سُورَةُ الْأَعْرَافِ 2

وَقِيلَ: وَلَمْ يَقُلْ: (مِنْ فَوْقِهِمْ) لِأَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ تَنْزِلُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ
١٠ ‏/ ١٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧] وَلَمْ يَقُلْ: (مِنْ فَوْقِهِمْ)، لِأَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ مِنْ فَوْقِهِمْ
١٠ ‏/ ١٠١
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٧]، فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَلَا تَجِدُ رَبِّ أَكْثَرَ بَنِي آدَمَ شَاكِرِينَ لَكَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ كَتَكْرِمَتِكَ أَبَاهُمْ آدَمَ بِمَا أَكْرَمْتَهُ بِهِ، مِنْ إِسْجَادِكَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ، وَتَفْضِيلَكَ إِيَّاهُ عَلَيَّ، وَشُكْرُهُمْ إِيَّاهُ طَاعَتُهُمْ لَهُ بِالْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٠١
بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٧] يَقُولُ: «مُوَحِّدِينَ»
١٠ ‏/ ١٠١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، عَنْ إِحْلَالِهِ بِالْخَبِيثِ عَدُوِّ اللَّهِ مَا أَحَلَّ بِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ وَلَعْنَتِهِ، وَطَرْدِهِ إِيَّاهُ عَنْ جَنَّتِهِ، إِذْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ، وَرَاجَعَهُ مِنَ الْجَوَابِ بِمَا لَمْ يَكُنْ
١٠ ‏/ ١٠١
لَهُ مُرَاجَعَتُهُ بِهِ، يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨] أَيْ مِنَ الْجَنَّةِ ﴿مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾ يَقُولُ: مَعِيبًا. وَالذَّأْمُ: الْعَيْبُ، يُقَالُ مِنْهُ: ذَأَمَهُ يَذْأَمُهُ ذَأْمًا فَهُوَ مَذْءُومٌ، وَيَتْرُكُونَ الْهَمْزَ فَيَقُولُونَ: ذِمْتُهُ أَذِيمُهُ ذَيْمًا وَذَامًا، وَالذَّأْمُ وَالذَّيْمُ أَبْلَغُ فِي الْعَيْبِ مِنَ الذَّمِّ، وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ:
[البحر الطويل] صَحِبْتُكَ إِذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ … فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أَذِيمُهَا
وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى إِنْشَادِهِ (أَلُومُهَا) . وَأَمَّا الْمَدْحُورُ: فَهُوَ الْمُقْصَى، يُقَالُ: دَحَرَهُ يَدْحَرُهُ دَحْرًا وَدُحُورًا: إِذَا أَقْصَاهُ وَأَخْرَجَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمِ: ادْحَرْ عَنْكَ الشَّيْطَانَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾ يَقُولُ: «اخْرُجْ مِنْهَا لَعِينًا مَنْفِيًّا»
١٠ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «⦗١٠٣⦘ مَذْءُومًا: مَمْقُوتًا»
١٠ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا﴾ يَقُولُ: «صَغِيرًا مَنْفِيًّا»
١٠ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾: «أَمَّا مَذْءُومًا: فَمَنْفِيًّا، وَأَمَّا مَدْحُورًا: فَمَطْرُودًا»
١٠ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مَذْءُومًا﴾ قَالَ: «مَنْفِيًّا» ﴿مَدْحُورًا﴾ [الأعراف: ١٨] قَالَ: «مَطْرُودًا»
١٠ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ⦗١٠٤⦘ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا﴾ قَالَ: «مَنْفِيًّا، وَالْمَدْحُورُ قَالَ: الْمُصَغَّرُ»
١٠ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يُونُسَ وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا﴾ قَالَ: «مَنْفِيًّا»
١٠ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْقُرْقُسَانِيُّ عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾؟ قَالَ: «مَقِيتًا»
١٠ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾ فَقَالَ: «مَا نَعْرِفُ الْمَذْءُومُ وَالْمَذْمُومُ إِلَّا وَاحِدًا، وَلَكِنْ يَكُونُ الْمَذْءُومُ مُنْتَقِصَةً، وَقَالَ الْعَرَبُ لِعَامِرٍ: يَا عَامُ، وَلِحَارِثٍ: يَا حَارُ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ»
١٠ ‏/ ١٠٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأعراف: ١٨]
١٠ ‏/ ١٠٤
وَهَذَا قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَقْسَمَ أَنْ مَنِ اتَّبَعَ مِنْ بَنِي آدَمَ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ وَأَطَاعَهُ وَصَدَّقَ ظَنَّهُ، عَلَيْهِ أَنْ يَمْلَأَ مِنْ جَمِيعِهِمْ، يَعْنِي مِنْ كَفَرَةِ بَنِي آدَمَ تُبَّاعِ إِبْلِيسَ وَمِنْ إِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتِهِ جَهَنَّمَ، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً كَذَّبَ ظَنَّ عَدُوِّ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ، وَخَيَّبَ فِيهَا أَمَلَهُ وَأُمْنِيَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ أَطْمَعَ فِيهَا عَدُوَّهُ، وَاسْتَغَشَّهُ وَلَمْ يَسْتَنْصِحْهُ. وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا نَبَّهَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ عِبَادَهُ عَلَى قِدَمِ عَدَاوَةِ عَدُوِّهِ وَعَدُوِّهِمْ إِبْلِيسَ لَهُمْ، وَسَالِفِ مَا سَلَفَ مِنْ حَسَدِهِ لِأَبِيهِمْ، وَبَغْيِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَعَرَّفَهُمْ مَوَاقِعَ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ قَدِيمًا فِي أَنْفُسِهِمْ وَوَالِدِهِمْ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ، فَيَنْزَجِرُوا عَنْ طَاعَةِ عَدُوِّهِ وَعَدُوِّهِمْ إِلَى طَاعَتِهِ وَيُنِيبُوا إِلَيْهَا
١٠ ‏/ ١٠٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثِ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٩] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ اللَّهُ لِآدَمَ: ﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا﴾ [الأعراف: ١٩]: فَأَسْكَنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ آدَمَ وَزَوْجَتَهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَ مِنْهَا إِبْلِيسُ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا، وَأَبَاحَ لَهُمَا أَنْ يَأْكُلَا مِنْ ثِمَارِهَا مِنْ أَيِّ مَكَانٍ شَاءَا مِنْهَا، وَنَهَاهُمَا أَنْ يَقْرَبَا ثَمَرَ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ، وَمَا نَرَى مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ صَوَابًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ ⦗١٠٦⦘. ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٣٥] يَقُولُ: فَتَكُونَا مِمَّنْ خَالَفَ أَمْرَ رَبِّهِ، وَفَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ
١٠ ‏/ ١٠٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٠]: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِمَا، وَتِلْكَ الْوَسْوَسَةُ كَانَتْ قَوْلَهُ لَهُمَا: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠]، وَإِقْسَامَهُ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: (وَسْوَسَ لَهُمَا)، وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْتُ، كَمَا قِيلَ: غَرِضْتُ لَهُ، بِمَعْنَى: اشْتَقْتُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَعْنِي: غَرِضْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَعْنَى ذَلِكَ: فَوَسْوَسَ مِنْ نَفْسِهِ إِلَيْهِمَا الشَّيْطَانُ بِالْكَذِبِ مِنَ الْقِيلِ ﴿لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾، كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ:
[البحر الرجز] وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الْفَلَقْ
وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَجَذَبَ إِبْلِيسُ إِلَى آدَمَ حَوَّاءَ، وَأَلْقَى إِلَيْهِمَا: مَا نَهَاكُمَا
١٠ ‏/ ١٠٦
رَبُّكُمَا عَنْ أَكْلِ ثَمَرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ، أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وَارَاهُ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ عَوْرَاتِهِمَا. فَغَطَّاهُ بِسِتْرِهِ الَّذِي سَتَرَهُ عَلَيْهِمَا. وَكَانَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ يَقُولُ فِي السِّتْرِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ سَتَرَهُمَا بِهِ
١٠ ‏/ ١٠٧
مَا حَدَّثَنِي بِهِ، حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ مُنَبِّهٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ [طه: ١٢١] قَالَ: «كَانَ عَلَيْهِمَا نُورٌ لَا تُرَى سَوْآتُهُمَا»
١٠ ‏/ ١٠٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لِآدَمَ وَزَوْجَتِهِ حَوَّاءَ: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَنْ تَأْكُلَا ثَمَرَهَا إِلَّا لِئَلَّا تَكُونَا مَلَكَيْنِ. وَأُسْقِطَتْ (لَا) مِنَ الْكَلَامِ لِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهَا، كَمَا أُسْقِطَتْ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦]، وَالْمَعْنَى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ لَا تَضِلُّوا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا كَرَاهَةَ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ، كَمَا يُقَالُ: إِيَّاكَ أَنْ تَفْعَلَ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَفْعَلَ، أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ فِي الْجَنَّةِ الْمَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا فَلَا تَمُوتَا. وَالْقِرَاءَةُ عَلَى فَتْحِ اللَّامِ بِمَعْنَى مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. ⦗١٠٨⦘ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
١٠ ‏/ ١٠٧
مَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى الْأَعْمَى، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (إِلَّا أَنْ تَكُونَا، مَلِكَيْنِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
١٠ ‏/ ١٠٨
مَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثني الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: (مَلِكَيْنِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَيَحْيَى وَجَّهَا تَأْوِيلَ الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ لَهُمَا: (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلِكَيْنِ) مِنَ الْمُلُوكِ، وَأَنَّهُمَا تَأَوَّلَا فِي ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠] . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِهَا، الْقِرَاءَةُ الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَهِيَ فَتْحُ اللَّامِ مِنْ (مَلَكَيْنِ)، بِمَعْنَى: مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِنَا فِي أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُسْتَفِيضًا فِي قِرَاءَةِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْقِرَاءَةِ، فَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ
١٠ ‏/ ١٠٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَقَاسَمَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢١]: وَحَلَفَ لَهُمَا، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ [النمل: ٤٩] بِمَعْنَى: تَحَالَفُوا بِاللَّهِ، وَكَمَا قَالَ ⦗١٠٩⦘ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَمُّ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
[البحر الطويل] وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمُ … أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا
بِمَعْنَى: وَحَالَفَهَا بِاللَّهِ، وَكَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
[البحر الطويل] رَضِيعَيْ لَبَانِ ثَدْيِ أُمٍّ تَقَاسَمَا … بِأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لَا نَتَفَرَّقُ
بِمَعْنَى: تَحَالَفَا. وَقَوْلُهُ: ﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١]: أَيْ لَمِمَّنْ يَنْصَحُ لَكُمَا فِي مَشُورَتِهِ لَكُمَا، وَأَمْرِهِ إِيَّاكُمَا بِأَكْلِ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيتُمَا عَنْ أَكْلِ ثَمَرِهَا، وَفِي خَبَرِي إِيَّاكُمَا بِمَا أُخْبِرُكُمَا بِهِ مِنْ أَنَّكُمَا إِنْ أَكَلْتُمَاهُ كُنْتُمَا مَلَكَيْنِ، أَوْ كُنْتُمَا مِنَ الْخَالِدَيْنِ
١٠ ‏/ ١٠٨
كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ ثنا يَزِيدُ، قَالَ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١] «فَحَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ حَتَّى خَدَعَهُمَا، وَقَدْ يُخْدَعُ الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ، فَقَالَ: إِنِّي خُلِقْتُ قَبْلَكُمَا وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْكُمَا، فَاتَّبِعَانِي ⦗١١٠⦘ أُرْشِدْكُمَا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: مَنْ خَادَعَنَا بِاللَّهِ خَدَعَنَا»
١٠ ‏/ ١٠٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ [الأعراف: ٢٢]: فَخَدَعَهُمَا بِغُرُورٍ، يُقَالُ مِنْهُ: مَا زَالَ فُلَانٌ يُدَلِّي فُلَانًا بِغُرُورٍ، بِمَعْنَى: مَا زَالَ يَخْدَعُهُ بِغُرُورٍ وَيُكَلِّمُهُ بِزُخْرُفٍ مِنَ الْقَوْلِ بَاطِلٍ. ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ﴾ [الأعراف: ٢٢] يَقُولُ: فَلَمَّا ذَاقَ آدَمُ وَحَوَّاءُ ثَمَرَ الشَّجَرَةِ يَقُولُ: طَعِمَاهُ. ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ يَقُولُ: انْكَشَفَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا، لِأَنَّ اللَّهَ أَعْرَاهُمَا مِنَ الْكِسْوَةِ الَّتِي كَانَ كَسَاهُمَا قَبْلَ الذَّنْبِ وَالْخَطِيئَةِ، فَسَلَبَهُمَا ذَلِكَ بِالْخَطِيئَةِ الَّتِي أَخْطَآ، أَوِ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي رَكِبَا. ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢] يَقُولُ: أَقْبَلَا وَجَعَلَا يَشُدَّانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ لِيُوَارِيَا سَوْآتِهِمَا
١٠ ‏/ ١١٠
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢] قَالَ: «جَعَلَا يَأْخُذَانِ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ فَيَجْعَلَانِ عَلَى سَوْآتِهِمَا»
١٠ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَانَ آدَمُ كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ، كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلَمَّا وَقَعَ بِالْخَطِيئَةِ بَدَتْ لَهُ عَوْرَتُهُ وَكَانَ لَا يَرَاهَا، فَانْطَلَقَ فَارًّا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فَحَبَسَتْهُ بِشَعْرِهِ، فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي، فَقَالَتْ: لَسْتُ بِمُرْسِلَتِكَ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ، أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي اسْتَحَيْتُكَ»
١٠ ‏/ ١١١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَتِ الشَّجَرَةُ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا آدَمَ وَزَوْجَتَهُ: السُّنْبُلَةَ، فَلَمَّا أَكَلَا مِنْهَا بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا، وَكَانَ الَّذِي وَارَى عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا أَظْفَارُهُمَا، ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢] وَرَقِ التِّينِ يَلْصِقَانِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، فَانْطَلَقَ آدَمُ مُوَلِّيًا فِي الْجَنَّةِ، فَأَخَذَتْ بِرَأْسِهِ شَجَرَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَنَادَاهُ: أَيْ آدَمُ أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي اسْتَحَيْتُكَ يَا رَبِّ، قَالَ: أَمَا ⦗١١٢⦘ كَانَ لَكَ فِيمَا مَنَحْتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَبَحْتُكَ مِنْهَا مَنْدُوحَةٌ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبُّ، وَلَكِنْ وَعِزَّتِكَ مَا حَسَبْتُ أَنَّ أَحَدًا يَحْلِفُ بِكَ كَاذِبًا. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١]، قَالَ: فَبِعِزَّتِي لَأُهْبِطَنَّكَ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ لَا تَنَالُ الْعَيْشَ إِلَّا كَدًّا، قَالَ: فَأُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَكَانَا يَأْكُلَانِ فِيهَا رَغَدًا، فَأُهْبِطَا فِي غَيْرِ رَغَدٍ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ، فَعُلِّمَ صَنْعَةَ الْحَدِيدِ، وَأُمِرَ بِالْحَرْثِ، فَحَرَثَ وَزَرَعَ ثُمَّ سَقَى. حَتَّى إِذَا بَلَغَ حَصَدَهُ ثُمَّ دَاسَهُ، ثُمَّ ذَرَاهُ، ثُمَّ طَحَنَهُ، ثُمَّ عَجَنَهُ، ثُمَّ خَبَزَهُ، ثُمَّ أَكَلَهُ، فَلَمْ يَبْلُغْهُ حَتَّى بَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ»
١٠ ‏/ ١١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَخْصِفَانِ﴾ [الأعراف: ٢٢]، قَالَ: «يُرَقِّعَانِ كَهَيْئَةِ الثَّوْبِ»
١٠ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنَ الْوَرَقِ كَهَيْئَةِ الثَّوْبِ»
١٠ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا ذَاقَا ⦗١١٣⦘ الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ «وَكَانَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَرَيَانِهَا»، ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ﴾ [الأعراف: ٢٢] الْآيَةَ
١٠ ‏/ ١١٢
وَقَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، «أَنَّ آدَمَ، عليه السلام كَانَ رَجُلًا طُوَالًا، كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ، كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلَمَّا وَقَعَ بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنَ الْخَطِيئَةِ، بَدَتْ لَهُ عَوْرَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ لَا يَرَاهَا. فَانْطَلَقَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ، فَعُلِّقَتْ بِرَأْسِهِ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي، قَالَتْ: إِنِّي غَيْرُ مُرْسِلَتِكَ. فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ، أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: رَبِّ، إِنِّي اسْتَحَيْتُكَ»
١٠ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢] قَالَ: «وَرَقُ التِّينِ»
١٠ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢] قَالَ: «وَرَقُ التِّينِ»
١٠ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ حُسَامِ بْنِ مِصَكٍّ، عَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ عَنْ غَيْرِ قَتَادَةَ قَالَ: «كَانَ لِبَاسُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ ظُفُرًا ⦗١١٤⦘ كُلَّهُ، فَلَمَّا وَقَعَ بِالذَّنْبِ كُشِطَ عَنْهُ وَبَدَتْ سَوْأَتُهُ»
١٠ ‏/ ١١٣
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ غَيْرُ قَتَادَةَ: ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢] قَالَ: «وَرَقُ التِّينِ»
١٠ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ قَالَ: «كَانَا لَا يَرَيَانِ سَوْآتِهِمَا»
١٠ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]، قَالَ: «كَانَ لِبَاسُ آدَمَ وَحَوَّاءَ عليهما السلام نُورًا عَلَى فُرُوجِهِمَا، لَا يَرَى هَذَا عَوْرَةَ هَذِهِ، وَلَا هَذِهِ عَوْرَةَ هَذَا. فَلَمَّا أَصَابَا الْخَطِيئَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا»
١٠ ‏/ ١١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَنَادَى آدَمَ وَحَوَّاءَ رَبُّهُمَا: أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ أَكْلِ ثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَكَلْتُمَا ثَمَرَهَا، وَأُعْلِمْكُمَا أَنَّ إِبْلِيسَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ؟ يَقُولُ: قَدْ أَبَانَ عَدَاوَتَهُ لَكُمَا بِتَرْكِ السُّجُودِ لِآدَمَ حَسَدًا وَبَغْيًا.
١٠ ‏/ ١١٤
كَمَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: ٢٢]؟ ” لِمَ أَكَلْتَهَا وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْهَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ، أَطْعَمَتْنِي ⦗١١٥⦘ حَوَّاءُ، قَالَ لِحَوَّاءَ: لِمَ أَطْعَمْتِهِ؟ قَالَتْ: أَمَرَتْنِي الْحَيَّةُ. قَالَ لِلْحَيَّةِ: لِمَ أَمَرْتِهَا؟ قَالَتْ: أَمَرَنِي إِبْلِيسُ. قَالَ: مَلْعُونٌ مَدْحُورٌ، أَمَّا أَنْتِ يَا حَوَّاءُ فَكَمَا دَمِيَتِ الشَّجَرَةُ تَدْمَيْنَ كُلَّ شَهْرٍ، وَأَمَّا أَنْتِ يَا حَيَّةُ فَأَقْطَعُ قَوَائِمَكِ فَتَمْشِينَ عَلَى وَجْهِكِ، وَسَيَشْدَخُ رَأْسَكَ مَنْ لَقِيَكِ، ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [الأعراف: ٢٤]
١٠ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ قِيلَ لَهُ: لِمَ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَيْتُكَ عَنْهَا؟ قَالَ: حَوَّاءُ أَمَرَتْنِي، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَعْقَبْتُهَا أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا كَرْهًا وَلَا تَضَعُ إِلَّا كَرْهًا. قَالَ: فَرَنَّتْ حَوَّاءُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهَا: الرَّنَّةُ عَلَيْكِ وَعَلَى وَلَدِكِ»
١٠ ‏/ ١١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ فِيمَا أَجَابَاهُ بِهِ، وَاعْتِرَافِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالذَّنْبِ، وَمَسْأَلَتِهِمَا إِيَّاهُ الْمَغْفِرَةَ مِنْهُ وَالرَّحْمَةَ، خِلَافُ جَوَابِ اللَّعِينِ إِبْلِيسَ إِيَّاهُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣] قَالَ: آدَمُ وَحَوَّاءُ لِرَبِّهِمَا: يَا رَبَّنَا فَعَلْنَا بِأَنْفُسِنَا مِنَ الْإِسَاءَةِ إِلَيْهَا بِمَعْصِيَتِكَ وَخِلَافِ أَمْرِكَ وَبِطَاعَتِنَا عَدُوَّنَا وَعَدُوَّكَ، فِيمَا لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نُطِيعَهُ فِيهِ مِنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَيْتَنَا عَنْ أَكْلِهَا. ﴿وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣] يَقُولُ: وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَسْتُرْ عَلَيْنَا ذَنْبَنَا فَتُغَطِّيَهُ عَلَيْنَا، وَتَتْرُكْ فَضِيحَتَنَا بِهِ بِعُقُوبَتِكَ إِيَّانَا
١٠ ‏/ ١١٥
عَلَيْهِ، وَتَرْحَمْنَا بِتَعَطُّفِكَ عَلَيْنَا، وَتَرْكِكَ أَخَذْنَا بِهِ، ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] يَعْنِي: لَنَكُونَنَّ مِنَ الْهَالِكِينَ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْخَاسِرِ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ وَالرِّوَايَةِ فِيهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٠ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «قَالَ آدَمُ عليه السلام: يَا رَبِّ، أَرَأَيْتَ إِنْ تُبْتُ وَاسْتَغْفَرْتُكَ؟ قَالَ: إِذًا أُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَمَّا إِبْلِيسُ فَلَمْ يَسْأَلْهُ التَّوْبَةَ، وَسَأَلَ النَّظِرَةَ، فَأُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَأَلَ»
١٠ ‏/ ١١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣] الْآيَةَ، قَالَ: «هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ»
١٠ ‏/ ١١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأعراف: ٢٤] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ فِعْلِهِ بِإِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتِهِ، وَآدَمَ وَوَلَدِهِ، وَالْحَيَّةِ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ وَالْحَيَّةِ: اهْبِطُوا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
١٠ ‏/ ١١٦
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [الأعراف: ٢٤]، قَالَ «: فَلَعَنَ الْحَيَّةَ، وَقَطَعَ قَوَائِمَهَا، وَتَرَكَهَا تَمْشِي عَلَى بَطْنِهَا، وَجَعَلَ رِزْقَهَا مِنَ التُّرَابِ، وَاهْبِطُوا إِلَى الْأَرْضِ: آدَمُ وَحَوَّاءُ وَإِبْلِيسُ وَالْحَيَّةُ»
١٠ ‏/ ١١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [الأعراف: ٢٤] قَالَ: «آدَمُ وَحَوَّاءُ وَالْحَيَّةُ»
١٠ ‏/ ١١٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ [البقرة: ٣٦] يَقُولُ: وَلَكُمْ يَا آدَمُ وَحَوَّاءُ وَإِبْلِيسُ وَالْحَيَّةُ، فِي الْأَرْضِ قَرَارٌ تَسْتَقِرُّونَهُ وَفِرَاشٌ تَمْتَهِدُونَهُ
١٠ ‏/ ١١٧
كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا آدَمُ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ [البقرة: ٣٦] قَالَ: هُوَ قَوْلُهُ: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ [البقرة: ٢٢] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١١٧
مَا حُدِّثْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ [البقرة: ٣٦] قَالَ: «الْقُبُورُ» ⦗١١٨⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ وَالْحَيَّةَ إِذْ أُهْبِطُوا إِلَى الْأَرْضِ، أَنَّهُمْ عَدُوٌّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَأَنَّ لَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرًّا يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ، وَلَمْ يُخَصِّصْهَا بِأَنَّ لَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرًّا فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ دُونَ حَالِ مَوْتِهِمْ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرَ عَنْهَا بِأَنَّ لَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرًّا، فَذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا عَمَّ خَبَرُ اللَّهِ، وَلَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرٌّ فِي حَيَاتِهِمْ عَلَى ظَهْرِهَا وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ فِي بَطْنِهَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥]، ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦]
١٠ ‏/ ١١٧
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [البقرة: ٣٦]، فَإِنَّهُ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَكُمْ فِيهَا مَتَاعٌ تَسْتَمْتِعُونَ بِهِ إِلَى انْقِطَاعِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ هُوَ الْحِينُ الَّذِي ذَكَرَهُ
١٠ ‏/ ١١٨
كَمَا حُدِّثْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأعراف: ٢٤] قَالَ: «إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِلَى انْقِطَاعِ الدُّنْيَا» وَالْحِينُ نَفْسُهُ الْوَقْتُ، غَيْرَ أَنَّهُ مَجْهُولُ الْقَدْرِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر البسيط] وَمَا مِرَاحُكَ بَعْدَ الْحِلْمِ وَالدِّينِ … وَقَدْ عَلَاكَ مَشِيبٌ حِينَ لَا حِينِ
أَيْ وَقْتَ لَا وَقْتَ
١٠ ‏/ ١١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ [الأعراف: ٢٥]⦗١١٩⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ اللَّهُ لِلَّذِينَ أَهْبَطَهُمْ مِنْ سَمَوَاتِهِ إِلَى أَرْضِهِ: ﴿فِيهَا تَحْيَوْنَ﴾ [الأعراف: ٢٥] يَقُولُ: فِي الْأَرْضِ تَحْيَوْنَ، يَقُولُ: تَكُونُونَ فِيهَا أَيَّامَ حَيَاتِكُمْ، ﴿وَفِيهَا تَمُوتُونَ﴾ [الأعراف: ٢٥]، يَقُولُ: فِي الْأَرْضِ تَكُونُ وَفَاتُكُمْ، ﴿وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ [الأعراف: ٢٥] يَقُولُ: وَمِنَ الْأَرْضِ يُخْرِجُكُمْ رَبُّكُمْ، وَيَحْشُرُكُمْ إِلَيْهِ لَبَعْثِ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً
١٠ ‏/ ١١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْجَهَلَةِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا يَتَعَرَّوْنَ لِلطَّوَافِ اتِّبَاعًا مِنْهُمْ أَمْرَ الشَّيْطَانِ، وَتَرْكًا مِنْهُمْ طَاعَةَ اللَّهِ، فَعَرَّفَهُمُ انْخِدَاعَهُمْ بِغُرُورِهِ لَهُمْ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْهُمْ فَسَلَبَهُمْ مِنْ سِتْرِ اللَّهِ الَّذِي أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى أَبْدَى سَوْآتِهِمْ وَأَظْهَرَهَا مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، مَعَ تَفَضُّلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِتَمْكِينِهِمْ مِمَّا يَسْتُرُونَهَا بِهِ، وَأَنَّهُمْ قَدْ سَارَ بِهِمْ سِيرَتَهُ فِي أَبَوَيْهِمْ آدَمَ وَحَوَّاءَ اللَّذَيْنِ دَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ حَتَّى سَلَبَهُمَا سِتْرَ اللَّهِ الَّذِي كَانَ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَبْدَى لَهُمَا سَوْآتِهِمَا فَعَرَّاهُمَا مِنْهُ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا﴾ [الأعراف: ٢٦]: يَعْنِي بِإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ: خَلْقَهُ لَهُمْ، وَرِزْقَهُ إِيَّاهُمْ. وَاللِّبَاسُ: مَا يَلْبَسُونَ مِنَ الثِّيَابِ. ﴿يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ يَقُولُ: يَسْتُرُ عَوْرَاتِكُمْ عَنْ أَعْيُنِكُمْ. وَكَنَّى بِالسَّوْآتِ عَنِ الْعَوْرَاتِ، وَاحِدَتُهَا سَوْأَةٌ، وَهِيَ فَعْلَةٌ مِنَ السُّوءِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ سَوْأَةً لِأَنَّهُ يَسُوءُ صَاحِبَهَا انْكِشَافُهَا مِنْ جَسَدِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر المديد]
١٠ ‏/ ١١٩
خَرَقُوا جَيْبَ فَتَاتِهِمْ … لَمْ يُبَالُوا سَوْأَةَ الرَّجُلَهْ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ قَالَ: «كَانَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، وَلَا يَلْبَسُ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا طَافَ فِيهِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾، قَالَ: «أَرْبَعُ آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي قُرَيْشٍ، كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ إِلَّا عُرَاةً»
١٠ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾ قَالَ: «اللِّبَاسُ الَّذِي يَلْبَسُونَ»
١٠ ‏/ ١٢٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ قَالَ: «كَانَتْ قُرَيْشٌ تَطُوفُ عُرَاةً، لَا يَلْبَسُ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا طَافَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً»
١٠ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ قَالَ: «اللِّبَاسُ الَّذِي يُوَارِي سَوْآتِكُمْ: هُوَ لَبُوسُكُمْ هَذَا»
١٠ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ قَالَ: «هِيَ الثِّيَابُ»
١٠ ‏/ ١٢١
حَدَّثَنَا الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: ثني مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: «اللِّبَاسُ: الثِّيَابُ»
١٠ ‏/ ١٢١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ قَالَ: «يَعْنِي ثِيَابَ الرَّجُلِ الَّتِي يَلْبَسُهَا»
١٠ ‏/ ١٢١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَذُكِرَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِهِ: (وَرِيَاشًا)
١٠ ‏/ ١٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، أَنَّ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، قَرَأَهَا: (وَرِيَاشًا) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] بِغَيْرِ أَلِفٍ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ خَبَرٌ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، أَنَّهُ قَرَأَهُ: (وَرِيَاشًا)، فَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: (وَرِيَاشًا) فَإِنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ جَمْعَ الرِّيشِ، كَمَا تُجْمَعُ الذِّئْبُ ذِئَابًا وَالْبِئْرُ بِئَارًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ مَصْدَرًا مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: رَاشَهُ اللَّهُ يَرِيشُهُ رِيَاشًا وَرِيشًا، كَمَا يُقَالُ: لَبِسَهُ يَلْبَسْهُ لِبَاسًا وَلِبْسًا، وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الطويل] فَلَمَّا كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ مَسَحْنَهُ … بِأَطْرَافِ طِفْلٍ زَانَ غَيْلًا مُوَشَّمَا
١٠ ‏/ ١٢٢
بِكَسْرِ اللَّامِ مِنَ (اللِّبْسِ) . وَالرِّيَاشُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْأَثَاثُ وَمَا ظَهَرَ مِنَ الثِّيَابِ مِنَ الْمَتَاعِ مِمَّا يُلْبَسُ أَوْ يُحْشَى مِنْ فِرَاشٍ أَوْ دِثَارٍ. وَالرِّيشُ: إِنَّمَا هُوَ الْمَتَاعُ وَالْأَمْوَالُ عِنْدَهُمْ، وَرُبَّمَا اسْتَعْمَلُوهُ فِي الثِّيَابِ وَالْكِسْوَةِ دُونَ سَائِرِ الْمَالِ، يَقُولُونَ: أَعْطَاهُ سَرْجًا بِرِيشِهِ، وَرَحْلًا بِرِيشِهِ: أَيْ بِكِسْوَتِهِ وَجَهَازِهِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ لَحَسَنُ رِيشِ الثِّيَابِ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الرِّيَاشُ فِي الْخِصْبِ وَرَفَاهَةِ الْعَيْشِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ: الرِّيَاشُ الْمَالُ
١٠ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] يَقُولُ: «مَالًا»
١٠ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] قَالَ: «الْمَالُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ⦗١٢٤⦘: (وَرِيَاشًا) قَالَ: «أَمَّا رِيَاشًا: فَرِيَاشُ الْمَالِ»
١٠ ‏/ ١٢٣
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: ثني مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: «الرِّيَاشُ: الْمَالُ»
١٠ ‏/ ١٢٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: (وَرِيَاشًا) يَعْنِي: «الْمَالَ» ذِكْرُ مَنْ قَالَ: هُوَ اللِّبَاسُ وَرَفَاهَةُ الْعَيْشِ
١٠ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (وَرِيَاشًا) قَالَ: «الرِّيَاشُ: اللِّبَاسُ، وَالْعَيْشُ: النَّعِيمُ»
١٠ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ: (وَرِيَاشًا) قَالَ: «الرِّيَاشُ: الْمَعَاشُ»
١٠ ‏/ ١٢٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، قَالَ: قَالَ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ: (وَرِيَاشًا) قَالَ: «هُوَ الْمَعَاشُ» وَقَالَ آخَرُونَ: الرِّيشُ: الْجَمَالُ
١٠ ‏/ ١٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ⦗١٢٥⦘: (وَرِيَاشًا) قَالَ: «الرِّيشُ: الْجَمَالُ»
١٠ ‏/ ١٢٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِبَاسُ التَّقْوَى هُوَ الْإِيمَانُ
١٠ ‏/ ١٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] «هُوَ الْإِيمَانُ»
١٠ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦]: «الْإِيمَانُ»
١٠ ‏/ ١٢٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] «الْإِيمَانُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْحَيَاءُ
١٠ ‏/ ١٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦]: «الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي ⦗١٢٦⦘ الْقُرْآنِ هُوَ الْحَيَاءُ» حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ قَالَ: قَالَ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مَعْبَدٍ، بِنَحْوِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ
١٠ ‏/ ١٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦] قَالَ: «لِبَاسُ التَّقْوَى: الْعَمَلُ الصَّالِحُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ هُوَ السَّمْتُ الْحَسَنُ
١٠ ‏/ ١٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزَّبَّاءِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] قَالَ: «السَّمْتُ ⦗١٢٧⦘ الْحَسَنُ فِي الْوَجْهِ»
١٠ ‏/ ١٢٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِ قَمِيصٌ قُوهِيُّ مَحْلُولُ الزِّرِّ، وَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَيَنْهَى عَنِ اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ السَّرَائِرِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا عَمِلَ أَحَدٌ قَطُّ سِرًّا إِلَّا أَلْبَسُهُ اللَّهُ رِدَاءَهُ عَلَانِيَةً، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (وَرِيَاشًا) وَلَمْ يَقْرَأْهَا: ﴿وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦]، ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٢٦] قَالَ: السَّمْتُ الْحَسَنُ ” وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ خَشْيَةُ اللَّهِ
١٠ ‏/ ١٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: ثني مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: ﴿لِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦]: «خَشْيَةُ اللَّهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: ﴿لِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ
١٠ ‏/ ١٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦]: «يَتَّقِي اللَّهُ فَيُوَارِي عَوْرَتَهُ، ذَلِكَ لِبَاسُ التَّقْوَى» وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦] بِرَفْعِ (وَلِبَاسُ) . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: (وَلِبَاسَ التَّقْوَى) بِنَصْبِ اللِّبَاسِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ بَعْضِ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ. فَمَنْ نَصَبَ: (وَلِبَاسَ) فَإِنَّهُ نَصَبَهُ عَطْفًا عَلَى (الرِّيشِ) بِمَعْنَى: قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا، وَأَنْزَلْنَا لِبَاسَ التَّقْوَى. وَأَمَّا الرَّفْعُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ مُخْتَلِفُونَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ارْتَفَعَ بِهِ اللِّبَاسُ، فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ: هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦]، وَقَدِ اسْتَخْطَأَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: هَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ عَلَى اللِّبَاسِ فِي الْجُمْلَةِ عَائِدٌ، فَيَكُونُ اللِّبَاسُ إِذًا رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَجُعِلَ (ذَلِكَ خَيْرٌ) خَبَرًا. ⦗١٢٩⦘ وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: ﴿وَلِبَاسُ﴾ [الأعراف: ٢٦] يُرْفَعُ بِقَوْلِهِ: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى خَيْرٌ)، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ نَعْتِهِ. بِـ (خَيْرٌ) لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ اللِّبَاسُ نَعْتًا، لَا أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى اللِّبَاسِ مِنْ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦]، فَيَكُونُ (خَيْرٌ) مَرْفُوعًا بِذَلِكَ وَذَلِكَ بِهِ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: رَفَعَ لِبَاسَ التَّقْوَى، وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ الَّذِي قَدْ عَلِمْتُمُوهُ خَيْرٌ لَكُمْ يَا بَنِي آدَمَ مِنْ لِبَاسِ الثِّيَابِ الَّتِي تُوَارِي سَوْآتِكُمْ، وَمِنَ الرِّيَاشِ الَّتِي أَنْزَلْنَاهَا إِلَيْكُمْ فَالْبَسُوهُ. وَأَمَّا تَأْوِيلُ مَنْ قَرَأَهُ نَصْبًا، فَإِنَّهُ: يَا بَنِي آدَمَ، قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ، وَرِيشًا، وَلِبَاسُ التَّقْوَى هَذَا الَّذِي أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ، مِنَ اللِّبَاسِ الَّذِي يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَالرِّيشِ، وَلِبَاسُ التَّقْوَى خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ التَّعَرِّي وَالتَّجَرُّدِ مِنَ الثِّيَابِ فِي طَوَافِكُمْ بِالْبَيْتِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَالْبَسُوا مَا رَزَقَكُمُ اللَّهُ مِنَ الرِّيَاشِ، وَلَا تُطِيعُوا الشَّيْطَانَ بِالتَّجَرُّدِ وَالتَّعَرِّي مِنَ الثِّيَابِ، فَإِنَّ ذَلِكَ سُخْرِيَةٌ مِنْهُ بِكُمْ وَخُدْعَةٌ، كَمَا فَعَلَ بِأَبَوَيْكُمْ آدَمَ وَحَوَّاءَ فَخَدَعَهُمَا حَتَّى جَرَّدَهُمَا مِنْ لِبَاسِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ أَلْبَسَهُمَا بِطَاعَتِهِمَا لَهُ فِي أَكْلِ مَا كَانَ اللَّهُ نَهَاهُمَا عَنْ أَكْلِهِ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ الَّتِي عَصَيَاهُ بِأَكْلِهَا. ⦗١٣٠⦘ وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، أَعْنِي نَصْبَ قَوْلِهِ: (وَلِبَاسَ التَّقْوَى) لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ فِي التَّأْوِيلِ عَلَى مَا بَيَّنْتُ، وَأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا ابْتَدَأَ الْخَبَرَ عَنْ إِنْزَالِهِ اللِّبَاسَ الَّذِي يُوَارِي سَوْآتِنَا وَالرِّيَاشِ تَوْبِيخًا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَتَجَرَّدُونَ فِي حَالِ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِأَخْذِ ثِيَابِهِمْ وَالِاسْتِتَارِ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ مَعَ الْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعِ طَاعَتِهِ، وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَتَعَرِّيهِمْ، لَا أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ بَعْضَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَيْرٌ مِنْ بَعْضٍ. وَمَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ الْآيَاتُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾، وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٦٩]، فَإِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَأْمُرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِأَخْذِ الزِّينَةِ مِنَ الثِّيَابِ وَاسْتِعْمَالِ اللِّبَاسِ وَتَرْكِ التَّجَرُّدِ وَالتَّعَرِّي، وَبِالْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، وَيَنْهَى عَنِ الشِّرْكِ بِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرَ الشَّيْطَانِ، مُؤَكِّدًا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا قَدْ أَجْمَلَهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ . وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصِّحَّةِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: (وَلِبَاسَ التَّقْوَى) اسْتِشْعَارُ النُّفُوسِ تَقْوَى اللَّهِ فِي الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيهِ وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ، وَذَلِكَ يَجْمَعُ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْحَيَاءَ وَخَشْيَةَ اللَّهِ وَالسَّمْتَ ⦗١٣١⦘ الْحَسَنَ، لِأَنَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ كَانَ بِهِ مُؤْمِنًا وَبِمَا أَمَرَهُ بِهِ عَامِلًا وَمِنْهُ خَائِفًا وَلَهُ مُرَاقِبًا، وَمِنْ أَنْ يُرَى عِنْدَ مَا يَكْرَهُهُ مِنْ عِبَادِهِ مُسْتَحْيِيًا. وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ ظَهَرَتْ آثَارُ الْخَيْرِ فِيهِ، فَحَسُنَ سَمْتُهُ وَهَدْيُهُ، وَرَؤُيَتْ عَلَيْهِ بَهْجَةُ الْإِيمَانِ وَنُورُهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: عُنِيَ بِلِبَاسِ التَّقْوَى اسْتِشْعَارُ النَّفْسِ وَالْقَلْبِ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللِّبَاسَ إِنَّمَا هُوَ ادِّرَاعُ مَا يُلْبَسُ وَاحْتِبَاءُ مَا يُكْتَسَى، أَوْ تَغْطِيَةُ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِهِ، فَكُلُّ مَنِ ادَّرَعَ شَيْئًا أَوِ احْتَبَى بِهِ حَتَّى يُرَى هُوَ أَوْ أَثَرُهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ لَهُ لَابِسٌ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الرِّجَالَ لِلنِّسَاءِ لِبَاسًا، وَهُنَّ لَهُمْ لِبَاسًا، وَجَعَلَ اللَّيْلَ لِعِبَادِهِ لِبَاسًا. ذِكْرُ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيلِهِ إِذَا قُرِئَ قَوْلُهُ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] رَفْعًا
١٠ ‏/ ١٢٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦]: الْإِيمَانُ، ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦] يَقُولُ: «ذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ الرِّيَاشِ وَاللِّبَاسِ يُوَارِي سَوْآتِكُمْ»
١٠ ‏/ ١٣١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] قَالَ: «لِبَاسُ التَّقْوَى خَيْرٌ، وَهُوَ الْإِيمَانُ»
١٠ ‏/ ١٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكُمْ أَنِّي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مِنَ اللِّبَاسِ وَالرِّيَاشِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ وَأَدِلَّتِهِ الَّتِي يَعْلَمُ بِهَا مَنْ كَفَرَ صِحَّةَ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَخَطَأَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الضَّلَالَةِ. ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٢٦] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: جَعَلْتُ ذَلِكَ لَهُمْ دَلِيلًا عَلَى مَا وَصَفْتُ لِيَذَّكَّرُوا، فَيَعْتَبِرُوا وَيُنِيبُوا إِلَى الْحَقِّ وَتَرْكِ الْبَاطِلِ، رَحْمَةً مِنِّي بِعِبَادِي
١٠ ‏/ ١٣٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَخْدَعَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ فَيُبْدِي سَوْآتِكُمْ لِلنَّاسِ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ عِنْدَ اخْتِبَارِهِ لَكُمْ، كَمَا فَعَلَ بِأَبَوَيْكُمْ آدَمَ وَحَوَّاءَ عِنْدَ اخْتِبَارِهِ إِيَّاهُمَا فَأَطَاعَاهُ وَعَصَيَا رَبَّهُمَا، فَأَخْرَجَهُمَا بِمَا سَبَّبَ لَهُمَا مِنْ مَكْرِهِ وَخَدْعِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَنَزَعَ عَنْهُمَا مَا كَانَ أَلْبَسَهُمَا مِنَ اللِّبَاسِ لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا بِكَشْفِ عَوْرَتِهِمَا وَإِظْهَارِهَا لِأَعْيُنِهِمَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُسْتَتِرَةً. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ مَعْنَى الْفِتْنَةِ الِاخْتِبَارُ وَالِابْتِلَاءُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ اللِّبَاسِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ نَزَعَهُ عَنْ أَبَوَيْنَا وَمَا كَانَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ أَظْفَارًا
١٠ ‏/ ١٣٢
ذِكْرُ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ قَوْلُهُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧] قَالَ: «لِبَاسُ كُلِّ دَابَّةٍ مِنْهَا، وَلِبَاسُ الْإِنْسَانِ: الظُّفُرُ، فَأَدْرَكَتْ آدَمَ التَّوْبَةُ عِنْدَ ظُفُرِهِ، أَوْ قَالَ: أَظْفَارِهِ»
١٠ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: “تُرِكَتْ أَظْفَارُهُ عَلَيْهِ زِينَةً وَمَنَافِعَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]
١٠ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧] قَالَ: «كَانَ لِبَاسُهُمَا الظُّفُرَ، فَلَمَّا أَصَابَا الْخَطِيئَةَ نُزِعَ عَنْهُمَا، وَتُرِكَتِ الْأَظْفَارُ تَذْكِرَةً وَزِينَةً»
١٠ ‏/ ١٣٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]، قَالَ: «كَانَ لِبَاسُهُ الظُّفُرَ، فَانْتَهَتْ تَوْبَتُهُ إِلَى أَظْفَارِهِ» ⦗١٣٤⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ لِبَاسَهُمَا نُورًا
١٠ ‏/ ١٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]: «النُّورُ»
١٠ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾، قَالَ: «كَانَ لِبَاسُ آدَمَ وَحَوَّاءَ نُورًا عَلَى فُرُوجِهِمَا، لَا يَرَى هَذَا عَوْرَةَ هَذِهِ، وَلَا هَذِهِ عَوْرَةَ هَذَا» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]: يَسْلِبُهُمَا تَقْوَى اللَّهِ
١٠ ‏/ ١٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]، قَالَ: «التَّقْوَى»
١٠ ‏/ ١٣٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧] قَالَ: «التَّقْوَى» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ⦗١٣٥⦘ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَذَّرَ عِبَادَهُ أَنْ يَفْتِنَهُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا فَتَنَ أَبَوَيْهِمْ آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَأَنْ يُجَرِّدَهُمْ مِنْ لِبَاسِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهِمْ، كَمَا نَزَعَ عَنْ أَبَوَيْهِمْ لِبَاسَهُمَا. وَاللِّبَاسُ الْمُطْلَقُ مِنَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَى شَيْءٍ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ، هُوَ مَا اخْتَارَ فِيهِ اللَّابِسُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكِسَاءِ، أَوْ غَطَّى بَدَنَهُ أَوْ بَعْضَهُ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ مِنْ لِبَاسِهِمَا الَّذِي نَزَعَهُ عَنْهُمَا الشَّيْطَانُ هُوَ بَعْضُ مَا كَانَا يُوَارِيَانِ بِهِ أَبْدَانَهُمَا وَعَوْرَتَهُمَا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ ظُفُرًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُورًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا خَبَرَ عِنْدَنَا بِأَيِّ ذَلِكَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُجَّةُ، فَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَصَوْبُ مِنْ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٧]، وَأَضَافَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى إِبْلِيسَ إِخْرَاجَ آدَمَ وَحَوَّاءَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَنَزْعَ مَا كَانَ عَلَيْهِمَا مِنَ اللِّبَاسِ عَنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هُوَ الْفَاعِلَ ذَلِكَ بِهِمَا عُقُوبَةً عَلَى مَعْصِيَتِهِمَا إِيَّاهُ، إِذْ كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ عَنْ تَشْبِيهِ ذَلِكَ لَهُمَا ⦗١٣٦⦘ بِمَكْرِهِ وَخِدَاعِهِ، فَأُضِيفَ إِلَيْهِ أَحْيَانًا بِذَلِكَ الْمَعْنَى، وَإِلَى اللَّهِ أَحْيَانًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ بِهِمَا
١٠ ‏/ ١٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ٢٧] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَرَاكُمْ هُوَ. وَالْهَاءُ فِي (﴿إِنَّهُ﴾ [البقرة: ٣٧]) عَائِدَةٌ عَلَى الشَّيْطَانِ. وَقَبِيلُهُ: يَعْنِي وَصِنْفُهُ وَجِنْسُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُ، وَاحِدٌ جَمْعُهُ (قُبُلُ) وَهُمُ الْجِنُّ
١٠ ‏/ ١٣٦
كَمَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ [الأعراف: ٢٧] قَالَ: «الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ»
١٠ ‏/ ١٣٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ [الأعراف: ٢٧] قَالَ: «قَبِيلُهُ: نَسْلُهُ» وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: ٢٧] يَقُولُ: مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الشَّيْطَانَ وَقَبِيلَهُ. ﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ٢٧] يَقُولُ: ⦗١٣٧⦘ جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ نُصَرَاءَ الْكُفَّارَ الَّذِينَ لَا يُوَحِّدُونَ اللَّهَ وَلَا يُصَدِّقُونَ رُسُلَهُ
١٠ ‏/ ١٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٨] ذُكِرَ أَنَّ مَعْنَى الْفَاحِشَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٠ ‏/ ١٣٧
مَا حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مُحَيَّاةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾ [الأعراف: ٢٨] قَالَ: «كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً يَقُولُونَ: نَطُوفُ كَمَا وَلَدَتْنَا أُمَّهَاتُنَا، فَتَضَعُ الْمَرْأَةُ عَلَى قُبُلِهَا النِّسْعَةَ أَوِ الشَّيْءَ فَتَقُولُ:
[البحر الرجز] الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ … فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
»
١٠ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ [الأعراف: ٢٨]: «فَاحِشَتُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُفَضَّلٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالشَّعْبِيِّ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ [الأعراف: ٢٨]، قَالَ: «كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً»
١٠ ‏/ ١٣٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾ [الأعراف: ٢٨]، قَالَ: «كَانَ قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَإِذَا قِيلَ: لِمَ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا، وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا»
١٠ ‏/ ١٣٨
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ [الأعراف: ٢٨] قَالَ: «طَوَافُهُمْ بِالْبَيْتِ عُرَاةً»
١٠ ‏/ ١٣٨
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ [الأعراف: ٢٨]، قَالَ: «فِي طَوَافِ الْحُمْسِ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهِمْ عُرَاةً»
١٠ ‏/ ١٣٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ [الأعراف: ٢٨]، قَالَ: “كَانَ نِسَاؤُهُمْ يَطُفْنَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَتِلْكَ الْفَاحِشَةُ الَّتِي وَجَدُوا عَلَيْهَا آبَاءَهُمْ، ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [الأعراف: ٢٨] الْآيَةَ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: وَإِذَا فَعَلَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ الشَّيَاطِينَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ قَبِيحًا مِنَ الْفِعْلِ وَهُوَ الْفَاحِشَةُ، وَذَلِكَ تَعَرِّيهِمْ لِلطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَتَجَرُّدُهُمْ لَهُ، فَعُذِلُوا عَلَى مَا أَتَوْا مِنْ قَبِيحِ فِعْلِهِمْ وَعُوتِبُوا عَلَيْهِ، قَالُوا: وَجَدْنَا عَلَى مِثْلِ مَا نَفْعَلُ آبَاءَنَا، فَنَحْنُ نَفْعَلُ مِثْلَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، وَنَقْتَدِي بِهَدْيِهِمْ وَنَسْتَنُّ ⦗١٣٩⦘ بِسُنَّتِهِمْ، وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهِ، فَنَحْنُ نَتَّبِعُ أَمْرَهُ فِيهِ، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، يَقُولُ: لَا يَأْمُرُ خَلْقَهُ بِقَبَائِحِ الْأَفْعَالِ وَمَسَاوِيهَا، أَتَقُولُونَ أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، يَقُولُ: أَتَرْوُونَ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالتَّعَرِّي وَالتَّجَرُّدِ مِنَ الثِّيَابِ وَاللِّبَاسِ لِلطَّوَافِ، وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٣٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ٣٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ: ﴿قُلْ﴾ [البقرة: ٨٠] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ بِالْفَحْشَاءِ كَذِبًا عَلَى اللَّهِ: مَا أَمَرَ رَبِّي بِمَا تَقُولُونَ، بَلْ ﴿أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ [الأعراف: ٢٩] يَعْنِي: بِالْعَدْلِ
١٠ ‏/ ١٣٩
كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ [الأعراف: ٢٩]: «بِالْعَدْلِ»
١٠ ‏/ ١٣٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ [الأعراف: ٢٩] «وَالْقُسْطُ: الْعَدْلُ»
١٠ ‏/ ١٣٩
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩]، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَجِّهُوا وُجُوهَكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ ⦗١٤٠⦘ إِلَى الْكَعْبَةِ
١٠ ‏/ ١٣٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩] «إِلَى الْكَعْبَةِ حَيْثُمَا صَلَّيْتُمْ فِي الْكَنِيسَةِ وَغَيْرِهَا»
١٠ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَاسْتَقْبِلُوا الْكَعْبَةَ فِي كَنَائِسِكُمْ وَغَيْرِهَا»
١٠ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩]، «هُوَ الْمَسْجِدُ: الْكَعْبَةُ»
١٠ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «الْكَعْبَةُ حَيْثُمَا كُنْتَ»
١٠ ‏/ ١٤٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ⦗١٤١⦘: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «أَقِيمُوهَا لِلْقِبْلَةِ، هَذِهِ الْقِبْلَةُ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ: وَاجْعَلُوا سُجُودَكُمْ لِلَّهِ خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ
١٠ ‏/ ١٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «فِي الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا تَدْعُوا غَيْرَهُ، وَأَنْ تُخْلِصُوا لَهُ الدِّينَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا قَالَهُ الرَّبِيعُ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْمَ أُمِرُوا أَنْ يَتَوَجَّهُوا بِصَلَاتِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ، لَا إِلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، وَأَنْ يَجْعَلُوا دُعَاءَهُمْ لِلَّهِ خَالِصًا، لَا مُكَاءَ وَلَا تَصْدِيَةَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا خَاطَبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْمًا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كَنَائِسَ وَبِيَعٍ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْكَنَائِسُ وَالْبِيَعُ لِأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، فَغَيْرُ مَعْقُولٍ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَا يُصَلِّي فِي كَنِيسَةٍ وَلَا بَيْعَةٍ: وَجِّهْ وَجْهَكَ إِلَى الْكَعْبَةِ فِي كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْعَةٍ
١٠ ‏/ ١٤١
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [الأعراف: ٢٩] فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَاعْمَلُوا لِرَبِّكُمْ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَالطَّاعَةَ، لَا تَخْلِطُوا ذَلِكَ بِشِرْكٍ وَلَا تَجْعَلُوا فِي شَيْءٍ مِمَّا ⦗١٤٢⦘ تَعْمَلُونَ لَهُ شَرِيكًا
١٠ ‏/ ١٤١
كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «أَنْ تُخْلِصُوا لَهُ الدِّينَ وَالدَّعْوَةَ وَالْعَمَلَ، ثُمَّ تُوَجِّهُونَ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ»
١٠ ‏/ ١٤٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ [الأعراف: ٣٠] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ: كَمَا بَدَأَكُمْ أَشْقِيَاءَ وَسُعَدَاءَ، كَذَلِكَ تُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
١٠ ‏/ ١٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ [الأعراف: ٣٠]، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَدَأَ خَلْقَ ابْنِ آدَمَ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن: ٢]، ثُمَّ يُعِيدُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا بَدَأَ خَلْقَهُمْ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا»
١٠ ‏/ ١٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا أَصْحَابُنَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «يُبْعَثُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا، وَالْكَافِرُ كَافِرًا»
١٠ ‏/ ١٤٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، ⦗١٤٣⦘ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «يُبْعَثُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَالْمُنَافِقُ عَلَى نِفَاقِهِ»
١٠ ‏/ ١٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: “عَادُوا إِلَى عِلْمِهِ فِيهِمْ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ فِيهِمْ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]؟ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ [الأعراف: ٣٠]؟
١٠ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «رُدُّوا إِلَى عِلْمِهِ فِيهِمْ»
١٠ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو هَمَّامٍ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «مَنِ ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَى الشِّقْوَةِ صَارَ إِلَى مَا ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَمِلَ بِأَعْمَالِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، كَمَا أَنَّ إِبْلِيسَ عَمِلَ بِأَعْمَالِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ثُمَّ صَارَ إِلَى مَا ابْتُدِئَ عَلَيْهِ خَلْقُهُ. وَمَنِ ابْتُدِئَ خَلْقُهُ عَلَى السَّعَادَةِ صَارَ إِلَى مَا ابْتُدِئَ عَلَيْهِ خَلْقُهُ، وَإِنْ عَمِلَ بِأَعْمَالِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، كَمَا أَنَّ السَّحَرَةَ عَمِلَتْ بِأَعْمَالِ أَهْلِ الشَّقَاءِ ثُمَّ صَارُوا إِلَى مَا ابْتُدِئَ عَلَيْهِ خَلْقُهُمْ»
١٠ ‏/ ١٤٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ وَقَاءِ بْنِ إِيَاسَ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «يُبْعَثُ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا، وَالْكَافِرُ كَافِرًا»
١٠ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو دُكَيْنٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «يُبْعَثُ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا، وَالْكَافِرُ كَافِرًا»
١٠ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]، قَالَ: «كَمَا كَتَبَ عَلَيْكُمْ تَكُونُونَ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ [الأعراف: ٣٠]، يَقُولُ: «كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ، فَرِيقٌ مُهْتَدُونَ وَفَرِيقٌ ضَالٌّ، كَذَلِكَ تَعُودُونَ وَتَخْرُجُونَ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ»
١٠ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (تُبْعَثُ كُلُّ نَفْسٍ عَلَى مَا كَانَتْ ⦗١٤٥⦘ عَلَيْهِ)
١٠ ‏/ ١٤٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «كَمَا كَتَبَ عَلَيْكُمْ تَكُونُونَ»
١٠ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «يُبْعَثُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا، وَالْكَافِرُ كَافِرًا»
١٠ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]: «شَقِيًّا وَسَعِيدًا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قِرَاءَةً عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: كَمَا خَلَقَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا تَعُودُونَ بَعْدَ الْفِنَاءِ
١٠ ‏/ ١٤٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «كَمَا بَدَأَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا فَأَحْيَاكُمْ، كَذَلِكَ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
١٠ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿كَمَا ⦗١٤٦⦘ بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «كَمَا بَدَأَكُمْ فِي الدُّنْيَا كَذَلِكَ تَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً»
١٠ ‏/ ١٤٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «بَدَأَ خَلْقَهُمْ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئًا، ثُمَّ ذَهَبُوا ثُمَّ يُعِيدُهُمْ»
١٠ ‏/ ١٤٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى﴾ [الأعراف: ٣٠] يَقُولُ: «كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ كَذَلِكَ تَعُودُونَ»
١٠ ‏/ ١٤٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩]: «يُحْيِيكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ»
١٠ ‏/ ١٤٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩] قَالَ: «كَمَا خَلَقَهُمْ أَوَّلًا، كَذَلِكَ يُعِيدُهُمْ آخِرًا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: كَمَا بَدَأَكُمُ اللَّهُ خَلْقًا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا تَعُودُونَ بَعْدَ فَنَائِكُمْ خَلْقًا مِثْلَهُ، يَحْشُرُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يُعْلِمَ بِمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْمًا مُشْرِكِينَ أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْمَعَادِ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِالْقِيَامَةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اللَّهَ بَاعِثُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمُثِيبٌ مَنْ أَطَاعَهُ وَمُعَاقِبٌ مَنْ عَصَاهُ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ لَهُمْ: أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ، وَأَنْ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ
١٠ ‏/ ١٤٦
مَسْجِدٍ، وَأَنِ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَأَنْ أَقِرُّوا بِأَنْ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَتَرَكَ ذِكْرَ (وَأَنْ أَقِرُّوا بِأَنْ) كَمَا تَرَكَ ذِكْرَ (أَنْ) مَعَ (أَقِيمُوا)، إِذْ كَانَ فِيمَا ذُكِرَ دَلَالَةٌ عَلَى مَا حُذِفَ مِنْهُ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِأَنْ يُؤْمَرَ بِدُعَاءِ مَنْ كَانَ جَاحِدًا النُّشُورَ بَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا يُنْشَرُ مَنْ نُشِرَ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالدُّعَاءِ إِلَى ذَلِكَ مَنْ كَانَ بِالْبَعْثِ مُصَدِّقًا، فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ جَاحِدًا فَإِنَّمَا يُدْعَى إِلَى الْإِقْرَارِ بِهِ ثُمَّ يُعْرَفُ كَيْفَ شَرَائِطُ الْبَعْثِ. عَلَى أَنَّ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
١٠ ‏/ ١٤٧
الَّذِي حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثني الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ عُرَاةً غُرْلًا، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ ﷺ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ١٤٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً غُرْلًا ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]⦗١٤٨⦘ مَا يُبَيِّنُ صِحَّةَ الْقَوْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْخَلْقَ يَعُودُونَ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَلْقًا أَحْيَاءً كَمَا بَدَأَهُمْ فِي الدُّنْيَا خَلْقًا أَحْيَاءً، يُقَالُ مِنْهُ: بَدَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَبْدَؤُهُمْ وَأَبْدَأَهُمْ يُبْدِئُهُمْ إِبْدَاءً بِمَعْنَى خَلَقَهُمْ، لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ فِي خَلْقِهِ وَجَرَى بِهِ فِيهِمْ قَضَاؤُهُ، فَقَالَ: هَدَى اللَّهُ مِنْهُمْ فَرِيقًا فَوَفَّقَهُمْ لِصَالِحِ الْأَعْمَالِ فَهُمْ مُهْتَدُونَ، وَحَقَّ عَلَى فَرِيقٍ مِنْهُمُ الضَّلَالَةُ عَنِ الْهُدَى وَالرَّشَادِ، بِاتِّخَاذِهِمُ الشَّيْطَانَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَإِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ هَذَا، كَانَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ مَنْصُوبًا بِإِعْمَالِ هَدَى فِيهِ، وَالْفَرِيقُ الثَّانِي بِوُقُوعِ قَوْلِهِ حَقَّ عَلَى عَائِدٍ ذَكَرَهُ فِي عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الإنسان: ٣١] . وَمَنْ وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ كَمَا بَدَأَكُمْ فِي الدُّنْيَا صِنْفَيْنِ: كَافِرًا، وَمُؤْمِنًا، كَذَلِكَ تَعُودُونَ فِي الْآخِرَةِ فَرِيقَيْنِ: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ [الأعراف: ٣٠] نَصَبَ (فَرِيقًا) الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: (تَعُودُونَ)، وَجَعَلَ الثَّانِيَ عَطْفًا عَلَيْهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَابَ عِنْدَنَا مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ
١٠ ‏/ ١٤٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ٣٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الْفَرِيقَ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ
١٠ ‏/ ١٤٨
اللَّهِ وَجَارُوا عَنْ قَصْدِ الْمَحَجَّةِ، بِاتِّخَاذِهِمُ الشَّيَاطِينَ نُصَرَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَظُهَرَاءَ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِخَطَأِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى وَحَقٍّ، وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَتَوْهُ وَرَكِبُوا. وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الدَّلَالَةِ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ رَكِبَهَا أَوْ ضَلَالَةٍ اعْتَقَدَهَا إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ عِلْمٍ مِنْهُ بِصَوَابِ وَجْهِهَا فَيَرْكَبُهَا عِنَادًا مِنْهُ لِرَبِّهِ فِيهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَ فَرِيقِ الضَّلَالَةِ الَّذِي ضَلَّ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ هَادٍ وَفَرِيقِ الْهُدَى فَرْقٌ، وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَسْمَائِهِمَا وَأَحْكَامِهِمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ
١٠ ‏/ ١٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَعَرَّوْنَ عِنْدَ طَوَافِهِمْ بِبَيْتِهِ الْحَرَامِ وَيُبْدُونَ عَوْرَاتِهِمْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَالْمُحَرِّمِينَ مِنْهُمْ أَكْلَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَلَالِ رِزْقِهِ تَبَرُّرًا عِنْدَ نَفْسِهِ لِرَبِّهِ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾ [الأعراف: ٣١] مِنَ الْكِسَاءِ وَاللِّبَاسِ، ﴿عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا﴾ [الأعراف: ٣١] مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْتُكُمْ، وَحَلَّلْتُهُ لَكُمْ، ﴿وَاشْرَبُوا﴾ [البقرة: ٦٠] مِنْ حَلَالِ الْأَشْرِبَةِ، وَلَا تُحَرِّمُوا إِلَّا مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِي أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِي مُحَمَّدٍ ﷺ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٤٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ” أَنَّ النِّسَاءَ، كُنَّ يَطُفْنَ ⦗١٥٠⦘ بِالْبَيْتِ عُرَاةً وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: بِغَيْرِ ثِيَابٍ إِلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا خِرْقَةً فِيمَا وُصِفَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَتَقُولُ:
[البحر الرجز]

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ … فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]

١٠ ‏/ ١٤٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: “كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً، الرِّجَالُ بِالنَّهَارِ، وَالنِّسَاءُ بِاللَّيْلِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَقُولُ:
[البحر الرجز] الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ … فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
فَقَالَ اللَّهُ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾ [الأعراف: ٣١]
١٠ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «الثِّيَابُ»
١٠ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِمًا الْبَطِينَ يُحَدِّثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَةً» قَالَ غُنْدَرٌ: «وَهِيَ عُرْيَانَةٌ»، قَالَ وَهْبٌ: ⦗١٥١⦘ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَدْ أَخْرَجَتْ صَدْرَهَا وَمَا هُنَالِكَ، قَالَ غُنْدَرٌ: وَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا وَتَقُولُ:
[البحر الرجز] الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ … وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]
١٠ ‏/ ١٥٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَلْبَسُوا ثِيَابَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّوْا»
١٠ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] الْآيَةَ، قَالَ: «كَانَ رِجَالٌ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالزِّينَةِ، وَالزِّينَةُ: اللِّبَاسُ، وَهُوَ مَا يُوَارِي السَّوْأَةَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جَيِّدِ الْبَزِّ وَالْمَتَاعِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَأْخُذُوا زِينَتَهُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ»
١٠ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأُمِرُوا أَنْ يَلْبَسُوا ثِيَابَهُمْ» ⦗١٥٢⦘ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ١٥١
حَدَّثَنِي عَمْرٌو قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]: «الْبَسُوا ثِيَابَكُمْ»
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] قَالَ: «كَانَ نَاسٌ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ»
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأُمِرُوا أَنْ يَلْبَسُوا الثِّيَاب»
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «مَا وَارَى الْعَوْرَةَ وَلَوْ عَبَاءَةٌ»
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] قَالَ: «مَا يُوَارِي عَوْرَتَكَ وَلَوْ عَبَاءَةٌ»
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] «فِي قُرَيْشٍ، لِتَرْكِهِمُ الثِّيَابَ فِي الطَّوَافِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ ⦗١٥٣⦘ جُبَيْرٍ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «الثِّيَابُ»
١٠ ‏/ ١٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «الشَّمْلَةُ مِنَ الزِّينَةِ»
١٠ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] قَالَ: «الثِّيَابُ»
١٠ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: “كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَطَافَتِ امْرَأَةٌ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ فَقَالَتْ:
[البحر الرجز] الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ … فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
١٠ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: “كَانَ حَيُّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا قَدِمَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ أَطُوفَ فِي ثَوْبٍ قَدْ دَنَّسْتُ فِيهِ، فَيَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي مِئْزَرًا؟ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا طَافَ عُرْيَانًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]
١٠ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: قَالَ اللَّهُ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، يَقُولُ: «مَا يُوَارِي ⦗١٥٤⦘ الْعَوْرَةَ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ»
١٠ ‏/ ١٥٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ” أَنَّ الْعَرَبَ، كَانَتْ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، إِلَّا الْحُمْسَ: قُرَيْشٌ وَأَحْلَافُهُمْ، فَمَنْ جَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَضَعَ ثِيَابَهُ وَطَافَ فِي ثِيَابٍ أَحْمَسَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ ثِيَابَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِيرُهُ مِنَ الْحُمْسِ فَإِنَّهُ يُلْقِي ثِيَابَهُ وَيَطُوفُ عُرْيَانًا، وَإِنْ طَافَ فِي ثِيَابِ نَفْسِهِ أَلْقَاهَا إِذَا قَضَى طَوَافَهُ يُحَرِّمُهَا فَيَجْعَلُهَا حَرَامًا عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]
١٠ ‏/ ١٥٤
وَبِهِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: «الشَّمْلَةُ مِنَ الزِّينَةِ»
١٠ ‏/ ١٥٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] الْآيَةَ، «كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَالْأَعْرَابِ إِذَا حَجُّوا الْبَيْتَ يَطُوفُونَ بِهِ عُرَاةً لَيْلًا، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَلْبَسُوا ثِيَابَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّوْا فِي الْمَسْجِدِ»
١٠ ‏/ ١٥٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾ [الأعراف: ٣١] قَالَ: «زِينَتُهُمْ: ثِيَابُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَطْرَحُونَهَا عِنْدَ الْبَيْتِ وَيَتَعَرَّوْنَ»
١٠ ‏/ ١٥٤
وَحَدَّثَنِي بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، قَالَ: “كَانُوا إِذَا جَاءُوا الْبَيْتَ فَطَافُوا بِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ ثِيَابُهُمُ الَّتِي طَافُوا فِيهَا، فَإِنْ وَجَدُوا مَنْ يُعِيرُهُمْ ثِيَابًا، وَإِلَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَقَالَ: ﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، قَالَ: ثِيَابُ اللَّهِ الَّتِي ⦗١٥٥⦘ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ، الْآيَةَ وَكَالَّذِي قُلْنَا أَيْضًا، قَالُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: ٣١]
١٠ ‏/ ١٥٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَحَلَّ اللَّهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أَوْ مَخِيلَةً»
١٠ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: ٣١] «فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ»
١٠ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: “كَانَ الَّذِينَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً يُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمُ الْوَدَكَ مَا أَقَامُوا بِالْمَوْسِمِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: ٣١]، يَقُولُ: «لَا تُسْرِفُوا فِي التَّحْرِيمِ»
١٠ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: ٣١]، قَالَ: «أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا ⦗١٥٦⦘ وَيَشْرَبُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ»
١٠ ‏/ ١٥٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأنعام: ١٤١]: «لَا تَأْكُلُوا حَرَامًا ذَلِكَ الْإِسْرَافُ» وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: ١٤١] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُتَعَدِّينَ حَدَّهُ فِي حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، الْغَالِينَ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ أَوْ حَرَّمَ بِإِحْلَالِ الْحَرَامِ وَبِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَلَكِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُحَلَّلَ مَا أَحَلَّ وَيُحَرَّمَ مَا حَرَّمَ، وَذَلِكَ الْعَدْلُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ
١٠ ‏/ ١٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿قُلْ﴾ [البقرة: ٨٠] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَتَعَرَّوْنَ عِنْدَ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ مِنْ طَيِّبَاتِ الرِّزْقِ: ﴿مَنْ حَرَّمَ﴾ [الأعراف: ٣٢] أَيُّهَا الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ ﴿زِينَةَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٣٢] الَّتِي خَلَقَهَا لِعِبَادِهِ أَنْ تَتَزَيَّنُوا بِهَا وَتَتَجَمَّلُوا بِلِبَاسِهَا، وَالْحَلَالُ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الَّذِي رَزَقَ خَلْقَهُ لِمَطَاعِمِهِمْ وَمَشَارِبِهِمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الزِّينَةَ مَا قُلْنَا، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الطَّيِّبَاتُ مِنَ الرِّزْقِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: اللَّحْمُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَأْكُلُونَهُ فِي حَالِ إِحْرَامِهِمْ
١٠ ‏/ ١٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗١٥٧⦘ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]: «وَهُوَ الْوَدَكُ»
١٠ ‏/ ١٥٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢] «الَّذِي حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، قَالَ: كَانُوا إِذَا حَجُّوا أَوِ اعْتَمَرُوا حَرَّمُوا الشَّاةَ عَلَيْهِمْ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا»
١٠ ‏/ ١٥٧
وَحَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٣٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: «كَانَ قَوْمٌ يُحَرِّمُونَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّاةِ لَبَنُهَا وَسَمْنُهَا وَلَحْمُهَا، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، قَالَ: وَالزِّينَةُ مِنَ الثِّيَابِ»
١٠ ‏/ ١٥٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: “لَمَّا بَعَثَ مُحَمَّدًا فَقَالَ: هَذَا نَبِيِّي هَذَا خِيَارِي، اسْتَنُّوا بِهِ خُذُوا فِي سُنَّتِهِ وَسَبِيلِهِ، لَمْ تُغْلَقْ دُونَهُ الْأَبْوَابُ، وَلَمْ تُقَمْ دُونَهُ الْحُجُبُ، وَلَمْ يُغْدَ عَلَيْهِ بِالْجِفَانِ وَلَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهِ بِهَا. وَكَانَ يَجْلِسُ بِالْأَرْضِ، وَيَأْكُلُ طَعَامَهُ بِالْأَرْضِ، وَيَلْعَقُ يَدَهُ، وَيَلْبَسُ الْغَلِيظَ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ، وَيُرْدِفُ عَبْدَهُ، وَكَانَ يَقُولُ: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» قَالَ الْحَسَنُ: فَمَا أَكْثَرَ الرَّاغِبِينَ عَنْ سُنَّتِهِ ⦗١٥٨⦘ التَّارِكِينَ لَهَا، ثَمَّ عُلُوجًا فُسَّاقًا، أَكَلَةُ الرِّبَا وَالْغُلُولِ، قَدْ سَفَّهَهُمْ رَبِّي وَمَقَّتَهُمْ، زَعَمُوا أَنْ لَا بَأْسَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَكَلُوا وَشَرِبُوا وَزَخْرَفُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ، يَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ لِأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، قَدْ جَعَلَهَا مُلَاعِبٌ لِبَطْنِهِ وَفَرْجِهِ مِنْ كَلَامٍ لَمْ يَحْفَظْهُ سُفْيَانُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُحَرِّمُ مِنَ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ
١٠ ‏/ ١٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، «وَهُوَ مَا حَرَّمَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ: الْبَحِيرَةُ، وَالسَّائِبَةُ، وَالْوَصِيلَةُ، وَالْحَامُ»
١٠ ‏/ ١٥٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، قَالَ: “إِنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يُحَرِّمُونَ أَشْيَاءَ أَحَلَّهَا اللَّهُ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾ [يونس: ٥٩] وَهُوَ هَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]
١٠ ‏/ ١٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرْتُكَ أَنْ تَقُولَ لَهُمْ: ﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، إِذْ عَيُوا بِالْجَوَابِ فَلَمْ يَدْرُوا مَا يُجِيبُونَكَ: زِينَةُ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ، وَطَيِّبَاتُ رِزْقِهِ، لِلَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَاتَّبَعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ شَرَكَهُمْ فِي ذَلِكَ فِيهَا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَخَالَفَ أَمْرَ رَبِّهِ، وَهِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَشْرِكُهُمْ فِي ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ كَفَرَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَخَالَفَ أَمْرَ رَبِّهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٥٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [سورة: الأعراف، آية رقم: ٣٢] يَقُولُ: «شَارَكَ الْمُسْلِمُونَ الْكُفَّارَ فِي الطَّيِّبَاتِ، فَأَكَلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ طَعَامِهَا، وَلَبِسُوا مِنْ خِيَارِ ثِيَابِهَا، وَنَكَحُوا مِنْ صَالِحِ نِسَائِهَا، وَخَلَصُوا بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
١٠ ‏/ ١٥٩
وَحَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى مَرَّةً أُخْرَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الأعراف: ٣٢] يَعْنِي: «يُشَارِكُ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ فِي الطَّيِّبَاتِ ⦗١٦٠⦘ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَخْلُصُ اللَّهُ الطَّيِّبَاتِ فِي الْآخِرَةِ لِلَّذِينَ آمَنُوا، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِكِينَ فِيهَا شَيْءٌ»
١٠ ‏/ ١٥٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، يَقُولُ: «قُلْ هِيَ فِي الْآخِرَةِ خَالِصَةً لِمَنْ آمَنَ بِي فِي الدُّنْيَا، لَا يشْرِكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الزِّينَةَ فِي الدُّنْيَا لِكُلِّ بَنِي آدَمَ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ خَالِصَةً لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْآخِرَةِ»
١٠ ‏/ ١٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢] قَالَ: «الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَشْرِكُونَكُمْ فِيهَا فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
١٠ ‏/ ١٦٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [سورة: الأعراف، آية رقم: ٣٢]: «خَالِصَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا الْكُفَّارُ، فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ شَارَكُوهُمْ»
١٠ ‏/ ١٦٠
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [سورة: الأعراف، آية رقم: ٣٢]: «مَنْ عَمِلَ بِالْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا خَلَصَتْ لَهُ ⦗١٦١⦘ كَرَامَةُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ فِي الدُّنْيَا قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ لَا عُذْرَ لَهُ»
١٠ ‏/ ١٦٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الأعراف: ٣٢]: «يَشْتَرِكُ فِيهَا مَعَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، ﴿خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢]: لِلَّذِينَ آمَنُوا»
١٠ ‏/ ١٦١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، يَقُولُ: «الْمُشْرِكُونَ يُشَارِكُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا فِي اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْلُصُ اللِّبَاسُ وَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِكِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبٌ»
١٠ ‏/ ١٦١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: «الدُّنْيَا يُصِيبُ مِنْهَا الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَيَخْلُصُ خَيْرُ الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ فِيهَا نَصِيبٌ»
١٠ ‏/ ١٦١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢] قَالَ: «هَذِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلَّذِينَ آمَنُوا، لَا يَشْرِكُهُمْ فِيهَا أَهْلُ الْكُفْرِ وَيَشْرِكُونَهُمْ فِيهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٦١
بِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، وَحَيْوِيَةُ الرَّازِيُّ أَبُو يَزِيدَ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ
١٠ ‏/ ١٦١
آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، قَالَ: «يَنْتَفِعُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَتْبَعُهُمْ إِثْمُهَا» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (خَالِصَةً)، فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: (خَالِصَةٌ) بِرَفْعِهَا، بِمَعْنَى: قُلْ هِيَ خَالِصَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا. وَقَرَأَهُ سَائِرُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿خَالِصَةً﴾ [الأعراف: ٣٢] بِنَصْبِهَا عَلَى الْحَالِ مِنْ لَهُمْ، وَقَدْ تُرِكَ ذِكْرُهَا مِنَ الْكَلَامِ اكْتِفَاءً مِنْهَا بِدَلَالَةِ الظَّاهِرِ عَلَيْهَا، عَلَى مَا قَدْ وَصَفْتُ فِي تَأْوِيلِ الْكَلَامِ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مُشْتَرَكَةٌ، وَهِيَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ خَالِصَةٌ. وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ بِالنَّصْبِ جَعَلَ خَبَرَ (هِيَ) فِي قَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الأعراف: ٣٢] . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدِي بِالصِّحَّةِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ نَصْبًا، لِإِيثَارِ الْعَرَبِ النَّصْبَ فِي الْفِعْلِ إِذَا تَأَخَّرَ بَعْدَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ الرَّفْعُ جَائِزًا، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ فِي كَلَامِهِمْ
١٠ ‏/ ١٦٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَمَا بَيَّنْتُ لَكُمُ الْوَاجِبَ عَلَيْكُمْ فِي اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ وَالْحَلَالِ مِنَ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْحَرَامِ مِنْهَا، وَمَيَّزْتُ بَيْنَ ذَلِكَ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، كَذَلِكَ أُبَيِّنُ جَمِيعَ أَدِلَّتِي وَحُجَجِي وَأَعْلَامِ حَلَالِي وَحَرَامِي وَأَحْكَامِي لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ مَا يُبَيَّنُ لَهُمْ وَيَفْقَهُونَ مَا يُمَيَّزُ لَهُمْ
١٠ ‏/ ١٦٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ ⦗١٦٣⦘ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَتَجَرَّدُونَ مِنْ ثِيَابِهِمْ لِلطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَيُحَرِّمُونَ أَكْلَ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ رِزْقِهِ، أَيُّهَا الْقَوْمُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ مَا تُحَرِّمُونَهُ، بَلْ أَحَلَّ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَطَيَّبَهُ لَهُمْ. وَإِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْقَبَائِحَ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَهِيَ الْفَوَاحِشُ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا فَكَانَ عَلَانِيَةً، وَمَا بَطَنَ مِنْهَا فَكَانَ سِرًّا فِي خَفَاءٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٦٢
مَا حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثني عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الأعراف: ٣٣]، قَالَ: «مَا ظَهَرَ مِنْهَا طَوَافُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً، وَمَا بَطَنَ: الزِّنَا» وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالرِّوَايَاتِ فِيمَا مَضَى فَكَرِهْتُ إِعَادَتَهُ. وَأَمَّا الْإِثْمُ: فَإِنَّهُ الْمَعْصِيَةُ. وَالْبَغْي: الِاسْتِطَالَةُ عَلَى النَّاسِ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَعَ الْإِثْمِ وَالْبَغْيِ عَلَى النَّاسِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗١٦٤⦘ السُّدِّيِّ: ﴿وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ﴾ [الأعراف: ٣٣] «أَمَّا الْإِثْمُ: فَالْمَعْصِيَةُ، وَالْبَغْي: أَنْ يَبْغِيَ عَلَى النَّاسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ»
١٠ ‏/ ١٦٣
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ﴾ [الأعراف: ٣٣] قَالَ: «نَهَى عَنِ الْإِثْمِ وَهِيَ الْمَعَاصِي كُلُّهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْبَاغِيَ بَغْيُهُ كَائِنٌ عَلَى نَفْسِهِ»
١٠ ‏/ ١٦٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ وَالشِّرْكَ بِهِ أَنْ تَعْبُدُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ، ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ [آل عمران: ١٥١] يَقُولُ: حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَنْ تَجْعَلُوا مَعَهُ فِي عِبَادَتِهِ شِرْكًا لِشَيْءٍ لَمْ يَجْعَلْ لَكُمْ فِي إِشْرَاكِكُمْ إِيَّاهُ فِي عِبَادَتِهِ حُجَّةً وَلَا بُرْهَانًا، وَهُوَ السُّلْطَانُ. ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٦٩] يَقُولُ: وَأَنْ تَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالتَّعَرِّي وَالتَّجَرُّدِ لِلطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ أَكْلَ هَذِهِ الْأَنْعَامِ الَّتِي حَرَّمْتُمُوهَا وَسَيَّبْتُمُوهَا وَجَعَلْتُمُوهَا وَصَائِلَ وَحَوَامِيَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ أَوْ أَبَاحَهُ، فَتُضِيفُوا إِلَى اللَّهِ تَحْرِيمَهُ وَحَظْرَهُ وَالْأَمْرَ بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ دُونَ مَا تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ أَوْ تَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِهِ جَهْلًا مِنْكُمْ بِحَقِيقَةِ مَا تَقُولُونَ وَتُضِيفُونَهُ إِلَى اللَّهِ
١٠ ‏/ ١٦٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤]
١٠ ‏/ ١٦٤
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُهَدِّدًا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا: وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا، وَوَعِيدًا مِنْهُ لَهُمْ عَلَى كَذِبِهِمْ عَلَيْهِ وَعَلَى إِصْرَارِهِمْ عَلَى الشِّرْكِ بِهِ وَالْمُقَامِ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَمُذَكِّرًا لَهُمْ مَا أَحَلَّ بِأَمْثَالِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ [الأعراف: ٣٤] يَقُولُ: وَلِكُلِّ جَمَاعَةٍ اجْتَمَعَتْ عَلَى تَكْذِيبِ رُسُلِ اللَّهِ وَرَدِّ نَصَائِحِهِمْ، وَالشِّرْكِ بِاللَّهِ مَعَ مُتَابَعَةِ رَبِّهِمْ حُجَجَهُ عَلَيْهِمْ، أَجَلٌ، يَعْنِي: وَقْتٌ لِحُلُولِ الْعُقُوبَاتِ بِسَاحَتِهِمْ، وَنُزُولِ الْمَثُلَاتِ بِهِمْ عَلَى شِرْكِهِمْ. ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٤] يَقُولُ: فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَّتَهُ اللَّهُ لِهَلَاكِهِمْ وَحُلُولِ الْعِقَابِ بِهِمْ ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونُ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤] يَقُولُ: لَا يَتَأَخَّرُونَ بِالْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَتَمَتَّعُونَ بِالْحَيَاةِ فِيهَا عَنْ وَقْتِ هَلَاكِهِمْ وَحِينِ حُلُولِ أَجَلِ فَنَائِهِمْ سَاعَةً مِنْ سَاعَاتِ الزَّمَانِ. ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤] يَقُولُ: وَلَا يَتَقَدَّمُونَ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ وَقْتًا لِلْهَلَاكِ
١٠ ‏/ ١٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف: ٣٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُعَرِّفًا خَلْقَهُ مَا أَعَدَّ لِحِزْبِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَمَا أَعَدَّ لِحِزْبِ الشَّيْطَانِ وَأَوْلِيَائِهِ وَالْكَافِرِينَ بِهِ وَبِرُسُلِهِ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأعراف: ٣٥] يَقُولُ: إِنْ يَجِئْكُمْ رُسُلِي الَّذِينَ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ بِدُعَائِكُمْ إِلَى طَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِي وَنَهْيِي، ﴿مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٦٥] يَعْنِي: مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَمِنْ عَشَائِرِكُمْ وَقَبَائِلِكُمْ. ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾ [الأنعام: ١٣٠] يَقُولُ: يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ كِتَابِي،
١٠ ‏/ ١٦٥
وَيُعَرِّفُونَكُمْ أَدِلَّتِي وَأَعْلَامِي عَلَى صِدْقِ مَا جَاءُوكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي، وَحَقِيقَةِ مَا دَعَوْكُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِي. ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ [الأعراف: ٣٥] يَقُولُ: فَمَنْ آمَنَ مِنْكُمْ بِمَا أَتَاهُ بِهِ رُسُلِي مِمَّا قَصَّ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِي وَصَدَّقَ وَاتَّقَى اللَّهَ، فَخَافَهُ بِالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ، عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ. ﴿وَأَصْلَحَ﴾ [المائدة: ٣٩] يَقُولُ: وَأَصْلَحَ أَعْمَالَهُ الَّتِي كَانَ لَهَا مُفْسِدًا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ بِالتَّحَوُّبِ مِنْهَا. ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ٣٨] يَقُولُ: فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ إِذَا وَرَدُوا عَلَيْهِ. ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨] عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ دُنْيَاهُمُ الَّتِي تَرَكُوهَا، وَشَهَوَاتِهُمُ الَّتِي تَجَنَّبُوهَا، اتِّبَاعًا مِنْهُمْ لِنَهْيِ اللَّهِ عَنْهَا إِذَا عَايَنُوا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ مَا عَايَنُوا هُنَالِكَ
١٠ ‏/ ١٦٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا هَيَّاجٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي سَيَّارٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ فِي كَفِّهِ، فَقَالَ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف: ٣٥]، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الرُّسُلِ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٢]، ثُمَّ بَثَّهُمْ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأعراف: ٣٥]؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ: الْجَوَابِ مُضْمَرٌ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ [الأعراف: ٣٥]، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ: ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ [الأعراف: ٣٥] كَأَنَّهُ قَالَ: فَأَطِيعُوهُمْ.
١٠ ‏/ ١٦٦
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ: الْجَوَابُ: ﴿فَمَنِ اتَّقَى﴾ [الأعراف: ٣٥]، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: فَمَنِ اتَّقَى مِنْكُمْ وَأَصْلَحَ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَبْعِيضُهُ الْكَلَامَ، فَكَانَ فِي التَّبْعِيضِ اكْتِفَاءٌ مِنْ ذِكْرِ (مِنْكُمْ)
١٠ ‏/ ١٦٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الأعراف: ٣٦] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَمَّا مَنْ كَذَّبَ بِأَنْبَاءِ رُسُلِي الَّتِي أَرْسَلْتُهَا إِلَيْهِ، وَجَحَدَ تَوْحِيدِي، وَكَفَرَ بِمَا جَاءَ بِهِ رُسُلِي، وَاسْتَكْبَرَ عَنْ تَصْدِيقِ حُجَجِي وَأَدِلَّتِي، ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨١]، يَقُولُ: هُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ مَاكِثُونَ، لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا أَبَدًا
١٠ ‏/ ١٦٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَنْ أَخْطَأُ فِعْلًا، وَأَجْهَلُ قَوْلًا، وَأَبْعَدُ ذِهَابًا عَنِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ ﴿مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأنعام: ٢١] يَقُولُ: مِمَّنِ اخْتَلَقَ عَلَى اللَّهِ زُورًا مِنَ الْقَوْلِ، فَقَالَ إِذَا فَعَلَ فَاحِشَةً: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِهَا. ﴿أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ [الأنعام: ٢١] يَقُولُ: أَوْ كَذَّبَ بِأَدِلَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَنُبُوَّةِ أَنْبِيَائِهِ، فَجَحَدَ حَقِيقَتَهَا وَدَافَعَ صَحَّتَهَا. ﴿أُولَئِكَ﴾ [البقرة: ٥]، يَقُولُ: مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَذَّبَ بِآيَاتِهِ، ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، يَقُولُ: يَصِلُ إِلَيْهِمْ حَظُّهُمْ مِمَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
١٠ ‏/ ١٦٧
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ ذَلِكَ النَّصِيبِ الَّذِي لَهُمْ فِي الْكِتَابِ وَمَا هُوَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَذَابُ اللَّهِ الَّذِي أَعَدَّهُ لِأَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ
١٠ ‏/ ١٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مَرْوَانٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «أَيْ مِنَ الْعَذَابِ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، يَقُولُ: «مَا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ»
١٠ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مِنَ الْعَذَابِ»
١٠ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «مِنَ الْعَذَابِ»
١٠ ‏/ ١٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «مِنَ الْعَذَابِ» ⦗١٦٩⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِمَّا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ
١٠ ‏/ ١٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] قَالَ: «مِنَ الشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَةِ»
١٠ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «كَشَقِيٍّ وَسَعِيدٍ»
١٠ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «هُوَ مَا سَبَقَ»
١٠ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] «مَا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ»
١٠ ‏/ ١٦٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «مَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ، كَشَقِيٍّ وَسَعِيدٍ»
١٠ ‏/ ١٦٩
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «مِنَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ»
١٠ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مَا قَدْ سَبَقَ مِنَ الْكِتَابِ»
١٠ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مَا سَبَقَ لَهُمْ فِي الْكِتَابِ»
١٠ ‏/ ١٧٠
قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مِنَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ»
١٠ ‏/ ١٧٠
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «مَا قُضِيَ أَوْ قُدِّرَ عَلَيْهِمْ»
١٠ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «يَنَالُهُمُ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِمْ مِنَ ⦗١٧١⦘ الْأَعْمَالِ»
١٠ ‏/ ١٧٠
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ بَكْرٍ الطَّوِيلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: قَوْمٌ يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا لَا بُدَّ لَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهَا ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ كِتَابِهِمُ الَّذِي كُتِبَ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ بِأَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ
١٠ ‏/ ١٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، يَقُولُ: «نَصِيبُهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ، مِنْ عَمِلَ خَيْرًا جُزِيَ بِهِ، وَمَنْ عَمِلَ شَرًّا جُزِيَ بِهِ»
١٠ ‏/ ١٧١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ»
١٠ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوا وَأَسْلَفُوا»
١٠ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «أَيْ أَعْمَالُهُمْ، أَعْمَالُ السُّوءِ الَّتِي عَمِلُوهَا وَأَسْلَفُوهَا»
١٠ ‏/ ١٧٢
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: قَالَ أَبِي: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] ” زَعَمَ قَتَادَةُ: «مِنْ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوا»
١٠ ‏/ ١٧٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، يَقُولُ: «يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْعَمَلِ، يَقُولُ: إِنْ عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبَ خَيْرٍ جُزِيَ خَيْرًا، وَإِنْ عَمِلَ شَرًّا جُزِيَ مِثْلَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِمَّا وُعِدُوا فِي الْكِتَابِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ
١٠ ‏/ ١٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] قَالَ: «مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ»
١٠ ‏/ ١٧٣
قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مَا وُعِدُوا»
١٠ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مَا وُعِدُوا»
١٠ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] قَالَ: «مَا وُعِدُوا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»
١٠ ‏/ ١٧٣
قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مَا وُعِدُوا مِثْلَهُ»
١٠ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «مَا وُعِدُوا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»
١٠ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] قَالَ: «مَا وُعِدُوا فِيهِ»
١٠ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿⦗١٧٤⦘ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] قَالَ: «مَا وُعِدُوا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»
١٠ ‏/ ١٧٣
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧] قَالَ: «يَنَالُهُمْ مَا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ الْكِتَابِ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَا افْتَرَى عَلَيْهِ
١٠ ‏/ ١٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، يَقُولُ: «يَنَالُهُمْ مَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ: قَدْ كُتِبَ لِمَنْ يَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ أَنَّ وَجْهَهُ مُسْوَدٌّ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِمَّا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَالْعُمْرِ وَالْعَمَلِ
١٠ ‏/ ١٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]: «مِمَّا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الرِّزْقِ»
١٠ ‏/ ١٧٤
قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، ⦗١٧٥⦘ عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنِ الْقُرَظِيِّ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «عَمَلُهُ وَرِزْقُهُ وَعُمْرُهُ»
١٠ ‏/ ١٧٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، قَالَ: «مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْأَعْمَالِ، فَإِذَا فَنِيَ هَذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ مِمَّا كُتِبَ لَهُمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فِي الدُّنْيَا وَرِزْقٍ وَعَمَلٍ وَأَجَلٍ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، فَأَبَانَ بِإِتْبَاعِهِ ذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، أَنَّ الَّذِيَ يَنَالُهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مَا كَانَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَنَالَهُمْ، لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يَنَالُهُمْ إِلَى وَقْتِ مَجِيئِهِمْ رُسُلُهُ لِتَقْبِضَ أَرْوَاحَهُمْ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْكِتَابِ أَوْ مِمَّا قَدْ أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، لَمْ يَكُنْ مَحْدُودًا بِأَنَّهُ يَنَالُهُمْ إِلَى مَجِيءِ رُسُلِ اللَّهِ لَوْ فَاتَهُمْ، لِأَنَّ رُسُلَ اللَّهِ لَا تَجِيئُهُمْ لِلْوَفَاةِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ عَذَابَهُمْ فِي الْآخِرَةِ لَا آخِرَ لَهُ وَلَا انْقِضَاءَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالْخُلُودِ فِيهِ، فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ
١٠ ‏/ ١٧٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا
١٠ ‏/ ١٧٥
كَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ٣٧] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾ [الأعراف: ٣٧]: إِلَى أَنْ جَاءَتْهُمُ رُسُلُنَا، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ أَوْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ، يَنَالُهُمْ حُظُوظُهُمُ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ لَهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَعَمَلٍ وَأَجَلٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ فِي الدُّنْيَا، إِلَى أَنْ تَأْتِيَهُمُ رُسُلُنَا لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ. فَ ﴿إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾ [الأعراف: ٣٧]: يَعْنِي مَلَكَ الْمَوْتِ وَجُنْدَهُ. ﴿يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٧] يَقُولُ: يَسْتَوْفُونَ عَدَدَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ. ﴿قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٣٧]، يَقُولُ: قَالَتِ الرُّسُلُ: أَيْنَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَدْعُونَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَتَعْبُدُونَهُمْ، لَا يَدْفَعُونَ عَنْكُمْ مَا قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ خَالِقُكُمْ وَخَالِقُهُمْ وَمَا قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِكُمْ مِنْ عَظِيمِ الْبَلَاءِ، وَهَلَّا يُغِيثُونَكُمْ مِنْ كَرْبِ مَا أَنْتُمْ فِيهِ فَيُنْقِذُونَكُمْ مِنْهُ، فَأَجَابَهُمُ الْأَشْقِيَاءُ، فَقَالُوا: ضَلَّ عَنَّا أَوْلِيَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿ضَلُّوا﴾ [النساء: ١٦٧]: جَارُوا وَأَخَذُوا غَيْرَ طَرِيقِنَا وَتَرَكُونَا عِنْدَ حَاجَتِنَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَنْفَعُونَا. يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَشَهِدَ الْقَوْمُ حِينَئِذٍ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ بِاللَّهِ جَاحِدِينَ وَحْدَانِيَّتَهُ
١٠ ‏/ ١٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَّا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ قِيلِهِ لِهَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ عَلَيْهِ الْمُكَذِّبِينَ آيَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ لَهُمْ حِينَ وَرَدُوا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ادْخُلُوا أَيُّهَا الْمُفْتَرُونَ عَلَى رَبِّكُمُ الْمُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ فِي جَمَاعَاتٍ مِنْ ضُرَبَائِكُمْ، ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ
١٠ ‏/ ١٧٦
قَبْلِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٣٧] يَقُولُ: قَدْ سَلَفَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ. وَمَعْنَى ذَلِكَ: ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ هِيَ فِي النَّارِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالْأُمَمِ: الْأَحْزَابَ وَأَهْلَ الْمِلَلِ الْكَافِرَةِ. ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كُلَّمَا دَخَلَتِ النَّارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ لَعَنَتْ أُخْتَهَا، يَقُولُ: شَتَمَتِ الْجَمَاعَةُ الْأُخْرَى مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا تَبَرِّيًا مِنْهَا. وَإِنَّمَا عَنَى بِالْأُخْتِ: الْأُخْوَةَ فِي الدِّينِ وَالْمِلَّةِ، وَقِيلَ (أُخْتَهَا) وَلَمْ يُقَلْ (أَخَاهَا)، لِأَنَّهُ عَنَى بِهَا أُمَّةً وَجَمَاعَةً أُخْرَى، كَأَنَّهُ قِيلَ: كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُمَّةً أُخْرَى مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا وَدِينِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨] يَقُولُ: «كُلَّمَا دَخَلَتْ أَهْلُ مِلَّةٍ لَعَنُوا أَصْحَابَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ، يَلْعَنُ الْمُشْرِكُونَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْيَهُودُ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى النَّصَارَى، وَالصَّابِئُونَ الصَّابِئِينَ، وَالْمَجُوسُ الْمَجُوسَ، تَلْعَنُ الْآخِرَةُ الْأُولَى»
١٠ ‏/ ١٧٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: حَتَّى إِذَا تَدَارَكَتِ الْأُمَمُ فِي النَّارِ جَمِيعًا، يَعْنِي: اجْتَمَعَتْ فِيهَا، يُقَالُ: قَدِ ادَّارَكُوا وَتَدَارَكُوا: إِذَا اجْتَمَعُوا، ⦗١٧٨⦘ يَقُولُ: اجْتَمَعَ فِيهَا الْأَوَّلُونَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْكَافِرَةِ وَالْآخِرُونَ مِنْهُمْ.
١٠ ‏/ ١٧٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَّا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ مُحَاوَرَةِ الْأَحْزَابِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْكَافِرَةِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ الْكَافِرَةِ فِي النَّارِ فَادَّارَكُوا، قَالَتْ أُخْرَى أَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ دَخَلَتِ النَّارَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا بَعْدَ أُولَى مِنْهُمْ تَقَدَّمَتْهَا وَكَانَتْ لَهَا سَلَفًا وَإِمَامًا فِي الضَّلَالَةِ وَالْكُفْرِ لِأُولَاهَا الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ فِي الدُّنْيَا: رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا عَنْ سَبِيلِكَ وَدَعَوْنَا إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِكَ وَزَيَّنُوا لَنَا طَاعَةَ الشَّيْطَانِ، فَآتِهِمُ الْيَوْمَ مِنْ عَذَابِكَ الضِّعْفَ عَلَى عَذَابِنَا
١٠ ‏/ ١٧٨
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: “قَالَتْ أُخْرَاهُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي آخِرِ الزَّمَانِ لِأُولَاهُمُ الَّذِينَ شَرَعُوا لَهُمْ ذَلِكَ الدِّينَ: ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٣٨]
١٠ ‏/ ١٧٨
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨]، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ جَوَابِهِ لَهُمْ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ لِلَّذِينَ يَدْعُونَهُ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ: لِكُلِّكُمْ، أَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ، وَتَابِعُوكُمْ وَمُتَّبِعُوكُمْ ضِعْفٌ، يَقُولُ: مُكَرَّرٌ عَلَيْهِ الْعَذَابُ. وَضِعْفُ الشَّيْءِ: مِثْلُهُ مَرَّةً، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٧٨
مَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو ⦗١٧٩⦘ عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾ [الأعراف: ٣٨] حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ اللَّهُ: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾ [الأعراف: ٣٨]: «لِلْأُولَى وَلِلْآخِرَةِ ضِعْفٌ»
١٠ ‏/ ١٧٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثني غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٣٨] قَالَ: «أَفَاعِي»
١٠ ‏/ ١٧٩
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٣٨] قَالَ: «حَيَّاتٌ وَأَفَاعِي» وَقِيلَ: إِنَّ الضِّعْفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا كَانَ ضِعْفَيْنِ، وَالْمُضَاعَفُ مَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. ⦗١٨٠⦘ وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] يَقُولُ: وَلَكِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ النَّارِ لَا تَعْلَمُونَ مَا قَدْرُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ، فَلِذَلِكَ تَسْأَلُ الضِّعْفَ مِنْهُ الْأُمَّةُ الْكَافِرَةُ الْأُخْرَى لِأُخْتِهَا الْأُولَى
١٠ ‏/ ١٧٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: ٣٩] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَقَالَتْ أُولَى كُلِّ أُمَّةٍ وَمِلَّةٍ سَبَقَتْ فِي الدُّنْيَا لِأُخْرَاهَا الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ وَحَدَثُوا بَعْدَ زَمَانِهِمْ فِيهَا، فَسَلَكُوا سَبِيلَهُمْ وَاسْتَنُّوا سُنَّتَهُمْ: ﴿فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ﴾ [الأعراف: ٣٩] وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا حَلَّ بِنَا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِنَا إِيَّاهُ وَكُفْرِنَا بِهِ، وَجَاءَتْنَا وَجَاءَتْكُمْ بِذَلِكَ الرُّسُلُ وَالنُّذُرُ، هَلِ انْتَهَيْتُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَارْتَدَعْتُمْ عَنْ غِوَايَتِكُمْ وَضَلَالَتِكُمْ؟ فَانْقَضَتْ حُجَّةُ الْقَوْمِ وَخَصَمُوا وَلَمْ يُطِيقُوا جَوَابًا بِأَنْ يَقُولُوا فَضْلُنَا عَلَيْكُمْ أَنَّا اعْتَبَرْنَا بِكُمْ فَآمَنَّا بِاللَّهِ وَصَدَّقْنَا رُسُلَهُ، قَالَ اللَّهُ لِجَمِيعِهِمْ: فَذُوقُوا جَمِيعَكُمْ أَيُّهَا الْكَفَرَةُ عَذَابَ جَهَنَّمَ بِمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَكْسِبُونَ مِنَ الْآثَامِ وَالْمَعَاصِي، وَتَجْتَرِحُونَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَجْرَامِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: ﴿وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ⦗١٨١⦘ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: ٣٩]، قَالَ: يَقُولُ: «فَمَا فَضْلُكُمْ عَلَيْنَا، وَقَدْ بُيِّنَ لَكُمْ مَا صُنِعَ بِنَا، وَحُذِّرْتُمْ»
١٠ ‏/ ١٨٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ﴾ [الأعراف: ٣٩] «فَقَدْ ضَلَلْتُمْ كَمَا ضَلَلْنَا» وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي هَذَا
١٠ ‏/ ١٨١
بِمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ﴾ [الأعراف: ٣٩] قَالَ: «مِنَ التَّخْفِيفِ مِنَ الْعَذَابِ»
١٠ ‏/ ١٨١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ﴾ [الأعراف: ٣٩] قَالَ: «مِنْ تَخْفِيفٍ» وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِينَ: فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ، لِمَنْ قَالُوا ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ تَوْبِيخٌ مِنْهُمْ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ قَبْلَ تِلْكَ الْحَالِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ دُخُولُ) كَانَ (فِي الْكَلَامِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ تَوْبِيخًا لَهُمْ عَلَى قِيلِهِمُ الَّذِي قَالُوا لِرَبِّهِمْ: آتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ، لَكَانَ التَّوْبِيخُ أَنْ يُقَالَ: فَمَا لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَنْكُمْ وَقَدْ نَالَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا قَدْ نَالَنَا، وَلَمْ يَقُلْ: فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ
١٠ ‏/ ١٨١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِحُجَجِنَا وَأَدِلَّتِنَا فَلَمْ يُصَدِّقُوا بِهَا وَلَمْ يَتَّبِعُوا رُسُلَنَا، ﴿وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا﴾ [الأعراف: ٣٦] يَقُولُ: وَتَكَبَّرُوا عَنِ التَّصْدِيقِ بِهَا وَأَنِفُوا مِنَ اتِّبَاعِهَا وَالِانْقِيَادِ لَهَا تَكَبُّرًا، لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ لِأَرْوَاحِهِمْ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَلَا يَصْعَدُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ إِلَى اللَّهِ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ، لِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ خَبِيثَةٌ. وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: لَا تُفَتَّحُ لِأَرْوَاحِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
١٠ ‏/ ١٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «عَنَى بِهَا الْكُفَّارَ، أَنَّ السَّمَاءَ لَا تُفَتَّحُ لِأَرْوَاحِهِمْ وَتُفَتَّحُ لِأَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ»
١٠ ‏/ ١٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «تُفَتَّحُ السَّمَاءُ لِرُوحِ الْمُؤْمِنِ، وَلَا تُفَتَّحُ لِرُوحِ الْكَافِرِ»
١٠ ‏/ ١٨٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗١٨٣⦘ السُّدِّيِّ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا أُخِذَ رُوحُهُ ضَرَبَتْهُ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ حَتَّى يَرْتَفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا بَلَغَ السَّمَاءَ الدُّنْيَا ضَرَبَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ فَهَبَطَ، فَضَرَبَتْهُ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ فَارْتَفَعَ، فَإِذَا بَلَغَ السَّمَاءَ الدُّنْيَا ضَرَبَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَهَبَطَ إِلَى أَسْفَلِ الْأَرَضِينَ، وَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا أُخِذَ رُوحُهُ، وَفُتِحَ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَلَا يَمُرُّ بِمَلَكٍ إِلَّا حَيَّاهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى اللَّهِ، فَيُعْطِيَهُ حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: رُدُّوا رُوحَ عَبْدِي فِيهِ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي قَضَيْتُ مِنَ التُّرَابِ خَلْقَهُ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ، وَمِنْهُ يَخْرُجُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَصْعَدُ لَهُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ وَلَا دُعَاءٌ إِلَى اللَّهِ
١٠ ‏/ ١٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠]: «لَا يَصْعَدُ لَهُمْ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ»
١٠ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] يَعْنِي: «لَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَمَلِهِمْ شَيْءٌ»
١٠ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗١٨٤⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] يَقُولُ: «لَا تُفَتَّحُ لِخَيْرٍ يَعْمَلُونَ»
١٠ ‏/ ١٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «لَا يَصْعَدُ لَهُمْ كَلَامٌ وَلَا عَمَلٌ»
١٠ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «لَا يَرْتَفِعُ لَهُمْ عَمَلٌ وَلَا دُعَاءٌ»
١٠ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «لَا يَرْتَفِعُ لَهُمْ عَمَلٌ وَلَا دُعَاءٌ»
١٠ ‏/ ١٨٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «لَا يُرْفَعُ لَهُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ وَلَا دُعَاءٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لِأَرْوَاحِهِمْ وَلَا لِأَعْمَالِهِمْ
١٠ ‏/ ١٨٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «لِأَرْوَاحِهِمْ وَلَا لِأَعْمَالِهِمْ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقَوْلِ لِعُمُومِ خَبَرِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ، وَلَمْ يُخَصِّصِ الْخَبَرَ بِأَنَّهُ يُفَتَّحُ لَهُمْ فِي شَيْءٍ، فَذَلِكَ عَلَى مَا عَمَّهُ خَبَرُ اللَّهِ ⦗١٨٥⦘ تَعَالَى بِأَنَّهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مَعَ تَأْيِيدِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٨٤
وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ قَبْضَ رُوحِ الْفَاجِرِ، وَأَنَّهُ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: «فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُدْعَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]
١٠ ‏/ ١٨٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، قَالَ: فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطِّيبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَيُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ. وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي ⦗١٨٦⦘ بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، فَيَقُولُونَ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً فَإِنَّهُ لَا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَتُرْسَلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَتَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ» حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: ثني ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (لَا يُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) بِالْيَاءِ مِنْ (يُفْتَحُ) وَتَخْفِيفِ التَّاءِ مِنْهَا، بِمَعْنَى: لَا يُفْتَحُ لَهُمْ جَمِيعُهَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفَتْحَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: ﴿لَا تُفَتَّحُ﴾ [الأعراف: ٤٠] بِالتَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ، بِمَعْنَى: لَا يُفْتَحُ لَهُمْ بَابٌ بَعْدَ بَابٍ، وَشَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي مِنَ الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ لَا تُفْتَحُ لَهَا وَلَا لِأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِمَرَّةٍ ⦗١٨٧⦘ وَاحِدَةٍ، وَلَا مَرَّةٌ بَعْدَ مَرَّةٍ، وَبَابٌ بَعْدَ بَابٍ، فَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ الْيَاءُ وَالتَّاءُ فِي (يُفَتَّحُ) وَ(تُفْتَحُ)، لِأَنَّ الْيَاءَ بِنَاءٌ عَلَى فِعْلِ الْوَاحِدِ لِلتَّوْحِيدِ، وَالتَّاءُ لِأَنَّ الْأَبْوَابَ جَمَاعَةٌ، فَيُخْبَرُ عَنْهَا خَبَرَ الْجَمَاعَةِ
١٠ ‏/ ١٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ٤٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَا يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا الْجَنَّةَ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَبَدًا، كَمَا لَا يَلِجُ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ أَبَدًا، وَذَلِكَ ثَقْبُ الْإِبْرَةِ. وَكُلُّ ثَقْبٍ فِي عَيْنٍ أَوْ أَنْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ سَمًّا وَتَجْمَعُهُ سُمُومًا وَسِمَامًا، وَالسِّمَامُ فِي جَمْعِ السَّمِّ الْقَاتِلِ أَشْهُرُ وَأَفْصَحُ مِنَ السُّمُومِ، وَهُوَ فِي جَمْعِ السَّمِّ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الثَّقْبِ أَفْصَحُ، وَكِلَاهُمَا فِي الْعَرَبِ مُسْتَفِيضٌ، وَقَدْ يُقَالُ لِوَاحِدِ السُّمُومِ الَّتِي هِيَ الثُّقُوبُ: سَمٌّ وسُمٌّ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا، وَمِنَ السَّمِّ الَّذِي بِمَعْنَى الثَّقْبِ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
[البحر الطويل] فَنَفَّسْتُ عَنْ سَمَّيْهِ حَتَّى تَنَفَّسَا … وَقُلْتُ لَهُ لَا تَخْشَ شَيْئًا وَرَائِيَا
يَعْنِي بِسَمَّيْهِ: ثَقْبَيْ أَنْفِهِ. وَأَمَّا الْخِيَاطُ: فَإِنَّهُ الْمِخْيَطُ وَهِيَ الْإِبْرَةُ، قِيلَ لَهَا: خِيَاطٌ وَمِخْيَطٌ، كَمَا قِيلَ: قِنَاعٌ وَمِقْنَعٌ، وَإِزَارٌ وَمِئْزَرٌ، وَقِرَامٌ وَمِقْرَمٌ، وَلِحَافٌ وَمِلْحَفٌ.
١٠ ‏/ ١٨٧
وَأَمَّا الْقُرَّاءُ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، فَإِنَّهَا قَرَأَتْ قَوْلَهُ: ﴿فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] بِفَتْحِ السِّينِ، وَأَجْمَعَتْ عَلَى قِرَاءَةِ (الْجَمَلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ وَتَخْفِيفِ ذَلِكَ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهُ حُكِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرءُونَ ذَلِكَ: (الْجُمَّلُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ عَنْ سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ. فَأَمَّا الَّذِينَ قَرءُوهُ بِالْفَتْحِ مِنَ الْحَرْفَيْنِ وَالتَّخْفِيفِ، فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيلَهُ إِلَى الْجَمَلِ الْمَعْرُوفِ وَكَذَلِكَ فَسَّرُوهُ
١٠ ‏/ ١٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «الْجَمَلُ: ابْنُ النَّاقَةِ، أَوْ زَوْجُ النَّاقَةِ»
١٠ ‏/ ١٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «الْجَمَلُ: زَوْجُ النَّاقَةِ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «الْجَمَلُ: زَوْجُ النَّاقَةِ» ⦗١٨٩⦘ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «الْجَمَلُ الَّذِي يَقُومُ فِي الْمِرْبَدِ»
١٠ ‏/ ١٨٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «حَتَّى يَدْخُلَ الْبَعِيرُ فِي خَرْقِ الْإِبْرَةِ»
١٠ ‏/ ١٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «هُوَ الْجَمَلُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: هُوَ الْأَشْتَرُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٨٩
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقْرَؤُهَا: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ ⦗١٩٠⦘ يَسْتَفْهِمُهُ قَالَ: أَشْتَرُ أَشْتَرُ
١٠ ‏/ ١٨٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «الْجَمَلُ: الَّذِي لَهُ أَرْبَعُ قَوَائِمَ»
١٠ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، أَوْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «زَوْجُ النَّاقَةِ، يَعْنِي الْجَمَلَ»
١٠ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ﴿الْجَمَلُ﴾ [الأعراف: ٤٠]: «وَهُوَ الَّذِي لَهُ أَرْبَعُ قَوَائِمَ»
١٠ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ﴾ [الأعراف: ٤٠]: «الَّذِي لَهُ أَرْبَعُ قَوَائِمَ»
١٠ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «الَّذِي بِالْمِرْبَدِ»
١٠ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ الْأَصْفَرُ)
١٠ ‏/ ١٩٠
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «الْجَمَلُ: ابْنُ النَّاقَةِ، أَوْ بَعْلُ النَّاقَةِ» وَأَمَّا الَّذِينَ خَالَفُوا هَذِهِ الْقِرَاءَةَ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْمُوَافَقَةُ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٩١
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ عَنْهُ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] ” وَالْجَمَلُ: ذُو الْقَوَائِمِ وَذُكِرَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ ذَلِكَ
١٠ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]: «هُوَ الْجَمَلُ الْعَظِيمُ لَا يَدْخُلُ فِي خَرْقِ الْإِبْرَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهَا» وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى
١٠ ‏/ ١٩١
مَا حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «هُوَ قَلْسُ السَّفِينَةِ»
١٠ ‏/ ١٩١
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] يَعْنِي: الْحَبْلَ الْغَلِيظَ ” فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ، فَقَالَ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ﴾ [الأعراف: ٤٠] . قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: قَالَ أَبُو غَسَّانَ: قَالَ خَالِدٌ: «يَعْنِي الْبَعِيرَ»
١٠ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أُسَامَةُ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: (الْجُمَّلُ) مُثَقَّلَةً، وَقَالَ: «هُوَ حَبْلُ السَّفِينَةِ»
١٠ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (الْجُمَّلُ): «حِبَالُ السُّفُنِ»
١٠ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) قَالَ: «الْحَبْلُ الْغَلِيظُ»
١٠ ‏/ ١٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)، قَالَ: «هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى السَّفِينَةِ» وَاخْتُلِفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا مِثْلُ ⦗١٩٣⦘ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَثْقِيلِ الْمِيمِ
١٠ ‏/ ١٩٢
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ عَنْهُ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّارُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ)، يَعْنِي: «قُلُوسَ السُّفُنِ، يَعْنِي الْحِبَالَ الْغِلَاظَ» وَالْأُخْرَى مِنْهُمَا بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ
١٠ ‏/ ١٩٣
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ عَنْهُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَجْلَانَ الْأَفْطَسِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ)، فَقَالَ: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَلُ) خَفِيفَةً: «هُوَ حَبْلُ السَّفِينَةِ» هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَمَّا عِكْرِمَةُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (الْجُمَّلُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَبِتَأَوُّلِهِ
١٠ ‏/ ١٩٣
كَمَا حَدَّثَنِي ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقْرَأُ (الْجُمَّلُ) مُثَقَّلَةً، وَيَقُولُ: «هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُصْعَدُ بِهِ إِلَى النَّخْلِ»
١٠ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا كَعْبُ بْنُ فَرُّوخَ ⦗١٩٤⦘ قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)، قَالَ: «الْحَبْلُ الْغَلِيظُ فِي خَرْقِ الْإِبْرَةِ»
١٠ ‏/ ١٩٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)، قَالَ: «حَبْلُ السَّفِينَةِ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ»
١٠ ‏/ ١٩٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: «الْحَبْلُ مِنْ حِبَالِ السُّفُنِ» وَكَأَنَّ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْجِيمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَلَى مِثَالِ الصُّرَدِ وَالْجُعَلِ وَجَّهَهُ إِلَى جِمَاعِ جُمْلَةٍ مِنَ الْحِبَالِ جُمِعَتْ جُمَلًا، كَمَا تُجْمَعُ الظُّلْمَةُ ظُلَمًا وَالْخُرْبَةُ خُرَبًا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يُنْكِرُ التَّشْدِيدَ فِي الْمِيمِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَرَادَ الرَّاوِي (الْجُمَلَ) بِالتَّخْفِيفِ، فَلَمْ يُفْهَمْ ذَلِكَ مِنْهُ، فَشَدَّدَهُ. وَحُدِّثْتُ عَنِ الْفَرَّاءِ، عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ أَعْجَمِيًّا. وَأَمَّا مَنْ شَدَّدَ الْمِيمَ وَضَمَّ الْجِيمَ، فَإِنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ اسْمٌ وَاحِدٌ: وَهُوَ الْحَبْلُ أَوِ الْخَيْطُ الْغَلِيظُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ وَهُوَ: ﴿حَتَّى يَلِجَ
١٠ ‏/ ١٩٤
الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ مِنَ (الْجَمَلُ) وَتَخْفِيفِهَا، وَفَتْحِ السِّينِ مِنَ (السَّمِّ)، لِأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ مُخَالَفَةُ مَا جَاءَتْ بِهِ الْحُجَّةُ مُتَّفِقَةً عَلَيْهِ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي فَتْحِ السِّينِ فِي قَوْلِهِ: ﴿سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] إِذْ كَانَ الصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ، وَالْوُلُوجُ: الدُّخُولُ مِنْ قَوْلِهِمْ: وَلَجَ فُلَانٌ الدَّارَ يَلِجُ وُلُوجًا، بِمَعْنَى: دَخَلَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْإِبْرَةِ وَهُوَ ثَقْبُهَا. ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ٤٠] يَقُولُ وَكَذَلِكَ نُثِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا فِي الدُّنْيَا مَا اسْتَحَقُّوا بِهِ مِنَ اللَّهِ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ فِي الْآخِرَةِ. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَسُوَيْدٌ الْكَلْبِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «ثَقْبُ الْإِبْرَةِ»
١٠ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا كَعْبُ بْنُ فَرُّوخَ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «ثَقْبُ الْإِبْرَةِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ⦗١٩٦⦘ مِثْلَهُ
١٠ ‏/ ١٩٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، قَالَ: «جُحْرُ الْإِبْرَةِ»
١٠ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، يَقُولُ: «جُحْرُ الْإِبْرَةِ»
١٠ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثني عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] قَالَ: «فِي ثَقْبِهِ»
١٠ ‏/ ١٩٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: ٤١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا ﴿مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ﴾ [الأعراف: ٤١]: وَهُوَ مَا امْتَهَدُوهُ مِمَّا يُقْعَدُ عَلَيْهِ وَيُضْطَجَعُ كَالْفِرَاشِ الَّذِي يُفْرَشُ وَالْبِسَاطُ الَّذِي يُبْسَطُ. ﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١]: وَهُوَ جَمْعُ غَاشِيَةٍ، وَذَلِكَ مَا غَشَّاهُمْ فَغَطَّاهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ، مِنْ تَحْتِهِمْ فُرُشٌ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ مِنْهَا لُحُفٌ، وَإِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٩٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ﴾ [الأعراف: ٤١] قَالَ: «الْفِرَاشُ»، ﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١] قَالَ: «اللُّحُفُ»
١٠ ‏/ ١٩٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١]، قَالَ: «الْمِهَادُ: الْفُرُشُ، وَالْغَوَاشِي: اللُّحُفُ»
١٠ ‏/ ١٩٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١]، «أَمَّا الْمِهَادُ: لَهُمْ كَهَيْئَةِ الْفِرَاشِ، وَالْغَوَاشِي: تَتَغَشَّاهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ»
١٠ ‏/ ١٩٧
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: ٤١]، فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَكَذَلِكَ نُثِيبُ وَنُكَافِئُ مَنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فَأَكْسَبَهَا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ مَا لَا قِبَلَ لَهَا بِهِ بِكُفْرِهِ بِرَبِّهِ وَتَكْذِيبِهِ أَنْبِيَاءَهُ
١٠ ‏/ ١٩٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الأعراف: ٤٢] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَالَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ وَحْيِ اللَّهِ وَتَنْزِيلِهِ وَشَرَائِعِ دِينِهِ، وَعَمِلُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ فَأَطَاعُوهُ وَتَجَنَّبُوا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ. ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [الأنعام: ١٥٢]، يَقُولُ: لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا يَسَعُهَا فَلَا تَحْرَجُ فِيهِ، ﴿أُولَئِكَ﴾ [البقرة: ٥] يَقُولُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [البقرة: ٨٢] يَقُولُ: هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَعَمِلَ بِسَيِّئَاتِهِمْ ﴿فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٥] يَقُولُ: هُمْ فِي الْجَنَّةِ مَاكِثُونَ، دَائِمٌ فِيهَا مُكْثُهُمْ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا يُسْلَبُونَ نَعِيمَهُمْ
١٠ ‏/ ١٩٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ ⦗١٩٨⦘ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَذْهَبْنَا مِنْ صُدُورِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ، مَا فِيهَا مِنْ حِقْدٍ وَغِلٍّ وَعَدَاوَةٍ كَانَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى بَعْضٍ، فَجَعَلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ إِذْ أَدْخَلَهُمُوهَا عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ، لَا يَحْسِدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى شَيْءٍ خَصَّ اللَّهُ بِهِ بَعْضَهُمْ وَفَضَّلَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ عَلَيْهِ، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٠ ‏/ ١٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣] قَالَ: «الْعَدَاوَةُ»
١٠ ‏/ ١٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣] قَالَ: «هِيَ الْإِحَنُ»
١٠ ‏/ ١٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: “فِينَا وَاللَّهِ أَهْلَ بَدْرٍ نَزَلَتْ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]
١٠ ‏/ ١٩٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: “فِينَا وَاللَّهِ أَهْلَ بَدْرٍ نَزَلَتْ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]
١٠ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ رضي الله عنه: “إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣]، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
١٠ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾ [الأعراف: ٤٣]، قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا سِيقُوا إِلَى الْجَنَّةِ، فَبَلَغُوا، وَجَدُوا عِنْدَ بَابِهَا شَجَرَةً فِي أَصْلِ سَاقِهَا عَيْنَانِ، فَشَرِبُوا مِنْ إِحْدَاهِمَا، فَيُنْزَعُ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ، فَهُوَ الشَّرَابُ الطَّهُورُ. وَاغْتَسَلُوا مِنَ الْأُخْرَى، فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَلَمْ يَشْعَثُوا وَلَمْ يَتَّسِخُوا بَعْدَهَا أَبَدًا»
١٠ ‏/ ١٩٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: «يُحْبَسُ أَهْلُ الْجَنَّةِ دُونَ الْجَنَّةِ حَتَّى يُقْضَى لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حِينَ يَدْخُلُونَهَا وَلَا يَطْلُبُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحَدًا بِقُلَامَةِ ظُفْرٍ ⦗٢٠٠⦘ ظَلَمَهَا إِيَّاهُ، وَيُحْبَسُ أَهْلُ النَّارِ دُونَ النَّارِ حَتَّى يُقْضَى لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَيَدْخُلُونَ النَّارَ حِينَ يَدْخُلُونَهَا وَلَا يَطْلُبُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحَدًا بِقُلَامَةِ ظُفْرٍ ظَلَمَهَا إِيَّاهُ»
١٠ ‏/ ١٩٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ حِينَ أُدْخِلُوا الْجَنَّةَ، وَرَأَوْا مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ، وَمَا صُرِفَ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ أَهْلُ النَّارِ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا﴾ [الأعراف: ٤٣] يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَنَا لِلْعَمَلِ الَّذِي أَكْسَبَنَا هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَصَرَفَ عَذَابَهُ عَنَّا. ﴿وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣] يَقُولُ: وَمَا كُنَّا لِنَرْشُدَ لِذَلِكَ لَوْلَا أَنْ أَرْشَدَنَا اللَّهُ لَهُ وَوَفَّقَنَا بِمَنِّهِ وَطَوْلِهِ
١٠ ‏/ ٢٠٠
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَوْ هَدَانَا اللَّهُ، فَتَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً. وَكُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى مَنْزِلَهُ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ. فَهَذَا شُكْرُهُمْ»
١٠ ‏/ ٢٠٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ:
١٠ ‏/ ٢٠٠
سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: ذُكِرَ لِعُمَرَ شَيْءٌ لَا أَحْفَظُهُ، ثُمَّ ذُكِرَ الْجَنَّةُ، فَقَالَ: “يَدْخُلُونَ فَإِذَا شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ، قَالَ: فَيَغْتَسِلُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا، فَتَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَلَا تَشْعَثُ أَشْعَارُهُمْ وَلَا تُغَبَّرُ أَبْشَارُهُمْ، وَيَشْرَبُونَ مِنَ الْأُخْرَى، فَيَخْرُجُ كُلُّ قَذًى وَقَذَرٍ، أَوْ شَيْءٍ فِي بُطُونِهِمْ. قَالَ: ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابُ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]، قَالَ: فَتَسْتَقْبِلُهُمُ الْوِلْدَانُ، فَيَحُفُّونَ بِهِمْ كَمَا تَحُفُّ الْوِلْدَانُ بِالْحَمِيمِ إِذَا جَاءَ مِنْ غَيْبَتِهِ. ثُمَّ يَأْتُونَ فَيُبَشِّرُونَ أَزْوَاجَهُمْ، فَيُسَمُّونَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، فَيَقُلْنَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: فَيَسْتَخِفُّهُنَّ الْفَرَحُ، قَالَ: فَيَجِئْنَ حَتَّى يَقِفْنَ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ. قَالَ: فَيَجِيئُونَ فَيَدْخُلُونَ، فَإِذَا أُسُّ بُيُوتِهِمْ بِجَنْدَلِ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا صُرُوحٌ صُفْرٌ وَخُضْرٌ وَحُمْرٌ وَمِنْ كُلِّ لَوْنٍ، وَسُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهَا لَالْتَمَعَتْ أَبْصَارُهُمْ مِمَّا يَرَوْنَ فِيهَا. فَيُعَانِقُونَ الْأَزْوَاجَ، وَيَقْعُدُونَ عَلَى السُّرُرِ وَيَقُولُونَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٤٣] الْآيَةَ
١٠ ‏/ ٢٠١

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …