سُورَةُ الْأَنْعَامِ 7

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٥] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢]: وَهَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ. ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٣] يَقُولُ: فَاجْعَلُوهُ إِمَامًا تَتَّبِعُونَهُ وَتَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ أَيُّهَا النَّاسُ. ﴿وَاتَّقُوا﴾ [البقرة: ٤٨] يَقُولُ: وَاحْذَرُوا اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنْ تُضَيِّعُوا الْعَمَلَ بِمَا فِيهِ، وَتَتَعَدَّوْا حُدُودَهُ، وَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَهُ
١٠ ‏/ ٥
كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢] «وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام» . ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٥] يَقُولُ: «فَاتَّبَعُوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ» وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٥] يَقُولُ: لِتُرْحَمُوا فَتَنْجَوْا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ
١٠ ‏/ ٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْعَامِلِ فِي (أَنْ) الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنْ تَقُولُوا﴾ [البقرة: ٢٣٥]،
١٠ ‏/ ٥
وَفِي مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَقُولُوا: إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: بَلْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ قَالَ: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، اتَّقُوا أَنْ تَقُولُوا. قَالَ: وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: ٢] . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. قَالَ: وَنَصْبُهُ مِنْ مَكَانَيْنِ: أَحَدُهُمَا (أَنْزَلْنَاهُ لِئَلَّا يَقُولُ: إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى) . وَالْآخَرُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿اتَّقُوا﴾ [البقرة: ٢١٢] قَالَ: وَلَا يَصْلُحُ فِي مَوْضِعِ أَنْ كَقَوْلِهِ: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦] . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: نَصَبَ (أَنْ) لِتَعَلُّقِهَا بِالْإِنْزَالِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ لِئَلَّا تَقُولُوا: إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا. فَأَمَّا الطَّائِفَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابَهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ، لِئَلَّا يَقُولَ الْمُشْرِكُونَ: لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْنَا كِتَابٌ فَنَتَّبِعَهُ، وَلَمْ نُؤْمَرْ وَلَمْ نُنْهَ، فَلَيْسَ عَلَيْنَا حُجَّةٌ فِيمَا نَأْتِي وَنَذَرُ، إِذْ لَمْ يَأْتِ مِنَ اللَّهِ كِتَابٌ وَلَا رَسُولٌ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَى
١٠ ‏/ ٦
الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أُنْزِلَ عَلَيْهِمَا الْكِتَابُ مِنْ قَبْلِنَا، فَإِنَّهُمَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَنْ تَقُولُوا، إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦]: «وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»
١٠ ‏/ ٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أَنْ تَقُولُوا، إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦]: «الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، نَخَافُ أَنْ تَقُولَهُ قُرَيْشٌ»
١٠ ‏/ ٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦] قَالَ: «الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ: أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ»
١٠ ‏/ ٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿أَنْ تَقُولُوا، إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦]: «وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»
١٠ ‏/ ٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦]: «أَمَا الطَّائِفَتَانِ: فَالْيَهُودُ ⦗٨⦘ وَالنَّصَارَى» وَأَمَّا ﴿وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦]، فَإِنَّهُ يَعْنِي: أَنْ تَقُولُوا: وَقَدْ كُنَّا عَنْ تِلَاوَةِ الطَّائِفَتَيْنِ الْكِتَابَ الَّذِي أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ غَافِلِينَ، لَا نَدْرِي مَا هِيَ، وَلَا نَعْلَمُ مَا يَقْرَءُونَ، وَمَا يَقُولُونَ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَهُ دُونَنَا، وَلَمْ نُعْنَ بِهِ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِمَا فِيهِ، وَلَا هُوَ بِلِسَانِنَا، فَيَتَّخِذُوا ذَلِكَ حُجَّةً. فَقَطَعَ اللَّهُ بِإِنْزَالِهِ الْقُرْآنَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ حُجَّتَهُمْ تِلْكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦] يَقُولُ: «وَإِنْ كُنَّا عَنْ تِلَاوَتِهِمْ لَغَافِلِينَ»
١٠ ‏/ ٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦]: «أَيْ عَنْ قِرَاءَتِهِمْ»
١٠ ‏/ ٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦] قَالَ: «الدِّرَاسَةُ: الْقِرَاءَةُ وَالْعِلْمُ، وَقَرَأَ: ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾ [الأعراف: ١٦٩] قَالَ: عَلِمُوا مَا فِيهِ، لَمْ يَأْتُوهُ بِجَهَالَةٍ»
١٠ ‏/ ٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗٩⦘ السُّدِّيِّ: ﴿وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦] يَقُولُ: «وَإِنْ كُنَّا عَنْ قِرَاءَتِهِمْ، لَغَافِلِينَ، لَا نَعْلَمُ مَا هِيَ»
١٠ ‏/ ٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ، لِئَلَّا يَقُولَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا، أَوْ لِئَلَّا يَقُولُوا: ﴿لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ﴾ [الأنعام: ١٥٧] كَمَا أُنْزِلَ عَلَى هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا، فَأُمِرْنَا فِيهِ وَنُهِينَا، وَبَيَّنَ لَنَا فِيهِ خَطَأَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ صَوَابِهِ. ﴿لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٧]: أَيْ لَكُنَّا أَشَدَّ اسْتِقَامَةً عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعًا لِلْكِتَابِ، وَأَحْسَنَ عَمَلًا بِمَا فِيهِ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَنْزَلَ عَلَيْهِمَا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا. يَقُولُ اللَّهُ: ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: فَقَدْ جَاءَكُمْ كِتَابٌ بِلِسَانِكُمْ عَرَبِيُّ مُبِينٌ، حُجَّةً عَلَيْكُمْ وَاضِحَةً بَيِّنَةً مِنْ رَبِّكُمْ. ﴿وَهُدًى﴾ [البقرة: ٩٧] يَقُولُ: وَبَيَانٌ لِلْحَقِّ، وَفُرْقَانٌ بَيْنَ الصَّوَابِ وَالْخَطَأِ. ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧] لِمَنْ عَمِلَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ
١٠ ‏/ ٩
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: «قَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ لِسَانٌ عَرَبِيُّ مُبِينٌ، حِينَ لَمْ تَعْرِفُوا دِرَاسَةَ الطَّائِفَتَيْنِ، وَحِينَ قُلْتُمْ: لَوْ جَاءَنَا كِتَابٌ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ»
١٠ ‏/ ٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا ⦗١٠⦘ أُنْزِلَ، عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٧]: “فَهَذَا قَوْلُ كُفَّارِ الْعَرَبِ، ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ [الأنعام: ١٥٧]
١٠ ‏/ ٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَمَنْ أَخْطَأُ فِعْلًا وَأَشَدُّ عُدْوَانًا مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ، الْمُكَذِّبُونَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَأَدِلَّتِهِ وَهِيَ آيَاتُهُ. ﴿وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: وَأَعْرَضَ عَنْهَا بَعْدَ مَا أَتَتْهُ، فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهَا وَلَمْ يُصَدِّقْ بِحَقِيقَتِهَا. وَأَخْرَجَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَرَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٥٧] مَخْرَجَ الْخَبَرِ عَنِ الْغَائِبِ، وَالْمَعْنِيُّ بِهِ الْمُخَاطَبُونَ بِهِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: «أَعْرَضَ عَنْهَا»
