سُورَةُ النِّسَاءِ 10

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «مُتَزَحْزَحًا عَمَّا يَكْرَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مُبْتَغَى مَعِيشَةٍ
٧ ‏/ ٤٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٠٠] يَقُولُ: «مَبْتَغًى لِلْمَعِيشَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَاغَمُ: الْمُهَاجَرُ
٧ ‏/ ٤٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُرَاغَمًا﴾ [النساء: ١٠٠] الْمُرَاغَمُ: الْمُهَاجَرُ ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ بَيَّنَّا أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى السَّعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ: ﴿وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ السَّعَةُ فِي الرِّزْقِ
٧ ‏/ ٤٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «السَّعَةُ فِي الرِّزْقِ»
٧ ‏/ ٤٠٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] قَالَ: «السَّعَةُ فِي الرِّزْقِ»
٧ ‏/ ٤٠٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] يَقُولُ: «سَعَةً فِي الرِّزْقِ»
٧ ‏/ ٤٠٢
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] أَيْ وَاللَّهِ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنْ الْعَيْلَةِ إِلَى الْغِنَى. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ ⦗٤٠٣⦘ أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ هَاجَرَ فِي سَبِيلِهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُضْطَرَبًا وَمُتَّسَعًا؛ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي السَّعَةِ، السَّعَةُ فِي الرِّزْقِ، وَالْغِنَى مِنَ الْفَقْرِ؛ وَيَدْخُلُ فِيهِ السَّعَةُ مِنْ ضِيقِ الْهَمِّ، وَالْكَرْبِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي السَّعَةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الرَوْحِ وَالْفَرَجِ مِنْ مَكْرُوهِ مَا كَرِهَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَقَامِهِمْ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْمُشْرِكِينَ وَفِي سُلْطَانِهِمْ. وَلَمْ يَضَعِ اللَّهُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠] بَعْضَ مَعَانِي السَّعَةِ الَّتِي وَصَفْنَا، فَكُلُّ مَعَانِي السَّعَةِ هِيَ الَّتِي بِمَعْنَى الرَوْحِ وَالْفَرَجِ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وَغَمِّ جِوَارِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَضِيقِ الصَّدْرِ بِتَعَذُّرِ إِظْهَارِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَإِخْلَاصِ تَوْحِيدِهِ وَفِرَاقِ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذِهِ الْآيَةَ، أَعِنِّي قَوْلَهُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] أَنَّهَا فِي حُكْمِ الْغَازِي يَخْرُجُ لِلْغَزْوِ فَيُدْرِكُهُ الْمَوْتُ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَاصِلًا فَيَمُوتُ، أَنَّ لَهُ سَهْمَهُ مِنَ الْمَغْنَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ. كَمَا:
٧ ‏/ ٤٠٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، يَقُولُونَ: مَنْ خَرَجَ فَاصِلًا وَجَبَ سَهْمُهُ؛ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ ⦗٤٠٤⦘ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٠٠]
٧ ‏/ ٤٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [النساء: ١٠١] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: ١٠١] وَإِذَا سِرْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي الْأَرْضِ، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ [البقرة: ٢٨٢] يَقُولُ: “فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ حَرَجٌ وَلَا إِثْمٌ ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] يَعْنِي أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ عَدَدِهَا، فَتُصَلُّوا مَا كَانَ لَكُمْ عَدَدُهُ مِنْهَا فِي الْحَضَرِ وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ أَرْبَعًا، اثْنَتَيْنِ، فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى أَقَلِّ عَدَدِهَا فِي حَالِ ضَرْبِكُمْ فِي الْأَرْضِ، أَشَارَ إِلَى وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِ آخَرِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ حُدُودِ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا. يَعْنِي: إِنْ خَشِيتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَفِتْنَتُهُمْ إِيَّاهُمْ فِيمَا حَمَلَهُمْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِيهَا سَاجِدُونَ، حَتَّى يَقْتُلُوهُمْ أَوْ يَأْسِرُوهُمْ، فَيَمْنَعُوهُمْ مِنْ إِقَامَتِهَا وَأَدَائِهَا، وَيَحُولُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عِبَادَةِ اللَّهِ وَإِخْلَاصِ التَّوْحِيدِ لَهُ. ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُفْرِ لَهُمْ َفَقَالَ: ﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [النساء: ١٠١] يَعْنِي: الْجَاحِدُونَ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ ﴿كَانُوا
٧ ‏/ ٤٠٤
لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [النساء: ١٠١]، يَقُولُ: عَدُوًّا قَدْ أَبَانُوا لَكُمْ عَدَاوَتَهُمْ، بِمُنَاصَبَتِهِمْ لَكُمُ الْحَرْبَ عَلَى إِيمَانِكُمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَتَرْكِكُمْ عِبَادَةَ مَا يَعْبُدُونَ مِنَ الْأَوْثَانِ وِالْأَصْنَامِ، وَمُخَالَفَتِكُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْقَصْرِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ الْجُنَاحَ فِيهِ عَنْ فَاعِلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي السَّفَرِ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ وَاجِبًا تَمَامُهَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَذِنَ فِي قَصْرِهَا فِي السَّفَرِ إِلَى اثْنَتَيْنِ
٧ ‏/ ٤٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ [النساء: ١٠١] أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ. فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ حَتَّى سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، ⦗٤٠٦⦘ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤٠٥
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأَمَوِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَعْجَبُ مِنْ قَصْرِ النَّاسِ الصَّلَاةَ وَقَدْ أَمِنُوا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] فَقَالَ عُمَرُ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ»
٧ ‏/ ٤٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: سَافَرْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَكُنْتُ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَقِيَنِي قُرَّاءٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، فَقَالُوا: كَيْفَ تُصَلِّي؟ قُلْتُ: رَكْعَتَيْنِ، قَالُوا: أَسُنَّةٌ أَوْ قُرْآنٌ؟ قُلْتُ: كُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَقُرْآنٌ، قُلْتُ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ، قَالُوا: إِنَّهُ كَانَ فِي حَرْبٍ. قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنَيْنَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ وَقَالَ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ﴾ [النساء: ١٠٣]
٧ ‏/ ٤٠٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ⦗٤٠٧⦘ يُوسُفُ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سَأَلَ قَوْمٌ مِنَ التُّجَّارِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] ثُمَّ انْقَطَعَ الْوَحْي. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ، غَزَا النَّبِيُّ ﷺ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَمْكَنَكُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ ظُهُورِهِمْ هَلَا شَدَدْتُمْ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ لَهُمْ أُخْرَى مِثْلَهَا فِي أَثَرِهَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ١٠٢] فَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ لِلْآيَةِ حَسَنٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ إِذَا، وَإِذَا تُؤْذِنُ بِانْقِطَاعِ مَا بَعْدَهَا عَنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ إِذَا كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ: إِنْ خِفْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتِكُمْ، وَكُنْتَ فِيهِمْ يَا مُحَمَّدُ، فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ⦗٤٠٨⦘ مَعَكَ، الْآيَةُ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا»
٧ ‏/ ٤٠٦
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «أَنْ تَقْصُرُوا، مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا»، وَلَا يَقْرَأُ: ﴿إِنْ خِفْتُمْ﴾ [النساء: ١٠١]
٧ ‏/ ٤٠٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ شَرُودٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: «أَنْ تَقْصُرُوا، مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَفْتِنَكُمُ» قَالَ بَكْرٌ: وَهِيَ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ عُثْمَانَ رحمه الله: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] «وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تُنْبِئُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١]⦗٤٠٩⦘ مُوَاصِلٌ قَوْلَهُ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾ [النساء: ١٠٢] قِصَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ قِصَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيلَ قِرَاءَةِ أُبَيٍّ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ: «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا»، فَحُذِفَتْ لَا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦] بِمَعْنَى: أَنْ لَا تَضِلُّوا» فَفِيمَا وَصَفْنَا دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى فَسَادِ التَّأْوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ لِلْمُسَافِرِ فِي حَالِ خَوْفِهِ مِنْ عَدُوٍّ يَخْشَى أَنْ يَفْتِنَهُ فِي صَلَاتِهِ
٧ ‏/ ٤٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ، عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، قَالَ: ثني عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ فِي ⦗٤١٠⦘ السَّفَرِ: «أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ. فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ فِي حَرْبٍ وَكَانَ يَخَافُ، هَلْ تَخَافُونَ أَنْتُمْ؟»
٧ ‏/ ٤٠٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «إِنَّا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي الْخَوْفِ، وَلَا نَجِدُ قَصْرَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّا وَجَدْنَا نَبِيَّنَا ﷺ يَعْمَلُ عَمَلًا عَمِلْنَا بِهِ»
٧ ‏/ ٤١٠
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ “
٧ ‏/ ٤١٠
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: ⦗٤١١⦘ أَيُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: عَائِشَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِهَذِهِ الْآيَةِ: قَصْرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي غَيْرِ حَالِ الْمُسَايَفَةِ، قَالُوا: وَفِيهَا نَزَلَ
٧ ‏/ ٤١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] قَالَ: «يَوْمَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ بِعُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجْنَانَ، فَتَوَاقَفُوا، فَصَلِّي النَّبِيُّ ﷺ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا، شَكَّ أَبُو عَاصِمٍ، رُكُوعَهُمْ وَسُجُودَهُمْ وَقِيَامَهُمْ مَعًا جَمِيعًا. فهَمَّ بِهِمُ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَمْتِعَتِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] فَصَلَّى الْعَصْرَ، فَصَفَّ أَصْحَابَهُ صَفَّيْنِ، ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ الْأَوَّلُونَ سَجْدَةً وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ، ثُمَّ سَجَدَ الْآخَرُونَ حِينَ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ وَرَكَعُوا جَمِيعًا، فَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْآخِرُ، وَاسْتَأْخَرَ الْأَوَّلُ، فَتَعَاقَبُوا السُّجُودَ ⦗٤١٢⦘ كَمَا فَعَلُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَقَصَرَ الْعَصْرَ إِلَى رَكْعَتَيْنِ»
٧ ‏/ ٤١١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ بِعُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجْنَانَ، فَتَوَاقَفُوا، فَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ رُكُوعُهُمْ وَسُجُودُهُمْ وَقِيَامُهُمْ جَمِيعًا، فَهَمَّ بِهِمُ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَمْتِعَتِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَصَفَّ أَصْحَابَهُ صَفَّيْنِ، ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ الْأَوَّلُونَ بِسُجُودِهِ وَالْآخِرُونَ قِيَامٌ لَمْ يَسْجُدُوا، حَتَّى قَامَ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ وَرَكَعُوا جَمِيعًا، فَقَدَّمَ الصَّفَّ الْآخِرَ وَاسْتَأْخَرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، فَتَعَاقَبُوا السُّجُودَ كَمَا دَخَلُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَقُصِرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ إِلَى رَكْعَتَيْنِ»
٧ ‏/ ٤١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعُسْفَانَ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ ⦗٤١٣⦘ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ: فَصَلَّيْنَا الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: كَانُوا عَلَى حَالٍ لَوْ أَرَدْنَا لَأَصَبْنَا غِرَّةً، لَأَصَبْنَا غَفْلَةً. فأُنْزِلَتْ آيَةُ الْقَصْرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَأَخَذَ النَّاسُ السِّلَاحَ، وَصُفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَالْمُشْرِكُونَ مُسْتَقْبَلَهُمْ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَبَّرُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُجُودِهِمْ سَجَدَ هَؤُلَاءِ. ثُمَّ نَكَصَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ. فَلَمَّا فَرَغَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُجُودِهِمْ، سَجَدَ هَؤُلَاءِ الْآخَرُونَ، ثُمَّ اسْتَوَوْا مَعَهُ، فَقَعَدُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، فَصَلَاهَا بِعُسْفَانَ، وَصَلَاهَا يَوْمَ بَنِي سُلَيْمٍ ” حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، عَنْ ⦗٤١٤⦘ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعُسْفَانَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٤١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِقْصَارِ الصَّلَاةِ، أَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَ؟ أَوْ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: انْطَلَقْنَا نَتَلَقَّى عِيرَ قُرَيْشٍ آتِيَةً مِنَ الشَّامِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِنَخْلٍ، جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: هَلْ تَخَافُنِي؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ» . قَالَ: فَسَلَّ السَّيْفَ ثُمَّ هَدَّدَهُ وَأَوْعَدَهُ. ثُمَّ نَادَى بِالرَّحِيلِ وَأَخَذَ السِّلَاحَ، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بطَائِفَةٍ مِنَ الْقَوْمِ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى يَحْرُسُونَهُمْ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَهُ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَقَامُوا فِي مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَالْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَيَوْمَئِذٍ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِقْصَارِ الصَّلَاةِ، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ السِّلَاحِ ” ⦗٤١٥⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِهَا قَصْرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي حَالٍ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ، إِلَّا أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْقَصْرَ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ، لَا فِي صَلَاةِ الْإِقَامَةِ. قَالُوا: وَذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ فِي غَيْرِ حَالِ الْخَوْفِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرَ قَصْرٍ، كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الْإِقَامَةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي حَالِ الْإِقَامَةِ، قَالُوا: فَقَصُرَتْ فِي السَّفَرِ فِي حَالِ الْأَمْنِ غَيْرَ الْخَوْفِ عَنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ، فَجُعِلَتْ عَلَى النِّصْفِ، وَهِيَ تَمَامٌ فِي السَّفَرِ، ثُمَّ قُصِرَتْ فِي حَالِ الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ عَنْ صَلَاةِ الْأَمْنِ فِيهِ، فَجُعِلَتْ عَلَى النِّصْفِ رَكْعَةً
٧ ‏/ ٤١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا﴾ [النساء: ١٠١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٠١] إِنَّ الصَّلَاةَ إِذَا صُلِّيَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَهِيَ تَمَامٌ، وَالتَّقْصِيرُ لَا يَحِلُّ إِلَّا أَنْ تَخَافَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنِ الصَّلَاةِ وَالتَّقْصِيرُ رَكْعَةٌ، يَقُومُ الْإِمَامُ، وَيَقُومُ جُنْدُهُ جُنْدَيْنِ، طَائِفَةٌ خَلْفَهُ، وَطَائِفَةٌ يُوَازُونَ الْعَدُوَّ، فَيُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً وَيَمْشُونَ إِلَيْهِمْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ حَتَّى يَقُومُوا فِي مَقَامِ ⦗٤١٦⦘ أَصْحَابِهِمْ، وَتِلْكَ الْمِشْيَةُ الْقَهْقَرَى، ثُمَّ تَأْتِي الطَائِفَةُ الْأُخْرَى، فَتُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَجْلِسُ الْإِمَامُ فَيُسَلِّمُ، فَيَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى صَفِّهِمْ، وَيَقُومُ الْآخَرُونَ فَيُضِيفُونَ إِلَى رَكْعَتِهِمْ رَكْعَةً، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: لَا، بَلْ هِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ، لَا يُصَلِّي أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى رَكْعَتِهِ شَيْئًا، تُجْزِئُهُ رَكْعَةُ الْإِمَامِ، فَيَكُونُ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ، وَلَهُمْ رَكْعَةٌ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَخُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]
٧ ‏/ ٤١٥
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ،؟ فَقَالَ: «رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرَ قَصْرٍ إِنَّمَا الْقَصْرُ صَلَاةُ الْمَخَافَةِ. فقُلْتُ: وَمَا صَلَاةُ الْمَخَافَةِ؟ قَالَ: يُصَلِّي الْإِمَامُ بطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِيءُ هَؤُلَاءِ مَكَانَ هَؤُلَاءِ وَيَجِيءُ هَؤُلَاءِ مَكَانَ هَؤُلَاءِ، فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، فَيَكُونُ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً رَكْعَةً»
٧ ‏/ ٤١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «كَيْفَ تَكُونُ قَصْرًا وَهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ؟ إِنَّمَا هِيَ رَكْعَةٌ»
٧ ‏/ ٤١٦
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: ⦗٤١٧⦘ ثني يَزِيدُ الْفَقِيرُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ»
٧ ‏/ ٤١٦
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثني عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: ثني بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ أَنَّ زِيَادَ بْنَ نَافِعٍ حَدَّثَهُ، عَنْ كَعْبٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ: «أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ وَسَجْدَتَانِ»
٧ ‏/ ٤١٧
وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنَ الْآثَارِ بِمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثني أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْيَرْبُوعِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْخَوْفِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا. فأَقَامَنَا خَلْفَهُ صَفًّا وَصَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ أُولَئِكَ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ” ⦗٤١٨⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنهُ، فَحَدَّثَنِي بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْيَرْبُوعِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، بِنَحْوِهِ
٧ ‏/ ٤١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثني يَحْيَى قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ، فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنَ: صَفًّا خَلْفَهُ، وَصَفًّا مُوَازِي الْعَدُوِّ؛ فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا ” ⦗٤١٩⦘ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ صُخَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤١٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ عليه الصلاة والسلام فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنٍ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً ” حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ الطَّائِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مَاهَانَ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ الطَّائِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤١٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى بِهِمْ ⦗٤٢٠⦘ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَقَامَ صَفٌّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَفٌّ خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ حَتَّى قَامُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ وَجَاءَ أُولَئِكَ حَتَّى قَامُوا مَقَامَ هَؤُلَاءِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ رَكْعَتَيْنِ وَلَهُمْ رَكْعَةً “
٧ ‏/ ٤١٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثني عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ نَافِعٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ، لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ “
٧ ‏/ ٤٢٠
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدٍ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَزَلَ بَيْنَ ضَجْنَانَ وَعَسَفَانَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَبْكَارِهِمْ، وَهِيَ الْعَصْرُ، فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ، فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً. وَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ أَصْحَابَهُ ⦗٤٢١⦘ شَطْرَيْنِ، فَيُصَلِّيَ بَعْضُهُمْ وَتَقُومُ طَائِفَةٌ أُخْرَى وَرَاءَهُمْ فَيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، ثُمَّ يَأْمُرَ الْأُخْرَى فَيُصَلُّوا مَعَهُ وَيَأْخُذَ هَؤُلَاءِ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، فَتَكُونَ لَهُمْ رَكْعَةً رَكْعَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ ” وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِهِ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ، إِلَّا أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْقَصْرَ فِي شِدَّةِ الْحَرْبِ وَعِنْدَ الْمُسَايَفَةِ، فَأُبِيحَ عِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَةً إِيمَاءً بِرَأْسِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ. قَالُوا: فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
٧ ‏/ ٤٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: ١٠١] الْآيَةُ، قَصْرُ الصَّلَاةِ إِنْ لَقِيتَ
٧ ‏/ ٤٢١
الْعَدُوَّ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلَاةُ أَنْ تُكَبِّرَ اللَّهَ وَتُخْفِضَ رَأْسَكَ إِيمَاءً رَاكِبًا كُنْتَ أَوْ مَاشِيًا ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِالْقَصْرِ فِيهَا الْقَصْرَ مِنْ حُدُودِهَا، وَذَلِكَ تَرْكُ إِتْمَامِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَإِبَاحَةُ أَدَائِهَا كَيْفَ أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِيهَا وَمُسْتَدِبْرَهَا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَذَلِكَ فِي حَالِ الشَّبْكَةِ وَالْمُسَايَفَةِ وَالْتِحَامِ الْحَرْبِ وَتَزَاحُفِ الصُّفُوفِ، وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] وَأَذِنَ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا رَاكِبًا إِيمَاءً بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ تَأْوِيلِهِ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] لِدَلَالَةِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إِقَامَتَهَا إِتْمَامُ حُدُودِهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرِ فُرُوضِهَا دُونَ الزِّيَادَةِ فِي عَدَدِهَا الَّتِي لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فِي حَالِ الْخَوْفِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِإِتْمَامِ عَدَدِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْأَمْنِ بَعْدَ زَوَالِ الْخَوْفِ، فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ فِي حَالِ قَصْرِهِ صَلَاتَهُ عَنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ غَيْرَ مُقِيمٍ صَلَاتَهُ لِنَقْصِ عَدَدِ صَلَاتِهِ مِنَ الْأَرْبَعِ اللَّازِمَةِ
٧ ‏/ ٤٢٢
كَانَتْ لَهُ فِي حَالِ إِقَامَتِهِ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلٌ إِنْ قَالَهُ قَائِلٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّةُ مُجْمِعَةً مِنْ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَالَ لَهُ: إِذَا أَتَى بِصَلَاتِهِ بِكَمَالِ حُدُودِهَا الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَقَصَّرَ عَدَدَهَا عَنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ أَنَّهُ غَيْرُ مُقِيمٍ صَلَاتَهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ الَّذِي أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ صَلَاتَهُ خَوْفًا مِنْ عَدُوِّهِ أَنْ يَفْتِنَهُ، أَنْ يُقِيمَ صَلَاتَهُ إِذَا اطْمَأَنَّ وَزَالَ الْخَوْفُ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِيَ فُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ إِقَامَةِ ذَلِكَ فِي حَالِ الطُّمَأْنِينَةِ، عَيْنُ الَّذِي كَانَ أُسْقِطَ عَنْهُ فِي حَالِ الْخَوْفِ، وَإِذْ كَانَ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الطُّمَأْنِينَةِ إِقَامَةَ صَلَاتِهِ، فَالَّذِي أُسْقِطَ عَنْهُ فِي غَيْرِ حَالِ الطُّمَأْنِينَةِ تَرْكُ إِقَامَتِهَا. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ تَرْكَ إِقَامَتِهَا، إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ حُدُودِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا
٧ ‏/ ٤٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ١٠٢] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَإِذَا كُنْتَ فِي الضَّارِبِينَ فِي الْأَرْضِ مِنْ أَصْحَابِكَ يَا مُحَمَّدُ الْخَائِفِينَ عَدُوَّهُمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ: “فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ بِحُدُودِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَلَمْ
٧ ‏/ ٤٢٣
تَقْصُرْهَا الْقَصْرَ الَّذِي أَبَحْتُ لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوهَا فِي حَالِ تَلَاقِيهِمْ وَعَدُوِّهِمْ وَتَزَاحُفِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، مِنْ تَرْكِ إِقَامَةِ حُدُودِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَسَائِرِ فُرُوضِهَا ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] يَعْنِي: فَلْتَقُمْ فِرْقَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ الَّذِينَ تَكُونُ أَنْتَ فِيهِمْ مَعَكَ فِي صَلَاتِكَ، وَلْيَكُنْ سَائِرُهُمْ فِي وُجُوهِ الْعَدُوِّ، وَتَرَكَ ذِكْرَ مَا يَنْبَغِي لِسَائِرِ الطَّوَائِفِ غَيْرِ الْمُصَلِّيَةِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَفْعَلَهُ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ وَالِاسْتِغْنَاءِ بِمَا ذَكَرَ عَمَّا تَرَكَ ذِكْرَهُ. ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الطَائِفَةِ الْمَأْمُورَةِ بِأَخْذِ السِّلَاحِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الطَائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ تُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: ﴿وَلْيَأْخُذُوا﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ: «وَلْتَأْخُذِ الطَائِفَةُ الْمُصَلِّيَةُ مَعَكَ مِنْ طَوَائِفِهِمْ ﴿أَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]، وَالسِّلَاحُ الَّذِي أُمِرُوا بِأَخْذِهِ عِنْدَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ كَالسَّيْفِ يَتَقَلَّدَهُ أَحَدُهُمْ وَالسِّكِّينِ وَالْخِنْجَرِ يَشُدُّهُ إِلَى دِرْعِهِ وَثِيَابِهِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ سِلَاحِهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الطَائِفَةُ الْمَأْمُورَةُ بِأَخْذِ السِّلَاحِ مِنْهُمُ، الطَائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَدُونَ الْمُصَلِّيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ
٧ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ: “فَإِذَا سَجَدَتِ الطَائِفَةُ الَّتِي قَامَتْ مَعَكَ فِي صَلَاتِكَ تُصَلِّي بِصَلَاتِكَ، فَفَرَغَتْ مِنْ سُجُودِهَا ﴿فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]⦗٤٢٥⦘ يَقُولُ: «فَلْيَصِيرُوا بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ سُجُودِهِمْ خَلْفَكُمْ مُصَافِّي الْعَدُوِّ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ سَائِرُ الطَّوَائِفِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ مَعَكَ وَلَمْ تَدْخُلْ مَعَكَ فِي صَلَاتِكَ» ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ: فَإِذَا صَلُّوا فَفَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا صَلَّتْ هَذِهِ الطَائِفَةُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، سَلَّمَتْ وَانْصَرَفَتْ مِنْ صَلَاتِهَا حَتَّى تَأْتِيَ مَقَامَ أَصْحَابِهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا: عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] أَنْ تَجْعَلُوهَا إِذَا خِفْتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَفْتِنُوكُمْ رَكْعَةً. ورَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّى بطَائِفَةٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا، وَبِطَائِفَةٍ أُخْرَى رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا. وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ عَنِ اسْتِيعَابِ ذِكْرِ جَمِيعِ مَا فِيهِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلِ الْوَاجِبُ كَانَ عَلَى هَذِهِ الطَائِفَةِ الَّتِي أَمَرَهَا اللَّهُ بِالْقِيَامِ مَعَ نَبِيِّهَا إِذَا أَرَادَ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ بِهِمْ فِي حَالِ خَوْفِ الْعَدُوِّ إِذَا فَرَغَتْ مِنْ رَكْعَتِهَا الَّتِي أَمَرَهَا اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى مَا أَمَرَهَا بِهِ فِي كِتَابِهِ أَنْ تَقُومَ فِي مُقَامُهَا الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَتُصَلِّي لِأَنْفُسِهَا بَقِيَّةَ ⦗٤٢٦⦘ صَلَاتِهَا وَتُسَلِّمَ، وَتَأْتِيَ مَصَافَّ أَصْحَابِهَا، وَكَانَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَثْبُتَ قَائِمًا فِي مَقَامِهِ حَتَّى تَفْرُغَ الطَائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهَا، إِذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ مِمَّا يَجُوزُ قَصْرُ عَدَدِهَا عَنِ الْوَاجِبِ الَّذِي عَلَى الْمُقِيمِينَ فِي أَمْنٍ، وَتَذْهَبُ إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهَا، وَتَأْتِي الطَائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ مُصَافَّةً عَدُوِّهَا، فَيُصَلِّي بِهَا رَكْعَةً أُخْرَى مِنْ صَلَاتِهَا ثُمَّ هُمْ فِي حُكْمِ هَذِهِ الطَائِفَةِ الثَّانِيَةِ مُخْتَلِفُونَ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: كَانَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ مِنْ رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَقْعُدَ لِلتَّشَهُّدِ، وَعَلَى الطَائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَلَمْ تُدْرِكْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِاشْتِغَالِهَا بِعَدُوِّهَا أَنْ تَقُومَ فَتَقْضِيَ رَكْعَتَهَا الْفَائِتَةَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَعَلَى النَّبِيِّ ﷺ انْتِظَارُهَا قَاعِدًا فِي تَشَهُّدِهِ حَتَّى تَفْرُغَ هَذِهِ الطَائِفَةُ مِنْ رَكْعَتِهَا الْفَائِتَةِ وَتَتَشَهَّدَ، ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ: بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الطَائِفَةِ الَّتِي لَمْ تُدْرِكْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى إِذَا قَعَدَ النَّبِيُّ ﷺ لِلتَّشَهُّدِ أَنْ تَقْعُدَ مَعَهُ لِلتَّشَهُّدِ فَتَتَشَهَّدَ بِتَشَهُّدِهِ، فَإِذَا فَرَغَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ تَشَهُّدِهِ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَتِ الطَائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ حِينَئِذٍ، فَقَضَتْ رَكْعَتَهَا الْفَائِتَةَ. وَكُلُّ قَائِلٍ مِنَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَخْبَارًا بِأَنَّهُ كَمَا قَالَ فَعَلَ
٧ ‏/ ٤٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ: انْتَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ الطَّائِفَتَيْنِ حَتَّى قَضَتْ صَلَاتَهَمَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِمَا:
٧ ‏/ ٤٢٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ: أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ جَاءَتِ الطَائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ “
٧ ‏/ ٤٢٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ بِأَصْحَابِهِ فِي خَوْفٍ، فَجَعَلَهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَخَلَّفَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا ⦗٤٢٨⦘ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ»
٧ ‏/ ٤٢٧
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: «تَقُومُ طَائِفَةٌ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ وَطَائِفَةٌ خَلْفَهُ، فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ مَكَانَهُ حَتَّى يَقْضُوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُونَ إِلَى مَكَانِ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ أُولَئِكَ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْعُدُ مَكَانَهُ حَتَّى يُصَلُّوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ»
٧ ‏/ ٤٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ: كَانَتِ الطَائِفَةُ الثَّانِيَةُ تَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى يَفْرُغَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ تَقْضِيَ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا بَعْدُ:
٧ ‏/ ٤٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، قَالَ: ثني صَالِحُ بْنُ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ، حَدَّثَهُ: «أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ إِلَى الْقِبْلَةِ يُصَلِّي وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ فَيُصَلِّي، فَيَرْكَعَ الْإِمَامُ بِالَّذِينَ مَعَهُ، وَيَسْجُدَ ثُمَّ يَقُومَ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا رَكَعَ الَّذِينَ وَرَاءَهُ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمُوا فَانْصَرَفُوا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فَقَامُوا إِزَاءَ الْعَدُوِّ، وَأَقْبَلَ الْآخَرُونَ فَكَبَّرُوا مَكَانَ الْإِمَامِ، فَرَكَعَ بِهِمُ الْإِمَامُ وَسَجَدَ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامُوا فَرَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمُوا» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ⦗٤٢٩⦘ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ صَالِحَ بْنَ خَوَّاتٍ أَخْبَرَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٤٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسَأَلَهُ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: «يَقُومُ الْإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَتَقُومُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ وُجُوهُهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ، وَيَذْهَبُونَ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ وَيَجِيءُ أُولَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ؛ فَهِيَ لَهُ رَكْعَتَانِ وَلَهُمْ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَرْكَعُونَ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ» قَالَ بُنْدَارٌ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فحَدَّثني عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَقَالَ لِي: اكْتُبْهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَلَسْتُ أَحْفَظُهُ، وَلَكِنَّهُ مِثْلَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
٧ ‏/ ٤٢٩
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ: «أَنَّ الْإِمَامَ، يَقُومُ فَيَصُفَّ صَفَّيْنِ، طَائِفَةٌ مُوَاجِهَةً الْعَدُوَّ، وَطَائِفَةٌ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ فَيَصُفُّونَ، وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُونَ، فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً»
٧ ‏/ ٤٣٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْ تَقُومَ طَائِفَةٌ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ، وَطَائِفَةٌ يَلُونَ الْعَدُوَّ، فَيُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، وَيَقُومُ قَائِمًا فَيُصَلِّي الْقَوْمُ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ، وَيَجِيءُ أَصْحَابُهُمْ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَمَا سَمِعْتُ فِيمَا نَذْكُرُهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ شَيْئًا هُوَ أَحْسَنُ عِنْدِي مِنْ هَذَا “
٧ ‏/ ٤٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] فَهَذَا عِنْدَ الصَّلَاةِ فِي الْخَوْفِ يَقُومُ الْإِمَامُ وَتَقُومُ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَطَائِفَةٌ يَأْخُذُونَ أَسْلِحَتَهُمْ، وَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجْلِسُ عَلَى ⦗٤٣١⦘ هَيْئَتِهِ، فَيَقُومُ الْقَوْمُ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ حَتَّى يَأْتُوا أَصْحَابَهُمْ، فَيَقِفُونَ مَوْقِفَهُمْ، ثُمَّ يُقْبِلُ الْآخَرُونَ فَيُصَلِّي بِهِمُ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ الْقَوْمُ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ؛ فَهَكَذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَطْنِ نَخْلَةَ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] فَإِذَا سَجَدَتِ الطَائِفَةُ الَّتِي قَامَتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ، فَدَخَلَتْ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ رَكْعَتِهَا الْأُولَى فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ، يَعْنِي: مِنْ وَرَائِكَ يَا مُحَمَّدُ وَوَرَاءِ أَصْحَابِكَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ. قَالُوا: وَكَانَتْ هَذِهِ الطَائِفَةُ لَا تُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتِهَا إِذَا هِيَ فَرَغَتْ مِنْ سَجْدَتَيْ رَكْعَتِهَا الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَكِنَّهَا تَمْضِي إِلَى مَوْقِفِ أَصْحَابِهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَعَلَيْهَا بَقِيَّةُ صَلَاتِهَا. قَالُوا: وَكَانَتْ تَأْتِي الطَائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ حَتَّى تَدْخُلَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، فَيُصَلِّي بِهِمُ النَّبِيُّ ﷺ الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَتْ قَدْ بَقِيَتَ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي صِفَةِ قَضَاءِ مَا كَانَ يَبْقَى عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهَا بَعْدَ فَرَاغِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَلَامِهِ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَى قَوْلِ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَمُتَأَوِّلِي هَذَا التَّأْوِيلَ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتِ الطَائِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ صَلَاتِهَا إِذَا سَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ ⦗٤٣٢⦘ صَلَاتِهِ فَقَامَتْ فَقَضَتْ مَا فَاتَهَا مِنْ صَلَاتِهَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي مُقَامِهَا بَعْدَ فَرَاغِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ صَلَاتِهِ، وَالطَائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ بَعْدُ لَمْ تُتِمَّ صَلَاتَهَا، فَإِذَا هِيَ فَرَغَتْ مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهَا الَّتِي فَاتَتْهَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مَضَتْ إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَائِفَةُ الْأُولَى الَّتِي صَلَّتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الرَّكْعَةَ الْأُولَى إِلَى مُقَامِهَا الَّتِي كَانَتْ صَلَّتْ فِيهِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَضَتْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهَا
٧ ‏/ ٤٣٠
ذَكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا خُصَيْفٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مِنَّا خَلْفَهُ، وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ، أَوْ مُسْتَقْبِلِي، الْعَدُوِّ. فَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ نَكَصُوا فَذَهَبُوا إِلَى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوَّ، وَرَجَعَ الْآخَرُونَ إِلَى مَقَامِهِمْ فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ” حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا خُصَيْفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. ⦗٤٣٣⦘ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَتِ الطَائِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَقْضِي بَقِيَّةَ صَلَاتِهَا بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تَمْضِي قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ بَقِيَّةَ صَلَاتِهَا، فَتَقِفُ مَوْقِفَ أَصْحَابِهَا الَّذِينَ صَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الرَّكْعَةَ الْأُولَى، وَتَجِيءُ الطَائِفَةُ الْأُولَى إِلَى مَوْقِفِهَا الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ رَكْعَتَهَا الْأُولَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَتَقْضِي رَكْعَتَهَا الَّتِي كَانَتْ بَقِيَتْ عَلَيْهَا مِنْ صَلَاتِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتْ تَقْضِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَتْ تَقْضِي بِقِرَاءَةٍ، فَإِذَا قَضَتْ رَكْعَتَهَا الْبَاقِيَةَ عَلَيْهَا هُنَالِكَ وَسَلَّمَتْ مَضَتْ إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَأَقْبَلَتِ الطَائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إِلَى مُقَامِهَا الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَضَتِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ صَلَاتِهَا بِقِرَاءَةٍ، فَإِذَا فَرَغَتْ وَسَلَّمَتِ انْصَرَفَتْ إِلَى أَصْحَابِهَا
٧ ‏/ ٤٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: “يَصُفُّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فِي غَيْرِ
٧ ‏/ ٤٣٣
مُصَلَاهُ، فَيُصَلِّي بِالصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى مَصَافِّ أُولَئِكَ، وَجَاءَ أُولَئِكَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ صَلَّى هُوَ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّى كُلُّ صَفٍّ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ إِلَى مَصَافِّ أُولَئِكَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَقَامُوا مَقَامَهُمْ، وَجَاءُوا فَقَضَوُا الرَّكْعَةَ، ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلُّوا رَكْعَةً. قَالَ سُفْيَانُ: فَيَكُونُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ” حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كُلُّ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ تَقْضِي صَلَاتَهَا عَلَى مَا أَمْكَنَهَا مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ مِنْهُمْ بَعْضَهَا
٧ ‏/ ٤٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ بأَصْبَهَانَ إِذْ غَزَاهَا، قَالَ: فَصَلَّى بطَائِفَةٍ مِنَ الْقَوْمِ رَكْعَةً، وَطَائِفَةٌ تَحْرُسُ، فَنَكَصَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَخَلَفَهُمُ الْآخَرُونَ، فَقَامُوا مَقَامَهُمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ فَصَلَّتْ رَكْعَةً ” حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، بِنَحْوِهِ
٧ ‏/ ٤٣٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَيُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَا: صَلَّى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بِأَصْحَابِهِ بأَصْبَهَانَ، وَمَا بِهِمْ يَوْمَئِذٍ خَوْفٌ، وَلَكِنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمُ صَلَاتَهُمْ، فَصَفَّهُمْ صَفَّيْنِ، صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَاجَهَةَ الْعَدُوِّ مُقْبِلِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ ⦗٤٣٦⦘ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَفَّهُمْ خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَكَانَتْ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ وَلَهُمْ رَكْعَةً رَكْعَةً ” حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤٣٥
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: يُصَلِّي طَائِفَةٌ مِنَ الْقَوْمِ رَكْعَةً، وَطَائِفَةٌ تَحْرُسُ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً حَتَّى يَقُومُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أُولَئِكَ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَتَقُومُ كُلُّ طَائِفَةٍ فَتُصَلِّي رَكْعَةً ” حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْكَلَاعِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. ⦗٤٣٧⦘ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأَمَوِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: «يَقُومُ الْأَمِيرُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيَسْجُدُونَ سَجْدَةً وَاحِدَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَرْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٤٣٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ ⦗٤٣٨⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] فَإِنَّهُ كَانَتْ تَأْخُذُ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ السِّلَاحَ فَيُقْبِلُونَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَالطَائِفَةُ الْأُخْرَى يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ يَأْخُذُونَ أَسْلِحَتَهُمْ، فَيَسْتَقْبِلُونَ الْعَدُوَّ، وَيَرْجِعُ أَصْحَابَهُمْ فَيُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَيَكُونُ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِسَائِرِ النَّاسِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَقْضُونَ رَكْعَةً أُخْرَى، وَهَذَا تَمَامُ الصَّلَاةِ ” وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَالْعَدُوُّ يَوْمَئِذٍ فِي ظَهْرِ الْقِبْلَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَانَتِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى بِهِمْ يَوْمَئِذٍ النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةَ الْخَوْفِ، إِذْ كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْقِبْلَةِ
٧ ‏/ ٤٣٧
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمَنْقُولَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثني يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ النَّضْرِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي غَزَاةٍ، فَلَقِيَ الْمُشْرِكِينَ بِعُسْفَانَ، فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ فَرَأَوْهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يَوْمَئِذٍ: كَانَ فُرْصَةً لَكُمْ لَوْ أَغَرْتُمْ عَلَيْهِمْ مَا عَلِمُوا بِكُمْ حَتَّى تُوَاقِعُوهُمْ، قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاةً أُخْرَى هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَاسْتَعِدُّوا حَتَّى تُغِيرُوا عَلَيْهِمْ فِيهَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَى نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَأَعْلَمَهُ مَا ائْتَمَرَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَصْرَ وَكَانُوا قُبَالَتِهِ فِي الْقِبْلَةِ فَجَعَلَ الْمُسْلِمِينَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَكَبَّرَ ⦗٤٣٩⦘ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكَبِّرُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا؛ فَلَمَّا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الَّذِينَ يَلُونَهُ، وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِينَ خَلْفَهُمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ؛ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ سُجُودِهِ وَقَامَ، سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي، ثُمَّ قَامُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونِ، فَكَانُوا يَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا رَكَعَ رَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا مَعَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَ مَعَهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ، وَقَامَ الصَّفُّ الثَّانِي مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ سُجُودِهِ، وَقَعَدَ الَّذِينَ يَلُونَهُ سَجَدَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ ثُمَّ قَعَدُوا، فَتَشَهَّدُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَمِيعًا، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الْمُشْرِكُونَ يَسْجُدُ بَعْضُهُمْ وَيَقُومُ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، قَالُوا: لَقَدْ أُخْبِرُوا بِمَا أَرَدْنَا»
٧ ‏/ ٤٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَالَ: ثني مُجَاهِدٌ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ بِعُسْفَانَ، وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجْنَانَ، بِالْمَاءِ الَّذِي يَلِي مَكَّةَ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الظُّهْرَ فَرَأَوْهُ سَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، قَالُوا: إِذَا صَلَّى صَلَاةً بَعْدَ هَذِهِ أَغَرْنَا عَلَيْهِ. فحَذَّرَهُ اللَّهُ ذَلِكَ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَاةِ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٤٣٩
حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ ثنا ابْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ⦗٤٤٠⦘ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ بِنَخْلٍ، فَكَانُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الظُّهْرُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ جَمِيعٌ، فَلَمَّا فَرَغْنَا تَذَامَرَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالُوا: لَوْ كُنَّا حَمَلَنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاةً يَنْتَظِرُونَهَا تَأْتِي الْآنَ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، فَإِذَا صَلُّوا فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْخَبَرِ وَعَلَّمَهُ كَيْفَ يُصَلِّي، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ، وَقُمْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَكَبَّرَ نَبِيُّ اللَّهِ وَكَبَّرْنَا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِنَحْوِهِ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٤٣٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعُسْفَانَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غِرَّةً. ولَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غَفْلَةً. فَأَنْزَلَ ⦗٤٤١⦘ اللَّهُ صَلَاةَ الْخَوْفِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ، يَعْنِي فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةٌ تُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَفِرْقَةٌ تُصَلِّي خَلْفَهُمْ يَحْرُسُونَهُمْ، ثُمَّ كَبَّرَ فَكَبَّرُوا جَمِيعًا وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ بِالَّذِينَ يَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَامَ فَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ بِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ بِالَّذِينَ يَلُونَهُ حَتَّى تَأَخَّرَ هَؤُلَاءِ فَقَامُوا فِي مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ؛ فَكَانَتْ لِكُلِّهِمْ رَكْعَتَيْنِ مَعَ إِمَامِهِمْ. وصَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فِي أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ «قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَرَوَوْا هَذِهِ الرِّوَايَةَ: وَإِذَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ فِيهِمْ، يَعْنِي فِي أَصْحَابِكَ خَائِفًا، فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ؛ يَعْنِي مِمَّنْ دَخَلَ مَعَكَ فِي صَلَاتِكَ، ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ:»فَإِذَا سَجَدَتْ هَذِهِ الطَائِفَةُ بِسُجُودِكَ، وَرَفَعَتْ رُءُوسَهَا مِنْ سُجُودِهَا ﴿فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ: «فَلْيَصِرْ مَنْ خَلْفَكَ، خَلْفَ الطَائِفَةِ الَّتِي حَرَسَتْكَ وَإِيَّاهُمْ إِذَا سَجَدْتَ بِهِمْ وَسَجَدُوا مَعَكَ ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا﴾ [النساء: ١٠٢] يَعْنِي الطَائِفَةَ الْحَارِسَةَ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَسْجُدْ بِسُجُودِهِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَمْ يُصَلُّوا﴾ [النساء: ١٠٢] عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ: لَمْ ⦗٤٤٢⦘ يَسْجُدُوا بِسُجُودِكَ: ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ:»فَلْيَسْجُدُوا بِسُجُودِكَ إِذَا سَجَدْتَ، وَيَحْرُسُكَ وَإِيَّاهُمُ الَّذِينَ سَجَدُوا بِسُجُودِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] يَعْنِي الْحَارِسَةَ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَى ذَلِكَ: فَإِذَا سَجَدَتِ الطَائِفَةُ الَّتِي قَامَتْ مَعَكَ فِي صَلَاتِهَا ﴿فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] يَعْنِي مِنْ خَلْفِكَ وَخَلْفِ مَنْ يَدْخُلُ فِي صَلَاتِكَ مِمَّنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهَا ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى﴾ [النساء: ١٠٢] وَهِيَ الطَائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، يَقُولُ: لَمْ يُصَلُّوا مَعَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ: «فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْكَ ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] لِقِتَالِ عَدُوِّهِمْ بَعْدَ مَا يَفْرُغُونَ مِنْ صَلَاتِهِمْ؛ وَذَلِكَ نَظِيرُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ فَعَلَهُ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَالْخَبَرِ الَّذِي رَوَى سَهْلُ بْنُ أَبَى حَثْمَةَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ قَالَ: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ إِقَامَتَهَا إِتْمَامُهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَدَلَّلْنَا مَعَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] إِنَّمَا هُوَ إِذْنٌ بِالْقَصْرِ مِنْ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ. ⦗٤٤٣⦘ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ بَيِّنًا أَنْ لَا وَجْهَ لِتَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَنَّ الطَائِفَةَ الْأُولَى إِذَا سَجَدَتْ مَعَ الْإِمَامِ فَقَدِ انْقَضَتْ صَلَاتُهَا، لِقَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي مَا ذَكَرْتُ قَبْلُ، وَلِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا عَنَى بِهِ الْقَصْرَ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ. وَإِذْ كَانَ لَا وَجْهَ لِذَلِكَ، فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: أُرِيدَ بِذَلِكَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى نَحْوِ صَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ بِعُسْفَانَ أَبْعَدُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُولُ: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] وَكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ كَانَتْ صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ رَكْعَتَهُ الْأُولَى فِي صَلَاتِهِ بِعُسْفَانَ، وَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ هِيَ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ مَعَهُ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَمْ يُصَلُّوا﴾ [النساء: ١٠٢] لَمْ يَسْجُدُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ الظَّاهِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَعَانِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا تُوَجَّهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَشْهَرِ مِنْ وُجُوهِهِمَا مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ لِلطَائِفَةِ الْأُولَى بِتَأْخِيرِ قَضَاءِ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ صَلَاتِهَا إِلَى فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فِي اشْتِغَالِهَا بِقَضَاءِ ذَلِكَ ضَرَرٌ، لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهَا بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ وَانْصِرَافِهَا قَبْلَ قَضَاءِ بَاقِي صَلَاتِهَا عَنْ مَوْضِعِهَا مَعْنًى. ⦗٤٤٤⦘ غَيْرَ أَنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّا نَرَى أَنَّ مَنْ صَلَاهَا مِنَ الْأَئِمَّةِ فَوَافَقَتْ صَلَاتُهُ بَعْضَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ صَلَاهَا، فَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ تَامَّةٌ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ بِكُلِّ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُمَّتَهُ ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمُ الْعَمَلَ بِأَيِّ ذَلِكَ شَاءُوا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] فَإِنَّهُ يَعْنِي: تَمَنَّى الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ، يَقُولُ: لَوْ تَشْتَغِلُونَ بِصَلَاتِكُمْ عَنْ أَسْلِحَتِكُمُ الَّتِي تُقَاتِلُونَهُمْ بِهَا، وَعَنْ أَمْتِعَتِكُمُ الَّتِي بِهَا بَلَاغُكُمْ فِي أَسْفَارِكُمْ فَتَسْهَوْنَ عَنْهَا. ﴿فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ:»فَيَحْمِلُونَ عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ مَشَاغِيلُ بِصَلَاتِكُمْ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَيُصِيبُونَ مِنْكُمْ غِرَّةً بِذَلِكَ فَيَقْتُلُونَكُمْ، وَيَسْتَبِيحُونَ عَسْكَرَكُمْ. يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَلَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا، فَتَشْتَغِلُوا جَمِيعَكُمْ بِصَلَاتِكُمْ إِذَا حَضَرَتْكُمْ صَلَاتُكُمْ وَأَنْتُمْ مُوَاقِفُو الْعَدُوَّ، فَتُمَكِّنُوا عَدُوَّكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ وَلَكِنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ عَلَى مَا بَيَّنْتُ لَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ عَدُوِّكِمْ حِذْرَكُمْ وَأَسْلِحَتَكُمْ
٧ ‏/ ٤٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ١٠٢]
٧ ‏/ ٤٤٤
يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٥] وَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ وَلَا إِثْمَ ﴿إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ: «إِنْ نَالَكُمْ مِنْ مَطَرٍ تُمْطَرُونَهُ وَأَنْتُمْ مُواقِفُو عَدُوِّكُمْ ﴿أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ١٠٢] يَقُولُ:»جَرْحَى أَوْ أَعِلَاءَ ﴿أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] إِنْ ضَعُفْتُمْ عَنْ حَمْلِهَا، وَلَكِنْ إِنْ وَضَعْتُمْ أَسْلِحَتَكُمْ مِنْ أَذًى مَطَرٍ أَوْ مَرِضٍ، فَخُذُوا مِنْ عَدُوِّكُمْ حِذْرَكُمْ، يَقُولُ: احْتَرِسُوا مِنْهُمْ أَنْ يَمِيلُوا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ عَنْهُمْ غَافِلُونَ غَارُّونَ ﴿إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا﴾ [النساء: ١٠٢] يَعْنِي بِذَلِكَ: أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُذِلًّا يَبْقُونَ فِيهِ أَبَدًا لَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَذَلِكَ هُو عَذَابُ جَهَنَّمَ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ١٠٢] نَزَلَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ جَرِيحًا
٧ ‏/ ٤٤٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ١٠٢] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَانَ جَرِيحًا “
٧ ‏/ ٤٤٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣]⦗٤٤٦⦘ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَإِذَا فَرَغْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُوَاقِفُو عَدُوَّكُمُ الَّتِي بَيَّنَّاهَا لَكُمْ، فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْوَالِكُمْ قِيَامًا وَقُعُودًا، وَمُضْطَجِعِينَ عَلَى جُنُوبِكُمْ بِالتَّعْظِيمِ لَهُ، وَالدُّعَاءِ لِأَنْفُسِكُمْ بِالظَّفَرِ عَلَى عَدُوِّكُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُظْفِرَكُمْ وَيَنْصُرَكُمْ عَلَيْهِمْ. وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: ٤٥] . وكَمَا:
٧ ‏/ ٤٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا﴾ [النساء: ١٠٣] يَقُولُ: «لَا يَفْرِضُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فَرِيضَةً إِلَّا جَعَلَ لَهَا جَزَاءً مَعْلُومًا. ثُمَّ عَذَرَ أَهْلَهَا فِي حَالِ عُذْرٍ غَيْرِ الذِّكْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَلَمْ يَعْذُرْ أَحَدًا فِي تَرْكِهِ إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ، فَقَالَ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ، بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فِي الْبِرِّ وَالْبَحْرِ، وَفِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالسَّقَمِ وَالصِّحَّةِ، وَالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ﴾ [النساء: ١٠٣] فَإِذَا اسْتَقْرَرْتُمْ فِي أَوْطَانِكُمْ وَأَقَمْتُمْ فِي أَمْصَارِكُمْ، ﴿فَأَقِيمُوا﴾ [النساء: ١٠٣] يَعْنِي: فَأَتِمُّوا ﴿الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] الَّتِي أَذِنَ لَكُمْ بِقَصْرِهَا فِي حَالِ خَوْفِكُمْ فِي سَفَرِكُمْ وَضَرْبِكُمْ فِي الْأَرْضِ
٧ ‏/ ٤٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ السَّفَرِ إِلَى دَارِ الْإِقَامَةِ “
٧ ‏/ ٤٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ﴾ [النساء: ١٠٣] يَقُولُ: «إِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فِي أَمْصَارِكُمْ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ. وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى ذَلِكَ: فَإِذَا اسْتَقْرَرْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، أَيْ فَأَتِمُّوا حُدُودَهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا»
٧ ‏/ ٤٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ بَعْدَ الْخَوْفِ»
٧ ‏/ ٤٤٧
وَحَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لَا تُصَلِّهَا رَاكِبًا وَلَا مَاشِيًا وَلَا قَاعِدًا»
٧ ‏/ ٤٤٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ أَتِمُّوهَا ” حَدَّثَنِي
٧ ‏/ ٤٤٧
الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ: فَإِذَا زَالَ خَوْفُكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَأَمِنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَاطْمَأَنَّتْ أَنْفُسُكُمْ بِالْأَمْنِ، فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، فَأَتِمُّوهَا بِحُدُودِهَا. الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْكُمْ، غَيْرَ قَاصِرِيهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَرَّفَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَرْضِ صَلَاتِهِمْ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِي حَالَيْنِ: إِحْدَاهُمَا شِدَّةُ حَالِ خَوْفٍ أَذِنَ لَهُمْ فِيهَا بِقَصْرِ الصَّلَاةِ، عَلَى مَا بَيَّنْتُ مِنْ قَصْرِ حُدُودِهَا عَنِ التَّمَامِ، وَالْأُخْرَى حَالُ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَمَرَهُمْ فِيهَا بِإِقَامَةِ حُدُودِهَا، وَإِتْمَامِهَا عَلَى مَا وَصَفَهُ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْ مُعَاقَبَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ أَئِمَّتِهِمْ، وَحِرَاسَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا مِنْ عَدُوِّهِمْ وَهِيَ حَالَةٌ لَا قَصْرَ فِيهَا، لِأَنَّهُ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ ﷺ فِي هَذِهِ الْحَالِ: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، فَمَعْلُومٌ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] إِنَّمَا هُوَ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ مِنَ الْحَالَةِ الَّتِي لَمْ تَكُونُوا مُقِيمِينَ فِيهَا صَلَاتَكُمْ فَأَقِيمُوهَا، وَتِلْكَ حَالَةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا فِي حَالِ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] الْآيَةُ
٧ ‏/ ٤٤٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣]⦗٤٤٩⦘ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرِيضَةً مَفْرُوضَةً
٧ ‏/ ٤٤٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «فَرِيضَةً مَفْرُوضَةً»
٧ ‏/ ٤٤٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ قَالَ: ثني عَلِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «مَفْرُوضًا، الْمَوْقُوتُ: الْمَفْرُوضُ»
٧ ‏/ ٤٤٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗٤٥٠⦘ السُّدِّيِّ، قَالَ: أَمَّا كِتَابًا مَوْقُوتًا: فَمَفْرُوضًا “
٧ ‏/ ٤٤٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «مَفْرُوضًا» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا وَاجِبًا
٧ ‏/ ٤٥٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «كِتَابًا وَاجِبًا»
٧ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ وَاجِبًا ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سَامٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «مُوجَبًا»
٧ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ، ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] وَالْمَوْقُوتُ: الْوَاجِبُ “
٧ ‏/ ٤٥١
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «وُجُوبُهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا مُنَجَّمًا يُؤَدُّونَهَا فِي أَنْجُمِهَا
٧ ‏/ ٤٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: “قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا كَوَقْتِ الْحَجِّ»
٧ ‏/ ٤٥١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] قَالَ: «مُنَجَّمًا، كُلَّمَا مَضَى نَجْمٌ جَاءَ نَجْمٌ آخَرُ، يَقُولُ: كُلَّمَا مَضَى وَقْتٌ جَاءَ وَقْتٌ آخَرُ» ⦗٤٥٢⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِمِثْلِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ قَرِيبٌ مَعْنَى بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، لِأَنَّ مَا كَانَ مَفْرُوضًا فَوَاجِبٌ، وَمَا كَانَ وَاجِبًا أَدَاؤُهُ فِي وَقْتٍ بَعْدَ وَقْتٍ فَمُنَجَّمٌ. غَيْرَ أَنَّ أَوْلَى الْمَعَانِي بِتَأْوِيلِ الْكَلِمَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا مُنَجَّمًا، لِأَنَّ الْمَوْقُوتَ إِنَّمَا هُوَ مَفْعُولٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: وَقَّتَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَرَضَّهُ فَهُوَ يَقِتُهُ، فَفَرْضُهُ عَلَيْكَ مَوْقُوتٌ، إِذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ وَقْتًا يَجِبُ عَلَيْكَ أَدَاؤُهُ. فكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] إِنَّمَا هُوَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا وُقِّتَ لَهُمْ وَقْتَ وُجُوبِ أَدَائِهِ، فَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ
٧ ‏/ ٤٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٠٤] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩] وَلَا تَضْعُفُوا، مِنْ قَوْلِهِمْ: وَهَنَ فُلَانٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ يَهِنُ وَهْنًا وَوُهُونًا. وَقَوْلُهُ: ﴿فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ [النساء: ١٠٤] يَعْنِي فِي الْتِمَاسِ الْقَوْمِ وَطَلَبِهِمْ، وَالْقَوْمُ هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَأَعْدَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] يَقُولُ: «إِنْ تَكُونُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ تَيْجَعُونَ مِمَّا يَنَالُكُمْ مِنَ الْجَرَّاحِ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا ﴿فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] يَقُولُ:»فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَيْجَعُونَ مِمَّا يَنَالُهُمْ مِنْكُمْ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْأَذَى، مِثْلَ مَا تَيْجَعُونَ أَنْتُمْ مِنْ جِرَاحِهِمْ وَأَذَاهُمْ فِيهَا
٧ ‏/ ٤٥٢
﴿وَتَرْجُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦١] مِنَ الثَّوَابِ عَلَى مَا يَنَالُكُمْ مِنْهُمْ ﴿مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] هُمْ عَلَى مَا يَنَالُهُمْ مِنْكُمْ. يَقُولُ: فَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ لَكُمْ عَلَى مَا يُصِيبُكُمْ مِنْهُمْ بِمَا هُمْ بِهِ مُكَذِّبُونَ، أَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ تَصْبِرُوا عَلَى حَرْبِهِمْ وَقِتَالِهِمْ مِنْهُمْ عَلَى قِتَالِكُمْ وَحَرْبِكُمْ وَأَنْ تَجِدُوا مِنْ طَلَبِهِمْ وَابْتِغَائِهِمْ لِقِتَالِهِمْ عَلَى مَا يَهِنُونَ هُمْ فِيهِ وَلَا يَجِدُّونَ، فَكَيْفَ عَلَى مَا جَدُّوا فِيهِ وَلَمْ يَهِنُوا؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٧ ‏/ ٤٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] مِنْهُمْ ﴿فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] يَقُولُ لَا تَضْعُفُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، فَإِنَّكُمْ إِنْ تَكُونُوا تَيْجَعُونَ، فَإِنَّهُمْ يَيْجَعُونَ كَمَا تَيْجَعُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ مَا لَا يَرْجُونَ “
٧ ‏/ ٤٥٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] قَالَ: «يَقُولُ: لَا تَضْعُفُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، فَإِنْ تَكُونُوا تَيْجَعُونَ مِنَ ⦗٤٥٤⦘ الْجِرَاحَاتِ، فَإِنَّهُمْ يَيْجَعُونَ كَمَا تَيْجَعُونَ»
٧ ‏/ ٤٥٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ [النساء: ١٠٤] لَا تَضْعُفُوا “
٧ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩] يَقُولُ: «لَا تَضْعُفُوا»
٧ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ [النساء: ١٠٤] قَالَ: «يَقُولُ: لَا تَضْعُفُوا عَنِ ابْتِغَائِهِمْ ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] الْقِتَالَ ﴿فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] قَالَ:»وَهَذَا قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُمُ الْجَرَّاحُ إِنْ كُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْقِتَالَ فَتَأْلَمُونَهُ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] يَقُولُ: «فَلَا تَضْعُفُوا فِي ابْتِغَائِهِمْ مَكَانَ الْقِتَالِ»
٧ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] تُوجَعُونَ “
٧ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ قَالَ: «تُوجَعُونَ لِمَا يُصِيبُكُمْ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ يُوجَعُونَ كَمَا تُوجَعُونَ وَتَرْجُونَ أَنْتُمْ مِنَ الثَّوَابِ فِيمَا يُصِيبُكُمْ مَا لَا يَرْجُونَ»
٧ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ أُحُدٍ، وَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَصَابَ، صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الْجَبَلَ، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَا جُرْحَ إِلَّا بِجُرْحٍ، الْحَرْبُ سِجَالٌ، يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: «أَجِيبُوهُ» فَقَالُوا: لَا سَوَاءَ، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عُزَّى لَنَا وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُولُوا لَهُ: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ. اعْلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُولُوا لَهُ: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ». فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَوْعِدُنَا وَمَوْعِدُكُمْ بَدْرٌ الصُّغْرَى. ونَامَ الْمُسْلِمُونَ وَبِهِمُ الْكُلُومُ. قَالَ عِكْرِمَةُ: وَفِيهَا أُنْزِلَتْ: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٠٤]
٧ ‏/ ٤٥٥
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] قَالَ: «يَيْجَعُونَ كَمَا تَيْجَعُونَ»
٧ ‏/ ٤٥٥
وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] وَتَخَافُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَخَافُونَ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ١٤] بِمَعْنَى: لَا يَخَافُونَ أَيَّامَ اللَّهِ. وغَيْرُ مَعْرُوفٍ صَرْفُ الرَّجَاءِ إِلَى مَعْنَى الْخَوْفِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، إِلَّا مَعَ جَحْدٍ سَابِقٍ لَهُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: ١٣] بِمَعْنَى: لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ الْهُذَلِيُّ:
[البحر الرجز] لَا تَرْتَجِي حِينَ تُلَاقِي الَّذَائِدَا … أَسَبْعَةً لَاقَتْ مَعًا أَمْ وَاحِدَا
وَكَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
[البحر الطويل] إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا … وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوَاسِلِ
وَهِيَ فِيمَا بَلَغَنَا لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، يَقُولُونَهَا بِمَعْنَى: مَا أُبَالِي وَمَا أَحْفِلُ
٧ ‏/ ٤٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٧] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَلِيمًا بِمَصَالِحِ خَلْقِهِ، حَكِيمًا فِي تَدْبِيرِهِ وَتَقْدِيرِهِ، وَمِنْ عِلْمُهُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَصَالِحِكُمْ عَرَّفَكُمْ عِنْدَ حُضُورِ صَلَاتِكُمْ، ⦗٤٥٧⦘ وَوَاجِبِ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَأَنْتُمْ مُواقِفُو عَدُوِّكُمْ مَا يَكُونُ بِهِ وُصُولُكُمْ إِلَى أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَمِنْ حِكْمَتِهِ بَصَرُكُمْ بِمَا فِيهِ تَأْيِيدُكُمْ، وَتَوْهِينُ كَيَدِ عَدُوِّكُمْ
٧ ‏/ ٤٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٠٦] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ الْكِتَابَ، يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: ١٠٥] لِتَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ، فَتَفْصِلَ بَيْنَهُمْ ﴿بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] يَعْنِي: بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِهِ ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] يَقُولُ: “وَلَا تَكُنْ لِمَنْ خَانَ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدًا فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، خَصِيمًا تُخَاصِمُ عَنْهُ، وَتَدْفَعُ عَنْهُ مِنْ طَالَبَهُ بِحَقِّهِ الَّذِي خَانَهُ فِيهِ. ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ [النساء: ١٠٦] يَا مُحَمَّدُ وَسَلْهُ أَنْ يَصْفَحَ لَكَ عَنْ عُقُوبَةِ ذَنْبِكَ فِي مُخَاصَمَتِكَ عَنِ الْخَائِنِ مَنْ خَانَ مَالًا لِغَيْرِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٣] يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِتَرْكِهِ عُقُوبَتَهُمْ عَلَيْهَا، إِذَا اسْتَغْفَرُوهُ مِنْهَا، رَحِيمًا بِهِمْ، فَافْعَلْ ذَلِكَ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ مَا سَلَفَ مِنْ خُصُومَتِكَ عَنْ هَذَا الْخَائِنِ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ
٧ ‏/ ٤٥٧
خَاصَمَ عَنِ الْخَائِنِ، وَلَكِنَّهُ هَمَّ بِذَلِكَ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِالِاسْتِغْفَارِ مِمَّا هَمَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ» . وَذُكِرَ أَنَّ الْخَائِنِينَ الَّذِينَ عَاتَبَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ ﷺ فِي خُصُومَتِهِ عَنْهُمْ بَنُو أُبَيْرِقٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلَ فِي خِيَانَتِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ فَوَصَفَهُ اللَّهُ بِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتْ سَرِقَةً سَرَقَهَا
٧ ‏/ ٤٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ وَدِرْعِهِ مِنْ حَدِيدٍ الَّتِي سَرَقَ، وَقَالَ أَصْحَابُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلنَّبِيِّ: اعْذُرْهُ فِي النَّاسِ بِلِسَانِكَ. ورَمَوْا بِالدِّرْعِ رَجُلًا مِنْ يَهُودَ بَرِيئًا ” حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ
٧ ‏/ ٤٥٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ أَبُو مُسْلِمٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، ⦗٤٥٩⦘ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالَ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقٍ: بِشْرٌ وَبَشِيرٌ وَمُبَشِّرٌ، وَكَانَ بُشَيْرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ يَنْحِلُهُ إِلَى بَعْضِ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَقُولُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ الشِّعْرَ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ إِلَّا هَذَا الْخَبِيثُ، فَقَالَ:
[البحر الكامل]

أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً … أَضِمُوا وَقَالُوا ابْنُ الْأُبَيْرِقِ قَالَهَا
قَالَ: وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ بِالدَّرْمَكِ ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ، فَخَصَّ بِهِ نَفْسَهُ، فَأَمَّا الْعِيَالُ: فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ. فقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ، فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ، فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلَاحٌ لَهُ: دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا وَمَا يُصْلِحُهُمَا. فعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ، فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ، وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ. ⦗٤٦٠⦘ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَنُقِبَتْ مَشْرُبَتُنَا، فَذُهِبَ بِسِلَاحِنَا وَطَعَامِنَا. قَالَ: فَتَجَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا، فَقِيلَ لَنَا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَلَا نَرَى فِيمَا نَرَاهُ إِلَّا عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ قَالُوا وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ: وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَّا لَبِيدَ بْنَ سَهْمٍ، رَجُلٌ مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ، ثُمَّ أَتَى بَنِي أُبَيْرِقٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ. قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا. فسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا، فَقَالَ عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلُ جَفَاءٍ، عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ، وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ، فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلَاحَنَا، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ، فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدُوا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ ⦗٤٦١⦘ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبَتٍ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: «عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمِيهُمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبَتٍ» قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ. فأَتَيْتُ عَمِّي رِفَاعَةَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] يَعْنِي: بَنِي أُبَيْرِقٍ ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ [النساء: ١٠٦] أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] أَيْ بَنِي أُبَيْرِقٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ﴾ [النساء: ١٠٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] أَيْ أَنَّهُمْ إِنِ يَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ يَغْفِرْ لَهُمْ ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا﴾ [النساء: ١١١] وَإِثْمًا مًبِينًا قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ﴾ [النساء: ١١٣] يَعْنِي أُسَيْرًا وَأَصْحَابَهُ ﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٤] فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَتِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالسِّلَاحِ، فَرَدَّهُ إِلَى رِفَاعَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّي بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ⦗٤٦٢⦘ وَكُنْتُ أَرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا؛ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِالسِّلَاحِ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ سَهْلٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ﴾ [النساء: ١١٥] الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا﴾ [النساء: ١١٦] بَعِيدًا فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ رَمَاهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرٍ، فَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعِتْهُ عَلَى رَأْسِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَمَتْهُ بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَتْ: أَهْدَيْتَ إِلَيَّ شِعْرَ حَسَّانَ، مَا كُنْتَ تَأْتِيَنِي بِخَيْرٍ “

٧ ‏/ ٤٥٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] يَقُولُ: “بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَيَّنَ لَكَ ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] فَقَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: ١٠٧] ذِكِرَ لَنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِي شَأْنِ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ وَفِيمَا هَمَّ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ مِنْ عُذْرِهِ، وَبَيِّنَ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ، وَوَعَظَ نَبِيَّهُ ﷺ وَحَذَّرَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا. وَكَانَ طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ أَحَدَ بَنِي ظَفَرٍ، سَرَقَ دِرْعًا لِعَمِّهِ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا عَلَى يَهُودِيٍّ كَانَ يَغْشَاهُمْ، يُقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ، فَجَاءَ الْيَهُودِيُّ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ ⦗٤٦٣⦘ يَهْتِفُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمُهُ بَنُو ظَفَرٍ جَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ لِيَعْذِرُوا صَاحِبَهُمْ، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام قَدْ هِمَّ بِعُذْرِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا أَنْزَلَ، فَقَالَ: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ قَوْمَهُ ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢] وَكَانَ طُعْمَةُ قَذَفَ بِهَا بَرِيئًا. فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ نَافَقَ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]
٧ ‏/ ٤٦٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ غَزَوْا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَسُرِقَتْ دِرْعٌ لِأَحَدِهِمْ، فَأَظَنَّ بِهَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَى صَاحِبُ الدِّرْعِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ سَرَقَ دِرْعِي. فأَتِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا رَأَى السَّارِقُ ذَلِكَ، عَمَدَ إِلَيْهَا فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ رَجُلٍ بَرِيءٍ، وَقَالَ لِنَفَرٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ: إِنِّي قَدْ غَيَّبْتُ الدِّرْعَ وَأَلْقَيْتُهَا فِي بَيْتِ فُلَانٍ، وَسَتُوجَدُ عِنْدَهُ. فَانْطَلَقُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ لَيْلًا، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ صَاحِبَنَا بَرِيءٌ، وَإِنَّ سَارِقَ الدِّرْعِ فُلَانٌ، وَقَدْ أَحَطْنَا بِذَلِكَ عِلْمًا، فَاعْذُرْ صَاحِبَنَا عَلَى رُءُوسِ ⦗٤٦٤⦘ النَّاسِ وَجَادِلْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَعْصِمْهُ اللَّهُ بِكَ يَهْلِكْ. فقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَبَرَّأَهُ وَعَذَرَهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] يَقُولُ: «احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي الْكِتَابِ ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] الْآيَةُ، ثُمَّ قَالَ لِلَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَيْلًا: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَمْ مَنْ يَكُونِ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ [النساء: ١٠٩] يَعْنِي الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُسْتَخْفِينَ بِالْكَذِبِ. ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا﴾ [النساء: ١١٢] وَإِثْمًا مُبِينًا يَعْنِي: السَّارِقَ وَالَّذِينَ يُجَادِلُونَ عَنِ السَّارِقِ»
٧ ‏/ ٤٦٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] الْآيَةُ. قَالَ: كَانَ رَجُلٌ سَرَقَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ وَطَرَحَهُ عَلَى يَهُودِيٍّ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَاللَّهِ مَا سَرَقْتُهَا يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَلَكِنْ طُرِحَتْ عَلَيَّ. وَكَانَ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَرَقَ جِيرَانٌ يُبَرِّئُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ عَلَى الْيَهُودِيِّ وَيَقُولُونَ:
٧ ‏/ ٤٦٤
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ الْخَبِيثَ يَكْفُرُ بِاللَّهِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: حَتَّى مَالَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ بِبَعْضِ الْقَوْلِ، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ عز وجل فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ [النساء: ١٠٦] بِمَا قُلْتَ لِهَذَا الْيَهُودِيِّ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٣] ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جِيرَانِهِ فَقَالَ ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿أَمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ قَالَ: «ثُمَّ عَرَضَ التَّوْبَةَ فَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [النساء: ١١٠] فَمَا أَدْخَلَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى خَطِيئَةِ هَذَا تَكَلَّمُونَ دُونَهُ؟ ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١١] وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ [النساء: ١١٥] قَالَ:»أَبَى أَنْ يَقْبَلَ التَّوْبَةَ الَّتِي عَرَضَ اللَّهُ لَهُ، وَخَرَجَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، فَنَقَبَ بَيْتًا لِيَسْرِقَهُ، فَهَدَمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ [النساء: ١١٥] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] وَيُقَالَ: هُوَ طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ، وَكَانَ نَازِلًا فِي بَنِي ظَفَرٍ “
٧ ‏/ ٤٦٥
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْخِيَانَةُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا مَنْ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] جُحُودُهُ وَدِيعَةً كَانَ أُودِعَهَا
٧ ‏/ ٤٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] قَالَ: «أَمَّا ﴿مَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾: فَمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْكَ؛ قَالَ: نَزَلَتْ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ، وَاسْتَوْدَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ دِرْعًا، فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى دَارِهِ، فَحَفَرَ لَهَا الْيَهُودِيُّ ثُمَّ دَفَنَهَا، فَخَالَفَ إِلَيْهَا طُعْمَةُ فَاحْتَفَرَ عَنْهَا، فَأَخَذَهَا. فَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودِيُّ يَطْلُبُ دِرْعَهُ كَافَرَهُ عَنْهَا، فَانْطَلَقَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ عَشِيرَتِهِ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا مَعِي، فَإِنِّي أَعْرِفُ وَضْعَ الدِّرْعِ. فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ طُعْمَةُ أَخَذَ الدِّرْعَ فَأَلْقَاهَا فِي دَارِ أَبِي مُلَيْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْيَهُودُ تَطْلُبُ الدِّرْعَ فَلَمَّا تَقْدِرْ عَلَيْهَا، وَقَعَ بِهِ طُعْمَةُ وَأُنَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَبُّوهُ، وَقَالَ أَتُخَوِّنُونَنِي؟ فَانْطَلَقُوا يَطْلُبُونَهَا فِي دَارِهِ، فَأَشْرَفُوا عَلَى بَيْتِ أَبِي مُلَيْلٍ، فَإِذَا هُمْ بِالدِّرْعِ، وَقَالَ طُعْمَةُ: أَخَذَهَا أَبُو مُلَيْلٍ. وجَادَلَتِ الْأَنْصَارُ دُونَ طُعْمَةَ وَقَالَ لَهُمُ: انْطَلِقُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُولُوا لَهُ يَنْضَحُ عَنِّي وَيُكَذِّبُ حُجَّةَ الْيَهُودِيِّ، فَإِنِّي إِنْ أُكَذَّبْ كَذَبَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْيَهُودِيُّ. فأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَادِلْ عَنْ طُعْمَةَ وَأَكْذِبِ الْيَهُودِيَّ. فهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَفْعَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿وَلَا تَكُنْ ⦗٤٦٧⦘ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ [النساء: ١٠٦] مِمَّا أَرَدْتَ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: ١٠٦] ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْصَارَ وَمُجَادَلَتَهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨] يَقُولُ:»يَقُولُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ثُمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَةِ، فَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ حِينَ قَالَ: أَخَذَهَا أَبُو مُلَيْلٍ، فَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [النساء: ١١١] «﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا﴾ [النساء: ١١٢] وَإِثْمًا مُبِينًا ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْصَارَ وَإِتْيَانَهُمْ إِيَّاهُ أَنْ يَنْضَحَ عَنْ صَاحِبِهِمْ وَيُجَادِلَ عَنْهُ فَقَوْلُهُ: ﴿لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣] يَقُولُ:»النُّبُوَّةَ. ثُمَّ ذَكَرَ مُنَاجَاتِهِمْ فِيمَا يُرِيدُونَ أَنْ يكْذِبُوا عَنْ طُعْمَةَ، فَقَالَ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ فَلَمَّا فَضَحَ اللَّهُ طُعْمَةَ بِالْمَدِينَةِ بِالْقُرْآنِ، هَرَبَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَكَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ. ونَزَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطِ السُّلَمِيِّ، فَنَقَبَ بَيْتَ الْحَجَّاجِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْرِقَهُ، فَسَمِعَ الْحَجَّاجُ خَشْخَشَةً فِي بَيْتِهِ وَقَعْقَعَةَ جُلُودٍ كَانَتْ عِنْدَهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِطُعْمَةَ، فَقَالَ: ضَيْفِي وَابْنُ عَمِّي وَأَرَدْتَ أَنْ تَسْرِقَنِي؟ . فأَخْرَجَهُ فَمَاتَ بِحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ كَافِرًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ﴾ [النساء: ١١٥] الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ ⦗٤٦٨⦘ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى إِلَى: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧]
٧ ‏/ ٤٦٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: اسْتَوْدَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ مَشْرُبَةً لَهُ فِيهَا دِرْعٌ، وَخَرَجَ فَغَابَ. فَلَمَّا قَدِمَ الْأَنْصَارِيُّ فَتَحَ مَشْرُبَتَهُ فَلَمْ يَجِدِ الدِّرْعَ، فَسَأَلَ عَنْهَا طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ، فَرَمَى بِهَا رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ يُقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ. فتَعَلَّقَ صَاحِبُ الدِّرْعِ بِطُعْمَةَ فِي دِرْعِهِ؛ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمُهُ أَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ، فَكَلَّمُوهُ لِيَدْرَأَ عَنْهُ فَهَمَّ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٦] يَعْنِي طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ وَقَوْمَهُ ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ مُحَمَّدٌ ﷺ وَقَوْمُ طُعْمَةَ ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] مُحَمَّدٌ وَطُعْمَةُ وَقَوْمُهُ، قَالَ: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [النساء: ١١١] الْآيَةُ، طُعْمَةُ ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١٢] يَعْنِي: زَيْدَ بْنَ السَّمِينِ ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢] طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ﴾ [النساء: ١١٣] يَا مُحَمَّدُ ﴿لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ﴾ [النساء: ١١٣] قَوْمُ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ ﴿وَأَنْزَلَ
٧ ‏/ ٤٦٨
اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [النساء: ١١٣] مُحَمَّدٌ ﷺ ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ﴾ [النساء: ١١٤] حَتَّى تَنْقَضِيَ الْآيَةُ لِلنَّاسِ عَامَّةً ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ١١٥] الْآيَةُ. قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ لَحِقَ بِقُرَيْشٍ وَرَجَعَ فِي دِينِهِ، ثُمَّ عَدَا عَلَى مَشْرُبَةٍ لِلْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطِ الْبَهْزِيِّ ثُمَّ السُّلَمِيِّ حَلِيفٍ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَنَقَبَهَا، فَسَقَطَ عَلَيْهِ حَجَرٌ فَلَحِجَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ، فَخَرَجَ فَلَقِيَ رَكْبًا مِنْ بُهَرَاءَ مِنْ قُضَاعَةَ، فَعَرَضَ لَهُمْ، فَقَالَ: ابْنُ سَبِيلٍ مُنْقَطِعٌ بِهِ. فحَمَلُوهُ حَتَّى إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ عَدَا عَلَيْهِمْ فَسَرَقَهُمْ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَرَجَعُوا فِي طَلَبِهِ فَأَدْرَكُوهُ، فَقَذَفُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى مَاتَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا فِيهِ نَزَلَتْ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] أُنْزِلَتْ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ رَمَى بِالدِّرْعِ فِي دَارِ أَبِي مُلَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَزْرَجِيِّ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بِقُرَيْشٍ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ “
٧ ‏/ ٤٦٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] يَقُولُ: “بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْكَ وَأَرَاكَهُ فِي كِتَابِهِ. ونَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ
٧ ‏/ ٤٦٩
الْأَنْصَارِ اسْتُودِعَ دِرْعًا فَجَحَدَ صَاحِبَهَا، فَخَوَّنَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، فَغَضِبَ لَهُ قَوْمُهُ، وَأَتَوْا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، وَقَالُوا: خَوَّنُوا صَاحِبَنَا وَهُوَ أَمِينٌ مُسْلِمٌ، فَاعْذُرْهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَازْجُرْ عَنْهُ. فقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ فَعَذَرَهُ وَكَذَّبَ عَنْهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ بَرِيءٌ وَأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَيَانَ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ [النساء: ١٠٩] فَبَيَّنَ اللَّهُ خِيَانَتَهُ. فلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَنَزَلَ فِيهِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ [النساء: ١١٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانَتْ خِيَانَتُهُ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ جُحُودُهُ مَا أُودِعَ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَعَانِي الْخِيَانَاتِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَتَوْجِيهُ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ إِلَى الْأَشْهَرِ مِنْ مَعَانِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا وُجِدَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ.
٧ ‏/ ٤٧٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: ١٠٧] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَا تُجَادِلْ﴾ [النساء: ١٠٧] يَا مُحَمَّدُ فَتُخَاصِمُ ﴿عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] يَعْنِي: يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، يَجْعَلُونَهَا خَوَنَةً بِخِيَانَتِهِمْ مَا خَانُوا مِنْ أَمْوَالِ مَنْ خَانُوهُ مَالَهُ وَهُمْ بَنُو ⦗٤٧١⦘ أُبَيْرِقٍ، يَقُولُ: لَا تُخَاصِمُ عَنْهُمْ مَنْ يُطَالِبُهُمْ بِحُقُوقِهِمْ، وَمَا خَانُوهُ فِيهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: ١٠٧] يَقُولُ: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مِنْ صِفَتِهِ خِيَانَةُ النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَرُكُوبُ الْإِثْمِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ
٧ ‏/ ٤٧٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ، يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] قَالَ: «اخْتَانَ رَجُلٌ عَمًّا لَهُ دِرْعًا، فَقَذَفَ بِهَا يَهُودِيًّا كَانَ يَغْشَاهُمْ، فَجَادَلَ عَمُّ الرَّجُلِ قَوْمَهُ، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ عَذَرَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِأَرْضِ الشِّرْكِ، فَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ [النساء: ١١٥] الْآيَةُ»
٧ ‏/ ٤٧١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ [النساء: ١٠٨] ” يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ﴾ [النساء: ١٠٨] يَسْتَخْفِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ مَا أُوتُوا مِنَ الْخِيَانَةِ، وَرَكِبُوا مِنَ الْعَارِ وَالْمَعْصِيَةِ مِنَ النَّاسِ الَّذِي لَا يَقْدِرُونَ لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا ذِكْرَهُمْ بِقَبِيحِ مَا أُوتُوا مِنْ فِعْلِهِمْ وَشَنِيعِ مَا رَكِبُوا مِنْ جُرْمِهِمْ إِذَا اطَّلَعُوا عَلَيْهِ حَيَاءً مِنْهُمْ، وَحَذَرًا مِنْ قَبِيحِ الْأُحْدُوثَةِ
٧ ‏/ ٤٧١
﴿وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٨] الَّذِي هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَبِيَدِهِ الْعِقَابُ وَالنَّكَالُ وَتَعْجِيلُ الْعَذَابِ، وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَوْلَى أَنْ يُعَظَّمَ بِأَنْ لَا يَرَاهُمْ حَيْثُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَرَاهُمْ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٨] يَعْنِي: وَاللَّهُ شَاهِدُهُمْ ﴿إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨] يَقُولُ حِينَ يُسَوُّونَ لَيْلًا مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ فَيُغَيِّرُونَهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَكْذِبُونَ فِيهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى التَّبْيِيتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَنَّهُ كُلُّ كَلَامٍ أَوْ أَمْرٍ أُصْلِحَ لَيْلًا. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الطَّائِيِّينَ أَنَّ التَّبْيِيتَ فِي لُغَتِهِمُ التَّبْدِيلُ، وَأَنْشَدَ لِلْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ جُوَيْنٍ الطَّائِيِّ فِي مُعَاتَبَةِ رَجُلٍ:
[البحر المتقارب] وَبَيَّتَ قَوْلِيَ عَبْدَ الْمَلِيكِ … قَاتَلَكَ اللَّهُ عَبْدًا كَنُودَا
بِمَعْنَى: بَدَّلْتَ قَوْلِي وَرُوِي عَنْ أَبِي رَزِينٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿يُبَيَّتُونَ﴾ [النساء: ٨١]: يُؤَلِّفُونَ “
٧ ‏/ ٤٧٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ: ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨] قَالَ: «يُؤَلِّفُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ» . ⦗٤٧٣⦘ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، بِنَحْوِهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ شَبِيهُ الْمَعْنَى بِالَّذِي قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّأْلِيفَ هُوَ التَّسْوِيَةُ وَالتَّغْيِيرُ عَمَّا هُوَ بِهِ وَتَحْوِيلُهُ عَنْ مَعْنَاهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَقَدْ قِيلَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٨] الرَّهْطُ الَّذِينَ مَشَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَافَعَةِ عَنْ بَنِي أُبَيْرِقٍ وَالْجِدَالِ عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ فِيمَا مَضَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ [النساء: ١٠٨] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ فِيمَا أُوتُوا مِنْ جُرْمِهِمْ حَيَاءً مِنْهُمْ مِنْ تَبْيِيتِهِمْ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ مُحِيطًا مُحْصِيًا، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ، حَافِظًا لِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يُجَازِيَهُمْ عَلَيْهِ جَزَاءَهُمْ
٧ ‏/ ٤٧٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾
٧ ‏/ ٤٧٣
يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ هَا أَنْتُمُ الَّذِينَ جَادَلْتُمْ يَا مَعْشَرَ مَنْ جَادَلَ عَنْ بَنِي أُبَيْرِقٍ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَنْهُمْ﴾ [البقرة: ٨٦] مِنْ ذِكْرِ الْخَائِنِينَ ﴿فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ﴾ [النساء: ١٠٩] يَقُولُ: “فَمَنْ ذَا يُخَاصِمُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ لِمَحْشَرِهِمْ، فَيُدَافِعُ عَنْهُمْ مَا اللَّهُ فَاعِلٌ بِهِمْ، وَمُعَاقِبُهُمْ بِهِ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّكُمْ أَيُّهَا الْمُدَافِعُونَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَائِنِينَ أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ دَافَعْتُمْ عَنْهُمْ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، فَإِنَّهُمْ سَيَصِيرُونَ فِي آجِلِ الْآخِرَةِ إِلَى مَنْ لَا يُدَافِعُ عَنْهُمْ عِنْدَهُ أَحَدٌ فِيمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنْ أَلِيمِ الْعَذَابِ وَنَكَالِ الْعِقَابِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿أَمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَمَنْ ذَا الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْخَائِنِينَ وَكِيلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْ وَمَنْ يَتَوَكَّلُ لَهُمْ فِي خُصُومَةِ رَبِّهِمْ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْوَكَالَةِ فِيمَا مَضَى وَأَنَّهَا الْقِيَامُ بِأَمْرِ مَنْ تُوكَلُ لَهُ
٧ ‏/ ٤٧٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ يَعْمَلْ ذَنْبًا، وَهُوَ السُّوءُ، أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ بِإِكْسَابِهِ إِيَّاهَا مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ عُقُوبَةَ اللَّهِ ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ [النساء: ١١٠] يَقُولُ: “ثُمَّ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ بِإِنَابَتِهِ مِمَّا عَمِلَ مِنَ السُّوءِ وَظَلْمِ نَفْسِهِ وَمُرَاجَعَتِهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تَمْحُو ذَنْبَهُ وَتُذْهِبُ جُرْمَهُ
٧ ‏/ ٤٧٤
، ﴿يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] يَقُولُ: “يَجِدْ رَبَّهُ سَاتِرًا عَلَيْهِ ذَنْبَهُ بِصَفْحِهِ لَهُ عَنْ عُقُوبَتِهِ جُرْمَهُ، رَحِيمًا بِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهَا الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِالْخِيَانَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِهَا الَّذِينَ يُجَادِلُونَ عَنِ الْخَائِنِينَ، الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ لَهُمْ: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلِي الْقَوْلَيْنِ كِلَيْهِمَا فِيمَا مَضَى. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ عُنِيَ بِهَا كُلُّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا أَوْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي أَمْرِ الْخَائِنِينَ وَالْمُجَادِلِينَ عَنْهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ فِي الْآيَاتِ قَبْلَهَا. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
٧ ‏/ ٤٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدُهُمْ ذَنْبًا أَصْبَحَ قَدْ كُتِبَ كَفَّارَةُ ذَلِكَ الذَّنْبِ عَلَى بَابِهِ، وَإِذَا أَصَابَ الْبَوْلُ شَيْئًا مِنْهُ قَرَضَهُ بِالْمِقْرَاضِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَقَدْ أَتَى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَيْرًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا آتَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا مِمَّا آتَاهُمْ، جَعَلَ اللَّهُ الْمَاءَ لَكُمْ طَهُورًا، وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ⦗٤٧٦⦘ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٣٥] وَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠]
٧ ‏/ ٤٧٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، فَسَأَلَتْهُ عَنِ امْرَأَةٍ فَجَرَتْ فَحَبَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَتَلَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ ابْنُ مُغَفَّلٍ: مَا لَهَا؟ لَهَا النَّارُ. فَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَبْكِي، فَدَعَاهَا، ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَى أَمْرَكِ إِلَّا أَحَدَ أَمْرَيْنِ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] قَالَ: «فَمَسَحَتْ عَيْنَهَا ثُمَّ مَضَتْ»
٧ ‏/ ٤٧٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] قَالَ: «أَخْبَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِحِلْمِهِ وَعَفْوِهِ وَكَرَمِهِ، وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، فَمَنْ أَذْنَبَ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا، وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ أَعْظَمَ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ»
٧ ‏/ ٤٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١١١] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ يَأْتِ ذَنْبًا عَلَى عَمْدٍ مِنْهُ
٧ ‏/ ٤٧٦
لَهُ وَمَعْرِفَةٍ بِهِ، فَإِنَّمَا يَجْتَرِحُ وَبَالَ ذَلِكَ الذَّنْبِ وَضَرِّهِ وَخِزْيِهِ وَعَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ، يَقُولُ: فَلَا تُجَادِلُوا أَيُّهَا الَّذِينَ تُجَادِلُونَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَوَنَةِ، فَإِنَّكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ لَهُمْ عَشِيرَةً وَقَرَابَةً وَجِيرَانًا بُرَآءَ مِمَّا أَتَوْهُ مِنَ الذَّنْبِ وَمِنَ التَّبِعَةِ الَّتِي يُتَّبَعُونَ بِهَا، فَإِنَّكُمْ مَتَى دَافَعْتُمْ عَنْهُمْ أَوْ خَاصَمْتُمْ بِسَبَبِهِمْ كُنْتُمْ مِثْلَهُمْ، فَلَا تُدَافِعُوا عَنْهُمْ، وَلَا تُخَاصِمُوا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٧] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَكَانَ اللَّهُ عَالِمًا بِمَا تَفْعَلُونَ أَيُّهَا الْمُجَادِلُونَ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي جِدَالِكُمْ عَنْهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِكُمْ وَأَفْعَالِ غَيْرِكُمْ، وَهُوَ يُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِمْ، حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعَكُمْ بِهَا ﴿حَكِيمًا﴾ [النساء: ١١] يَقُولُ: “وَهُوَ حَكِيمٌ بِسِيَاسَتِكُمْ وَتَدْبِيرِكُمْ، وَتَدْبِيرِ جَمِيعِ خَلْقِهِ. وقِيلَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَنِي أُبَيْرِقٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ
٧ ‏/ ٤٧٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَنْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً، وَهِيَ الذَّنْبُ، أَوْ إِثْمًا، وَهُوَ مَا لَا يَحِلُّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ. وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْخَطِيئَةِ وَالْإِثْمِ، لِأَنَّ الْخَطِيئَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْعَمْدِ وَغَيْرِ الْعَمْدِ، وَالْإِثْمُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْعَمْدِ، فَفَصَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِذَلِكَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: وَمَنْ يَأْتِ خَطِيئَةً عَلَى غَيْرِ عَمْدٍ مِنْهُ لَهَا، أَوْ إِثْمًا عَلَى عَمْدٍ مِنْهُ ثُمَّ يَرْمِ
٧ ‏/ ٤٧٧
بِهِ بَرِيئًا، يَعْنِي بِالَّذِي تَعَمَّدَهُ بَرِيئًا، يَعْنِي ثُمَّ يَصِفُ مَا أَتَى مِنْ خَطَئِهِ أَوْ إِثْمِهِ الَّذِي تَعَمَّدَهُ بَرِيئًا مِمَّا أَضَافَهُ إِلَيْهِ وَنَحَلَهُ إِيَّاهُ ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢] يَقُولُ: “فَقَدْ تَحَمَّلَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ فِرْيَةً وَكَذِبًا وَإِثْمًا عَظِيمًا، يَعْنِي وَجُرْمًا عَظِيمًا عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ وَعَمْدٍ لِمَا أَتَى مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَذَنْبِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١٢] بَعْدَ إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ رَمَى الْبَرِيءَ مِنَ الْإِثْمِ الَّذِي كَانَ أَتَاهُ ابْنُ أُبَيْرِقٍ الَّذِي وَصَفْنَا شَأْنَهُ قَبْلُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى اللَّهُ عز وجل بِالْبَرِيءِ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَالَ لَهُ لَبِيدُ بْنُ سَهْلٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ يُقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى. وَمِمَّنْ. قَالَ كَانَ يَهُودِيًّا، ابْنُ سِيرِينَ
٧ ‏/ ٤٧٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: ﴿ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١٢] قَالَ: «يَهُودِيًّا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، مِثْلَهُ وَقِيلَ: ﴿يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١٢] بِمَعْنَى: ثُمَّ يَرْمِ بِالْإِثْمِ الَّذِي أَتَى هَذَا الْخَائِنُ مَنْ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ، فَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿بِهِ﴾ [النساء: ١١٢] عَائِدَةٌ عَلَى الْإِثْمِ، وَلَوْ جُعِلَتْ كِنَايَةً مِنْ ذِكْرِ الْإِثْمِ وَالْخَطِيئَةِ كَانَ جَائِزًا، لِأَنَّ الْأَفْعَالَ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ عَنْهَا فَرَاجِعَةٌ إِلَى
٧ ‏/ ٤٧٨
مَعْنًى وَاحِدٍ بِأَنَّهَا فِعْلٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: فَقَدْ تَحَمَّلَ هَذَا الَّذِي رَمَى بِمَا أَتَى مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَرَكِبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالْخَطِيئَةِ مَنْ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ بُهْتَانًا، وَهُوَ الْفِرْيَةُ وَالْكَذِبُ، وَإِثْمًا مُبِينًا، يَعْنِي وِزْرًا مُبِينًا، يَعْنِي أَنَّهُ يُبِينُ عَنْ أَمْرٍ عَمِلَهُ وَجَرَاءَتِهُ عَلَى رَبِّهِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى خِلَافِهِ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ لِمَنْ يَعْرِفُ أَمْرَهُ
٧ ‏/ ٤٧٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمْ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [النساء: ١١٣] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ﴾ [النساء: ١١٣] وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَفَضَّلَ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ فَعَصَمَكَ بِتَوْفِيقِهِ وَتِبْيَانِهِ لَكَ أَمْرَ هَذَا الْخَائِنِ، فَكُفِفْتَ لِذَلِكَ عَنِ الْجِدَالِ عَنْهُ، وَمُدَافَعَةِ أَهْلِ الْحَقِّ عَنْ حَقِّهِمْ قِبَلَهُ ﴿لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ١١٣] يَقُولُ: «لَهَمَّتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ، يَعْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ﴿أَنْ يُضِلُّوكَ﴾ [النساء: ١١٣] يَقُولُ:»يُزِلُّوكَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَذَلِكَ لِتَلْبِيسِهِمْ أَمْرَ الْخَائِنِ عَلَيْهِ ﷺ وَشَهَادَتِهِمْ لِلْخَائِنِ عِنْدَهُ بِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّا ادُّعِيَ عَلَيْهِ، وَمَسْأَلَتِهِمْ إِيَّاهُ أَنْ يَعْذِرُهُ وَيَقُومَ بِمَعْذِرَتِهِ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: وَمَا يُضِلَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَمُّوا بِأَنْ يُضِلُّوكَ عَنِ الْوَاجِبِ مِنَ الْحُكْمِ فِي أَمْرِ هَذَا الْخَائِنِ دِرْعَ جَارِهِ، إِلَّا أَنْفُسَهُمْ.
٧ ‏/ ٤٧٩
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا كَانَ وَجْهُ إِضْلَالِهِمْ أَنْفُسَهُمْ؟ قِيلَ: وَجْهُ إِضْلَالِهِمْ أَنْفُسَهُمْ: أَخَذُهُمْ بِهَا فِي غَيْرِ مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَخْذَ بِهَا فِيهِ مِنْ سُبُلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ إِلَى خَلْقِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالْأَمْرِ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْحَقِّ، فَكَانَ مِنَ الْوَاجِبِ لِلَّهِ فِيمَنْ سَعَى فِي أَمْرِ الْخَائِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] مُعَاوَنَةُ مَنْ ظَلَمُوهُ دُونَ مَنْ خَاصَمَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي طَلَبِ حَقِّهِ مِنْهُمْ، فَكَانَ سَعْيُهُمْ فِي مَعُونَتِهِمْ دُونَ مَعُونَةِ مَنْ ظَلَمُوهُ، أَخْذًا مِنْهُمْ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ، وَذَلِكَ هُوَ إِضْلَالُهُمْ أَنْفُسَهُمْ، الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ فَقَالَ: ﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ﴾ [النساء: ١١٣] وَمَا يَضُرُّكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَمُّوا لَكَ أَنْ يُزِلُّوكَ عَنِ الْحَقِّ فِي أَمْرِ هَذَا الْخَائِنِ مِنْ قَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ مِنْ شَيْءٍ، لِأَنَّ اللَّهَ مُثَبِّتُكَ وَمُسَدِّدُكَ فِي أُمُورِكَ وَمُبَيِّنٌ لَكَ أَمْرَ مَنْ سَعَوْا فِي ضَلَالِكَ عَنِ الْحَقِّ فِي أَمْرِهِ وَأَمْرِهِمْ، فَفَاضِحُهُ وَإِيَّاهُمْ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣] يَقُولُ: “وَمِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مَعَ سَائِرِ مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْكَ مِنْ نِعَمِهِ، أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ ﴿وَالْحِكْمَةُ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَعْنِي وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ مَعَ الْكِتَابِ الْحِكْمَةَ، وَهِيَ مَا كَانَ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلًا ذِكْرُهُ، مِنْ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ. ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾ [النساء: ١١٣] مِنْ خَبَرِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَمَا كَانَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ قَبْلَ، ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْكَ
٧ ‏/ ٤٨٠
يَا مُحَمَّدُ مُذْ خَلَقَكَ، فَاشْكُرْهُ عَلَى مَا أَوْلَاكَ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ بِالتَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى رِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ، وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ فِي كِتَابِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَمُخَالَفَةِ مَنْ حَاوَلَ إِضْلَالَكَ عَنْ طَرِيقِهِ وَمِنْهَاجِ دِينِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَاكَ بِفَضْلِهِ، وَيَكْفِيكَ غَائِلَةَ مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ وَحَاوَلَ صَدَّكَ عَنْ سَبِيلِهِ، كَمَا كَفَاكَ أَمْرَ الطَائِفَةِ الَّتِي هَمَّتْ أَنْ تُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِهِ فِي أَمْرِ هَذَا الْخَائِنِ، وَلَا أَحَدَ مِنْ دُونِهِ يُنْقِذُكَ مِنْ سُوءٍ إِنْ أَرَادَ بِكَ إِنْ أَنْتَ خَالَفْتَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَاتَّبَعْتَ هَوَى مَنْ حَاوَلَ صَدَّكَ عَنْ سَبِيلِهِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَنْبِيهٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ عَلَى مَوْضِعِ حَظِّهِ، وَتَذْكِيرٌ مِنْهُ لَهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ
٧ ‏/ ٤٨١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَى النَّاسِ جَمِيعًا ﴿إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ﴾ [النساء: ١١٤] وَالْمَعْرُوفُ: هُوَ كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَدَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ ﴿أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: ١١٤] وَهُوَ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْمُتَبَايِنَيْنِ أَوِ الْمُخْتَصِمَيْنِ بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمَا لِيَتَرَاجَعَا إِلَى مَا فِيهِ الْأُلْفَةُ وَاجْتِمَاعُ الْكَلِمَةِ عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ وَأَمَرَ بِهِ. ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا وَعَدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ
٧ ‏/ ٤٨١
مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ يَقُولُ: «وَمَنْ يَأْمُرْ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ مِنَ الْأَمْرِ، أَوْ يَصْلُحْ بَيْنَ النَّاسِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، يَعْنِي طَلَبَ رِضَا اللَّهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٤] يَقُولُ:»فَسَوْفَ نُعْطِيهِ جَزَاءً لِمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عَظِيمًا، وَلَا حَدَّ لِمَبْلَغِ مَا سَمَّى اللَّهُ عَظِيمًا يَعْلَمُهُ سِوَاهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ [النساء: ١١٤] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا فِي نَجْوَى مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ. كأَنَّهُ عَطَفَ ﴿مَنْ﴾ [البقرة: ٤] عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ الَّتِي فِي ﴿نَجْوَاهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] وَذَلِكَ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ إِلَّا لَا تَعْطِفُ عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ الْجَحْدُ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: قَدْ تَكُونُ ﴿مِنْ﴾ [البقرة: ٤] فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ وَنَصْبٍ؛ وَأَمَّا الْخَفْضُ فَعَلَى قَوْلِكَ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] إِلَّا فِيمَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، فَتَكُونُ النَّجْوَى عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ هُمُ الرِّجَالُ الْمُنَاجُونَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧] وَكَمَا قَالَ: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ [الإسراء: ٤٧] وَأَمَّا النَّصَبُ، فَعَلَى أَنْ تَجْعَلَ النَّجْوَى فِعْلًا فَيَكُونَ نَصْبًا؛ لِأنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، لِأَنَّهُ مِنْ خِلَافِ النَّجْوَى، فَيَكُونُ
٧ ‏/ ٤٨٢
ذَلِكَ نَظِيرَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر البسيط] وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلَانًا أُسَائِلُها … عَيَّتْ جَوَابًا ومَا بِالرَّبْعِ مِنْ أحَدِ
إِلَّا الْأَوَارِيُّ لَايًا مَا أُبَيِّنُهَا … وَالنُّؤْيُ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلومَةِ الْجَلَدِ
وَقَدْ يَحْتَمِلُ ﴿مِنْ﴾ [البقرة: ٤] عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أُنِيسُ … إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، أَنْ تَجْعَلَ مِنْ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِالرَّدِّ عَلَى النَّجْوَى، وَتَكُونَ النَّجْوَى بِمَعْنَى جَمْعِ الْمُتَنَاجِينَ، خَرَجَ مَخْرَجَ السَّكْرَى وَالْجَرْحَى وَالْمَرْضَى، وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ أَظْهَرُ مَعَانِيهِ، فَيَكُونَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَنَاجِينَ يَا مُحَمَّدُ مِنَ النَّاسِ، إِلَّا فِيمَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ، أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ فِيهِمُ الْخَيْرُ
٧ ‏/ ٤٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ [النساء: ١١٥] وَمَنْ يُبَايِنِ الرَّسُولَ مُحَمَّدًا ﷺ مُعَادِيًا لَهُ، فَيُفَارِقَهُ عَلَى الْعَدَاوَةِ لَهُ ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ [النساء: ١١٥] يَعْنِي: مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ مَا
٧ ‏/ ٤٨٣
جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ، وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ. ﴿وَيَتِّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ١١٥] يَقُولُ: «وَيَتَّبِعْ طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِ أَهْلِ التَّصْدِيقِ، وَيَسْلُكُ مِنْهَاجًا غَيْرَ مِنْهَاجِهِمْ، وَذَلِكَ هُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ، لِأَنَّ الْكُفْرَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ غَيْرُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرُ مِنْهَاجِهِمْ ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: ١١٥] يَقُولُ:»نَجْعَلْ نَاصِرَهُ مَا اسْتَنْصَرَهُ وَاسْتَعَانَ بِهِ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، وَهِيَ لَا تُغْنِيهِ وَلَا تَدْفَعُ عَنْهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَنْفَعُهُ. كَمَا:
٧ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: ١١٥] قَالَ: «مِنْ آلِهَةِ الْبَاطِلِ»
٧ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. ﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ﴾ [النساء: ١١٥] يَقُولُ: «وَنَجْعَلُهُ صِلَاءَ نَارِ جَهَنَّمَ، يَعْنِي نُحَرِّقُهُ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الصِّلَى فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] يَقُولُ:»وَسَاءَتْ جَهَنَّمُ مَصِيرًا: مَوْضِعًا يَصِيرُ إِلَيْهِ مَنْ صَارَ إِلَيْهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْخَائِنِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] لَمَّا أَبَى التَّوْبَةَ مِنْ أبَى مِنْهُمْ، وَهُوَ طِعْمَةُ بْنُ الْأُبَيْرِقِ، وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ بِمَكَّةَ مُرْتَدًّا مُفَارِقًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَدِينِهِ “
٧ ‏/ ٤٨٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا
٧ ‏/ ٤٨٤
دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِطُعْمَةَ إِذْ أَشْرَكَ وَمَاتَ عَلَى شِرْكِهِ بِاللَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ خَلْقِهِ بِشِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ بِهِ ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] يَقُولُ: “وَيَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ مِنَ الذُّنُوبِ لِمَنْ يَشَاءُ، يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَنَّ طُعْمَةَ لَوْلَا أَنَّهُ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَمَاتَ عَلَى شِرْكِهِ لَكَانَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خِيَانَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ، وَكَانَ إِلَى اللَّهِ أَمْرُهُ فِي عَذَابِهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ. وكَذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ مَنِ اجْتَرَمَ جُرْمًا، فَإِلَى اللَّهِ أَمْرُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُرْمُهُ شِرْكًا بِاللَّهِ وَكُفْرًا، فَإِنَّهُ مِمَّنْ حَتَّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ إِذَا مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ، فَإِذَا مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ، فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَمَأْوَاهُ النَّارُ
٧ ‏/ ٤٨٥
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي ذَلِكَ بِمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] يَقُولُ: «مَنْ يَجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١١٦] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَمَنْ يَجْعَلْ لِلَّهِ فِي عِبَادَتِهِ شَرِيكًا، فَقَدْ ذَهَبَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَزَالَ عَنْ قَصَدِ السَّبِيلِ ذَهَابًا بَعِيدًا وَزَوَالًا شَدِيدًا. وَذَلِكَ أَنَّهُ بِإِشْرَاكِهِ بِاللَّهِ فِي عِبَادَتِهِ، فَقَدْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ وَسَلَكَ طَرِيقَهُ وَتَرَكَ طَاعَةَ اللَّهِ وَمِنْهَاجَ دِينِهِ، فَذَاكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ وَالْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
٧ ‏/ ٤٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ يُدْعَونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا اللَّاتَ، وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ، فَسَمَّاهُنَّ اللَّهُ إِنَاثًا بِتَسْمِيَةِ الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُنَّ بِتَسْمِيَةِ الْإِنَاثِ “
٧ ‏/ ٤٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] قَالَ: «اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ، كُلُّهَا مُؤَنَّثٌ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كُلُّهُنَّ مُؤَنَّثٌ
٧ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] يَقُولُ: «يُسَمُّونَهُمْ إِنَاثًا: لَاتُ، وَمَنَاةُ، وَعُزَّى»
٧ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] قَالَ: «آلِهَتَهُمْ: اللَّاتُ، وَالْعُزَّى، وَيَسَافُ، ⦗٤٨٧⦘ وَنَائِلَةُ، هُمْ إِنَاثٌ يَدْعُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَقَرَأَ: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧]» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا مَوَاتًا لَا رُوحَ فِيهِ
٧ ‏/ ٤٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] يَقُولُ: «مَيْتًا»
٧ ‏/ ٤٨٧
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] أَيْ إِلَّا مَيْتًا لَا رُوحَ فِيهِ “
٧ ‏/ ٤٨٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] قَالَ: «وَالْإِنَاثُ: كُلُّ شَيْءٍ مَيِّتٌ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ، خَشَبَةٌ يَابِسَةٌ، أَوْ حَجَرٌ يَابِسٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ﴾ [النساء: ١١٩]» وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ
٧ ‏/ ٤٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ أَهْلَ الْأَوْثَانِ كَانُوا يُسَمُّونَ أَوْثَانَهُمْ إِنَاثًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ كَذَلِكَ
٧ ‏/ ٤٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ لِكُلِّ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ صَنَمٌ يُسَمُّونَهَا أُنْثَى بَنِي فُلَانٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَيْفٍ أَبُو رَجَاءٍ الْحُدَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَانَ لِكُلِّ حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ ” وَقَالَ آخَرُونَ: الْإِنَاثُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْأَوْثَانُ
٧ ‏/ ٤٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
٧ ‏/ ٤٨٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] قَالَ: «أَوْثَانًا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤٨٩
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي مُصْحَفِ عَائِشَةَ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أُثُنًا»، بِمَعْنَى جَمْعِ وَثَنٍ، فَكَأَنَّهُ جَمَعَ وَثَنًا وُثُنًا، ثُمَّ قَلَبَ الْوَاوَ هُمَزَةً مَضْمُومَةً، كَمَا قِيلَ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْأَجْوُهَ، بِمَعْنَى الْوُجُوهِ، وَكَمَا قِيلَ: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] بِمَعْنَى: وُقِّتَتْ. وذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أُنُثًا)، كَأَنَّهُ أَرَادَ جَمْعَ الْإِنَاثِ، فَجَمَعَهَا أُنُثًا، كَمَا تُجْمَعُ الثِّمَارُ ثُمُرًا.
٧ ‏/ ٤٨٩
وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِهَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] بِمَعْنَى جَمْعِ أُنْثَى، لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي مَصَاحِفَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى قِرَاءَةِ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرْتُ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ إِذْ كَانَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ مَا وَصَفْتُ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِذَلِكَ الْآلِهَةَ الَّتِي كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَيُسَمُّونَهَا بِالْإِنَاثِ مِنَ الْأَسْمَاءِ كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَنَائِلَةَ وَمَنَاةَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، لِأَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ مَعَانِي الْإِنَاثِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا عُرِفَ بِالتَّأْنِيثِ دُونَ غَيْرِهِ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ تَوْجِيهُ تَأْوِيلِهِ إِلَى الْأَشْهَرِ مِنْ مَعَانِيهِ، وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى، وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا،﴾ [النساء: ١١٥] ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧]، يَقُولُ: مَا يَدْعُو الَّذِينَ يُشَاقُّونَ الرَّسُولَ وَيَتَّبِعُونَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ بَعْدَ اللَّهِ وَسِوَاهُ، إِلَّا إِنَاثًا، يَعْنِي: إِلَّا مَا سَمُّوهُ بِأَسْمَاءِ الْإِنَاثِ كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَحَسْبُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَعَبَدُوا مَا عَبَدُوا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَنْدَادِ، حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَذَهَابِهِمْ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ إِنَاثًا وَيَدْعُونَهَا آلِهَةً وَأَرْبَابًا. وَالْإِنَاثُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَخَسُّهُ؛ فَهُمْ يُقِرُّونَ لِلْخَسِيسِ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِالْعُبُودِيَّةِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ بِخَسَاسَتِهِ، وَيَمْتَنِعُونَ مِنْ
٧ ‏/ ٤٩٠
إِخْلَاصِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّذِي لَهُ مُلْكُ كُلِّ شَيْءٍ وَبِيَدِهِ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
٧ ‏/ ٤٩١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧] وَمَا يَدْعُو هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْعُونَ هَذِهِ الْأَوْثَانَ الْإِنَاثَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِدُعَائِهِمْ إِيَّاهَا إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا، يَعْنِي مُتَمَرِّدًا عَلَى اللَّهِ فِي خِلَافِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَفِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ. كَمَا:
٧ ‏/ ٤٩١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧] قَالَ: «تَمَرَّدَ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ١١٨] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ [النساء: ١١٨] أَخْزَاهُ وَأَقْصَاهُ وَأَبْعَدَهُ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا قَدْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ. وَقَالَ: ﴿لَأَتَّخِذَنَّ﴾ [النساء: ١١٨] يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ الْمَرِيدَ قَالَ لِرَبِّهِ إِذْ لَعَنَهُ: ﴿لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ١١٨] يَعْنِي بِالْمَفْرُوضِ: الْمَعْلُومَ؛ كَمَا:
٧ ‏/ ٤٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ
٧ ‏/ ٤٩١
الضَّحَّاكِ: ﴿نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ٧] قَالَ: «مَعْلُومًا» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَتَّخِذُ الشَّيْطَانُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ نَصِيبًا مَفْرُوضًا؟ قِيلَ: يَتَّخِذُ مِنْهُمْ ذَلِكَ النَّصِيبَ بِإِغْوَائِهِ إِيَّاهُمْ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، وَدُعَائِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ، وَتَزْيِينِهِ لَهُمُ الضُّلَالَ وَالْكُفْرَ، حَتَّى يُزِيلَهُمْ عَنْ مَنْهَجِ الطَّرِيقِ؛ فَمَنْ أَجَابَ دُعَاءَهُ وَاتَّبَعَ مَا زَيَّنَهُ لَهُ، فَهُوَ مِنْ نَصِيبِهِ الْمَعْلُومِ وَحَظِّهِ الْمَقْسُومِ. وَإِنَّمَا أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الشَّيْطَانِ مِنْ قِيلِهِ: ﴿لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ١١٨] لِيَعْلَمَ الَّذِينَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى أَنَّهُمْ مِنْ نَصِيبِ الشَّيْطَانِ الَّذِي لَعَنَهُ اللَّهُ الْمَفْرُوضِ، وَأَنَّهُ مِمَّنْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ ظَنَّهُ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى مَعْنَى اللَّعْنَةِ فِيمَا مَضَى، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ
٧ ‏/ ٤٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَأُضِلَنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانِ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء: ١٢٠] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ الشَّيْطَانِ الْمَرِيدِ، الَّذِي وَصَفَ صِفَتَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَلَأُضِلَّهُمْ وَلَأَصُدَّنَّ النَّصِيبَ الْمَفْرُوضَ الَّذِي أَتَّخِذُهُ مِنْ عِبَادِكَ عَنْ مَحَجَّةِ الْهُدَى إِلَى الضَّلَالِ، وَمِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ. ﴿وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ﴾ [النساء: ١١٩] يَقُولُ: «لَأَزِيغَنَّهُمْ بِمَا أَجْعَلُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الْأَمَانِيِّ عَنْ طَاعَتِكَ وَتَوْحِيدِكَ إِلَى طَاعَتِي، وَالشِّرْكِ بِكَ. ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ﴾ [النساء: ١١٩] يَقُولُ:»وَلَآمُرَنَّ النَّصِيبَ الْمَفْرُوضَ لِي مِنْ عِبَادِكَ
٧ ‏/ ٤٩٢
بِعِبَادَةِ غَيْرِكَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَنْدَادِ، حَتَّى يَنْسِكُوا لَهُ، وَيُحَرِّمُوا، وَيُحَلِّلُوا لَهُ، وَيُشَرِّعُوا غَيْرَ الَّذِي شَرَعْتَهُ لَهُمْ فَيَتَّبِعُونِي وَيُخَالِفُونَكَ. وَالْبَتْكُ: الْقَطْعُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: قَطْعُ أُذُنِ الْبَحِيرَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا بَحِيرَةٌ. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْخَبِيثُ أَنَّهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْبَحِيرَةِ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهَا طَاعَةً لَهُ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٧ ‏/ ٤٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «الْبَتْكُ فِي الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ، كَانُوا يُبَتِّكُونَ آذَانَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ»
٧ ‏/ ٤٩٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ﴾ [النساء: ١١٩] أَمَّا يُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ: فَيَشُقُّونَهَا فَيَجْعَلُونَهَا بَحِيرَةً “
٧ ‏/ ٤٩٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنى حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: ⦗٤٩٤⦘ أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينٌ شَرَعَهُ لَهُمْ إِبْلِيسُ كَهَيْئَةِ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ»
٧ ‏/ ٤٩٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ مِنَ الْبَهَائِمِ بِإِخْصَائِهِمْ إِيَّاهَا “
٧ ‏/ ٤٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَرِهَ الْإِخْصَاءَ، وَقَالَ: فِيهِ نَزَلَتْ ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩]
٧ ‏/ ٤٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَرِهَ الْإِخْصَاءَ، وَقَالَ: فِيهِ نَزَلَتْ ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩]
٧ ‏/ ٤٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: هُوَ الْإِخْصَاءُ، يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩]
٧ ‏/ ٤٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: ثَنِي رَجُلٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِخْصَاءُ الْبَهَائِمِ مِثْلُهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩]
٧ ‏/ ٤٩٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: «مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ الْإِخْصَاءُ»
٧ ‏/ ٤٩٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شِبْلٌ، أَنَّهُ سَمِعَ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «الْخِصَاءُ، قَالَ: فَأَمَرْتُ أَبَا التَّيَّاحِ، فَسَأَلَ الْحَسَنَ عَنْ خِصَاءِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ»
٧ ‏/ ٤٩٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ثنا عَمِّي، وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، قَالَ: أَمَرَنِي مُجَاهِدٌ أَنْ أَسْأَلَ، عِكْرِمَةَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: هُوَ الْخِصَاءِ “
٧ ‏/ ٤٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَرْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، قَالَ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ: سَلْ عَنْهَا عِكْرِمَةَ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: الْإِخْصَاءُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا لَهُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ⦗٤٩٦⦘ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ الْإِخْصَاءِ. ثُمَّ قَالَ: سَلْهُ. فسَأَلْتُهُ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٠] قَالَ: «لِدِينِ اللَّهِ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مُجَاهِدًا فَقَالَ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ»
٧ ‏/ ٤٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «الْإِخْصَاءُ»
٧ ‏/ ٤٩٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هَارُونُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: ثنا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ، عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «هُوَ الْإِخْصَاءُ»
٧ ‏/ ٤٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: الْإِخْصَاءُ “
٧ ‏/ ٤٩٦
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «مِنْهُ الْخِصَاءُ» حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ ⦗٤٩٧⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِهِ
٧ ‏/ ٤٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الْإِخْصَاءَ، قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ دِينَ اللَّهِ
٧ ‏/ ٤٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو أَحْمَدَ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ» ⦗٤٩٨⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثني قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
٧ ‏/ ٤٩٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ثنا عَمِّي، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، قَالَ: أَخْبَرْتُ مُجَاهِدًا، بِقَوْلِ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هَارُونُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: ثنا الْوَرَّاقُ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِمُجَاهِدٍ قَوْلَ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] فَقَالَ: كَذَبَ الْعَبْدُ ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، قَالَا: «دِينُ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، وَحَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «دِينُ اللَّهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: ٣٦]»
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «الْفِطْرَةُ دِينُ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «الْفِطْرَةَ: الدِّينَ»
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينُ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] أَيْ دِينَ اللَّهِ، فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ “
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «أَمَّا خَلْقُ اللَّهِ: فَدَيْنُ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٥٠٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: “دِينَ اللَّهِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٠] يَقُولُ: «لِدِينِ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: “دِينَ اللَّهِ، وَقَرَأَ: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٠] قَالَ: «لِدِينِ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] قَالَ: «دِينَ اللَّهِ»
٧ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا مُعَاذٌ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: كَتَبَ كَثِيرٌ مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِهِ ⦗٥٠١⦘: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١٩] فَكَتَبَ: إِنَّهُ دِينُ اللَّهِ ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ بِالْوَشْمِ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …