حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: «هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْحَقِّ ⦗٥٠٣⦘ وَالْبَاطِلِ فَقَرَأَ: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] هَذَا الزَّبَدُ لَا يَنْفَعُ، ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] هَذَا لَا يَنْفَعُ أَيْضًا، قَالَ: وَبَقِيَ الْمَاءُ فِي الْأَرْضِ فَنَفَعَ النَّاسَ، وَبَقِيَ الْحُلِيُّ الَّذِي صَلُحَ مِنْ هَذَا، فَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الرعد: ١٧] وَقَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ»
١٣ / ٥٠٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: «الصَّغِيرُ بِصِغَرِهِ، وَالْكَبِيرُ بِكِبَرِهِ»
١٣ / ٥٠٣
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَضَرَبَ مَثَلَ الْحَقِّ كَمَثَلِ السَّيْلِ الَّذِي يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ، وَضَرَبَ مَثَلَ الْبَاطِلِ كَمَثَلِ الزَّبَدِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ النَّاسَ» وَعَنَى بِقَوْلِهِ ﴿رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧]: عَالِيًا مُنْتَفِخًا، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو رُبُوًّا فَهُوَ رَابٍ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْنَشَزِ مِنَ الْأَرْضِ كَهَيْئَةِ الْأَكَمَةِ: رَابِيَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [الحج: ٥] . وَقِيلَ لِلنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْمَتَاعُ، لِأَنَّهُ يُسْتَمْتَعُ بِهِ، وَكُلُّ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ النَّاسُ فَهُوَ مَتَاعٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر] تَمَتَّعْ يَا مُشَعَّثُ إِنَّ شَيْئًا … سَبَقْتَ بِهِ الْمَمَاتَ هُوَ الْمَتَاعُ
[البحر الوافر] تَمَتَّعْ يَا مُشَعَّثُ إِنَّ شَيْئًا … سَبَقْتَ بِهِ الْمَمَاتَ هُوَ الْمَتَاعُ
١٣ / ٥٠٣
وَأَمَّا الْجُفَاءُ، فَإِنِّي حُدِّثْتُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: يُقَالُ: قَدْ أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ، وَذَلِكَ إِذَا غَلَتْ فَانْصَبَّ زَبَدُهَا، أَوْ سَكَنَتْ فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] تَنْشَفُهُ الْأَرْضُ، وَقَالَ: يُقَالُ: جَفَا الْوَادِي وَأَجْفَى فِي مَعْنَى نَشِفَ، وَانْجَفَى الْوَادِي: إِذَا جَاءَ بِذَلِكَ الْغُثَاءِ، وَغَثَى الْوَادِي فَهُوَ يَغْثَى غَثْيًا وَغَثَيَانًا وَذَكَرَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: جَفَأْتُ الْقِدْرَ أَجْفَؤُهَا: إِذَا أَخْرَجْتُ جُفَاءَهَا، وَهُوَ الزَّبَدُ الَّذِي يَعْلُوهَا، وَأَجْفَأْتُهَا إِجْفَاءً لُغَةً قَالَ: وَقَالُوا: جَفَأْتُ الرَّجُلَ جَفًا: صَرَعْتُهُ. وَقِيلَ: ﴿فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] بِمَعْنَى جَفْئًا، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: جَفَأَ الْوَادِي غُثَاءَهُ، فَخَرَجَ مَخْرَجَ الِاسْمِ وَهُوَ مَصْدَرٌ، كَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي مَصْدَرِ كُلِّ مَا كَانَ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ اجْتَمَعَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ كَالْقُمَاشِ وَالدُّقَاقِ وَالْحُطَامِ وَالْغُثَاءِ، تُخْرِجُهُ عَلَى مَذْهَبِ الِاسْمِ، كَمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ: أَعْطَيْتُهُ عَطَاءً، بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ، وَلَوْ أُرِيدَ مِنَ الْقُمَاشِ الْمَصْدَرُ عَلَى الصِّحَّةِ لَقِيلَ: قَدْ قَمَشْتُهُ قَمْشًا
١٣ / ٥٠٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [الرعد: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمَّا الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للَّهِ فَآمَنُوا بِهِ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، ⦗٥٠٥⦘ وَأَطَاعُوهُ فَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ، وَصَدَّقُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَإِنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ، كَذَلِكَ
١٣ / ٥٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾ [الرعد: ١٨] وَهِيَ الْجَنَّةُ»
١٣ / ٥٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمُ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمَثَلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ﴾ [الرعد: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَالْإِقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَلَمْ يُطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا رَسُولَهُ فَيُصَدِّقُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ، فَلَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْ شَيْءٍ وَمِثْلَهُ مَعَهُ مِلْكًا لَهُمْ ثُمَّ مِثْلُ ذَلِكَ وَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بَدَلًا مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَعِوَضًا لَافْتَدَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ مِنْهُ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ١٨] يَقُولُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا للَّهِ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ: يَقُولُ: لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ كُلِّهَا، فَلَا يَغْفِرُ لَهُمْ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَكِنْ يُعَذِّبُهُمْ عَلَى جَمِيعِهَا، كَمَا
١٣ / ٥٠٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَوْنٌ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، قَالَ: قَالَ لَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: «﴿سُوءُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ١٨] أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ لَهُمْ عَنْ شَيْءٍ»
١٣ / ٥٠٥
حَدَّثني يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: ثني الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: ثني فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يَا فَرْقَدُ «أَتَدْرِي مَا سُوءُ الْحِسَابِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ أَنْ يُحَاسَبَ الرَّجُلُ بِذَنْبِهِ كُلِّهِ، لَا يُغْفَرُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ»
١٣ / ٥٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ: وَمَسْكَنُهُمُ الَّذِي يَسْكُنُونَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَهَنَّمُ ﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٢] يَقُولُ: وَبِئْسَ الْفِرَاشُ وَالْوِطَاءُ جَهَنَّمُ، الَّتِي هِيَ مَأْوَاهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
١٣ / ٥٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَهَذَا الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِيَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ حَقٌّ، فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُصَدِّقُ وَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ، كَالَّذِي هُوَ أَعْمَى فَلَا يَعْرِفُ مَوْقِعَ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ فَرَائِضِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ [الرعد: ١٩] قَالَ: «هَؤُلَاءِ قَوْمٌ انْتَفَعُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَعَقَلُوهُ وَوَعَوْهُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿كَمَنْ هُوَ أَعْمَى﴾ [الرعد: ١٩] قَالَ: عَنِ الْخَيْرِ فَلَا يُبْصِرُهُ»
١٣ / ٥٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يَقُولُ: إِنَّمَا يَتَّعِظُ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَيَعْتَبِرُ بِهَا ذَوُو الْعُقُولِ، وَهِيَ الْأَلْبَابُ، وَاحِدُهَا: لُبٌّ
١٣ / ٥٠٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَونَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّمَا يَتَّعِظُ وَيَعْتَبِرُ بِآيَاتِ اللَّهِ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِوَصِيَّةِ اللَّهِ الَّتِي أَوْصَاهُمْ ﴿وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾ [الرعد: ٢٠] وَلَا يُخَالِفُونَ الْعَهْدَ الَّذِي عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ إِلَى خِلَافِهِ، فَيَعْمَلُوا بِغَيْرِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَيُخَالِفُوا إِلَى مَا نَهَى عَنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ فَبَيَّنَ مَنْ هُمْ فَقَالَ: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾ [الرعد: ٢٠] فَعَلَيْكُمْ بِوَفَاءِ الْعَهْدِ، وَلَا تَنْقُضُوا هَذَا الْمِيثَاقَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى وَقَدَّمَ فِيهِ أَشَدَّ التَّقْدِمَةِ، فَذَكَرَهُ فِي بِضْعٍ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا، نَصِيحَةً لَكُمْ وَتَقَدِمَةً إِلَيْكُمْ وَحُجَّةً عَلَيْكُمْ، وَإِنَّمَا يَعْظُمُ الْأَمْرُ بِمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَالْعَقْلِ، فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ»
١٣ / ٥٠٧
قَالَ قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ ⦗٥٠٨⦘ فِي خُطْبَتِهِ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ»
١٣ / ٥٠٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [الرعد: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ الرَّحِمَ الَّتِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِوَصْلِهَا فَلَا يَقْطَعُونَهَا، ﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ [الرعد: ٢١] يَقُولُ: وَيَخَافُونَ اللَّهَ فِي قَطْعِهَا أَنْ يَقْطَعُوهَا، فَيُعَاقِبُهُمْ عَلَى قَطْعِهَا وَعَلَى خِلَافِهِمْ أَمْرِهِ فِيهَا وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٢١] يَقُولُ: وَيَحْذَرُونَ مُنَاقَشَةَ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي الْحِسَابِ، ثُمَّ لَا يَصْفَحُ لَهُمْ عَنْ ذَنْبٍ، فَهُمْ لِرَهْبَتِهِمْ ذَلِكَ جَادُّونَ فِي طَاعَتِهِ، مُحَافِظُونَ عَلَى حُدُودِهِ، كَمَا
١٣ / ٥٠٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٢١] قَالَ: الْمُنَاقَشَةُ بِالْأَعْمَالِ “
١٣ / ٥٠٨
قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ فَرْقَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «سُوءُ الْحِسَابِ أَنْ يُحَاسِبَ مَنْ لَا يَغْفِرُ لَهُ»
١٣ / ٥٠٨
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٢١] قَالَ: فَقَالَ: «وَمَا سُوءُ الْحِسَابِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا جَوَازَ فِيهِ»
١٣ / ٥٠٩
حَدَّثني ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ فَرْقَدٍ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: “تَدْرِي مَا سُوءُ الْحِسَابِ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: «يُحَاسَبُ الْعَبْدُ بِذَنْبِهِ كُلِّهِ، لَا يُغْفَرُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ»
١٣ / ٥٠٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ، وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [الرعد: ٢٢] عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِ اللَّهِ وَتَرْكِ نَقْضِ الْمِيثَاقِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، ﴿ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ﴾ [الرعد: ٢٢] وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ﴾ [الرعد: ٢٢] طَلَبَ تَعْظِيمِ اللَّهِ، وَتَنْزِيهًا لَهُ أَنْ يُخَالَفَ فِي أَمْرِهِ، أَوْ يَأْتِي أَمْرًا كَرِهَ إِتْيَانَهُ فَيَعْصِيهِ بِهِ، ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٢٧٧] يَقُولُ: وَأَدُّوا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا فِي أَوْقَاتِهَا ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ [الرعد: ٢٢] يَقُولُ: وَأَدُّوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ زَكَاتَهَا الْمَفْرُوضَةَ، وَأَنْفَقُوا مِنْهَا فِي السُّبُلِ الَّتِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالنَّفَقَةِ فِيهَا، سِرًّا فِي خَفَاءٍ، وَعَلَانِيَةً فِي الظَّاهِرِ، كَمَا
١٣ / ٥٠٩
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ [الرعد: ٢٢] يَعْنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ [الرعد: ٢٢] يَقُولُ الزَّكَاةُ»
١٣ / ٥٠٩
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «الصَّبْرُ: الْإِقَامَةُ، ⦗٥١٠⦘ قَالَ: وَقَالَ الصَّبْرُ فِي هَاتَيْنِ، فَصَبْرٌ للَّهِ عَلَى مَا أَحَبَّ وَإِنْ ثَقُلَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَبْدَانِ، وَصَبْرٌ عَمَّا يَكْرَهُ وَإِنْ نَازَعَتْ إِلَيْهِ الْأَهْوَاءُ، فَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مِنَ الصَّابِرِينَ، وَقَرَأَ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٤]»
١٣ / ٥٠٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَدَرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ يَقُولُ: وَيَدْفَعُونَ إِسَاءَةَ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّاسِ، بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، كَمَا
١٣ / ٥١٠
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَدَرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ قَالَ: «يَدْفَعُونَ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ، لَا يُكَافِئُونُ الشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَلَكِنْ يَدْفَعُونَهُ بِالْخَيْرِ»
١٣ / ٥١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْنَا صِفَتَهُمْ هُمُ الَّذِينَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ، يَقُولُ: هُمُ الَّذِينَ أَعْقَبَهُمُ اللَّهُ دَارَ الْجِنَانِ مِنْ دَارِهِمِ الَّتِي لَوْ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ كَانَتْ لَهُمْ فِي النَّارِ، فَأَعْقَبَهُمُ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ هَذِهِ. وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ عَقِيبَ طَاعَتِهِمْ رَبَّهُمْ فِي الدُّنْيَا دَارُ الْجِنَانِ
١٣ / ٥١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ، وَأَزْوَاجِهِمْ، وَذُرِّيَّاتِهِمْ، وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ. سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ [التوبة: ٧٢] تَرْجَمَةٌ عَنْ عُقْبَى الدَّارِ، كَمَا يُقَالُ: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، فَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ الرَّجُلُ الْمَقُولُ لَهُ: نِعْمَ الرَّجُلُ، وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: أُولَئِكَ لَهُمْ عَقِيبَ طَاعَتِهِمْ رَبَّهُمُ الدَّارَ الَّتِي هِيَ جَنَّاتُ عَدْنٍ ⦗٥١١⦘ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: «عَدْنٍ»، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ الَّتِي لَا ظَعْنَ مَعَهَا
١٣ / ٥١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ [الرعد: ٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُهَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْتُ صِفَتَهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ، وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَفَعَلُوا الْأَفْعَالَ الَّتِي ذَكَرَهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ، وَأَزْوَاجِهِمْ﴾ [الرعد: ٢٣] وَهِيَ نِسَاؤُهُمْ، وَأَهْلُوهُمْ، وَذُرِّيَّاتُهُمْ، وَصَلَاحُهُمْ إِيمَانُهُمْ بِاللَّهِ وَاتِّبَاعُهُمْ أَمْرَهُ وَأَمْرَ رَسُولِهِ عليه الصلاة والسلام، كَمَا
١٣ / ٥١١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ﴾ [الرعد: ٢٣] قَالَ: “مَنْ آمَنَ فِي الدُّنْيَا. حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥١١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ﴾ [الرعد: ٢٣] قَالَ: «مَنْ آمَنَ مِنْ آبَائِهِمْ، وَأَزْوَاجِهِمْ، وَذُرِّيَّاتِهِمْ»
١٣ / ٥١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: ٢٤] يَقُولُ: تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْهَا، يَقُولُونَ لَهُمْ: ﴿سَلَامٌ ⦗٥١٢⦘ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: ٢٤] عَلَى طَاعَةِ رَبِّكُمْ فِي الدُّنْيَا، ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٤] وَذُكِرَ أَنَّ لِجَنَّاتِ عَدْنٍ خَمْسَةَ آلَافِ بَابٍ
١٣ / ٥١١
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ قَصْرًا يُقَالُ لَهُ عَدْنٌ، حَوْلَهُ الْبُرُوجُ وَالْمُرُوجُ، فِيهِ خَمْسَةُ آلَافِ بَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ خَمْسَةُ آلَافِ حِبَرَةٍ، لَا يُدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ»
١٣ / ٥١٢
قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ [الرعد: ٢٣] قَالَ: «مَدِينَةُ الْجَنَّةِ، فِيهَا الرُّسُلُ، وَالْأَنْبِيَاءُ، وَالشُّهَدَاءُ، وَأَئِمَّةُ الْهُدَى، وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ بِعَدَدِ الْجَنَّاتِ حَوْلَهَا» وَحُذِفَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الرعد: ٢٤] «يَقُولُونَ» اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، كَمَا حُذِفَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنَا أَبْصَرْنَا﴾
١٣ / ٥١٢
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثني أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مَشْيَخَةِ الْجُنْدِ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْحَجَّاجِ يَقُولُ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِيَكُونُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَعِنْدَهُ سِمَاطَانِ مِنْ خَدَمٍ، وَعِنْدَ طَرَفِ السِّمَاطَيْنِ سُورٌ، ⦗٥١٣⦘ فَيُقْبِلُ الْمَلَكُ يَسْتَأْذِنُ، فَيَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ: مَلَكٌ يَسْتَأْذِنُ، وَيَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ: مَلَكٌ يَسْتَأْذِنُ، وَيَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ لِلَّذِي يَلِيهِ: مَلَكٌ يَسْتَأْذِنُ، حَتَّى يَبْلُغَ الْمُؤْمِنَ فَيَقُولُ: ائْذَنُوا فَيَقُولُ: أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْمُؤْمِنِ ائْذَنُوا، وَيَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ لِلَّذِي يَلِيهِ: ائْذَنُوا، فَكَذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَاهُمُ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ، فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيَدْخُلَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ»
١٣ / ٥١٢
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ»، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ». وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: ٢٤] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ قَالُوا فِي ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِنَا فِيهِ
١٣ / ٥١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: «﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: ٢٤] قَالَ: عَلَى دِينِكُمْ»
١٣ / ٥١٣
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: ٢٤] قَالَ: حِينَ صَبَرُوا للَّهِ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ فَقَدَّمُوهُ، وَقَرَأَ: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ [الإنسان: ١٢] حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإنسان: ٢٢] وَصَبَرُوا عَمَّا كَرِهَ اللَّهُ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ، وَصَبَرُوا عَلَى مَا ثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَأَحَبَّهُ اللَّهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَقَرَأَ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ. سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٤]» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٤] فَإِنَّ مَعْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا
١٣ / ٥١٤
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، فِي قَوْلِهِمْ ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٤] قَالَ: الْجَنَّةُ مِنَ النَّارِ “
١٣ / ٥١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَ﴾ [الحجر: ٥٠] أَمَّا ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٧] وَنَقْضُهُمْ ذَلِكَ: خِلَافُهُمْ أَمْرَ اللَّهِ، وَعَمَلُهُمْ بِمَعْصِيَتِهِ، ﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ [البقرة: ٢٧] يَقُولُ: مِنْ بَعْدِ مَا وَثَقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ للَّهِ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا عَهَدَ إِلَيْهِمْ، ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [البقرة: ٢٧] يَقُولُ: وَيَقْطَعُونَ الرَّحِمَ الَّتِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِوَصْلِهَا، ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٧] فَسَادُهُمْ فِيهَا: عَمَلُهُمْ بِمَعَاصِي اللَّهِ، ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ﴾ [الرعد: ٢٥] يَقُولُ: فَهَؤُلَاءِ لَهُمُ اللَّعْنَةُ، وَهِيَ الْبُعْدُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَالْإِقْصَاءُ مِنْ جِنَانِهِ، ﴿وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٥]⦗٥١٥⦘ يَقُولُ: وَلَهُمْ مَا يَسُوءُهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ
١٣ / ٥١٤
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾ [الحج: ٣١]، وَنَقْضُ الْعَهْدِ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٥] يَعْنِي: سُوءُ الْعَاقِبَةِ»
١٣ / ٥١٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [البقرة: ٢٧] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «وَإِذَا لَمْ تَمْشِ إِلَى ذِي رَحِمِكَ بِرِجْلِكَ، وَلَمْ تُعْطِهِ مِنْ مَالِكَ، فَقَدْ قَطَعْتَهُ»
١٣ / ٥١٥
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ١٠٤] أَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الْحَرُورِيَّةَ ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ [الرعد: ٢٥] وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ فَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الْفَاسِقِينَ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: ⦗٥١٦⦘ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: كُنْتُ أُمْسِكُ عَلَى سَعْدٍ الْمُصْحَفَ، فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ
١٣ / ٥١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ، وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ يُوَسِّعُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ فِي رِزْقِهِ، فَيَبْسُطُ لَهُ مِنْهُ، لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا ذَلِكَ ﴿وَيَقْدِرُ﴾ [الرعد: ٢٦] يَقُولُ: وَيَقْتُرُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ فِي رِزْقِهِ وَعَيْشِهِ، فَيُضَيِّقُهُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْإِقْتَارُ
١٣ / ٥١٦
﴿وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الرعد: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفَرِحَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَسَطَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الرِّزْقِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ بِمَا بَسَطَ لَهُمْ فِيهَا، وَجَهِلُوا مَا عِنْدَ اللَّهِ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ قَدْرِ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا فِيمَا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ عِنْدَهُ فِي الْآخِرَةِ وَأَعْلَمَ عِبَادَهُ قِلَّتَهُ، فَقَالَ: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦] يَقُولُ: وَمَا جَمِيعُ مَا أَعْطَى هَؤُلَاءِ فِي الدُّنْيَا مِنَ السَّعَةِ، وَبَسَطَ لَهُمْ فِيهَا مِنَ الرِّزْقِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ قَلِيلٌ، وَشَيْءٌ حَقِيرٌ ذَاهِبٌ، كَمَا
١٣ / ٥١٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [آل عمران: ١٨٥] قَالَ: قَلِيلٌ ذَاهِبٌ»
١٣ / ٥١٦
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ: وَثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦] قَالَ: قَلِيلٌ ذَاهِبٌ»
١٣ / ٥١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦] قَالَ: «كَزَادِ الرَّاعِي يُزَوِّدُهُ أَهْلُهُ الْكَفَّ مِنَ التَّمْرِ، أَوِ الشَّيْءَ مِنَ الدَّقِيقِ، أَوِ الشَّيْءَ يَشْرَبُ عَلَيْهِ اللَّبَنَ»
١٣ / ٥١٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ [الرعد: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَقُولُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكُو قَوْمِكَ: هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ آيَةٌ مِنْ رَبِّكَ، إِمَّا مَلَكٌ يَكُونُ مَعَكَ نَذِيرًا، أَوْ يُلْقَى إِلَيْكَ كَنْزٌ، فَقُلْ: إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مِنْكُمْ مَنْ يَشَاءُ أَيُّهَا الْقَوْمُ فَيَخْذُلُهُ عَنْ تَصْدِيقِي وَالْإِيمَانِ بِمَا جِئْتُهُ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّي، وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ، فَرَجَعَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنْ كُفْرِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، فَيُوَفِّقُهُ لِاتِّبَاعِي وَتَصْدِيقِي بِهِ عَلَى مَا جِئْتُهُ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، وَلَيْسَ ضَلَالُ مَنْ يَضِلَّ مِنْكُمْ بِأَنْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ آيَةٌ مِنْ رَبِّي، وَلَا هِدَايَةُ مَنْ يَهْتَدِي مِنْكُمْ بِأَنَّهَا أُنْزِلَتْ عَلَيَّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِيَدِ اللَّهِ، يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمْ لِلْإِيمَانِ، وَيَخْذُلُ مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمْ فَلَا يُؤْمِنُ. وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى الْإِنَابَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِشَوَاهِدِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ
١٣ / ٥١٧
إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٣ / ٥١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ [الرعد: ٢٧]: «أَيْ مَنْ تَابَ وَأَقْبَلَ»
١٣ / ٥١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ، أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ [الرعد: ٢٧] بِالتَّوْبَةِ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ رَدٌّ عَلَى (مَنْ) لِأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا هُمْ مَنْ أَنَابَ، تَرْجَمَ بِهَا عَنْهَا
١٣ / ٥١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] يَقُولُ: وَتَسْكُنُ قُلُوبُهُمْ وَتَسْتَأْنِسُ بِذِكْرِ اللَّهِ، كَمَا
١٣ / ٥١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] يَقُولُ: «سَكَنَتْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَاسْتَأْنَسَتْ بِهِ»
١٣ / ٥١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨] يَقُولُ: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَسْكُنُ وَتَسْتَأْنِسُ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَقِيلَ: إِنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
١٣ / ٥١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨] لِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ “
١٣ / ٥١٩
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨] قَالَ: «لِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ»
١٣ / ٥١٩
قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] قَالَ: «هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ»
١٣ / ٥١٩
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥] الصَّالِحَاتُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَذَلِكَ الْعَمَلُ بِمَا أَمَرَهُمْ رَبُّهُمْ ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩]، وَطُوبَى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِلَهُمْ، وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ يَقُولُ ذَلِكَ رَفْعٌ، كَمَا يُقَالُ فِي الْكَلَامِ: وَيْلٌ لِعَمْرٍو، وَإِنَّمَا أُوثِرُ الرَّفْعَ فِي طُوبَى لِحُسْنِ الْإِضَافَةِ فِيهِ بِغَيْرِ لَامٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ طُوبَاكَ، كَمَا يُقَالُ: وَيْلَكَ وَوَيْبَكَ، وَلَوْلَا حُسْنُ الْإِضَافَةِ فِيهِ بِغَيْرِ لَامٍ لَكَانَ النَّصْبُ فِيهِ أَحْسَنُ وَأَفْصَحُ، كَمَا النَّصَبُ فِي قَوْلِهِمْ: تَعْسًا لِزَيْدٍ وَبُعْدًا لَهُ وَسُحْقًا أَحْسَنُ، إِذْ كَانَتِ الْإِضَافَةُ فِيهَا بِغَيْرِ لَامٍ لَا تَحْسُنُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: نِعْمَ مَا لَهُمْ
١٣ / ٥١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُزُورِيُّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: ثنا أَبُو زَكَرِيَّا الْكَلْبِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ عَنْ ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩]، قَالَ: «نِعْمَ مَا لَهُمْ»
١٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ نَافِعٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «نِعْمَ مَا لَهُمْ»
١٣ / ٥٢٠
حَدَّثني الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثني عَمْرُو بْنُ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «نِعْمَ مَا لَهُمْ» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: غِبْطَةٌ لَهُمْ
١٣ / ٥٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: “غِبْطَةٌ لَهُمْ. حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ. قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: فَرَحٌ وَقُرَّةُ عَيْنٍ
١٣ / ٥٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، والْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] يَقُولُ: فَرَحٌ وَقُرَّةُ عَيْنٍ». وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: حُسْنَى لَهُمْ
١٣ / ٥٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] يَقُولُ: «حُسْنَى لَهُمْ، وَهِيَ كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ»
١٣ / ٥٢١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] هَذِهِ كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ، يَقُولُ الرَّجُلُ: طُوبَى لَكَ: أَيْ أَصَبْتَ خَيْرًا». وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: خَيْرٌ لَهُمْ
١٣ / ٥٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «خَيْرٌ لَهُمْ»
١٣ / ٥٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿طُوبَى ⦗٥٢٢⦘ لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «الْخَيْرُ وَالْكَرَامَةُ الَّتِي أَعْطَاهُمُ اللَّهُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْجَنَّةِ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: الْجَنَّةُ لَهُمْ
١٣ / ٥٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «اسْمُ الْجَنَّةِ بِالْحَبَشِيَّةِ»
١٣ / ٥٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَشْجُوعٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: طُوبَى: اسْمُ الْجَنَّةِ بِالْهِنْدِيَّةِ “
١٣ / ٥٢٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَشْجُوعٍ، قَالَ: «اسْمُ الْجَنَّةِ بِالْهِنْدِيَّةِ طُوبَى»
١٣ / ٥٢٢
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «الْجَنَّةُ»
١٣ / ٥٢٣
قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: “الْجَنَّةُ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٢٣
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثَنَّى عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَفَرَغَ مِنْهَا قَالَ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] وَذَلِكَ حِينَ أَعْجَبَتْهُ»
١٣ / ٥٢٣
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «الْجَنَّةُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩]: شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ
١٣ / ٥٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ⦗٥٢٤⦘ مُوسَى بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ “
١٣ / ٥٢٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩]: «شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ يَقُولُ لَهَا: تَفَتَّقِي لِعَبْدِي عَمَّا شَاءَ فَتَتَفَتَّقُ لَهُ عَنِ الْخَيْلِ بِسُرُوجِهَا وَلُجُمِهَا، وَعَنِ الْإِبِلِ بِأَزِمَّتِهَا، وَعَمَّا شَاءَ مِنَ الْكِسْوَةِ»
١٣ / ٥٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: «طُوبَى: شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، كُلُّ شَجَرِ الْجَنَّةِ مِنْهَا، أَغْصَانُهَا مِنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّةِ»
١٣ / ٥٢٤
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا طُوبَى، يَقُولُ اللَّهُ لَهَا: تَفَتَّقِي». فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ ثَوْرٍ
١٣ / ٥٢٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «هِيَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهَا طُوبَى»
١٣ / ٥٢٤
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ⦗٥٢٥⦘ مَنْصُورٍ، عَنْ حَسَّانَ أَبِي الْأَشْرَسِ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ، قَالَ: «طُوبَى: شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ دَارٌ إِلَّا فِيهَا غُصْنٌ مِنْهَا، فَيَجِيءُ الطَّائِرُ فَيَقَعُ فَيَدَعُوهُ، فَيَأْكُلُ مِنْ أَحَدِ جَنْبَيْهِ قَدِيدًا وَمِنَ الْآخَرِ شِوَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: طِرْ فَيَطِيرُ»
١٣ / ٥٢٤
قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: «إِنَّ رَبَّكَ أَخَذَ لُؤْلُؤَةً فَوَضَعَهَا عَلَى رَاحَتَيْهِ، ثُمَّ دَمْلَجَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ غَرَسَهَا وَسَطَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: امْتَدِّي حَتَّى تَبْلُغِي مَرْضَاتِي فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ تَفَجَّرَتْ مِنْ أُصُولِهَا أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَهِيَ طُوبَى»
١٣ / ٥٢٥
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: ثني عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا يَقُولُ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا طُوبَى، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، زَهْرُهَا رِيَاطٌ، وَوَرَقُهَا بُرُودٌ، وَقُضْبَانُهَا عَنْبَرٌ، وَبَطْحَاؤُهَا يَاقُوتٌ، وَتُرَابُهَا كَافُورٌ، وَوَحْلُهَا مِسْكٌ، يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارُ الْخَمْرِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ، وَهِيَ مَجْلِسٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، فَبَيْنَا هُمْ فِي مَجْلِسِهِمْ إِذْ أَتَتْهُمْ مَلَائِكَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، يَقُودُونَ نُجُبًا مَزْمُومَةً بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ، وُجُوهُهَا كَالْمَصَابِيحِ مِنْ حُسْنِهَا، وَبَرُهَا كَخَزِّ الْمِرْعَزَّيِّ مِنْ لِينِهِ، عَلَيْهَا رِحَالٌ أَلْوَاحُهَا مِنْ يَاقُوتٍ، وَدُفُوفُهَا مِنْ ذَهَبٍ، ⦗٥٢٦⦘ وَثِيَابُهَا مِنْ سُنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقٍ، فَيُنِيخُونَهَا وَيَقُولُونَ: إِنَّ رَبَّنَا أَرْسَلَنَا إِلَيْكُمْ لِتَزُورُوهُ وَتُسَلِّمُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَيَرْكَبُونَهَا، قَالَ: فَهِيَ أَسْرَعُ مِنَ الطَّائِرِ، وَأَوْطَأُ مِنَ الْفِرَاشِ نُجُبًا مِنْ غَيْرِ مِهْنَةٍ، يَسِيرُ الرَّجُلُ إِلَى جَنْبِ أَخِيهِ وَهُوَ يُكَلِّمُهُ وَيُنَاجِيهِ، لَا تُصِيبُ أُذُنُ رَاحِلَةٍ مِنْهَا أُذُنَ صَاحِبَتِهَا، وَلَا بَرَكُ رَاحِلَةٍ بَرَكَ صَاحِبَتِهَا، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَتَنَحَّى عَنْ طُرُقِهِمْ لِئَلَّا تُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَخِيهِ. قَالَ: فَيَأْتُونَ إِلَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَيُسْفِرُ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَوْهُ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَحُقَّ لَكَ الْجَلَالُ وَالْإِكْرَامُ. قَالَ: فَيَقُولُ تبارك وتعالى عِنْدَ ذَلِكَ: أَنَا السَّلَامُ، وَمِنِّي السَّلَامُ، وَعَلَيْكُمْ حَقَّتْ رَحْمَتِي وَمَحَبَّتِي، مَرْحَبًا بِعِبَادِي الَّذِينَ خَشَوْنِي بِغَيْبٍ وَأَطَاعُوا أَمْرِي قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا إِنَّا لَمْ نَعْبُدْكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَلَمْ نُقَدِّرْكَ حَقَّ قَدْرِكَ، فَأْذَنْ لَنَا بِالسُّجُودِ قُدَّامَكَ قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ نَصَبٍ وَلَا عِبَادَةٍ، وَلَكِنَّهَا دَارُ مُلْكٍ وَنَعِيمٍ، وَإِنِّي قَدْ رَفَعْتُ عَنْكُمْ نَصَبَ الْعِبَادَةِ، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أُمْنِيَّتُهُ فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى إِنَّ أَقْصَرَهُمْ أُمْنِيَّةً لَيَقُولُ: رَبِّ تَنَافَسَ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ فَتَضَايَقُوا فِيهَا، رَبِّ فَأْتِنِي كُلَّ شَيْءٍ كَانُوا فِيهِ مِنْ يَوْمِ خَلَقْتَهَا إِلَى أَنِ انْتَهَتِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ اللَّهُ: لَقَدْ قَصَّرَتْ بِكَ الْيَوْمَ أُمْنِيَّتُكَ، وَلَقَدْ سَأَلْتَ دُونَ مَنْزِلَتِكَ، هَذَا لَكَ مِنِّي، وَسَأُتْحِفُكَ بِمَنْزِلَتِي، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عَطَائِي نَكَدٌ وَلَا تَصْرِيدٌ، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: اعْرِضُوا عَلَى عِبَادِي مَا لَمْ تَبْلُغْ أَمَانِيُّهُمْ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُمْ عَلَى بَالٍ قَالَ: فَيُعْرَضُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُقْضُوهُمْ أَمَانِيَّهُمُ الَّتِي فِي أَنْفُسِهِمْ، فَيَكُونُ فِيمَا يُعْرَضُونَ عَلَيْهِمْ بَرَاذِينُ مُقَرَّنَةٌ، عَلَى كُلِّ أَرْبَعَةٍ مِنْهَا سَرِيرٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ مِنْهَا قُبَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ مُفْرَغَةٌ، فِي كُلِّ قُبَّةٍ مِنْهَا فُرُشٌ مِنْ فُرُشِ الْجَنَّةِ مُظَاهَرَةً، فِي كُلِّ قُبَّةٍ مِنْهَا جَارِيَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، عَلَى كُلِّ جَارِيَةٍ مِنْهُنَّ ثَوْبَانِ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ لَوْنٌ إِلَّا وَهُوَ ⦗٥٢٧⦘ فِيهِمَا، وَلَا رِيحٌ طَيِّبَةٌ إِلَّا قَدْ عُبِّقَتَا بِهِ، يَنْفُذُ ضَوْءُ وجُوهِهِمَا غِلَظَ الْقُبَّةِ، حَتَّى يَظُنَّ مَنْ يَرَاهُمَا أَنَّهُمَا مِنْ دُونِ الْقُبَّةِ يُرَى مُخُّهُمَا مِنْ فَوْقِ سُوقِهِمَا كَالسِّلْكِ الْأَبْيَضِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، يَرَيَانِ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ عَلَى صَحَابَتِهِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَى الْحِجَارَةِ أَوْ أَفْضَلُ، وَيَرَى هُوَ لَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ يَدْخُلُ إِلَيْهِمَا فَيُحَيِّيَانِهِ وَيُقَبِّلَانِهِ وَيُعَانِقَانِهِ، وَيَقُولَانِ لَهُ: وَاللَّهِ مَا ظَنَنَّا أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ مِثْلَكَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَيَسِيرُونَ بِهِمْ صَفًّا فِي الْجَنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى مَنْزِلَتِهِ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُ»
١٣ / ٥٢٥
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: «شَجَرَةُ فِي الْجَنَّةِ، فِي دَارِ كُلِّ مُؤْمِنٍ غُصْنٌ مِنْهَا»
١٣ / ٥٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبِي الْأَشْرَسِ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ قَالَ: «طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَكِبَ قَلُوصًا جَذَعًا أَوْ جَذَعَةً، ثُمَّ دَارَ بِهَا لَمْ يَبْلُغِ الْمَكَانَ الَّذِي ارْتَحَلَ مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ هَرَمًا وَمَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلٌ إِلَّا فِيهِ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مُتَدَلٍّ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَأْكُلُوا مِنَ الثَّمَرَةِ تَدَلَّى إِلَيْهِمْ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ مَا شَاءُوا، وَيَجِيءُ الطَّيْرُ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ قَدِيدًا وَشِوَاءً مَا شَاءُوا، ثُمَّ يَطِيرُ» . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَبَرٌ بِنَحْوِ مَا قَالَ مَنْ قَالَ هِيَ شَجَرَةٌ
١٣ / ٥٢٧
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثني سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْقُومَسِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبِكَالِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: “جَاءَ أَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فِي الْجَنَّةِ فَاكِهَةً؟ قَالَ: «نَعَمْ، فِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى، هِيَ تُطَابِقُ الْفِرْدَوْسَ» قَالَ: أَيُّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ؟ قَالَ: «لَيْسَتْ تُشْبِهُ مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ، وَلَكِنْ أَتَيْتَ الشَّامَ؟» فَقَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «فَإِنَّهَا تُشْبِهُ شَجَرَةً تُدْعَى الْجُوزَةَ، تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَنْتَشِرُ أَعْلَاهَا» قَالَ: مَا عِظَمُ أَصْلِهَا؟ قَالَ: «لَوِ ارْتَحَلَتْ جَذَعَةٌ مِنْ إِبِلِ أَهْلِكَ مَا أَحَاطَتْ بِأَصْلِهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تُرْقُوَّتَاهَا هَرَمًا»
١٣ / ٥٢٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] «شَجَرَةُ غَرَسَهَا اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ بِالْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ، وَإِنَّ أَغْصَانَهَا لَتُرَى مِنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّةِ»
١٣ / ٥٢٨
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا طُوبَى؟ قَالَ: «شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا» . فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الرِّوَايَةَ بِهِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِي رَفْعِ قَوْلِهِ: ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] خِلَافُ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّ طُوبَى اسْمُ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ اسْمٌ لِمَعْرِفَةٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] إِلَّا الرَّفْعُ عَطْفًا بِهِ عَلَى «طُوبَى»
١٣ / ٥٢٩
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَحُسْنُ مُنْقَلَبٍ، كَمَا
١٣ / ٥٢٩
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ [الرعد: ٢٩] قَالَ: «حُسْنُ مُنْقَلَبٍ»
١٣ / ٥٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ، قُلْ هُوَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ [الرعد: ٣٠]
١٣ / ٥٢٩
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَكَذَا أَرْسَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ، يَعْنِي إِلَى جَمَاعَةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا جَمَاعَاتٌ عَلَى مِثْلِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، فَمَضَتْ؛ ﴿لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ٣٠] يَقُولُ: لِتُبَلِّغُهُمْ مَا أَرْسَلْتُكَ بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِي الَّذِي أَوْحَيْتُهُ إِلَيْكَ ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد: ٣٠] يَقُولُ: وَهُمْ يَجْحَدُونَ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ، وَيُكَذِّبُونَ بِهَا ﴿قُلْ هُوَ رَبِّي﴾ [الرعد: ٣٠] يَقُولُ: إِنْ كَفَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُكَ إِلَيْهِمْ يَا مُحَمَّدُ بِالرَّحْمَنِ فَقُلْ: أَنْتَ اللَّهُ رَبِّي ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ [الرعد: ٣٠] يَقُولُ: وَإِلَيْهِ مَرْجِعِي وَأَوْبَتِي، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: تُبْتُ مَتَابًا وَتَوْبَةً. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد: ٣٠]: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قُرَيْشًا كَتَبَ: «هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» فَقَالَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ: لَئِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَاتَلْنَاكَ لَقَدْ ظَلَمْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: دَعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُقَاتِلْهُمْ فَقَالَ: «لَا، وَلَكِنِ اكْتُبُوا كَمَا يُرِيدُونَ، إِنِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» فَلَمَّا كَتَبَ الْكَاتِبُ: «بِسْمِ اللَّهِ ⦗٥٣١⦘ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» قَالَتْ قُرَيْشٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَلَا نَعْرِفُهُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَكْتُبُونَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنَا نُقَاتِلْهُمْ، قَالَ: «لَا، وَلَكِنِ اكْتُبُوا كَمَا يُرِيدُونَ»
١٣ / ٥٣٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنى حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ﴾ [الرعد: ٣٠] الْآيَةَ، قَالَ: هَذَا لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» قَالُوا: لَا تَكْتُبِ الرَّحْمَنَ، وَمَا نَدْرِي مَا الرَّحْمَنُ، وَلَا نَكْتُبْ إِلَّا بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ، قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [الرعد: ٣٠] الْآيَةَ “
١٣ / ٥٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى، بَلْ للَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا، أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [الرعد: ٣١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ [الرعد: ٣١]: أَيْ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ، وَلَوْ سَيَّرَ لَهُمُ الْجِبَالَ بِهَذَا الْقُرْآنِ. وَقَالُوا: هُوَ مِنَ الْمُؤَخَّرِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيمُ وَجَعَلُوا جَوَابَ «لَوْ» مُقَدَّمًا قَبْلَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى مَعْنَى قِيلِهِمْ: وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، لَكَفَرُوا بِالرَّحْمَنِ
١٣ / ٥٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗٥٣٢⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «هُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَوْ وَسَّعْتَ لَنَا أَوْدِيَةَ مَكَّةَ، وَسَيَّرْتَ جِبَالَهَا، فَاحْتَرَثْنَاهَا، وَأَحْيَيْتَ مَنْ مَاتَ مِنَّا، أَوْ قَطِّعْ بِهِ الْأَرْضَ، أَوْ كَلِّمْ بِهِ الْمَوْتَى، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى، بَلْ للَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١]»
١٣ / ٥٣١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١] قَوْلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ: سَيِّرْ جِبَالَنَا تَتَّسِعْ لَنَا أَرْضَنَا فَإِنَّهَا ضَيِّقَةٌ، أَوْ قَرِّبْ لَنَا الشَّامَ فَإِنَّا نَتَّجِرُ إِلَيْهَا، أَوْ أَخْرِجْ لَنَا آبَاءَنَا مِنَ الْقُبُورِ نُكَلِّمْهُمْ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١] . حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ
١٣ / ٥٣٢
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ: قَالُوا: «لَوْ فَسَّحْتَ عَنَّا ⦗٥٣٣⦘ الْجِبَالَ، أَوْ أَجْرَيْتَ لَنَا الْأَنْهَارَ، أَوْ كَلَّمْتَ بِهِ الْمَوْتَى، فَنَزَلَ ذَلِكَ»
١٣ / ٥٣٢
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالُوا: «سَيِّرْ بِالْقُرْآنِ الْجِبَالَ، قَطِّعْ بِالْقُرْآنِ الْأَرْضَ، أَخْرِجْ بِهِ مَوْتَانَا»
١٣ / ٥٣٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: قَالُوا: «لَوْ فَسَّحْتَ عَنَّا الْجِبَالَ أَوْ أَجْرَيْتَ لَنَا الْأَنْهَارَ أَوْ كَلَّمْتَ بِهِ الْمَوْتَى فَنَزَلَ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١]». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ [الرعد: ٣١] كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مُنْقَطِعٌ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد: ٣٠] قَالَ: «وَجَوَابُ» لَوْ ” مَحْذُوفٌ اسْتُغْنِيَ بِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ الْمُرَادَ مِنَ الْكَلَامِ عَنْ ذِكْرِ جَوَابِهَا. قَالُوا: وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
[البحر الطويل] فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ سَرِيحَةً … وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَقَطَّعُ أَنْفُسَا
وَهُوَ آخِرُ بَيْتٍ فِي الْقَصِيدَةِ، فَتَرَكَ الْجَوَابَ اكْتِفَاءً بِمَعْرِفَةِ سَامِعِهِ مُرَادَهُ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
فَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أَتَانَا رَسُولُهُ … سِوَاكَ وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعَا
[البحر الطويل] فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ سَرِيحَةً … وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَقَطَّعُ أَنْفُسَا
وَهُوَ آخِرُ بَيْتٍ فِي الْقَصِيدَةِ، فَتَرَكَ الْجَوَابَ اكْتِفَاءً بِمَعْرِفَةِ سَامِعِهِ مُرَادَهُ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
فَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أَتَانَا رَسُولُهُ … سِوَاكَ وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعَا
١٣ / ٥٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ نَحْوَ مَعْنَى ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ قُرَيْشًا قَالُوا: إِنْ سَرَّكَ يَا مُحَمَّدُ اتِّبَاعُكَ، أَوْ أَنْ نَتَّبِعَكَ، فَسَيِّرْ لَنَا جِبَالَ تِهَامَةَ، أَوْ زِدْ لَنَا فِي حَرَمِنَا، حَتَّى نَتَّخِذَ قَطَائِعَ نَخْتَرِفُ فِيهَا، أَوْ أَحْيِ لَنَا فُلَانًا وَفُلَانًا نَاسًا مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: «لَوْ فَعَلَ هَذَا بِقُرْآنٍ قَبْلَ قُرْآنِكُمْ لَفَعَلَ بِقُرْآنِكُمْ»
١٣ / ٥٣٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: “أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَذْهِبْ عَنَّا جِبَالَ تِهَامَةَ حَتَّى نَتَّخِذَهَا زَرْعًا فَتَكُونَ لَنَا أَرَضِينَ، أَوْ أَحْيِ لَنَا فُلَانًا وَفُلَانًا يُخْبِرُونَنَا حَقَّ مَا تَقُولُ فَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى، بَلْ للَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: «لَوْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ فِيمَا مَضَى كَانَ ذَلِكَ»
١٣ / ٥٣٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ [الرعد: ٣١] الْآيَةَ قَالَ: قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: سَيِّرْ لَنَا الْجِبَالَ كَمَا سُخِّرَتْ لِدَاوُدَ، أَوْ قَطِّعْ لَنَا الْأَرْضَ كَمَا قُطِّعَتْ لِسُلَيْمَانَ فَاغْتَدَى بِهَا شَهْرًا وَرَاحَ بِهَا ⦗٥٣٥⦘ شَهْرًا، أَوْ كَلِّمْ لَنَا الْمَوْتَى كَمَا كَانَ عِيسَى يُكَلِّمُهُمْ يَقُولُ: «لَمْ أُنْزِلْ بِهَذَا كِتَابًا، وَلَكِنْ كَانَ شَيْئًا أَعْطَيْتُهُ أَنْبِيَائِي وَرُسُلِي»
١٣ / ٥٣٤
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ [الرعد: ٣١] الْآيَةَ قَالَ: قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَسَيِّرْ عَنَّا هَذِهِ الْجِبَالَ، وَاجْعَلْهَا حُرُوثًا كَهَيْئَةِ أَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْبُلْدَانَ، أَوِ ابْعَثْ مَوْتَانَا فَأَخْبِرْهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ مَاتُوا عَلَى الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كَلِّمْ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١]: «لَمْ يُصْنَعْ ذَلِكَ بِقُرْآنٍ قَطُّ وَلَا كِتَابٍ، فَيُصْنَعُ ذَلِكَ بِهَذَا الْقُرْآنِ»
١٣ / ٥٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوَ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١] فَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّ مَعْنَاهُ: أَلَمْ يَعْلَمْ وَيَتَبَيَّنْ، وَيَسْتَشْهِدْ لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِبَيْتِ سُحَيْمِ بْنِ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيِّ:
[البحر الطويل] أَقُولُ لَهُمْ بِالشِّعْبِ إِذْ يَأْمُرُونَنِي … أَلَمْ تَيْأَسُوا أَنِّي ابْنُ فَارِسِ زَهْدَمِ
وَيُرْوَى: «يُيْسِرُونَنِي»، فَمَنْ رَوَاهُ: «يُيْسِرُونَنِي» فَإِنَّهُ أَرَادَ: يُقْسِمُونَنِي مِنَ الْمَيْسِرِ، كَمَا يُقَسَّمُ الْجَزُورُ وَمَنْ رَوَاهُ: «يَأْسِرُونَنِي»، فَإِنَّهُ أَرَادَ: الْأَسْرَ وَقَالَ: عَنَى
[البحر الطويل] أَقُولُ لَهُمْ بِالشِّعْبِ إِذْ يَأْمُرُونَنِي … أَلَمْ تَيْأَسُوا أَنِّي ابْنُ فَارِسِ زَهْدَمِ
وَيُرْوَى: «يُيْسِرُونَنِي»، فَمَنْ رَوَاهُ: «يُيْسِرُونَنِي» فَإِنَّهُ أَرَادَ: يُقْسِمُونَنِي مِنَ الْمَيْسِرِ، كَمَا يُقَسَّمُ الْجَزُورُ وَمَنْ رَوَاهُ: «يَأْسِرُونَنِي»، فَإِنَّهُ أَرَادَ: الْأَسْرَ وَقَالَ: عَنَى
١٣ / ٥٣٥
بِقَوْلِهِ: أَلَمْ تَيْأَسُوا: أَلَمْ تَعْلَمُوا وَأَنْشَدُوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ:
[البحر الطويل] أَلَمْ يَيْأَسِ الْأَقْوَامُ أَنِّي أَنَا ابْنُهُ … وَإِنْ كُنْتُ عَنْ أَرْضِ الْعَشِيرَةِ نَائِيَا
وَفَسَّرُوا قَوْلَهُ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١]: أَلَمْ يَعْلَمْ وَيَتَبَيَّنْ، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةَ لِحَيٍّ مِنَ النَّخْعِ، يُقَالُ لَهُمْ وَهْبِيلَ، تَقُولُ: أَلَمْ تَيْأَسْ كَذَا بِمَعْنَى: أَلَمْ تَعْلَمُهُ، وَذُكِرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ أَنَّهَا لُغَةُ هَوَازِنَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَئِسْتُ كَذَا: عَلِمْتُ. وَأَمَّا بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ فَكَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: «يَئِسْتُ» بِمَعْنَى: «عَلِمْتُ»، وَيَقُولُ هُوَ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا: «يَئِسْتُ» بِمَعْنَى: «عَلِمْتُ»، يَتَوَجَّهُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَيْأَسُوا عِلْمًا، يَقُولُ: يُؤَيِّسُهُمُ الْعِلْمَ، فَكَانَ فِيهِ الْعِلْمُ مُضْمَرًا، كَمَا يُقَالُ: قَدْ يَئِسْتُ مِنْكَ أَنْ لَا تُفْلِحَ عِلْمًا، كَأَنَّهُ قِيلَ: عَلِمْتُهُ عِلْمًا، قَالَ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل] حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا … غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلًا أَعْصَامُهَا
مَعْنَاهُ: حَتَّى إِذَا يَئِسُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يُمْكِنُ إِلَّا الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ أَرْسَلُوا،
[البحر الطويل] أَلَمْ يَيْأَسِ الْأَقْوَامُ أَنِّي أَنَا ابْنُهُ … وَإِنْ كُنْتُ عَنْ أَرْضِ الْعَشِيرَةِ نَائِيَا
وَفَسَّرُوا قَوْلَهُ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١]: أَلَمْ يَعْلَمْ وَيَتَبَيَّنْ، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةَ لِحَيٍّ مِنَ النَّخْعِ، يُقَالُ لَهُمْ وَهْبِيلَ، تَقُولُ: أَلَمْ تَيْأَسْ كَذَا بِمَعْنَى: أَلَمْ تَعْلَمُهُ، وَذُكِرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ أَنَّهَا لُغَةُ هَوَازِنَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَئِسْتُ كَذَا: عَلِمْتُ. وَأَمَّا بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ فَكَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: «يَئِسْتُ» بِمَعْنَى: «عَلِمْتُ»، وَيَقُولُ هُوَ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا: «يَئِسْتُ» بِمَعْنَى: «عَلِمْتُ»، يَتَوَجَّهُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَيْأَسُوا عِلْمًا، يَقُولُ: يُؤَيِّسُهُمُ الْعِلْمَ، فَكَانَ فِيهِ الْعِلْمُ مُضْمَرًا، كَمَا يُقَالُ: قَدْ يَئِسْتُ مِنْكَ أَنْ لَا تُفْلِحَ عِلْمًا، كَأَنَّهُ قِيلَ: عَلِمْتُهُ عِلْمًا، قَالَ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل] حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا … غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلًا أَعْصَامُهَا
مَعْنَاهُ: حَتَّى إِذَا يَئِسُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يُمْكِنُ إِلَّا الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ أَرْسَلُوا،
١٣ / ٥٣٦
فَهُوَ فِي مَعْنَى: حَتَّى إِذَا عَلِمُوا أَنْ لَيْسَ وَجْهٌ إِلَّا الَّذِي رَأَوْا وَانْتَهَى عِلْمُهُمْ، فَكَانَ مَا سِوَاهُ يَأْسًا. وَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُمْ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ بِمَعْنَى: أَفَلَمْ يَعْلَمْ وَيَتَبَيَّنْ
١٣ / ٥٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: حَدَّثني يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنْ مَوْلًى يُخْبِرُ، أَنَّ عَلِيًّا، رضي الله عنه كَانَ يَقْرَأُ: «أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا»
١٣ / ٥٣٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ “
١٣ / ٥٣٧
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ، أَوْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا» قَالَ: «كَتَبَ الْكَاتِبُ الْأُخْرَى وَهُوَ نَاعِسٌ»
١٣ / ٥٣٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ ⦗٥٣٨⦘ فِي الْقِرَاءَةِ الْأُولَى زَعَمَ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ: «أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ»
١٣ / ٥٣٧
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: أَلَمْ يَتَبَيَّنْ»
١٣ / ٥٣٨
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: «﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: يَعْلَمُ»
١٣ / ٥٣٨
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَفَلَمْ يَتَبَيَّنُ»
١٣ / ٥٣٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا»
١٣ / ٥٣٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَلَمْ يَعْلَمِ الَّذِينَ آمَنُوا»
١٣ / ٥٣٨
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَلَمْ يَعْلَمِ الَّذِينَ آمَنُوا» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: إِنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ وَيَعْلَمْ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَبْيَاتِ الَّتِي أَنْشَدْنَاهَا فِيهِ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سِوَى هَذَا الْقُرْآنِ كَانَ سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ لَسُيِّرَ بِهَذَا الْقُرْآنِ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ لَقُطِّعَتْ بِهَذَا، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى لَكُلِّمَ بِهَذَا،
١٣ / ٥٣٨
وَلَوْ يُفْعَلُ بِقُرْآنٍ قَبْلَ هَذَا الْقُرْآنِ لَفُعِلَ بِهَذَا ﴿بَلْ للَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى الْإِيمَانِ فَيُوَفِّقُهُ لَهُ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ فَيَخْذُلُهُ، أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ إِذْ طَمِعُوا فِي إِجَابَتِي مِنْ سَأَلِ نَبِيِّهِمْ مِنْ تَسْيِيرِ الْجِبَالِ عَنْهُمْ وَتَقْرِيبِ أَرْضِ الشَّامِ عَلَيْهِمْ وَإِحْيَاءِ مَوْتَاهُمْ، أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَادِ آيَةٍ وَلَا إِحْدَاثِ شَيْءٍ مِمَّا سَأَلُوا إِحْدَاثَهُ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَا مَعْنَى مَحَبَّتِهِمْ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْهِدَايَةَ وَالْإِهْلَاكَ إِلَيَّ وَبِيَدِي أَنْزَلْتُ آيَةً أَوْ لَمْ أُنْزِلْهَا، أَهْدِي مَنْ أَشَاءُ بِغَيْرِ إِنْزَالِ آيَةٍ، وَأُضِلُّ مَنْ أَرَدْتُ مَعَ إِنْزَالِهَا
١٣ / ٥٣٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَزَالُ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِكَ تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا، مِنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ، وَإِخْرَاجِهِمْ لَكَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ قَارِعَةٌ، وَهِيَ مَا يُقْرِعُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعَذَابِ وَالنِّقَمِ، بِالْقَتْلِ أَحْيَانًا، وَبِالْحُرُوبِ أَحْيَانًا، وَالْقَحْطِ أَحْيَانًا، أَوْ تَحُلُّ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، يَقُولُ: أَوْ تَنْزِلْ أَنْتَ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ بِجَيْشِكَ وَأَصْحَابِكَ، حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ الَّذِي وَعَدَكَ فِيهِمْ، وَذَلِكَ ظُهُورُكَ عَلَيْهِمْ، وَفَتْحُكَ أَرْضَهُمْ، وَقَهْرُكَ إِيَّاهُمْ بِالسَّيْفِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ٩] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ مُنْجِزُكَ يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدَكَ مِنَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ،
١٣ / ٥٣٩
لِأَنَّهُ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: “سَرِيَّةٌ ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: مُحَمَّدٌ، ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١]، قَالَ: «فَتْحُ مَكَّةَ» . حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ سَرِيَّةً
١٣ / ٥٤٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَبُو قَطَنٍ قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «الْقَارِعَةُ: السَّرِيَّةُ». ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «هُوَ مُحَمَّدٌ ﷺ» ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «فَتْحُ مَكَّةَ»
١٣ / ٥٤٠
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، أَنَّ خُصَيْفًا، حَدَّثَهُمْ عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَوْ تَحُلُّ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ ⦗٥٤١⦘ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ»
١٣ / ٥٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: “سَرِيَّةٌ. ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ»
١٣ / ٥٤١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] يَقُولُ: عَذَابٌ مِنَ السَّمَاءِ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] يَعْنِي: نُزُولَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِهِمْ وَقِتَالَهُ إِيَّاهُمْ»
١٣ / ٥٤١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١]: “تُصَابُ مِنْهُمْ سَرِيَّةٌ، أَوْ تُصَابُ مِنْهُمْ مُصِيبَةٌ، أَوْ يَحُلُّ مُحَمَّدٌ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ، وَقَوْلُهُ: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «الْفَتْحُ»
١٣ / ٥٤١
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ: «﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَ حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ شَبَابَةَ
١٣ / ٥٤١
حَدَّثني الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: «﴿قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١]، قَالَ: السَّرَايَا»
١٣ / ٥٤٢
قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١]: «مُصِيبَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ:»أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «الْفَتْحُ»
١٣ / ٥٤٢
قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «كَتِيبَةٌ»
١٣ / ٥٤٢
قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: “سَرِيَّةٌ ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ»
١٣ / ٥٤٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١]: «أَيْ بِأَعْمَالِهِمْ أَعْمَالَ السُّوءِ، وَقَوْلُهُ: ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] وَوَعْدُ اللَّهِ: فَتْحُ مَكَّةَ»
١٣ / ٥٤٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ:»وَقِيعَةٌ ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: أَوْ تَحُلُّ أَنْتَ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ»
١٣ / ٥٤٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: “﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «سَرِيَّةٌ»
١٣ / ٥٤٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ:»السَّرَايَا: كَانَ يَبْعَثُهُمُ النَّبِيُّ ﷺ ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «فَتْحُ مَكَّةَ»
١٣ / ٥٤٣
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «كَتِيبَةٌ»
١٣ / ٥٤٣
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «قَارِعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] تَحُلُّ الْقَارِعَةُ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ
١٣ / ٥٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: “﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَوْ تَحُلُّ الْقَارِعَةُ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ»
١٣ / ٥٤٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: “﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «أَوْ تَحُلُّ الْقَارِعَةُ» . وَقَالَ آخَرُونَ فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] هُوَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ
١٣ / ٥٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] قَالَ: «يَوْمُ الْقِيَامَةِ»
١٣ / ٥٤٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا، ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ، فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ [الرعد: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: يَا مُحَمَّدُ، إِنْ يَسْتَهْزِئْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ، وَيَطْلُبُوا مِنْكَ الْآيَاتِ تَكْذِيبًا مِنْهُمْ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ، فَاصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ لَكَ، وَامْضِ لِأَمْرِ رَبِّكَ فِي إِعْذَارِهِمْ وَالْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ، فَلَقَدِ اسْتَهْزَأَتْ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكَ قَدْ خَلَتْ فَمَضَتْ بِرُسُلِي، فَأَطَلْتُ لَهُمْ فِي الْمَهَلِ، وَمَدَدْتُ لَهُمْ فِي الْأَجَلِ، ثُمَّ أَحْلَلْتُ بِهِمْ عَذَابِي وَنِقْمَتِي حِينَ تَمَادَوْا فِي غِيِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عِقَابِي إِيَّاهُمْ حِينَ عَاقَبْتُهُمْ، أَلَمْ أُذِقْهُمْ أَلِيمَ الْعَذَابِ، وَأَجْعَلُهُمْ عِبْرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ. وَالْإِمْلَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْإِطَالَةُ، يُقَالُ مِنْهُ: أَمْلَيْتُ لِفُلَانٍ: إِذَا أَطَلْتُ لَهُ فِي الْمَهَلِ، وَمِنْهُ الْمُلَاوَةُ مِنَ الدَّهْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَمَلَّيْتُ حِينًا، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلَّيلِ وَالنَّهَارِ: «الْمَلَوَانِ» لِطُولِهِمَا، كَمَا قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
[البحر الطويل] أَلَا يَا دِيَارَ الْحَيِّ بِالسَّبُعَانِ … أَلَحَّ عَلَيْهَا بِالْبِلَى الْمَلَوَانِ
وَقِيلَ لِلْخَرْقِ الْوَاسِعِ مِنَ الْأَرْضِ: «مَلًا»، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
[البحر الطويل] أَلَا يَا دِيَارَ الْحَيِّ بِالسَّبُعَانِ … أَلَحَّ عَلَيْهَا بِالْبِلَى الْمَلَوَانِ
وَقِيلَ لِلْخَرْقِ الْوَاسِعِ مِنَ الْأَرْضِ: «مَلًا»، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
١٣ / ٥٤٤
فَأَخْضَلَ مِنْهَا كُلُّ بَالٍ وَعَيِّنٍ … وَجَفَّ الرَّوَايَا بِالْمَلَا الْمُتَبَاطِنِ
لِطُولِ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَامْتِدَادِهِ
لِطُولِ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَامْتِدَادِهِ
١٣ / ٥٤٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، وَجَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ، قُلْ سَمُّوهُمْ، أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ، بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَفَالرَّبُّ الَّذِي هُوَ دَائِمٌ لَا يَبِيدُ وَلَا يَهْلِكُ قَائِمٌ بِحِفْظِ أَرْزَاقِ جَمِيعِ الْخَلْقِ، مُتَضَمِّنٌ لَهَا، عَالِمٌ بِهِمْ وَبِمَا يَكْسَبُونَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، رَقِيبٌ عَلَيْهِمْ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ أَيْنَمَا كَانُوا، كَمَنْ هُوَ هَالِكٌ بَائِدٌ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَفْهَمُ شَيْئًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَمَّنْ يَعْبُدُهُ ضَرًّا، وَلَا يَجْلِبُ إِلَيْهِمَا نَفْعًا؟ كِلَاهُمَا سَوَاءٌ؟ وَحُذِفَ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يُقَلْ، وَقَدْ قِيلَ ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] كَكَذَا وَكَذَا، اكْتِفَاءً بِعِلْمِ السَّامِعِ بِمَا ذُكِرَ عَمَّا تُرِكَ ذِكْرُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَجَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ﴾ [الأنعام: ١٠٠] عَلِمَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ كَشُرَكَائِهِمُ الَّتِي اتَّخَذُوهَا آلِهَةً، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز] تَخَيَّرِي خُيِّرْتِ أُمَّ عَالِ …
[البحر الرجز] تَخَيَّرِي خُيِّرْتِ أُمَّ عَالِ …
١٣ / ٥٤٥
بَيْنَ قَصِيرٍ شَبْرُهُ تِنْبَالِ
أَذَاكِ أَمْ مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ … وَلَا يَزَالُ آخِرَ اللَّيَالِي
مُتْلِفَ مَالٍ وَمُفِيدَ مَالِ
وَلَمْ يَقُلْ: وَقَدْ قَالَ: «شَبْرُهُ تِنْبَالِ» وَبَيْنَ كَذَا وَكَذَا، اكْتِفَاءً مِنْهُ بِقَوْلِ: أَذَاكَ أَمْ مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ، وَدَلَالَةُ الْخَبَرِ عَنِ الْمُنْخَرِقِ السِّرْبَالِ عَلَى مُرَادِهِ فِي ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
أَذَاكِ أَمْ مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ … وَلَا يَزَالُ آخِرَ اللَّيَالِي
مُتْلِفَ مَالٍ وَمُفِيدَ مَالِ
وَلَمْ يَقُلْ: وَقَدْ قَالَ: «شَبْرُهُ تِنْبَالِ» وَبَيْنَ كَذَا وَكَذَا، اكْتِفَاءً مِنْهُ بِقَوْلِ: أَذَاكَ أَمْ مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ، وَدَلَالَةُ الْخَبَرِ عَنِ الْمُنْخَرِقِ السِّرْبَالِ عَلَى مُرَادِهِ فِي ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] ذَلِكُمْ رَبُّكُمْ تبارك وتعالى، قَائِمٌ عَلَى بَنِي آدَمَ بِأَرْزَاقِهِمْ وَآجَالِهِمْ، وَحَفِظَ عَلَيْهِمْ وَاللَّهِ أَعْمَالَهُمْ “
١٣ / ٥٤٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] “
١٣ / ٥٤٦
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗٥٤٧⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] يَعْنِي بِذَلِكَ نَفْسَهُ، يَقُولُ: «هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، فَلَا يَعْمَلُ عَامِلٍ إِلَّا وَهُوَ حَاضِرٌ وَيُقَالُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِبَنِي آدَمَ»
١٣ / ٥٤٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] عَلَى رِزْقِهِمْ وَعَلَى طَعَامِهِمْ، فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ قَائِمٌ، وَهُمْ عَبِيدِي، ثُمَّ جَعَلُوا لِي شُرَكَاءَ “
١٣ / ٥٤٧
حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] فَهُوَ اللَّهُ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسِ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، يَرْزُقُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ، ثُمَّ يُشْرِكُ بِهِ مِنْهُمْ مَنْ أَشْرَكَ “
١٣ / ٥٤٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَنَا الْقَائِمُ بِأَرْزَاقِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُدَبِّرُ أُمُورَهُمْ، وَالْحَافِظُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ، وَجَعَلُوا لِي شُرَكَاءَ مِنْ خَلْقِي يَعْبُدُونَهَا دُونِي، قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: سَمُّوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَشْرَكْتُمُوهُمْ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ إِنْ قَالُوا آلِهَةً فَقَدْ كَذَبُوا، لِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا ⦗٥٤٨⦘ يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ: أَتُخْبِرُونَهُ بِأَنَّ فِي الْأَرْضِ إِلَهًا، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ [الرعد: ٣٣] وَلَوْ سَمُّوهُمْ آلِهَةً لَكَذَبُوا وَقَالُوا فِي ذَلِكَ غَيْرَ الْحَقِّ، لِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، قَالَ اللَّهُ: ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ: لَا يَعْلَمُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ إِلَهًا غَيْرَهُ “
١٣ / ٥٤٨
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ، قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ [الرعد: ٣٣] وَاللَّهُ خَلَقَهُمْ “
١٣ / ٥٤٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ﴿وَجَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ، قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ [الرعد: ٣٣] وَلَوْ سَمَّوْهُمْ كَذَبُوا، وَقَالُوا فِي ذَلِكَ مَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ ⦗٥٤٩⦘ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] مَسْمُوعٌ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بَاطِلٌ لَا صِحَّةَ لَهُ». وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَمْ بِظَاهِرٍ، مَعْنَاهُ: أَمْ بِبَاطِلٍ، فَأَتَوْا بِالْمَعْنَى الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلِمَةُ دُونَ الْبَيَانِ عَنْ حَقِيقَةِ تَأْوِيلِهَا
١٣ / ٥٤٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] بِظَنٍّ». حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
١٣ / ٥٤٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] وَالظَّاهِرُ مِنَ الْقَوْلِ: هُوَ الْبَاطِلُ “
١٣ / ٥٤٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ: أَمْ بِبَاطِلٍ مِنَ الْقَوْلِ وَكَذِبٍ، وَلَوْ قَالُوا، قَالُوا الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ “
١٣ / ٥٤٩
وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا للَّهِ مِنْ ⦗٥٥٠⦘ شَرِيكٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ زُيِّنَ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا مَكْرُهُمْ، وَذَلِكَ افْتِرَاؤُهُمْ وَكَذِبُهُمْ عَلَى اللَّهِ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: مَعْنَى الْمَكْرُ هَهُنَا: الْقَوْلُ، كَأَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُمْ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ
١٣ / ٥٤٩
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: “﴿بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ﴾ [الرعد: ٣٣] قَالَ: «قَوْلُهُمْ» . حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ﴾ [الرعد: ٣٣] فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: ﴿وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ﴾ [الرعد: ٣٣] بِضَمِّ الصَّادِ، بِمَعْنَى: وَصَدَّهُمُ اللَّهُ عَنْ سَبِيلِهِ لِكُفْرِهِمْ بِهِ، ثُمَّ جُعِلَتِ الصَّادُ مَضْمُومَةً، إِذْ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَأَمَّا عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ، فَقَرَءُوهُ بِفَتْحِ الصَّادِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ هُمُ الَّذِينَ صَدُّوا النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَئِمَّةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ كَانُوا مَصْدُودِينَ عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَهُمْ، كَمَا
١٣ / ٥٥٠
وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٦]
١٣ / ٥٥١
وَقَوْلُهُ ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادِ﴾ [الرعد: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَنْ إِصَابَةِ الْحَقِّ وَالْهُدَى بِخُذْلَانِهِ إِيَّاهُ، فَمَا لَهُ أَحَدٌ يَهْدِيهِ لِإِصَابَتِهِمَا، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَالُ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَمَعُونَتِهِ، وَذَلِكَ بِيَدِ اللَّهِ وَإِلَيْهِ دُونَ كُلِّ أَحَدٍ سِوَاهُ
١٣ / ٥٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ، وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ﴾ [الرعد: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالْإِسَارِ وَالْآفَاتِ الَّتِي يُصِيبُهُمُ اللَّهُ بِهَا، ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ﴾ [الرعد: ٣٤] يَقُولُ: وَلَتَعْذِيبُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ تَعْذِيبِهِ إِيَّاهُمْ فِي الدُّنْيَا وَأَشَقُّ، إِنَّمَا هُو «أَفْعَلُ» مِنَ الْمَشَقَّةِ
١٣ / ٥٥١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ﴾ [الرعد: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مِنْ أَحَدٍ يَقِيهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِذَا عَذَّبَهُمْ، لَا حَمِيمٌ وَلَا وَلِيُّ وَلَا نَصِيرٌ، لِأَنَّهُ ﷻ لَا يُعَادِهِ أَحَدٌ فَيَقْهَرَهُ فَيُخَلِّصُهُ مِنْ عَذَابِهِ بِالْقَهْرِ، وَلَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَيْسَ يَأْذَنُ لِأَحَدٍ فِي الشَّفَاعَةِ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ فَمَاتَ عَلَى كُفْرِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ مِنْهُ
١٣ / ٥٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا، تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا، وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ [الرعد: ٣٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي رَافِعِ «الْمَثَلُ»، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ الرَّافِعُ لِلْمَثَلِ قَوْلُهُ: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥] فِي الْمَعْنَى، وَقَالَ: هُوَ كَمَا تَقُولُ حِلْيَةُ فُلَانٍ أَسْمَرُ كَذَا وَكَذَا، فَلَيْسَ الْأَسْمَرُ بِمَرْفُوعٍ بِالْحِلْيَةِ، إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءٌ، أَيْ هُوَ أَسْمَرُ هُو كَذَا، قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ أَنَّ فِيَ مِثْلِ هَذَا كَانَ صَوَابًا قَالَ: وَمَثَلُهُ فِي الْكَلَامِ مَثَلُكَ أَنَّكَ كَذَا وَأَنَّكَ كَذَا وَقَوْلُهُ: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أنا﴾ [عبس: ٢٥] مَنْ وَجَّهَ: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا﴾ [محمد: ١٥] وَمَنْ قَالَ: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ﴾ [عبس: ٢٥] أَظْهَرَ الِاسْمَ، لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ عَلَى الطَّعَامِ بِالْخَفْضِ، وَمُسْتَأْنَفٌ، أَيْ: طَعَامُهُ أَنَّا صَبَبْنَا ثُمَّ فَعَلْنَا. وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ [الرعد: ٣٥]: صِفَاتُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ مَعْنَى ذَلِكَ: صِفَةُ الْجَنَّةِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧] مَعْنَاهُ: وَلِلَّهِ الصِّفَةُ الْعُلْيَا. قَالَ: فَمَعْنَى الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الرعد: ٣٥] أَوْ فِيهَا أَنْهَارٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَصَفَ الْجَنَّةَ صِفَةً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، أَوْ صِفَةً فِيهَا أَنْهَارٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٣ / ٥٥٢
قَالَ: وَوَجْهٌ آخَرَ: كَأَنَّهُ إِذَا قِيلَ: مَثَلُ الْجَنَّةِ قِيلَ: الْجَنَّةُ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] كَأَنَّهُ قَالَ: بِاللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: ﴿عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٦] فِي ذَاتِ اللَّهِ، كَأَنَّهُ عِنْدَنَا قِيلَ: فِي اللَّهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] إِنَّمَا الْمَعْنَى: لَيْسَ كَشَيْءٍ، وَلَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: لَيْسَ كَمِثْلِكَ أَحَدٌ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ، وَاللَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
[البحر الطويل] إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا
قَالَ: وَفَسَّرَ لَنَا أَنَّهُ أَرَادَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمَا؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
[البحر المتقارب] وَقَتْلَى كِرَامٍ كَمِثْلِ الْجُذُوعِ … تَغَشَّاهُمُ سَبَلٌ مُنْهَمِرْ
قَالَ: وَالْمَعْنَى عِنْدَنَا: كَالْجُذُوعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ أَنْ يَجْعَلَ لِلْجُذُوعِ مِثْلًا ثُمَّ يُشَبِّهُ الْقَتْلَى بِهِ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ:
[البحر الكامل] زُحَلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ … وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ
[البحر الطويل] إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا
قَالَ: وَفَسَّرَ لَنَا أَنَّهُ أَرَادَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمَا؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
[البحر المتقارب] وَقَتْلَى كِرَامٍ كَمِثْلِ الْجُذُوعِ … تَغَشَّاهُمُ سَبَلٌ مُنْهَمِرْ
قَالَ: وَالْمَعْنَى عِنْدَنَا: كَالْجُذُوعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ أَنْ يَجْعَلَ لِلْجُذُوعِ مِثْلًا ثُمَّ يُشَبِّهُ الْقَتْلَى بِهِ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ:
[البحر الكامل] زُحَلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ … وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ
١٣ / ٥٥٣
قَالَ: فَقَالَ تَحْتَ رَجْلِ يَمِينِهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: تَحْتَ رِجْلِهِ أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى قَالَ: وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
[البحر الوافر] أَضَلَّ صِوَارَهُ وَتَضَيَّفَتْهُ … نَطُوفٌ أَمْرُهَا بِيَدِهِ الشِّمَالِ
كَأَنَّهُ قَالَ: أَمْرُهَا بِالشِّمَالِ وَإِلَى الشِّمَالِ، وَقَوْلُ لَبِيدٍ أَيْضًا:
حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِرٍ
فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى وَقَعَتْ فِي كَافِرٍ. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: هُوَ الْمَكْفُوفُ عَنْ خَبَرِهِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ: وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾ [الرعد: ١٨] مَثَلُ الْجَنَّةِ مَوْصُولٌ صِفَةٌ لَهَا عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: أَنْ يُقَالَ ذُكِرَ الْمَثَلُ، فَقَالَ مَثَلُ الْجَنَّةِ، وَالْمُرَادُ الْجَنَّةُ، ثُمَّ وُصِفَتِ الْجَنَّةُ بِصِفَتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَثَلَهَا إِنَّمَا هُوَ صِفَتُهَا وَلَيْسَتْ صِفَتُهَا شَيْئًا غَيْرَهَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَثَلَ، فَقِيلَ: مَثَلُ الْجَنَّةِ، وَمَثَلُهَا صِفَتُهَا وَصِفَةُ الْجَنَّةِ، فَكَانَ وَصْفُهَا كَوَصْفِ الْمَثَلِ، وَكَانَ كَأَنَّ الْكَلَامَ جَرَى بِذِكْرِ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ: الْجَنَّةُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
[البحر الوافر] أَضَلَّ صِوَارَهُ وَتَضَيَّفَتْهُ … نَطُوفٌ أَمْرُهَا بِيَدِهِ الشِّمَالِ
كَأَنَّهُ قَالَ: أَمْرُهَا بِالشِّمَالِ وَإِلَى الشِّمَالِ، وَقَوْلُ لَبِيدٍ أَيْضًا:
حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِرٍ
فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى وَقَعَتْ فِي كَافِرٍ. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: هُوَ الْمَكْفُوفُ عَنْ خَبَرِهِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ: وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾ [الرعد: ١٨] مَثَلُ الْجَنَّةِ مَوْصُولٌ صِفَةٌ لَهَا عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: أَنْ يُقَالَ ذُكِرَ الْمَثَلُ، فَقَالَ مَثَلُ الْجَنَّةِ، وَالْمُرَادُ الْجَنَّةُ، ثُمَّ وُصِفَتِ الْجَنَّةُ بِصِفَتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَثَلَهَا إِنَّمَا هُوَ صِفَتُهَا وَلَيْسَتْ صِفَتُهَا شَيْئًا غَيْرَهَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَثَلَ، فَقِيلَ: مَثَلُ الْجَنَّةِ، وَمَثَلُهَا صِفَتُهَا وَصِفَةُ الْجَنَّةِ، فَكَانَ وَصْفُهَا كَوَصْفِ الْمَثَلِ، وَكَانَ كَأَنَّ الْكَلَامَ جَرَى بِذِكْرِ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ: الْجَنَّةُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
١٣ / ٥٥٤
أَرَى مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّي … كَمَا أَخَذَ السَّرَارُ مِنَ الْهِلَالِ
فَذَكَرَ الْمَرَّ، وَرَجَعَ فِي الْخَبَرِ إِلَى السِّنِينَ
فَذَكَرَ الْمَرَّ، وَرَجَعَ فِي الْخَبَرِ إِلَى السِّنِينَ
١٣ / ٥٥٥
وَقَوْلُهُ: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ [الرعد: ٣٥] يَعْنِي: مَا يُؤْكَلُ فِيهَا، يَقُولُ: هُوَ دَائِمٌ لِأَهْلِهَا، لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ، وَلَا يَزُولُ وَلَا يَبِيدُ، وَلَكِنَّهُ ثَابِتٌ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، ﴿وَظِلُّهَا﴾ [الرعد: ٣٥]: يَقُولُ: وَظِلُّهَا أَيْضًا دَائِمٌ، لِأَنَّهُ لَا شَمْسَ فِيهَا. ﴿تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ [الرعد: ٣٥] يَقُولُ: هَذِهِ الْجَنَّةُ الَّتِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَاقِبَةَ الَّذِينَ اتَّقَوُا اللَّهَ، فَاجْتَنَبُوا مَعَاصِيهِ، وَأَدَّوْا فَرَائِضَهُ
١٣ / ٥٥٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ [الرعد: ٣٥] يَقُولُ: وَعَاقِبَةُ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ النَّارُ
١٣ / ٥٥٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ، قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ، إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ أَنْزَلْنَا إِلَيْهِمُ الْكِتَابَ مِمَّنْ آمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ٣٦] مِنْهُ، ﴿وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ﴾ [الرعد: ٣٦] يَقُولُ: وَمِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُتَحَزِّبِينَ عَلَيْكَ، وَهُمْ أَهْلُ أَدْيَانٍ شَتَّى، مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، فَقُلْ لَهُمْ: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ﴾ [الرعد: ٣٦] أَيُّهَا الْقَوْمُ ﴿أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ﴾ [الرعد: ٣٦] وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ ﴿وَلَا أُشْرِكَ بِهِ﴾ [الرعد: ٣٦] فَأَجْعَلُ لَهُ شَرِيكًا فِي عِبَادَتِي، فَأَعْبُدُ مَعَهُ الْآلِهَةَ وَالْأَصْنَامَ، بَلْ أُخْلِصُ لَهُ الدِّينَ حَنِيفًا مُسْلِمًا ﴿إِلَيْهِ أَدْعُو﴾ [الرعد: ٣٦] يَقُولُ: إِلَى طَاعَتِهِ، وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ أَدْعُو النَّاسَ ﴿وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: ٣٦] يَقُولُ: وَإِلَيْهِ مَصِيرِي، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنْ
١٣ / ٥٥٥
قَوْلِ الْقَائِلِ: آبَ يَئُوبُ أَوْبًا وَمَآبًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٥٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ٣٦] «أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَرِحُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَصَدَّقُوا بِهِ. قَوْلُهُ: ﴿وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضُهُ﴾ [الرعد: ٣٦] يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى»
١٣ / ٥٥٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: “﴿وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضُهُ﴾ [الرعد: ٣٦] قَالَ: «مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» . حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
١٣ / ٥٥٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ﴾ [الرعد: ٣٦] «مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْأَحْزَابِ أَهْلِ الْكُتُبِ، تَفْرِيقُهُمْ لِحِزْبِهِمْ. قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ﴾ [الأحزاب: ٢٠] قَالَ:»لِتَحَزُّبِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَالَ عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يُنْكِرُ بَعْضَهُ﴾ [الرعد: ٣٦] قَالَ: «بَعْضُ الْقُرْآنِ»
١٣ / ٥٥٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿⦗٥٥٧⦘ وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: ٣٦]: «وَإِلَيْهِ مَصِيرُ كُلِّ عَبْدٍ»
١٣ / ٥٥٦
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ٣٦] قَالَ: «هَذَا مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَفْرَحُونَ بِذَلِكَ، وَقَرَأَ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ﴾ [يونس: ٤٠] وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضُهُ﴾ [الرعد: ٣٦] قَالَ:»الْأَحْزَابُ: الْأُمَمُ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ، مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ “
١٣ / ٥٥٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ﴾ [الرعد: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يَا مُحَمَّدُ، فَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْأَحْزَابِ، كَذَلِكَ أَيْضًا أَنْزَلْنَا الْحُكْمَ وَالدِّينَ حُكْمًا عَرَبِيًّا، وَجَعَلَ ذَلِكَ عَرَبِيًّا، وَوَصَفَهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ وَهُوَ عَرَبِيٌّ، فَنُسِبَ الدِّينُ إِلَيْهِ إِذْ كَانَ عَلَيْهِ أُنْزِلَ، فَكَذَّبَ بِهِ الْأَحْزَابُ، ثُمَّ نَهَاهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ تَرْكِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ وَاتِّبَاعِ الْأَحْزَابِ، وَتَهَدَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ إِنْ فَعَلَهُ، فَقَالَ: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ يَا مُحَمَّدُ أَهْوَاءَهُمْ، أَهْوَاءَ هَؤُلَاءِ الْأَحْزَابِ وَرِضَاهُمْ وَمَحَبَّتَهُمْ، وَانْتَقَلْتَ مِنْ دِينِكَ إِلَى دِينِهِمْ، مَا لَكَ مَنْ يَقِيكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِنْ عَذَّبَكَ عَلَى اتِّبَاعِكَ أَهْوَاءَهُمْ، وَمَا لَكَ مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرُكَ فَيَسْتَنْقِذَكَ مِنَ اللَّهِ إِنْ هُوَ عَاقَبَكَ، يَقُولُ: فَاحْذَرْ أَنْ تَتَّبِعَ
١٣ / ٥٥٧
أَهْوَاءَهُمْ
١٣ / ٥٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً، وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا﴾ [الأنعام: ٤٢] يَا مُحَمَّدُ ﴿رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ﴾ [الرعد: ٣٨] إِلَى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِ أُمَّتِكَ فَجَعَلْنَاهُمْ بَشَرًا مِثْلَكَ، لَهُمْ أَزْوَاجٌ يَنْكِحُونَ، وَذُرِّيَّةً أَنْسَلُوهُمْ، وَلَمْ نَجْعَلْهُمْ مَلَائِكَةً لَا يَأْكُلُونَ، وَلَا يَشْرَبُونَ، وَلَا يَنْكِحُونَ، فَنَجْعَلُ الرَّسُولَ إِلَى قَوْمِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِثْلَهُمْ، وَلَكِنْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ بَشَرًا مِثْلَهُمْ، كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى مَنْ قَبْلِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ بَشَرًا مِثْلَهُمْ
١٣ / ٥٥٨
﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا يَقْدِرُ رَسُولٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ أَنْ يَأْتِيَ أُمَّتَهُ بِآيَةٍ وَعَلَامَةٍ، مِنْ تَسْيِيرِ الْجِبَالِ، وَنَقْلِ بَلْدَةٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ، إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، يَقُولُ: إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ الْجِبَالَ بِالْسَيْرِ، وَالْأَرْضَ بِالِانْتِقَالِ، وَالْمَيِّتَ بِأَنْ يَحْيَا. ﴿لِكُلِّ أَجْلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] يَقُولُ: لِكُلِّ أَجْلٍ أَمْرٌ قَضَاهُ اللَّهُ كِتَابٌ قَدْ كَتَبَهُ، فَهُوَ عِنْدَهُ وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ: لِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ أَجَلٌ
١٣ / ٥٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] يَقُولُ: «لِكُلِّ كِتَابٍ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ أَجَلٌ، فَيَمْحُوَ ⦗٥٥٩⦘ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ نَظِيرُ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ١٩] وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقْرَأُهَا: «وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ»، وَذَلِكَ أَنَّ سَكْرَةُ الْمَوْتِ تَأْتِي بِالْحَقِّ وَالْحَقُّ يَأْتِي بِهَا، فَكَذَلِكَ الْأَجَلُ لَهُ كِتَابٌ، وَلِلْكِتَابِ أَجَلٌ
١٣ / ٥٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنْ أُمُورِ عِبَادِهِ، فَيُغَيِّرُهُ، إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ فَإِنَّهُمَا لَا يُغَيَّرَانِ
١٣ / ٥٥٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا بَحْرُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «يُدَبِّرُ اللَّهُ أَمْرَ الْعِبَادِ فَيَمْحُوَ مَا يَشَاءُ، إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ وَالْمَوْتَ»
١٣ / ٥٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ، فَإِنَّهُمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُمَا»
١٣ / ٥٦٠
حَدَّثني عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: ﴿يَمْحُو﴾ [الرعد: ٣٩] اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ: «إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَالْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ» . حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَقَبِيصَةُ قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٦٠
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِلَّا الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ، وَالشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ»
١٣ / ٥٦٠
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ: «يُقَدِّرُ اللَّهُ أَمْرَ السَّنَةِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَالْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ»
١٣ / ٥٦٠
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «إِلَّا الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ، وَالسَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ، فَإِنَّهُمَا لَا يَتَغَيَّرَانِ» . حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٦١
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي سَعِيدًا فَأَثْبِتْنِي، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي شَقِيًّا فَامْحُنِي قَالَ: «الشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ قَدْ فُرِغَ مِنْهُمَا»
١٣ / ٥٦١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «يُنْزِلُ اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ فِي السَّنَةِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَيَمْحُوَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْآجَالِ، وَالْأَرْزَاقِ، وَالْمَقَادِيرِ، إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، فَإِنَّهُمَا ثَابِتَانِ»
١٣ / ٥٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا فَقُلْتُ: أَرَأَيْتُ دُعَاءَ أَحَدِنَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ اسْمِي فِي السُّعَدَاءِ فَأَثْبِتْهُ فِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ ⦗٥٦٢⦘ فِي الْأَشْقِيَاءِ فَامْحُهُ وَاجْعَلْهُ فِي السُّعَدَاءِ؟ فَقَالَ: حَسَنٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيهَا يُفَرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤] قَالَ: «يُقْضَى فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مُصِيبَةٍ، ثُمَّ يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ، وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، فَأَمَّا كِتَابُ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يُغَيَّرُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مِنْ كِتَابٍ سِوَى أُمِّ الْكِتَابِ الَّذِي لَا يُغَيَّرُ مِنْهُ شَيْءٌ
١٣ / ٥٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «كِتَابَانِ: كِتَابٌ يَمْحُو مِنْهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»
١٣ / ٥٦٢
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «الْكِتَابُ كِتَابَانِ، كِتَابٌ يَمْحُو اللَّهُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» . قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ
١٣ / ٥٦٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «الْكِتَابُ كِتَابَانِ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْحُو كُلَّ مَا يَشَاءُ، وَيُثْبِتُ كُلَّ مَا أَرَادَ
١٣ / ٥٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَثَّامٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ» إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا أَشْقِيَاءَ، فَامْحُنَا وَاكْتُبْنَا سُعَدَاءَ، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا سُعَدَاءَ فَأَثْبِتْنَا، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ “
١٣ / ٥٦٣
حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «كَانَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا أَشْقِيَاءَ فَامْحُنَا وَاكْتُبْنَا سُعَدَاءَ، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا سُعَدَاءَ فَأَثْبِتْنَا، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ»
١٣ / ٥٦٣
قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي حُكَيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَبْكِي: «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَ عَلَيَّ شِقْوَةً أَوْ ذَنْبًا فَامْحُهُ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ، فَاجْعَلْهُ سَعَادَةً وَمَغْفِرَةً» . قَالَ: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُكَيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: وَأَحْسَبُنِي ⦗٥٦٤⦘ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي عُثْمَانَ، مِثْلَهُ. قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عِصْمَةَ أَبِي حُكَيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٦٣
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: ثنا أَبُو حُكَيْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ: «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي أَهْلِ السَّعَادَةِ فَأَثْبِتْنِي فِيهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَ عَلَيَّ الذَّنْبَ وَالشِّقْوَةَ فَامْحُنِي وَأَثْبِتْنِي فِي أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ»
١٣ / ٥٦٤
قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي أَهْلِ الشَّقَاءِ فَامْحُنِي، وَأَثْبِتْنِي فِي أَهْلِ السَّعَادَةِ»
١٣ / ٥٦٤
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] يَقُولُ: «وَهُوَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الزَّمَانَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ يَعُودُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَمُوتُ عَلَى ⦗٥٦٥⦘ ضَلَالَةٍ، فَهُوَ الَّذِي يَمْحُو، وَالَّذِي يُثْبِتُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَقَدْ كَانَ سَبَقَ لَهُ خَيْرٌ حَتَّى يَمُوتَ، وَهُوَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَهُوَ الَّذِي يُثْبِتُ»
١٣ / ٥٦٤
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي السُّعَدَاءِ فَأَثْبِتْنِي فِي السُّعَدَاءِ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ»
١٣ / ٥٦٥
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَأَنْبَأْتُكَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]»
١٣ / ٥٦٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] الْآيَةَ، يَقُولُ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [الرعد: ٣٩] يَقُولُ: «أَنْسَخُ مَا شِئْتُ، وَأَصْنَعُ مِنَ الْأَفْعَالِ مَا شِئْتُ، إِنْ شِئْتُ زِدْتُ فِيهَا، وَإِنْ شِئْتُ نَقَصَتُ»
١٣ / ٥٦٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا الْكَلْبِيُّ،
١٣ / ٥٦٥
قَالَ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «يَمْحِي مِنَ الرِّزْقِ وَيَزِيدُ فِيهِ، وَيَمْحِي مِنَ الْأَجَلِ وَيَزِيدُ فِيهِ»، قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: أَبُو صَالِحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَدِمَ الْكَلْبِيُّ بَعْدُ، فَسُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «يَكْتُبُ الْقَوْلَ كُلَّهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ طُرِحَ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ثَوَابٌ وَلَا عَلَيْهِ عِقَابٌ، مِثْلُ قَوْلِكَ: أَكَلْتُ، شَرِبْتُ، دَخَلْتُ، خَرَجْتُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ صَادِقٌ، وَيُثْبِتُ مَا كَانَ فِيهِ الثَّوَابُ وَعَلَيْهِ الْعِقَابُ». حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْكَلْبِيَّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، نَحْوَهُ، وَلَمْ يُجَاوِزْ أَبَا صَالِحٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ يَنْسَخُ مَا يَشَاءُ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِهِ، وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا فَلَا يَنْسَخْهُ
١٣ / ٥٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ قَالَ: «مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: يُبَدِّلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ فَيَنْسَخُهُ، وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ فَلَا يُبَدِّلُهُ ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] يَقُولُ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ: النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، وَمَا يُبَدَّلُ، وَمَا يُثَبِّتُ، كُلُّ ذَلِكَ ⦗٥٦٧⦘ فِي كِتَابٍ»
١٣ / ٥٦٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] هِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿مَا نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] وَقَوْلُهُ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]: «أَيْ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ»
١٣ / ٥٦٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] مَا يَشَاءُ، وَهُوَ الْحَكِيمُ ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] وَأَصْلُهُ “
١٣ / ٥٦٧
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [الرعد: ٣٩] بِمَا يَنْزِلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، ﴿وَيُثْبِتُ﴾ [الأنفال: ١١] مَا يَشَاءُ مِمَّا يَنْزِلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، قَالَ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] لَا يُغَيِّرُ وَلَا يُبَدِّلُ “
١٣ / ٥٦٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: “يَنْسَخُ. قَالَ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «الذِّكْرُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْحُو مَنْ قَدْ حَانَ أَجَلُهُ، وَيُثْبِتُ مَنْ لَمْ يَجِئُ أَجَلُهُ إِلَى أَجَلِهِ
١٣ / ٥٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] يَقُولُ: «يَمْحُو مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ فَذَهَبَ، وَالْمُثْبَتُ الَّذِي هُوَ حَيٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلِهِ»
١٣ / ٥٦٨
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَوْفٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: “مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ ﴿وَيُثْبِتُ﴾ [الأنفال: ١١] قَالَ: «مَنْ لَمْ يَجِئُ أَجَلُهُ إِلَى أَجَلِهِ» . حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا هَوْذَةُ قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ
١٣ / ٥٦٨
قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] قَالَ: «آجَالُ بَنِي آدَمَ فِي كِتَابٍ، ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [الرعد: ٣٩] مِنْ أَجَلِهِ ﴿وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]»
١٣ / ٥٦٨
قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُ اللَّهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَتْ قُرَيْشٌ حِينَ أُنْزِلَ: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣٨]: مَا نَرَاكَ يَا مُحَمَّدُ تَمْلِكُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَقَدْ فُرِغَ مِنَ الْأَمْرِ، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَخْوِيفًا وَوَعِيدًا لَهُمْ: إِنَّا إِنْ شِئْنَا أَحْدَثْنَا لَهُ مِنْ أَمْرِنَا مَا شِئْنَا، وَنُحْدِثُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، فَنَمْحُو وَنُثْبِتُ مَا نَشَاءُ مِنْ أَرْزَاقِ النَّاسِ وَمَصَائِبِهِمْ، وَمَا نُعْطِيهِمْ، وَمَا نَقْسِمُ لَهُمْ». ⦗٥٦٩⦘ حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَيَغْفِرُ مَا يَشَاءُ مِنْ ذُنُوبِ عِبَادِهِ، وَيَتْرُكُ مَا يَشَاءُ فَلَا يَغْفِرُ
١٣ / ٥٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «يُثْبِتُ فِي الْبَطْنِ الشَّقَاءَ، وَالسَّعَادَةَ، وَكُلَّ شَيْءٍ، فَيَغْفِرُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ، وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، وَأَشْبَهُهَا بِالصَّوَابِ، الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَوَعَّدَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْآيَاتِ بِالْعُقُوبَةِ وَتَهَدَّدَهُمْ بِهَا وَقَالَ لَهُمْ: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] يُعْلِمُهُمْ بِذَلِكَ أَنَّ لِقَضَائِهِ فِيهِمْ أَجَلًا مُثْبَتًا فِي كِتَابٍ هُمْ مُؤَخَّرُونَ إِلَى وَقْتِ مَجِيءِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْأَجَلُ يَجِيءُ اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِمَّنْ قَدْ دَنَا أَجَلُهُ، وَانْقَطَعَ رِزْقُهُ، أَوْ حَانَ هَلَاكُهُ، أَوْ اتِّضَاعُهُ مِنْ رِفْعَةٍ، أَوْ هَلَاكِ مَالٍ، فَيَقْضِي ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ، فَذَلِكَ
١٣ / ٥٦٩
مَحْوُهُ، وَيُثْبِتُ مَا شَاءَ مِمَّنْ بَقِيَ أَجَلُهُ، وَرِزْقُهُ، وَأَكْلُهُ، فَيَتْرُكُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَلَا يَمْحُوهُ، وَبِهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَذَلِكَ مَا
١٣ / ٥٧٠
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ الذِّكْرَ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ، فِي السَّاعَةِ الْأُولَى مِنْهُنَّ يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي لَا يَنْظُرُ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَيَمْحُوَ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ» . ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي السَّاعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ
١٣ / ٥٧٠
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ قَالَ: ثنا زِيَادَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ، يَفْتَحُ الذِّكْرَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ»
١٣ / ٥٧٠
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ» للَّهِ لَوْحًا مَحْفُوظًا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ لَهَا دَفَّتَانِ مِنْ يَاقُوتٍ، وَالدَّفَّتَانِ لَوْحَانِ للَّهِ، كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثُ مِائَةٍ ⦗٥٧١⦘ وَسِتُّونَ لَحْظَةً، يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ “
١٣ / ٥٧٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثني رَجُلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، أَنَّهُ قَالَ: «الْعَاشِرُ مِنْ رَجَبٍ هُوَ يَوْمٌ يَمْحُو اللَّهُ فِيهِ مَا يَشَاءُ»
١٣ / ٥٧١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَعِنْدَهُ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ
١٣ / ٥٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ: قُلْتُ: ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، قَالَ: «الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: هَذِهِ أُمُّ الْقُرْآنِ». وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: وَعِنْدَهُ جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ
١٣ / ٥٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَأَصْلُهُ» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٧١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «كِتَابٌ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ»
١٣ / ٥٧٢
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «جُمْلَةُ الْكِتَابِ وَعِلْمُهُ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَنْسَخُ مِنْهُ وَمَا يُثْبِتُ»
١٣ / ٥٧٢
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] يَقُولُ: «وَجُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ: النَّاسِخُ، وَالْمَنْسُوخُ، وَمَا يُبَدِّلُ، وَمَا يُثْبِتُ، كُلُّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ»
١٣ / ٥٧٢
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبًا عَنْ أُمِّ الْكِتَابِ، قَالَ: «عَلِمَ اللَّهُ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَمَا خَلْقُهُ عَامِلُونَ، فَقَالَ لِعِلْمِهِ: كُنْ كِتَابًا فَكَانَ كِتَابًا». وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الذِّكْرُ
١٣ / ٥٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَا أَدْرِي فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ أَمْ لَا، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] قَالَ: «
١٣ / ٥٧٢
الذِّكْرُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: وَعِنْدَهُ أَصْلُ الْكِتَابِ وَجُمْلَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] فَكَانَ بَيِّنًا أَنَّ مَعْنَاهُ: وَعِنْدَهُ أَصْلُ الْمُثْبَتِ مِنْهُ وَالْمَمْحُوِّ، وَجُمْلَتُهُ فِي كِتَابٍ لَدَيْهِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَيُثْبِتُ﴾ [الأنفال: ١١] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: (وَيُثَبِّتُ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، بِمَعْنَى: وَيَتْرُكُهُ وَيُقِرُّهُ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَمْحُوهُ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: ﴿وَيُثْبِتُ﴾ [الأنفال: ١١] بِالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنَى: يَكْتُبُ، وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا: إِقْرَارُهُ مَكْتُوبًا وَتَرْكُ مَحْوِهِ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالتَّثْبِيتُ بِهِ أَوْلَى، وَالتَّشْدِيدُ أَصَوْبُ مِنَ التَّخْفِيفِ، وَإِنْ كَانَ التَّخْفِيفُ قَدْ يَحْتَمِلُ تَوْجِيهُهُ فِي الْمَعْنَى إِلَى التَّشْدِيدِ، وَالتَّشْدِيدِ إِلَى التَّخْفِيفِ، لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا. وَأَمَّا الْمَحْوُ، فَإِنَّ لِلْعَرَبِ فِيهِ لُغَتَيْنِ: فَأَمَّا مُضَرُ فَإِنَّهَا تَقُولُ: مَحَوْتُ الْكِتَابَ أَمْحُوهُ مَحْوًا، وَبِهِ التَّنْزِيلُ، وَمَحَوْتُهُ أَمْحَاهُ مَحْوًا، وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ قَبَائِلِ رَبِيعَةَ أَنَّهَا
١٣ / ٥٧٣
تَقُولُ: مَحَيْتُ أَمْحَى
١٣ / ٥٧٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ [الرعد: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ يَا مُحَمَّدُ فِي حَيَاتِكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنَ الْعِقَابِ عَلَى كُفْرِهِمْ، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قَبْلَ أَنْ نُرِيَكَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّكَ فِيمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِهِمْ رِسَالَتَهُ، لَا طَلَبُ صَلَاحِهِمْ وَلَا فَسَادِهِمْ، وَعَلَيْنَا مُحَاسَبَتُهُمْ فَمُجَازَاتُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ
١٣ / ٥٧٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا، وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٤١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ مُحَمَّدًا الْآيَاتِ، أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ فَنَفْتَحُهَا لَهُ أَرْضًا بَعْدَ أَرْضٍ حَوَالَيْ أَرْضِهِمْ، أَفَلَا يَخَافُونَ أَنْ نَفْتَحَ لَهُ أَرْضَهُمْ كَمَا فَتَحْنَا لَهُ غَيْرَهَا
١٣ / ٥٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ»
١٣ / ٥٧٤
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] يَعْنِي بِذَلِكَ: «مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: فَذَلِكَ نُقْصَانُهَا»
١٣ / ٥٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «مَا تَغَلَّبْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ»
١٣ / ٥٧٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] «فَهُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ»
١٣ / ٥٧٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] يَعْنِي أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُنْتَقَصُ لَهُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْأَرَضِينَ، يَنْظُرُونَ إِلَى ذَلِكَ فَلَا يَعْتَبِرُونَ، قَالَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ: ﴿نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا، أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٤] بَلْ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ هُمُ الْغَالِبُونَ». ⦗٥٧٦⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ فَنُخْرِبُهَا، أَوَ لَا يَخَافُونَ أَنْ نَفْعَلَ بِهِمْ وَبِأَرْضِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنُهْلِكَهُمْ وَنُخَرِّبَ أَرْضَهُمْ
١٣ / ٥٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْقَرْيَةِ تَخْرُبُ، حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ»
١٣ / ٥٧٦
قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: ﴿نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «خَرَابُهَا» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: خَرَابُهَا وَهَلَاكُ النَّاسِ
١٣ / ٥٧٦
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «نُخَرِّبُ مِنْ أَطْرَافِهَا» . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: نُنْقِصُ مِنْ بَرَكَتِهَا وَثَمَرَتِهَا وَأَهْلِهَا بِالْمَوْتِ
١٣ / ٥٧٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] يَقُولُ: «نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتِهَا»
١٣ / ٥٧٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «فِي الْأَنْفُسِ وَفِي الثَّمَرَاتِ، وَفِي خَرَابِ الْأَرْضِ»
١٣ / ٥٧٧
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ طَلْحَةَ الْقَنَّادِ، عَمَّنْ سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، قَالَ: «لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَتَطَرَّفُهُمْ بِأَخْذِهِمْ بِالْمَوْتِ
١٣ / ٥٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «مَوْتُ أَهْلِهَا»
١٣ / ٥٧٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ قَالَ: «الْمَوْتُ»
١٣ / ٥٧٧
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هَارُونُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: “هُوَ الْمَوْتُ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ نَجِدْ مَكَانًا نَجْلِسُ فِيهِ»
١٣ / ٥٧٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ: «هُوَ قَبْضُ النَّاسِ»
١٣ / ٥٧٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ عَنْ نَقَصِ الْأَرْضِ، قَالَ: «قَبْضُ النَّاسِ»
١٣ / ٥٧٨
حَدَّثني الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] قَالَ: «لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ لَمَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ جُبًّا يَخْرَأُ فِيهِ»
١٣ / ٥٧٨
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١]، قَالَ: «الْمَوْتُ» . وَقَالَ آخَرُونَ: نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِذَهَابِ فُقَهَائِهَا وَخِيَارِهَا
١٣ / ٥٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ ⦗٥٧٩⦘ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «ذَهَابُ عُلَمَائِهَا، وَفُقَهَائِهَا، وَخِيَارِ أَهْلِهَا»
١٣ / ٥٧٨
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «مَوْتُ الْعُلَمَاءِ» . وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] بِظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَيْهَا، وَقَهْرِهِمْ أَهْلَهَا، أَفَلَا يَعْتَبِرُونَ بِذَلِكَ فَيَخَافُونَ ظُهُورَهُمْ عَلَى أَرْضِهِمْ وَقَهْرُهُمْ إِيَّاهُمْ؟ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَوَعَّدَ الَّذِينَ سَأَلُوا رَسُولَهُ الْآيَاتِ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ [الرعد: ٤٠] ثُمَّ وَبَّخَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِسُوءِ اعْتِبَارِهِمْ مَا يُعَايِنُونَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِضُرَبَائِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَسْأَلُونَ الْآيَاتِ، فَقَالَ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الرعد: ٤١] بِقَهْرِ أَهْلِهَا، وَالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَجَوَانِبِهَا، وَهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ بِمَا يَرَوْنَ مِنْ ذَلِكَ
١٣ / ٥٧٩
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: ٤١] يَقُولُ: وَاللَّهُ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُ، وَيَقْضِي فَيَمْضِي قَضَاؤُهُ، وَإِذَا جَاءَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حُكْمُ اللَّهِ وَقَضَاؤُهُ لَمْ يَسْتَطِيعُوا رَدَّهُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: ٤١]: “لَا رَادَّ لِحُكْمِهِ، ⦗٥٨٠⦘ وَالْمُعَقِّبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: هُوَ الَّذِي يَكُرُّ عَلَى الشَّيْءِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٤١] يَقُولُ: وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ، يُحْصِي أَعْمَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ جَزَائِهِمْ عَلَيْهَا
١٣ / ٥٧٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا، يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ، وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي سَلَفَتْ بِأَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴿فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٤٢] يَقُولُ: فَلِلَّهِ أَسْبَابُ الْمَكْرِ جَمِيعًا، وَبِيَدِهِ وَإِلَيْهِ، لَا يَضُرُّ مَكْرُ مَنْ مَكَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا مَنْ أَرَادَ ضَرَّهُ بِهِ، يَقُولُ: فَلَمْ يَضُرَّ الْمَاكِرُونَ بِمَكْرِهِمْ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ضَرُّوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، لِأَنَّهُمْ أَسْخَطُوا رَبَّهُمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى أَهْلَكَهُمْ وَنَجَّى رُسُلَهُ: يَقُولُ: فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ يَمْكُرُونَ بِكَ يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهُ مُنْجِيكَ مِنْ مَكْرِهِمْ، وَمُلْحِقٌ ضُرَّ مَكْرِهِمْ بِهِمْ دُونَكَ
١٣ / ٥٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ [الرعد: ٤٢] يَقُولُ: يَعْلَمُ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ مَا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ، وَمَا يَسْعَوْنَ فِيهِ مِنَ الْمَكْرِ بِكَ، وَيَعْلَمُ جَمِيعَ أَعْمَالِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا
١٣ / ٥٨٠
﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٤٢] يَقُولُ: وَسَيَعْلَمُونَ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ عَاقِبَةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ حِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ، وَيَدْخُلُ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الْجَنَّةَ.
١٣ / ٥٨٠
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: (وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ) عَلَى التَّوْحِيدِ، وَأَمَّا قُرَّاءُ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ قَرَءُوهُ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ﴾ [الرعد: ٤٢] عَلَى الْجَمْعِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْجَمْعِ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ﴾ [الرعد: ٤٢] لِأَنَّ الْخَبَرَ جَرَى قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ، وَأَتْبَعَ بَعْدَهُ الْخَبَرَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ [يونس: ٤٦] وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا﴾ [الرعد: ٤٣] وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُونَ)، وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وَذَلِكَ كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ
١٣ / ٥٨١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا، قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الرعد: ٧] بِاللَّهِ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿لَسْتَ مُرْسَلًا﴾ [الرعد: ٤٣] تَكْذِيبًا مِنْهُمْ لَكَ، وَجُحُودًا لِنُبُوَّتِكَ، فَ ﴿قُلْ﴾ [البقرة: ٨٠] لَهُمْ إِذَا قَالُوا ذَلِكَ: ﴿كَفَى بِاللَّهِ﴾ [الرعد: ٤٣] يَقُولُ: قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ﴿شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] يَعْنِي شَاهِدًا، ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ١٩] عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ بِصِدْقِي وَكَذِبِكُمْ، ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]⦗٥٨٢⦘ فَمَنْ إِذَا قُرِئَ بِهِ كَذَلِكَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا بِهِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ قَرَأَ قَرَأَةُ الْأَمْصَارِ بِمَعْنَى: وَالَّذِينَ عِنْدَهُمْ عِلْمُ الْكِتَابِ الْكُتُبُ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فَسَّرَ ذَلِكَ الْمُفَسِّرُونَ
١٣ / ٥٨١
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثني عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مُحَيَّاةَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: «نَزَلَتْ فِيَّ: ﴿كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]»
١٣ / ٥٨٢
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: «أُنْزِلَ فِيَّ: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]»
١٣ / ٥٨٢
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]، فَالَّذِينَ عِنْدَهُمْ عِلْمُ الْكِتَابِ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى»
١٣ / ٥٨٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿⦗٥٨٣⦘ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] قَالَ: «هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ»
١٣ / ٥٨٢
حَدَّثني يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] قَالَ: «رَجُلٌ مِنَ الْإِنْسِ، وَلَمْ يُسَمِّهِ»
١٣ / ٥٨٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ “
١٣ / ٥٨٣
قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] “
١٣ / ٥٨٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا﴾ [الرعد: ٤٣] قَالَ: “قَوْلُ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] «أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا يَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ وَيُقِرُّونَ بِهِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، كَمَا يُحَدِّثُ أَنَّ مِنْهُمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ»
١٣ / ٥٨٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ⦗٥٨٤⦘ قَتَادَةَ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] قَالَ: «كَانَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ»
١٣ / ٥٨٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] قَالَ: «هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ» وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَهُ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ) بِمَعْنَى: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ. ذِكْرُ مَنْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْهُ
١٣ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ) يَقُولُ: «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ»
١٣ / ٥٨٤
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» قَالَ: «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»
١٣ / ٥٨٤
قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» قَالَ: «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ»
١٣ / ٥٨٤
وَقَدْ حَدَّثَنَا هَذَا الْحَدِيثَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)، قَالَ: «هُوَ اللَّهُ»، هَكَذَا قَرَأَ الْحَسَنُ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)». قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٨٥
قَالَ: ثنا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْجَعْدِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» قَالَ: «اللَّهُ» . قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَكَمِ، فَقَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ، مِثْلَهُ
١٣ / ٥٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ زَاذَانَ يُحَدِّثُ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» قَالَ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ “
١٣ / ٥٨٥
قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا هَوْذَةُ قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ) قَالَ: «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ»
١٣ / ٥٨٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» قَالَ: «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» . هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
١٣ / ٥٨٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقْرَؤُهَا: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)، يَقُولُ: «مِنْ ⦗٥٨٦⦘ عِنْدِ اللَّهِ عِلْمُ الْكِتَابِ، وَجُمْلَتِهِ» هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ بِشْرٌ: عِلْمُ الْكِتَابِ، وَأَنَا أَحْسِبُهُ وَهَمَ فِيهِ، وَأَنَّهُ: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» لِأَنَّ قَوْلَهُ وَجُمْلَتَهُ اسْمٌ، لَا يُعْطَفُ بِاسْمٍ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ
١٣ / ٥٨٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هَارُونَ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)، يَقُولُ: «مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ»
١٣ / ٥٨٦
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ) أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالَ: «هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، فَكَيْفَ يَكُونُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالَ: وَكَانَ يَقْرَؤُهَا: «وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» يَقُولُ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»
١٣ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)، أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالَ: «فَكَيْفَ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَكَانَ سَعِيدٌ يَقْرَؤُهَا: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)»
١٣ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني عَبَّادٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَجُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَا: (وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ) قَالَ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ” وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَبَرٌ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلِ، غَيْرَ أَنَّ فِيَ إِسْنَادِهِ نَظَرًا، وَذَلِكَ مَا
١٣ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني عَبَّادُ بْنُ ⦗٥٨٧⦘ الْعَوَّامِ، عَنْ هَارُونَ الْأَعْوَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَرَأَ «(وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ)، عِنْدَ اللَّهِ عُلِمَ الْكِتَابُ» . وَهَذَا خَبَرٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ عِنْدَ الثِّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] كَانَ التَّأْوِيلُ الَّذِي عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِمَّنْ خَالَفَهُ، إِذْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مُجْمِعُونَ أَحَقُّ بِالصَّوَابِ