١٠ ‏/ ١٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٧]: «يُعْرِضُونَ عَنْهَا، وَالصَّدْفُ: الْإِعْرَاضُ»
١٠ ‏/ ١٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧]: «أَعْرَضَ عَنْهَا» ﴿سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٧]: «أَيْ يُعْرِضُونَ»
١٠ ‏/ ١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧]: «فَصَدَّ عَنْهَا» وَقَوْلُهُ: ﴿سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: سَيُثِيبُ اللَّهُ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ آيَاتِهِ وَحُجَجِهِ وَلَا يَتَدَبَّرُونَهَا وَلَا يَتَعَرَّفُونَ حَقِيقَتَهَا فَيُؤْمِنُوا بِمَا دَلَّتْهُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَحَقِّيَّةِ نُبُوَّةِ نَبِيِّهِ وَصِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: شَدِيدَ الْعِقَابِ، وَذَلِكَ عَذَابُ النَّارِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ لِكَفَرَةِ خَلْقِهِ بِهِ. ﴿بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٧] يَقُولُ: يَفْعَلُ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِمْ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يُعْرِضُونَ عَنْ آيَاتِهِ فِي الدُّنْيَا فَلَا يَقْبَلُونَ مَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ مُحَمَّدٌ ﷺ
١٠ ‏/ ١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: هَلْ يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ الْعَادِلُونَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ، إِلَّا أَنْ ⦗١٢⦘ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمَوْتِ فَتَقْبِضَ أَرْوَاحَهُمْ، أَوْ أَنْ يَأْتِيَهُمُ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ بَيْنَ خَلْقِهِ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ: أَوْ أَنْ يَأْتِيَهُمُ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ، وَذَلِكَ فِيمَا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
١٠ ‏/ ١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ: «عِنْدَ الْمَوْتِ حِينَ تَوَفَّاهُمْ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]: «ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ١٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] «بِالْمَوْتِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] «يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «آيَةٌ مُوجِبَةٌ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ»
١٠ ‏/ ١٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ: «بِالْمَوْتِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] «وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]
١٠ ‏/ ١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] «عِنْدَ الْمَوْتِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ⦗١٣⦘ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: “يُصْبِحُونَ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مِنْ هُنَا مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ كَالْبَعِيرَيْنِ الْقَرِينَيْنِ. زَادَ ابْنُ حُمَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: فَذَلِكَ حِينَ ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]، وَقَالَ: كَالْبَعِيرَيْنِ الْمُقْتَرِنَيْنِ
١٠ ‏/ ١٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] «تَقْبِضُ الْأَنْفُسَ بِالْمَوْتِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] «يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]
١٠ ‏/ ١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُشْرِكًا بِاللَّهِ أَنْ يُؤْمِنَ بَعْدَ مَجِيءِ تِلْكَ الْآيَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ تِلْكَ الْآيَةَ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ عِنْدَ مَجِيئِهَا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. ⦗١٤⦘ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
١٠ ‏/ ١٣
حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿يَوْمَ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، وَجَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»، قَالَ: «فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَتِلْكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ١٤
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ السُّكَّرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا: «أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟» قَالُوا: ⦗١٥⦘ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي مِنْ حَيْثُ شِئْتِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلَعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرٍّ لَهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي مِنْ حَيْثِ شِئْتِ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلَعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يُنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِيَ فَتَخِرَّ سَاجِدَةً فِي مُسْتَقَرٍّ لَهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ لَا يُنْكِرُونَ مِنْهَا شَيْئًا، فَيُقَالُ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا»، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَلِكَ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذَاكَ يَوْمُ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا» حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ
١٠ ‏/ ١٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، قَالَ: ثنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ بَابًا مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ١٥
حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُبَيْدٍ ⦗١٦⦘ الْيَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: ذُكِرَتِ التَّوْبَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لِلتَّوْبَةِ بَابٌ بِالْمَغْرِبِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ»
١٠ ‏/ ١٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بِالْمَغْرِبِ بَابًا مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عَامًا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ١٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»
١٠ ‏/ ١٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَيَوْمَئِذٍ يُؤْمِنُ النَّاسُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «التَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ١٧
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ١٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: «جَلَسَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بِالْمَدِينَةِ، فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنِ الْآيَاتِ، أَنَّ أَوَّلَهَا خُرُوجًا الدَّجَّالُ. فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَحَدَّثُوهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَمْ يَقُلْ مَرْوَانُ شَيْئًا، قَدْ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ أَنْسَهْ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:»إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوْ خُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، أَيَّتُهُمَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا قَرِيبًا “، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ: ⦗١٨⦘ أَظُنُّ أَوَّلَهُمَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا كُلَّمَا غَرَبَتْ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَيُؤْذَنُ لَهَا فِي الرُّجُوعِ، حَتَّى إِذَا بَدَا لِلَّهِ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا فَعَلَتْ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَتَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ، وَعَرَفَتْ أَنْ لَوَ أَذِنَ لَهَا لَمْ تُدْرِكِ الْمَشْرِقَ قَالَتْ: مَا أَبْعَدَ الْمَشْرِقَ رَبِّ مَنْ لِي بِالنَّاسِ، حَتَّى إِذَا صَارَ الْأُفُقُ كَأَنَّهُ طَوْقٌ اسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَقِيلَ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ مَكَانِكِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو رَبِيعَةَ فَهْدٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ دَخَلُوا عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
١٠ ‏/ ١٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ أَبِي النَّجُودِ يُحَدِّثُ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ ⦗١٩⦘ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بِالْمَغْرِبِ بَابًا مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عَامًا، لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ»
١٠ ‏/ ١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، قَالَ: «إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»
١٠ ‏/ ١٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو رَبِيعَةَ فَهْدٌ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: غَدَوْنَا إِلَى صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، عَرْضُهُ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَامًا، فَلَا يَزَالُ مَفْتُوحًا حَتَّى تَطْلُعَ مِنْ قِبَلِهِ الشَّمْسُ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] إِلَى ﴿خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٥٨]
١٠ ‏/ ١٩
حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ»، قَالَ: «فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ١٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَابَ قَبْلَ ⦗٢٠⦘ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا قُبِلَ مِنْهُ»
١٠ ‏/ ١٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ، فَيُقَالُ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ حَيْثِ غَرَبْتِ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
١٠ ‏/ ٢٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى حِمَارٍ، فَنَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ حِينَ غَرَبَتْ فَقَالَ: «إِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ، تَنْطَلِقُ حَتَّى تَخِرَّ لِرَبِّهَا سَاجِدَةً تَحْتَ الْعَرْشِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْلِعَهَا مِنْ مَغْرِبِهَا حَبَسَهَا، فَتَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ مَسِيرِي بَعِيدٌ، فَيَقُولُ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ حَيْثِ غَرَبْتِ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»
١٠ ‏/ ٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا إِلَى الشَّمْسِ فَقَالَ: «يُوشِكُ أَنْ ⦗٢١⦘ تَجِيءَ حَتَّى تَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ٢٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]، «فَهُوَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ مُشْرِكًا إِيمَانُهُ عِنْدَ الْآيَاتِ، وَيَنْفَعُ أَهْلَ الْإِيمَانِ عِنْدَ الْآيَاتِ إِنْ كَانُوا اكْتَسَبُوا خَيْرًا قَبْلَ ذَلِكَ»
١٠ ‏/ ٢١
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَشِيَّةً مِنَ الْعَشِيَّاتِ، فَقَالَ لَهُمْ: «يَا عِبَادَ اللَّهِ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّكُمْ تُوشِكُونَ أَنْ تَرَوُا الشَّمْسَ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ حُبِسَتِ التَّوْبَةُ وَطُوِيَ الْعَمَلُ وَخُتِمَ الْإِيمَانُ»، فَقَالَ النَّاسُ: هَلْ لِذَلِكَ مِنْ آيَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ آيَةَ تِلْكُمُ اللَّيْلَةِ أَنْ تَطُولَ كَقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَيَسْتَيْقِظُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ فَيُصَلُّونَ لَهُ، ثُمَّ يَقْضُونَ صَلَاتَهُمْ وَاللَّيْلُ مَكَانَهُ لَمْ يَنْقَضِ، ثُمَّ يَأْتُونَ مَضَاجِعَهُمْ فَيَنَامُونَ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظُوا وَاللَّيْلُ مَكَانَهُ، فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ خَافُوا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ عَظِيمٍ، فَإِذَا أَصْبَحُوا وَطَالَ عَلَيْهِمْ طُلُوعُ الشَّمْسِ، فَبَيْنَا هُمْ يَنْتَظِرُونَهَا إِذْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَمْ ⦗٢٢⦘ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»
١٠ ‏/ ٢١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا» الْآيَةَ
١٠ ‏/ ٢٢
وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَتْلُو: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨]، قَالَ: يَقُولُ: «نَتَحَدَّثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا الشَّمْسُ تَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ ذَلِكَ
١٠ ‏/ ٢٢
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] «إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ ذَلِكَ أَيْضًا
١٠ ‏/ ٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَوْفٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: ثني أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: «مَا ذُكِرَ مِنَ الْآيَاتِ فَقَدْ مَضَيْنَ غَيْرُ أَرْبَعٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ، وَالدَّجَّالُ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَالْآيَةُ الَّتِي تُخْتَمُ بِهَا الْأَعْمَالُ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]، قَالَ: فَهِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مَعَ الْقَمَرِ، كَأَنَّهُمَا بَعِيرَانِ ⦗٢٤⦘ مَقْرُونَانِ»
١٠ ‏/ ٢٣
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مَعَ الْقَمَرِ كَالْبَعِيرَيْنِ الْمُقْتَرِنَيْنِ»
١٠ ‏/ ٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مَعَ الْقَمَرِ كَالْبَعِيرَيْنِ الْقَرِينَيْنِ»
١٠ ‏/ ٢٤
وَقَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَأَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَانَ، يَقُولُ: «لَا يَزَالُ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحًا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ آمَنُوا، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ٢٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ ⦗٢٥⦘ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»
١٠ ‏/ ٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٥
وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُقْبَةَ أَبِي كِيرَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «لَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةً مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ: «إِذَا جَاءَتِ الْآيَاتُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا ⦗٢٦⦘ إِيمَانُهَا، يَقُولُ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٥
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٠ ‏/ ٢٦
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ بَعْضُ الْآيَاتِ الثَّلَاثَةِ: الدَّابَّةِ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
١٠ ‏/ ٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «التَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِنْ قَبِلَهَا مَا لَمْ تَخْرُجْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدَّابَّةُ، أَوْ فَتْحُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ»
١٠ ‏/ ٢٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «التَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِنْ قَبِلَهَا مَا لَمْ تَخْرُجْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: الدَّابَّةُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ»
١٠ ‏/ ٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِذَا خَرَجَ أَوَّلُ الْآيَاتِ طُرِحَتِ الْأَقْلَامُ، وَحُبِسَتِ الْحَفَظَةُ، وَشَهِدَتِ الْأَجْسَادُ عَلَى الْأَعْمَالِ»
١٠ ‏/ ٢٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجَتْ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ»
١٠ ‏/ ٢٧
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالَ، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ» حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ أَنَّ نَبِيَّ ⦗٢٨⦘ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، مَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا “
١٠ ‏/ ٢٧
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨] فَإِنَّهُ يَعْنِي: أَوْ عَمِلَتْ فِي تَصْدِيقِهَا بِاللَّهِ خَيْرًا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ تُصْدِقُ قِيلَهُ، وَتُحَقِّقُهُ مِنْ قَبْلِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، لَا يَنْفَعُ كَافِرًا لَمْ يَكُنْ آمَنَ بِاللَّهِ قَبْلَ طُلُوعِهَا، كَذَلِكَ إِيمَانُهُ بِاللَّهِ إِنْ آمَنَ وَصَدَّقَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا تَمْتَنِعُ نَفْسٌ مِنَ الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ لِهَوْلِ الْوَارِدِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَحُكْمُ إِيمَانِهِمْ كَحُكْمِ إِيمَانِهِمْ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَتِلْكَ حَالٌ لَا يَمْتَنِعُ الْخَلْقُ مِنَ الْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ لِمُعَايَنَتِهِمْ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا تَرْتَفِعُ مَعَهُ حَاجَتُهُمْ إِلَى الْفِكْرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالْبَحْثِ وَالِاعْتِبَارِ، وَلَا يَنْفَعُ مَنْ كَانَ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ مُصَدِّقًا وَلِفَرَائِضِ اللَّهِ مُضَيِّعًا غَيْرَ مُكْتَسِبٍ بِجَوَارِحِهِ لِلَّهِ طَاعَةً إِذَا هِيَ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا أَعْمَالُهُ إِنْ عَمِلَ، وَكَسْبُهُ إِنِ اكْتَسَبَ، لِتَفْرِيطِهِ الَّذِي سَلَفَ قَبْلَ طُلُوعِهَا فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ٢٨
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]، يَقُولُ: «كَسَبَتْ فِي تَصْدِيقِهَا خَيْرًا عَمَلًا صَالِحًا، فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الْقِبْلَةِ. وَإِنْ كَانَتْ مُصَدِّقَةً وَلَمْ تَعْمَلْ قَبْلَ ذَلِكَ خَيْرًا فَعَمِلَتْ بَعْدَ أَنْ رَأَتِ الْآيَةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا. وَإِنْ عَمِلَتْ قَبْلَ الْآيَةِ خَيْرًا ثُمَّ عَمِلَتْ بَعْدَ الْآيَةِ خَيْرًا، قُبِلَ ⦗٢٩⦘ مِنْهَا»
١٠ ‏/ ٢٨
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ [الأنعام: ١٥٨] قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَهُ بَعْضُ الْآيَاتِ وَهُوَ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ مَعَ إِيمَانِهِ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْعَمَلَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ كَمَا قَبِلَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ»
١٠ ‏/ ٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ: انْتَظِرُوا أَنْ تَأْتِيَكُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمَوْتِ، فَتَقْبِضَ أَرْوَاحَكُمْ، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ رَبُّكَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، أَوْ أَنْ يَأْتِيَكُمْ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَتُطْوَى صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، وَلَا يَنْفَعُكُمْ إِيمَانُكُمْ حِينَئِذٍ إِنْ آمَنْتُمْ، حَتَّى تَعْلَمُوا حِينَئِذٍ الْمُحِقَّ مِنَّا مِنَ الْمُبْطِلِ، وَالْمُسِيءَ مِنَ الْمُحْسِنِ، وَالصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ، وَتَتَبَيَّنُوا عِنْدَ ذَلِكَ بِمَنْ يَحِيقُ عَذَابُ اللَّهِ وَأَلِيمُ نَكَالِهِ، وَمَنِ النَّاجِي مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمَنِ الْهَالِكُ، إِنَّا مُنْتَظِرُو ذَلِكَ، لِيُجْزِلَ اللَّهُ لَنَا ثَوَابَهُ عَلَى طَاعَتِنَا إِيَّاهُ، وَإِخْلَاصِنَا الْعِبَادَةَ لَهُ، وَإِفْرَادِنَاهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَيَفْصِلُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ بِالْحَقِّ، وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ
١٠ ‏/ ٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئْهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٩] اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿فَرَّقُوا﴾ [الأنعام: ١٥٩]، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ ⦗٣٠⦘ اللَّهُ عَنْهُ:
١٠ ‏/ ٢٩
مَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَلِيًّا، رضي الله عنه قَرَأَ: (إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ)
١٠ ‏/ ٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ قَالَ: قَالَ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، قَرَأَهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه: (فَارَقُوا دِينَهُمْ)
١٠ ‏/ ٣٠
وَقَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَتَادَةَ: (فَارَقُوا دِينَهُمْ) . وَكَأَنَّ عَلِيًّا ذَهَبَ بِقَوْلِهِ: (فَارَقُوا دِينَهُمْ): خَرَجُوا فَارْتَدُّوا عَنْهُ مِنَ الْمُفَارَقَةِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
١٠ ‏/ ٣٠
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ رَافِعٍ، عَنْ زُهَيْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، ” كَانَ يَقْرَؤُهَا: ﴿فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٩] وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، أَعْنِي قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ، قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ. وَكَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ تَأَوَّلَ بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمَةُ، فَفَرَّقَ ذَلِكَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَتَهَوَّدَ قَوْمٌ، وَتَنَصَّرَ آخَرُونَ، فَجَعَلُوهُ شِيَعًا مُتَفَرِّقَةً. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، قَدْ قَرَأَتْ بِكُلِّ ⦗٣١⦘ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَئِمَّةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَهُمَا مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُخْتَلِفَتَيْهِ. وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ضَالٍّ فَلِدِينِهِ مُفَارِقٌ، وَقَدْ فَرَّقَ الْأَحْزَابُ دِينَ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ، فَتَهَوَّدَ بَعْضٌ، وَتَنَصَّرَ آخَرُونَ، وَتَمَجَّسَ بَعْضٌ، وَذَلِكَ هُوَ التَّفْرِيقُ بِعَيْنِهِ وَمَصِيرُ أَهْلِهِ شِيَعًا مُتَفَرِّقِينَ غَيْرَ مُجْتَمِعِينَ، فَهُمْ لِدِينِ اللَّهِ الْحَقِّ مُفَارِقُونَ وَلَهُ مُفَرِّقُونَ، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ لِلْحَقِّ مُصِيبٌ، غَيْرَ أَنِّي أَخْتَارُ الْقِرَاءَةَ بِالَّذِي عَلَيْهِ عِظَمُ الْقُرَّاءِ، وَذَلِكَ تَشْدِيدُ الرَّاءِ مِنْ (فَرَّقُوا) ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّينَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٩] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
١٠ ‏/ ٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩] قَالَ: «يَهُودُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ٣١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٩] قَالَ: «هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»
١٠ ‏/ ٣١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا ⦗٣٢⦘ دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩] «مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى»
١٠ ‏/ ٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]: «هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»
١٠ ‏/ ٣٢
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٩] فَيَقُولُ: تَرَكُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا
١٠ ‏/ ٣٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩]: “وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اخْتَلَفُوا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ فَتَفَرَّقُوا، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]
١٠ ‏/ ٣٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩] يَعْنِي: «الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى»
١٠ ‏/ ٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ: (فَارَقُوا دِينَهُمْ) قَالَ: «هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ دُونَ مُحْكَمِهِ
١٠ ‏/ ٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٩] قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ»
١٠ ‏/ ٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩] قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الضَّلَالَةِ»
١٠ ‏/ ٣٣
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: ثني لَيْثٌ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩] لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ، وَلَيْسُوا مِنْكَ، هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ وَأَهْلُ الشُّبُهَاتِ وَأَهْلُ الضَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ ﷺ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّنْ فَارَقَ دِينَهُ الْحَقَّ، وَفَرَّقَهُ، وَكَانُوا فِرَقًا فِيهِ وَأَحْزَابًا شِيَعًا، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ وَلَا هُمْ مِنْهُ، لِأَنَّ دِينَهُ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ هُوَ الْإِسْلَامُ دِينُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةُ، كَمَا قَالَ لَهُ رَبُّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ١٦١]، ⦗٣٤⦘ فَكَانَ مَنْ فَارَقَ دِينَهُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ ﷺ مِنْ مُشْرِكٍ وَوَثَنِيٍّ وَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمُتَحَنِّفٍ مُبْتَدَعٍ قَدِ ابْتَدَعَ فِي الدِّينِ مَا ضَلَّ بِهِ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالدِّينِ الْقَيِّمِ، مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَمُحَمَّدٌ مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]
١٠ ‏/ ٣٣
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٥٩]، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ بِالْأَمْرِ بِتَرْكِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ وُجُوبِ فَرْضِ قِتَالِهِمْ، ثُمَّ نَسَخَهَا الْأَمْرُ بِقِتَالِهِمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]
١٠ ‏/ ٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: قَوْلُهُ: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٥٩]: “لَمْ يُؤْمَرْ بِقِتَالِهِمْ، ثُمَّ نُسِخَتْ، فَأُمِرَ بِقِتَالِهِمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِعْلَامًا مِنَ اللَّهِ لَهُ أَنَّ مِنَ أُمَّتِهِ مَنْ يُحْدِثُ بَعْدَهُ فِي دِينِهِ، وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، لِأَنَّهَا خَبَرٌ لَا أَمْرٌ، وَالنَّسْخُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ
١٠ ‏/ ٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَلِيِّ ⦗٣٥⦘ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]، ثُمَّ يَقُولُ: «بَرِيءٌ نَبِيُّكُمْ ﷺ مِنْهُمْ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، وَابْنُ إِدْرِيسَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ٣٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ أَبُو بَدْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: “لِيَتَّقِ امْرُؤٌ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩] قَالَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ: قَالَهَا مُرَّةُ الطِّيبُ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩] إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ أَنَّهُ مِنْ مُبْتَدِعَةِ أُمَّتِهِ الْمُلْحِدَةِ فِي دِينِهِ بَرِيءٌ، وَمِنَ الْأَحْزَابِ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِهِ وَمِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَلَيْسَ فِي إِعْلَامِهِ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ نَهَاهُ عَنْ قِتَالِهِمْ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَالٍ أَنَّ فِيَ الْكَلَامِ: لَسْتَ مِنْ دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ فَقَاتِلْهُمْ، فَإِنَّ أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ فِي أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، فَيَتُوبَ عَلَيْهِ، وَيُهْلِكَ مَنْ أَرَادَ إِهْلَاكَهُ مِنْهُمْ كَافِرًا، فَيَقْبِضَ رُوحَهُ، أَوْ يَقْتُلَهُ بِيَدِكَ عَلَى كُفْرِهِ، ثُمَّ يُنَبِّئْهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ عِنْدَ مَقْدِمِهِمْ عَلَيْهِ. وَإِذْ كَانَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ اجْتِمَاعُ الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ وَقَوْلُهُ: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٥٩]، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَلَا وَرَدَ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ عَنِ الرَّسُولِ ⦗٣٦⦘ خَبَرٌ، كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ حَتَّى تَقُومَ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ صِحَّةَ الْقَوْلِ بِذَلِكَ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ أَنَّ الْمَنْسُوخَ هُوَ مَا لَمْ يَجُزِ اجْتِمَاعُهُ وَنَاسِخُهُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ فِي كِتَابِنَا (كِتَابِ اللَّطِيفِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ)
١٠ ‏/ ٣٥
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٥٩] فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي إِلَيَّ أَمْرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، وَالْمُبَتَدَعَةُ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ، دُونَكَ وَدُونَ كُلِّ أَحَدٍ، إِمَّا بِالْعُقُوبَةِ إِنْ أَقَامُوا عَلَى ضَلَالَتِهِمْ وَفُرْقَتِهِمْ دِينَهُمْ فَأُهْلِكُهُمْ بِهَا، وَإِمَّا بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّفَضُّلِ مِنِّي عَلَيْهِمْ. ﴿ثُمَّ يُنَبِّئْهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٩] يَقُولُ: ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ وُرُودِهِمْ عَلَيَّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، فَأُجَازِي كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَفْعَلُونَ، الْمُحْسِنُ مِنْهُمْ بِالْإِحْسَانِ وَالْمُسِيءُ بِالْإِسَاءَةِ. ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا مَبْلَغُ جَزَائِهِ مَنْ جَازَى مِنْهُمْ بِالْإِحْسَانِ أَوْ بِالْإِسَاءَةِ، فَقَالَ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٠]
١٠ ‏/ ٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَنْ وَافَى رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَوْقِفِ الْحِسَابِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا بِالتَّوْبَةِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِقْلَاعِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مُقِيمٌ مِنْ ضَلَالَتِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْحَسَنَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فَقَالَ: مَنْ جَاءَ بِهَا فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالَ حَسَنَتِهِ الَّتِي جَاءَ بِهَا. ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] يَقُولُ: وَمَنْ وَافَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْهُمْ بِفِرَاقِ الدِّينِ
١٠ ‏/ ٣٦
الْحَقِّ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ، فَلَا يُجْزَى إِلَّا مَا سَاءَهُ مِنَ الْجَزَاءِ، كَمَا وَافَى اللَّهُ بِهِ مِنْ عَمَلِهِ السَّيِّئِ. ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٨١] يَقُولُ: وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ الْفَرِيقَيْنِ: لَا فَرِيقَ الْإِحْسَانِ، وَلَا فَرِيقَ الْإِسَاءَةِ، بِأَنْ يُجَازِي الْمُحْسِنَ بِالْإِسَاءَةِ وَالْمُسِيءَ بِالْإِحْسَانِ، وَلَكِنَّهُ يُجَازِي كِلَا الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْجَزَاءِ مَا هُوَ لَهُ، لِأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ حَكِيمٌ لَا يَضَعُ شَيْئًا إِلَّا فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يَضَعَهُ فِيهِ، وَلَا يُجَازِي أَحَدًا إِلَّا بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْجَزَاءِ. وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ مَعْنَى الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْحَسَنَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْإِقْرَارُ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِرَسُولِهِ، وَالسَّيِّئَةُ فِيهِ الشِّرْكُ بِهِ وَالتَّكْذِيبُ لِرَسُولِهِ، فَلِلْإِيمَانِ أَمْثَالٌ فَيُجَازَى بِهَا الْمُؤْمِنُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ فَكَيْفَ يُجَازَى بِهِ، وَالْإِيمَانُ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَالْجَزَاءُ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ عَلَيْهِ الْكَرَامَةُ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِنْعَامُ عَلَيْهِ بِمَا أَعَدَّ لِأَهْلِ كَرَامَتِهِ مِنَ النَّعِيمِ فِي دَارِ الْخُلُودِ، وَذَلِكَ أَعْيَانٌ تُرَى وَتُعَايَنُ وَتُحَسُّ وَيُلْتَذُّ بِهَا، لَا قَوْلٌ يُسْمَعُ وَلَا كَسْبُ جَوَارِحَ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ غَيْرُ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَوَافَى اللَّهَ بِهَا لَهُ مُطِيعًا، فَإِنْ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ ثَوَابَ عَشْرِ حَسَنَاتٍ أَمْثَالِهَا. فَإِنْ قُلْتَ: فَهَلْ لِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ مِثْلٌ؟
١٠ ‏/ ٣٧
قِيلَ: لَهُ مِثْلٌ هُوَ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ هُوَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ أَتَاهُ بِهِ أَنْ يُجَازِيهِ عَلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ بِمِثْلِ عَشَرَةِ أَضْعَافِ مَا يَسْتَحِقُّهُ قَائِلُهُ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِيمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي هِيَ الشِّرْكُ، إِلَّا أَنْ لَا يُجَازَى صَاحِبُهَا عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِضْعَافِهِ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: فَإِنَّ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) حَسَنَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ
١٠ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠]: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٠ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: “مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٠ ‏/ ٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠]، قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٠ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعْنَى عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ» . ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٠ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالُوا: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ» . ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالُوا: «بِالشِّرْكِ وَبِالْكُفْرِ»
١٠ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» . ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٠ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٠ ‏/ ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» . ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الشِّرْكُ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا يَسْتَثْنِي، أَنَّ ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠]: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠]: «مَنْ جَاءَ بِالشِّرْكِ»
١٠ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «بِالشِّرْكِ»
١٠ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، وَحَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» . ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٠ ‏/ ٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ» ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الْكُفْرُ»
١٠ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٠ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٠ ‏/ ٤١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ٤١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] يَقُولُ: «مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» . ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «الشِّرْكُ»
١٠ ‏/ ٤١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٠]: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «الْأَعْمَالُ سِتَّةٌ: مُوجِبَةٌ وَمُوجِبَةٌ، وَمُضَعِّفَةٌ وَمُضَعِّفَةٌ، وَمِثْلٌ وَمِثْلٌ. فَأَمَّا الْمُوجِبَتَانِ: فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ مُشْرِكًا بِهِ دَخَلَ النَّارَ، وَأَمَّا الْمُضَعِّفُ وَالْمُضَعِّفُ: فَنَفَقَةُ الْمُؤْمِنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَبْعُ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. وَأَمَّا مِثْلٌ وَمِثْلٌ: فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ ثُمَّ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةً»
١٠ ‏/ ٤٢
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَيْخٍ، مِنَ التَّيْمِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُقَرِّبُنِي إِلَى الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: «إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَاعْمَلْ حَسَنَةً، فَإِنَّهَا عَشْرُ أَمْثَالِهَا»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ؟ قَالَ: «هِيَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ» وَقَالَ قَوْمٌ: عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: الْأَعْرَابُ، فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ، فَإِنَّ حَسَنَاتِهِمْ سَبْعُ مِائَةِ ضِعْفٍ أَوْ أَكْثَرُ
١٠ ‏/ ٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، ⦗٤٣⦘ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «هَذِهِ لِلْأَعْرَابِ، وَلِلْمُهَاجِرِينَ سَبْعُ مِائَةٍ»
١٠ ‏/ ٤٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَشِيطِ بْنِ هَارُونَ الْحَرْبِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَعْرَابِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: فَمَا لِلْمُهَاجِرِينَ؟ قَالَ: «مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ»: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠]، وَإِذَا قَالَ اللَّهُ لِشَيْءٍ عَظِيمٍ، فَهُوَ عَظِيمٌ
١٠ ‏/ ٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] «وَهُمْ يَصُومُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَيُؤَدُّونَ عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ، ثُمَّ نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ بَعْدَ ذَلِكَ: صَوْمُ رَمَضَانَ وَالزَّكَاةُ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، فَأُضِيفَ الْعَشْرُ إِلَى الْأَمْثَالِ، وَهِيَ الْأَمْثَالُ، وَهَلْ يُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ؟ قِيلَ: أُضِيفَتْ إِلَيْهَا لِأَنَّهُ مُرَادٌ بِهَا: فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالِهَا، فَالْأَمْثَالُ حَلَّتْ مَحَلَّ الْمُفَسِّرِ، وَأُضِيفَ الْعَشْرُ إِلَيْهَا، كَمَا يُقَالُ: عِنْدِي عَشْرُ نِسْوَةٍ، فِلَأَنَّهُ
١٠ ‏/ ٤٣
أُرِيدَ بِالْأَمْثَالِ الْآيَاتِ، وَأُقِيمَتِ الْأَمْثَالُ مَقَامَهَا، فَقِيلَ: عَشَرُ أَمْثَالِهَا، فَأَخْرَجَ الْعَشْرَ مَخْرَجَ عَدَدِ الْآيَاتِ، وَالْمِثْلُ مُذَكَّرٌ لَا مُؤَنَّثٌ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْآيَاتِ، وَكَانَ الْمِثْلُ يَقَعُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، فَجُعِلَتْ خَلَفًا مِنْهَا، فُعِلَ بِهَا مَا ذَكَرْتُ، وَمَنْ قَالَ: عِنْدِي عَشْرُ أَمْثَالِهَا، لَمْ يَقُلْ: عِنْدِي عَشْرُ صَالِحَاتٍ، لِأَنَّ الصَّالِحَاتِ فِعْلٌ لَا يُعَدُّ، وَإِنَّمَا تُعَدُّ الْأَسْمَاءُ وَالْمِثْلُ اسْمٌ، وَلِذَلِكَ جَازَ الْعَدَدُ بِهِ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (فَلَهُ عَشْرٌ) بِالتَّنْوِينِ (أَمْثَالُهَا) بِالرَّفْعِ، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْقُرَّاءَ فِي الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهَا، فَلَا نَسْتَجِيزُ خِلَافَهَا فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ مُجْتَمِعَةٌ
١٠ ‏/ ٤٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ١٦١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿قُلْ﴾ [البقرة: ٨٠] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ: ﴿إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٦١] يَقُولُ: قُلْ لَهُمْ: إِنَّنِي أَرْشَدَنِي رَبِّي إِلَى الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ، هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي ابْتَعَثَهُ بِهِ، وَذَلِكَ الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمَةُ، فَوَفَّقَنِي لَهُ. ﴿دِينًا قِيَمًا﴾ [الأنعام: ١٦١] يَقُولُ: مُسْتَقِيمًا. ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ [البقرة: ١٣٠] يَقُولُ: دِينَ إِبْرَاهِيمَ. ﴿حَنِيفًا﴾ [البقرة: ١٣٥] يَقُولُ: مُسْتَقِيمًا. ﴿وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [البقرة: ١٣٥] يَقُولُ: وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿دِينًا قِيَمًا﴾ [الأنعام: ١٦١]، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: (دِينًا قَيِّمًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ إِلْحَاقًا مِنْهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِ
١٠ ‏/ ٤٤
اللَّهِ: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: ٣٦]، وَبِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥]، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: ﴿دِينًا قِيَمًا﴾ [الأنعام: ١٦١] بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَقَالُوا: الْقَيِّمُ وَالْقِيَمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُمْ لُغَتَانِ مَعْنَاهُمَا: الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ، مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ لِلصَّوَابِ مُصِيبٌ، غَيْرَ أَنَّ فَتْحَ الْقَافِ وَتَشْدِيدَ الْيَاءِ أَعْجَبُ إِلَيَّ، لِأَنَّهُ أَفْصَحُ اللُّغَتَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا. وَنَصَبَ قَوْلَهُ: ﴿دِينًا﴾ [آل عمران: ٨٥] عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٦١]، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى هَدَانِي رَبِّي إِلَى دَيْنٍ قَوِيمٍ، فَاهْتَدَيْتُ لَهُ دِينًا قِيَمًا، فَالدِّينُ مَنْصُوبٌ مِنَ الْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ (اهْتَدَيْتُ) الَّذِي نَابَ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٦١] . وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: إِنَّمَا نُصِبَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: ﴿هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٦١] قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَرَفَ شَيْئًا، فَقَالَ: ﴿دِينًا قِيَمًا﴾ [الأنعام: ١٦١] كَأَنَّهُ قَالَ: عَرَفْتُ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ. وَأَمَّا مَعْنَى الْحَنِيفِ، فَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي مَكَانِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِشَوَاهِدِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٠ ‏/ ٤٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿قُلْ﴾ [البقرة: ٨٠] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ
١٠ ‏/ ٤٥
الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ، الَّذِينَ يَسْأَلُونَكَ أَنْ تَتَّبِعَ أَهْوَاءَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ مِنْ عِبَادَةَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ: ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] يَقُولُ: وَذَبْحِي. ﴿وَمَحْيَايَ﴾ [الأنعام: ١٦٢] يَقُولُ: وَحَيَاتِي. ﴿وَمَمَاتِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] يَقُولُ: وَوَفَاتِي. ﴿لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]: يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ خَالِصًا دُونَ مَا أَشْرَكْتُمْ بِهِ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَوْثَانِ. ﴿لَا شَرِيكَ لَهُ﴾ [الأنعام: ١٦٣] فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا لِشَيْءٍ مِنْهُمْ فِيهِ نَصِيبٌ، لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَّا لَهُ خَالِصًا. ﴿وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ﴾ [الأنعام: ١٦٣] يَقُولُ: وَبِذَلِكَ أَمَرَنِي رَبِّي. ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٣] يَقُولُ: وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ وَأَذْعَنَ وَخَضَعَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِرَبِّهِ، بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ: النُّسُكُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الذَّبْحُ
١٠ ‏/ ٤٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «النُّسُكُ: الذَّبَائِحُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ»
١٠ ‏/ ٤٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢]: «ذَبِيحَتِي فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ»
١٠ ‏/ ٤٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢]: «ذَبِيحَتِي فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ»
١٠ ‏/ ٤٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَلَيْسَ، بِابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «ذَبْحِي»
١٠ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «ذَبِيحَتِي»
١٠ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ عن ابْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَا أَدْرِي مَنْ إِسْمَاعِيلُ هَذَا: ﴿صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «صَلَاتِي وَذَبِيحَتِي»
١٠ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «وَذَبِيحَتِي»
١٠ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «ذَبْحِي»
١٠ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «ذَبِيحَتِي»
١٠ ‏/ ٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] قَالَ: «الصَّلَاةُ: الصَّلَاةُ، وَالنُّسُكُ: الذَّبْحُ»
١٠ ‏/ ٤٨
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٣]
١٠ ‏/ ٤٨
فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٣] قَالَ: «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ»
١٠ ‏/ ٤٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَغْيَرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿قُلْ﴾ [البقرة: ٨٠] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ، الدَّاعِيكَ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَاتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ: ﴿أَغْيَرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا﴾ [الأنعام: ١٦٤] يَقُولُ: أَسِوَى اللَّهِ أَطْلُبُ سَيِّدًا يَسُودُنِي. ﴿وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٦٤] يَقُولُ: وَهُوَ سَيِّدُ كُلِّ شَيْءٍ دُونَهُ، وَمُدَبِّرُهُ وَمُصْلِحُهُ. ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾ [الأنعام: ١٦٤] يَقُولُ: وَلَا تَجْتَرِحُ نَفْسٌ إِثْمًا إِلَّا عَلَيْهَا، أَيْ لَا يُؤْخَذُ بِمَا أَتَتْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تبارك وتعالى وَرَكِبَتْ مِنَ الْخَطِيئَةِ سِوَاهَا، بَلْ كُلُّ ذِي إِثْمٍ فَهُوَ الْمُعَاقَبُ بِإِثْمِهِ وَالْمَأْخُوذُ بِذَنْبِهِ. ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] يَقُولُ: وَلَا تَأْثَمُ نَفْسٌ آثِمَةٌ بِإِثْمِ نَفْسٍ أُخْرَى غَيْرَهَا، وَلَكِنَّهَا تَأْثَمُ بِإِثْمِهَا وَعَلَيْهِ تُعَاقَبُ دُونَ إِثْمِ أُخْرَى غَيْرَهَا. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ لَهُمْ، يَقُولُ: قُلْ لَهُمْ: إِنَّا لَسْنَا مَأْخُوذِينَ بِآثَامِكُمْ، وَعَلَيْكُمْ عُقُوبَةُ إِجْرَامِكُمْ، وَلَنَا جَزَاءُ أَعْمَالِنَا. وَهَذَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ
١٠ ‏/ ٤٨
يَقُولَ لَهُمْ: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينٌ﴾ [الكافرون: ٦]
١٠ ‏/ ٤٩
وَذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: «كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا مَخْرَجَ لِلْعُلَمَاءِ الْعَابِدِينَ إِلَّا إِحْدَى خَلَّتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبَتِهَا: إِمَّا أَمْرٌ وَدُعَاءٌ إِلَى الْحَقِّ، أَوِ الِاعْتِزَالُ، فَلَا تُشَارِكْ أَهْلَ الْبَاطِلِ فِي عَمَلِهِمْ، وَتُؤَدِّي الْفَرَائِضَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَبِّكَ، وَتُحِبُّ لِلَّهِ، وَتُبْغِضُ لِلَّهِ، وَلَا تُشَارِكُ أَحَدًا فِي إِثْمٍ. قَالَ: وَقَدْ أَنْزَلَ فِي ذَلِكَ آيَةً مُحْكَمَةً: ﴿قُلْ أَغْيَرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٦٤] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٤]، وَفِي ذَلِكَ قَالَ: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: ٤]» يُقَالُ مِنَ الْوِزْرِ: وَزِرَ يَوْزَرُ، فَهُوَ وَزِيرٌ، وَوُزِرَ يُوزَرُ فَهُوَ مَوْزُورٌ
١٠ ‏/ ٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ: كُلُّ عَامِلٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ فَلَهُ ثَوَابُ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ وِزْرُهُ، فَاعْمَلُوا مَا أَنْتُمْ عَامِلُوهُ. ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٦٤] أَيُّهَا النَّاسُ ﴿مَرْجِعُكُمْ﴾ [آل عمران: ٥٥] يَقُولُ: ثُمَّ إِلَيْهِ مَصِيرُكُمْ وَمُنْقَلَبُكُمْ، ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ﴾ [المائدة: ٤٨] فِي الدُّنْيَا ﴿تَخْتَلِفُونَ﴾ [آل عمران: ٥٥] مِنَ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ، إِذْ كَانَ بَعْضُكُمْ يَدِينُ بِالْيَهُودِيَّةِ، وَبَعْضٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَبَعْضٌ بِالْمَجُوسِيَّةِ، وَبَعْضٌ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَادِّعَائِهِ الشُّرَكَاءَ مَعَ اللَّهِ وَالْأَنْدَادِ، ثُمَّ يُجَازَى جَمِيعُكُمْ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ ⦗٥٠⦘ شَرٍّ، فَتَعْلَمُوا حِينَئِذٍ مَنِ الْمُحْسِنُ مِنَّا وَالْمُسِيءُ
١٠ ‏/ ٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٦٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأُمَّتِهِ: وَاللَّهُ ﴿الَّذِي جَعَلَكُمْ﴾ [الأنعام: ١٦٥] أَيُّهَا النَّاسُ ﴿خَلَائِفَ الْأَرْضِ﴾ [الأنعام: ١٦٥] بِأَنْ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْقُرُونِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَاسْتَخْلَفَكُمْ فَجَعَلَكُمْ خَلَائِفَ مِنْهُمْ فِي الْأَرْضِ، تَخْلُفُونَهُمْ فِيهَا، وَتَعْمُرُونَهَا بَعْدَهُمْ. وَالْخَلَائِفُ: جَمْعُ خَلِيفَةٍ، كَمَا الْوَصَائِفُ جَمْعُ وَصِيفَةٍ، وَهِيَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: خَلَفَ فُلَانٌ فُلَانًا فِي دَارِهِ يَخْلُفُهُ فَهُوَ خَلِيفَةٌ فِيهَا، كَمَا قَالَ الشَّمَّاخُ:
[البحر الوافر] تُصِيبُهُمْ وَتُخْطِئُنِي الْمَنَايَا … وَأُخْلَفُ فِي رُبُوعٍ عَنْ رُبُوعِ
١٠ ‏/ ٥٠
وَذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ﴾ [الأنعام: ١٦٥] قَالَ: «أَمَّا خَلَائِفُ الْأَرْضِ: فَأَهْلَكَ الْقُرُونَ، وَاسْتَخْلَفَنَا فِيهَا بَعْدَهُمْ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ [الأنعام: ١٦٥]، فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَخَالَفَ بَيْنَ أَحْوَالِكُمْ، فَجَعَلَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، بِأَنْ رَفَعَ هَذَا عَلَى هَذَا بِمَا بَسَطَ لِهَذَا مِنَ الرِّزْقِ فَفَضَّلَهُ بِمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْمَالِ وَالْغِنَى عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ فِيمَا خَوَّلَهُ مِنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا، وَهَذَا عَلَى هَذَا بِمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْأَيْدِ وَالْقُوَّةِ عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ الْوَاهِنِ الْقُوَى، فَخَالَفَ بَيْنَهُمْ بِأَنْ رَفَعَ مِنْ دَرَجَةِ هَذَا عَلَى دَرَجَةِ هَذَا، وَخَفَضَ مِنْ دَرَجَةِ هَذَا عَنْ ⦗٥١⦘ دَرَجَةِ هَذَا
١٠ ‏/ ٥٠
وَذَلِكَ كَالَّذِي حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ [الأنعام: ١٦٥] يَقُولُ: «فِي الرِّزْقِ.»
١٠ ‏/ ٥١
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي: لِيَخْتَبِرَكُمْ فِيمَا خَوَّلَكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَمَنَحَكُمْ مِنْ رِزْقِهِ، فَيَعْلَمَ الْمُطِيعَ لَهُ مِنْكُمْ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَنَهَاهُ عَنْهُ وَالْعَاصِي، وَمَنِ الْمُؤَدِّي مِمَّا آتَاهُ الْحَقَّ الَّذِي أَمَرَهُ بِأَدَائِهِ مِنْهُ وَالْمُفَرِّطُ فِي أَدَائِهِ
١٠ ‏/ ٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٦٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: إِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ لِمَنْ أَسْخَطَهُ بِارْتِكَابِهِ مَعَاصِيَهُ وَخِلَافِهِ أَمْرَهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَنَهَاهُ، وَلِمَنِ ابْتَلَى مِنْهُ فِيمَا مَنَحَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَطَوْلِهِ، تَوَلِّيًا وَإِدْبَارًا عَنْهُ، مَعَ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِ وَتَمْكِينِهِ إِيَّاهُ فِي الْأَرْضِ، كَمَا فَعَلَ بِالْقُرُونِ السَّالِفَةِ. ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ﴾ [الأنعام: ١٦٥]: وَإِنَّهُ لَسَاتِرٌ ذُنُوبَ مَنِ ابْتَلَى مِنْهُ إِقْبَالًا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ عِنْدَ ابْتِلَائِهِ إِيَّاهُ بِنِعْمَةٍ، وَاخْتِبَارِهِ إِيَّاهُ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، فَمُغَطٍّ عَلَيْهِ فِيهَا وَتَارِكٌ فَضِيحَتَهُ بِهَا فِي مَوْقِفِ الْحِسَابِ. ﴿رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٤٣] بِتَرْكِهِ عُقُوبَتَهُ عَلَى سَالِفِ ذُنُوبِهِ الَّتِي سَلَفَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِذْ تَابَ وَأَنَابَ إِلَيْهِ قَبْلَ لِقَائِهِ وَمَصِيرِهِ إِلَيْهِ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …