الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَذِلُّوا لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ، وَاخْضَعُوا لَهُ بِهَا، وَأَفْرِدُوهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَأَخْلِصُوا لَهُ الْخُضُوعَ وَالذِّلَّةَ، بِالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِهِ، وَالِانْزِجَارِ عَنْ نَهْيِهِ، وَلَا تَجْعَلُوا لَهُ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالْعِبَادَةِ شَرِيكًا تُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمَكُمْ إِيَّاهُ. ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣] يَقُولُ: “وَأَمَرَكُمْ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، يَعْنِي بِرًّا بِهِمَا؛ وَلِذَلِكَ نَصَبَ الْإِحْسَانَ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِلُزُومِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْإِغْرَاءِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَاسْتَوْصُوا بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وَهُوَ قَرِيبُ الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَاهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَبِذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَأَمَرَ أَيْضًا بِذِي الْقُرْبَى، وَهُمْ ذَوُو قَرَابَةِ أَحَدِنَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ مِمَّنْ قَرُبَتْ مِنْهُ قَرَابَتُهُ بِرَحِمِهِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إِحْسَانًا بِصِلَةِ رَحِمِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَالْيَتَامَى﴾ [البقرة: ٨٣] فَإِنَّهُمْ جَمْعُ يَتِيمٍ، وَهُوَ الطِّفْلُ الَّذِي قَدْ مَاتَ وَالِدُهُ وَهَلَكَ. ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ [البقرة: ٨٣] وَهُوَ جَمْعُ مِسْكِينٍ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ رَكِبَهُ ذُلُّ الْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ، فَتَمَسْكَنَ لِذَلِكَ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اسْتَوْصُوا بِهَؤُلَاءِ إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ، وَتَعَطَّفُوا عَلَيْهِمْ، وَالْزَمُوا
٧ / ٥
وَصِيَّتِي فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ
٧ / ٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْجَارِ ذِي الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ مِنْكَ
٧ / ٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي: «الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ»
٧ / ٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي: «ذَا الرَّحِمِ»
٧ / ٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «جَارُكَ هُوَ ذُو قَرَابَتِكَ»
٧ / ٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] قَالَا: الْقَرَابَةُ “
٧ / ٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «جَارُكَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ»
٧ / ٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] جَارُكَ ذُو الْقَرَابَةِ “
٧ / ٧
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] إِذَا كَانَ لَهُ جَارٌ لَهُ رَحِمٌ، فَلَهُ حَقَّانِ اثْنَانِ: حَقُّ الْقَرَابَةِ، وَحَقُّ الْجَارِ “
٧ / ٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الْجَارُ ذُو الْقُرْبَى: ذُو قَرَابَتِكَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ جَارُ ذِي قَرَابَتِكَ
٧ / ٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الرَّجُلُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِجِوَارِ ذِي قَرَابَتِكَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلٌ مُخَالِفُ الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِأَنَّهُ ذُو الْقَرَابَةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] الْجَارُ دُونَ غَيْرِهِ، فَجَعَلَهُ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ جَارَ ذِي الْقَرَابَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ كَمَا قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ لَقِيلَ: وَجَارُ ذِي الْقُرْبَى، وَلَمْ يَقُلْ: وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى، فَكَانَ يَكُونُ
٧ / ٧
حِينَئِذٍ إِذَا أُضِيفَ الْجَارُ إِلَى ذِي الْقَرَابَةِ الْوَصِيَّةُ بِبِرِّ جَارِ ذِي الْقَرَابَةِ دُونَ الْجَارِ ذِي الْقُرْبَى. وَأَمَّا وَالْجَارُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ ﴿ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] إِلَّا مِنْ صِفَةِ الْجَارِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مِنَ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] بِبِرِّ الْجَارِ ذِي الْقُرْبَى دُونَ جَارِ ذِي الْقَرَابَةِ، وَكَانَ بَيِّنًا خَطَأُ مَا قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى مِنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ
٧ / ٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَوْفٍ الشَّامِيِّ: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] الْمُسْلِمُ ” وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيلَ كِتَابِ اللَّهِ تبارك وتعالى غَيْرُ جَائِزٍ صَرْفُهُ إِلَّا إِلَى الْأَغْلَبِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، الَّذِينَ نَزَلَ بِلِسَانِهِمُ الْقُرْآنُ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ دُونَ الْأَنْكَرِ الَّذِي لَا تَتَعَارَفُهُ، إِلَّا أَنْ يَقُومَ بِخِلَافِ ذَلِكَ حُجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا قِيلَ فُلَانٌ ذُو قَرَابَةٍ، إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ: إِنَّهُ قَرِيبُ الرَّحِمِ مِنْهُ دُونَ الْقُرْبِ بِالدِّينِ، كَانَ صَرْفُهُ ⦗٩⦘ إِلَى الْقَرَابَةِ بِالرَّحِمِ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْقُرْبِ بِالدِّينِ
٧ / ٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْجَارِ الْبَعِيدِ الَّذِي لَا قَرَابَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
٧ / ٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] الَّذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ “
٧ / ٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي: «الْجَارُ مِنْ قَوْمٍ جُنُبٍ»
٧ / ٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَهُوَ جَارٌ، فَلَهُ حَقُّ الْجِوَارِ “
٧ / ٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] الْجَارُ الْغَرِيبُ يَكُونُ مِنَ الْقَوْمِ “
٧ / ٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] جَارُكَ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ “
٧ / ٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] جَارُكَ لَا قَرَابَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، الْبَعِيدُ فِي النَّسَبِ وَهُوَ جَارٌ “
٧ / ١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الْمُجَانِبُ»
٧ / ١٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] الَّذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَجْهٌ وَلَا قَرَابَةٌ “
٧ / ١٠
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْجَارُ الْمُشْرِكُ
٧ / ١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَوْفٍ الشَّامِيِّ، ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى الْجُنُبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْغَرِيبُ الْبَعِيدُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ مُشْرِكًا، يَهُودِيًّا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا؛
٧ / ١٠
لِمَا بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ الْجَارَ ذِي الْقُرْبَى: هُوَ الْجَارُ ذُو الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَارُ ذُو الْجَنَابَةِ الْجَارَ الْبَعِيدِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِجَمِيعِ أَصْنَافِ الْجِيرَانِ، قَرِيبِهِمْ وَبَعِيدِهِمْ. وَبَعْدُ فَإِنَّ الْجُنُبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْبَعِيدُ كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْسٍ:
[البحر الطويل] أَتَيْتُ حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَةٍ … فَكَانَ حُرَيْثٌ فِي عَطَائِيَ جَامِدَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: عَنْ جَنَابَةٍ: عَنْ بُعْدٍ وَغُرْبَةٍ، وَمِنْهُ قِيلَ: اجْتَنَبَ فُلَانٌ فُلَانًا: إِذَا بَعُدَ مِنْهُ. وتَجَنَّبَهُ خَيْرَهُ: إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُنُبِ: جُنُبٌ، لِاعْتِزَالِهِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ. فَمَعْنَى ذَلِكَ: وَالْجَارُ الْمُجَانِبُ لِلْقَرَابَةِ
[البحر الطويل] أَتَيْتُ حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَةٍ … فَكَانَ حُرَيْثٌ فِي عَطَائِيَ جَامِدَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: عَنْ جَنَابَةٍ: عَنْ بُعْدٍ وَغُرْبَةٍ، وَمِنْهُ قِيلَ: اجْتَنَبَ فُلَانٌ فُلَانًا: إِذَا بَعُدَ مِنْهُ. وتَجَنَّبَهُ خَيْرَهُ: إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُنُبِ: جُنُبٌ، لِاعْتِزَالِهِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ. فَمَعْنَى ذَلِكَ: وَالْجَارُ الْمُجَانِبُ لِلْقَرَابَةِ
٧ / ١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ رَفِيقُ الرَّجُلِ فِي سَفَرِهِ
٧ / ١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ “
٧ / ١١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ ⦗١٢⦘ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ “
٧ / ١١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] صَاحِبُكَ فِي السَّفَرِ “
٧ / ١٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] وَهُوَ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ “
٧ / ١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ، مَنْزِلُهُ مَنْزِلُكَ، وَطَعَامُهُ طَعَامُكَ، وَمَسِيرُهُ مَسِيرُكَ “
٧ / ١٢
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَا: الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ “
٧ / ١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ ⦗١٣⦘ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ﴿الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الرَّفِيقُ الصَّالِحُ “
٧ / ١٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] رَفِيقُكَ فِي السَّفَرِ الَّذِي يَأْتِيكَ وَيَدُهُ مَعَ يَدِكَ ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قِرَاءَةً عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمٌ أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٧ / ١٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ “
٧ / ١٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الرَّفِيقُ الصَّالِحُ ” حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ
٧ / ١٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ» ⦗١٤⦘ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ امْرَأَةُ الرَّجُلِ الَّتِي تَكُونُ مَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ
٧ / ١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ أَوِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَا: هِيَ الْمَرْأَةُ ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
٧ / ١٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي الَّذِي مَعَكَ فِي مَنْزِلِكَ “
٧ / ١٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «هِيَ الْمَرْأَةُ»
٧ / ١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الْمَرْأَةُ»
٧ / ١٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: قَالَ الثَّوْرِيُّ قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «هِيَ الْمَرْأَةُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ بَيْذَقٍ قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الَّذِي يَلْزَمُكَ وَيَصْحَبُكَ رَجَاءَ نَفْعِكَ
٧ / ١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الْمُلَازِمُ. وَقَالَ أَيْضًا: رَفِيقُكَ الَّذِي يُرَافِقُكَ “
٧ / ١٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الَّذِي يَلْصَقُ بِكَ وَهُوَ إِلَى جَنْبِكَ، وَيَكُونُ مَعَكَ إِلَى جَنْبِكَ رَجَاءَ ⦗١٦⦘ خَيْرِكَ وَنَفْعِكَ ” وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّ مَعْنَى: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] الصَّاحِبُ إِلَى الْجَنْبِ، كَمَا يُقَالَ: فُلَانٌ بِجَنْبِ فُلَانٍ وَإِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: جَنَبَ فُلَانٌ فُلَانًا فَهُوَ يَجْنَبُهُ جَنْبًا، إِذَا كَانَ لِجَنْبِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: جَنَبَ الْخَيْلَ، إِذَا قَادَ بَعْضَهَا إِلَى جَنْبِ بَعْضٍ. وَقَدْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْمُنْقَطِعُ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي يُلَازِمُهُ رَجَاءَ نَفْعِهِ، لِأَنَّ كُلَّهُمْ بِجَنْبِ الَّذِي هُوَ مَعَهُ وَقَرِيبٌ مِنْهُ، وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بَجِمِيعِهِمْ لِوُجُوبِ حَقِّ الصَّاحِبِ عَلَى الْمَصْحُوبِ. وَقَدْ:
٧ / ١٥
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ فُلَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الثِّقَةِ، عِنْدَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمَا عَلَى رَاحِلَتَيْنِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ فِي غَيْضَةٍ طَرْفَاءَ، فَقَطَعَ قَصِيلَيْنَ أَحَدُهُمَا مُعْوَجٌّ وَالْآخَرُ مُعْتَدِلٌ، فَخَرَجَ بِهِمَا فَأَعْطَى صَاحِبَهُ الْمُعْتَدِلَ وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ الْمُعْوَجَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَنْتَ أَحَقُّ بِالْمُعْتَدِلِ مِنِّي. فَقَالَ: «كَلَّا يَا فُلَانُ، إِنَّ كُلَّ صَاحِبٍ يَصْحَبُ صَاحِبًا مَسْئُولٌ عَنْ صَحَابَتِهِ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ ⦗١٧⦘ نَهَارٍ»
٧ / ١٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ، قَالَ: ثني شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ خَيْرَ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ تبارك وتعالى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرَ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» وَإِنْ كَانَ الصَّاحِبُ بِالْجَنْبِ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَا فِيهِ كُلُّ مَنْ جَنَبَ رَجُلًا يَصْحَبُهُ فِي سَفَرٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوِ انْقِطَاعٍ إِلَيْهِ وَاتِّصَالٍ بِهِ، وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَصَّ بَعْضَهُمْ مِمَّا احْتَمَلَهُ ظَاهَرُ التَّنْزِيلِ؛ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: جَمِيعُهُمْ مَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ، وَبِكُلِّهِمْ قَدْ أَوْصَى اللَّهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ
٧ / ١٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ١٧٧] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ابْنُ السَّبِيلِ: هُوَ الْمُسَافِرُ الَّذِي يَجْتَازُ مَارًّا
٧ / ١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [النساء: ٣٦] هُوَ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْكَ وَهُوَ مُسَافِرٌ ” ⦗١٨⦘ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، مِثْلَهُ
٧ / ١٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وابْنِ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ١٧٧] قَالَ: «هُوَ الْمَارُّ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ غَنِيًّا» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الضَّيْفُ
٧ / ١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الضَّيْفُ لَهُ حَقٌّ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ»
٧ / ١٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [النساء: ٣٦] «وَهُوَ الضَّيْفُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «الضَّيْفُ» حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ ” وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ: هُوَ صَاحِبُ الطَّرِيقِ، وَالسَّبِيلُ: هُوَ الطَّرِيقُ، وَابْنهُ: صَاحِبُهُ الضَّارِبُ فِيهِ، فَلَهُ الْحَقُّ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ مُحْتَاجًا مُنْقَطِعًا بِهِ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى مَعُونَةٍ، وَيُضِيفُهُ إِنِ احْتَاجَ ⦗١٩⦘ إِلَى ضِيَافَةٍ، وَأَنْ يَحْمِلَهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى حُمْلَانَ
٧ / ١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَالَّذِينَ مَلَكْتُمُوهُمْ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. فأَضَافَ الْمِلْكَ إِلَى الْيَمِينِ، كَمَا يُقَالَ: تَكَلَّمَ فُوكَ، وَمَشَتْ رِجْلُكَ، وَبَطَشَتْ يَدُكَ، بِمَعْنَى: تَكَلَّمْتَ، وَمَشَيْتَ، وَبَطَشْتَ. غَيْرَ أَنَّ مَا وَصَفْتَ بِهِ كُلَّ عُضْو مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا وَصَفْتَ بِهِ، لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ فِي الْمُتَعَارَفِ فِي النَّاسِ دُونَ سَائِرِ جَوَارِحِ الْجَسَدِ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِوَصْفِ ذَلِكَ الْعُضْوِ بِمَا وُصِفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنَ الْكَلَامِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣٦] لِأَنَّ مَمَالِيكَ أَحَدِنَا تَحْتَ يَدِهِ، إِنَّمَا يَطْعَمُ مَا تُنَاوِلُهُ أَيمَانُنَا وَيَكْتَسِي مَا تَكْسُوهُ وَتَصْرِفُهُ فِيمَا أَحَبَّ صَرْفَهُ فِيهِ بِهَا. فأُضِيفَ مِلْكُهُمْ إِلَى الْأَيمَانِ لِذَلِكَ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٧ / ١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣٦] مِمَّا خَوَّلَكَ اللَّهُ، كُلُّ هَذَا أَوْصَى اللَّهُ بِهِ ” وَإِنَّمَا يَعْنِي مُجَاهِدٌ بِقَوْلِهِ: كُلُّ هَذَا أَوْصَى اللَّهُ بِهِ، الْوَالِدَيْنِ وَذَا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْجَارَ ذَا الْقُرْبَى، وَالْجَارَ الْجُنُبَ، وَالصَّاحِبَ بِالْجَنْبِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، فَأَوْصَى رَبُّنَا ﷻ بِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ عِبَادَهُ إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ، وَأَمَرَ خَلْقَهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى ⦗٢٠⦘ وَصِيَّتِهِ فِيهِمْ، فَحَقٌّ عَلَى عِبَادِهِ حِفْظُ وَصِيَّةِ اللَّهِ فِيهِمْ ثُمَّ حِفْظُ وَصِيَّةِ رَسُولِهِ ﷺ
٧ / ١٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا﴾ [النساء: ٣٦] إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ ذَا خُيَلَاءَ، وَلِلْمُخْتَالِ الْمُفْتَعِلِ مِنْ قَوْلِكَ: خَالَ الرَّجُلِ فَهُوَ يَخُولُ خَوَلًا وَخَالًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر المتقارب] فَإِنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا … وَإِنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
[البحر الرجز] وَالْخَالِ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْجُهَّالْ
وَأَمَّا الْفَخُورُ: فَهُوَ الْمُفْتَخِرُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ آلَائِهِ، وَبَسَطَ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَلَا يَحْمَدُ عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ طَوْلِهِ، وَلَكِنَّهُ بِهِ مُخْتَالٌ مُسْتَكْبِرٍ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِهِ مُسْتَطِيلٌ مُفْتَخِرٌ. كَمَا:
[البحر المتقارب] فَإِنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا … وَإِنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
[البحر الرجز] وَالْخَالِ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْجُهَّالْ
وَأَمَّا الْفَخُورُ: فَهُوَ الْمُفْتَخِرُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ آلَائِهِ، وَبَسَطَ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَلَا يَحْمَدُ عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ طَوْلِهِ، وَلَكِنَّهُ بِهِ مُخْتَالٌ مُسْتَكْبِرٍ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِهِ مُسْتَطِيلٌ مُفْتَخِرٌ. كَمَا:
٧ / ٢٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا﴾ [النساء: ٣٦] قَالَ: «مُتَكَبِّرًا فَخُورًا قَالَ: يَعُدُّ مَا أُعْطِيَ، وَهُوَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ»
٧ / ٢٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ⦗٢١⦘ وَاقِدٍ أَبِي رَجَاءٍ الْهَرَوِيِّ، قَالَ: لَا تَجِدُ سَيِّئَ الْمَلَكَةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ مُخْتَالًا فَخُورًا، وَتَلَا: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦] وَلَا عَاقًّا إِلَّا وَجَدْتَهُ جَبَّارًا شَقِيًّا، وَتَلَا: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ [مريم: ٣٢] “
٧ / ٢٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ٣٧] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُخْتَالَ الْفَخُورَ، الَّذِي يَبْخَلُ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالْبُخْلِ. فَالَّذِينَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ رَدًّا عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ ﴿فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦] مِنْ ذَمٍّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى النَّعْتِ لِمِنْ. وَالْبُخْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَنْعُ الرَّجُلِ سَائِلَهُ مَا لَدَيْهِ وَعِنْدَهُ مِنْ فَضْلٍ عَنْهُ. كَمَا:
٧ / ٢١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] قَالَ: «الْبُخْلُ: أَنْ يَبْخَلَ الْأَنْسَانُ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَالشُّحُّ: أَنْ يَشِحَّ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ. قَالَ: يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ بِالْحِلِّ وَالْحَرَامِ لَا يَقْنَعُ» وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (بِالْبَخَلِ)، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْخَاءِ. وَقَرَأتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ⦗٢٢⦘ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِضَمِّ الْبَاءِ: ﴿بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ غَيْرُ مُخْتَلِفَتَيِ الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِرَاءَتِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] الَّذِينَ كَتَمُوا اسْمَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَصِفَتَهُ مِنَ الْيَهُودِ، وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسٍ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
٧ / ٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَضْرَمِيِّ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧] قَالَ: «هُمُ الْيَهُودُ بَخِلُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَكَتَمُوا ذَلِكَ»
٧ / ٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ [النساء: ٣٩] مَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي يَهُودَ ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٢٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَهْلُ الْكِتَابِ، بَخِلُوا بِحَقِّ اللَّهِ ⦗٢٣⦘ عَلَيْهِمْ، وَكَتَمُوا الْإِسْلَامَ وَمُحَمَّدًا ﷺ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ “
٧ / ٢٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، أَمَّا: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] فَهُمُ الْيَهُودُ ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧] اسْمَ مُحَمَّدٍ ﷺ. اوْ ﴿يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] يَبْخَلُونَ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَيَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِكِتْمَانِهِ “
٧ / ٢٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ: ثني أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَارِمٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] قَالَ: «هَذَا لِلْعِلْمِ، لَيْسَ لِلدُّنْيَا مِنْهُ شَيْءٌ»
٧ / ٢٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] قَالَ: «هَؤُلَاءِ يَهُودُ، وَقَرَأَ: ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧] قَالَ:»يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الرِّزْقِ، وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكُتُبِ، إِذَا سُئِلُوا عَنِ الشَّيْءِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ كَتَمُوهُ. وَقَرَأَ: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ [النساء: ٥٣]⦗٢٤⦘ مِنْ بُخْلِهِمْ “
٧ / ٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ كَرْدَمُ بْنُ زَيْدٍ حَلِيفَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، وَأُسَامَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَنَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ، وَبْحِرِي بْنِ عَمْرٍو، وَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَرِفَاعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ، يَأْتُونَ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَانُوا يُخَالِطُونَهُمْ، يَتَنَصَّحُونَ لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ: لَا تُنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ فِي ذَهَابِهَا، وَلَا تُسَارِعُوا فِي النَّفَقَةِ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا يَكُونُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧] أَيْ مِنَ النُّبُوَّةِ الَّتِي فِيهَا تَصْدِيقُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ٣٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ [النساء: ٣٩] ” فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ ذَوِي الْخُيَلَاءِ وَالْفَخْرِ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِتَبْيِينِ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ مِنِ اسْمِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا فِي كُتُبِهِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ، وَهُمْ بِهِ عَالِمُونَ، وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، مِثْلَ عِلْمِهِمْ بِكِتْمَانِ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِتَبْيِينِهِ لَهُ، وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَمَعْرِفَتِهِ مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتْمَانَهُ إِيَّاهُ وَأَمَّا عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ زَيْدٍ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا، ⦗٢٥⦘ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ عَلَى النَّاسِ بِفَضْلِ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. ثُمَّ سَائِرِ تَأْوِيلِهِمَا وَتَأْوِيلِ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْبُخْلِ، بِتَعْرِيفِ مَنْ جَهَلَ أَمْرَ مُحَمَّدٍ ﷺ أَنَّهُ حَقٌّ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا لِلَّهِ نَبِيُّ مَبْعُوثٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ بَيَّنَهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَى أَنْبِيَائِهِ مِنْ كُتُبِهِ، فَبَخِلَ بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ هَؤُلَاءِ، وَأُمِرُوا مَنْ كَانَتْ حَالُهُ حَالَهُمْ فِي مَعْرِفَتِهِمْ بِهِ أَنْ يَكْتُمُوهُ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ، وَلَا يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ النَّاسَ بِالْبُخْلِ دِيَانَةً وَلَا تَخَلُّقًا، بَلْ تَرَى ذَلِكَ قَبِيحًا وَيُذَمُّ فَاعِلُهُ وَلَا يُمْتَدَحُ، وَإِنْ هِيَ تَخَلَّقَتْ بِالْبُخْلِ وَاسْتَعْمَلَتْهُ فِي أَنْفُسِهَا فَالسَّخَاءُ وَالْجُودُ تَعُدُّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَفْعَالِ وَتَحُثُّ عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ بُخْلَهُمُ الَّذِي وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ إِنَّمَا كَانَ بُخْلًا بِالْعِلْمِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ آتَاهُمُوهُ، فَبَخِلُوا بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ، وَكَتَمُوهُ دُونَ الْبُخْلِ بِالْأَمْوَالِ. إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِأَمْوَالِهِمُ الَّتِي يُنْفِقُونَهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَسُبُلِهِ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ بُخْلُهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَمْرُهُمُ النَّاسَ بِالْبُخْلِ. فَهَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَكُونُ لِذَلِكَ وَجْهٌ مَفْهُومٌ فِي وَصْفِهِمْ بِالْبُخْلِ وَأَمْرِهِمْ بِهِ
٧ / ٢٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ٣٧] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿وَأَعْتَدْنَا﴾ [النساء: ٣٧] وَجَعَلْنَا لِلْجَاحِدِينَ نِعْمَةَ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، الْمُكَذِّبِينَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِهِ، الْكَاتِمِينَ نَعْتَهُ ⦗٢٦⦘ وَصِفَتَهُ مَنْ أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِبَيَانِهِ لَهُ مِنَ النَّاسِ ﴿عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ٣٧] يَعْنِي: “الْعِقَابَ الْمُذِلَّ مَنْ عُذِّبَ بِخُلُودِهِ فِيهِ عَتَادًا لَهُ فِي آخِرَتِهِ، إِذَا قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ وَجَدَهُ بِمَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ جُحُودِهِ فَرْضَ اللَّهِ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِ
٧ / ٢٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: ٣٨] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ بِاللَّهِ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ صِفَتَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ﴾ [النساء: ٣٨] وَالَّذِينَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا عَلَى الْكَافِرِينَ وَقَوْلُهُ: ﴿رِئَاءَ النَّاسِ﴾ [البقرة: ٢٦٤] يَعْنِي: «يُنْفِقُهُ مُرَاءَاةَ النَّاسِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ غَيْرِ سَبِيلِهِ، وَلَكِنْ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ. ﴿وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء: ٣٨] يَقُولُ:»وَلَا يُصَدِّقُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَلَا بِالْمِيعَادِ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةَ، الَّذِي فِيهِ جَزَاءُ الْأَعْمَالِ أَنَّهُ كَائِنٌ. وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْيَهُودِ، وَهُوَ صِفَةُ أَهْلِ النِّفَاقِ الَّذِينَ كَانُوا أَهْلَ شِرْكٍ فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ تُقْيَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ مُقِيمُونَ أَشْبَهَ مِنْهُمْ بِصِفَةِ الْيَهُودِ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تُوَحِّدُ اللَّهَ وَتُصَدِّقُ بِالْبَعْثِ وَالْمَعَادِ، وَإِنَّمَا كَانَ كُفْرُهَا تَكْذِيبَهَا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ. وَبَعْدُ فَفِي فَصْلِ اللَّهِ بَيْنَ صِفَةِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَصِفَةِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا، بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهُمْ مَا يُنْبِئُ عَنْ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ مِنْ نَوْعَيْنِ مِنَ النَّاسِ مُخْتَلِفِي الْمَعَانِي، وَإِنْ كَانَ
٧ / ٢٦
جَمِيعُهُمْ أَهْلَ كُفْرٍ بِاللَّهِ. وَلَوْ كَانَتِ الصِّفَتَانِ كِلْتَاهُمَا صِفَةَ نَوْعٍ مِنَ النَّاسِ لَقِيلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ. وَلَكِنْ فَصَلَ بَيْنَهُمْ بِالْوَاوِ لِمَا وَصَفْنَا. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ دُخُولَ الْوَاوِ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي عَطْفِ صِفَةٍ عَلَى صِفَةٍ لَمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؟ قِيلَ: ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَفْصَحَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ تَرْكُ إِدْخَالِ الْوَاوِ، وَإِذَا أُرِيدَ بِالثَّانِي وَصْفٌ آخَرُ غَيْرَ الْأَوَّلِ أَدْخَلَ الْوَاوَ. وَتَوْجِيهُ كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَفْصَحِ الْأَشْهَرِ مِنْ كَلَامِ مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ كِتَابُهُ أَوْلَى بِنَا مِنْ تَوْجِيهِهِ إِلَى الْأَنْكَرِ مِنْ كَلَامِهِمْ
٧ / ٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: ٣٨] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ خَلِيلًا وَصَاحِبًا يَعْمَلُ بِطَاعَتِهِ وَيَتْبَعُ أَمْرَهُ وَيَتْرُكُ أَمْرَ اللَّهِ فِي إِنْفَاقِهِ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ فِي غَيْرِ طَاعَتِهِ، وَجُحُودِهِ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ وَالْبَعْثَ بَعْدَ الْمَمَاتِ ﴿فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: ٣٨] يَقُولُ: “فَسَاءَ الشَّيْطَانُ قَرِينًا. وَإِنَّمَا نَصَبَ الْقَرِينِ، لِأَنَّ فِي سَاءَ ذِكْرًا مِنَ الشَّيْطَانِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ [الكهف: ٥٠] وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي سَاءَ ونَظَائِرِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
[البحر الطويل] عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ … فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي
⦗٢٨⦘ يُرِيدُ بِالْقَرِينِ: الصَّاحِبَ وَالصَّدِيقَ
[البحر الطويل] عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ … فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي
⦗٢٨⦘ يُرِيدُ بِالْقَرِينِ: الصَّاحِبَ وَالصَّدِيقَ
٧ / ٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ [النساء: ٣٩] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَيُّ شَيْءٍ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، لَوْ صَدَّقُوا بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَخْلَصُوا لَهُ التَّوْحِيدَ، وَأَيْقَنُوا بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَصَدَّقُوا بِأَنَّ اللَّهَ مُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ [النساء: ٣٩] يَقُولُ وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي رَزَقَهُمُ اللَّهُ، وَأَعْطَاهُمُوهَا طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُهُمْ، وَلَمْ يُنْفِقُوهَا رِئَاءَ النَّاسِ الْتِمَاسَ الذِّكْرِ وَالْفَخْرِ عِنْدَ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَالْمَحْمَدَةِ بِالْبَاطِلِ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ نِفَاقًا، وَهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مُكَذِّبُونَ، عَلِيمًا، يَقُولُ: ذَا عِلْمٍ بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ وَمَا يَقْصُدُونَ وَيُرِيدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ، وَمَا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَالْمَحْمَدَةَ فِي النَّاسِ، وَهُوَ حَافِظٌ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمُ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يُجَازِيَهُمْ بِهَا جَزَاءَهُمْ عِنْدَ مَعَادِهِمْ إِلَيْهِ
٧ / ٢٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَبْخَسُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِهِ ⦗٢٩⦘ مِمَّا رَزَقَهُ مِنْ ثَوَابِ نَفَقَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا مِنْ أَجْرِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [النساء: ٤٠] أَيْ مَا يَزِنُهَا وَيَكُونُ عَلَى قَدْرِ ثِقَلِهَا فِي الْوَزْنِ، وَلَكِنَّهُ يُجَازِيهِ بِهِ، وَيُثِيبُهُ عَلَيْهِ. كَمَا:
٧ / ٢٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ تَلَا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾ [النساء: ٤٠] قَالَ: «لِأَنْ تَفْضُلْ حَسَنَاتِي مَا يَزِنُ ذَرَّةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
٧ / ٢٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: «لِأَنْ تَفْضُلْ حَسَنَاتِي عَلَى سَيِّئَاتِي مَا يَزِنُ ذَرَّةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِيَ الدُّنْيَا جَمِيعًا»:
٧ / ٢٩
وَأَمَّا الذَّرَّةُ، فَإِنَّهُ ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا، كَمَا حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [النساء: ٤٠] قَالَ: «رَأْسُ نَمْلَةٍ حَمْرَاءَ»
٧ / ٢٩
قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: «زَعَمُوا أَنَّ ⦗٣٠⦘ هَذِهِ الدُّودَةَ الْحَمْرَاءَ لَيْسَ لَهَا وَزْنٌ» وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٧ / ٢٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً، يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا ويُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةً»
٧ / ٣٠
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَحَدُكُمْ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ يَرَاهُ مُصِيبًا لَهُ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِخْوَانِهِمْ إِذَا رَأَوْا أَنْ قَدْ خَلَصُوا مِنَ النَّارِ يَقُولُونَ: أَيْ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَحُجُّونَ مَعَنَا وَيُجَاهِدُونَ مَعَنَا، قَدْ أَخَذَتْهُمُ النَّارُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُمُ: اذْهَبُوا فَمَنْ عَرَفْتُمْ صُورَتَهُ فَأَخْرِجُوهُ. وَيُحَرِّمْ صُورَتَهُمْ ⦗٣١⦘ عَلَى النَّارِ، فَيَجِدُونَ الرَّجُلَ قَدْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ وَإِلَى حَقْوَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا لِمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ قِيرَاطِ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ، فَلَا يَزَالُ يَقُولُ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فَأَخْرِجُوهُ ” فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: إِنْ لَمْ تُصَدِّقُوا فَاقْرَءُوا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا ⦗٣٢⦘ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: ثني ابْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِنَحْوِهِ وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا:
٧ / ٣٠
حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا صَدَقَةُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: «أَلَا مَنْ كَانَ يَطْلُبُ مَظْلَمَةً، فَلْيَجِئْ إِلَى حَقِّهِ فَلْيَأْخُذْهُ» قَالَ: فَيَفْرَحُ وَاللَّهِ الصَّبِيُّ أَنْ يَذُوبَ لَهُ الْحَقُّ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ، فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا. ومِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تبارك وتعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠١] فَيُقَالَ لَهُ: آتِ هَؤُلَاءِ حُقُوقَهُمْ. ايْ أَعْطِهِمْ حُقُوقَهُمْ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ مِنْ أَيْنَ وَقَدْ ذَهَبَتِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: أَيْ مَلَائِكَتِي انْظُرُوا فِي أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ، وَأَعْطُوهُمْ مِنْهَا. فَإِنْ بَقِيَ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ حَسَنَةٍ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهَا: يَا رَبَّنَا أَعْطَيْنَا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَبَقِيَ لَهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ حَسَنَةٍ. فَيَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ: ضَعِّفُوهَا لِعَبْدِي، وَأَدْخِلُوهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِي الْجَنَّةَ. ومِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] أَيِ الْجَنَّةَ ⦗٣٣⦘ يُعْطِيهَا، وَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ وَبَقِيَتْ سَيِّئَاتُهُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ: إِلَهَنَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ وَبَقِيَ سَيِّئَاتُهُ، وَبَقِيَ طَالِبُونَ كَثِيرٌ. فَيَقُولُ اللَّهُ: ضَعُوا عَلَيْهَا مِنْ أَوْزَارِهِمْ وَاكْتُبُوا لَهُ كِتَابًا إِلَى النَّارِ. قَالَ صَدَقَةُ: «أَوْ صَكًّا إِلَى جَهَنَّمَ» شَكَّ صَدَقَةُ أَيَّتَهُمَا قَالَ “
٧ / ٣٢
وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ زَاذَانَ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ: هَذَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فَلْيَأْتِ إِلَى حَقِّهِ. فتَفْرَحُ الْمَرْأَةُ أَنْ يَذُوبَ لَهَا الْحَقُّ عَلَى أَبِيهَا، أَوْ عَلَى ابْنِهَا، أَوْ عَلَى أَخِيهَا، أَوْ عَلَى زَوْجِهَا، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠١] فَيَغْفِرُ اللَّهُ تبارك وتعالى مِنْ حَقِّهِ مَا شَاءَ، وَلَا يَغْفِرُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ شَيْئًا، فَيَنْصِبُ لِلنَّاسِ فَيَقُولُ: آتُوا إِلَى النَّاسِ حُقُوقَهُمْ. فَيَقُولُ: رَبِّ فَنِيَتِ الدُّنْيَا مِنْ أَيْنَ أُوتِيهِمْ حُقُوقَهُمْ؟ فَيَقُولُ: خُذُوا مِنْ أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ، فَأَعْطُوا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ، فَفَضَلَ لَهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ضَاعَفَهَا لَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ بِهَا الْجَنَّةَ. ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا: ﴿⦗٣٤⦘ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [النساء: ٤٠] وَإِنْ كَانَ عَبْدًا شَقِيًّا قَالَ الْمَلَكُ: رَبِّ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، وَبَقِيَ طَالِبُونَ كَثِيرٌ. فَيَقُولُ: خُذُوا مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَأَضِيفُوهَا إِلَى سَيِّئَاتِهِ، ثُمَّ صُكُّوا لَهُ صَكًّا إِلَى النَّارِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى تَأْوِيلِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ عَبْدًا وَجَبَ لَهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ قَبْلَ عَبْدٍ لَهُ آخَرَ فِي مَعَادِهِ وَيَوْمَ لِقَائِهِ فَمَا فَوْقَهُ فَيَتْرُكُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَأْخُذُهُ لِلْمَظْلُومِ مِنْ ظَالِمِهِ، وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْهُ لَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ لِكُلِّ مَظْلُومِ تَبِعْتَهُ قَبْلَهُ. ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾ [النساء: ٤٠] يَقُولُ: «وَإِنْ تُوجَدْ لَهُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا، بِمَعْنَى: يُضَاعَفُ لَهُ ثَوَابَهَا وَأَجْرَهَا. ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] يَقُولُ:»وَيُعْطِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَجْرًا عَظِيمًا. وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ: الْجَنَّةُ عَلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَلِكِلَا التَّأْوِيلَيْنِ وَجْهٌ مَفْهُومٌ، أَعْنِي التَّأْوِيلَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالَّذِي قَالَهُ قَتَادَةُ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ لِمُوَافَقَتِهِ الْآثَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَ دَلَالَةِ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ عَلَى صِحَّتِهِ، إِذْ كَانَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، الَّتِي حَثَّ اللَّهُ فِيهَا عَلَى النَّفَقَةِ فِي طَاعَتِهِ، وَذَمَّ النَّفَقَةَ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ وَصَلَ ذَلِكَ بِمَا وَعَدَ الْمُنَافِقِينَ فِي طَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً ⦗٣٥⦘ يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً﴾ [النساء: ٤٠] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْعِرَاقِ: ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً﴾ [النساء: ٤٠] بِنَصْبِ الْحَسَنَةِ، بِمَعْنَى: وَإِنْ تَكُ زِنَةُ الذَّرَّةِ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ) بِرَفْعِ الْحَسَنَةِ، بِمَعْنَى: وَإِنْ تُوجَدْ حَسَنَةً عَلَى مَا ذَكَرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ تَأْوِيلِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يُضَاعِفْهَا﴾ [النساء: ٤٠] فَإِنَّهُ جَاءَ بِالْأَلِفِ، وَلَمْ يَقُلْ: يُضَعِّفْهَا؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: يُضَاعِفْهَا أَضْعَافًا كَثِيرَةً؛ وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ فِي قَوْلِهِ يُضَعِّفُ ذَلِكَ ضِعْفَيْنِ لَقِيلَ: يُضَعِّفْهَا بِالتَّشْدِيدِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ وَعَدَهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَا وَعَدَهُمْ فِيهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ جَمِيعُ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ. وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا:
٧ / ٣٣
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ الْحَسَنَةَ لَتُضَاعَفُ أَلْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ. قَالَ: وَمَا أَعْجَبَكَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ، يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ ⦗٣٦⦘ لَيُضَاعِفُ الْحَسَنَةَ أَلْفَيْ أَلْفَ حَسَنَةٍ» . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ الْمُهَاجِرُونَ خَاصَّةً دُونَ أَهْلِ الْبَوَادِي وَالْأَعْرَابِ. وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا:
