سُورَةُ الَأنْفَالِ 4

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالْمُتَنَاسِبُونَ بِالْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي الْمِيرَاثِ، إِذَا كَانُوا مِمَّنْ قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ نَصِيبًا وَحَظًّا مِنَ الْحَلِيفِ وَالْوَلِيِّ ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥] يَقُولُ: فِي حُكْمِ اللَّهِ الَّذِي كَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالسَّابقِ مِنَ الْقَضَاءِ. ﴿إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧٥] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ فِي تَوْرِيثِهِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ فِي الْقَرَابَةِ وَالنَّسَبِ دُونَ الْحِلْفِ بِالْعَقْدِ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ كُلِّهَا، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١١ ‏/ ٣٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ لَا يَرِثُ الْأَعْرَابِيُّ الْمُهَاجِرَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦]»
١١ ‏/ ٣٠١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ أَخَاهُ شُرَيْحَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَتْ لَهُ سُرِّيَّةٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، فَلَمَّا شَبَّتِ الْجَارِيَةُ زُوِّجَتْ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، ثُمَّ مَاتَتِ السُّرِّيَّةُ، وَاخْتَصَمَ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْغُلَامُ إِلَى شُرَيْحٍ الْقَاضِي فِي مِيرَاثِهَا، فَجَعَلَ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: فَقَضَى شُرَيْحٌ بِالْمِيرَاثِ لِلْغُلَامِ. قَالَ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦] فَرَكِبَ مَيْسَرَةُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَهُ بِقَضَاءِ شُرَيْحٍ وَقَوْلِهِ فَكَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى شُرَيْحٍ أَنَّ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِي أَنَّكُ قَضَيْتَ بِكَذَا وَكَذَا وَقُلْتَ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦] وَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ «إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ يَقُولُ: تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦] فَجَاءَ بِالْكِتَابِ إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَعْتَقَهَا جَنِينُ بَطْنِهَا، وَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَضَائِهِ». حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ثني عِيسَى بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَتْ لِشُرَيْحِ بْنِ الْحَارِثِ سُرِّيَّةٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: كَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ يَقُولُ: تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ تُرِكَ ذَلِكَ
١١ ‏/ ٣٠٢

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …