مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا أَرْبَعُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ / ٤٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٢] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ [القيامة: ١] لَا مَفْصُولَةٌ مِنْ أُقْسِمُ، سِوَى الْحَسَنِ وَالْأَعْرَجِ، فَإِنَّهُ ذُكِرَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ ذَلِكَ: ﴿لَأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ بِمَعْنَى: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا لَامُ الْقَسَمِ. وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ غَيْرَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَا مَفْصُولَةٌ، أُقْسِمُ مُبْتَدَأةٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اخْتَرْنَا قِرَاءَتَهُ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا صِلَةٌ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.
٢٣ / ٤٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] قَالَ: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٤٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ [القيامة: ١] قَالَ: أُقْسِمُ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ دَخَلَتْ لَا تَوْكِيدًا لِلْكَلَامِ
٢٣ / ٤٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ سَمِعْتُ أَبَا هِشَامٍ الرِّفَاعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، يَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ [القيامة: ١] تَوْكِيدٌ لِلْقَسَمِ كَقَوْلِهِ: لَا وَاللَّهِ وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ، لَا رَدَّ لِكَلَامٍ قَدْ مَضَى مِنْ كَلَامِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، ثُمَّ ابْتُدِئُ الْقَسَمُ، فَقِيلَ: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ يَقُولُ: كُلُّ يَمِينٍ قَبْلَهَا رَدٌّ لِكَلَامٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ لَا قَبْلَهَا، لَيُفَرَّقَ بِذَلِكَ بَيْنَ الْيَمِينِ الَّتِي تَكُونُ جَحْدًا، وَالْيَمِينِ الَّتِي تَسْتَأْنِفُ، وَيَقُولُ: أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ مُبْتَدِئًا: وَاللَّهِ إِنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ؛ وَإِذَا قُلْتَ: لَا وَاللَّهِ إِنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ فَكَأَنَّكَ أَكْذَبْتَ قَوْمًا أَنْكَرُوهُ. ⦗٤٦٧⦘ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ، هَلْ هُوَ قَسَمٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ رَبُّنَا بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَبِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
٢٣ / ٤٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ: أَيُّهُمْ؟ فَقُلْتُ: مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقَالَ: مِنْ حَرِيبِهِمْ، أَوْ مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؟ فَقُلْتُ: لَا بَلْ مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي: سَلْ، فَقُلْتُ: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١]، فَقَالَ: يُقْسِمُ رَبُّكَ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ
٢٣ / ٤٦٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] قَالَ: أُقْسِمُ بِهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُقْسِمْ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ. وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] وَلَسْتُ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
٢٣ / ٤٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: ⦗٤٦٨⦘ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُقْسِمْ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَبِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، وَجَعَلَ لَا رَدًّا لِكَلَامٍ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَهُ مِنْ قَوْمٍ، وَجَوَابًا لَهُمْ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: لَا وَاللَّهِ، لَا فَعَلْتُ كَذَا، أَنَّهُ يَقْصِدُ بِلَا رَدَّ الْكَلَامِ، وَبِقَوْلِهِ: وَاللَّهِ، ابْتِدَاءُ يَمِينٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا فَعَلْتُ كَذَا؛ فَإِذَا كَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَعْنَى ذَلِكَ مَا وَصَفْنَا، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا جَاءَ مِنْ نَظَائِرِهِ جَارِيًا مَجْرَاهُ، مَا لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَنِ الْمَعْرُوفِ بِمَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ الْجَمِيعَ مِنَ الْحُجَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] قَسَمٌ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ حُجَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا قَسَمٌ وَالْآخَرَ خَبَرٌ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ الْحَرْفَ الْأَوَّلَ لَأُقْسِمُ بِوَصْلِ اللَّامِ بِأُقْسِمُ قِرَاءَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ بِخِلَافِهَا مَا عَلَيْهِ الْحُجَّةُ مُجْمِعَةٌ، فتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا: لَا، مَا الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ عِبَادَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ أَحْيَاءً، أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَكَانَتْ جَمَاعَةٌ تَقُولُ: قِيَامَةُ كُلُّ نَفْسٍ مَوْتِهَا
٢٣ / ٤٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ وَمِسْعَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ ⦗٤٦٩⦘ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: يَقُولُونَ: الْقِيَامَةُ الْقِيَامَةُ، وَإِنَّمَا قِيَامَةُ أَحَدِهِمْ: مَوْتُهُ
٢٣ / ٤٦٨
قَالَ ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ، عَنْ أَبِي قُبَيْسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِيهَا عَلْقَمَةُ، فَلَمَّا دُفِنَ قَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ
٢٣ / ٤٦٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ الَّتِي تَلُومُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
٢٣ / ٤٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] قَالَ: تَلُومُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ
٢٣ / ٤٦٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] قَالَ: تَلُومُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ
٢٣ / ٤٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] قَالَ: هِيَ النَّفْسُ اللَّؤُومُ ⦗٤٧٠⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهَا تَلُومُ عَلَى مَا فَاتَ وَتَنْدَمُ
٢٣ / ٤٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] قَالَ: تَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ وَتَلُومُ عَلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ اللَّوَّامَةُ: الْفَاجِرَةُ
٢٣ / ٤٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] أَيِ الْفَاجِرَةُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ الْمَذْمُومَةُ
٢٣ / ٤٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢] يَقُولُ: الْمَذْمُومَةُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَمَّنْ ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ بِهَا أَلْفَاظُ قَائِلِيهَا، فَمُتَقَارِبَاتُ الْمَعَانِي، وَأَشْبَهُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ أَنَّهَا ⦗٤٧١⦘ تَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَتَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ، وَالْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى قِرَاءَةِ هَذِهِ بِفَصْلِ لَا مِنْ أُقْسِمُ
٢٣ / ٤٧٠
وَقَوْلُهُ: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَيَظُنُّ ابْنُ آدَمَ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَى جَمْعِ عِظَامِهِ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا، بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ، أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ، وَهِيَ أَصَابِعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَنَجْعَلَهَا شَيْئًا وَاحِدًا كَخُفِّ الْبَعِيرِ، أَوْ حَافِرِ الْحِمَارِ، فَكَانَ لَا يَأْخُذُ مَا يَأْكُلُ إِلَّا بِفِيهِ كَسَائِرِ الْبَهَائِمِ، وَلَكِنَّهُ فَرَّقَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ يَأْخُذُ بِهَا، وَيَتَنَاوَلُ وَيَقْبِضُ إِذَا شَاءَ وَيَبْسُطُ، فَحَسَّنَ خَلْقَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: سَلْ، فَقُلْتُ: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: لَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ خُفًّا أَوْ حَافِرًا
٢٣ / ٤٧١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ كَفَّهُ مُجَمَّرَةً مِثْلَ خُفِّ الْبَعِيرِ
٢٣ / ٤٧١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ⦗٤٧٢⦘ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: نَجْعَلُهُ خُفًّا أَوْ حَافِرًا
٢٣ / ٤٧١
قَالَ ثنا وَكِيعٌ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: عَلَى أَنْ نَجْعَلَهُ مِثْلَ خُفِّ الْبَعِيرِ، أَوْ حَافِرِ الْحِمَارِ
٢٣ / ٤٧٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: جَعَلَهَا يَدًا، وَجَعَلَهَا أَصَابِعَ يَقْبِضُهُنُّ وَيَبْسُطُهُنَّ، وَلَوْ شَاءَ لَجَمَعَهُنَّ، فَاتَّقَيْتَ الْأَرْضَ بِفِيكَ، وَلَكِنْ سَوَّاكَ خَلْقًا حَسَنًا. قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: وَسُئِلَ عِكْرِمَةُ فَقَالَ: لَوْ شَاءَ لَجَعَلَهَا كَخُفِّ الْبَعِيرِ
٢٣ / ٤٧٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] رِجْلَيْهِ، قَالَ: كَخُفِّ الْبَعِيرِ فَلَا يَعْمَلُ بِهِمَا شَيْئًا
٢٣ / ٤٧٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَادِرٌ وَاللَّهِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ بَنَانَهُ كَحَافِرِ الدَّابَّةِ، أَوْ كَخُفِّ الْبَعِيرِ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُنَقِّي طَعَامَهُ بِفِيهِ
٢٣ / ٤٧٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: لَوْ شَاءَ جَعَلَ بَنَانَهُ مِثْلَ خُفِّ الْبَعِيرِ، أَوْ حَافِرِ الدَّابَّةِ
٢٣ / ٤٧٣
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] قَالَ: الْبَنَانُ: الْأَصَابِعُ، يَقُولُ: نَحْنُ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ نَجْعَلَ بَنَانَهُ مِثْلَ خُفِّ الْبَعِيرِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ ﴿قَادِرِينَ﴾ [القيامة: ٤] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُصِبَ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ نَفْعَلُ، فَلَمَّا رُدَّ إِلَى فَاعِلٍ نُصِبَ، وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ؛ ثُمَّ صُرِفَ نَقْدِرُ إِلَى قَادِرِينَ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْكُوفَةِ يَقُولُ: نُصِبَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ نَجْمَعُ، كَأَنَّهُ قِيلَ فِي الْكَلَامِ: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ نَقْوَى عَلَيْهِ؟ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَقْوَى مِنْكَ. يُرِيدُ: بَلَى نَقْوَى مُقْتَدِرِينَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَا. وَقَالَ: قَوْلُ النَّاسِ بَلَى نَقْدِرُ، فَلَمَّا صُرِفَتْ إِلَى قَادِرِينَ نُصِبَتْ خَطَأً، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُنْصَبُ بِتَحْوِيلِهِ مِنْ يَفْعَلُ إِلَى فَاعِلٍ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: أَتَقُومُ إِلَيْنَا، فَإِنْ حَوَّلْتَهَا إِلَى فَاعِلٍ قُلْتَ: أَقَائِمٌ، وَكَانَ خَطَأً أَنْ تَقُولَ قَائِمًا؛ قَالَ: وَقَدْ كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
عَلَى قَسَمٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِمًا … وَلَا خَارِجًا مِنْ فِيَّ زُورُ كَلَامِ
٢٣ / ٤٧٣
فَقَالُوا: إِنَّمَا أَرَادَ: لَا أَشْتُمُ وَلَا يَخْرُجُ، فَلَمَّا صَرَفَهَا إِلَى خَارِجٍ نَصَبَهَا، وَإِنَّمَا نُصِبَ لِأَنَّهُ أَرَادَ: عَاهَدْتُ رَبِّي لَا شَاتِمًا أَحَدًا، وَلَا خَارِجًا مِنْ فِيَّ زُورُ كَلَامِ؛ وَقَوْلُهُ: لَا أَشْتُمُ، فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: نُصِبَ عَلَى نَجْمَعُ: أَيْ بَلْ نَجْمَعُهَا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ
٢٣ / ٤٧٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لَا وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا يَجْهَلُ ابْنُ آدَمَ أَنَّ رَبَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ عِظَامَهُ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ أَمَامَهُ قُدُمًا فِي مَعَاصِي اللَّهِ، لَا يُثْنِيهِ عَنْهَا شَيْءٌ، وَلَا يَتُوبُ مِنْهَا أَبَدًا، وَيُسَوِّفُ التَّوْبَةَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: يَمْضِي قُدُمًا
٢٣ / ٤٧٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] يَعْنِي الْأَمَلَ، يَقُولُ الْإِنْسَانُ: أَعْمَلُ ثُمَّ أَتُوبُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ: هُوَ الْكُفْرُ بِالْحَقِّ بَيْنَ يَدَيِ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٤٧٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: يَمْضِي أَمَامَهُ رَاكِبًا رَأْسَهُ
٢٣ / ٤٧٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ⦗٤٧٦⦘: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: لَا تَلْقَى ابْنَ آدَمَ إِلَّا تَنْزِعُ نَفْسُهُ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ قُدُمًا قُدُمًا إِلَّا مَنْ قَدْ عَصَمَ اللَّهُ
٢٣ / ٤٧٥
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: قُدُمًا فِي الْمَعَاصِي
٢٣ / ٤٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: قُدُمًا
٢٣ / ٤٧٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: قُدُمًا لَا يَنْزِعُ عَنْ فُجُورٍ
٢٣ / ٤٧٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: سَوْفَ أَتُوبُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَرْكَبُ رَأْسَهُ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا دَائِبًا وَلَا يَذْكُرُ الْمَوْتَ
٢٣ / ٤٧٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] هُوَ الْأَمَلُ يُؤَمِّلُ الْإِنْسَانُ؛ أَعِيشُ وَأُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا كَذَا، وَأُصِيبُ كَذَا، وَلَا يَذْكُرُ الْمَوْتَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ لَيُكَذِّبَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٤٧٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] يَقُولُ: الْكَافِرُ يُكَذِّبُ بِالْحِسَابِ
٢٣ / ٤٧٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] قَالَ: يُكَذِّبُ بِمَا أَمَامَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَكْفُرَ بِالْحَقِّ بَيْنَ يَدَيِ الْقِيَامَةِ، وَالْهَاءُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥] مِنْ ذِكْرِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ بِذَلِكَ قَبْلُ
٢٣ / ٤٧٧
وَقَوْلُهُ: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَسْأَلُ ابْنُ آدَمُ السَّائِرُ دَائِبًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ قُدُمًا: مَتَى يَوْمً الْقِيَامَةِ؟ تَسْوِيفًا مِنْهُ لِلتَّوْبَةِ، فَبَيَّنَ اللَّهً لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٨] الْآيَةُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ٦] يَقُولُ: ⦗٤٧٨⦘ مَتَى يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَنْ سُئِلَ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ السُّورَةَ
٢٣ / ٤٧٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ٦] مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ، فَقَرَأَ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٩] قَالَ: فَكَذَلِكَ يَكُونُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٤٧٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ﴾ [القيامة: ٧] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَارِئُ وَنَافِعٌ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: (فَإِذَا بَرَقَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى شَخَصَ، وَفُتِحَ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ وَقَرَأَ ذَلِكَ شَيْبَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿بَرِقَ﴾ [القيامة: ٧] بِكَسْرِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: فَزِعَ وَشُقَّ.
٢٣ / ٤٧٨
وَقَدْ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ
٢٣ / ٤٧٨
هَارُونَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنْهَا، فَقَالَ: ﴿بَرِقَ﴾ [القيامة: ٧] بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى حَارَ. قَالَ: وَسَأَلْتُ عَنْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ: ﴿بَرَقَ﴾ [القيامة: ٧] بِالْفَتْحِ، إِنَّمَا بَرَقَ الْخَيْطَلُ وَالنَّارُ وَالْبَرْقُ. وَأَمَّا الْبَصَرُ فَبَرَقَ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: وَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ، فَقَالَ: أَخَذْتُ قِرَاءَتِي عَنِ الْأَشْيَاخِ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَأَصْحَابِهِ. فَذَكَرْتُ لِأَبِي عَمْرٍو، فَقَالَ: لَكِنْ لَا آخُذُ عَنْ نَصْرٍ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: آخُذُ عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ كَسْرُ الرَّاءِ ﴿فَإِذَا بَرَقَ﴾ [القيامة: ٧] بِمَعْنَى: فَزِعَ فَشُقَّ وَفُتِحَ مِنْ هَوْلِ الْقِيَامَةِ وَفَزَعِ الْمَوْتِ. وَبِذَلِكَ جَاءَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ. أَنْشَدَنِي بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْكِلَابِيِّ:
لَمَّا أَتَانِي ابْنُ صُبَيْحٍ رَاغِبًا … أَعْطَيْتُهُ عَيْسَاءَ مِنْهَا فَبَرَقْ
وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا الْفَرَّاءِ قَالَ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْعَرَبِ:
لَمَّا أَتَانِي ابْنُ صُبَيْحٍ رَاغِبًا … أَعْطَيْتُهُ عَيْسَاءَ مِنْهَا فَبَرَقْ
وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا الْفَرَّاءِ قَالَ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْعَرَبِ:
٢٣ / ٤٧٩
نَعَانِي حَنَانَةُ طُوبَالَةً … تَسَفُّ يَبِيسًا مِنَ الْعَشْرَقِ
فَنَفْسَكَ فَانْعِ وَلَا تَنْعَنِي … وَدَاوِ الْكُلُومَ وَلَا تَبْرَقِ
بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَفَسَّرَهُ أَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَفْزَعْ مِنْ هَوْلِ الْجِرَاحِ الَّتِي بِكَ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ يَبْرُقُ الْبَصَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
فَنَفْسَكَ فَانْعِ وَلَا تَنْعَنِي … وَدَاوِ الْكُلُومَ وَلَا تَبْرَقِ
بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَفَسَّرَهُ أَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَفْزَعْ مِنْ هَوْلِ الْجِرَاحِ الَّتِي بِكَ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ يَبْرُقُ الْبَصَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٣ / ٤٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ﴾ [القيامة: ٧] يَعْنِي بَبَرِقَ الْبَصَرُ: الْمَوْتَ، وَبُرُوقُ الْبَصَرِ: هِيَ السَّاعَةُ
٢٣ / ٤٨٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَرِقَ الْبَصَرُ﴾ [القيامة: ٧] قَالَ: عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٤٨٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ﴾ [القيامة: ٧] شَخَصَ الْبَصَرُ
٢٣ / ٤٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٨] يَقُولُ: ذَهَبَ ضَوْءُ الْقَمَرِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٨] ذَهَبَ ضَوْءُهُ فَلَا ضَوْءَ لَهُ
٢٣ / ٤٨١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٨] هُوَ ضَوْءُهُ، يَقُولُ: ذَهَبَ ضَوْءُهُ
٢٣ / ٤٨١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرِ﴾ [القيامة: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجُمِعَ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي ذَهَابِ الضَّوْءَ، فَلَا ضَوْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا ذُكِرَ لِي: «وَجُمِعَ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ» وَقِيلَ: إِنَّهُمَا يُجْمَعَانِ ثُمَّ يُكَوَّرَانِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التكوير: ١] وَإِنَّمَا قِيلَ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٩] لَمَّا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْكُوفَةِ يَقُولُ: إِنَّمَا قِيلَ: وَجُمِعَ عَلَى مَذْهَبٍ وَجُمِعَ النُّورَانِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَجُمِعَ الضِّيَاءَانِ، وَهَذَا قَوْلُ الْكِسَائِيِّ. ⦗٤٨٢⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٩] قَالَ: كُوِّرَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٤٨٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٩] قَالَ: جُمِعَا فَرُمِيَ بِهِمَا فِي الْأَرْضِ. وَقَوْلُهُ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التكوير: ١] قَالَ: كُوِّرَتْ فِي الْأَرْضِ وَالْقَمَرِ مَعَهَا
٢٣ / ٤٨٢
قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْكُوفِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ يَوْمًا: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٩] قَالَ: يُجْمَعَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يُقْذَفَانِ فِي الْبَحْرِ، فَيَكُونُ نَارُ اللَّهِ الْكُبْرَى
٢٣ / ٤٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾ [القيامة: ١٠] بِفَتْحِ الْفَاءِ، قَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْفِعْلِ مِنْهُ مَكْسُورَةٌ، وَإِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ مِنْ يَفْعَلُ مَكْسُورَةً،
٢٣ / ٤٨٢
فَإِنَّ الْعَرَبَ تَفْتَحُهَا فِي الْمَصْدَرِ مِنْهُ إِذَا نَطَقَتْ بِهِ عَلَى مَفْعَلٍ، فَتَقُولُ: فَرَّ يَفِرُّ مَفَرًّا، يَعْنِي فَرًّا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا لِبَكْرٍ أَنْشِرُوا لِي كُلَيْبًا … يَا لِبَكْرٍ أَيْنَ أَيْنَ الْفِرَارُ
إِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ مَفْعَلٍ قَالُوا: أَيْنَ الْمَفَرُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمَدَبُّ مِنْ دَبَّ يَدِبُّ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الطويل] كَأَنَّ بَقَايَا الْأَثْرِ فَوْقَ مُتُونِهِ … مَدَبُّ الدَّبَى فَوْقَ النَّقَا وَهُوَ سَارِحُ
وَقَدْ يُنْشَدُ بِكَسْرِ الدَّالِّ، وَالْفَتْحُ فِيهَا أَكْثَرُ، وَقَدْ تَنْطِقُ الْعَرَبُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ: جَاءَ عَلَى مَدَبِّ السَّيْلِ، وَمِدَبِّ السَّيْلِ، وَمَا فِي قَمِيصِهِ مَصَحٍّ وَمِصَحٍّ. فَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَإِنَّهُمْ فِي الْمَصْدَرِ يَفْتَحُونَ الْعَيْنَ مِنْ مَفْعَلٍ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ عَلَى يَفْعَلُ، وَإِنَّمَا يُجِيزُونَ كَسْرَهَا إِذَا أُرِيدَ بِالْمَفْعَلِ الْمَكَانَ الَّذِي يُفَرُّ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ
يَا لِبَكْرٍ أَنْشِرُوا لِي كُلَيْبًا … يَا لِبَكْرٍ أَيْنَ أَيْنَ الْفِرَارُ
إِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ مَفْعَلٍ قَالُوا: أَيْنَ الْمَفَرُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمَدَبُّ مِنْ دَبَّ يَدِبُّ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الطويل] كَأَنَّ بَقَايَا الْأَثْرِ فَوْقَ مُتُونِهِ … مَدَبُّ الدَّبَى فَوْقَ النَّقَا وَهُوَ سَارِحُ
وَقَدْ يُنْشَدُ بِكَسْرِ الدَّالِّ، وَالْفَتْحُ فِيهَا أَكْثَرُ، وَقَدْ تَنْطِقُ الْعَرَبُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ: جَاءَ عَلَى مَدَبِّ السَّيْلِ، وَمِدَبِّ السَّيْلِ، وَمَا فِي قَمِيصِهِ مَصَحٍّ وَمِصَحٍّ. فَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَإِنَّهُمْ فِي الْمَصْدَرِ يَفْتَحُونَ الْعَيْنَ مِنْ مَفْعَلٍ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ عَلَى يَفْعَلُ، وَإِنَّمَا يُجِيزُونَ كَسْرَهَا إِذَا أُرِيدَ بِالْمَفْعَلِ الْمَكَانَ الَّذِي يُفَرُّ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ
٢٣ / ٤٨٣
الْمَضْرِبُ: الْمَكَانُ الَّذِي يُضْرَبُ فِيهِ إِذَا كُسِرَتِ الرَّاءُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا الْمَفَرُّ: مَفَرُّ الدَّابَّةِ حَيْثُ تَفِرُّ. وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ غَيْرَهَا الْفَتْحُ فِي الْفَاءِ مِنَ الْمَفَرِّ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا اللُّغَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الْعَرَبِ إِذَا أُرِيدَ بِهَا الْفِرَارُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْفِرَارُ. وتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَ يُعَايِنُ أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمَفَرُّ مِنْ هَوْلِ هَذَا الَّذِي قَدْ نَزَلَ، وَلَا فِرَارَ. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لَيْسَ هُنَاكَ فِرَارٌ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُنَجِّيهِ فِرَارُهُ، وَلَا شَيْءَ يَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْ حِصْنٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا مَعْقِلٍ، مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الَّذِي قَدْ حَضَرَ، وَهُوَ الْوَزَرُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٨٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] يَقُولُ: لَا حِرْزَ
٢٣ / ٤٨٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] يَعْنِي: لَا حِصْنَ، وَلَا مَلْجَأَ
٢٣ / ٤٨٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَرِيفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ الشِّخِّيرِ، يَقْرَأُ: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] فَلَمَّا أَتَى عَلَى: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: هُوَ الْجَبَلُ، إِنَّ النَّاسَ إِذَا فَرُّوا قَالُوا عَلَيْكَ بِالْوَزَرِ
٢٣ / ٤٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَدْهَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يَقُولُ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: كَلَّا لَا جَبَلَ
٢٣ / ٤٨٥
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: لَا جَبَلَ
٢٣ / ٤٨٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تُخِيفُ بَعْضُهَا بَعْضًا، قَالَ: كَانَ الرَّجُلَانِ يَكُونَانِ فِي مَاشِيَتِهِمَا، فَلَا يَشْعُرَانِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَأْتِيَهُمَا الْخَيْلُ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا فُلَانُ الْوَزَرَ الْوَزَرَ، الْجَبَلَ الْجَبَلَ
٢٣ / ٤٨٥
حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الْحِيرِيُّ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مَوْدُودٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: لَا جَبَلَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، ⦗٤٨٦⦘ عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٢٣ / ٤٨٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى: وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] لَا مَلْجَأَ وَلَا جَبَلَ
٢٣ / ٤٨٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] لَا جَبَلَ وَلَا حِرْزَ وَلَا مَنْجَى. قَالَ الْحَسَنُ: كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا خَشُوا عَدُوًّا قَالُوا: عَلَيْكُمُ الْوَزَرَ: أَيْ عَلَيْكُمُ الْجَبَلَ
٢٣ / ٤٨٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: لَا حِصْنَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ بِمِثْلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مِثْلَهُ
٢٣ / ٤٨٦
قَالَ ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] يَقُولُ: لَا حِصْنَ
٢٣ / ٤٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿لَا وَزَرَ﴾ [سورة: القيامة، آية رقم: ١١]⦗٤٨٧⦘ قَالَ: لَا جَبَلَ
٢٣ / ٤٨٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَوْلًى لِلْحَسَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ﴿لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] لَا حِصْنَ. قَالَ ثنا وَكِيعٌ، عنْ أَبِي حُجَيْرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، لَا حِصْنَ
٢٣ / ٤٨٧
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ؛ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] يَعْنِي: الْجَبَلَ بِلُغَةِ حِمْيَرَ
٢٣ / ٤٨٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة: ١١] قَالَ: لَا مُتَغَيَّبَ يُتَغَيَّبُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ، لَا مَنْجَى لَهُ مِنْهُ
٢٣ / ٤٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِلَى رَبِّكَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ الِاسْتِقْرَارُ، وَهُوَ الَّذِي يَقَرُّ جَمِيعَ خَلْقِهِ مَقَرَّهُمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ.
٢٣ / ٤٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ١٢] قَالَ: اسْتَقَرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ. وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٤] وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى
٢٣ / ٤٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ١٢] أَيِ الْمُنْتَهَى
٢٣ / ٤٨٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُخْبَرُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي يَوْمَ يُجْمَعُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَيُكَوَّرَانِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِ خَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ أَمَامَهُ، مِمَّا عَمِلَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ مَمَاتِهِ، وَمَا أَخَّرَ بَعْدَ ⦗٤٨٩⦘ مَمَاتِهِ مِنْ سَيِّئَةٍ وَحَسَنَةٍ، أَوْ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ.
٢٣ / ٤٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] يَقُولُ: مَا عَمِلَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَمَا سَنَّ فَعُمِلَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
٢٣ / ٤٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ﴿بِمَا قَدَّمَ﴾ [القيامة: ١٣] مِنْ عَمَلِهِ ﴿وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] مِنْ سُنَّةٍ عُمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ بِمَا قَدَّمَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَأَخَّرَ مِنَ الطَّاعَةِ
٢٣ / ٤٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] يَقُولُ: بِمَا قَدَّمَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَأَخَّرَ مِنَ الطَّاعَةِ، فَيُنَبَّأُ بِذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: يُنَبَّأُ بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ
٢٣ / ٤٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ؛ ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] قَالَ: بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: ﴿بِمَا قَدَّمَ﴾ [القيامة: ١٣] مِنْ طَاعَةٍ ﴿وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي ضَيَّعَهَا
٢٣ / ٤٩٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ﴾ [القيامة: ١٣] مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ ﴿وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] مِمَّا ضَيَّعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ
٢٣ / ٤٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] قَالَ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَأَخَّرَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ ⦗٤٩١⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ مِمَّا عَمِلَهُ، وَمَا أَخَّرَ مِمَّا تَرَكَ عَمَلَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ
٢٣ / ٤٩٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] قَالَ: مَا أَخَّرَ مَا تَرَكَ مِنَ الْعَمَلِ لَمْ يَعْمَلْهُ، مَا تَرَكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ، وَمَا قَدَّمَ: مَا عَمِلَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُنَبَّأُ بِكُلِّ مَا قَدَّمَ أَمَامَهُ مِمَّا عَمِلَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فِي حَيَاتِهِ، وَأَخَّرَ بَعْدَهُ مِنْ سُنَّةٍ حَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ مِمَّا قَدَّمَ وَأَخَّرَ، كَذَلِكَ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ عَمِلَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَأَخَّرَ بَعْدَهُ مِنْ عَمَلٍ كَانَ عَلَيْهِ فَضَيَّعَهُ، فَلَمْ يَعْمَلْهُ مِمَّا قَدَّمَ وَأَخَّرَ، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُنَبَّأُ بِهِ الْإِنْسَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٣ / ٤٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: بَلْ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ رُقَبَاءُ يَرْقُبُونَهُ بِعَمَلِهِ، وَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٤٩١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] يَقُولُ: سَمُعُهُ وَبَصَرُهُ وَيَدَاهُ وَرِجْلَاهُ ⦗٤٩٢⦘ وَجَوَارِحُهُ وَالْبَصِيرَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ جَوَارِحِ ابْنِ آدَمَ وَهِيَ مَرْفُوعَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿عَلَى نَفْسِهِ﴾ [القيامة: ١٤] وَالْإِنْسَانُ مَرْفُوعٌ بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَفْسِهِ﴾ [القيامة: ١٤] . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: بَلِ الْإِنْسَانُ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَحْدَهُ؛ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ جَعَلَ الْبُصَيْرَةَ خَبَرًا لِلْإِنْسَانِ، وَرَفَعَ الْإِنْسَانَ بِهَا
٢٣ / ٤٩١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] يَقُولُ: الْإِنْسَانُ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَحْدَهُ
٢٣ / ٤٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] قَالَ: شَاهِدٌ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا
٢٣ / ٤٩٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] إِذَا شِئْتُ وَاللَّهِ رَأَيْتُهُ بَصِيرًا بِعُيُوبِ النَّاسِ وَذُنُوبِهِمْ، غَافِلًا عَنْ ذُنُوبِهِ؛ قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ فِي الْإِنْجِيلِ مَكْتُوبًا: يَا ابْنَ آدَمَ تُبْصِرُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ، ⦗٤٩٣⦘ وَلَا تُبْصِرُ الْجِذْعَ الْمُعْتَرِضَ فِي عَيْنِكَ
٢٣ / ٤٩٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] قَالَ: هُوَ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَرَأَ: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٤] وَمَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ يَقُولُ: أُدْخِلَتِ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَصِيرَةٌ﴾ [يوسف: ١٠٨] وَهِيَ خَبَرٌ لِلْإِنْسَانٍ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: أَنْتَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِكَ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: أُدْخِلَتْ هَذِهِ الْهَاءُ فِي بَصِيرَةً وَهِيَ صِفَةٌ لِلذَّكَرِ، كَمَا أُدْخِلَتْ فِي رَاوِيَةٍ وَعَلَّامَةٍ
٢٣ / ٤٩٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] اخْتَلَفَ أَهْلُ الرِّوَايَةِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: بَلْ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شُهُودٌ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَوِ اعْتَذَرَ بِالْقَوْلِ مِمَّا قَدْ أَتَى مِنَ الْمَآثِمِ، وَرَكِبَ مِنَ الْمَعَاصِي، وَجَادَلَ بِالْبَاطِلِ.
٢٣ / ٤٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] يَعْنِي الِاعْتِذَارَ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ: ﴿لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ [غافر: ٥٢] وَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ ⦗٤٩٤⦘ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ وَقَوْلُهُمْ: ﴿وَاللَّهِ رَبَّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]
٢٣ / ٤٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] قَالَ: شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوِ اعْتَذَرَ
٢٣ / ٤٩٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] وَلَوْ جَادَلَ عَنْهَا، فَهُوَ بَصِيرَةٌ عَلَيْهَا
٢٣ / ٤٩٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] قَالَ: فَسَكَتَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ: ابْنُ آدَمَ عَمَلُكَ أَوْلَى بِكَ. قَالَ: صَدَقَ
٢٣ / ٤٩٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] قَالَ: مَعَاذِيرُهُمُ الَّتِي يَعْتَذِرُونَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا، قَالَ: يَوْمَ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيَوْمَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُوَنَ فَلَا تَنْفَعُهُمْ، وَيَعْتَذِرُونَ بِالْكَذِبِ ⦗٤٩٥⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: بَلْ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ تَجَرَّدَ
٢٣ / ٤٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوَفِي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] قَالَ: لَوْ تَجَرَّدَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَوْ أَرْخَى السُّتُورَ وَأَغْلَقَ الْأَبْوَابَ
٢٣ / ٤٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا رَوَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] وَلَوْ أَرْخَى السُّتُورَ، وَأَغْلَقَ الْأَبْوَابَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] لَمْ تُقْبَلْ
٢٣ / ٤٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] لَمْ تُقْبَلْ مَعَاذِيرُهُ
٢٣ / ٤٩٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أَلْقَى ⦗٤٩٦⦘ مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٥] قَالَ: وَلَوِ اعْتَذَرَ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: وَلَوِ اعْتَذَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَشْبَهُ الْمَعَانِي بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ عَنِ الْإِنْسَانِ أَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا مِنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤] فَكَانَ الَّذِي هُوَ أَوْلَى أَنْ يُتْبَعَ ذَلِكَ، وَلَوْ جَادَلَ عَنْهَا بِالْبَاطِلِ، وَاعْتَذَرَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، فَشَهَادَةُ نَفْسِهِ عَلَيْهِ بِهِ أَحَقُّ وَأَوْلَى مِنَ اعْتِذَارِهِ بِالْبَاطِلِ
٢٣ / ٤٩٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: لَا تُحَرِّكْ يَا مُحَمَّدُ بِالْقُرْآنِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لَهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ عَجِلَ بِهِ، يُرِيدُ حِفْظَهُ مِنْ حُبِّهِ إِيَّاهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَا تَعْجَلْ بِهِ فَإِنَّا سَنَحْفَظُهُ عَلَيْكَ.
٢٣ / ٤٩٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ تَعَجَّلَ يُرِيدُ حِفْظَهُ ⦗٤٩٧⦘ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا، وَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ
٢٣ / ٤٩٦
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ وَيُونُسُ قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ تَعَجَّلَ بِهِ يُرِيدُ حِفْظَهُ؛ وَقَالَ يُونُسُ: يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ لِيَحْفَظَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] . حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَائِشَةَ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: هَكَذَا، وَحَرَّكَ سُفْيَانُ فَاهُ
٢٣ / ٤٩٧
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، كَانَ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ، فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، فَكَانَ يُعْرَفُ ذَلِكَ فِيهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ ⦗٤٩٨⦘ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ [القيامة: ١٧] وَقُرْآنَهُ
٢٣ / ٤٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، حَرَّكَ شَفَتَيْهِ، فَيُعْرَفُ بِذَلِكَ، فَحَاكَاهُ سَعِيدٌ، فَقَالَ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: لِتَعْجَلَ بِأَخْذِهِ
٢٣ / ٤٩٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] . قَالَ: كَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَنْزِلُ بِالْقُرْآنِ، فَيُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ، يَسْتَعْجِلُ بِهِ، فَقَالَ ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦]
٢٣ / ٤٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا رِبْعِيُّ ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ عَجِلَ يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ حُبِّهِ إِيَّاهُ، فَنَزَلَ ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧]
٢٣ / ٤٩٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: لَا تَكَلَّمْ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ حَتَّى يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ، فَإِذَا قَضَيْنَا إِلَيْكَ وَحْيَهُ، فَتَكَلَّمْ بِهِ
٢٣ / ٤٩٨
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ ⦗٤٩٩⦘ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ الْقُرْآنِ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَاهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ السَّبَبُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ مَخَافَةَ نِسْيَانِهِ، فَقِيلَ لَهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ لَكَ، وَنُقْرِئَكَهُ فَلَا تَنْسَى
٢٣ / ٤٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ لَا يَفْتُرُ مِنَ الْقُرْآنِ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَاهُ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ لَكَ ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] أَنْ نُقْرِئَكَ فَلَا تَنْسَى
٢٣ / ٤٩٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ يَسْتَذْكِرُ الْقُرْآنَ مَخَافَةَ النِّسْيَانِ، فَقَالَ لَهُ: كَفَيْنَاكَهُ يَا مُحَمَّدُ
٢٣ / ٤٩٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ لِيَسْتَذْكِرَهُ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] إِنَّا ⦗٥٠٠⦘ سَنَحْفَظُهُ عَلَيْكَ
٢٣ / ٤٩٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ مَخَافَةَ النِّسْيَانِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا تَسْمَعُ
٢٣ / ٥٠٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيُكْثِرُ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَى وَأَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ، الْقَوْلُ الَّذِي ذُكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] يُنْبِئُ أَنَّهُ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ تَحْرِيكِ اللِّسَانِ بِهِ مُتَعَجِّلًا فِيهِ قَبْلَ جَمِعِهِ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ دِرَاسَتَهُ لِلتَّذَكُّرِ إِنَّمَا كَانَتْ تَكُونُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ بَعْدِ جَمْعِ اللَّهِ لَهُ مَا يَدْرُسُ مِنْ ذَلِكَ
٢٣ / ٥٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَ هَذَا الْقُرْآنِ فِي صَدْرِكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى نُثَبِّتُهُ فِيهِ ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] يَقُولُ: وَقُرْآنَهُ حَتَّى تَقْرَأَهُ بَعْدَ أَنْ جَمَعْنَاهُ فِي صَدْرِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٠٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ ⦗٥٠١⦘ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ [القيامة: ١٧] قَالَ: فِي صَدْرِكَ ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] قَالَ: تَقْرَؤُهُ بَعْدُ
٢٣ / ٥٠٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] أَنْ نَجْمَعَهُ لَكَ، ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧]: أَنْ نُقْرِئَكَ فَلَا تَنْسَى
٢٣ / ٥٠١
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] يَقُولُ: إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ لَكَ حَتَّى نُثَبِّتَهُ فِي قَلْبِكَ وَكَانَ آخَرُونَ يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ: ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] وَتَأْلِيفَهُ. وَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ فِي قَلْبِكَ حَتَّى تَحْفَظَهُ، وَتَأْلِيفَهُ
٢٣ / ٥٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] يَقُولُ حِفْظَهُ وَتَأْلِيفَهُ
٢٣ / ٥٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] قَالَ: حِفْظَهُ وَتَأْلِيفَهُ وَكَأَنَّ قَتَادَةُ وَجَّهَ مَعْنَى الْقُرْآنِ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَدْ قَرَأَتْ هَذِهِ ⦗٥٠٢⦘ النَّاقَةَ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا، إِذَا ضَمَّتْ رَحِمَهَا عَلَى وَلَدٍ، كَمَا قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ … هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَمْ تَقْرَأْ: لَمْ تَضُمَّ رَحِمًا عَلَى وَلَدٍ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ فَإِنَّمَا وَجَّهَا ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَرَأْتُ أَقْرَأُ قُرْآنًا وَقِرَاءَةً
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ … هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَمْ تَقْرَأْ: لَمْ تَضُمَّ رَحِمًا عَلَى وَلَدٍ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ فَإِنَّمَا وَجَّهَا ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَرَأْتُ أَقْرَأُ قُرْآنًا وَقِرَاءَةً
٢٣ / ٥٠١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ: فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ فَاسْتَمِعْ قُرْآنَهُ.
٢٣ / ٥٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَابْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ [القيامة: ١٨] فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] قَالَ: فَاسْتَمِعْ قُرْآنَهُ
٢٣ / ٥٠٢
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِذَا تَلِي عَلَيْكَ فَاتَّبِعْ مَا فِيهِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ
٢٣ / ٥٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] يَقُولُ: إِذَا تَلِي عَلَيْكَ فَاتَّبِعْ مَا ⦗٥٠٣⦘ فِيهِ
٢٣ / ٥٠٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] يَقُولُ: اتَّبِعْ حَلَالَهُ، وَاجْتَنِبْ حَرَامَهُ
٢٣ / ٥٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] يَقُولُ: فَاتَّبِعْ حَلَالَهُ، وَاجْتَنِبْ حَرَامَهُ
٢٣ / ٥٠٣
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] يَقُولُ: اتَّبِعْ مَا فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: فَإِذَا بَيَّنَّاهُ فَاعْمَلْ بِهِ
٢٣ / ٥٠٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] يَقُولُ: اعْمَلْ بِهِ. وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: فَإِذَا تُلِيَ عَلَيْكَ فَاعْمَلْ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَاتَّبِعْ مَا أُمِرْتَ بِهِ فِيهِ، لِأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ [القيامة: ١٧] فِي صَدْرِكَ ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] وَدَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] وَقِرَاءَتَهُ، فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩]⦗٥٠٤⦘ يقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَ مَا فِيهِ مِنْ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ وَأَحْكَامِهِ لَكَ مُفَصَّلَةً. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْو الَّذِي قُلْنَا فِيهِ
٢٣ / ٥٠٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩] يَقُولُ: حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، فَذَلِكَ بَيَانُهُ
٢٣ / ٥٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩] بَيَانَ حَلَالِهِ، وَاجْتِنَابَ حَرَامِهِ، وَمَعْصِيَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا تِبْيَانَهُ بِلِسَانِكَ
٢٣ / ٥٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩] قَالَ: تِبْيَانَهُ بِلِسَانِكَ
٢٣ / ٥٠٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِعِبَادِهِ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا الْقُرْآنِ الْمُؤْثِرِينَ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ أَنَّكُمْ لَا ⦗٥٠٥⦘ تُبْعَثُونَ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ، وَلَا تُجَازَوْنَ بِأَعْمَالِكُمْ، لَكِنَّ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى قِيلِ ذَلِكَ مَحَبَّتُكُمُ الدُّنْيَا الْعَاجِلَةَ، وَإِيثَارَكُمْ شَهَوَاتِهَا عَلَى آجِلِ الْآخِرَةِ وَنَعِيمِهَا، فَأَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالْعَاجِلَةِ، وَتُكَذِّبُونَ بِالْآجِلَةِ.
٢٣ / ٥٠٤
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ [القيامة: ٢١] اخْتَارَ أَكْثَرُ النَّاسِ الْعَاجِلَةَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ وَعَصَمَ
٢٣ / ٥٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاضِرَةٌ: يَقُولُ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ مِنَ النَّعِيمِ؛ يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: نَضُرَ وَجْهُ فُلَانٍ: إِذَا حَسُنَ مِنَ النِّعْمَةِ، وَنَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إِذَا حَسَّنَهُ كَذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالَّذِي قُلْنَا فِيهِ.
٢٣ / ٥٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا الْمُبَارَكُ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ حَسَنَةٌ
٢٣ / ٥٠٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: نُضْرَةُ الْوُجُوهِ: حُسْنُهَا. ⦗٥٠٦⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥٠٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: النَّاضِرَةُ: النَّاعِمَةُ
٢٣ / ٥٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: الْوُجُوهُ الْحَسَنَةُ
٢٣ / ٥٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: مِنَ السُّرُورِ وَالنَّعِيمِ وَالْغِبْطَةِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا مَسْرُورَةٌ
٢٣ / ٥٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: مَسْرُورَةٌ
٢٣ / ٥٠٦
﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهَا تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا.
٢٣ / ٥٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَا: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا نَظَرًا
٢٣ / ٥٠٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] مِنَ النَّعِيمِ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَأَشْيَاخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا نَظَرًا
٢٣ / ٥٠٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا الْمُبَارَكُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: حَسَنَةٌ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْظُرُ إِلَى الْخَالِقِ، وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَنْضُرَ وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَى الْخَالِقِ
٢٣ / ٥٠٧
حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَرْفَجَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ لَا تُحِيطُ أَبْصَارُهُمْ بِهِ مِنْ عَظَمَتِهِ، وَبَصَرُهُ مُحِيطٌ بِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الثَّوَابَ مِنْ رَبِّهَا
٢٣ / ٥٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ مِنْهُ الثَّوَابَ
٢٣ / ٥٠٨
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ الثَّوَابَ مِنْ رَبِّهَا
٢٣ / ٥٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ الثَّوَابَ
٢٣ / ٥٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ الثَّوَابَ مِنْ رَبِّهَا، لَا يَرَاهُ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ
٢٣ / ٥٠٨
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ: نَضْرَةٌ مِنَ النَّعِيمِ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ رِزْقَهُ وَفَضْلَهُ
٢٣ / ٥٠٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ يَقُولُونَ فِي حَدِيثِ «فَيَرَوْنَ رَبَّهُمْ» فَقُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّهُ ⦗٥٠٩⦘ يُرَى، قَالَ: يَرَى وَلَا يَرَاهُ شَيْءٌ
٢٣ / ٥٠٨
قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ مِنْ رَبِّهَا مَا أَمَرَ لَهَا
٢٣ / ٥٠٩
حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْتَظِرُ الثَّوَابَ
٢٣ / ٥٠٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ثُوَيْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى مُلْكِهِ وَسُرُرِهِ وَخَدَمِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، يَرَى أَقْصَاهُ كَمَا يَرَى أَدْنَاهُ، وَإِنَّ أَرْفَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً
٢٣ / ٥٠٩
قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا أَشْجَعُ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْمَوْصِلِيِّ، قَالَ: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، مَنْ يَرَى سُرُرَهُ وَخَدَمَهُ وَمُلْكَهُ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ، فَيَرَى أَقْصَاهُ كَمَا يَرَى أَدْنَاهُ؛ وَإِنَّ أَفْضَلَهُمْ مَنْزِلَةً، مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْحَسَنِ ⦗٥١٠⦘ وَعِكْرِمَةَ، مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَنْظُرُ إِلَى خَالِقِهَا، وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٢٣ / ٥٠٩
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبْجَرَ، قَالَ؛ ثنا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثُوَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ أَلْفَيْ سَنَةً» قَالَ: وَإِنَّ أَفْضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ اللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ: ثُمَّ تَلَا: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: بِالْبَيَاضِ وَالصَّفَاءِ، قَالَ: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ: تَنْظُرُ كُلَّ يَوْمٍ فِي وَجْهِ اللَّهِ عز وجل “
٢٣ / ٥١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُتَغَيِّرَةُ الْأَلْوَانِ، مُسْوَدَّةٌ كَالِحَةٌ؛ يُقَالُ: بَسَرْتُ وَجْهَهُ أَبْسُرُهُ بُسْرًا: إِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ، وَبَسَرَ وَجْهُهُ فَهُوَ بَاسِرٍ بَيْنَ الْبُسُورِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] قَالَ: كَاشِرَةٌ
٢٣ / ٥١١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] أَيْ كَالِحَةٌ
٢٣ / ٥١١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] قَالَ: عَابِسَةٌ
٢٣ / ٥١١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] قَالَ: عَابِسَةٌ
٢٣ / ٥١١
وَقَوْلُهُ: ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَعْلَمُ أَنَّهُ يُفْعَلُ بِهَا دَاهِيَةٌ؛ وَالْفَاقِرَةُ: الدَّاهِيَةُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ⦗٥١٢⦘ قَوْلُهُ: ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٥] قَالَ: دَاهِيَةٌ
٢٣ / ٥١١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٥] أَيْ شَرٌّ
٢٣ / ٥١٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٥] قَالَ: تَظُنُّ أَنَّهَا سَتَدْخُلُ النَّارَ، قَالَ: تِلْكَ الْفَاقِرَةُ، وَأَصْلُ الْفَاقِرَةِ: الْوَسْمُ الَّذِي يُفْقَرُ بِهِ عَلَى الْأَنْفِ
٢٣ / ٥١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَظُنُّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُعَاقَبُونَ عَلَى شِرْكِهِمْ وَمَعْصِيَتِهِمْ رَبَّهُمْ بَلْ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُ أَحَدِهِمُ التَّرَاقِيَ عِنْدَ مَمَاتِهِ وَحَشْرَجَ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ﴾ [القيامة: ٢٦] قَالَ: التَّرَاقِي: نَفْسُهُ.
٢٣ / ٥١٢
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ أَهْلُهُ: مَنْ ذَا يَرْقِيهِ لِيَشْفِيَهُ مِمَّا قَدْ نَزَلَ بِهِ، وَطَلَبُوا لَهُ الْأَطِبَّاءَ ⦗٥١٣⦘ وَالْمُدَاوِينَ، فَلَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِهِ شَيْئًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ
٢٣ / ٥١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: هَلْ مِنْ رَاقٍ يَرْقِي
٢٣ / ٥١٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: هَلْ مِنْ طَبِيبٍ شَافٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥١٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي بِسْطَامٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: هُوَ الطَّبِيبُ
٢٣ / ٥١٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: هَلْ مِنْ مُدَاوٍ
٢٣ / ٥١٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] أَيِ الْتَمِسُوا لَهُ الْأَطِبَّاءَ فَلَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا
٢٣ / ٥١٤
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ يَزِيدَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: أَيْنَ الْأَطِبَّاءُ، وَالرُّقَاةُ: مَنْ يَرْقِيهِ مِنَ الْمَوْتِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَنْ يَرْقَى بِنَفْسِهِ فَيَصْعَدُ بِهَا
٢٣ / ٥١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُهُ يَرْقَى رَبُّهَا، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: مَنْ يَصْعَدُ بِهَا، مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، أَوْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ؟
٢٣ / ٥١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: هَلْ مِنْ طَبِيبٍ؟ قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَنْ يَرْقَى: مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، أَوْ مَلَائِكَةُ ⦗٥١٥⦘ الْعَذَابِ؟
٢٣ / ٥١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ﴾ [القيامة: ٢٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَيْقَنَ الَّذِي قَدْ نَزَلَ ذَلِكَ بِهِ أَنَّهُ فِرَاقُ الدُّنْيَا وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ﴾ [القيامة: ٢٨] أَيِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ الْفِرَاقُ
٢٣ / ٥١٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ﴾ [القيامة: ٢٨] قَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَدْفَعُ الْمَوْتَ، وَلَا يُنْكِرْهُ، وَلَكِنْ لَا يَدْرِي يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَالظَّنُّ كَمَا هَاهُنَا هَذَا
٢٣ / ٥١٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْتَفَّتِ شِدَّةُ أَمْرِ الدُّنْيَا بِشِدَّةِ أَمْرِ الْآخِرَةِ.
٢٣ / ٥١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ شِدَّةٌ
٢٣ / ٥١٥
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] يَقُولُ: آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ، فَتَلْتَقِي الشِّدَّةُ بِالشِّدَّةِ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ
٢٣ / ٥١٦
حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] يَقُولُ: وَالْتَفَّتِ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ، وَذَلِكَ سَاقُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ يَقُولُ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٣٠]
٢٣ / ٥١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: الْتَفَّ أَمْرُ الدُّنْيَا بِأَمْرِ الْآخِرَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥١٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ، قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ
٢٣ / ٥١٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: سَاقُ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ
٢٣ / ٥١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، قَالَ: هُوَ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥١٧
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: أَهْلُ الدُّنْيَا يُجَهِّزُونَ الْجَسَدَ، وَأَهْلُ الْآخِرَةِ يُجَهِّزُونَ الرُّوحَ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ
٢٣ / ٥١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: النَّاسُ يُجَهِّزُونَ جَسَدَهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُجَهِّزُونَ رُوحَهُ
٢٣ / ٥١٧
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: سَاقُ الدُّنْيَا بِسَاقِ الْآخِرَةِ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، مِثْلَهُ؛ وَزَادَ: وَيُقَالُ: الْتِفَافُهُمَا عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥١٧
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: ⦗٥١٨⦘ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ
٢٣ / ٥١٧
قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمْرُ الدُّنْيَا بِأَمْرِ الْآخِرَةِ
٢٣ / ٥١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: أَمْرُ الدُّنْيَا بِأَمْرِ الْآخِرَةِ
٢٣ / ٥١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: الشِّدَّةُ بِالشِّدَّةِ، سَاقُ الدُّنْيَا بِسَاقِ الْآخِرَةِ
٢٣ / ٥١٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، فَقَالَ: عَمَلُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ
٢٣ / ٥١٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: هُمَا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ
٢٣ / ٥١٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: الْعُلَمَاءُ يَقُولُونَ فِيهِ قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَاقُ الْآخِرَةِ بِسَاقِ الدُّنْيَا. وَقَالَ آخَرُونَ: قَلَّ مَيِّتٌ يَمُوتُ إِلَّا الْتَفَّتْ إِحْدَى سَاقَيْهِ بِالْأُخْرَى. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: غَيْرَ أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهَا سَاقُ الْآخِرَةِ، وَقَرَأَ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٣٠] قَالَ: لَمَّا الْتَفَّتِ الْآخِرَةُ بِالدُّنْيَا، كَانَ الْمَسَاقُ إِلَى اللَّهِ، قَالَ: ⦗٥١٩⦘ وَهُوَ أَكْثَرُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: الْتَفَّتْ سَاقَا الْمَيِّتِ إِذَا لُفَّتَا فِي الْكَفَنِ
٢٣ / ٥١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: لَفَّهُمَا فِي الْكَفَنِ
٢٣ / ٥١٩
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ وَابْنُ الْيَمَانِ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: هُمَا سَاقَاكَ إِذَا لُفَّتَا فِي الْكَفَنِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: الْتِفَافُ سَاقَيِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: سَاقَا الْمَيِّتِ
٢٣ / ٥١٩
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَعَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَا: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: الْتَفَّتْ سَاقَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، بِنَحْوِهِ
٢٣ / ٥١٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: الْتَفَّتِ سَاقَاكَ عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] لَفَّهُمَا أَمْرُ اللَّهِ
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: سَاقَا ابْنِ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: هُمَا سَاقَاهُ إِذَا ضُمَّتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ قَتَادَةُ: أَمَا رَأَيْتَهُ إِذَا ضَرَبَ بِرِجْلِهِ رِجْلَهُ الْأُخْرَى
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] مَاتَتْ رِجْلَاهُ فَلَا يَحْمِلَانِهِ إِلَى شَيْءٍ، فَقَدْ كَانَ عَلَيْهِمَا جَوَّالًا
٢٣ / ٥٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: سَاقَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ يُبْسُهُمَا عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٣ / ٥٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: يُبْسُهُمَا عِنْدَ الْمَوْتِ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْتَفَّ أَمْرٌ بِأَمْرٍ
٢٣ / ٥٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ قَالَا: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عِيسَى، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قَالَ: الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: وَالْتَفَّ بَلَاءٌ بِبَلَاءٍ
٢٣ / ٥٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بَلَاءٌ بِبَلَاءٍ ⦗٥٢٢⦘ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ وَالْتَفَّتْ سَاقُ الدُّنْيَا بِسَاقِ الْآخِرَةِ، وَذَلِكَ شِدَّةُ كَرْبِ الْمَوْتِ بِشِدَّةِ هَوْلِ الْمَطْلَعِ؛ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُهُ، قَوْلُهُ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٣٠] وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ أَمْرٍ اشْتَدَّ: قَدْ شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ، وَكَشَفَ عَنْ سَاقِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر المتقارب] إِذَا شَمَّرَتْ لَكَ عَنْ سَاقِهَا … فَرِنْهَا رَبِيعُ وَلَا تَسْأَمِ
عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] الْتَصَقَتْ إِحْدَى الشِّدَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى، كَمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا الْتَصَقَتْ إِحْدَى فَخِذَيْهَا بِالْأُخْرَى: لَفَّاءُ
[البحر المتقارب] إِذَا شَمَّرَتْ لَكَ عَنْ سَاقِهَا … فَرِنْهَا رَبِيعُ وَلَا تَسْأَمِ
عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] الْتَصَقَتْ إِحْدَى الشِّدَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى، كَمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا الْتَصَقَتْ إِحْدَى فَخِذَيْهَا بِالْأُخْرَى: لَفَّاءُ
٢٣ / ٥٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٣٠] يَقُولُ: إِلَى رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ يَوْمَ الْتِفَافِ السَّاقِ بِالسَّاقِ مَسَاقُهُ.
٢٣ / ٥٢٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمْ يُصَدِّقْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَمْ يُصَلِّ لَهُ صَلَاةً، وَلَكِنَّهُ كَذَّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَتَوَلَّى فَأَدْبَرَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١] لَا صَدَّقَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا صَلَّى لِلَّهِ ﴿وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ [القيامة: ٣٢] كَذَّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَتَوَلَّى عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ
٢٣ / ٥٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ مَضَى إِلَى أَهْلِهِ مُنْصَرِفًا إِلَيْهِمْ، يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] أَيْ يَتَبَخْتَرُ
٢٣ / ٥٢٣
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] قَالَ: يَتَبَخْتَرُ، قَالَ: هِيَ مِشْيَةُ بَنِي مَخْزُومٍ
٢٣ / ٥٢٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] قَالَ: رَأَى رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يَمْشِي، فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ يَمْشِي كَمَا يَمْشِي هَذَا، كَانَ يَتَبَخْتَرُ
٢٣ / ٥٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ⦗٥٢٤⦘: ﴿يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] قَالَ: يَتَبَخْتَرُ وَهُوَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، كَانَتْ مِشْيَتَهُ وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ
٢٣ / ٥٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] قَالَ: أَبُو جَهْلٍ
٢٣ / ٥٢٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٢] قَالَ: هَذَا فِي أَبِي جَهْلٍ مُتَبَخْتِرًا وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] يَلْوِي مَطَاهُ تَبَخْتُرًا، وَالْمَطَا: هُوَ الظَّهْرُ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «وَإِذَا مَشَتْ الْمُطَيْطَاءَ وَذَلِكَ أَنْ يُلْقِيَ الرَّجُلُ بِيَدَيْهِ وَيَتَكَفَّأَ»
٢٣ / ٥٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] هَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى وَعِيدٍ لِأَبِي جَهْلٍ:
٢٣ / ٥٢٤
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿أَوْلَى لَكَ ⦗٥٢٥⦘ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] وَعِيدٌ عَلَى وَعِيدٍ، كَمَا تَسْمَعُونَ، زَعَمَ أَنَّ هَذَا أُنْزِلَ فِي عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ أَخَذَ بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ فَقَالَ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٤] فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ: أَيُوعِدُنِي مُحَمَّدٌ، وَاللَّهِ مَا تَسْتَطِيعُ لِي أَنْتَ وَلَا رَبُّكَ شَيْئًا، وَاللَّهِ لَأَنَا أَعَزُّ مَنْ مَشَى بَيْنَ جَبَلَيْهَا
٢٣ / ٥٢٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ، يَعْنِي بِيَدِ أَبِي جَهْلٍ، فَقَالَ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ وَرَبُّكَ فِيَّ شَيْئًا، إِنِّي لَأَعَزُّ مَنْ مَشَى بَيْنَ جَبَلَيْهَا؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: لَا يُعْبَدُ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ، وَضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ، وَقَتَلَهُ شَرَّ قِتْلَةٍ
٢٣ / ٥٢٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُوعِدُنِي، وَأَنَا أَعَزُّ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْبَطْحَاءِ، وَقَرَأَ ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: ١٧]
٢٣ / ٥٢٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَشَيْءٌ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، أَمْ أَمْرٌ أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ؟ قَالَ: بَلْ قَالَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥]
٢٣ / ٥٢٥
وَقَوْلُهُ: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَيَظُنُّ هَذَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ بِاللَّهِ أَنْ يُتْرَكَ هَمَلًا، أَنْ لَا يُؤْمَرَ وَلَا يُنْهَى، وَلَا يَتَعَبَّدَ بِعِبَادَةٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ / ٥٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] يَقُولُ: هَمَلًا
٢٣ / ٥٢٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَتْرُكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] قَالَ: لَا يُؤْمَرُ، وَلَا يُنْهَى
٢٣ / ٥٢٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] قَالَ: السُّدَى: الَّذِي لَا يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ عَمَلٌ وَلَا يَعْمَلُ
٢٣ / ٥٢٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ ⦗٥٢٧⦘ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَمْ يَكُ هَذَا الْمُنْكَرُ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِحْيَائِهِ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهَ، وَإِيجَادِهِ مِنْ بَعْدِ فَنَائِهِ ﴿نُطْفَةً﴾ [النحل: ٤] يَعْنِي: مَاءً قَلِيلًا فِي صُلْبِ الرَّجُلِ مِنْ مَنِيٍّ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿يُمْنَى﴾ [القيامة: ٣٧] فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: (تُمْنَى) بِالتَّاءِ بِمَعْنَى: تُمْنَى النُّطْفَةُ، وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ: ﴿يُمْنَى﴾ [القيامة: ٣٧] بِالْيَاءِ، بِمَعْنَى: يُمْنَى الْمَنِيُّ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
٢٣ / ٥٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً﴾ [القيامة: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ كَانَ دَمًا مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ نُطْفَةٍ، ثُمَّ عَلَقَةً، ثُمَّ سَوَّاهُ بَشَرًا سَوِيًّا، نَاطِقًا سَمِيعًا بَصِيرًا. ﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [القيامة: ٣٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَجَعَلَ مِنْ هَذَا الْإِنْسَانِ بَعْدَ مَا سَوَّاهُ خَلْقًا سَوِيًّا أَوْلَادًا لَهُ، ذُكُورًا وَإِنَاثًا. ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَيْسَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ فَخَلَقَ هَذَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ عَلَقَةٍ حَتَّى صَيَّرَهُ إِنْسَانًا سَوِيًّا، لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى مِنْ مَمَاتِهِمْ، فَيُوجِدُهُمْ كَمَا كَانُوا مِنْ قَبْلِ مَمَاتِهِمْ. يَقُولُ: مَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِيَ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، حَتَّى صَيَّرَهُ بَشَرًا سَوِيًّا، لَا يُعْجِزُهُ إِحْيَاءُ مَيِّتٍ مِنْ
٢٣ / ٥٢٧
بَعْدِ مَمَاتِهِ؛ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا قَرَأَ ذَلِكَ قَالَ: «بَلَى» .
٢٣ / ٥٢٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: ٤٠] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ: «سُبْحَانَكَ وَبَلَى»