سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ 7

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُمَا جَمِيعًا بِالْيَاءِ» فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا عَلَى مَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ: وَمَا تَفْعَلْ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ خَيْرٍ، وَتَعْمَلْ مِنْ عَمَلٍ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَلَنْ يَكْفُرَهُمُ اللَّهُ ذَلِكَ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ: فَلَنْ يُبْطِلَ اللَّهُ ثَوَابَ عَمَلِهِمْ ذَلِكَ، وَلَا يَدَعَهُمْ بِغَيْرِ جَزَاءٍ مِنْهُ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُجْزِلُ لَهُمُ الثَّوَابَ عَلَيْهِ، وَيُسْنِي لَهُمُ الْكَرَامَةَ وَالْجَزَاءَ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى مَعْنَى الْكُفْرِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِشَوَاهِدِهِ، وَأَنَّ أَصْلَهُ تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَنْ يُكْفَرُوهُ﴾ [آل عمران: ١١٥] فَلَنْ يُغَطَّى عَلَى مَا فَعَلُوا مِنْ خَيْرٍ، فَيُتْرَكُوا بِغَيْرِ مُجَازَاةٍ، وَلَكِنَّهُمْ يُشْكَرُونَ عَلَى مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ، فَيُجْزَلُ لَهُمُ الثَّوَابُ فِيهِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلِ تَأَوَّلَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
٥ ‏/ ٧٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَرُوهُ) يَقُولُ: «لَنْ يُضَلَّ عَنْكُمْ» ⦗٧٠٢⦘ حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، بِمِثْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١١٥] فَإِنَّهُ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ ذُو عِلْمٍ بِمَنِ اتَّقَاهُ بِطَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَحَافَظٌ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ حَتَّى يُثِيبَهُمْ عَلَيْهَا، وَيُجَازِيَهُمْ بِهَا تَبْشِيرًا مِنْهُ لَهُمْ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، وَحَضًّا لَهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي ارْتَضَاهَا لَهُمْ
٥ ‏/ ٧٠١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٦] وَهَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل لِلْأُمَّةِ الْأُخْرَى الْفَاسِقَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ فَاسِقُونَ وَأَنَّهُمْ قَدْ بَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْهُ، وَلِمَنْ كَانَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٦] يَعْنِي الَّذِينَ جَحَدُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَكَذَّبُوا بِهِ، وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٠] يَعْنِي: لَنْ تَدْفَعَ أَمْوَالُهُ الَّتِي جَمَعَهَا فِي الدُّنْيَا وَأَوْلَادُهُ الَّذِينَ رَبَّاهُمْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ أَخَّرَهَا لَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا فِي الدُّنْيَا إِنْ عَجَّلَهَا لَهُمْ فِيهَا، وَإِنَّمَا خَصَّ أَوْلَادَهُ وَأَمْوَالَهُ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الرَّجُلِ أَقْرَبُ أَنْسِبَائِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى مَالِهِ أَقْرَبُ مِنْهُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، وَأَمْرُهُ فِيهِ أَجْوَزُ مِنْ أَمْرِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ، فَإِذَا لَمْ يُغْنِ عَنْهُ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ وَمَالُهُ الَّذِي هُوَ نَافِذُ الْأَمْرِ فِيهِ، فَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَسَائِرِ
٥ ‏/ ٧٠٢
أَنْسِبَائِهِ وَأَمْوَالِهِمْ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ تُغْنِيَ عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثناؤُهُ أَنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [البقرة: ٢١٧]؛ وَإِنَّمَا جَعَلَهُمْ أَصْحَابُهَا؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُهَا الَّذِينَ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يُفَارِقُونَهَا، كَصَاحِبِ الرَّجُلِ الَّذِي لَا يُفَارِقُهُ وَقَرِينِهِ الَّذِي لَا يُزَايِلُهُ، ثُمَّ وَكَّدَ ذَلِكَ بِإِخْبَارِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، صُحْبَتُهُمْ إِيَّاهَا صُحْبَةٌ لَا انْقِطَاعَ لَهَا، إِذْ كَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ مَا يُفَارِقُ صَاحِبَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَيُزَايِلُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ صُحْبَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا النَّارَ الَّتِي أُصْلُوهَا، وَلَكِنَّهَا صُحْبَةٌ دَائِمَةٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَلَا انْقِطَاعَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا وَمِمَّا قَرَّبَ مِنْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ
٥ ‏/ ٧٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: شِبْهُ مَا يُنْفِقُ الَّذِينَ كَفَرُوا: أَيْ شِبْهُ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ الْكَافِرُ مِنْ مَالِهِ، فَيُعْطِيهِ مَنْ يُعْطِيهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ إِلَى رَبِّهِ، وَهُوَ لِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ جَاحِدٌ وَلِمُحَمَّدٍ ﷺ مُكَذِّبٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ نَافِعِهِ مَعَ كُفْرِهِ، وَأَنَّهُ مُضْمَحِلٌّ عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ ذَاهِبٌ بَعْدَ الَّذِي كَانَ يَرْجُو مِنْ عَائِدَةِ نَفْعِهِ عَلَيْهِ، كَشِبْهِ رِيحٍ فِيهَا بَرْدٌ شَدِيدٌ ﴿أَصَابَتْ﴾ [آل عمران: ١١٧] هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي فِيهَا الْبَرْدُ الشَّدِيدُ ﴿حَرْثَ قَوْمٍ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَعْنِي زَرْعَ قَوْمٍ، قَدْ أَمَّلُوا إِدْرَاكَهُ، وَرَجَوْا رِيعَهُ وَعَائِدَةَ نَفْعِهِ، ﴿ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَعْنِي أَصْحَابَ الزَّرْعِ، عَصَوُا اللَّهَ، وَتَعَدَّوْا حُدُودَهُ ﴿فَأَهْلَكَتْهُ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَعْنِي فَأَهْلَكَتِ الرِّيحُ الَّتِي فِيهَا الصِّرُّ زَرْعَهُمْ ذَلِكَ، بَعْدَ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَمَلِ، وَرَجَاءَ عَائِدَةِ نَفْعِهِ عَلَيْهِمْ،
٥ ‏/ ٧٠٣
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكَذَلِكَ فِعْلُ اللَّهِ بِنَفَقَةِ الْكَافِرِ وَصَدَقَتِهِ فِي حَيَاتِهِ حِينَ يَلْقَاهُ يُبْطِلُ ثَوَابَهَا، وَيُخَيِّبُ رَجَاءَهُ مِنْهَا، وَخَرَجَ الْمَثَلُ لِلنَّفَقَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَثَلِ صَنِيعَ اللَّهِ بِالنَّفَقَةِ، فَبَيَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] فَهُوَ كَمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي مِثَلِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: مَثَلُ إِبْطَالِ اللَّهِ أَجْرَ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، كَمَثَلِ رِيحٍ صِرٍّ. وَإِنَّمَا جَازَ تَرْكُ ذِكْرِ إِبْطَالِ اللَّهِ أَجْرَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ آخِرِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] وَلِمَعْرِفَةِ السَّامِعِ ذَلِكَ مَعْنَاهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى النَّفَقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ النَّفَقَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي النَّاسِ
٥ ‏/ ٧٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [آل عمران: ١١٧] قَالَ: «نَفَقَةُ الْكَافِرِ فِي الدُّنْيَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ قَوْلُهُ الَّذِي يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ مِمَّا لَا يُصَدِّقُهُ بِقَلْبِهِ
٥ ‏/ ٧٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثني أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَقُولُ: «مَثَلُ مَا يَقُولُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَثَلِ هَذَا الزَّرْعِ إِذَا زَرَعَهُ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ، فَأَصَابَهُ رِيحٌ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْهُ فَأَهْلَكَتْهُ، فَكَذَلِكَ أَنْفَقُوا فَأَهْلَكَهُمْ شِرْكُهُمْ» وَقَدْ بَيَّنَّا أَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَبْلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا تَأْوِيلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ مِنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا الصِّرُّ، فَإِنَّهُ شِدَّةُ الْبَرْدِ، وَذَلِكَ بِعُصُوفٍ مِنَ الشَّمَالِ فِي إِعْصَارِ الطَّلِّ وَالْأَنْدَاءِ فِي صَبِيحَةٍ مُعْتِمَةٍ بِعَقَبِ لَيْلَةٍ مُصْحِيَةٍ
٥ ‏/ ٧٠٥
كَمَا: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] قَالَ: «بَرْدٌ شَدِيدٌ»
٥ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] قَالَ: «بَرْدٌ شَدِيدٌ وَزَمْهَرِيرُ»
٥ ‏/ ٧٠٥
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَقُولُ: «بَرْدٌ»
٥ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «الصِّرُّ: الْبَرْدُ»
٥ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] «أَيْ بَرْدٌ شَدِيدٌ» حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، مِثْلَهُ
٥ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي الصِّرِّ: «الْبَرْدُ الشَّدِيدُ»
٥ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثنا عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] يَقُولُ: «رِيحٌ فِيهَا بَرْدٌ»
٥ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] قَالَ: «صِرٌّ بَارِدَةٌ أَهْلَكَتْ حَرْثَهُمْ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَدَعُوهَا الضَّرِيبَ: تَأْتِي الرِّيحُ بَارِدَةً فَتُصْبِحُ ضَرِيبًا قَدْ أَحْرَقَ الزَّرْعَ، تَقُولُ: «قَدْ ضُرِبَ اللَّيْلَةَ» أَصَابَهُ ضَرِيبُ تِلْكَ الصِّرِّ الَّتِي أَصَابَتْهُ»
٥ ‏/ ٧٠٦
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧] قَالَ: «رِيحٌ فِيهَا بَرْدٌ» يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَمَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مَا فَعَلَ بِهِمْ، مِنْ إِحْبَاطِهِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ، وَإِبْطَالِهِ أُجُورَهَا ظُلْمًا مِنْهُ لَهُمْ، يَعْنِي: وَضْعًا مِنْهُ لِمَا فَعَلَ بِهِمْ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ، بَلْ وَضَعَ فَعْلَهُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ، وَفَعَلَ بِهِمْ مَا هُمْ أَهْلُهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمُ الَّذِي عَمِلُوهُ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ، وَهُمْ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ دَائِنُونَ وَلِأَمْرِهِ مُتَّبِعُونَ، وَلِرُسُلِهِ مُصَدَّقُونَ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَهُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، وَلِأَمْرِهِ مُخَالِفُونَ، وَلِرُسُلِهِ مُكَذِّبُونَ، بَعْدَ تَقَدُّمٍ مِنْهُ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ عَمَلًا مِنْ عَامِلٍ إِلَّا مَعَ إِخْلَاصِ التَّوْحِيدِ لَهُ، وَالْإِقْرَارِ بِنُبُوَّةِ أَنْبِيَائِهِ، وَتَصْدِيقِ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ، وَتَوْكِيدِهِ الْحُجَجَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ مَا فَعَلَ بِمَنْ كَفَرَ بِهِ وَخَالَفَ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِ مِنْ إِحْبَاطِ وَافِرِ عَمَلِهِ لَهُ ظَالِمًا، بَلْ الْكَافِرُ هُوَ الظَّالِمُ نَفْسَهُ لِإِكْسَابِهَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَخِلَافِ أَمْرِهِ مَا أَوْرَدَهَا بِهِ نَارَ جَهَنَّمَ وَأَصْلَاهَا بِهِ سَعِيرَ سَقَرَ
٥ ‏/ ٧٠٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يِأَلْوُنَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ، ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: لَا تَتَّخِذُوا أَوْلِيَاءَ وَأَصْدِقَاءَ
٥ ‏/ ٧٠٧
لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ دُونِكُمْ، يَقُولُ: مِنْ دُونِ أَهْلِ دِينِكُمْ وَمِلَّتِكُمْ، يَعْنِي مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْبِطَانَةَ مَثَلًا لِخَلِيلِ الرَّجُلِ فَشَبَّهَهُ بِمَا وَلِيَ بَطْنَهُ مِنْ ثِيَابِهِ لِحُلُولِهِ مِنْهُ فِي اطِّلَاعِهِ عَلَى أَسْرَارِهِ، وَمَا يَطْوِيهِ عَنْ أَبَاعِدِهِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَقَارِبِهِ، مَحَلَّ مَا وَلِيَ جَسَدَهُ مِنْ ثِيَابَهُ، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنَ الْكُفَّارِ بِهِ أَخِلَّاءَ وَأَصْفِيَاءَ ثُمَّ عَرَّفَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ لَهُمْ مُنْطَوُونَ مِنَ الْغِشِّ وَالْخِيَانَةِ، وَبَغْيَهُمْ إِيَّاهُمُ الْغَوَائِلَ، فَحَذَّرَهُمْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾ [آل عمران: ١١٨] يَعْنِي لَا يَسْتَطِيعُونَ شَرًّا، مِنْ أَلَوْتُ آلُو أُلُوًّا، يُقَالُ: مَا أَلَا فُلَانٌ كَذَا، أَيْ مَا اسْتَطَاعَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل] جَهْرَاءُ لَا تَأْلُو إِذَا هِيَ أَظْهَرَتْ … بَصَرًا وَلَا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنِينِي
يَعْنِي لَا تَسْتَطِيعُ عِنْدَ الظُّهْرِ إِبْصَارًا. وَإِنَّمَا يَعْنِي جَلَّ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾ [آل عمران: ١١٨] الْبِطَانَةُ الَّتِي نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِهَا مِنْ دُونِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْبِطَانَةَ لَا تَتْرُكُكُمْ طَاقَتُهَا خَبَالًا: أَيْ لَا تَدَعُ جَهَدَهَا فِيمَا أَوْرَثَكُمُ الْخَبَالَ وَأَصْلُ الْخَبَالِ، وَالْخَبَالُ: الْفَسَادُ، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعَانٍ كَثِيرَةٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ أُصِيبَ بَخَبَلٍ أَوْ جِرَاحٍ»
٥ ‏/ ٧٠٨
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَدُّوا عَنَتَكُمْ، يَقُولُ: يَتَمَنَّوْنَ لَكُمُ الْعَنَتَ وَالشَّرَّ فِي دِينِكُمْ وَمَا يَسُوءُكُمْ وَلَا يَسُرُّكُمْ. ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُخَالِطُونَ حُلَفَاءَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ مِنْهُمْ، وَيُصَافُونَهُمُ الْمَوَدَّةَ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَنْ يَسْتَنْصِحُوهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِمْ
٥ ‏/ ٧٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: “كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُوَاصِلُونَ رِجَالًا مِنَ الْيَهُودِ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِوَارِ وَالْحَلِفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِمْ، فَنَهَاهُمْ عَنْ مُبَاطَنَتِهِمْ تَخَوُّفَ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ [آل عمران: ١١٩]
٥ ‏/ ٧٠٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾ [آل عمران: ١١٨] «فِي الْمُنَافِقِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، نَهَى اللَّهُ عز وجل الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَوَلَّوْهُمْ»
٥ ‏/ ٧٠٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] «نَهَى اللَّهُ عز وجل الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَدْخِلُوا الْمُنَافِقِينَ أَوْ يُؤَاخُوهُمْ، أَيْ يَتَوَلَّوْهُمْ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ»
٥ ‏/ ٧١٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] «هُمُ الْمُنَافِقُونَ»
٥ ‏/ ٧١٠
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: «لَا تَسْتَدْخِلُوا الْمُنَافِقِينَ، تَتَوَلَّوْهُمْ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ»
٥ ‏/ ٧١٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا» قَالَ: فَلَمْ نَدْرِ مَا ذَلِكَ حَتَّى أَتَوُا الْحَسَنَ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَمَّا قَوْلُهُ: «لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا»، فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ «مُحَمَّدٌ»؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ أَهْلِ الشِّرْكِ»، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ الْمُشْرِكِينَ، يَقُولُ: لَا تَسْتَشِيرُوهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِكُمْ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨]
٥ ‏/ ٧١٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] «أَمَّا الْبِطَانَةُ: فَهُمُ الْمُنَافِقُونَ»
٥ ‏/ ٧١١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] الْآيَةَ، قَالَ: «لَا يَسْتَدْخِلِ الْمُؤْمِنُ الْمُنَافِقَ دُونَ أَخِيهِ»
٥ ‏/ ٧١١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] الْآيَةَ، قَالَ: «هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونِ، وَقَرَأَ قَوْلَهُ: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨]» الْآيَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ: وَدُّوا مَا ضَلَلْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ
٥ ‏/ ٧١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: «مَا ضَلَلْتُمْ»
٥ ‏/ ٧١١
وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ فِي دِينِكُمْ، يَعْنِي: «أَنَّهُمْ يَوَدُّونَ أَنْ تُعْنَتُوا فِي دِينِكُمْ» فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] فَجَاءَ بِالْخَبَرِ عَنِ الْبِطَانَةِ
٥ ‏/ ٧١١
بِلَفْظِ الْمَاضِي فِي مَحَلِّ الْحَالِ وَالْقَطْعِ بَعْدَ تَمَامِ الْخَبَرِ، وَالْحَالَاتُ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا بِصُوَرِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ دُونَ الْمَاضِيَةِ مِنْهَا؟ قِيلَ: لَيْسَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ظَنَنْتَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] حَالٌ مِنَ الْبِطَانَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْهُمْ ثَانٍ، مُنْقَطِعٌ عَنِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِهِ، وَإِنَّمَا تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةٌ صِفَتُهُمْ كَذَا صِفَتُهُمْ كَذَا، فَالْخَبَرُ عَنِ الصُّفَّةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالصِّفَةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَتَا جَمِيعًا مِنْ صِفَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] مِنْ صِلَةِ الْبِطَانَةِ، وَقَدْ وُصِلَتْ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾ [آل عمران: ١١٨] فَلَا وَجْهَ لِصِلَةٍ أُخْرَى بَعْدَ تَمَامِ الْبِطَانَةِ بِصِلَتِهِ، وَلَكِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَّا قَبْلُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] خَبَرٌ مُبْتَدَأٌ عَنِ الْبِطَانَةِ غَيْرُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَغَيْرُ حَالٍ مِنَ الْبِطَانَةِ وَلَا قَطْعٍ مِنْهَا
٥ ‏/ ٧١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قَدْ بَدَتْ بَغْضَاءُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَتَّخِذُوهُمْ بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ، يَعْنِي بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَالَّذِي بَدَا لَهُمْ مِنْهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ إِقَامَتَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَعَدَوَاتُهُمْ مَنْ خَالَفَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الضَّلَالَةِ، فَذَلِكَ مِنْ أَوْكَدِ الْأَسْبَابِ مِنْ مُعَادَاتِهِمْ أَهْلَ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ
٥ ‏/ ٧١٢
عَدَاوَةٌ عَلَى الدِّينِ، وَالْعَدَاوَةُ عَلَى الدِّينِ الْعَدَاوَةُ الَّتِي لَا زَوَالَ لَهَا إِلَّا بِانْتِقَالِ أَحَدِ الْمُتَعادِيَيْنِ إِلَى مِلَّةٍ الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ انْتِقَالٌ مِنْ هُدًى إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَتْ عِنْدَ الْمُنْتَقِلِ إِلَيْهَا ضَلَالَةً قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَانَ فِي إِبْدَائِهِمْ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُقَامِهِمْ عَلَيْهِ أَبْيَنُ الدَّلَالَةِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَغْضَاءِ وَالْعَدَاوَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] قَدْ بَدَتْ بَغْضَاؤُهُمْ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الْكُفْرِ بِإِطْلَاعِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَى ذَلِكَ. وَزَعَمَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ الَّذِينَ عُنُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَهْلُ النِّفَاقِ، دُونَ مَنْ كَانَ مُصَرِّحًا بِالْكُفْرِ مِنَ الْيَهُودِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ
٥ ‏/ ٧١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: «قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِ الْمُنَافِقِينَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ، مِنْ غِشِّهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَبُغْضِهِمْ إِيَّاهُمْ»
٥ ‏/ ٧١٣
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: «مِنْ أَفْوَاهِ الْمُنَافِقِينَ» وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا نَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِمَّنْ قَدْ عَرَفُوهُ بِالْغِشِّ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَالْبَغْضَاءُ إِمَّا
٥ ‏/ ٧١٣
بِأَدِلَّةٍ ظَاهِرَةٍ دَالَّةٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَتِهِمْ، وَإِمَّا بِإِظْهَارِ الْمَوْصُوفِينَ بِذَلِكَ الْعَدَاوَةَ وَالشَّنَآنَ وَالْمُنَاصَبَةَ لَهُمْ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُثْبِتُوهُ مَعْرِفَةً أَنَّهُ الَّذِي نَهَاهُمُ اللَّهُ عز وجل عَنْ مُخَالَّتِهِ وَمُبَاطَنَتِهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونُوا نُهُوا عَنْ مُخَالَّتِهِ وَمُصَادَقَتِهِ إِلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهِمْ إِيَّاهُمْ، إِمَّا بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ، وَإِمَّا بِصِفَاتٍ قَدْ عَرَفُوهُمْ بِهَا. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ إِبْدَاءُ الْمُنَافِقِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ بَغْضَاءِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ، غَيْرَ مُدْرِكٍ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ مَعْرِفَةَ مَا هُمْ عَلَيْهِ لَهُمْ مَعَ إِظْهَارِهِمُ الْإِيمَانَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَهُمْ وَالتَّوَدُّدِ إِلَيْهِمْ، كَانَ بَيِّنَّا أَنَّ الَّذِيَ نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِطَانَةً دُونَهُمْ، هُمُ الَّذِينَ قَدْ ظَهَرَتْ لَهُمْ بَغْضَاؤُهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ عَلَى مَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ عز وجل بِهِ، فَعَرَفَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ بِالصِّفَةِ الَّتِي نَعَتَهُمُ اللَّهُ بِهَا، وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ مِمَّنْ كَانَ لَهُ ذِمَّةٌ وَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا الْمُنَافِقِينَ لَكَانَ الْأَمْرُ فِيهِمْ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا، وَلَوْ كَانُوا الْكُفَّارَ مِمَّنْ قَدْ نَاصَبَ الْمُؤْمِنِينَ الْحَرْبَ، لَمْ يَكُنِ الْمُؤْمِنُونَ مُتَّخِذِيهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ اخْتِلَافِ بِلَادِهِمْ وَافْتِرَاقِ أَمْصَارِهِمْ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَيَّامَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، مِمَّنْ كَانَ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ وَعَقْدٌ مِنْ يَهُودِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْبَغْضَاءُ: مَصْدَرٌ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ: «قَدْ بَدَا الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ»، عَلَى وَجْهِ التَّذْكِيرِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ بِالتَّذْكِيرِ وَلَفْظُهُ لَفْظُ الْمُؤَنَّثِ؛ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ تَأْنِيثُهَا لَيْسَ بِالتَّأْنِيثِ اللَّازِمِ، فَيَجُوزُ تَذْكِيرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَلَى لَفْظِ
٥ ‏/ ٧١٤
الْمُؤَنَّثِ وَتَأْنِيثِهِ، كَمَا قَالَ عز وجل: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٦٧] وَكَمَا قَالَ: ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٧] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٩٤]، ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ٧٣] وَقَالَ: ﴿مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] وَإِنَّمَا بَدَا مَا بَدَا مِنَ الْبَغْضَاءِ بِأَلْسِنَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِ الْكَلَامُ الَّذِي ظَهَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ، فَقَالَ: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ
٥ ‏/ ٧١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَالَّذِي تُخْفِي صُدُورُهُمْ، يَعْنِي صُدُورَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَهَاهُمْ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ بِطَانَةً فَتُخْفِيهِ عَنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَكْبَرُ، يَقُولُ: أَكْبَرُ مِمَّا قَدْ بَدَا لَكُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ مِنَ الْبَغْضَاءِ وَأَعْظَمُ
٥ ‏/ ٧١٥
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: «وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ مِمَّا قَدْ أَبَدَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ»
٥ ‏/ ٧١٥
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَقُولُ: «مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ مِمَّا قَدْ أَبَدَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ»
٥ ‏/ ٧١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْآيَاتِ، يَعْنِي بِالْآيَاتِ ⦗٧١٦⦘ الْعِبَرَ، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَهَيْنَاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوهُمُ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَعْتَبِرُونَ وَتَتَّعِظُونَ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمْ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: ١١٨] يَعْنِي إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ عَنِ اللَّهِ مَوَاعِظَهُ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَتَعْرِفُونَ مَوَاقِعَ نَفْعِ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمَبْلَغَ عَائِدَتِهِ عَلَيْكُمْ
٥ ‏/ ٧١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: هَا أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ، يَقُولُ: تُحِبُّونَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَوَدَّونَهُمْ وَتُوَاصِلُونَهُمْ، وَهُمْ لَا يُحِبُّونَكُمْ، بَلْ يَنْتَظِرُونَ لَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْغِشَّ، وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ، وَمَعْنَى الْكِتَابِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْنَى الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ: أَكْثَرُ الدِّرْهَمِ فِي أَيْدِيِ النَّاسِ، بِمَعْنَى الدَّرَاهِمِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ [آل عمران: ١١٩]، إِنَّمَا مَعْنَاهُ: بِالْكُتُبِ كُلِّهَا كِتَابِكُمُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ، وَكِتَابِهِمُ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ تُؤْمِنُونَ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا، وَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ أَنْ تَتَّخِذُوهُمْ بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ كُفَّارٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ، بِجُحُودِهِمْ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عُهُودِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، وَتَبْدِيلِهِمْ مَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، أَوْلَى بِعَدَاوَتِكُمْ إِيَّاهُمْ، وَبَغْضَائِهِمْ وَغِشِّهِمْ مِنْهُمْ بِعَدَاوَتِكُمْ وَبَغْضَائِكُمْ مَعَ جُحُودِهِمْ بَعْضَ الْكُتُبِ وَتَكْذِيبِهِمْ بِبَعْضِهَا
٥ ‏/ ٧١٦
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ [آل عمران: ١١٩] «أَيْ بِكِتَابِكُمْ وَكِتَابِهِمْ، وَبِمَا مَضَى مِنَ الْكُتُبِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِكِتَابِكُمْ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِالْبَغْضَاءِ لَهُمْ مِنْهُمْ لَكُمْ» وَقَالَ: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ﴾ وَلَمْ يَقُلْ: «هَؤُلَاءِ أَنْتُمْ»، فَفَرَّقَ بَيْنَ «هَا، وَأُولَاءِ» بِكِنَايَةِ اسْمِ الْمُخَاطَبِينَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي هَذَا إِذَا أَرَادَتْ بِهِ التَّقْرِيبَ وَمَذْهَبُ النُّقْصَانِ لِلَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى تَمَامِ الْخَبَرِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لِبَعْضِهِمْ: أَيْنَ أَنْتَ؟ فَيُجِيبُ الْمَقُولُ ذَلِكَ لَهُ: هَا أَنَا ذَا، فَيُفَرِّقُ بَيْنَ التَّنْبِيهِ وَ«ذَا» بِمَكْنِيِّ اسْمِ نَفْسِهِ، وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ: هَذَا أَنَا، ثُمَّ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ عَلَى ذَلِكَ، وَرُبَّمَا أَعَادُوا حَرْفَ التَّنْبِيهِ مَعَ ذَا، فَقَالُوا: هَا أَنَا هَذَا وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا كَانَ تَقْرِيبًا، فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ التَّقْرِيبِ وَالنُّقْصَانِ، قَالُوا: هَذَا هُوَ، وَهَذَا أَنْتَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ مَعَ الْأَسْمَاءِ الظَّاهِرَةِ، يَقُولُونَ: هَذَا عَمْرٌو قَائِمًا، إِنْ كَانَ هَذَا تَقْرِيبًا، وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْمَكْنِيِّ مَعَ التَّقْرِيبِ تَفْرِقَةً بَيْنَ هَذَا إِذَا كَانَ بِمَعْنَى النَّاقِصِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى تَمَامٍ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الِاسْمِ الصَّحِيحِ. وَقَوْلُهُ: ﴿تُحِبُّونَهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩] خَبَرٌ لِلتَّقْرِيبِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِبَانَةٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل عَنْ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ، أَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَرَحْمَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَرَأْفَتِهِمْ بِأَهْلِ الْخِلَافِ لَهُمْ، وَقَسَاوَةِ قُلُوبِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَغِلْظَتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ
٥ ‏/ ٧١٧
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ «فَوَاللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُحِبُّ الْمُنَافِقَ وَيَأْوِي لَهُ وَيَرْحَمُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمُنَافِقَ يَقْدِرُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ مِنْهُ لَأَبَادَ خَضْرَاءَهُ»
٥ ‏/ ٧١٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: «الْمُؤْمِنُ خَيْرٌ لِلْمُنَافِقِ مِنَ الْمُنَافِقِ لِلْمُؤْمِنِ يَرْحَمُهُ، وَلَوْ يَقْدِرُ الْمُنَافِقُ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَلَى مِثْلِ مَا يَقْدِرُ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهِ مِنْهُ لَأَبَادَ خَضْرَاءَهُ»
٥ ‏/ ٧١٨
وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ» حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
٥ ‏/ ٧١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩] يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوهُمَا بِطَانَةً مِنْ دُونِهِمْ، وَوَصَفَهُمْ بِصِفَتِهِمْ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَعْطَوْهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَقِيَّةً، حَذَرًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: قَدْ آمَنَّا وَصَدَّقْنَا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَإِذَا هُمْ خَلَوْا فَصَارُوا فِي خَلَاءٍ حَيْثُ لَا يَرَاهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، عَضُّوا عَلَى مَا يَرَوْنَ مِنَ ائْتِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ، وَصَلَاحِ
٥ ‏/ ٧١٨
ذَاتِ بَيْنَهُمْ، أَنَامِلَهُمْ، وَهِيَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِمْ، تَغَيُّظًا مِمَّا بِهِمْ مِنَ الْمَوْجِدَةِ عَلَيْهِمْ، وَأَسًى عَلَى ظَهْرٍ يُسْنَدُونَ إِلَيْهِ لِمُكَاشَفَتِهِمُ الْعَدَاوَةَ وَمُنَاجَزَتِهِمُ الْمُحَارَبَةَ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٥ ‏/ ٧١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩] «إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا آمَنَّا لَيْسَ بِهِمْ إِلَّا مَخَافَةً عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَصَانَعُوهُمْ بِذَلِكَ» ﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩] يَقُولُ: «مِمَّا يَجِدُونَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغَيْظِ وَالْكَرَاهَةِ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ لَوْ يَجِدُونَ رِيحًا لَكَانُوا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَهُمْ كَمَا نَعَتَ اللَّهُ عز وجل» حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، بِمِثْلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «مِنَ الْغَيْظِ لِكَرَاهَتِهِمُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ» وَلَمْ يَقُلْ: “لَوْ يَجِدُونَ رِيحًا وَمَا بَعْدَهُ
٥ ‏/ ٧١٩
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسْلِمٌ، قَالَ: ثني يَحْيَى بْنُ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْنُكْرِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: كَانَ أَبُو الْجَوْزَاءِ إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩] قَالَ: «هُمُ الْإِبَاضِيَّةُ» ⦗٧٢٠⦘ وَالْأَنَامِلُ: جَمْعُ أُنْمُلَةٍ، وَيُقَالُ أَنْمُلَةٌ، وَرُبَّمَا جُمِعَتْ أَنْمُلًا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل] أَوَدُّكُمَا مَا بَلَّ حَلْقِيَ رِيقَتِي … وَمَا حَمَلَتْ كَفَّايَ أَنْمُلِيَ الْعَشْرَا
وَهِيَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ
٥ ‏/ ٧١٩
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «الْأَنَامِلُ: أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ» حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، بِمِثْلِهِ
٥ ‏/ ٧٢٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ «الْأَصَابِعَ»
٥ ‏/ ٧٢٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: ﴿عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩] قَالَ: «عَضُّوا ⦗٧٢١⦘ عَلَى أَصَابِعِهِمْ»
٥ ‏/ ٧٢٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران: ١١٩] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ وَصَفْتُ لَكَ صِفَتَهُمْ، وَأَخْبَرْتُكَ أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوا أَصْحَابَكَ، قَالُوا آمَنَّا، وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ: مُوتُوا بِغَيْظِكُمُ الَّذِي بِكُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ، وَائْتِلَافِ جَمَاعَتِهِمْ. وَخَرَجَ هَذَا الْكَلَامُ مَخْرَجَ الْأَمْرِ، وَهُوَ دُعَاءٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِأَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ كَمَدًا مِمَّا بِهِمْ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، قَبْلَ أَنْ يَرَوْا فِيهِمْ مَا يَتَمَنَّوْنَ لَهُمْ مِنَ الْعَنَتِ فِي دِينِهِمْ، وَالضَّلَالَةِ بَعْدَ هَدَاهُمْ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: اهْلَكُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٍ بِذَاتِ الصُّدُورِ، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذُو عِلْمٍ بِالَّذِي فِي صُدُورِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ، قَالُوا: آمَنَّا، وَمَا يَنْطَوُونَ لَهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْغِلِّ وَالْغَمِّ، وَيَعْتَقِدُونَ لَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَبِمَا فِي صُدُورِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، حَافِظٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَا هُوَ عَلَيْهِ مُنْطَوٍ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، حَتَّى يُجَازَى جَمِيعُهُمْ عَلَى مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَاعْتَقَدَ مِنْ إِيمَانٍ وَكُفْرٍ، وَانْطَوَى عَلَيْهِ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَصِيحَةٍ أَوْ غِلٍّ وَغَمْرٍ
٥ ‏/ ٧٢١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠] يَعْنِي بِقَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] إِنْ تَنَالُوا أَيُّهَا ⦗٧٢٢⦘ الْمُؤْمِنُونَ سُرُورًا بِظُهُورِكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ، وَتَتَابُعِ النَّاسِ فِي الدُّخُولِ فِي دِينِكُمْ، وَتَصْدِيقِ نَبِيِّكُمْ، وَمُعَاوَنَتِكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ، يَسُؤْهُمْ. وَإِنْ تَنَلْكُمْ مَسَاءَةٌ بِإِخْفَاقِ سَرِيَّةٍ لَكُمْ، أَوْ بِإِصَابَةِ عَدُوٍّ لَكُمْ مِنْكُمْ، أَوِ اخْتِلَافٍ يَكُونُ بَيْنَ جَمَاعَتِكُمْ يَفْرَحُوا بِهَا
٥ ‏/ ٧٢١
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾ [آل عمران: ١٢٠]، «فَإِذَا رَأَوْا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أُلْفَةً وَجَمَاعَةً وَظُهُورًا عَلَى عَدُوِّهِمْ، غَاظَهُمْ ذَلِكَ وَسَاءَهُمْ، وَإِذَا رَأَوْا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فُرْقَةً وَاخْتِلَافًا أَوْ أُصِيبَ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ سَرَّهُمْ ذَلِكَ وَأُعْجِبُوا بِهِ وَابْتَهَجُوا بِهِ، فَهُمْ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْنٌ أَكْذَبَ اللَّهُ أُحْدُوثَتَهُ وَأَوْطَأَ مَحِلَّتَهُ، وَأَبْطَلَ حُجَّتَهُ، وَأَظْهَرَ عَوْرَتَهُ، فَذَاكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِيمَنْ مَضَى مِنْهُمْ وَفِيمَنْ بَقِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
٥ ‏/ ٧٢٢
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾ [آل عمران: ١٢٠] قَالَ: «هُمُ الْمُنَافِقُونَ إِذَا رَأَوْا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ جَمَاعَةٌ وَظُهُورًا عَلَى عَدُوِّهِمْ، غَاظَهُمْ ذَلِكَ غَيْظًا شَدِيدًا وَسَاءَهُمْ، وَإِذَا رَأَوْا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فُرْقَةً وَاخْتِلَافًا، أَوْ أُصِيبَ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ، سَرَّهُمْ ذَلِكَ وَأُعْجِبُوا بِهِ» قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا ⦗٧٢٣⦘ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠]
٥ ‏/ ٧٢٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] قَالَ: إِذَا رَأَوْا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ جَمَاعَةً وَأُلْفَةً سَاءَهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا رَأَوْا مِنْهُمْ فُرْقَةً وَاخْتِلَافًا فَرِحُوا ” وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٢٠] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَإِنْ تَصْبِرُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، مِنَ اتِّخَاذِ بِطَانَةٍ لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ صِفَتَهُمْ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ مَا نَهَاكُمْ، وَتَتَّقُوا رَبَّكُمْ، فَتَخَافُوا التَّقَدُّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِيمَا أَلْزَمَكُمْ، وَأَوْجَبَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ، لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا: أَيْ كَيَدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ. وَيَعْنِي بِكَيْدِهِمْ غَوَائِلَهُمُ الَّتِي يَبْتَغُونَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَمَكْرَهُمْ بِهِمْ لِيَصُدُّوهُمْ عَنِ الْهُدَى وَسَبِيلِ الْحَقِّ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] فَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: (لَا يَضِرْكُمْ) مُخَفَّفَةً بِكَسْرِ الضَّادِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ضَارَنِي فُلَانٌ فَهُوَ يُضِيرُنِي ضَيْرًا، وَقَدْ حُكِيَ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ: مَا يَنْفَعُنِي وَلَا يَضُورُنِي، فَلَوْ كَانَتْ قُرِئَتْ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ لَقِيلَ: لَا يَضِرْكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ،
٥ ‏/ ٧٢٣
وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٢٠] بِضَمِّ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ضَرَّنِي فُلَانٌ فَهُوَ يَضُرُّنِي ضَرًّا. وَأَمَّا الرَّفْعُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] فَمِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى اتِّبَاعُ الرَّاءِ فِي حَرَكَتِهَا، إِذْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا الْجَزْمُ، وَلَمْ يُمْكِنْ جَزْمُهَا لِتَشْدِيدِهَا أَقْرَبَ حَرَكَاتِ الْحُرُوفِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَذَلِكَ حَرَكَةُ الضَّادِ، وَهِيَ الضَّمَّةُ، فَأُلْحِقَتْ بِهَا حَرَكَةُ الرَّاءِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا، كَمَا قَالُوا: مُدَّ يَا هَذَا، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْ وَجْهَيِ الرَّفْعِ فِي ذَلِكَ: أَنْ تَكُونَ مَرْفُوعَةً عَلَى صِحَّةٍ، وَتَكُونُ «لَا» بِمَعْنَى «لَيْسَ»، وَتَكُونُ الْفَاءُ الَّتِي هِيَ جَوَّابُ الْجَزَاءِ مَتْرُوكَةً لَعِلْمِ السَّامِعِ بِمَوْضِعِهَا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، كَانَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَلَيْسَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ تُرِكَتِ الْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] وَوُجِّهَتْ «لَا» إِلَى مَعْنَى «لَيْسَ»، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل] فَإِنْ كَانَ لَا يُرْضِيكَ حَتَّى تَرُدَّنِي … إِلَى قَطَرِيٍّ لَا إِخَالُكَ رَاضِيَا
وَلَوْ كَانَتِ الرَّاءُ مُحَرَّكَةً إِلَى النَّصَبِ وَالْخَفْضِ كَانَ جَائِزًا، كَمَا قِيلَ: مُدَّ يَا هَذَا، وَمَدِّ. وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠] يَقُولُ جَلَّ ثناؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ مِنَ الْفَسَادِ وَالصَّدِّ عَنْ سَبِيلِهِ
٥ ‏/ ٧٢٤
وَالْعَدَاوَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ مُحِيطٌ بِجَمِيعِهِ، حَافِظٌ لَهُ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ، حَتَّى يُوَفِّيَهُمْ جَزَاءَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُذِيقَهُمْ عُقُوبَتَهُ عَلَيْهِ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …