُ اللَّهُ ثُمَّ حَفِظَهُ، فَلَا يَسْتَطِيعُ إِبْلِيسُ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ بَاطِلًا، وَلَا يَنْتَقِصُ مِنْهُ حَقًّا، حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ “
١٤ / ١٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] قَالَ: «حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ الشَّيْطَانُ بَاطِلًا، أَوْ يُنْقِصَ مِنْهُ حَقًّا» . وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] مِنْ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ ﷺ، بِمَعْنَى: وَإِنَّا لِمُحَمَّدٍ حَافِظُونَ مِمَّنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ مِنْ أَعْدَائِهِ
١٤ / ١٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ. وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَبْلِكَ فِي الْأُمَمِ الْأَوَّلِينَ رُسُلًا وَتَرَكَ ذِكْرَ الرُّسُلِ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ﴾ [الحجر: ١٠] عَلَيْهِ، وَعَنَى بِشِيَعِ الْأَوَّلِينَ: أُمَمَ الْأَوَّلِينَ، وَاحِدَتُهَا شِيعَةٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا لِأَوْلِيَاءِ الرَّجُلِ: شِيعَتُهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٠] يَقُولُ: أُمَمُ الْأَوَّلِينَ»
١٤ / ٢٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٠] قَالَ: «فِي الْأُمَمِ»
١٤ / ٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُ: وَمَا يَأْتِي شِيَعُ الْأَوَّلِينَ مِنْ رَسُولٍ مِنَ اللَّهِ يُرْسِلُهُ إِلَيْهِمْ بِالدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَالْإِذْعَانِ بِطَاعَتِهِ ﴿إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُ: إِلَّا كَانُوا يَسْخَرُونَ بِالرَّسُولِ الَّذِي يُرْسِلُهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، عُتُوًّا مِنْهُمْ وَتَمَرُّدًا عَلَى رَبِّهِمْ
١٤ / ٢٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَمَا سَلَكْنَا الْكُفْرَ فِي قُلُوبِ شِيَعِ الْأَوَّلِينَ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِالرُّسُلِ، كَذَلِكَ نَفْعَلُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ مُشْرِكِي قَوْمِكَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا بِالْكُفْرِ بِاللَّهِ، ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الحجر: ١٣] يَقُولُ: لَا يُصَدِّقُونَ: بِالذِّكْرِ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَسْلُكُهُ﴾ [الحجر: ١٢] مِنْ ذِكْرِ الِاسْتِهْزَاءِ بِالرُّسُلِ وَالتَّكْذِيبِ بِهِمْ، كَمَا:
١٤ / ٢٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ⦗٢١⦘: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢] قَالَ: «التَّكْذِيبُ»
١٤ / ٢٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢] لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ قَالَ: «إِذَا كَذَّبُوا سَلَكَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا بِهِ»
١٤ / ٢١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢] قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٤ / ٢١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى الْحَسَنِ فِي بَيْتِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَفَسَّرَهُ أَجْمَعَ عَلَى الْإِثْبَاتِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢]، قَالَ: «أَعْمَالٌ سَيَعْمَلُونَهَا لَمْ يَعْمَلُونَهَا»
١٤ / ٢١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى الْحَسَنِ، فَمَا كَانَ يُفَسِّرْهُ إِلَّا عَلَى الْإِثْبَاتِ قَالَ: وَقَفْتُهُ عَلَى «نَسْلُكُهُ»، قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٤ / ٢١
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَسْلُكُهُ﴾ [الحجر: ١٢] قَالَ: «نَجْعَلُهُ»
١٤ / ٢١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الحجر: ١٣] قَالَ: «هُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ، هُوَ ⦗٢٢⦘ أَضَلَّهُمْ وَمَنَعَهُمُ الْإِيمَانَ» يُقَالُ مِنْهُ: سَلَكَهُ يَسْلُكُهُ سَلْكًا وَسُلُوكًا، وَأَسْلَكَهُ يُسْلِكُهُ إِسْلَاكًا، وَمِنَ السُّلُوكِ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
[البحر الوافر] وَكُنْتُ لِزَازَ خَصْمِكَ لَمْ أُعَرِّدْ … وَقَدْ سَلَكُوكَ فِي يَوْمٍ عَصِيبِ
وَمِنَ الْإِسْلَاكِ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر البسيط] حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ … شَلًّا كَمَا تُطْرَدُ الْجَمَّالَةُ الشُّرُدَا
[البحر الوافر] وَكُنْتُ لِزَازَ خَصْمِكَ لَمْ أُعَرِّدْ … وَقَدْ سَلَكُوكَ فِي يَوْمٍ عَصِيبِ
وَمِنَ الْإِسْلَاكِ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر البسيط] حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ … شَلًّا كَمَا تُطْرَدُ الْجَمَّالَةُ الشُّرُدَا
١٤ / ٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَا يُؤْمِنُ بِهَذَا الْقُرْآنِ قَوْمُكَ الَّذِينَ سَلَكْتَ فِي قُلُوبِهِمُ التَّكْذِيبَ، ﴿حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: ٨٨] أَخْذًا مِنْهُمْ سُنَّةَ أَسْلَافِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَهُمْ مِنْ قَوْمِ عَادٍ، وَثَمُودَ، وَضُرَبَائِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي كَذَّبَتْ رُسُلَهَا، فَلَمْ تُؤْمِنْ بِمَا جَاءَهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حَتَّى حَلَّ بِهَا سَخَطُ اللَّهِ فَهَلَكَتْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٣] «وَقَائِعُ اللَّهِ فِيمَنْ خَلَا قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ»
١٤ / ٢٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ ⦗٢٣⦘ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الحجر: ٧] بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ فِيهِ وَهُمْ يَرَوْنَهُمْ عَيَانًا، ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥]
١٤ / ٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] يَقُولُ: «لَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ فِيهِ، لَقَالَ أَهْلُ الشِّرْكِ: إِنَّمَا أَخَذَ أَبْصَارَنَا، وَشَبَّهَ عَلَيْنَا، وَإِنَّمَا سَحَرَنَا فَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الحجر: ٧]»
١٤ / ٢٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] «فَظَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ يَعْرُجُونَ فِيهِ يَرَاهُمْ بَنُو آدَمَ عَيَانًا، ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥]»
١٤ / ٢٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ. لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الحجر: ٧] قَالَ: «مَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] قَالَ:»رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ [الحجر: ٧]، مَا بَيْنَ ⦗٢٤⦘ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: “فَظَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ فَنَظَرُوا إِلَيْهِمْ، ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] قَالَ: «قُرَيْشٌ تَقُولُهُ»
١٤ / ٢٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَوْ فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ بَابًا فَظَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ فِيهِ، يَقُولُ: يَخْتَلِفُونَ فِيهِ جَائِينَ وَذَاهِبِينَ، ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥]»
١٤ / ٢٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، يَقُولُ: «لَوْ فَتَحَتْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ، فَنَظَرُوا إِلَى الْمَلَائِكَةِ تَعْرُجُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: ﴿نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥] سَحَرَنَا، وَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الحجر: ٧]»
١٤ / ٢٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ نَصْرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] قَالَ: «لَوْ أَنِّي فَتَحْتُ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ تَعْرُجُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: ﴿بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥] أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الحجر: ٧]». وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ بَنُو آدَمَ. ⦗٢٥⦘ وَمَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ: وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا هُمْ فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥]
١٤ / ٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «لَوْ فَعَلَ هَذَا بِبَنِي آدَمَ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ أَيْ يَخْتَلِفُونَ، ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥]»
١٤ / ٢٥
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: يَرْقَوْنَ فِيهِ وَيَصْعَدُونَ، يُقَالُ مِنْهُ: عَرَجَ يَعْرُجُ عُرُوجًا إِذَا رَقِيَ وَصَعِدَ، وَوَاحِدَةُ الْمَعَارِجِ: مَعْرَجٌ وَمِعْرَاجٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
[البحر الطويل] إِلَى حَسَبٍ عَوْدٍ بِنَا الْمَرْءَ قَبْلَهُ … أَبُوهُ لَهُ فِيهِ مَعَارِجَ سُلَّمِ
وَقَدْ حُكِيَ: عَرَجَ يَعْرِجُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَقَوْلُهُ: ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] يَقُولُ: لَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ: مَا هَذَا بِحَقٍّ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] فَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] بِتَشْدِيدِ الْكَافِ، بِمَعْنَى: غَشِيَتْ وَغُطِّيَتْ، هَكَذَا كَانَ يَقُولُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ فِيمَا ذُكِرَ لِي عَنْهُ، ⦗٢٦⦘ وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِرَتْ) “
[البحر الطويل] إِلَى حَسَبٍ عَوْدٍ بِنَا الْمَرْءَ قَبْلَهُ … أَبُوهُ لَهُ فِيهِ مَعَارِجَ سُلَّمِ
وَقَدْ حُكِيَ: عَرَجَ يَعْرِجُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَقَوْلُهُ: ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] يَقُولُ: لَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ: مَا هَذَا بِحَقٍّ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] فَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] بِتَشْدِيدِ الْكَافِ، بِمَعْنَى: غَشِيَتْ وَغُطِّيَتْ، هَكَذَا كَانَ يَقُولُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ فِيمَا ذُكِرَ لِي عَنْهُ، ⦗٢٦⦘ وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِرَتْ) “
١٤ / ٢٥
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْكَسَائِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ شِبْلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: (سُكِرَتْ أَبْصَارُنَا) «خَفِيفَةً» وَذَهَبَ مُجَاهِدٌ فِي قِرَاءَتِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَى: حُبِسَتْ أَبْصَارُنَا عَنِ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ، مِنْ سُكُورِ الرِّيحِ، وَذَلِكَ سُكُونُهَا وَرُكُودُهَا، يُقَالُ مِنْهُ: سُكِرَتِ الرِّيحُ: إِذَا سَكَنَتْ وَرَكَدَتْ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَكِرَ الشَّرَابُ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ: قَدْ غَشَّى أَبْصَارَنَا السُّكْرُ. وَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] سُدَّتْ
١٤ / ٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] قَالَ: «سُدَّتْ» . ⦗٢٧⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٢٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ يَعْنِي: ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: «سُدَّتْ»
١٤ / ٢٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] يَعْنِي: «سُدَّتْ» . فَكَأَنَّ مُجَاهِدًا ذَهَبَ فِي قَوْلِهِ وَتَأْوِيلِهِ ذَلِكَ بِمَعْنَى: سُدَّتْ، إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى: مُنِعَتِ النَّظَرَ، كَمَا يُسَكَّرُ الْمَاءُ فَيُمْنَعُ مِنَ الْجَرْيِ بِحَبْسِهِ فِي مَكَانٍ بِالسَّكَرِ الَّذِي يُسَكَّرُ بِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى سُكِّرَتْ: أُخِذَتْ
١٤ / ٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] يَقُولُ: أُخِذَتْ أَبْصَارُنَا»
١٤ / ٢٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إِنَّمَا أَخَذَ أَبْصَارَنَا، وَشَبَّهَ عَلَيْنَا، وَإِنَّمَا سَحَرَنَا»
١٤ / ٢٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ⦗٢٨⦘: «﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] يَقُولُ:»سُحِرَتْ أَبْصَارُنَا، يَقُولُ: أُخِذَتْ أَبْصَارُنَا “
١٤ / ٢٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] مُشَدَّدَةً: يَعْنِي سُدَّتْ، وَمَنْ قَرَأَ (سُكِرَتْ) مُخَفَّفَةً، فَإِنَّهُ يَعْنِي سُحِرَتْ». وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ وَجَّهُوا مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] إِلَى أَنَّ أَبْصَارَهُمْ سُحِرَتْ، فَشُبِّهَ عَلَيْهِمْ مَا يُبْصِرُونَ، فَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصَّحِيحِ مِمَّا يَرَوْنَ وَغَيْرِهِ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: سُكِّرَ عَلَى فُلَانٍ رَأْيُهُ: إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهِ رَأْيُهُ فِيمَا يُرِيدُ فَلَمْ يَدْرِ الصَّوَابَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الرَّأْيِ قَالُوا: ذَهَبَ عَنْهُ التَّسْكِيرُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّكْرِ، وَمَعْنَاهُ: غَشِيَ عَلَى أَبْصَارِنَا فَلَا نُبْصِرُ، كَمَا يَفْعَلُ السُّكْرُ بِصَاحِبِهِ، فَذَلِكَ إِذَا دِيرَ بِهِ وَغَشِيَ بَصَرُهُ كَالسَّمَادِيرِ فَلَمْ يُبْصِرْ
١٤ / ٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا» قَالَ: سُكِّرَتْ، السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ». وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: عَمِيَتْ
١٤ / ٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] قَالَ: «عَمِيَتْ» وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُخِذَتْ أَبْصَارُنَا وَسُحِرَتْ، فَلَا تُبْصِرُ الشَّيْءَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ، وَذَهَبَ حَدُّ أَبْصَارِنَا وَانْطَفَأَ نُورُهُ، كَمَا يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْحَارِّ إِذَا ذَهَبَتْ فَوْرَتُهُ وَسَكَنَ حَدُّ حَرِّهِ: قَدْ سَكِرَ يَسْكَرُ، قَالَ الْمُثَنَّى بْنُ جَنْدَلٍ الطُّهَوِيِّ:
[البحر الرجز] جَاءَ الشِّتَاءُ وَاجْثَأَلَّ الْقُبَّرُ … وَاسْتَخْفَتِ الْأَفْعَى وَكَانَتْ تَظْهَرُ
وَجَعَلَتْ عَيْنُ الْحَرُورِ تَسْكُرُ
أَيْ تَسْكُنُ وَتَذْهَبُ وَتَنْطَفِئُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
[البحر الرجز]
[البحر الرجز] جَاءَ الشِّتَاءُ وَاجْثَأَلَّ الْقُبَّرُ … وَاسْتَخْفَتِ الْأَفْعَى وَكَانَتْ تَظْهَرُ
وَجَعَلَتْ عَيْنُ الْحَرُورِ تَسْكُرُ
أَيْ تَسْكُنُ وَتَذْهَبُ وَتَنْطَفِئُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
[البحر الرجز]
١٤ / ٢٩
قَبْلَ انْصِدَاعِ الْفَجْرِ وَالتَّهَجُّرُ … وَخَوْضُهُنَّ اللَّيْلَ حِينَ يَسْكُرُ
يَعْنِي: حِينَ تَسْكُنُ فَوْرَتُهُ، وَذُكِرَ عَنْ قَيْسٍ أَنَّهَا تَقُولُ: سُكِّرَتِ الرِّيحُ تَسْكُرُ سُكُورًا، بِمَعْنَى: سَكَنَتْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْهَا صَحِيحًا، فَإِنَّ مَعْنَى سُكِرَتْ وَسُكِّرَتْ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مُتَقَارِبَانِ، غَيْرَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ غَيْرَهَا فِي الْقُرْآنِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] بِالتَّشْدِيدِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ خِلَافُهَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ، مُجْمِعَةٌ عَلَيْهِ
يَعْنِي: حِينَ تَسْكُنُ فَوْرَتُهُ، وَذُكِرَ عَنْ قَيْسٍ أَنَّهَا تَقُولُ: سُكِّرَتِ الرِّيحُ تَسْكُرُ سُكُورًا، بِمَعْنَى: سَكَنَتْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْهَا صَحِيحًا، فَإِنَّ مَعْنَى سُكِرَتْ وَسُكِّرَتْ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مُتَقَارِبَانِ، غَيْرَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ غَيْرَهَا فِي الْقُرْآنِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: ١٥] بِالتَّشْدِيدِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ خِلَافُهَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ، مُجْمِعَةٌ عَلَيْهِ
١٤ / ٣٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ﴾ [الحجر: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَهِيَ كَوَاكِبٌ يَنْزِلُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴿وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ﴾ [الحجر: ١٦] يَقُولُ: وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ بِالْكَوَاكِبِ لِمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا وَأَبْصَرَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، ⦗٣١⦘ وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ [الحجر: ١٦] قَالَ: «كَوَاكِبٌ»
١٤ / ٣٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ [الحجر: ١٦] وَبُرُوجُهَا: نُجُومُهَا “
١٤ / ٣١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿بُرُوجًا﴾ [الحجر: ١٦] قَالَ: «الْكَوَاكِبُ»
١٤ / ٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رجيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ﴾ [الحجر: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَحَفِظْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ لَعِينٍ قَدْ رَجَمَهُ اللَّهُ وَلَعَنَهُ ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨] يَقُولُ: لَكِنْ قَدْ يَسْتَرِقُ مِنَ الشَّيَاطِينِ السَّمْعَ مِمَّا يُحَدِّثُ فِي السَّمَاءِ بَعْضَهَا، فَيَتْبَعُهُ شِهَابٌ مِنَ النَّارِ، ﴿مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨] يَبِينُ أَثَرُهُ فِيهِ، إِمَّا بِإِخْبَالِهِ وَإِفْسَادِهِ، أَوْ بِإِحْرَاقِهِ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨] هُوَ اسْتِثْنَاءٌ خَارِجٌ، كَمَا قَالَ: مَا أَشْتَكِي إِلَّا خَيْرًا، يُرِيدُ: لَكِنْ أَذْكُرُ خَيْرًا
١٤ / ٣١
وَكَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ بَعْضُهُمْ، وَيَقُولُ: إِذَا كَانَتْ «إِلَّا» بِمَعْنَى «لَكِنْ» عَمِلَتْ عَمَلَ «لَكِنْ»، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارِ «أَذْكُرُ»، وَيَقُولُ: لَوِ احْتَاجَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى إِضْمَارِ «أَذْكُرُ» احْتَاجَ قَوْلُ الْقَائِلِ: قَامَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌو إِلَى إِضْمَارِ «أَذْكُرُ» . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَصْعَدُ الشَّيَاطِينُ أَفْوَاجًا تَسْتَرِقُ السَّمْعَ، قَالَ: فَيَنْفَرِدُ الْمَارِدُ مِنْهَا فَيَعْلُو، فَيُرْمَى بِالشِّهَابِ فَيُصِيبُ جَبْهَتَهُ أَوْ جَنْبَهُ أَوْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُ فَيَلْتَهِبُ، فَيَأْتِي أَصْحَابَهُ وَهُوَ يَلْتَهِبُ، فَيَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَيَذْهَبُ أُولَئِكَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكَهَنَةِ، فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ أَضْعَافَهُ مِنَ الْكَذِبِ، فَيُخْبِرُونَهُمْ بِهِ، فَإِذَا رَأَوْا شَيْئًا مِمَّا قَالُوا قَدْ كَانَ صَدَّقُوهُمْ بِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنَ الْكَذِبِ»
١٤ / ٣٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨] قَالَ: «أَرَادَ أَنْ يَخْطَفَ السَّمْعَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ [الصافات: ١٠]»
١٤ / ٣٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨] وَهُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ [الصافات: ١٠]»
١٤ / ٣٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨] قَالَ: «خَطِفَ الْخَطْفَةَ»
١٤ / ٣٣
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨] هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ [الصافات: ١٠] “
١٤ / ٣٣
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِنَّ الشُّهُبَ لَا تَقْتُلُ، وَلَكِنْ تُحْرِقُ وَتَخْبِلُ وَتَجْرَحُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقْتُلَ»
١٤ / ٣٣
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [الحجر: ١٧] قَالَ: «الرَّجِيمُ: الْمَلْعُونُ»
١٤ / ٣٣
قَالَ: وَقَالَ الْقَاسِمُ، عَنِ الْكَسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «الرَّجْمُ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ: الشَّتْمُ»
١٤ / ٣٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا﴾ [الحجر: ١٩] وَالْأَرْضَ دَحَوْنَاهَا فَبَسَطْنَاهَا، ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ [الحجر: ١٩] يَقُولُ: وَأَلْقَيْنَا فِي ظُهُورِهَا رَوَاسِيَ، يَعْنِي جِبَالًا ثَابِتَةً، كَمَا:
١٤ / ٣٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا﴾ [الحجر: ١٩]، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠]⦗٣٤⦘ وَذَكَرَ لَنَا أَنَّ أُمَّ الْقُرَى مَكَّةَ، مِنْهَا دُحِيَتِ الْأَرْضُ»
١٤ / ٣٣
قَوْلُهُ: ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ [الحجر: ١٩] رَوَاسِيهَا: جِبَالُهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الرُّسُوِّ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهِ
١٤ / ٣٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] يَقُولُ: وَأَنْبَتْنَا فِي الْأَرْضِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يَقُولُ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُقَدَّرٍ، وَبِحَدٍّ مَعْلُومٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] يَقُولُ: مَعْلُومٍ»
١٤ / ٣٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] يَقُولُ: مَعْلُومٍ»
١٤ / ٣٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، أَوْ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «بِقَدَرٍ» . حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَوْ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٣٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ ⦗٣٥⦘ عِكْرِمَةَ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «بِقَدَرٍ»
١٤ / ٣٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْجَعْدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: “﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «بِقَدْرٍ»
١٤ / ٣٥
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «بِقَدْرٍ»
١٤ / ٣٥
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «مَعْلُومٍ»
١٤ / ٣٥
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، وَسَأَلَهُ أَبُو مَخْزُومٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَقْدُورٍ»
١٤ / ٣٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ، وَسَأَلَهُ أَبُو عُرْوَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَقْدُورٍ» . هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ: وَسَأَلَهُ أَبُو عُرْوَةَ
١٤ / ٣٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «مَقْدُورٍ ⦗٣٦⦘ بِقَدْرٍ»
١٤ / ٣٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «مَقْدُورٍ بِقَدْرٍ»
١٤ / ٣٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «مَقْدُورٍ بِقَدْرٍ»
١٤ / ٣٦
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «بِقَدْرٍ»
١٤ / ٣٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] يَقُولُ: «مَعْلُومٍ» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ
١٤ / ٣٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] يَقُولُ: مَعْلُومٍ». وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَعْنَى ذَلِكَ وَأَنْبَتْنَا فِي الْجِبَالِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ، يَعْنِي مِنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالنُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوزَنُ
١٤ / ٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا ⦗٣٧⦘ فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحجر: ١٩] قَالَ: «الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُوزَنُ» . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَيْهِ
١٤ / ٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٠] أَيُّهَا النَّاسُ فِي الْأَرْضِ ﴿مَعَايِشَ﴾ [الأعراف: ١٠] وَهِيَ جَمْعُ مَعِيشَةٍ، ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] . اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ الدَّوَابَّ وَالْأَنْعَامَ
١٤ / ٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، جَمِيعًا، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] الدَّوَابَّ وَالْأَنْعَامَ». ⦗٣٨⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ الْوَحْشَ خَاصَّةً
١٤ / ٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] قَالَ: «الْوَحْشَ» فَتَأْوِيلُ «مَنْ» فِي: ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِمَعْنَى «مَا»، وَذَلِكَ قَلِيلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، وَأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] مِنَ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْأَنْعَامِ، فَمَعْنَى ذَلِكَ: وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ، وَالْعَبِيدَ، وَالْإِمَاءَ، وَالدَّوَابَّ، وَالْأَنْعَامَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، حَسُنَ أَنْ تُوضَعَ حِينَئِذٍ مَكَانَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالدَّوَابِّ «مَنْ» وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَتِ الْخَبَرَ عَنِ الْبَهَائِمِ مَعَهَا بَنُو آدَمَ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَصَرَفْنَا إِلَيْهِ مَعْنَى الْكَلَامِ إِذَا كَانَتْ «مَنْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا بِهِ عَلَى «مَعَايِشَ» بِمَعْنَى: جَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ، وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ⦗٣٩⦘ وَقِيلَ: إِنَّ «مَنْ» فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا بِهِ عَلَى الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ﴾ [الحجر: ٢٠] بِمَعْنَى: وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحجر: ٢٠] وَأَحْسِبُ أَنَّ مَنْصُورًا فِي قَوْلِهِ: هُوَ الْوَحْشُ، قَصَدَ هَذَا الْمَعْنَى وَإِيَّاهُ أَرَادَ، وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَلَامُ الْعَرَبِ فَبَعِيدٌ قَلِيلٌ، لِأَنَّهَا لَا تَكَادُ تَظَاهَرُ عَلَى مَعْنَى فِي حَالِ الْخَفْضِ، وَرُبَّمَا جَاءَ فِي شِعْرِ بَعْضِهِمْ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الكامل] هَلَّا سَأَلْتَ بِذِي الْجَمَاجِمِ عَنْهُمُ … وَأَبِي نُعَيْمٍ ذِي اللِّوَاءِ الْمُخْرَقِ
فَرَدَّ أَبَا نُعَيْمٍ عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي «عَنْهُمْ»، وَقَدْ بَيَّنْتُ قُبَحَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ
[البحر الكامل] هَلَّا سَأَلْتَ بِذِي الْجَمَاجِمِ عَنْهُمُ … وَأَبِي نُعَيْمٍ ذِي اللِّوَاءِ الْمُخْرَقِ
فَرَدَّ أَبَا نُعَيْمٍ عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي «عَنْهُمْ»، وَقَدْ بَيَّنْتُ قُبَحَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ
١٤ / ٣٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَمْطَارِ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ، وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ، لِكُلِّ أَرْضٍ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا حَدُّهُ وَمَبْلَغُهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٣٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ ⦗٤٠⦘ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَا مِنْ أَرْضٍ أَمْطَرُ مِنْ أَرْضٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُقَدِّرُهُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ، وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١]»
١٤ / ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «مَا مِنْ عَامٍ بِأَمْطَرَ مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ﴾ [الحجر: ٢١]»
١٤ / ٤٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «مَا مِنْ عَامٍ بِأَمْطَرَ مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقْسِمُهُ حَيْثُ شَاءَ، عَامًا هَهُنَا وَعَامًا هَهُنَا، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ، وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١]»
١٤ / ٤٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ، وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١] قَالَ: «الْمَطَرُ خَاصَّةً»
١٤ / ٤٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١] قَالَ: «مَا مِنْ عَامٍ بِأَكْثَرَ مَطَرًا مِنْ عَامٍ وَلَا أَقَلَّ، وَلَكِنَّهُ يُمْطَرُ قَوْمٌ وَيُحْرَمُ آخَرُونَ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْبَحْرِ قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّهُ يَنْزِلُ مَعَ الْمَطَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ وَلَدِ إِبْلِيسَ وَوَلَدِ ⦗٤١⦘ آدَمَ يُحْصُونَ كُلَّ قَطْرَةٍ حَيْثُ تَقَعُ، وَمَا تُنْبِتُ»
١٤ / ٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ، فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ، وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: ٢٢] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيحَ لَوَاقِحَ) ” فَوَحَّدَ الرِّيحَ وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ بِالْجَمْعِ، أَعْنِي بِقَوْلِهِ: «لَوَاقِحَ» وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ الرِّيحَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا وَاحِدًا، فَمَعْنَاهَا الْجَمْعُ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: جَاءَتِ الرِّيحُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهَبَّتْ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَقِيلَ لَوَاقِحَ لِذَلِكَ، فَيَكُونُ مَعْنَى جَمْعِهِمْ نَعْتَهَا وَهِيَ فِي اللَّفْظِ وَاحِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَرْضٌ سَبَاسِبُ، وَأَرْضُ أَغْفَالٍ، وَثَوْبٌ أَخْلَاقٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز] جَاءَ الشِّتَاءُ وَقَمِيصِي أَخْلَاقْ … شَرَاذِمٌ يَضْحَكُ مِنْهُ التَّوَّاقْ
[البحر الرجز] جَاءَ الشِّتَاءُ وَقَمِيصِي أَخْلَاقْ … شَرَاذِمٌ يَضْحَكُ مِنْهُ التَّوَّاقْ
١٤ / ٤١
وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ اتَّسَعَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ وَصْفِ الرِّيَاحِ بِاللَّقْحِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُلْقِحَةٌ لَا لَاقِحَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُلْقِحُ السَّحَابَ وَالشَّجَرَ، وَإِنَّمَا تُوصَفُ بِاللَّقْحِ الْمَلْقُوحَةُ لَا الْمُلْقِحُ، كَمَا يُقَالُ: نَاقَةٌ لَاقِحٌ، وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ: قِيلَ: الرِّيَاحُ لَوَاقِحُ، فَجَعَلَهَا عَلَى لَاقِحٍ، كَأَنَّ الرِّيَاحَ لَقِحَتْ، لِأَنَّ فِيهَا خَيْرًا فَقَدْ لَقِحَتْ بِخَيْرٍ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الرِّيَاحُ تُلْقِحُ السَّحَابَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، لِأَنَّهَا إِذَا أَنْشَأَتْهُ وَفِيهَا خَيْرٌ وَصَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ: فِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَ الرِّيحَ هِيَ الَّتِي تُلْقِحُ بِمُرُورِهَا عَلَى التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَيَكُونُ فِيهَا اللِّقَاحُ، فَيُقَالُ: رِيحٌ لَاقِحٌ، كَمَا يُقَالُ: نَاقَةٌ لَاقِحٌ، قَالَ: وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَصَفَ رِيحَ الْعَذَابِ فَقَالَ: ﴿عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ [الذاريات: ٤١] فَجَعَلَهَا عَقِيمًا إِذَا لَمْ تُلْقِحْ. قَالَ: وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُهَا بِاللَّقْحِ وَإِنْ كَانَتْ تُلْقِحُ، كَمَا قِيلَ: لَيْلٌ نَائِمٌ، وَالنَّوْمُ فِيهِ، وَسِرٌّ كَاتِمٌ، وَكَمَا قِيلَ: الْمَبْرُوزُ وَالْمَخْتُومُ، فَجَعَلَ مَبْرُوزًا وَلَمْ يَقُلْ مُبْرَزًا بَنَاهُ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ، أَيْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ
١٤ / ٤٢
صِفَاتِهِ، فَجَازَ مَفْعُولٌ لِمَفْعَلٍ كَمَا جَازَ فَاعِلٌ لِمَفْعُولٍ إِذَا لَمْ يَرِدِ الْبِنَاءُ عَلَى الْفِعْلِ، كَمَا قِيلَ: مَاءٌ دَافِقٌ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّ الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ كَمَا وَصَفَهَا بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْ صِفَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تُلْقِحُ السَّحَابَ وَالْأَشْجَارَ، فَهِيَ لَاقِحَةٌ مُلْقِحَةٌ، وَلَقَّحَهَا: حَمَّلَهَا الْمَاءَ، وَإِلْقَاحُهَا السَّحَابَ وَالشَّجَرَ: عَمَلُهَا فِيهِ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
١٤ / ٤٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «يُرْسِلُ اللَّهُ الرِّيَاحَ فَتَحْمِلُ الْمَاءَ، فَتُجِرِي السَّحَابَ، فَتُدِرُّ كَمَا تُدِرُّ اللِّقْحَةُ ثُمَّ تُمْطِرُ»
١٤ / ٤٣
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «يَبْعَثُ اللَّهُ الرِّيحَ فَتُلْقِحُ السَّحَابَ، ثُمَّ تُمْرِيهِ فَتُدِرُّ كَمَا تُدِرُّ اللِّقْحَةَ، ثُمَّ تُمْطِرُ»
١٤ / ٤٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «يُرْسِلُ الرِّيَاحَ، فَتَحْمِلُ الْمَاءَ مِنَ السَّحَابِ، ثُمَّ ⦗٤٤⦘ تَمْرِي السَّحَابَ، فَتُدِرُّ كَمَا تُدِرُّ اللِّقْحَةُ» . فَقَدْ بَيَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بِقَوْلِهِ: يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتَحْمِلُ الْمَاءَ، أَنَّهَا هِيَ اللَّاقِحَةُ بِحَمْلِهَا الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ مُلْقِحَةً بِإِلْقَاحِهَا السَّحَابَ وَالشَّجَرَ. وَأَمَّا جَمَاعَةٌ أُخَرُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا وَصَفَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا لَوَاقِحَ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى مُلْقِحَةً، وَأَنَّ اللَّوَاقِحَ وُضِعَتْ مَوْضِعَ مَلَاقِحَ، كَمَا قَالَ نَهْشَلُ بْنُ حَرِيٍّ:
[البحر الطويل]
[البحر الطويل]
لِيُبْكَ يَزِيدُ بِائِسٌ لِضَرَاعَةٍ … وَأَشْعَثُ مِمَّنْ طَوَّحَتْهُ الطَّوَائِحُ
يُرِيدُ الْمَطَاوِحُ، وَكَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
[البحر الطويل]
كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبِ … وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الْكَوَاكِبِ
بِمَعْنَى: مُنْصِبٍ
١٤ / ٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: “﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «تُلْقِحُ السَّحَابَ» . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ⦗٤٥⦘ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
١٤ / ٤٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «لَوَاقِحَ لِلشَّجَرِ» قُلْتُ: أَوْ لِلسَّحَابِ؟ قَالَ: «وَلِلسَّحَابِ، تُمْرِيهِ حَتَّى يُمْطِرَ»
١٤ / ٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُبَشِّرَةَ فَتَقُمُّ الْأَرْضَ قَمًّا، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُثِيرَةَ فَتُثِيرُ السَّحَابَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُؤَلِّفَةَ فَتُؤَلِّفُ السَّحَابَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ اللَّوَاقِحَ فَتُلْقِحُ الشَّجَرَ ثُمَّ تَلَا عُبَيْدٌ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢]»
١٤ / ٤٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] يَقُولُ: «لَوَاقِحَ لِلسَّحَابِ، وَإِنَّ مِنَ الرِّيحِ عَذَابًا، وَإِنَّ مِنْهَا رَحْمَةً»
١٤ / ٤٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «تُلْقِحُ الْمَاءَ فِي السَّحَابِ»
١٤ / ٤٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ ⦗٤٦⦘ عَبَّاسٍ: ﴿لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «تُلْقِحُ الشَّجَرَ، وَتُمْرِي السَّحَابَ»
١٤ / ٤٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] «الرِّيَاحُ يَبْعَثُهَا اللَّهُ عَلَى السَّحَابِ فَتُلْقِحُهُ فَيَمْتَلِئُ مَاءً»
١٤ / ٤٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الرِّيحُ الْجَنُوبُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَهِيَ الرِّيحُ اللَّوَاقِحُ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَفِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ» . حَدَّثَنِي أَبُو الْجَمَاهِرِ الْحِمْصِيُّ أَوِ الْحَضْرَمِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً
١٤ / ٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾ [الحجر: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَطَرًا فَأَسْقَيْنَاكُمْ ذَلِكَ الْمَطَرَ لِشُرْبِ أَرْضِكُمْ وَمَوَاشِيكُمْ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ: أَنْزَلْنَاهُ لِتَشْرَبُوهُ، لَقِيلَ: فَسَقَيْنَاكُمُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا سَقَتِ الرَّجُلُ مَاءً ⦗٤٧⦘ شَرِبَهُ أَوْ لَبَنًا أَوْ غَيْرَهُ: «سَقَيْتُهُ» بِغَيْرِ أَلِفٍ إِذَا كَانَ لِسَقْيِهِ، وَإِذَا جَعَلُوا لَهُ مَاءً لِشُرْبِ أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ، قَالُوا: «أَسْقَيْتُهُ وَأَسْقَيْتُ أَرْضَهُ وَمَاشِيَتَهُ»، وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَسْقَتْ لَهُ، قَالُوا «أَسْقَيْتُهُ وَاسْتَسْقَيْتُهُ»، كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
[البحر الطويل] وَقَفْتُ عَلَى رَسْمٍ لِمَيَّةَ نَاقَتِي … فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وَأُخَاطِبُهْ
وَأُسْقِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أَبُثُّهُ … تُكَلِّمُنِي أَحْجَارُهُ وَمَلَاعِبُهْ
وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبْتَ لِرَجُلٍ إِهَابًا لِيَجْعَلَهُ سِقَاءً، قُلْتَ: أَسْقَيْتُهُ إِيَّاهُ
[البحر الطويل] وَقَفْتُ عَلَى رَسْمٍ لِمَيَّةَ نَاقَتِي … فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وَأُخَاطِبُهْ
وَأُسْقِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أَبُثُّهُ … تُكَلِّمُنِي أَحْجَارُهُ وَمَلَاعِبُهْ
وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبْتَ لِرَجُلٍ إِهَابًا لِيَجْعَلَهُ سِقَاءً، قُلْتَ: أَسْقَيْتُهُ إِيَّاهُ
١٤ / ٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: ٢٢] يَقُولُ: وَلَسْتُمْ بِخَازِنِي الْمَاءَ الَّذِي أَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ فَتَمْنَعُوهُ مَنْ أَسْقِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِيَدِي وَإِلَيَّ، أَسْقِيهِ مَنْ أَشَاءُ وَأَمْنَعُهُ مَنْ أَشَاءُ، كَمَا:
١٤ / ٤٧
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ سُفْيَانُ: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: ٢٢] قَالَ: «بِمَانِعِينَ»
١٤ / ٤٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ. وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ، إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجر: ٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي﴾ [الحجر: ٢٣] مَنْ كَانَ مَيِّتًا إِذَا أَرَدْنَا ﴿وَنُمِيتُ﴾ [الحجر: ٢٣] مَنْ كَانَ حَيًّا إِذَا شِئْنَا ﴿وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ [الحجر: ٢٣] يَقُولُ: وَنَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ⦗٤٨⦘ بِأَنْ نُمِيتَ جَمِيعَهُمْ، فَلَا يَبْقَى حَيٌّ سِوَانَا إِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْأَجَلُ
١٤ / ٤٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا مَنْ مَضَى مِنَ الْأُمَمِ فَتَقَدَّمَ هَلَاكُهُمْ، وَمَنْ قَدْ خُلِقَ وَهُوَ حَيٌّ، وَمَنْ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ مِمَّنْ سَيُخْلَقُ
١٤ / ٤٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمُونَ: مَنْ قَدْ خُلِقَ وَمَنْ خَلَا مِنَ الْأُمَمِ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ: مَنْ لَمْ يُخْلَقُ»
١٤ / ٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا الْحَكَمُ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «هُمْ خَلْقُ اللَّهِ كُلِّهِمْ، قَدْ عَلِمَ مَنْ خُلِقَ مِنْهُمْ إِلَى الْيَوْمِ، وَقَدْ عَلِمَ مَنْ هُوَ خَالِقُهُ بَعْدَ الْيَوْمِ»
١٤ / ٤٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَفَرَغَ مِنْهُمْ، فَالْمُسْتَقْدِمُونَ: مَنْ خَرَجَ مِنَ الْخَلْقِ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ: مَنْ بَقِيَ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ لَمْ يَخْرُجْ»
١٤ / ٤٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْشَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، يُذَاكِرُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤]، فَقَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: ⦗٤٩⦘ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ الْمُقَدَّمُ، وَشَرُّ صُفُوفِ الرِّجَالِ الْمُؤَخَّرُ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ الْمُؤَخَّرُ، وَشَرُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ الْمُقَدَّمُ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: لَيْسَ هَكَذَا ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ [الحجر: ٢٤] الْمَيِّتَ وَالْمَقْتُولَ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ: مَنْ يَلْحَقُ بِهِمْ مِنْ بَعْدُ، وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ، إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ، فَقَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَفَّقَكَ اللَّهُ، وَجَزَاكَ خَيْرًا “
١٤ / ٤٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ: «الْمُسْتَقْدِمِينَ: مَنْ مَضَى، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ: مَنْ بَقِيَ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ»
١٤ / ٤٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَخُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَمَنْ بَقِيَ»
١٤ / ٤٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «آدَمُ ﷺ وَمَنْ مَضَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] مِنْ بَقَى فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ»
١٤ / ٤٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمُونَ آدَمُ وَمَنْ ⦗٥٠⦘ بَعْدَهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ: قَالَ: كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَظُنُّهُ أَنَا قَالَ: مَا لَمْ يُخْلَقْ وَمَا هُوَ مَخْلُوقٌ
١٤ / ٤٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمُونَ: مَا خَرَجَ مِنْ أَصْلَابِ الرِّجَالِ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ: مَا لَمْ يَخْرُجْ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ، إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجر: ٢٥]». وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِالْمُسْتَقْدِمِينَ: الَّذِينَ قَدْ هَلَكُوا، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ: الْأَحْيَاءُ الَّذِينَ لَمْ يَهْلِكُوا
١٤ / ٥٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] «يَعْنِي بِالْمُسْتَقْدِمِينَ: مَنْ مَاتَ، وَيَعْنِي بِالْمُسْتَأْخِرِينَ: مَنْ هُوَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ»
١٤ / ٥٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ [الحجر: ٢٤] ” يَعْنِي الْأَمْوَاتَ مِنْكُمْ ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] بَقِيَّتُهُمْ، وَهُمُ الْأَحْيَاءُ، يَقُولُ: «عَلِمْنَا مَنْ مَاتَ وَمَنْ بَقِيَ»
١٤ / ٥٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمُونَ مِنْكُمُ: الَّذِينَ ⦗٥١⦘ مَضَوْا فِي أَوَّلِ الْأُمَمِ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ: الْبَاقُونَ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي أَوَّلِ الْخَلْقِ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِي آخِرِهِمْ
١٤ / ٥٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «أَوَّلُ الْخَلْقِ وَآخِرُهُ»
١٤ / ٥١
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] مَا اسْتَقْدَمَ فِي أَوَّلِ الْخَلْقِ، وَمَا اسْتَأْخَرَ فِي آخِرِ الْخَلْقِ»
١٤ / ٥١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «فِي الْعَصْرِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ مِنْكُمْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ، وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ» . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَ الْأُمَمِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ
١٤ / ٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا ⦗٥٢⦘ شَبَابَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، قَالَ: الْقُرُونُ الْأُوَلُ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ: أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٥١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ثني عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمُونَ: مَا مَضَى مِنَ الْأُمَمِ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ: أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ». حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَيْسًا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ فِي الْخَيْرِ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ عَنْهُ
١٤ / ٥٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «الْمُسْتَقْدِمُونَ فِي ⦗٥٣⦘ طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُسْتَأْخِرُونَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ»
١٤ / ٥٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الْخَيْرِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ: يَقُولُ: الْمُبْطِئِينَ عَنْهُ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ فِي الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهَا بِسَبَبِ النِّسَاءِ
١٤ / ٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، أَخْبَرَنَا عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أُنَاسٌ يَسْتَأْخِرُونَ فِي الصُّفُوفِ مِنْ أَجْلِ النِّسَاءِ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤]»
١٤ / ٥٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْجَوْزَاءِ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] قَالَ: «الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ فِي الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ»
١٤ / ٥٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرْسِيُّ، قَالَ: ثنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ ⦗٥٤⦘ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا وَاللَّهِ مَا إِنْ رَأَيْتُ مِثْلَهَا قَطُّ فَكَانَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا صَلَّوُا اسْتَقْدَمُوا، وَبَعْضٌ يَسْتَأْخِرُونَ، فَإِذَا سَجَدُوا نَظَرُوا إِلَيْهَا مِنْ تَحْتِ أَيْدِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤]»
١٤ / ٥٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسِ، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَسْتَقْدِمُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطَيْهِ فِي الصَّفِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهَا: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤]» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْأَمْوَاتَ مِنْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ فَتَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ الَّذِينَ اسْتَأْخَرَ مَوْتُهُمْ مِمَّنْ هُوَ حَيٌّ، وَمَنْ هُوَ حَادِثٌ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَحَدُثْ بَعْدُ، لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ [الحجر: ٢٣] وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَ بَيْنَ ⦗٥٥⦘ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، وَلَمْ يَجْرِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَا جَاءَ بَعْدُ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الصَّفِّ لِشَأْنِ النِّسَاءِ الْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهِ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ اللَّهُ عز وجل عَمَّ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ جَمِيعَ الْخَلْقِ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا مَا مَضَى مِنَ الْخَلْقِ وَأَحْصَيْنَاهُمْ، وَمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَمَنْ هُوَ حَيٌّ مِنْكُمْ وَمَنْ هُوَ حَادِثٌ بَعْدَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، وَأَعْمَالُ جَمِيعِكُمْ خَيْرُهَا وَشَرُّهَا، وَأَحْصَيْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ، وَنَحْنُ نَحْشُرُ جَمِيعُهُمْ، فَنُجَازِي كُلًّا بِأَعْمَالِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرًا، وَإِنْ شَرًّا فَشَرًّا، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَهْدِيدًا وَوَعِيدًا لِلْمُسْتَأْخِرِينَ فِي الصُّفُوفِ لِشَأْنِ النِّسَاءِ، وَلِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى حَدَّ اللَّهِ، وَعَمِلَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهُ بِهِ، وَوَعْدًا لِمَنْ تَقَدَّمَ فِي الصُّفُوفِ لِسَبَبِ النِّسَاءِ وَسَارَعَ إِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ فِي أَفْعَالِهِ كُلِّهَا
١٤ / ٥٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَإِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ يَجْمَعُ جَمِيعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ عِنْدَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَهْلُ الطَّاعَةِ مِنْهُمْ وَالْمَعْصِيَةِ، وَكُلُّ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْهُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٥٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] قَالَ: «أَيِ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ»
١٤ / ٥٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] قَالَ: «هَذَا مِنْ هَا هُنَا، وَهَذَا مِنْ هَا هُنَا»
١٤ / ٥٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] قَالَ: «وَكُلُّهُمْ مَيِّتٌ، ثُمَّ يَحْشُرُهُمْ رَبُّهُمْ»
١٤ / ٥٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] قَالَ: «يَجْمَعُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَمِيعًا»
١٤ / ٥٦
قَالَ الْحَسَنُ: قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ دَاوُدُ: سَمِعْتُ عَامِرًا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٣٩] يَقُولُ: «إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ فِي إِحْيَائِهِمْ إِذَا أَحْيَاهُمْ، وَفِي إِمَاتَتِهِمْ إِذَا أَمَاتَهُمْ، عَلِيمٌ بِعَدَدِهِمْ، وَأَعْمَالِهِمْ، وَبِالْحِيِّ مِنْهُمْ، وَالْمَيِّتِ، وَالْمُسْتَقْدِمِ مِنْهُمْ، وَالْمُسْتَأْخِرِ» كَمَا:
١٤ / ٥٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «كُلُّ أُولَئِكَ قَدْ عَلِمَهُمُ اللَّهُ، يَعْنِي الْمُسْتَقْدِمِينَ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ»
١٤ / ٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦]⦗٥٧⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا آدَمَ وَهُوَ الْإِنْسَانُ مِنْ صَلْصَالٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الصَّلْصَالِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الطِّينُ الْيَابِسُ لَمْ تُصِبْهُ نَارٌ، فَإِذَا نَقَرْتَهُ صَلَّ فَسُمِعَتْ لَهُ صَلْصَلَةٌ
١٤ / ٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «خَلَقَ آدَمَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ وَمِنْ طِينٍ لَازِبٍ وَأَمَّا اللَّازِبُ: فَالْجَيِّدُ، وَأَمَّا الْحَمَأُ: فَالْحَمْأَةُ، وَأَمَّا الصَّلْصَالُ: فَالتُّرَابُ الْمُرَقَّقُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ إِنْسَانًا لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ»
١٤ / ٥٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «وَالصَّلْصَالُ: التُّرَابُ الْيَابِسُ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صَلْصَلَةٌ»
١٤ / ٥٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإِ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «الصَّلْصَالُ: الطِّينُ الْيَابِسُ يُسْمَعُ لَهُ صَلْصَلَةٌ»
١٤ / ٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، ⦗٥٨⦘ عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «الصَّلْصَالُ: الْمَاءُ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ ثُمَّ يَحْسِرُ عَنْهَا، فَتَشَّقَّقُ، ثُمَّ تَصِيرُ مِثْلَ الْخَزَفِ الرِّقَاقِ»
١٤ / ٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ ثَلَاثَةٍ: مِنْ طِينٍ لَازِبٍ، وَصَلْصَالٍ، وَحَمَإٍ مَسْنُونٍ وَالطِّينُ اللَّازِبُ: اللَّازِقُ الْجَيِّدُ، وَالصَّلْصَالُ: الْمُرَقَّقُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ الْفَخَّارُ، وَالْمَسْنُونُ: الطِّينُ فِيهِ الْحَمْأَةُ»
١٤ / ٥٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «هُوَ التُّرَابُ الْيَابِسُ الَّذِي يُبَلُّ بَعْدَ يُبْسِهِ»
١٤ / ٥٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «الصَّلْصَالُ: الَّذِي يُصَلْصِلُ، مِثْلَ الْخَزَفِ مِنَ الطِّينِ الطَّيِّبِ»
١٤ / ٥٨
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ: «الصَّلْصَالُ: طِينٌ صُلْبٌ يُخَالِطُهُ الْكَثِيبُ»
١٤ / ٥٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «التُّرَابُ الْيَابِسُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: الصَّلْصَالُ: الْمُنْتِنُ، وَكَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: صَلَّ ⦗٥٩⦘ اللَّحْمَ وَأَصَلَّ: إِذَا أَنْتَنَ، يُقَالُ ذَلِكَ بِاللُّغَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا: يَفْعَلُ وَأَفْعَلُ
١٤ / ٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ﴾ [الحجر: ٢٦] «الصَّلْصَالُ: الْمُنْتِنُ» وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ الصَّلْصَالُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي لَهُ صَوْتٌ مِنَ الصَّلْصَلَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ [الرحمن: ١٤]، فَشَبَّهَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِأَنَّهُ كَانَ كَالْفَخَّارِ فِي يُبْسِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْمُنْتِنَ لَمْ يُشَبِّهُهُ بِالْفَخَّارِ، لِأَنَّ الْفَخَّارَ لَيْسَ بِمُنْتِنٍ، فَيُشَبَّهُ بِهِ فِي النَّتَنِ غَيْرُهُ
١٤ / ٥٩
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] فَإِنَّ الْحَمَأَ: جَمْعُ حَمْأَةٍ، وَهُوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ إِلَى السَّوَادِ، وَقَوْلُهُ: ﴿مَسْنُونٌ﴾ [الحجر: ٢٦] يَعْنِي: الْمُتَغَيِّرُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] فَكَانَ بَعْضُ
١٤ / ٥٩
نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ يَقُولُ: عُنِيَ بِهِ: حَمَأٌ مُصَوَّرٌ تَامٌّ، وَذُكِرَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ قَالُوا: سُنَّ عَلَى مِثَالِ سُنَّةِ الْوَجْهِ: أَيْ صُورَتِهِ قَالَ: وَكَأَنَّ سُنَّةَ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ مِثَالِهِ الَّذِي وُضِعَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَلَيْسَ مِنَ الْآسِنِ الْمُتَغَيِّرِ، لِأَنَّهُ مِنْ سَنَنَ مُضَاعَفٌ. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: هُوَ الْحَمَأُ الْمَصْبُوبُ. قَالَ: وَالْمَصْبُوبُ: الْمَسْنُونُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: سَنَنْتُ الْمَاءَ عَلَى الْوَجْهِ وَغَيْرُهُ إِذَا صَبَبْتُهُ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: هُوَ الْمُتَغَيِّرُ، قَالَ: كَأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ سَنَنْتُ الْحَجَرَ عَلَى الْحَجَرِ، وَذَلِكَ أَنْ يُحَكَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، يُقَالُ مِنْهُ: سَنَنْتُهُ أَسُنُّهُ سَنًّا فَهُوَ مَسْنُونٌ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا: سَنِينَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مُنْتِنًا، وَقَالَ: مِنْهُ سُمِيَّ الْمُسِنُّ، لِأَنَّ الْحَدِيدَ يُسَنُّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي ذَلِكَ نَحْوَ مَا قُلْنَا
١٤ / ٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثنا ⦗٦١⦘ مُسْلِمٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «الْحَمَأُ: الْمُنْتِنَةُ»
١٤ / ٦٠
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «الَّذِي قَدْ أَنْتَنَ»
١٤ / ٦١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «مُنْتِنٌ»
١٤ / ٦١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «هُوَ التُّرَابُ الْمُبْتَلُّ الْمُنْتِنُ، فَجُعِلَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ»
١٤ / ٦١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «مُنْتِنٌ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٦١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] «⦗٦٢⦘ وَالْحَمَأُ الْمَسْنُونُ: الَّذِي قَدْ تَغَيَّرَ وَأَنْتَنَ»
١٤ / ٦١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «قَدْ أَنْتَنَ، قَالَ: مُنْتِنَةٌ»
١٤ / ٦٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «مِنْ طِينٍ لَازِبٍ، وَهُوَ اللَّازِقُ مِنَ الْكَثِيبِ، وَهُوَ الرَّمَلُ»
١٤ / ٦٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] قَالَ: «الْحَمَأُ الْمُنْتِنُ» . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ: هُوَ الطِّينُ الرَّطْبُ
١٤ / ٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦] يَقُولُ: «مِنْ طِينٍ رَطْبٍ»
١٤ / ٦٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَالْجَانَّ﴾ [الحجر: ٢٧]، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى الْجَانِّ وَلِمَ قِيلَ ⦗٦٣⦘ لَهُ جَانٌّ وَعُنِيَ بِالْجَانِّ هَهُنَا: إِبْلِيسُ أَبَا الْجِنِّ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِبْلِيسُ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ نَارِ السَّمُومِ، كَمَا:
١٤ / ٦٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحجر: ٢٧] ” وَهُوَ إِبْلِيسُ، خُلِقَ قَبْلَ آدَمَ، وَإِنَّمَا خُلِقَ آدَمُ آخِرَ الْخَلْقِ، فَحَسَدَهُ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، فَقَالَ: أَنَا نَارِيٌّ، وَهَذَا طِينِيٌّ، فَكَانَتِ السَّجْدَةُ لِآدَمَ وَالطَّاعَةُ للَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، فَقَالَ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى: ﴿نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ السَّمُومُ الْحَارَّةُ الَّتِي تَقْتُلُ
١٤ / ٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧] قَالَ: «السَّمُومُ: الْحَارَّةُ الَّتِي تَقْتُلُ»
١٤ / ٦٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧] قَالَ: «هِيَ السَّمُومُ الَّتِي تَقْتُلُ، ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾ [البقرة: ٢٦٦]، قَالَ: هِيَ السَّمُومُ الَّتِي تَقْتُلُ». ⦗٦٤⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: يَعْنِي بِذَلِكَ مِنْ لَهَبِ النَّارِ
١٤ / ٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧] قَالَ: «مِنْ لَهَبٍ مِنْ نَارِ السَّمُومِ»
١٤ / ٦٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ، خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ مِنْ بَيْنِ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: وَخُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ»
١٤ / ٦٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ أَعُودُهُ، فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: «هَذِهِ السَّمُومُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ السَّمُومِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الْجَانُّ» قَالَ: وَتَلَا: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر: ٢٧] ” وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: السَّمُومُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَرُورُ ⦗٦٥⦘ بِالنَّهَارِ، وَالسَّمُومُ بِاللَّيْلِ، يُقَالُ: سَمَّ يَوْمُنَا يَسَمُّ سَمُومًا
١٤ / ٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: ثني عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، وَسُئِلَ عَنِ الْجِنِّ مَا هُمْ، وَهَلْ يَأْكُلُونَ أَوْ يَشْرَبُونَ، أَوْ يَمُوتُونَ، أَوْ يَتَنَاكَحُونَ؟ قَالَ: «هُمْ أَجْنَاسٌ، فَأَمَّا خَالِصُ الْجِنِّ فَهُمْ رِيحٌ لَا يَأْكُلُونَ، وَلَا يَشْرَبُونَ، وَلَا يَمُوتُونَ، وَلَا يَتَوَالَدُونَ، وَمِنْهُمْ أَجْنَاسٌ يَأْكُلُونَ، وَيَشْرَبُونَ، وَيَتَنَاكَحُونَ، وَيَمُوتُونَ، وَهِيَ هَذِهِ الَّتِي مِنْهَا السَّعَالِي وَالْغُولُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ»
١٤ / ٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿وَ﴾ [الحجر: ٥٠] اذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ﴾ [الحجر: ٢٨] يَقُولُ: فَإِذَا صَوَّرْتُهُ فَعَدَلْتُ صُورَتَهُ ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحجر: ٢٩] فَصَارَ بَشَرًا حَيًّا، ﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٢٩] سُجُودُ تَحِيَّةٍ وَتَكْرِمَةٍ لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ، وَقَدْ:
١٤ / ٦٥
حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ قَالَ: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا أَنَا خَلَقْتُهُ فَاسْجُدُوا لَهُ فَقَالُوا: لَا نَفْعَلُ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ، ⦗٦٦⦘ وَخَلَقَ مَلَائِكَةً أُخْرَى، فَقَالَ: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا أَنَا خَلَقْتُهُ فَاسْجُدُوا لَهُ فَأَبَوْا، قَالَ: فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ، ثُمَّ خَلَقَ مَلَائِكَةً أُخْرَى، فَقَالَ: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا أَنَا خَلَقْتُهُ فَاسْجُدُوا لَهُ فَأَبَوْا، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ، ثُمَّ خَلَقَ مَلَائِكَةً، فَقَالَ: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا أَنَا خَلَقْتُهُ فَاسْجُدُوا لَهُ فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ الْأَوَّلِينَ»
١٤ / ٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ الْبَشَرَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ بَعْدَ أَنْ سَوَّاهُ، سَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا إِلَّا إِبْلِيسَ فَإِنَّهُ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ فِي سُجُودِهِمْ لِآدَمَ حِينَ سَجَدُوا، فَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ مَعَهُمْ تَكَبُّرًا وَحَسَدًا وَبَغْيًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٣٢] يَقُولُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ؟ فَ «أَنْ» فِي قَوْلِ بَعْضِ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ خَفْضٌ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ نَصْبٌ بِفَقْدِ الْخَافِضِ
١٤ / ٦٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ ⦗٦٧⦘ الدِّينِ﴾ [الحجر: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿قَالَ﴾ [البقرة: ٣٠] إِبْلِيسُ: ﴿لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٣٣] وَهُوَ مِنْ طِينٍ وَأَنَا مِنْ نَارٍ، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الطِّينَ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا﴾ [الحجر: ٣٤] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِإِبْلِيسَ: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤] وَالرَّجِيمُ الْمَرْجُومُ، صُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ وَهُوَ الْمَشْتُومُ، كَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤] «وَالرَّجِيمُ: الْمَلْعُونُ»
١٤ / ٦٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤] قَالَ: «مَلْعُونٌ، وَالرَّجْمُ فِي الْقُرْآنِ: الشَّتْمُ»
١٤ / ٦٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الحجر: ٣٥] يَقُولُ: وَإِنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْكَ بِإِخْرَاجِهِ إِيَّاكَ مِنَ السَّمَوَاتِ وَطَرْدِكَ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْمُجَازَاةِ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى اللَّعْنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا
١٤ / ٦٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ. إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْلِيسُ: رَبِّ فَإِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنَ السَّمَوَاتِ وَلَعَنْتَنِي، فَأَخِّرْنِي إِلَى يَوْمِ تَبْعَثُ خَلْقَكَ مِنْ قُبُورِهِمْ فَتَحْشُرُهُمْ لِمَوْقِفِ الْقِيَامَةِ. قَالَ اللَّهُ لَهُ: فَإِنَّكَ مِمَّنْ أُخِّرَ هَلَاكُهُ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ لِهَلَاكِ جَمِيعِ خَلْقِي، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ مِنْ بَنِي آدَمَ دَيَّارٌ
١٤ / ٦٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْلِيسُ: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩] بِإِغْوَائِكَ ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الحجر: ٣٩] وَكَأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩] خَرَجَ مَخْرَجَ الْقَسَمِ، كَمَا يُقَالُ: بِاللَّهِ، أَوْ بِعِزَّةِ اللَّهِ لَأُغْوِيَنَّهُمْ، وَعَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الحجر: ٣٩] لَأُحَسِّنَنَّ لَهُمْ مَعَاصِيكَ، وَلَأُحَبِّبْنَهَا إِلَيْهِمْ فِي الْأَرْضِ ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: ٣٩] يَقُولُ: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: ٤٠] يَقُولُ: إِلَّا مَنْ أَخْلَصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ فَهَدَيْتُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْهِ، وَلَا طَاقَةَ لِي بِهِ، وَقَدْ قُرِئَ: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلِصِينَ)، فَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: إِلَّا مَنْ أَخْلَصَ طَاعَتَكَ، فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْهِ.
١٤ / ٦٨
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: ٤٠] «يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ»
١٤ / ٦٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: ٤٠] قَالَ قَتَادَةُ: «هَذِهِ ثَنِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ»
١٤ / ٦٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: ٤٢] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١]، فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١] بِمَعْنَى: هَذَا طَرِيقٌ إِلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: هَذَا طَرِيقٌ مَرْجِعُهُ إِلَيَّ فَأُجَازِي كُلَّا بِأَعْمَالِهِمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر: ١٤]، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ يَتَوَعَّدَهُ وَيَتَهَدَّدَهُ: طَرِيقُكَ عَلَيَّ، وَأَنَا عَلَى طَرِيقِكَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿هَذَا صِرَاطٌ﴾ [آل عمران: ٥١] مَعْنَاهُ: هَذَا طَرِيقٌ عَلَيَّ، وَهَذَا طَرِيقٌ إِلَيَّ. وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
١٤ / ٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١] قَالَ: «الْحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ، لَا يُعَرِّجُ عَلَى شَيْءٍ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٤ / ٧٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، أَنَّهُمَا قَرَآهَا: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١] وَقَالَا: «عَلَيَّ» هِيَ «إِلَيَّ» وَبِمَنْزِلَتِهَا “
١٤ / ٧٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١] يَقُولُ: «إِلَيَّ مُسْتَقِيمٌ» . وَقَرَأَ ذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ (هَذَا صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ) بِرَفْعِ «عَلِيٌّ» عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلصِّرَاطِ، بِمَعْنَى رَفِيعٍ
١٤ / ٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ: ثني جَعْفَرُ الْبَصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (هَذَا صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ) «يَعْنِي: رَفِيعٌ»
١٤ / ٧١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: (هَذَا صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ) «أَيْ رَفِيعٌ مُسْتَقِيمٌ» . قَالَ بِشْرٌ، قَالَ يَزِيدُ قَالَ سَعِيدٌ: هَكَذَا نَقْرَؤُهَا نَحْنُ وَقَتَادَةُ
١٤ / ٧١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ: (هَذَا صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ)، يَقُولُ: «رَفِيعٌ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١] عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَيْهِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا وَشُذُوذِ مَا خَالَفَهَا
١٤ / ٧١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ عَلَى مَا دَعْوَتُهُ إِلَيْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ مِمَّنْ غَوَى وَهَلَكَ
١٤ / ٧١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ ثنا يَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ، قَالَ: «كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ لَهُمْ مَسَاجِدُ خَارِجَةٌ مِنْ ⦗٧٢⦘ قُرَاهُمْ، فَإِذَا أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْبِئَ رَبَّهُ عَنْ شَيْءٍ خَرَجَ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَصَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ سَأَلَ مَا بَدَا لَهُ، فَبَيْنَمَا نَبِيٌّ فِي مَسْجِدِهِ، إِذَا جَاءَ عَدُوُّ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ الَّذِيَ تَعَوَّذُ مِنْهُ فَهُوَ هُوَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» فَرَدَّدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ: أَخْبِرْنِي بِأَيِّ شَيْءٍ تَنْجُو مِنِّي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلْ أَخْبِرْنِي بِأَيِّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ؟» مَرَّتَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:»إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ يَقُولُ ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: ٤٢] قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ: قَدْ سَمِعْتُ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُولَدَ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٢٠٠]، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْسَسْتُ بِكَ قَطُّ إِلَّا اسْتَعَذْتُ بِاللَّهِ مِنْكَ» فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ: صَدَقْتَ، بِهَذَا تَنْجُو مِنِّي فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَأَخْبِرْنِي بِأَيِّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ؟» قَالَ: آخُذُهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَعِنْدَ الْهَوَى “
١٤ / ٧١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾ [الحجر: ٤٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِإِبْلِيسَ: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُ مَنْ تَبِعَكَ أَجْمَعِينَ ﴿لَهَا سَبْعَةُ ⦗٧٣⦘ أَبْوَابٍ﴾ [الحجر: ٤٤] يَقُولُ: لِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَطْبَاقٍ، لِكُلِّ طَبَقٍ مِنْهُمْ: يَعْنِي مِنْ أَتْبَاعِ إِبْلِيسَ جُزْءٌ، يَعْنِي: قِسْمًا وَنَصِيبًا مَقْسُومًا. وَذُكِرَ أَنَّ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ طَبَقَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ
١٤ / ٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَارُونَ الْغَنَوِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ حِطَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: «إِنَّ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ هَكَذَا» وَوَضَعَ شُعْبَةُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى “
١٤ / ٧٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: “تَدْرُونَ كَيْفَ أَبْوَابُ النَّارِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، كَنَحْوِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ، فَقَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهَا هَكَذَا»، فَوَصَفَ أَبُو هَارُونَ أَطْبَاقًا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بِشْرٍ
١٤ / ٧٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ كَيْفَ أَبْوَابُ النَّارِ؟» قَالُوا: كَنَحْوِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ هَكَذَا» وَوَصَفَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ “
١٤ / ٧٣
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «أَبْوَابُ جَهَنَّمَ سَبْعَةٌ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَمْتَلِئُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثُ، ثُمَّ تَمْتَلِئُ كُلُّهَا»
١٤ / ٧٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أَبْوَابُ جَهَنَّمَ سَبْعَةٌ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثِ، حَتَّى تُمْلَأَ كُلُّهَا»
١٤ / ٧٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ مَرْيَمَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: «إِنَّ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَيُمْلَأُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، إِلَى آخِرِهَا»
١٤ / ٧٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيٌّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ جَهْضَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ [الحجر: ٤٤] قَالَ: «لَهَا سَبْعَةُ أَطْبَاقٍ»
١٤ / ٧٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ [الحجر: ٤٤] قَالَ: «أَوَّلُهَا جَهَنَّمُ، ثُمَّ لَظَى، ثُمَّ الْحُطَمَةُ، ثُمَّ السَّعِيرُ، ثُمَّ سَقَرُ، ثُمَّ الْجَحِيمُ، ثُمَّ الْهَاوِيَةُ وَالْجَحِيمُ فِيهَا أَبُو جَهْلٍ»
١٤ / ٧٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ [الحجر: ٤٤] «وَهِيَ وَاللَّهِ مَنَازِلُ بِأَعْمَالِهِمْ»
١٤ / ٧٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوُا اللَّهَ بِطَاعَتِهِ وَخَافُوهُ، فَتَجَنَّبُوا مَعَاصِيهِ ﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ [الحجر: ٤٥] يُقَالُ لَهُمُ: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ [الحجر: ٤٦] مِنْ عِقَابِ اللَّهِ، أَوْ أَنْ تُسْلَبُوا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَكَرَامَةً أَكْرَمَكُمْ بِهَا
١٤ / ٧٥
قَوْلُهُ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غَلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣] يَقُولُ: وَأَخْرَجْنَا مَا فِي صُدُورِ هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ مِنْ حِقْدٍ وَضَغِينَةٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْحَالِ الَّتِي يَنْزِعُ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صُدُورِهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْزِلُ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ
١٤ / ٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ بِشْرٍ الْبَصْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ عَلَى مَا فِي صُدُورِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّحْنَاءِ وَالضَّغَائِنِ، حَتَّى إِذَا تَوَافَوْا وَتَقَابَلُوا نَزَعَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ غِلٍّ ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣]»
١٤ / ٧٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «لَا يَدْخُلُ مُؤْمِنٌ الْجَنَّةَ حَتَّى يَنْزِعَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ، ثُمَّ يُنْزَعَ مِنْهُ السَّبُعُ الضَّارِي»
١٤ / ٧٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ أَبِي مُوسَى، سَمِعَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ: «فِينَا وَاللَّهِ أَهْلُ بَدْرٍ نَزَلَتِ الْآيَةُ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]»
١٤ / ٧٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣] قَالَ: «مِنْ عَدَاوَةٍ»
١٤ / ٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣] قَالَ: «الْعَدَاوَةُ»
١٤ / ٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيٍّ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣] قَالَ: «الْعَدَاوَةُ»
١٤ / ٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ جُرْمُوزٍ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَلِيٍّ، فَحَجَبَهُ طَوِيلًا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَمَّا أَهْلُ الْبَلَاءِ فَتَجْفُوهُمْ قَالَ عَلِيٌّ: بِفِيكَ التُّرَابُ «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أنا وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ ⦗٧٧⦘ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]». حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: فَقَامَ إِلَى عَلِيٍّ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَصَاحَ عَلِيٌّ صَيْحَةً ظَنَنْتُ أَنَّ الْقَصْرَ تَدَهْدَهَ لَهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا لَمْ نَكُنْ نَحْنُ فَمَنْ هُمْ؟»
١٤ / ٧٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، قَالَ: ثنا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ مَوْلًى لِطَلْحَةَ قَالَ: دَخَلَ عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ عَلَى عَلِيٍّ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ وَأَبَاكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: ﴿إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧] وَرَجُلَانِ جَالِسَانِ عَلَى نَاحِيَةِ الْبِسَاطِ فَقَالَا: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ، تَقْتُلْهُمْ بِالْأَمْسِ وَتَكُونُونَ إِخْوَانًا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: قُومَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا فَمَنْ هُمْ إِذَنْ إِنْ لَمْ أَكُنْ أنا وَطَلْحَةُ؟». وَذَكَرَ لَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
١٤ / ٧٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثنا أَبُو مَالِكٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَبِيبَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لِابْنِ طَلْحَةَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ وَأَبَاكَ مِنَ الَّذِينَ نَزَعَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ، وَيَجْعَلَنَا إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» . حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: لَمَّا نَظَرَنِي عَلِيٌّ قَالَ: مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ
١٤ / ٧٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْأَشْتَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ ابْنٌ لِطَلْحَةَ، فَحَبَسَهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: إِنِّي لَأَرَاكَ إِنَّمَا حَبَسْتَنِي لِهَذَا قَالَ: «أَجَلْ» قَالَ: إِنِّي لَأَرَاهُ لَوْ كَانَ عِنْدَكَ ابْنٌ لِعُثْمَانَ لَحَبَسْتَنِي قَالَ: «أَجَلْ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أنا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]». حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، بِنَحْوِهِ
١٤ / ٧٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: ثنا السَّكَنُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أنا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]»
١٤ / ٧٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ» قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يُشَبَّهُ بِهِمْ إِلَّا أَهْلُ جُمُعَةٍ انْصَرَفُوا مِنْ جُمُعَتِهِمْ». حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧] قَالَ: “ثنا قَتَادَةُ، أَنَّ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَى قَوْلِهِ «وَأُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ» ثُمَّ جَعَلَ سَائِرَ الْكَلَامِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَقَالَ قَتَادَةُ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لِأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ نَحْوَ حَدِيثِ بِشْرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْكَلَامَ إِلَى آخِرِهِ عَنْ قَتَادَةَ، سِوَى أَنَّهُ، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يُشَبَّهُ بِهِمْ إِلَّا أَهْلُ الْجُمُعَةِ إِذَا انْصَرَفُوا مِنَ الْجُمُعَةِ
١٤ / ٧٩
حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، فَقُلْتُ: «وَلِيِّي وَلِيُّكُمْ، وَسِلْمِي سِلْمُكُمْ، وَعَدُوِّي عَدُوُّكُمْ، وَحَرْبِي حَرْبُكُمْ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ، أَتَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ فَقَالَ: قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ، تَوَلَّهُمَا يَا كَثِيرُ، فَمَا أَدْرَكَكَ فَهُوَ فِي رَقَبَتِي ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧] يَقُولُ: إِخْوَانًا يُقَابِلُ بَعْضُهُمْ وَجْهَ بَعْضٍ، لَا يَسْتَدْبِرُهُ فَيَنْظُرَ فِي قَفَاهُ». وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧] قَالَ: «لَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ فِي قَفَا صَاحِبِهِ» . حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُؤَمَّلٌ، قَالُوا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَالسُّرُرُ: جَمْعُ سَرِيرٍ، كَمَا الْجُدُدُ جَمْعُ جَدِيدٍ، وَجَمَعَ سُرُرًا وَأَظْهَرَ التَّضْعِيفَ فِيهَا وَالرَّاءَانِ مُتَحَرِّكَتَانِ لِخِفَّةِ الْأَسْمَاءِ، وَلَا تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ لِثِقَلِ الْأَفْعَالِ، ⦗٨١⦘ وَلَكِنَّهُمْ يُدْغِمُونَ فِي الْفِعْلِ لِيُسَكَّنَ أَحَدُ الْحَرْفَيْنِ فَيُخَفَّفُ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ مَا يُسَكِّنُ الثَّانِي أَظْهَرُوا حِينَئِذٍ التَّضْعِيفَ
١٤ / ٨٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ. نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَا يَمَسُّ هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ نَصَبٌ، يَعْنِي تَعَبٌ ﴿وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ [الحجر: ٤٨] يَقُولُ: وَمَا هُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِيهَا بِمُخْرَجِينَ، بَلْ ذَلِكَ دَائِمٌ أَبَدًا
١٤ / ٨١
وَقَوْلُهُ: ﴿نَبِئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: أَخْبِرْ عِبَادِي يَا مُحَمَّدُ، أَنِّي أَنَا الَّذِي أَسْتُرُ عَلَى ذُنُوبِهِمْ إِذَا تَابُوا مِنْهَا وَأَنَابُوا، بِتَرْكِ فَضَيِحَتِهِمْ بِهَا وَعُقُوبَتِهِمْ عَلَيْهَا، الرَّحِيمُ بِهِمْ أَنْ أُعَذِّبُهُمْ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ مِنْهَا عَلَيْهَا ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ يَقُولُ: وَأَخْبِرْهُمْ أَيْضًا أَنَّ عَذَابِي لِمَنْ أَصَرَّ عَلَى مَعَاصِيَّ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا، هُوَ الْعَذَابُ الْمُوجِعُ الَّذِي لَا يُشْبِهُهُ عَذَابٌ، وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَحْذِيرٌ لِخَلْقِهِ التَّقَدُّمَ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَأَمْرٌ مِنْهُ لَهُمْ بِالْإِنَابَةِ وَالتَّوْبَةِ
١٤ / ٨١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿نَبِئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْعَبْدُ قَدْرَ عَفْوِ اللَّهِ لَمَا تَوَرَّعَ مِنْ حَرَامٍ، وَلَوْ يَعْلَمُ قَدْرَ عَذَابِهِ ⦗٨٢⦘ لَبَخَعَ نَفْسَهُ»
١٤ / ٨١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمَكِّيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو شَيْبَةَ، فَقَالَ: «أَلَا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ؟» ثُمَّ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَجَرِ رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى، فَقَالَ: “إِنِّي لَمَّا خَرَجْتُ جَاءَ جَبْرَئِيلُ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: «لِمَ تُقَنِّطُ عِبَادِي؟ نَبِئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ»
١٤ / ٨٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا، قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ. قَالُوا لَا تَوْجَلْ، إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ [الحجر: ٥٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَأَخْبِرْ عِبَادِي يَا مُحَمَّدُ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ حِينَ أَرْسَلَهُمْ رَبُّهُمْ إِلَى قَوْمِ لُوطٍ لِيُهْلِكُوهُمْ. ﴿فَقَالُوا سَلَامًا﴾ [الحجر: ٥٢] يَقُولُ: فَقَالَ الضَّيْفُ لِإِبْرَاهِيمَ: سَلَامًا ﴿قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ [الحجر: ٥٢] يَقُولُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّا مِنْكُمْ خَائِفُونَ،
١٤ / ٨٢
وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ النَّصْبِ فِي قَوْلِهِ: ﴿سَلَامًا﴾ [هود: ٦٩] وَسَبَبَ وَجَلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ضَيْفِهِ وَاخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ، وَدَلَّلْنَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ [هود: ٦٩] وَهُوَ يَعْنِي بِهِ الضَّيْفَ، فَجَمَعَ الْخَبَرَ عَنْهُمْ وَهُمْ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الضَّيْفَ اسْمٌ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ مِثْلَ الْوَزْنِ وَالْقَطْرِ وَالْعَدْلِ، فَلِذَلِكَ جَمَعَ خَبَرَهُ وَهُوَ لَفْظٌ وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُ: ﴿قَالُوا لَا تَوْجَلْ﴾ [الحجر: ٥٣] يَقُولُ: قَالَ الضَّيْفُ لِإِبْرَاهِيمَ: ﴿لَا تَوْجَلْ﴾ [الحجر: ٥٣]، لَا تَخَفْ ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ [الحجر: ٥٣]
١٤ / ٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبْرُ، فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [الحجر: ٥٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ: ﴿أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبْرُ، فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [الحجر: ٥٤] يَقُولُ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا:
١٤ / ٨٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبْرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [الحجر: ٥٤] قَالَ: «عَجِبَ مِنْ ⦗٨٤⦘ كِبَرِهِ وَكِبَرِ امْرَأَتِهِ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. وَقَالَ ﴿عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾ [الحجر: ٥٤] وَمَعْنَاهُ: لِأَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ وَبِأَنْ مَسَّنِي الْكِبْرُ، وَهُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [الأعراف: ١٠٥] بِمَعْنَى: بِأَنْ لَا أَقُولَ، وَيُمَثِّلُهُ فِي الْكَلَامِ: أَتَيْتُكَ أَنَّكَ تُعْطِي، فَلَمْ أَجِدْكَ تُعْطِي
١٤ / ٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ. قَالَ وَمَنْ يَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [الحجر: ٥٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ ضَيْفُ إِبْرَاهِيمَ لَهُ: بَشَّرْنَاكَ بِحَقٍّ يَقِينٍ، وَعِلْمٍ مِنَّا بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ وَهَبَ لَكَ غُلَامًا عَلِيمًا، فَلَا تَكُنْ مِنَ الَّذِينَ يَقْنَطُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ فَيَيْأَسُونَ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَبْشِرْ بِمَا بَشَّرْنَاكَ بِهِ وَاقْبَلِ الْبُشْرَى. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الْقَانِطِينَ﴾ [الحجر: ٥٥] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿مِنَ الْقَانِطِينَ﴾ [الحجر: ٥٥] بِالْأَلِفِ، وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (الْقَنِطِينَ) . وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى ⦗٨٥⦘ ذَلِكَ وَشُذُوذِ مَا خَالَفَهُ
١٤ / ٨٤
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [الحجر: ٥٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلضَّيْفِ: وَمَنْ يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ قَدْ أَخْطَئُوا سَبِيلَ الصَّوَابِ وَتَرَكُوا قَصْدَ السَّبِيلِ فِي تَرْكِهِمْ رَجَاءَ اللَّهِ، وَلَا يَخِيبُ مَنْ رَجَاهُ، فَضَلُّوا بِذَلِكَ عَنْ دِينِ اللَّهِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ﴾ [الحجر: ٥٦] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ﴾ [الحجر: ٥٦] بِفَتْحِ النُّونِ، إِلَّا الْأَعْمَشَ، وَالْكَسَائِيَّ فَإِنَّهُمَا كَسَرَا النُّونَ مِنْ يَقْنِطُ، فَأَمَّا الَّذِينَ فَتَحُوا النُّونَ مِنْهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَإِنَّهُمْ قَرَءُوا: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ [الشورى: ٢٨] بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونِ، وَأَمَّا الْأَعْمَشُ فَكَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: «مِنْ بَعْدِ مَا قَنِطُوا» بِكَسْرِ النُّونِ وَكَانَ الْكَسَائِيُّ يَقْرَؤُهُ بِفَتْحِ النُّونِ، وَكَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يَقْرَأُ الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ قِرَاءَةِ الْكَسَائِيِّ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَاتِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ [الشورى: ٢٨] بِفَتْحِ النُّونِ، «وَمَنْ يَقْنِطُ» بِكَسْرِ النُّونِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى فَتْحِهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ [الشورى: ٢٨]، وَكَسْرِهَا فِي (وَمَنْ يَقْنِطُ) أَوْلَى إِذَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَتْحِهَا فِي «قَنَطَ» لِأَنَّ فَعَلَ إِذَا كَانَتْ عَيْنُ الْفِعْلِ مِنْهَا مَفْتُوحَةٌ وَلَمْ تَكُنْ مِنَ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ حُرُوفُ الْحَلْقِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي «يَفْعِلُ» مَكْسُورَةً أَوْ
١٤ / ٨٥
مَضْمُومَةً، فَأَمَّا الْفَتْحُ فَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ
١٤ / ٨٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ. قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الحجر: ٥٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْمَلَائِكَةِ: فَمَا شَأْنُكُمْ؟ مَا أَمْرُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُ: ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ٥٨] يَقُولُ: إِلَى قَوْمٍ قَدِ اكْتَسَبُوا الْكُفْرَ بِاللَّهِ. ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ﴾ [الحجر: ٥٩] يَقُولُ: إِلَّا أَتْبَاعَ لُوطٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ، فَإِنَّا لَنْ نُهْلِكَهُمْ، بَلْ نُنْجِيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي أُمِرْنَا أَنْ نُعَذِّبَ بِهِ قَوْمَ لُوطٍ. سِوَى امْرَأَةَ لُوطٍ ﴿قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الحجر: ٦٠] يَقُولُ: قَضَى اللَّهُ فِيهَا إِنَّهَا لَمِنَ الْبَاقِينَ، ثُمَّ هِيَ مُهْلَكَةٌ بَعْدُ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْغَابِرَ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ
١٤ / ٨٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ. قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا أَتَى رُسُلُ اللَّهِ آلَ لُوطٍ أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٢] أَيْ نُنْكِرُكُمْ لَا نَعْرِفْكُمْ. فَقَالَتْ لَهُ الرُّسُلُ: بَلْ نَحْنُ رُسُلُ اللَّهِ جِئْنَاكَ بِمَا كَانَ فِيهِ قَوْمُكَ يَشْكُونَ أَنَّهُ نَازِلٌ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِهِ
١٤ / ٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٢] قَالَ: «أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ وَقَوْلُهُ: ﴿بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٣] قَالَ بِعَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٨٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ. فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ، وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ، وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِ الرُّسُلُ لِلُوطٍ: وَجِئْنَاكَ بِالْحَقِّ الْيَقِينِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَذَلِكَ الْحَقُّ هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي عَذَّبَ اللَّهُ بِهِ قَوْمَ لُوطٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ خَبَرَهُمْ وَقَصَصَهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ وَغَيْرِهَا، حِينَ بَعَثَ اللَّهُ رُسُلَهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهِ، وَقَوْلُهُمْ: ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [الأنعام: ١٤٦] يَقُولُونَ: إِنَّا لَصَادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرْنَاكَ بِهِ يَا لُوطُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ مُهْلِكُ قَوْمِكَ
١٤ / ٨٧
﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: ٨١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخَبِرًا عَنْ رُسُلِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلُوطٍ: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِبَقِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَاتَّبِعْ يَا لُوطُ أَدْبَارَ أَهْلِكَ الَّذِينَ تَسْرِي بِهِمْ، وَكُنْ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَسِرْ خَلْفَهُمْ وَهُمْ أَمَامَكَ، وَلَا ⦗٨٨⦘ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ وَرَاءَهُ أَحَدٌ، وَامْضُوا حَيْثُ يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، عَنْ وَرْقَاءَ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ [هود: ٨١] «لَا يَلْتَفِتْ وَرَاءَهُ أَحَدٌ، وَلَا يُعَرِّجْ»
١٤ / ٨٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ [هود: ٨١] «لَا يَنْظُرُ وَرَاءَهُ أَحَدٌ» . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٨٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ﴾ [الحجر: ٦٥] قَالَ: «أُمِرَ أَنْ يَكُونَ خَلْفَ أَهْلِهِ، يَتْبَعُ أَدْبَارَهُمْ فِي آخِرِهِمْ إِذَا مَشَوْا»
١٤ / ٨٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: ٨١] قَالَ: «بَعْضُ اللَّيْلِ ﴿وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ﴾ [الحجر: ٦٥] أَدْبَارَ أَهْلِهِ»
١٤ / ٨٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ. وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الحجر: ٦٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفَرَغْنَا إِلَى لُوطٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَأَوْحَيْنَا أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ، يَقُولُ: إِنَّ آخِرَ قَوْمِكَ وَأَوَّلَهُمْ مَجْذُوذٌ مُسْتَأْصَلٌ صَبَاحَ لَيْلَتِهِمْ «وَأَنَّ» مِنْ قَوْلِهِ: ﴿أَنَّ دَابِرَ﴾ [الحجر: ٦٦] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ رَدًّا عَلَى الْأَمْرِ بِوُقُوعِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفَقْدِ الْخَافِضِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ: وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِأَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (وَقُلْنَا إِنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ)، وَعَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مُصْبِحِينَ﴾ [الحجر: ٦٦] إِذَا أَصْبَحُوا، أَوْ حِينَ يُصْبِحُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ﴾ [الحجر: ٦٦] يَعْنِي: «اسْتِئْصَالُهُمْ وَهَلَاكُهُمْ مُصْبِحِينَ»
١٤ / ٨٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ⦗٩٠⦘: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦] قَالَ: «أَوْحَيْنَا إِلَيْهِ»
١٤ / ٨٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الحجر: ٦٧] يَقُولُ: وَجَاءَ أَهْلُ مَدِينَةِ سَدُومٍ وَهُمْ قَوْمُ لُوطٍ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ ضَيْفًا قَدْ ضَافَ لُوطًا مُسْتَبْشِرِينَ بِنُزُولِهِمْ مَدِينَتِهِمْ، طَمَعًا مِنْهُمْ فِي رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ، كَمَا:
١٤ / ٩٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الحجر: ٦٧] «اسْتَبْشَرُوا بِأَضْيَافِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ لُوطٍ حِينَ نَزَلُوا لِمَا أَرَادُوا أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُنْكَرِ»
١٤ / ٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ. قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [الحجر: ٦٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ لُوطٌ لِقَوْمِهِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جِئْتُمُوهُمْ تُرِيدُونَ مِنْهُمُ الْفَاحِشَةَ ضَيْفِي، وَحَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ إِكْرَامُ ضَيْفِهِ، فَلَا تَفْضَحُونِ أَيُّهَا الْقَوْمُ فِي ضَيْفِي، وَأَكْرِمُونِي فِي تَرْكِكُمُ التَّعَرُّضَ لَهُمْ بِالْمَكْرُوهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٩] يَقُولُ: وَخَافُوا اللَّهَ فِيَّ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ عِقَابُهُ ﴿وَلَا تُخْزُونِ﴾ [هود: ٧٨] يَقُولُ: وَلَا تُذِلُّونِي وَلَا تُهِينُونِي فِيهِمْ بِالتَّعَرُّضِ لَهُمْ بِالْمَكْرُوهِ
١٤ / ٩٠
﴿قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [الحجر: ٧٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ لِلُوطٍ قَوْمُهُ: أَوَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُضَيِّفَ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ؟ كَمَا:
١٤ / ٩٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ،﴾ [الحجر: ٧٠] قَالَ: «أَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُضَيِّفَ أَحَدًا؟»
١٤ / ٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ. فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ [الحجر: ٧٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ لُوطٌ لِقَوْمِهِ: تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَأْتُوهُنَّ، وَلَا تَفْعَلُوا مَا قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ إِتْيَانِ الرِّجَالِ، إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ مَا آمُرُكُمْ بِهِ وَمُنْتَهِينَ إِلَى أَمْرِي كَمَا:
١٤ / ٩١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [الحجر: ٧١] «أَمَرَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ لُوطٌ أَنْ يَتَزَوَّجُوا النِّسَاءَ، وَأَرَادَ أَنْ يَقِيَ أَضْيَافَهُ بِبَنَاتِهِ»
١٤ / ٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَمْرُكَ﴾ [الحجر: ٧٢] يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَحَيَاتِكَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ مِنْ قُرَيْشٍ ﴿لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] يَقُولُ: لَفِي ضَلَالَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٩١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ وَمَا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ ⦗٩٢⦘ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢]»
١٤ / ٩١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] قَالَ: «مَا حَلَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا بِحَيَاةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، قَالَ: وَحَيَاتِكَ يَا مُحَمَّدُ وَعُمُرِكَ وَبَقَائِكَ فِي الدُّنْيَا ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢]»
١٤ / ٩٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] «وَهِيَ كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، لَفِي سَكْرَتِهِمْ: أَيْ فِي ضَلَالَتِهِمْ، يَعْمَهُونَ: أَيْ يَلْعَبُونَ»
١٤ / ٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْأَعْمَشَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] قَالَ: «لَفِي غَفْلَتِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ»
١٤ / ٩٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فِي سَكْرَتِهِمْ﴾ قَالَ: “فِي ضَلَالَتِهِمْ ﴿يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] قَالَ: «يَلْعَبُونَ»
١٤ / ٩٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] قَالَ: «يَتَرَدَّدُونَ»
١٤ / ٩٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَعَمْرُكَ﴾ [الحجر: ٧٢] يَقُولُ: لَعَيْشُكَ ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] قَالَ: «يَتَمَادَوْنَ»
١٤ / ٩٣
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: لَعَمْرِي، يَرَوْنَهُ كَقَوْلِهِ: وَحَيَاتِي»
١٤ / ٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ [الحجر: ٧٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ، وَهِيَ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ: يَقُولُ: إِذْ أَشْرَقُوا، وَمَعْنَاهُ: إِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ وَنَصَبَ «مُشْرِقِينَ» وَ«مُصْبِحِينَ» عَلَى الْحَالِ بِمَعْنَى: إِذَا أَصْبَحُوا، وَإِذْ أَشْرَقُوا، يُقَالُ مِنْهُ: صِيحَ بِهِمْ، إِذَا أُهْلِكُوا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ [الحجر: ٧٣] قَالَ: «حِينَ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، ذَلِكَ مُشْرِقِينَ»
١٤ / ٩٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَجَعَلْنَا عَالِيَ أَرْضِهِمْ سَافِلَهَا، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ، كَمَا:
١٤ / ٩٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ [الحجر: ٧٤] أَيْ مِنْ طِينٍ “
١٤ / ٩٤
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] يَقُولُ: إِنَّ فِي الَّذِي فَعَلْنَا بِقَوْمِ لُوطٍ مِنْ إِهْلَاكِهِمْ وَأَحْلَلْنَا بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ لَعَلَامَاتٌ وَدَلَالَاتٌ لِلْمُتَفَرِّسِينَ الْمُعْتَبِرِينَ بِعَلَامَاتِ اللَّهِ، وَعِبْرَةً عَلَى عَوَاقِبِ أُمُورِ أَهْلِ مَعَاصِيهِ وَالْكُفْرِ بِهِ وَإِنَّمَا يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ قَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ مِنْ قُرَيْشٍ، يَقُولُ: فَلِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ فِي قَوْمِ لُوطٍ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ حِينَ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ وَتَمَادَوْا فِي غِيِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ، مُعْتَبَرٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ: «لِلْمُتَفَرِّسِينَ»
١٤ / ٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ ⦗٩٥⦘ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ثني عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنَّ فِيَ ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ: «لِلْمُتَفَرِّسِينَ» . حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثنا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٩٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «الْمُتَوَسِّمِينَ: الْمُتَفَرِّسِينَ قَالَ: تَوَسَّمْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً»
١٤ / ٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ: «الْمُتَفَرِّسِينَ»
١٤ / ٩٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] يَقُولُ: «لِلنَّاظِرِينَ»
١٤ / ٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ: «لِلنَّاظِرِينَ»
١٤ / ٩٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ ⦗٩٦⦘ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] أَيْ لِلْمُعْتَبِرِينَ»
١٤ / ٩٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ: «لِلْمُعْتَبِرِينَ»
١٤ / ٩٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثني حَسَنُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ» ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥]». حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بِمِثْلِهِ
١٤ / ٩٦
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: ثنا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»
١٤ / ٩٦
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ الْمُزَلِّقُ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ للَّهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ»
١٤ / ٩٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ: «الْمُتَفَكِّرُونَ وَالْمُعْتَبِرُونَ الَّذِينَ يَتَوَسَّمُونَ الْأَشْيَاءَ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِيهَا وَيَعْتَبِرُونَ»
١٤ / ٩٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] يَقُولُ: «لِلنَّاظِرِينَ»
١٤ / ٩٧
حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيلَ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ الرَّحَبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْمُعَلَّى أَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ الطَّائِيُّ قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ طَاوُسِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «احْذَرُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ، وَيَنْطِقُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ»
١٤ / ٩٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٧٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ مَدِينَةَ سَدُومٍ لَبِطَرِيقٍ وَاضِحٍ مُقِيمٍ ⦗٩٨⦘ يَرَاهَا الْمُجْتَازُ بِهَا لَا خَفَاءَ بِهَا، وَلَا يَبْرَحُ مَكَانَهَا، فَيْجَهَلُ ذُو لُبٍّ أَمْرَهَا، وَغِبَّ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَالْكُفْرِ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦] قَالَ: «لَبِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٤ / ٩٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦] يَقُولُ: «بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ»
١٤ / ٩٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦] قَالَ: «طَرِيقٌ، السَّبِيلُ: الطَّرِيقُ»
١٤ / ٩٨
حَدَّثَت عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦] يَقُولُ: «بِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ»
١٤ / ٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٧٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي صَنِيعِنَا بِقَوْمِ لُوطٍ مَا صَنَعْنَا بِهِمْ، لَعَلَامَةٌ وَدَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ عَلَى انْتِقَامِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ، وَإِنْقَاذِهِ مِنْ عَذَابِهِ، إِذَا نَزَلَ بِقَوْمٍ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِهِ مِنْهُمْ، كَمَا:
١٤ / ٩٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [الحجر: ٧٧] قَالَ: «هُوَ كَالرَّجُلِ يَقُولُ لِأَهْلِهِ: عَلَامَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنِكُمْ أَنْ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ خَاتَمِي، أَوْ آيَةَ كَذَا وَكَذَا»
١٤ / ٩٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [الحجر: ٧٧] قَالَ: «أَمَا تَرَى الرَّجُلَ يُرْسِلُ بِخَاتَمِهِ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَقُولُ: هَاتُوا كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا رَأَوْهُ عَلِمُوا أَنَّهُ حَقٌّ»
١٤ / ٩٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ. فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ الْغَيْضَةِ ظَالِمِينَ، يَقُولُ: كَانُوا بِاللَّهِ كَافِرِينَ. وَالْأَيْكَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الْمُجْتَمِعُ، كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ:
[البحر الكامل] كَبُكَا الْحَمَامِ عَلَى فُرُوعِ … الْأَيْكِ فِي الْغُصْنِ الْجَوَانِحْ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
[البحر الكامل] كَبُكَا الْحَمَامِ عَلَى فُرُوعِ … الْأَيْكِ فِي الْغُصْنِ الْجَوَانِحْ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٤ / ٩٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ، قَوْلُهُ: ﴿أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ [الحجر: ٧٨] قَالَ: «الشَّجَرُ، وَكَانُوا يَأْكُلُونَ فِي الصَّيْفِ الْفَاكِهَةَ الرَّطْبَةَ، وَفِي الشِّتَاءِ الْيَابِسَةَ»
١٤ / ١٠٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ﴾ [الحجر: ٧٨] ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ غَيْضَةٍ وَكَانَ عَامَّةُ شَجَرِهِمْ هَذَا الدَّوْمُ وَكَانَ رَسُولُهُمْ فِيمَا بَلَغَنَا شُعَيْبٌ ﷺ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، أَرْسَلَ إِلَى أُمَّتَيْنِ مِنَ النَّاسِ، وَعُذِّبَتَا بِعَذَابَيْنِ شَتَّى، أَمَّا أَهْلُ مَدْيَنَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ، فَكَانُوا أَهْلَ شَجَرٍ مُتَكَاوِسٍ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، لَا يُظِلُّهُمْ مِنْهُ ظِلٌّ، وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَحَابَةً، فَحَلُّوا تَحْتَهَا يَلْتَمِسُونَ الرَّوْحَ فِيهَا، فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَذَابًا، بَعَثَ عَلَيْهِمْ نَارًا فَاضْطَرَمَتْ عَلَيْهِمْ فَأَكَلَتْهُمْ، فَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ “
١٤ / ١٠٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ: أَصْحَابُ غَيْطَةٍ»
١٤ / ١٠١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ﴾ [الحجر: ٧٨] قَالَ: «قَوْمُ شُعَيْبٍ»
١٤ / ١٠١
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الْأَيْكَةُ ذَاتُ آجَامٍ وَشَجَرٍ، كَانُوا فِيهَا»
١٤ / ١٠١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ: فِي قَوْلِهِ: ﴿أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ [الحجر: ٧٨] قَالَ: «هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ، وَالْأَيْكَةُ: الْغَيْضَةُ»
١٤ / ١٠١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ، قَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ، وَالْأَيْكَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ»
١٤ / ١٠١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَانْتَقَمْنَا مِنْ ظَلَمَةِ أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٩] يَقُولُ: وَإِنَّ مَدِينَةَ أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ وَمَدِينَةَ ⦗١٠٢⦘ قَوْمِ لُوطٍ وَالْهَاءَ وَالْمِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّهُمَا﴾ [الحجر: ٧٩] مِنْ ذِكْرِ الْمَدِينَتَيْنِ ﴿لَبِإِمَامٍ﴾ [الحجر: ٧٩] يَقُولُ: لَبِطَرِيقٍ يَأْتَمُّونَ بِهِ فِي سَفَرِهِمْ وَيَهْتَدُونَ بِهِ ﴿مُبِينٍ﴾ [البقرة: ١٦٨] يَقُولُ: يَبِينُ لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ اسْتِقَامَتُهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الطَّرِيقُ إِمَامًا لِأَنَّهُ يُؤَمُّ وَيُتَّبَعُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