سُورَةُ الْبَقَرَةِ 6

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ [البقرة: ٥٧] يَقُولُ: كَانَ الْمَنُّ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِثْلَ الثَّلْجِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ شَرَابٌ»
١ ‏/ ٧٠٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: «الْمَنُّ: شَرَابٌ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِثْلَ الْعَسَلِ، فَيَمْزِجُونَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَشْرَبُونَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَنُّ: عَسَلٌ
١ ‏/ ٧٠٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «الْمَنُّ: عَسَلٌ كَانَ يَنْزِلُ لَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ»
١ ‏/ ٧٠١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «عَسَلُكُمْ هَذَا جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ الْمَنِّ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَنُّ: خُبْزُ الرِّقَاقِ
١ ‏/ ٧٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ سَمِعْتُ وَهْبًا: وَسُئِلَ، مَا الْمَنُّ؟ قَالَ: «خُبْزُ الرِّقَاقِ، مِثْلُ الذُّرَةِ، وَمِثْلُ النِّقْيِ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَنُّ: التَّرَنْجَبِينُ
١ ‏/ ٧٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «الْمَنُّ ⦗٧٠٢⦘ كَانَ يَسْقُطُ عَلَى شَجَرِ التَّرَنْجَبِينِ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَنُّ هُوَ الَّذِي يَسْقُطُ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي تَأْكُلُهُ النَّاسُ
١ ‏/ ٧٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَانَ الْمَنُّ يَنْزِلُ عَلَى شَجَرِهِمْ فَيَغْدُونَ عَلَيْهِ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ مَا شَاءُوا»
١ ‏/ ٧٠٢
وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ﴾ [البقرة: ٥٧] قَالَ: الْمَنُّ: الَّذِي يَقَعُ عَلَى الشَّجَرِ»
١ ‏/ ٧٠٣
وَحُدِّثْنَا عَنِ الْمِنْجَابِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿الْمَنَّ﴾ [البقرة: ٥٧] قَالَ: الْمَنُّ: الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الشَّجَرِ فَتَأْكُلُهُ النَّاسُ»
١ ‏/ ٧٠٣
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «الْمَنُّ: هَذَا الَّذِي يَقَعُ عَلَى الشَّجَرِ. وَقَدْ قِيلَ. إِنَّ الْمَنَّ: هُوَ التَّرَنْجَبِينُ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَنُّ: هُوَ الَّذِي يَسْقُطُ عَلَى الثُّمَامِ وَالْعُشَرِ، وَهُوَ حُلْوٌ كَالْعَسَلِ، وَإِيَّاهُ عَنَى الْأَعْشَى مَيْمُونُ بْنُ قَيْسٍ بِقَوْلِهِ:
لَوْ أُطْعِمُوا الْمَنَّ وَالسَّلْوَى مَكَانَهُمُ … مَا أَبْصَرَ النَّاسُ طُعْمًا فِيهِمُ نَجَعَا
وَتَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَنُّ: شَرَابٌ حُلْوٌ كَانُوا يَطْبُخُونَهُ فَيَشْرَبُونَهُ. وَأَمَّا أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ فِي شِعْرِهِ عَسَلًا، فَقَالَ يَصِفُ أَمْرَهُمْ فِي التِّيهِ وَمَا رُزِقُوا فِيهِ:
فَرَأَى اللَّهُ أَنَّهُنَّ بِمَضِيعٍ … لَا بِذِي مَزْرَعٍ وَلَا مَثْمُورَا
١ ‏/ ٧٠٣
فَنَسَّاهَا عَلَيْهِمْ غَادِيَاتٍ … وَمَرَى مُزْنَهُمْ خَلَايَا وَخُورَا
عَسَلًا نَاطِفًا وَمَاءً فُرَاتًا … وَحَلِيبًا ذَا بَهْجَةٍ مَمْرُورَا
الْمَمْرُورُ: الصَّافِي مِنَ اللَّبَنِ، فَجَعَلَ الْمَنَّ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ عَسَلًا نَاطِفًا، وَالنَّاطِفُ: هُوَ الْقَاطِرُ
١ ‏/ ٧٠٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالسَّلْوَى﴾ [البقرة: ٥٧] وَالسَّلْوَى: اسْمُ طَائِرٍ يُشْبِهُ السُّمَانَى، وَاحِدُهُ وَجِمَاعُهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، كَذَلِكَ السُّمَانَى لَفْظُ جَمَاعِهَا وَوَاحِدِهَا سَوَاءٌ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ وَاحِدَةَ السَّلْوَى سَلْوَاةٌ
١ ‏/ ٧٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: «السَّلْوَى: طَيْرٌ يُشْبِهُ ⦗٧٠٥⦘ السُّمَانَى»
١ ‏/ ٧٠٤
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «كَانَ طَيْرًا أَكْبَرَ مِنَ السُّمَانَى»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «السَّلْوَى: طَائِرٌ كَانَتْ تَحْشُرُهَا عَلَيْهِمُ الرِّيحُ الْجَنُوبُ»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «السَّلْوَى: طَائِرٌ»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «السَّلْوَى: طَيْرٌ»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا: وَسُئِلَ: مَا السَّلْوَى؟ فَقَالَ: «طَيْرٌ سَمِينٌ مِثْلُ الْحَمَامِ»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «السَّلْوَى: طَيْرٌ»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: «السَّلْوَى: كَانَ طَيْرًا يَأْتِيهِمْ مِثْلَ السُّمَانَى»
١ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ ⦗٧٠٦⦘ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «السَّلْوَى: السُّمَانَى»
١ ‏/ ٧٠٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْمِنْجَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «السَّلْوَى: هُوَ السُّمَانَى»
١ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «السَّلْوَى: السُّمَانَى»
١ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «السُّمَانَى هُوَ السَّلْوَى» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا سَبَبُ تَظْلِيلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْغَمَامَ وَإِنْزَالِهِ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ مَا حَضَرَنَا مِنْهُ
١ ‏/ ٧٠٦
فَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: «لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى قَوْمِ مُوسَى وَأَحْيَا السَّبْعِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مُوسَى بَعْدَ مَا أَمَاتَهُمْ، أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى أَرِيحَا، وَهِيَ أَرْضُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهَا بَعَثَ مُوسَى اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا. وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَأَمْرِ الْجَبَّارِينَ، وَأَمْرِ قَوْمِ مُوسَى مَا قَدْ قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤] فَغَضِبَ مُوسَى، فَدَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ: ﴿رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: ٢٥] فَكَانَتْ عُجْلَةً مِنْ مُوسَى عَجِلَهَا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٢٦] فَلَمَّا ضُرِبَ عَلَيْهِمُ التِّيهُ نَدِمَ مُوسَى، وَأَتَاهُ قَوْمُهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ يُطِيعُونَهُ، فَقَالُوا لَهُ: مَا صَنَعْتَ بِنَا يَا مُوسَى؟ فَلَمَّا نَدِمَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ لَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ؛ أَيْ لَا تَحْزَنْ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَّيْتُهُمْ فَاسِقِينَ. فَلَمْ يَحْزَنْ. فَقَالُوا: يَا مُوسَى كَيْفَ لَنَا بِمَاءٍ هَهُنَا، أَيْنَ الطَّعَامُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ، فَكَانَ يَسْقُطُ عَلَى شَجَرِ التَّرَنْجَبِينِ، وَالسَّلْوَى: وَهُوَ طَيْرٌ يُشْبِهُ السُّمَانَى، فَكَانَ يَأْتِي أَحَدُهُمْ، فَيَنْظُرُ إِلَى الطَّيْرِ إِنْ كَانَ سَمِينًا ذَبَحَهُ، وَإِلَّا أَرْسَلَهُ، فَإِذَا سَمِنَ أَتَاهُ. فَقَالُوا: هَذَا الطَّعَامُ، فَأَيْنَ الشَّرَابُ؟ فَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَ بِعَصَاهُ الْحَجَرَ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، فَشَرِبَ كُلُّ سِبْطٍ مِنْ عَيْنٍ، فَقَالُوا: هَذَا الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ، فَأَيْنَ الظِّلُّ؟ فَظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ، فَقَالُوا: هَذَا الظِّلُّ فَأَيْنَ اللِّبَاسُ؟ فَكَانَتْ ثِيَابُهُمْ تَطُولُ ⦗٧٠٨⦘ مَعَهُمْ كَمَا تَطُولُ الصِّبْيَانُ، وَلَا يَتَخَرَّقُ لَهُمْ ثَوْبُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ [البقرة: ٥٧] وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ [البقرة: ٦٠]»
١ ‏/ ٧٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «لَمَّا تَابَ اللَّهُ عز وجل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَمَرَ مُوسَى أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ السَّيْفَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَقَالَ: إِنَّنِي قَدْ كَتَبْتُهَا لَكُمْ دَارًا وَقَرَارًا وَمَنْزِلًا، فَاخْرُجْ إِلَيْهَا وَجَاهِدْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْعَدُوِّ فَإِنَّى نَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ. فَسَارَ بِهِمْ مُوسَى إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ بِأَمْرِ اللَّهِ عز وجل، حَتَّى إِذَا نَزَلَ التِّيهَ بَيْنَ مِصْرَ وَالشَّامِ وَهِيَ أَرْضٌ لَيْسَ فِيهَا خَمْرٌ وَلَا ظِلٌّ، دَعَا مُوسَى رَبَّهُ حِينَ آذَاهُمُ الْحَرُّ، فَظَلَّلَ عَلَيْهِمْ بِالْغَمَامِ، وَدَعَا لَهُمْ بِالرِّزْقِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى»
١ ‏/ ٧٠٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَحُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: «قَوْلُهُ: ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ [البقرة: ٥٧] قَالَ: ظُلِّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامُ فِي التِّيهِ: تَاهُوا فِي خَمْسَةِ فَرَاسِخَ أَوْ سِتَّةٍ، كُلَّمَا أَصْبَحُوا سَارُوا غَادِينَ، فَأَمْسَوْا فَإِذَا هُمْ فِي مَكَانِهِمُ الَّذِي ارْتَحَلُوا مِنْهُ، فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً. قَالَ: وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الْمَنُّ وَالسَّلْوَى وَلَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ، وَمَعَهُمْ حَجَرٌ مِنْ حِجَارَةِ الطُّورِ يَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ، فَإِذَا ⦗٧٠٩⦘ نَزَلُوا ضَرَبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا»
١ ‏/ ٧٠٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا، يَقُولُ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ شَكَوْا إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: مَا نَأْكُلُ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِيكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ. قَالُوا: مِنْ أَيْنَ لَنَا إِلَّا أَنْ يُمْطِرَ عَلَيْنَا خُبْزًا؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل سَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ خُبْزًا مَخْبُوزًا. فَكَانَ يُنْزِلُ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ، سُئِلَ وَهْبٌ: مَا الْمَنُّ؟ قَالَ: خُبْزُ الرِّقَاقِ مِثْلُ الذُّرَةِ أَوْ مِثْلُ النِّقْيِ، قَالُوا: وَمَا نَأَتَدِمُ، وَهَلْ بُدِّلْنَا مِنْ لَحْمٍ؟ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِيكُمْ بِهِ. فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ لَنَا إِلَّا أَنْ تَأْتِيَنَا بِهِ الرِّيحُ؟ قَالَ: فَإِنَّ الرِّيحَ تَأْتِيكُمْ بِهِ وَكَانَتِ الرِّيحُ تَأْتِيهِمْ بِالسَّلْوَى فَسُئِلَ وَهْبٌ: مَا السَّلْوَى؟ قَالَ: طَيْرٌ سَمِينٌ مِثْلُ الْحَمَامِ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ مِنَ السَّبْتِ إِلَى السَّبْتِ، قَالُوا: فَمَا نَلْبَسُ؟ قَالَ: لَا يَخْلَقُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ ثَوْبٌ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالُوا: فَمَا نَحْتَذِي؟ قَالَ: لَا يَنْقَطِعُ لِأَحَدِكُمْ شِسْعٌ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالُوا: فَإِنَّ فِينَا أَوْلَادًا فَمَا نَكْسُوهُمْ؟ قَالَ: ثَوْبُ الصَّغِيرِ يَشُبُّ مَعَهُ. قَالُوا: فَمِنْ أَيْنَ لَنَا الْمَاءُ؟ قَالَ: يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ. قَالُوا: فَمِنْ أَيْنَ؟ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ لَنَا مِنَ الْحَجَرِ. فَأَمَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى مُوسَى، أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ الْحَجَرَ. قَالُوا: فِيمَ نُبْصِرُ؟ تَغْشَانَا الظُّلْمَةُ. فَضُرِبَ لَهُمْ عَمُودٌ مِنْ نُورٍ فِي وَسَطِ عَسْكَرِهِمْ أَضَاءَ عَسْكَرَهُمْ كُلَّهُ، قَالُوا: فَبِمَ نَسْتَظِلُّ؟ فَإِنَّ الشَّمْسَ عَلَيْنَا ⦗٧١٠⦘ شَدِيدَةٌ قَالَ: يُظِلُّكُمُ اللَّهُ بِالْغَمَامِ» حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ
١ ‏/ ٧٠٩
حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: «خُلِقَ لَهُمْ فِي التِّيهِ ثِيَابٌ لَا تَخْلَقُ وَلَا تَدْرَنُ»
١ ‏/ ٧١٠
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: «إِنْ أَخَذَ الرَّجُلُ مِنَ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى فَوْقَ طَعَامِ يَوْمٍ فَسَدَ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ طَعَامَ يَوْمِ السَّبْتِ فَلَا يُصْبِحُ فَاسِدًا»
١ ‏/ ٧١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٧] وَهَذَا مِمَّا اسْتَغْنَى بِدَلَالَةٍ ظَاهِرَةٍ عَلَى مَا تَرْكٍ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ: وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ، وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَقُلْنَا لَكُمْ: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ. فَتَرَكَ ذِكْرَ قَوْلِهِ: وَقُلْنَا لَكُمْ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ دَلَالَةِ الظَّاهِرِ فِي الْخِطَابِ عَلَيْهِ. وَعَنَى جَلَّ ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٧] كُلُوا مِنْ مُشْتَهِيَاتِ رِزْقِنَا
١ ‏/ ٧١٠
الَّذِي رَزَقْنَاكُمُوهُ. وَقَدْ قِيلَ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٧] مِنْ حَلَالِهِ الَّذِي أَبَحْنَاهُ لَكُمْ، فَجَعَلْنَاهُ لَكُمْ رِزْقًا. وَالْأَوَّلُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى بِالتَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ وَصْفُ مَا كَانَ الْقَوْمُ فِيهِ مِنْ هَنِيءِ الْعَيْشِ الَّذِي أَعْطَاهُمْ، فَوَصْفُ ذَلِكَ بِالطَّيِّبِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى اللَّذَّةِ أَحْرَى مِنْ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ حَلَالٌ مُبَاحٌ. وَمَا الَّتِي مَعَ رَزَقْنَاكُمْ بِمَعْنَى الَّذِي كَأَنَّهُ قِيلَ: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ الرِّزْقِ الَّذِي رَزَقْنَاكُمُوهُ
١ ‏/ ٧١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٥٧] وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الَّذِي اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ ظَاهِرِهِ عَلَى مَا تُرِكَ مِنْهُ. وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ، فَخَالَفُوا مَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ وَعَصَوْا رَبَّهُمْ ثُمَّ رَسُولَنَا إِلَيْهِمْ، وَمَا ظَلَمُونَا. فَاكْتَفَى بِمَا ظَهَرَ عَمَّا تَرَكَ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾ [البقرة: ٥٧] يَقُولُ: وَمَا ظَلَمُونَا بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ وَمَعْصِيَتِهِمْ ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٥٧] وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾ [البقرة: ٥٧] وَمَا وَضَعُوا فِعْلَهُمْ ذَلِكَ وَعِصْيَانَهُمْ إِيَّانَا مَوْضِعَ مَضَرَّةٍ عَلَيْنَا وَمَنْقَصَةٍ لَنَا، وَلَكِنَّهُمْ وَضَعُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَوْضِعَ مَضَرَّةٍ عَلَيْهَا وَمَنْقَصَةٍ لَهَا
١ ‏/ ٧١١
كَمَا حُدِّثْنَا عَنِ الْمِنْجَابِ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٥٧] قَالَ: يَضُرُّونَ» وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ أَصْلَ الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ. وَكَذَلِكَ رَبُّنَا جَلَّ ذِكْرُهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ عَاصٍ، وَلَا يَتَحَيَّفُ خَزَائِنَهُ ظُلْمُ ظَالِمٍ، وَلَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مُطِيعٍ، وَلَا يَزِيدُ فِي مُلْكِهِ عَدْلُ عَادِلٍ؛ بَلْ نَفْسَهُ يَظْلِمُ الظَّالِمُ، وَحَظَّهَا يَبْخَسُ الْعَاصِي، وَإِيَّاهَا يَنْفَعُ الْمُطِيعُ، وَحَظَّهَا يُصِيبُ الْعَادِلُ
١ ‏/ ٧١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٥٨] وَالْقَرْيَةُ الَّتِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَدْخُلُوهَا، فَيَأْكُلُوا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شَاءُوا فِيمَا ذُكِرَ لَنَا: بَيْتُ الْمَقْدِسِ
١ ‏/ ٧١٢
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ»
١ ‏/ ٧١٢
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَإِذْ ⦗٧١٣⦘ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ [البقرة: ٥٨] أَمَّا الْقَرْيَةُ فَقَرْيَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ»
١ ‏/ ٧١٢
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: «﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ [البقرة: ٥٨] يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ»
١ ‏/ ٧١٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ، يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ قَوْلِهِ: «﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: هِيَ أَرِيحَا، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ»
١ ‏/ ٧١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا﴾ [البقرة: ٥٨] يَعْنِي بِذَلِكَ: فَكُلُوا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ حَيْثُ شِئْتُمْ عَيْشًا هَنِيًّا وَاسِعًا بِغَيْرِ حِسَابٍ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الرَّغَدِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا، وَذَكَرْنَا أَقْوَالَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ
١ ‏/ ٧١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] أَمَّا الْبَابُ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوهُ، فَإِنَّهُ قِيلَ: هُوَ بَابُ الْحِطَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ
١ ‏/ ٧١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ⦗٧١٤⦘ نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [النساء: ١٥٤] قَالَ: بَابُ الْحِطَّةِ مِنْ بَابِ إِيلِيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١ ‏/ ٧١٣
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: «﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] أَمَّا الْبَابُ فَبَابٌ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ»
١ ‏/ ٧١٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «قَوْلُهُ: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] أَنَّهُ أَحَدِ أَبْوَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ يُدْعَى بَابَ حِطَّةٍ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَتَأَوَّلُهُ بِمَعْنَى الرُّكَّعِ
١ ‏/ ٧١٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [النساء: ١٥٤] قَالَ: رُكَّعًا مِنْ بَابٍ صَغِيرٍ»
١ ‏/ ٧١٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ النَّخَعِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا الْبَابَ ⦗٧١٥⦘ سُجَّدًا﴾ [النساء: ١٥٤] قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا رُكَّعًا» وَأَصْلُ السُّجُودِ: الِانْحِنَاءُ لِمَنْ سَجَدَ لَهُ مُعَظِّمًا بِذَلِكَ فَكُلُّ مُنْحَنٍ لِشَيْءٍ تَعْظِيمًا لَهُ فَهُوَ سَاجِدٌ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِجَمْعٍ تَضِلُّ الْبُلْقُ فِي حَجَرَاتِهِ … تَرَى الْأَكَمَ فِيهِ سُجَّدًا لِلْحَوَافِرِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: سُجَّدًا: خَاشِعَةً خَاضِعَةً. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الْمَلِي … كِ طَوْرًا سُجُودًا وَطَوْرًا جُؤَارَا
فَذَلِكَ تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] رُكَّعًا، لِأَنَّ الرَّاكِعَ مُنْحَنٍ، وَإِنْ كَانَ السَّاجِدُ أَشَدَّ انْحِنَاءً مِنْهُ
١ ‏/ ٧١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] فِعْلَةٌ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: حَطَّ اللَّهُ عَنْكَ خَطَايَاكَ فَهُوَ ⦗٧١٦⦘ يَحُطُّهَا حِطَّةٌ، بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ وَالْحِدَّةِ وَالْمِدَّةِ مِنْ رَدَدْتُ وَحَدَدْتُ وَمَدَدْتُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ
١ ‏/ ٧١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أنا مَعْمَرٌ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: «أَيِ احْطُطْ عَنَّا خَطَايَانَا»
١ ‏/ ٧١٦
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] يَحُطُّ اللَّهُ بِهَا عَنْكُمْ ذَنْبَكُمْ وَخَطَايَاكُمْ»
١ ‏/ ٧١٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: يَحُطُّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ»
١ ‏/ ٧١٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] مَغْفِرَةٌ»
١ ‏/ ٧١٦
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: «﴿حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: يَحُطُّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ»
١ ‏/ ٧١٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: سَمِعْنَا أَنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُمْ خَطَايَاهُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيلَهُ: قُولُوا الَّذِي يَحُطُّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
١ ‏/ ٧١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَقَالَ آخَرُونَ بِمِثْلِ مَعْنَى قَوْلِ عِكْرِمَةَ، إِلَّا أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْقَوْلَ الَّذِي أُمِرُوا بِقِيلِهِ الِاسْتِغْفَارَ
١ ‏/ ٧١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ النَّخَعِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ⦗٧١٨⦘ عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا» وَقَالَ آخَرُونَ نَظِيرَ قَوْلِ عِكْرِمَةَ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا الْقَوْلَ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوهُ هُوَ أَنْ يَقُولُوا هَذَا الْأَمْرُ حَقٌّ كَمَا قِيلَ لَكُمْ
١ ‏/ ٧١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حُدِّثْتُ عَنِ الْمِنْجَابِ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: قُولُوا هَذَا الْأَمْرُ حَقٌّ كَمَا قِيلَ لَكُمْ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ رُفِعَتِ الْحِطَّةُ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: رُفِعَتِ الْحِطَّةُ بِمَعْنَى قُولُوا لِيَكُنْ مِنْكُمْ حِطَّةٌ لِذُنُوبِنَا، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ سَمْعُكَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: هِيَ كَلِمَةٌ أَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَقُولُوهَا مَرْفُوعَةً، وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ قِيلَهَا كَذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ: رُفِعَتِ الْحِطَّةُ بِضَمِيرِ هَذِهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَقُولُوا هَذِهِ حِطَّةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: هِيَ مَرْفُوعَةٌ بِضَمِيرٍ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ، كَأَنَّهُ قَالَ: قُولُوا مَا هُوَ ⦗٧١٩⦘ حِطَّةٌ، فَتَكُونُ حِطَّةٌ حِينَئِذٍ خَبَرًا لِـ: مَا. وَالَّذِي هُوَ أَقْرَبُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ، أَنْ يَكُونَ رَفَعَ حِطَّةً بِنِيَّةِ خَبَرٍ مَحْذُوفٍ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التِّلَاوَةِ، وَهُوَ دُخُولُنَا الْبَابَ سُجَّدًا حِطَّةً، فَكَفَى مِنْ تَكْرِيرِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ مِنَ التَّنْزِيلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٤] يَعْنِي مَوْعِظَتُنَا إِيَّاهُمْ مَعْذِرَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ. فَكَذَلِكَ عِنْدِي تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] يَعْنِي بِذَلِكَ: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ [البقرة: ٥٨] ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا﴾ [البقرة: ٥٨] دُخُولُنَا ذَلِكَ سُجَّدًا ﴿حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] لِذُنُوبِنَا، وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى نَحْوِ تَأْوِيلِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ زَيْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَأَمَّا عَلَى تَأْوِيلِ قَوْلِ عِكْرِمَةَ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ فِي حِطَّةٌ، لِأَنَّ الْقَوْمَ إِنْ كَانُوا أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ أَنْ يَقُولُوا: نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، فَقَدْ قِيلَ لَهُمْ: قُولُوا هَذَا الْقَوْلَ، فَقُولُوا وَاقِعٌ حِينَئِذٍ عَلَى الْحِطَّةِ، لِأَنَّ الْحِطَّةَ عَلَى قَوْلِ عِكْرِمَةَ هِيَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِذْ كَانَتْ هِيَ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَالْقَوْلُ عَلَيْهَا وَاقِعٌ، كَمَا لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا بِقَوْلِ الْخَيْرِ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ خَيْرًا، نَصْبًا، وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا أَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ خَيْرٌ إِلَّا عَلَى اسْتِكْرَاهٍ شَدِيدُ. ⦗٧٢٠⦘ وَفِي إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ عَلَى رَفْعِ الْحِطَّةِ بَيَانٌ وَاضِحٌ عَلَى خِلَافِ الَّذِي قَالَهُ عِكْرِمَةُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ فِي حِطَّةٌ نَصْبًا، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ إِذَا وَضَعُوا الْمَصَادِرَ مَوَاضِعَ الْأَفْعَالِ وَحَذَفُوا الْأَفْعَالَ أَنْ يَنْصُبُوا الْمَصَادِرَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبِيدُوا بِأَيْدِي عُصْبَةٍ وَسُيُوفُهُمْ … عَلَى أُمَّهَاتِ الْهَامِ ضَرْبًا شَآمِيَا
وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ لِلرَّجُلِ: سَمْعًا وَطَاعَةً، بِمَعْنَى: أَسْمَعُ سَمْعًا وَأَطِيعُ طَاعَةً، وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٢٣] بِمَعْنَى. نَعُوذُ بِاللَّهِ
١ ‏/ ٧١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٨] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٨] نَتَغَمَّدُ لَكُمْ بِالرَّحْمَةِ خَطَايَاكُمْ وَنَسْتُرُهَا عَلَيْكُمْ، فَلَا نَفْضَحْكُمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا. وَأَصْلُ الْغَفْرِ: التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، فَكُلُّ سَاتِرٍ شَيْئًا فَهُوَ غَافِرُهُ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْبَيْضَةِ مِنَ الْحَدِيدِ الَّتِي تُتَّخَذُ جُنَّةً لِلرَّأْسِ مِغْفَرٌ، لِأَنَّهَا تُغَطِّي الرَّأْسَ وَتُجِنُّهُ، وَمِثْلُهُ غَمْدُ ⦗٧٢١⦘ السَّيْفِ، وَهُوَ مَا يَغْمِدُهُ فَيُوارِيهِ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ لِزِئْبَرِ الثَّوْبِ عُفْرَةٌ، لِتَغْطِيَتِهِ الثَّوْبَ، وَحَوْلِهِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَالنَّظَرِ إِلَيْهَا. وَمِنْهُ قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ:
فَلَا أَعْتِبُ ابْنَ الْعَمِّ إِنْ كَانَ جَاهِلًا … وَأَغْفِرُ عَنْهُ الْجَهْلَ إِنْ كَانَ أَجْهَلَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: وَأَغْفِرُ عَنْهُ الْجَهْلَ: أَسْتُرُ عَلَيْهِ جَهْلَهُ بِحِلْمِي عَنْهُ
١ ‏/ ٧٢٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خَطَايَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٨] وَالْخَطَايَا جَمْعُ خَطِيَّةٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَمَا الْمَطَايَا جَمْعُ مَطِيَّةٍ، وَالْحَشَايَا جَمْعُ حَشِيَّةٍ. وَإِنَّمَا تَرَكَ جَمْعَ الْخَطَايَا بِالْهَمْزِ، لِأَنَّ تَرْكَ الْهَمْزِ فِي خَطِيئَةٍ أَكْثَرُ مِنَ الْهَمْزِ، فَجُمِعَ عَلَى خَطَايَا، عَلَى أَنَّ وَاحِدَتَهَا غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ. وَلَوْ كَانَتِ الْخَطَايَا مَجْمُوعَةً عَلَى خَطِيئَةٍ بِالْهَمْزِ لَقِيلَ خَطَائِي عَلَى مِثْلِ قَبِيلَةٍ وَقَبَائِلَ، وَصَحِيفَةٍ وَصَحَائِفَ. وَقَدْ تُجْمَعُ خَطِيئَةٌ بِالتَّاءِ فَيُهْمَزُ فَيُقَالُ خَطِيئَاتٍ، ⦗٧٢٢⦘ وَالْخَطِيئَةُ فَعِيلَةٌ مِنْ خَطِئَ الرَّجُلُ يَخْطَأُ خِطْأً، وَذَلِكَ إِذَا عَدَلَ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَإِنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكَنَّفَاهُ … لَعَمْرُ اللَّهِ قَدْ خَطِئَا وَخَابَا
يَعْنِي أَضَلَّا الْحَقَّ وَأَثِمَا
١ ‏/ ٧٢١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٥٨] وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ لَنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
١ ‏/ ٧٢٢
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٥٨] مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُحْسِنًا زَيْدَ فِي إِحْسَانِهِ، وَمَنْ كَانَ مُخْطِئًا نَغْفِرْ لَهُ خَطِيئَتَهُ» فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ مُبَاحًا لَكُمْ كُلُّ مَا فِيهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ، مُوَسَّعًا عَلَيْكُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا، وَقُولُوا: سُجُودُنَا هَذَا لِلَّهِ حِطَّةٌ مِنْ رَبِّنَا لِذُنُوبِنَا يَحُطُّ بِهِ آثَامَنَا، نَتَغَمَّدُ لَكُمْ ذُنُوبَ الْمُذْنِبِ مِنْكُمْ فَنَسْتُرُهَا عَلَيْهِ، وَنَحُطُّ أَوْزَارَهُ عَنْهُ، وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ مِنْكُمْ
١ ‏/ ٧٢٢
إِلَى إِحْسَانِنَا السَّالِفِ عِنْدَهُ إِحْسَانًا. ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ عَظِيمِ جَهَالَتِهِمْ، وَسُوءِ طَاعَتِهِمْ رَبَّهُمْ وَعِصْيَانِهِمْ لِأَنْبِيَائِهِمْ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِرُسُلِهِ، مَعَ عَظِيمِ آلَاءِ اللَّهِ عز وجل عِنْدَهُمْ، وَعَجَائِبِ مَا أَرَاهُمْ مِنْ آيَاتِهِ وَعِبَرِهِ، مُوَبِّخًا بِذَلِكَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذِهِ الْآيَاتِ، وَمُعَلِّمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ تَعَدُّوا فِي تَكْذِيبِهِمْ مُحَمَّدًا ﷺ وَجُحُودِهِمْ نُبُوَّتِهِ مَعَ عَظِيمِ إِحْسَانِ اللَّهِ بِمَبْعَثِهِ فِيهِمْ إِلَيْهِمْ، وَعَجَائِبِ مَا أَظْهَرَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْحُجَجِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، أَنْ يَكُونُوا كَأَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ. وَقَصَّ عَلَيْنَا أَنْبَاءَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٥٩] الْآيَةُ
١ ‏/ ٧٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: ٥٩]
١ ‏/ ٧٢٣
وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿فَبَدَّلَ﴾ [البقرة: ٥٩] فَغَيَّرَ
١ ‏/ ٧٢٣
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [البقرة: ٥٩] الَّذِينَ فَعَلُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِعْلُهُ
١ ‏/ ٧٢٣
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩] بَدَّلُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوهُ فَقَالُوا خِلَافَهُ، وَذَلِكَ هُوَ التَّبْدِيلُ وَالتَّغْيِيرُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ. وَكَانَ تَبْدِيلُهُمْ، بِالْقَوْلِ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوهُ، قَوْلًا غَيْرَهُ
١ ‏/ ٧٢٣
مَا حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَالَ اللَّهُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ، فَبَدَّلُوا وَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ»
١ ‏/ ٧٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ وَعَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ ⦗٧٢٥⦘ بْنِ جُبَيْرٍ، أَوْ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «دَخَلُوا الْبَابَ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا مِنْهُ سُجَّدًا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ يَقُولُونَ حِنْطَةٌ فِي شَعِيرَةٍ»
١ ‏/ ٧٢٤
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ: ﴿حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: «بَدَّلُوا فَقَالُوا: حَبَّةٌ»
١ ‏/ ٧٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الْكَنُودِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالُوا: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ فِيهَا شَعِيرَةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿⦗٧٢٦⦘ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [النساء: ١٥٤] قَالَ: رُكُوعًا مِنْ بَابٍ صَغِيرٍ. فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ مِنْ قِبَلِ أَسْتَاهِهِمْ. وَيَقُولُونَ حِنْطَةٌ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ النَّخَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا رُكَّعًا، وَيَقُولُوا حِطَّةٌ، قَالَ أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا، قَالَ: فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ مِنْ قِبَلِ أَسْتَاهِهِمْ مِنْ بَابٍ صَغِيرٍ وَيَقُولُونَ حِنْطَةٌ يَسْتَهْزِئُونَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ: «﴿ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [النساء: ١٥٤] قَالَا: دَخَلُوهَا عَلَى غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِهَا، فَدَخَلُوهَا مُتَزَحِّفِينَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ، وَبَدَّلُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ، فَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ»
١ ‏/ ٧٢٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «أَمَرَ مُوسَى قَوْمَهُ أَنْ يَدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَيَقُولُوا ⦗٧٢٧⦘ حِطَّةٌ، وَطُؤْطِئَ لَهُمُ الْبَابُ لِيَسْجُدُوا فَلَمْ يَسْجُدُوا وَدَخَلُوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ وَقَالُوا حِنْطَةٌ»
١ ‏/ ٧٢٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «أَمَرَ مُوسَى قَوْمَهُ أَنْ يَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ وَيَقُولُوا حِطَّةٌ، وَطُؤْطِئَ لَهُمُ الْبَابُ لِيَقُولُوا رُءُوسَهُمْ، فَلَمْ يَسْجُدُوا وَدَخَلُوا عَلَى أَسْتَاهُمْ إِلَى الْجَبَلِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي تَجَلَّى لَهُ رَبُّهُ وَقَالُوا: حِنْطَةٌ. فَذَلِكَ التَّبْدِيلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٧
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُمْ قَالُوا: هَطَى سَمَقَا يَا ازْبَةَ هَزْبَا، وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ: حَبْطَةُ حِنْطَةٍ حَمْرَاءُ مَثْقُوبَةٌ فِيهَا شَعِيرَةٌ سَوْدَاءُ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: فَدَخَلُوا عَلَى أَسْتَاهِهِمْ مُقَنِّعِي رُءُوسِهِمْ “
١ ‏/ ٧٢٧
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ [البقرة: ٥٨] فَدَخَلُوا مُقَنِّعِي رُءُوسِهِمْ ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] فَقَالُوا: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ فِيهَا شَعِيرَةٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَبَدَّلَ ⦗٧٢٨⦘ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٧
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: «﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] قَالَ: فَكَانَ سُجُودُ أَحَدِهِمْ عَلَى خَدِّهِ ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] نَحُطُّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ، فَقَالُوا: حِنْطَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]»
١ ‏/ ٧٢٨
وَحَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] يَحُطُّ اللَّهُ بِهَا عَنْكُمْ ذَنْبَكُمْ وَخَطِيئَاتِكُمْ. قَالَ: فَاسْتَهْزَءُوا ⦗٧٢٩⦘ بِهِ، يَعْنِي بِمُوسَى وَقَالُوا: مَا يَشَاءُ مُوسَى أَنْ يَلْعَبَ بِنَا إِلَّا لَعِبَ بِنَا حِطَّةٌ حِطَّةٌ. أَيُّ شَيْءٍ حِطَّةٌ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: حِنْطَةٌ»
١ ‏/ ٧٢٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَمَّا دَخَلُوا قَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ»
١ ‏/ ٧٢٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي سَعْدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا دَخَلُوا الْبَابَ قَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ، فَبَدَّلُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ»
١ ‏/ ٧٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٥٩] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [البقرة: ٥٩] عَلَى الَّذِينَ فَعَلُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِعْلُهُ مِنْ تَبْدِيلِهِمُ الْقَوْلَ، الَّذِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ يَقُولُوهُ، قَوْلًا غَيْرَهُ، وَمَعْصِيَتُهُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَبِرُكُوبِهِمْ مَا قَدْ نَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبِهِ ﴿رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: ٥٩] وَالرِّجْزُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: الْعَذَابُ، وَهُوَ غَيْرُ الرِّجْزِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرِّجْزَ: الْبَثْرُ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الطَّاعُونِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُ رِجْزٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ»
١ ‏/ ٧٢٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ أَوِ السَّقَمَ رِجْزٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ»
١ ‏/ ٧٣٠
وَحَدَّثَنِي أَبُو شَيْبَةَ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: شَهِدْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الطَّاعُونَ رِجْزٌ أُنْزِلَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَوْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ» وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١ ‏/ ٧٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿رِجْزًا﴾ [البقرة: ٥٩] قَالَ: عَذَابًا»
١ ‏/ ٧٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمَ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٥٩] قَالَ: الرِّجْزُ: الْغَضَبُ»
١ ‏/ ٧٣٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «لَمَّا قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ ⦗٧٣١⦘ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٢] بَعَثَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْهِمُ الطَّاعُونَ، فَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. وَقَرَأَ: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: ٥٩] قَالَ: وَبَقِيَ الْأَبْنَاءُ، فَفِيهِمُ الْفَضْلُ وَالْعِبَادَةُ الَّتِي تُوصَفُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْخَيْرُ، وَهَلَكَ الْآبَاءُ كُلُّهُمْ، أَهْلَكَهُمُ الطَّاعُونُ»
١ ‏/ ٧٣٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «الرِّجْزُ: الْعَذَابُ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ رِجْزٌ فَهُوَ عَذَابٌ»
١ ‏/ ٧٣١
حُدِّثْتُ عَنِ الْمِنْجَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فِي قَوْلِهِ: ﴿رِجْزًا﴾ [البقرة: ٥٩] قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الرِّجْزِ، يَعْنِي بِهِ الْعَذَابَ» وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنْ تَأْوِيلَ الرِّجْزِ: الْعَذَابُ. وَعَذَابُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ. وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى الَّذِينَ وَصَفْنَا أَمْرَهُمُ الرِّجْزَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ طَاعُونًا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ، وَلَا دَلَالَةَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَلَا فِي أَثَرٍ عَنِ الرَّسُولِ ثَابِتٍ أَيُّ أَصْنَافِ ذَلِكَ كَانَ. فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٥٩] بِفِسْقِهِمْ. غَيْرَ أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى النَّفْسِ صِحَّةُ مَا قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ لِلْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي إِخْبَارِهِ عَنِ الطَّاعُونِ أَنَّهُ رِجْزٌ، وَأَنَّهُ عُذِّبَ بِهِ قَوْمٌ قَبْلَنَا. وَإِنْ كُنْتُ لَا أَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ يَقِينًا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا بَيَانَ فِيهِ أَيُّ أُمَّةٍ عُذِّبَتْ بِذَلِكَ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ عُذِّبُوا بِهِ كَانُوا غَيْرَ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ صِفَتَهُمْ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]
١ ‏/ ٧٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: ٥٩] وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْفِسْقِ: الْخُرُوجُ مِنَ الشَّيْءِ. فَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: ٥٩] إِذًا بِمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ طَاعَةَ اللَّهِ عز وجل، فَيَخْرُجُونَ عَنْهَا إِلَى مَعْصِيَتِهِ وَخِلَافِ أَمْرِهِ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …