حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «لَا يُجَامِعُهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَاهْجُرُوهُنَّ وَاهْجُرُوا كَلَامَهُنَّ فِي تَرْكِهِنَّ مُضَاجَعَتِكُمْ، حَتَّى يَرْجِعْنَ إِلَى مُضَاجَعَتِكُمْ
٦ / ٧٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] أَنَّهَا لَا تُتْرَكُ فِي الْكَلَامِ، وَلَكِنَّ الْهِجْرَانَ فِي أَمْرِ الْمَضْجَعِ “
٦ / ٧٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] يَقُولُ: «حَتَّى يَأْتِينَ مَضَاجِعَكُمْ»
٦ / ٧٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] فِي الْجِمَاعِ “
٦ / ٧٠١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ⦗٧٠٢⦘ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «يَعِظُهَا فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ وَلَا يُكَلِّمُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذَرَ نِكَاحَهَا، وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيدٌ»
٦ / ٧٠١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] الْكَلَامُ وَالْحَدِيثُ “
٦ / ٧٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ زُرَيْقٍ الطُّهَوِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «لَا تُضَاجِعُوهُنَّ»
٦ / ٧٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «الْهِجْرَانُ أَنْ لَا، يُضَاجِعَهَا»
٦ / ٧٠٢
وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، قَالَا: «الْهِجْرَانُ فِي الْمَضْجَعِ أَنْ لَا يُضَاجِعَهَا عَلَى فِرَاشِ»
٦ / ٧٠٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ⦗٧٠٣⦘ وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَا: «يَهْجُرُ مُضَاجَعَتِهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى مَا يُحِبُّ»
٦ / ٧٠٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «يَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ»
٦ / ٧٠٣
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «هَجْرُهَا فِي مَضْجَعِهَا: أَنْ لَا يَقْرَبَ فِرَاشِهَا»
٦ / ٧٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، قَالَ: اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ قَالَ: «يَعِظُهَا بِلِسَانِهِ، فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعَهَا»
٦ / ٧٠٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَا: «إِذَا خَافَ نُشُوزَهَا وَعَظَهَا، فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَ مَضْجَعَهَا»
٦ / ٧٠٣
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «تَبْدَأُ يَا ابْنَ آدَمَ فَتَعِظُهَا، فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْكَ فَاهْجُرْهَا، يَعْنِي بِهِ: فِرَاشِهَا» ⦗٧٠٤⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قُولُوا لَهُنَّ مِنَ الْقَوْلِ هُجْرًا فِي تَرْكِهِنَّ مُضَاجَعَتِكُمْ
٦ / ٧٠٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «يَهْجُرُهَا بِلِسَانِهِ، وَيُغَلِّظُ لَهَا بِالْقَوْلِ، وَلَا يَدَعُ جِمَاعَهَا»
٦ / ٧٠٤
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «إِنَّمَا الْهِجْرَانُ بِالْمَنْطِقِ أَنْ يُغَلِّظَ لَهَا، وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ»
٦ / ٧٠٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «يَهْجُرُ بِالْقَوْلِ، وَلَا يَهْجُرُ مُضَاجَعَتَهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى مَا يُرِيدُ»
٦ / ٧٠٤
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَا يَهْجُرُهَا إِلَّا فِي الْمَبِيتِ فِي الْمَضْجَعِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْجُرَ فِي كَلَامٍ وَلَا شَيْءٍ إِلَّا فِي الْفِرَاشِ»
٦ / ٧٠٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثني يَعْلَى، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿⦗٧٠٥⦘ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «فِي مُجَامَعَتِهَا، وَلَكِنْ يَقُولُ لَهَا: تَعَالِي وَافْعَلِي. كَلَامًا فِيهِ غِلْظَةٌ، فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفْهَا أَنْ تُحِبَّهُ، فَإِنَّ قَلْبَهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا» وَلَا مَعْنَى لِلْهَجْرِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا عَلَى أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا هَجْرُ الرَّجُلِ كَلَامَ الرَّجُلِ وَحَدِيثَهُ، وَذَلِكَ رَفْضُهُ وَتَرْكُهُ، يُقَالَ مِنْهُ: هَجَرَ فُلَانٌ أَهْلَهُ يَهْجُرُهَا هَجْرًا وَهُجْرَانًا. وَالْآخَرُ: الْإِكْثَارُ مِنَ الْكَلَامِ بِتَرْدِيدٍ كَهَيْئَةِ كَلَامِ الْهَازِئِ، يُقَالَ مِنْهُ: هَجَرَ فُلَانٌ فِي كَلَامِهِ يَهْجُرُ هَجْرًا إِذَا هَذَى وَمَدَّدَ الْكَلِمَةَ، وَمَا زَالَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ وَإِهْجِيرَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
[البحر البسيط] رَمَى فَأَخْطَأَ وَالْأَقْدَارُ غَالِبَةٌ فَانْصَعْنَ … وَالْوَيْلُ هِجِّيرَاهُ وَالْحَرْبُ
وَالثَّالِثُ: هَجَرَ الْبَعِيرُ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبُهُ بِالْهِجَارِ، وَهُوَ حَبْلٌ يُرْبَطُ فِي حَقْوَيْهَا وَرُسْغِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
[البحر المتقارب] رَأَتْ هَلَكًا بِنَجَافِ الْغَبِيطِ … فَكَادَتْ تَجُدُّ لِذَاكَ الْهِجَارَا
فَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي فِيهِ الْغِلْظَةُ وَالْأَذَى فَإِنَّمَا هُوَ الْإِهْجَارُ، وَيُقَالَ مِنْهُ: أَهْجَرَ فُلَانٌ ⦗٧٠٦⦘ فِي مَنْطِقِهِ: إِذَا قَالَ الْهَجْرَ وَهُوَ الْفُحْشُ مِنَ الْكَلَامِ، يَهْجُرُ إِهْجَارًا وَهَجْرًا. فَإِذْ كَانَ لَا وَجْهَ لِلْهَجْرِ فِي الْكَلَامِ إِلَّا أَحَدَ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةَ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ الْمَخُوفُ نُشُوزُهَا إِنَّمَا أُمِرَ زَوْجُهَا بِوَعْظِهَا لِتُنِيبَ إِلَى طَاعَتِهِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ مِنْ مُوَافَاتِهِ عِنْدَ دُعَائِهِ إِيَّاهَا إِلَى فِرَاشِهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ عِظَتُهُ لِذَلِكَ، ثُمَّ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَطَاعَةِ زَوْجِهَا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ الزَّوْجُ مَأْمُورًا بِهَجْرِهَا فِي الْأَمْرِ الَّذِي كَانَتْ عِظَتُهُ إِيَّاهَا عَلَيْهِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] وَاهْجُرُوا جِمَاعَهُنَّ. أَوْ يَكُونُ إِذْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى. بِمَعْنَى: وَاهْجُرُوا كَلَامَهُنَّ بِسَبَبِ هَجْرِهِنَّ مَضَاجِعَكُمْ، وَذَلِكَ أَيْضًا لَا وَجْهُ لَهُ مَفْهُومٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ. عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يَكُنْ لِهَجْرِهَا فِي الْكَلَامِ مَعْنَى مَفْهُومٌ، لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ عَنْهُ مُنْصَرِفَةً وَعَلَيْهِ نَاشِزًا فَمِنْ سُرُورِهَا أَنْ لَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يَرَاهَا وَلَا تَرَاهُ، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ فِي حَالِ بُغْضِ امْرَأَتِهِ إِيَّاهُ وَانْصِرَافِهَا عَنْهُ بِتَرْكِ مَا فِي تَرْكِهِ سُرُورُهَا مِنْ تَرْكِ جِمَاعِهَا وَمُجَاذَبَتِهَا وَتَكْلِيمِهَا، وَهُوَ يُؤْمَرُ بِضَرْبِهَا لِتَرْتَدِعَ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ طَاعَتِهِ إِذَا دَعَاهَا إِلَى فِرَاشِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْزِمُهَا طَاعَتُهُ فِيهِ؟ أَوْ يَكُونُ إِذْ فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ يَكُونُ مَعْنَاهُ: وَاهْجُرُوا فِي قَوْلِكُمْ لَهُمْ، ⦗٧٠٧⦘ بِمَعْنَى: رُدُّوا عَلَيْهِنَّ كَلَامَكُمْ إِذَا كَلَّمْتُمُوهُنَّ بِالتَّغْلِيظِ لَهُنَّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، فَلَا وَجْهَ لِإِعْمَالِ الْهَجْرِ فِي كِنَايَةِ أَسْمَاءِ النِّسَاءِ النَّاشِزَاتِ، أَعْنِي فِي الْهَاءِ وَالنُّونِ مِنْ قَوْلِهِ ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ وَاقِعٍ، إِنَّمَا يُقَالَ: هَجَرَ فُلَانٌ فِي كَلَامِهِ وَلَا يُقَالَ: هَجَرَ فُلَانٌ فُلَانًا فَإِذَا كَانَ فِي كُلِّ هَذِهِ الْمَعَانِي مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخَلَلِ اللَّاحِقِ، فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] مُوَجَّهًا مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الرَّبْطِ بِالْهِجَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِلْبَعِيرِ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبُهُ بِحَبْلٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا: هَجَرَهُ فَهُوَ يَهْجُرُهُ هَجْرًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ، فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزِهِنَّ عَلَيْكُمْ، فَإِنِ اتَّعَظْنَ فَلَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّ أَبَيْنَ الْأَوْبَةِ مِنْ نُشُوزِهِنَّ فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُنَّ رِبَاطًا فِي مَضَاجِعِهِنَّ، يَعْنِي فِي مَنَازِلِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ الَّتِي يَضْطَجِعْنَ بِهَا وَيُضَاجِعْنَ فِيهَا أَزْوَاجَهُنَّ كَمَا:
[البحر البسيط] رَمَى فَأَخْطَأَ وَالْأَقْدَارُ غَالِبَةٌ فَانْصَعْنَ … وَالْوَيْلُ هِجِّيرَاهُ وَالْحَرْبُ
وَالثَّالِثُ: هَجَرَ الْبَعِيرُ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبُهُ بِالْهِجَارِ، وَهُوَ حَبْلٌ يُرْبَطُ فِي حَقْوَيْهَا وَرُسْغِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
[البحر المتقارب] رَأَتْ هَلَكًا بِنَجَافِ الْغَبِيطِ … فَكَادَتْ تَجُدُّ لِذَاكَ الْهِجَارَا
فَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي فِيهِ الْغِلْظَةُ وَالْأَذَى فَإِنَّمَا هُوَ الْإِهْجَارُ، وَيُقَالَ مِنْهُ: أَهْجَرَ فُلَانٌ ⦗٧٠٦⦘ فِي مَنْطِقِهِ: إِذَا قَالَ الْهَجْرَ وَهُوَ الْفُحْشُ مِنَ الْكَلَامِ، يَهْجُرُ إِهْجَارًا وَهَجْرًا. فَإِذْ كَانَ لَا وَجْهَ لِلْهَجْرِ فِي الْكَلَامِ إِلَّا أَحَدَ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةَ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ الْمَخُوفُ نُشُوزُهَا إِنَّمَا أُمِرَ زَوْجُهَا بِوَعْظِهَا لِتُنِيبَ إِلَى طَاعَتِهِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ مِنْ مُوَافَاتِهِ عِنْدَ دُعَائِهِ إِيَّاهَا إِلَى فِرَاشِهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ عِظَتُهُ لِذَلِكَ، ثُمَّ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَطَاعَةِ زَوْجِهَا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ الزَّوْجُ مَأْمُورًا بِهَجْرِهَا فِي الْأَمْرِ الَّذِي كَانَتْ عِظَتُهُ إِيَّاهَا عَلَيْهِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] وَاهْجُرُوا جِمَاعَهُنَّ. أَوْ يَكُونُ إِذْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى. بِمَعْنَى: وَاهْجُرُوا كَلَامَهُنَّ بِسَبَبِ هَجْرِهِنَّ مَضَاجِعَكُمْ، وَذَلِكَ أَيْضًا لَا وَجْهُ لَهُ مَفْهُومٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ. عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يَكُنْ لِهَجْرِهَا فِي الْكَلَامِ مَعْنَى مَفْهُومٌ، لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ عَنْهُ مُنْصَرِفَةً وَعَلَيْهِ نَاشِزًا فَمِنْ سُرُورِهَا أَنْ لَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يَرَاهَا وَلَا تَرَاهُ، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ فِي حَالِ بُغْضِ امْرَأَتِهِ إِيَّاهُ وَانْصِرَافِهَا عَنْهُ بِتَرْكِ مَا فِي تَرْكِهِ سُرُورُهَا مِنْ تَرْكِ جِمَاعِهَا وَمُجَاذَبَتِهَا وَتَكْلِيمِهَا، وَهُوَ يُؤْمَرُ بِضَرْبِهَا لِتَرْتَدِعَ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ طَاعَتِهِ إِذَا دَعَاهَا إِلَى فِرَاشِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْزِمُهَا طَاعَتُهُ فِيهِ؟ أَوْ يَكُونُ إِذْ فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ يَكُونُ مَعْنَاهُ: وَاهْجُرُوا فِي قَوْلِكُمْ لَهُمْ، ⦗٧٠٧⦘ بِمَعْنَى: رُدُّوا عَلَيْهِنَّ كَلَامَكُمْ إِذَا كَلَّمْتُمُوهُنَّ بِالتَّغْلِيظِ لَهُنَّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، فَلَا وَجْهَ لِإِعْمَالِ الْهَجْرِ فِي كِنَايَةِ أَسْمَاءِ النِّسَاءِ النَّاشِزَاتِ، أَعْنِي فِي الْهَاءِ وَالنُّونِ مِنْ قَوْلِهِ ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ وَاقِعٍ، إِنَّمَا يُقَالَ: هَجَرَ فُلَانٌ فِي كَلَامِهِ وَلَا يُقَالَ: هَجَرَ فُلَانٌ فُلَانًا فَإِذَا كَانَ فِي كُلِّ هَذِهِ الْمَعَانِي مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخَلَلِ اللَّاحِقِ، فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] مُوَجَّهًا مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الرَّبْطِ بِالْهِجَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِلْبَعِيرِ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبُهُ بِحَبْلٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا: هَجَرَهُ فَهُوَ يَهْجُرُهُ هَجْرًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ، فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزِهِنَّ عَلَيْكُمْ، فَإِنِ اتَّعَظْنَ فَلَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّ أَبَيْنَ الْأَوْبَةِ مِنْ نُشُوزِهِنَّ فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُنَّ رِبَاطًا فِي مَضَاجِعِهِنَّ، يَعْنِي فِي مَنَازِلِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ الَّتِي يَضْطَجِعْنَ بِهَا وَيُضَاجِعْنَ فِيهَا أَزْوَاجَهُنَّ كَمَا:
٦ / ٧٠٤
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ شِبْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَزَعَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «يُطْعِمُهَا ⦗٧٠٨⦘ وَيَكْسُوهَا، وَلَا يَضْرِبُ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحُ وَلَا يَهْجُرُ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ
٦ / ٧٠٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نِسَاؤُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: «حَرْثُكَ فَأْتِ حَرْثَكَ أَنَّى شِئْتَ، غَيْرَ أَنْ لَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ وَأَطْعِمْ إِذَا طَعِمْتَ وَاكْسُ إِذَا اكْتَسَيْتَ؛ كَيْفَ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَّا بَعْضٍ إِلَّا بِمَا حَلَّ عَلَيْهَا؟» وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
٦ / ٧٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِذَا نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا، فَلْيَعِظْهَا بِلِسَانِهِ، فَإِنْ قَبِلَتْ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَرَبَهَا ⦗٧٠٩⦘ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ رَجَعَتْ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا وَيُخَلِّيَهَا “
٦ / ٧٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: يَفْعَلُ بِهَا ذَاكَ وَيَضْرِبُهَا حَتَّى تُطِيعَهُ فِي الْمَضَاجِعِ، فَإِذَا أَطَاعَتْهُ فِي الْمَضْجَعِ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إِذَا ضَاجَعَتْهُ “
٦ / ٧٠٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اضْرِبُوهُنَّ إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوفِ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكُلُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ لَمْ يُوجِبُوا لِلْهَجْرِ مَعْنًى غَيْرَ الضَّرْبِ، وَلَمْ يُوجِبُوا هَجْرًا إِذَا كَانَ هَيْئَةً مِنَ الْهَيْئَاتِ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْمَضْرُوبَةُ عِنْدَ الضَّرْبِ مَعَ دَلَالَةِ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِهِنَّ إِذَا عَصَيْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ مِنْهُ أَزْوَاجَهُنَّ بِهَجْرِهِنَّ لِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْعِلَّةِ فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الَّذِيَ قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَةُ، لَيْسَ كَمَا قُلْنَا، وَصَحَّ أَنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ ﷺ أَمْرَ الرَّجُلِ بِهَجْرِ زَوْجَتِهِ إِذَا عَصَتْهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَأَمْرَهُ بِضَرْبِهَا قَبْلَ الْهَجْرِ، لَوْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْهَجْرِ هُوَ مَا بَيَّنَّاهُ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَا مَعْنَى لِأَمْرِ اللَّهِ زَوْجَهَا أَنْ يَعِظَهَا إِذَا هِيَ
٦ / ٧٠٩
نَشَزَتْ، إِذْ كَانَ لَا ذِكْرَ لِلْعِظَةِ فِي خَبَرِ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ ﷺ: «إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوفِ» دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَمْ يُبِحْ لِلرَّجُلِ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ إِلَّا بَعْدَ عِظَتِهَا مِنْ نُشُوزِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَكُونُ لَهُ عَاصِيَةً، إِلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ لَهَا أَمْرٌ أَوْ عِظَةٌ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ بِهِ “
٦ / ٧١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَعِظُوهُنَّ أَيُّهَا الرِّجَالُ فِي نُشُوزِهِنَّ، فَإِنْ أَبْيَنَ الْإِيَابَ إِلَى مَا يُلْزِمُهُنَّ لَكُمْ فَشُدُّوهُنَّ وِثَاقًا فِي مَنَازِلِهِنَّ، وَاضْرِبُوهُنَّ لِيَؤُبْنَ إِلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِي اللَّازِمِ لَهُنَّ مِنْ حُقُوقِكُمْ. وَقَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: صِفَةُ الضَّرْبِ الَّتِي أَبَاحَ اللَّهُ لِزَوْجِ النَّاشِزِ أَنْ يَضْرِبَهَا الضَّرْبَ غَيْرَ الْمُبَرِّحِ
٦ / ٧١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ
٦ / ٧١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «الضَّرْبُ غَيْرُ الْمُبَرِّحِ»
٦ / ٧١٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ⦗٧١١⦘ شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»
٦ / ٧١٠
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤] وَاضْرِبُوهُنَّ قَالَ: تَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكَ أَنْ تَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَا تَكْسِرْ لَهَا عَظْمًا، فَإِنْ أَقْبَلَتْ، وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَكَ مِنْهَا الْفِدْيَةُ “
٦ / ٧١١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»
٦ / ٧١١
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»
٦ / ٧١١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «تَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ، فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْكَ فَاضْرِبْهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ؛ أَيْ غَيْرَ شَائِنٍ»
٦ / ٧١١
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا الضَّرْبُ غَيْرُ الْمُبَرِّحِ؟ قَالَ: «السِّوَاكُ وَشِبْهُهُ يَضْرِبُهَا بِهِ»
٦ / ٧١١
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا الضَّرْبُ غَيْرُ الْمُبَرِّحُ؟ قَالَ: «بِالسِّوَاكِ وَنَحْوِهِ»
٦ / ٧١٢
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي خُطْبَتِهِ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ» قَالَ: السِّوَاكُ وَنَحْوُهُ “
٦ / ٧١٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَهْجُرُوا النِّسَاءَ إِلَّا فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ» يَقُولُ: غَيْرَ مُؤَثِّرٍ “
٦ / ٧١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ» حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ
٦ / ٧١٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «إِنْ أَقْبَلَتْ فِي الْهِجْرَانِ، وَإِلَّا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»
٦ / ٧١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، ⦗٧١٣⦘ قَالَ: «تَهْجُرُ مَضْجَعَهَا مَا رَأَيْتِ أَنْ تَنْزِعَ، فَإِنْ لَمْ تَنْزِعْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»
٦ / ٧١٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»
٦ / ٧١٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا حَبَّانُ قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، غَيْرَ مُؤَثِّرٍ»
٦ / ٧١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ نِسَاؤُكُمُ اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ عِنْدَ وَعْظِكُمْ إِيَّاهُنَّ فَلَا تَهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، فَإِنْ لَمْ يُطِعْنَكُمْ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ، فَإِنْ رَاجَعْنَ طَاعَتَكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَفِئْنَ إِلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ، فَلَا تَطْلُبُوا طَرِيقًا إِلَى أَذَاهِنَّ وَمَكْرُوهِهِنَّ، وَلَا تَلْتَمِسُوا سَبِيلًا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ مِنْ أَبْدَانِهِنَّ وَأَمْوَالِهِنَّ بِالْعِلَلِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُكُمْ لِإِحْدَاهِنَّ وَهِيَ لَهُ مُطِيعَةٌ: إِنَّكِ لَسْتِ تُحِبِّينِي وَأَنْتِ لِي مُبْغِضَةٌ، فَيَضْرِبُهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُؤْذِيهَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلرِّجَالِ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ﴾ [النساء: ٣٤] أَيْ عَلَى بُغْضِهِنَّ لَكُمْ فَلَا تَجْنُوا عَلَيْهِنَّ، وَلَا تُكَلِّفُوهُنَّ مَحَبَّتَكُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِنَّ فَتَضْرِبُوهُنَّ أَوْ تُؤْذُوهُنَّ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَلَا تَبْغُوا﴾ [النساء: ٣٤] لَا تَلْتَمِسُوا وَلَا تَطْلُبُوا، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: بَغَيْتُ الضَّالَّةَ: إِذَا الْتَمَسْتُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ فِي صِفَةِ الْمَوْتِ:
[البحر الطويل]
[البحر الطويل]
٦ / ٧١٣
بَغَاكَ وَمَا تَبْغِيهِ حَتَّى وَجَدْتَهُ … كَأَنَّكَ قَدْ وَاعَدْتَهُ أَمْسِ مَوْعِدَا
بِمَعْنَى: طَلَبَكَ وَمَا تَطْلُبُهُ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
بِمَعْنَى: طَلَبَكَ وَمَا تَطْلُبُهُ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٦ / ٧١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «إِذَا أَطَاعَتْكَ فَلَا تَتَجَنَّ عَلَيْهَا الْعِلَلَ»
٦ / ٧١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا أَطَاعَتْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إِذَا ضَاجَعَتْهُ»
٦ / ٧١٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «الْعِلَلُ»
٦ / ٧١٤
وَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «إِنْ أَتَتِ الْفِرَاشَ وَهِيَ تُبْغِضْهُ»
٦ / ٧١٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: «إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَا يُكَلِّفُهَا أَنْ تُحِبَّهُ، لِأَنَّ قَلْبَهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا»
٦ / ٧١٤
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: “إِنْ أَطَاعَتْهُ فَضَاجَعَتْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤]
٦ / ٧١٥
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤] يَقُولُ: «فَإِنْ أَطَاعَتْكَ فَلَا تَبْغِ عَلَيْهَا الْعِلَلَ»
٦ / ٧١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٤] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو عُلُوٍّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَلَا تَبْغُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى أَزْوَاجِكُمْ إِذَا أَطَعْنَكُمْ فِيمَا أَلْزَمَهُنَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ حَقٍّ سَبِيلًا لِعُلُوِّ أَيْدِيكُمْ عَلَى أَيْدِيهِنِّ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَعْلَى مِنْكُمْ عَلَيْهِنَّ، وَأَكْبَرُ مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنْتُمْ فِي يَدِهِ وَقَبْضَتِهَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَظْلِمُوهُنَّ وتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا وَهُنَّ لَكُمْ مُطِيعَاتٌ، فَيَنْتَصِرُ لَهُنَّ مِنْكُمْ رَبُّكُمُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَكْبَرُ مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ
٦ / ٧١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٥] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥]: وَإِنْ عَلِمْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا، وَذَلِكَ مُشَاقَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَهُوَ إِتْيَانُهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مِنَ الْأُمُورِ، فَأَمَّا مِنَ الْمَرْأَةِ فَالنُّشُوزُ، وَتَرْكُهَا أَدَاءَ حَقِّ اللَّهِ عَلَيْهَا الَّذِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ لِزَوْجِهَا؛ وَأَمَّا مِنَ الزَّوْجِ فَتَرْكُهُ إِمْسَاكَهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ تَسْرِيحَهَا بِإِحْسَانٍ ⦗٧١٦⦘ وَالشِّقَاقُ: مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: شَاقَّ فُلَانٌ فُلَانًا: إِذَا أَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مِنَ الْأُمُورِ، فَهُوَ يُشَاقِّهِ مُشَاقَّةً وَشِقَاقًا؛ وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَدَاوَةً، كَمَا:
٦ / ٧١٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «إِنْ ضَرَبَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ وَشَاقَّتْهُ، يَقُولُ: عَادَتْهُ» وَإِنَّمَا أُضِيفَ الشِّقَاقُ إِلَى الْبَيْنِ، لِأَنَّ الْبَيْنَ قَدْ يَكُونُ اسْمًا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «لَقَدْ تَقَطَّعْ بَيْنُكُمْ» فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُخَاطَبَيْنِ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمَأْمُورِ بِبَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ: السُّلْطَانُ الَّذِي يُرْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ
٦ / ٧١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَلِعَةِ: يَعِظُهَا، فَإِنِ انْتَهَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا، فَإِنِ انْتَهَتْ وَإِلَّا ضَرَبَهَا، فَإِنِ انْتَهَتْ وَإِلَّا رَفَعَ أَمْرَهَا إِلَى السُّلْطَانِ، فَيَبْعَثُ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، فَيَقُولُ الْحَكَمُ الَّذِي مِنْ أَهْلِهَا: يَفْعَلُ بِهَا كَذَا، وَيَقُولُ الْحَكَمُ الَّذِي مِنْ أَهْلِهِ: تَفْعَلُ بِهِ كَذَا، فَأَيُّهُمَا كَانَ الظَّالِمُ رَدَّهُ السُّلْطَانُ وَأَخَذَ فَوْقَ يَدَيْهِ، وَإِنْ ⦗٧١٧⦘ كَانَتْ نَاشِزًا أَمَرَهُ أَنْ يَخْلَعَ “
٦ / ٧١٦
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «بَلْ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ
٦ / ٧١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] إِنْ ضَرَبَهَا فَإِنْ رَجَعَتْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ وَشَاقَّتْهُ، فَلْيَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَتَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ” ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَا يُبْعَثُ لَهُ الْحَكَمَانِ، وَمَا الَّذِي يَجُوزُ لِلْحَكَمَيْنِ مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا، وَكَيْفَ وَجْهُ بَعْثِهِمَا بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْعَثُهُمَا الزَّوْجَانِ بِتَوْكِيلٍ مِنْهُمَا إِيَّاهُمَا بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَعْمَلَا شَيْئًا فِي أَمْرِهِمَا إِلَّا مَا وَكَّلَاهُمَا بِهِ، أَوْ وَكَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا إِلَيْهِ، فَيَعْمَلَانِ بِمَا وَكَلَّهُمَا بِهِ مِنْ وَكَّلَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِيمَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُمَا فِيهِ، أَوْ تَوْكِيلُ مَنْ وُكِّلَ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ
٦ / ٧١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ ⦗٧١٨⦘ عُبَيْدَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ بَيْنَهُمَا شِقَاقٌ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا أَنْ تَجْمَعَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا أَنْ تُفَرِّقَا. قَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ بِمَا عَلَيَّ فِيهِ وَلِي. وَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا. فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ لَا تَنْقَلِبُ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ “
٦ / ٧١٧
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أَتَاهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَمَرَهُمَا عَلِيٌّ رضي الله عنه أَنْ يَبْعَثَا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا لِيَنْظُرَا، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْحَكَمَانِ قَالَ لَهُمَا عَلِيُّ رضي الله عنه: أَتَدْرِيَانِ مَا لَكُمَا؟ لَكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا. قَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ لِي وَعَلَيَّ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ حَتَّى تَرْضَى مِثْلَ مَا رَضِيَتْ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ فِي حَدِيثِهِ: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تَرْضَى بِمِثْلِ مَا رَضِيَتْ بِهِ ” حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ وَهِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٦ / ٧١٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: إِذَا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ وَضَرَبَهَا، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ وَشَاقَّتْهُ، فَلْيَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَتَبْعَثُ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا؛ تَقُولُ الْمَرْأَةُ لِحَكَمِهَا: قَدْ وَلَّيْتُكَ أَمْرِي، فَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَرْجِعَ رَجَعْتُ، وَإِنْ فَرَّقْتَ تَفَرَّقْنَا. وتُخْبِرُهُ بِأَمْرِهَا إِنْ كَانَتْ تُرِيدُ نَفَقَةً أَوْ كَرِهَتْ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَتَأْمُرُهُ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ عَنْهَا وَتَرْجِعَ، أَوْ تُخْبِرَهُ أَنَّهَا لَا تُرِيدُ الطَّلَاقَ. ويَبْعَثُ الرَّجُلُ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ يُوَلِّيهِ أَمْرَهُ، وَيُخْبِرَهُ يَقُولُ لَهُ حَاجَتَهُ إِنْ كَانَ يُرِيدُهَا أَوْ لَا يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، أَعْطَاهَا مَا سَأَلَتْ وَزَادَهَا فِي النَّفَقَةِ، وَإِلَّا قَالَ لَهُ: خُذْ لِي مِنْهَا مَا لَهَا عَلَيَّ وَطَلِّقْهَا. فيُوَلِّيهِ أَمْرَهُ، فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ. ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْحَكَمَانِ فَيُخْبِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُرِيدُ لِصَاحِبِهِ، وَيَجْهَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُرِيدُ لِصَاحِبِهِ، فَإِنِ اتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، إِنْ طَلَّقَا وَإِنْ أَمْسَكَا، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] فَإِنْ بَعَثَتِ الْمَرْأَةُ حَكَمًا وَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَبْعَثَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَبْعَثَ حَكَمًا ” وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ الَّذِي يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ هُوَ السُّلْطَانُ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَبْعَثُهُمَا لِيَعْرِفَا الظَّالِمَ مِنَ الْمَظْلُومِ مِنْهُمَا، لِيَحْمِلَهُمَا عَلَى الْوَاجِبِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ لَا التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا
٦ / ٧١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، أَنَّهُمَا قَالَا: “إِنَّمَا يُبْعَثُ الْحَكَمَانِ لِيُصْلِحَا وَيَشْهَدَا عَلَى ⦗٧٢٠⦘ الظَّالِمِ بِظُلْمِهِ؛ وَأَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَيْسَتْ فِي أَيْدِيهِمَا، وَلَمْ يَمْلِكَا ذَلِكَ، يَعْنِي: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥]
٦ / ٧١٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] الْآيَةُ، إِنَّمَا يُبْعَثُ الْحَكَمَانِ لِيُصْلِحَا، فَإِنْ أَعْيَاهُمَا أَنْ يُصْلِحَا شَهِدَا عَلَى الظَّالِمِ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا فُرْقَةٌ، وَلَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ “
٦ / ٧٢٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَنِ الْحَكَمَيْنِ، قَالَ: ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، فَمَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: “يَخْلُو حَكَمُ الرَّجُلِ بِالزَّوْجِ، وَحَكَمُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ، فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: اصْدُقْنِي مَا فِي نَفْسِكَ. فَإِذَا صَدَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ اجْتَمَعَ الْحَكَمَانِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِيثَاقًا لَتَصْدُقُنِي الَّذِي قَالَ لَكَ صَاحِبُكَ، وَلَأَصْدُقَنَّكَ الَّذِي قَالَ لِي صَاحِبِي. فَذَاكَ حِينَ أَرَادَا الْإِصْلَاحَ يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْضَى بِهِ صَاحِبُهُ إِلَيْهِ، فَيَعْرِفَانِ عِنْدَ ذَلِكَ مَنِ الظَّالِمُ وَالنَّاشِزُ مِنْهُمَا، فَأَتَيَا عَلَيْهِ، فَحَكَمَا عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَالَا: أَنْتِ الظَّالِمَةُ الْعَاصِيَةُ، لَا يُنْفِقُ عَلَيْكِ حَتَّى تَرْجِعِي إِلَى الْحَقِّ وَتُطِيعِي اللَّهَ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الظَّالِمُ قَالَا: أَنْتَ الظَّالِمُ الْمُضَارُّ لَا تَدْخُلْ لَهَا بَيْتًا
٦ / ٧٢٠
حَتَّى تُنْفِقَ عَلَيْهَا وَتَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الظَّالِمَةُ الْعَاصِيَةُ أَخَذَ مِنْهَا مَالَهَا، وَهُوَ لَهُ حَلَالٌ طَيِّبٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِمُ الْمُسِيءُ إِلَيْهَا الْمُضَارُّ لَهَا طَلَّقَهَا، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ، فَإِنْ أَمْسَكَهَا أَمْسَكَهَا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا “
٦ / ٧٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ: «حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، فَيَقُولُ الْحَكَمُ مِنْ أَهْلِهَا: يَا فُلَانُ مَا تَنْقِمُ مِنْ زَوْجَتِكَ؟ فَيَقُولُ: أَنْقِمُ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَيَقُولُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ نَزَعَتْ عَمَّا تَكْرَهُ إِلَى مَا تُحِبُّ، هَلْ أَنْتَ مُتَّقِي اللَّهَ فِيهَا وَمُعَاشِرُهَا بِالَّذِي يَحِقُّ عَلَيْكَ فِي نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الْحَكَمُ: مِنْ أَهْلِهِ: يَا فُلَانَةُ، مَا تَنْقِمِينَ مِنْ زَوْجِكِ فُلَانٍ؟ فَتَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: الْحَكَمَانِ بِهِمَا يَجْمَعُ اللَّهُ وَبِهِمَا يُفَرِّقُ»
٦ / ٧٢١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «الْحَكَمَانِ يَحْكُمَانِ فِي الِاجْتِمَاعِ، وَلَا يَحْكُمَانِ فِي الْفُرْقَةِ»
٦ / ٧٢١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَنْشُزُ عَلَى زَوْجِهَا، فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَخْلَعَهَا حِينَ يَأْمُرُ الْحَكَمَانِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بَعْدَ مَا تَقُولُ ⦗٧٢٢⦘ لِزَوْجِهَا: وَاللَّهِ لَا أَبَرُّ لَكَ قَسَمًا، وَلَا آذَنُ فِي بَيْتِكَ بِغَيْرِ أَمْرِكَ: وَيَقُولُ السُّلْطَانُ: لَا نُجِيزُ لَكَ خُلْعًا. حَتَّى تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: وَاللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَا أُقِيمُ لَكَ صَلَاةً، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ السُّلْطَانُ: اخْلَعِ الْمَرْأَةَ “
٦ / ٧٢١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: «تَعِظُهَا، فَإِنْ أَبَتْ وَغَلَبَتْ فَاهْجُرْهَا فِي مَضْجَعِهَا. فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا فَاضْرِبْهَا. فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا، بُعِثَ حَكَمٌ مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمٌ مِنْ أَهْلِهَا. فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا وَأَرَادَتْ غَيْرَهُ، فَإِنْ أَبِي كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ بِيَدِ الْحَكَمَيْنِ مِنَ الْفُرْقَةِ شَيْءٌ، إِنْ رَأَيَا الظُّلْمَ مِنْ نَاحِيَةِ الزَّوْجِ قَالَا: أَنْتَ يَا فُلَانُ ظَالِمٌ، انْزِعْ، فَإِنْ أَبَى رَفَعَا ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ، لَيْسَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ مِنَ الْفِرَاقِ شَيْءٌ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ إِنَّمَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَانَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمَا مَاضٍ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ
٦ / ٧٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ⦗٧٢٣⦘ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا فَهَذَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إِذَا تَفَاسَدَ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ، وَمِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، فَيَنْظُرَانِ أَيُّهُمَا الْمُسِيءُ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُسِيءُ حَجَبُوا عَنْهُ امْرَأَتَهُ وَقَصَرُوهُ عَلَى النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُسِيئَةُ قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَمَنَعُوهَا النَّفَقَةَ. فإِنِ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ يَجْمَعَا، فَأَمْرُهُمَا جَائِزٌ. فَإِنْ رَأَيَا أَنْ يَجْمَعَا فَرَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ الَّذِي رَضِيَ يَرِثُ الَّذِي كَرِهَ، وَلَا يَرِثُ الْكَارِهُ الرَّاضِي، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا قَالَ: «هُمَا الْحَكَمَانِ يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا»
٦ / ٧٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: «أَنَّ الْحَكَمَ، مِنْ أَهْلِهَا وَالْحَكَمَ مِنْ أَهْلِهِ يُفَرِّقَانِ وَيَجْمَعَانِ إِذَا رَأَيَا ذَلِكَ ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥]»
٦ / ٧٢٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ: لَمْ أُولَدْ إِذْ ذَاكَ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَعْنِي حُكْمَ الشِّقَاقِ قَالَ: «يُقْبِلَانِ عَلَى الَّذِي جَاءَ الْأَذَى مِنْ عِنْدِهِ، فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أَقْبَلَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَ، وَإِلَّا حَكَمَا، فَمَا حَكَمَا ⦗٧٢٤⦘ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ»
٦ / ٧٢٣
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَامِرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «مَا قَضَى الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ»
٦ / ٧٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «مَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ إِنْ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ فَرَّقَا بِتَطْلِيقَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ. وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِهَذَا مِنْ مَالِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ أَصْلَحَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ وَضَعَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ»
٦ / ٧٢٤
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا حَبَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «مَا صَنَعَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا، إِنْ طَلَّقَا ثَلَاثًا فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ طَلَّقَاهَا عَلَى جَعْلٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَمَا صَنَعَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ»
٦ / ٧٢٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: «إِنْ شَاءَ الْحَكَمَانِ أَنْ يُفَرِّقَا فَرَّقَا، وَإِنْ شَاءَا أَنْ يَجْمَعَا جَمَعَا»
٦ / ٧٢٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ امْرَأَةً، نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: “ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا. فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، فَرَأَيَا أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا، فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: «فَفِيمَ كَانَا الْيَوْمَ؟ وَأَجَازَ قَوْلَهُمَا»
٦ / ٧٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بُعِثْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ، حَكَمَيْنِ. قَالَ مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه بَعَثَهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا: “إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا
٦ / ٧٢٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: ثني ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ عُتْبَةَ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ، فَجَاءَتْ عُثْمَانَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «مَا كُنْتُ لَأُفَرِّقَ بَيْنَ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَأَتَيَاهُمَا وَقَدِ اصْطَلَحَا»
٦ / ٧٢٥
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] يَكُونَانِ عِدْلَيْنِ عَلَيْهِمَا وَشَاهِدَيْنِ. وَذَلِكَ إِذَا تَدَارَأَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَتَنَازَعَا إِلَى السُّلْطَانِ، جَعَلَ عَلَيْهِمَا حَكَمَيْنِ: حَكَمًا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، يَكُونَانِ أَمِينَيْنِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. ويَنْظُرَانِ مِنْ أَيِّهِمَا يَكُونُ الْفَسَادُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ أُجْبِرَتْ عَلَى طَاعَةِ زَوْجِهَا، وَأُمِرَ أَنْ يَتَّقِي اللَّهَ وَيُحْسِنَ صُحْبَتَهَا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا آتَاهُ اللَّهُ؛ إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ. وَإِنْ كَانَتِ الْإِسَاءَةُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ أُمِرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قِيلَ لَهُ: أَعْطِهَا حَقَّهَا، وَخَلِّ سَبِيلَهَا، وَإِنَّمَا يَلِي ذَلِكَ مِنْهُمَا السُّلْطَانُ ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] أَنَّ اللَّهَ خَاطَبَ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ بِبَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ عِنْدَ خَوْفِ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِهِمَا، وَلَمْ يُخَصِّصْ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ بَعْثَةَ الْحَكَمَيْنِ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَغَيْرِ السُّلْطَانِ، الَّذِي هُوَ سَائِسٌ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجَيْنِ وَالسُّلْطَانِ، وَمَنِ الْمَأْمُورُ بِالْبَعْثَةِ فِي ذَلِكَ: الزَّوْجَانِ، أَوِ السُّلْطَانُ؟ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا أَثَرَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالْأُمَّةُ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ وَإِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا، فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنَ الْآيَةِ مَا أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى ⦗٧٢٧⦘ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْهَا. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ وَالسُّلْطَانُ مِمَّنْ قَدْ شَمَلَهُ حُكْمُ الْآيَةِ، وَالْأَمْرُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] إِذْ كَانَ مُخْتَلِفًا بَيْنَهُمَا هَلْ هُمَا مَعْنِيَّانِ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ قَدْ عَمَّهُمَا؛ فَالْوَاجِبُ مِنَ الْقَوْلِ إِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا وَصَفْنَا أَنْ يُقَالَ: إِنْ بَعَثَ الزَّوْجَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَكَمًا مِنْ قِبَلِهِ، لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِمَا، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّنْ بَعَثَهُ مِنْ قِبَلِهِ فِي ذَلِكَ طَاقَةٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَلِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ، فَتَوْكِيلُهُ بِذَلِكَ مَنْ وَكَّلَ جَائِزٌ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِبَعْضٍ وَلَمْ يُوَكِّلْهُ بِالْجَمِيعِ، كَانَ مَا فَعَلَهُ الْحَكَمُ مِمَّا وَكَّلَهُ بِهِ صَاحِبُهُ مَاضِيًا جَائِزًا عَلَى مَا وَكَّلَهُ بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَهُ أَحَدُهُمَا بِمَا لَهُ دُونَ مَا عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يُوَكِّلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، أَوْ بِمَا لَهُ، أَوْ بِمَا عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ كِلَيْهِمَا إِلَّا مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا. وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُمَا وَاحِدًا مِنْهَا بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا بَعَثَاهُمَا لِلنَّظَرِ لِيَعْرِفَا الظَّالِمَ مِنَ الْمَظْلُومِ مِنْهُمَا لَيَشْهَدَا عَلَيْهِمَا عِنْدَ السُّلْطَانِ إِنِ احْتَاجَا إِلَى شَهَادَتِهِمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يُحْدِثَا بَيْنَهُمَا شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجَيْنِ وَلَا ⦗٧٢٨⦘ وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا مَعْنَى الْحَكَمَيْنِ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الْحَكَمِ: النَّظَرُ الْعَدْلُ، كَمَا قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، الَّذِي:
٦ / ٧٢٦
حَدَّثَنَا بِهِ، يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْهُ: «لَا، أَنْتُمَا قَاضِيَانِ تَقْضِيَانِ بَيْنَهُمَا» عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي بَيَّنَّا مِنْ قَوْلِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُمَا الْقَاضِيَانِ يَقْضِيَانِ بَيْنَهُمَا مَا فَوَّضَ إِلَيْهِمَا الزَّوْجَانِ. وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَلَيْسَ لَهُمَا وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا بِالْفُرْقَةِ، وَلَا بِأَخْذِ مَالٍ إِلَّا بِرِضَا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا مَا لَزِمَ مِنْ حَقٍّ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي حُكْمِ اللَّهِ، وَذَلِكَ مَا لَزِمَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْإِمْسَاكِ بِمَعْرُوفٍ إِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِمُ لَهَا. فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِهِمَا، لَا السُّلْطَانِ وَلَا غَيْرِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ إِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِمُ لِلْمَرْأَةِ فَلِلْإِمَامِ السَّبِيلُ إِلَى أَخْذِهِ بِمَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الظَّالِمَةُ زَوْجَهَا النَّاشِزَةُ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ أَخْذَ الْفِدْيَةِ مِنْهَا وَجَعَلَ إِلَيْهِ طَلَاقَهَا عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
٦ / ٧٢٨
وَإِذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ الْفُرْقَةُ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ، وَلَا أَخْذُ مَالٍ مِنَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا بِإِعْطَائِهِ، إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا مِنْ أَصْلٍ أَوْ قِيَاسٍ. وَإِنْ بَعَثَ الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَانُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِفُرْقَةٍ إِلَّا بِتَوْكِيلِ الزَّوْجِ إِيَّاهُمَا بِذَلِكَ، وَلَا لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بِأَخْذِ مَالٍ مِنَ الْمَرْأَةِ إِلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ قَبْلُ مِنْ فِعْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بِذَلِكَ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ، وَلَكِنْ لَهُمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَيَتَعَرَّفَا الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنَ الْمَظْلُومِ لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ إِنِ احْتَاجَ الْمَظْلُومُ مِنْهُمَا إِلَى شَهَادَتِهِمَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَيْسَ لَهُمَا التَّفْرِيقُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا، وَإِنَّمَا يَبْعَثُ السُّلْطَانُ الْحَكَمَيْنِ إِذَا بَعَثَهُمَا إِذَا ارْتَفَعَ إِلَيْهِ الزَّوْجَانِ، فَشَكَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمُحِقُّ مِنْهُمَا مِنَ الْمُبْطِلِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْكِلِ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ، فَلَا وَجْهَ لَبَعْثِهِ الْحَكَمَيْنِ فِي أَمْرٍ قَدْ عُرِفَ الْحُكْمُ فِيهِ
٦ / ٧٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾ [النساء: ٣٥] إِنْ يُرِدَ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، أَعْنِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْمَخُوفِ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا، يَقُولُ: يُوَفِّقُ اللَّهُ بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ، فَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ إِذَا صَدَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنْ بَعْثٍ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٦ / ٧٢٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَكِنَّهُ الْحَكَمَانِ»
٦ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «هُمَا الْحَكَمَانِ، إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا»
٦ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] وَذَلِكَ الْحَكَمَانِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُصْلِحٍ يُوَفِّقُهُ اللَّهُ لِلْحَقِّ وَالصَّوَابِ “
٦ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] يَعْنِي بِذَلِكَ الْحَكَمَيْنِ “
٦ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «إِنْ يُرِدِ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا أَصْلَحَا»
٦ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥] يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ “
٦ / ٧٣١
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾ [النساء: ٣٥] قَالَ: «هُمَا الْحَكَمَانِ إِذَا نَصَحَا الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ جَمِيعًا»
٦ / ٧٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٥] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا بِمَا أَرَادَ الْحَكَمَانِ مِنْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَغَيْرِهِ، خَبِيرًا بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَأُمُورِ غَيْرِهِمَا، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ، حَافِظٌ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يُجَازِيَ كُلًّا مِنْهُمْ جَزَاءَهُ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَبِالْإِسَاءَةِ غُفْرَانًا أَوْ عِقَابًا