مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْسُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ / ٥٨٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالرِّيَاحُ الْمُرْسَلَاتُ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، قَالُوا: وَالْمُرْسَلَاتُ: هِيَ الرِّيَاحُ.
٢٣ / ٥٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٢٣ / ٥٨٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] يَعْنِي الرِّيحَ
٢٣ / ٥٨٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، صَاحِبِ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ
٢٣ / ٥٨١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨١
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ ﴿الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: الرِّيحُ
٢٣ / ٥٨١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: هِيَ الرِّيحُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْمَلَائِكَةِ الَّتِي تُرْسِلُ بِالْعُرْفِ
٢٣ / ٥٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ يَقُولُ فِي الْمُرْسَلَاتِ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ
٢٣ / ٥٨٢
حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ
٢٣ / ٥٨٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ وَوَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: هِيَ الرُّسُلُ تُرْسِلُ بِالْعُرْفِ
٢٣ / ٥٨٢
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ السُّكَّرِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: هِيَ الرُّسُلُ تُرْسِلُ بِالْمَعْرُوفِ قَالُوا: فتَأْوِيلُ الْكَلَامِ وَالْمَلَائِكَةِ الَّتِي أُرْسِلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْعُرْفُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] مُتَتَابِعًا كَعُرْفِ الْفَرَسِ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: النَّاسُ إِلَى فُلَانٍ عُرْفٌ وَاحِدٌ، إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ فَأَكْثَرُوا
٢٣ / ٥٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حُدِّثْتُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بُرَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١] قَالَ: يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا ⦗٥٨٣⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا، وَقَدْ تُرْسَلُ عُرْفًا الْمَلَائِكَةُ، وَتُرْسَلُ كَذَلِكَ الرِّيَاحُ، وَلَا دَلَالَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِذَلِكَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ؛ وَقَدْ عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِإِقْسَامِهِ بِكُلِّ مَا كَانَتْ صِفَتُهُ مَا وَصَفَ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ صِفَتُهُ كَذَلِكَ، فَدَاخِلٌ فِي قَسَمِهِ ذَلِكَ مَلَكًا أَوْ رِيحًا أَوْ رَسُولًا مِنْ بَنِي آدَمَ مُرْسَلًا
٢٣ / ٥٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] يَقُولُ جَلَّ ذَكَرَهُ: فَالرِّيَاحُ الْعَاصِفَاتُ عَصْفًا، يَعْنِي الشَّدِيدَاتِ الْهُبُوبُ السَّرِيعَاتِ الْمَمَرُّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَرْعَرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَامَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا الْعَاصِفَاتُ عَصْفًا؟ قَالَ: الرِّيحُ
٢٣ / ٥٨٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: مَا الْعَاصِفَاتُ عَصْفًا؟ قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، ⦗٥٨٤⦘ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ﴿فَالْعَاصِفَاتُ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، ﴿فَالْعَاصِفَاتُ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ
٢٣ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَالْعَاصِفَاتُ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ
٢٣ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ صَاحِبِ الْكَلْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ
٢٣ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَالْعَاصِفَاتِ ⦗٥٨٥⦘ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: هِيَ الرِّيحُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٤
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: الرِّيحُ
٢٣ / ٥٨٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] قَالَ: الرِّيَاحُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا: الرِّيحُ.
٢٣ / ٥٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنِ ﴿النَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، ⦗٥٨٦⦘ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٥
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، صَاحِبِ الْكَلْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ
٢٣ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ: الرِّيَاحُ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الْمَطَرُ
٢٣ / ٥٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ⦗٥٨٧⦘ سَأَلْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ الْمَطَرُ
٢٣ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ: هِيَ الْمَطَرُ. قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَنْشُرُ الْكُتُبَ
٢٣ / ٥٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ تَنْشُرُ الْكُتُبَ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا، وَلَمْ يُخَصِّصْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُونَ شَيْءٍ، فَالرِّيحُ تَنْشُرُ السَّحَابَ، وَالْمَطَرُ يَنْشُرُ الْأَرْضَ، وَالْمَلَائِكَةُ تَنْشُرُ الْكُتُبَ، وَلَا دَلَالَةَ مِنْ وَجْهٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ، فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ نَاشِرًا
٢٣ / ٥٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرَقًا﴾ [المرسلات: ٤] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ: الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
٢٣ / ٥٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرَقًا﴾ [المرسلات: ٤] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ
٢٣ / ٥٨٧
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرَقًا﴾ [المرسلات: ٤] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٨٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرَقًا﴾ [المرسلات: ٤] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ
٢٣ / ٥٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرَقًا﴾ [المرسلات: ٤] يَعْنِي الْقُرْآنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ فِيهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: أَقْسَمَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْفَارِقَاتِ، وَهِيَ الْفَاصِلَاتُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ بِذَلِكَ مِنْهُنَّ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، فَذَلِكَ قَسَمٌ بِكُلِّ فَارِقَةٍ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، مَلَكًا كَانَ أَوْ قُرْآنًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ
٢٣ / ٥٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] يَقُولُ: فَالْمُبَلِّغَاتِ وَحْيَ اللَّهِ رُسُلَهُ، وَهِيَ الْمَلَائِكَةُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ
٢٣ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ، تُلْقِي الذِّكْرَ عَلَى الرُّسُلِ وَتُبَلِّغُهُ
٢٣ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ تُلْقِي الْقُرْآنَ
٢٣ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ
٢٣ / ٥٨٩
وَقَوْلُهُ: ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا إِلَى الرُّسُلِ إِعْذَارًا مِنَ اللَّهِ إِلَى خَلْقِهِ، وَإِنْذَارًا مِنْهُ لَهُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] قَالَ: عُذْرًا مِنَ اللَّهِ، وَنُذْرًا مِنْهُ إِلَى خَلْقِهِ
٢٣ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] عُذْرًا لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَنُذْرًا لِلْمُؤْمِنِينَ يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَأْخُذُونَ بِهِ
٢٣ / ٥٩٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: ﴿عُذْرًا﴾ [الكهف: ٧٦] بِالتَّخْفِيفِ، ﴿أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] بِالتَّثْقِيلِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِتَخْفِيفِهِمَا، وَقَرَأَهُ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِتَثْقِيلِهِمَا وَالتَّخْفِيفُ فِيهِمَا أَعْجَبُ إِلَيَّ وَإِنْ لَمْ أَدْفَعْ صِحَّةَ التَّثْقِيلِ لِأَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنَى الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ
٢٣ / ٥٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١]، إِنَّ الَّذِي تُوعَدُونَ أَيُّهَا النَّاسُ مِنَ الْأُمُورِ لَوَاقِعٌ، وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، يَعْنِي بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ أَعَدَّ لِخَلْقِهِ يَوْمَئِذٍ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعَذَابِ.
٢٣ / ٥٩٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ [المرسلات: ٨] يَقُولُ: فَإِذَا النُّجُومُ ذَهَبَ ضِيَاؤُهَا، فَلَمْ يَكُنْ ⦗٥٩١⦘ لَهَا نُورٌ وَلَا ضَوْءٌ. ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات: ٩] يَقُولُ: وَإِذَا السَّمَاءُ شُقِقَتْ وَصُدِعَتْ. ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] يَقُولُ: وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ مِنْ أَصْلِهَا، فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا. ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا الرُّسُلُ أُجِّلَتْ لِلِاجْتِمَاعِ لِوَقْتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٩٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] يَقُولُ: جُمِعَتْ
٢٣ / ٥٩١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى،؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] قَالَ: أُجِّلَتْ
٢٣ / ٥٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] قَالَ: أُجِّلَتْ
٢٣ / ٥٩١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ،؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] قَالَ: أُوعِدَتْ
٢٣ / ٥٩١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا ⦗٥٩٢⦘ الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] قَالَ: أُقِّتَتْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَرَأَ: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾ [المائدة: ١٠٩] قَالَ: وَالْأَجَلُ: الْمِيقَاتُ، وَقَرَأَ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩] وَقَرَأَ: ﴿إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة: ٥٠] قَالَ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: لَهُمْ أَجَلٌ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى يَبْلُغُوهُ
٢٣ / ٥٩١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] قَالَ: وُعِدَتْ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] بِالْأَلِفِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ بِالْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ: (وُقِّتَتْ) وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: (وُقِتَتْ) بِالْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ قِرَاءَاتٌ مَعْرُوفَاتٌ وَلُغَاتٌ مَشْهُورَاتٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، فَبِأَيَّتِهَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فُعِّلَتْ مِنَ الْوَقْتِ، غَيْرَ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَسْتَثْقِلُ ضَمَّةَ الْوَاوِ، كَمَا يَسْتَثْقِلُ كَسْرَةَ الْيَاءِ فِي أَوَّلِ الْحَرْفِ فَيَهْمِزُهَا، فَيَقُولُ: هَذِهِ أُجُوهٌ حِسَانٌ، بِالْهَمْزَةِ، وَيُنْشِدُ بَعْضُهُمْ:
[البحر الوافر] يَحُلُّ أَحِيدَهُ وَيُقَالُ بَعْلٌ … وَمِثْلُ تَمَوُّلٍ مِنْهُ افْتِقَارُ
[البحر الوافر] يَحُلُّ أَحِيدَهُ وَيُقَالُ بَعْلٌ … وَمِثْلُ تَمَوُّلٍ مِنْهُ افْتِقَارُ
٢٣ / ٥٩٢
وَقَوْلُهُ: ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ [المرسلات: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُعَجِّبًا عِبَادَهُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَشِدَّتِهِ: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ الرُّسُلُ وَوُقِّتَتْ، مَا أَعْظَمَهُ وَأَهْوَلَهُ. ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ: وَأَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ فَقَالَ: أُجِّلَتْ ﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٣] يَقُولُ: لِيَوْمٍ يَفْصِلُ اللَّهُ فِيهِ بَيْنَ خَلْقِهِ الْقَضَاءَ، فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، وَيُجْزِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٣] يَوْمٌ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَإِلَى النَّارِ
٢٣ / ٥٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَدْرَاكَ يَا مُحَمَّدُ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ، مُعَظِّمًا بِذَلِكَ أَمْرَهُ، وَشِدَّةَ هَوْلِهِ.
٢٣ / ٥٩٣
كَمَا: حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٤] تَعْظِيمًا لِذَلِكَ الْيَوْمِ
٢٣ / ٥٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الْوَادِي الَّذِي يَسِيلُ فِي جَهَنَّمَ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِهَا لِلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الْفَصْلِ.
٢٣ / ٥٩٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ ⦗٥٩٤⦘ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] وَيْلٌ وَاللَّهِ طَوِيلٌ
٢٣ / ٥٩٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأُمَمَ الْمَاضِينَ الَّذِينَ كَذَبُوا رُسُلِي، وَجَحَدُوا آيَاتِي مِنْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ. ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾ [المرسلات: ١٧] بَعْدَهُمْ، مِمَّنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ فِي الْكُفْرِ بِي وَبِرَسُولِي، كَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِ لُوطٍ، وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ، فَنُهْلِكُهُمْ كَمَا أَهْلَكْنَا الْأَوَّلِينَ قَبْلَهُمْ. ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ [الصافات: ٣٤] يَقُولُ: كَمَا أَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ بِكُفْرِهِمْ بِي، وَتَكْذِيبِهِمْ بِرُسُلِي، كَذَلِكَ سُنَّتِي فِي أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ، فَنُهْلِكُ الْمُجْرِمِينَ بِإِجْرَامِهِمْ إِذَا طَغَوْا وَبَغَوْا. ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] بِأَخْبَارِ اللَّهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، الْجَاحِدِينَ قُدْرَتَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ.
٢٣ / ٥٩٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ﴾ [المرسلات: ٢٠] أَيُّهَا النَّاسُ ﴿مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ [السجدة: ٨] يَعْنِي مِنْ نُطْفَةٍ ضَعِيفَةٍ.
٢٣ / ٥٩٤
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ [المرسلات: ٢٠] يَعْنِي بِالْمَهِينِ: الضَّعِيفَ
٢٣ / ٥٩٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [المرسلات: ٢١] يَقُولُ: فَجَعَلْنَا الْمَاءَ الْمَهِينَ فِي رَحِمٍ اسْتَقَرَّ فِيهَا فَتَمَكَّنَ. ⦗٥٩٥⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى،؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٣] قَالَ: الرَّحِمُ
٢٣ / ٥٩٥
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [المرسلات: ٢٢] يَقُولُ: إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ لِخُرُوجِهِ مِنَ الرَّحِمِ عِنْدَ اللَّهِ. ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] . اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: ﴿فَقَدَّرْنَا﴾ [المرسلات: ٢٣] بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِالتَّخْفِيفِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَإِنْ كُنْتُ أُوثِرُ التَّخْفِيفَ لِقَوْلِهِ: ﴿فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] إِذْ كَانَتِ الْعَرَبُ قَدْ تَجْمَعُ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، كَمَا قَالَ: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ [الطارق: ١٧] فَجَمَعَ بَيْنَ التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر البسيط] وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ … مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِدًا. فَإِنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ الْعَرَبِ، قُدِرَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، وقُدِّرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ.
[البحر البسيط] وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ … مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِدًا. فَإِنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ الْعَرَبِ، قُدِرَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، وقُدِّرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ.
٢٣ / ٥٩٥
وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣]
٢٣ / ٥٩٦
مَا: حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] قَالَ: فَمَلَكْنَا فَنِعْمَ الْمَالِكُونَ
٢٣ / ٥٩٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ.
٢٣ / ٥٩٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُنَبِّهًا عِبَادَهُ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ﴾ [المرسلات: ٢٥] أَيُّهَا النَّاسُ ﴿الْأَرْضَ﴾ [البقرة: ١١] لَكُمْ ﴿كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] يَقُولُ: وِعَاءً؛ تَقُولُ: هَذَا كِفْتُ هَذَا وَكَفِيتُهُ، إِذَا كَانَ وِعَاءَهُ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتَ أَحْيَائِكُمْ وَأَمْوَاتِكُمْ، تَكْفِتُ أَحْيَاءَكُمْ فِي الْمَسَاكِنِ وَالْمَنَازِلِ، فَتَضُمُّهُمْ فِيهَا وَتَجْمَعُهُمْ، وَأَمْوَاتَكُمْ فِي بُطُونِهَا فِي الْقُبُورِ، فَيُدْفَنُونَ فِيهَا. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] تَكْفِتُ أَذَاهُمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ، وَجِيَفَهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٩٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] يَقُولُ: كِنًّا
٢٣ / ٥٩٦
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ وَجَدَ قَمْلَةً فِي ثَوْبِهِ، فَدَفَنَهَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ الْأَعْوَرُ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٩٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي الَّذِي يَرَى الْقَمْلَةَ فِي ثَوْبِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا أَدْرِي قَالَ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا، إِنْ شِئْتَ فَأَلْقِهَا، وَإِنْ شِئْتَ فَوَارِهَا ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦]
٢٣ / ٥٩٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] قَالَ: بَطْنُهَا لِأَمْوَاتِكُمْ، وَظَهْرُهَا لِأَحْيَائِكُمْ
٢٣ / ٥٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] قَالَ: تَكْفِتُ أَذَاهُمْ ﴿أَحْيَاءً﴾ [البقرة: ١٥٤] تُوَارِيهِ ﴿وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] يُدْفَنُونَ: تَكْفِتُهُمْ
٢٣ / ٥٩٧
وَقَدْ: حَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ مُرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] قَالَ: تَكْفِتُ أَذَاهُمْ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] قَالَ: تَكْفِتُهُمْ فِي الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ
٢٣ / ٥٩٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى،؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] قَالَ: أَحْيَاءً يَكُونُونَ فِيهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: يَغِيبُونَ فِيهَا مَا أَرَادُوا، وَقَالَ الْحَارِثُ: وَيَغِيبُونَ فِيهَا مَا أَرَادُوا
٢٣ / ٥٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] قَالَ: يُدْفَنُونَ فِيهَا.
٢٣ / ٥٩٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] يَسْكُنُ فِيهَا حَيُّهُمْ، وَيُدْفَنُ فِيهَا مَيِّتُهُمْ
٢٣ / ٥٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] قَالَ: أَحْيَاءً فَوْقَهَا عَلَى ظَهْرِهَا، وَأَمْوَاتًا يَقْبُرُونَ فِيهَا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الَّذِي نَصَبَ ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: بَلْ نُصِبَ ذَلِكَ بِوُقُوعِ الْكِفَاتِ عَلَيْهِ، كَأَنَّكَ قُلْتِ: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتَ أَحْيَاءٍ وَأَمْوَاتٍ، فَإِذَا نُوِّنَتْ نُصِبَتْ كَمَا يَقْرَأُ مَنْ يَقْرَأُ: ﴿أَوْ إِطْعَامٍ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغِبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٥] وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ عِنْدِي بِالصَّوَابِ
٢٣ / ٥٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ [المرسلات: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ جِبَالًا ثَابِتَاتٍ فِيهَا، بَاذِخَاتٍ شَاهِقَاتٍ.
٢٣ / ٥٩٨
كَمَا: حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ. ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ [المرسلات: ٢٧] يَعْنِي الْجِبَالَ
٢٣ / ٥٩٨
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ [المرسلات: ٢٧] يَقُولُ: جِبَالًا مُشْرِفَاتٍ
٢٣ / ٥٩٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] يَقُولُ: وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً عَذْبًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٩٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] يَقُولُ: عَذْبًا
٢٣ / ٥٩٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثني أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿مَاءً فُرَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] قَالَ: عَذْبًا
٢٣ / ٥٩٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] أَيْ مَاءً عَذْبًا
٢٣ / ٥٩٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] قَالَ: مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْهَارٍ: سَيْحَانُ، وَجَيْحَانُ، وَالنِّيلُ، وَالْفُرَاتُ، وَكُلُّ مَاءٍ يَشْرَبُهُ ابْنُ آدَمَ فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْأَنْهَارِ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ صَخْرَةٍ مِنْ عِنْدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَأَمَّا سَيْحَانُ فَهُوَ بَبَلْخَ، وَأَمَّا جَيْحَانُ ⦗٦٠٠⦘ فَدِجْلَةُ، وَأَمَّا الْفُرَاتُ فَفُرَاتُ الْكُوفَةِ، وَأَمَّا النِّيلُ فَهُوَ بِمِصْرَ
٢٣ / ٥٩٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذِهِ النَّعَمِ الَّتِي أَنْعَمْتُهَا عَلَيْكُمْ مِنْ خَلْقِي الْكَافِرِينَ بِهَا.
٢٣ / ٦٠٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٣٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِهَذِهِ النِّعَمِ وَالْحُجَجِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ﴾ [المرسلات: ٢٩] فِي الدُّنْيَا ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٥] مِنْ عَذَابِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ. ﴿انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣٠] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِلَى ظِلِّ دُخَانٍ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ﴿لَا ظَلِيلٍ﴾ [المرسلات: ٣١]، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ مِنْ وَقُودِهَا الدُّخَانُ فِيمَا ذُكِرَ، فَإِذَا تَصَاعَدَ تَفَرَّقَ شُعَبًا ثَلَاثًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣٠] .
٢٣ / ٦٠٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣٠] قَالَ: دُخَانُ جَهَنَّمَ
٢٣ / ٦٠٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣٠] قَالَ: هُوَ كَقَوْلُهُ: ﴿نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩]⦗٦٠١⦘ قَالَ: وَالسُّرَادِقُ: دُخَانُ النَّارِ، فَأَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا، ثُمَّ تَفَرَّقَ، فَكَانَ ثَلَاثَ شُعَبٍ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ: شُعْبَةٌ هَهُنَا، وَشُعْبَةٌ هَهُنَا، وَشُعْبَةٌ هَهُنَا ﴿لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ [المرسلات: ٣١]
٢٣ / ٦٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا ظَلِيلٍ﴾ [المرسلات: ٣١] يَقُولُ: لَا هُوَ يُظِلُّهُمْ مِنْ حَرِّهَا ﴿وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ [المرسلات: ٣١] وَلَا يُكِنُّهُمْ مِنْ لَهَبِهَا.
٢٣ / ٦٠١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ جَهَنَّمَ تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ: ﴿كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] بِجَزْمِ الصَّادِ. وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ وَاحِدُ الْقُصُورِ.
٢٣ / ٦٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] يَقُولُ: كَالْقَصْرِ الْعَظِيمِ
٢٣ / ٦٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: ذَكَرَ الْقَصْرَ
٢٣ / ٦٠١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: كَانَ الْقُرَظِيُّ يَقُولُ: إِنَّ ⦗٦٠٢⦘ عَلَى جَهَنَّمَ سُورًا فَمَا خَرَجَ مِنْ وَرَاءِ السُّوَرِ مِمَّا يَرْجِعُ فِيهَا فِي عِظَمِ الْقَصْرِ، وَلَوْنِ الْقَارِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْغَلِيظُ مِنَ الْخَشَبِ، كَأُصُولِ النَّخْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
٢٣ / ٦٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: الْقَصْرُ: خَشَبٌ كُنَّا نَدَّخِرُهُ لِلشِّتَاءِ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ، وَفَوْقَ ذَلِكَ، وَدُونَ ذَلِكَ كُنَّا نُسَمِّيهِ الْقَصْرَ
٢٣ / ٦٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: الْقَصْرُ: خَشَبٌ كَانَ يُقْطَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ذِرَاعًا وَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، يُعْمَدُ بِهِ
٢٣ / ٦٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَقْصُرُ ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ أَذْرُعٍ، وَفَوْقَ ذَلِكَ وَدُونَ ذَلِكَ نُسَمِّيهِ الْقَصْرَ
٢٣ / ٦٠٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] فَالْقَصْرُ: الشَّجَرُ الْمُقَطَّعُ، وَيُقَالُ: الْقَصْرُ: النَّخْلُ الْمَقْطُوعُ
٢٣ / ٦٠٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى: وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: حُزُمُ الشَّجَرِ، يَعْنِي الْحُزْمَةَ
٢٣ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بِشَاءٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: مِثْلُ قَصْرِ النَّخْلَةِ
٢٣ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] أُصُولُ الشَّجَرِ، وَأُصُولُ النَّخْلِ
٢٣ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] قَالَ: كَأَصْلِ الشَّجَرِ
٢٣ / ٦٠٣
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] الْقَصْرُ: أُصُولُ ⦗٦٠٤⦘ الشَّجَرِ الْعِظَامِ، كَأَنَّهَا أَجْوَازُ الْإِبِلِ الصُّفْرِ وَسَطَ كُلِّ شَيْءٍ جَوْزَةٌ، وَهِيَ الْأَجْوَازُ
٢٣ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: قَرَأَهَا الْحَسَنُ: ﴿كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] وَقَالَ: هُوَ الْجَزْلُ مِنَ الْخَشَبِ قَالَ: وَاحِدَتُهُ: قَصْرَةٌ وَقَصْرٌ، مِثْلُهُ: جَمْرَةٌ وَجَمْرٌ، وَتَمْرَةٌ وَتَمْرٌ وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ: «كَالْقَصَرِ» بِتَحْرِيكِ الصَّادِ
٢٣ / ٦٠٤
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا «كَالْقَصَرِ» بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ
٢٣ / ٦٠٤
قَالَ: وَقَالَ هَارُونُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَهَا: «كَالْقَصَرِ» وَقَالَ: قَصَرُ النَّخْلِ، يَعْنِي الْأَعْنَاقَ وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ سُكُونُ الصَّادِ، وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِهِ أَنَّهُ الْقَصْرُ مِنَ الْقُصُورِ، وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ عَلَى صِحَّتِهِ، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ الْإِبِلَ بِالْقُصُورِ الْمَبْنِيَّةِ، كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ فِي صِفَةِ نَاقَةٍ:
[البحر البسيط]
[البحر البسيط]
٢٣ / ٦٠٤
كَأَنَّهَا بُرْجُ رُومِيٍّ يُشَيِّدُهُ … لُزَّ بِجَصٍّ وآجُرٍّ وَأَحْجَارِ
وَقِيلَ: ﴿بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] وَلَمْ يَقُلْ كَالْقُصُورِ، وَالشَّرَرُ: جِمَاعٌ، كَمَا قِيلَ: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥] وَلَمْ يَقُلِ الْأَدْبَارَ، لِأَنَّ الدُّبُرَ بِمَعْنَى الْأَدْبَارِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْنَ رُءُوسِ الْآيَاتِ وَمَقَاطِعِ الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَبِلِسَانِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: كَالْقَصْرِ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: كَعِظَمِ الْقَصْرِ، كَمَا قِيلَ: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩] وَلَمْ يَقُلْ: كَعُيُونِ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي التَّشْبِيهِ الْفِعْلُ لَا الْعَيْنُ
وَقِيلَ: ﴿بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] وَلَمْ يَقُلْ كَالْقُصُورِ، وَالشَّرَرُ: جِمَاعٌ، كَمَا قِيلَ: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥] وَلَمْ يَقُلِ الْأَدْبَارَ، لِأَنَّ الدُّبُرَ بِمَعْنَى الْأَدْبَارِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْنَ رُءُوسِ الْآيَاتِ وَمَقَاطِعِ الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَبِلِسَانِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: كَالْقَصْرِ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: كَعِظَمِ الْقَصْرِ، كَمَا قِيلَ: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩] وَلَمْ يَقُلْ: كَعُيُونِ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي التَّشْبِيهِ الْفِعْلُ لَا الْعَيْنُ
٢٣ / ٦٠٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّهُ سَأَلَ الْأَسْوَدَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] فَقَالَ: مِثْلُ الْقَصْرِ
٢٣ / ٦٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: كَأَنَّ الشَّرَرَ الَّذِي تَرْمِي بِهِ جَهَنَّمُ كَالْقَصْرِ جِمَالَاتٌ سُودٌ: أَيْ أَيْنُقٌ سُودٌ؛ وَقَالُوا: الصُّفْرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، بِمَعْنَى السُّودِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صُفْرٌ وَهِيَ سُودٌ، لِأَنَّ أَلْوَانَ الْإِبِلِ سُودٌ تَضْرِبُ إِلَى الصُّفْرَةِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا صُفْرٌ، كَمَا سُمِّيَتِ الظِّبَاءُ أُدُمًا، لِمَا يَعْلُوهَا فِي بَيَاضِهَا مِنَ الظُّلْمَةِ.
٢٣ / ٦٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ ⦗٦٠٦⦘ رَاشِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿كَأَنَّهُ جَمَالَةٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: الْأَيْنُقُ السُّودُ
٢٣ / ٦٠٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ كَالنُّوقِ السُّودِ الَّذِي رَأَيْتُمْ
٢٣ / ٦٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: نُوقٌ سُودٌ
٢٣ / ٦٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ،؛ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: هِيَ الْإِبِلُ
٢٣ / ٦٠٦
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: كَالنُّوقِ السُّودِ الَّذِي رَأَيْتُمْ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: قُلُوسُ السُّفُنِ، شَبَّهَ بِهَا الشَّرَرَ
٢٣ / ٦٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗٦٠٧⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ فَالْجِمَالَاتُ الصُّفْرُ: قُلُوسُ السُّفُنِ الَّتِي تُجْمَعُ فَتُوثَقُ بِهَا السُّفُنُ
٢٣ / ٦٠٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: قُلُوسُ سُفُنِ الْبَحْرِ يُجْمَلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ
٢٣ / ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ ﴿جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ فَقَالَ: حِبَالُ السُّفُنِ يُجْمَعُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ
٢٣ / ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَابِسٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: قُلُوسُ الْجِسْرِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حُوَيْرَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِنْقَرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: الْحِبَالُ
٢٣ / ٦٠٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: قُلُوسُ سُفُنِ الْبَحْرِ
٢٣ / ٦٠٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى،؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ قَالَ: حِبَالُ الْجُسُورِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: كَأَنَّهُ قِطَعُ النُّحَاسِ
٢٣ / ٦٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ﴾ يَقُولُ: قِطَعُ النَّحَّاسِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِالْجِمَالَاتِ الصُّفْرِ: الْإِبِلُ السُّودُ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ الْجِمَالَاتِ جَمْعُ جِمَالٍ، نَظِيرُ رِجَالٍ وَرِجَالَاتٍ، وَبُيُوتٍ وَبُيُوتَاتٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: (جِمَالَاتٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالتَّاءِ عَلَى أَنَّهَا جَمْعُ جِمَالٍ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهَا جَمْعُ جِمَالَةٍ، وَالْجِمَالَةُ جَمْعُ جَمَلٍ كَمَا الْحِجَارَةُ جَمْعُ حَجَرٍ، ⦗٦٠٩⦘ وَالذِّكَارَةُ جَمْعُ ذَكَرٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: (كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى أَنَّهَا جَمْعُ جَمَلٍ جُمِعَ عَلَى جِمَالَةٍ، كَمَا ذَكَرْتُ مِنْ جَمْعِ حَجَرٍ حِجَارَةً
٢٣ / ٦٠٨
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «جُمَالَاتٌ» بِالتَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ كَأَنَّهُ جَمْعُ جِمَالَةٍ مِنَ الشَّيْءِ الْمُجْمَلِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، أَنَّ لِقَارِئِ ذَلِكَ اخْتِيَارَ أَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ شَاءَ مِنْ كَسْرِ الْجِيمِ وَقِرَاءَتِهَا بِالتَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، وَقِرَاءَتِهَا بِالْهَاءِ الَّتِي تَصِيرُ فِي الْوَصْلِ تَاءً لِأَنَّهُمَا الْقِرَاءَتَانِ الْمَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ؛ فَأَمَّا ضَمُّ الْجِيمِ فَلَا أَسْتَجِيزُهُ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى خِلَافِهِ
٢٣ / ٦٠٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيْلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا الْوَعِيدُ الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّهُ بِهِ الْمُكَذِّيِينَ مِنْ عِبَادِهِ.
٢٣ / ٦٠٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥] أَهْلُ التَّكْذِيبِ بِثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ. ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٦] مِمَّا اجْتَرَمُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الذُّنُوبِ ⦗٦١٠⦘ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥] وَقَدْ عَلِمْتَ بِخَبَرِ اللَّهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا﴾ [المؤمنون: ١٠٧] وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ [غافر: ١١] فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ؟ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ بَعْضٍ.
٢٣ / ٦٠٩
وَقَوْلُهُ: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥] يُخْبِرُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَا أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ. فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ مِنْ بُرْهَانٍ يُعْلَمُ بِهِ حَقِيقَةُ ذَلِكَ؟ قِيلَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ إِضَافَةُ يَوْمٍ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَا يَنْطِقُونَ﴾ [النمل: ٨٥] وَالْعَرَبُ لَا تُضِيفُ الْيَوْمَ إِلَى فَعَلَ وَيَفْعَلُ، إِلَّا إِذَا أَرَادَتِ السَّاعَةَ مِنَ الْيَوْمِ وَالْوَقْتِ مِنْهُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: آتِيكَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَأَتَيْتُكَ يَوْمَ زَارَكَ أَخُوكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَتَيْتُكَ سَاعَةَ زَارَكَ، أَوْ آتِيَكَ سَاعَةَ يَقْدَمُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِتْيَانُهُ إِيَّاهُ الْيَوْمَ كُلَّهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخَذَ الْيَوْمَ كُلَّهُ لَمْ يُضَفِ الْيَوْمُ إِلَى فَعَلَ وَيَفْعَلُ، وَلَكِنْ فِعْلُ ذَلِكَ إِذْ كَانَ الْيَوْمُ بِمَعْنَى إِذْ وَإِذًا اللَّتَيْنِ يَطْلُبَانِ الْأَفْعَالَ دُونَ الْأَسْمَاءِ.
٢٣ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٦] رَفْعًا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ﴾ [المرسلات: ٣٦] وَإِنَّمَا اخْتِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّصْبِ وَقَبْلَهُ جَحْدٌ، لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ قُرِنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ رُءُوسِ الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَوْ كَانَ جَاءَ نَصْبًا كَانَ جَائِزًا، كَمَا قَالَ: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا﴾ [فاطر: ٣٦] وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيهِ، أَعْنِي الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ، كَمَا قِيلَ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ [البقرة: ٢٤٥] رَفْعًا وَنَصْبًا.
٢٣ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِخَبَرِ اللَّهِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَمَا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
٢٣ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ يَوْمَ يُبْعَثُونَ: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي يَفْصِلُ اللَّهُ فِيهِ بِالْحَقِّ بَيْنَ عِبَادِهِ ﴿جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ٣٨] يَقُولُ: جَمَعْنَاكُمْ فِيهِ لِمَوْعِدِكُمُ الَّذِي كُنَّا نَعِدُكُمْ فِي الدُّنْيَا الْجَمْعَ فِيهِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْهَالِكَةِ، فَقَدْ وَفَيْنَا لَكُمْ بِذَلِكَ. ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾ [المرسلات: ٣٩] يَقُولُ: وَاللَّهُ مُنْجِزٌ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْعِقَابِ عَلَى تَكْذِيبِكُمْ إِيَّاهُ بِأَنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ لِهَذَا الْيَوْمِ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ حِيلَةٌ تَحْتَالُونَهَا فِي التَّخَلُّصِ مِنْ عِقَابِهِ الْيَوْمَ فَاحْتَالُوا.
٢٣ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذَا الْخَبَرِ.
٢٣ / ٦١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا عِقَابَ اللَّهِ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ فِي الدُّنْيَا، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ﴿فِي ظِلَالٍ﴾ [يس: ٥٦] ظَلِيلَةٍ، وَكُنٍّ كَنِينٍ، لَا يُصِيبُهُمْ أَذَى حَرٍّ وَلَا قُرٍّ، إِذْ كَانَ الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ فِي ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ﴿وَعُيُونٍ﴾ [الحجر: ٤٥] أَنْهَارٌ تَجْرِي خِلَالَ أَشْجَارِ جَنَّاتِهِمْ. ﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [المرسلات: ٤٢] يَأْكُلُونَ مِنْهَا كُلَّمَا اشْتَهَوْا لَا يَخَافُونَ ضُرِّهَا، وَلَا عَاقِبَةَ مَكْرُوهِهَا.
٢٣ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُقَالُ لَهُمْ: كُلُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ مِنْ هَذِهِ الْفَوَاكِهِ، وَاشْرَبُوا مِنْ هَذِهِ الْعُيُونِ كُلَّمَا اشْتَهَيْتُمْ. ﴿هَنِيئًا﴾ [النساء: ٤] يَقُولُ: لَا تَكْدَيرَ عَلَيْكُمْ، وَلَا تَنْغِيصَ فِيمَا تَأْكُلُونَهُ وَتَشْرَبُونَ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ لَكُمْ دَائِمٌ لَا يَزُولُ، وَمَرِيءٌ لَا يُورِثُكُمْ أَذًى فِي أَبْدَانِكُمْ.
٢٣ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ١٠٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَالُ لَهُمْ: هَذَا جَزَاءٌ بِمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَتَجْتَهِدُونَ فِيمَا يُقَرِّبُكُمْ مِنْهُ.
٢٣ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ٨٠] يَقُولُ: إِنَّا كَمَا جَزَيْنَا هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى طَاعَتِهِمْ إِيَّانَا فِي الدُّنْيَا، كَذَلِكَ نَجْزِي وَنُثِيبُ أَهْلَ الْإِحْسَانِ فِي طَاعَتِهِمْ إِيَّانَا وَعِبَادَتِهِمْ لَنَا فِي الدُّنْيَا عَلَى إِحْسَانِهِمْ لَا نُضِيعُ فِي الْآخِرَةِ أَجْرَهُمْ.
٢٣ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ: وَيْلٌ لِلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ خَبَرَ اللَّهِ عَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ مِنْ تَكْرِيمِهِ هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا أَكْرَمَهُمْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
٢٣ / ٦١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٤٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَهَدُّدًا وَوَعِيدًا مِنْهُ لِلْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ. كُلُوا فِي بَقِيَّةِ آجَالِكُمْ، وَتَمَتَّعُوا بِبَقِيَّةِ أَعْمَارِكُمْ ﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ [المرسلات: ٤٦] مَسْنُونٌ بِكُمْ سُنَّةَ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ مُجْرِمِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ الَّتِي مُتِّعَتْ بِأَعْمَارِهَا إِلَى بُلُوغِ كُتُبِهَا آجَالَهَا ثُمَّ انْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهَا بِكُفْرِهَا وَتَكْذِيِيِهَا رُسُلَهَا.
٢٣ / ٦١٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ [المرسلات: ٤٦] قَالَ: عُنِيَ بِهِ أَهْلُ الْكُفْرِ
٢٣ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّيِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا خَبَرَ اللَّهِ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ عَمَّا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
٢٣ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا قِيلَ ⦗٦١٣⦘ لِهَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِوَعِيدِ اللَّهِ أَهْلَ التَّكْذِيبِ بِهِ: ارْكَعُوا، لَا يَرْكَعُونَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْحِينِ الَّذِي يُقَالُ لَهُمْ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ حِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ.
٢٣ / ٦١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] يَقُولُ: يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ قِيلَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا
٢٣ / ٦١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الرُّكُوعِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ
٢٣ / ٦١٣
وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَلَا يَرْكَعُ، وَآخَرَ يَجُرُّ إِزَارَهُ، فَضَحِكَ، قَالُوا: مَا يُضْحِكُكَ؟ قَالَ: أَضْحَكَنِي رَجُلَانِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاتَهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَقِيلَ: عُنِيَ بِالرُّكُوعِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الصَّلَاةُ
٢٣ / ٦١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى،؛ وَحَدَّثَنِي ⦗٦١٤⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] قَالَ: صَلُّوا وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، لَا يَأْتَمِرُونَ بِأَمْرِهِ، وَلَا يَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ
٢٣ / ٦١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] يَقُولُ: وَيْلٌ لِلَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ، فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ مَا بَلَّغُوا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، وَنَهْيِهِ لَهُمْ.
٢٣ / ٦١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ هَذَا الْقُرْآنِ، أَيْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ كَذَّبْتُمْ بِهِ مَعَ وُضُوحِ بُرْهَانِهِ، وَصِحَّةِ دَلَائِلِهِ، أَنَّهُ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تُؤْمِنُونَ، يَقُولُ: تُصَدِّقُونَ. وَإِنَّمَا أَعْلَمَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي أَخْبَرَهُمْ بِهَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ مَعَ صِحَّةِ حُجَجِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يُمْكِنْهُمُ الْإِقْرَارُ بِحَقِيقَةِ شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَمْ يُشَاهِدُوا الْمُخْبَرَ عَنْهُ، وَلَمْ يُعَايِنُوهُ، وَأَنَّهُمْ إِنْ صَدَّقُوا بِشَيْءٍ مِمَّا غَابَ عَنْهُمْ لِدَلِيلٍ قَامَ عَلَيْهِ لَزِمَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِ هَذَا الْقُرْآنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.