وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: ٣٧] يَقُولُ: لِيَشْكُرُوكَ عَلَى مَا رَزَقْتَهُمْ وَتُنْعِمُ بِهِ عَلَيْهِمْ
١٣ / ٧٠١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ، وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٨] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنِ اسْتِشْهَادِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ إِيَّاهُ عَلَى مَا نَوَى وَقَصَدَ بِدُعَائِهِ وَقِيلِهِ ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥] الْآيَةَ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ رِضَا اللَّهِ عَنْهُ فِي مَحَبَّتِهِ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ للَّهِ، وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ عَلَى مِثْلِ الَّذِي هُوَ لَهُ، فَقَالَ: رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا تُخْفِي قُلُوبُنَا عِنْدَ مَسْأَلَتِنَا مَا نَسْأَلُكَ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِنَا، وَمَا نُعْلِنُ مِنْ دُعَائِنَا، فَنَجْهَرُ بِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِنَا، وَمَا يَخْفَى عَلَيْكَ يَا رَبَّنَا مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ ظَاهِرٌ لَكَ مُتَجَلٍّ بَادٍ، لِأَنَّكَ مُدَبِّرُهُ وَخَالِقُهُ، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ
١٣ / ٧٠١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ يَقُولُ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي عَلَى كِبَرٍ مِنَ السِّنِّ وَلَدًا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٩] يَقُولُ: إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعٌ دُعَائِيَ الَّذِي أَدْعُوهُ بِهِ، وَقَوْلِي: ﴿اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ دُعَائِي وَدُعَاءِ غَيْرِي، وَجَمِيعِ مَا نَطَقَ بِهِ نَاطِقٌ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ
١٣ / ٧٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: «بُشِّرَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةَ سَنَةٍ»
١٣ / ٧٠٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٤٠] يَقُولُ: رَبِّ اجْعَلْنِي مُؤَدِّيًا مَا أَلْزَمْتَنِي مِنْ فَرِيضَتِكَ الَّتِي فَرَضْتَهَا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [البقرة: ١٢٤] يَقُولُ: وَاجْعَلْ أَيْضًا مِنْ ذُرِّيَّتِي مُقِيمِي الصَّلَاةِ لَكَ ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٤٠] يَقُولُ: رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ عَمَلِي الَّذِي أَعْمَلُهُ لَكَ، وَعِبَادَتِي إِيَّاكَ، وَهَذَا نَظِيرُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠]
١٣ / ٧٠٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ⦗٧٠٣⦘ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم: ٤١] وَهَذَا دُعَاءٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَاسْتِغْفَارٌ مِنْهُ لَهُمَا وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ ﴿اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤] . وَقَدْ بَيَّنَّا وَقْتَ تَبَرُّئِهِ مِنْهُ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ
١٣ / ٧٠٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [إبراهيم: ٤١] يَقُولُ: وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِكَ مِمَّنْ تَبِعَنِي عَلَى الدِّينِ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ، فَأَطَاعَكَ فِي أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ. وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم: ٤١] يَعْنِي: يَقُومُ النَّاسُ لِلْحِسَابِ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْحِسَابِ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ، إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ
١٣ / ٧٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ، لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ﴾ [إبراهيم: ٤٢] يَا مُحَمَّدُ ﴿غَافِلًا﴾ [إبراهيم: ٤٢] سَاهِيًا ﴿عَمَّا يَعْمَلُ﴾ [إبراهيم: ٤٢] هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ، بَلْ هُوَ عَالِمٌ بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ، مُحْصِيهَا عَلَيْهِمْ، لِيَجْزِيَهُمْ جَزَاءَهُمْ فِي الْحِينِ الَّذِي قَدْ سَبَقَ فِي عَلِمِهِ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ فِيهِ
١٣ / ٧٠٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ⦗٧٠٤⦘ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم: ٤٢] قَالَ: «هِيَ وَعِيدٌ لِلظَّالِمِ، وَتَعْزِيَةٌ لِلْمَظْلُومِ»
١٣ / ٧٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ، لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّمَا يُؤَخِّرُ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَكَ وَيَجْحَدُونَ نُبُوَّتَكَ، لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، يَقُولُ: إِنَّمَا يُؤَخِّرُ عِقَابَهُمْ وَإِنْزَالَ الْعَذَابِ بِهِمْ، إِلَى يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ أَبْصَارُ الْخَلْقِ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، كَمَا:
١٣ / ٧٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: ٤٢] «شَخُصَتْ فِيهِ وَاللَّهِ أَبْصَارُهُمْ، فَلَا تَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ»
١٣ / ٧٠٤
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مُسْرِعِينَ
١٣ / ٧٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «النَّسَلَانُ، وَهُوَ الْخَبَبُ، أَوْ مَا دُونَ الْخَبَبِ، شَكَّ أَبُو سَعِيدٍ، يَخُبُّونَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ»
١٣ / ٧٠٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ⦗٧٠٥⦘: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «مُسْرِعِينَ»
١٣ / ٧٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] يَقُولُ: «مُنْطَلِقِينَ عَامِدِينَ إِلَى الدَّاعِي» . وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: مُدِيمِي النَّظَرِ
١٣ / ٧٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثَنى أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] يَعْنِي بِالْإِهْطَاعِ: النَّظَرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْرِفَ “
١٣ / ٧٠٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْإِهْطَاعُ: التَّحْمِيجُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَطْرِفُ»
١٣ / ٧٠٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْإِهْطَاعُ: التَّحْمِيجُ»
١٣ / ٧٠٥
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «شِدَّةُ النَّظَرِ الَّذِي لَا يَطْرِفُ»
١٣ / ٧٠٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «شِدَّةُ النَّظَرِ فِي غَيْرِ طَرْفٍ»
١٣ / ٧٠٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] «الْإِهْطَاعُ: شِدَّةُ النَّظَرِ فِي غَيْرِ طَرْفٍ»
١٣ / ٧٠٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «مُدِيمِي النَّظَرِ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ
١٣ / ٧٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْمُهْطِعُ الَّذِي لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ» ⦗٧٠٧⦘ وَالْإِهْطَاعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى الْإِسْرَاعِ أَشْهَرُ مِنْهُ بِمَعْنَى إِدَامَةِ النَّظَرِ، وَمِنَ الْإِهْطَاعِ بِمَعْنَى الْإِسْرَاعِ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل] وَبِمُهْطِعٍ سُرُحٍ كَأَنَّ زِمَامَهُ … فِي رَأْسِ جِذْعٍ مِنْ أَوَالَ مُشَذَّبِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الطويل] بِمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ كَأَنَّ جَدِيلَهُ … بِقَيْدُومِ رَعْنٍ مِنْ صَوَامٍ مُمَنَّعِ
[البحر الكامل] وَبِمُهْطِعٍ سُرُحٍ كَأَنَّ زِمَامَهُ … فِي رَأْسِ جِذْعٍ مِنْ أَوَالَ مُشَذَّبِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الطويل] بِمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ كَأَنَّ جَدِيلَهُ … بِقَيْدُومِ رَعْنٍ مِنْ صَوَامٍ مُمَنَّعِ
١٣ / ٧٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] يَعْنِي رَافِعِي رُءُوسِهِمْ وَإِقْنَاعِ الرَّأْسِ: رَفْعُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
[البحر الوافر] يُبَاكِرْنَ الْعِضَاهَ بِمُقْنَعَاتٍ … نَوَاجِذُهُنَّ كَالْحَدَإِ الْوَقِيعِ
يَعْنِي: أَنَّهُنَّ يُبَاكِرْنَ الْعِضَاهَ بِرُءُوسِهِنَّ مَرْفُوعَاتٍ إِلَيْهَا لِتَتَنَاوَلَ مِنْهَا، وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز] ⦗٧٠٨⦘ أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وَأَقْنَعَا … كَأَنَّمَا أَبْصَرَ شَيْئًا أَطْمَعَا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
[البحر الوافر] يُبَاكِرْنَ الْعِضَاهَ بِمُقْنَعَاتٍ … نَوَاجِذُهُنَّ كَالْحَدَإِ الْوَقِيعِ
يَعْنِي: أَنَّهُنَّ يُبَاكِرْنَ الْعِضَاهَ بِرُءُوسِهِنَّ مَرْفُوعَاتٍ إِلَيْهَا لِتَتَنَاوَلَ مِنْهَا، وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز] ⦗٧٠٨⦘ أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وَأَقْنَعَا … كَأَنَّمَا أَبْصَرَ شَيْئًا أَطْمَعَا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْإِقْنَاعُ: رَفْعُ رُءُوسِهِمْ»
١٣ / ٧٠٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَقَالَ الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «رَافِعِيهَا» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
١٣ / ٧٠٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «وُجُوهُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ»
١٣ / ٧٠٨
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «رَافِعٌ رَأْسَهُ هَكَذَا، ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣]»
١٣ / ٧٠٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «رَافِعِي رُءُوسِهِمْ»
١٣ / ٧٠٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْإِقْنَاعُ رَفْعُ رُءُوسِهِمْ»
١٣ / ٧٠٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْمُقْنَعُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ شَاخِصًا بَصَرُهُ، لَا يَطْرِفُ»
١٣ / ٧٠٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «رَافِعِيهَا»
١٣ / ٧٠٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْمُقْنَعُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ»
١٣ / ٧٠٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿مُقْنِعِي ⦗٧١٠⦘ رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «رَافِعِي رُءُوسِهِمْ»
١٣ / ٧٠٩
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «رَافِعِي رُءُوسِهِمْ»
١٣ / ٧١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] يَقُولُ: لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ لِشِدَّةِ النَّظَرِ أَبْصَارُهُمْ، كَمَا:
١٣ / ٧١٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «شَاخِصَةٌ أَبْصَارُهُمْ»
١٣ / ٧١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مُتَخَرِّقَةٌ لَا تَعِي مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا
١٣ / ٧١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «مُتَخَرِّقَةٌ لَا تَعِي شَيْئًا» . حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، بِمِثْلِ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، مِثْلَهُ. ⦗٧١١⦘ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: ثنا مَالِكٌ وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، مِثْلَهُ
١٣ / ٧١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «مُتَخَرِّقَةٌ لَا تَعِي شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ» . حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: ثنا مَالِكٌ يَعْنِي ابْنَ مِغْوَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: “لَا تَعِي شَيْئًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْخَيْرِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، مِثْلَهُ
١٣ / ٧١١
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ أَحَدُهُمَا: خَرِبَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: مُتَخَرِّقَةٌ لَا تَعِي شَيْئًا “
١٣ / ٧١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ، فَهِيَ كَالْخَرِبَةِ»
١٣ / ٧١١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «لَيْسَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ فِي أَفْئِدَتِهِمْ، كَقَوْلِكَ لِلْبَيْتِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ: إِنَّمَا هُوَ هَوَاءٌ»
١٣ / ٧١١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «الْأَفْئِدَةُ: الْقُلُوبُ هَوَاءٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ، لَيْسَ فِيهَا عَقْلٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ»
١٣ / ٧١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ، تَرَدَّدُ فِي أَجْوَافِهِمْ
١٣ / ٧١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «تَمُورُ فِي أَجْوَافِهِمْ، لَيْسَ لَهَا مَكَانٌ تَسْتَقِرُّ فِيهِ» . حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ بِنَحْوِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا فَنَشَبَتْ بِالْحُلُوقِ
١٣ / ٧١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «قَدْ بَلَغَتْ حَنَاجِرَهُمْ»
١٣ / ٧١٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] قَالَ: «هَوَاءٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، خَرَجَتْ مِنْ صُدُورِهِمْ فَنَشَبَتْ فِي حُلُوقِهِمْ»
١٣ / ٧١٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] «انْتُزِعَتْ حَتَّى صَارَتْ فِي حَنَاجِرِهِمْ، لَا تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ، وَلَا تَعُودُ إِلَى أَمْكِنَتِهَا» وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّهَا خَالِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَا تَعْقِلُ شَيْئًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ أَجْوَفَ خاوٍ: هَوَاءً، وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
[البحر الوافر] أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي … فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الطويل] وَلَا تَكُ مِنْ أَخْدَانِ كُلِّ يَرَاعَةٍ … هَوَاءٍ كَسَقْبِ الْبَانِ جَوْفٍ مَكَاسِرُهْ
[البحر الوافر] أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي … فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الطويل] وَلَا تَكُ مِنْ أَخْدَانِ كُلِّ يَرَاعَةٍ … هَوَاءٍ كَسَقْبِ الْبَانِ جَوْفٍ مَكَاسِرُهْ
١٣ / ٧١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ، أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤]⦗٧١٤⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَنْذِرْ يَا مُحَمَّدُ النَّاسَ الَّذِينَ أَرْسَلْتُكَ إِلَيْهِمْ دَاعِيًا إِلَى الْإِسْلَامِ مَا هُوَ نَازِلٌ بِهِمْ، يَوْمَ يَأْتِيهِمْ عَذَابُ اللَّهِ فِي الْقِيَامَةِ ﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [إبراهيم: ٤٤] يَقُولُ: فَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، فَظَلَمُوا بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ: ﴿رَبَّنَا أَخِّرْنَا﴾ [إبراهيم: ٤٤]: أَيْ أَخِّرْ عَنَّا عَذَابَكَ، وَأَمْهِلْنَا ﴿إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ﴾ [إبراهيم: ٤٤] الْحَقَّ، فَنُؤْمِنُ بِكَ، وَلَا نُشْرِكُ بِكَ شَيْئًا، ﴿وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ [إبراهيم: ٤٤] يَقُولُونَ: وَنُصَدِّقُ رُسُلَكَ فَنَتَّبِعْهُمْ عَلَى مَا دَعَوْتَنَا إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتِكَ وَاتِّبَاعِ أَمْرِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾ [إبراهيم: ٤٤] قَالَ: “يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤] قَالَ: «مُدَّةٌ يَعْمَلُونَ فِيهَا مِنَ الدُّنْيَا»
١٣ / ٧١٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾ [إبراهيم: ٤٤] يَقُولُ: «أَنْذِرْهُمْ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ»
١٣ / ٧١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [إبراهيم: ٤٤] رُفِعَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿يَأْتِيهِمْ﴾ [البقرة: ٢١٠] فِي قَوْلِهِ: ﴿يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾ [إبراهيم: ٤٤] وَلَيْسَ بِجَوَابٍ لِلْأَمْرِ، وَلَوْ كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ﴾ [إبراهيم: ٤٤] جَازَ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ، أَمَّا النَّصْبُ فَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز] يَا نَاقَ سِيرِي عَنَقًا فَسِيحَا … إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا
⦗٧١٥⦘ وَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَذُكِرَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سِيَابَةَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ النَّصْبَ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْفَاءِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَانَ الْعَلَاءُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَ مُعَاذًا وَأَصْحَابَهُ
[البحر الرجز] يَا نَاقَ سِيرِي عَنَقًا فَسِيحَا … إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا
⦗٧١٥⦘ وَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَذُكِرَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سِيَابَةَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ النَّصْبَ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْفَاءِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَانَ الْعَلَاءُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَ مُعَاذًا وَأَصْحَابَهُ
١٣ / ٧١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤] وَهَذَا تَقْرِيعٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ بَعْدَ أَنْ دَخَلُوا النَّارَ بِإِنْكَارِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ، يَقُولُ لَهُمْ إِذْ سَأَلُوهُ رَفْعَ الْعَذَابِ عَنْهُمْ وَتَأْخِيرَهُمْ لِيُنِيبُوا وَيَتُوبُوا: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا﴾ [إبراهيم: ٤٤] فِي الدُّنْيَا ﴿أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤] يَقُولُ: مَا لَكُمْ مِنِ انْتِقَالٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، وَأَنَّكُمْ إِنَّمَا تَمُوتُونَ، ثُمَّ لَا تُبْعَثُونَ؟ كَمَا:
١٣ / ٧١٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [إبراهيم: ٤٤] كَقَوْلِهِ: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، بَلَى﴾ [النحل: ٣٨] ثُمَّ قَالَ: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤] قَالَ: «الِانْتِقَالُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ»
١٣ / ٧١٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤] قَالَ: «لَا تَمُوتُونَ، ⦗٧١٦⦘ لِقُرَيْشٍ»
١٣ / ٧١٥
حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي لَيْلَى أَحَدِ بَنِي عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ: «بَلَغَنِي، أَوْ ذُكِرَ لِي، أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يُنَادُونَ: ﴿رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ [إبراهيم: ٤٤] فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ. وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦]»
١٣ / ٧١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ، وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: ٤٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَسَكَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، فَظَلَمُوا بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَكُمْ ﴿وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٥] يَقُولُ: وَعَلِمْتُمْ كَيْفَ أَهْلَكْنَاهُمْ حِينَ عَتَوْا عَلَى رَبِّهِمْ، وَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانِهِمْ وَكُفْرِهِمْ ﴿وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: ٤٥] يَقُولُ: وَمَثَّلْنَا لَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ مُقِيمِينَ الْأَشْبَاهَ، فَلَمْ تُنِيبُوا، وَلَمْ تَتُوبُوا مِنْ كُفْرِكُمْ، فَالْآنَ تَسْأَلُونَ التَّأْخِيرَ لِلتَّوْبَةِ حِينَ نَزَلَ بِكُمْ مَا قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْعَذَابِ، إِنَّ ذَلِكَ لَغَيْرُ كَائِنٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٥] يَقُولُ: «سَكَنَ النَّاسُ فِي مَسَاكِنِ قَوْمِ نُوحٍ، وَعَادٍ، وَثَمُودَ، وَقُرُونٍ بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرَةٍ مِمَّنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَمِ ﴿وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ، وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: ٤٥] قَدْ وَاللَّهِ بَعَثَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ، فَلَا يُصَمُّ فِيهَا إِلَّا أَصَمُّ، وَلَا يَخِيبُ فِيهَا إِلَّا الْخَائِبُ، فَاعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ»
١٣ / ٧١٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٥] قَالَ: «سَكَنُوا فِي قُرَاهُمْ مَدْيَنَ وَالْحِجْرَ وَالْقُرَى الَّتِي عَذَّبَ اللَّهُ أَهْلَهَا، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ، وَضَرَبَ لَهُمُ الْأَمْثَالَ»
١٣ / ٧١٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبَى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: ٤٥] قَالَ: «الْأَشْبَاهُ» . حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٣ / ٧١٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦]⦗٧١٨⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَدْ مَكَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، فَسَكَنْتُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي مَسَاكِنِهِمْ مَكْرَهُمْ، وَكَانَ مَكْرُهُمُ الَّذِي مَكَرُوا مَا:
١٣ / ٧١٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقْرَأُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فَرِهٌ أَخَذَ فُرُوخَ النُّسُورِ، فَعَلَفَهَا اللَّحْمَ حَتَّى شَبَّتْ وَاسْتَعْلَجَتْ وَاسْتَغْلَظَتْ، فَقَعَدَ هُوَ وَصَاحِبُهُ فِي التَّابُوتِ وَرَبَطُوا التَّابُوتَ بِأَرْجُلِ النُّسُورِ، وَعَلَّقُوا اللَّحْمَ فَوْقَ التَّابُوتِ، فَكَانَتْ كُلَّمَا نَظَرَتْ إِلَى اللَّحْمِ صَعِدَتْ وَصَعِدَتْ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى الْجِبَالَ مِثْلَ الدُّخَانِ، قَالَا: مَا تَرَى؟ قَالَ: مَا أَرَى شَيْئًا، قَالَ: وَيْحَكَ صَوِّبْ صَوِّبْ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى ⦗٧١٩⦘ بْنِ سَعِيدٍ، وَزَادَ فِيهِ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَؤُهَا: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)»
١٣ / ٧١٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاصِلٍ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] قَالَ: «أَخَذَ ذَلِكَ الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ نَسْرَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَرَبَّاهُمَا، ثُمَّ اسْتَغْلَظَا وَاسْتَعْلَجَا وَشَبَّا، قَالَ: فَأَوْثَقَ رِجْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَتَدٍ إِلَى تَابُوتٍ، وَجَوَّعَهُمَا، وَقَعَدَ هُوَ وَرَجُلٌ آخَرُ فِي التَّابُوتِ، قَالَ: وَرَفَعَ فِي التَّابُوتِ عَصًا عَلَى رَأْسِهِ اللَّحْمُ، قَالَ: فَطَارَا، وَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: انْظُرْ مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى كَذَا وَكَذَا، حَتَّى قَالَ: أَرَى الدُّنْيَا كَأَنَّهَا ذُبَابٌ، فَقَالَ: صَوِّبِ الْعَصَا فَصَوَّبَهَا فَهَبَطَا قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)»
١٣ / ٧١٩
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، مَكْرُ فَارِسَ، وَزَعَمَ أَنَّ بُخْتُنْصُرَ خَرَجَ بِنُسُورٍ، وَجَعَلَ لَهُ تَابُوتًا يَدْخُلُهُ، وَجَعَلَ رِمَاحًا فِي أَطْرَافِهَا وَاللَّحْمَ فَوْقَهَا أُرَاهُ قَالَ: فَعَلَتْ تَذْهَبُ نَحْوَ اللَّحْمِ حَتَّى انْقَطَعَ بَصَرُهُ مِنَ الْأَرْضِ وَأَهْلِهَا، فَنُودِيَ: أَيُّهَا الطَّاغِيَةُ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَفَرِقَ، ثُمَّ سَمِعَ الصَّوْتَ فَوْقَهُ، فَصَوَّبَ الرِّمَاحَ، فَتَصَوَّبَتِ النُّسُورُ، فَفَزِعَتِ الْجِبَالُ مِنْ هِدَّتِهَا، وَكَادَتِ الْجِبَالُ أَنْ تَزُولَ مِنْهُ مِنْ حِسِّ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ ⦗٧٢٠⦘ الْجِبَالُ) “
١٣ / ٧١٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ «كَذَا قَرَأَهَا مُجَاهِدٌ: «كَادَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ» وَقَالَ:»إِنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى جَوَّعَ نُسُورًا، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهَا تَابُوتًا فَدَخَلَهُ، ثُمَّ جَعَلَ رِمَاحًا فِي أَطْرَافِهَا لَحْمٌ، فَجَعَلَتْ تَرَى اللَّحْمَ فَتَذْهَبُ، حَتَّى انْتَهَى بَصَرُهُ، فَنُودِيَ: أَيُّهَا الطَّاغِيَةُ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَصَوَّبَ الرِّمَاحَ، فَتَصَوَّبَتِ النُّسُورُ، فَفَزِعَتِ الْجِبَالُ، وَظَنَّتْ أَنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ، فَكَادَتْ أَنْ تَزُولَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) “
١٣ / ٧٢٠
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) “
١٣ / ٧٢٠
حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى نَحْوِ: (لَتَزُولُ)، بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ»
١٣ / ٧٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَانِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) “
١٣ / ٧٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَانِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأَ عَلِيٌّ يُحَدِّثُ، فَقَالَ: «نَزَلَتْ فِي جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، قَالَ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَعْلَمَ مَا فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ اتَّخَذَ نُسُورًا فَجَعَلَ يُطْعِمُهَا اللَّحْمَ حَتَّى غَلُظَتْ وَاسْتَعْلَجَتْ وَاشْتَدَّتْ». وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ شُعْبَةَ
١٣ / ٧٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، أَوْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، قَالَ: «نَمْرُودُ صَاحِبُ النُّسُورِ، أَمَرَ بِتَابُوتٍ فَجُعِلَ وَجَعَلَ مَعَهُ رَجُلًا، ثُمَّ أَمَرَ بِالنُّسُورِ فَاحْتُمِلَ، فَلَمَّا صَعِدَ قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَيُّ شَيْءٍ تَرَى؟ قَالَ: أَرَى الْمَاءَ وَجَزِيرَةً، يَعْنِي الدُّنْيَا، ثُمَّ صَعِدَ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: أَيُّ شَيْءٍ تَرَى؟ قَالَ: مَا نَزْدَادُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا بُعْدًا، قَالَ: اهْبِطْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: نُودِيَ: أَيُّهَا الطَّاغِيَةُ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: فَسَمِعَتِ الْجِبَالُ حَفِيفَ النُّسُورِ، فَكَانَتْ تَرَى أَنَّهَا أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَكَادَتْ تَزُولُ، فَهُوَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)»
١٣ / ٧٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)». ⦗٧٢٢⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ مَكْرُهُمْ شِرْكُهُمْ بِاللَّهِ وَافْتِرَاءُهُمْ عَلَيْهِ
١٣ / ٧٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] يَقُولُ: شِرْكُهُمْ، كَقَوْلِهِ: ﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ﴾ “
١٣ / ٧٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، قَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا. تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾». حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٦] ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
١٣ / ٧٢٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ يَقُولُ: «كَانَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ وَأَصْغَرُ مِنْ أَنْ تَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ، يَصِفُهُمْ بِذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾: أَيْ لِكَلَامِهِمْ ذَلِكَ»
١٣ / ٧٢٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، قَالَ: «ذَلِكَ حِينَ دَعَوْا للَّهِ وَلَدًا، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾»
١٣ / ٧٢٣
حُدِّثْتُ عَنِ الحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ مَا خَلَا الْكَسَائِيَّ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] بِكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، بِمَعْنَى: وَمَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ، وَقَرَأَهُ الْكَسَائِيُّ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ، عَلَى تَأْوِيلِ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ ذَكَرْتُ أَقْوَالَهُمْ، بِمَعْنَى: اشْتَدَّ مَكْرُهُمْ حَتَّى زَالَتْ مِنْهُ الْجِبَالُ، أَوْ كَادَتْ تَزُولُ مِنْهُ
١٣ / ٧٢٣
وَكَانَ الْكَسَائِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ شِبْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ عَلَى مِثْلِ قِرَاءَتِهِ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) بِرَفْعِ تَزُولُ». حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَرْثُ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْهُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ
١٣ / ٧٢٣
مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] بِكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، بِمَعْنَى: وَمَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ اللَّامَ الْأُولَى إِذَا فُتِحَتْ، فَمَعْنَى الْكَلَامُ: وَقَدْ كَانَ مَكْرُهُمْ تَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ، وَلَوْ كَانَتْ زَالَتْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً، وَفِي ثُبُوتِهَا عَلَى حَالَتِهَا مَا يُبَيِّنُ عَنْ أَنَّهَا لَمْ تَزُلْ وَأُخْرَى إِجْمَاعُ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى صِحَّتِهَا وَفَسَادِ غَيْرِهَا بِغَيْرِهِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْحُجَّةِ إِذْ كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ قَرَءُوا: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ) بِالدَّالِ، وَهِيَ إِذَا قُرِئَتْ كَذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَعَ: (وَإِنْ كَادَ) ٤ فَتْحُ اللَّامِ الْأُولَى وَرَفْعُ الثَّانِيَةِ عَلَى مَا قَرَءُوا، وَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا الْقِرَاءَةُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ مَصَاحِفَنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَطُّ مَصَاحِفِنَا وَإِنْ كَانَ بِالنُّونِ لَا بِالدَّالِ وَإِذْ كَانَتْ كَذَلِكَ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُ رَسْمِ مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الصِّحَاحُ مِنَ الْقِرَاءَةِ إِلَّا مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ دُونَ مَنْ شَذَّ بِقِرَاءَتِهِ عَنْهُمْ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٦] قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ ⦗٧٢٥⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] يَقُولُ: «مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»
١٣ / ٧٢٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] «مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»
١٣ / ٧٢٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»
١٣ / ٧٢٥
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ يُونُسَ وَعَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] قَالَا: وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَأَوْهَنُ وَأَضْعَفُ مِنْ أَنْ تَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»
١٣ / ٧٢٥
قَالَ: قَالَ هَارُونُ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «أَرْبَعٌ فِي الْقُرْآنِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦]: «مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»، وَقَوْلُهُ: ﴿لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٧]:»مَا كُنَّا فَاعِلِينَ وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: ٨١]: “مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ﴾ [الأحقاف: ٢٦]: «مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ»
١٣ / ٧٢٥
قَالَ هَارُونُ: وَحَدَّثَنِي بِهِنَّ عَمْرُو بْنُ أَسْبَاطَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَزَادَ فِيهِنَّ وَاحِدَةً: ﴿فَإِنْ ⦗٧٢٦⦘ كُنْتَ فِي شَكٍّ﴾ [يونس: ٩٤]: «مَا كُنْتَ فِي شَكٍّ ﴿مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ [يونس: ٩٤]» فَالْأَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ، إِذْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي ذَكَرْتُ هِيَ الصَّوَابُ لِمَا بَيَّنَّا مِنَ الدَّلَالَةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: ٤٦] وَقَدْ أَشْرَكَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِرَبِّهِمْ وَافْتَرَوْا عَلَيْهِ فِرْيَتَهُمْ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ اللَّهِ عِلْمُ شِرْكِهِمْ بِهِ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعَاقِبُهُمْ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَتَهُمُ الَّتِي هُمْ أَهْلُهَا، وَمَا كَانَ شِرْكُهُمْ وَفِرْيَتُهُمْ عَلَى اللَّهِ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ، بَلْ مَا ضَرُّوا بِذَلِكَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ، وَلَا عَادَتْ بُغْيَةٌ مَكْرُوهَةٌ إِلَّا عَلَيْهِمْ
١٣ / ٧٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شِمْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «الْغَدْرُ مَكْرٌ، وَالْمَكْرُ كُفْرٌ»
١٣ / ٧٢٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [إبراهيم: ٤٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ﴾ [إبراهيم: ٤٧] الَّذِي وَعَدَهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ، وَجَحَدَ مَا أَتَوْهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ تَثْبِيتًا وَتَشْدِيدًا لِعَزِيمَتِهِ، وَمَعْرِفَةَ أَنَّهُ مُنَزِّلٌ مِنْ سَخَطِهِ بِمَنْ كَذَّبَهُ وَجَحَدَ نُبُوَّتَهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مَا أَتَاهُ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مِثَالَ مَا أَنْزَلَ بِمَنْ سَلَكُوا سَبِيلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ عَلَى مِثْلِ مِنْهَاجِهِمْ مِنْ تَكْذِيبِ رُسُلِهِمْ، وَجُحُودِ نُبُوَّتِهِمْ، وَرَدِّ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
١٣ / ٧٢٦
قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [إبراهيم: ٤٧] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ [البقرة: ٢٢٠]: لَا يُمَانَعُ مِنْهُ شَيْءٌ أَرَادَ عُقُوبَتَهُ، قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَنْ طَلَبَهُ، لَا يَفُوتُهُ بِالْهَرَبِ مِنْهُ ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ [آل عمران: ٤] مِمَّنْ كَفَرَ بِرُسُلِهِ وَكَذَّبَهُمْ، وَجَحَدَ نُبُوَّتَهُمْ، وَأَشْرَكَ بِهِ وَاتَّخَذَ مَعَهُ إِلَهًا غَيْرَهُ وَأُضِيفَ قَوْلُهُ: ﴿مُخْلِفَ﴾ [إبراهيم: ٤٧] إِلَى الْوَعْدِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، لِأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ الِاسْمِ، وَنَصَبَ قَوْلَهُ: ﴿رُسُلَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٥] بِالْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَىَ: فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ رُسُلَهُ وَعْدِهِ، فَالْوَعْدُ وَإِنْ كَانَ مَخْفُوضًا بِإِضَافَةِ «مُخْلِفَ» إِلَيْهِ، فَفِي مَعْنَى النَّصَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِخْلَافَ يَقَعُ عَلَى مَنْصُوبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: كَسَوْتُ عَبْدَ اللَّهِ ثَوْبًا، وَأَدْخَلْتُهُ دَارًا، وَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ كَذَلِكَ يَقَعُ عَلَى مَنْصُوبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنٍ، جَازَ تَقْدِيمُ أَيِّهِمَا قَدَّمَ، وَخَفْضُ مَا وَلِيَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ فِي صُورَةِ الْأَسْمَاءِ وَنَصْبُ الثَّانِي، فَيُقَالُ: أَنَا مُدْخِلُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّارَ، وَأَنَا مُدْخِلُ الدَّارِ عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ قَدَّمْتَ الدَّارَ إِلَى الْمُدْخِلِ وَأَخَّرْتَ عَبْدَ اللَّهِ خَفَضْتَ الدَّارَ، إِذْ أُضِيفَ مُدْخِلْ إِلَيْهَا، وَنُصِبَ عَبْدُ اللَّهِ، وَإِنْ قُدِّمَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَأَخَّرْتَ الدَّارَ، خُفِضَ عَبْدُ اللَّهِ بِإِضَافَةِ مُدْخِلٍ إِلَيْهِ، وَنُصِبَ الدَّارُ، وَإِنَّمَا فُعِلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْفِعْلَ، أَعْنِي مُدْخِلَ، يَعْمَلُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصْبًا نَحْوَ عَمَلِهِ فِي الْآخَرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل] تَرَى الثَّوْرَ فِيهَا مُدْخِلَ الظِّلِّ رَأْسَهُ … وَسَائِرُهُ بَادٍ إِلَى الشَّمْسِ أَجْمَعُ
أَضَافَ مُدْخِلَ إِلَى الظِّلِّ، وَنَصَبَ الرَّأْسَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: مُدْخِلَ رَأْسَهُ الظِّلَّ،
[البحر الطويل] تَرَى الثَّوْرَ فِيهَا مُدْخِلَ الظِّلِّ رَأْسَهُ … وَسَائِرُهُ بَادٍ إِلَى الشَّمْسِ أَجْمَعُ
أَضَافَ مُدْخِلَ إِلَى الظِّلِّ، وَنَصَبَ الرَّأْسَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: مُدْخِلَ رَأْسَهُ الظِّلَّ،
١٣ / ٧٢٧
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
فَرِشْنِي بِخَيْرٍ لَا أَكُونُ وَمِدْحَتِي … كَنَاحِتِ يَوْمٍ صَخْرَةً بِعَسِيلِ
وَالْعَسِيلُ: الرِّيشَةُ جُمِعَ بِهَا الطِّيبُ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: كَنَاحِتِ صَخْرَةٍ يَوْمًا بِعَسِيلٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الرجز] رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ … طَبَّاخِ سَاعَاتِ الْكَرَى زَادَ الْكَسِلْ
وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: طَبَّاخِ زَادِ الْكَسِلِ سَاعَاتِ الْكَرَى. فَأَمَّا مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ [إبراهيم: ٤٧] فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ بُعْدِهِ مِنَ الصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لَكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧] بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
فَرِشْنِي بِخَيْرٍ لَا أَكُونُ وَمِدْحَتِي … كَنَاحِتِ يَوْمٍ صَخْرَةً بِعَسِيلِ
وَالْعَسِيلُ: الرِّيشَةُ جُمِعَ بِهَا الطِّيبُ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: كَنَاحِتِ صَخْرَةٍ يَوْمًا بِعَسِيلٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الرجز] رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ … طَبَّاخِ سَاعَاتِ الْكَرَى زَادَ الْكَسِلْ
وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: طَبَّاخِ زَادِ الْكَسِلِ سَاعَاتِ الْكَرَى. فَأَمَّا مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ [إبراهيم: ٤٧] فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ بُعْدِهِ مِنَ الصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لَكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧] بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٣ / ٧٢٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ، وَبَرَزُوا ⦗٧٢٩⦘ للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو انْتِقَامٍ ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَسَائِرِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَجَحَدَ نُبُوَّتَكَ وَنُبُوَّةَ رُسُلِهِ مِنْ قَبْلِكَ فَ «يَوْمَ» مِنْ صِلَةِ «الِانْتِقَامِ» . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ الَّتِي عَلَيْهَا النَّاسُ الْيَوْمَ فِي دَارِ الدُّنْيَا غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَتَصِيرُ أَرْضًا بَيْضَاءَ كَالْفِضَّةِ
١٣ / ٧٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾ قَالَ: «أَرْضٌ كَالْفِضَّةِ نَقِيَّةٌ، لَمْ يَسُلْ فِيهَا دَمٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، حُفَاةً عُرَاةً قِيَامًا، أَحْسِبُ قَالَ: كَمَا خُلِقُوا، حَتَّى يُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ قِيَامًا وَحْدَهُ». قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ، ثُمَّ عَاوَدْتُهُ فِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِيهِ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
١٣ / ٧٢٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ وَرُبَّمَا قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ، فَقُلْتُ لَهُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «أَرْضٌ كَالْفِضَّةِ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، لَمْ يَسُلْ فِيهَا دَمٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، فَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، حُفَاةً عُرَاةً كَمَا خُلِقُوا، قَالَ: أُرَاهُ قَالَ: قِيَامًا حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ»
١٣ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾ قَالَ: «تُبَدَّلُ أَرْضًا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً كَأَنَّهَا فِضَّةٌ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ حَرَامٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ»
١٣ / ٧٣٠
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «أَرْضُ الْجَنَّةِ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، لَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، حُفَاةً عُرَاةً قِيَامًا، يُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ»
١٣ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ ⦗٧٣١⦘ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «أَرْضٌ بَيْضَاءُ كَالْفِضَّةِ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ حَرَامٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ»
١٣ / ٧٣٠
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ قَالَ: «يُجَاءُ بِأَرْضٍ بَيْضَاءَ كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا خَطِيئَةٌ، قَالَ: فَأَوَّلُ مَا يُحْكَمُ بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ فِي الدِّمَاءِ»
١٣ / ٧٣١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سِنَانٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَبِيرَةَ، عَنْ زَيْدٍ، قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْيَهُودِ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ لِمَ أَرْسَلْتُ إِلَيْهِمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «فَإِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْهِمْ أَسْأَلُهُمْ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨]، إِنَّهَا تَكُونُ يَوْمَئِذٍ بَيْضَاءَ مِثْلَ الْفِضَّةِ»، فَلَمَّا جَاءُوا سَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: تَكُونُ بَيْضَاءَ مِثْلُ النَّقِيِّ “
١٣ / ٧٣١
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿⦗٧٣٢⦘ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «يُبَدِّلُهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّةٍ لَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا الْخَطَايَا، يَنْزِلُهَا الْجَبَّارُ تَبَارَكَ تَعَالَى»
١٣ / ٧٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «أَرْضٌ كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ» زَادَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ شَبَابَةَ: وَالسَّمَوَاتُ كَذَلِكَ أَيْضًا كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ “
١٣ / ٧٣٢
حَدَثًا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «أَرْضٌ كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ، وَالسَّمَوَاتُ كَذَلِكَ أَيْضًا»
١٣ / ٧٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثني أَبُو حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ» . قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ: «لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِغَيْرِهِ» . وَقَالَ آخَرُونَ: تُبَدَّلُ نَارًا
١٣ / ٧٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا نَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا تُرَى أَكْوَابُهَا وَكَوَاعِبُهَا، وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لِيَفِيضُ عَرَقًا حَتَّى يَرْشَحَ فِي الْأَرْضِ قَدَمُهُ، ثُمَّ يَرْتَفِعَ حَتَّى يَبْلُغَ أَنْفَهُ وَمَا مَسَّهُ الْحِسَابُ فَقَالُوا: مِمَّ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: مِمَّا يَرَى النَّاسُ وَيَلْقَوْنَ»
١٣ / ٧٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارٌ، وَالْجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا تُرَى كَوَاعِبُهَا وَأَكْوَابُهَا، وَيُلْجِمُ النَّاسَ الْعَرَقُ، أَوْ يَبْلُغَ مِنْهُمُ الْعَرَقُ، وَلَمْ يَبْلُغُوا الْحِسَابَ» . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ أَرْضًا مِنْ فِضَّةٍ
١٣ / ٧٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةِ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ، عَنِ الْمُجَاشِعِ، أَوِ الْمُجَاشِعِيِّ، شَكَّ أَبُو مُوسَى، عَمَّنْ، سَمِعَ عَلِيًّا، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «الْأَرْضُ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْجَنَّةُ مِنْ ذَهَبٍ»
١٣ / ٧٣٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ثني رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ، يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَوِ ابْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ: ثني هَذَا الرَّجُلُ أُرَاهُ بِسَمَرْقَنْدَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «الْأَرْضُ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْجَنَّةُ مِنْ ذَهَبٍ» . حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَوْ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: أَقَامَنِي عَلَى رَجُلٍ بِخُرَاسَانَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي هَذَا، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
١٣ / ٧٣٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] الْآيَةَ، فَزَعَمَ أَنَّهَا تَكُونُ فِضَّةً»
١٣ / ٧٣٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «يُبَدِّلُهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّةٍ» . وَقَالَ آخَرُونَ: يُبَدِّلُهَا خُبْزَةً
١٣ / ٧٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ دَلٍّ مِنْ صَغَانِيَانَ، قَالَ: ثنا الْجَارُودُ بْنُ مُعَاذٍ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: ثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ بِشْرٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «تُبَدَّلُ خُبْزَةً بَيْضَاءَ، يَأْكُلُ الْمُؤْمِنُ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ»
١٣ / ٧٣٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «خُبْزَةً يَأْكُلُ مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ» . وَقَالَ آخَرُونَ: تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ
١٣ / ٧٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾ قَالَ: «تَصِيرُ السَّمَوَاتُ جِنَانًا، وَيَصِيرُ مَكَانُ الْبَحْرِ النَّارَ قَالَ: وَتُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَهَا»
١٣ / ٧٣٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ⦗٧٣٦⦘ بْنِ رَافِعٍ الْعَدَنِيِّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يُبَدِّلُ اللَّهُ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، فَيَبْسُطُهَا، وَيَسْطَحُهَا، وَيَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ، لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ زَجْرَةً، فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبَدَّلَةِ فِي مِثْلِ مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الْأُولَى، مَا كَانَ فِي بَطْنِهَا فَفِي بَطْنِهَا، وَمَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا، وَذَلِكَ حِينَ يَطْوِي السَّمَوَاتِ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ، ثُمَّ يَدْحُو بِهِمَا، ثُمَّ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ»
١٣ / ٧٣٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: «يُجْمَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَرْضٍ بَيْضَاءَ، لَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ سَنَةٍ، يُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ مَا:
١٣ / ٧٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَابْنُ بَزِيعٍ قَالُوا: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ” إِذَا بُدِّلَتِ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ، وَبَرَزُوا للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ قَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ» . حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَابْنُ بَزِيعٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ
١٣ / ٧٣٦
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾، أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ»
١٣ / ٧٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْوَرَّاقُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا بُدِّلَتِ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ، أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ؟ قَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ» . حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
١٣ / ٧٣٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا رِبْعِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيُّ أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِذَا بُدِّلَتِ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ، أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ»
١٣ / ٧٣٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ»، قَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ يَا عَائِشَةُ»
١٣ / ٧٣٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثني الْوَلِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾ قَالَ: “قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتِنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي، ذَاكَ إِذَا النَّاسُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ»
١٣ / ٧٣٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾: ذُكِرَ لَنَا، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتِ عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي قَبْلَكِ»، قَالَ: «هُمْ يَوْمَئِذٍ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ»
١٣ / ٧٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، ⦗٧٣٩⦘ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: سَأَلَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: “أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ؟ قَالَ: «هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ»
١٣ / ٧٣٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ ثَوْبَانَ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾، فَأَيْنَ الْخَلْقُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَضْيَافُ اللَّهِ، فَلَنْ يُعْجِزَهُمْ مَا لَدَيْهِ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا الْيَوْمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ السَّمَوَاتُ الْيَوْمَ تُبَدَّلُ غَيْرَهَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْمُبَدَّلَةُ أَرْضًا أُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ نَارًا، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ خُبْزًا، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا خَبَرَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ أَيُّ ذَلِكَ يَكُونُ، فَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ يَصِحُّ إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَالسَّمَوَاتُ﴾ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧٣٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قَالَ: «أَرْضًا كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ ﴿وَالسَّمَوَاتُ﴾ كَذَلِكَ أَيْضًا»
١٣ / ٧٤٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَرَزُوا للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] يَقُولُ: وَظَهَرُوا للَّهِ الْمُنْفَرِدِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، الَّذِي يَقْهَرُ كُلَّ شَيْءٍ فَيَغْلِبُهُ وَيُصَرِّفُهُ لِمَا يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، فَيُحْيِي خَلْقَهُ إِذَا شَاءَ، وَيُمِيتُهُمْ إِذَا شَاءَ، لَا يَغْلِبْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَقْهَرْهُ شَيْءٌ، مِنْ قُبُورِهِمْ أَحْيَاءً لِمَوْقِفِ الْقِيَامَةِ
١٣ / ٧٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ. سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ. ٤ لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ، إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [إبراهيم: ٥٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَعَايَنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، فَاجْتَرَمُوا فِي الدُّنْيَا الشِّرْكَ يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [إبراهيم: ٤٩]، يَقُولُ: مُقَرَّنَةٌ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ إِلَى رِقَابِهِمْ بِالْأَصْفَادِ، وَهِيَ الْوَثَاقُ مِنْ غَلٍّ وَسِلْسِلَةٍ، وَاحِدُهَا: صَفَدٌ، يُقَالُ مِنْهُ: صَفَدْتُهُ فِي الصَّفَدِ صَفْدًا وَصِفَادًا، وَالصِّفَادُ: الْقَيْدُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
[البحر الوافر] فآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا … وَأُبْنَا بِالْمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
وَمَنْ جَعَلَ الْوَاحِدَ مِنْ ذَلِكَ صِفَادًا جَمْعُهُ: صُفُدًا لَا أَصْفَادًا وَأَمَّا مِنَ الْعَطَاءِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ مِنْهُ: أَصْفَدْتُهُ إِصْفَادًا، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر الطويل]
[البحر الوافر] فآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا … وَأُبْنَا بِالْمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
وَمَنْ جَعَلَ الْوَاحِدَ مِنْ ذَلِكَ صِفَادًا جَمْعُهُ: صُفُدًا لَا أَصْفَادًا وَأَمَّا مِنَ الْعَطَاءِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ مِنْهُ: أَصْفَدْتُهُ إِصْفَادًا، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر الطويل]
١٣ / ٧٤٠
تَضَيَّفْتُهُ يَوْمًا فَأَكْرَمَ مَجْلِسِي … وَأَصْفَدَنِي عِنْدَ الزَّمَانَةِ قَائِدَا
وَقَدْ قِيلَ فِي الْعَطَاءِ أَيْضًا: صَفَدَنِي صَفْدًا، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
[البحر البسيط] هَذَا الثَّنَاءُ فَإِنْ تَسْمَعْ لِقَائِلِهِ … فَمَا عَرَضْتُ أَبَيْتَ اللَّعْنَ بِالصَّفَدِ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [إبراهيم: ٤٩] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
وَقَدْ قِيلَ فِي الْعَطَاءِ أَيْضًا: صَفَدَنِي صَفْدًا، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
[البحر البسيط] هَذَا الثَّنَاءُ فَإِنْ تَسْمَعْ لِقَائِلِهِ … فَمَا عَرَضْتُ أَبَيْتَ اللَّعْنَ بِالصَّفَدِ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [إبراهيم: ٤٩] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [إبراهيم: ٤٩] يَقُولُ: فِي وَثَاقٍ “
١٣ / ٧٤١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «الْأَصْفَادُ: السَّلَاسِلُ»
١٣ / ٧٤١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [إبراهيم: ٤٩] قَالَ: «مُقَرَّنِينَ فِي الْقُيُودِ وَالْأَغْلَالِ»
١٣ / ٧٤١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، يَقُولُ: «الصَّفَدُ: الْقَيْدُ»
١٣ / ٧٤١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [إبراهيم: ٤٩] قَالَ: «صُفِّدَتْ فِيهَا أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَرِقَابُهُمْ، وَالْأَصْفَادُ: الْأَغْلَالُ»
١٣ / ٧٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ﴾ [إبراهيم: ٥٠] يَقُولُ: قُمُصُهُمُ الَّتِي يَلْبَسُونَهَا، وَاحِدُهَا: سِرْبَالٌ، كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
[البحر الطويل] لَعُوبٌ تُنَسِّينِي إِذَا قُمْتُ سِرْبَالِي
[البحر الطويل] لَعُوبٌ تُنَسِّينِي إِذَا قُمْتُ سِرْبَالِي
١٣ / ٧٤٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانِ﴾ [إبراهيم: ٥٠] قَالَ: «السَّرَابِيلُ: الْقُمُصُ»
١٣ / ٧٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ قَطِرَانِ﴾ [إبراهيم: ٥٠] يَقُولُ: مِنَ الْقَطِرَانِ الَّذِي يَهْنَأُ بِهِ الْإِبِلُ، وَفِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ: يُقَالُ: قِطْرَانٌ، وَقَطْرَانٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّ عِيسَى بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْرَأُ: (مِنْ قِطْرٍ آنٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ:
[البحر الرجز] جَوْنٌ كَأَنَّ الْعَرَقَ الْمَنْتُوحَا … لَبَّسَهُ الْقِطْرَانَ وَالْمُسُوحَا
بِكَسْرِ الْقَافِ، وَقَالَ أَيْضًا:
⦗٧٤٣⦘ كَأَنَّ قِطْرَانًا إِذَا تَلَاهَا … تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ إِلَى مَجْرَاهَا
بِالْكَسْرِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ يَقُولُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
[البحر الرجز] جَوْنٌ كَأَنَّ الْعَرَقَ الْمَنْتُوحَا … لَبَّسَهُ الْقِطْرَانَ وَالْمُسُوحَا
بِكَسْرِ الْقَافِ، وَقَالَ أَيْضًا:
⦗٧٤٣⦘ كَأَنَّ قِطْرَانًا إِذَا تَلَاهَا … تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ إِلَى مَجْرَاهَا
بِالْكَسْرِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ يَقُولُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
١٣ / ٧٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿مِنْ قَطِرَانِ﴾ [إبراهيم: ٥٠] «يَعْنِي: الْخَضْخَاضُ هَنَاءُ الْإِبِلِ»
١٣ / ٧٤٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿مِنْ قَطِرَانِ﴾ [إبراهيم: ٥٠] قَالَ: «قَطِرَانِ الْإِبِلِ» . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَطِرَانُ: النُّحَاسُ
١٣ / ٧٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «قَطِرَانٍ: نُحَاسٍ»
١٣ / ٧٤٣
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿مِنْ قَطِرَانِ﴾ [إبراهيم: ٥٠]: «نُحَاسٍ»
١٣ / ٧٤٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ⦗٧٤٤⦘: ﴿مِنْ قَطِرَانِ﴾ [إبراهيم: ٥٠] قَالَ: «هِيَ نُحَاسٌ» وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ: أَعِنِّي بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ وَتَصْيِيرِ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةً وَاحِدَةً، قَرَأَ ذَلِكَ جَمِيعُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، وَبِهَا نَقْرَأُ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (مِنْ قَطْرٍ آنٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ وَتَنْوِينِ الرَّاءِ وَتَصْيِيرِ «آنٍ» مِنْ نَعْتِهِ، وَتَوْجِيهِ مَعْنَى «الْقَطْرِ» إِلَى أَنَّهُ النُّحَاسُ وَمَعْنَى «الْآنَ» إِلَى أَنَّهُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ فِي الشِّدَّةِ. وَمِمَّنْ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْهُ. ذِكْرُ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْتُ فِيهِ:
١٣ / ٧٤٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطْرٍ آنٍ)، قَالَ: «قَطْرٌ، وَالْآنُ: الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ». حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ نَحْوَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا هِشَامٌ قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ ⦗٧٤٥⦘ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، بِنَحْوِهِ
١٣ / ٧٤٤
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطْرٍ آنٍ) “
١٣ / ٧٤٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلشَّيْءِ إِذَا انْتَهَى حَرُّهُ: قَدْ أَنَى حَرُّ هَذَا، قَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ مُنْذُ خُلِقَتْ فَأَنَى حَرُّهَا»
١٣ / ٧٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ: «(سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطْرٍ آنٍ)»، قَالَ: «الْقَطْرُ: النُّحَاسُ، وَالْآنُ: يَقُولُ: قَدْ أَنَى حَرُّهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ: حَمِيمٌ آنٍ»
١٣ / ٧٤٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرٍ آنٍ) «قَالَ:»مِنْ نُحَاسٍ، قَالَ: آنٍ أَنَّى لَهُمْ أَنْ يُعَذَّبُوا بِهِ “
١٣ / ٧٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: (مِنْ قَطِرٍ آنٍ) «قَالَ:»الْآنِيُّ: الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ “
١٣ / ٧٤٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ⦗٧٤٦⦘ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (مِنْ قَطِرٍ آنٍ) قَالَ: «هُوَ النُّحَاسُ الْمُذَابُ»
١٣ / ٧٤٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: (مِنْ قَطِرٍ آنٍ) «يَعْنِي الصُّفْرُ الْمُذَابُ»
١٣ / ٧٤٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرٍ آنٍ) ” قَالَ: «مِنْ نُحَاسٍ»
١٣ / ٧٤٦
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: ثنا هِشَامٌ قَالَ: ثنا أَبُو حَفْصٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (مِنْ قَطِرٍ آنٍ) «قَالَ: مِنْ صُفْرٍ قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ». وَكَانَ الْحَسَنُ يَقْرَؤُهَا: (مِنْ قَطِرٍ آنٍ)
١٣ / ٧٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ [إبراهيم: ٥٠] يَقُولُ: وَتَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ فَتَحْرَقُهَا
١٣ / ٧٤٦
﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ﴾ [إبراهيم: ٥١] يَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِمْ جَزَاءً لَهُمْ بِمَا كَسَبُوا مِنَ الْآثَامِ فِي الدُّنْيَا، كَيْمَا يُثِيبَ كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، فَيَجْزِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [آل عمران: ١٩٩] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِعَمَلِ كُلِّ عَامِلٍ، فَلَا يَحْتَاجُ فِي إِحْصَاءِ أَعْمَالِهِمْ إِلَى عَقْدِ كَفٍّ وَلَا مُعَانَاةٍ، وَهُوَ سَرِيعٌ حِسَابُهُ لِأَعْمَالِهِمْ، قَدْ أَحَاطَ بِهَا عِلْمًا، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ مُجَازِيهِمْ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ
١٣ / ٧٤٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الْقُرْآنُ بَلَاغٌ لِلنَّاسِ، أَبْلَغَ اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِمْ فِي الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَأَعْذَرَ إِلَيْهِمْ بِمَا أَنْزَلَ فِيهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ وَعِبَرِهِ
١٣ / ٧٤٦
﴿وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [إبراهيم: ٥٢] يَقُولُ: وَلِيُنْذَرُوا عِقَابَ اللَّهِ، وَيَحْذَرُوا بِهِ نِقْمَاتِهِ، أَنْزَلَهُ إِلَى نَبِيِّهِ ﷺ ﴿وَلْيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [إبراهيم: ٥٢] يَقُولُ: وَلْيَعْلَمُوا بِمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُجَجِ فِيهِ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ، لَا آلِهَةٌ شَتَّى، كَمَا يَقُولُهُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ، وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، الَّذِي سَخَّرَ لَهُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَهُمْ، وَسَخَّرَ لَهُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَهُمُ الْأَنْهَارَ ﴿وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يَقُولُ: وَلْيَتَذَكَّرَ فَيَتَّعِظَ بِمَا احْتَجَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ حُجَجِهِ الَّتِي فِي هَذَا الْقُرْآنِ، فَيَنْزَجِرَ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهُ إِلَهًا غَيْرُهُ، وَيُشْرِكَ فِي عِبَادَتِهِ شَيْئًا سِوَاهُ أَهْلُ الْحِجَى وَالْعُقُولِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الِاعْتِبَارِ وَالِادِّكَارِ، دُونَ الَّذِينَ لَا عُقُولَ لَهُمْ وَلَا أَفْهَامَ، فَإِنَّهُمْ كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٣ / ٧٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ﴾ [إبراهيم: ٥٢] قَالَ: «الْقُرْآنُ ﴿وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [إبراهيم: ٥٢]:»قَالَ: بِالْقُرْآنِ ﴿وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ” آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ ﷺ، وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
١٣ / ٧٤٧