مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ / ١١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك: ٢] يَعْنِي بِقَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿تَبَارَكَ﴾ [الأعراف: ٥٤] تَعَاظَمَ وَتَعَالَى ﴿الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١] بِيَدِهِ مُلْكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسُلْطَانُهُمَا نَافِذٌ فِيهِمَا أَمْرُهُ وَقَضَاؤُهُ. ﴿وَهُوَ عَلَى كِلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ﴾ [المائدة: ١٢٠] يَقُولُ: وَهُوَ عَلَى مَا يَشَاءُ فِعْلُهُ ذُو قُدْرَةٍ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ فِعْلِهِ مَانِعٌ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَجْزٌ.
٢٣ / ١١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك: ٢] فَأَمَاتَ مَنْ شَاءِ وَمَا شَاءَ، وَأَحْيَا مَنْ أَرَادَ وَمَا أَرَادَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هود: ٧] يَقُولُ: لِيَخْتَبِرَكُمْ فَيَنْظُرْ أَيُّكُمْ لَهُ أَيُّهَا النَّاسُ أَطْوَعُ، وَإِلَى طَلَبِ رِضَاهُ أَسْرَعُ.
٢٣ / ١١٨
وَقَدْ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك: ٢] قَالَ: أَذَلَّ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ بِالْمَوْتِ، وَجَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ حَيَاةٍ وَدَارَ فَنَاءٍ، وَجَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ جَزَاءٍ وَبَقَاءٍ
٢٣ / ١١٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ [الملك: ٢] ذُكِرَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ أَذَلَّ ابْنَ آدَمَ بِالْمَوْتِ»
٢٣ / ١١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [إبراهيم: ٤] يَقُولُ: وَهُوَ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ انْتِقَامُهُ مِمَّنْ عَصَاهُ، وَخَالَفَ أَمْرَهُ الْغَفُورُ ذُنُوبَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ وَتَابَ مِنْ ذُنُوبِهِ.
٢٣ / ١١٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مُخْبِرًا عَنْ صِفَتِهِ ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا﴾ طَبَقًا فَوْقَ طَبَقٍ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
٢٣ / ١١٩
وَقَوْلُهُ: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ الَّذِي خَلَقَ لَا فِي سَمَاءٍ وَلَا فِي أَرْضٍ، وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَفَاوُتٍ، يَعْنِي مِنَ اخْتِلَافٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣] مَا تَرَى فِيهِمْ مِنَ اخْتِلَافٍ
٢٣ / ١١٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣] قَالَ: مِنِ اخْتِلَافٍ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضِ ⦗١٢٠⦘ الْكُوفِيِّينَ: ﴿مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣] بِأَلِفٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (مِنْ تَفَوُّتٍ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَمَا قِيلَ: وَلَا تُصَاعِرْ، وَلَا تُصَعِّرْ؛ وَتَعَهَّدْتُ فُلَانًا، وَتَعَاهَدْتُهُ؛ وَتَظَهَّرْتُ، وَتَظَاهَرْتُ؛ وَكَذَلِكَ التَّفَاوتُ وَالتَّفَوُّتُ
٢٣ / ١١٩
وَقَوْلُهُ: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣] يَقُولُ: فَرُدَّ الْبَصَرَ، هَلْ تَرَى فِيهِ مِنْ صُدُوعٍ؟ وَهِيَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ﴾ بِمَعْنَى يَتَشَقَّقْنَ وَيَتَصَدَّعْنَ، وَالْفُطُورُ مَصْدَرُ فَطَرَ فُطُورًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣] قَالَ: الْفُطُورُ: الْوَهْيُ
٢٣ / ١٢٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣] يَقُولُ: هَلْ تَرَى مِنْ خَلَلٍ يَا ابْنَ آدَمَ
٢٣ / ١٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣] قَالَ: مِنْ خَلَلٍ
٢٣ / ١٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣] قَالَ: مِنْ شُقُوقٍ
٢٣ / ١٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك: ٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ثُمَّ رُدَّ الْبَصَرَ يَا ابْنَ آدَمَ ﴿كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك: ٤] مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَانْظُرْ، هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ أَوْ تَفَاوُتٍ ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا﴾ يَقُولُ: يَرْجِعْ إِلَيْكَ بَصَرُكَ صَاغِرًا مُبْعَدًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْكَلْبِ: اخْسَأْ، إِذَا طَرَدُوهُ؛ أَيِ: ابْعِدْ صَاغِرًا ﴿وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: ٤] يَقُولُ: وَهُوَ مَعِي كَالٌّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك: ٤]، يَقُولُ: هَلْ تَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ خَلَلٍ ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ بِسَوَادِ اللَّيْلِ
٢٣ / ١٢١
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ يَقُولُ: ذَلِيلًا وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: ٤] يَقُولُ: مُرْجَفٌ
٢٣ / ١٢١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا﴾ أَيْ حَاسِرًا ﴿وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: ٤] أَيْ مَعِي
٢٣ / ١٢٢
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿خَاسِئًا﴾ قَالَ: صَاغِرًا ﴿وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: ٤] يَقُولُ: مَعِي لَمْ يَرَ خَلَلًا وَلَا تَفَاوُتًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْخَاسِئُ وَالْحَسِيرُ وَاحِدٌ
٢٣ / ١٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣] الْآيَةُ، قَالَ: الْخَاسِئُ، وَالْخَاسِرُ وَاحِدٌ؛ حَسَرَ طَرْفَهُ أَنْ يَرَى فِيهَا فِطْرًا فَرَجَعَ وَهُوَ حَسِيرٌ قَبْلَ أَنْ يَرَى فِيهَا فِطْرًا؛ قَالَ: فَإِذَا جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ انْفَطَرَتْ ثُمَّ انْشَقَّتْ، ثُمَّ جَاءَ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ انْكَشَطَتْ
٢٣ / ١٢٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [الملك: ٥] وَهِيَ النُّجُومُ، وَجَعَلَهَا مَصَابِيحَ لِإِضَاءَتِهَا، وَكَذَلِكَ الصُّبْحُ إِنَّمَا قِيلَ لَهُ صُبْحٌ لِلضَّوْءِ الَّذِي يُضِيءُ لِلنَّاسِ مِنَ النَّهَارِ. ﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ [الملك: ٥] يَقُولُ: وَجَعَلْنَا الْمَصَابِيحَ الَّتِي زَيَّنَّا بِهَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا ﴿رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ [الملك: ٥] تُرْجَمُ بِهَا.
٢٣ / ١٢٢
وَقَدْ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ [الملك: ٥] إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ: خَلَقَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا؛ فَمَنْ يَتَأَوَّلُ مِنْهَا غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ بِرَأْيِهِ، وَأَخْطَأَ حَظَّهُ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ
٢٣ / ١٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَعْتَدْنَا لِلشَّيَاطِينِ فِي الْآخِرَةِ عَذَابَ السَّعِيرِ، تُسَعَّرَ عَلَيْهِمْ فَتُسَجَّرَ
٢٣ / ١٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ﴾ [الملك: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ فِي الدُّنْيَا ﴿عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [الفرقان: ٦٥] فِي الْآخِرَةِ ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: ١٢٦] يَقُولُ: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ عَذَابُ جَهَنَّمَ.
٢٣ / ١٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا﴾ [الملك: ٧] يَعْنِي إِذَا أُلْقِيَ الْكَافِرُونَ فِي جَهَنَّمَ ﴿سَمِعُوا لَهَا﴾ [الفرقان: ١٢] يَعْنِي لِجَهَنَّمَ ﴿شَهِيقًا﴾ [الملك: ٧] يَعْنِي بِالشَّهِيقِ: الصَّوْتَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْجَوْفِ بِشِدَّةٍ كَصَوْتِ الْحِمَارِ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ فِي صِفَةِ حِمَارٍ:
[البحر الرجز] حَشْرَجَ فِي الْجَوْفِ سَحِيلًا أَوْ شَهَقْ … حَتَّى يُقَالَ نَاهِقٌ وَمَا نَهَقْ
[البحر الرجز] حَشْرَجَ فِي الْجَوْفِ سَحِيلًا أَوْ شَهَقْ … حَتَّى يُقَالَ نَاهِقٌ وَمَا نَهَقْ
٢٣ / ١٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهِيَ تَفُورُ﴾ [الملك: ٧] يَقُولُ: تَغْلِي. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ﴾ [الملك: ٧] يَقُولُ: تَغْلِي كَمَا يَغْلِي الْقِدْرُ
٢٣ / ١٢٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ﴾ [الملك: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَكَادُ جَهَنَّمَ ﴿تَمَيَّزُ﴾ [الملك: ٨] يَقُولُ: تَتَفَرَّقُ وَتَتَقَطَّعُ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى أَهْلِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨] يَقُولُ: تَتَفَرَّقُ.
٢٣ / ١٢٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗١٢٥⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨] تَكَادُ يُفَارِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَنْفَطِرُ
٢٣ / ١٢٤
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨] يَقُولُ: تَفَرَّقَ
٢٣ / ١٢٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨] قَالَ: التَّمَيُّزُ: التَّفَرُّقُ ﴿مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨] عَلَى أَهْلِ مَعَاصِي اللَّهِ غَضَبًا لِلَّهِ، وَانْتِقَامًا لَهُ
٢٣ / ١٢٥
وَقَوْلُهُ: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ﴾ [الملك: ٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كُلَّمَا أُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ جَمَاعَةٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ [الملك: ٨] يَقُولُ: سَأَلَ الْفَوْجُ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ، فَقَالُوا لَهُمْ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ فِي الدُّنْيَا نَذِيرٌ يُنْذِرُكُمْ هَذَا الْعَذَابَ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ؟ فَأَجَابَهُمُ الْمَسَاكِينُ فَقَالُوا ﴿بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ [الملك: ٩] يُنْذِرُنَا هَذَا ﴿فَكَذَّبْنَاهُ وَقُلْنَا﴾ لَهُ: ﴿مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ [الملك: ٩] يَقُولُ: فِي ذَهَابٍ عَنِ الْحَقِّ بَعِيدٍ.
٢٣ / ١٢٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ الْفَوْجُ الَّذِي أُلْقِيَ فِي النَّارِ لِلْخَزَنَةِ: لَوْ كُنَّا فِي الدُّنْيَا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مِنَ النُّذُرِ مَا جَاءُونَا بِهِ مِنَ النَّصِيحَةِ، أَوْ نَعْقِلُ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مَا كُنَّا الْيَوْمَ ﴿فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠] يَعْنِي أَهْلَ النَّارِ.
٢٣ / ١٢٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ﴾ [الملك: ١١] يَقُولُ: فَأَقَرُّوا بِذَنْبِهِمْ؛ ⦗١٢٦⦘ وَوَحَّدَ الذَّنْبَ، وَقَدْ أُضِيفَ إِلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى فَعَلَ، فَأَدَّى الْوَاحِدُ عَنِ الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ: خَرَجَ عَطَاءُ النَّاسِ، وَأُعْطِيَةُ النَّاسِ. ﴿فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١١] يَقُولُ: فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١١] يَقُولُ: بُعْدًا
٢٣ / ١٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ﴿فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١١] قَالَ: سُحْقًا: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَالْقُرَّاءُ عَلَى تَخْفِيفِ الْحَاءِ مِنَ السُّحْقِ، وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْفَصِيحَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ ذَلِكَ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُحَرِّكُهَا بِالضَّمِّ
٢٣ / ١٢٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ: يَقُولُ: وَهُمْ لَمْ يَرَوْهُ ⦗١٢٧⦘ ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: ٩] يَقُولُ: لَهُمْ عَفْوٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [هود: ١١] يَقُولُ: وَثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ عَلَى خَشْيَتِهِمْ إِيَّاهُ بِالْغَيْبِ جَزِيلٌ.
٢٣ / ١٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ [الملك: ١٣] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَخْفُوا قَوْلَكُمْ وَكَلَامَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَوْ أَعْلِنُوهُ وَأَظْهِرُوهُ. ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الأنفال: ٤٣] يَقُولُ: إِنَّهُ ذُو عِلْمٍ بِضَمَائِرِ الصُّدُورِ الَّتِي لَمْ يُتَكَلَّمْ بِهَا، فَكَيْفَ بِمَا نُطِقَ بِهِ وَتُكُلِّمَ بِهِ، أُخْفِيَ ذَلِكَ أَوْ أُعْلِنَ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ ضَمَائِرُ الصُّدُورِ فَغَيْرُهَا أَحْرَى أَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ.
٢٣ / ١٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَا يَعْلَمُ الرَّبُّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ؟ يَقُولُ: كَيْفَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَلْقُهُ الَّذِي خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ بِعِبَادِهِ الْخَبِيرُ بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ
٢٣ / ١٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ [الملك: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا سَهْلًا سَهَّلَهَا لَكُمْ ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] . واخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى مَنَاكِبِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنَاكِبُهَا: جِبَالُهَا.
٢٣ / ١٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] يَقُولُ: جِبَالُهَا
٢٣ / ١٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] فَقَالَ لَجَارِيَةٍ لَهُ: إِنْ دَرَيْتِ مَا مَنَاكِبُهَا فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَإِنَّ مَنَاكِبَهَا: جِبَالُهَا، فَكَأَنَّمَا سُفِعَ فِي وَجْهِهِ، وَرَغِبَ فِي جَارِيَتِهِ. فَسَأَلَ، مِنْهُمْ مَنْ أَمَرَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَهَاهُ، فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: الْخَيْرُ فِي طُمَأْنِينَةٍ، وَالشَّرُّ فِي رِيبَةٍ، فَذَرْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ، بِمِثْلِهِ سَوَاءً
٢٣ / ١٢٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] جِبَالُهَا
٢٣ / ١٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] قَالَ: فِي جِبَالِهَا وَقَالَ آخَرُونَ: مَنَاكِبُهَا أَطْرَافُهَا وَنَوَاحِيهَا
٢٣ / ١٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] يَقُولُ: امْشُوا فِي أَطْرَافِهَا
٢٣ / ١٢٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ بَشِيرَ بْنَ كَعْبٍ الْعَدَوِيَّ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ: إِنْ أَخْبَرْتِنِي مَا مَنَاكِبُهَا، فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَقَالَتْ: نَوَاحِيهَا؛ فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ الْخَيْرَ فِي طُمَأْنِينَةٍ، وَإِنَّ الشَّرَّ فِي رِيبَةٍ، فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكُ
٢٣ / ١٢٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] قَالَ: طُرُقُهَا وَفِجَاجُهَا وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَامْشُوا فِي نَوَاحِيهَا وَجَوَانِبِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ نَوَاحِيهَا نَظِيرُ مَنَاكِبِ الْإِنْسَانِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَطْرَافِهِ
٢٣ / ١٢٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ [الملك: ١٥] يَقُولُ: وَكُلُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ لَكُمْ مِنْ مَنَاكِبِ الْأَرْضِ. ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِلَى اللَّهِ نَشْرُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ.
٢٣ / ١٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦] أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ [الملك: ١٦] يَقُولُ: فَإِذَا الْأَرْضُ تَذْهَبُ بِكُمْ وَتَجِيءُ وَتَضْطَرِّبُ. ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٧] وَهُوَ اللَّهُ ﴿أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ [الملك: ١٧] وَهُوَ التُّرَابُ فِيهِ ⦗١٣٠⦘ الْحَصْبَاءُ الصِّغَارُ. ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: ١٧] يَقُولُ: فَسَتَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْكَفَرَةُ كَيْفَ عَاقِبَةُ نَذِيرِي لَكُمْ، إِذْ كَذَبْتُمْ بِهِ، وَرَدَدْتُمُوهُ عَلَى رَسُولِي.
٢٣ / ١٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ [الملك: ١٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ رُسُلِهِمْ ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [الحج: ٤٤] يَقُولُ: فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِي تَكْذِيبَهُمْ إِيَّاهُمْ. ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ [الملك: ١٩] يَقُولُ: أَوَ لَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ ﴿إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ [الملك: ١٩] أَجْنِحَتَهُنَّ ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾ [الملك: ١٩] يَقُولُ: وَيَقْبِضْنَ أَجْنِحَتَهُنَّ أَحْيَانًا. وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَصُفُّ أَجْنِحَتَهَا أَحْيَانًا، وَتَقْبِضُ أَحْيَانًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، مَقَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿صَافَّاتٍ﴾ [الملك: ١٩] قَالَ: الطَّيْرُ يَصُفُّ جَنَاحَهُ كَمَا رَأَيْتَ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ
٢٣ / ١٣٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾ [الملك: ١٩] بَسْطُهُنَّ أَجْنِحَتَهُنَّ وَقَبْضُهُنَّ
٢٣ / ١٣٠
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ﴾ [الملك: ١٩] يَقُولُ: مَا يُمْسِكُ الطَّيْرَ الصَّافَّاتِ فَوْقَكُمْ إِلَّا الرَّحْمَنُ؛ يَقُولُ: فَلَهُمْ بِذَلِكَ مُذَكِرٌ إِنْ ذُكِّرُوا، وَمُعْتَبَرٌ إِنِ اعْتَبَرُوا، يَعْلَمُونَ بِهِ أَنَّ رَبَّهُمْ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ. ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ [الملك: ١٩] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ ذُو بَصَرٍ وَخِبْرَةٍ، لَا يَدْخُلُ تَدْبِيرَهُ خَلَلٌ، وَلَا يُرَى فِي خَلْقِهِ تَفَاوُتٌ.
٢٣ / ١٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾ [الملك: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْشِ: مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ بِهِ، يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا، فَيَدْفَعُ عَنْكُمْ مَا أَرَادَ بِكُمْ مِنْ ذَلِكَ. ﴿إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾ [الملك: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ إِلَّا فِي غُرُورٍ مِنْ ظَنِّهِمْ أَنَّ آلِهَتَهُمْ تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، وَأَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ تَضُرُّ.
٢٣ / ١٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ [الملك: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ مِنْ هَذَا الَّذِي يُطْعِمُكُمْ وَيَسْقِيكُمْ، وَيَأْتِي بِأَقْوَاتِكُمْ إِنْ أَمْسَكَ بِكُمْ رِزْقَهُ الَّذِي يَرْزُقْهُ عَنْكُمْ.
٢٣ / ١٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ [الملك: ٢١] يَقُولُ: بَلْ تَمَادَوْا فِي طُغْيَانٍ وَنُفُورٍ عَنِ الْحَقِّ وَاسْتِكْبَارٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗١٣٢⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ [الملك: ٢١] يَقُولُ: فِي ضَلَالٍ
٢٣ / ١٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ [الملك: ٢١] قَالَ: كُفُورٍ
٢٣ / ١٣٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [سورة: الملك، آية رقم: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَفَمَنْ يَمْشِي أَيُّهَا النَّاسُ مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ لَا يُبْصِرُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ﴿أَهْدَى﴾ [سورة: النساء، آية رقم: ٥١] أَشَدُّ اسْتِقَامَةً عَلَى الطَّرِيقِ، وَأَهْدَى لَهُ، ﴿أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا﴾ [سورة: الملك، آية رقم: ٢٢] مَشْيَ بَنِي آدَمَ عَلَى قَدَمَيْهِ ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [سورة: الأنعام، آية رقم: ٣٩] يَقُولُ: عَلَى طَرِيقٍ لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ؛ وَقِيلَ ﴿مُكِبًّا﴾ [سورة: الملك، آية رقم: ٢٢] لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا أَدْخَلُوا فِيهِ الْأَلِفَ، فَقَالُوا: أَكَبَّ فُلَانٌ عَلَى وَجْهِهِ، فَهُوَ مُكِبٌّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
[البحر الطويل] مُكِبًّا عَلَى رَوْقَيْهِ يَحْفِرُ عِرْقَهَا … عَلَى ظَهْرِ عُرْيَانِ الطَّرِيقَةِ أَهْيَمَا
فَقَالَ: مُكِبًّا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ وَاقِعٍ، فَإِذَا كَانَ وَاقِعًا حُذِفَتْ مِنْهُ الْأَلِفُ، فَقِيلَ: كَبَبْتُ فُلَانًا عَلَى وَجْهِهِ وَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
[البحر الطويل] مُكِبًّا عَلَى رَوْقَيْهِ يَحْفِرُ عِرْقَهَا … عَلَى ظَهْرِ عُرْيَانِ الطَّرِيقَةِ أَهْيَمَا
فَقَالَ: مُكِبًّا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ وَاقِعٍ، فَإِذَا كَانَ وَاقِعًا حُذِفَتْ مِنْهُ الْأَلِفُ، فَقِيلَ: كَبَبْتُ فُلَانًا عَلَى وَجْهِهِ وَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك: ٢٢] يَقُولُ: مَنْ يَمْشِي فِي الضَّلَالَةِ أَهْدَى، أَمْ مَنْ يَمْشِي مُهْتَدِيًا
٢٣ / ١٣٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ﴾ [الملك: ٢٢] قَالَ: فِي الضَّلَالَةِ ﴿أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك: ٢٢] قَالَ: حَقٌّ مُسْتَقِيمٌ
٢٣ / ١٣٣
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ﴾ [الملك: ٢٢] يَعْنِي الْكَافِرَ ﴿أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا﴾ [الملك: ٢٢] الْمُؤْمِنُ، ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لَهُمَا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ يَحْشُرُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ﴾ [الملك: ٢٢] يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا﴾ [الملك: ٢٢] يَوْمَئِذٍ
٢٣ / ١٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى﴾ [الملك: ٢٢] «هُوَ الْكَافِرُ أَكَبَّ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ» . فَقِيلَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِرٌ أَنْ يَحْشُرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ»
٢٣ / ١٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ﴾ [الملك: ٢٢] قَالَ: «هُوَ الْكَافِرُ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيَحْشُرُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ» . قَالَ مَعْمَرٌ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ؟ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ»
٢٣ / ١٣٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك: ٢٢] قَالَ: الْمُؤْمِنُ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَيَحْشُرُهُ اللَّهُ عَلَى طَاعَتِهِ
٢٣ / ١٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [الملك: ٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: اللَّهُ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ فَخَلَقَكُمْ، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ تَسْمَعُونَ بِهِ وَالْأَبْصَارَ تُبْصِرُونَ بِهَا وَالْأَفْئِدَةَ تَعْقِلُونَ بِهَا. ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [الأعراف: ١٠] يَقُولُ: قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ رَبَّكُمْ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ.
٢٣ / ١٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الملك: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، اللَّهُ ﴿الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [المؤمنون: ٧٩] يَقُولُ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ فِي الْأَرْضِ. ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٩] يَقُولُ: وَإِلَى ⦗١٣٥⦘ اللَّهِ تُحْشَرُونَ، فَتُجْمَعُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ لِمَوْقِفِ الْحِسَابِ. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس: ٤٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ: مَتَى يَكُونُ مَا تَعِدُنَا مِنَ الْحَشْرِ إِلَى اللَّهِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٣] فِي وَعْدِكُمْ إِيَّانَا مَا تَعِدُونَنَا.
٢٣ / ١٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ [الملك: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُسْتَعْجِلِيكَ بِالْعَذَابِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ: إِنَّمَا عِلْمُ السَّاعَةِ، وَمَتَى تَقُومُ الْقِيَامَةُ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ غَيْرُهُ. ﴿وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [العنكبوت: ٥٠] يَقُولُ: وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ أُنْذِرُكُمْ عَذَابَ اللَّهِ عَلَى كُفْرِكُمْ بِهِ ﴿مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨] قَدْ أَبَانَ لَكُمْ إِنْذَارَهُ.
٢٣ / ١٣٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الملك: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا رَأَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ عَذَابَ اللَّهِ ﴿زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧]: يَقُولُ: قَرِيبًا، وَعَايَنُوهُ ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الملك: ٢٧] يَقُولُ: سَاءَ اللَّهُ بِذَلِكَ وُجُوهَ الْكَافِرِينَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ﴾ [الملك: ٢٧] قَالَ: لَمَّا عَايَنُوهُ
٢٣ / ١٣٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧] قَالَ: مُعَايَنَةً
٢٣ / ١٣٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧] قَالَ: قَدِ اقْتَرَبَ
٢٣ / ١٣٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الملك: ٢٧] لِمَا عَايَنَتْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ
٢٣ / ١٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧] قَالَ: لَمَّا رَأَوْا عَذَابَ اللَّهِ ﴿زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧] يَقُولُ: سِيئَتْ وُجُوهُهُمْ حِينَ عَايَنُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَخِزْيِهِ مَا عَايَنُوا
٢٣ / ١٣٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ﴾ [الملك: ٢٧] قِيلَ: الزُّلْفَةُ حَاضِرٌ قَدْ حَضَرَهُمْ عَذَابُ اللَّهِ عز وجل ﴿وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ [الملك: ٢٧] يَقُولُ: وَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُذَكِّرُونَ رَبَّكُمْ أَنْ يُعَجِّلَهُ لَكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٣ / ١٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقِيلَ ⦗١٣٧⦘ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ [الملك: ٢٧] قَالَ: اسْتِعْجَالُهُمْ بِالْعَذَابِ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ [الملك: ٢٧] بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ، بِمَعْنَى تَفْتَعِلُونَ مِنَ الدُّعَاءِ. وَذُكِرَ عَنْ قَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ أَنَّهُمَا قَرَأَا ذَلِكَ: «تَدْعُونَ» بِمَعْنَى تَفْعَلُونَ فِي الدُّنْيَا
٢٣ / ١٣٦
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: «الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدْعُونَ» خَفِيفَةً؛ وَيَقُولُ: كَانُوا يَدْعُونَ بِالْعَذَابِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ، مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ
٢٣ / ١٣٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الملك: ٢٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ: أَرَأَيْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ فَأَمَاتَنِي وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا ⦗١٣٨⦘ فَأَخَّرَ فِي آجَالِنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابٍ مُوجِعٍ مُؤْلِمٍ، وَذَلِكَ عَذَابُ النَّارِ. يَقُولُ: لَيْسَ يُنَجِّي الْكُفَّارَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَوْتُنَا وَحَيَاتُنَا، فَلَا حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ تَسْتَعْجِلُوا قِيَامَ السَّاعَةِ، وَنُزُولَ الْعَذَابِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ نَافِعِكُمْ، بَلْ ذَلِكَ بَلَاءٌ عَلَيْكُمْ عَظِيمٌ.
٢٣ / ١٣٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الملك: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: رَبُّنَا الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ يَقُولُ: صَدَّقْنَا بِهِ. ﴿وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ [الملك: ٢٩] يَقُولُ: وَعَلَيْهِ اعْتَمَدْنَا فِي أُمُورِنَا، وَبِهِ وَثِقْنَا فِيهَا. ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الملك: ٢٩] يَقُولُ: فَسَتَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذَهَابٍ عَنِ الْحَقِّ، وَالَّذِي هُوَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ إِذَا صِرْنَا إِلَيْهِ، وَحُشِرْنَا جَمِيعًا.
٢٣ / ١٣٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ: أَرَأَيْتُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ [الملك: ٣٠] يَقُولُ: غَائِرًا لَا تَنَالُهُ الدِّلَاءُ ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] يَقُولُ: فَمَنْ يَجِيئُكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ، يَعْنِي بِالْمَعِينِ: الَّذِي تَرَاهُ الْعُيُونُ ظَاهِرًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ١٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗١٣٩⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] يَقُولُ: بِمَاءٍ عَذْبٍ
٢٣ / ١٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ وَاصِلٍ، قَالَ: ثني عُبَيْدُ بْنُ قَاسِمٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ [الملك: ٣٠] لَا تَنَالُهُ الدِّلَاءُ ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] قَالَ: الظَّاهِرُ
٢٣ / ١٣٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ [الملك: ٣٠] أَيْ ذَاهِبًا ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] قَالَ: الْمَاءُ الْمَعِينُ: الْجَارِي
٢٣ / ١٣٩
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ [الملك: ٣٠] ذَاهِبًا ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] جَارٍ وَقِيلَ غَوْرًا فَوَصَفَ الْمَاءَ بِالْمَصْدَرِ، كَمَا يُقَالُ: لَيْلَةٌ عَمٌّ، يُرَادُ: لَيْلَةٌ عَامَّةٌ