سُورَةُ الْمَعَارِجِ

مَكِيَّةٌ وَآيَاتُهَا أَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ ‏/ ٢٤٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ [المعارج: ١] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةَ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ [المعارج: ١] بِهَمْزِ ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ [المعارج: ١] بِمَعْنَى سَأَلَ سَائِلٌ مِنَ الْكُفَّارِ عَنْ عَذَابِ اللَّهِ، بِمَنْ هُوَ وَاقِعٌ؛ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: «سَالَ سَائِلٌ» فَلَمْ يَهْمِزْ سَأَلَ، وَوَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ مِنَ السَّيْلِ. وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةٌ مَنْ قَرَأَهُ بِالْهَمْزِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ السَّلَفِ بِمَعْنَى الْهَمْزِ تَأَوَّلُوهُ.
٢٣ ‏/ ٢٤٨
ذِكْرُ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَقَالَ تَأْوِيلُهُ نَحْوَ قَوْلِنَا فِيهِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: ١] قَالَ: ذَاكَ سُؤَالُ الْكُفَّارِ عَنْ عَذَابِ اللَّهِ وَهُوَ وَاقِعٌ
٢٣ ‏/ ٢٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿إِنْ ⦗٢٤٩⦘ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ [الأنفال: ٣٢] الْآيَةُ، قَالَ ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: ١]
٢٣ ‏/ ٢٤٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ [المعارج: ١] قَالَ: دَعَا دَاعٍ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ قَالَ: يَقَعُ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُهُمْ: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدَكِ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الأنفال: ٣٢]
٢٣ ‏/ ٢٤٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: ١] قَالَ: سَأَلَ عَذَابَ اللَّهِ أَقْوَامٌ، فَبَيَّنَ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَقَعُ عَلَى الْكَافِرِينَ
٢٣ ‏/ ٢٤٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ [المعارج: ١] قَالَ: سَأَلَ عَنْ عَذَابٍ وَاقِعٍ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ [المعارج: ٢] وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: السَّائِلُ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ جَهَنَّمَ
٢٣ ‏/ ٢٤٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: ١] قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يُقَالَ لَهُ ⦗٢٥٠⦘ سَائِلٌ
٢٣ ‏/ ٢٤٩
وَقَوْلُهُ: ﴿بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرِينَ﴾ [المعارج: ٢] يَقُولُ: سَأَلَ بِعَذَابٍ لِلْكَافِرِينَ وَاجِبٍ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاقِعٍ بِهِمْ. وَمَعْنَى ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤] عَلَى الْكَافِرِينَ.
٢٣ ‏/ ٢٥٠
كَالَّذِي: حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرِينَ﴾ [المعارج: ٢] يَقُولُ: وَاقِعٍ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ [المعارج: ٢] مِنْ صِلَةِ الْوَاقِعِ
٢٣ ‏/ ٢٥٠
وَقَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَيْسَ لِلْعَذَابِ الْوَاقِعِ عَلَى الْكَافِرِينَ مِنَ اللَّهِ دَافِعٌ يَدْفَعُهُ عَنْهُمْ.
٢٣ ‏/ ٢٥٠
وَقَوْلُهُ: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] يَعْنِي: ذَا الْعُلُوِّ وَالدَّرَجَاتِ وَالْفَوَاضِلِ وَالنِّعَمِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٥٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] يَقُولُ: الْعُلُوِّ وَالْفَوَاضِلِ
٢٣ ‏/ ٢٥٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] ذِي الْفَوَاضِلِ وَالنِّعَمِ
٢٣ ‏/ ٢٥٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي ⦗٢٥١⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] قَالَ: مَعَارِجُ السَّمَاءِ
٢٣ ‏/ ٢٥٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] قَالَ: اللَّهُ ذُو الْمَعَارِجِ
٢٣ ‏/ ٢٥١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: ٣] قَالَ: ذِي الدَّرَجَاتِ
٢٣ ‏/ ٢٥١
وَقَوْلُهُ: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَصْعَدُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ، وَهُوَ جِبْرِيلُ عليه السلام إِلَيْهِ، يَعْنِي إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ؛ وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٨] عَائِدَةٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ. ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] يَقُولُ: كَانَ مِقْدَارُ صُعُودِهِمْ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْخَلْقِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَصْعَدُ مِنْ مُنْتَهَى أَمْرِهِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ إِلَى مُنْتَهَى أَمْرِهِ مِنْ فَوْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ لَيْثٍ، ⦗٢٥٢⦘ عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] قَالَ: مُنْتَهَى أَمْرِهِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَرَضِينَ إِلَى مُنْتَهَى أَمْرِهِ مِنْ فَوْقِ السَّمَوَاتِ مِقْدَارُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؛ وَيَوْمٌ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ، يَعْنِي بِذَلِكَ نَزَلَ الْأَمْرُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَمِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَذَلِكَ مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ، لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ﴾ [المعارج: ٤] يَفْرُغُ فِيهِ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ، كَانَ قَدْرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي فَرَغَ فِيهِ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ قَدْرَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
٢٣ ‏/ ٢٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] قَالَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَفْرُغُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْقَضَاءِ كَقَدْرِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
٢٣ ‏/ ٢٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] قَالَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] قَالَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٥٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ ⦗٢٥٣⦘ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] ذَاكُمْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي أَيْضًا، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] لَا يَدْرِي أَحَدٌ كَمْ مَضَى، وَلَا كَمْ بَقِيَ إِلَّا اللَّهُ
٢٣ ‏/ ٢٥٣
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] فَهَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَى الْكَافِرِينَ مِقْدَارَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
٢٣ ‏/ ٢٥٣
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٥٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٥٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ، دَرَّاجًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] مَا أَطْوَلَ هَذَا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ يُصَلِّيِهَا فِي ⦗٢٥٤⦘ الدُّنْيَا» وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ
٢٣ ‏/ ٢٥٣
وَذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ. فَقَالَ: مَا يَوْمٌ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؟ قَالَ: إِنَّمَا سَأَلْتُكَ لَتُخْبِرَنِي، قَالَ: هُمَا يَوْمَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمَا. فَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُ
٢٣ ‏/ ٢٥٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: فَاتَّهَمَهُ، فَقِيلَ لَهُ فِيهِ، فَقَالَ: مَا يَوْمٌ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا سَأَلْتُكَ لَتُخْبِرَنِي، فَقَالَ: هُمَا يَوْمَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِمَا لَا أَعْلَمُ وَقَرَأَتْ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ قَوْلَهُ: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ [المعارج: ٤] بِالتَّاءِ خَلَا الْكِسَائِيَّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ بِالْيَاءِ بِخَبَرٍ كَانَ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَالصَّوَابُ مِنْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ بِالتَّاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ
٢٣ ‏/ ٢٥٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا، يَعْنِي: صَبْرًا لَا جَزَعَ فِيهِ. يَقُولُ لَهُ: اصْبِرْ عَلَى أَذَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَكَ، وَلَا يُثْنِيكَ مَا تَلْقَى مِنْهُمْ مِنَ الْمَكْرُوهِ عَنْ تَبْلِيغِ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ أَنْ تُبَلِّغَهُمْ مِنَ الرِّسَالَةِ.
٢٣ ‏/ ٢٥٥
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٥] قَالَ: هَذَا حِينَ كَانَ يَأْمُرُهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ لَا يُكَافِئُهُمُ، فَلَمَّا أُمِرَ بِالْجِهَادِ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ أُمِرَ بِالشِّدَّةِ وَالْقَتْلِ حَتَّى يَتْرُكُوا، وَنُسِخَ هَذَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ أُمِرَ بِالْعَفْوِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ مِنْ بَعْضِ الْأَوْجُهِ الَّتِي تَصِحُّ مِنْهَا الدَّعَاوِي، وَلَيْسَ فِي أَمْرِ اللَّهِ نَبِيَّهُ ﷺ فِي الصَّبْرِ الْجَمِيلِ عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَمْرًا مِنْهُ لَهُ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا مِنَ اللَّهِ لَهُ بِهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ﷺ مِنْ لَدُنْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنِ اخْتَرَمَهُ فِي أَذًى مِنْهُمْ، وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ صَابِرٌ عَلَى مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مِنْ أَذًى قَبْلَ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ بِحَرْبِهِمْ، وَبَعْدَ إِذْنِهِ لَهُ بِذَلِكَ
٢٣ ‏/ ٢٥٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ الَّذِي سَأَلُوا عَنْهُ، الْوَاقِعَ ⦗٢٥٦⦘ عَلَيْهِمْ بَعِيدًا وُقُوعُهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ ذَلِكَ بَعِيدًا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُصَدِّقُونَ بِهِ، وَيُنْكِرُونَ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ غَيْرَ وَاقِعٍ، وَنَحْنُ نَرَاهُ قَرِيبًا، لِأَنَّهُ كَائِنٌ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ. وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُمْ﴾ [البقرة: ١٢] مِنْ ذِكْرِ الْكَافِرِينَ، وَالْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿يَرَوْنَهُ﴾ [المعارج: ٦] مِنْ ذِكْرِ الْعَذَابِ.
٢٣ ‏/ ٢٥٥
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾ [المعارج: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالشَّيْءِ الْمُذَابِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى الْمُهْلِ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ، وَاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَذَكَرْنَا مَا قَالَ فِيهِ السَّلَفُ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
٢٣ ‏/ ٢٥٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾ [المعارج: ٨] قَالَ: كَعَكَرِ الزَّيْتِ
٢٣ ‏/ ٢٥٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾ [المعارج: ٨] تَتَحَوَّلَ يَوْمَئِذٍ لَوْنًا آخَرَ إِلَى الْحُمْرَةِ
٢٣ ‏/ ٢٥٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ﴾ [المعارج: ٩] يَقُولُ: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالصُّوفِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي ⦗٢٥٧⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿كَالْعِهْنِ﴾ [المعارج: ٩] قَالَ: كَالصُّوفِ
٢٣ ‏/ ٢٥٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَالْعِهْنِ﴾ [المعارج: ٩] قَالَ: كَالصُّوفِ
٢٣ ‏/ ٢٥٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَسْأَلُ قَرِيبٌ قَرِيبَهُ عَنْ شَأْنِهِ لِشُغْلِهِ بِشَأْنِ نَفْسِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ؛ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠] يُشْغَلُ كُلُّ إِنْسَانٍ بِنَفْسِهِ عَنِ النَّاسِ
٢٣ ‏/ ٢٥٧
وَقَوْلُهُ: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِالْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ الْأَقْرِبَاءُ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَقْرِبَاءَهُمْ، وَيَعْرِفُ كُلُّ إِنْسَانٍ قَرِيبَهُ، فَذَلِكَ تَبْصِيرُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ.
٢٣ ‏/ ٢٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] قَالَ: يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ ⦗٢٥٨⦘ يَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، يَقُولُ: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧]
٢٣ ‏/ ٢٥٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] يُعَرَّفُونَهُمْ يَعْلَمُونَ، وَاللَّهِ لَيَعْرِفَنَّ قَوْمٌ قَوْمًا، وَأُنَاسٌ أُنَاسًا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ يُبَصِّرُونَ الْكُفَّارَ
٢٣ ‏/ ٢٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] الْمُؤْمِنُونَ يُبَصَّرُونَ الْكَافِرِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْكُفَّارُ الَّذِينَ كَانُوا أَتْبَاعًا لِآخَرِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْكُفْرِ، أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْمَتْبُوعِينَ فِي النَّارِ
٢٣ ‏/ ٢٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] قَالَ: يُبَصَّرُونَ الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ فِي الدُّنْيَا فِي النَّارِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠] عَنْ شَأْنِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُبَصَّرُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ، ثُمَّ يَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ
٢٣ ‏/ ٢٥٨
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٥] . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَشْبَهُهَا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] تَلَا قَوْلَهُ: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠] فَلَأَنْ تَكُونَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ مِنْ ذِكْرِهِمْ أَشْبَهَ مِنْهَا بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذِكْرِ غَيْرِهِمْ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَسْأَلُ﴾ [القصص: ٧٨] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ وَشَيْبَةَ بِفَتْحِ الْيَاءِ؛ وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ: (وَلَا يُسْأَلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ، يَعْنِي: لَا يُقَالُ لِحَمِيمٍ أَيْنَ حَمِيمُكَ؟ وَلَا يَطْلُبُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا فَتْحُ الْيَاءِ، بِمَعْنَى: لَا يَسْأَلُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ شَأْنِهِ، لِصِحَّةِ مَعْنَى ذَلِكَ، وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ
٢٣ ‏/ ٢٥٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمَئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾ [المعارج: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَوَدُّ الْكَافِرُ يَوْمَئِذٍ وَيَتَمَنَّى أَنَّهُ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِيَّاهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ، وَهُمْ عَشِيرَتُهُ الَّتِي تُؤْوِيهِ، يَعْنِي الَّتِي تَضُمُّهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَتَنْزِلُ فِيهِ امْرَأَتُهُ، لِقُرْبَةٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَبِمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنَ الْخَلْقِ، ثُمَّ يُنْجِيهِ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِيَّاهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَبَدَأَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذِكْرِ الْبَنِينَ، ثُمَّ الصَّاحِبَةِ، ثُمَّ الْأَخِ، إِعْلَامًا مِنْهُ عِبَادَهُ أَنَّ الْكَافِرَ مِنْ عَظِيمِ مَا يَنْزِلُ بِهِ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْبَلَاءِ يَفْتَدِي نَفْسَهُ، لَوْ وَجَدَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا بِأَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ،
٢٣ ‏/ ٢٥٩
كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَأَقْرَبِهِمْ إِلَيْهِ نَسَبًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمَئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ﴾ [المعارج: ١٢] الْأَحَبُّ فَالْأَحَبُّ، وَالْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ لِشَدَائِدِ ذَلِكَ الْيَوْمِ
٢٣ ‏/ ٢٦٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ﴾ [المعارج: ١٣] قَالَ: قَبِيلَتِهِ
٢٣ ‏/ ٢٦٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَصَاحِبَتِهِ﴾ [المعارج: ١٢] قَالَ: الصَّاحِبَةُ الزَّوْجَةُ ﴿وَفَصِيلَتُهُ الَّتِي تُؤْوِيهِ﴾ [المعارج: ١٣] قَالَ: فَصِيلَتُهُ: عَشِيرَتُهُ
٢٣ ‏/ ٢٦٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [المعارج: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَلَّا لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لَيْسَ يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْءٌ. ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ عَمَّا أَعَدَّهُ لَهُ هُنَالِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فَقَالَ: ﴿إِنَّهَا لَظَى﴾ [المعارج: ١٥] وَلَظَى: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُجَرَّ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَوْضِعَهَا، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَوْضِعُهَا
٢٣ ‏/ ٢٦٠
نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْهَاءِ، وَخَبَرُ إِنَّ: ﴿نَزَّاعَةٌ﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ ﴿لَظَى﴾ [المعارج: ١٥] رَفْعًا عَلَى خَبَرِ إِنَّ، وَرَفَعْتَ ﴿نَزَّاعَةً﴾ [المعارج: ١٦] عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ الظَّاهِرُ الْمُكَنَّى إِلَّا فِي الشُّذُوذِ؛ قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةٌ لِلشَّوَى لَظَى: الْخَبَرُ، وَنَزَّاعَةً: حَالٌ؛ قَالَ: وَمَنْ رَفَعَ اسْتأْنَفَ، لِأَنَّهُ مَدْحٌ أَوْ ذَمٌّ؛ قَالَ: وَلَا تَكُونُ ابْتِدَاءً إِلَّا كَذَلِكَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّ لَظَى الْخَبَرُ، وَنَزَّاعَةً ابْتِدَاءٌ، فَذَلِكَ رَفْعٌ، وَلَا يَجُوزُ النَّصْبُ فِي الْقِرَاءَةِ لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى رَفْعِهَا، وَلَا قَارِئَ قَرَأَ كَذَلِكَ بِالنَّصْبِ؛ وَإِنْ كَانَ لِلنَّصْبِ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا﴾ [البقرة: ٦٨] عِمَادًا، وَلَظَى مَرْفُوعَةٌ بِـ «نَزَّاعَةً»، وَنَزَّاعَةٌ بِلَظَى، كَمَا يُقَالُ: إِنَّهَا هِنْدٌ قَائِمَةٌ، وَإِنَّهُ هِنْدٌ قَائِمَةً، فَالْهَاءُ عِمَادٌ فِي الْوَجْهَيْنِ.
٢٣ ‏/ ٢٦١
وَقَوْلُهُ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ لَظَى إِنَّهَا تَنْزِعُ جِلْدَةَ الرَّأْسِ وَأَطْرَافَ الْبَدَنِ؛ وَالشَّوَى: جَمْعُ شَوَاةٍ، وَهِيَ مِنْ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْتَلًا، يُقَالُ: رَمَى فَأَشْوَى: إِذَا لَمْ يُصِبْ مَقْتَلًا، فَرُبَّمَا وَصَفَ الْوَاصِفُ بِذَلِكَ جِلْدَةَ الرَّأْسِ كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر الكامل] قَالَتْ قُتَيْلَةُ مَا لَهُ … قَدْ جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهْ
وَرُبَّمَا وُصِفَ بِذَلِكَ السَّاقُ كَقَوْلِهِمْ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ:
عَبْلُ الشَّوَى نَهْدُ الْجُزَارَهْ
يَعْنِي بِذَلِكَ: قَوَائِمَهُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا وَصَفْتُ. ⦗٢٦٢⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: تَنْزِعُ أُمَّ الرَّأْسِ
٢٣ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مُهَلَّبٍ أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: تَنْزِعُ الرَّأْسَ
٢٣ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] يَعْنِي الْجُلُودَ وَالْهَامَ
٢٣ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: لِجُلُودِ الرَّأْسِ
٢٣ ‏/ ٢٦٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] فَلَمْ يُخْبِرِ، فَسَأَلْتُ عَنْهَا مُجَاهِدًا، فَقُلْتُ: اللَّحْمُ دُونَ الْعَظْمِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ
٢٣ ‏/ ٢٦٢
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: لَحْمُ السَّاقِ
٢٣ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ السُّوائِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: نَزَّاعَةً لِلَّحْمِ السَّاقَيْنِ
٢٣ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: لِلْهَامِ تَحْرِقُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَيَبْقَى فُؤَادُهُ نَضِيجًا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
٢٣ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] أَيْ: نَزَّاعَةً لِهَامَتِهَ وَمَكَارِمِ خَلْقِهِ وَأَطْرَافِهِ
٢٣ ‏/ ٢٦٣
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] تَبْرِي اللَّحْمَ وَالْجِلْدَ عَنِ الْعَظْمِ حَتَّى لَا تَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا
٢٣ ‏/ ٢٦٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: الشَّوَى: الْآرَابُ الْعِظَامُ، ذَاكَ الشَّوَى
٢٣ ‏/ ٢٦٤
وَقَوْلُهُ: ﴿نَزَّاعَةً﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: تُقَطَّعُ عِظَامُهُمْ كَمَا تَرَى، ثُمَّ يُجَدَّدُ خَلْقُهُمْ، وَتُبَدَّلُ جُلُودُهُمْ.
٢٣ ‏/ ٢٦٤
وَقَوْلُهُ: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٧] يَقُولُ: تَدْعُو لَظَى إِلَى نَفْسِهَا مَنْ أَدْبَرَ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَتَوَلَّى عَنِ الْإِيمَانِ بِكِتَابِهِ وَرُسُلِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٧] قَالَ: عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ ﴿وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٧] قَالَ: عَنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَعَنْ حَقِّهِ
٢٣ ‏/ ٢٦٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٧] قَالَ: عَنِ الْحَقِّ
٢٣ ‏/ ٢٦٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٧] قَالَ: لَيْسَ لَهَا سُلْطَانٌ إِلَّا عَلَى هَوَانِ مَنْ كَفَرَ وَتَوَلَّى وَأَدْبَرَ عَنِ اللَّهِ، فَأَمَّا ⦗٢٦٥⦘ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ سُلْطَانٌ
٢٣ ‏/ ٢٦٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [المعارج: ١٨] يَقُولُ: وَجَمَعَ مَالًا فَجَعَلَهُ فِي وِعَاءٍ، وَمَنَعَ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ، فَلَمْ يُزَكِّ وَلَمْ يُنْفِقْ فِيمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْفَاقَهُ فِيهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [المعارج: ١٨] قَالَ: جَمَعَ الْمَالَ
٢٣ ‏/ ٢٦٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ، لَا يَرْبِطُ كِيسَهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ اللَّهَ، يَقُولُ: ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [المعارج: ١٨]
٢٣ ‏/ ٢٦٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [المعارج: ١٨] كَانَ جَمُوعًا قَمُومًا لِلْخَبِيثِ
٢٣ ‏/ ٢٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٠]⦗٢٦٦⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ خُلِقَ هَلُوعًا وَالْهَلَعُ: شِدَّةُ الْجَزَعِ مَعَ شِدَّةِ الْحِرْصِ وَالضَّجَرِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] قَالَ: هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [المعارج: ٢١] وَيُقَالُ: الْهَلُوعُ: هُوَ الْجَزُوعُ الْحَرِيصُ، وَهَذَا فِي أَهْلِ الشِّرْكِ
٢٣ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] قَالَ: شَحِيحًا جَزُوعًا
٢٣ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] قَالَ: ضَجُورًا
٢٣ ‏/ ٢٦٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ﴾ [إبراهيم: ٣٤] يَعْنِي الْكَافِرَ ﴿خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] يَقُولُ: هُوَ بَخِيلٌ مَنُوعٌ لِلْخَيْرِ، جَزُوعٌ إِذَا نَزَلَ بِهِ الْبَلَاءُ، فَهَذَا الْهَلُوعُ
٢٣ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ يَحْيَى، قَالَ خَالِدٌ: وَسَأَلْتُ شُعْبَةَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ ⦗٢٦٧⦘ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] فَحَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: الْهَلُوعُ: الْحَرِيصُ
٢٣ ‏/ ٢٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ حُصَيْنًا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] قَالَ: حَرِيصًا
٢٣ ‏/ ٢٦٧
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] قَالَ: الْهَلُوعُ: الْجَزُوعُ
٢٣ ‏/ ٢٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] قَالَ: جَزُوعًا
٢٣ ‏/ ٢٦٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُ جَزُوعًا﴾ [المعارج: ٢٠] يَقُولُ: إِذَا قَلَّ مَالُهُ وَنَالَهُ الْفَقْرُ وَالْعَدَمُ فَهُوَ جَزُوعٌ مِنْ ذَلِكَ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ. ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [المعارج: ٢١] يَقُولُ: وَإِذَا كَثُرَ مَالُهُ، وَنَالَ الْغِنَى فَهُوَ مَنُوعٌ لِمَا فِي يَدِهِ، بِخَيْلٌ بِهِ، لَا يُنْفِقُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَلَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ.
٢٣ ‏/ ٢٦٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] يَقُولُ: إِلَّا الَّذِينَ يُطِيعُونَ اللَّهَ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهُمْ عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ مُقِيمُونَ لَا يُضَيِّعُونَ مِنْهَا شَيْئًا، فَإِنَّ أُولَئِكَ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي عِدَادِ مَنْ خُلِقَ هَلُوعًا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بِرَبِّهِ كَافِرٌ لَا يُصَلِّي لِلَّهِ. وَقِيلَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾ [المعارج: ٢٢] الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ وَقِيلَ عُنِيَ بِهِ كُلُّ مَنْ صَلَّى الْخَمْسَ.
٢٣ ‏/ ٢٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُؤَمَّلٌ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] قَالَ: الْمَكْتُوبَةُ
٢٣ ‏/ ٢٦٨
حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ السَّخْتِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ
٢٣ ‏/ ٢٦٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ دَانْيَالَ نَعَتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ قَالَ: يُصَلُّونَ صَلَاةً لَوْ صَلَّاهَا قَوْمُ نُوحٍ مَا غَرِقُوا، أَوْ عَادٌ مَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ الْعَقِيمُ، أَوْ ثَمُودُ مَا أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا خُلُقٌ لِلْمُؤْمِنِينَ حَسَنٌ
٢٣ ‏/ ٢٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﴿عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] قَالَ: الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ
٢٣ ‏/ ٢٦٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ
٢٣ ‏/ ٢٦٨
قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ⦗٢٦٩⦘ أَبِي الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ عَنِ ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] قَالَ: هُمُ الَّذِينَ إِذَا صَلَّوْا لَمْ يَلْتَفِتُوا خَلْفَهُمْ، وَلَا عَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَلَا عَنْ شَمَائِلِهِمْ
٢٣ ‏/ ٢٦٨
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: ثني يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: ثني أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» . قَالَتْ: وَكَانَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ. قَالَ: يَقُولُ أَبُو سَلَمَةَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣]
٢٣ ‏/ ٢٦٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾ [المعارج: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِلَّا الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مُؤَقَّتٌ، وَهُوَ الزَّكَاةُ لِلسَّائِلِ الَّذِي يَسْأَلُهُ مِنْ مَالِهِ، وَالْمَحْرُومِ الَّذِي قَدْ حُرِمَ الْغِنَى، فَهُوَ فَقِيرٌ لَا يَسْأَلُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِالْحَقِّ الْمَعْلُومِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الزَّكَاةُ.
٢٣ ‏/ ٢٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿⦗٢٧٠⦘ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] قَالَ: الْحَقُّ الْمَعْلُومُ: الزَّكَاةُ
٢٣ ‏/ ٢٦٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾ [المعارج: ٢٤] قَالَ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ
٢٣ ‏/ ٢٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] يَقُولُ: هُوَ سِوَى الصَّدَقَةِ يَصِلُ بِهَا رَحِمَهُ، أَوْ يَقْرِي بِهَا ضَيْفًا، أَوْ يَحْمِلُ بِهَا كَلًّا، أَوْ يُعِينُ بِهَا مَحْرُومًا
٢٣ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ قَزَعَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] أَهِيَ الزَّكَاةُ؟ فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ حُقُوقًا سِوَى ذَلِكَ
٢٣ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا بَيَانٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إِنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ
٢٣ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ
٢٣ ‏/ ٢٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾ [المعارج: ٢٤] قَالَ: سِوَى الزَّكَاةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السَّائِلَ هُوَ الَّذِي وَصَفْتُ صِفَتَهُ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى الْمَحْرُومِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، نَحْوَ اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ فِي الذَّارِيَاتِ؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا قَالُوا فِيهِ هُنَالِكَ، وَدَلَّلْنَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ عِنْدَنَا، غَيْرَ أَنْ نَذْكُرَ بَعْضَ مَا لَمْ نَذْكُرْ مِنَ الْأَخْبَارِ هُنَالِكَ
٢٣ ‏/ ٢٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ: هُوَ الْمُحَارَفُ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْمَحْرُومُ: هُوَ الْمُحَارَفُ
٢٣ ‏/ ٢٧١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ
٢٣ ‏/ ٢٧١
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: السَّائِلُ وَالْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ
٢٣ ‏/ ٢٧١
قَالَ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ
٢٣ ‏/ ٢٧١
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي ⦗٢٧٢⦘ إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٩] قَالَ: السَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُ، وَالْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ
٢٣ ‏/ ٢٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٩] قَالَ: السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ، وَالْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ
٢٣ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ قَوْلِهِ: ﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٩] قَالَ: السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ، وَالْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ.
٢٣ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: ثنا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا قُرَيْشٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، مِثْلَهُ
٢٣ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْمَحْرُومِ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْئًا؛ قَالَ: وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ الْمَحْدُودُ الْمُحَارَفُ
٢٣ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ، وَالْمَحْرُومِ: الَّذِي لَا سَهْمَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُحَارَفٌ مِنَ النَّاسِ
٢٣ ‏/ ٢٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْمَحْرُومُ: الَّذِي لَا يُهْدَى لَهُ شَيْءٌ وَهُوَ مُحَارَفٌ
٢٣ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمَحْرُومُ: هُوَ الْمُحَارَفُ الَّذِي يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَتُدْبِرُ عَنْهُ، فَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ
٢٣ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فِي الْمَحْرُومِ: هُوَ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَحَدٌ يَعْطِفُ عَلَيْهِ، أَوْ يُعْطِيهِ شَيْئًا
٢٣ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: الْمَحْرُومُ: الَّذِي لَا فَيْءَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُحَارَفٌ فِي النَّاسِ
٢٣ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ: الْمَحْرُومُ: هُوَ الْمُحَارَفُ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الَّذِي لَا سَهْمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ
٢٣ ‏/ ٢٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ نَاسًا قَدِمُوا عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه الْكُوفَةَ بَعْدَ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، فَقَالَ: اقْسِمُوا لَهُمْ، وَقَالَ: هَذَا الْمَحْرُومُ
٢٣ ‏/ ٢٧٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ. ⦗٢٧٤⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
٢٣ ‏/ ٢٧٣
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً، فَغَنِمُوا، وَفَتَحَ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] يَعْنِي هَؤُلَاءِ
٢٣ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً، فَغَنِمُوا، فَجَاءَ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا الْغَنَائِمَ، فَنَزَلَتْ: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥]
٢٣ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: بُعِثَتْ سَرِيَّةٌ فَغَنِمُوا، ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِهِمْ، قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٩]
٢٣ ‏/ ٢٧٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ أَنَّ قَوْمًا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ أَصَابُوا غَنِيمَةً، فَجَاءَ قَوْمٌ بَعْدُ، فَنَزَلَتْ: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الَّذِي لَا يَنْمِي لَهُ مَالٌ
٢٣ ‏/ ٢٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنِ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، قَالَ: السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُكَ، وَالْمَحْرُومُ: الَّذِي لَا يَنْمِي لَهُ ⦗٢٧٥⦘ مَالٌ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الَّذِي قَدِ اجْتِيحَ مَالُهُ
٢٣ ‏/ ٢٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: جَاءَ سَيْلٌ بِالْيَمَامَةِ، فَذَهَبَ بِمَالِ رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: هَذَا الْمَحْرُومُ
٢٣ ‏/ ٢٧٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] قَالَ: الْمَحْرُومُ: الْمُصَابُ ثَمَرُهُ وَزَرْعُهُ، وَقَرَأَ: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ﴾ [الواقعة: ٦٤] حَتَّى بَلَغَ ﴿مَحْرُومُونَ﴾ [الواقعة: ٦٧] وَقَالَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ: ﴿إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ [القلم: ٢٦]
٢٣ ‏/ ٢٧٥
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَعْيَانِي أَنْ أَعْلَمَ مَا الْمَحْرُومُ
٢٣ ‏/ ٢٧٥
وَقَالَ قَتَادَةُ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٩] قَالَ: السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ بِكَفِّهِ، وَالْمَحْرُومُ: الْمُتَعَفِّفُ، وَلِكِلَيْهِمَا عَلَيْكَ حَقٌّ يَا ابْنَ آدَمَ
٢٣ ‏/ ٢٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿لِلسَّائِلِ ⦗٢٧٦⦘ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٩] وَهُوَ سَائِلٌ يَسْأَلُكَ فِي كَفِّهِ، وَفَقِيرٌ مُتَعَفِّفٌ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ، وَلِكِلَيْهِمَا عَلَيْكَ حَقٌّ
٢٣ ‏/ ٢٧٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المعارج: ٢٦] يَقُولُ: وَإِلَّا الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ يَوْمَ الْبَعْثِ وَالْمُجَازَاةِ.
٢٣ ‏/ ٢٧٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ [المعارج: ٢٧] يَقُولُ: وَالَّذِينَ هُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ وَجِلُونَ أَنْ يُعَذِّبَهُمُ فِي الْآخِرَةِ، فَهُمْ مِنْ خَشْيَةِ ذَلِكَ لَا يُضَيِّعُونَ لَهُ فَرْضًا، وَلَا يَتَعَدُّونَ لَهُ حَدًّا.
٢٣ ‏/ ٢٧٦
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾ [المعارج: ٢٨] أَنْ يَنَالَ مَنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ.
٢٣ ‏/ ٢٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: ٥] يَعْنِي أَقْبَالَهُمْ حَافِظُونَ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَضْعَهَا فِيهِ. إِلَّا أَنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فِي تَرْكِ حِفْظِهَا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ مِنْ إِمَائِهِمْ. وَقِيلَ: ﴿لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾ [المؤمنون: ٥] وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ جَحْدٌ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: ﴿فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: ٦] عَلَى أَنَّ فِيَ الْكَلَامِ مَعْنَى جَحْدٍ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: اعْمَلْ مَا بَدَا لَكَ إِلَّا عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ، فَإِنَّكَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ: اعْمَلْ مَا بَدَا لَكَ إِلَّا أَنَّكَ مُعَاقَبٌ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ.
٢٣ ‏/ ٢٧٦
قَوْلُهُ: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: ٧] فَمَنِ الْتَمَسَ لِفَرْجِهِ مَنْكَحًا سِوَى زَوْجَتِهِ، أَوْ مِلْكِ يَمِينِهِ، فَفَاعِلُو ذَلِكَ هُمُ الْعَادُونَ، الَّذِي عَدَوْا مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ فَهُمُ الْمَلُومُونَ.
٢٣ ‏/ ٢٧٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِلَّا الَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِ اللَّهِ الَّتِي ائْتَمَنَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ فَرَائِضِهِ وَأَمَانَاتِ عِبَادِهِ الَّتِي ائْتُمِنُوا عَلَيْهَا، وَعُهُودِهِ الَّتِي أَخَذَهَا عَلَيْهِمْ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ وَعُهُودِ عِبَادِهِ الَّتِي أَعْطَاهُمْ عَلَى مَا عَقَدَهُ لَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ ﴿رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: ٨] يَرْقُبُونَ ذَلِكَ، وَيَحْفَظُونَهُ فَلَا يُضِيعُونَهُ، وَلَكِنَّهُمْ يُؤَدُّونَهَا وَيَتَعَاهَدُونَهَا عَلَى مَا أَلْزَمَهُمُ اللَّهُ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ حَفْظَهَا.
٢٣ ‏/ ٢٧٧
﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٣٣] يَقُولُ: وَالَّذِينَ لَا يَكْتُمُونَ مَا اسْتُشْهِدُوا عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُومُونَ بِأَدَائِهَا، حَيْثُ يَلْزَمُهُمْ أَدَاؤُهَا غَيْرَ مُغَيَّرَةٍ وَلَا مُبَدَّلَةٍ. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [المعارج: ٣٤] يَقُولُ: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى مَوَاقِيتِ صَلَاتِهِمُ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَحُدُودِهَا الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَيْهِمْ يُحَافِظُونَ، وَلَا يُضَيِّعُونَ لَهَا مِيقَاتًا وَلَا حَدًّا.
٢٣ ‏/ ٢٧٧
وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٥] يَقُولُ عز وجل: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ فِي بَسَاتِينَ مُكْرَمُونَ يُكْرِمُهُمُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ.
٢٣ ‏/ ٢٧٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنَ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَا شَأْنُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ قِبَلَكَ يَا مُحَمَّدُ مُهْطِعِينَ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْإِهْطَاعِ، وَمَا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، غَيْرَ أَنَّا نَذْكُرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَعْضَ مَا لَمْ نَذْكُرْهُ هُنَالِكَ.
٢٣ ‏/ ٢٧٧
فَقَالَ قَتَادَةُ فِيهِ مَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ [المعارج: ٣٦] يَقُولُ: عَامِدِينَ
٢٣ ‏/ ٢٧٨
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِيهِ مَا: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ [المعارج: ٣٦] قَالَ: الْمُهْطِعُ: الَّذِي لَا يَطْرِفُ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: مَعْنَاهُ: مُسْرِعَيْنِ
٢٣ ‏/ ٢٧٨
وَرُوِيَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ مَا: حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ [المعارج: ٣٦] قَالَ: مُنْطَلِقِينَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
٢٣ ‏/ ٢٧٨
وَقَوْلُهُ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] يَقُولُ: عَنْ يَمِينِكَ يَا مُحَمَّدُ، وَعَنْ شِمَالِكَ مُتَفَرِّقِينَ حِلَقًا وَمَجَالِسَ، جَمَاعَةً جَمَاعَةً، مُعْرِضِينَ عَنْكَ وَعَنْ كِتَابِ اللَّهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ [المعارج: ٣٦] قَالَ: قِبَلَكَ يَنْظُرُونَ ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قَالَ: الْعِزِينَ: الْعَصَبُ مِنَ النَّاسِ عَنْ يَمِينٍ ⦗٢٧٩⦘ وَشِمَالٍ، مُعْرِضِينَ عَنْهُ، يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ
٢٣ ‏/ ٢٧٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قَالَ: مَجَالِسَ مُجَنِّبِينَ
٢٣ ‏/ ٢٧٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ [المعارج: ٣٦] يَقُولُ: عَامِدِينَ ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] أَيْ فِرَقًا حَوْلَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ لَا يَرْغَبُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا فِي نَبِيِّهِ
٢٣ ‏/ ٢٧٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قَالَ: الْعِزِينَ: الْحِلَقُ الْمَجَالِسُ
٢٣ ‏/ ٢٧٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قَالَ: حِلَقًا وَرُفَقَاءَ
٢٣ ‏/ ٢٧٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قَالَ: الْعِزِينَ: الْمَجْلِسُ الَّذِي فِيهِ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَالْمَجَالِسُ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ أُولَئِكَ الْعُزُونَ
٢٣ ‏/ ٢٧٩
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ قَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ» . وَالْعِزِينَ: ⦗٢٨٠⦘ الْحِلَقُ الْمُتَفَرِّقَةُ
٢٣ ‏/ ٢٧٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا شَقِيقٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ حِلَقٌ حِلَقٌ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ»
٢٣ ‏/ ٢٨٠
حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ، قَالَ: ثنا عَبْثَرٌ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطَّائِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ مُتَفَرِّقُونَ، فَقَالَ: «مَا لَكُمْ عِزِينَ»
٢٣ ‏/ ٢٨٠
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ حِلَقًا»
٢٣ ‏/ ٢٨٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ حِلَقًا»
٢٣ ‏/ ٢٨٠
حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيِّبِ ⦗٢٨١⦘ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطَّائِيِّ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ حِلَقٌ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ» . يَقُولُ: حِلَقًا، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧]
٢٣ ‏/ ٢٨٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قَالَ: عِزِينَ: مُتَفَرِّقِينَ، يَأْخُذُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، يَقُولُونَ: مَا قَالَ هَذَا الرَّجُلُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ وَوَاحِدُ الْعِزِينَ: عِزْوَةٌ، كَمَا وَاحِدُ الثِّبِينَ ثُبَةٌ، وَوَاحِدُ الْكُرِينَ كُرَةٌ. وَمِنَ الْعِزِينَ قَوْلُ رَاعِي الْإِبِلِ:
[البحر الكامل] أَخَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إِنَّ عَشِيرَتِي … أَمْسَى سَوَامُهُمُ عِزِينَ فُلُولَا
٢٣ ‏/ ٢٨١
وَقَوْلُهُ: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخُلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ [المعارج: ٣٨] يَقُولُ: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ جَنَّةَ نَعِيمٍ: أَيْ بَسَاتِينَ نَعِيمٍ يَنْعَمُ فِيهَا. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿أَنْ يُدْخُلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ [المعارج: ٣٨] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: يُدْخُلَ بِضَمِّ الْيَاءِ عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، غَيْرَ الْحَسَنِ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِهِ بِفَتْحِ الْيَاءِ، بِمَعْنَى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ جَنَّةَ نَعِيمٍ. ⦗٢٨٢⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، وَهِيَ ضَمُّ الْيَاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ.
٢٣ ‏/ ٢٨١
وَقَوْلُهُ: ﴿كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٩] يَقُولُ عز وجل: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَطْمَعُ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ جَنَّةَ نَعِيمٍ.
٢٣ ‏/ ٢٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٩] يَقُولُ جَلَّ وَعَزَّ: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ مَنِيٍّ قَذِرٍ، وَإِنَّمَا يَسْتَوْجِبُ دُخُولَ الْجَنَّةِ مَنْ يَسْتَوْجِبُهُ مِنْهُمْ بِالطَّاعَةِ، لَا بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، فَكَيْفَ يَطْمَعُونَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ وَهُمْ عُصَاةٌ كَفَرَةٌ.
٢٣ ‏/ ٢٨٢
وَقَدْ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٩] إِنَّمَا خُلِقْتَ مِنْ قَذَرٍ يَا ابْنَ آدَمَ، فَاتَّقِ اللَّهَ
٢٣ ‏/ ٢٨٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: ٤١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا. ﴿إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ [المعارج: ٤٠] يَقُولُ: إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُهْلِكَهُمْ، وَنَأْتِي بِخَيْرٍ مِنْهُمْ مِنَ الْخَلْقِ يُطِيعُونَنِي وَلَا يَعْصُونَنِي ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ [الواقعة: ٦٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا يَفُوتُنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ بِأَمْرٍ نُرِيدُهُ مِنْهُ، فَيُعْجِزَنَا هَرَبًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٣ ‏/ ٢٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ كُلَّ سَنَةٍ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ كُوَّةٍ، تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ فِي كُوَّةٍ، لَا تَرْجِعُ إِلَى تِلْكَ الْكُوَّةِ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَلَا تَطْلُعُ إِلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ، تَقُولُ: رَبِّ لَا تُطْلِعُنِي عَلَى عِبَادِكَ، فَإِنِّي أَرَاهُمْ يَعْصُونَكَ، يَعْمَلُونَ بِمَعَاصِيكَ أَرَاهُمْ، قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
[البحر الكامل]

حَتَّى تَجُرَّ وَتُجْلَدَ
قُلْتُ: يَا مَوْلَاهُ وَتُجْلَدُ الشَّمْسُ؟ فَقَالَ: عَضَضْتَ بِهَنِ أَبِيكَ، إِنَّمَا اضَّطَرَّهُ الرَّوِيُّ إِلَى الْجَلْدِ

٢٣ ‏/ ٢٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني ابْنُ عُمَارَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَطْلَعًا، تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَطْلَعٍ لَا تَعُودُ فِيهِ إِلَى قَابِلٍ، وَلَا تَطْلُعُ إِلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ. قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل] حَتَّى تُجَرَّ وَتُجْلَدَ
قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَضَضْتَ بِهَنِ أَبِيكَ، إِنَّمَا اضَّطَرَّهُ الرَّوِيُّ
٢٣ ‏/ ٢٨٣
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ كُوَّةً، ⦗٢٨٤⦘ فَإِذَا طَلَعَتْ فِي كُوَّةٍ لَمْ تَطْلُعْ مِنْهَا حَتَّى الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَلَا تَطْلُعُ إِلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ
٢٣ ‏/ ٢٨٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] قَالَ: هُوَ مَطْلَعُ الشَّمْسِ وَمَغْرِبِهَا، وَمَطْلَعُ الْقَمَرِ وَمَغْرِبُهُ
٢٣ ‏/ ٢٨٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا﴾ [الزخرف: ٨٣] يَقُولُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: فَذَرْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ، يَخُوضُوا فِي بَاطِلِهِمْ، وَيَلْعَبُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا. ﴿حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ [الزخرف: ٨٣] يَقُولُ: حَتَّى يُلَاقُوا عَذَابَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّذِي يُوعَدُونَهُ.
٢٣ ‏/ ٢٨٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: ٤٤] وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] بَيَانٌ وَتَوْجِيهٌ عَنِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ [الزخرف: ٨٣] وتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَهُ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ وَهِيَ الْقُبُورُ: وَاحِدُهَا جَدَثٌ ﴿سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] .
٢٣ ‏/ ٢٨٤
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا﴾ [المعارج: ٤٣] أَيْ مِنَ الْقُبُورِ سِرَاعًا. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا الْجَدَثَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِشَوَاهِدِهِ، وَمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ
٢٣ ‏/ ٢٨٤
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] يَقُولُ: كَأَنَّهُمْ إِلَى عَلَمٍ قَدْ نُصِبَ لَهُمْ يَسْتَبِقُونَ. وَأَجْمَعَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى فَتْحِ النُّونِ مِنْ قَوْلِهِ: (نَصْبٍ) غَيْرَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَإِنَّهُ ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَضُمُّهَا مَعَ الصَّادِ؛ وَكَأَنَّ مَنْ فَتَحَهَا يُوَجِّهُ النَّصْبَ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: نَصَبْتُ الشَّيْءَ أَنْصُبُهُ نَصْبًا. وَكَأْنَ تَأْوِيلُهُ عِنْدَهُمْ: كَأَنَّهُمْ إِلَى صَنَمٍ مَنْصُوبٍ يُسْرِعُونَ سَعْيًا. وَأَمَّا مَنْ ضَمَّهَا مَعَ الصَّادِ فَإِنَّهُ يُوَجِّهُهُ إِلَى أَنَّهُ وَاحِدُ الْأَنْصَابِ، وَهِيَ آلِهَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا.
٢٣ ‏/ ٢٨٥
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] فَإِنَّ الْإِيفَاضَ: هُوَ الْإِسْرَاعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الرجز] لَأَنْعَتَنْ نَعَامَةً مِيفَاضَا … خَرْجَاءَ تَغْدُو تَطْلُبُ الْإِضَاضَا
يَقُولُ: تَطْلُبُ مَلْجَأً تَلْجَأُ إِلَيْهِ؛ وَالْإِيفَاضُ: السُّرْعَةُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
تَمْشِي بِنَا الْجِدَّ عَلَى أَوْفَاضِ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: إِلَى عَلَامَاتٍ يَسْتَبِقُونَ
٢٣ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: إِلَى ⦗٢٨٦⦘ عَلَمٍ يَسْعَوْنَ
٢٣ ‏/ ٢٨٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: يَسْتَبِقُونَ
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ إِلَى عَلَمٍ يَسْعَوْنَ
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: إِلَى عَلَمٍ يُوفِضُونَ، قَالَ: يَسْعَوْنَ
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، يَقُولُ: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: إِلَى غَايَةٍ يَسْتَبِقُونَ
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] إِلَى عَلَمٍ يَنْطَلِقُونَ
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: إِلَى عَلَمٍ يَسْتَبِقُونَ
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّهُمْ ⦗٢٨٧⦘ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: النُّصُبُ: حِجَارَةٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا، حِجَارَةٌ طُوَالٌ يُقَالَ لَهَا نُصُبٌ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: يُسْرِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يُسْرِعُونَ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ؛ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَالْأَنْصَابُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَهَا وَيَأْتُونَهَا وَيُعَظِّمُونَهَا، كَانَ أَحَدُهُمْ يَحْمِلُهُ مَعَهُ، فَإِذَا رَأَى أَحْسَنَ مِنْهُ أَخَذَهُ، وَأَلْقَى هَذَا، فَقَالَ لَهُ: ﴿كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: ٧٦]
٢٣ ‏/ ٢٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: ٤٣] قَالَ: يَبْتَدِرُونَ إِلَى نُصُبِهِمْ أَيُّهُمْ يَسْتَلِمُهُ أَوَّلَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ
٢٣ ‏/ ٢٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ [القلم: ٤٣] يَقُولُ: خَاضِعَةً أَبْصَارُهُمْ لِلَّذِي هُمْ فِيهِ مِنَ الْخِزْيِ وَالْهَوَانِ. ﴿تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ [القلم: ٤٣] يَقُولُ: تَغْشَاهُمْ ذِلَّةٌ. ﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: ٤٤] يَقُولُ عز وجل: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي وَصَفْتُ صِفَتَهُ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ الَّذِي كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُوعَدُونَ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُمْ لَاقُوهُ فِي الْآخِرَةِ، كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ.
٢٣ ‏/ ٢٨٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ﴾ [المعارج: ٤٤] يَوْمُ الْقِيَامَةِ ﴿الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: ٤٤]

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …