مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا عِشْرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ / ٣٥٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٢] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] هُوَ الْمُلْتَفُّ بِثِيَابِهِ. وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ التَّزَمُّلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مُتَزَمِّلٌ فِي ثِيَابِهِ، مُتَأَهِّبٌ لِلصَّلَاةِ.
٢٣ / ٣٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] أَيِ الْمُتَزَمِّلُ فِي ثِيَابِهِ
٢٣ / ٣٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] هُوَ الَّذِي تَزَمَّلَ بِثِيَابِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مُتَزَمِّلٌ النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ
٢٣ / ٣٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] قَالَ: زُمِّلْتَ هَذَا الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بتَأْوِيلِ ذَلِكَ، مَا قَالَهُ قَتَادَةُ لِأَنَّهُ قَدْ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ [المزمل: ٢] فَكَانَ ذَلِكَ بَيَانًا عَنْ أَنَّ وَصْفَهُ بِالتَّزَمُّلِ بِالثِّيَابِ لِلصَّلَاةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَرُ مَعْنَيَيْهِ
٢٣ / ٣٥٨
وَقَوْلُهُ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] يَقُولُ لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ [المزمل: ٢] يَا مُحَمَّدُ كُلَّهُ ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ [البقرة: ٨٣] مِنْهُ. ﴿نِصْفَهُ﴾ [المزمل: ٣] يَقُولُ: قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ ﴿أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [المزمل: ٤] يَقُولُ: ﴿أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [المزمل: ٤] خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ حِينَ فَرَضَ عَلَيْهِ قِيَامَ اللَّيْلِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَنَازِلِ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا ذُكِرَ يَقُومُونَ اللَّيْلَ، نَحْوَ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا ذُكِرَ حَتَّى خُفِّفَ ذَلِكَ عَنْهُمْ.
٢٣ / ٣٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: ثنا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ، ⦗٣٥٩⦘ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ، كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا قَرِيبٌ مِنْ سَنَةٍ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: ثنا سِمَاكٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
٢٣ / ٣٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ طَحْلَاءَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَجْعَلُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَصِيرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَسَامَعَ بِهِ النَّاسُ، فَاجْتَمَعُوا، فَخَرَجَ كَالْمُغْضَبِ، وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا، فَخَشِيَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ وَخَيْرُ الْأَعْمَالِ مَا دُمْتُمْ عَلَيْهِ» . وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [المزمل: ٢] حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَرْبِطُ الْحَبْلَ وَيَتَعَلَّقُ، فَمَكَثُوا بِذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، فَرَأَى اللَّهُ مَا يَبْتَغُونَ مِنْ رِضْوَانِهِ فَرَحِمَهُمْ فَرَدَّهُمْ ⦗٣٦٠⦘ إِلَى الْفَرِيضَةِ وَتَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ
٢٣ / ٣٥٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ؛ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَشْتَرِي لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَصِيرًا، فَكَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، فَتَسَمَّعَ النَّاسُ بِصَلَاتِهِ، فَاجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ؛ فَلَمَّا رَأَى اجْتِمَاعَهُمْ كَرِهَ ذَلِكَ، فَخَشِيَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِمْ، فَدَخَلَ الْبَيْتَ كَالْمُغْضَبِ، فَجَعَلُوا يَتَنَحْنَحُونَ وَيَتَسَعَّلُونَ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، يَعْنِي مِنَ الثَّوَابِ، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» . وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] السُّورَةُ. قَالَ: فَكُتِبَتْ عَلَيْهِمْ، وَأُنْزِلَتْ بِمَنْزِلَةِ الْفَرِيضَةِ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَرْبِطُ الْحَبْلَ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ؛ فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ مَا يُكَلَّفُونَ مِمَّا يَبْتَغُونَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَرِضَاهُ، وَضَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ﴾ [المزمل: ٢٠] إِلَى ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ [المزمل: ٢٠] فَرَدَّهُمْ إِلَى الْفَرِيضَةِ، وَوَضَعَ عَنْهُمُ النَّافِلَةَ، إِلَّا مَا تَطَوَّعُوا بِهِ
٢٣ / ٣٦٠
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ⦗٣٦١⦘ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٣] فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ خُفِّفَ عَنْهُمْ فَرَحِمَهُمْ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المزمل: ٢٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ فَوَسَّعَ اللَّهُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَلَمْ يُضَيِّقْ
٢٣ / ٣٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] قَالَ: مَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى هَذَا الْحَالِ عَشْرَ سِنِينَ يَقُومُ اللَّيْلَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُومُونَ مَعَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ [المزمل: ٢٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [المزمل: ٢٠] فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ
٢٣ / ٣٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ، قَالَا: قَالَ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٣] نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي فِيهَا: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾
٢٣ / ٣٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] قَامُوا حَوْلًا أَوْ حَوْلَيْنِ حَتَّى انْتَفَخَتْ سُوقُهُمْ وَأَقْدَامُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ⦗٣٦٢⦘ تَخْفِيفًا بَعْدُ فِي آخِرِ السُّورَةِ
٢٣ / ٣٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] قَامُوا بِهَا حَوْلًا حَتَّى وَرِمَتْ أَقْدَامُهُمْ وَسُوقُهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ فَاسْتَرَاحَ النَّاسُ
٢٣ / ٣٦٢
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَرِيرٍ بَيَّاعُ الْمُلَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَطَوُّعٌ بَعْدَ فَرِيضَةٍ
٢٣ / ٣٦٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] الْآيَةُ، قَامَ الْمُسْلِمُونَ حَوْلًا، فَمِنْهُمْ مَنْ أَطَاقَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُطِقْهُ، حَتَّى نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ
٢٣ / ٣٦٢
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا نَحْوٌ مِنْ سَنَةٍ
٢٣ / ٣٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] يَقُولُ جَلَّ وَعَزَّ: وَبَيِّنِ الْقُرْآنَ إِذَا قَرَأْتَهُ تَبْيِينًا، وَتَرَسَّلْ فِيهِ تَرَسُّلًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ. ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] قَالَ: اقْرَأْهُ قِرَاءَةً بَيِّنَةً
٢٣ / ٣٦٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ. ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] فَقَالَ: بَعْضُهُ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ
٢٣ / ٣٦٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] فَقَالَ: بَعْضُهُ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ، عَلَى تُؤَدَةٍ
٢٣ / ٣٦٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] قَالَ: تَرَسَّلْ فِيهِ تَرَسُّلًا
٢٣ / ٣٦٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] فَقَالَ: بَعْضُهُ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ
٢٣ / ٣٦٣
حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] قَالَ: التَّرْتِيلُ النَّبْذُ: الطَّرْحُ
٢٣ / ٣٦٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] قَالَ بَيِّنْهُ بَيَانًا
٢٣ / ٣٦٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] قَالَ: بَيِّنْهُ بَيَانًا
٢٣ / ٣٦٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] قَالَ: بَعْضُهُ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ
٢٣ / ٣٦٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا الْعَمَلُ بِهِ.
٢٣ / ٣٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] قَالَ: الْعَمَلُ بِهِ، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَهُذُّ السُّورَةَ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ بِهِ ثَقِيلٌ
٢٣ / ٣٦٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] ثَقِيلٌ وَاللَّهِ فَرَائِضُهُ وَحُدُودُهُ
٢٣ / ٣٦٥
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] قَالَ: ثَقِيلٌ وَاللَّهِ فَرَائِضُهُ وَحُدُودُهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ عَيْنَهُ ثَقِيلٌ مَحْمَلُهُ
٢٣ / ٣٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ وَضَعَتْ جِرَانَهَا، فَمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَحَرَّكْ حَتَّى يُسْرَى عَنْهُ
٢٣ / ٣٦٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ ثَقِيلٌ مُبَارَكٌ الْقُرْآنُ، كَمَا ثَقُلَ فِي الدُّنْيَا ثَقُلَ فِي الْمَوَازِينِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ قَوْلٌ ثَقِيلٌ، فَهُوَ كَمَا وَصَفَهُ بِهِ ثَقِيلٌ مَحْمَلُهُ ثَقِيلٌ الْعَمَلُ بِحُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ
٢٣ / ٣٦٦
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ يَعْنِي جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦]: إِنَّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ، وَكُلُّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ نَاشِئَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ.
٢٣ / ٣٦٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَلَا تُحَدِّثُنِي أَيُّ اللَّيْلِ نَاشِئَةٌ؟ قَالَ: عَلَى الثَّبْتِ سَقَطْتَ، سَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَزَعَمَ أَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ نَاشِئَةٌ. وَسَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرَنِي مِثْلَ ذَلِكَ
٢٣ / ٣٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا عَنْبَسَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ إِذَا قَامَ ⦗٣٦٧⦘ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ، قَالُوا: نَشَأَ
٢٣ / ٣٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] نَشَأَ: قَامَ
٢٣ / ٣٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: نَشَأَ: قَامَ
٢٣ / ٣٦٧
قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ، فَهُوَ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ
٢٣ / ٣٦٧
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: هُوَ اللَّيْلُ كُلُّهُ
٢٣ / ٣٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: إِذَا قُمْتَ اللَّيْلَ فَهُوَ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٧
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: قِيَامُ اللَّيْلِ؛ قَالَ: وَأَيُّ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ قَامَ فَقَدْ نَشَأَ
٢٣ / ٣٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَيَّ اللَّيْلِ قُمْتَ فَهُوَ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٨
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ نَاشِئَةِ اللَّيْلِ فَقَالَا: كُلُّ اللَّيْلِ نَاشِئَةٌ، فَإِذَا نَشَأْتَ قَائِمًا فَتِلْكَ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: أَيُّ سَاعَةٍ تَهَجَّدَ فِيهَا مُتَهَجِّدٌ مِنَ اللَّيْلِ
٢٣ / ٣٦٨
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] يَعْنِي اللَّيْلَ كُلَّهُ
٢٣ / ٣٦٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، وَنَافِعٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: اللَّيْلُ كُلُّهُ
٢٣ / ٣٦٨
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ ⦗٣٦٩⦘ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اللَّيْلُ كُلُّهُ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَهُوَ نَاشِئَةٌ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ مَا كَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ، فَأَمَّا مَا كَانَ قَبْلَ الْعِشَاءِ فَلَيْسَ بَنَاشِئَةٍ
٢٣ / ٣٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٩
قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ
٢٣ / ٣٦٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: نَاشِئَةُ اللَّيْلِ: مَا كَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانٌ، قَالَ: ثنا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ نَاشِئَةٌ
٢٣ / ٣٦٩
وَقَوْلُهُ: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ اخْتَلَفَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ ⦗٣٧٠⦘ عَامَّةُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ: (وِطَاءً) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَمَدِّ الْأَلِفِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: وَاطَأَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ مُوَاطَأَةً وَوِطَاءً. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
٢٣ / ٣٦٩
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ أَشَدُّ ثَبَاتًا مِنَ النَّهَارِ وَأَثْبَتُ فِي الْقَلْبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ أَثْبَتُ مِنْهُ بِالنَّهَارِ. وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: وَطِئْنَا اللَّيْلَ وَطْأً: إِذَا سَارُوا فِيهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مَنْ قَرَأَهُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ.
٢٣ / ٣٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ أَيْ أَثْبَتُ فِي الْخَيْرِ، وَأَحْفَظُ فِي الْحِفْظِ
٢٣ / ٣٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَالَ: الْقِيَامُ بِاللَّيْلِ أَشَدُّ وَطْئًا: يَقُولُ: أَثْبَتُ فِي الْخَيْرِ
٢٣ / ٣٧٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ يَقُولُ: نَاشِئَةُ اللَّيْلِ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ أَوَّلَ اللَّيْلِ ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ يَقُولُ: هُوَ أَجْدَرُ أَنْ تُحْصُوا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْقِيَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَامَ لَمْ يَدْرِ مَتَى يَسْتَيْقِظُ
٢٣ / ٣٧١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَالَ: إِنَّ مُصَلِّي اللَّيْلَ الْقَائِمَ بِاللَّيْلِ ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾: طُمَأْنِينَةً أَفْرَغُ لَهُ قَلْبًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُ حَوَائِجُ وَلَا شَيْءٌ
٢٣ / ٣٧١
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ يَقُولُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ أَثْبَتُ مِنْهُ بِالنَّهَارِ، وَأَشَدُّ مُوَاطَأَةً بِاللَّيْلِ مِنْهُ بِالنَّهَارِ وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا: «وِطَاءً» بِكَسْرِ الْوَاوِ وَمَدِّ الْأَلِفِ، فَقَدْ ذَكَرْتُ الَّذِي عَنَوْا بِقِرَاءَتِهِمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ
٢٣ / ٣٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ⦗٣٧٢⦘ مُجَاهِدٍ، ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَالَ: أَنْ تُوَاطِئَ قَلْبَكَ وَسَمْعَكَ وَبَصَرَكَ
٢٣ / ٣٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَالَ: تُوَاطِئَ سَمْعَكَ وَبَصَرَكَ وَقَلْبَكَ
٢٣ / ٣٧٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَالَ: مُوَاطَأَةً لِلْقَوْلِ، وَفَرَاغًا لِلْقَلْبِ
٢٣ / ٣٧٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ قَالَ: أَجْدَرُ أَنْ تُوَاطِئَ لَكَ سَمْعَكَ، أَنْ تُوَاطِئَ لَكَ بَصَرَكَ
٢٣ / ٣٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَالَ: أَجْدَرُ أَنْ تُوَاطِئَ سَمْعَكَ وَقَلْبَكَ
٢٣ / ٣٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جُرَيْرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ قَالَ: يُوَاطِئُ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَقَلْبُكَ بَعْضُهُ بَعْضًا
٢٣ / ٣٧٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: ٦] يَقُولُ: وَأَصْوَبُ قِرَاءَةً وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَرَأَ أَنَسٌ هَذِهِ الْآيَةَ: «إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَصْوَبُ قِيلًا» . فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّمَا هِيَ ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: أَقْوَمُ وَأَصْوَبُ وَأَهْيَأُ وَاحِدٌ
٢٣ / ٣٧٣
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشَ قَالَ: قَرَأَ أَنَسٌ «وَأَقْوَمُ قِيلًا وَأَصْوَبُ قِيلًا» وَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّمَا هِيَ ﴿وَأَقْوَمُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] . قَالَ أَنَسٌ: أَصَوْبُ وَأَقْوَمُ وَأَهْيَأُ وَاحِدٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ⦗٣٧٤⦘ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٣٧٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: ٦] يَقُولُ: أَدْنَى مِنْ أَنْ تَفْقَهُوا الْقُرْآنَ
٢٣ / ٣٧٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: ٦] أَحْفَظُ لِلْقِرَاءَةِ
٢٣ / ٣٧٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: ٦] قَالَ: أَقْوَمُ قِرَاءَةً لِفَرَاغِهِ مِنَ الدُّنْيَا
٢٣ / ٣٧٤
قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: إِنَّ لَكَ يَا مُحَمَّدُ فِي النَّهَارِ فَرَاغًا طَوِيلًا تَتَّسِعُ بِهِ، وَتَتَقَلَّبُ فِيهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] فَرَاغًا طَوِيلًا، يَعْنِي النَّوْمَ
٢٣ / ٣٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] قَالَ: مَتَاعًا طَوِيلًا
٢٣ / ٣٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] قَالَ: فَرَاغًا طَوِيلًا
٢٣ / ٣٧٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] قَالَ: لِحَوَائِجِكَ، فَافْرُغْ لِدِينِكَ اللَّيْلَ، قَالُوا: وَهَذَا حِينَ كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَى الْعِبَادِ فَخَفَّفَهَا وَوَضَعَهَا، وَقَرَأَ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ⦗٣٧٦⦘ ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٢٠] حَتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ اللَّيْلَ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ، ثُمَّ جَاءَ أَمْرٌ أَوْسَعُ وَأَفْسَحُ، وَضَعَ الْفَرِيضَةَ عَنْهُ وَعَنْ أُمَّتِهِ، فَقَالَ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]
٢٣ / ٣٧٥
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] فَرَاغًا طَوِيلًا وَكَانَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ يَقْرَأُ ذَلِكَ بِالْخَاءِ
٢٣ / ٣٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ، عَنْ غَالِبٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، مِنْ جَذِيلَةِ قَيْسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «سَبْخًا طَوِيلًا» قَالَ: وَهُوَ النَّوْمُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالتَّسْبِيخُ: تَوْسِيعُ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَتَنْفِيشُهُ، يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: سَبِّخِي قُطْنَكِ: أَيْ نَفِّشِيهِ وَوَسِّعِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:
[البحر البسيط] فَأَرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كَمَا … يُذْرِي سَبَائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أَوْتَارِ
وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَعَةً ⦗٣٧٧⦘ لِقَضَاءِ حَوَائِجِكَ وَقَوْمِكَ. وَالسَّبْحُ وَالسَّبْخُ قَرِيبَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
[البحر البسيط] فَأَرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كَمَا … يُذْرِي سَبَائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أَوْتَارِ
وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَعَةً ⦗٣٧٧⦘ لِقَضَاءِ حَوَائِجِكَ وَقَوْمِكَ. وَالسَّبْحُ وَالسَّبْخُ قَرِيبَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
٢٣ / ٣٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَاذْكُرْ﴾ [آل عمران: ٤١] يَا مُحَمَّدُ ﴿اسْمَ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٧٨] فَادْعُهُ بِهِ. ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] يَقُولُ: وَانْقَطِعْ إِلَيْهِ انْقِطَاعًا لِحَوَائِجِكَ وَعِبَادَتِكَ دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ غَيْرِهِ؛ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَبَتَّلْتُ هَذَا الْأَمْرَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِأُمِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولُ، لِانْقِطَاعِهَا إِلَى اللَّهِ؛ وَيُقَالُ لِلْعَابِدِ الْمُنْقَطِعِ عَنِ الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ: قَدْ تَبَتَّلَ؛ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ لَهُ إِخْلَاصًا
٢٣ / ٣٧٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ لَهُ إِخْلَاصًا
٢٣ / ٣٧٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ لَهُ إِخْلَاصًا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ
٢٣ / ٣٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصًا
٢٣ / ٣٧٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمَكِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصًا
٢٣ / ٣٧٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ وَالدُّعَاءَ
٢٣ / ٣٧٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: بَتِّلْ نَفْسَكَ وَاجْتَهِدْ
٢٣ / ٣٧٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] يَقُولُ: أَخْلِصْ لَهُ الْعِبَادَةَ وَالدَّعْوَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِنَحْوِهِ
٢٣ / ٣٧٩
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصًا
٢٣ / ٣٧٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] قَالَ: أَيْ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِهِ، قَالَ: تَبَتَّلْ فَحَبَّذَا التَّبَتُّلُ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾ [الشرح: ٧] قَالَ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْجِهَادِ فَانْصَبْ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: ٨]
٢٣ / ٣٧٩
وَقَوْلُهُ: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ [الشعراء: ٢٨] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، إِذْ كَانَ ابْتِدَاءُ آيَةٍ بَعْدَ أُخْرَى تَامَّةٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ بِالْخَفْضِ عَلَى وَجْهِ النَّعْتِ، وَالرَّدِّ عَلَى الْهَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ﴾ [المزمل: ٨] . ⦗٣٨٠⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُلَمَاءُ مِنَ الْقُرَّاءِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْعَالَمِ.
٢٣ / ٣٧٩
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا إِلَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة: ١٦٣] يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْبَدَ إِلَهٌ سِوَى اللَّهِ الَّذِي هُوَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
٢٣ / ٣٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩] فِيمَا يَأْمُرُكَ وَفَوَّضَ إِلَيْهِ أَسْبَابَكَ.
٢٣ / ٣٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: اصْبِرْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ لَكَ، وَعَلَى أَذَاهُمْ، وَاهْجُرْهُمْ فِي اللَّهِ هَجْرًا جَمِيلًا. وَالْهَجْرُ الْجَمِيلُ: هُوَ الْهَجْرُ فِي ذَاتِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ عز وجل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الأنعام: ٦٨] الْآيَةُ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ نُسِخَ.
٢٣ / ٣٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ١٠] بَرَاءَةُ نَسَخَتْ مَا هَهُنَا؛ أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرَهَا
٢٣ / ٣٨٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النِّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ [المزمل: ١١] فَدَعْنِي يَا مُحَمَّدُ وَالْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِي ﴿أُولِي النِّعْمَةِ﴾ [المزمل: ١١] يَعْنِي أَهْلَ التَّنَعُّمِ فِي الدُّنْيَا ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا﴾ [المزمل: ١١] يَقُولُ: وَأَخِّرْهُمْ بِالْعَذَابِ الَّذِي بَسَطْتُهُ لَهُمْ قَلِيلًا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. وَذُكِرَ أَنَّ الَّذِيَ كَانَ بَيْنَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ بَدْرٍ يَسِيرٌ.
٢٣ / ٣٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النِّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] الْآيَةُ، قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ إِلَّا يَسِيرٌ حَتَّى كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ
٢٣ / ٣٨١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النِّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا﴾ [المزمل: ١١] يَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ فِيهِمْ طِلْبَةً وَحَاجَةً
٢٣ / ٣٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ عِنْدَنَا لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِنَا أَنْكَالًا، يَعْنِي قُيُودًا، وَاحِدُهَا: نِكْلٌ. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي قَالَ: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] إِنَّهَا قُيُودٌ
٢٣ / ٣٨٢
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢] قَالَ: قُيُودًا
٢٣ / ٣٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢] قَالَ: قُيُودًا
٢٣ / ٣٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢] قَالَ: قُيُودًا
٢٣ / ٣٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْأَنْكَالُ: الْقُيُودُ
٢٣ / ٣٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: الْأَنْكَالُ الْقُيُودُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٣٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادًا، يَقُولُ: الْأَنْكَالُ: الْقُيُودُ
٢٣ / ٣٨٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢] أَيْ قُيُودًا
٢٣ / ٣٨٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْقَاصِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢] قَالَ: قُيُودًا
٢٣ / ٣٨٣
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْوَصَّابِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ حِمْيَرٍ، قَالَ: ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] قَالَ: الْأَنْكَالُ: الْقُيُودُ
٢٣ / ٣٨٤
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ الرَّازِيُّ، قَالَ: مَرَرْتُ بِابْنِ السَّمَّاكِ، وَهُوَ يَقُصُّ وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادًا يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢] قَالَ: قُيُودًا سَوْدَاءَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ
٢٣ / ٣٨٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَحِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] يَقُولُ: وَنَارًا تُسَعَّرُ. ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾ [المزمل: ١٣] يَقُولُ: وَطَعَامًا يَغَصُّ بِهِ آكِلُهُ، فَلَا هُوَ نَازِلٌ عَنْ حَلْقِهِ، وَلَا هُوَ خَارِجٌ مِنْهُ.
٢٣ / ٣٨٤
كَمَا: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ وَابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾ [المزمل: ١٣] قَالَ: شَوْكٌ يَأْخُذُ بِالْحَلْقِ، فَلَا يَدْخُلُ وَلَا يَخْرُجُ
٢٣ / ٣٨٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾ [المزمل: ١٣] قَالَ: شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
٢٣ / ٣٨٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾ [المزمل: ١٣] يَقُولُ: وَعَذَابًا مُؤْلِمًا مُوجِعًا.
٢٣ / ٣٨٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَ: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾ [المزمل: ١٣] فَصُعِقَ ﷺ
٢٣ / ٣٨٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ لَدَيْنَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ يُؤْذُونَكَ يَا مُحَمَّدُ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي وَصَفَهَا فِي يَوْمٍ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ؛ وَرُجْفَانُ ذَلِكَ: اضْطِرَابُهُ بِمَنْ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
٢٣ / ٣٨٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل: ١٤] يَقُولُ: وَكَانَتِ الْجِبَالُ رَمَلًا سَائِلًا مُتَنَاثِرًا. وَالْمَهِيلُ: مَفْعُولٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: هِلْتُ الرَّمَلَ فَأَنَا أُهِيلُهُ، وَذَلِكَ إِذَا حَرَّكَ أَسْفَلَهُ، فَانْهَالَ عَلَيْهِ مِنْ أَعْلَاهُ؛ وَلِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ، تَقُولُ: مَهِيلٌ وَمَهْيُولٌ، وَمَكِيلٌ وَمَكْيُولٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل] قَدْ كَانَ قَوْمُكَ يَحْسَبُونَكَ سَيِّدًا … وَإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَغْيُونُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
[البحر الكامل] قَدْ كَانَ قَوْمُكَ يَحْسَبُونَكَ سَيِّدًا … وَإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَغْيُونُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل: ١٤] يَقُولُ: الرَّمْلُ السَّائِلُ
٢٣ / ٣٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل: ١٤] قَالَ: الْكَثِيبُ الْمَهِيلُ: اللِّينُ الَّذِي إِذَا مَسِسْتَهُ تَتَابَعَ
٢٣ / ٣٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل: ١٤] قَالَ: يَنْهَالُ
٢٣ / ٣٨٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ﴾ [المزمل: ١٥] أَيُّهَا النَّاسُ ﴿رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ﴾ [المزمل: ١٥] بِإِجَابَةِ مَنْ أَجَابَ مِنْكُمْ دَعْوَتِي، وَامْتِنَاعِ مَنِ امْتَنَعَ مِنْكُمْ مِنَ الْإِجَابَةِ، يَوْمَ تَلْقَوْنِي فِي الْقِيَامَةِ. ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ [المزمل: ١٥] يَقُولُ: مِثْلُ إِرْسَالِنَا مِنْ قَبْلَكُمْ إِلَى فِرْعَوْنَ مِصْرَ رَسُولًا بِدُعَائِهِ إِلَى الْحَقِّ، ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٦] الَّذِي أَرْسَلْنَاهُ إِلَيْهِ. ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] يَقُولُ: فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا شَدِيدًا، فَأَهْلَكْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا؛ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: كَلَأٌ مُسْتَوْبَلٌ، إِذَا كَانَ لَا يُسْتَمْرَأُ، وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ. ⦗٣٨٧⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] قَالَ: شَدِيدًا
٢٣ / ٣٨٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] قَالَ: شَدِيدًا
٢٣ / ٣٨٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] أَيْ شَدِيدًا
٢٣ / ٣٨٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] قَالَ: شَدِيدًا
٢٣ / ٣٨٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] قَالَ: الْوَبِيلُ: الشَّرُّ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ تَتَابَعَ عَلَيْهِ الشَّرُّ: لَقَدْ أُوبِلَ عَلَيْهِ، وَتَقُولُ: أَوْبَلْتَ عَلَى شَرِّكَ؛ قَالَ: وَلَمْ يَرْضَ اللَّهُ بِأَنْ غَرِقَ وَعُذِّبَ حَتَّى ⦗٣٨٨⦘ أَقَرَّ فِي عَذَابٍ مُسْتَقَرٍّ حَتَّى يُبْعَثُ إِلَى النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرِيدُ فِرْعَوْنَ
٢٣ / ٣٨٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا﴾ [المزمل: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ: فَكَيْفَ تَخَافُونَ أَيُّهَا النَّاسُ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا إِنْ كَفَرْتُمْ بِاللَّهِ، وَلَمْ تُصَدِّقُوا بِهِ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧] يَقُولُ: كَيْفَ تَتَّقُونَ يَوْمًا وَأَنْتُمْ قَدْ كَفَرْتُمْ بِهِ وَلَا تُصَدِّقُونَ بِهِ
٢٣ / ٣٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ﴾ [المزمل: ١٧] قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَتَّقِي مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ
٢٣ / ٣٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّمَا تَشِيبُ الْوِلْدَانُ مِنْ شِدَّةِ هَوْلِهِ وَكَرْبِهِ.
٢٣ / ٣٨٨
كَمَا: حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧] كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَعَا رَبُّنَا الْمَلِكُ آدَمَ، فَيَقُولُ: يَا آدَمُ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، فَيَقُولُ آدَمُ: أَيْ رَبِّ لَا عِلْمَ لِي إِلَّا مَا عَلَّمْتَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَيُسَاقُونَ إِلَى النَّارِ سُودًا مُقَرَّنِينَ، زُرْقًا كَالِحِينَ، فَيَشِيبُ هُنَالِكَ كُلُّ وَلِيدٍ
٢٣ / ٣٨٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧] قَالَ: تَشِيبُ الصِّغَارُ مِنْ كَرْبِ ذَلِكَ الْيَوْمِ
٢٣ / ٣٨٩
وَقَوْلُهُ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: السَّمَاءُ مُثَقَّلَةٌ بِذَلِكَ الْيَوْمِ مُتَصَدِّعَةٌ مُتَشَقِّقَةٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] يَعْنِي: تَشَقَّقُ السَّمَاءُ حِينَ يَنْزِلُ الرَّحْمَنُ جَلَّ وَعَزَّ
٢٣ / ٣٨٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي ⦗٣٩٠⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: مُثَقَّلَةٌ بِهِ
٢٣ / ٣٨٩
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْحِيرِيُّ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مَوْدُودٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: مُثَقَّلَةٌ مَحْزُونَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مَوْدُودٍ بَحْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَلِيٍّ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
٢٣ / ٣٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: مُثَقَّلَةٌ بِهِ
٢٣ / ٣٩٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: مُوَقَّرَةٌ مُثَقَّلَةٌ
٢٣ / ٣٩٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ ⦗٣٩١⦘ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] يَقُولُ: مُثَقَّلَةٌ بِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ
٢٣ / ٣٩٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ الْوِلْدَانَ شِيبًا، وَيَوْمَ تَنْفَطِرُ السَّمَاءُ، وَقَرَأَ: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾ [الانفطار: ١] وَقَالَ: هَذَا كُلُّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٣٩١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: مُمْتَلِئَةٌ بِهِ، بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ. حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قَالَ: مُمْتَلِئَةٌ بِهِ وَذُكِّرَتِ السَّمَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُذَكِّرُهَا وَتُؤَنِّثُهَا، فَمَنْ ذَكَّرَهَا وَجَّهَهَا إِلَى السَّقْفِ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا سَمَاءُ الْبَيْتِ: لِسَقْفِهِ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَذْكِيرُهُمْ إِيَّاهَا؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا فَصْلَ فِيهَا بَيْنَ مُؤَنَّثِهَا وَمُذَكَّرِهَا؛ وَمِنَ ⦗٣٩٢⦘ التَّذْكِيرِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر] فَلَوْ رَفَعَ السَّمَاءُ إِلَيْهِ قَوْمًا … لَحِقْنَا بِالسَّمَاءِ مَعَ السَّحَابِ
[البحر الوافر] فَلَوْ رَفَعَ السَّمَاءُ إِلَيْهِ قَوْمًا … لَحِقْنَا بِالسَّمَاءِ مَعَ السَّحَابِ
٢٣ / ٣٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا﴾ [المزمل: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَانَ مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنْ أَمْرٍ أَنْ يَفْعَلُهُ مَفْعُولًا، لِأَنَّهُ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ، وَمَا وَعَدَ أَنْ يَفْعَلَهُ تَكْوِينُهُ يَوْمَ تَكُونُ الْوِلْدَانُ شِيبًا يَقُولُ: فَاحْذَرُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ.
٢٣ / ٣٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالَهَا، وَمَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا بِأَهْلِ الْكُفْرِ ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ [طه: ٣] يَقُولُ: عِبْرَةٌ وَعِظَةٌ لِمَنِ اعْتَبَرَ بِهَا وَاتَّعَظَ. ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٩] يَقُولُ: فَمَنْ شَاءَ مِنَ الْخَلْقِ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ طَرِيقًا بِالْإِيمَانِ
٢٣ / ٣٩٢
بِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ﴾ [المزمل: ١٩] يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٩] بِطَاعَةِ اللَّهِ
٢٣ / ٣٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٢٠] يَقُولُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: إِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَقْرَبَ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا، وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ. اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةَ بِالْخَفْضِ (وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ) بِمَعْنَى: وَأَدْنَى مِنْ نِصْفِهِ وَثُلُثِهِ، إِنَّكُمْ لَمْ تُطِيقُوا الْعَمَلَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَقُومُوا أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَمِنْ نِصْفِهِ وَثُلُثِهِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ بِالنَّصْبِ، بِمَعْنَى: إِنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَتَقُومُ نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
٢٣ / ٣٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ [المزمل: ٢٠] يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِينَ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ حِينَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ قِيَامَ اللَّيْلِ.
٢٣ / ٣٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [المزمل: ٢٠] بِالسَّاعَاتِ وَالْأَوْقَاتِ.
٢٣ / ٣٩٤
وَقَوْلُهُ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] يَقُولُ: عَلِمَ رَبُّكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ الَّذِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ أَنْ لَنْ تُطِيقُوا قِيَامَهُ ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤] إِذْ عَجَزْتُمْ وَضَعُفْتُمْ عَنْهُ، وَرَجَعَ بِكُمْ إِلَى التَّخْفِيفِ عَنْكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلُهُ: ﴿أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٣ / ٣٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] أَنْ لَنْ تُطِيقُوهُ
٢٣ / ٣٩٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بِهِ عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] قَالَ: لَنْ تُطِيقُوهُ
٢٣ / ٣٩٤
حُدِّثْنَا عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] يَقُولُ: أَنْ لَنْ تُطِيقُوهُ
٢٣ / ٣٩٤
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] قَالَ: أَنْ لَنْ تُطِيقُوهُ
٢٣ / ٣٩٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ⦗٣٩٥⦘ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَلَّتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَتَاهُ الْجَنَّةَ، وَهُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلْ بِهِمَا قَلِيلٌ، يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا» . قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالَ: «فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ؛ وَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ سَبَّحَ وَحَمِدَ وَكَبَّرَ مِائَةً، قَالَ: فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ، فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَ مِائَةِ سَيِّئَةٍ؟» قَالُوا: فَكَيْفَ لَا نُحْصِيهُمَا؟ قَالَ: «وَيَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا حَتَّى يَنْفَتِلَ، وَلَعَلَّهُ لَا يَعْقِلُ، وَيَأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ فَلَا يَزَالُ يُنَوِّمُهُ حَتَّى يَنَامَ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ
٢٣ / ٣٩٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] قِيَامُ اللَّيْلِ كُتِبَ عَلَيْكُمْ ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾
٢٣ / ٣٩٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ يَقُولُ: فَاقْرَءُوا مِنَ اللَّيْلِ مَا تَيَسَّرَ لَكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ فِي صَلَاتِكُمْ؛ وَهَذَا تَخْفِيفٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل عَنْ عِبَادِهِ فَرْضَهُ الَّذِي كَانَ ⦗٣٩٦⦘ فَرَضَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٣] .
٢٣ / ٣٩٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَدِ اسْتَظْهَرَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَلَا يَقُومُ بِهِ، إِنَّمَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ، لَعَنَ اللَّهُ ذَاكَ؛ قَالَ اللَّهُ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ [يوسف: ٦٨] ﴿وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ﴾ [الأنعام: ٩١] . قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ اللَّهُ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْ خَمْسِينَ آيَةً
٢٣ / ٣٩٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عشمانِ الْهَمْدَانِيِ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ قَالَ: مِائَةَ آيَةٍ
٢٣ / ٣٩٦
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ رَبِيعٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ مِائَةَ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يُحَاجَّهُ الْقُرْآنُ
٢٣ / ٣٩٦
قَالَ ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْعَابِدِينَ
٢٣ / ٣٩٦
وَقَوْلُهُ: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: عَلِمَ رَبُّكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ أَهْلُ ⦗٣٩٧⦘ مَرَضٍ قَدْ أَضْعَفَهُ الْمَرَضُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المزمل: ٢٠] فِي سَفَرٍ ﴿يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠] فِي تِجَارَةٍ قَدْ سَافَرُوا لِطَلَبِ الْمَعَاشِ فَأَعْجَزَهُمْ، فَأَضْعَفَهُمْ أَيْضًا عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ. ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠] يَقُولُ: وَآخَرُونَ أَيْضًا مِنْكُمْ يُجَاهِدُونَ الْعَدُوَّ فَيُقَاتِلُونَهُمْ فِي نُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ، فَرَحِمَكُمُ اللَّهُ فَخَفَّفَ عَنْكُمْ، وَوَضَعَ عَنْكُمْ فَرْضَ قِيَامِ اللَّيْلِ. ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ يَقُولُ: فَاقْرَءُوا الْآنَ إِذْ خَفَّفَ ذَلِكَ عَنْكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فِي صَلَاتِكُمْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿مِنْهُ﴾ [البقرة: ٦٠] مِنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٩٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ثُمَّ أَنْبَأَ بِخِصَالِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ قَالَ: افْتَرَضَ اللَّهُ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ أَنْزَلَ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِهَا فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ
٢٣ / ٣٩٧
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] يَقُولُ: وَأَقِيمُوا الْمَفْرُوضَةَ وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلِ. ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] يَقُولُ: وَأَعْطُوا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي أَمْوَالِكُمْ أَهْلَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٣٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [المزمل: ٢٠] فَهُمَا فَرِيضَتَانِ وَاجِبَتَانِ، لَا رُخْصَةَ لِأَحَدٍ فِيهِمَا، فَأَدُّوهُمَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ
٢٣ / ٣٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [الحديد: ١٨] يَقُولُ: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ.
٢٣ / ٣٩٨
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [الحديد: ١٨] قَالَ: الْقَرْضُ: النَّوَافِلُ سِوَى الزَّكَاةِ
٢٣ / ٣٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ [المزمل: ٢٠] يَقُولُ: وَمَا تُقَدِّمُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لِأَنْفُسِكُمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ تُنْفِقُونَهَا فِي
٢٣ / ٣٩٨
سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَفَقَةٍ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ، أَوْ عَمَلٍ بِطَاعَةِ اللَّهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ حَجٍّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ فِي طَلَبِ مَا عِنْدَ اللَّهِ، تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَعَادِكُمْ، هُوَ خَيْرًا لَكُمْ مِمَّا قَدَّمْتُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَعْظَمُ مِنْهُ ثَوَابًا: أَيْ ثَوَابُهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي قَدَّمْتُمُوهُ لَوْ لَمْ تَكُونُوا قَدَّمْتُمُوهُ. ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٩٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَسَلُوا اللَّهَ غُفْرَانَ ذُنُوبِكُمْ يَصْفَحْ لَكُمْ عَنْهَا. ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو مَغْفِرَةٍ لِذُنُوبِ مَنْ تَابَ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَذُو رَحْمَةٍ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ بَعْدِ تَوْبَتِهِمْ مِنْهَا.
٢٣ / ٣٩٩