٧ / ٣٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو نَشِيطٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَعْرَابِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] قَالَ: «فَقَالَ رَجُلٌ: فَمَا لِلْمُهَاجِرِينَ؟ قَالَ:»مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] وَإِذَا قَالَ اللَّهُ لِشَيْءٍ عَظِيمٌ فَهُوَ عَظِيمٌ «قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِهَذِهِ الْآيَةِ الْمُهَاجِرِينَ دُونَ الْأَعْرَابِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ فِي أَخْبَارِ اللَّهِ أَوْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْءٌ يَدْفَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَإِذَا كَانَ صَحِيحًا وَعَدَ اللَّهُ مَنْ جَاءَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحَسَنَةِ مِنَ الْجَزَاءِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَمَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ مِنْهُمْ أَنْ يُضَاعِفَهَا لَهُ، وَكَانَ الْخَبَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْهُ ﷺ صَحِيحَيْنِ، كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُجْمَلًا وَالْآخَرُ مُفَسَّرًا، إِذْ كَانَتْ أَخْبَارُهُ ﷺ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ أَنَّ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْنَاهُ: إِنَّ الْحَسَنَةَ لَتُضَاعَفُ لِلْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَلْفَيْ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَلِلْأَعْرَابِ مِنْهُمْ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، عَلَى ⦗٣٧⦘ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ وَأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] يَعْنِي:»مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ مِنْ أَعْرَابِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، وَمَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ مِنْ مُهَاجِرِيهِمْ يُضَاعَفْ لَهُ، وَيُؤْتِهِ اللَّهُ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا، يَعْنِي: يُعْطِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَجْرًا عَظِيمًا، يَعْنِي: عِوَضًا مِنْ حَسَنَتِهِ عَظِيمًا. وَذَلِكَ الْعِوَضُ الْعَظِيمُ: الْجَنَّةُ؛ كَمَا:
٧ / ٣٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا صَدَقَةُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] أَيِ الْجَنَّةَ يُعْطِهَا “
٧ / ٣٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] قَالَ: «الْأَجْرُ الْعَظِيمُ: الْجَنَّةُ»
٧ / ٣٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] قَالَ: «أَجْرًا عَظِيمًا: الْجَنَّةُ» ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ⦗٣٨⦘ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ عِبَادَهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، فَكَيْفَ بِهِمْ ﴿إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ [النساء: ٤١] يَعْنِي: «بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِأَعْمَالِهَا، وَتَصْدِيقِهَا رُسُلَهَا، أَوْ تَكْذِيبِهَا ﴿وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] يَقُولُ:»وَجِئْنَا بِكَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى هَؤُلَاءِ: أَيْ عَلَى أُمَّتِكَ شَهِيدًا، يَقُولُ: شَاهِدًا. كَمَا:
٧ / ٣٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] قَالَ: “إِنَّ النَّبِيِّينَ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْعَشَرَةُ وَأَقَلُّ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يُؤْتَى بِقَوْمِ لُوطٍ ﷺ لَمْ يُؤْمِنْ مَعَهُ إِلَّا ابْنَتَاهُ، فَيُقَالَ لَهُمْ: هَلْ بَلَّغْتُمْ مَا أَرْسَلْتُمْ بِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُقَالَ: مَنْ يَشْهَدُ؟ فَيَقُولُونَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ فَيُقَالَ لَهُمْ: أَتَشْهَدُونَ أَنَّ الرُّسُلَ أَوْدَعُوا عِنْدَكُمْ شَهَادَةً، فَبِمَ تَشْهَدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا نَشْهَدُ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا كَمَا شَهِدُوا فِي الدُّنْيَا بِالتَّبْلِيغِ. فَيُقَالَ: مَنْ يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ ﷺ. فيُدْعَى مُحَمَّدٌ عليه الصلاة والسلام، فَيَشْهَدُ أَنَّ أُمَّتَهُ قَدْ صَدَّقُوا، وَأَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونُ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
٧ / ٣٨
شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] “
٧ / ٣٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَوْلُهُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ [النساء: ٤١] قَالَ: “رَسُولُهَا، فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا أَنْ قَدْ أَبْلَغَهُمْ مَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِمْ؛ ﴿وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَتَى عَلَيْهَا فَاضَتْ عَيْنَاهُ»
٧ / ٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ [البروج: ٣] قَالَ: «الشَّاهِدُ مُحَمَّدٌ، وَالْمَشْهُودُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١]»
٧ / ٣٩
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] قَالَ: “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
٧ / ٣٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: «أَقْرَأْ عَلَيَّ» قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» . قَالَ: فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ النِّسَاءَ، حَتَّى بَلَغَ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] قَالَ: «اسْتَعْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ، وَكَفَّ ابْنُ مَسْعُودٍ»
٧ / ٤٠
قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: فَحَدَّثني جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَإِذَا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
٧ / ٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضَ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: يَوْمَ نَجِيءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَنَجِيءُ بِكَ عَلَى أُمَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ شَهِيدًا ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ١٠٥] يَقُولُ: “يَتَمَنَّى الَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ وَعَصَوْا رَسُولَهُ، لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ: (لَوْ تَسَّوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) بِتَشْدِيدِ السِّينِ وَالْوَاوِ وَفَتْحِ التَّاءِ، بِمَعْنَى: لَوْ تَتَسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ، ثُمَّ أُدْغِمَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ فِي السِّينِ، يُرَادُ بِهِ: أَنَّهُمْ يَودُّونَ لَوْ صَارُوا تُرَابًا،
٧ / ٤٠
فَكَانُوا سَوَاءً هُمْ وَالْأَرْضُ. وَقَرَأَ آخَرُونَ ذَلِكَ: (لَوْ تَسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَامَّةِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ تَرَكُوا تَشْدِيدَ السِّينِ، وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تَجْمَعُ بَيْنَ تَشْدِيدَيْنِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ: ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾ [النساء: ٤٢] بِمَعْنَى: لَوْ سَوَّاهُمُ اللَّهُ وَالْأَرْضَ، فَصَارُوا تُرَابًا مِثْلَهَا بِتَصْيِيرِهِ إِيَّاهُمْ، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ بِهِ مِنَ الْبَهَائِمِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ مُتَقَارِبَاتُ الْمَعْنَى، وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، لِأَنَّ مَنْ تَمَنَّى مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ يَوْمَئِذٍ تُرَابًا إِنَّمَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ بِتَكْوِينِ اللَّهِ إِيَّاهُ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَعَلَهُ كَذَلِكَ فَقَدْ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ تُرَابًا. عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَأَعْجَبُ الْقِرَاءَةِ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ: لَوْ تَسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ، كَرَاهِيَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ تَشْدِيدَيْنِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَلِلتَّوْفِيقِ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ
٧ / ٤١
تُرَابًا﴾ [النبأ: ٤٠] فَأَخْبَرَ اللَّهُ، عَنْهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ كَانُوا تُرَابًا، وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾ [النساء: ٤٢]، فَيُسَوَّوْا هُمْ، وَهِيَ أَعْجَبُ إِلَيَّ لِيُوَافِقَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾ [النبأ: ٤٠] . وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ تَأَوَّلُوهُ، بِمَعْنَى: وَلَا تَكْتُمُ اللَّهَ جَوَارِحُهُمْ حَدِيثًا وَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ أَفْوَاهُهُمْ
٧ / ٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ اللَّهَ، يَقُولُ: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا أَهْلُ الْإِسْلَامِ قَالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ. فَخَتَمَ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، فَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا “
٧ / ٤٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَشْيَاءُ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: مَا هُوَ؟ أَشَكٌّ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَيْسَ بِالشَّكِّ، وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ. قَالَ: فَهَاتِ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ. قَالَ: أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] وَقَالَ: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] وَقَدْ كَتَمُوا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا يَغْفِرُ شِرْكًا وَلَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ جَحَدَ الْمُشْرِكُونِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، رَجَاءَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُمْ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢]
٧ / ٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ثنا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الزُّبَيْرُ، عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَوْلُ اللَّهِ تبارك وتعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَحْسِبُكَ قُمْتَ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكَ فَقُلْتَ: أَلْقَى عَلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ، فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ جَامِعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي بَقِيعٍ وَاحِدٍ، فَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ
٧ / ٤٣
إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا إِلَّا مِمَّنْ وَحَّدَهُ، فَيَقُولُونَ: تَعَالَوْا نَجْحَدْ. فيَسْأَلُهُمْ، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ قَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ، فَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَمَنَّوْا لَوْ أَنَّ الْأَرْضَ سُوِّيَتْ بِهِمْ، وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا “
٧ / ٤٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي: ثني عَمِّي قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] يَعْنِي: «أَنْ تُسَوَّى الْأَرْضُ بِالْجِبَالِ عَلَيْهِمْ» فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَمْ يَكْتُمُوا اللَّهَ حَدِيثًا. كَأَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنَّهُمْ سُوُّوا مَعَ الْأَرْضِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَتَمُوا اللَّهَ حَدِيثًا وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ لَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، وَيَوَدُّونَ لَوْ تُسَوَّى ⦗٤٥⦘ بِهِمُ الْأَرْضَ. ولَيْسَ بِمُنْكَتِمٍ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، لِعِلْمِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِجَمِيعِ حَدِيثِهِمْ وَأَمْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ إِنْ كَتَمُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَجَحَدُوهُ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ “
٧ / ٤٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٤٣] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٠٤]: صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ٤٣]: لَا تُصَلُّوا، ﴿وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣]: وَهُوَ جَمْعُ سَكْرَانٍ، ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]: فِي صَلَاتِكُمْ، وَتَقْرَءُونَ فِيهَا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ، أَوْ نَدَبَكُمْ إِلَى قِيلِهِ فِيهَا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ وَزَجَرَكُمْ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّكَرِ الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: السَّكَرَ مِنَ الشَّرَابِ
٧ / ٤٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَجُلٌ آخَرُ شَرِبُوا الْخَمْرَ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَرَأَ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ [الكافرون: ١]⦗٤٦⦘ فَخَلَطَ فِيهَا، فَنَزَلَتْ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] “
٧ / ٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، صَنَعَ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا، فَقَدَّمُوا عَلِيًّا يُصَلِّي بِهِمُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ: «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَأَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]
٧ / ٤٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] الْآيَةُ “
٧ / ٤٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «نَزَلَ هَذَا وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَقَالَ: وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ»
٧ / ٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: «كَانُوا يَشْرَبُونَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ، وَبَعْدَ الَّتِي فِي النِّسَاءِ، فَلَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ تَرَكُوهَا»
٧ / ٤٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «نُهُوا أَنْ يُصَلُّوا وَهُمْ سُكَارَى، ثُمَّ نَسَخَهَا تَحْرِيمُ الْخَمْرِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «كَانُوا يَجْتَنِبُونَ السَّكَرَ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ»
٧ / ٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَأَبِي رَزِينٍ وَإِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] وَ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩] وَقَوْلُهُ: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا﴾ [النحل: ٦٧] قَالُوا: كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى مِنَ النَّوْمِ
٧ / ٤٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «سَكَرُ النَّوْمِ»
٧ / ٤٨
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «
٧ / ٤٨
لَمْ يَعْنِ بِهَا سَكَرَ الْخَمْرِ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا سَكَرَ النَّوْمِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ نَهْي مِنَ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَهُمْ سُكَارَى مِنَ الشَّرَابِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، لِلْأَخْبَارِ الْمُتَظَاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ نَهْي مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةِ نَزَلَتْ فِيمَنْ ذَكَرْتُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، وَالسَّكْرَانُ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ نَظِيرُ الْمَجْنُونِ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ، وَأَنْتَ مِمَّنْ تُحِيلُ تَكْلِيفَ الْمَجَانِينَ لِفَقْدِهِمُ الْفَهْمَ بِمَا يُؤْمَرُ وَيُنْهَى؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ السَّكْرَانَ لَوْ كَانَ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ لَكَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَلَكِنَّ السَّكْرَانَ هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ مَا يَأْتِي وَيَذَرُ، غَيْرَ أَنَّ الشَّرَابَ قَدْ أَثْقَلَ لِسَانِهِ وَأَحَرَّ جِسْمَهُ وَأَخْدَرَهُ، حَتَّى عَجَزَ عَنْ إِقَامَةِ قِرَاءَتِهِ فِي صَلَاتِهِ وَحُدُودِهَا الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ زَوَالِ عَقْلِهِ، فَهُوَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ عَارِفٌ فَهِمٌ، وَعَنْ أَدَاءِ بَعْضِهِ عَاجِزٌ بِخَدَرِ جِسْمِهِ مِنَ الشَّرَابِ. وَأَمَّا مَنْ صَارَ إِلَى حَدٍّ لَا يَعْقِلُ مَا يَأْتِي وَيَذَرُ، فَذَلِكَ مُنْتَقِلٌ مِنَ السَّكَرِ إِلَى الْخَبْلِ، وَمَعْدُودٌ فِي الْمَجَانِينِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الَّذِي خُوطِبَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ٤٣] لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْنُونٌ، وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ السَّكْرَانُ، وَالسَّكْرَانِ مَا وَصَفْنَا صِفَتَهُ
٧ / ٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣]⦗٥٠⦘ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ، يَعْنِي: إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُجْتَازِي طَرِيقٍ: أَيْ مُسَافِرِينَ حَتَّى تَغْتَسِلُوا
٧ / ٤٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا﴾ [النساء: ٤٣] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قَالَ: «الْمُسَافِرُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: فِي السَّفَرِ»
٧ / ٥٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] يَقُولُ: «لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ جُنُبٌ، إِذَا وَجدْتُمُ الْمَاءَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الْمَاءَ، فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكُمْ أَنْ تَمَسَّحُوا بِالْأَرْضِ»
٧ / ٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣]⦗٥١⦘ قَالَ: «إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُسَافِرِينَ فَلَا تَجِدُوا الْمَاءَ فَتَيَمَّمُوا»
٧ / ٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا﴾ [النساء: ٤٣] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قَالَ: «الْمُسَافِرُ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِهِ
٧ / ٥١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: نَزَلَتْ فِي السَّفَرِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] وَعَابِرُ السَّبِيلِ: الْمُسَافِرُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَ “
٧ / ٥١
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا هَارُونُ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْمُسَافِرُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَيُصَلِّي»
٧ / ٥٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَتُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي»
٧ / ٥٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قَالَ: «مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً فَيَتَيَمَّمُونَ صَعِيدًا طَيِّبًا، حَتَّى يَجِدُوا الْمَاءَ فَيَغْتَسِلُوا»
٧ / ٥٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً»
٧ / ٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «إِلَّا أَنْ يَكُونُوا ⦗٥٣⦘ مُسَافِرِينَ، فَلَا يَجِدُوا الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُوا»
٧ / ٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْمُسَافِرُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، فَلَا يَجِدُ مَاءً فَيَتَيَمَّمُ»
٧ / ٥٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَا: الْمُسَافِرُ الْجُنُبُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ فَيُصَلِّي “
٧ / ٥٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا ” حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، نَحْوَهُ
٧ / ٥٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: «كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ فِي السَّفَرِ»
٧ / ٥٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا ⦗٥٤⦘ جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «هُوَ الْمُسَافِرُ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّي، فَهُوَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ هَذَا» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَقْرَبُوهُ جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ، يَعْنِي: إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ. فَقَالَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ مَقَامَ الْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ، إِذْ كَانَتْ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدِهِمْ أَيَّامَئِذٍ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنِ التَّجْمِيعِ فِيهَا، فَكَانَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاةَ كِفَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْمَسَاجِدِ وَالْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلُّونَ فِيهِ
٧ / ٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا﴾ [النساء: ٤٣] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قَالَ: «هُوَ الْمَمَرُّ فِي الْمَسْجِدِ»
٧ / ٥٤
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «لَا تَقْرَبِ الْمَسْجِدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيقُكَ فِيهِ، فَتَمُرَّ مَرَّا وَلَا تَجْلِسْ»
٧ / ٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ: فِي الْجُنُبِ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ مُجْتَازًا وَهُوَ قَائِمٌ لَا يَجْلِسُ وَلَيْسَ بِمُتَوَضِئٍ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣]
٧ / ٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا هَارُونُ، عَنْ نَهْشَلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَجْلِسَا فِيهِ “
٧ / ٥٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: «كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ مُجْتَازًا»
٧ / ٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْجُنُبُ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْعُدُ فِيهِ»
٧ / ٥٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَا جَمِيعًا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «إِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا إِلَّا الْمَسْجِدَ يَمُرُّ فِيهِ»
٧ / ٥٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
٧ / ٥٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: “الْجُنُبُ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَجْلِسُ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، مِثْلَهُ
٧ / ٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا هَارُونُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْعُدَا فِيهِ»
٧ / ٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «رُخِّصَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ، فِي الْمَسْجِدِ»
٧ / ٥٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ قَالَ: ثني يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ أَبْوَابُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ تُصِيبُهُمْ جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُمْ، فَيُرِيدُونَ الْمَاءَ وَلَا يَجِدُونَ مَمَرًّا إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] “
٧ / ٥٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «لَا يَجْتَازُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ طَرِيقًا غَيْرَهُ»
٧ / ٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا هَارُونُ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «لَا يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ يَتَّخِذُهُ طَرِيقًا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالتَّأْوِيلِ لِذَلِكَ تَأْوِيلُ مِنْ تَأَوَّلَهُ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] إِلَّا مُجْتَازِي طَرِيقٍ فِيهِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْمَ الْمُسَافِرِ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَهُوَ جُنُبٌ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣] لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْمُسَافِرُ لَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] مَعْنًى مَفْهُومٌ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ حُكْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ مُصَلِّينَ فِيهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَقْرَبُوهَا أَيْضًا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ. وَالْعَابِرُ السَّبِيلَ: الْمُجْتَازُهُ مَرًّا وَقَطْعًا، يُقَالَ مِنْهُ: عَبَرْتُ هَذَا الطَّرِيقَ فَأَنَا أَعْبُرُهُ
٧ / ٥٨
عَبْرًا وَعُبُورًا، وَمِنْهُ قِيلَ: عَبَرَ فُلَانٌ النَّهَرَ: إِذَا قَطَعَهُ وَجَازَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّةِ عَلَى الْأَسْفَارِ لِقُوَّتِهَا: وَهِيَ عَبْرُ أَسْفَارٍ؛ لَقُوَّتِهَا عَلَى الْأَسْفَارِ
٧ / ٥٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] مِنْ جَرْحٍ أَوْ جُدَرِيٍّ وَأَنْتُمْ جُنُبٌ. كَمَا:
٧ / ٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْمُنَبِّهِ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْمَرِيضُ الَّذِي قَدْ أَرْخَصَ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ هُوَ الْكَسِيرِ وَالْجَرِيحُ، فَإِذَا أَصَابَتِ الْجَنَابَةُ الْكَسِيرَ اغْتَسَلَ، وَالْجَرِيحُ لَا يَحِلُّ جِرَاحَتُهُ إِلَّا جِرَاحَةً لَا يُخْشَى عَلَيْهَا»
٧ / ٥٩
حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «هِيَ لِلْمَرِيضِ الَّذِي بِهِ الْجِرَاحَةُ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا يَغْتَسِلَ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ»
٧ / ٥٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى وَالْمَرَضُ: هُوَ الْجِرَاحُ وَالْجِرَاحَةُ الَّتِي يُتَخَوَّفُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ إِنْ أَصَابَهُ ضَرَّ صَاحِبَهُ، فَذَلِكَ يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا “
٧ / ٦٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «إِذَا كَانَ بِهِ جُرُوحٌ أَوْ قُرُوحٌ يَتَيَمَّمُ»
٧ / ٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «مِنَ الْقُرُوحِ تَكُونُ فِي الذِّرَاعَيْنِ»
٧ / ٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْقُرُوحُ فِي الذِّرَاعَيْنِ»
٧ / ٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «صَاحِبُ الْجِرَاحَةِ الَّتِي يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنْهَا يَتَيَمَّمُ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣]»
٧ / ٦٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] وَالْمَرَضُ: أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلَ الْجَرْحُ أَوِ الْقَرْحُ أَوِ الْجُدَرِيُّ، فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ وَأَذَاهُ، يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ كَمَا يَتَيَمَّمُ الْمُسَافِرُ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ “
٧ / ٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، يَعْنِي الْأَحْوَلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَجْدُورِ، تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ؟ قَالَ: «ذَهَبَ فُرْسَانِ هَذِهِ الْآيَةِ»
٧ / ٦١
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ، يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
٧ / ٦١
فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْتِيهِ بِالْمَاءِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، وَلَا عَوْنٌ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَاءَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ يَأْتِيهِ بِهِ، وَلَا يَحْبُو إِلَيْهِ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى إِذَا حَلَّتِ الصَّلَاةُ. قَالَ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي: إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَاءَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ أَعْذَرُ مِنَ الْمُسَافِرِ» فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذَا: وَإِنْ كُنْتُمْ جَرْحَى أَوْ بِكُمْ قُرُوحٌ أَوْ كَسْرٌ أَوْ عِلَّةٌ لَا تَقْدُرُونَ مَعَهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ غَيْرُ مُسَافِرِينَ، فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَأَنْتُمْ أَصِحَّاءُ جُنُبٌ، فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا. وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] يَقُولُ: “أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ قَدْ قَضَى حَاجَتَهُ وَهُوَ مُسَافِرٌ صَحِيحٌ، فَلْيَتَيَمَّمْ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَالْغَائِطُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَتَصَوَّبَ، وَجُعِلَ كِنَايَةً عَنْ قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَخْتَارُ قَضَاءَ حَاجَتِهَا فِي الْغِيطَانَ فَكَثُرَ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ قَضَى حَاجَتَهُ الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغِيطَانِ حَيْثُ قَضَاهَا مِنَ الْأَرْضِ: مُتَغَوِّطٌ، جَاءَ فُلَانٌ مِنَ الْغَائِطِ يَعْنِي بِهِ: قَضَى
٧ / ٦٢
حَاجَتَهُ الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغَائِطِ مِنَ الْأَرْضِ. وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْغَائِطِ: الْوَادِي “
٧ / ٦٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْغَائِطُ: الْوَادِي»
٧ / ٦٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَوْ بَاشَرْتُمُ النِّسَاءَ بِأَيْدِيكُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي اللَّمْسِ الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: الْجِمَاعَ
٧ / ٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: ذَكَرُوا اللَّمْسَ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمَوَالِي: لَيْسَ بِالْجِمَاعِ، وَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ: اللَّمْسُ: الْجِمَاعُ. قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمَوَالِي وَالْعَرَبِ اخْتَلَفُوا فِي اللَّمْسِ، فَقَالَتِ الْمَوَالِي: لَيْسَ بِالْجِمَاعِ، وَقَالَتِ الْعَرَبُ: الْجِمَاعُ. قَالَ: مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْتَ؟ قُلْتُ: كُنْتُ مِنَ الْمَوَالِي قَالَ: ⦗٦٤⦘ غُلِبَ فَرِيقُ الْمَوَالِي، إِنَّ الْمَسَّ وَاللَّمْسَ وَالْمُبَاشَرَةَ: الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ ” حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٦٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «هُوَ الْجِمَاعُ»
٧ / ٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ أَنَا وَعَطَاءٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: هُوَ الْجِمَاعُ، وَقُلْتُ أَنَا وَعَطَاءٌ: هُوَ اللَّمْسُ. قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: «غُلِبَ فَرِيقُ الْمَوَالِي وَأَصَابَتِ الْعَرَبُ، هُوَ الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَعِفُّ وَيُكَنِّي»
٧ / ٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُلَامَسَةِ، فَقَالَ ⦗٦٥⦘ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ. وَقَالَ عُبَيْدٌ: هُوَ النِّكَاحُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: «أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيُّ: الْمُلَامَسَةُ: النِّكَاحُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَكْنِي وَيَعِفُّ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اجْتَمَعَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ / ٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَثْمَةَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ فِي التَّمَاسِ: الْغَمْزُ بِالْيَدِ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: الْجِمَاعُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيُّ، وَلَكِنَّهُ يَعِفُّ وَيُكَنِّي»
٧ / ٦٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «اللَّمْسُ: الْجِمَاعُ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
٧ / ٦٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «اللَّمْسُ وَالْمَسُّ وَالْمُبَاشَرَةُ: الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَكْنِي بِمَا شَاءَ»
٧ / ٦٥
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ: الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يَكْنِي عَمَّا شَاءَ» حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفَتِ الْعَرَبُ وَالْمَوَالِي فِي الْمُلَامَسَةِ عَلَى بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ الْعَرَبُ: الْجِمَاعُ، وَقَالَتِ الْمَوَالِي: بِالْيَدِ. قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: «غُلِبَ فَرِيقُ الْمَوَالِي، الْمُلَامَسَةُ: الْجِمَاعُ» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَعَدَ قَوْمٌ عَلَى بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ / ٦٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] الْمُلَامَسَةُ: هُوَ النِّكَاحُ “
٧ / ٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، ⦗٦٧⦘ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْمَوَالِي وَالْعَرَبُ فِي الْمَسْجِدِ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الصُّفَّةِ، فَاجْتَمَعَتِ الْمَوَالِي عَلَى أَنَّهُ اللَّمْسُ دُونَ الْجِمَاعِ، وَاجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى أَنَّهُ الْجِمَاعُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَنْتَ؟» قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي. قَالَ: «غُلِبْتَ»
٧ / ٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «اللَّمْسُ: الْجِمَاعُ» وَبِهِ سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «هُوَ الْجِمَاعُ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الْجِمَاعُ»
٧ / ٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ ⦗٦٨⦘ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: «الْجِمَاعُ»
٧ / ٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْجِمَاعُ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، فَقَالَ ذَلِكَ
٧ / ٦٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ، قَالَا: «غَشَيَانُ النِّسَاءِ» وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى اللَّهُ بِذَلِكَ كُلَّ لَمْسٍ بِيَدٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاءِ جَسَدِ الْإِنْسَانِ. وأَوْجَبُوا الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا مُفْضِيًا إِلَيْهِ
٧ / ٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ ⦗٦٩⦘ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ شَيْئًا هَذَا مَعْنَاهُ: «الْمُلَامَسَةُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ»
٧ / ٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، مَنْصُورٌ الَّذِي شَكَّ قَالَ: «الْقُبْلَةُ مِنَ الْمَسِّ»
٧ / ٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «اللَّمْسُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ»
٧ / ٦٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «اللَّمْسُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ»
٧ / ٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ»
٧ / ٦٩
حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا ابْنُ ⦗٧٠⦘ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ، وَفِيهَا الْوُضُوءُ» حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٦٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «فَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ، وَأَرَانَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ»
٧ / ٧٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ، عَنْ قَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ بِيَدِهِ، فَظَنَنْتُ مَا عَنَى فَلَمْ أَسْأَلْهُ “
٧ / ٧٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ مَسَّ الْفَرْجِ، وَأَظُنُّهُمْ ذَكَرُوا مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ بِيَدِهِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا يَقْبِضُ عَلَيْهِ “
٧ / ٧٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ⦗٧١⦘ عَبِيدَةَ: «اللَّمْسُ بِالْيَدِ»
٧ / ٧٠
قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ بِيَدِهِ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ، حَتَّى عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ “
٧ / ٧١
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ قُبْلَةِ الْمَرْأَةِ، وَيَرَى فِيهَا الْوُضُوءَ، وَيَقُولُ: هِيَ مِنَ اللِّمَاسِ “
٧ / ٧١
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ»
٧ / ٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا مُحِلُّ بْنُ مُحْرِزٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «اللَّمْسُ مِنْ شَهْوَةٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ»
٧ / ٧١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: «اللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ»
٧ / ٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ» حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ»
٧ / ٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ» قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثني أَبِي عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
٧ / ٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْمُلَامَسَةُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ [النساء: ٤٣]
٧ / ٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَعَرَفْتُ مَا يَعْنِي “
٧ / ٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، وَحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: «الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ»
٧ / ٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: «الْقُبْلَةُ وَالْمَسُّ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣]: الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي اللَّمْسِ، لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
٧ / ٧٣
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُقَبِّلُ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ “
٧ / ٧٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، قُلْتُ: مَنْ ⦗٧٤⦘ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَتْ
٧ / ٧٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ زَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ»
٧ / ٧٤
حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ: ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: ثنا مِنْدَلٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنَالُ مِنِّي الْقِبْلَةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، ثُمَّ لَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ»
٧ / ٧٤
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأَمَوِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثني يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ، وَلَا يُحَدِّثُ وُضُوءًا ” فَفِي صِحَّةِ الْخَبَرِ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْسُ الْجِمَاعِ لَا جَمِيعَ مَعَانِي اللَّمْسِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز] وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا … إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا
⦗٧٥⦘ يَعْنِي بِذَلِكَ: نَنِكْ لِمَاسًا. ذِكْرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَةٌ وَهُمْ جِرَاحٌ
[البحر الرجز] وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا … إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا
⦗٧٥⦘ يَعْنِي بِذَلِكَ: نَنِكْ لِمَاسًا. ذِكْرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَةٌ وَهُمْ جِرَاحٌ
٧ / ٧٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْمَرِيضِ لَا يَسْتَطِيعُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوِ الْحَائِضِ قَالَ: يَجْزِيهِمُ التَّيَمُّمُ، وَنَالَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جِرَاحَةٌ، فَفَشَتْ فِيهِمْ، ثُمَّ ابْتُلُوا بِالْجَنَابَةِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] الْآيَةُ كُلُّهَا ” وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَعْوَزَهُمُ الْمَاءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فِي سَفَرٍ لَهُمْ
٧ / ٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ فِي مَسِيرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الْجَيْشِ، ضَلَّ عِقْدِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ ⦗٧٦⦘ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَمَرَ بِالْتِمَاسِهِ، فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ. فَأَنَاخَ النَّبِيُّ ﷺ، وَأَنَاخَ النَّاسُ، فَبَاتُوا لَيْلَتَهُمْ تِلْكَ؛ فَقَالَ النَّاسُ: حَبَسَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ ﷺ. قَالَتْ: فَجَاءَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ، وَرَأْسُ النَّبِيِّ ﷺ فِي حِجْرِي وَهُوَ نَائِمٌ، فَجَعَلَ يَهْمِزُنِي وَيَقْرُصُنِي وَيَقُولُ: مِنْ أَجْلِ عِقْدِكِ حَبَسْتِ النَّبِيَّ ﷺ. قَالَتْ: فَلَا أَتَحَرَّكْ مَخَافَةَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ النَّبِيُّ ﷺ، وَقَدْ أَوْجَعَنِي فَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ. فَلَمَّا رَآنِي لَا أَحِيرُ إِلَيْهِ انْطَلَقَ؛ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً. قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ. قَالَتْ: فَقَالَ ابْنُ حُضَيْرٍ: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ “
٧ / ٧٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَفَقَدَتْ عَائِشَةُ قِلَادَةً لَهَا، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالنُّزُولِ، فَنَزَلُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: شَقَقْتِ عَلَى النَّاسِ. وَقَالَ أَيُّوبُ بِيَدِهِ، يَصِفُ أَنَّهُ قَرَصَهَا قَالَ: وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَوُجِدَتِ الْقِلَادَةُ فِي مُنَاخِ الْبَعِيرِ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا رَأَيْنَا امْرَأَةً أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا “
٧ / ٧٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: ثني عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ قَالَ: ثني الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَّا مِنْ بَلْعَرَجَ يُقَالَ لَهُ: الْأَسْلَعُ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ ﷺ، وَأُرَحِّلُ لَهُ، فَقَالَ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ: «يَا أَسْلَعُ قُمْ فَأَرْحِلْ لِي» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ دَعَانِي ⦗٧٧⦘ وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِآيَةِ الصَّعِيدِ، وَوَصَفَ لَنَا ضَرْبَتَيْنِ “
٧ / ٧٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثني الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَّا يُقَالَ لَهُ الْأَسْلَعُ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا، أَوْ قَالَ: سَاعَةً، الشَّكُّ مِنْ عَمْرٍو، قَالَ: وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِآيَةِ الصَّعِيدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُمْ يَا أَسْلَعُ فَتَيَمَّمْ» قَالَ: فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ رَحَّلْتُ لَهُ. قَالَ: فَسِرْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِمَاءٍ فَقَالَ: «يَا أَسْلَعُ مِسَّ، أَوْ أَمِسَّ، بِهَذَا جِلْدَكَ» قَالَ: وَأَرَانِي التَّيَمُّمَ كَمَا أَرَاهُ أَبُوهُ: ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةً لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٧٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ نُفَيْلٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ ذَكْوَانُ أَبُو عَمْرٍو، حَاجِبُ عَائِشَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا فِي مَرَضِهَا، فَقَالَ: أَبْشِرِي كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ إِلَّا طَيِّبًا، وَسَقَطَتْ قِلَادَتُكِ لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يِلْتَقِطُهَا، حَتَّى أَصْبَحَ فِي الْمَنْزِلِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ، وَمَا أَذِنَ اللَّهُ لِهَذِهِ ⦗٧٨⦘ الْأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ “
٧ / ٧٧
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً، فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رِجَالًا فِي طَلَبِهَا، فَوَجَدُوهَا، وَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ؛ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ: جزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا “
٧ / ٧٨
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَزَلَ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حِجْرِي رَاقِدٌ، أَقْبَلَ أَبِي، فَلَكَزَنِي لَكْزَةً، ثُمَّ قَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَيْقَظَ، وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، وَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٦] الْآيَةَ. قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ ⦗٧٩⦘ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَةً “
٧ / ٧٨
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ: كُنْتِ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ بَرَكَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ سَقَطَتْ قِلَادَتُكِ بِالْأَبْوَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ آيَةَ التَّيَمُّمِ ” ⦗٨٠⦘ وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوِلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النَّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] . فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَةُ قُرَّاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ [النساء: ٤٣] بِمَعْنَى: أَوْ لَمَسْتُمْ نِسَاءَكُمْ وَلَمَسَتْكُمْ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَةُ قَرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: «أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ» بِمَعْنَى: أَوْ لَمَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ نِسَاءَكُمْ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ لَامِسًا امْرَأَتَهُ إِلَّا وَهِيَ لَامَسَتْهُ، فَالْلَمْسُ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى اللِّمَاسِ، وَاللِّمَاسُ عَلَى مَعْنَى اللَّمْسِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ لاتِّفَاقِ مَعَنَيَيْهِمَا
٧ / ٧٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ [النساء: ٤٣] أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُمُ الْمَاءَ لِتَتَطَهَّرُوا بِهِ، فَلَمْ تَجِدُوهُ بِثَمَنٍ وَلَا غَيْرِ ثَمَنٍ ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] يَقُولُ: “فَتَعَمَّدُوا، وَهُوَ تَفَعَّلُوا مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: تَيَمَّمْتُ كَذَا: إِذَا قَصَدْتُهُ وَتَعَمَّدْتُهُ فَأَنَا أَتَيَمَّمُهُ، وَقَدْ يُقَالَ مِنْهُ: يَمَّمَهُ فُلَانٌ فَهُوَ يُيَمِّمُهُ، وَأَيْمَمْتُهُ أَنَا وَأَمَمْتُهُ خَفِيفَةً، وَتَيَمَّمْتُ وَتَأَمَّمْتُ، وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهَا يَمَمْتُ خَفِيفَةً. وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
[البحر المتقارب] تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وَكَمْ دُونَهُ … مِنَ الْأَرْضِ مِنْ مُهْمَةٍ ذِي شَزَنْ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: تَيَمَّمْتُ: تَعَمَّدْتُ وَقَصَدْتُ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: فَأُمُّوا صَعِيدًا ⦗٨١⦘ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
[البحر المتقارب] تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وَكَمْ دُونَهُ … مِنَ الْأَرْضِ مِنْ مُهْمَةٍ ذِي شَزَنْ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: تَيَمَّمْتُ: تَعَمَّدْتُ وَقَصَدْتُ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: فَأُمُّوا صَعِيدًا ⦗٨١⦘ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٧ / ٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا قَالَ: «تَحَرَّوْا وَتَعَمَّدُوا صَعِيدًا طَيِّبًا» وَأَمَّا الصَّعِيدُ، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْأَرْضُ الْمَلْسَاءُ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا وَلَا غِرَاسَ
٧ / ٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا نَبَاتٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ
٧ / ٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «الصَّعِيدُ: الْمُسْتَوِي» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الصَّعِيدُ: التُّرَابُ
٧ / ٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ، قَالَ: «الصَّعِيدُ: التُّرَابُ» وَقَالَ آخَرُونَ: الصَّعِيدُ: وَجْهُ الْأَرْضِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ ذَاتِ التُّرَابِ وَالْغُبَارِ. وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مِنَ النَّبَاتِ وَالْغُرُوسِ وَالْبِنَاءِ الْمُسْتَوِيَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
[البحر البسيط] كَأَنَّهُ بِالضُّحَى يَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ … دَبَّابَةٌ فِي عِظَامِ الرَّأْسِ خُرْطُومُ
يَعْنِي: يَضْرِبُ بِهِ وَجْهَ الْأَرْضِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: طَيِّبًا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: طَاهِرًا مِنَ الْأَقْذَارِ وَالنَّجَاسَاتِ
[البحر البسيط] كَأَنَّهُ بِالضُّحَى يَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ … دَبَّابَةٌ فِي عِظَامِ الرَّأْسِ خُرْطُومُ
يَعْنِي: يَضْرِبُ بِهِ وَجْهَ الْأَرْضِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: طَيِّبًا، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: طَاهِرًا مِنَ الْأَقْذَارِ وَالنَّجَاسَاتِ
٧ / ٨٢
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿طَيِّبًا﴾ [البقرة: ١٦٨] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَلَالًا
٧ / ٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: حَلَالًا “
٧ / ٨٢
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قِرَاءَةً قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] قَالَ: «الطَّيِّبُ: مَا حَوْلَكَ. قُلْتُ: مَكَانٌ جَرْدٌ غَيْرُ أَبْطَحٍ، أَيُجْزِئُ عَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ» وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً أَيُّهَا النَّاسُ، وَكُنْتُمْ مَرْضَى، أَوْ عَلَى سَفَرٍ، أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ، أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ، فَأَرَدْتُمْ أَنْ تُصَلُّوا فَتَيَمَّمُوا، يَقُولُ: فَتَعَمَّدُوا وَجْهَ الْأَرْضِ الطَّاهِرَةِ، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
٧ / ٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [النساء: ٤٣] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَامْسَحُوا مِنْهُ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ مِنْهُ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَالْمَسْحُ مِنْهُ بِالْوَجْهِ أَنْ يَضْرِبَ الْمُتَيَمِّمُ بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الطَّاهِرِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ، فَيَمْسَحَ بِمَا عَلَقَ مِنَ الْغُبَارِ وَجْهَهُ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَقَ بِهِ الْغُبَارُ كَثِيرًا، فَنَفَخَ عَنْ يَدَيْهِ أَوْ نَفَضَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدَيْهِ مِنَ الْغُبَارِ شَيْءٌ، وَقَدْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أَوْ إِحْدَاهُمَا الصَّعِيدَ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا أَوْ بِهَا وَجْهَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، لِإِجْمَاعِ جَمِيعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الصَّعِيدَ وَهُوَ أَرْضُ رَمْلٍ فَلَمْ يَعْلَقْ بِيَدَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئُهُ، لَمْ يُخَالِفْ ذَلِكَ مَنْ يُجَوِّزُ
٧ / ٨٣
أَنْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِهِ. فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِيَ يُرَادُ بِهِ مِنْ ضَرْبِ الصَّعِيدِ بِالْيَدَيْنِ مُبَاشَرَةُ الصَّعِيدِ بِهِمَا بِالْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِهِمَا، لَا لِأَخْذِ تُرَابٍ مِنْهُ. وَأَمَّا الْمَسْحُ بِالْيَدَيْنِ، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِمَسْحِهِ مِنَ الْيَدَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدُّ ذَلِكَ الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ مَسْحُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِدَيْنِ
٧ / ٨٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: تَيَمَّمَ عَمَّارٌ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى التُّرَابِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدَيْهِ وَاحِدَةً عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أُخْرَى، فَجَعَلَ يَلْوِي يَدَهُ عَلَى الْأُخْرَى وَلَمْ يَمْسَحِ الذِّرَاعَ “
٧ / ٨٤
حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ وَصَفَ لَنَا التَّيَمُّمَ: فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً، ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَمَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى، فَجَعَلَ يَلْوِي كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَسَحَ الذِّرَاعَ “
٧ / ٨٤
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: وَضَعَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ كَفَّيْهِ فِي التُّرَابِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا فَنَفَخَهُمَا، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ “
٧ / ٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، قَالَ: ثنا سَلَّامٌ، مَوْلَى حَفْصٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ»
٧ / ٨٥
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَابْنِ جَابِرٍ، أَنَّ مَكْحُولًا، كَانَ يَقُولُ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوعِ، وَيَتَأَوَّلُ مَكْحُولٌ الْقُرْآنَ فِي ذَلِكَ: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] وَقَوْلُهُ فِي التَّيَمُّمِ: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾ [النساء: ٤٣] وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ كَمَا اسْتَثْنَى فِي الْوُضُوءِ إِلَى الْمَرَافِقِ. قَالَ مَكْحُولٌ: قَالَ اللَّهُ: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا﴾ [المائدة: ٣٨] فَإِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ “
٧ / ٨٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ: أَنَّهُ رَأَى ٧٦٥٩ مَكْحُولًا يَتَيَمَّمُ يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيدِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا ⦗٨٦⦘ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ بِوَاحِدَةٍ “
٧ / ٨٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: التَّيَمُّمُ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ “
٧ / ٨٦
وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنَ الْأَثَرِ مَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ: «مَرَّةً لِلْكَفَّيْنِ وَالْوَجْهِ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بِشْرٍ: أَنَّ عَمَّارًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ التَّيَمُّمِ “
٧ / ٨٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا تُصَلِّ. فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا فِي مَسِيرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَجْنَبْتُ أَنَا وَأَنْتُ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وَصَلَّيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ» وَضَرَبَ كَفَّيْهِ الْأَرْضَ ⦗٨٧⦘ وَنَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ وَقَالُوا: أَمَرَ اللَّهُ فِي التَّيَمُّمِ بِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، فَمَا مَسَحَ مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ فِي التَّيَمُّمِ أَجْزَأَهُ، إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ قِيَاسٍ ” وَقَالَ آخَرُونَ: حَدُّ الْمَسْحِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يَمْسَحَ جَمِيعَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ
٧ / ٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، تَيَمَّمَ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَمَسَحَ وَجْهَهُ، وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٨٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: التَّيَمُّمُ مَسْحَتَانِ، يَضْرِبُ الرَّجُلُ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ، يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِهِمَا مَرَّةً أُخْرَى فَيَمْسَحُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٨٧
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ ⦗٨٨⦘ عُمَرَ فِي التَّيَمُّمِ قَالَ: ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةً لِلْكَفَّيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٨٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ قَالَا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ فِي الْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٨٨
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا “
٧ / ٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦] قَالَ: «أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ فِي التَّيَمُّمِ مَا أَمَرَ أَنْ يُغْسَلَ فِي الْوُضُوءِ وَأَبْطَلَ مَا أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ فِي الْوُضُوءِ الرَّأْسُ وَالرِّجْلَانِ»
٧ / ٨٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي التَّيَمُّمِ قَالَ: ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةً لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ ⦗٨٩⦘ فِيمَا أَمَرَ بِالْغُسْلِ “
٧ / ٨٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ “
٧ / ٨٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ: ضَرْبَةً يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرْبَةً أُخْرَى يَمْسَحُ بِهَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ” وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنَ الْوُضُوءِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ أَنْ يَبْلُغَ بِالتُّرَابِ مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْلُغَهُ بِالْمَاءِ مِنْهُمَا فِي الْوُضُوءِ. وَاعْتَلُّوا مِنَ الْآثَرِ بِمَا:
٧ / ٨٩
حَدَّثَنِي بِهِ، مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ: ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَبُولُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ إِلَى حَائِطٍ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَيْهِ، فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْحَائِطِ، فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ⦗٩٠⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: الْحَدُّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ بِالتُّرَابِ إِلَيْهِ فِي التَّيَمُّمِ الْآبَاطُ
٧ / ٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «التَّيَمُّمُ إِلَى الْآبَاطِ» وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِمَسْحِ الْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا أَمَرَ بِمَسْحِ الْوَجْهِ، وَقَدِ اجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ جَمِيعَ الْوَجْهِ، فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْيَدِ، وَمِنْ طَرَفِ الْكَفِّ إِلَى الْإبْطِ يَدٌ. وَاعْتَلُّوا مِنَ الْخَبَرِ بِمَا:
٧ / ٩٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا صَيْفِيُّ بْنُ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَهَلَكَ عِقْدٌ لِعَائِشَةَ، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَضَاءَ الصُّبْحُ، فَتَغَيَّظَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ الرُّخْصَةُ الْمَسْحُ بِالصَّعِيدِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهَا: إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ، نَزَلَ فِيكِ رُخْصَةٌ. فضَرَبْنَا بِأَيْدِينَا ضَرْبَةً لِوَجْهِنَا، وَضَرْبَةً بِأَيْدِينَا إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْأَبَاطِ ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَدَّ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْمُتَيَمِّمَ أَنْ يَقْصُرَ عَنْهُ فِي مَسَحِهِ بِالتُّرَابِ مِنْ يَدَيْهِ، الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ بَلَغَ بِمَسْحِهِ
٧ / ٩٠
الْمِرْفَقَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ الْآبَاطَ. وَالْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجَلِهَا جَعَلْنَاهُ مُخَيَّرًا فِيمَا جَاوَزَ الْكَفَّيْنِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَحِدَّ فِي مَسْحِ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ حَدًّا لَا يَجُوزُ التَّقْصِيرُ عَنْهُ، فَمَا مَسَحَ الْمُتَيَمِّمُ مِنْ يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ، إِلَّا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ، أَوْ قَامَتِ الْحُجَّةُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ عَنْهُ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ عَنِ الْكَفَّيْنِ غَيْرُ مُجْزِئٍ، فَخَرَجَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَإِذْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَكَانَ الْمَاسِحُ بِكَفَّيْهِ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْآيَةِ كَانَ خَارِجًا مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْجُنُبِ، هَلْ هُوَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي رُخْصَةِ التَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ: حُكْمُ الْجُنُبِ فِيمَا لَزِمَهُ مِنَ التَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ حُكْمُ مَنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ، وَسَائِرِ مَنْ أَحْدَثَ مِمَّنْ جَعَلَ التَّيَمُّمَ لَهُ طَهُورًا لِصَلَاتِهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَ بَعْضِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] أَوْ جَامَعْتُمُوهُنَّ، وَتَرَكْنَا ذِكْرَ الْبَاقِينَ لِكَثْرَةِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنَّ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فِي سَفَرِهِ بِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ نَبِيِّهَا ﷺ الَّذِي يَقْطَعُ الْعُذْرَ، وَيُزِيلُ الشَّكَّ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ: لَا يُجْزِئُ الْجُنُبَ غَيْرُ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ، وَالتَّيَمُّمُ لَا يُطَهِّرُهُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّيَمُّمُ رُخْصَةً لِغَيْرِ الْجُنُبِ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] قَالُوا:
٧ / ٩١
وَقَدْ نَهَى اللَّهُ الْجُنُبَ أَنْ يَقْرَبَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مُجْتَازًا فِيهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ بِالتَّيَمُّمِ. قَالُوا: وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] أَوْ لَامَسْتُمُوهُنَّ بِالْيَدِ دُونَ الْفَرْجِ وَدُونَ الْجِمَاعِ. قَالُوا: فَلَمْ نَجِدِ اللَّهَ رَخَّصَ لِلْجُنُبِ فِي التَّيَمُّمِ، بَلْ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ، وَأَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ إِلَّا مُغْتَسِلًا. قَالُوا: وَالتَّيَمُّمِ لَا يُطَهِّرُهُ لِصَلَاتِهِ
٧ / ٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا أَيَتَيَمَّمُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرُدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثني رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا» وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَسَحَ كَفَّيْهِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ لِقَوْلِ عَمَّارٍ؟ “
٧ / ٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
٧ / ٩٢
مَالِكٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا نَمْكُثُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لَا نَجْدُ الْمَاءَ. فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَوُ لَمْ أَجِدِ الْمَاءَ لَمْ أَكُنْ لِأُصَلِّيَ حَتَّى أَجِدَ الْمَاءَ. قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: أَتَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وَنَحْنُ نَرْعَى الْإِبِلَ، فَتَعْلَمُ أَنَّا أَجْنَبْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْتُ فِي التُّرَابِ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنْ كَانَ الصَّعِيدُ لَكَافِيَكَ» وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَبَعْضَ ذِرَاعَيْهِ؟ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ شِئْتَ لَمْ أَذْكُرْهُ، فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ نُوَلِّيكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ “
٧ / ٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، فِي دُكَّانِ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «لَا أُصَلِّي» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، أَنَّ الْجُنُبَ مِمَّنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالتَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَالصَّلَاةَ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] وَقَدْ بَيَّنَّا ثَمَّ أَنَّ مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْجِمَاعُ، بِنَقْلِ الْحُجَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْخَطَأُ فِيمَا نَقَلَتْهُ مُجْمِعَةً عَلَيْهِ وَلَا السَّهْوُ وَلَا
٧ / ٩٣
التَّوَاطُؤُ وَالتَّضَافُرُ، بِأَنَّ حُكْمَ الْجُنُبِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِ مَنْ أَحْدَثَ فَلَزِمَهُ التَّطَهُّرُ لِصَلَاتِهِ، مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا وَتَرَكْنَا ذِكْرَ كَثِيرٍ مِنْهَا اسْتِغْنَاءً بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَمَّا لَمْ نَذْكُرْ، وَكَرَاهَةً مِنَّا إِطَالَةَ الْكِتَابِ بِاسْتِقْصَاءِ جَمِيعِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] هَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ طَلَبُ الْمَاءِ أَمْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْهُ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ الطَّلَبُ وَهُوَ مُحْدِثٌ حَدَثًا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ لَوْ كَانَ لِلْمَاءِ وَاجِدًا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ فَرْضُ الطَّلَبِ بَعْدَ الطَّلَبِ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْدِثٍ
٧ / ٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ ⦗٩٥⦘ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ ذَلِكَ
٧ / ٩٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «لَا يُصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً»
٧ / ٩٥
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: “يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ [النساء: ٤٣]
٧ / ٩٥
قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: «التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ»
٧ / ٩٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّخَعِيِّ، قَالَ: «يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ طَلَبِ الْمَاءِ مَنْ لَزِمَهُ فَرْضُ الطَّلَبِ ⦗٩٦⦘ إِذَا كَانَ مُحْدِثًا، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَطَهُّرِهِ بِالتُّرَابِ فَلَزِمَهُ فَرْضُ الطَّلَبِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ تَيَمُّمِهِ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ الْأَوَّلِ
٧ / ٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «التَّيَمُّمُ بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ»
٧ / ٩٦
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «يُصَلِّي الْمُتَيَمِّمُ بِتَيَمُّمِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَتَوَضَّأْ»
٧ / ٩٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحَدِثْ، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ»
٧ / ٩٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ»
٧ / ٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالتَّيَمُّمِ مَا لَمْ يُحْدِثْ “
٧ / ٩٦
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ⦗٩٧⦘ عَطَاءٍ، قَالَ: التَّيَمُّمُ بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَتَيَمَّمُ الْمُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاةٍ لَزِمَهُ طَلَبُ الْمَاءِ لِلتَّطَهُّرِ لَهَا فَرْضًا لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ كُلَّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ بِالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَالتَّيَمُّمُ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْقَائِمُ إِلَى الصَّلَاةِ مَنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قِيَامُهُ إِلَيْهَا الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا يَنْقُضُ طَهَارَتَهُ، فَيَسْقُطُ فَرْضُ الْوُضُوءِ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ. وَأَمَّا الْقَائِمُ إِلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَامُهُ إِلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ لِصَلَاةٍ قَبْلَهَا، فَفَرْضُ التَّيَمُّمِ لَهُ لَازِمٌ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ بَعْدَ طَلَبِهِ الْمَاءَ إِذَا أَعْوَزَهُ
٧ / ٩٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٤٣] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ عَفُوًّا عَنْ ذُنُوبِ عِبَادِهِ وَتَرْكِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى كَثِيرِ مِنْهَا مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ، كَمَا عَفَا عَنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنْ قِيَامِكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴿غَفُورًا﴾ [النساء: ٢٣] يَقُولُ: “فَلَمْ يَزَلْ يَسْتُرُ عَلَيْهِمْ ذُنُوبَهُمْ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتَهُمُ الْعَذَابَ عَلَى خَطَايَاهُمْ، كَمَا سَتَرَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتَكُمْ عَلَى صَلَاتِكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ سُكَارَى. يَقُولُ: فَلَا تَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَيَنَالُكُمْ بِعَوْدِكُمْ لِمَا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْكَلَةٌ
٧ / ٩٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٤٥]
٧ / ٩٧
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٣] فَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ: أَلَمْ تُخْبَرْ، وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: أَلَمْ تَعْلَمْ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَلَمْ تَرَ بِقَلْبِكَ يَا مُحَمَّدُ عِلْمًا إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا. وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ وَالْعِلْمَ لَا يُجَلِّيَانِ رُؤْيَةً، وَلَكِنَّهُ رُؤْيَةُ الْقَلْبِ بِالْعِلْمِ لِذَلِكَ كَمَا قُلْنَا فِيهِ. وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٢٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي: إِلَى الَّذِينَ أُعْطُوا حَظًّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَعَلِمُوهُ. وذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ عَنَى بِذَلِكَ طَائِفَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ “
٧ / ٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وُيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ [النساء: ٤٤] فَهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْيَهُودُ، اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ “
٧ / ٩٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٢٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ ⦗٩٩⦘ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ [النساء: ٤٦] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ السَّائِبِ الْيَهُودِيِّ»
٧ / ٩٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ مِنْ عُظَمَائِهِمْ، يَعْنِي: مِنْ عُظَمَاءِ الْيَهُودِ، إِذَا كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَوَى لِسَانَهُ وَقَالَ: رَاعِنَا سَمْعَكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى نُفْهِمَكَ. ثُمَّ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ وَعَابَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ﴾ [النساء: ٤٤] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ٤٦] حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ / ٩٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٤٥] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ﴾ [النساء: ٤٤] الْيَهُودُ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَخْتَارُونَ الضَّلَالَةَ، وَذَلِكَ الْأَخْذُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ الْحَقِّ وَرُكُوبُ غَيْرِ سَبِيلِ الرُّشْدِ وَالصَّوَابِ، مَعَ الْعِلْمِ مِنْهُمْ بِقَصْدِ السَّبِيلِ
٧ / ٩٩
وَمَنْهَجِ الْحَقِّ. وَإِنَّمَا عَنَى اللَّهُ بِوَصْفِهِمْ بِاشْتِرَائِهِمُ الضَّلَالَةَ مَقَامَهُمْ عَلَى التَّكْذِيبِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَتَرْكَهُمُ الْإِيمَانَ بِهِ، وَهُمْ عَالِمُونَ أَنَّ السَّبِيلَ الْحَقَّ الْإِيمَانُ بِهِ وَتَصْدِيقَهُ بِمَا قَدْ وَجَدُوا مِنْ صِفَتِهِ فِي كُتُبِهِمُ الَّتِي عِنْدَهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ [النساء: ٤٤] يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيُرِيدُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ أَنْ تَضِلُّوا أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ الْمُصَدِّقِينَ بِهِ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ، يَقُولُ: أَنْ تَزُولُوا عَنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ، وَمَحَجَّةِ الْحَقِّ، فَتُكَذِّبُوا بِمُحَمَّدٍ، وَتَكُونُوا ضُلَّالًا مِثْلَهُمْ. وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَحْذِيرٌ مِنْهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوا أَحَدًا مِنْ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، أَوْ أَنْ يَسْمَعُوا شَيْئًا مِنْ طَعْنِهِمْ فِي الْحَقِّ. ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ عَدَاوَةِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوهُمْ فِي دِينِهِمْ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ [النساء: ٤٥] يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِعَدَاوَةِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، يَقُولُ: فَانْتَهُوا إِلَى طَاعَتِي عَمَّا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنِ اسْتِنْصَاحِهِمْ فِي دِينِكُمْ، فَإِنِّي أَعْلَمُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ لَكُمْ مِنَ الْغِشِّ وَالْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَبْغُونَكُمُ الْغَوَائِلَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ تَضِلُّوا عَنْ مَحَجَّةِ الْحَقِّ فَتَهْلِكُوا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٤٥] فَإِنَّهُ يَقُولُ: فَبِاللَّهِ