سُورَةُ الْحَاقَّةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثِنْتَانِ وَخَمْسُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ ‏/ ٢٠٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾ [الحاقة: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: السَّاعَةُ الْحَاقَّةُ الَّتِي تَحِقُّ فِيهَا الْأُمُورُ، وَيَجِبُ فِيهَا الْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ. ﴿مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ٢] يَقُولُ: أَيُّ شَيْءٍ السَّاعَةُ الْحَاقَّةُ. وَذُكِرَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: لَمَّا عَرَّفَ الْحَاقَّةَ مَتَى وَالْحَقَّةُ مَتَى، وَبِالْكَسْرِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ، وَتَقُولُ: وَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ الشَّيْءُ إِذَا وَجَبَ، فَهُوَ يَحِقُّ حُقُوقًا. وَالْحَاقَّةُ الْأُولَى مَرْفُوعَةٌ بِالثَّانِيَةِ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْكِنَايَةِ عَنْهَا، كَأَنَّهُ عَجِبَ مِنْهَا، فَقَالَ: الْحَاقَّةُ: مَا هِيَ؟ كَمَا يُقَالَ: زَيْدٌ مَا زَيْدٌ. وَالْحَاقَّةُ الثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ بِمَا، وَمَا بِمَعْنَى أَيُّ، وَمَا رُفِعَ بِالْحَاقَّةِ الثَّانِيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: ٢٧]، وَ﴿الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة: ١] فَمَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالْقَارِعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى بِجُمْلَةِ الْكَلَامِ بَعْدَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ⦗٢٠٦⦘ فِي قَوْلِهِ: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١] قَالَ: مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، عَظَّمَهُ اللَّهُ، وَحَذَّرَهُ عِبَادَهُ
٢٣ ‏/ ٢٠٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١] الْقِيَامَةُ
٢٣ ‏/ ٢٠٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١] يَعْنِي السَّاعَةَ أَحَقَّتْ لِكُلِّ عَامِلٍ عَمَلَهُ
٢٣ ‏/ ٢٠٦
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١] قَالَ: أَحَقَّتْ لِكُلِّ قَوْمٍ أَعْمَالَهُمْ
٢٣ ‏/ ٢٠٦
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١] يَعْنِي الْقِيَامَةَ
٢٣ ‏/ ٢٠٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ٢] وَ﴿الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة: ١] وَ﴿الْوَاقِعَةُ﴾ [الواقعة: ١] وَ﴿الطَّامَّةُ﴾ [النازعات: ٣٤] وَ﴿الصَّاخَّةُ﴾ [عبس: ٣٣] قَالَ: هَذَا كُلُّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ السَّاعَةُ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾ [الواقعة: ٢] وَالْخَافِضَةُ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْضًا خَفَضَتْ أَهْلَ النَّارِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَخْفَضَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَا أَذَلَّ وَلَا أَخْزَى؛ وَرَفَعَتْ أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَشْرَفَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا أَكْرَمَ
٢٣ ‏/ ٢٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَدْرَاكَ وَعَرَّفَكَ أَيُّ شَيْءٍ الْحَاقَّةُ.
٢٣ ‏/ ٢٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَا فِي الْقُرْآنِ: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ [الأحزاب: ٦٣] فَلَمْ يُخْبِرْهُ، وَمَا كَانَ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ [الحاقة: ٣] فَقَدْ أَخْبَرَهُ
٢٣ ‏/ ٢٠٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ٣] تَعْظِيمًا لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا تَسْمَعُونَ
٢٣ ‏/ ٢٠٧
وَقَوْلُهُ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾ [الحاقة: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ قَوْمُ صَالِحٍ وَعَادٌ قَوْمُ هُودٍ بِالسَّاعَةِ الَّتِي تَقْرَعُ قُلُوبَ الْعِبَادِ فِيهَا بِهُجُومِهَا عَلَيْهِمْ. وَالْقَارِعَةُ أَيْضًا اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقِيَامَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾ [الحاقة: ٤] أَيْ بِالسَّاعَةِ
٢٣ ‏/ ٢٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾ [الحاقة: ٤] قَالَ: الْقَارِعَةُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٠٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ ⦗٢٠٨⦘ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ﴾ [الحاقة: ٥] قَوْمُ صَالِحٍ، فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالطَّاغِيَةِ. وَاخْتَلَفَ فِي مَعْنَى الطَّاغِيَةِ الَّتِي أَهْلَكَ اللَّهُ بِهَا ثَمُودَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ طُغْيَانُهُمْ وَكُفْرُهُمْ بِاللَّهِ.
٢٣ ‏/ ٢٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] قَالَ: بِالذُّنُوبِ
٢٣ ‏/ ٢٠٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] فَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾ [الشمس: ١١] وَقَالَ: هَذِهِ الطَّاغِيَةُ طُغْيَانُهُمْ وَكُفْرُهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ. الطَّاغِيَةُ طُغْيَانُهُمُ الَّذِي طَغَوْا فِي مَعَاصِي اللَّهِ وَخِلَافَ كِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: فَأُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ الَّتِي قَدْ جَاوَزِتْ مَقَادِيرَ الصَّيَّاحِ وَطَغَتْ عَلَيْهَا
٢٣ ‏/ ٢٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْحَةً فَأَهْمَدَتْهُمْ
٢٣ ‏/ ٢٠٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] قَالَ: أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَأَهْمَدَتْهُمْ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَأُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ الطَّاغِيَةِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ ثَمُودَ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَهْلَكَهَا بِهِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ عَادٍ بِالَّذِي أَهْلَكَهَا بِهِ، فَقَالَ: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] وَلَوْ كَانَ الْخَبَرُ عَنْ ثَمُودَ بِالسَّبَبِ الَّذِي أَهْلَكَهَا مِنْ أَجَلْهِ، كَانَ الْخَبَرُ أَيْضًا عَنْ عَادٍ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، وَفِي إِتْبَاعِهِ ذَلِكَ بِخَبَرِهِ عَنْ عَادٍ بِأَنَّ هَلَاكَهَا كَانَ بِالرِّيحِ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ إِخْبَارَهُ عَنْ ثَمُودَ إِنَّمَا هُوَ مَا بَيَّنْتُ
٢٣ ‏/ ٢٠٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا عَادٌ قَوْمُ هُودٍ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة: ٦] وَهِيَ الشَّدِيدَةُ الْعَصُوفُ مَعَ شِدَّةِ بَرْدِهَا ﴿عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] يَقُولُ: عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا فِي الْهُبُوبِ، فَتَجَاوَزَتْ فِي الشِّدَّةِ وَالْعُصُوفِ مِقْدَارَهَا الْمَعْرُوفَ فِي الْهُبُوبِ وَالْبَرْدِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] يَقُولُ: بِرِيحٍ مُهْلِكَةٍ بَارِدَةٍ، عَتَتْ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ رَحْمَةٍ وَلَا بَرَكَةٍ، دَائِمَةٍ لَا تَفْتُرُ
٢٣ ‏/ ٢١٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] وَالصَّرْصَرُ الْبَارِدَةُ عَتَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى نَقَبَتْ عَنْ أَفْئِدَتِهِمْ
٢٣ ‏/ ٢١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا أَرْسَلَ اللَّهُ مِنْ رِيحٍ قَطُّ إِلَّا بِمِكْيَالٍ وَلَا أَنْزَلَ قَطْرَةً قَطُّ إِلَّا بِمِثْقَالٍ، إِلَّا يَوْمَ نُوحٍ وَيَوْمَ عَادٍ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَوْمَ نُوحٍ طَغَى عَلَى خُزَّانِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] وَإِنَّ الرِّيحَ عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦]
٢٣ ‏/ ٢١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ: لَمْ تَنْزِلْ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ إِلَّا بِكَيْلٍ عَلَى يَدَيْ مَلَكٍ؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ نُوحٍ أُذِنَ لِلْمَاءِ دُونَ الْخُزَّانِ، فَطَغَى الْمَاءُ عَلَى الْجِبَالِ فَخَرَجَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] وَلَمْ يَنْزِلْ مِنَ الرِّيحِ ⦗٢١١⦘ شَيْءٌ إِلَّا بِكَيْلٍ عَلَى يَدَيْ مَلَكٍ إِلَّا يَوْمَ عَادٍ، فَإِنَّهُ أُذِنَ لَهَا دُونَ الْخُزَّانِ، فَخَرَجَتْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] عَتَتْ عَلَى الْخَزَّانِ
٢٣ ‏/ ٢١٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] قَالَ: الصَّرْصَرُ: الشَّدِيدَةُ، وَالْعَاتِيَةُ: الْقَاهِرَةُ الَّتِي عَتَتْ عَلَيْهِمْ فَقَهَرَتْهُمْ
٢٣ ‏/ ٢١١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة: ٦] قَالَ: شَدِيدَةٌ
٢٣ ‏/ ٢١١
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة: ٦] يَعْنِي: بَارِدَةٍ ﴿عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] عَتَتْ عَلَيْهِمْ بِلَا رَحْمَةٍ وَلَا بَرَكَةٍ
٢٣ ‏/ ٢١١
وَقَوْلُهُ: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: سَخَّرَ تِلْكَ الرِّيَاحَ عَلَى عَادٍ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ: تِبَاعًا.
٢٣ ‏/ ٢١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] يَقُولُ: تِبَاعًا
٢٣ ‏/ ٢١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً
٢٣ ‏/ ٢١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنٍ عَمْرٍو
٢٣ ‏/ ٢١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: تِبَاعًا
٢٣ ‏/ ٢١٢
قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: تِبَاعًا
٢٣ ‏/ ٢١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ ⦗٢١٣⦘ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً
٢٣ ‏/ ٢١٢
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً لَيْسَ لَهَا فَتْرَةٌ
٢٣ ‏/ ٢١٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً لَيْسَ فِيهِ تَفْتِيرٌ
٢٣ ‏/ ٢١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: دَائِمَاتٍ
٢٣ ‏/ ٢١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَخْبَرَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﴿أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً
٢٣ ‏/ ٢١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: تِبَاعًا
٢٣ ‏/ ٢١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: مُتَتَابِعَةً، وَ﴿أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ [فصلت: ١٦] قَالَ: مَشَائِيمَ وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] الرِّيحَ، وَأَنَّهَا تَحْسِمُ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَا تُبْقِي مِنْ عَادٍ أَحَدًا، وَجَعَلَ هَذِهِ الْحُسُومَ مِنْ صِفَةِ الرِّيحِ
٢٣ ‏/ ٢١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: حَسَمَتْهُمْ لَمْ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَالَ: ذَلِكَ الْحُسُومُ مِثْلُ الَّذِي يَقُولُ: احْسِمْ هَذَا الْأَمْرَ؛ قَالَ: وَكَانَ فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لَهُمْ خَلْقٌ يَذْهَبُ بِهِمْ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ؛ قَالَ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْعَذَابُ قَالُوا: قُومُوا بِنَا نَرُدُّ هَذَا الْعَذَابَ عَنْ قَوْمِنَا؛ قَالَ: فَقَامُوا وَصَفُّوا فِي الْوَادِي، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَكِ الرِّيحِ أَنْ يَقْلَعَ مِنْهُمْ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدًا، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] حَتَّى بَلَغَ: ﴿نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] قَالَ: فَإِنْ كَانَتِ الرِّيحُ لَتَمُرُّ بِالظَّعِينَةِ فَتَسْتَدْبِرُهَا وَحَمُولَتَهَا، ثُمَّ تَذْهَبُ بِهِمْ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَكُبُّهُمْ عَلَى الرُّءُوسِ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤] قَالَ: وَكَانَ أَمْسَكَ عَنْهُمُ الْمَطَرَ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٥] قَالَ: وَمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَقْلَعُ مِنْ أُولَئِكَ الثَّمَانِيَةِ كُلَّ يَوْمٍ إِلَّا وَاحِدًا؛ قَالَ: فَلَمَّا عَذَّبَ اللَّهُ قَوْمَ عَادٍ، أَبْقَى اللَّهُ وَاحِدًا يُنْذِرُ النَّاسَ، قَالَ: فَكَانَتِ امْرَأَةٌ قَدْ رَأَتْ قَوْمَهَا، فَقَالُوا لَهَا: أَنْتِ أَيْضًا، قَالَتْ: تَنَحَّيْتُ عَلَى الْجَبَلِ؛ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ لَهَا بَعْدُ: أَنْتِ قَدْ سَلِمْتِ وَقَدْ رَأَيْتِ، فَكَيْفَ لَا رَأَيْتِ عَذَابَ اللَّهِ؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي غَيْرَ أَنْ أَسْلَمَ لَيْلَةٍ: لَيْلَةَ لَا رِيحَ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] مُتَتَابِعَةً، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: الْحُسُومُ: التِّبَاعُ، إِذَا تَتَابَعَ الشَّيْءُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ ⦗٢١٥⦘ أَوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ قِيلَ فِيهِ حُسُومٌ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا أَخَذُوا وَاللَّهِ أَعْلَمُ مِنْ حَسَمَ الدَّاءِ: إِذَا كَوَى صَاحِبَهُ، لِأَنَّهُ لَحْمٌ يُكْوَى بِالْمِكْوَاةِ، ثُمَّ يُتَابَعُ عَلَيْهِ
٢٣ ‏/ ٢١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى﴾ [الحاقة: ٧] يَقُولُ: فَتَرَى يَا مُحَمَّدُ قَوْمَ عَادٍ فِي تِلْكَ السَّبْعِ اللَّيَالِي وَالثَّمَانِيَةِ الْأَيَّامِ الْحُسُومِ صَرْعَى قَدْ هَلَكُوا. ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] يَقُولُ: كَأَنَّهُمْ أُصُولُ نَخْلٍ قَدْ خَوَتْ.
٢٣ ‏/ ٢١٥
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] وَهِيَ أُصُولُ النَّخْلِ
٢٣ ‏/ ٢١٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: فَهَلْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ مِنْ بَقَاءٍ. وَقِيلَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: فَهَلْ تَرَى مِنْهُمْ بَاقِيًا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامٍ الْعَرَبِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ يَقُولُ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَقِيَّةٍ، وَيَقُولُ: مَجَازُهَا مَجَازُ الطَّاغِيَةِ مَصْدَرٌ.
٢٣ ‏/ ٢١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجَاءَ فِرْعَوْنُ مِصْرَ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ [هود: ١٧] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ
٢٣ ‏/ ٢١٥
وَمَكَّةَ خَلَا الْكِسَائِيَّ: ﴿وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ [هود: ١٧] بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ، بِمَعْنَى: وَجَاءَ مَنْ قَبْلَ فِرْعَوْنَ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِآيَاتِ اللَّهِ كَقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ بِالْخَطِيئَةِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ وَالْكِسَائِيُّ: (وَمَنْ قِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، بِمَعْنَى: وَجَاءَ مَعَ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ مِصْرَ مِنَ الْقِبْطِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
٢٣ ‏/ ٢١٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] يَقُولُ: وَالْقُرَى الَّتِي ائْتُفِكَتْ بِأَهْلِهَا فَصَارَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا. ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] يَعْنِي بِالْخَطِيئَةِ. وَكَانَتْ خَطِيئَتُهَا: إِتْيَانَهَا الذُّكْرَانَ فِي أَدْبَارِهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ [التوبة: ٧٠] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ [الحاقة: ٩] قَرْيَةُ لُوطٍ. وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: «وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ مَعَهُ»
٢٣ ‏/ ٢١٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَاءَ ⦗٢١٧⦘ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] قَالَ: الْمُؤْتَفِكَاتُ: قَوْمُ لُوطٍ، وَمَدِينَتُهُمْ وَزَرْعُهُمْ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾ [النجم: ٥٣] قَالَ: أَهْوَاهَا مِنَ السَّمَاءِ: رَمَى بِهَا مِنَ السَّمَاءِ؛ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى جِبْرِيلَ عليه السلام، فَاقْتَلَعَهَا مِنَ الْأَرْضِ، رَبَضَهَا وَمَدَينَتَهَا، ثُمَّ هَوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ؛ ثُمَّ قَلَبَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُمُ الصَّخْرَ حِجَارَةً، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً﴾ [هود: ٨٣] قَالَ: الْمُسَوَّمَةُ: الْمُعَدَّةُ لِلْعَذَابِ
٢٣ ‏/ ٢١٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] يَعْنِي الْمُكَذِّبِينَ
٢٣ ‏/ ٢١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ [التوبة: ٧٠] هُمْ قَوْمُ لُوطٍ، ائْتَفَكَتْ بِهِمْ أَرْضُهُمْ وَبِمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٣ ‏/ ٢١٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] قَالَ: الْخَطَايَا
٢٣ ‏/ ٢١٧
وَقَوْلُهُ: ﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾ [الحاقة: ١٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَعَصَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ، وَهُمْ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ رَسُولَ رَبِّهِمْ.
٢٣ ‏/ ٢١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ [الحاقة: ١٠] يَقُولُ: فَأَخَذَهُمْ رَبُّهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ أَخْذَةً، يَعْنِي أَخْذَةً زَائِدَةً شَدِيدَةً نَامِيَةً، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرْبَيْتَ: إِذَا أَخَذَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى مِنَ الرِّبَا؛ يُقَالُ: أَرْبَيْتَ فَرَبَا رِبَاكَ، وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ قَدْ رَبَوَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ [الحاقة: ١٠] قَالَ: شَدِيدَةً
٢٣ ‏/ ٢١٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ [الحاقة: ١٠] يَعْنِي أَخْذَةً شَدِيدَةً
٢٣ ‏/ ٢١٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ [الحاقة: ١٠] قَالَ: كَمَا يَكُونُ فِي الْخَيْرِ رَابِيَةً كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الشَّرِّ رَابِيَةً، قَالَ: رَبَا عَلَيْهِمْ: زَادَ عَلَيْهِمْ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ﴾ [النحل: ٨٨] وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ ⦗٢١٩⦘ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: ١٧] يَقُولُ: رَبَّا لِهَؤُلَاءِ الْخَيْرَ وَلِهَؤُلَاءِ الشَّرَّ
٢٣ ‏/ ٢١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّا لَمَّا كَثُرَ الْمَاءُ فَتَجَاوَزَ حَدَّهُ الْمَعْرُوفَ، كَانَ لَهُ، وَذَلِكَ زَمَنُ الطُّوفَانُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ زَادَ فِعْلًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِ خَمْسَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا.
٢٣ ‏/ ٢١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿طَغَى﴾ [الحاقة: ١١] مِثْلَ قَوْلِنَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ﴾ [الحاقة: ١١] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ طَغَى فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ خَمْسَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا
٢٣ ‏/ ٢١٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] ذَاكُمْ زَمَنَ نُوحٍ، طَغَى الْمَاءُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ خَمْسَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا بِقَدْرِ كُلِّ شَيْءٍ
٢٣ ‏/ ٢١٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] قَالَ: لَمْ تَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ إِلَّا بِعِلْمِ الْخُزَّانِ، إِلَّا حَيْثُ طَغَى الْمَاءُ، فَإِنَّهُ قَدْ غَضِبَ لِغَضَبِ اللَّهِ، فَطَغَى عَلَى الْخُزَّانِ، فَخَرَجَ مَا لَا يَعْلَمُونَ مَا هُوَ
٢٣ ‏/ ٢١٩
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] إِنَّمَا يَقُولُ: لَمَّا كَثُرَ
٢٣ ‏/ ٢١٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى﴾ [الحاقة: ١١] الْمَاءُ يَعْنِي كَثُرَ الْمَاءُ لَيَالِيَ غَرَّقَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ
٢٣ ‏/ ٢٢٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ﴾ [الحاقة: ١١] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ: طَمَا؛ وَقَالَ الْحَارِثُ: ظَهَرَ
٢٣ ‏/ ٢٢٠
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَمَّا طَغَى الْمَاءُ﴾ [الحاقة: ١١] كَثُرَ وَارْتَفَعَ
٢٣ ‏/ ٢٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] يَقُولُ: حَمَلْنَاكُمْ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْمَاءِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] الْجَارِيَةُ: السَّفِينَةُ
٢٣ ‏/ ٢٢٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] وَالْجَارِيَةُ: سَفِينَةُ نُوحٍ الَّتِي حُمِلْتُمْ فِيهَا وَقِيلَ: حَمَلْنَاكُمْ، فَخَاطَبَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ، وَإِنَّمَا حَمَلَ أَجْدَادَهُمْ نُوحًا وَوَلَدَهُ، لِأَنَّ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ وَلَدُ الَّذِينَ حُمِلُوا فِي الْجَارِيَةِ، فَكَانَ حَمْلُ الَّذِينَ حُمِلُوا فِيهَا مِنَ الْأَجْدَادِ حَمْلًا لِذُرِّيَّتِهِمْ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا
٢٣ ‏/ ٢٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾ [الحاقة: ١٢] يَقُولُ: لِنَجْعَلَ السَّفِينَةَ الْجَارِيَةَ الَّتِي حَمَلْنَاكُمْ فِيهَا ﴿لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾ [الحاقة: ١٢] يَعْنِي عِبْرَةً وَمَوْعِظَةً تَتَّعِظُونَ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾ [الحاقة: ١٢] فَأَبْقَاهَا اللَّهُ تَذْكِرَةً وَعِبْرَةً وَآيَةً حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهَا أَوَائِلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَكَمْ مِنْ سَفِينَةٍ قَدْ كَانَتْ بَعْدَ سَفِينَةِ نُوحٍ قَدْ صَارَتْ رَمَادًا
٢٣ ‏/ ٢٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] يَعْنِي حَافِظَةٌ عَقَلَتْ عَنِ اللَّهِ مَا سَمِعَتْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] يَقُولُ: حَافِظَةٌ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] يَقُولُ: سَامِعَةٌ، وَذَلِكَ الْإِعْلَانُ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] قَالَ: أُذُنٌ عَقَلَتْ عَنِ اللَّهِ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنَا بِشْرُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] أُذُنٌ عَقَلَتْ عَنِ اللَّهِ، فَانْتَفَعَتْ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] قَالَ: أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَعَقَلَتْ مَا سَمِعَتْ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: الضَّحَّاكُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] سَمِعَتْهَا أُذُنٌ وَوَعَتْ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا، يَقُولُ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢]⦗٢٢٣⦘ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: «سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ» قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَمَا سَمِعْتُ شَيْئًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَسِيتُهُ
٢٣ ‏/ ٢٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: ثني بِشْرُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُسْتُمَ، قَالَ: سَمِعْتُ بُرَيْدَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أُقْصِيَكَ، وَأَنْ أُعَلِّمَكَ وَأَنْ تَعِيَ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ تَعِيَ» . قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكَ وَأَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أَجْفُوَكَ وَلَا أُقْصِيَكَ» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
٢٣ ‏/ ٢٢٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] قَالَ: وَاعِيَةٌ يَحْذَرُونَ مَعَاصِي اللَّهِ أَنْ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا، كَمَا عَذَّبَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ تَسْمَعُهَا فَتَعِيَهَا، إِنَّمَا تَعِي الْقُلُوبُ مَا تَسْمَعُ الْآذَانُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مِنْ بَابِ الْوَعْيِ
٢٣ ‏/ ٢٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ ⦗٢٢٤⦘ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ [الحاقة: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا نَفَخَ فِي الصُّورِ إِسْرَافِيلُ ﴿نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [الحاقة: ١٣] وَهِيَ النَّفْخَةُ الْأُولَى. ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ [الحاقة: ١٤] يَقُولُ: فَزُلْزِلَتَا زَلْزَلَةً وَاحِدَةً.
٢٣ ‏/ ٢٢٣
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ [الحاقة: ١٤] قَالَ: صَارَتْ غُبَارًا وَقِيلَ: فَدُكَّتَا وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَ الْجِبَالِ وَالْأَرْضِ، وَهِيَ جِمَاعٌ، وَلَمْ يَقُلْ: فَدُكِكْنَ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْجِبَالَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل] هُمَا سَيِّدَانِ يَزْعُمَانِ وَإِنَّمَا … يَسُودَانِنَا إِنْ يَسَّرَتْ غَنَمَاهُمَا
وَكَمَا قِيلَ: ﴿أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا﴾ . ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ [الحاقة: ١٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الصَّيْحَةُ السَّاعَةُ، وَقَامَتِ الْقِيَامَةُ
٢٣ ‏/ ٢٢٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَانْصَدَعَتِ السَّمَاءُ ﴿فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٦] يَقُولُ: مُنْشَقَّةٌ مُتَصَدِّعَةٌ. ⦗٢٢٥⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَجْلَحِ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا، وَنَزَلَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَأَحَاطُوا بِالْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ الْخَامِسَةَ، ثُمَّ السَّادِسَةَ، ثُمَّ السَّابِعَةَ، فَصَفُّوا صَفًّا دُونَ صَفٍّ ثُمَّ نَزَلَ الْمَلَكُ الْأَعْلَى عَلَى مَجْنَبَتِهِ الْيُسْرَى جَهَنَّمُ، فَإِذَا رَآهَا أَهْلُ الْأَرْضِ نَدُّوا، فَلَا يَأْتُونَ قُطْرًا مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ إِلَّا وَجَدُوا سَبْعَةَ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ [غافر: ٣٣] وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ [الفجر: ٢٢] وَقَوْلُهُ: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٦]
٢٣ ‏/ ٢٢٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٦] يَعْنِي: مُتَمَزِّقَةٌ ضَعِيفَةٌ
٢٣ ‏/ ٢٢٥
﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالْمَلَكُ عَلَى أَطْرَافِ السَّمَاءِ ⦗٢٢٦⦘ حِينَ تَشَقَّقُ وَحَافَاتِهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] يَقُولُ: وَالْمَلَكُ عَلَى حَافَّاتِ السَّمَاءِ حِينَ تَشَقَّقُ؛ وَيُقَالُ: عَلَى شِقَّةِ، كُلُّ شَيْءٍ تَشَقَّقَ عَنْهُ
٢٣ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: أَطْرَافِهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: عَلَى حَافَاتِ السَّمَاءِ
٢٣ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَجْلَحِ، قَالَ: قُلْتُ لِلضَّحَّاكِ: مَا أَرْجَاؤُهَا، قَالَ: حَافَاتِهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ ثني سَعِيدٌ: عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] عَلَى حَافَاتِهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى ⦗٢٢٧⦘ أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهَا أَقْطَارُهَا، قَالَ قَتَادَةُ: عَلَى نَوَاحِيهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: نَوَاحِيهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٧
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْأَشْيَبُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: الْأَرْجَاءُ حَافَاتُ السَّمَاءِ
٢٣ ‏/ ٢٢٧
قَالَ: ثنا الْأَشْيَبُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: عَلَى مَا لَمْ يَهِ مِنْهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، قَالَ: ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: عَلَى مَا لَمْ يَهِ مِنْهَا
٢٣ ‏/ ٢٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿ثَمَانِيَةٌ﴾ [الأنعام: ١٤٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَا يَعْلَمُ عِدَّتَهُنَّ إِلَّا اللَّهُ.
٢٣ ‏/ ٢٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا طَلْقٌ، عَنْ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يَعْلَمُ عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ
٢٣ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: هِيَ الصُّفُوفُ مِنْ وَرَاءِ الصُّفُوفِ
٢٣ ‏/ ٢٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
٢٣ ‏/ ٢٢٨
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ بَعْضُهُمْ: ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ لَا يَعْلَمُ عِدَّتَهُنَّ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى خَلْقِ الْوَعْلَةِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِهِ ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ
٢٣ ‏/ ٢٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] . قَالَ: ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ. وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَحْمِلُهُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَمَانِيَةٌ» . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَقْدَامَهُمْ لَفِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّ مَنَاكِبَهُمْ لَخَارِجَةٌ مِنَ السَّمَوَاتِ عَلَيْهَا الْعَرْشُ» . قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْأَرْبَعَةُ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَمَّا خَلَقَهُمُ اللَّهُ قَالَ: تَدْرُونَ لِمَ خَلَقْتُكُمْ؟ قَالُوا: خَلَقْتَنَا رَبَّنَا لِمَا تَشَاءُ، قَالَ لَهُمْ: تَحْمِلُونَ عَرْشِي، ثُمَّ قَالَ: سَلُونِي مِنَ الْقُوَّةِ مَا شِئْتُمْ أَجْعَلْهَا فِيكُمْ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: قَدْ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا عَلَى الْمَاءِ، فَاجْعَلْ فِيَّ قُوَّةَ الْمَاءِ، قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ الْمَاءِ؛ وَقَالَ آخَرُ: اجْعَلْ فِيَّ قُوَّةَ السَّمَوَاتِ، قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ السَّمَوَاتِ؛ وَقَالَ آخَرُ: اجْعَلْ فِيَّ قُوَّةَ الْأَرْضِ، قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ الْأَرْضِ وَالْجِبَالِ؛ وَقَالَ آخَرُ: اجْعَلْ فِيَّ قُوَّةَ الرِّيَاحِ، قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ الرِّيَاحِ؛ ثُمَّ قَالَ: احْمِلُوا، فَوَضَعُوا الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِهِمْ، فَلَمْ يَزُولُوا؛ قَالَ: فَجَاءَ عِلْمٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ عِلْمُهُمُ الَّذِي سَأَلُوهُ الْقُوَّةَ، فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالُوا: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ عِلْمُهُمْ، فَحَمَلُوا»
٢٣ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «هُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ» يَعْنِي حَمَلَةَ الْعَرْشِ ” وَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَيَّدَهُمُ اللَّهُ بِأَرْبَعَةٍ آخَرِينَ فَكَانُوا ثَمَانِيَةً وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧]
٢٣ ‏/ ٢٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] قَالَ: أَرْجُلُهُمْ فِي التُّخُومِ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرْفَعُوا أَبْصَارَهُمْ مِنْ شُعَاعِ النُّورِ
٢٣ ‏/ ٢٣٠
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَوْمَئِذٍ أَيُّهَا النَّاسُ تُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ، وَقِيلَ: تُعْرَضُونَ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ.
٢٣ ‏/ ٢٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: «تُعْرَضُ النَّاسُ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ، فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ»
٢٣ ‏/ ٢٣٠
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ: عَرْضَتَانِ مَعَاذِيرُ وَخُصُومَاتٌ، وَالْعَرْضَةُ الثَّالِثَةُ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي ⦗٢٣١⦘ الْأَيْدِي»
٢٣ ‏/ ٢٣٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٨] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «يُعْرَضُ النَّاسُ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَفِيهِمَا خُصُومَاتٌ وَمَعَاذِيرُ وَجِدَالٌ، وَأَمَّا الْعَرْضَةُ الثَّالِثَةُ فَتَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي» . حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِنَحْوِهِ
٢٣ ‏/ ٢٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لَا تَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِكُمْ، مُحِيطٌ بِكُلِّكُمْ.
٢٣ ‏/ ٢٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِي كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَمَّا مَنْ أُعْطِيَ كِتَابَ أَعْمَالِهِ بِيَمِينِهِ، فَيَقُولُ تَعَالَى ﴿اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ .
٢٣ ‏/ ٢٣١
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ قَالَ: تَعَالَوْا
٢٣ ‏/ ٢٣١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَهْلِ ⦗٢٣٢⦘ الْعِلْمِ يَقُولُ: وَجَدْتُ أَكْيَسَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾
٢٣ ‏/ ٢٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠] يَقُولُ: إِنِّي عَلِمْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ إِذَا وَرَدْتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَبِّي. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ﴾ [الحاقة: ٢٠] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠] يَقُولُ: أَيْقَنْتُ
٢٣ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠] ظَنَّ ظَنًّا يَقِينًا، فَنَفَعَهُ اللَّهُ بِظَنِّهِ
٢٣ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠] قَالَ: إِنَّ الظَّنَّ مِنَ الْمُؤْمِنِ يَقِينٌ، وَإِنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾، فَعَسَى أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُفْلِحِينَ
٢٣ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ؛ ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠] قَالَ: مَا كَانَ مِنْ ظَنِّ الْآخِرَةِ فَهُوَ عِلْمٌ
٢٣ ‏/ ٢٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ⦗٢٣٣⦘ كُلُّ ظَنٍّ فِي الْقُرْآنِ إِنِّي ظَنَنْتُ يَقُولُ: أَيْ عَلِمْتُ
٢٣ ‏/ ٢٣٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالَّذِي وَصَفْتُ أَمْرَهُ، وَهُوَ الَّذِي أُوتِي كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فِي عِيشَةٍ مَرْضِيَّةٍ، أَوْ عِيشَةٍ فِيهَا الرِّضَا، فَوُصِفَتِ الْعِيشَةُ بِالرِّضَا وَهِيَ مَرْضِيَّةٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَدْحٌ لِلْعِيشَةِ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ فَتَقُولُ: هَذَا لَيْلٌ نَائِمٌ، وَسِرٌّ كَاتِمٌ، وَمَاءٌ دَافِقٌ، فَيُوَجِّهُونَ الْفِعْلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَفْعُولٌ لِمَا يُرَادُ مِنَ الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلضَّارِبِ مَضْرُوبٌ، وَلَا لِلْمَضْرُوبِ ضَارِبٌ، لِأَنَّهُ لَا مَدْحَ فِيهِ وَلَا ذَمٌّ.
٢٣ ‏/ ٢٣٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢٢] يَقُولُ: فِي بُسْتَانٍ عَالٍ رَفِيعٍ، وَفِي مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فِي جَنَّةٍ﴾ [الحاقة: ٢٢] مِنْ صِلَةِ عِيشَةٍ.
٢٣ ‏/ ٢٣٣
وَقَوْلُهُ: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ٢٣] يَقُولُ: مَا يُقْطَفُ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ ثِمَارِهَا دَانٍ قَرِيبٌ مِنْ قَاطِفِهِ. وَذُكِرَ أَنَّ الَّذِيَ يُرِيدُ ثَمَرَهَا يَتَنَاوَلُهُ كَيْفَ شَاءَ قَائِمًا وَقَاعِدًا، لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ بُعْدٌ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَوْكٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، ⦗٢٣٤⦘ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ٢٣] قَالَ: يَتَنَاوَلُ الرَّجُلُ مِنْ فَوَاكِهِهَا وَهُوَ نَائِمٌ
٢٣ ‏/ ٢٣٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ٢٣] دَنَتْ فَلَا يَرُدُّ أَيْدِيهِمْ عَنْهَا بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ
٢٣ ‏/ ٢٣٤
وَقَوْلُهُ: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤] يَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كُلُوا مَعْشَرَ مَنْ رَضِيتُ عَنْهُ، فَأَدْخَلْتُهُ جَنَّتِي مِنْ ثِمَارِهَا، وَطِيبِ مَا فِيهَا مِنَ الْأَطْعِمَةِ، وَاشْرَبُوا مِنْ أَشْرِبَتِهَا، هَنِيئًا لَكُمْ لَا تَتَأَذُّونَ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلَا بِمَا تَشْرَبُونَ، وَلَا تَحْتَاجُونَ مِنْ أَكْلِ ذَلِكَ إِلَى غَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤] يَقُولُ: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا جَزَاءً مِنَ اللَّهِ لَكُمْ، وَثَوَابًا ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ﴾ [الحاقة: ٢٤] أَوْ عَلَى مَا أَسْلَفْتُمْ: أَيْ عَلَى مَا قَدَّمْتُمْ فِي دُنْيَاكُمْ لِآخِرَتِكُمْ مِنَ الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ ﴿فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤] يَقُولُ: فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا الَّتِي خَلَتْ فَمَضَتْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ اللَّهُ ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤] إِنَّ أَيَّامَكُمْ هَذِهِ أَيَّامٌ خَالِيَةٌ: هِيَ أَيَّامٌ فَانِيَةٌ، تُؤَدِّي إِلَى أَيَّامٍ بَاقِيَةٍ، فَاعْمَلُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقَدِّمُوا فِيهَا خَيْرًا إِنِ اسْتَطَعْتُمْ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
٢٣ ‏/ ٢٣٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤] قَالَ: أَيَّامُ الدُّنْيَا بِمَا عَمِلُوا فِيهَا
٢٣ ‏/ ٢٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ [الحاقة: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا مَنْ أُعْطِيَ يَوْمَئِذٍ كِتَابَ أَعْمَالِهِ بِشِمَالِهِ، فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُعْطَ كِتَابِيَهْ. ﴿وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٦] يَقُولُ: وَلَمْ أَدْرِ أَيَّ شَيْءٍ حِسَابِيَهْ.
٢٣ ‏/ ٢٣٥
وَقَوْلُهُ: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ [الحاقة: ٢٧] يَقُولُ: يَا لَيْتَ الْمُوتَةَ الَّتِي مُتُّهَا فِي الدُّنْيَا كَانَتْ هِيَ الْفَرَاغُ مِنْ كُلِّ مَا بَعْدَهَا، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا حَيَاةٌ وَلَا بَعْثٌ؛ وَالْقَضَاءُ: هُوَ الْفَرَاغُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ تَمَنَّى الْمَوْتَ الَّذِي يَقْضِي عَلَيْهِ، فَتَخْرُجُ مِنْهُ نَفْسُهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ [الحاقة: ٢٧] تَمَنَّى الْمَوْتَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ أَكْرَهَ عِنْدَهُ مِنَ الْمَوْتِ
٢٣ ‏/ ٢٣٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ [الحاقة: ٢٧] الْمَوْتُ
٢٣ ‏/ ٢٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ ⦗٢٣٦⦘ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ [الحاقة: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ الَّذِي أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٨] يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُ مَالُهُ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا. ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] يَقُولُ: ذَهَبَتْ عَنِّي حُجَجِي، وَضَلَّتْ، فَلَا حُجَّةَ لِي أَحْتَجُّ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، مَقَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] يَقُولُ: ضَلَّتْ عَنِّي كُلُّ بَيِّنَةٍ فَلَمْ تُغْنِ عَنِّي شَيْئًا
٢٣ ‏/ ٢٣٦
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ الطُّفَاوِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] قَالَ: حُجَّتِي
٢٣ ‏/ ٢٣٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] قَالَ: حُجَّتِي
٢٣ ‏/ ٢٣٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] أَمَا وَاللَّهِ مَا كُلُّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ كَانَ أَمِيرَ قَرْيَةٍ يَجْبِيهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ، وَسَلَّطَهُمْ عَلَى أَقْرَانِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ
٢٣ ‏/ ٢٣٦
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] يَقُولُ: بَيِّنَتِي ضَلَّتْ عَنِّي وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِالسُّلْطَانِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْمُلْكُ
٢٣ ‏/ ٢٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩] قَالَ: سُلْطَانُ الدُّنْيَا
٢٣ ‏/ ٢٣٧
وَقَوْلُهُ: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾ [الحاقة: ٣٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمَلَائِكَتِهِ مِنْ خُزَّانِ جَهَنَّمَ: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾ [الحاقة: ٣٠] . ﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ [الحاقة: ٣١] يَقُولُ: ثُمَّ فِي جَهَنَّمَ أَوْرِدُوهُ لِيُصَلِّيَ فِيهَا. ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: ٣٢] يَقُولُ: ثُمَّ اسْلُكُوهُ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا، بِذِرَاعٍ اللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِ طُولِهَا. وَقِيلَ: إِنَّهَا تَدْخُلُ فِي دُبُرِهِ، ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ مَنْخِرَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَدْخُلُ فِي فِيهِ، وَتَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ دَعْلُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَوْفًا، يَقُولُ: ﴿فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا﴾ [الحاقة: ٣٢] قَالَ: كُلُّ ذِرَاعٍ سَبْعُونَ بَاعًا، الْبَاعُ: أَبْعَدُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ
٢٣ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثني نُسَيْرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ نَوْفًا يَقُولُ فِي رَحَبَةِ الْكُوفَةِ فِي إِمَارَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي سِلْسِلَةٍ ⦗٢٣٨⦘ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا﴾ [الحاقة: ٣٢] قَالَ: الذِّرَاعُ: سَبْعُونَ بَاعًا، الْبَاعُ: أَبْعَدُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ
٢٣ ‏/ ٢٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ دَعْلُوقٍ أَبِي طُعْمَةَ، عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ ﴿فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا﴾ [الحاقة: ٣٢] قَالَ: كُلُّ ذِرَاعٍ سَبْعُونَ بَاعًا، كُلُّ بَاعٍ أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ
٢٣ ‏/ ٢٣٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: ٣٢] قَالَ: بِذِرَاعِ الْمَلِكِ ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: ٣٢] قَالَ: تُسْلَكُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ مَنْخِرَيْهِ، حَتَّى لَا يَقُومَ عَلَى رِجْلَيْهِ
٢٣ ‏/ ٢٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يَعْمَرُ بْنُ بَشِيرٍ الْمِنْقَرِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ أَنَّ رَصَاصَةً مِثْلُ هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى جُمْجُمَةٍ، أُرْسِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَهِيَ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، لَبَلَغَتِ الْأَرْضَ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَلَوْ أَنَّهَا أُرْسِلَتْ مِنْ رَأْسِ السِّلْسِلَةِ لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ قَعْرَهَا أَوْ أَصْلَهَا»
٢٣ ‏/ ٢٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: ٣٢] قَالَ: السَّلْكُ: أَنْ تَدْخُلَ السِّلْسِلَةُ فِي فِيهِ، وَتَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ وَقِيلَ: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: ٣٢] وَإِنَّمَا تُسْلَكُ السِّلْسِلَةُ فِي فِيهِ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: أَدْخَلْتُ رَأْسِي فِي الْقَلَنْسُوَةِ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ الْقَلَنْسُوَةُ فِي الرَّأْسِ، وَكَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر المتقارب] إِذَا مَا السَّرَابُ ارْتَدَى بِالْأَكَمْ
وَإِنَّمَا يَرْتَدِي الْأَكَمُ بِالسَّرَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ مَعْنَاهُ، وَإِنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى سَامِعِهِ مَا أَرَادَ قَائِلُهُ
٢٣ ‏/ ٢٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ [الحاقة: ٣٣] يَقُولُ: افْعَلُوا ذَلِكَ بِهِ جَزَاءً لَهُ عَلَى كُفْرِهِ بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا، إِنَّهُ كَانَ لَا يُصَدِّقُ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ الْعَظِيمِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ هَذَا الشَّقِيِّ الَّذِي أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ: إِنَّهُ كَانَ فِي الدُّنْيَا لَا يَحُضُّ النَّاسَ عَلَى إِطْعَامِ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَالْحَاجَةِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾ [الحاقة: ٣٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ﴾ [الحاقة: ٣٥] وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ﴿هَاهُنَا﴾ [آل عمران: ١٥٤] يَعْنِي فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ﴿حَمِيمٌ﴾ [الأنعام: ٧٠] يَعْنِي قَرِيبٌ يَدْفَعُ ⦗٢٤٠⦘ عَنْهُ، وَيُغِيثُهُ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ.
٢٣ ‏/ ٢٣٩
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾ [الحاقة: ٣٥] الْقَرِيبُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ
٢٣ ‏/ ٢٤٠
﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٦] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَا لَهُ طَعَامٌ كَمَا كَانَ لَا يَحُضُّ فِي الدُّنْيَا عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، إِلَّا طَعَامٌ مِنْ غِسْلِينٍ، وَذَلِكَ مَا يَسِيلُ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: كُلُّ جُرْحٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ مِنَ الْغُسْلِ مِنَ الْجِرَاحِ وَالدَّبْرِ، وَزِيدَ فِيهِ الْيَاءُ وَالنُّونُ بِمَنْزِلَةِ عِفْرِينٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٦] صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ
٢٣ ‏/ ٢٤٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [سورة: الحاقة، آية رقم: ٣٦] قَالَ: مَا يَخْرُجُ مِنْ لُحُومِهِمْ
٢٣ ‏/ ٢٤٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٦] شَرُّ الطَّعَامِ وَأَخْبَثُهُ وَأَبْشَعَهُ
٢٣ ‏/ ٢٤١
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٦] قَالَ: الْغِسْلِينُ وَالزَّقُّومُ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا هُوَ
٢٣ ‏/ ٢٤١
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ يَقُولُ: لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ الَّذِي مِنْ غِسْلِينٍ إِلَّا الْخَاطِئُونَ، وَهُمُ الْمُذْنِبُونَ الَّذِينَ ذُنُوبُهُمْ كُفْرٌ بِاللَّهِ.
٢٣ ‏/ ٢٤١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: ٣٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَا، مَا الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ مَعْشَرَ أَهْلِ التَّكْذِيبِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، أُقْسِمُ بِالْأَشْيَاءِ كُلِّهَا الَّتِي تُبْصِرُونَ مِنْهَا، وَالَّتِي لَا تُبْصِرُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ﴾ [الحاقة: ٣٩] قَالَ: أُقْسِمُ بِالْأَشْيَاءِ، حَتَّى أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ
٢٣ ‏/ ٢٤١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ﴾ [الحاقة: ٣٩] يَقُولُ: بِمَا تَرَوْنَ وَبِمَا لَا تَرَوْنَ
٢٣ ‏/ ٢٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [الحاقة: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَهُوَ مُحَمَّدٌ ﷺ يَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ.
٢٣ ‏/ ٢٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: ٤١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا هَذَا الْقُرْآنُ بِقَوْلِ شَاعِرٍ لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَا يُحْسِنُ قَوْلَ الشِّعْرِ، فَتَقُولُوا هُوَ شِعْرٌ. ﴿قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: ٤١] يَقُولُ: تُصَدِّقُونَ قَلِيلًا بِهِ أَنْتُمْ، وَذَلِكَ خِطَابٌ مِنَ اللَّهِ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ. ﴿وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: ٤٢] يَقُولُ: وَلَا هُوَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ، لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ بِكَاهِنٍ، فَتَقُولُوا: هُوَ مِنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ. ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٣] يَقُولُ: تَتَّعِظُونَ بِهِ أَنْتُمْ، قَلِيلًا مَا تَعْتَبِرُونَ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: ٤١] طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَصَمَهُ ﴿وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: ٤٢] طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْكِهَانَةِ، وَعَصَمَهُ مِنْهَا
٢٣ ‏/ ٢٤٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
٢٣ ‏/ ٢٤٢
الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَكِنَّهُ ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: ٨٠] نُزِّلَ عَلَيْهِ. ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ﴾ [الحاقة: ٤٤] مُحَمَّدٌ ﴿عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة: ٤٤] الْبَاطِلَةِ، وَتَكَذَّبَ عَلَيْنَا ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ [الحاقة: ٤٥] يَقُولُ: لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْقُوَّةِ مِنَّا وَالْقُدْرَةِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ نِيَاطَ الْقَلْبِ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُعَاجِلُهُ بِالْعُقُوبَةِ، وَلَا يُؤَخِّرُهُ بِهَا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ [الحاقة: ٤٥] لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى مِنْ يَدَيْهِ؛ قَالُوا: وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلٌ، وَمَعْنَاهُ: إِنَّا كُنَّا نُذِلُّهُ وَنُهِينُهُ، ثُمَّ نَقْطَعُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَتِينَ؛ قَالُوا: وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِ ذِي السُّلْطَانِ إِذَا أَرَادَ الِاسْتِخْفَافَ بِبَعْضِ مَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِبَعْضِ أَعْوَانِهِ، خُذْ بِيَدِهِ فَأَقِمْهُ، وَافْعَلْ بِهِ كَذَا وَكَذَا قَالُوا: وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ [الحاقة: ٤٥] أَيْ لَأَهَنَّاهُ كَالَّذِي يُفْعَلُ بِالَّذِي وَصَفْنَا حَالَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ الْوَتِينَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] قَالَ: نِيَاطَ الْقَلْبِ. حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ. ⦗٢٤٤⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ
٢٣ ‏/ ٢٤٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] نِيَاطَ الْقَلْبِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِمِثْلِهِ
٢٣ ‏/ ٢٤٤
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] يَقُولُ: عِرْقَ الْقَلْبِ
٢٣ ‏/ ٢٤٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] يَعْنِي: عِرْقًا فِي الْقَلْبِ، وَيُقَالُ: هُوَ حَبْلٌ فِي الْقَلْبِ
٢٣ ‏/ ٢٤٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] قَالَ: حَبْلُ الْقَلْبِ الَّذِي فِي الظَّهْرِ
٢٣ ‏/ ٢٤٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ⦗٢٤٥⦘ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] قَالَ: حَبْلُ الْقَلْبِ
٢٣ ‏/ ٢٤٤
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] وَتِينَ الْقَلْبِ: وَهُوَ عِرْقٌ يَكُونُ فِي الْقَلْبِ، فَإِذَا قُطِعَ مَاتَ الْإِنْسَانُ
٢٣ ‏/ ٢٤٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] قَالَ: الْوَتِينُ: نِيَاطُ الْقَلْبِ الَّذِي الْقَلْبُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَإِيَّاهُ عَنَى الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ التَّغْلِبِيُّ بِقَوْلِهِ:
[البحر الوافر]

إِذَا بَلَّغْتِنِي وَحَمَلْتِ رَحْلِي … عَرَابَةَ فَاشْرَقِي بِدَمِ الْوَتِينِ

٢٣ ‏/ ٢٤٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الحاقة: ٤٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَا مِنْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ أَحَدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، فَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، حَاجِزِينَ يَحْجُزُونَنَا عَنْ عُقُوبَتِهِ، وَمَا نَفْعَلُهُ بِهِ. وَقِيلَ: حَاجِزِينَ، فَجَمْعٌ، وَهُوَ فِعْلٌ لِأَحَدٍ، وَأَحَدٌ فِي لَفْظِ ⦗٢٤٦⦘ وَاحِدٍ رَدًّا عَلَى مَعْنَاهُ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْجَمْعُ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ أَحَدًا لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، كَمَا قِيلَ ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥] وَبَيْنَ: لَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا.
٢٣ ‏/ ٢٤٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الحاقة: ٤٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ ﴿لَتَذْكِرَةٌ﴾ [الحاقة: ٤٨] يَعْنِي عِظَةً يُتَذَكَّرُ بِهِ، وَيَتَّعِظُ بِهِ ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] وَهُمُ الَّذِينَ يَتَّقُونَ عِقَابَ اللَّهِ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الحاقة: ٤٨] قَالَ: الْقُرْآنُ
٢٣ ‏/ ٢٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّا لِنَعْلَمَ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذَّبَيْنَ﴾ [الحاقة: ٤٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذَّبَيْنِ أَيُّهَا النَّاسُ بِهَذَا الْقُرْآنِ. ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الحاقة: ٥٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَإِنَّ التَّكْذِيبَ بِهِ لَحَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٢٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الحاقة: ٥٠] ذَاكُمْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
٢٣ ‏/ ٢٤٦
﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الحاقة: ٥١] يَقُولُ: وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ الْيَقِينُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لَمْ يَتَقَوَّلْهُ مُحَمَّدٌ ﷺ. ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤] بِذِكْرِ رَبِّكَ وَتَسْمِيَتِهِ ﴿الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: ١٠٥] الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ فِي عَظَمَتِهِ صَغِيرٌ.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …