سُورَةُ النِّسَاءِ 1

مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ وَسَبْعُونَ وَمِائَةٌ الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ
٦ ‏/ ٣٣٩
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِقَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] احْذَرُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ فِي أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ، وَفِيمَا نَهَاكُمْ، فَيَحِلَّ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ. ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الْمُتَوَحِّدُ بِخَلْقِ جَمِيعِ الْأَنَامِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَعَرَّفَ عِبَادَهُ كَيْفَ كَانَ مُبْتَدَأُ إِنْشَائِهِ ذَلِكَ مِنَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ، وَمُنَبِّهُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُمْ بَنُو رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنَّ حَقَّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَاجِبٌ وُجُوبَ حَقِّ الْأَخِ عَلَى أَخِيهِ؛ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي النَّسَبِ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ رِعَايَةِ بَعْضِهِمْ حَقَّ بَعْضٍ، وَأَنَّ بَعْدَ التَّلَاقِي فِي النَّسَبِ إِلَى الْأَبِ الْجَامِعِ بَيْنَهُمْ، مِثْلَ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ الْأَدْنَى، وَعَاطِفًا بِذَلِكَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لِيَتَنَاصَفُوا، وَلَا يَتَظَالَمُوا، وَلِيَبْذُلَ الْقَوِيُّ مِنْ نَفْسِهِ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ بِالْمَعْرُوفِ، عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ لَهُ، فَقَالَ: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] يَعْنِي مِنْ آدَمَ
٦ ‏/ ٣٣٩
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا ⦗٣٤٠⦘ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: أَمَّا ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] «فَمِنْ آدَمَ ﷺ»
٦ ‏/ ٣٣٩
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] يَعْنِي: «آدَمَ ﷺ»
٦ ‏/ ٣٤٠
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «آدَمُ» وَنَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] وَالْمَعْنِيُّ بِهِ رَجُلٌ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر] أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرَى … وَأَنْتَ خَلِيفَةُ ذَاكَ الْكَمَالِ
فَقَالَ: «وَلَدَتْهُ أُخْرَى»، وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجُلُ، فَأُنِّثَ لِلَفْظِ الْخَلِيفَةِ، وَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] لِتَأْنِيثِ النَّفْسِ وَالْمَعْنَى، مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قِيلَ: مِنْ نَفْسٍ وَاحِدٍ، وَأُخْرِجَ اللَّفْظُ عَلَى التَّذْكِيرِ لِلْمَعْنَى كَانَ صَوَابًا
٦ ‏/ ٣٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: ١] وَخَلَقَ مِنَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ زَوْجَهَا؛ يَعْنِي بِـ «الزَّوْجِ» الثَّانِي لَهَا وَهُوَ فِيمَا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: امْرَأَتُهَا حَوَّاءُ
٦ ‏/ ٣٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: ١] قَالَ: «حَوَّاءُ مِنْ قُصَيرَى آدَمَ وَهُو نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: «أَثَا» بِالنَّبَطِيَّةِ امْرَأَةٌ» حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: ١] يَعْنِي حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ مِنْ ضِلَعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ “
٦ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «أُسْكِنَ آدَمُ الْجَنَّةَ، فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحْشًا لَيْسَ لَهُ زَوْجٌ يَسْكُنُ إِلَيْهَا؛ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ ضِلْعِهِ، فَسَأَلَهَا مَا أَنْتَ؟ قَالَتِ امْرَأَةَ، قَالَ: وَلِمَ خُلِقْتِ؟ قَالَتْ: لِتَسْكُنَ إِلَيَّ»
٦ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «أُلْقِيَ عَلَى آدَمَ ﷺ السِّنَةُ فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ ⦗٣٤٢⦘ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ أَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَلَأَمَ مَكَانَهُ، وآدَمُ نَائِمٌ لَمْ يَهُبَّ مِنْ نَوْمَتِهِ، حَتَّى خَلَقَ اللَّهُ تبارك وتعالى مِنْ ضِلْعِهِ تِلْكَ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ، فَسَوَّاهَا امْرَأَةً لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا كُشِفَتْ عَنْهُ السِّنَةُ وَهَبَّ مِنْ نَوْمَتِهِ رَآهَا إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: لَحْمِي وَدَمِي وَزَوْجَتِي فَسَكَنَ إِلَيْهَا»
٦ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: ١] «جَعَلَ مِنْ آدَمَ حَوَّاءَ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١] فَإِنَّهُ يَعْنِي وَنَشَرَ مِنْهُمَا يَعْنِي مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ ﴿رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١] قَدْ رَآهُمْ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: ﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤] يُقَالُ مِنْهُ: بَثَّ اللَّهُ الْخَلْقَ وَأَبَثَّهُمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٦ ‏/ ٣٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١] «وَبَثَّ: خَلَقَ»
٦ ‏/ ٣٤٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ
٦ ‏/ ٣٤٢
: (تَسَّاءَلُونَ) بِالتَّشْدِيدِ، بِمَعْنَى: تَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ أَدْغَمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي السِّينِ، فَجَعَلَهُمَا سِينًا مُشَدَّدَةً، وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿تَسَاءَلُونَ﴾ [النساء: ١] بِالتَّخْفِيفِ عَلَى مِثَالِ تَفَاعَلُونَ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، أَعْنِي التَّخْفِيفَ وَالتَّشْدِيدَ فِي قَوْلِهِ: ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١]، وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ أَصَابَ الصَّوَابَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهَيْهِ قُرِئَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ. وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٩] أَيُّهَا النَّاسُ، الَّذِي إِذَا سَأَلَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا سَأَلَ بِهِ، فَقَالَ السَّائِلُ لِلْمَسْئُولِ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ، وَأَنْشِدُكَ بِاللَّهِ، وَأُعَزِّمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكَمَا تُعَظِّمُونَ أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ، حَتَّى تَرَوْا أَنَّ مَنْ أَعْطَاكُمْ عَهْدَهُ فَأَخْفَرَكَمُوهُ، فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا، فَكَذَلِكَ فَعَظِّمُوهُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ، وَاجْتِنَابِكُمْ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، وَاحْذَرُوا عِقَابَهُ مِنْ مُخَالَفَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ
٦ ‏/ ٣٤٣
كَمَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] قَالَ: يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَعَاقِدُونَ وَتَعَاهِدُونَ بِهِ»
٦ ‏/ ٣٤٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي بِهِ تَعَاقِدُونَ وَتَعَاهِدُونَ» حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٤٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «تَعَاطَفُونَ بِهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِذَا سَأَلْتُمْ بَيْنَكُمْ، قَالَ السَّائِلُ لِلْمَسْئُولِ: أَسْأَلُكَ بِهِ وَبِالرَّحِمِ
٦ ‏/ ٣٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَعَاطَفُونِ بِهِ وَالْأَرْحَامِ، يَقُولُ: الرَّجُلُ يَسْأَلُ بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ»
٦ ‏/ ٣٤٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ، أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ» يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١]
٦ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «يَقُولُ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ»
٦ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ: أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ»
٦ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: يَقُولُ: «أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ»
٦ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ أَوْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ»
٦ ‏/ ٣٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَنْشِدُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ» ⦗٣٤٦⦘ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ قَرَأَ قَوْلَهُ: (وَالْأَرْحَامِ) بِالْخَفْضِ عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ عَلَى الْهَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ ﴿بِهِ﴾ [النساء: ١]، كَأَنَّهُ أَرَادَ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَبْالْأَرْحَامِ، فَعَطَفَ بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيٍّ مَخْفُوضٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ فَصِيحٍ مِنَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْسِقُ بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيٍّ فِي الْخَفْضِ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، وَذَلِكَ لِضِيقِ الشَّعْرِ؛ وَأَمَّا الْكَلَامُ فَلَا شَيْءَ يُضْطَرُّ الْمُتَكَلِّمَ إِلَى اخْتِيَارِ الْمَكْرُوهِ مِنَ الْمَنْطَقِ وَالرَّدِئِ فِي الْإِعْرَابِ مِنْهُ، وَمِمَّا جَاءَ فِي الشَّعْرِ مِنْ رَدِّ ظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيٍّ فِي حَالِ الْخَفْضِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]

نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا … وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ غُوطٌ نَفَانِفُ
؟ فَعَطَفَ «الْكَعْبِ» وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْهَاءِ وَالْأَلِفِ فِي قَوْلِهِ «بَيْنَهَا» وَهِيَ مَكْنِيَّةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا

٦ ‏/ ٣٤٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ، وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ لَا تَقْطَعُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] ” ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لَكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَخَيْرٌ لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ»
٦ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي الْأَرْحَامِ فَصِلُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ، وَاتَّقُوهُ فِي الْأَرْحَامِ»
٦ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِ ⦗٣٤٨⦘ اللَّهِ: ﴿الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «اتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَنْشِدُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ»
٦ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ»
٦ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: «اتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثني أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْأَرْحَامِ فَصِلُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] قَالَ: يَقُولُ: «وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي الْأَرْحَامِ فَصِلُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَقْرَأُ: ﴿وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ لَا تَقْطَعُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «اتَّقُوا الْأَرْحَامَ»
٦ ‏/ ٣٤٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] «أَنْ تَقْطَعُوهَا»
٦ ‏/ ٣٤٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] «وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا» وَقَرَأَ: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [الرعد: ٢١] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَرَأَ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَهُ نَصَبًا، بِمَعْنَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ، وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا، عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ فِي إِعْرَابِهَا بِالنَّصْبِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، ⦗٣٥٠⦘ قَالَ: وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا نَسْتَجِيزُ لِلْقَارِئِ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرَهَا فِي ذَلِكَ النَّصَبُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] بِمَعْنَى: وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا، لِمَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْطِفُ بِظَاهِرٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ عَلَى مَكْنِيٍّ فِي حَالِ الْخَفْضِ، إِلَّا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، عَلَى مَا قَدْ وَصَفْتِ قَبْلُ
٦ ‏/ ٣٤٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠] عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثناؤُهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَالْمُخَاطَبُ وَالْغَائِبُ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الْخَبَرِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُخْرِجُ الْكَلَامَ عَلَى الْخِطَابِ، فَتَقُولُ إِذَا خَاطَبَتْ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً فَعَلْتُ هِيَ وَآخَرُونَ غَيَّبَ مَعَهُمْ فَعَلَا: فَعَلْتُمْ كَذَا، وَصَنَعْتُمْ كَذَا وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] حَفِيظًا، مُحْصِيًا عَلَيْكُمْ أَعْمَالَكُمْ، مُتَفَقِّدًا رِعَايَتَكُمْ حُرْمَةَ أَرْحَامِكُمْ وَصِلَتَكُمْ إِيَّاهَا، وَقَطْعَكُمُوهَا وَتَضْيِيعِكُمْ حُرْمَتُهَا
٦ ‏/ ٣٥٠
كَمَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] «حَفِيظًا»
٦ ‏/ ٣٥٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] «عَلَى أَعْمَالِكُمْ، يَعْلَمُهَا وَيَعْرِفُهَا» ⦗٣٥١⦘ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دُوَادَ الْإِيَادِيِّ:
[البحر الكامل] كَمَقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّـ … ـرَبَاءِ أَيْدِيهِمْ نَوَاهِدْ
٦ ‏/ ٣٥٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَوْصِيَاءَ الْيَتَامَى، يَقُولُ لَهُمْ: وَأَعْطُوا يَا مَعْشَرَ أَوْصِيَاءِ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ، إِذَا هُمْ بَلَغُوا الْحُلُمَ وَأُونِسَ مِنْهُمُ الرُّشْدُ ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] يَقُولُ: وَلَا تَسْتَبْدِلُوا الْحَرَامَ عَلَيْكُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِأَمْوَالِكِمُ الْحَلَالِ لَكُمْ
٦ ‏/ ٣٥١
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «الْحَلَالَ بِالْحَرَامِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٥١
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «الْحَرَامَ مَكَانَ الْحَلَالِ» ⦗٣٥٢⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ تَبْدِيلِهِمُ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ الَّذِي نُهُوا عَنْهُ وَمَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوْصِيَاءُ الْيَتَامَى يَأْخُذُونَ الْجَيِّدَ مِنْ مَالِهِ وَالرَّفِيعَ مِنْهُ، وَيَجْعَلُونَ مَكَانَهُ لِلْيَتِيمِ الرَّدِيءَ وَالْخَسِيسَ، فَذَلِكَ تَبْدِيلُهُمُ الَّذِي نَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
٦ ‏/ ٣٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «لَا تُعْطِ زَيْفًا وَتَأْخُذْ جَيِّدًا»
٦ ‏/ ٣٥٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالُوا: «يُعْطِي مَهْزُولًا وَيَأْخُذُ سَمِينًا»
٦ ‏/ ٣٥٢
وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «لَا تُعْطِ فَاسِدًا وَتَأْخُذْ جَيِّدًا»
٦ ‏/ ٣٥٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] «كَانَ أَحَدُهُمْ يَأْخُذُ الشَّاةَ السَّمِينَةَ مِنْ غَنَمِ ⦗٣٥٣⦘ الْيَتِيمِ، وَيَجْعَلُ مَكَانَهَا الشَّاةَ الْمَهْزُولَةَ، وَيَقُولُ: شَاةٌ بِشَاةَ، وَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ الْجَيِّدَ، وَيَطْرَحُ مَكَانَهُ الزَّيْفَ، وَيَقُولُ: دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَسْتَعْجِلِ الرِّزْقَ الْحَرَامَ فَتَأْكُلُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الَّذِي قُدِّرَ لَكَ مِنَ الْحَلَالِ
٦ ‏/ ٣٥٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «لَا تَعْجَلْ بِالرِّزْقِ الْحَرَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْحَلَالُ الَّذِي قُدِّرَ لَكَ» وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٥٣
وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ كَالَّذِي: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] قَالَ: “كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ، وَلَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَارَ يَأْخُذُهُ الْأَكْبَرُ. وَقَرَأَ: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٢٧] قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ، ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ١٢٧] لَا يُوَرِّثُونَهُمْ، قَالَ، فَنَصِيبِهُ مِنَ الْمِيرَاثِ
٦ ‏/ ٣٥٣
طَيِّبٌ، وَهَذَا الَّذِي أَخَذَهُ خَبِيثٌ ” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: وَلَا تَتَبَدَّلُوا أَمْوَالَ أَيْتَامِكُمْ أَيُّهَا الْأَوْصِيَاءُ الْحَرَامَ عَلَيْكُمُ الْخَبِيثَ لَكُمْ، فَتَأْخُذُوا رَفَائِعَهَا وَخِيَارَهَا وَجِيَادَهَا وَبِالطِّيِّبِ الْحَلَالِ لَكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَتَجْعَلُوا الرَّدِئَ الْخَسِيسَ بَدَلًا مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ تَبَدَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَخَذَ شَيْئًا مَكَانَ آخَرَ غَيْرِهِ، يُعْطِيهِ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ، أَوْ يَجْعَلُهُ مَكَانَ الَّذِي أَخَذَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى التَّبْدِيلِ وَالِاسْتِبْدَالِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِيَ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: هُوَ أَخْذُ أَكْبَرِ وَلَدِ الْمَيِّتِ جَمِيعَ مَالِ مَيِّتِهِ وَوَالِدِهِ دُونَ صِغَارِهِمْ إِلَى مَالِهِ، قَوْلٌ لَا مَعْنًى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْأَكْبَرُ مِنْ وَلَدِهِ جَمِيعَ مَالِهِ دُونَ الْأَصَاغِرِ مِنْهُمْ، فَلَمْ يَسْتَبْدِلْ مِمَّا أَخَذَ شَيْئًا، فَمَا التَّبَدُّلِ الَّذِي قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] وَلَمْ يُبَدِّلِ الْآخِذُ مَكَانَ الْمَأْخُوذِ بَدَلًا؟ وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ لَا تَتَعَجَّلِ الرِّزْقَ الْحَرَامَ قَبْلَ مَجِيءِ الْحَلَالِ، فَإِنَّهُمَا أَيْضًا إِنْ لَمْ يَكُونَا أَرَادَا بِذَلِكَ نَحْوَ الْقَوْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالْمَعْصِيَةِ يَأْتِيهَا، فَفَسَادُهُ نَظِيرُ فَسَادِ قَوْلِ ابْنِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ مَنِ اسْتَعْجَلَ الْحَرَامَ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ آتَاهُ اللَّهُ رِزْقَهُ الْحَلَالَ فَلَمْ يُبَدِّلْ شَيْئًا مَكَانَ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَا أَرَادَا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ نَهَى عِبَادَهُ أَنْ يَسْتَعْجِلُوا الْحَرَامَ فَيَأْكُلُوهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْحَلَالِ، فَيَكُونَ أَكْلُهُمْ ذَلِكَ سَبَبًا لِحِرْمَانِ الطَّيِّبِ مِنْهُ،
٦ ‏/ ٣٥٤
فَذَلِكَ وَجْهٌ مَعْرُوفٌ، وَمَذْهَبٌ مَعْقُولٌ يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ، غَيْرَ أَنَّ الْأَشْبَهَ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ مَعَانِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَأَحْكَامِهَا، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ حُكْمِ أَوَّلِ الْآيَةِ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ
٦ ‏/ ٣٥٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا تَخْلِطُوا أَمْوَالَهُمْ يَعْنِي: أَمْوَالَ الْيَتَامَى بِأَمْوَالِكُمْ فَتَأْكُلُوهَا مَعَ أَمْوَالِكُمْ
٦ ‏/ ٣٥٥
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] يَقُولُ: «لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، تَخْلِطُوهَا فَتَأْكُلُوهَا جَمِيعًا»
٦ ‏/ ٣٥٥
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ ⦗٣٥٦⦘ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، كَرِهُوا أَنْ يُخَالِطُوهُمْ، وَجَعَلَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ يَعْزِلُ مَالَ الْيَتِيمِ عَنْ مَالِهِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠] قَالَ: «فَخَالِطُوهُمْ وَاتَّقُوا»
٦ ‏/ ٣٥٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] إِنَّ أَكْلَكُمْ أَمْوَالَ أَيْتَامِكُمْ مَعَ أَمْوَالِكُمْ حُوبٌ كَبِيرٌ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّهُ﴾ [البقرة: ٣٧] دَالَّةٌ عَلَى اسْمِ الْفِعْلِ أَعْنِي الْأَكْلَ، وَأَمَّا الْحُوبُ: فَإِنَّهُ الْإِثْمُ، يُقَالُ مِنْهُ: حَابَ الرَّجُلُ يَحُوبُ حُوبًا وَحَوْبًا وَحَيَابَةً، وَيُقَالُ مِنْهُ: قَدْ تَحَوَّبَ الرَّجُلُ مِنْ كَذَا، إِذَا تَأَثَّمَ مِنْهُ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ الْأَسْكَرِ اللَّيْثِيِّ:
[البحر الوافر] وَإِنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكَنَّفَاهُ … غَدَاتَئِذٍ لَقَدْ خَطِئَا وَحَابَا
وَمِنْهُ قِيلَ: نَزَلْنَا بِحَوْبَةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَبِحَيْبَةٍ مِنَ الْأَرْضِ: إِذَا نَزَلُوا بِمَوْضِعِ سُوءٍ مِنْهَا، وَالْكَبِيرُ: الْعَظِيمُ، فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَكْلَكُمْ أَمْوَالَ الْيَتَامَى مَعَ أَمْوَالِكُمْ، إِثْمٌ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٦ ‏/ ٣٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «إِثْمًا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «إِثْمًا عَظِيمًا»
٦ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿كَانَ حُوبًا﴾ [النساء: ٢] «أَمَّا حُوبًا: فَإِثْمًا»
٦ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿حُوبًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ: إِثْمًا “
٦ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] يَقُولُ: «ظُلْمًا كَبِيرًا»
٦ ‏/ ٣٥٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ: «ذَنْبًا كَبِيرًا، وَهِيَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ»
٦ ‏/ ٣٥٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: ﴿حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] قَالَ: إِثْمًا وَاللَّهِ عَظِيمًا “
٦ ‏/ ٣٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَإِنْ خِفْتُمْ يَا مَعْشَرَ أَوْلِيَاءِ الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِي صَدَاقِهِنَّ فَتَعْدِلُوا فِيهِ، وَتَبْلُغُوا بِصَدَاقِهِنَّ صَدُقَاتِ أَمْثَالِهِنَّ، فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ، وَلَكِنِ انْكِحُوا غَيْرَهُنَّ مِنَ الْغَرَائِبِ اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّهُ لَكُمْ وَطَيَّبَهُنَّ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى أَرْبَعٍ، وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ تَجُورُوا إِذَا نَكَحْتُمْ مِنَ الْغَرَائِبِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَلَا تَعْدِلُوا، فَانْكِحُوا مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
٦ ‏/ ٣٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] فَقَالَتْ: «يَا ابْنَ أُخْتِي، هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي ⦗٣٥٩⦘ إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ»
٦ ‏/ ٣٥٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] قَالَتْ: «يَا ابْنَ أُخْتِي هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا، تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ»
٦ ‏/ ٣٥٩
قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ رَبِيعَةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] قَالَ: يَقُولُ: «اتْرُكُوهُنَّ فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكُمْ أَرْبَعًا»
٦ ‏/ ٣٥٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجُنَيْدِ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَا: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ ⦗٣٦٠⦘ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]؟ قَالَتْ: «يَا ابْنَ أُخْتِي، هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا فَيُكْمِلُوا لَهُنَّ الصَّدَاقَ، ثُمَّ أُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ إِنْ لَمْ يُكْمِلُوا لَهُنَّ الصَّدَاقَ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: ثني يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: ثني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ
٦ ‏/ ٣٥٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: نَزَلَ، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] الْآيَةَ، «فِي الْيَتِيمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، وَهِيَ ذَاتُ مَالٍ، فَلَعَلَّهُ يَنْكِحُهَا لِمَالِهَا، وَهِيَ لَا تُعْجِبُهُ، ثُمَّ يَضُرُّ بِهَا، وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا، فَوَعَظَ فِي ذَلِكَ» ⦗٣٦١⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾ [النساء: ٣] قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا﴾ [النساء: ٣] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ النَّهْي عَنْ نِكَاحِ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ؛ حَذَرًا عَلَى أَمْوَالِ الْيَتَامَى أَنْ يُتْلِفَهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَتَزَوَّجُ الْعَشْرَ مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَكْثَرَ وَالْأَقَلَّ، فَإِذَا صَارَ مُعْدِمًا مَالَ عَلَى مَالِ يَتِيمِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ فَأَنْفَقَهُ أَوْ تَزَوَّجَ بِهِ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ لَهُمْ: إِنْ أَنْتُمْ خِفْتُمْ عَلَى أَمْوَالِ أَيْتَامِكُمْ أَنْ تُنْفِقُوهَا، فَلَا تَعْدِلُوا فِيهَا مِنْ أَجْلِ حَاجَتِكُمْ إِلَيْهَا، لِمَا يَلْزَمُكُمْ مِنْ مُؤَنِ نِسَائِكُمْ، فَلَا تَجَاوِزُوا فِيمَا تَنْكِحُونَ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعٍ، وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا مِنَ الْأَرْبَعِ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي أَمْوَالِهِمْ فَاقْتَصِرُوا عَلَى الْوَاحِدَةِ، أَوْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
٦ ‏/ ٣٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ مِنْ قُرَيْشٍ يَكُونُ عِنْدَهُ النِّسْوَةُ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ الْأَيْتَامُ، فَيَذْهَبُ مَالُهُ، فَيَمِيلُ عَلَى مَالِ الْأَيْتَامِ» قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]
٦ ‏/ ٣٦١
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ ⦗٣٦٢⦘ الْأَرْبَعَ وَالْخَمْسَ وَالسِّتَّ وَالْعَشْرَ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ كَمَا تَزَوَّجَ فُلَانٌ، فَيَأْخُذُ مَالَ يَتِيمِهِ فَيَتَزَوَّجُ بِهِ، فَنُهُوا أَنْ يَتَزَوَّجُوا فَوْقَ الْأَرْبَعِ»
٦ ‏/ ٣٦١
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قَصَرَ الرِّجَالَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ أَجْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى»
٦ ‏/ ٣٦٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾ [النساء: ٣] فِي الْيَتَامَى «فَإِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَتَزَوَّجُ بِمَالِ الْيَتِيمِ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَنَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَتَحَوَّبُونَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى أَلَّا يَعْدِلُوا فِيهَا، وَلَا يَتَحَوَّبُونَ فِي النِّسَاءِ أَلَّا يَعْدِلُوا فِيهِنَّ، فَقِيلَ لَهُمْ: كَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي الْيَتَامَى، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاءِ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِيهِنَّ، وَلَا تَنْكِحُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى الْأَرْبَعِ، وَلَا تَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ، فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا لَا تَخَافُونَ أَنْ تَجُورُوا فِيهِنَّ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
٦ ‏/ ٣٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِمْ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ. قَالَ: فَذَكَرُوا الْيَتَامَى» فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾ [النساء: ٣] فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ: «فَكَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي النِّسَاءِ»
٦ ‏/ ٣٦٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] إِلَى: ﴿أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] «كَانُوا يُشَدِّدُونَ فِي الْيَتَامَى، وَلَا يُشَدِّدُونَ فِي النِّسَاءِ، يَنْكِحُ أَحَدُهُمُ النِّسْوَةَ، فَلَا يَعْدِلُ بَيْنَهُنَّ؛ فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: كَمَا تَخَافُونَ أَنْ لَا تَعْدِلُوا بَيْنَ الْيَتَامَى فَخَافُوا فِي النِّسَاءِ، فَانْكِحُوا وَاحِدَةً إِلَى الْأَرْبَعِ» ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣]
٦ ‏/ ٣٦٣
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] حَتَّى بَلَغَ: ﴿أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «كَمَا خِفْتُمْ الْجَوْرَ فِي الْيَتَامَى وَهَمَّكُمْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي جَمْعِ النِّسَاءِ، وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَزَوَّجُ الْعَشَرَةَ فَمَا دُونَ ذَلِكَ، فَأَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ ثناؤُهُ أَرْبَعًا، ثُمَّ الَّذِي صَيَّرَهُنَّ إِلَى أَرْبَعٍ قَوْلُهُ: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ ⦗٣٦٤⦘ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: إِنْ خِفْتَ أَلَّا تَعْدِلَ فِي أَرْبَعٍ فَثَلَاثًا، وَإِلَّا فَثِنْتَيْنٍ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةً؛ وَإِنْ خِفْتَ أَلَّا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»
٦ ‏/ ٣٦٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «مَا أَحَلَّ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ» ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] «فَخَافُوا فِي النِّسَاءِ مِثْلَ الَّذِي خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِيهِنَّ»
٦ ‏/ ٣٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «قَالَ جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَالنَّاسُ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِمْ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ فَيَتَّبِعُوهُ أَوْ يُنْهَوْا عَنْ شَيْءٍ فَيَجْتَنِبُوهُ، حَتَّى سَأَلُوا عَنِ الْيَتَامَى» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣]
٦ ‏/ ٣٦٤
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «بَعَثَ اللَّهُ تبارك وتعالى مُحَمَّدًا ﷺ، وَالنَّاسُ عَلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ، وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْيَتَامَى» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «فَكَمَا تَخَافُونَ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا وَتَعْدِلُوا فِي النِّسَاءِ»
٦ ‏/ ٣٦٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾ [النساء: ٣] فِي الْيَتَامَى قَالَ: «كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنْكِحُونَ عَشْرًا مِنَ النِّسَاءِ الْأَيَامَى، وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ شَأْنَ الْيَتِيمِ، فَتَفَقَّدُوا مِنْ دِينِهِمْ شَأْنَ الْيَتِيمِ، وَتَرَكُوا مَا كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] وَنَهَاهُمْ عَمَّا كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ»
٦ ‏/ ٣٦٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] «كَانُوا فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ لَا يَرْزَءُونَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا، وَهُمْ يَنْكِحُونَ عَشْرًا مِنَ النِّسَاءِ، وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَ آبَائِهِمْ، فَتَفَقَّدُوا مِنْ دِينِهِمْ شَأْنَ النِّسَاءِ، فَوَعَظَهُمُ اللَّهُ فِي الْيَتَامَى وَفِي النِّسَاءِ، فَقَالَ فِي الْيَتَامَى: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] إِلَى: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] وَوَعَظَهُمْ فِي شَأْنِ النِّسَاءِ» فَقَالَ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] الْآيَةَ، وَقَالَ: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٢]
٦ ‏/ ٣٦٥
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣]، إِلَى: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «⦗٣٦٦⦘ فَإِنْ خِفْتُمُ الْجَوْرَ فِي الْيَتَامَى وَغَمَّكُمْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي جَمْعِ النِّسَاءِ، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْعَشْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا دُونَ ذَلِكَ، وَأَحَلَّ اللَّهُ أَرْبَعًا وَصَيَّرَهُمْ إِلَى أَرْبَعٍ، يَقُولُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣] وَإِنْ خِفْتَ أَلَّا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَكَمَا خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى، فَكَذَلِكَ فَتَخَوَّفُوا فِي النِّسَاءُ أَنْ تَزْنُوا بِهِنَّ، وَلَكِنُ انْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
٦ ‏/ ٣٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «إِنْ تَحَرَّجْتُمْ فِي وِلَايَةِ الْيَتَامَى وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا، فَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا مِنَ الزِّنَا، وَانْكِحُوا النِّسَاءَ نِكَاحًا طَيِّبًا»: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى اللَّاتِي أَنْتُمْ وُلَاتُهُنَّ، فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ، وَانْكِحُوا أَنْتُمْ مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ
٦ ‏/ ٣٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾ [النساء: ٣] فِي الْيَتَامَى قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْيَتِيمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ هُوَ وَلِيُّهَا، لَيْسَ لَهَا وَلِيُّ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ فِيهَا، وَلَا يَنْكِحُهَا لِمَالِهَا، فَيَضُرُّ بِهَا، وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا»
٦ ‏/ ٣٦٧
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣] «أَيْ مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْ يَتَامَاكُمْ مِنْ قَرَابَاتِكُمْ» ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَأْوِيلُهَا: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاءِ، فَلَا تَنْكِحُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا لَا تَخَافُونَ أَنْ تَجُورُوا فِيهِ مِنْهُنَّ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى الْأَرْبَعِ، فَإِنْ خِفْتُمُ الْجَوْرَ فِي الْوَاحِدَةِ أَيْضًا فَلَا تَنْكِحُوهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ افْتَتَحَ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَخَلْطِهَا بِغَيْرِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ
٦ ‏/ ٣٦٧
إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنِ اتَّقَوُا اللَّهَ فِي ذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِيهِ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ اتِّقَاءِ اللَّهِ، وَالتَّحَرُّجِ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ ظَنُّ التَّحَرُّجِ فِي أَمْرِ الْيَتَامَى، وَأَعْلَمَهُمْ كَيْفَ التَّخَلُّصُ لَهُمْ مِنَ الْجَوْرِ فِيهِنَّ، كَمَا عَرَّفَهُمُ الْمَخْلَصَ مِنَ الْجَوْرِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، فَقَالَ: انْكِحُوا إِنْ أَمِنْتُمُ الْجَوْرَ فِي النِّسَاءِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، مَا أَبَحْتُ لَكُمْ مِنْهُنَّ وَحَلَّلْتُهُ، مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا الْجَوْرَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي أَمْرِ الْوَاحِدَةِ بِأَنْ تَقْدِرُوا عَلَى إِنْصَافِهَا، فَلَا تَنْكِحُوهَا، وَلَكِنْ تَسَرَّوْا مِنَ الْمَمَالِيكِ، فَإِنَّكُمْ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ أَمْلَاكَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَلَا يَلْزَمُكُمْ لَهُنَّ مِنَ الْحُقُوقِ كَالَّذِي يَلْزَمُكُمْ لِلْحَرَائِرِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْرَبَ لَكُمْ إِلَى السَّلَامَةِ مِنَ الْإِثْمِ وَالْجَوْرِ، فَفِي الْكَلَامِ إِذْ كَانَ الْمَعْنَى مَا قُلْنَا، مَتْرُوكٌ اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ عَنْ ذِكْرِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى فَتَعْدِلُوا فِيهَا، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا فِي حُقُوقِ النِّسَاءِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَلَا تَتَزَوَّجُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا أَمِنْتُمْ مَعَهُ الْجَوْرَ، مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَوَاحِدَةً، وَإِنْ خِفْتُمْ فِي الْوَاحِدَةِ فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَتَرَكَ ذِكْرَ قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ
٦ ‏/ ٣٦٨
فَخَافُوا أَنْ تُقْسِطُوا فِي حُقُوقِ النِّسَاءِ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣]؟ قِيلَ: قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣] غَيْرَ أَنَّ الْمَعْنَىَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّ مَعْنَى الْإِقْسَاطِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعَدْلُ وَالْإِنْصَافُ، وَأَنَّ الْقَسْطَ الْجَوْرُ وَالْحَيْفُ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا الْيَتَامَى، فَإِنَّهَا جَمْعٌ لِذُكْرَانِ الْأَيْتَامِ وَإِنَاثِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَانْكِحُوا مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ دُونَ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهُنَّ
٦ ‏/ ٣٦٩
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] «مَا حَلَّ لَكُمْ»
٦ ‏/ ٣٦٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ⦗٣٧٠⦘ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «مَا حَلَّ لَكُمْ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] وَلَمْ يَقُلْ: فَانْكِحُوا مَنْ طَابَ لَكُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ مَا فِي غَيْرِ النَّاسِ؟ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: فَانْكِحُوا نِكَاحًا طَيِّبًا
٦ ‏/ ٣٦٩
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] «فَانْكِحُوا النِّسَاءَ نِكَاحًا طَيِّبًا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. فَالْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣] الْفِعْلُ دُونَ أَعْيَانِ النِّسَاءِ وَأَشْخَاصِهِنَّ، فَلِذَلِكَ قِيلَ «مَا» وَلَمْ يَقُلْ «مَنْ»، كَمَا يُقَالُ: خُذْ مِنْ رَقِيقِي مَا أَرَدْتَ إِذَا عَنَيْتَ خُذْ مِنْهُمْ إِرَادَتَكَ، وَلَوْ أَرَدْتَ خُذِ الَّذِي تُرِيدُ مِنْهُمْ لَقُلْتَ: خُذْ رَقِيقِي مَنْ أَرَدْتَ مِنْهُمْ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] بِمَعْنَى: أَوْ مَلَكَ أَيْمَانُكُمْ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ ⦗٣٧١⦘ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] فَلْيَنْكِحْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، كَمَا قِيلَ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤] وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّمَا تُرِكَ إِجْرَاؤُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَعْدُولَاتٌ عَنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ، كَمَا عُدِلَ عُمَرُ عَنْ عَامِرٍ وَزُفَرُ عَنْ زَافِرٍ فَتُرِكَ إِجْرَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ أُحَادُ وَثَنَاءُ وَمَوْحَدُ وَمَثْنَى وَمْثَلَثُ وَمْرَبَعُ، لَا يَجْرِي ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنَ الْعُدُولِ عَنْ وُجُوهِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، مَا قِيلَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَسُورَةِ فَاطِرٍ: مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، يُرَادُ بِهِ الْجَنَاحُ، وَالْجَنَاحُ ذَكَرٌ، وَأَنَّهُ أَيْضًا لَا يُضَافُ إِلَى مَا يُضَافُ إِلَيْهِ الثَّلَاثَةُ وَالثُّلَاثُ، وَأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لَا تَدْخُلُهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْعَدَدِ مَعْرِفَةٌ، وَلَوْ كَانَ نَكِرَةً لَدَخَلَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَأُضِيفَ كَمَا يُضَافُ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ أَبِي مُقْبِلٍ:
[البحر الطويل]

⦗٣٧٢⦘ تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِ … أُحَادَ وَمَثْنَى أصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ
فَرَدَّ أُحَادَ وَمَثْنَى عَلَى النُّعَرَاتِ وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، وَقَدْ تَجْعَلُهَا الْعَرَبُ نَكِرَةً فَتُجْرِيهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]

قَتَلْنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ مَثْنَى وَمَوْحَدٍ … بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَرَ خَامِسِ
وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ ثَنَاءَ وَأُحَادَ غَيْرُ جَارِيَةٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل]

وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُنَاءَ وَمَوْحَدًا … وَتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]

⦗٣٧٣⦘ مَنَتْ لَكَ أَنْ تُلَاقِيَنِي الْمَنَايَا … أُحَادَ أُحَادَ فِي شَهْرٍ حَلَالِ
وَلَمْ يُسْمَعْ مِنَ الْعَرَبِ صَرْفُ مَا جَاوَزَ الرُّبَاعَ وَالْمَرْبَعَ عَنْ جِهَتِهِ، لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا خُمَاسٌ وَلَا الَمْخَمَسُ، وَلَا السِّبَاعُ وَلَا الْمَسْبَعُ وَكَذَلِكَ مَا فَوْقَ الرُّبَاعِ، إِلَّا فِي بَيْتٍ لِلْكُمَيْتِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى لَهُ فِي الْعَشْرَةِ عُشَارٌ وَهُوَ قَوْلُهُ:
[البحر المتقارب]

فَلَمْ يَسْتَرْيِثُوكَ حَتَّى رَمَيْ … تَ فَوْقَ الرِّجَالِ خِصَالًا عُشَارَا
يُرِيدُ عَشْرًا عَشْرًا، يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ غَيْرُ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّ نَصْبَ وَاحِدَةٍ، بِمَعْنَى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِيمَا يَلْزَمُكُمْ مِنَ الْعَدْلِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مِنَ النِّسَاءِ عِنْدَكُمْ بِنِكَاحٍ فِيمَا أَوْجَبُهُ اللَّهُ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ، فَانْكِحُوا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، وَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ جَاءَتْ فِي ذَلِكَ بِالرَّفْعِ كَانَ جَائِزًا بِمَعْنَى: فَوَاحِدَةٌ كَافِيَةٌ، أَوْ فَوَاحِدَةٌ مُجْزِئَةٌ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] وَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلَالَ لَكُمْ مِنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ نِكَاحُ أَرْبَعٍ، فَكَيْفَ قِيلَ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] وَذَلِكَ فِي الْعَدَدِ تِسْعٌ؟ قِيلَ: إِنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ، إِمَّا مَثْنَى إِنْ أَمِنْتُمُ الْجَوْرَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِيمَا يَجِبُ لَهُمَا عَلَيْكُمْ؛ وَإِمَّا ثَلَاثٌ إِنْ لَمْ تَخَافُوا ⦗٣٧٤⦘ ذَلِكَ؛ وَإِمَّا أَرْبَعٌ إِنْ أَمِنْتُمْ ذَلِكَ فِيهِنَّ، يَدُلَّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣] لِأَنَّ الْمَعْنَى: فَإِنْ خِفْتُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ فَانْكِحُوا وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الْوَاحِدَةِ، فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْإِلْزَامِ حَتَّى تَقُومَ حُجَّةٌ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالْإِرْشَادِ وَالْإِعْلَامِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] وَذَلِكَ أَمْرٌ، فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ وَالْإِيجَابِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣] فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُهُ مَخْرَجَ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الدَّلَالَةِ عَلَى النَّهْي عَنْ نِكَاحِ مَا خَافَ النَّاكِحُ الْجَوْرَ فِيهِ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ، لَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ بِالنِّكَاحِ، فَإِنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَتَحَرَّجْتُمْ فِيهِنَّ، فَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِي النِّسَاءِ، فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا أَمِنْتُمُ الْجَوْرَ فِيهِ مِنْهُنَّ، مَا أَحْلَلْتُهُ لَكُمْ مِنَ الْوَاحِدَةِ إِلَى الْأَرْبَعِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنَّ الْعَرَبَ تُخْرِجُ الْكَلَامَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهَا فِيهِ النَّهْي أَوِ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُكَفِّرْ﴾ [الكهف: ٢٩] وَكَمَا قَالَ: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٥٥] فَخَرَجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الْأَمْرِ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ، وَالزَّجْرُ وَالنَّهْي، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ⦗٣٧٥⦘: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] بِمَعْنَى النَّهْي، فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ. وَعَلَى النَّحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

٦ ‏/ ٣٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «فَإِنْ خِفْتَ أَلَّا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»
٦ ‏/ ٣٧٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] «السَّرَارِيُّ»
٦ ‏/ ٣٧٥
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] «فَإِنْ خِفْتَ أَلَّا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»
٦ ‏/ ٣٧٥
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «فِي الْمُجَامَعَةِ وَالْحُبِّ»
٦ ‏/ ٣٧٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣]⦗٣٧٦⦘ يَعْنِي بِقَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي مَثْنَى أَوْ ثُلَاثٍ أَوْ رُبَاعٍ فَنَكَحْتُمْ وَاحِدَةً، أَوْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي الْوَاحِدَةِ فَتَسَرَّرْتُمْ مِلْكَ أَيْمَانِكُمْ؛ فَهُوَ أَدْنَى، يَعْنِي أَقْرَبَ أَلَّا تَعُولُوا، يَقُولُ: أَنْ لَا تَجُورُوا وَلَا تَمِيلُوا، يُقَالُ مِنْهُ: عَالَ الرَّجُلُ فَهُوَ يَعُولُ عَوْلًا وَعِيَالَةً، إِذَا مَالَ وَجَارَ، وَمِنْهُ عَوْلُ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ سِهَامَهَا إِذَا زَادَتْ دَخَلَهَا النَّقْصُ؛ وَأَمَّا مِنَ الْحَاجَةِ، فَإِنَّمَا يُقَالُ: عَالَ الرَّجُلُ عَيْلَةً، وَذَلِكَ إِذَا احْتَاجَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر] وَمَا يَدْرِي الْفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ … وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
بِمَعْنَى يُفْتَقَرُ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٦ ‏/ ٣٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «الْعَوْلُ: الْمَيْلُ فِي النِّسَاءِ»
٦ ‏/ ٣٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثني حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «لَا تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] «أَنْ لَا تَمِيلُوا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «أَنْ لَا تَمِيلُوا» ثُمَّ قَالَ: «أَمَا سَمِعْتَ إِلَى قَوْلِ أَبِي طَالِبٍ:
[البحر الطويل] بِمِيزَانِ قِسْطٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ
»
٦ ‏/ ٣٧٧
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ حُرَيْثٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «أَنْ لَا تَمِيلُوا» قَالَ: وَأَنْشَدَ بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ زَعَمَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَهُ: «
[البحر الطويل] بِمِيزَانِ قِسْطٍ لَا يُخِسُّ شَعِيرَةً … وَوَازِنِ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ
» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ:
⦗٣٧٨⦘ بِمِيزَانِ صِدْقٍ لَا يَغُلُّ شَعِيرَةً … لَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ عَائِلِ
٦ ‏/ ٣٧٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «أَلَّا تَمِيلُوا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٧٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي شَيْءٍ عَاتَبُوهُ عَلَيْهِ فِيهِ: «إِنِّي لَسْتُ بِمِيزَانٍ لَا أَعُولُ»
٦ ‏/ ٣٧٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «لَا تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٨
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] «أَدْنَى أَنْ لَا تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٨
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «أَلَّا تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] يَعْنِي: «أَلَّا تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «أَلَّا تَجُورُوا» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَعَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٧٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿⦗٣٨٠⦘ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] قَالَ: «تَمِيلُوا»
٦ ‏/ ٣٧٩
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] «ذَلِكَ أَقَلُّ لِنَفَقَتِكَ الْوَاحِدَةِ، أَقَلُّ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ، وَجَارِيَتُكَ أَهْوَنُ نَفَقَةً مِنْ حُرَّةٍ» ﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] «أَهْوَنُ عَلَيْكَ فِي الْعِيَالِ»
٦ ‏/ ٣٨٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَعْطُوا النِّسَاءَ مُهُورَهُنَّ عَطِيَّةً وَاجِبَةٌ، وَفَرِيضَةً لَازِمَةً؛ يُقَالُ مِنْهُ: نَحَلَ فُلَانٌ فُلَانًا كَذَا، فَهُوَ يَنْحَلُهُ نِحْلَةً وَنُحْلًا
٦ ‏/ ٣٨٠
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] يَقُولُ: «فَرِيضَةً»
٦ ‏/ ٣٨٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] «يَعْنِي بِالنِّحْلَةِ: الْمَهْرَ»
٦ ‏/ ٣٨٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «فَرِيضَةً مُسَمَّاةً»
٦ ‏/ ٣٨٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «النِّحْلَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْوَاجِبُ يَقُولُ: لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا بِشَيْءٍ وَاجِبٍ لَهَا صَدَقَةً، يُسَمِّيهَا لَهَا وَاجِبَةً، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا بِصَدَاقٍ وَاجِبٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ كَذِبًا بِغَيْرِ حَقٍّ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] أَوْلِيَاءَ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ صَدُقَاتِهِنَّ
٦ ‏/ ٣٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا زَوَّجَ أَيِّمَةً أَخَذَ صَدَاقَهَا دُونَهَا، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْ ذَلِكَ» وَنَزَلَتْ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَاءِ النِّسَاءَ، بِأَنْ يُعْطِي الرَّجُلُ أُخْتَهُ الرَّجُلَ، عَلَى أَنْ يُعْطِيهَ الْآخَرُ أُخْتَهُ، عَلَى أَنَّ لَا كَثِيرَ مَهْرٍ بَيْنَهُمَا، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ
٦ ‏/ ٣٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: زَعَمَ حَضْرَمِيٌّ «أَنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُعْطِي هَذَا الرَّجُلُ أُخْتَهُ وَيَأْخُذُ أُخْتَ الرَّجُلِ، وَلَا
٦ ‏/ ٣٨١
يَأْخُذُونَ كَثِيرَ مَهْرٍ» فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ التَّأْوِيلَ الَّذِي قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى ابْتَدَأَ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ بِخِطَابِ النَّاكِحِينَ النِّسَاءَ، وَنَهَاهُمْ عَنْ ظُلْمِهِنِ وَالْجَوْرِ عَلَيْهِنَّ، وَعَرَّفَهُمْ سَبِيلَ النَّجَاةِ مِنْ ظلمهنِ؛ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ قَدْ صُرِفَ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] هُمُ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾ [النساء: ٤] وَأَنَّ مَعْنَاهُ: وَآتُوا مِنْ نَكَحْتُمْ مِنَ النِّسَاءِ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَوَّلِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] وَلَمْ يَقُلْ: فَانْكِحُوا، فَيَكُونُ قَوْلِهِ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾ [النساء: ٤] مَصْرُوفًا إِلَى أَنَّهُ مَعْنَيٌّ بِهِ أَوْلِيَاءُ النِّسَاءِ دُونَ أَزْوَاجِهِنَّ، وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ أَزْوَاجَ النِّسَاءِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَالْمُسَمَّى لَهُنَّ الصَّدَاقُ أَنْ يُؤْتُوهُنَّ صَدُقَاتِهِنَّ دُونَ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِمَّنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ صَدَاقٌ
٦ ‏/ ٣٨٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: فَإِنَّ وَهْبَ لَكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ نِسَاؤُكُمْ شَيْئًا مِنْ صَدُقَاتِهِنَّ، طَيِّبَةً بِذَلِكَ أَنْفُسِهِنَّ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا
٦ ‏/ ٣٨٢
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا ⦗٣٨٣⦘ عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ، مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «الْمَهْرُ»
٦ ‏/ ٣٨٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَارَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «الصَّدَقَاتُ»
٦ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمِ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ، مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «الْأَزْوَاجُ»
٦ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: «أَكَلْتَ مِنَ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ؟» قُلْتُ: مَا ذَاكَ؟ قَالَ: «امْرَأَتُكَ أَعْطَتْكَ مِنْ صَدَاقِهَا»
٦ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عَلْقَمَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، مِنْ شَيْءٍ أَعْطَتْهُ امْرَأَتُهُ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ غَيْرِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ: «ادْنُ، فَكُلْ مِنَ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ»
٦ ‏/ ٣٨٣
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ، مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] يَقُولُ: «إِذَا كَانَ غَيْرَ إِضْرَارٍ وَلَا خَدِيعَةٍ، فَهُوَ هَنِيءٌ مَرِيءٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثناؤُهُ»
٦ ‏/ ٣٨٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «الصَّدَاقُ» ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤]
٦ ‏/ ٣٨٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤]
٦ ‏/ ٣٨٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: زَعَمَ حَضْرَمِيُّ «أَنَّ أُنَاسًا، كَانُوا يَتَأَثَّمُونَ أَنْ يَرْجِعَ أَحَدُهُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا سَاقَ إِلَى امْرَأَتِهِ» فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤]
٦ ‏/ ٣٨٤
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] يَقُولُ: «مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا فِي غَيْرِ كُرْهٍ أَوْ هَوَانٍ، فَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ أَنْ تَأْكُلَهُ هَنِيئًا مَرِيئًا» ⦗٣٨٥⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَوْلِيَاءُ النِّسَاءِ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنْ طَابَتْ أَنْفُسُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي إِلَيْكُمْ عِصْمَةُ نِكَاحِهِنَّ بِصَدُقَاتِهِنَّ نَفْسًا، فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا
٦ ‏/ ٣٨٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا سَيَّارٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَمَدَ إِلَى صَدَاقِهَا فَأَخَذَهُ، قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَوْلِيَاءِ»: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، التَّأْوِيلُ الَّذِي قُلْنَا وَأَنَّ الْآيَةَ مُخَاطَبٌ بِهَا الْأَزْوَاجُ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ الْآيَةِ مُبْتَدَأٌ بِذِكْرِهِمْ، وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] فِي سِيَاقِهِ. وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ قِيلَ: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَإِنْ طَابَتْ لَكُمْ أَنْفُسُهُنَّ بِشَيْءٍ؟ وَكَيْفَ وَحُدَّتَ النَّفْسَ وَالْمَعْنَى لِلْجَمِيعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] قِيلَ: أَمَّا نَقْلُ فِعْلِ النُّفُوسِ إِلَى أَصْحَابِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَفِيضُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ كَلَامَهَا الْمَعْرُوفِ: ضِقْتُ بِهَذَا الْأَمْرِ ذِرَاعًا وَذَرْعًا، وَقَرَرْتُ بِهَذَا الْأَمْرِ عَيْنًا، وَالْمَعْنَى: ضَاقَ بِهِ ذَرْعِي، وَقَرَّتْ بِهِ عَيْنِي، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]

⦗٣٨٦⦘ إِذَا التَّيَّازُ ذُو الْعَضَلَاتِ قُلْنَا … إِلَيْكَ إِلَيْكَ ضَاقَ بِهَا ذِرَاعَا
فَنَقَلَ صِفَةَ الذِّرَاعِ إِلَى رَبِّ الذِّرَاعِ، ثُمَّ أَخْرَجَ الذِّرَاعَ مُفَسِّرَةً لِمَوْقِعِ الْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ وَحَّدَ النَّفْسَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] إِذْ كَانَتِ النَّفْسُ مُفَسِّرِةً لِمَوْقِعِ الْخَبَرِ وَأَمَّا تَوْحِيدُ النَّفْسِ مِنَ النُّفُوسِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْهَوَى، وَالْهَوَى يَكُونُ جَمَاعَةً، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]

بِهَا جِيَفُ الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا … فَبِيضٌ وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ
وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
[البحر الرجز]

فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شُجِينَا
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: جَائِزٌ فِي النَّفْسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْجَمْعُ وَالتَّوْحِيدُ؛ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا وَأَنْفُسًا، وَضِقْتُ بِهِ ذِرَاعًا وَذَرْعًا وَأَذْرُعًا؛ لِأَنَّهُ ⦗٣٨٧⦘ مَنْسُوبٌ إِلَيْكَ، وَإِلَى مَنْ تُخْبِرُ عَنْهُ، فَاكَتْفَىَ بِالْوَاحِدِ عَنِ الْجَمْعِ لِذَلِكَ، وَلَمْ يَذْهَبِ الْوَهْمُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى جَمْعٍ لِأَنَّ قَبْلَهُ جَمْعًا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ النَّفْسَ وَقَعَ مَوْقِعَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظِ الْوَاحِدِ مُؤَدِّيَةً مَعْنَاهُ إِذَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمْعِ عَنِ الْجَمْعِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿هَنِيئًا﴾ [النساء: ٤] فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَنَّأْتُ الْبَعِيرَ بِالْقَطِرَانِ: إِذَا جَرِبَ فَعُولِجَ بِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]

مُتَبَذِّلًا تَبْدُوَ مَحَاسِنُهُ … يَضَعُ الْهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْبَ
فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] فَكُلُوهُ دَوَاءً شَافِيًا، يُقَالُ مِنْهُ: هَنَأَنِي الطَّعَامُ وَمَرَأَنِي: أَيْ صَارَ لِي دَوَاءً وِعِلَاجًا شَافِيًا، وَهَنِئَنِي وَمَرِئَنِي بِالْكَسْرِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُونَ يَهْنَأَنِي وَيَمْرَأَنِي، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ هَنَّأَنِي، يَقُولُونَ: يُهَنِّئُنِي ويَمُرِّئُنِي، فَإِذَا أَفْرَدُوا، قَالُوا: قَدْ أَمْرَأَنِي هَذَا الطَّعَامُ إِمْرَاءً، وَيُقَالُ: ⦗٣٨٨⦘ هَنَأْتُ الْقَوْمَ: إِذَا عُلْتُهُمْ، سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّمَا سُمِّيتَ هَانِئًا لِتَهْنَأَ، بِمَعْنَى: لِتَعُولَ وَتَكْفِي

٦ ‏/ ٣٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء: ٥] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السُّفَهَاءِ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ جَلَّ ثناؤُهُ عِبَادَهُ أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ
٦ ‏/ ٣٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «الْيَتَامَى وَالنِّسَاءُ»
٦ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] أَمْوَالَكُمْ قَالَ: «لَا تُعْطُوا الصِّغَارَ وَالنِّسَاءَ»
٦ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ»
٦ ‏/ ٣٨٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «النِّسَاءُ وَالصَّغَارُ، وَالنِّسَاءُ أَسْفَهُ السُّفَهَاءِ»
٦ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «السُّفَهَاءُ: ابْنُكُ السَّفِيهُ وَامْرَأَتُكَ السَّفِيهَةُ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ:»اتَّقُوا اللَّهَ فِي الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ “
٦ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيِّ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: يَرُدُّهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ»
٦ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] «أَمَّا السُّفَهَاءُ: فَالْوَلَدُ وَالْمَرْأَةُ»
٦ ‏/ ٣٨٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] يَعْنِي بِذَلِكَ: «وَلَدُ الرَّجُلِ وَامْرَأَتُهُ، وَهِيَ أَسْفَهُ السُّفَهَاءِ»
٦ ‏/ ٣٨٩
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «السُّفَهَاءُ: الْوَلَدُ وَالنِّسَاءُ أَسْفَهُ السُّفَهَاءِ، فَيَكُونُوا عَلَيْكُمْ أَرْبَابًا»
٦ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «أَوْلَادُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ»
٦ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ»
٦ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ»
٦ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَنْبَسَةَ، عَنِ الْحَكَمِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ»
٦ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] «أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا الْمَالِ أَنْ يُخْزَنَ فَيُحْسَنَ خِزَانَتُهُ، وَلَا يُمَلِّكَهُ الْمَرْأَةَ السَّفِيهَةَ وَالْغُلَامَ السَّفِيهَ»
٦ ‏/ ٣٩٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: «النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ»
٦ ‏/ ٣٩١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «امْرَأَتَكَ وَبَنِيكَ، وَقَالَ: السُّفَهَاءُ: الْوِلْدَانُ وَالنِّسَاءُ أَسْفَهُ السُّفَهَاءِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ السُّفَهَاءُ: الصِّبْيَانُ خَاصَّةً
٦ ‏/ ٣٩١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «هُمُ الْيَتَامَى»
٦ ‏/ ٣٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: ﴿السُّفَهَاءَ﴾ [البقرة: ١٣] «الْيَتَامَى»
٦ ‏/ ٣٩١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] يَقُولُ: «لَا تَنْحِلُوا الصِّغَارَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ السُّفَهَاءَ مِنْ وَلَدِ الرَّجُلِ
٦ ‏/ ٣٩١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «لَا تُعْطِ وَلَدَكَ السَّفِيهَ مَالَكَ فَيُفْسِدَهُ الَّذِي هُوَ قِوَامُكَ بَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى»
٦ ‏/ ٣٩٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] يَقُولُ: «لَا تُسَلِّطِ السَّفِيهَ مِنْ وَلَدِكَ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: نَزَلَ ذَلِكَ فِي السُّفَهَاءِ، وَلَيْسَ الْيَتَامَى مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ»
٦ ‏/ ٣٩٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخَلْقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، وَرَجُلٌ أَعْطَى مَالَهُ سَفِيهًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥]، وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٍ، فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ»
٦ ‏/ ٣٩٢
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] الْآيَةَ، قَالَ: «لَا تُعْطِ السَّفِيهَ مِنْ وَلَدِكَ رَأْسًا وَلَا حَائِطًا وَلَا شَيْئًا هُوَ لَكَ قَيِّمًا مِنْ مَالِكَ» ⦗٣٩٣⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ السُّفَهَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ النِّسَاءُ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ
٦ ‏/ ٣٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: زَعَمَ حَضْرَمِيُّ «أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ فَدَفَعَ مَالَهُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَوَضَعَتْهُ فِي غَيْرِ الْحَقِّ، فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥]»
٦ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «النِّسَاءُ»
٦ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «هُنَّ النِّسَاءُ»
٦ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «نَهَى الرِّجَالَ أَنْ يُعْطُوا النِّسَاءَ أَمْوَالَهُمْ، وَهُنَّ سُفَهَاءُ مَنْ كُنَّ أَزْوَاجًا أَوْ أُمَّهَاتٍ أَوْ بَنَاتٍ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْمَرْأَةُ»
٦ ‏/ ٣٩٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «النِّسَاءُ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهَاءِ»
٦ ‏/ ٣٩٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ، قَالَ: مَرَّتِ امْرَأَةٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَهَا شَارَةٌ وَهَيْئَةٌ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ عُمَرَ: «﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥]» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] فَلَمْ يُخَصِّصْ سَفِيهًا دُونَ سَفِيهٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤْتِيَ سَفِيهًا مَالَهُ صَبِيًّا صَغِيرًا كَانَ أَوْ رَجُلًا كَبِيرًا ذِكْرًا كَانَ أَوْ أُنْثًى، وَالسَّفِيهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مَالَهُ، هُوَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَجْرَ بِتَضْيِيعِهِ مَالَهُ وَفَسَادِهِ وَإِفْسَادِهِ وَسُوءِ تَدْبِيرِهِ ذَلِكَ. وَإِنَّا قُلْنَا مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] هُوَ مَنْ وَصَفْنَا دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَتْلُوهَا: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦] فَأَمَرَ أَوْلِيَاءَ الْيَتَامَى بِدَفْعِ أَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ وَأُونِسَ مِنْهُمُ الرُّشْدُ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْيَتَامَى الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، فَلَمْ يُخَصَّصْ بِالْأَمْرِ بِدَفْعِ مَا لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ الذُّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَا الْإِنَاثَ دُونَ الذُّكُورِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِمَعْلُومٍ أَنَّ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِدَفْعِهِمْ أَمْوَالَهُمْ إِلَيْهِمْ، وَأُجِيزَ لِلْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَتُهُمْ، وَمُعَامَلَتُهُمْ غَيْرُ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِمَنْعِهِمْ أَمْوَالَهُمْ، وَحَظَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُدَايَنَتَهُمْ وَمُعَامَلَتَهُمْ،
٦ ‏/ ٣٩٤
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيِّنٌ أَنَّ السُّفَهَاءَ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالَهُمْ، هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ الْحَجْرَ، وَالْمُسْتَوْجِبُونَ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْوَالُهُمْ، وَهُمْ مَنْ وَصَفْنَا صِفَتَهُمْ قَبْلُ، وَأَنَّ مَنْ عَدَا ذَلِكَ، فَغَيْرُ سَفِيهٍ، لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ قَدْ بَلَغَ، وَأُونِسَ رُشْدُهُ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِالسُّفَهَاءِ النِّسَاءَ خَاصَّةٌ، فَإِنَّهُ جَعَلَ اللُّغَةَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تَجْمَعُ فَعِيلًا عَلَى فُعَلَاءَ، إِلَّا فِي جَمْعِ الذُّكُورِ، أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ؛ وَأَمَّا إِذَا أَرَادُوا جَمْعَ الْإِنَاثِ خَاصَّةً لَا ذُكْرَانَ مَعَهُمْ، جَمَعُوهُ عَلَى فَعَائِلَ وَفَعِيلَاتٍ، مِثْلَ غَرِيبَةٍ تُجْمَعُ غَرَائِبَ وَغَرِيبَاتٍ؛ فَأَمَّا الْغُرَبَاءُ فَجَمْعُ غَرِيبٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ قَبْلُ أَيُّهَا الرُّشَدَاءُ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي تَمْلِكُونَهَا، فَتُسَلِّطُوهُمْ عَلَيْهَا فَيُفْسِدُوهَا وَيُضَيِّعُوهَا، وَلَكِنِ ارْزُقُوهُمْ أَنْتُمْ مِنْهَا، إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَلْزَمُكُمْ نَفَقَتُهُ، وَاكْسُوهُمْ، وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، قَتَادَةُ، وَحَضْرَمِيُّ، وَسَنَذْكُرُ قَوْلَ الْآخَرِينَ الَّذِينَ لَمْ يُذْكَرْ قَوْلُهُمْ فِيمَا مَضَى قَبْلُ
٦ ‏/ ٣٩٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا يَقُولُ: «لَا تُعْطِ امْرَأَتَكَ وَوَلَدَكَ مَالَكَ فَيَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْكَ، وَأَطْعِمْهُمْ ⦗٣٩٦⦘ مِنْ مَالِكَ وَاكْسُهُمْ»
٦ ‏/ ٣٩٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا يَقُولُ: «لَا تُسَلِّطِ السَّفِيهَ مِنْ وَلَدِكِ عَلَى مَالِكَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْهُ وَيَكْسُوَهُ»
٦ ‏/ ٣٩٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «لَا تُعْطِ السَّفِيهَ مِنْ مَالِكَ شَيْئًا هُوَ لَكَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَهُمْ؛ وَلَكِنَّهُ أُضِيفَ إِلَى الْوُلَاةِ لِأَنَّهُمْ قُوَّامُهَا وَمُدَبِّرُوهَا
٦ ‏/ ٣٩٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «هُمُ الْيَتَامَى» ﴿أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «أَمْوَالَهُمْ» بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] وَقَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] أَمْوَالُ الْمَنْهِيِّينَ
٦ ‏/ ٣٩٦
عَنْ أَنْ يُؤْتُوهُمْ ذَلِكَ، وَأَمْوَالُ السُّفَهَاءِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] غَيْرُ مَخْصُوصٍ مِنْهَا بَعْضُ الْأَمْوَالِ دُونَ بَعْضٍ، وَلَا تَمْنَعُ الْعَرَبُ أَنْ تُخَاطِبَ قَوْمًا خِطَابًا، فَيَخْرُجَ الْكَلَامُ بَعْضُهُ خَبَرٌ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُ عَنْ غَيْبٍ، وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يَقُولُوا: أَكَلْتُمْ يَا فُلَانُ أَمْوَالَكُمْ بِالْبَاطِلِ فَيُخَاطِبُ الْوَاحِدَ خِطَابَ الْجَمْعِ بِمَعْنَى أَنَّكَ وَأَصْحَابْكَ، أَوْ وَقَوْمَكَ أَكَلْتُمْ أَمْوَالَكُمْ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] مَعْنَاهُ: لَا تُؤْتُوا أَيُّهَا النَّاسُ سُفَهَاءَكُمْ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي بَعْضُهَا لَكُمْ وَبَعْضُهَا لَهُمْ، فَتُضَيِّعُوهَا. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ عَمَّ بِالنَّهْيِ عَنْ إِيتَاءِ السُّفَهَاءِ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْهَا شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، كَانَ بَيِّنًا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] إِنَّمَا هُوَ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَهُمْ قِيَامًا، وَلَكِنَّ السُّفَهَاءَ دَخَلَ ذَكَرُهُمْ فِي ذِكْرِ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ﴾ [النساء: ٥] وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] فَإِنَّ قِيَامًا وَقِيمًا وَقِوَامًا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا الْقِيَامُ أَصْلُهُ الْقَوَامُ، غَيْرَ أَنَّ الْقَافَ الَّتِي قَبْلَ الْوَاوِ لَمَّا كَانَتْ مَكْسُورَةً، جُعِلَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، كَمَا يُقَالُ: صُمْتُ صِيَامًا، وَحُلْتُ حِيَالًا، وَيُقَالُ مِنْهُ: فُلَانٌ قِوَامُ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقِيَامُ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَ بَعْضُهُمُ: (الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَمًا) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْيَاءِ بِغَيْرِ أَلْفٍ، وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: ﴿قِيَامًا﴾ [آل عمران: ١٩١] بِأَلْفٍ،
٦ ‏/ ٣٩٧
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي نَخْتَارُهَا: ﴿قِيَامًا﴾ [آل عمران: ١٩١] بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي قِرَاءَةِ أَمْصَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى غَيْرَ خَطَأٍ وَلَا فَاسِدٍ، وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا مَا اخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقِرَاءَاتِ إِذَا اخْتَلَفَتْ فِي الْأَلْفَاظِ وَاتَّفَقَتْ فِي الْمَعَانِي، فَأَعْجَبُهَا إِلَيْنَا مَا كَانَ أَظْهَرَ وَأَشْهَرَ فِي قِرَاءَةِ أَمْصَارِ الْإِسْلَامِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿قِيَامًا﴾ [آل عمران: ١٩١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٦ ‏/ ٣٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] «الَّتِي هِيَ قِوَامُكَ بَعْدَ اللَّهِ»
٦ ‏/ ٣٩٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] «فَإِنَّ الْمَالَ هُوَ قِيَامُ النَّاسِ قِوَامُ مَعَايشِهِمْ، يَقُولُ: كُنْتَ أَنْتَ قَيِّمَ أَهْلِكَ، فَلَا تُعْطِ امْرَأَتَكَ وَوَلَدَكَ مَالَكَ، فَيَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْكَ»
٦ ‏/ ٣٩٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] «يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: لَا تَعْمِدْ إِلَى مَالِكَ وَمَا خَوَّلَكَ اللَّهُ وَجَعَلَهُ لَكَ مَعِيشَةً، فَتُعْطِيَهُ امْرَأَتَكَ أَوْ بَنِيكَ ثُمَّ تَنْظُرَ إِلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَكِنْ أَمْسِكْ مَالَكَ وَأَصْلِحْهُ، وَكُنْ أَنْتَ الَّذِي تُنْفِقُ عَلَيْهِمْ فِي كِسْوَتِهِمْ وَرِزْقِهِمْ وَمُؤْنَتِهِمْ» قَالَ: وَقَوْلُهُ: ﴿قِيَامًا﴾ [آل عمران: ١٩١] «بِمَعْنَى قِوَامِكُمْ فِي ⦗٣٩٩⦘ مَعَايِشِكُمْ»
٦ ‏/ ٣٩٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَوْلُهُ: ﴿قِيَامًا﴾ [آل عمران: ١٩١] قَالَ: «قِيَامُ عَيْشِكَ»
٦ ‏/ ٣٩٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ شَرُودٍ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: ﴿الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] بِالْأَلْفِ، يَقُولُ: «قِيَامُ عَيْشِكَ»
٦ ‏/ ٣٩٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] قَالَ: «لَا تُعْطِ السَّفِيهَ مِنْ وَلَدِكَ شَيْئًا هُوَ لَكَ قِيَمٌ مِنْ مَالِكَ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ؛ فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّمَا عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثناؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] أَوْلِيَاءَ السُّفَهَاءِ، لَا أَمْوَالَ السُّفَهَاءِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مَعْنَى ذَلِكَ: وَارْزُقُوا أَيُّهَا النَّاسُ سُفَهَاءَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ طَعَامَهُمْ، وَمَا لَا بُدَّ ⦗٤٠٠⦘ لَهُمْ مِنْهُ مِنْ مُؤَنِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ قَائِلِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، وَسَنَذْكُرُ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ مِنْ قَائِلِيهِ
٦ ‏/ ٣٩٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «أُمِرُوا أَنْ يَرْزُقُوا سُفَهَاءَهُمْ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
٦ ‏/ ٤٠٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿وَارْزُقُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] قَالَ: يَقُولُ: «أَنْفِقُوا عَلَيْهِمْ»
٦ ‏/ ٤٠٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] يَقُولُ: «أَطْعِمْهُمْ مِنْ مَالِكَ وَاكْسُهُمْ» وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ﴾ [النساء: ٥] أَمْوَالَكُمْ أَمْوَالَ السُّفَهَاءِ أَنْ لَا يُؤْتِيهِمُوهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] وَارْزُقُوا أَيُّهَا الْوُلَاةُ وُلَاةَ أَمْوَالِ سُفَهَاءَكُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، طَعَامَهُمْ وَمَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ مُؤَنِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ. وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ ذَلِكَ. ⦗٤٠١⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَمَّا الَّذِي نَرَاهُ صَوَابًا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] مِنَ التَّأْوِيلِ، فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. فَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٥] وَأَلِّفُواعَلَى سُفَهَائِكُمْ مِنْ أَوْلَادِكُمْ وَنِسَائِكُمُ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْكُمْ نَفَقَتُهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ فِي أَمْوَالِكُمْ، وَلَا تُسَلِّطُوهُمْ عَلَى أَمْوَالِكُمْ فَيُهْلِكُوهَا، وَعَلَى سُفَهَائِكُمْ مِنْهُمْ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْكُمْ نَفَقَتُهُ، وَمِنْ غَيْرِهِمُ الَّذِينَ تَلُونَ أَنْتُمْ أُمُورَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ مُؤَنِهِمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ مِنَ الْحُكْمِ فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْحُجَّةِ، لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مَعَ دَلَالَةِ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ عَلَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …