سُورَةُ الْبَقَرَةِ 16

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ: فَمَنْ تُرِكَ لَهُ مِنَ الْقَتْلِ ظُلْمًا مِنَ الْوَاجِبِ كَانَ لِأَخِيهِ عَلَيْهِ مِنَ الْقِصَاصِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ مِنَ الْعَافِي لِلْقَاتِلِ بِالْوَاجِبِ لَهُ قِبَلَهُ مِنَ الدِّيَةِ وَأَدَاءٌ مِنَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ
٣ ‏/ ١٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] «فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، وَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَطْلُبَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّي هَذَا بِإِحْسَانٍ»
٣ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَقَالَ «هُوَ الْعَمْدُ يَرْضَى أَهْلُهُ بِالدِّيَةِ ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] أَمَرَ بِهِ الطَّالِبَ ﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] مِنَ الْمَطْلُوبِ»
٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا أَبِي، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا جَمِيعًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «الَّذِي يَقْبَلُ الدِّيَةَ ذَلِكَ مِنْهُ عَفُوٌّ، وَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ الَّذِي عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ بِإِحْسَانٍ»
٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَهِيَ الدِّيَةُ أَنْ يُحْسِنَ الطَّالِبُ الطَّلَبَ ﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَهُوَ أَنْ يُحْسِنَ الْمَطْلُوبُ الْأَدَاءَ»
٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ ⦗١٠٦⦘ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَالْعَفْوُ الَّذِي يَعْفُو عَنِ الدَّمِ، وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ»
٣ ‏/ ١٠٥
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ: الدِّيَةُ»
٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ عَلَى هَذَا الطَّالِبِ أَنْ يَطْلُبَ بِالْمَعْرُوفِ، وَعَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ أَنْ يُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ “
٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَالْعَفُوُّ: الَّذِي يَعْفُو عَنِ الدَّمِ، وَيَأْخُذُ الدِّيَةِ»
٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ «هُوَ الْعَمْدُ يَرْضَى أَهْلُهُ بِالدِّيَةِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ ⦗١٠٧⦘ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ «قَتَلَ عَمْدًا فَعُفِيَ عَنْهُ، وَقُبِلَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ، يَقُولُ: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَأَمَرَ الْمُتَّبِعَ أَنْ يَتَّبِعَ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَمَرَ الْمُؤَدِّيَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ وَالْعَمْدُ قَوَدٌ إِلَيْهِ قِصَاصٌ، لَا عَقْلَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِالدِّيَةِ، فَإِنْ رَضُوا بِالدِّيَةِ فَمِائَةُ خَلِفَةٍ، فَإِنْ قَالُوا: لَا نَرْضَى إِلَّا بِكَذَا وَكَذَا؛ فَذَاكَ لَهُمْ»
٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ «يَتَّبِعُ بِهِ الطَّالِبُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُؤَدِّي الْمَطْلُوبَ بِإِحْسَانٍ»
٣ ‏/ ١٠٧
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ «فَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَعُفِيَ عَنْهُ وَأُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ، يَقُولُ: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] أَمَرَ صَاحِبَ الدِّيَةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا أَنْ يَتَّبِعَ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَمَرَ الْمُؤَدِّيَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ»
٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ ⦗١٠٨⦘ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ: ذَلِكَ إِذَا أَخَذَ الدِّيَةَ فَهُوَ عَفْوٌ»
٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ «إِذَا قِبَلَ الدِّيَةَ فَقَدْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨]»
٣ ‏/ ١٠٨
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَ ذَلِكَ، وَزَادَ فِيهِ «فَإِذَا قَبِلَ الدِّيَةَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ بِالْمَعْرُوفِ، وَعَلَى الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ أَنْ يُؤَدِّي بِإِحْسَانٍ»
٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ؛ قَالَ: ثنا أَبُو عَقِيلٍ؛ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ، «أَخْذُ الدِّيَةِ عَفْوٌ حَسَنٌ»
٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، «﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ: أَنْتَ أَيُّهَا الْمَعْفُوُّ عَنْهُ»
٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلِهِ ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَهُوَ الدِّيَةُ أَنْ يُحْسِنَ الطَّالِبُ، وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ: هُوَ أَنْ يُحْسِنَ الْمَطْلُوبُ الْأَدَاءَ ” وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَمَنْ فَضَلَ لَهُ فَضْلٌ وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ. وَقَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] مِنْ دِيَةِ أَخِيهِ شَيْءٌ، أَوْ مِنْ أَرْشِ جِرَاحَتِهِ فَاتِّبَاعٌ مِنْهُ الْقَاتِلَ أَوِ الْجَارِحَ الَّذِي بَقِيَ ذَلِكَ قِبَلَهُ بِمَعْرُوفٍ وَأَدَاءٌ مِنَ الْقَاتِلِ أَوِ الْجَارِحِ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ قِبَلَهُ هُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بِإِحْسَانٍ. ⦗١٠٩⦘ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ، أَعِنِّي قَوْلَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨] فِي الَّذِينَ تَحَارَبُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَيُقَاصُّ دِيَاتِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَرُدُّ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِفَضْلٍ إِنْ بَقِيَ لَهُمْ قِبَلَ الْآخَرِينَ. وَأَحْسَبُ أَنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ الْعَفْوِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى الْكَثْرَةِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿حَتَّى عَفَوْا﴾ [الأعراف: ٩٥] فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ: فَمَنْ كَثُرَ لَهُ قِبَلَ أَخِيهِ الْقَاتِلِ
٣ ‏/ ١٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ «بَقِيَ لَهُ مِنْ دِيَةِ أَخِيهِ شَيْءٌ أَوْ مِنْ أَرْشِ جِرَاحَتِهِ، فَلْيَتَّبِعْ بِمَعْرُوفٍ وَلْيُؤَدِ الْآخَرَ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ» وَالْوَاجِبُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقَوْلِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ [البقرة: ١٧٨] أَنَّهُ بِمَعْنَى مُقَاصَّةِ دِيَةِ النَّفْسِ الذَّكَرِ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ الْأُنْثَى، وَالْعَبْدُ مِنَ الْحُرِّ، وَالتَّرَاجُعِ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ دِيَتَيْ أَنْفُسِهِمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنَ الْوَاجِبِ لِأَخِيهِ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصِ دِيَةِ أَحَدِهِمَا بِدِيَةِ نَفْسِ الْآخَرِ إِلَى الرِّضَا بِدِيَةِ نَفْسِ الْمَقْتُولِ، فَاتِّبَاعٌ مِنَ الْوَلِيِّ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَدَاءٌ مِنَ الْقَاتِلِ إِلَيْهِ ذَلِكَ بِإِحْسَانٍ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَمَنْ صُفِحَ لَهُ مِنَ الْوَاجِبِ كَانَ لِأَخِيهِ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوَدِ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى دِيَةٍ ⦗١١٠⦘ يَأْخُذُهَا مِنْهُ، فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْعَافِي عَنِ الدَّمِ الرَّاضِي بِالدِّيَةِ مِنْ دَمِ وَلِيِّهِ، وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ مِنَ الْقَاتِلِ ذَلِكَ بِإِحْسَانٍ؛ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنَ الْعِلَلِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ مِنْ أَنِّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ [البقرة: ١٧٨] إِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ مِنَ النُّفُوسِ الْقَاتِلَةِ أَوِ الْجَارِحَةِ، وَالشَّاجَّةِ عَمْدًا، كَذَلِكَ الْعَفْوُ أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَاتِّبَاعٌ عَلَى مَا أَوْجَبُهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْحَقِّ قِبَلَ قَاتِلِ وَلِيِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزْدَادَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ فِي أَسْنَانِ الْفَرَائِضِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ يُكَلِّفُهُ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ لَهُ عَلَيْهِ
٣ ‏/ ١٠٩
كَمَا حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ بَعِيرًا» يَعْنِي فِي إِبِلِ الدِّيَاتِ وَفَرَائِضِهَا «فَمِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ» وَأَمَّا إِحْسَانُ الْآخَرِ فِي الْأَدَاءِ، فَهُوَ أَدَاءُ مَا لَزِمَهُ بِقَتْلِهِ لِوَلِيٍّ الْقَتِيلِ عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ وَأَوْجَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْخَسَهُ حَقًّا لَهُ قِبَلَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، أَوْ يُحْوِجَهُ إِلَى اقْتِضَاءٍ وَمُطَالَبَةٍ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَلَمْ يَقُلْ: فَاتِّبَاعًا بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ كَمَا قَالَ: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] قِيلَ: لَوْ كَانَ التَّنْزِيلُ جَاءَ بِالنَّصْبِ، وَكَانَ: فَاتِّبَاعًا بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ، كَانَ جَائِزًا فِي الْعَرَبِيَّةِ صَحِيحًا عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرْبًا ضَرْبًا،
٣ ‏/ ١١٠
وَإِذَا لَقِيتَ فُلَانًا فَتَبْجِيلًا، وَتَعْظِيمًا غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَ رَفْعًا وَهُوَ أَفْصَحُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ نَصْبِهِ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا كَانَ نَظِيرًا لَهُ مِمَّا يَكُونُ فَرْضًا عَامًا فِيمَنْ قَدْ فَعَلَ، وَفِيمَنْ لَمْ يَفْعَلْ إِذَا فَعَلَ، لَا نَدْبًا وَحَثًّا. وَرَفْعُهُ عَلَى مَعْنَى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَالْأَمْرُ فِيهِ اتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ، أَوْ: فَالْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ فِيهِ اتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: رُفِعَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ اتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ. وَهَذَا مَذْهَبِي، وَالْأَوَّلُ الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَإِنْ رَفَعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] فَإِنَّ الصَّوَابَ فِيهِ النَّصْبَ، وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْحَثِّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَادَهُ عَلَى الْقَتْلِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ كَمَا يُقَالُ: إِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ فَتَكْبِيرًا وَتَهْلِيلًا، عَلَى وَجْهِ الْحَضِّ عَلَى التَّكْبِيرِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِيجَابِ وَالْإِلْزَامِ
٣ ‏/ ١١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ: هَذَا الَّذِي حَكَمْتَ بِهِ وَسَنَنْتُهُ لَكُمْ مِنْ إِبَاحَتِي لَكُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْعَفْوَ عَنِ الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِ قَتِيلِكُمْ عَلَى دِيَةٍ تَأْخُذُونَهَا فَتَمْلِكُونَهَا مُلْكَكُمْ سَائِرَ أَمْوَالِكُمُ الَّتِي كُنْتُ مَنَعْتُهَا مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ﴿تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ: تَخْفِيفٌ مِنِّي لَكُمْ مِمَّا كُنْتُ ثَقَّلْتُهُ عَلَى ⦗١١٢⦘ غَيْرِكُمْ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةٌ مِنِّي لَكُمْ
٣ ‏/ ١١١
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ، فَقَالَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ [البقرة: ١٧٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ: خَفَّفَ عَنْكُمْ مَا كَانَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنْ يَطْلُبَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدَّى هَذَا بِإِحْسَانٍ»
٣ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يَقْتُلُونَ الْقَاتِلَ بِالْقَتِيلِ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمُ الدِّيَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ [البقرة: ١٧٨] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ: خَفَّفَ عَنْكُمْ وَكَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَكُنْ تُقْبَلْ، فَالَّذِي يَقْبَلُ الدِّيَةَ ذَلِكَ مِنْهُ عَفْوٌ»
٣ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] مِمَّا كَانَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَعْنِي مِنْ تَحْرِيمِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ»
٣ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «كَانَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قِصَاصٌ فِي الْقَتْلِ لَيْسَ بَيْنَهُمْ دِيَةٌ فِي نَفْسٍ، وَلَا جُرْحٍ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] الْآيَةَ كُلَّهَا. وَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَقَبِلَ مِنْهُمُ الدِّيَةَ فِي النَّفْسِ وَفِي الْجِرَاحَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٨] بَيْنَكُمْ»
٣ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلِهِ ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَإِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ رَحِمَ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ أَطْعَمَهُمُ الدِّيَةَ، وَأَحَلَّهَا لَهُمْ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُمْ. فَكَانَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ إِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ أَوِ الْعَفْوُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا أَرْشٌ. وَكَانَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ إِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ أُمِرُوا بِهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَوَدَ، وَالْعَفْوَ وَالدِّيَةَ إِنْ شَاءُوا أَحَلَّهَا لَهُمْ، وَلَمْ تَكُنْ لَأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ ” حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، بِمِثْلِهِ سَوَاءً، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ
٣ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ «لَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَبْلِنَا دِيَةٌ، إِنَّمَا ⦗١١٤⦘ هُوَ الْقَتْلُ أَوِ الْعَفْوُ إِلَى أَهْلِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَوْمٍ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ»
٣ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ، وَخُفِّفَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» وَتَلَا، عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْقِصَاصُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَاهُ: قِصَاصُ الدِّيَاتِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ عَلَى مَا قَالَهُ السُّدِّيُّ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلْتُ بِكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ قِصَاصِ دِيَاتِ قَتْلَى بَعْضُكُمْ بِدِيَاتِ بَعْضٍ وَتَرْكُ إِيجَابِ الْقَوَدِ عَلَى الْبَاقِينَ مِنْكُمْ بِقَتِيلِهِ الَّذِي قَتَلَهُ وَأَخْذِهِ بِدِيَتِهِ، تَخْفِيفٌ مِنِّي عَنْكُمْ ثِقَلٌ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ مِنْ حُكْمِي عَلَيْكُمْ بِالْقَوَدِ، أَوِ الدِّيَةِ وَرَحْمَةٌ مِنِّي لَكُمْ
٣ ‏/ ١١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَمَنْ تَجَاوَزَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ اعْتِدَاءً وَظُلْمًا إِلَى مَا لَمْ يُجْعَلْ لَهُ مِنْ قَتْلِ قَاتِلِ وَلِيِّهِ وَسَفْكِ دَمِهِ، فَلَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَتَعَدِّيهِ إِلَى مَا قَدْ حَرَّمْتُهُ عَلَيْهِ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى الِاعْتِدَاءِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. ⦗١١٥⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٣ ‏/ ١١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ” ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٧٨] فَقَتَلَ ﴿فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨]
٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدِ أَخْذِ الدِّيَةِ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ»
٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَقَتَلَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «لَا أُعَافِي رَجُلًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ»
٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ⦗١١٦⦘ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ «هُوَ الْقَتْلُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ، يَقُولُ: مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الدِّيَةُ»
٣ ‏/ ١١٥
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ «فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ»
٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَتَلَ قَتِيلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَرَّ إِلَى قَوْمِهِ، فَيَجِيءُ قَوْمُهُ فَيُصَالِحُونَ عَنْهُ بِالدِّيَةِ. قَالَ: فَيَخْرُجُ الْفَارُّ وَقَدِ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ: فَيُقْتَلُ ثُمَّ يُرْمَى إِلَيْهِ بِالدِّيَةِ، فَذَلِكَ الِاعْتِدَاءُ»
٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ «الْقَاتِلُ إِذَا طُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ، وَأُخِذَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ الدِّيَةُ، ثُمَّ أَمِنَ فَأُخِذَ فَقُتِلَ» قَالَ الْحَسَنُ: مَا أُكِلَ عُدْوَانٌ
٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمٌ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ قُلْتُ لِعِكْرِمَةَ، «مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ؟ قَالَ» إِذًا يُقْتَلُ، أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨]
٣ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٧٨] بَعْدَ مَا يَأْخُذُ الدِّيَةَ فَيَقْتُلُ ﴿فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨]»
٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنى أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٧٨] يَقُولُ «فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ ﴿فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨]»
٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ «أَخَذَ الْعَقْلَ، ثُمَّ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الْعَقْلِ قَاتِلَ قَتِيلَهُ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْعَذَابِ الْأَلِيمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ مِنْ قَاتِلِ وَلِيِّهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ الْعَذَابُ هُوَ الْقَتْلُ بِمَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ مِنْهُ وَعَفْوِهِ عَنِ الْقِصَاصِ مِنْهُ بِدَمِ وَلِيِّهِ
٣ ‏/ ١١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ «﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ: يُقْتَلُ، وَهُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ، يَقُولُ: الْعَذَابُ الْمُوجِعُ» حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ ⦗١١٨⦘ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ
٣ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ: الْقَتْلُ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ الْعَذَابُ عُقُوبَةٌ يُعَاقِبُهُ بِهَا السُّلْطَانُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ عُقُوبَتِهِ
٣ ‏/ ١١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنِ اللَّيْثِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْهُ، وَقَالَ: ثِقَةٌ «إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْجَبَ بِقَسَمٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ لَا يُعْفَى عَنْ رَجُلٍ عَفَا عَنِ الدَّمِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ ثُمَّ عَدَا فَقَتَلَ»
٣ ‏/ ١١٨
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فِي كِتَابٍ لِعُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «وَالِاعْتِدَاءُ» الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْخُذُ الْعَقْلَ، أَوْ يَقْتَصُّ، أَوْ يَقْضِي السُّلْطَانُ فِيمَا بَيْنَ الْجِرَاحِ، ثُمَّ يَعْتَدِيَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ حَقَّهُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اعْتَدَى، وَالْحُكْمُ فِيهِ إِلَى السُّلْطَانِ بِالَّذِي يَرَى فِيهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ. قَالَ: وَلَوْ عَفَا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ طَلِبَةِ الْحَقِّ أَنْ يَعْفُوَ، ⦗١١٩⦘ لِأَنَّ هَذَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ قَوْلَهُ: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ﴾ [النساء: ٥٩]
٣ ‏/ ١١٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي رَجُلٍ قَتَلَ فَأُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ، ثُمَّ إِنَّ وَلِيَّهُ قَتَلَ بِهِ الْقَاتِلَ، قَالَ الْحَسَنُ «تُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ الَّتِي أَخَذَ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ» وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ، فَقَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّهِ، فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا وَهُوَ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِكُلِّ وَلِيِّ قَتِيلٍ قَتَلَ ظُلْمًا سُلْطَانًا عَلَى قَاتِلِ وَلِيِّهِ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفُ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣] فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْجَمِيعُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ مَنَ قَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّهِ بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهُ وَأَخْذِهِ مِنْهُ دِيَةَ قَتِيلِهِ أَنَّهُ بِقَتْلِهِ إِيَّاهُ لَهُ ظَالِمٌ فِي قَتْلِهِ كَانَ بَيَّنَّا أَنْ لَا يُوَلِّيَ مَنْ قَتَلَهُ ظُلْمًا كَذَلِكَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فِي الْقِصَاصِ، وَالْعَفْوِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ ذَلِكَ عَذَابُهُ، لِأَنَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهُ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ عُقُوبَتَهُ مِنْ ذَنْبِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ مُتَّبَعًا فِي الْآخِرَةِ، عَلَى مَا قَدْ ثَبَتَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ⦗١٢٠⦘ وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَنَّ حُكْمَ مَنْ قَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّهِ بَعْدَ عَفْوَهُ عَنْهُ وَأَخْذِهِ دِيَةَ وَلِيِّهِ الْمَقْتُولَ إِلَى الْإِمَامِ دُونَ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَقَوْلٌ خِلَافٌ لَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِوَلِيِّ كُلِّ مَقْتُولٍ ظُلْمًا السُّلْطَانَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ قَتِيلًا دُونَ قَتِيلٍ، فَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَتِيلَ وَلِيِّ مَنْ قَتَلَهُ أَوْ غَيْرَهُ. وَمَنْ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ وَعُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فِيهِ، ثُمَّ لَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. ثُمَّ فِي إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى خِلَافِهِ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ مُكْتَفٍ فِي الِاسْتِشْهَادِ عَلَى فَسَادِهِ بِغَيْرِهِ
٣ ‏/ ١١٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾ [البقرة: ١٧٩]
٣ ‏/ ١٢٠
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩] وَلَكُمْ يَا أُولِي الْعُقُولُ فِيمَا فَرَضْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْجَبْتُ لِبَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنَ الْقِصَاصِ فِي النُّفُوسِ، وَالْجِرَاحِ، وَالشِّجَاجِ مَا مُنِعَ بِهِ بَعْضُكُمْ مِنْ قَتْلِ بَعْضٍ وَقَدَعَ بَعْضَكُمْ عَنْ بَعْضٍ فَحَيِيتُمْ بِذَلِكَ فَكَانَ لَكُمْ فِي حُكْمِي بَيْنَكُمْ بِذَلِكَ حَيَاةٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ
٣ ‏/ ١٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا ⦗١٢١⦘ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ: نَكَالٌ، تَنَاهَ»
٣ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ «﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ: نَكَالٌ، تَنَاهٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْقِصَاصَ حَيَاةً وَنَكَالًا وَعِظَةً لِأَهْلِ السَّفَهِ وَالْجَهْلِ مِنَ النَّاسِ. وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هَمَّ بِدَاهِيَةٍ لَوْلَا مَخَافَةُ الْقِصَاصِ لَوَقَعَ بِهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَجَزَ بِالْقِصَاصِ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ. وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِأَمْرٍ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ أَمْرُ صَلَاحٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا نَهَى اللَّهُ عَنْ أَمْرٍ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ أَمْرُ فَسَادٍ فِي الدُّنْيَا وَالدَّيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي يُصْلِحُ خَلْقَهُ “
٣ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةً، إِذَا ذَكَرَهُ الظَّالِمُ الْمُتَعَدِّي كَفَّ عَنِ الْقَتْلِ»
٣ ‏/ ١٢١
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] الْآيَةَ، يَقُولُ «جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْقِصَاصَ حَيَاةً ⦗١٢٢⦘ وَعِبْرَةً لَكُمْ، كَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هَمَّ بِدَاهِيَةٍ فَمَنَعَهُ مَخَافَةَ الْقِصَاصِ أَنْ يَقَعَ بِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَجَزَ عِبَادَهُ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالْقِصَاصِ»
٣ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلِهِ «﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ: نَكَالٌ، تَنَاهٍ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ. حَيَاةٌ: مَنَعَةٌ
٣ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ «حَيَاةٌ: بَقِيَّةٌ؛ إِذَا خَافَ هَذَا أَنْ يُقْتَلَ بِي كَفَّ عَنِّي، لَعَلَّهُ يَكُونُ عَدُوًّا لِي يُرِيدُ قَتْلِي، فَيَتَذَكَّرُ أَنْ يُقْتَلَ فِي الْقِصَاصِ، فَيَخْشَى أَنْ يُقْتَلَ بِي، فَيَكُفَّ بِالْقِصَاصِ الَّذِي خَافَ أَنْ يَقْتُلَ لَوْلَا ذَلِكَ قَتَلَ هَذَا»
٣ ‏/ ١٢٢
حُدِّثْتُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ: بَقَاءٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ مِنَ الْقَاتِلِ بَقَاءٌ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمَقْتُولِ غَيْرُ قَاتِلِهِ فِي حُكْمِ اللَّهِ. وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقْتُلُونَ بِالْأُنْثَى الذَّكَرَ، وَبِالْعَبْدِ الْحُرِّ.
٣ ‏/ ١٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗١٢٣⦘ السُّدِّيِّ، «﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] يَقُولُ: بَقَاءٌ، لَا يُقْتَلُ إِلَّا الْقَاتِلُ بِجِنَايَتِهِ»
٣ ‏/ ١٢٢
وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩] فَإِنَّهُ: يَا أُولِي الْعُقُولِ. وَالْأَلْبَابُ جَمْعُ اللُّبُّ، وَاللُّبُّ الْعَقْلُ. وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْخِطَابِ أَهْلَ الْعُقُولِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَيَتَدَبَّرُونَ آيَاتِهِ وَحُجَجَهُ دُونَ غَيْرِهِمْ
٣ ‏/ ١٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١] وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١] أَيْ تَتَّقُونَ الْقِصَاصَ فَتَنْتَهُونَ عَنِ الْقَتْلِ
٣ ‏/ ١٢٣
كَمَا حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٩] قَالَ: لَعَلَكَ تَتَّقِي أَنْ تَقْتُلَهُ فَتَقْتُلَ بِهِ»
٣ ‏/ ١٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠]
٣ ‏/ ١٢٣
يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٨] فُرِضَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْوَصِيَّةُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] وَالْخَيْرُ: الْمَالُ ﴿لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ، ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَهُوَ مَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَأَجَازَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِمَّا لَمْ يُجَاوِزِ الثُّلُثَ، وَلَمْ يَتَعَمَّدِ الْمُوصِي ظُلْمَ وَرَثَتِهِ ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] يَعْنِي بِذَلِكَ: فُرِضَ عَلَيْكُمْ هَذَا وَأَوْجَبَهُ، وَجَعَلَهُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَى مَنِ اتَّقَى اللَّهَ فَأَطَاعَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوْ فُرِضَ عَلَى الرَّجُلِ ذِي الْمَالِ أَنْ يُوصِيَ لِوَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ؟ قِيلَ: نَعَمْ.
٣ ‏/ ١٢٣
فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ هُوَ فَرَّطَ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يُوصِ لَهُمْ أَيَكُونُ مُضَيَّعًا فَرْضًا يُحْرَجُ بِتَضْيِيعِهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ. فَإِنْ قَالَ: وَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فَأَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ كَتَبَهُ عَلَيْنَا وَفَرَضَهُ، كَمَا قَالَ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَنَّ تَارِكَ الصِّيَامِ وَهُوَ عَلَيْهِ قَادِرٌ مُضَيِّعٍ بِتَرْكِهِ فَرْضًا لِلَّهِ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ هُوَ بِتَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِوَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ وَلَهُ مَا يُوصِي لَهُمْ فِيهِ، مُضَيِّعٌ فَرْضَ اللَّهِ عز وجل. فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ؟ قِيلَ لَهُ: وَخَالَفَهُمْ جَمَاعَةٌ غَيْرَهُمْ فَقَالُوا: هِيَ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ: وَإِذَا كَانَ فِي نَسْخِ ذَلِكَ تَنَازُعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَكُنْ لَنَا الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، إِذْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ اجْتِمَاعُ حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ وَحُكْمِ آيَةِ الْمَوَارِيثِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ عَلَى صِحَّةٍ بِغَيْرِ مُدَافَعَةِ حُكْمِ إِحْدَاهُمَا حُكْمَ الْأُخْرَى وَكَانَ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ هُمَا الْمَعْنَيَانِ اللَّذَانِ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ حُكْمُهُمَا عَلَى صِحَّةٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِنَفْيِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ. وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ
٣ ‏/ ١٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ لِذَوِي قَرَابَتِهِ فَقَدْ خَتَمَ عَمَلُهُ بِمَعْصِيَةٍ»
٣ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّهُ حَضَرَ رَجُلًا فَوَصَّى بِأَشْيَاءَ لَا تَنْبَغِي، فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَسَمَ بَيْنَكُمْ فَأَحْسِنِ الْقَسْمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْغَبُ بِرَأْيِهِ عَنْ رَأْيِ اللَّهِ يُضِلُّهُ، أَوْصِ لِذِي قَرَابَتِكَ مِمَّنْ لَا يَرِثُكَ، ثُمَّ دَعِ الْمَالَ عَلَى مَا قَسَمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ»
٣ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ «لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَلَا يُوصِي إِلَّا لِذِي قَرَابَةٍ، فَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَةٍ فَقَدْ عَمِلَ بِمَعْصِيَةٍ، إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ قَرَابَةٌ فَيُوصِي لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ»
٣ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ «الْعَجَبُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ وَأَوْصَى بِمَالِهِ لِبَنِي هَاشِمٍ»
٣ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ «لَمْ يَكُنْ ⦗١٢٦⦘ لَهُ حَالٌ وَلَا كَرَامَةٌ»
٣ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ، فِي الْوَصِيَّةِ «مَنْ سَمَّى جَعَلْنَاهَا حَيْثُ سَمَّى، وَمَنْ قَالَ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ جَعَلْنَاهَا فِي قَرَابَتِهِ»
٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي مِجْلَزٍ «الْوَصِيَّةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَاجِبَةٌ؟ قَالَ عَلَى مَنْ تَرَكَ خَيْرًا»
٣ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ «الْوَصِيَّةُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؟ قَالَ: هِيَ حَقٌّ عَلَى مَنْ تَرَكَ خَيْرًا» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَنْسَخِ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ حُكْمِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ آيَةٌ ظَاهِرُهَا ظَاهِرُ عُمُومٍ فِي كُلِّ وَالِدٍ وَوَالِدَةِ وَالْقَرِيبِ، وَالْمُرَادُ بِهَا فِي الْحُكْمِ الْبَعْضُ مِنْهُمْ دُونَ الْجَمِيعِ، وَهُوَ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْهُمُ الْمَيِّتَ دُونَ مَنْ يَرِثُ. ⦗١٢٧⦘ وَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ، وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ غَيْرِهِمْ مَعَهُمْ.
٣ ‏/ ١٢٦
ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، «فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَةٍ، وَلَهُ قَرَابَةٌ مُحْتَاجُونَ، قَالَ» يَرُدُّ ثُلُثَا الثُّلُثِ عَلَيْهِمْ، وَثُلُثُ الثُّلُثِ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ “
٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذٌ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى، أَنَّهُمْ قَالُوا «فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِغَيْرِ ذِي قَرَابَتِهِ وَلَهُ قَرَابَةٌ مِمَّنْ لَا يَرِثُهُ قَالَ» كَانُوا يَجْعَلُونَ ثُلُثَيِ الثُّلُثِ لِذَوِي الْقَرَابَةِ، وَثُلُثَ الثُّلُثِ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ “
٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «إِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِغَيْرِ ذِي قَرَابَتِهِ بِثُلُثِهِ فَلَهُمْ ثُلُثُ الثُّلُثِ، وَثُلُثَا الثُّلُثِ لِقَرَابَتِهِ»
٣ ‏/ ١٢٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ «مَنْ أَوْصَى لِقَوْمٍ وَسَمَّاهُمْ وَتَرَكَ ذَوِي قَرَابَتِهِ مُحْتَاجِينَ ⦗١٢٨⦘ انتُزِعَتْ مِنْهُمْ وَرُدَّتْ إِلَى ذَوِي قَرَابَتِهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ آيَةٌ قَدْ كَانَ الْحُكْمُ بِهَا وَاجِبًا وَعُمِلَ بِهِ بُرْهَةً ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ مِنْهَا بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ الْوَصِيَّةَ لِوَالِدَيِ الْمُوصِي وَأَقْرِبَائِهِ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ، وَأَقَرَّ فَرْضَ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَا يَرِثُهُ
٣ ‏/ ١٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ «﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فَجُعِلَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجُعِلَ لَهُمَا نَصِيبٌ مَفْرُوضٌ، فَصَارَتِ الْوَصِيَّةُ لِذَوِي الْقَرَابَةِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ، وَجُعِلَ لِلْوَالِدَيْنِ نَصِيبٌ مَعْلُومٌ، وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ»
٣ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ «نُسِخَ الْوَالِدَانِ مِنْهَا، وَتُرِكَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّنْ لَا يَرِثُ»
٣ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠]⦗١٢٩⦘ قَالَ «نَسَخَ مَنْ يَرِثُ وَلَمْ يَنْسَخِ الْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ»
٣ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ «كَانَتِ الْوَصِيَّةُ قَبْلَ الْمِيرَاثِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمِيرَاثُ نَسَخَ الْمِيرَاثُ مَنْ يَرِثُ وَبَقِيَ مَنْ لَا يَرِثُ، فَمَنْ أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ لَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُ»
٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ «نَسَخَ الْوَالِدَيْنِ، وَأَثْبَتَ الْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ يُحْرَمُونَ فَلَا يَرِثُونَ»
٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ «﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ: لِلْوَالِدَيْنِ مَنْسُوخَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ»
٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فَكَانَ لَا يَرِثُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرُهُمْ إِلَّا وَصِيَّةً إِنْ كَانَتْ لِلْأَقْرَبِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ⦗١٣٠⦘ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء: ١١] فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِيرَاثَ الْوَالِدَيْنِ، وَأَقَرَّ وَصِيَّةَ الْأَقْرَبِينَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ»
٣ ‏/ ١٢٩
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فَنَسَخَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَأَثْبَتَ الْوَصِيَّةَ لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ»
٣ ‏/ ١٣٠
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ «كَانَ هَذَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ سُورَةُ النِّسَاءِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ نَسَخَ شَأْنَ الْوَالِدَيْنِ، فَأَلْحَقَهُمَا بِأَهْلِ الْمِيرَاثِ وَصَارَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْقَرَابَةِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ»
٣ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ، وَالْعَلَاءَ بْنَ زِيَادٍ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، تبارك وتعالى «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَا: فِي الْقَرَابَةِ»
٣ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ «فِي الْقَرَابَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَفَرَضَ الْفَرَائِضَ وَالْمَوَارِيثَ فَلَا وَصِيَّةَ تَجِبُ ⦗١٣١⦘ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ قَرِيبٍ وَلَا بَعِيدٍ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
٣ ‏/ ١٣٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] الْآيَةَ، قَالَ: فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَفَرَضَ الْفَرَائِضَ»
٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ هَاهُنَا، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الْبَقَرَةِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مِنْهَا، فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ: نُسِخَتْ هَذِهِ»
٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] نَسَخَتِ الْفَرَائِضُ الَّتِي لِلْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينَ الْوَصِيَّةَ»
٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ جَهْضَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ: نَسَخَتْهَا آيَةُ ⦗١٣٢⦘ الْمِيرَاثِ» قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَسَأَلْتُ جَهْضَمًا عَنْهُ فَلَمْ يَحْفَظْهُ
٣ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَا «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ»
٣ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: زَعَمَ قَتَادَةُ، عَنْ شُرَيْحٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ يُوصِي بِمَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ»
٣ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: زَعَمَ قَتَادَةُ «أَنَّهُ نُسِخَتْ آيَتَا الْمَوَارِيثِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي شَأْنِ الْوَصِيَّةِ»
٣ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ «كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْوَلَدِ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينِ، وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ»
٣ ‏/ ١٣٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ «كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْوَلَدِ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١]»
٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] «أَمَا الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ فَيَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَ النَّاسُ لَيْسَ لَهُمْ مِيرَاثٌ مَعْلُومٌ، إِنَّمَا يُوصِي الرَّجُلُ لِوَالِدِهِ وَلِأَهْلِهِ فَيَقْسِمُ بَيْنَهُمْ حَتَّى نَسَخَتْهَا النِّسَاءُ فَقَالَ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١]»
٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، لَمْ يُوصِ وَقَالَ «أَمَّا مَالِي فَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ، وَأَمَّا رِبَاعِي فَمَا أُحِبُّ أَنْ يُشْرِكَ وَلَدِي فِيهَا أَحَدٌ»
٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ نَسِيرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ يَعْنِي ابْنَ ثَابِتٍ، لِرَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ أَوْصِ لِي بِمُصْحَفِكَ قَالَ «فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ فَقَالَ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦]»
٣ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ «ذَكَرْنَا لَهُ أَنَّ زَيْدًا، وَطَلْحَةَ كَانَا يُشَدِّدَانِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَقَالَ» مَا كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْعَلَا، مَاتَ النَّبِيُّ ﷺ وَلَمْ يُوصِ، وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ، أَيُّ ذَلِكَ فَعَلْتَ فَحَسَنٌ ” حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَهُ طَلْحَةُ، وَزَيْدٌ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَمَّا الْخَيْرُ الَّذِي إِذَا تَرَكَهُ تَارِكٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ لِوَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ فَهُوَ الْمَالُ
٣ ‏/ ١٣٤
كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] يَعْنِي مَالًا»
٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] مَالًا»
٣ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] كَانَ يَقُولُ «الْخَيْرُ: فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ الْمَالُ ﴿لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: ٨] الْخَيْرُ: الْمَالُ وَ﴿أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾ [ص: ٣٢] الْمَالُ ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] الْمَالُ ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠] الْمَالُ»
٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةَ﴾ [البقرة: ١٨٠] أَيْ مَالًا»
٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠] أَمَّا خَيْرًا: فَالْمَالُ»
٣ ‏/ ١٣٥
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ: إِنْ تَرَكَ مَالًا»
٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ «الْخَيْرُ: الْمَالُ»
٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ: الْمَالُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ ⦗١٣٦⦘ يَقُولُ: قَالَ شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ: ﴿إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾ [هود: ٨٤] يَعْنِي الْغَنِيَّ»
٣ ‏/ ١٣٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْيَافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ عَطَاءٌ «الْخَيْرُ فِيمَا يُرَى: الْمَالُ» ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ الْمَالِ الَّذِي إِذَا تَرَكَهُ الرَّجُلُ كَانَ مِمَّنْ لَزِمَهُ حُكْمُ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ
٣ ‏/ ١٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ «الْخَيْرُ: أَلْفٌ فَمَا فَوْقَهُ»
٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، «دَخَلَ عَلَى ابْنِ عَمٍّ لَهُ يَعُودُهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أنْ أُوصِيَ، فَقَالَ عَلِيٌّ» لَا تُوصِ فَإِنَّكَ لَمْ تَتْرُكْ خَيْرًا فَتُوصِيَ قَالَ: وَكَانَ تَرَكَ مِنَ السَّبْعِمِائَةِ إِلَى تِسْعِمِائَةٍ “
٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِزَامِيُّ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي ⦗١٣٧⦘ طَالِبٍ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مَرِيضٍ، فَذَكَرَ لَهُ الْوَصِيَّةَ، فَقَالَ» لَا تُوصِ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] وَأَنْتَ لَمْ تَتْرُكْ خَيْرًا ” قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ فِيهِ: فَدَعْ مَالَكَ لِبَنِيكَ
٣ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُيَيْنَةَ أَوْ عُتْبَةَ، الشَّكُّ مِنِّي «أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ وَلَهُ وَلَدٌ كَثِيرٌ، وَتَرَكَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ، مَا أَرَى فِيهِ فَضْلًا»
٣ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى مَوْلًى لَهُمْ فِي الْمَوْتِ وَلَهُ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: أَلَا أُوصِي؟ فَقَالَ «لَا، إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] وَلَيْسَ لَكَ كَثِيرُ مَالٍ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مَا بَيْنَ الْخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَى الْأَلْفِ
٣ ‏/ ١٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فِي قَوْلِهِ «﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ إِلَى خَمْسِمِائَةٍ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةٌ مِنْ قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ
٣ ‏/ ١٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ «جَعَلَ اللَّهُ الْوَصِيَّةَ حَقَّا مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ» وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠] مَا قَالَ الزُّهْرِيُّ؛ لِأَنَّ قَلِيلَ الْمَالِ، وَكَثِيرَهُ يَقَعُ عَلَيْهِ خَيْرٌ، وَلَمْ يَحُدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِحَدٍّ وَلَا خَصَّ مِنْهُ شَيْئًا فَيَجُوزُ أَنْ يُحَالَ ظَاهِرٌ إِلَى بَاطِنٍ، فَكُلُّ مَنْ حَضَرَتْهُ مَنِيَّتُهُ وَعِنْدَهُ مَالٌ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ مِنْهُ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأَقْرِبَائِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ بِمَعْرُوفٍ، كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَأَمَرَ بِهِ
٣ ‏/ ١٣٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
٣ ‏/ ١٣٨
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: فَمَنْ غَيَّرَ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي مِنْ وَصِيَّتِهِ بِالْمَعْرُوفِ لِوَالِدَيْهِ أَوِ أَقْرَبِيهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّمَا إِثْمُ التَّبْدِيلِ عَلَى مَنْ بَدَّلَ وَصِيَّتَهُ فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَعَلَامَ عَادَتِ الْهَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ [البقرة: ١٨١] قِيلَ: عَلَى مَحْذُوفٍ مِنَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ، وَذَلِكَ هُوَ أَمْرُ الْمَيِّتِ وَإِيصَاؤُهُ إِلَى مَنْ أَوْصَى إِلَيْهِ بِمَا أَوْصَى بِهِ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فَأَوْصُوا لَهُمْ فَمَنْ بَدَّلَ مَا أَوْصَيْتُمْ بِهِ لَهُمْ بَعْدَ مَا سَمِعَكُمْ تُوصُونَ لَهُمْ، فَإِنَّمَا إِثْمُ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَكُمْ. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ [البقرة: ١٨١] عَائِدَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ مِنَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠] مِنْ قَوْلِ اللَّهِ، وَإِنَّ تَبْدِيلَ الْمُبْدِلِ إِنَّمَا يَكُونُ لَوَصِيَّةِ الْمُوصِي، فَأَمَّا أَمْرُ اللَّهِ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يَقْدِرُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ أَنْ يُبَدِّلَهُ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ [البقرة: ١٨١] عَائِدَةٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَأَمَّا الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾ فَعَائِدَةٌ عَلَى الْهَاءِ الْأُولَى فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ [البقرة: ١٨١] وَأَمَّا الْهَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ﴾ [البقرة: ١٨١] فَإِنَّهَا مَكْنِيُّ التَّبْدِيلِ كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّمَا إِثْمُ مَا بَدَّلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٣ ‏/ ١٣٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ⦗١٤٠⦘ نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾، قَالَ: الْوَصِيَّةُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٣٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ وَقَدْ وَقَعَ أَجْرُ الْمُوصِي عَلَى اللَّهِ وَبَرِئَ مِنْ إِثْمِهِ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى فِي ضِرَارٍ لَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ [النساء: ١٢]»
٣ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾ قَالَ «مَنْ بَدَّلَ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَا سَمِعَهَا فَإِثْمُ مَا بَدَّلَ عَلَيْهِ»
٣ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا، إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ فَمَنْ بَدَّلَ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أَوْصَى بِهَا وَكَانَتْ بِمَعْرُوفٍ، فَإِنَّمَا إِثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا أَنَّهُ قَدْ ظَلَمَ»
٣ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ فِي قَوْلِهِ ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ ⦗١٤١⦘ يُبَدِّلُونَهُ﴾ قَالَ: يَمْضِي كَمَا قَالَ “
٣ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ، «﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾، قَالَ: مَنْ بَدَّلَ وَصِيَّةً بَعْدَ مَا سَمِعَهَا»
٣ ‏/ ١٤١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ قَالَ «هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ مَنْ بَدَّلَهَا مِنْ بَعْدِ مَا سَمِعَهَا، فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ بَدَّلَهُ»
٣ ‏/ ١٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا «تَمْضِي الْوَصِيَّةُ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ» إِلَى هَاهُنَا انْتَهَى حَدِيثُ ابْنِ الْمُثَنَّى وَزَادَ ابْنُ بَشَّارٍ، فِي حَدِيثِهِ قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ «أَعْجَبُ إِلَيَّ لَوْ أَوْصَى لِذَوِي قَرَابَتِهِ، وَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ نَنْزِعَهُ مِمَّنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ. قَالَ قَتَادَةُ، وَأَعْجَبَهُ إِلَيَّ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾»
٣ ‏/ ١٤١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٨١] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ لِوِصِيَّتِكُمُ الَّتِي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُوصُوا بِهَا لِآبَائِكُمْ وَأُمَّهَاتِكُمْ وَأَقْرِبَائِكُمْ حِينَ تُوصُونَ بِهَا، أَتَعْدِلُونَ فِيهَا عَلَى مَا أَذِنْتُ لَكُمْ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَمْ تَحِيفُونَ فَتَمِيلُونَ عَنِ الْحَقِّ وَتَجُورُونَ عَنِ الْقَصْدِ؛ عَلِيمٌ بِمَا تُخْفِيهِ صُدُورُكُمْ مِنَ الْمَيلِ إِلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، أَمِ الْجَوْرِ وَالْحَيْفِ
٣ ‏/ ١٤١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحْ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٨٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهَا: فَمَنْ حَضَرَ مَرِيضًا وَهُوَ يُوصِي عِنْدَ إِشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ، فَخَافَ أَنْ يُخْطِئَ فِي وَصِيَّتِهِ فَيَفْعَلُ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ أنْ يَعْمِدَ جَوْرًا فِيهَا فَيَأْمُرَ بِمَا لَيْسَ لَهُ الْأَمْرُ بِهِ، فَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَتِهِ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْعَدْلِ فِي وَصِيَّتِهِ، وَأَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ مَنْعِهِ مِمَّا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ وَأَبَاحَهُ لَهُ
٣ ‏/ ١٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] فَأَصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ قَالَ: هَذَا حِينَ يَحْضُرُ الرَّجُلَ وَهُوَ يَمُوتُ، فَإِذَا أَسْرَفَ أَمَرُوهُ بِالْعَدْلِ، وَإِذَا قَصَّرَ قَالُوا افْعَلْ كَذَا، أَعْطِ فُلَانًا كَذَا “
٣ ‏/ ١٤٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «هَذَا حِينَ يَحْضُرُ الرَّجُلُ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَإِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ أَمَرُوهُ بِالْعَدْلِ، وَإِذَا قَصَّرَ عَنْ حَقٍّ قَالُوا: افْعَلْ كَذَا، أَعْطِ فُلَانًا كَذَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ خَافَ مِنْ أَوْصِيَاءِ مَيِّتٍ أَوْ وَالِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا فِي وَصِيَّتِهِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ، فَأَصْلَحَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَبَيْنَ ⦗١٤٣⦘ الْمُوصِي لَهُمْ بِمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ، فَرَدَّ الْوَصِيَّةَ إِلَى الْعَدْلِ وَالْحَقِّ؛ فَلَا حَرَجَ وَلَا إِثْمَ.
٣ ‏/ ١٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، كَاتَبُ اللَّيْثِ، ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] يَعْنِي إِثْمًا يَقُولُ «إِذَا أَخْطَأَ الْمَيِّتُ فِي وَصِيَّتِهِ، أَوْ خَافَ فِيهَا، فَلَيْسَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ حَرَجٌ أَنْ يَرُدُّوا خَطَأَهُ إِلَى الصَّوَابِ»
٣ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «هُوَ الرَّجُلُ يُوصِي فُيَحِيفُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيَرَدُّهَا الْوَلِيُّ إِلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ»
٣ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] وَكَانَ قَتَادَةُ، يَقُولُ «مَنْ أَوْصَى بِجَوْرٍ، أَوْ حَيْفٍ فِي وَصِيَّتِهِ فَرَدَّهَا وَلِيُّ الْمُتَوَفَّى أَوْ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِلَى الْعَدْلِ، فَذَاكَ لَهُ»
٣ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] «فَمَنْ ⦗١٤٤⦘ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بِجَوْرٍ فَرَدَّهُ الْوَصِيُّ إِلَى الْحَقِّ بَعْدَ مَوْتِهِ ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣]» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَدِيثِهِ: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة: ١٨٢] يَقُولُ: رَدَّهُ الْوَصِيُّ إِلَى الْحَقِّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
٣ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ: رَدَّهُ إِلَى الْحَقِّ “
٣ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ «سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، قَالَ: ارْدُدْهَا، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢]»
٣ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤِ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ: رَدَّهُ الْوَصِيُّ إِلَى الْحَقِّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا إِثْمَ عَلَى الْوَصِيِّ ” وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] فِي عَطِيَّتِهِ عِنْدَ حُضُورِ أَجَلِهِ بَعْضُ وَرَثَتِهِ دُونَ بَعْضٍ، فَلَا إِثْمَ عَلَى مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، يَعْنِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ
٣ ‏/ ١٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ⦗١٤٥⦘ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «الرَّجُلُ يَحِيفُ، أَوْ يَأْثَمُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَيُعْطِي وَرَثَتَهُ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، يَقُولُ اللَّهُ: فَلَا إِثْمَ عَلَى الْمُصْلِحِ بَيْنَهُمْ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ، أَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ وَارِثَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، إِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ؟ قَالَ: ذَلِكَ فِيمَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فِي وَصِيَّتِهِ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ بِمَا يَرْجِعُ نَفْعُهُ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ فَأَصْلَحَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
٣ ‏/ ١٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «جَنَفُهُ، وَإِثْمُهُ: أَنْ يُوصِيَ الرَّجُلُ لِبَنِي ابْنِهِ لِيَكُونَ الْمَالُ لِأَبِيهِمْ، وَتُوصِي الْمَرْأَةُ لِزَوْجِ ابْنَتِهَا لِيَكُونَ الْمَالُ لِابْنَتِهَا، وَذُو الْوَارِثِ الْكَثِيرَ وَالْمَالُ قَلِيلٌ فَيُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ كُلِّهِ فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمُ الْمُوصَى إِلَيْهِ أَوِ الْأَمِيرُ. قُلْتُ: أَفِي حَيَاتِهِ، أَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ قَالَ: مَا سَمِعْنَا أَحَدًا يَقُولُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنَّهُ لَيُوعَظُ عِنْدَ ذَلِكَ»
٣ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يُوصِي لِوَلَدِ ابْنَتِهِ» ⦗١٤٦⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ لِآبَائِهِ وَأَقْرِبَائِهِ جَنَفًا عَلَى بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَأَصْلَحَ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَقْرِبَاءِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
٣ ‏/ ١٤٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢] «أَمَا جَنَفًا: فَخَطَأٌ فِي وَصِيَّتِهِ؛ وَأَمَّا إِثْمًا: فَعَمْدًا يَعْمَدُ فِي وَصِيَّتِهِ الظُّلْمَ، فَإِنَّ هَذَا أَعْظَمُ لِأَجْرِهِ أَنْ لَا يُنْفِذَهَا، وَلَكِنْ يَصْلُحُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا يَرَى أَنَّهُ الْحَقُّ يَنْقُصُ بَعْضًا وَيَزِيدُ بَعْضًا. قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ»
٣ ‏/ ١٤٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «الْجَنَفُ: أَنْ يَحِيفَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالْإِثْمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَثِمَ فِي أَبَوَيْهِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمُ الْمُوصَى إِلَيْهِ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ الِابْنُ، وَالْبَنُونَ هُمُ الْأَقْرَبُونَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، فَهَذَا الْمُوصَى الَّذِي أُوصِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَجُعِلَ إِلَيْهِ فَرَأَى هَذَا قَدِ أَجْنَفَ لِهَذَا عَلَى هَذَا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، فَعَجَزَ الْمُوصَى أَنْ يُوصِيَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَجَزَ الْمُوصَى إِلَيْهِ أَنْ يُصْلِحَ فَانْتَزَعَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَفَرَضَ الْفَرَائِضَ»
٣ ‏/ ١٤٦
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ، أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهَا: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا، أَوْ إِثْمًا وَهُوَ أَنْ يَمِيلَ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ خَطَأً مِنْهُ أَوْ يَتَعَمَّدُ إِثْمًا فِي وَصِيَّتِهِ بِأَنْ يُوصِيَ لِوَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لَهُمْ بِهِ مِنْ مَالِهِ، وَغَيْرِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِهِ مِمَّا جَاوَزَ الثُّلُثَ، أَوْ بِالثُّلُثِ كُلِّهِ وَفِي الْمَالِ قِلَّةٌ، وَفِي الْوَرَثَةِ كَثْرَةٌ، فَلَا بَأْسَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَيْ يُصْلِحَ بَيْنَ الَّذِينَ يُوصَى لَهُمْ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ، بِأَنْ يَأْمُرَ الْمَيِّتَ فِي ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُعَرِّفَهُ مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَأْذِنَ لَهُ فِيهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ فِي مَالِهِ، وَيَنْهَاهُ أَنْ يُجَاوِزَ فِي وَصِيَّتِهِ الْمَعْرُوفَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٨٠] وَذَلِكَ هُوَ الْإِصْلَاحُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢] وَكَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَكَثْرَةٌ، وَفِي الْوَرَثَةِ قِلَّةٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْصُرَ فِي وَصِيَّتِهِ لِوَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ عَنْ ثُلُثِهِ، فَأَصْلَحَ مَنْ حَضَرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَتِهِ وَبَيْنَ وَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ الَّذِينَ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ لَهُمْ بِأَنْ يَأْمُرَ الْمَرِيضَ أَنْ يَزِيدَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمْ، وَيَبْلُغَ بِهَا مَا رَخَّصَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الثُّلُثِ، فَذَلِكَ أَيْضًا هُوَ مِنَ الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] يَعْنِي بِذَلِكَ: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ أَنْ يَجْنِفَ أَوْ يَأْثَمَ. فَخَوْفُ الْجَنَفِ، وَالْإِثْمِ مِنَ الْمُوصِي إِنَّمَا هُوَ كَائِنٌ قَبْلَ وقُوعِ الْجَنَفِ، وَالْإِثْمِ، فَأَمَّا بَعْدَ وُجُودِهِ مِنْهُ فَلَا وَجْهَ لِلْخَوْفِ مِنْهُ بِأَنْ يَجْنِفَ، أَوْ يَأْثَمَ، بَلْ تِلْكَ حَالُ مَنْ قَدْ جَنِفَ أَوْ أَثِمَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ قِيلَ: فَمَنْ تَبَيَّنَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا، أَوْ إِثْمًا، أَوْ أَيْقَنَ أَوْ عَلِمَ
٣ ‏/ ١٤٧
وَلَمْ يَقُلْ فَمَنْ خَافَ مِنْهُ جَنَفًا. فَإِنْ أَشْكَلَ مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَقَالَ: فَمَا وَجْهُ الْإِصْلَاحِ حِينَئِذٍ، وَالْإِصْلَاحُ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الشَّيْءِ؟ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَعَانِي الْإِصْلَاحِ، فَمَنِ الْإِصْلَاحِ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا كَانَ مَخُوفًا حُدُوثُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ بِمَا يُؤْمَنُ مَعَهُ حُدُوثُ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ إِنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيِّنِ، فَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيِّنِ قَبْلَ وقُوعِ الِاخْتِلَافِ أَوْ بَعْدَ وُقُوعِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ قِيلَ: فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَجْرِ لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْمُخْتَلِفِينَ أَوِ الْمَخُوفُ اخْتِلَافُهُمْ ذِكْرٌ؟ قِيلَ: بَلْ قَدْ جَرَى ذِكْرُ اللَّهِ الَّذِينَ أَمَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْوَصِيَّةِ لَهُمْ، وَهُمْ وَالِدَا الْمُوصِي وَأَقْرَبُوهُ وَالَّذِينَ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٨٠] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ﴾ [البقرة: ١٨٢] لِمَنْ أَمَرْتُهُ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ ﴿جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة: ١٨٢] وَبَيْنَ مَنْ أَمَرْتُهُ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ، ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣] وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ هُوَ إِصْلَاحٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمُوصِي. وَقَدْ قُرِئَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ﴾ [البقرة: ١٨٢] بِالتَّخْفِيفِ فِي الصَّادِ وَالتَّسْكِينِ فِي الْوَاوِ وَبِتَحْرِيكِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ،
٣ ‏/ ١٤٨
فَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَسْكِينِ الْوَاوِ، فَإِنَّمَا قَرَأَهُ بِلُغَةِ مَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ فُلَانًا بِكَذَا. وَمَنْ قَرَأَ بِتَحْرِيكِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ قَرَأَهُ بِلُغَةِ مَنْ يَقُولُ: وَصَيْتُ فُلَانًا بِكَذَا، وَهُمَا لُغَتَانِ لِلْعَرَبِ مَشْهُورَتَانِ وَصِيَّتُكَ وَأَوْصَيْتُكَ. وَأَمَّا الْجَنَفُ فَهُوَ الْجَوْرُ، وَالْعُدُولُ عَنِ الْحَقِّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]

هُمُ الْمَوْلَى وَإِنْ جَنَفُوا عَلَيْنَا … وَإِنَّا مِنْ لِقَائِهِمُ لَزُورُ
يُقَالُ مِنْهُ: جَنَفَ الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ يَجْنِفُ: إِذَا مَالَ عَلَيْهِ وَجَارَ جَنَفًا. فَمَعْنَى الْكَلَامِ: مَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا لَهُ بِمَوْضِعِ الْوَصِيَّةِ، وَمَيْلًا عَنِ الصَّوَابِ فِيهَا، وَجَوْرًا عَنِ الْقَصْدِ أوْ إِثْمًا بِتَعَمُّدِهِ ذَلِكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِخَطَأِ مَا يَأْتِي مِنْ ذَلِكَ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ.

٣ ‏/ ١٤٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] يَعْنِي بِالْجَنَفِ: الْخَطَأُ»
٣ ‏/ ١٤٩
حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، «﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ: مَيْلًا» حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ «الْجَنَفُ: الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: ثنا الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] أَوْ إِثْمًا «أَمَّا جَنَفًا: فَخَطَأٌ فِي وَصِيَّتِهِ، وَأَمَّا إِثْمًا: فَعَمْدٌ، يَعْمِدُ فِي وَصِيَّتِهِ الظُّلْمَ»
٣ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «جَنَفًا إِثْمًا»
٣ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «الْجَنَفُ: الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ» حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤِ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ «الْجَنَفُ: الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ»
٣ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، «﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ: خَطَأٌ، أَوْ إِثْمًا مُتَعَمِّدًا»
٣ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، «﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] قَالَ: مَيْلًا»
٣ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢] حَيْفًا، وَالْإِثْمُ: مَيْلُهُ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ، وَكُلُّهُ يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَفُوًّا غَفُورًا، وَغَفُورًا رَحِيمًا»
٣ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، «الْجَنَفُ: الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ»
٣ ‏/ ١٥١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ «الْجَنَفُ: الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ الْعَمْدُ»
٣ ‏/ ١٥٢
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِلْمُوصِي فِيمَا كَانَ حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَنَفُ، وَالْإِثْمِ، إِذَا تَرَكَ أَنْ يَأْثَمَ، وَيَجْنَفَ فِي وَصِيَّتِهِ، فَتَجَاوَزَ لَهُ عَمَّا كَانَ حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَوْرِ، إِذْ لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ فَيَغْفُلَ أَنْ يُؤَاخِذَهُ بِهِ، رَحِيمٌ بِالْمُصْلِحِ بَيْنَ الْمُوصِي وَبَيْنَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحِيفَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ أَوْ يَأْثَمَ فِيهِ لَهُ
٣ ‏/ ١٥٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣]
٣ ‏/ ١٥٢
يَعْنِي اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٠٤] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَصَدَّقُوا بِهِمَا وَأَقَرُّوا. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] فُرِضَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ، وَالصِّيَامُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: صُمْتُ عَنْ كَذَا وَكَذَا، يَعْنِي كَفَفْتُ عَنْهُ، أَصُومُ عَنْهُ صَوْمًا وَصِيَامًا، وَمَعْنَى الصِّيَامِ: الْكَفُّ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْكَفِّ عَنْهُ؛ وَمَنْ ذَلِكَ قِيلَ: صَامَتِ الْخَيْلُ إِذَا كَفَّتْ عَنِ السَّيْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر البسيط] خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ … تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
⦗١٥٣⦘ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ [مريم: ٢٦] يَعْنِي صِمْتًا عَنِ الْكَلَامِ
٣ ‏/ ١٥٢
وَقَوْلُهُ ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] يَعْنِي: فُرِضَ عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي فُرِضَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] وَفِي الْمَعْنَى الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّشْبِيهُ بَيْنَ فَرْضِ صَوْمِنَا، وَصَوْمِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الَّذِينَ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَنِ الصَّوْمِ الَّذِي فَرَضَهُ عَلَيْنَا أَنَّهُ كَمَثَلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمْ هُمُ النَّصَارَى، وَقَالُوا: التَّشْبِيهُ الَّذِي شُبِّهِ مِنْ أَجْلِهِ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ هُوَ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْوَقْتِ وَالْمِقْدَارِ الَّذِي هُوَ لَازِمٌ لَنَا الْيَوْمَ فَرْضُهُ
٣ ‏/ ١٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الطَّنَافِسِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ «لَوْ صُمْتُ السَّنَةَ كُلَّهَا لَأَفْطَرْتُ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَيُقَالُ مِنْ شَعْبَانَ وَيُقَالُ مِنْ رَمَضَانَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّصَارَى فُرِضَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضَانَ كَمَا فُرِضَ عَلَيْنَا فَحَوَّلُوهُ إِلَى الْفَصْلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا رُبَّمَا صَامُوُهُ فِي الْقَيْظِ يَعْدُونَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ قَرْنٌ فَأَخَذُوا بِالثِّقَةِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَصَامُوا قَبْلَ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهَا يَوْمًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْآخَرُ يَسْتَنُّ سُنَّةَ الْقَرْنِ الَّذِي قَبْلَهُ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣]»
٣ ‏/ ١٥٣
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ التَّشْبِيهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ صَوْمَهُمْ كَانَ مِنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَذَلِكَ كَانَ فَرْضُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ. وَوَافَقَ قَائِلُو هَذَا الْقَوْلِ الْقَائِلِي الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَنَّ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] النَّصَارَى
٣ ‏/ ١٥٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] «أَمَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا فَالنَّصَارَى، كُتِبَ عَلَيْهِمْ رَمَضَانُ، وَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَأْكُلُوا وَلَا يَشْرَبُوا بَعْدَ النَّوْمِ، وَلَا يَنْكِحُوا النِّسَاءَ شَهْرَ رَمَضَانَ. فَاشْتَدَّ عَلَى النَّصَارَى صِيَامُ رَمَضَانَ، وَجَعَلَ يُقَلِّبُ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ؛ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اجْتَمَعُوا فَجَعَلُوا صِيَامًا فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ، وَقَالُوا: نَزِيدُ عِشْرِينَ يَوْمًا نُكَفِّرُ بِهَا مَا صَنَعْنَا. فَجَعَلُوا صِيَامَهُمْ خَمْسِينَ، فَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ يَصْنَعُونَ كَمَا تَصْنَعُ النَّصَارَى، حَتَّى كَانَ مَنْ أَمْرِ أَبِي قَيْسِ بْنُ صِرْمَةَ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا كَانَ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْجِمَاعَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ»
٣ ‏/ ١٥٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] قَالَ «كُتِبَ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ مِنَ الْعَتَمَةِ إِلَى الْعَتَمَةِ» ⦗١٥٥⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] أَهْلُ الْكِتَابِ
٣ ‏/ ١٥٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] أَهْلُ الْكِتَابِ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ ذَلِكَ كَانَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ
٣ ‏/ ١٥٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] قَالَ «كُتِبَ شَهْرُ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلَهُمْ. قَالَ: وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»
٣ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ «﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] رَمَضَانُ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ» وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فُرِضَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا فُرِضَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَيَّامًا ⦗١٥٦⦘ مَعْدُودَاتٍ، وَهِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مَنْ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ ﷺ كَانَ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ إِبْرَاهِيمَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَانَ جَعَلَهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا، وَقَدِ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عز وجل أَنَّ دِينَهُ كَانَ الْحَنِيفِيَّةَ الْمُسْلِمَةَ، فَأَمَرَ نَبِيِّنَا ﷺ بِمِثْلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَأَمَّا التَّشْبِيهُ فَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْوَقْتِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إِنَّمَا كَانَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضَانَ مِثْلَ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْنَا سَوَاءً
٣ ‏/ ١٥٥
وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: لِتَتَّقُوا أَكْلَ الطَّعَامِ وَشُرْبَ الشَّرَابِ وَجِمَاعَ النِّسَاءِ فِيهِ، يَقُولُ: فَرَضْتُ عَلَيْكُمُ الصَّوْمَ وَالْكَفَّ عَمَّا تَكُونُونَ بِتَرْكِ الْكَفِّ عَنْهُ مُفْطِرِينَ لِتَتَّقُوا مَا يُفْطِرُكُمْ فِي وَقْتِ صَوْمِكُمْ. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
٣ ‏/ ١٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، أَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٩] يَقُولُ «فَتَتَّقُونَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالشُّرْبِ، وَالنِّسَاءِ مِثْلَ مَا اتَّقُوا، يَعْنِي مِثْلَ الَّذِي اتَّقَى النَّصَارَى قَبْلَكُمْ»
٣ ‏/ ١٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنكُمْ مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الصِّيَامُ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ. وَنَصَبَ «أَيَّامًا» بِمُضْمَرٍ مِنَ الْفِعْلِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
٣ ‏/ ١٥٦
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنْ تَصُومُوا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ، كَمَا يُقَالُ: أَعْجَبَنِي الضَّرْبُ زَيْدًا وَقَوْلُهُ: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] مِنَ الصِّيَامِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الَّذِي هُوَ مِثْلُ الَّذِي كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنْ تَصُومُوا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَا عَنَى اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْلِهِ: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ: صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي فُرِضَ عَلَى النَّاسِ مِنَ الصِّيَامِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضَانَ
٣ ‏/ ١٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ «كَانَ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَمْ يُسَمِّ الشَّهْرَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ، قَالَ: وَكَانَ هَذَا صِيَامَ النَّاسِ قَبْلُ ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ عز وجل عَلَى النَّاسِ شَهْرَ رَمَضَانَ»
٣ ‏/ ١٥٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣] «وَكَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالَّذِي أُنْزِلَ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ، فَهَذَا الصَّوْمُ الْأَوَّلُ مِنَ ⦗١٥٨⦘ الْعَتَمَةِ»
٣ ‏/ ١٥٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فَرْضَ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]»
٣ ‏/ ١٥٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ «قَدْ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ رَمَضَانَ كَانَ تَطَوُّعًا صَوْمُهُنَّ، وَإِنَّمَا عَنَى اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]⦗١٥٩⦘ أَيَّامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، لَا الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ يَصُومُهُنَّ قَبْلَ وُجُوبِ فَرْضِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ
٣ ‏/ ١٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: ثنا أَصْحَابُنَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَطَوُّعًا لَا فَرِيضَةً؛ قَالَ، ثُمَّ نَزَلَ صِيَامُ رَمَضَانَ» قَالَ أَبُو مُوسَى: قَوْلُهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، يُرِيدُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْقَائِلَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ منْ قَالَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] شَهْرُ رَمَضَانَ. وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] أَيَّامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ خَبَرٌ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ بِأَنَّ صَوْمًا فُرِضَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ غَيْرَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ نُسِخَ بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ أَنَّ الصِّيَامَ الَّذِي أَوْجَبُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَيْنَا هُوَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَوْقَاتِ بِإِبَانَتِهِ عَنِ الْأَيَّامِ الَّتِي أَخْبَرَ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيْنَا صَوْمَهَا بِقَوْلِهِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ صَوْمًا كَانَ قَدْ ⦗١٦٠⦘ لَزِمَ الْمُسْلِمِينَ فَرْضُهُ غَيْرَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ الَّذِينَ هُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ صَوْمِهِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ خَبَرٍ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، إِذْ كَانَ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا بِخَبَرٍ يَقْطَعُ الْعُذْرَ. وَإِذْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا لِلَّذِي بَيَّنَّا، فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ هِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ. وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] كُتِبَ عَلَيْكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ. وَأَمَّا الْمَعْدُودَاتُ: فَهِيَ الَّتِي تُعَدُّ مَبَالِغُهَا وَسَاعَاتُ أَوْقَاتِهَا، وَحَتَّى بِقَوْلِهِ مَعْدُودَاتٍ: مُحْصَيَاتٍ
٣ ‏/ ١٥٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا مِمَّنْ كُلِّفَ صَوْمَهُ أَوْ كَانَ صَحِيحًا غَيْرَ مَرِيضٍ، وَكَانَ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. يَقُولُ: فَعَلَيْهِ صَوْمُ عِدَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، يَعْنِي مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ غَيْرِ أَيَّامِ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ. وَالرَّفْعُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] نَظِيرُ الرَّفْعِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاتِّبَاعٌ
٣ ‏/ ١٦٠
بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَقَدْ مَضَى بَيَانُ ذَلِكَ هُنَالِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَإِنَّ قِرَاءَةَ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَعَلَى ذَلِكَ خُطُوطُ مَصَاحِفِهِمْ، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ خِلَافَهَا لِنَقْلِ جَمِيعِهِمْ تَصْوِيبَ ذَلِكَ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوِّقُونَهُ» . ثُمَّ اخْتَلَفَ قُرَّاءُ ذَلِكَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَا فُرِضَ الصَّوْمُ، وَكَانَ مَنْ أَطَاقَهُ مِنَ الْمُقِيمِينَ صَامَهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ وَافْتَدَى فَأَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ مِسْكِينًا حَتَّى نُسِخَ ذَلِكَ
٣ ‏/ ١٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ فَرَضَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَوْجَبَ الصِّيَامَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ، وَثَبَتَ الْإِطْعَامُ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٨٥] . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ»
٣ ‏/ ١٦١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَطَوُّعًا غَيْرِ فَرِيضَةٍ، قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ صِيَامُ رَمَضَانَ، قَالَ: وَكَانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيَامَ، قَالَ: وَكَانَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ، قَالَ: فَكَانَ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَكَانَتِ الرُّخْصَةُ لِلْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ، وَأُمِرْنَا بِالصِّيَامِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: قَوْلُهُ قَالَ عَمْرٌو، حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا: يُرِيدُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، كَأَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، الْقَائِلُ حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٣ ‏/ ١٦٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَأَطْعَمَ نِصْفَ صَاعٍ مِسْكِينًا، فَنَسَخَهَا ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ [البقرة: ١٨٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ قَالَ «فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ، وَصَارَتِ الْآيَةُ الْأُولَى لِلشَّيْخِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ يَتَصَدَّقُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ»
٣ ‏/ ١٦٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ أَبُو تُمَيْلَةَ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَوْلَهُ «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَكَانَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَصُومَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَدِيَ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ افْتَدَى وَتَمَّ لَهُ صَوْمُهُ. ثُمَّ قَالَ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْأَعْمَشَ عَنْ قَوْلِهِ ” ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامٌ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَحَدَّثَنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَا: نَسَخَتْهَا: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]
٣ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ «نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَعْنِي: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] الَّتِي بَعْدَهَا: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامِ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ فِي قَوْلِهِ «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: نَسَخَتْهَا: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ أَبُو هَمَّامٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] كَانَ الرَّجُلُ يُفْطِرُ فَيُتَصَدَّقُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى مِسْكِينٍ طَعَامًا، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَلَمْ تَنْزِلِ الرُّخْصَةُ إِلَّا لِلْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ»
٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِلنَّاسِ عَامَّةً: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَكَانَ الرَّجُلُ يُفْطِرُ، وَيَتَصَدَّقُ بِطَعَامِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ: فَلَمْ تَنْزِلِ الرُّخْصَةُ إِلَّا لِلْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ»
٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ، وَهُوَ يَأْكُلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ: «إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ إِنَّ الصَّوْمَ نَزَلَ، فَكَانَ مِنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَوَجَبَ الصَّوْمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا مَرِيضًا، أَوْ مُسَافِرًا، أَوْ شَيْخًا كَبِيرًا مَثَلِي يَفْتَدِي»
٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ⦗١٦٥⦘ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، «كَتَبَ اللَّهُ الصِّيَامَ عَلَيْنَا، فَكَانَ مِنْ شَاءَ افْتَدَى مِمَّنْ يُطِيقُ الصِّيَامَ مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. فَلَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ الصِّيَامَ، فَمَنْ كَانَ صَحِيحًا يُطِيقُهُ وُضِعَ عَنْهُ الْفِدْيَةُ، وَكَانَ مَنْ كَانَ عَلَى سَفَرٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. قَالَ: وَبَقِيَتِ الْفِدْيَةُ الَّتِي كَانَتْ تُقْبَلُ قَبْلَ ذَلِكَ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ، وَالَّذِي يَعْرِضُ لَهُ الْعَطَشُ أَوِ الْعِلَّةُ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الصِّيَامَ»
٣ ‏/ ١٦٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «جَعَلَ اللَّهُ فِي الصَّوْمِ الْأَوَّلِ فِدْيَةً طَعَامَ مِسْكِينٍ، فَمَنْ شَاءَ مِنْ مُسَافِرٍ، أَوْ مُقِيمٍ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا، وَيُفْطِرَ كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ فِدْيَةً طَعَامَ مِسْكِينٍ، فَنُسِخَتِ الْفِدْيَةً، وَثَبَتَ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَهُوَ الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ، وَجَعَلَهُ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»
٣ ‏/ ١٦٥
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَافْتَدَى بِطَعَامِ مِسْكِينٍ، حَتَّى أُنْزِلَتْ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ ⦗١٦٦⦘ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: كَانَتِ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] أُمِرُوا بِالصَّوْمِ، وَالْقَضَاءِ، فَقَالَ: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤]»
٣ ‏/ ١٦٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٦٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] الْآيَةَ، «فُرِضَ الصَّوْمُ مِنَ الْعَتَمَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلَةِ، فَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ الْعَتَمَةَ حُرَّمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ، وَالْجِمَاعُ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلَةِ، ثُمَّ نَزَلَ الصَّوْمُ الْآخَرُ بِإِحْلَالِ الطَّعَامِ، وَالْجِمَاعِ بِاللَّيْلِ ⦗١٦٧⦘ كُلِّهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَأَحَلَّ الْجِمَاعَ أَيْضًا فَقَالَ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَكَانَ فِي الصَّوْمِ الْأَوَّلِ الْفِدْيَةُ، فَمَنْ شَاءَ مِنْ مُسَافِرٍ، أَوْ مُقِيمٍ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا وَيُفْطِرَ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ الْفِدْيَةَ، وَقَالَ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَنَسَخَ هَذَا الصَّوْمَ الْآخَرَ الْفِدْيَةُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] حُكْمًا خَاصًّا لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ اللَّذَيْنِ يُطِيقَانِ الصَّوْمَ كَانَ مُرَخَّصًا لَهُمَا أَنْ يَفْدِيَا صَوْمَهُمَا بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ، وَيُفْطِرَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَلَزِمَهُمَا مِنَ الصَّوْمِ مِثْلُ الَّذِي لَزِمَ الشَّابَّ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَا عَنِ الصَّوْمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ لَهُمَا قَبْلَ النَّسْخِ ثَابِتًا لَهُمَا حِينَئِذٍ بِحَالِهِ.
٣ ‏/ ١٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «كَانَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ رُخِّصَ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا، وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ إِذَا كَانَا لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، وَلِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا» ⦗١٦٨⦘ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ بِشْرٍ عَنْ يَزِيدَ
٣ ‏/ ١٦٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ «كَانَ الشَّيْخُ، وَالْعَجُوزُ لَهُمَا الرُّخْصَةُ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذَيْنِ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: فَكَانَتْ لَهُمُ الرُّخْصَةُ ثُمَّ نُسِخَتْ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَنُسِخَتِ الرُّخْصَةُ عَنِ الشَّيْخِ وَالْعَجُوزِ إِذَا كَانَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ. وَبَقِيَتْ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا»
٣ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ، ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «كَانَ فِيهَا رُخْصَةٌ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ أَنْ يُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَيُفْطِرَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَقَالَ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ [البقرة: ١٨٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ» فَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ وَيَرْجُونَ الرُّخْصَةَ تَثْبُتُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ إِذَا لَمْ يُطِيقَا الصَّوْمَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلِلْحُبْلَى إِذَا ⦗١٦٩⦘ خَشِيَتْ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَلِلْمُرْضِعِ إِذَا مَا خَشِيَتْ عَلَى وَلَدِهَا
٣ ‏/ ١٦٨
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَكَانَ الشَّيْخُ وَالْعَجُوزُ يُطِيقَانِ صَوْمَ رَمَضَانَ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَاهَ إِنْ أَرَادَا ذَلِكَ، وَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ لِكُلِّ يَوْمٍ يُفْطِرَانِهِ طَعَامُ مِسْكِينٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]» وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] لَمْ يُنْسَخُ ذَلِكَ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ حُكْمٌ مُثْبَتٌ مِنْ لَدُنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. وَقَالُوا: إِنَّمَا تَأْوِيلُ ذَلِكَ: عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ وَفِي حَالِ شَبَابِهِمْ، وَحَدَاثَتِهِمْ، وَفِي حَالِ صِحَّتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ إِذَا مَرِضُوا وَكَبِرُوا فَعَجَزُوا مِنَ الْكِبَرِ عَنِ الصَّوْمِ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ؛ لَا أَنَّ الْقَوْمَ كَانَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي الْإِفْطَارِ وَهُمْ عَلَى الصَّوْمِ قَادِرُونَ إِذَا افْتَدَوْا.
٣ ‏/ ١٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «أَمَا الَّذِينَ ⦗١٧٠⦘ يُطِيقُونَهُ فَالرَّجُلُ كَانَ يُطِيقُهُ وَقَدْ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْرِضُ لَهُ الْوَجَعُ، أَوِ الْعَطَشُ، أَوِ الْمَرَضُ الطَّوِيلُ، أَوِ الْمَرْأَةُ الْمُرْضِعُ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ إِطْعَامَ مِسْكِينٍ، فَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ تَكَلَّفَ الصِّيَامَ فَصَامَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ»
٣ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ،؛ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «إِذَا خَافَتِ الْحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا، وَالْمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا فِي رَمَضَانَ، قَالَ: يُفْطِرَانِ، وَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا يَقْضِيَانِ صَوْمًا»
٣ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ رَأَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا، فَقَالَ «أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ، عَلَيْكَ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانُ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكَ» حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ
٣ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ «لِأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى أَوْ مُرْضَعٍ أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ، عَلَيْكِ الْفِدَاءُ، وَلَا صَوْمَ عَلَيْكِ. هَذَا إِذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا»
٣ ‏/ ١٧١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] «هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ كَانَ يُطِيقُ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ شَابٌّ فَكَبِرَ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ صَوْمَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لِكُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ حِينَ يُفْطِرُ وَحِينَ يَتَسَحَّرُ» حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ حِينَ يُفْطِرُ وَحِينَ يَتَسَحَّرُ
٣ ‏/ ١٧١
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ هُوَ «الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يَصُومُ فَكَبِرَ وَعَجَزَ عَنْهُ، وَهِيَ الْحَامِلُ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا الصِّيَامُ. فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامُ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ يَوْمٍ حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ» وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» وَقَالُوا: إِنَّهُ ⦗١٧٢⦘ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْعَجُوزُ اللَّذَانِ قَدْ كِبَرَا عَنِ الصَّوْمِ، فَهُمَا يُكَلَّفَانِ الصَّوْمَ وَلَا يُطِيقَانِهِ، فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَاهُ مِسْكِينًا. وَقَالُوا: الْآيَةُ ثَابِتَةُ الْحُكْمِ مُنْذُ أُنْزِلَتْ لَمْ تُنْسَخْ، وَأَنْكَرُوا قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ
٣ ‏/ ١٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ” أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «يُطَوَّقُونَهُ»
٣ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عِصَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ: هِيَ لِلنَّاسِ الْيَوْمَ قَائِمَةٌ “
٣ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ هِيَ لِلنَّاسِ الْيَوْمَ قَائِمَةٌ»
٣ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ﴾ وَيَقُولُ: هُوَ الشَّيْخُ ⦗١٧٣⦘ الْكَبِيرُ يُفْطِرُ، وَيُطْعِمُ عَنْهُ»
٣ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ» وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا «أَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً كُلِّفَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا»
٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَرَأَ «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ»
٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ «الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ يَصُومُونَهُ وَلَكِنَّ الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ يَعْجَزُونَ عَنْهُ»
٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى عَائِشَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، «كَانَتْ تَقْرَأُ» يُطَوَّقُونَهُ “
٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، ” أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «يُطَوَّقُونَهُ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وكَانَ مُجَاهِدٌ يَقْرَؤُهَا ⦗١٧٤⦘ كَذَلِكَ
٣ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ “
٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ» قَالَ: يَتَجَشَّمُونَهُ، يَتَكَلَّفُونَهُ “
٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ فَيُفْطِرُ وَيُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا»
٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «يُكَلَّفُونَهُ، ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَاحِدٍ، قَالَ: فَهَذِهِ آيَةٌ مَنْسُوخَةٌ لَا يُرَخَّصُ فِيهَا إِلَّا لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ، أَوْ مَرِيضٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشْفَى»
٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «﴿الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَتَكَلَّفُونَهُ ⦗١٧٥⦘ ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَاحِدٍ وَلَمْ يُرَخَّصْ هَذَا إِلَّا لِلشَّيْخِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ، أَوِ الْمَرِيضِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشْفى» هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ
٣ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ»
٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَقُولُ «مَنْ لَمْ يُطِقِ الصَّوْمَ إِلَّا عَلَى جَهْدٍ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُطْعِمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَالْحَامِلُ، وَالْمُرْضِعُ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالَّذِي بِهِ سَقَمٌ دَائِمٌ»
٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبِيدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْمَرْءُ الَّذِي كَانَ يَصُومُ فِي شَبَابِهِ، فَلَمَّا كَبِرَ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، فَهُوَ يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» قَالَ هَنَّادٌ: قَالَ عَبِيدَةُ: قِيلَ لِمَنْصُورٍ الَّذِي يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ؟ قَالَ: نَعَمْ
٣ ‏/ ١٧٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا «عَنِ امْرَأَةٍ لِي وَافَقَ تَاسِعُهَا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَوَافَقَ حَرًّا شَدِيدًا، فَأَمَرَنِي أَنْ تُفْطِرَ وَتُطْعِمَ. قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَتِلْكَ الرُّخْصَةُ أَيْضًا فِي الْمُسَافِرِ، وَالْمَرِيضِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]»
٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «الْحَامِلُ، وَالْمُرْضِعُ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ يُفْطِرُونَ فِي رَمَضَانَ، وَيُطْعِمُونَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]»
٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَرْثِ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا»
٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يَتَكَلَّفُونَهُ، وَلَا يُطِيقُونَهُ، الشَّيْخُ، وَالشَّيْخَةُ»
٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي ⦗١٧٧⦘ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَرْثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ «هُوَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ»
٣ ‏/ ١٧٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَأَفْطَرُوا»
٣ ‏/ ١٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمِ، عَمَّنْ، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «هِيَ مُثْبَتَةٌ لِلْكَبِيرِ، وَالْمُرْضِعِ، وَالْحَامِلِ، وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الصِّيَامَ»
٣ ‏/ ١٧٧
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ. ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ، مَا قَوْلُهُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «بَلَغَنَا أَنَّ الْكَبِيرَ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الصَّوْمَ يَفْتَدِي مِنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمِسْكِينٍ، قُلْتُ: الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ، أَوِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُهُ إِلَّا بِالْجَهْدِ؟ قَالَ: بَلِ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُهُ بِجَهْدٍ، وَلَا بِشَيْءٍ، فَأَمَّا مَنِ اسْتَطَاعَ بِجَهْدٍ فَلْيَصُمْهُ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي تَرْكِهِ»
٣ ‏/ ١٧٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، «﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] الْآيَةَ، كَأَنَّهُ يَعْنِي الشَّيْخَ الْكَبِيرَ»
٣ ‏/ ١٧٧
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «نَزَلَتْ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ صِيَامَ رَمَضَانَ فَيَفْتَدِي مِنْ كُلِّ يَوْمٍ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ قُلْتُ لَهُ: كَمْ ⦗١٧٨⦘ طَعَامُهُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: طَعَامُ يَوْمٍ»
٣ ‏/ ١٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ. ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] لِأَنَّ الْهَاءَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] مِنْ ذَكْرِ الصِّيَامِ. وَمَعْنَاهُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الصِّيَامَ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْجَمِيعُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مُطِيقًا مِنَ الرِّجَالِ الْأَصِحَّاءِ الْمُقِيمِينَ غَيْرِ الْمُسَافِرِينَ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِفْطَارُ فِيهِ، وَالِافْتِدَاءُ مِنْهُ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ. هَذَا مَعَ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ صَوْمِهِ وَسُقُوطِ الْفِدْيَةِ عَنْهُمْ، وَبَيْنَ الْإِفْطَارِ وَالِافْتِدَاءِ مِنْ إِفْطَارِهِ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَأَلْزَمُوا فَرْضَ صَوْمِهِ، وَبَطَلَ الْخِيَارُ، وَالْفِدْيَةُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ تَدَّعِي إِجْمَاعًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ مَنَ أَطَاقَ صَوْمَهُ وَهُوَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْتُ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ إِلَّا صَوْمُهُ، وَقَدْ عَلِمْتَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: الْحَامِلُ،
٣ ‏/ ١٧٨
وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا لَهُمَا الْإِفْطَارُ، وَإِنْ أَطَاقَتَا الصَّوْمَ بِأَبْدَانِهِمَا، مَعَ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِي
٣ ‏/ ١٧٩
حَدَّثَنَا بِهِ هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ: «تَعَالَ أُحَدِّثْكَ، إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ» قِيلَ: إِنَّا لَمْ نَدَعْ إِجْمَاعًا فِي الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ، وَإِنَّمَا ادَّعَيْنَا فِي الرِّجَالِ الَّذِينَ وَصَفْنَا صِفَتَهُمْ. فَأَمَّا الْحَامِلُ، وَالْمُرْضِعُ فَإِنَّمَا عَلِمْنَا أَنَّهُنَّ غَيْرُ مَعْنِيَّاتٍ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَخَلَا الرِّجَالِ أَنْ يَكُونُوا مَعْنِيِّينَ بِهِ لِأَنَّهُنَّ لَوْ كُنَّ مَعْنِيَّاتٍ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِنَّ مِنَ الرِّجَالِ لَقِيلَ: وَعَلَى اللَّوَاتِي يُطِقْنَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامُ الْعَرَبِ إِذَا أُفْرِدَ الْكَلَامُ بِالْخَبَرِ عَنْهُنَّ دُونَ الرِّجَالِ؛ فَلَمَّا قِيلَ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، أَوِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. فَلَمَّا صَحَّ بِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَطَاقَ مِنَ الرِّجَالِ الْمُقِيمِينَ الْأَصِحَّاءِ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَيْرُ مُرَخَّصٍ لَهُ فِي الْإِفْطَارِ وَالِافْتِدَاءِ، فَخَرَجَ الرِّجَالُ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مَعْنِيِّينَ بِالْآيَةِ، وَعَلِمَ أَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يُرَدْنَ بِهَا لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ عَنِ النِّسَاءِ إِذَا انْفَرَدَ الْكَلَامُ بِالْخَبَرِ عَنْهُنَّ وَعَلَى اللَّوَاتِي يُطِقْنَهُ، وَالتَّنْزِيلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَضَعَ عَنِ الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ مَا دَامَتَا عَاجِزَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى تُطِيقَا فَتَقْضِيَا، كَمَا ⦗١٨٠⦘ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ فِي سَفَرِهِ حَتَّى يُقِيمَ فَيَقْضِيَهُ، لَا أَنَّهُمَا أُمِرَتَا بِالْفِدْيَةِ، وَالْإِفْطَارِ بِغَيْرِ وُجُوبِ قَضَاءٍ، وَلَوْ كَانَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَالْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ الصَّوْمَ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ ﷺ إِنَّمَا عَنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَضَعَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] لَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ قَضَاءٌ، وَأَنْ لَا يَلْزَمَهُ بِإِفْطَارِهِ ذَلِكَ إِلَّا الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حُكْمِهِ وَبَيْنَ حُكْمِ الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ، وَذَلِكَ قَوْلٌ إِنْ قَالَهُ قَائِلٌ خِلَافٌ لِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ وَلِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الطَّعَامَ، وَذَلِكَ لِتَأْوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالِفٌ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ» فَقِرَاءَةٌ لِمَصَاحِفِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ خِلَافٌ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الِاعْتِرَاضُ بِالرَّأْيِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وِرَاثَةً عَنْ نَبِيِّهِمْ ﷺ نَقْلًا ظَاهِرًا قَاطِعًا لِلْعُذْرِ، لِأَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الدِّينِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى مَا قَدْ ثَبَتَ وَقَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِالْآرَاءِ وَالظُّنُونِ وَالْأَقْوَالِ الشَّاذَّةِ. وَأَمَّا مَعْنَى «الْفِدْيَةِ» فَإِنَّهُ الْجَزَاءُ مِنْ قَوْلِكَ: فَدَيْتُ هَذَا بِهَذَا: أَيْ جَزَيْتُهُ بِهِ، وَأَعْطَيْتَهُ بَدَلًا مِنْهُ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الصِّيَامَ جَزَاءٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ مِنْ أَيَّامِ صِيَامِهِ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَإِنَّ الْقُرَّاءَ مُخْتَلِفَةٌ فِي قِرَاءَتِهِ، فَبَعْضٌ ⦗١٨١⦘ يَقْرَأُ بِإِضَافَةِ الْفِدْيَةِ إِلَى الطَّعَامِ، وَخَفْضِ الطَّعَامِ؛ وَذَلِكَ قِرَاءَةُ مُعْظَمِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ بِمَعْنَى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أَنْ يَفْدُوهُ طَعَامُ مِسْكِينٍ؛ فَلَمَّا جُعِلَ مَكَانَ أَنْ يَفْدِيَهُ الْفِدْيَةُ أُضِيفَ إِلَى الطَّعَامِ، كَمَا يُقَالُ: لَزِمَنِي غَرَامَةُ دِرْهَمٍ لَكَ بِمَعْنَى لَزِمَنِي أَنْ أَغْرَمَ لَكَ دِرْهَمًا، وَآخَرُونَ يَقْرَءُونَهُ بِتَنْوِينِ الْفِدْيَةِ؛ وَرَفْعُ الطَّعَامِ بِمَعْنَى الْإِبَانَةِ فِي الطَّعَامِ عَنْ مَعْنَى الْفِدْيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي صَوْمِهِ الْوَاجِبِ، كَمَا يُقَالُ لَزِمَنِي غَرَامَةُ دِرْهَمٍ لَكَ، فَتَبَيَّنَ بِالدِّرْهَمِ عَنْ مَعْنَى الْغَرَامَةِ مَا هِيَ وَمَا حَدُّهَا، وَذَلِكَ قِرَاءَةُ عُظْمِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: «فِدْيَةٌ طَعَامٌ» بِإِضَافَةِ الْفِدْيَةِ إِلَى الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَهِيَ غَيْرُ الطَّعَامِ الْمَفْدِيِّ بِهِ الصَّوْمُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْفِدْيَةَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: فَدَيْتُ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ، أَفْدِيهِ فِدْيَةً، كَمَا يُقَالُ: جَلَسْتُ جِلْسَةً، وَمَشَيْتُ مِشْيَةً، وَالْفِدْيَةُ فِعْلٌ، وَالطَّعَامُ غَيْرُهَا. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيَّنَ أَنَّ أَصَحَّ الْقِرَاءَتَيْنِ إِضَافَةُ الْفِدْيَةِ إِلَى الطَّعَامِ، وَوَاضِحٌ خَطَأُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ تَرْكَ إِضَافَةِ الْفِدْيَةِ إِلَى الطَّعَامِ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى مِنْ ⦗١٨٢⦘ أَجْلِ أَنَّ الطَّعَامَ عِنْدَهُ هُوَ الْفِدْيَةُ. فَيُقَالُ لِقَائِلِ ذَلِكَ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْفِدْيَةَ مُقْتَضِيَةٌ مَفْدِيًّا وَمَفْدِيًّا بِهِ وَفِدْيَةً، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ هُوَ الْفِدْيَةُ وَالصَّوْمُ هُوَ الْمَفْدِيُّ بِهِ، فَأَيْنَ اسْمُ فِعْلِ الْمُفْتَدَى الَّذِي هُوَ فِدْيَةٌ؟ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ خَطَأٌ بَيِّنٌ غَيْرُ مُشْكِلٍ. وَأَمَّا الطَّعَامُ فَإِنَّهُ مُضَافٌ إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ، فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِتَوْحِيدِ الْمِسْكِينِ بِمَعْنَى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لِكُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ.
٣ ‏/ ١٧٩
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا حُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو: أَنَّهُ قَرَأَ (فِدْيَةٌ) رَفْعٌ مُنَوَّنٌ (طَعَامُ) رَفْعٌ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ (مِسْكِينٍ) . وَقَالَ: عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ ” وَعَلَى ذَلِكَ عُظْمِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَقَرَأَهُ آخَرُونَ بِجَمْعِ الْمَسَاكِينِ: (فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ) بِمَعْنَى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ عَنِ الشَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الشَّهْرَ كُلَّهُ
٣ ‏/ ١٨٢
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ بَشَّارٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ، «طَعَامُ مَسَاكِينَ عَنِ الشَّهْرِ، كُلِّهِ» وَأَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ طَعَامَ مِسْكِينٍ عَلَى الْوَاحِدِ بِمَعْنَى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرُوهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ؛ لِأَنَّ فِي إِبَانَةِ حُكْمِ الْمُفْطِرِ يَوْمًا وَاحِدًا وَصُولًا إِلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ الْمُفْطِرِ جَمِيعَ الشَّهْرِ وَلَيْسَ
٣ ‏/ ١٨٢
فِي إِبَانَةِ حُكْمِ الْمُفْطِرِ جَمِيعَ الشَّهْرِ وصُولٌ إِلَى إِبَانَةِ حُكْمِ الْمُفْطِرِ يَوْمًا وَاحِدًا وَأَيَّامًا هِيَ أَقَلُّ مِنْ أَيَّامِ جَمِيعِ الشَّهْرِ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُتَرْجِمُ عَنِ الْجَمِيعِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ لَا يُتَرْجَمُ بِهِ عَنِ الْوَاحِدِ، فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَا قِرَاءَةَ ذَلِكَ بِالتَّوْحِيدِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَبْلَغِ الطَّعَامِ الَّذِي كَانُوا يَطْعَمُونَ فِي ذَلِكَ إِذَا أَفْطِرُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ طَعَامِ الْمِسْكِينِ لِإِفْطَارِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ طَعَامِ الْمِسْكِينِ لِإِفْطَارِ الْيَوْمِ مُدًّا مِنْ قَمْحِ وَمِنْ سَائِرِ أَقْوَاتِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا كَانَ الْمُفْطِرُ يَتَقَوَّتُهُ يَوْمَهُ الَّذِي أَفْطَرَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ سُحُورًا وَعَشَاءً يَكُونُ لِلْمِسْكِينِ إِفْطَارًا. وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ فَكَرِهْنَا إِعَادَةَ ذِكْرِهَا
٣ ‏/ ١٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ
٣ ‏/ ١٨٣
فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] فَزَادَ طَعَامَ مِسْكِينٍ آخَرَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٤] ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، ⦗١٨٤⦘ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: مَنْ أَطْعَمَ الْمِسْكِينَ صَاعًا»
٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ «إِطْعَامُ مَسَاكِينَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ»
٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: طَعَامُ مِسْكِينٍ ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، نَحْوَهُ
٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: طَعَامُ مِسْكِينٍ ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، مِثْلَهُ
٣ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، «أَنَّهُ قَرَأَ: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ﴾ [البقرة: ١٨٤] بِالتَّاءِ خَفِيفَةُ الطَّاءِ ﴿خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٥٨]، قَالَ: زَادَ عَلَى مِسْكِينٍ»
٣ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينَيْنِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ»
٣ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ «﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَالَ: مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا آخَرَ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَصَامَ مَعَ الْفِدْيَةِ
٣ ‏/ ١٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ «﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] يُرِيدُ أَنَّ مَنْ صَامَ مَعَ الْفِدْيَةِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَزَادَ الْمِسْكِينُ عَلَى قَدْرِ طَعَامِهِ
٣ ‏/ ١٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ ⦗١٨٦⦘ جُرَيْجٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ، ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] فَزَادَ طَعَامًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ” وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَمَّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] فَلَمْ يُخَصِّصْ بَعْضَ مَعَانِي الْخَيْرِ دُونَ بَعْضٍ، فَإِنْ جَمَعَ الصَّوْمَ مَعَ الْفِدْيَةِ مِنْ تَطَوَّعِ الْخَيْرِ وَزِيَادَةِ مِسْكِينٍ عَلَى جَزَاءِ الْفِدْيَةِ مِنْ تَطَوَّعِ الْخَيْرِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] أَيَّ هَذِهِ الْمَعَانِي تَطَوَّعَ بِهِ الْمُفْتَدِي مِنْ صَوْمِهِ ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ تَطَوَّعِ الْخَيْرِ وَنَوَافِلِ الْفَضْلِ
٣ ‏/ ١٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا﴾ [البقرة: ١٨٤] مَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تُفْطِرُوهُ وَتَفْتَدُوا
٣ ‏/ ١٨٦
كَمَا حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَمَنْ تَكَلَّفَ الصِّيَامَ فَصَامَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ “
٣ ‏/ ١٨٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٤] «أَيْ أَنَّ الصِّيَامَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْفِدْيَةِ»
٣ ‏/ ١٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ ⦗١٨٧⦘ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٤] ” وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَإِنَّهُ يَعْنِي: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ خَيْرَ الْأَمْرَيْنِ لَكُمْ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْإِفْطَارِ، وَالْفِدْيَةِ، أَوِ الصَّوْمِ عَلَى مَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ
٣ ‏/ ١٨٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الشَّهْرُ فِيمَا قِيلَ أَصْلُهُ مِنَ الشُّهْرَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ شَهَرَ فُلَانٌ سَيْفَهُ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ غِمْدِهِ فَاعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَرَادَ ضَرْبَهُ، يُشْهِرُهُ شَهْرًا، وَكَذَلِكَ شَهَرَ الشَّهْرُ إِذَا طَلَعَ هِلَالُهُ، وَأَشْهَرْنَا نَحْنُ إِذَا دَخَلْنَا فِي الشَّهْرِ. وَأَمَّا رَمَضَانُ فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ الْحَرِّ الَّذِي كَانَ يَكُونُ فِيهِ حَتَّى تَرْمَضُ فِيهِ الْفِصَالُ كَمَا يُقَالُ لِلشَّهْرِ الَّذِي يُحَجُّ فِيهِ ذُو الْحِجَّةِ، وَالَّذِي يُرْتَبَعُ فِيهِ رَبِيعُ الْأَوَّلِ وَرَبِيعُ الْآخَرِ. وَأَمَّا مُجَاهِدٌ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالُ رَمَضَانُ وَيَقُولُ: لَعَلَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ
٣ ‏/ ١٨٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ ” أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالُ، رَمَضَانَ، وَيَقُولُ: لَعَلَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، لَكِنَّ نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ
٣ ‏/ ١٨٧
: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَقَدْ بَيَّنْتُ فِيمَا مَضَى أَنَّ «شَهْرُ» مَرْفُوعٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، هُنَّ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُ رَفْعُهُ بِمَعْنَى ذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَبِمَعْنَى كُتِبَ عَلَيْكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ وَقَدْ قَرَأَهُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ [البقرة: ١٨٥] نَصْبًا، بِمَعْنَى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ أَنْ تَصُومُوا شَهْرَ رَمَضَانَ. وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ نَصْبًا بِمَعْنَى أَنْ تَصُومُوا شَهْرَ رَمَضَانَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا نَصْبُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ بِصَوْمِهِ كَأَنَّهُ قِيلَ: شَهْرُ رَمَضَانَ فَصُومُوهُ، وَجَائِزٌ نَصْبُهُ عَلَى الْوَقْتِ كَأَنَّهُ قِيلَ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ نَزَلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ أُنْزِلَ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ إِنْزَالَهُ إِلَيْهِ. كَمَا
٣ ‏/ ١٨٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبِي الْأَشْرَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ ⦗١٨٩⦘ جُمْلَةً مِنَ الذِّكْرِ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَجُعِلَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ» قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ ذَلِكَ السُّدِّيُّ
٣ ‏/ ١٨٨
حَدَّثَنِي عيسىُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَسَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ «نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَجُعِلَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا»
٣ ‏/ ١٨٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ وَاثِلَةَ، ” عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ»
٣ ‏/ ١٨٩
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] أَمَا أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ «شَهْرُ رَمَضَانَ، وَاللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ، فَإِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ هِيَ اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ، وَهِيَ مِنْ رَمَضَانَ، نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الزُّبُرِ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَهُوَ مَوَاقِعُ النُّجُومِ، فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا حَيْثُ وَقَعَ الْقُرْآنُ، ثُمَّ نُزِّلَ مُحَمَّدٌ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ وَفِي الْحُرُوبِ رَسَلًا رَسَلًا»
٣ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَكَانَ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوحِيَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْحَاهُ، فَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: فَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ عِشْرُونَ سَنَةً
٣ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَكَانَ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ أنْ يُحَدِّثَ فِي الْأَرْضِ شَيْئًا أَنْزَلَهُ مِنْهُ حَتَّى جَمَعَهُ»
٣ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ فَرَّقَ فِي السِّنِينَ بَعْدَ قَالَ: وَتَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ، هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ [الواقعة: ٧٥] قَالَ: نُزِّلَ مُفَرَّقًا»
٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ «بَلَغَنَا أَنَّ الْقُرْآنَ، نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا»
٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَرَأَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً عَلَى جِبْرِيلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَكَانَ لَا يَنْزِلُ مِنْهُ إِلَّا بِأَمْرٍ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: «كَانَ يَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْءٍ يَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى جِبْرِيلَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَلَا يَنْزِلُ جِبْرِيلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَّا مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١] وَ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣]»
٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، ⦗١٩٢⦘ عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ ” إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي الشَّكُّ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣] وَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١] وَقَدِ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَوَّالٍ، وَذِي الْقَعْدَةِ وَغَيْرِهِ قَالَ «إِنَّمَا أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ رَسَلًا فِي الشُّهُورِ، وَالْأَيَّامِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَإِنَّهُ يَعْنِي رَشَادًا لِلنَّاسِ إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ، وَقَصْدِ الْمَنْهَجِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَبَيِّنَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَوَاضِحَاتٍ مِنَ الْهُدَى، يَعْنِي مِنَ الْبَيَانِ الدَّالِّ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ، وَفَرَائِضِهِ، وَحَلَالِهِ، وَحَرَامِهِ. وَقَوْلِهِ: ﴿وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: ٥٣] يَعْنِي: وَالْفَصْلِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ كَمَا
٣ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «أَمَّا ﴿وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَبَيَّنَاتٍ مِنَ الْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ»
٣ ‏/ ١٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى شُهُودِ الشَّهْرِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَقَامُ الْمُقِيمِ فِي دَارِهِ، قَالُوا: فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دَارِهِ فَعَلَيْهِ صَوْمُ الشَّهْرِ ⦗١٩٣⦘ كُلِّهِ، غَابَ بَعْدَ مُسَافِرٍ أَوْ أَقَامَ فَلَمْ يَبْرَحْ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
٣ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ، قَالَا، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ «هُوَ إِهْلَالُهُ بِالدَّارِ. يُرِيدُ إِذَا هَلَّ وَهُوَ مُقِيمٌ»
٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ «﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَإِذَا شَهِدَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ أَقَامَ، أَوْ سَافَرَ، وَإِنْ شَهِدَهُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَإِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ»
٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُهُ رَمَضَانُ ثُمَّ يُسَافِرُ، قَالَ «إِذَا شَهِدْتَ أَوَّلَهُ فَصُمْ آخِرَهُ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الْقُرْدُوسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ، قَالَ «مَنْ صَامَ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَلْيَصُمْ آخِرَهُ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، «أَمَّا مَنْ ⦗١٩٤⦘ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي أَهْلِهِ فَلْيَصُمْهُ، وَإِنْ خَرَجَ فِيهِ فَلْيَصُمْهُ فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَهْلِهِ»
٣ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِيمَا يَحْسِبُ حَمَّادٌ قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ وَلَمْ يَخْرُجْ فَقَدْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]»
٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيَّ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ «مَنْ كَانَ مُقِيمًا فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ ثُمَّ سَافَرَ فِيهِ فَلْيَصُمْهُ»
٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، قَالَ «مَنْ شَهِدَ أَوَّلَ رَمَضَانَ فَلْيَصُمْ آخِرَهُ»
٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَقُولُ «إِذَا أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ»
٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ عُبَيْدَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ ⦗١٩٥⦘ يَقُولُ «إِذَا أَدْرَكَكَ رَمَضَانَ فَلَا تُسَافِرْ فِيهِ، فَإِنْ صُمْتَ فِيهِ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ ثُمَّ سَافَرْتَ فَلَا تُفْطِرْ صُمْهُ»
٣ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبِيدَةَ. فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] قَالَ «مَنْ صَامَ شَيْئًا مِنْهُ فِي الْمِصْرِ فَلْيَصُمْ بَقِيَّتَهُ إِذَا خَرَجَ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ»
٣ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَا جَمِيعًا: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أُمِّ دُرَّةَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فِي رَمَضَانَ، قَالَتْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ عِنْدِ أَخِي حُنَيْنٍ، قَالَتْ: مَا شَأْنُهُ؟ قَالَتْ: وَدَّعْتُهُ يُرِيدُ يَرْتَحِلُ، قَالَتْ «فَأَقْرِئِيهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ فَلْيَقُمْ، فَلَوْ أَدْرَكَنِي رَمَضَانُ وَأَنَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَأَقَمْتُ لَهُ»
٣ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَفْلَحَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ «جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَلْحَةَ إِلَى عَائِشَةَ، يُسَلِّمُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: وَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَرَدْتُ الْعُمْرَةَ، قَالَتْ» فَجَلَسْتَ حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ الشَّهْرُ خَرَجْتَ فِيهِ، قَالَ: قَدْ خَرَجَ ⦗١٩٦⦘ ثَقَلِي، قَالَتْ. اجْلِسْ حَتَّى إِذَا أَفْطَرْتَ فَاخْرُجْ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ مَا شَهِدَ مِنْهُ
٣ ‏/ ١٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّ أَبَا مَيْسَرَةَ، «خَرَجَ فِي رَمَضَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْقَنْطَرَةَ دَعَا مَاءً فَشَرِبَ»
٣ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ «خَرَجَ أَبُو مَيْسَرَةَ فِي رَمَضَانَ مُسَافِرًا، فَمَرَّ بِالْفُرَاتِ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَخَذَ مِنْهُ كَفًّا فَشَرِبَهُ وَأَفْطَرَ»
٣ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَرْثَدٍ: أَنَّ أَبَا مَيْسَرَةَ، «سَافَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ عِنْدَ بَابِ الْجِسْرِ» هَكَذَا قَالَ هَنَّادٌ عَنْ مَرْثَدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو مَرْثَدٍ
٣ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَرْثَدٍ، «أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ أَبِي مَيْسَرَةَ فِي رَمَضَانَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْجِسْرِ أَفْطَرَ»
٣ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو هِشَامٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ «كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ، فِي ضَيْعَةٍ لَهُ عَلَى ثَلَاثٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجْنَا نُرِيدُ ⦗١٩٧⦘ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلِيٌّ، رَاكِبٌ وَأَنَا مَاشٍ، قَالَ: فَصَامَ» قَالَ هَنَّادٌ: وَأَفْطَرْتُ قَالَ أَبُو هِشَامٍ: وَأَمَرَنِي فَأَفْطَرْتُ
٣ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُتْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ جَاءَ مِنْ أَرْضٍ لَهُ فَصَامَ، وَأَمَرَنِي فَأَفْطَرْتُ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ لَيْلًا وَكَانَ رَاكِبًا وَأَنَا مَاشٍ»
٣ ‏/ ١٩٧
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا جَمِيعًا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّهُ سَافَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ عِنْدَ بَابِ الْجِسْرِ»
٣ ‏/ ١٩٧
حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ «أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُتِمَّهُ»
٣ ‏/ ١٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا وَأَرَدْتُ أَنْ أُسَافِرَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَا لِي: اخْرُجْ، وَقَالَ حَمَّادٌ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَمَّا إِذَا كَانَ الْعَشْرُ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُقِيمَ “
٣ ‏/ ١٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَا «مَنْ أَدْرَكَهُ الصَّوْمُ وَهُوَ مُقِيمٌ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ، قَالَا: إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ»
٣ ‏/ ١٩٧
وَقَالَ آخَرُونَ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] يَعْنِي فَمَنْ شَهِدَهُ عَاقِلًا بَالِغًا مُكَلَّفًا فَلْيَصُمْهُ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ صَحِيحٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ فَعَلَيْهِ صَوْمُهُ، فَإِنْ جَنَّ بَعْدَ دُخُولِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا، ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ شَهِدَهُ وَهُوَ مِمَّنْ عَلَيْهِ فُرِضَ قَالُوا: وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ مَجْنُونٌ إِلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ لَوْ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُهُ، فَلَنْ يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ حَتَّى صَحَّ وَبَرَأَ أَوْ أَفَاقَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ صَوْمِ الشَّهْرِ كُلِّهِ سِوَى الْيَوْمِ الَّذِي صَامَهُ بَعْدَ إِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ شَهِدَ الشَّهْرَ قَالُوا: وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَلَمْ يُفِقْ حَتَّى انْقَضَى الشَّهْرُ كُلُّهُ ثُمَّ أَفَاقَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ شَهِدَهُ مُكَلَّفًا صَوْمُهُ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ الْجُنُونَ إِنْ كَانَ يَسْقُطُ عَمَّنْ كَانَ بِهِ فَرْضُ الصَّوْمِ مِنْ أَجْلِ فَقْدِ صَاحِبِهِ عَقْلَهُ جَمِيعَ الشَّهْرِ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبِيلَ كُلِّ مَنْ فَقَدَ عَقْلَهُ جَمِيعَ شَهْرِ الصَّوْمِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ مَنْ فَقَدَ عَقْلَهُ جَمِيعَ شَهْرِ الصَّوْمِ بِإِغْمَاءٍ أَوْ بِرْسَامٍ، ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الشَّهْرِ كُلِّهِ
٣ ‏/ ١٩٨
وَلَمْ يُخَالِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ بِهِ عَلَى الْأُمَّةِ، وَإِذَا كَانَ إِجْمَاعًا فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ سَبِيلُ كُلِّ مَنْ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ جَمِيعَ شَهْرِ الصَّوْمِ سَبِيلَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ غَيْرُ الَّذِي تَأَوَّلَهَا قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنْ أَنَّهُ شُهُودُ الشَّهْرِ أَوْ بَعْضِهِ مُكَلَّفًا صَوْمُهُ. وَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْمُتَأَوِّلِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ: فَمَنْ شَهِدَ أَوَّلَهُ مُقِيمًا حَاضِرًا فَعَلَيْهِ صَوْمُ جَمِيعِهِ أَبْطَلَ وَأَفْسَدَ لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ مَا صَامَ بَعْضَهُ وَأَفْطَرَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْإِفْطَارِ
٣ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا أَتَى عُسْفَانَ نَزَلَ بِهِ، فَدَعَا بِإِنَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ لِيَرَاهُ النَّاسُ، ثُمَّ شَرِبَهُ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِنَحْوِهِ. ⦗٢٠٠⦘ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، ثنا عَبِيدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِنَحْوِهِ
٣ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِسَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَى الْكَدِيدَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ، وَأَمَجَ وَأَفْطَرَ»
٣ ‏/ ٢٠٠
حَدَّثَنَا هَنَّادُ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَشْرٍ أَوْ لِعِشْرِينَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ عَامَ الْفَتْحِ، فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَفْطَرَ»

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …