سُورَةُ الرَّعْدِ 1

مَدَنِيَّةٌ، وَآيَاتُهَا ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ
١٣ ‏/ ٤٠٥
الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الرَّعْدُ
١٣ ‏/ ٤٠٥
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ، وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الرعد: ١] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿الر﴾ [يونس: ١] وَ﴿المر﴾ [الرعد: ١] وَنَظَائِرُهُمَا مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي افْتُتِحَ بِهَا أَوَائِلُ بَعْضِ سُوَرِ الْقُرْآنِ فِيمَا مَضَى، بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةِ مِنْ إِعَادَتِهَا، غَيْرَ أَنَّا نَذْكُرُ مِنَ الرِّوَايَةِ مَا جَاءَ خَاصًّا بِهِ كُلَّ سُورَةٍ افْتُتِحَ أَوَّلُهَا بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَمِمَّا جَاءَ مِنَ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ نَقْلِ أَبِي الضُّحَى مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ، التَّفْرِيقُ بَيْنَ مَعْنَى مَا ابْتُدِئَ بِهِ أَوَّلُهَا مَعَ زِيَادَةِ الْمِيمِ الَّتِي فِيهَا عَلَى سَائِرِ سُوَرِ ذَوَاتِ الرَّاءِ، وَمَعْنَى مَا ابْتُدِئَ بِهِ أَخَوَاتُهَا، مَعَ نُقْصَانِ ذَلِكَ مِنْهَا عَنْهَا. ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ عَنْهُ:
١٣ ‏/ ٤٠٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿المر﴾ [الرعد: ١] قَالَ: «أَنَا اللَّهُ أَرَى»
١٣ ‏/ ٤٠٥
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: ﴿المر﴾ [الرعد: ١] قَالَ: «أَنَا اللَّهُ أَرَى»
١٣ ‏/ ٤٠٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿المر﴾ [الرعد: ١]: «فَوَاتِحُ يَفْتَتِحُ بِهَا كَلَامَهُ»
١٣ ‏/ ٤٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ [يونس: ١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تِلْكَ الَّتِي قَصَصْتُ عَلَيْكَ خَبَرَهَا آيَاتُ الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْكَ إِلَى مَنْ أَنْزَلْتُهُ إِلَيْهِ مِنْ رُسُلِي قَبْلَكَ. وَقِيلَ: عَنَى بِذَلِكَ: التَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ
١٣ ‏/ ٤٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿المر. تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ١] الْكُتُبُ الَّتِي كَانُوا قَبْلَ الْقُرْآنِ»
١٣ ‏/ ٤٠٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ١] قَالَ: «التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ»
١٣ ‏/ ٤٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ [الرعد: ١] وَهُوَ الْقُرْآنُ، فَاعْمَلْ بِمَا فِيهِ وَاعْتَصِمْ بِهِ، وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ [الرعد: ١] قَالَ: «الْقُرْآنُ»
١٣ ‏/ ٤٠٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ [الرعد: ١] «أَيْ هَذَا الْقُرْآنُ» . وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ١] وَجْهَانِ مِنَ الْإِعْرَابِ: أَحَدُهُمَا الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، فَيَكُونُ مَرْفُوعًا بِ «الْحَقُّ» وَ«الْحَقُّ بِهِ» وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَأْوِيلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةُ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ عَنْهُمَا، وَالْآخَرُ: الْخَفْضُ عَلَى الْعَطْفِ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: تِلْكَ آيَاتُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ الْحَقُّ بِمَعْنَى: ذَلِكَ الْحَقِّ، فَيَكُونُ رَفْعُهُ بِمُضْمَرٍ مِنَ الْكَلَامِ قَدِ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَوْ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ، وَإِنَّمَا أُدْخِلَتِ الْوَاوُ فِي «وَالَّذِي»، وَهُوَ نَعْتٌ لِلْكِتَابِ، كَمَا أَدْخَلَهَا الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:
[البحر المتقارب] إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ … وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ
فَعَطَفَ بِالْوَاوِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ صِفَةِ وَاحِدٍ، كَانَ مَذْهَبًا مِنَ التَّأْوِيلِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ إِذَا تُؤَوَّلُ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي «الْحَقُّ» الْخَفْضُ، عَلَى أَنَّهُ ⦗٤٠٨⦘ نَعْتٌ لِـ «الَّذِي»
١٣ ‏/ ٤٠٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ [البقرة: ٢٤٣] مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ لَا يُصَدِّقُونَ بِالْحَقِّ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَلَا يُقِرُّونَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُحْكَمِ آيِهِ
١٣ ‏/ ٤٠٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، يُفَصِّلُ الْآيَاتِ، لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ هُوَ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، فَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا مَسْمُوكًا، وَالْعَمَدُ جَمْعُ عَمُودٍ، وَهِيَ السَّوَارِي، وَمَا يُعْمَدُ بِهِ الْبِنَاءُ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
[البحر البسيط] وَخَيَّسَ الْجِنَّ أَنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ … يَبْنُونَ تَدْمُرَ بِالصُّفَّاحِ وَالْعَمَدِ
وَجَمْعُ الْعَمُودِ: عَمَدٌ، كَمَا جَمْعُ الْأَدِيمِ: أَدَمٌ، وَلَوْ جُمِعَ بِالضَّمِّ فَقِيلَ: عُمُدٌ جَازَ، كَمَا يُجْمَعُ الرَّسُولُ: رُسُلٌ، وَالشَّكُورُ: شُكُرٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا
١٣ ‏/ ٤٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: “إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: إِنَّهَا عَلَى عَمَدٍ، يَعْنِي السَّمَاءَ؟ قَالَ: فَقَالَ: اقْرَأْهَا ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: ٢]: أَيْ لَا تَرَوْنَهَا. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٠٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: ٢] قَالَ: «بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا»
١٣ ‏/ ٤٠٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: ٢] قَالَ: «هِيَ لَا تَرَوْنَهَا»
١٣ ‏/ ٤٠٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «بِغَيْرِ عَمَدٍ يَقُولُ:»عَمَدٌ لَا تَرَوْنَهَا. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٠٩
قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، قَوْلُهُ ⦗٤١٠⦘: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «بِعَمَدٍ وَلَكِنْ لَا تَرَوْنَهَا»
١٣ ‏/ ٤٠٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ قَالَ: «مَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا؟» . وَمَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، قَصَدَ مَذْهَبَ تَقْدِيمِ الْعَرَبِ الْجَحْدَ مِنْ آخِرِ الْكَلَامِ إِلَى أَوَّلِهِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر المنسرح] وَلَا أُرَاهَا تَزَالُ ظَالِمَةً … تُحْدِثُ لِي نَكْبَةً وَتَنْكَؤُهَا
يُرِيدُ: أُرَاهَا لَا تَزَالُ ظَالِمَةً، فَقَدَّمَ الْجَحْدَ عَنْ مَوْضِعِهِ مِنْ تَزَالُ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
[البحر الطويل] إِذَا أَعْجَبَتْكَ الدَّهْرَ حَالٌ مِنِ امْرِئٍ … فَدَعْهُ وَوَاكِلْ حَالَهُ وَاللَّيَالِيَا
يَجِئْنَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ صَالِحٍ بِهِ … وَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا تَرَى النَّاسُ آلِيَا
يَعْنِي: وَإِنْ كَانَ فِيمَا يَرَى النَّاسُ لَا يَأْلُو وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ مَرْفُوعَةٌ بِغَيْرِ عَمَدٍ
١٣ ‏/ ٤١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا آدَمُ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ قَالَ: «السَّمَاءُ مُقَبَّبَةٌ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ الْقُبَّةِ»
١٣ ‏/ ٤١١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: ٢] قَالَ: «رَفَعَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ فَهِيَ مَرْفُوعَةٌ بِغَيْرِ عَمَدٍ نَرَاهَا، كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلَا خَبَرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا حُجَّةَ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا بِقَوْلٍ سِوَاهُ
١٣ ‏/ ٤١١
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤] فَإِنَّهُ يَعْنِي: عَلَا عَلَيْهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ وَاخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَالصَّحِيحَ مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا قَالُوا فِيهِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٣ ‏/ ٤١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ [الرعد: ٢] يَقُولُ: وَأَجْرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي السَّمَاءِ فَسَخَّرَهُمَا فِيهَا لِمَصَالِحِ خَلْقِهِ، وَذَلَّلَهُمَا لِمَنَافِعِهِمْ، لِيَعْلَمُوا بِجَرْيِهِمَا فِيهَا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ، وَيَفْصِلُوا بِهِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
١٣ ‏/ ٤١١
وَقَوْلُهُ: ﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الرعد: ٢] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كُلُّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي السَّمَاءِ لِأَجَلٍ مُسَمًّى: أَيْ لِوَقْتِ مَعْلُومٍ، وَذَلِكَ إِلَى فَنَاءِ الدُّنْيَا وَقِيَامِ ⦗٤١٢⦘ الْقِيَامَةِ الَّتِي عِنْدَهَا تُكَوَّرُ الشَّمْسُ، وَيُخْسَفُ الْقَمَرُ، وَتَنْكَدِرُ النُّجُومُ، وَحُذِفَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ لِفَهْمِ السَّامِعِينَ مِنْ أَهْلِ لِسَانِ مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ الْقُرْآنُ مَعْنَاهُ، وَأَنَّ «كُلٌّ» لَا بُدَّ لَهَا مِنْ إِضَافَةٍ إِلَى مَا تُحِيطُ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ ﴿لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الرعد: ٢] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الرعد: ٢] قَالَ: «الدُّنْيَا»
١٣ ‏/ ٤١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [يونس: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَقْضِي اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا أُمُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُلَّهَا، وَيُدَبِّرُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَحْدَهُ، بِغَيْرِ شَرِيكٍ وَلَا ظَهِيرٍ وَلَا مُعِينٍ سُبْحَانَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [يونس: ٣] يَقْضِيهِ وَحْدَهُ». قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. ⦗٤١٣⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ
١٣ ‏/ ٤١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ [يونس: ٥] يَقُولُ: يُفَصِّلُ لَكُمْ رَبُّكُمْ آيَاتِ كِتَابِهِ، فَيُبَيِّنُهَا لَكُمُ احْتِجَاجًا بِهَا عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، ﴿لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ [الرعد: ٢] يَقُولُ: لِتُوقِنُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ، وَالْمَعَادِ إِلَيْهِ، فَتُصَدِّقُوا بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَتَنْزَجِرُوا عَنْ عِبَادَةِ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَتُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ إِذَا تَيَقَّنْتُمْ ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ [الرعد: ٢] وَأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابَهُ، وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ لِنُؤْمِنَ بِوَعْدِهِ، وَنَسْتَيْقِنَ بِلِقَائِهِ»
١٣ ‏/ ٤١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَينِ اثْنَيْنِ يَغْشَى اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ فَبَسَطَهَا طُولًا وَعَرْضًا
١٣ ‏/ ٤١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ [الرعد: ٣] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ جِبَالًا ثَابِتَةً، ⦗٤١٤⦘ وَالرَّوَاسِي: جَمْعُ رَاسِيَةٍ وَهِيَ الثَّابِتَةُ، يُقَالُ مِنْهُ: أَرْسَيْتُ الْوَتَدَ فِي الْأَرْضِ: إِذَا أَثْبَتُّهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل] بِهِ خَالِدَاتٌ مَا يَرِمْنَ وَهَامِدٌ … وَأَشْعَثُ أَرْسَتْهُ الْوَلِيدَةُ بِالْفِهْرِ
يَعْنِي: أَثْبَتَتْهُ
١٣ ‏/ ٤١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنْهَارًا﴾ [الرعد: ٣] يَقُولُ: وَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ أَنْهَارًا مِنْ مَاءٍ
١٣ ‏/ ٤١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [الرعد: ٣] فَ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ ﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [الرعد: ٣] مِنْ صِلَةَ «جَعَلَ» الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَجَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ، وَعَنَى بِزَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ: مِنْ كُلِّ ذَكَرٍ اثْنَانِ، وَمِنْ كُلِّ أُنْثَى اثْنَانِ، فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ، مِنَ الذُّكُورِ اثْنَانِ، وَمِنَ الْإِنَاثِ اثْنَانِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الِاثْنَيْنِ زَوْجَيْنِ، وَالْوَاحِدُ مِنَ الذُّكُورِ زَوْجًا لِأُنْثَاهُ، وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى الْوَاحِدَةُ زَوْجًا وَزَوْجَةً لِذَكَرِهَا، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ⦗٤١٥⦘ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيَزِيدُ ذَلِكَ إِيضَاحًا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [النجم: ٤٥] فَسَمَّى الِاثْنَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى زَوْجَيْنِ وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [هود: ٤٠]: نَوْعَيْنِ وَضَرْبَيْنِ
١٣ ‏/ ٤١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ [الأعراف: ٥٤] يَقُولُ: يُجَلِّلُ اللَّيْلَ النَّهَارَ فَيُلْبِسُهُ ظَلَمْتَهُ، وَالنَّهَارَ اللَّيْلَ بِضِيَائِهِ، كَمَا
١٣ ‏/ ٤١٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ [الرعد: ٣]: «أَيْ يَلْبَسُ اللَّيْلَ النَّهَارَ»
١٣ ‏/ ٤١٥
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرعد: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِيمَا وَصَفْتُ وَذَكَرْتُ مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ اللَّهِ وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ الَّتِي خَلَقَ بِهَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، لَدَلَالَاتٍ وَحُجَجًا وَعِظَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا، فَيَسْتَدِلُّونَ وَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَصْلُحُ، وَلَا تَجُوزُ، إِلَّا لِمَنْ خَلَقَهَا، وَدَبَّرَهَا، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى ضُرٍّ، وَلَا نَفْعٍ، وَلَا لِشَيْءٍ غَيْرِهَا، إِلَّا لِمَنْ أَنْشَأَ ذَلِكَ فَأَحْدَثَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، تبارك وتعالى، وَأَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي أَبْدَعَ بِهَا ذَلِكَ هِيَ الْقُدْرَةُ الَّتِي لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ مَنْ هَلَكَ مِنْ خَلْقِهِ، وَإِعَادَةِ مَا فَنِيَ مِنْهُ، وَابْتِدَاعِ مَا شَاءَ ابْتِدَاعَهُ بِهَا
١٣ ‏/ ٤١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوًانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ⦗٤١٦⦘ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤]: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مِنْهَا مُتَقَارِبَاتٌ مُتَدَانِيَاتٌ يَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ بِالْجِوَارِ، وَتَخْتَلِفُ بِالتَّفَاضُلِ مَعَ تَجَاوُرِهَا وَقُرْبِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، فَمِنْهَا قِطْعَةٌ سَبِخَةٌ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا فِي جِوَارِ قِطْعَةٍ طَيِّبَةٍ تُنْبِتُ وَتَنْفَعُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «السَّبِخَةُ وَالْعَذِيَةُ، وَالْمَالِحُ وَالطَّيِّبُ»
١٣ ‏/ ٤١٦
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: “سِبَاخٌ وَعُذُوبَةٌ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤١٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ ⦗٤١٧⦘ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الْعَذِيَةُ وَالسَّبِخَةُ»
١٣ ‏/ ٤١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] يَعْنِي: «الْأَرْضَ السَّبِخَةَ، وَالْأَرْضَ الْعَذِيَةَ، يَكُونَانِ جَمِيعًا مُتَجَاوِرَاتٌ، نُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ»
١٣ ‏/ ٤١٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] «الْعَذِيَةٌ وَالسَّبِخَةٌ مُتَجَاوِرَاتٌ جَمِيعًا، تُنْبِتُ هَذِهِ، وَهَذِهِ إِلَى جَنْبِهَا لَا تُنْبِتُ»
١٣ ‏/ ٤١٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] طَيِّبُهَا: عَذِيُّهَا، وَخَبِيثُهَا: السِّبَاخُ». حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤١٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قُرًى قُرِّبَتْ مُتَجَاوِرَاتٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ»
١٣ ‏/ ٤١٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «قُرًى مُتَجَاوِرَاتٌ»
١٣ ‏/ ٤١٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الْأَرْضُ السَّبِخَةُ تَلِيهَا الْأَرْضُ الْعَذِيَةُ»
١٣ ‏/ ٤١٨
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] يَعْنِي: «الْأَرْضَ السَّبِخَةَ وَالْأَرْضَ الْعَذِيَةَ، مُتَجَاوِرَاتٌ بَعْضُهَا عِنْدَ بَعْضٍ»
١٣ ‏/ ٤١٨
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الْأَرْضُ تُنْبِتُ حُلْوًا، وَالْأَرْضُ تُنْبِتُ حَامِضًا، وَهِيَ مُتَجَاوِرَةٌ (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)»
١٣ ‏/ ٤١٨
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤]⦗٤١٩⦘ قَالَ: «يَكُونُ هَذَا حُلْوًا وَهَذَا حَامِضًا، وَهُوَ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وَهُنَّ مُتَجَاوِرَاتٌ»
١٣ ‏/ ٤١٨
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ يَحْيَى الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «عَذِيَةٌ وَمَالِحَةٌ»
١٣ ‏/ ٤١٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابِ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِي الْأَرْضِ مَعَ الْقِطَعِ الْمُخْتَلِفَاتِ الْمَعَانِي مِنْهَا بِالْمُلُوحَةِ وَالْعُذُوبَةِ، وَالْخَبِيثِ وَالطَّيِّبِ، مَعَ تَجَاوُرِهَا وَتَقَارُبِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، بَسَاتِينُ مِنْ أَعْنَابِ وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ أَيْضًا، مُتَقَارِبَةٌ فِي الْخِلْقَةِ مُخْتَلِفَةٌ فِي الطُّعُومِ وَالْأَلْوَانِ، مَعَ اجْتِمَاعِ جَمِيعِهَا عَلَى شِرْبٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ طَيِّبٍ طَعْمُهُ مِنْهَا حَسَنٌ مَنْظَرُهُ طَيِّبَةٌ رَائِحَتُهُ، وَمِنْ حَامِضٍ طَعْمُهُ وَلَا رَائِحَةَ لَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابِ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: “مُجْتَمِعٌ وَغَيْرُ مُجْتَمِعٍ ﴿يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الْأَرْضُ الْوَاحِدَةُ يَكُونُ فِيهَا الْخَوْخُ، وَالْكُمِّثْرَى، وَالْعِنَبُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ، ⦗٤٢٠⦘ وَبَعْضُهَا أَكْثَرُ حِمْلًا مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهُ حُلْوٌ، وَبَعْضُهُ حَامِضٌ، وَبَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ»
١٣ ‏/ ٤١٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَنَّاتٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «وَمَا مَعَهَا» . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ الْمُثَنَّى، ثنا وَإِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ﴾ [الرعد: ٤] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: (وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ)، بِالْخَفْضِ عَطْفًا بِذَلِكَ عَلَى «الْأَعْنَابِ»، بِمَعْنَى: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ، وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابِ وَمَنْ زَرْعٍ وَنَخِيلٍ، وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: ﴿وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ﴾ [الرعد: ٤] بِالرَّفْعِ عَطْفًا بِذَلِكَ عَلَى «الْجَنَّاتِ»، بِمَعْنَى: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ، وَفِيهَا أَيْضًا زَرْعٌ وَنَخِيلٌ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، وَقَرَأَ بِكُلِّ
١٣ ‏/ ٤٢٠
وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قُرَّاءٌ مَشْهُورُونَ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْعَ وَالنَّخْلَ إِذَا كَانَا فِي الْبَسَاتِينِ فَهُمَا فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَا فِي الْأَرْضِ فَالْأَرْضُ الَّتِي هُمَا فِيهَا جَنَّةٌ، فَسَوَاءٌ وُصِفَا بِأَنَّهُمَا فِي بُسْتَانٍ أَوْ فِي أَرْضٍ
١٣ ‏/ ٤٢١
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] فَإِنَّ الصِّنْوَانَ: جَمْعُ صِنْو، وَهِيَ النَّخَلَاتُ يَجْمَعُهُنَّ أَصْلٌ وَاحِدٌ، لَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ جَمِيعِهِ وَاثْنَيْهِ إِلَّا بِالْإِعْرَابِ فِي النُّونِ، وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ نُونُهُ فِي اثْنَيْهِ مَكْسُورَةً بِكُلِّ حَالٍ، وَفِي جَمِيعِهِ مُتَصَرِّفَةً فِي وُجُوهِ الْإِعْرَابِ، وَنَظَيرُهُ الْقِنْوَانِ: وَاحِدُهَا قِنْوٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: “الْمُجْتَمِعُ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤]: «الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤]: “هِيَ النَّخْلَةُ الَّتِي إِلَى جَنْبِهَا نَخَلَاتٌ إِلَى أَصْلِهَا، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤]: «النَّخْلَةُ وَحْدَهَا»
١٣ ‏/ ٤٢١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الصِّنْوَانُ: النَّخْلَتَانِ ⦗٤٢٢⦘ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ الْمُتَفَرِّقَتَانِ»
١٣ ‏/ ٤٢١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: «النَّخْلَةُ يَكُونُ لَهَا النَّخَلَاتُ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] النَّخْلُ الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، وَعَفَّانُ، وَاللَّفْظُ لَفْظُ أَبِي قَطَنٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: “الصِّنْوَانُ: النَّخْلَةُ إِلَى جَنْبِهَا النَّخَلَاتُ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤]: «الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الصِّنْوَانُ: النَّخَلَاتُ الثَّلَاثُ وَالْأَرْبَعُ وَالثِّنْتَانِ أَصْلُهُنَّ وَاحِدٌ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢٢
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «النَّخْلَتَانِ يَكُونُ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤] يَقُولُ: مُجْتَمِعٌ “
١٣ ‏/ ٤٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] «يَعْنِي بِالصِّنْوَانِ: النَّخْلَةُ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا النَّخَلَاتُ، فَيَحْمِلُ بَعْضُهُ وَلَا يَحْمِلُ بَعْضُهُ، فَيَكُونُ أَصْلُهُ وَاحِدًا وَرُءُوسُهُ مُتَفَرِّقَةٌ»
١٣ ‏/ ٤٢٣
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] «النَّخِيلُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: النَّخِيلُ الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «مُجْتَمِعٌ، وَغَيْرُ مُجْتَمِعٍ»
١٣ ‏/ ٤٢٣
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا النُّفَيْلِيُّ قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «الصِّنْوَانُ: مَا كَانَ أَصْلُهُ وَاحِدًا وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: الَّذِي نَبَتَ وَحْدَهُ»
١٣ ‏/ ٤٢٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤] «النَّخْلَتَانِ وَأَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] وَحْدَهَا»
١٣ ‏/ ٤٢٣
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤]: «النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] وَاحِدَةٌ». ⦗٤٢٤⦘ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٢٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الصِّنْوَانُ: الْمُجْتَمِعُ أَصْلُهُ وَاحِدٌ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: الْمُتَفَرِّقُ أَصْلُهُ»
١٣ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الصِّنْوَانُ: الْمُجْتَمِعُ الَّذِي أَصْلُهُ وَاحِدٌ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: الْمُتَفَرِّقُ»
١٣ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] «أَمَّا الصِّنْوَانُ: فَالنَّخْلَتَانِ وَالثَّلَاثُ أُصُولُهُنَّ وَاحِدَةٌ وَفُرُوعُهُنَّ شَتَّى، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ: النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ»
١٣ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «صِنْوَانٌ: النَّخْلَةُ الَّتِي يَكُونُ فِي أَصْلِهَا نَخْلَتَانِ وَثَلَاثٌ أَصْلُهُنَّ وَاحِدٌ»
١٣ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ قَوْلُهُ: ﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الصِّنْوَانُ: النَّخْلَتَانِ أَوِ الثَّلَاثُ يَكُنَّ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، فَذَلِكَ يَعُدُّهُ النَّاسُ صِنْوَانًا»
١٣ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ⦗٤٢٥⦘ رَجُلٌ، أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ قَوْلٌ، فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، ” فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ عَبَّاسًا فَعَلَ بِي وَفَعَلَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُجِيبَهُ، فَذَكَرْتُ مَكَانَهُ مِنْكَ فَكَفَفْتُ فَقَالَ: «يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ»
١٣ ‏/ ٤٢٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤]: النَّخْلَةُ الَّتِي يَكُونُ فِي أَصْلِهَا نَخْلَتَانِ وَثَلَاثٌ أَصْلُهُنَّ وَاحِدٌ. قَالَ: فَكَانَ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ رضي الله عنهما قَوْلٌ، فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ عَبَّاسًا فَعَلَ بِي وَفَعَلَ؟ فَأَرَدْتُ أَنْ أُجِيبَهُ، فَذَكَرْتُ مَكَانَهُ مِنْكَ فَكَفَفْتُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ»
١٣ ‏/ ٤٢٥
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تُؤْذُونِي فِي الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ آبَائِي، وَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ»
١٣ ‏/ ٤٢٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِعُمَرَ: «يَا عُمَرُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ ⦗٤٢٦⦘ أَبِيهِ؟»
١٣ ‏/ ٤٢٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿صِنْوَانٌ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ ثَلَاثُ نَخَلَاتٍ، كَمَثَلِ ثَلَاثَةِ بَنِي أُمٍّ وَأَبٍ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْعَمَلِ، كَمَا يَتَفَاضَلُ ثَمَرُ هَذِهِ النَّخَلَاتِ الثَّلَاثِ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «كَمَثَلِ صَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ» . حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ
١٣ ‏/ ٤٢٦
حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِقُلُوبِ بَنِي آدَمَ، كَانَتِ الْأَرْضُ فِي يَدِ الرَّحْمَنِ طِينَةً وَاحِدَةً، فَسَطَحَهَا وَبَطَحَهَا، فَصَارَتِ الْأَرْضُ قِطَعًا مُتَجَاوِرَاتٍ، فَيَنْزِلُ عَلَيْهَا الْمَاءُ مِنَ السَّمَاءِ، فَتُخْرِجُ هَذِهِ زَهْرَتَهَا، وَثَمَرَهَا، وَشَجَرَهَا، وَتُخْرِجُ نَبَاتَهَا، وَتُحْيِي مَوَاتَهَا، وَتُخْرِجُ هَذِهِ سَبَخَهَا، وَمِلْحَهَا، وَخَبَثَهَا، وَكِلْتَاهُمَا تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ مَالِحًا قِيلَ: إِنَّمَا اسْتَسْبَخَتْ هَذِهِ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ، كَذَلِكَ النَّاسُ خُلِقُوا مِنْ آدَمَ، فَيَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ تَذْكِرَةً، فَتَرِقُّ قُلُوبٌ فَتَخْشَعُ وَتَخْضَعُ، وَتَقْسُو قُلُوبٌ فَتَلْهُو وَتَسْهُو وَتَجْفُو». قَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ مَا جَالَسَ الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ،
١٣ ‏/ ٤٢٦
وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: ٨٢]». وَقَوْلُهُ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ) . اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ (تُسْقَى)، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: (تُسْقَى)، بِالتَّاءِ، بِمَعْنَى: تُسْقَى الْجَنَّاتُ وَالزَّرْعُ وَالنَّخِيلُ وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّمَا قِيلَ: «تُسْقَى» بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ الْأَعْنَابِ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: ﴿يُسْقَى﴾ [الرعد: ٤] بِالْيَاءِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ تَذْكِيرِهِ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ خَبَرٌ عَنِ الْجَنَّاتِ، وَالْأَعْنَابِ، وَالنَّخِيلِ، وَالزَّرْعِ، أَنَّهَا تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ بِالتَّاءِ، فَذَلِكَ عَلَى الْأَعْنَابِ، كَمَا ذَكَّرَ الْأَنْعَامَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا فِي بُطُونِهِ﴾ وَأُنِّثَ بَعْدُ فَقَالَ: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ [المؤمنون: ٢٢] فَمَنْ قَالَ: ﴿يُسْقَى﴾ [الرعد: ٤] بِالْيَاءِ جَعَلَ الْأَعْنَابَ مِمَّا تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، مِثْلَ الْأَنْعَامِ، وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: مَنْ قَالَ (تُسْقَى) ذَهَبَ إِلَى تَأْنِيثِ الزَّرْعِ وَالْجَنَّاتِ وَالنَّخِيلِ، وَمَنْ ذَكَّرَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ،
١٣ ‏/ ٤٢٧
وَأُكُلُهُ مُخْتَلِفٌ حَامِضٌ وَحُلْوٌ، فَفِي هَذَا آيَةٌ. وَأَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِالتَّاءِ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)، عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: تُسْقَى الْجَنَّاتُ وَالنَّخْلُ وَالزَّرْعُ بِمَاءٍ وَاحِدٍ لِمَجِيءِ «تُسْقَى» بَعْدَ مَا قَدْ جَرَى ذِكْرُهَا، وَهَيَ جِمَاعٌ مِنْ غَيْرِ بَنِي آدَمَ، وَلَيْسَ الْوَجْهُ الْآخَرُ بِمُمْتَنِعٍ عَلَى مَعْنَى يُسْقَى ذَلِكَ بِمَاءٍ وَاحِدٍ: أَيْ جَمِيعُ ذَلِكَ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ عَذْبٍ دُونَ الْمَالِحِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)، مَاءُ السَّمَاءِ، كَمَثَلِ صَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ “
١٣ ‏/ ٤٢٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)، قَالَ: مَاءُ السَّمَاءِ». حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٢٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)، قَالَ: «مَاءُ الْمَطَرِ»
١٣ ‏/ ٤٢٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَرَأَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)، قَالَ: «مَاءُ السَّمَاءِ، كَمَثَلِ صَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ، أَبُوهُمْ وَاحِدٌ» . قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ
١٣ ‏/ ٤٢٩
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ يَحْيَى الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)، قَالَ: «بِمَاءِ السَّمَاءِ»
١٣ ‏/ ٤٢٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضِ الْكُوفِيِّينَ: ﴿وَنُفَضِّلُ﴾ [الرعد: ٤] بِالنُّونِ بِمَعْنَى: وَنُفَضِّلُ نَحْنُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: (وَيُفَضِّلُ) بِالْيَاءِ، رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ [الأعراف: ٥٤] وَيُفَضَّلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، غَيْرَ
١٣ ‏/ ٤٢٩
أَنَّ الْيَاءَ أَعْجَبُهُمَا إِلَيَّ فِي الْقِرَاءَةِ، لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ كَلَامٍ ابْتِدَاؤُهُ «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ»، فَقِرَاءَتُهُ بِالْيَاءِ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْلَى. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: أَنَّ الْجَنَّاتِ مِنَ الْأَعْنَابِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخِيلِ، الصِّنْوَانُ وَغَيْرُ الصِّنْوَانِ، تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ عَذْبٍ لَا مِلْحٍ، وَيُخَالِفُ اللَّهُ بَيْنَ طُعُومِ ذَلِكَ، فَيُفَضَّلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الطَّعْمِ، فَهَذَا حُلْوٌ وَهَذَا حَامِضٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: الْفَارِسِيُّ، وَالدَّقَلُ، وَالْحُلْوُ، وَالْحَامِضُ»
١٣ ‏/ ٤٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الْأَرْضُ الْوَاحِدَةُ يَكُونُ فِيهَا الْخَوْخُ، وَالْكُمِّثْرَى، وَالْعِنَبُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ، وَبَعْضُهَا أَكْثَرُ حِمْلًا مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهُ حُلْوٌ وَبَعْضُهُ حَامِضٌ، وَبَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ»
١٣ ‏/ ٤٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: بَرْنِيُّ وَكَذَا وَكَذَا، وَهَذَا بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ»
١٣ ‏/ ٤٣٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ ⦗٤٣١⦘ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «هَذَا حَامِضٌ، وَهَذَا حُلْوٌ، وَهَذَا مُزٌّ»
١٣ ‏/ ٤٣٠
حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: ثنا سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الدَّقَلُ وَالْفَارِسِيُّ وَالْحُلْوُ وَالْحَامِضُ»
١٣ ‏/ ٤٣١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤] قَالَ: «الدَّقَلُ وَالْفَارِسِيُّ وَالْحُلْوُ وَالْحَامِضُ»
١٣ ‏/ ٤٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي مُخَالَفَةِ اللَّهِ عز وجل بَيْنَ هَذِهِ الْقِطَعِ مِنَ الْأَرْضِ الْمُتَجَاوِرَاتِ، وَثِمَارِ جَنَّاتِهَا وَزُرُوعِهَا ⦗٤٣٢⦘ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَبَيَّنَّا لَدَلِيلًا وَاضِحًا وَعِبْرَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ اخْتِلَافَ ذَلِكَ، أَنَّ الَّذِيَ خَالَفَ بَيْنَهُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ الَّذِي خَالَفَ بَيْنَهُ، هُوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ خَلْقِهِ فِيمَا قَسَمَ لَهُمْ مِنْ هِدَايَةٍ وَضَلَالٍ وَتَوْفِيقٍ وَخِذْلَانٍ، فَوَفَّقَ هَذَا وَخَذَلَ هَذَا، وَهَدَى ذَا وَأَضَلَّ ذَا، وَلَوْ شَاءَ لَسَوَّى بَيْنَ جَمِيعِهِمْ، كَمَا لَوْ شَاءَ سَوَّى بَيْنَ جَمِيعِ أُكُلِ ثِمَارِ الْجَنَّةِ الَّتِي تَشْرَبُ شُرْبًا وَاحِدًا، وَتُسْقَى سَقْيًا وَاحِدًا، وَهِيَ مُتَفَاضِلَةٌ فِي الْأُكُلِ
١٣ ‏/ ٤٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ، وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ، هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الرعد: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنْ تَعْجَبْ يَا مُحَمَّدُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُتَّخِذِينَ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِي، فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ﴿أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا﴾ [الرعد: ٥] وَبَلِينَا فَعَدِمْنَا ﴿أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] أَئِنَّا لَمُجَدَّدٌ إِنْشَاؤُنَا وَإِعَادَتُنَا خَلْقًا جَدِيدًا، كَمَا كُنَّا قَبْلَ وَفَاتِنَا؟ تَكْذِيبًا مِنْهُمْ بِقَدْرَةِ اللَّهِ، وَجُحُودًا لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ، كَمَا
١٣ ‏/ ٤٣٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ﴾ [الرعد: ٥] «إِنْ عَجِبْتَ يَا مُحَمَّدُ فَعَجَبٌ ﴿قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] عَجِبَ الرَّحْمَنُ تبارك وتعالى مِنْ تَكْذِيبِهِمْ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ»
١٣ ‏/ ٤٣٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ ⦗٤٣٣⦘ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ [الرعد: ٥] قَالَ: «إِنْ تَعْجَبْ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ، وَهُمْ قَدْ رَأَوْا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ وَمَا ضَرَبَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْثَالِ، فَأَرَاهُمْ مِنْ حَيَاةِ الْمَوْتَى فِي الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ، إِنْ تَعْجَبْ مِنْ هَذِهِ فَتَعَجَّبْ مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] أَوَ لَا يَرَوْنَ أَنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ نُطْفَةٍ، فَالْخَلْقُ مِنْ نُطْفَةٍ أَشَدُّ أَمِ الْخَلْقُ مِنْ تُرَابٍ وَعِظَامٍ؟». وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ تَكْرِيرِ الِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا﴾ [الرعد: ٥] أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: الْأَوَّلُ ظَرْفٌ، وَالْآخَرُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامُ، كَمَا تَقُولُ: أَيَومُ الْجُمُعَةِ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ؟ قَالَ: وَمَنْ أَوْقَعَ اسْتِفْهَامًا آخَرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا؟ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِشَيْءٍ مَذْكُورٍ قَبْلَهُ كَأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: تُبْعَثُونَ، فَقَالُوا: أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا؟ ثُمَّ جَعَلَ هَذَا اسْتِفْهَامًا آخَرَ، قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تَجْعَلْ فِي قَوْلِكَ: «أَئِذَا» اسْتِفْهَامًا، وَجَعَلْتَ الِاسْتِفْهَامَ فِي اللَّفْظِ عَلَى «أَئِنَّا»، كَأَنَّكَ قُلْتَ: أَيَومُ الْجُمُعَةِ أَعْبَدُ اللَّهِ مُنْطَلِقٌ؟ وَأَضْمَرَ نَفْيَهُ، فَهَذَا مَوْضِعٌ قَدِ ابْتَدَأَتْ فِيهِ أَئِذَا، وَلَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي الْكَلَامِ لَوْ قُلْتَ الْيَوْمَ: أَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مُنْطَلِقٌ، لَمْ يَحْسُنْ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَقَدْ قَالَتِ الْعَرَبُ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لِصَالِحٍ تُرِيدُ: إِنَّهُ لِصَالِحِ مَا عَلِمْتَ، ⦗٤٣٤⦘ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَئِذَا جَزَاءٌ وَلَيْسَتْ بِوَقْتٍ، وَمَا بَعْدَهَا جَوَّابٌ لَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الثَّانِي اسْتِفْهَامٌ وَالْمَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: إِنْ تَقُمْ يَقُومُ زَيْدٌ، وَيَقُمْ مِنْ جَزْمٍ، فَلَأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ جَوَابِ الْجَزَاءِ، وَمَنْ رَفَعَ فَلِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَهُ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]

حَلَفْتُ لَهُ إِنْ تُدْلِجِ اللَّيْلَ لَا يَزَلْ … أَمَامَكَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِيَ سَائِرُ
فَجَزَمَ جَوَابَ الْيَمِينِ، لِأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ جَوَابِ الْجَزَاءِ، وَالْوَجْهُ الرَّفْعُ قَالَ: فَهَكَذَا هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ: وَمَنْ أَدْخَلَ الِاسْتِفْهَامَ ثَانِيَةً، فَلِأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَتَرَكَ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ

١٣ ‏/ ٤٣٢
وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾ [الرعد: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ وَجَحَدُوا الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَقَالُوا ﴿أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] هُمُ الَّذِينَ جَحَدُوا قُدْرَةَ رَبِّهِمْ وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ فِي أَعْنَاقِهِمُ الْأَغْلَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ، يَقُولُ: هُمْ سُكَّانُ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٣٩] يَقُولُ: هُمْ فِيهَا مَاكِثُونَ أَبَدًا، لَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا
١٣ ‏/ ٤٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ تَعَالَى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرعد: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكُو قَوْمِكَ بِالْبَلَاءِ
١٣ ‏/ ٤٣٤
وَالْعُقُوبَةِ قَبْلَ الرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ، فَيَقُولُونَ: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢] وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا حَلَّ بِمَنْ خَلَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي عَصَتْ رَبَّهَا، وَكَذَّبَتْ رُسُلَهَا مِنْ عُقُوبَاتِ اللَّهِ وَعَظِيمِ بَلَائِهِ، فَمِنْ بَيْنَ أُمَّةٍ مُسِخَتْ قِرَدَةً وَأُخْرَى خَنَازِيرَ، وَمِنْ بَيْنَ أُمَّةٍ أُهْلِكَتْ بِالرَّجْفَةِ، وَأُخْرَى بِالْخَسْفِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَثُلَاتُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾ [الرعد: ٦] وَالْمَثُلَاتُ: الْعُقُوبَاتُ الْمُنْكِلَاتُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْهَا: مَثُلَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ، ثُمَّ تُجْمَعُ مَثُلَاتٍ كَمَا وَاحِدَةُ الصَّدَقَاتِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ تَجْمَعُ صَدَقَاتٍ، وَذُكِرَ أَنَّ تَمِيمًا مِنْ بَيْنَ الْعَرَبِ تَضُمُّ الْمِيمَ وَالثَّاءَ جَمِيعًا مِنَ الْمَثُلَاتِ، فَالْوَاحِدَةُ عَلَى لُغَتِهِمْ مِنْهَا مُثْلَةٌ، ثُمَّ تُجْمَعُ عَلَى مُثُلَاتٍ، مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ: مَثَلْتُ بِهِ أَمْثُلُ مَثْلًا، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَسْكِينِ الثَّاءِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنَّكَ أَقْصَصْتَهُ مِنْ غَيْرِهِ، قُلْتُ: أَمْثَلْتُهُ مِنْ صَاحِبِهِ أُمْثِلُهُ أَمْثَالًا، وَذَلِكَ إِذَا أَقْصَصْتَهُ مِنْهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾ [الرعد: ٦]: وَقَائِعُ أُمَّةٍ فِي الْأُمَمِ فِيمَنْ خَلَا قَبْلَكُمْ»
١٣ ‏/ ٤٣٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةَ قَبْلَ الْحَسَنَةِ﴾ [الرعد: ٦] وَهُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ، اسْتَعْجَلُوا بِالشَّرِّ قَبْلَ الْخَيْرِ، وَقَالُوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ ⦗٤٣٦⦘ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]
١٣ ‏/ ٤٣٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ﴾ [الرعد: ٦] قَالَ: بِالْعُقُوبَةِ قَبْلَ الْعَافِيَةِ ﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾ [الرعد: ٦] قَالَ: الْعُقُوبَاتُ»
١٣ ‏/ ٤٣٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿الْمَثُلَاتُ﴾ [الرعد: ٦] قَالَ: الْأَمْثَالُ». حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى: قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٣٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾ [الرعد: ٦] قَالَ: «الْمَثُلَاتُ: الَّذِي مَثَّلَ اللَّهُ فِي الْأُمَمِ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي عَذَّبَهُمْ تَوَلَّتِ الْمَثُلَاتُ مِنَ الْعَذَابِ، قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ، وَعَرَفُوا ذَلِكَ، وَانْتَهَى إِلَيْهِمْ مَا مَثَّلَ اللَّهُ بِهِمْ حِينَ عَصَوْهُ وَعَصَوْا رُسُلَهُ»
١٣ ‏/ ٤٣٦
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا سُلَيْمٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتِ﴾ [الرعد: ٦] قَالَ: «الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ هِيَ الْمَثُلَاتُ»
١٣ ‏/ ٤٣٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ لَذُو سِتْرٍ عَلَى ذُنُوبِ مَنْ تَابَ مِنْ ذُنُوبِهِ مِنَ النَّاسِ، فَتَارِكٌ فَضِيحَتَهُ بِهَا فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، وَصَافِحٌ لَهُ عَنْ عِقَابِهِ عَلَيْهَا عَاجِلًا وَآجِلًا ﴿عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد: ٦]، يَقُولُ: عَلَى فِعْلِهِمْ مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَهُمْ بِفِعْلِهِ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرعد: ٦] لِمَنْ هَلَكَ مُصِرًّا عَلَى مَعَاصِيهِ فِي الْقِيَامَةِ، إِنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، أَوْ يَجْمَعُهُمَا لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذَا الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ظَاهِرُ خَيْرٍ، فَإِنَّهُ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ وَتَهْدِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِنْ هُمْ لَمْ يُنِيبُوا وَيَتُوبُوا مِنْ كُفْرِهِمْ قَبْلَ حُلُولِ نِقْمَةِ اللَّهِ بِهِمْ
١٣ ‏/ ٤٣٧
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ﴾ [الرعد: ٦] يَقُولُ: وَلَكِنَّ رَبَّكَ»
١٣ ‏/ ٤٣٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الرعد: ٧] يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَوْمِكَ، ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [يونس: ٢٠] هَلَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ يَعْنُونَ: عَلَامَةً وَحُجَّةً لَهُ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ، أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ [هود: ١٢] يَقُولُ اللَّهُ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ [الرعد: ٧] لَهُمْ، تُنْذِرْهُمْ بَأْسَ اللَّهِ أَنْ
١٣ ‏/ ٤٣٧
يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى شِرْكِهِمْ ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧]: يَقُولُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ إِمَامٌ يَأْتَمُّونَ بِهِ وَهَادٍ يَتَقَدَّمُهُمْ، فَيَهْدِيهِمْ إِمَّا إِلَى خَيْرٍ وَإِمَّا إِلَى شَرٍّ، وَأَصْلُهُ مِنْ هَادِي الْفَرَسِ، وَهُوَ عُنُقُهُ الَّذِي يَهْدِي سَائِرَ جَسَدِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي الْمَعْنِيِّ بِالْهَادِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
١٣ ‏/ ٤٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الرعد: ٧] هَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ قَالَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] لِكُلِّ قَوْمٍ دَاعٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٣٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَا: «مُحَمَّدٌ هُوَ الْمُنْذِرُ وَهُوَ الْهَادِي» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ⦗٤٣٩⦘ مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِالْهَادِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: اللَّهُ
١٣ ‏/ ٤٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «مُحَمَّدٌ الْمُنْذِرُ، وَاللَّهُ الْهَادِي»
١٣ ‏/ ٤٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «مُحَمَّدٌ الْمُنْذِرُ، وَاللَّهُ الْهَادِي»
١٣ ‏/ ٤٣٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُنْذِرٌ، وَاللَّهُ الْهَادِي»
١٣ ‏/ ٤٣٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «الْمُنْذِرُ: النَّبِيُّ ﷺ ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: اللَّهُ هَادِي كُلَّ قَوْمٍ»
١٣ ‏/ ٤٣٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] يَقُولُ: «أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُنْذِرٌ، وَأَنَا هَادِي كُلَّ قَوْمٍ»
١٣ ‏/ ٤٤٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] «الْمُنْذِرُ: مُحَمَّدٌ ﷺ، وَالْهَادِي: اللَّهُ عز وجل». وَقَالَ آخَرُونَ: الْهَادِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْنَاهُ نَبِيٌّ
١٣ ‏/ ٤٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «الْمُنْذِرُ مُحَمَّدٌ ﷺ ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: نَبِيٌّ»
١٣ ‏/ ٤٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: نَبِيٌّ». قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٤٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «لِكُلِّ قَوْمٍ نَبِيُّ، وَالْمُنْذِرُ: مُحَمَّدٌ ﷺ»
١٣ ‏/ ٤٤١
قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثني عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: نَبِيٌّ»
١٣ ‏/ ٤٤١
قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] يَعْنِي: «لِكُلِّ قَوْمٍ نَبِيٌّ»
١٣ ‏/ ٤٤١
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: نَبِيٌّ»
١٣ ‏/ ٤٤١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: نَبِيٌّ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٤١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «لِكُلِّ قَوْمٍ نَبِيٌّ، الْهَادِي: النَّبِيُّ ﷺ، وَالْمُنْذِرُ أَيْضًا: النَّبِيُّ ﷺ، وَقَرَأَ: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤] وَقَالَ: ﴿نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾ [النجم: ٥٦] قَالَ: نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِهِ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ قَائِدٌ
١٣ ‏/ ٤٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «إِنَّمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُنْذِرٌ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ قَادَةٌ»
١٣ ‏/ ٤٤٢
قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: ثني إِسْمَاعِيلُ أَوْ سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «لِكُلِّ قَوْمٍ قَادَةٌ»
١٣ ‏/ ٤٤٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: «الْهَادِي: الْقَائِدُ، وَالْقَائِدُ: الْإِمَامُ، وَالْإِمَامُ: الْعَمَلُ»
١٣ ‏/ ٤٤٢
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدٌ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ رَافِعٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: قَائِدٌ». وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه
١٣ ‏/ ٤٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: ⦗٤٤٣⦘ ثنا مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا الْهَرَوِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] وَضَعَ ﷺ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ: «أَنَا الْمُنْذِرُ» ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧]، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ فَقَالَ: «أَنْتَ الْهَادِي يَا عَلِيٌّ، بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: لِكُلِّ قَوْمٍ دَاعٍ
١٣ ‏/ ٤٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] قَالَ: دَاعٍ» وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى الْهِدَايَةِ، وَأَنَّهُ الْإِمَامُ الْمُتَّبَعُ الَّذِي يَقْدُمُ الْقَوْمَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ الَّذِي يَهْدِي خَلْقَهُ وَيَتْبَعُ خَلْقُهُ هُدَاهُ وَيَأْتَمُّونَ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نَبِيُّ اللَّهِ الَّذِي تَأْتَمٌّ بِهِ أُمَّتُهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا مِنَ الْأَئِمَّةِ يُؤْتَمُّ بِهِ وَيَتَّبِعُ مِنْهَاجَهُ وَطَرِيقَتَهُ أَصْحَابُهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ دَاعِيًا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا قَوْلَ أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مِنْ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الْمُنْذِرُ مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ بِالْإِنْذَارِ، وَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادِيًا يَهْدِيهِمْ فَيَتَّبِعُونَهُ وَيَأْتَمُّونَ بِهِ
١٣ ‏/ ٤٤٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] مُنْكِرِينَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِعَادَتِهِمْ خَلْقًا جَدِيدًا بَعْدَ فَنَائِهِمْ وَبَلَائِهِمْ، وَلَا يُنْكِرُونَ قُدْرَتَهُ عَلَى ابْتِدَائِهِمْ وَتَصْوِيرِهِمْ فِي الْأَرْحَامِ وَتَدْبِيرِهِمْ وَتَصْرِيفِهِمْ فِيهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَابْتَدَأَ الْخَبَرُ عَنْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا وَصَفْتُ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] يَقُولُ: وَمَا تَنْقُصُ الْأَرْحَامُ مِنْ حَمْلِهَا فِي الْأَشْهُرِ التِّسْعَةِ بِإِرْسَالِهَا دَمَ الْحَيْضِ، وَمَا تَزْدَادُ فِي حَمْلِهَا عَلَى الْأَشْهُرِ التِّسْعَةِ لِتَمَامِ مَا نَقَصَ مِنَ الْحَمْلِ فِي الْأَشْهُرِ التِّسْعَةِ بِإِرْسَالِهَا دَمَ الْحَيْضِ ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨] لَا يُجَاوِزُ شَيْءٌ مِنْ قَدْرِهِ عَنْ تَقْدِيرِهِ، وَلَا يَقْصُرُ أَمْرٌ أَرَادَهُ فَدَبَّرَهُ عَنْ تَدْبِيرِهِ، كَمَا لَا يَزْدَادُ حَمْلُ أُنْثَى عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الْحَمْلِ، وَلَا يَقْصُرُ عَمَّا حَدَّ لَهُ مِنَ الْقَدْرِ وَالْمِقْدَارِ، مِفْعَالٌ مِنَ الْقَدْرِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مَاهَانَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «مَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ يَوْمٍ دَمًا عَلَى حَمْلِهَا زَادَ فِي الْحَمْلِ يَوْمًا»
١٣ ‏/ ٤٤٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] يَعْنِي السِّقْطَ ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] يَقُولُ: «مَا زَادَتِ الرَّحِمُ فِي الْحَمْلِ عَلَى مَا غَاضَتْ حَتَّى وَلَدَتْهُ تَمَامًا، وَذَلِكَ أَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ تَحْمِلُ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ، وَمِنْهُنَّ مِنْ تَحْمِلُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمِنْهُنَّ مَنْ تَزِيدُ فِي الْحَمْلِ وَمِنْهُنَّ مَنْ تَنْقُصُ، فَذَلِكَ الْغَيْضُ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِعِلْمِهِ»
١٣ ‏/ ٤٤٥
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، قَالَ: ثنا خُصَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «غَيْضُهَا دُونَ التِّسْعَةِ، وَالزِّيَادَةُ فَوْقَ التِّسْعَةِ»
١٣ ‏/ ٤٤٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: «الْغَيْضُ: مَا رَأَتِ الْحَامِلُ مِنَ الدَّمِ فِي حَمْلِهَا، فَهُوَ نُقْصَانٌ مِنَ الْوَلَدِ، وَالزِّيَادَةُ: مَا زَادَ عَلَى التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ تَمَامٌ لِلنُّقْصَانِ وَهُوَ زِيَادَةٌ»
١٣ ‏/ ٤٤٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «مَا تَرَى مِنَ الدَّمِ، ⦗٤٤٦⦘ وَمَا تَزْدَادُ عَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ»
١٣ ‏/ ٤٤٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: يَعْلَمُ ﴿مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «مَا زَادَ عَلَى التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ»، ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «الدَّمُ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا»
١٣ ‏/ ٤٤٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «الْغَيْضُ: الْحَامِلُ تَرَى الدَّمَ فِي حَمْلِهَا فَهُوَ الْغَيْضُ، وَهُوَ نُقْصَانٌ مِنَ الْوَلَدِ، وَمَا زَادَ عَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ تَمَامٌ لِذَلِكَ النُّقْصَانِ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ»
١٣ ‏/ ٤٤٦
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «إِذَا رَأَتْ دُونَ التِّسْعَةِ زَادَ عَلَى التِّسْعَةِ مِثْلَ أَيَّامِ الْحَيْضِ»
١٣ ‏/ ٤٤٦
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: خُرُوجُ الدَّمِ ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: اسْتِمْسَاكُ الدَّمِ»
١٣ ‏/ ٤٤٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] «إِرَاقَةُ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَخِسَّ الْوَلَدُ» ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «إِنْ لَمْ تُهْرِقِ الْمَرْأَةُ تَمَّ الْوَلَدُ وَعَظُمَ»
١٣ ‏/ ٤٤٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «الْمَرْأَةُ تَرَى الدَّمَ وَتَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ»
١٣ ‏/ ٤٤٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «هِيَ الْمَرْأَةُ تَرَى الدَّمَ فِي حَمْلِهَا»
١٣ ‏/ ٤٤٧
قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] «إِهْرَاقُ الدَّمِ حَتَّى يَخِسَّ الْوَلَدُ، وَتَزْدَادُ إِنْ لَمْ تُهْرِقِ الْمَرْأَةُ تَمَّ الْوَلَدُ وَعَظُمَ»
١٣ ‏/ ٤٤٧
قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا هِقْلٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: امْرَأَتِي رَأَتْ دَمًا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ حَامِلًا؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا هُوَ فِي الْكِتَابِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: «ذَاكَ غَيْضُ الْأَرْحَامِ يَعْلَمُ ﴿مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨] الْوَلَدُ لَا يَزَالُ يَقَعُ فِي النُّقْصَانِ مَا رَأَتِ الدَّمَ، فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ وَقَعَ فِي الزِّيَادَةِ، فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَتِمَّ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨]»
١٣ ‏/ ٤٤٧
قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «الْغَيْضُ: الْحَامِلُ تَرَى الدَّمَ فِي حَمْلِهَا، وَهُوَ الْغَيْضُ، وَهُوَ نُقْصَانٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَمَا زَادَتْ عَلَى التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ، فَهِيَ الزِّيَادَةُ، وَهُوَ تَمَامٌ لِلْوِلَادَةِ»
١٣ ‏/ ٤٤٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «كُلَّمَا غَاضَتْ بِالدَّمِ زَادَ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ» . قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ
١٣ ‏/ ٤٤٨
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «غِيضَ الرَّحِمُ: الدَّمُ عَلَى الْحَمْلِ، كُلَّمَا غَاضَ الرَّحِمُ مِنَ الدَّمِ يَوْمًا زَادَ فِي الْحَمْلِ يَوْمًا، حَتَّى تَسْتَكْمِلَ وَهِيَ طَاهِرَةٌ». قَالَ: ثنا عَبَّادٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٤٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو يَزِيدَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «هُوَ الْحَيْضُ عَلَى الْحَمْلِ» ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «فَلَهَا بِكُلِّ يَوْمٍ حَاضَتْ عَلَى حَمْلِهَا يَوْمٌ تَزْدَادُهُ فِي طُهْرِهَا، حَتَّى تَسْتَكْمِلَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ طَاهِرًا»
١٣ ‏/ ٤٤٨
قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «مَا رَأَتِ الدَّمَ فِي حَمْلِهَا زَادَ فِي حَمْلِهَا»
١٣ ‏/ ٤٤٨
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي ⦗٤٤٩⦘ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] «مَا تَغِيضُ: أَقَلُّ مِنْ تِسْعَةٍ، وَمَا تَزْدَادُ: أَكْثَرُ مِنْ تِسْعَةٍ»
١٣ ‏/ ٤٤٨
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ: «قَدْ يُولَدُ الْمَوْلُودُ لِسَنَتَيْنِ، قَدْ كَانَ الضَّحَّاكُ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ، وَالْغَيْضُ: مَا دُونَ التِّسْعَةِ، وَمَا تَزْدَادُ: فَوْقَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ»
١٣ ‏/ ٤٤٩
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: “دُونَ التِّسْعَةِ، ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨]: قَالَ: «فَوْقَ التِّسْعَةِ»
١٣ ‏/ ٤٤٩
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ»
١٣ ‏/ ٤٤٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا الضَّحَّاكُ: «أَنَّ أُمَّهُ حَمَلَتْهُ سَنَتَيْنِ» قَالَ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: “مَا تَنْقُصُ مِنَ التِّسْعَةِ ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «مَا فَوْقَ التِّسْعَةِ»
١٣ ‏/ ٤٤٩
قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «كُلُّ أُنْثَى مِنْ خَلْقِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٤٩
قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَا: «⦗٤٥٠⦘ الْغَيْضُ مَا دُونَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ»
١٣ ‏/ ٤٤٩
قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ جَمِيلَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَا يَكُونُ الْحَمْلُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَتَيْنِ، قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ مِغْزَلٍ»
١٣ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «هُوَ الْحَمْلُ لَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَمَا دُونَ التِّسْعَةِ ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: عَلَى التِّسْعَةِ»
١٣ ‏/ ٤٥٠
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «حَيْضُ الْمَرْأَةِ عَلَى وَلَدِهَا»
١٣ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «الْغَيْضُ: السِّقْطُ، وَمَا تَزْدَادُ: فَوْقَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ»
١٣ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ عَلَى الْحَمْلِ، فَهُوَ الْغَيْضُ لِلْوَلَدِ، يَقُولُ: نُقْصَانٌ فِي غِذَاءِ الْوَلَدِ، وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْحَمْلِ»
١٣ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا ⦗٤٥١⦘ تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «الْغَيْضُوضَةُ أَنْ تَضَعَ الْمَرْأَةُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لَسَبْعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لِمَا دُونَ الْحَدِّ» . قَالَ قَتَادَةُ: «وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَمَا زَادَ عَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ»
١٣ ‏/ ٤٥٠
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «غَيْضُ الرَّحِمِ: أَنْ تَرَى الدَّمَ عَلَى حَمْلِهَا، فَكُلُّ شَيْءٍ رَأَتْ فِيهِ الدَّمَ عَلَى حَمْلِهَا ازْدَادَتْ عَلَى حَمْلِهَا مِثْلَ ذَلِكَ»
١٣ ‏/ ٤٥١
قَالَ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «إِذَا رَأَتِ الْحَامِلُ الدَّمَ كَانَ أَعْظَمَ لِلْوَلَدِ»
١٣ ‏/ ٤٥١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [الرعد: ٨] «الْغَيْضُ: النُّقْصَانُ مِنَ الْأَجَلِ، وَالزِّيَادَةُ: مَا زَادَ عَلَى الْأَجَلِ، وَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَلِدْنَ لِعِدَّةٍ وَاحِدَةٍ، يُولَدُ الْمَوْلُودُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَعِيشُ، وَيُولَدُ لِسَنَتَيْنِ فَيَعِيشُ، وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ» قَالَ: وَسَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ، وَقَدْ نَبَتَتْ ثَنَايَايْ “
١٣ ‏/ ٤٥١
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] قَالَ: «غَيْضُ الْأَرْحَامِ: الْإِهْرَاقَةُ الَّتِي تَأْخُذُ النِّسَاءَ عَلَى الْحَمْلِ، ⦗٤٥٢⦘ وَإِذَا جَاءَتْ تِلْكَ الْإِهْرَاقَةُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا مِنَ الْحَمْلِ، وَنَقَصَ ذَلِكَ حَمْلَهَا حَتَّى يَرْتَفِعَ ذَلِكَ، وَإِذَا ارْتَفَعَ اسْتَقْبَلَتْ عِدَّةً مُسْتَقْبِلَةً تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَمَّا مَا دَامَتْ تَرَى الدَّمَ فَإِنَّ الْأَرْحَامَ تَغِيضُ وَتَنْقُصُ وَالْوَلَدُ يَرِقُّ، فَإِذَا ارْتَفَعَ ذَلِكَ الدَّمُ رَبَا الْوَلَدُ وَاعْتَدَّتْ حِينَ يَرْتَفِعُ عَنْهَا ذَلِكَ الدَّمَ عِدَّةَ الْحَمْلِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا كَانَ قَبْلَهُ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ هُوَ هِرَاقَةٌ يُبْطَلُ ذَلِكَ أَجْمَعُ أَكْتَعُ»
١٣ ‏/ ٤٥١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨]
١٣ ‏/ ٤٥٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨] «إِي وَاللَّهِ، لَقَدْ حَفَظَ عَلَيْهِمْ رِزْقَهُمْ وَآجَالَهُمْ، وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا مَعْلُومًا»
١٣ ‏/ ٤٥٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ عَالِمُ مَا غَابَ عَنْكُمْ وَعَنْ أَبْصَارِكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ وَمَا شَاهَدْتُمُوهُ، فَعَايَنْتُمْ بِأَبْصَارِكُمْ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ خَلْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ، الْكَبِيرُ الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ دُونَهُ، الْمُتَعَالِ الْمُسْتَعْلِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ، وَهُوَ الْمُتَفَاعِلُ مِنَ الْعُلُوِّ مِثْلُ الْمُتَقَارِبِ مِنَ الْقُرْبِ، وَالْمُتَدَانِي مِنَ الدُّنُوِّ
١٣ ‏/ ٤٥٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ
١٣ ‏/ ٤٥٢
هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مُعْتَدِلٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الَّذِي أَسَرَّ الْقَوْلَ، وَالَّذِي جَهَرَ بِهِ، وَالَّذِي ﴿هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] فِي ظُلْمَتِهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] يَقُولُ: وَظَاهِرٌ بِالنَّهَارِ فِي ضَوْئِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، سَوَاءٌ عِنْدَهُ سِرُّ خَلْقِهِ وَعَلَانِيَتِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَسِرُّ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَلَا يَخْفَى يُقَالُ مِنْهُ: سَرَبَ يَسْرُبُ سُرُوبًا إِذَا ظَهْرَ، كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
[البحر الكامل] أَنَّى سَرَبْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ سَرُوبِ … وَتَقَرُّبُ الْأَحْلَامِ غَيْرُ قَرِيبِ
يَقُولُ: كَيْفَ سَرَبْتِ بِاللَّيْلِ عَلَى بُعْدِ هَذَا الطَّرِيقِ وَلَمْ تَكُونِي تَبْرُزِينَ وَتَظْهَرِينَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ السَّالِكُ فِي سِرْبِهِ: أَيْ فِي مَذْهَبِهِ وَمَكَانِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي السَّرَبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ آمِنٌ فِي سَرْبِهِ بِفَتْحِ السِّينِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ آمِنٌ فِي سِرْبِهِ بِكَسْرِ السِّينِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ ⦗٤٥٤⦘ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] يَقُولُ: «هُوَ صَاحِبُ رِيبَةٍ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ، وَإِذَا خَرَجَ بِالنَّهَارِ أَرَى النَّاسَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْإِثْمِ»
١٣ ‏/ ٤٥٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠]: ظَاهِرٌ»
١٣ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِهِمْ، سَوَاءٌ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ»
١٣ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] قَالَ: «مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ فِي بَيْتِهِ، وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ: ذَاهِبٌ عَلَى وَجْهِهِ، عِلْمُهُ فِيهِمْ وَاحِدٌ»
١٣ ‏/ ٤٥٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ [الرعد: ١٠] يَقُولُ: «السِّرُّ وَالْجَهْرُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] أَمَّا الْمُسْتَخْفِي فَفِي بَيْتِهِ، وَأَمَّا السَّارِبُ: الْخَارِجُ بِالنَّهَارِ حَيْثُمَا كَانَ، الْمُسْتَخْفِي غَيْبُهُ الَّذِي يَغِيبُ فِيهِ ⦗٤٥٥⦘ وَالْخَارِجُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ»
١٣ ‏/ ٤٥٤
قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] قَالَ: رَاكِبٌ رَأْسَهُ فِي الْمَعَاصِي ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] قَالَ: ظَاهِرٌ بِالنَّهَارِ»
١٣ ‏/ ٤٥٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ [الرعد: ١٠] «كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ تبارك وتعالى سَوَاءٌ، السِّرُّ عِنْدَهُ عَلَانِيَةٌ» قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠]: أَيْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَسَارِبٌ: أَيْ ظَاهِرٌ بِالنَّهَارِ “
١٣ ‏/ ٤٥٥
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ: ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] قَالَ: ظَاهِرٌ بِالنَّهَارِ «. وَ» مَنْ ” فِي قَوْلِهِ: ﴿مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] رَفَعَ الْأُولَى مِنْهُنَّ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ، وَالثَّانِيَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْأُولَى، وَالثَّالِثَةُ عَلَى الثَّانِيَةِ
١٣ ‏/ ٤٥٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ، وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ١١]
١٣ ‏/ ٤٥٥
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: للَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُعَقِّبَاتٌ، قَالُوا: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ «لَهُ» مَنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ، وَالْمُعَقِّبَاتُ الَّتِي تَتَعَقَّبُ عَلَى الْعَبْدِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إِذَا صَعِدَتْ بِالنَّهَارِ أَعْقَبَتْهَا مَلَائِكَةُ النَّهَارِ، فَإِذَا انْقَضَى النَّهَارُ صَعِدَتْ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ ثُمَّ أَعْقَبَتْهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ، وَقَالُوا: قِيلَ مُعَقِّبَاتٌ، وَالْمَلَائِكَةُ: جَمْعُ مَلَكٍ مُذَّكِرٌ غَيْرُ مُؤَنَّثٍ، وَوَاحِدُ الْمَلَائِكَةِ مُعَقِّبٌ، وَجَمَاعَتُهَا مُعَقِّبَةٌ، ثُمَّ جَمَعَ جَمْعَهُ، أَعْنِي جَمَعَ مُعَقِّبٌ بَعْدَ مَا جَمَعَ مُعَقِّبَةٌ، وَقِيلَ: مُعَقِّبَاتٌ كَمَا قِيلَ: أَبْنَاوَاتُ سَعْدٍ، وَرِجَالَاتُ بَنِي فُلَانٍ، جَمْعُ رِجَالٍ
١٣ ‏/ ٤٥٦
وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ [الرعد: ١١] مِنْ قُدَّامِ هَذَا الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِبِ بِالنَّهَارِ، ﴿وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١]: مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ
١٣ ‏/ ٤٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ يَعْنِي ابْنَ زَاذَانِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ»
١٣ ‏/ ٤٥٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا
١٣ ‏/ ٤٥٦
عَلِيُّ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ كِنَانَةَ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْعَبْدِ كَمْ مَعَهُ مِنْ مَلَكٍ؟ قَالَ: «مَلَكٌ عَلَى يَمِينِكَ عَلَى حَسَنَاتِكَ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ، فَإِذَا عَمِلْتَ حَسَنَةً كُتِبَتْ عَشْرًا، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً قَالَ الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ لِلَّذِي عَلَى الْيَمِينِ: أَكْتُبُ؟ قَالَ: لَا لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ، فَإِذَا قَالَ ثَلَاثًا، قَالَ: نَعَمْ، اكْتُبْ، أَرَاحَنَا اللَّهُ مِنْهُ، فَبِئْسَ الْقَرِينُ، مَا أَقَلَّ مُرَاقَبَتَهُ للَّهِ، وَأَقَلَّ اسْتِحْيَاءَهُ مِنَّا يَقُولُ اللَّهُ: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨] وَمَلَكَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] وَمَلَكٌ قَابِضٌ عَلَى نَاصِيَتِكَ، فَإِذَا تَوَاضَعْتَ للَّهِ رَفَعَكَ، وَإِذَا تَجَبَّرْتَ عَلَى اللَّهِ قَصَمَكَ، وَمَلَكَانِ عَلَى شَفَتَيْكَ لَيْسَ يَحْفَظَانِ عَلَيْكَ إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَمَلَكٌ قَائِمٌ عَلَى فِيكَ لَا يَدَعُ الْحَيَّةَ تَدْخُلُ فِي فِيكَ، وَمَلَكَانِ عَلَى عَيْنَيْكَ فَهَؤُلَاءِ عَشَرَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى كُلِّ آدَمَيٍّ، يَنْزِلُونَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ عَلَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، لِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ سِوَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، فَهَؤُلَاءِ عِشْرُونَ مَلَكًا عَلَى كُلِّ آدَمَيٍّ، وَإِبْلِيسُ بِالنَّهَارِ وَوَلَدُهُ بِاللَّيْلِ»
١٣ ‏/ ٤٥٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] «الْمَلَائِكَةُ ⦗٤٥٨⦘ ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١]». حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٥٧
قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٥٨
قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] فَالْمُعَقِّبَاتُ هُنَّ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَهِيَ الْمَلَائِكَةُ»
١٣ ‏/ ٤٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «مَلَائِكَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، فَإِذَا جَاءَ قَدَرُهُ خَلَّوْا عَنْهُ»
١٣ ‏/ ٤٥٨
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا عَنْهُ»
١٣ ‏/ ٤٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ” فِي هَذِهِ الْآيَةِ ⦗٤٥٩⦘ قَالَ: «الْحَفَظَةُ»
١٣ ‏/ ٤٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: مَلَائِكَةٌ»
١٣ ‏/ ٤٥٩
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ يَعْقُبُونَ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ»
١٣ ‏/ ٤٥٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] ” هَذِهِ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَرَقِيبٌ مِنْ خَلْفِهِ، يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٥٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: مَلَائِكَةٌ يَتَعَاقَبُونَهُ»
١٣ ‏/ ٤٥٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ» . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مُعَقِّبَاتٌ: قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ تَعَاقَبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَجْتَمِعُونَ فِيكُمْ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ» وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧] قَالَ: «⦗٤٦٠⦘ الْحَسَنَاتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَالسَّيِّئَاتُ مِنْ خَلْفِهِ، الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ، وَالَّذِي عَنْ شِمَالِهِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ»
١٣ ‏/ ٤٥٩
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا يُحَدِّثُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَحْفَظُهُ فِي نَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْهَوَامِّ، فَمَا مِنْهَا شَيْءٌ يَأْتِيِهِ يُرِيدُهُ إِلَّا قَالَ: وَرَاءَكَ، إِلَّا شَيْئًا يَأْذَنُ اللَّهُ فِيهِ فَيُصِيبُهُ»
١٣ ‏/ ٤٦٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي: قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِالْمُعَقِّبَاتِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْحَرَسَ، الَّذِي يَتَعَاقَبُ عَلَى الْأَمِيرِ
١٣ ‏/ ٤٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «ذَلِكَ مَلَكٌ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا، لَهُ حَرَسٌ مِنْ دُونِهِ حَرَسٌ»
١٣ ‏/ ٤٦٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] يَعْنِي: «وَلِيُّ ⦗٤٦١⦘ السُّلْطَانِ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَرَسُ»
١٣ ‏/ ٤٦٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ شَرْقِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ»
١٣ ‏/ ٤٦١
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْمَوَاكِبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ»
١٣ ‏/ ٤٦١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «هُوَ السُّلْطَانُ الْمَحْرُوسُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَهُمْ أَهْلُ الشِّرْكِ» . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١] مِنْ ذِكْرِ «مَنْ» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] وَأَنَّ
١٣ ‏/ ٤٦١
الْمُعَقِّبَاتِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، هِيَ حَرَسُهُ وَجَلَاوِزَتُهُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١] أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] مِنْهُ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ، فَهِيَ لِقُرْبِهَا مِنْهُ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذِكْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ هَذَا مَعَ دَلَالَةِ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾ [الرعد: ١١] عَلَى أَنَّهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَكَرَ قَوْمًا أَهْلَ مَعْصِيَةٍ لَهُ وَأَهْلَ رِيبَةٍ، يَسْتَخْفُونَ بِاللَّيْلِ وَيَظْهَرُونَ بِالنَّهَارِ، وَيَمْتَنِعُونَ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ بِحَرَسٍ يَحْرُسُهُمْ، وَمَنَعَةٍ تَمْنَعُهُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَأْتُونَ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذَا أَرَادَ بِهِمْ سُوءًا لَمْ يَنْفَعُهُمْ حَرَسُهُمْ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ حِفْظُهُمْ
١٣ ‏/ ٤٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَرْفِ عَلَى نَحْوِ اخْتِلَافِهِمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١] فَمَنْ قَالَ: الْمُعَقِّبَاتُ هِيَ الْمَلَائِكَةُ قَالَ: الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ هُمْ أَيْضًا الْمَلَائِكَةُ، وَمَنْ قَالَ: الْمُعَقِّبَاتُ هِيَ الْحَرَسُ وَالْجَلَاوِزَةُ مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ: الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ هُمْ أُولَئِكَ الْحَرَسُ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [هود: ٤٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حِفْظُهُمْ إِيَّاهُ مِنْ أَمْرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ. ⦗٤٦٣⦘ ذِكْرُ مَنْ قَالَ: الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ هُمُ الْمَلَائِكَةُ وَوَجْهُ قَوْلِهِ: (بِأَمْرِ اللَّهِ) إِلَى مَعْنَى أَنَّ حِفْظَهَا إِيَّاهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
١٣ ‏/ ٤٦٢
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] يَقُولُ: بِإِذْنِ اللَّهِ، فَالْمُعَقِّبَاتُ: هِيَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَهِيَ الْمَلَائِكَةُ»
١٣ ‏/ ٤٦٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ: الْحَفَظَةُ، وَحِفْظُهُمْ إِيَّاهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٦٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثني عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْحَفَظَةُ هُمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٦٣
قَالَ: ثنا عَلِيُّ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ [الرعد: ١١] رُقَبَاءُ ﴿وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ [الرعد: ١١]»
١٣ ‏/ ٤٦٣
قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْجَارُودِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿⦗٤٦٤⦘ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ [الرعد: ١١] رَقِيبٌ ﴿وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١]»
١٣ ‏/ ٤٦٣
حَدَّثني الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٦٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٦٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «الْحَفَظَةُ» ذِكْرُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِذَلِكَ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ
١٣ ‏/ ٤٦٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١]: أَيْ بِأَمْرِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٦٤
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ (بِأَمْرِ اللَّهِ)»
١٣ ‏/ ٤٦٤
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، ⦗٤٦٥⦘ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ» ذِكْرُ مَنْ قَالَ: تَحْفَظُهُ الْحَرَسُ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
١٣ ‏/ ٤٦٤
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] يَعْنِي: «وَلِيُّ السُّلْطَانِ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَرَسُ، يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِي، فَإِنِّي إِذَا أَرَدْتُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ، وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ»
١٣ ‏/ ٤٦٥
حَدَّثني أَبُو هُرَيْرَةَ الضُّبَعِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ شَرْقِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: الْجَلَاوِزَةُ». وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَأَمْرُ اللَّهِ الْجِنُّ، وَمَنْ يَبْغِي أَذَاهُ وَمَكْرُوهُهُ قَبْلَ مَجِيءِ قَضَاءِ اللَّهِ، فَإِذَا جَاءَ قَضَاؤُهُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ
١٣ ‏/ ٤٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني أَبُو هُرَيْرَةَ الضُّبَعِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: مِنَ الْجِنِّ»
١٣ ‏/ ٤٦٥
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا يُحَدِّثُ، عَنْ ⦗٤٦٦⦘ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَحْفَظُهُ فِي نَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْهَوَامِّ، فَمَا مِنْهُمْ شَيْءٌ يَأْتِيِهِ يُرِيدُهُ إِلَّا قَالَ: وَرَاءَكَ، إِلَّا شَيْئًا يَأْذَنُ اللَّهُ فَيُصِيبُهُ»
١٣ ‏/ ٤٦٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، قَالَ: «لَوْ تَجَلَّى لِابْنِ آدَمَ كُلُّ سَهْلٍ وَحَزَنٍ، لَرَأَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيَاطِينَ، لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِكُمْ مَلَائِكَةً يَذُبُّونَ عَنْكُمْ فِي مَطْعَمِكُمْ، وَمَشْرَبِكُمْ، وَعَوْرَاتِكُمْ، إِذَنْ لَتُخُطِّفْتُمْ»
١٣ ‏/ ٤٦٦
حَدَّثني يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادِ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: احْتَرِسْ، فَإِنَّ نَاسًا مِنْ مُرَادِ يُرِيدُونَ قَتْلَكَ فَقَالَ: «إِنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِمَّا لَمْ يُقَدَّرْ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَإِنَّ الْأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ»
١٣ ‏/ ٤٦٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «مَا مِنْ آدَمَيٍّ إِلَّا وَمَعَهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَذُودُ عَنْهُ حَتَّى يُسْلِمَهُ لِلَّذِي قُدِّرَ لَهُ» . ⦗٤٦٧⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَحْفَظُونَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ
١٣ ‏/ ٤٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] قَالَ: «يَحْفَظُونَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي ابْنَ جُرَيْجٍ بِقَوْلِهِ: يَحْفَظُونَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ الْمُوَكَّلَةَ بِابْنِ آدَمَ، بِحِفْظِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، وَهِيَ الْمُعَقِّبَاتُ عِنْدَنَا، تَحْفَظُ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَسَنَاتَهُ وَسَيِّئَاتَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [هود: ٤٣] أَنَّ الْحَفَظَةَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، أَوْ تَحْفَظُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ [الرعد: ١١] وُحِّدَتْ وَذُكِّرَتْ، وَهِيَ مُرَادٌ بِهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ، لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ مَنِ الَّذِي هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ، أُقِيمَ ذِكْرُهُ مَقَامَ الْخَبَرِ عَنْ سَيِّئَاتِهِ وَحَسَنَاتِهِ، كَمَا قِيلَ: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾ [يوسف: ٨٢] وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ خِلَافَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا
١٣ ‏/ ٤٦٧
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] قَالَ: أَتَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَأَرْبَدُ بْنُ رَبِيعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ عَامِرٌ: مَا تَجْعَلُ لِي إِنْ أَنَا اتَّبَعْتُكُ؟ قَالَ: «أَنْتَ فَارِسٌ، ⦗٤٦٨⦘ أُعْطِيكَ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ» قَالَ: لَا قَالَ: «فَمَا تَبْغِي؟» قَالَ: لِيَ الشَّرْقُ وَلَكَ الْغَرْبُ، قَالَ: «لَا» قَالَ: فَلِيَ الْوَبَرُ وَلَكَ الْمَدَرُ قَالَ: «لَا» قَالَ: لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ إِذًا خَيْلًا وَرِجَالًا، قَالَ: «يَمْنَعُكَ اللَّهُ ذَاكَ وَأَبْنَاءُ قِيلَةَ» يُرِيدُ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ قَالَ: فَخَرَجَا، فَقَالَ عَامِرٌ لِأَرْبَدَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَنَا لَمُمْكِنًا، لَوْ قَتَلْنَاهُ مَا انْتَطَحَتْ فِيهِ عَنْزَانِ، وَلَرَضُوا بِأَنْ نَعْقِلَهُ لَهُمْ، وَأَحَبُّوا السِّلْمَ، وَكَرِهُوا الْحَرْبَ إِذَا رَأَوْا أَمْرًا قَدْ وَقَعَ، فَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ شِئْتَ، فَتَشَاوَرَا، وَقَالَ: ارْجِعْ وَأَنَا أَشْغَلُهُ عَنْكَ بِالْمُجَادَلَةِ، وَكُنْ وَرَاءَهُ فَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَكَانَا كَذَلِكَ، وَاحِدٌ وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ، وَالْآخَرُ قَالَ: اقْصُصْ عَلَيْنَا قَصَصَكَ، قَالَ: مَا يَقُولُ قُرْآنُكَ؟ فَجَعَلَ يُجَادِلُهُ وَيَسْتَبْطِئُهُ حَتَّى قَالَ: مَالَكَ، أَحْشَمْتَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَائِمِ سَيْفِي فَيَبَسَتْ، فَمَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أُحْلَى وَلَا أُمِرَّ وَلَا أُحَرِّكُهَا، قَالَ: فَخَرَجَا فَلَمَّا كَانَا بِالْحَرَّةِ سَمِعَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَخَرَجَا إِلَيْهِمَا، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَأْمَتُهُ وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَالَا لِعَامِرِ بْنِ ⦗٤٦٩⦘ الطُّفَيْلِ: يَا أَعْوَرُ، يَا خَبِيثُ، يَا أَمْلَخُ، أَنْتَ الَّذِي تَشْتَرِطُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ لَوْلَا أَنَّكَ فِي أَمَانٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا رُمْتَ الْمَنْزِلَ حَتَّى ضَرَبْتُ عُنُقَكَ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَبْقِيَنَّ وَكَانَ أَشَدُّ الرَّجُلَيْنِ عَلَيْهِ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا لَمْ يَفْعَلْ بِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ لِأَرْبَدَ: اخْرُجْ أَنْتَ يَا أَرْبَدُ إِلَى نَاحِيَةِ عَذْبَةَ، وَأَخْرُجُ أَنَا إِلَى نَجْدٍ، فَنَجْمَعُ الرِّجَالَ فَنَلْتَقِي عَلَيْهِ فَخَرَجَ أَرْبَدُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّقْمِ بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً مِنَ الصَّيْفِ فِيهَا صَاعِقَةٌ فَأَحْرَقَتْهُ، قَالَ: وَخَرَجَ عَامِرٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ الْجَرِيرُ، أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّاعُونَ، فَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا آلَ عَامِرٍ، أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ تَقْتُلُنِي، يَا آلَ عَامِرٍ أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ تَقْتُلُنِي، وَمَوْتٌ أَيْضًا فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ قَيْسٍ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ [الرعد: ١٠] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ [الرعد: ١١] تِلْكَ الْمُعَقِّبَاتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُعَقِّبَاتٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، تِلْكَ الْمُعَقِّبَاتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَقَالَ لِهَذَيْنِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١] فَقَرَأَ حَتَّى ⦗٤٧٠⦘ بَلَغَ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ [الرعد: ١٣] الْآيَةَ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤] . قَالَ: وَقَالَ لَبِيدٌ فِي أَخِيهِ أَرْبَدَ، وَهُوَ يَبْكِيهِ:
[البحر المنسرح]

أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الْحُتُوفَ … وَلَا أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالْأَسَدِ
فَجَّعَنِي الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ بِالْـ … ـفَارِسِ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ النَّجُدِ
“. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلٌ بَعِيدٌ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَعَ خِلَافِهِ أَقْوَالَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١] مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَجْرِ لَهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَا فِي الَّتِي قَبْلَ الْأُخْرَى ذِكْرٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧]، ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١] فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ بَعِيدٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْآيَاتِ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَكَوْنُهَا عَائِدَةٌ عَلَى «مَنْ» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] أَقْرَبُ، لِأَنَّهُ قَبْلَهَا وَالْخَبَرُ بَعْدَهَا عَنْهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ ⦗٤٧١⦘ الْكَلَامِ: سَوَاءٌ مِنْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِفِسْقِهِ وَرِيبَتِهِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَسَارِبٌ: يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ مُمْتَنِعًا بِجُنْدِهِ وَحَرَسِهِ الَّذِينَ يَتَعَقَّبُونَهُ مِنْ أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ يُقِيمُوا حَدَّ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١]

١٣ ‏/ ٤٦٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ مِنْ عَافِيَةٍ وَنِعْمَةٍ فَيُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَيُهْلِكَهُمْ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ بِظُلْمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَاعْتِدَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَتَحِلَّ بِهِمْ حِينَئِذٍ عُقُوبَتُهُ وَتَغْيِيرُهُ
١٣ ‏/ ٤٧١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾ [الرعد: ١١] يَقُولُ: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَخْفُونَ بِاللَّيْلِ وَيَسْرَبُونَ بِالنَّهَارِ، لَهُمْ جُنْدٌ وَمَنَعَةٌ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ، يَحْفَظُونَهُمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ هَلَاكًا وَخِزْيًا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا ﴿فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾ [الرعد: ١١] يَقُولُ: فَلَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ ذَلِكَ عَنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ١١] يَقُولُ: وَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي «لَهُمْ» مِنْ ذِكْرِ الْقَوْمِ الَّذِينَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا﴾ [الرعد: ١١] مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَالٍ، يَعْنِي: مِنْ وَالٍ يَلِيهِمْ وَيْلِي أَمَرَهُمْ وَعُقَوبَتَهُمْ،
١٣ ‏/ ٤٧١
وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَقُولُ: السُّوءُ: الْهَلَكَةُ، وَيَقُولُ: كُلُّ جُذَامٍ، وَبَرَصٍ، وَعَمًى، وَبَلَاءٍ عَظِيمٍ، فَهُوَ سُوءٌ، مَضْمُومُ الْأَوَّلِ، وَإِذَا فُتِحَ أَوَّلُهُ فَهُوَ مَصْدَرُ سُؤْتَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَجُلُ سَوْءٍ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] وَمَنْ هُوَ ظَاهَرٌ بِاللَّيْلِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: خَفَيْتُ الشَّيْءَ: إِذَا أَظْهَرْتَهُ، وَكَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
[البحر الوافر] فَإِنْ تَكْتُمُوا الدَّاءَ لَا نَخْفِهِ … وَإِنْ تَبْعَثُوا الْحَرْبَ لَا نَقْعُدِ
وَقَالَ: وَقَدْ قُرِئَ (أَكَادُ أَخْفِيهَا) بِمَعْنَى: أُظْهِرُهَا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] السَّارِبُ: هُوَ الْمُتَوَارِي كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ صَارَ فِي السَّرَبِ بِالنَّهَارِ مُسْتَخْفِيًا. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ: أَيْ مُسْتَتِرٌ بِاللَّيْلِ مِنَ الِاسْتِخْفَاءِ، وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ: وَذَاهِبٌ بِالنَّهَارِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: سَرَبَتِ الْإِبِلُ إِلَى الْمَرَاعِي، وَذَلِكَ ذَهَابُهَا إِلَى الْمَرَاعِي وَخُرُوجُهَا إِلَيْهَا وَقِيلَ: إِنَّ السُّرُوبَ بِالْعَشِيِّ وَالسُّرُوحَ بِالْغَدَاةِ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي تَأْنِيثِ مُعَقِّبَاتٌ، وَهِيَ صِفَةٌ لِغَيْرِ الْإِنَاثِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: إِنَّمَا أُنِّثَتْ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ مِنْهَا، نَحْوَ: نَسَّابَةُ وَعَلَّامَةٌ، ثُمَّ ذُكِّرَ لِأَنَّ الْمَعْنَى مُذَكَّرٌ، فَقَالَ: يَحْفَظُونَهُ،
١٣ ‏/ ٤٧٢
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: إِنَّمَا هِيَ مَلَائِكَةٌ مُعَقِّبَةٌ، ثُمَّ جُمِعَتْ مُعَقِّبَاتٌ، فَهُوَ جَمْعُ جَمْعٍ، ثُمَّ قِيلَ: يَحْفَظُونَهُ، لِأَنَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُنَا فِي مَعْنَى الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِبِ بِالنَّهَارِ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ فِي ذَلِكَ فَقَوْلٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَجْهٌ خِلَافٌ لِقَوْلِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَحَسَبُهُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى فَسَادِهِ خُرُوجُهُ عَنْ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ، وَأَمَّا الْمُعَقِّبَاتُ، فَإِنَّ التَّعْقِيبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْعَوْدُ بَعْدَ الْبَدْءِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الشَّيْءِ بَعْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ [النمل: ١٠]: أَيْ لَمْ يَرْجِعْ، وَكَمَا قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
[البحر البسيط] وَكَرُّنَا الْخَيْلَ فِي آثَارِهِمْ رُجُعًا … كُسَّ السَّنَابِكِ مِنْ بَدْءٍ وَتَعْقِيبِ
يَعْنِي: فِي غَزْو ثَانٍ عَقَّبُوا، وَكَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
[البحر الرمل] وَلَقَدْ كُنْتُ عَلَيْكُمْ عَاتِبًا … فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرِ مُرِّ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: عَقَبْتُمْ: رَجَعْتُمْ، وَأَتَاهَا التَّأْنِيثُ عِنْدَنَا، وَهِيَ مِنْ صِفَةِ الْحَرَسِ الَّذِي يَحْرُسُونَ الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِبِ بِالنَّهَارِ، لِأَنَّهُ عُنِيَ بِهَا حَرَسٌ مُعَقِّبَةٌ، ثُمَّ جُمِعَتِ الْمُعَقِّبَةُ، فَقِيلَ: مُعَقِّبَاتٌ، فَذَلِكَ جَمْعُ جَمْعِ الْمُعَقِّبِ، وَالْمُعَقِّبُ: وَاحِدُ الْمُعَقِّبَةِ، كَمَا قَالَ لَبِيدٌ:
[البحر الكامل]
١٣ ‏/ ٤٧٣
حَتَّى تَهَجَّرَ فِي الرَّوَاحِ وَهَاجَهَا … طَلَبَ الْمُعَقِّبِ حَقَّهُ الْمَظْلُومُ
وَالْمُعَقِّبَاتُ جَمْعُهَا، ثُمَّ قَالَ: يَحْفَظُونَهُ، فَرَدَّ الْخَبَرَ إِلَى تَذْكِيرِ الْحَرَسِ وَالْجُنْدِ
١٣ ‏/ ٤٧٤
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] فَإِنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: مَعْنَاهُ: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يَحْفَظُونَهُ، وَلَيْسَ مِنْ أَمْرِهِ، إِنَّمَا هُوَ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، قَالَ: وَيَكُونُ يَحْفَظُونَهُ ذَلِكَ الْحِفْظَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَبِإِذْنِهِ، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَجَبْتُكَ مِنْ دُعَائِكَ إِيَّايَ، وَبِدُعَائِكَ إِيَّايَ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَحْفَظُونَهُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، كَمَا قَالُوا: أَطْعَمَنِي مِنْ جُوعٍ وَعَنْ جُوعٍ، وَكَسَانِي عَنْ عُرْيٍ وَمِنْ عُرْيٍ. وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ أَوْلَى الْقَوْلِ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١] مِنْ صِفَةِ حَرَسِ هَذَا الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ، وَهِيَ تَحْرُسُهُ ظَنًّا مِنْهَا أَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُ أَمْرَ اللَّهِ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ حَرَسَهُ ذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا إِذَا جَاءَ أَمْرُهُ، فَقَالَ: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ، وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ١١]
١٣ ‏/ ٤٧٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ. وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ، وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ [الرعد: ١٢] يَعْنِي أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي يُرِي عِبَادَهُ الْبَرْقَ، وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ﴾ [البقرة: ٢٩] كِنَايَةُ اسْمِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْبَرْقِ فِيمَا مَضَى، وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا ⦗٤٧٥⦘ الْمَوْضِعِ. وَقَوْلُهُ ﴿خَوْفًا﴾ [الأعراف: ٥٦] يَقُولُ: خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ مِنْ أَذَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْبَرْقَ الْمَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، كَمَا
١٣ ‏/ ٤٧٤
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَهْضَمٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْبَرْقِ، فَقَالَ: «الْبَرْقُ: الْمَاءُ»
١٣ ‏/ ٤٧٥
وَقَوْلُهُ ﴿وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: ٥٦] يَقُولُ: وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ أَنْ يُمْطَرَ فَيَنْتَفِعَ، كَمَا
١٣ ‏/ ٤٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: ١٢] يَقُولُ: «خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ فِي أَسْفَارِهِ، يَخَافُ أَذَاهُ وَمَشَقَّتَهُ، وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ، يَرْجُو بَرَكَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ، وَيَطْمَعُ فِي رِزْقِ اللَّهِ»
١٣ ‏/ ٤٧٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: ٥٦] «خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ، وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ»
١٣ ‏/ ٤٧٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢] وَيُثِيرُ السَّحَابَ الثِّقَالَ بِالْمَطَرِ، وَيُبْدِئُهُ، يُقَالُ مِنْهُ: أَنْشَأَ اللَّهُ السَّحَابَ: إِذَا أَبْدَأَهُ، وَنَشَأَ السَّحَابُ: إِذَا بَدَأَ يَنْشَأُ نَشَأً، وَالسَّحَابُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهَا جَمْعٌ وَاحِدَتُهَا سَحَابَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ: «الثِّقَالَ»، فَنَعَتَهَا بِنَعْتِ الْجَمْعِ، وَلَوْ كَانَ جَاءَ: السَّحَابَ الثَّقِيلَ كَانَ جَائِزًا، وَكَانَ تَوْحِيدًا لِلَفْظِ السَّحَابِ، كَمَا قِيلَ: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾ [يس: ٨٠] . ⦗٤٧٦⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢] قَالَ: «الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ» . حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٧٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢] قَالَ: «الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ»
١٣ ‏/ ٤٧٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الرَّعْدِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ، قَالَ كَمَا
١٣ ‏/ ٤٧٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرٌ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ ⦗٤٧٧⦘ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ»
١٣ ‏/ ٤٧٦
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَ الْحَدِيثَ: أَنَّهُ ” كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: «سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ»
١٣ ‏/ ٤٧٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مَسْعَدَةُ بْنُ الْيَسَعِ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ قَالَ: «سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ»
١٣ ‏/ ٤٧٧
قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَبَّحْتَ لَهُ»
١٣ ‏/ ٤٧٧
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَخْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: «سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ»، أَوْ «سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ»
١٣ ‏/ ٤٧٧
قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: «سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ»
١٣ ‏/ ٤٧٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا يَقُولُ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، لَمْ تُصِبْهُ صَاعِقَةٌ» وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ [الرعد: ١٣] وَيُعَظِّمُ اللَّهُ الرَّعْدَ وَيُمَجِّدُهُ، فَيُثْنِي عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ، وَيُنَزِّهُهُ مِمَّا أَضَافَ إِلَيْهِ أَهْلُ الشِّرْكِ بِهِ وَمِمَّا وَصَفُوهُ بِهِ مِنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، تَعَالَى رَبُّنَا وَتَقَدَّسَ
١٣ ‏/ ٤٧٨
وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ خِيفَتِهِ﴾ [الرعد: ١٣] يَقُولُ: وَتُسَبِّحُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَةِ اللَّهِ وَرَهْبَتِهِ
١٣ ‏/ ٤٧٨
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ [الرعد: ١٣] فَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الصَّاعِقَةِ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةِ مِنَ الشَّوَاهِدِ، وَذَكَرْنَا مَا فِيهَا مِنَ الرِّوَايَةِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي كَافِرٍ مِنَ الْكُفَّارِ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ بِغَيْرِ مَا يَنْبَغِي ذِكْرُهُ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ صَاعِقَةً أَهْلَكَتْهُ
١٣ ‏/ ٤٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُحَارٍ الْعَبْدِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ إِلَى جَبَّارٍ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ رَبَّكُمْ أَذَهَبٌ هُوَ أَمْ فِضَّةٌ، هُوَ أَمْ لُؤْلُؤٌ هُوَ؟ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يُجَادِلْهُمْ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَاعِقَةً فَذَهَبَتْ بِقَحْفِ رَأْسِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مِنْ يَشَاءُ، وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ، وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣]»
١٣ ‏/ ٤٧٩
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ رَبِّكَ، مِنْ أَيِ شَيْءٍ هُوَ، مِنْ لُؤْلُؤٍ أَوْ مِنْ يَاقُوتٍ؟ فَجَاءَتْ صَاعِقَةٌ فَأَخَذَتْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣]». حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ ⦗٤٨٠⦘ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٧٩
قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: ثنا سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، حَدِّثْنِي مَنْ هَذَا الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ؟ أَيَاقُوتٌ هُوَ، أَذَهَبٌ هُوَ، أَمْ مَا هُوَ؟ قَالَ: «فَنَزَلَتْ عَلَى السَّائِلِ الصَّاعِقَةُ فَأَحْرَقَتْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾ [الرعد: ١٣] الْآيَةَ»
١٣ ‏/ ٤٨٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثني عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَارَةَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: ثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ مَرَّةً رَجُلًا إِلَى رَجُلٍ مِنْ فَرَاعِنَةِ الْعَرَبِ، أَنِ ادْعُهُ لِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ أَعْتَى مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ» قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُوكَ، فَقَالَ: مَنْ رَسُولُ اللَّهِ، وَمَا اللَّهُ؟ أَمِنْ ذَهَبٍ هُوَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ، أَمْ مِنْ نُحَاسِ؟ قَالَ: فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «ارْجِعْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ» قَالَ: فَأَتَاهُ فَأَعَادَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «ارْجِعْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ» قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَرَاجَعَانِ الْكَلَامَ بَيْنَهُمَا، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً بِحِيَالِ رَأْسِهِ فَرَعَدَتْ، فَوَقَعَتْ مِنْهَا صَاعِقَةٌ فَذَهَبَتْ بِقَحْفِ رَأْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ، وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣]». وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْكُفَّارِ أَنْكَرَ الْقُرْآنَ وَكَذَّبَ النَّبِيَّ ﷺ
١٣ ‏/ ٤٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا، «أَنَّ رَجُلًا أَنْكَرَ الْقُرْآنَ وَكَذَّبَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَاعِقَةً فَأَهْلَكَتْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ، وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣]». وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ فِي أَرْبَدَ أَخِي لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ هَمَّ بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هُوَ وَعَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ
١٣ ‏/ ٤٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: نَزَلَتْ يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ [الرعد: ١٣] فِي أَرْبَدَ أَخِي لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ، لِأَنَّهُ قَدِمَ أَرْبَدُ وَعَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ عَامِرٌ: يَا مُحَمَّدُ، أَأُسْلِمُ وَأَكُونُ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: فَأَكُونُ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ وَأَنْتَ عَلَى أَهْلِ الْمَدَرِ؟ قَالَ: «لَا»، قَالَ: فَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: «أُعْطِيكَ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ تُقَاتِلُ عَلَيْهَا، فَإِنَّكَ رَجُلٌ فَارِسٌ» قَالَ: أَوْ لَيْسَتْ أَعِنَّةُ الْخَيْلِ بِيَدِي؟ أَمَا وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ وَقَالَ لِأَرْبَدَ: إِمَّا أَنْ تَكْفِينِيهِ وَأَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، وَإِمَّا أَنْ أَكْفِيَكَهُ وَتَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، قَالَ أَرْبَدُ: اكْفِنِيهِ وأَضْرِبُهُ فَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: «ادْنُ»، فَلَمْ يَزَلْ يَدْنُو
١٣ ‏/ ٤٨١
وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ، «ادْنُ» حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَحَنَى عَلَيْهِ، وَاسْتَلَّ أَرْبَدُ السَّيْفَ، فَاسْتَلَّ مِنْهُ قَلِيلًا؛ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ ﷺ بَرِيقَهُ، تَعَوَّذَ بِآيَةٍ كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهَا، فَيَبَسَتْ يَدُ أَرْبَدَ عَلَى السَّيْفِ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَاعِقَةً فَأَحْرَقَتْهُ، فَذَلِكَ قَوْلُ أَخِيهِ:
[البحر المنسرح]

أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الْحُتُوفَ … وَلَا أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالْأَسَدِ
فَجَّعَنِي الْبَرْقُ وَالصَّوَاعِقُ بِالْ … فَارِسِ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ النَّجُدِ
وَقَدْ ذَكَرْتُ قَبْلُ خَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ بِنَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ

١٣ ‏/ ٤٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ﴾ [الرعد: ١٣] يَقُولُ: وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِالصَّوَاعِقِ أَصَابَهُمْ فِي حَالِ خُصُومَتِهِمْ فِي اللَّهِ عز وجل لِرَسُولِهِ ﷺ
١٣ ‏/ ٤٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ شَدِيدَةٌ مُمَاحَلَتُهُ فِي عُقُوبَةِ مَنْ طَغَى عَلَيْهِ وَعَتَا وَتَمَادَى فِي كُفْرِهِ، وَالْمِحَالُ: مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: مَاحَلْتُ فُلَانًا فَأَنَا أُمَاحِلُهُ مُمَاحَلَةً وَمِحَالًا، وَفَعَلْتُ مِنْهُ: مَحَلْتُ أَمْحَلُ مَحْلًا: إِذَا عَرَّضَ رَجُلٌ رَجُلًا لِمَا يُهْلِكُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَمَاحَلَّ مُصَدَّقٌ “، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى
١٣ ‏/ ٤٨٢
بَنِي ثَعْلَبَةَ:
[البحر الخفيف] فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ الْمَجْـ … دِ غَزِيرُ النَّدَى شَدِيدُ الْمِحَالِ
هَكَذَا كَانَ يُنْشِدُهُ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى فِيمَا حُدِّثْتُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْهُ، وَأَمَّا الرُّوَاةُ بَعْدُ فَإِنَّهُمْ يُنْشِدُونَهُ:
فَرْعُ فَرْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ الْمَجْـ … دِ كَثِيرُ النَّدَى عَظِيمُ الْمِحَالِ
وَفَسَّرَ ذَلِكَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْعُقُوبَةَ وَالْمَكْرَ وَالنَّكَالَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الوافر] وَلَبْسٍ بَيْنَ أَقْوَامٍ فَكُلٌّ … أَعَدَّ لَهُ الشَّغَازِبَ وَالْمِحَالَا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: ثنا سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ: «شَدِيدُ الْأَخْذِ»
١٣ ‏/ ٤٨٣
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ: «شَدِيدُ الْقُوَّةِ»
١٣ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] أَيِ الْقُوَّةُ وَالْحِيلَةُ»
١٣ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] يَعْنِي: الْهَلَاكَ، قَالَ: «إِذَا مَحَلَ فَهُوَ شَدِيدٌ» . وَقَالَ قَتَادَةُ: «شَدِيدُ الْحِيلَةِ»
١٣ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثني الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا رَجُلٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ: «الْمِحَالُ: جِدَالُ أَرْبَدَ، ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ: مَا أَصَابَ أَرْبَدَ مِنَ الصَّاعِقَةِ»
١٣ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «شَدِيدُ الْحَوْلِ»
١٣ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] قَالَ: «شَدِيدُ الْقُوَّةِ الْمِحَالُ: الْقُوَّةُ» وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ فِي تَأْوِيلِ الْمِحَالِ أَنَّهُ الْحِيلَةُ، وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ⦗٤٨٥⦘ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: «وَهُوَ شَدِيدُ الْمَحَالِ» بِفَتْحِ الْمِيمِ، لِأَنَّ الْحِيلَةَ لَا يَأْتِي مَصْدَرُهَا مِحَالًا بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَلَكِنْ قَدْ يَأْتِي عَلَى تَقْدِيرِ الْمَفْعَلَةِ مِنْهَا، فَيَكُونُ مَحَالَةً، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: «الْمَرْءُ يَعْجِزُ لَا مَحَالَةَ»، وَالْمَحَالَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْمَفْعَلَةُ مِنَ الْحِيلَةِ فَأَمَّا بِكَسْرِ الْمِيمِ فَلَا تَكُونُ إِلَّا مَصْدَرًا، مِنْ مَاحَلْتُ فُلَانًا أُمَاحِلُهُ مِحَالًا، وَالْمُمَاحَلَةُ بَعِيدَةُ الْمَعْنَى مِنَ الْحِيلَةِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَرَأَهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا قُلْنَا مِنَ الْقَوْلِ
١٣ ‏/ ٤٨٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: للَّهِ مِنْ خَلْقِهِ الدَّعْوَةُ الْحَقُّ، وَالدَّعْوَةُ هِيَ الْحَقُّ كَمَا أُضِيفَتِ الدَّارُ إِلَى الْآخِرَةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾ [يوسف: ١٠٩] وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى وَإِنَّمَا عَنَى بِالدَّعْوَةِ الْحَقِّ: تَوْحِيدُ اللَّهِ، وَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا تَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٣ ‏/ ٤٨٥
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٣ ‏/ ٤٨٦
قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: ثنا سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه: «﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: التَّوْحِيدُ»
١٣ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٣ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
١٣ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤]: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَيْسَتْ تَنْبَغِي لِأَحَدٍ غَيْرِهِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فُلَانُ إِلَهُ بَنِي فُلَانٍ»
١٣ ‏/ ٤٨٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ [الرعد: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالْآلِهَةُ الَّتِي يَدْعُونَهَا الْمُشْرِكُونَ أَرْبَابًا وَآلِهَةً وَقَوْلُهُ ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ [النساء: ١١٧] يَقُولُ: مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ [النساء: ١١٧] الْآلِهَةُ أَنَّهَا مُقَصِّرَةٌ عَنْهُ، وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَهًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر] ⦗٤٨٧⦘ أَتُوعِدُنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ … كَذَبْتَ، لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونِي
يَعْنِي: لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ عَنِّي
١٣ ‏/ ٤٨٦
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٤] يَقُولُ: لَا تُجِيبُ هَذِهِ الْآلِهَةُ الَّتِي يَدَعُوهَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ آلِهَةً بِشَيْءٍ يُرِيدُونَهُ مِنْ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ ﴿إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ [الرعد: ١٤] يَقُولُ: لَا يَنْفَعُ دَاعِي الْآلِهَةِ دُعَاؤُهُ إِيَّاهَا إِلَّا كَمَا يَنْفَعُ بَاسِطَ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ، بَسْطُهُ إِيَّاهُمَا إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ فِي إِنَاءٍ، وَلَكِنْ لِيَرْتَفِعَ إِلَيْهِ بِدُعَائِهِ إِيَّاهُ وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِ وَقَبْضِهِ عَلَيْهِ، وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ لِمَنْ سَعَى فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ مَثَلًا بِالْقَابِضِ عَلَى الْمَاءِ، قَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الطويل] فَإِنِّي وَإِيَّاكُمْ وَشَوْقًا إِلَيْكُمُ … كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنَامِلُهُ
يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا كَمَا فِي يَدِ الْقَابِضِ عَلَى الْمَاءِ، لِأَنَّ الْقَابِضَ عَلَى الْمَاءِ لَا شَيْءَ فِي يَدِهِ، وَقَالَ آخَرُ:
[البحر الطويل]
١٣ ‏/ ٤٨٧
فَأَصْبَحْتُ مِمَّا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا … مِنَ الْوُدِّ مِثْلَ الْقَابِضِ الْمَاءَ بِالْيَدِ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا سَيْفٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: «كَالرَّجُلِ الْعَطْشَانِ، يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى الْبِئْرِ لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إِلَيْهِ، وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ»
١٣ ‏/ ٤٨٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ [الرعد: ١٤] «يَدْعُو الْمَاءَ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، وَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا»
١٣ ‏/ ٤٨٨
قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿لِيَبْلُغَ فَاهُ﴾ [الرعد: ١٤] «يَدْعُوهُ لَيَأْتِيهِ وَمَا هُوَ يَأْتِيهِ، كَذَلِكَ لَا يَسْتَجِيبُ مَنْ هُوَ دُونَهُ»
١٣ ‏/ ٤٨٨
حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ [الرعد: ١٤] «يَدْعُو الْمَاءَ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا» . حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗٤٨٩⦘ مُجَاهِدٍ قَالَ: وَثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٨٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَجَّاجٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ الْأَعْرَجُ عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿لِيَبْلُغَ فَاهُ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: «يَدْعُوهُ لِأَنْ يَأْتِيهِ وَمَا هُوَ بِآتِيهِ، فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَجِيبُ مَنْ هُوَ دُونَهُ»
١٣ ‏/ ٤٨٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ﴾ [الرعد: ١٤] «وَلَيْسَ بِبَالِغِهِ حَتَّى يَتَمَزَّعَ عُنُقُهُ وَيَهْلِكَ عَطَشًا»
١٣ ‏/ ٤٨٩
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤] هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ، أَيْ هَذَا الَّذِي يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ هَذَا الْوَثَنَ وَهَذَا الْحَجَرَ، لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا، وَلَا يَسُوقُ إِلَيْهِ خَيْرًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُ سُوءًا، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ، كَمَثَلِ هَذَا الَّذِي بَسَطَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَلَا يَبْلُغُ فَاهُ وَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى يَمُوتَ عَطَشًا. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَتَنَاوَلَ خَيَالَهُ فِيهِ، وَمَا هُوَ بِبَالِغٍ ذَلِكَ
١٣ ‏/ ٤٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ﴾ [الرعد: ١٤] فَقَالَ: «هَذَا مَثَلُ ⦗٤٩٠⦘ الْمُشْرِكِ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الرَّجُلِ الْعَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ»
١٣ ‏/ ٤٨٩
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثني بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٤] إِلَى: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤] يَقُولُ: «مَثَلُ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَهُ الْعَطَشُ حَتَّى كَرَبَهُ الْمَوْتُ، وَكَفَّاهُ فِي الْمَاءِ قَدْ وَضَعَهُمَا لَا يَبْلُغَانِ فَاهُ، يَقُولُ اللَّهُ: لَا تَسْتَجِيبُ الْآلِهَةُ وَلَا تَنْفَعُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا حَتَّى يَبْلُغَ كَفَّا هَذَا فَاهُ، وَمَا هُمَا بِبَالِغَتَيْنِ فَاهُ أَبَدًا»
١٣ ‏/ ٤٩٠
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: «لَا يَنْفَعُونَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَمَا يَنْفَعُ هَذَا بِكَفَّيْهِ، يَعْنِي بَسْطَهُمَا إِلَى مَا لَا يُنَالُ أَبَدًا»
١٣ ‏/ ٤٩٠
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ﴾ [الرعد: ١٤] ” وَلَيْسَ الْمَاءُ بِبَالِغِ فَاهُ مَا قَامَ بَاسِطًا كَفَّيْهِ لَا يَقْبِضْهُمَا ﴿وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ، وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤] قَالَ: «هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَهًا أَنَّهُ غَيْرُ نَافِعِهِ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُ سُوءًا حَتَّى يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ»
١٣ ‏/ ٤٩٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤] يَقُولُ: وَمَا دُعَاءُ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مَا يَدْعُو مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْآلِهَةِ إِلَّا فِي ضَلَالٍ: يَقُولُ: إِلَّا فِي غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ وَلَا هُدًى، لِأَنَّهُ يُشْرِكُ بِاللَّهِ
١٣ ‏/ ٤٩١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِنِ امْتَنَعَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ للَّهِ شُرَكَاءَ مِنْ إِفْرَادِ الطَّاعَةِ وَالْإِخْلَاصِ بِالْعِبَادَةِ لَهُ، فَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ طَوْعًا، فَأَمَّا الْكَافِرُونَ بِهِ فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَ لَهُ كَرْهًا حِينَ يُكْرَهُونَ عَلَى السُّجُودِ، كَمَا
١٣ ‏/ ٤٩١
حَدَّثني بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ «فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَسْجُدُ طَائِعًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَسْجُدُ كَارِهًا»
١٣ ‏/ ٤٩١
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: “كَانَ رَبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ قَالَ: «بَلَى يَا رَبَّاهُ»
١٣ ‏/ ٤٩١
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ قَالَ: «مَنْ دَخَلَ طَائِعًا هَذَا طَوْعًا، وَكَرْهًا مَنْ لَمْ يُرَ يَدْخُلُ إِلَّا بِالسَّيْفِ»
١٣ ‏/ ٤٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [الرعد: ١٥] يَقُولُ: وَيَسْجُدُ أَيْضًا ظِلَالُ كُلُّ مَنْ سَجَدَ للَّهِ طَوْعًا وَكَرْهًا بِالْغَدَوَاتِ وَالْعَشَايَا، وَذَلِكَ أَنَّ ظِلَّ كُلَّ شَخَصٍ فَإِنَّهُ يَفِيءُ بِالْعَشِيِّ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءِ يَتَفَيَّؤُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا للَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [الرعد: ١٥] يَعْنِي: «حِينَ يَفِيءُ ظِلُّ أَحَدِهِمْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ»
١٣ ‏/ ٤٩٢
حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ قَالَ: «ظِلُّ الْمُؤْمِنِ يَسْجُدُ طَوْعًا وَهُوَ طَائِعٌ، وَظِلُّ الْكَافِرِ يَسْجُدُ طَوْعًا وَهُوَ كَارِهٌ»
١٣ ‏/ ٤٩٢
حَدَّثني يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [الرعد: ١٥] قَالَ: «ذُكِرَ أَنَّ ظِلَالَ الْأَشْيَاءِ كُلَّهَا تَسْجُدُ لَهُ، وَقَرَأَ: ﴿سُجَّدًا للَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل: ٤٨] قَالَ: تِلْكَ الظِّلَالُ تَسْجُدُ للَّهِ» ⦗٤٩٣⦘ وَالْآصَالُ: جَمْعُ أُصُلٍ، وَالْأُصُلُ: جَمْعُ أَصِيلٍ، وَالْأَصِيلُ: هُوَ الْعَشِيُّ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
[البحر الطويل] لَعَمْرِي لَأَنْتَ الْبَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَهُ … وَأَقْعُدُ فِي أَفْيَائِهِ بِالْأَصَائِلِ
١٣ ‏/ ٤٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ، قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ، أَمْ جَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ، قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٌ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ: مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمُدَبِّرُهَا، فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ اللَّهُ، وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: رَبُّهَا الَّذِي خَلَقَهَا وَأَنْشَأَهَا، هُوَ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ، وَهُوَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا أَجَابُوكَ بِذَلِكَ فَقُلْ لَهُمْ: أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَوْلِيَاءَ لَا تَمْلِكُ لِأَنْفُسِهَا نَفْعًا تَجْلِبُهُ إِلَى نَفْسِهَا، وَلَا ضَرًّا تَدْفَعُهُ عَنْهَا، وَهِيَ إِذْ لَمْ تَمْلِكُ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهَا، فَمِنْ مِلْكِهِ لِغَيْرِهَا أَبْعَدُ، فعَبَدْتُمُوهَا وَتَرَكْتُمْ عِبَادَةَ مَنْ بِيَدِهِ النَّفْعُ، وَالضُّرُ، وَالْحَيَاةُ، وَالْمَوْتُ، وَتَدْبِيرُ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَثَلًا، فَقَالَ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ [الأنعام: ٥٠]
١٣ ‏/ ٤٩٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الرعد: ١٦]⦗٤٩٤⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ الَّذِي بِيَدِهِ نَفْعُهُمْ وَضَرَّهُمْ مَا لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ: هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، وَلَا يَهْتَدِي لِمَحَجَّةٍ يَسْلُكُهَا إِلَّا بِأَنْ يُهْدَى، وَالْبَصِيرُ الَّذِي يَهْدِي الْأَعْمَى لِمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ الَّذِي لَا يُبْصِرُ؟ إِنَّهُمَا لَا شَكَّ لَغَيْرُ مُسْتَوِيَيْنِ يَقُولُ: فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُبْصِرُ الْحَقَّ فَيَتَّبِعُهُ، وَيَعْرِفُ الْهُدَى فَيَسْلُكُهُ؛ وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ لَا تَعْرِفُونَ حَقًّا، وَلَا تُبْصِرُونَ رُشْدًا
١٣ ‏/ ٤٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ [الرعد: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ الَّتِي لَا تُرَى فِيهَا الْمَحَجَّةُ فَتُسْلَكُ وَلَا يُرَى فِيهَا السَّبِيلُ فَيُرْكَبُ، وَالنُّورُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ الْأَشْيَاءَ وَيَجْلُو ضَوْءُهُ الظَّلَامَ؟ يَقُولُ: إِنَّ هَذَيْنِ لَا شَكَّ لَغَيْرُ مُسْتَوِيَيْنِ، فَكَذَلِكَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ، إِنَّمَا صَاحِبُهُ مِنْهُ فِي حِيرَةٍ يَضْرِبُ أَبَدًا فِي غَمْرَةٍ لَا يَرْجِعُ مِنْهُ إِلَى حَقِيقَةٍ، وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ صَاحِبُهُ مِنْهُ فِي ضِيَاءٍ يَعْمَلُ عَلَى عِلْمٍ بِرَبِّهِ، وَمَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِأَنَّ لَهُ مُثِيبًا يُثِيبُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَمُعَاقِبًا يُعَاقِبُهُ عَلَى إِسَاءَتِهِ، وَرَازِقًا يَرْزُقُهُ، وَنَافِعًا يَنْفَعُهُ، وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ [الرعد: ١٦] «أَمَّا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فَالْكَافِرُ وَالْمُؤْمِنُ؛ وَأَمَّا الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ فَالْهُدَى وَالضَّلَالَةُ»
١٣ ‏/ ٤٩٤
وَقَوْلُهُ: ﴿أَمْ جَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ﴾ [الرعد: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ: أَخَلَقَ أَوْثَانُكُمُ الَّتِي اتَّخَذْتُمُوهَا أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَخَلْقِ اللَّهِ، فَاشْتَبَهَ عَلَيْكُمْ أَمْرُهَا فِيمَا خَلَقَتْ وَخَلَقَ اللَّهُ، فَجَعَلْتُمُوهَا لَهُ شُرَكَاءَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، أَمْ إِنَّمَا بِكُمُ الْجَهْلُ وَالذَّهَابُ عَنِ الصَّوَابِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَشْكُلُ عَلَى ذِي عَقْلٍ أَنَّ عِبَادَةَ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ مِنَ الْفِعْلِ جَهْلٌ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إِنَّمَا تَصْلُحُ لِلَّذِي يُرْجَى نَفْعُهُ، وَيُخْشَى ضَرُّهُ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُشْكِلٍ خَطَؤُهُ وَجَهْلُ فَاعِلِهِ، كَذَلِكَ لَا يَشْكُلُ جَهْلُ مَنْ أَشْرَكَ فِي عِبَادَةِ مَنْ يَرْزُقُهُ وَيَكْفُلُهُ وَيَمُونُهُ مَنْ لَا يَقْدِرُ لَهُ عَلَى ضَرَرٍ وَلَا نَفْعٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿أَمْ جَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ﴾ [الرعد: ١٦] حَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ شَكُّوا فِي الْأَوْثَانِ». حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٩٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿أَمْ جَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ﴾ [الرعد: ١٦] خَلَقُوا كَخَلْقِهِ، ⦗٤٩٦⦘ فَحَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ شَكُّوا فِي الْأَوْثَانِ». حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ ‏/ ٤٩٥
قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: «﴿أَمْ جَعَلُوا للَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ﴾ [الرعد: ١٦] ضُرِبَتْ مَثَلًا»
١٣ ‏/ ٤٩٦
وَقَوْلُهُ: ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَقَرُّوا لَكَ أَنَّ أَوْثَانَهُمُ الَّتِي أَشْرَكُوهَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ لَا تَخْلُقُ شَيْئًا، فَاللَّهُ خَالِقُكُمْ وَخَالِقُ أَوْثَانِكُمْ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، فَمَا وَجْهُ إِشْرَاكِكُمْ مَا لَا تَخْلُقُ وَلَا تَضُرُّ
١٣ ‏/ ٤٩٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الرعد: ١٦] يَقُولُ: وَهُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ، الْقَهَّارُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأُلُوهَةِ وَالْعِبَادَةِ، لَا الْأَصْنَامُ وَالْأَوْثَانُ الَّتِي لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ
١٣ ‏/ ٤٩٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ، كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ، كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ وَالْكُفْرِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَثَلُ الْحَقِّ فِي ثَبَاتِهِ وَالْبَاطِلِ فِي اضْمِحْلَالِهِ مَثَلُ مَاءٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: فَاحْتَمَلَتْهُ الْأَوْدِيَةُ بِمِلْئِهَا، الْكَبِيرُ بِكِبَرِهِ، وَالصَّغِيرُ بِصِغَرِهِ، ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ
١٣ ‏/ ٤٩٦
الَّذِي حَدَثَ عَنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ زَبَدًا عَالِيًا فَوْقَ السَّيْلِ، فَهَذَا أَحَدُ مَثَلَيِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَالْحَقُّ هُوَ الْمَاءُ الْبَاقِي الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَالزَّبَدُ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ هُوَ الْبَاطِلُ، وَالْمَثَلُ الْآخَرُ: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَثَلٌ آخَرُ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، مَثَلُ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ يُوقِدُ عَلَيْهَا النَّاسُ فِي النَّارِ طَلَبَ حِلْيَةٍ يَتَّخِذُونَهَا أَوْ مَتَاعٍ، وَذَلِكَ مِنَ النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ، يُوقَدُ عَلَيْهِ لِيُتَّخَذَ مِنْهُ مَتَاعٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، ﴿زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ زَبَدٌ مِثْلُهُ، بِمَعْنَى: مِثْلُ زَبَدِ السَّيْلِ، لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَيَذْهَبُ بَاطِلًا، كَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِزَبَدِ السَّيْلِ وَيَذْهَبُ بَاطِلًا، وَرَفَعَ ﴿الزَّبَدُ﴾ [الرعد: ١٧] بِقَوْلِهِ: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ﴾ [الرعد: ١٧] وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ زَبَدٌ مِثْلُ زَبَدِ السَّيْلِ فِي بِطُولِ زَبَدِهِ، وَبَقَاءِ خَالِصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: كَمَا مَثَّلَ اللَّهُ الْإِيمَانَ وَالْكُفْرَ فِي بِطُولِ الْكُفْرِ وَخَيْبَةِ صَاحِبِهِ عِنْدَ مُجَازَاةِ اللَّهِ بِالْبَاقِي النَّافِعِ مِنْ مَاءِ السَّيْلِ وَخَالِصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَذَلِكَ يُمَثِّلُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: فَأَمَّا الزَّبَدُ الَّذِي عَلَا السَّيْلَ، وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالنُّحَاسُ وَالرَّصَاصُ عِنْدَ الْوَقُودِ عَلَيْهَا، فَيَذْهَبُ بِدَفْعِ الرِّيَاحِ وَقَذْفِ الْمَاءِ بِهِ
١٣ ‏/ ٤٩٧
وَتَعَلُّقِهِ بِالْأَشْجَارِ وَجَوَانِبِ الْوَادِي ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ﴾ [الرعد: ١٧] مِنَ الْمَاءِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ، فَالْمَاءُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ فَتَشْرَبُهُ، وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ تَمْكُثُ لِلنَّاسِ ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: كَمَا مَثَّلَ هَذَا الْمَثَلَ لِلْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، كَذَلِكَ يُمَثِّلُ الْأَمْثَالَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ ‏/ ٤٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثني الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] «فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ احْتَمَلَتْ مِنْهُ الْقُلُوبُ عَلَى قَدْرِ يَقِينِهَا وَشَكِّهَا، فَأَمَّا الشَّكُّ فَلَا يَنْفَعُ مَعَهُ الْعَمَلُ، وَأَمَّا الْيَقِينُ فَيَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَهْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] وَهُوَ الشَّكُّ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] وَهُوَ الْيَقِينُ، كَمَا يَجْعَلُ الْحُلِيَّ فِي النَّارِ، فَيُؤْخَذُ خَالِصُهُ وَيُتْرَكُ خَبَثُهُ فِي النَّارِ، فَكَذَلِكَ يَقْبَلُ اللَّهُ الْيَقِينَ وَيَتْرُكُ الشَّكَّ»
١٣ ‏/ ٤٩٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ قَوْلُهُ: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: «احْتَمَلَ السَّيْلُ مَا فِي الْوَادِي مِنْ عُودٍ، وَدِمَنَةٍ، ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ﴾ [الرعد: ١٧] فَهُوَ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَالْحِلْيَةُ، وَالْمَتَاعُ، وَالنُّحَاسُ، وَالْحَدِيدُ، ⦗٤٩٩⦘ وَلِلنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ خَبَثٌ، فَجَعَلَ اللَّهُ مِثْلُ خَبَثِهِ كَزَبَدِ الْمَاءِ، فَ ﴿أَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ﴾ [الرعد: ١٧] فَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ الْأَرْضَ فَمَا شَرِبَتْ مِنَ الْمَاءِ فَأَنْبَتَتْ، فَجَعَلَ ذَلِكَ مِثْلَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَبْقَى لِأَهْلِهِ، وَالْعَمَلُ السَّيِّئُ يَضْمَحِلُّ عَنْ أَهْلِهِ، كَمَا يَذْهَبُ هَذَا الزَّبَدُ، فَكَذَلِكَ الْهُدَى وَالْحَقُّ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَمَنْ عَمِلَ بِالْحَقِّ كَانَ لَهُ وَبَقِيَ كَمَا يَبْقَى مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدُ لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْهُ سِكِّينٌ وَلَا سَيْفٌ حَتَّى يَدْخُلَ فِي النَّارِ فَتَأْكُلُ خَبَثَهُ، فَيَخْرُجُ جَيِّدُهُ فَيُنْتَفَعُ بِهِ، فَكَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأُقِيمَ النَّاسُ، وَعُرِضَتِ الْأَعْمَالُ، فَيَزِيغَ الْبَاطِلُ وَيَهْلِكَ، وَيَنْتَفِعَ أَهْلُ الْحَقِّ بِالْحَقِّ، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧]»
١٣ ‏/ ٤٩٨
حَدَّثني يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ﴾ [الرعد: ١٧] إِلَى: ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] فَقَالَ: ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَوْ مَتَاعٍ الصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ قَالَ: كَمَا أَوَقَدَ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ فَخَلُصَ خَالِصُهُ، قَالَ: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] كَذَلِكَ بَقَاءُ الْحَقِّ لِأَهْلِهِ فَانْتَفِعُوا “
١٣ ‏/ ٤٩٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ ⦗٥٠٠⦘ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: «﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: مَا أَطَاقَتْ مَلَأَهَا ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: انْقَضَى الْكَلَامُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ فَقَالَ: «وَمِمَّا تُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ» قَالَ: الْمَتَاعُ: الْحَدِيدُ وَالنُّحَاسُ وَالرَّصَاصُ وَأَشْبَاهُهُ زَبَدٌ مِثْلُهُ، قَالَ: خَبَثُ ذَلِكَ مِثْلُ زَبَدِ السَّيْلِ قَالَ: ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ
١٣ ‏/ ٤٩٩
وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَوْلُهُ: «﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: جُمُودًا فِي الْأَرْضِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] يَعْنِي الْمَاءَ، وَهُمَا مَثَلَانِ: مَثَلُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ»
١٣ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] السَّيْلُ مِثْلُ خَبَثِ الْحَدِيدِ وَالْحِلْيَةِ، ﴿فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] جُمُودًا فِي الْأَرْضِ، ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] الْحَدِيدُ وَالنُّحَاسُ وَالرَّصَاصُ وَأَشْبَاهُهُ وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] إِنَّمَا هُمَا مَثَلَانِ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ»
١٣ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وَثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗٥٠١⦘ مُجَاهِدٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: «بِمِلْئِهَا، ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: الزَّبَدُ: السَّيْلُ ﴿ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: خَبَثُ الْحَدِيدِ وَالْحِلْيَةِ، ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: جُمُودًا فِي الْأَرْضِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: الْمَاءُ وَهُمَا مَثَلَانِ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ»
١٣ ‏/ ٥٠٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] الصَّغِيرُ بِصِغَرِهِ، وَالْكَبِيرُ بِكِبَرِهِ، ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] أَيْ عَالِيًا، ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ، كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] وَالْجُفَاءُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّجَرِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالٍ ضَرَبَهَا اللَّهُ فِي مَثَلٍ وَاحِدٍ، يَقُولُ: كَمَا اضْمَحَلَّ هَذَا الزَّبَدُ فَصَارَ جُفَاءً لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا تُرْجَى بَرَكَتُهُ، كَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ عَنْ أَهْلِهِ كَمَا اضْمَحَلَّ هَذَا الزَّبَدُ، وَكَمَا مَكَثَ هَذَا الْمَاءُ فِي الْأَرْضِ، فَأَمْرَعَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ، وَأَخْرَجَتْ نَبَاتَهَا، كَذَلِكَ يَبْقَى الْحَقُّ لِأَهْلِهِ كَمَا بَقِيَ هَذَا الْمَاءُ فِي الْأَرْضِ، فَأَخْرَجَ اللَّهُ بِهِ مَا أَخْرَجَ مِنَ النَّبَاتِ قَوْلُهُ: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ﴾ [الرعد: ١٧] الْآيَةَ، كَمَا يَبْقَى خَالِصُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، حِينَ أُدْخِلَ النَّارَ وَذَهَبَ خَبَثُهُ، كَذَلِكَ يَبْقَى الْحَقُّ لِأَهْلِهِ قَوْلُهُ: ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: هَذَا الْحَدِيدُ وَالصُّفْرُ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ، فِيهِ مَنَافِعُ: يَقُولُ: كَمَا يَبْقَى خَالِصُ هَذَا الْحَدِيدِ وَهَذَا الصُّفْرِ حِينَ أُدْخِلَ النَّارَ وَذَهَبَ خَبَثُهُ، كَذَلِكَ يَبْقَى الْحَقُّ لِأَهْلِهِ كَمَا بَقِيَ خَالِصُهُمَا»
١٣ ‏/ ٥٠١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] الْكَبِيرُ بِقَدَرِهِ وَالصَّغِيرُ بِقَدَرِهِ ﴿زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: رَبَا فَوْقَ الْمَاءِ الزَّبَدُ ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: «هُوَ الذَّهَبُ إِذَا أُدْخِلَ النَّارَ بَقِيَ صَفْوهُ، وَنُفِيَ مَا كَانَ مِنْ كَدَرِهِ وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد: ١٧] يَتَعَلَّقُ بِالشَّجَرِ فَلَا يَكُونُ شَيْئًا مَثَلُ الْبَاطِلِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧] وَهَذَا يُخْرِجُ النَّبَاتَ، وَهُوَ مَثَلُ الْحَقِّ ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: الْمَتَاعُ: الصُّفْرُ وَالْحَدِيدُ»
١٣ ‏/ ٥٠٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، قَالَ: بَلَغَنِي فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: ١٧] الصَّغِيرُ عَلَى قَدْرِهِ، وَالْكَبِيرُ عَلَى قَدْرِهِ، وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِهِ ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] يَقُولُ: عَظِيمًا، وَحَيْثُ اسْتَقَرَّ الْمَاءُ يَذْهَبُ الزَّبَدُ جُفَاءً فَتَطِيرُ بِهِ الرِّيحُ، فَلَا يَكُونُ شَيْئًا، وَيَبْقَى صَرِيحُ الْمَاءِ الَّذِي يَنْفَعُ النَّاسَ مِنْهُ شَرَابُهُمْ وَنَبَاتُهُمْ وَمَنْفَعَتُهُمْ ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ [الرعد: ١٧] وَمَثَلُ الزَّبَدِ كُلُّ شَيْءٍ يُوقَدُ عَلَيْهِ فِي النَّارِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ فَيَذْهَبُ خَبَثُهُ وَيَبْقَى مَا يَنْفَعُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَالْخَبَثُ وَالزَّبَدُ مَثَلُ الْبَاطِلِ، وَالَّذِي يَنْفَعُ النَّاسَ مِمَّا تَحَصَّلَ فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا يَنْفَعُهُمُ الْمَالُ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ»

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …