مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٢ / ٦٢٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُسَبِّحُ لِلَّهِ كُلُّ مَا فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَكُلُّ مَا فِي الْأَرَضِينَ مِنْ خَلْقِهِ، وَيُعَظِّمُهُ طَوْعًا وَكَرْهًا ﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ﴾ [الحشر: ٢٣] الَّذِي لَهُ مُلْكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسُلْطَانُهُمَا، النَّافِذُ أَمْرُهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا، ﴿الْقُدُّوسِ﴾ [الحشر: ٢٣]: وَهُوَ الطَّاهِرُ مِنْ كُلِّ مَا يُضِيفُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ، وَيَصِفُونَهُ بِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ الْمُبَارَكُ ﴿الْعَزِيزِ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَعْنِي الشَّدِيدَ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ﴿الْحَكِيمِ﴾ [البقرة: ٣٢] فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ، وَتَصْرِيفِهِ إِيَّاهُمْ فِيمَا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ مَصَالِحِهِمْ.
٢٢ / ٦٢٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ، فَقَوْلُهُ هُوَ كِنَايَةٌ مِنِ اسْمِ اللَّهِ، وَالْأُمِّيُّونَ هُمُ الْعَرَبُ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لِلْأُمِّيِّ أُمِّيٌّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] قَالَ: الْعَرَبُ
٢٢ / ٦٢٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يُحَدِّثُ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ [الجمعة: ٢] الْعَرَبُ
٢٢ / ٦٢٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْعَرَبِ أُمَّةً أُمِّيَّةً لَيْسَ فِيهَا كِتَابٌ يَقْرَءُونَهُ، فَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ رَحْمَةً وَهُدًى يَهْدِيهِمْ بِهِ
٢٢ / ٦٢٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمِّيَّةً لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا
٢٢ / ٦٢٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ الْأُمِّيِّينَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِمْ كِتَابًا
٢٢ / ٦٢٦
وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَعْنِي مِنَ الْأُمِّيِّينَ وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ٧٥]، لِأَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ كَانَ أُمِّيًّا، وَظَهَرَ مِنَ الْعَرَبِ.
٢٢ / ٦٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٦٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: يَقْرَأُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأُمِّيِّينَ آيَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَقُولُ: وَيُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ الْكُفْرِ.
٢٢ / ٦٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَقُولُ: وَيُعَلِّمُهُمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَمَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، وَشَرَائِعَ دِينِهِ ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَعْنِي بِالْحِكْمَةِ: السُّنَنَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [الجمعة: ٢] أَيِ: السُّنَّةَ
٢٢ / ٦٢٧
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [الجمعة: ٢] أَيْضًا كَمَا عَلَّمَ هَؤُلَاءِ يُزَكِّيهِمْ بِالْكِتَابِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ كَمَا صَنَعَ بِالْأَوَّلِينَ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾ [التوبة: ١٠٠] مِمَّنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، قَالَ: وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ سَابِقِينَ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ١١] وَقَالَ: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخَرِينَ﴾ [الواقعة: ١٣] فَثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ سَابِقُونَ، وَقَلِيلٌ السَّابِقُونَ مِنَ الْآخَرِينَ، وَقَرَأَ: ﴿وَأَصْحَابُ
٢٢ / ٦٢٧
الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: ٢٧] حَتَّى بَلَغَ ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخَرِينَ﴾ [الواقعة: ٣٩] أَيْضًا، قَالَ: وَالسَّابِقُونَ مِنَ الْأَوَّلِينَ أَكْثَرُوهُمْ مِنَ الْآخَرِينَ قَلِيلٌ، وَقَرَأَ ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ الْآيَةُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ
٢٢ / ٦٢٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: ١٦٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْأُمِّيُّونَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ فِي جَوْرٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، وَأَخْذٍ عَلَى غَيْرِ هُدًى ﴿مُبِينٍ﴾ [البقرة: ١٦٨] يَقُولُ: يُبَيِّنُ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ أَنَّهُ ضَلَالٌ وَجَوْرٌ عَنِ الْحَقِّ وَطَرِيقِ الرُّشْدِ.
٢٢ / ٦٢٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الجمعة: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ، وَفِي آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ؛ فَآخَرُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا عَلَى الْأُمِّيِّينَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ الْعَجَمُ.
٢٢ / ٦٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثني ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿⦗٦٢٩⦘ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: هُمُ الْأَعَاجِمُ
٢٢ / ٦٢٨
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: هُمُ الْأَعَاجِمُ
٢٢ / ٦٢٩
حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: الْأَعَاجِمُ
٢٢ / ٦٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: الْأَعَاجِمُ
٢٢ / ٦٢٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: الْعَجَمُ
٢٢ / ٦٢٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَمَا إِنَّ سُورَةَ الْجُمُعَةِ أُنْزِلَتْ فِينَا وَفِيكُمْ فِي قَتْلِكُمُ الْكَذَّابَ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: فَأَنْتُمْ هُمْ
٢٢ / ٦٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿⦗٦٣٠⦘ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: الْأَعَاجِمُ
٢٢ / ٦٢٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَحَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، جَمِيعًا عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا قَرَأَ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ» . حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا عَمِّي، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ جَمِيعُ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
٢٢ / ٦٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: مِنْ رَدَفَ الْإِسْلَامَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ
٢٢ / ٦٣١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] قَالَ: هَؤُلَاءِ كُلُّ مَنْ كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كُلُّ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ كُلُّ لَاحِقٍ لَحِقَ بِالَّذِينَ كَانُوا صَحِبُوا النَّبِيَّ ﷺ فِي إِسْلَامِهِمْ مِنْ أَيِّ الْأَجْنَاسِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل عَمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] كُلَّ لَاحِقٍ بِهِمْ مِنْ آخَرِينَ، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْهُمْ نَوْعًا دُونَ نَوْعٍ، فَكُلُّ لَاحِقٍ بِهِمْ فَهُوَ مِنَ الْآخَرِينَ الَّذِي لَمْ يَكُونُوا فِي عِدَادِ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِ اللَّهِ
٢٢ / ٦٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] يَقُولُ: لَمْ يَجِيئُوا بَعْدُ وَسَيَجِيئُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَمَّا ⦗٦٣٢⦘ يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] يَقُولُ: لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ
٢٢ / ٦٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [إبراهيم: ٤] يَقُولُ: وَاللَّهُ الْعَزِيزُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ مِنْهُمْ، الْحَكِيمُ فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ.
٢٢ / ٦٣٢
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٥٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلَ تَعَالَى ذِكْرُهُ مِنْ بَعَثَتِهِ فِي الْأُمِّيِّينَ مِنَ الْعَرَبِ، وَفِي آخَرِينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا وَصَفَ، فَضْلُ اللَّهِ تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٧٣] يَقُولُ: يُؤْتِي فَضْلَهُ ذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ مِمَّنْ حَرَمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ حَقًّا كَانَ لَهُ قَبْلَهُ وَلَا ظَلَمَهُ فِي صَرْفِهِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ مَنْ هُوَ لَهُ أَهْلٌ، فَأَوْدَعَهُ إِيَّاهُ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٥٤] قَالَ: الْفَضْلُ: الدِّينُ
٢٢ / ٦٣٢
﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: ١٠٥] يَقُولُ: اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُحْسِنِ مِنْهُمْ وَالْمُسِيءِ، وَالَّذِينَ بَعَثَ فِيهِمُ الرَّسُولَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ، ﴿الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: ١٠٥] الَّذِي يَقِلُّ فَضْلَ كُلِّ ذِي فَضْلٍ عِنْدَهُ.
٢٢ / ٦٣٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَثَلُ الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاةَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَحُمِّلُوا الْعَمَلَ بِهَا ﴿ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ [الجمعة: ٥] يَقُولُ: ثُمَّ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا، وَكَذَّبُوا بمُحَمَّدٍ ﷺ، وَقَدْ أُمِرُوا بِالْإِيمَانِ بِهِ فِيهَا وَاتِّبَاعِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] يَقُولُ: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ كُتُبًا مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ، لَا يَنْتَفِعُ بِهَا، وَلَا يَعْقِلُ مَا فِيهَا، فَكَذَلِكَ الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاةَ الَّتِي فِيهَا بَيَانُ أَمْرِ مُحَمَّدٍ ﷺ مَثَلُهُمْ إِذَا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا فِيهَا، كَمَثَلِ الْحِمَارِ الَّذِي يَحْمِلُ أَسْفَارًا فِيهَا عِلْمٌ، فَهُوَ لَا يَعْقِلُهَا وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] قَالَ: يَحْمِلُ كُتُبًا لَا يَدْرِي مَا فِيهَا، وَلَا يَعْقِلُهَا
٢٢ / ٦٣٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] قَالَ: يَحْمِلُ كِتَابًا لَا يَدْرِي مَاذَا عَلَيْهِ، وَلَا مَاذَا فِيهِ
٢٢ / ٦٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] قَالَ: كَمَثَلِ الْحِمَارِ الَّذِي يَحْمِلُ كُتُبًا، لَا يَدْرِي مَا عَلَى ظَهْرِهِ
٢٢ / ٦٣٤
حُدِّثْتُ عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] كُتُبًا، وَالْكِتَابُ بِالنَّبَطِيَّةِ يُسَمَّى سِفْرًا؛ ضَرَبَ اللَّهُ هَذَا مَثَلًا لِلَّذِينَ أُعْطُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ كَفَرُوا
٢٢ / ٦٣٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] وَالْأَسْفَارُ: الْكُتُبُ، فَجَعَلَ اللَّهُ مَثَلَ الَّذِي يَقْرَأُ الْكِتَابَ وَلَا يَتَّبِعُ مَا فِيهِ، كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ كِتَابَ اللَّهِ الثَّقِيلَ، لَا يَدْرِي مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٥] الْآيَةُ
٢٢ / ٦٣٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] قَالَ: الْأَسْفَارُ: التَّوْرَاةُ الَّتِي يَحْمِلُهَا الْحِمَارُ عَلَى ظَهْرِهِ، كَمَا تُحْمَلُ الْمَصَاحِفُ عَلَى الدَّوَابِّ، كَمَثَلِ الرَّجُلِ يُسَافِرُ فَيَحْمِلُ مُصْحَفَهُ، قَالَ: فَلَا يَنْتَفِعُ الْحِمَارُ بِهَا حِينَ يَحْمِلُهَا عَلَى ظَهْرِهِ، كَذَلِكَ لَمْ يَنْتَفِعْ هَؤُلَاءِ بِهَا حِينَ لَمْ يَعْمَلُوا بِهَا وَقَدْ أُوتُوهَا، كَمَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا هَذَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِهِ
٢٢ / ٦٣٤
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] يَقُولُ: كُتُبًا. ⦗٦٣٥⦘ وَالْأَسْفَارُ: جَمْعُ سِفْرٍ، وَهِيَ الْكِتَابُ الْعِظَامُ
٢٢ / ٦٣٤
وَقَوْلُهُ: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٥] يَقُولُ: بِئْسَ هَذَا الْمَثَلُ، مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ، يَعْنِي بِأَدِلَّتِهِ وَحُجَجِهِ. ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ لَا يُوَفِّقُ الْقَوْمَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، فَكَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ.
٢٢ / ٦٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجمعة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْيَهُودِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءٌ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ﴾ [الجمعة: ٦] سِوَاكُمْ ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ [البقرة: ٩٤] إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي قِيلِكُمْ، إِنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَوْلِيَاءَهُ، بَلْ يُكْرِمُهُمْ وَيُنْعِمُهُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فِيمَا تَقُولُونَ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِتَسْتَرِيحُوا مِنْ كَرْبِ الدُّنْيَا وَهُمُومِهَا وَغُمُومِهَا، وَتَصِيرُوا إِلَى رَوْحِ الْجِنَّانِ وَنَعِيمِهَا بِالْمَوْتِ.
٢٢ / ٦٣٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا﴾ [الجمعة: ٦] قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ تَابُوا: لِلْيَهُودِ، قَالَ مُوسَى: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦]: إِنَّا تُبْنَا إِلَيْكَ
٢٢ / ٦٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا﴾ [الجمعة: ٧] يَقُولُ: وَلَا ⦗٦٣٦⦘ يَتَمَنَّى الْيَهُودُ الْمَوْتَ أَبَدًا ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٩٥] يَعْنِي: بِمَا اكْتَسَبُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْآثَامِ، وَاجْتَرَحُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٩٥] يَقُولُ: وَاللَّهُ ذُو عِلْمٍ بِمَنْ ظَلَمَ مِنْ خَلْقِهِ نَفْسَهُ، فَأَوْبَقَهَا بِكُفْرِهِ بِاللَّهِ.
٢٢ / ٦٣٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجمعة: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْيَهُودِ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَتَكْرَهُونَهُ، وَتَأْبَوْنَ أَنْ تَتَمَنَّوْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ وَنَازِلٌ بِكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ثُمَّ يَرُدُّكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِكُمْ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، عَالِمِ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ وَالشَّهَادَةِ: يَعْنِي وَمَا شُهِدَ فَظَهَرَ لَرَأْيِ الْعَيْنِ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْ أَبْصَارِ النَّاظِرِينَ.
٢٢ / ٦٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: تَلَا قَتَادَةُ: ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ [الجمعة: ٨] فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَذَلَّ ابْنَ آدَمَ بِالْمَوْتِ. لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ
٢٢ / ٦٣٦
﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ١٠٥] يَقُولُ: فَيُخَبِّرُكُمْ حِينَئِذٍ مَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ، سَيِّئِهَا وَحَسَنِهَا، لِأَنَّهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِهَا، ثُمَّ يُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ.
٢٢ / ٦٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ ⦗٦٣٧⦘ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَالِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] وَذَلِكَ هُوَ النِّدَاءُ، يُنَادَى بِالدُّعَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ؛ وَمَعْنَى الْكَلَامِ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] يَقُولُ: فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَاعْمَلُوا لَهُ؛ وَأَصْلُ السَّعْيِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْعَمَلُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الشَّوَاهِدَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: فَاسْعَوْا فِي الْعَمَلِ، وَلَيْسَ السَّعْيُ فِي الْمَشْيِ
٢٢ / ٦٣٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] وَالسَّعْيُ يَا ابْنَ آدَمَ أَنْ تَسْعَى بِقَلْبِكَ وَعَمَلِكَ، وَهُوَ الْمُضِيُّ إِلَيْهَا
٢٢ / ٦٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ رضي الله عنه: إِنَّ أُبَيًّا يَقْرَؤُهَا: ﴿فَاسْعَوْا﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: أَمَا إِنَّهُ أَقْرَؤُنَا وَأَعْلَمُنَا بِالْمَنْسُوخِ وَإِنَّمَا هِيَ «فَامْضُوا»
٢٢ / ٦٣٨
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ السُّكَّرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقْرَؤُهَا قَطُّ إِلَّا «فَامْضُوا»
٢٢ / ٦٣٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا حَنْظَلَةُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقْرَؤُهَا: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَهَا: «فَامْضُوا»
٢٢ / ٦٣٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْرَأُ: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٣٨
قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ تَوَفَّى اللَّهُ عُمَرَ رضي الله عنه، وَمَا يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا الْجُمُعَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] إِلَّا «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٣٩
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» وَيَقُولُ: لَوْ قَرَأْتُهَا: فَاسْعَوْا، لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي
٢٢ / ٦٣٩
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ كَانَ السَّعْيُ لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي، قَالَ: وَلَكِنَّهَا: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» . قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَقْرَؤُهَا
٢٢ / ٦٣٩
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٣٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٣٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: هِيَ لِلْأَحْرَارِ
٢٢ / ٦٣٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: عِنْدَ الْوَقْتِ
٢٢ / ٦٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: عِنْدَ الْوَقْتِ
٢٢ / ٦٤٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: هُوَ عِنْدَ الْعَزْمَةِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ، عِنْدَ الذِّكْرِ
٢٢ / ٦٤٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: النِّدَاءُ عِنْدَ الذِّكْرِ عَزِيمَةٌ
٢٢ / ٦٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: الْعَزْمَةُ عِنْدَ الذِّكْرِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ
٢٢ / ٦٤٠
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَالْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَوْ قَرَأْتُهَا: فَاسْعَوْا، لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي، وَكَانَ يَقْرَؤُهَا: «فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٤٠
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ ⦗٦٤١⦘ مَسْعُودِ قَالَ: قَرَأَهَا «فَامْضُوا»
٢٢ / ٦٤٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: السَّعْيُ الْعَمَلُ
٢٢ / ٦٤١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمُ الدَّاعِي الْأَوَّلَ، فَأَجِيبُوا إِلَى ذَلِكَ وَأَسْرِعُوا وَلَا تُبْطِئُوا؛ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ أَذَانٌ إِلَّا أَذَانَانِ: أَذَانٌ حِينَ يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَذَانٌ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ؛ قَالَ: وَهَذَا الْآخَرُ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدُ؛ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ الْبَيْعُ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ إِذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَرَأَ ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ يَذَرُونَ شَيْئًا غَيْرَهُ، حَرَّمَ الْبَيْعَ ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِيهِ إِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ: وَالسَّعْيُ أَنْ يُسْرِعَ إِلَيْهَا، أَنْ يُقْبِلَ إِلَيْهَا
٢٢ / ٦٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
٢٢ / ٦٤١
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] السَّعْيُ: هُوَ الْعَمَلُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ [الليل: ٤]
٢٢ / ٦٤١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] يَقُولُ: وَدَعُوا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ.
٢٢ / ٦٤١
وَكَانَ الضَّحَّاكُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ حَرُمَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ
٢٢ / ٦٤٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ حَرُمَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ
٢٢ / ٦٤٢
حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَجْلِسُونَ فِي بَقِيعِ الزُّبَيْرِ، فَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَقُومُونَ، فَنَزَلَتْ ﴿: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] وَأَمَّا الذِّكْرُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى بِالسَّعْي إِلَيْهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ مَوْعِظَةُ الْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ فِيمَا قِيلَ
٢٢ / ٦٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: الْعَزْمَةُ عِنْدَ الذِّكْرِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ
٢٢ / ٦٤٢
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] قَالَ: فَهِيَ مَوْعِظَةُ الْإِمَامِ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ بَعْدُ
٢٢ / ٦٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: ٤١] يَقُولُ: سَعْيُكُمْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَتَرْكُ الْبَيْعِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَصَالِحَ أَنْفُسِكُمْ وَمَضَارَّهَا. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: ﴿الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْجِيمِ، خَلَا الْأَعْمَشَ فَإِنَّهُ قَرَأَهَا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ.
٢٢ / ٦٤٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا قُضِيَتِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠] إِنْ شِئْتُمْ، ذَلِكَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ لَكُمْ فِي ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٢ / ٦٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: هِيَ رُخْصَةٌ، يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠]
٢٢ / ٦٤٣
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠] قَالَ: ⦗٦٤٤⦘ هَذَا إِذْنٌ مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ خَرَجَ، وَمَنْ شَاءَ جَلَسَ
٢٢ / ٦٤٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ إِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] فَقَدْ أَحْلَلْتَهُ لَكُمْ
٢٢ / ٦٤٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ
٢٢ / ٦٤٤
مَا: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُعَافَى بْنِ يَعْقُوبَ الْمَوْصِلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الصَّائِغُ، مِنَ الْمَوْصِلِ، عَنْ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] قَالَ: «لَيْسَ لِطَلَبِ دُنْيَا، وَلَكِنْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَحُضُورُ جَنَازَةٍ، وَزِيَارَةُ أَخٍ فِي اللَّهِ» وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ: وَالْتَمِسُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِهِ لِدُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ.
٢٢ / ٦٤٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: ٤٥] يَقُولُ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ بِالْحَمْدِ لَهُ، وَالشُّكْرِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنَ التَّوْفِيقِ لِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، لِتُفْلِحُوا، فَتُدْرِكُوا طِلْبَاتِكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ، وَتَصِلُوا إِلَى الْخُلْدِ فِي جَنَّاتِهِ.
٢٢ / ٦٤٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ عِيرَ تِجَارَةٍ أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا ⦗٦٤٥⦘ يَعْنِي أَسْرَعُوا إِلَى التِّجَارَةِ ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١] يَقُولُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: وَتَرَكُوكَ يَا مُحَمَّدُ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ التِّجَارَةَ الَّتِي رَأَوْهَا فَانْفَضَّ الْقَوْمُ إِلَيْهَا، وَتَرَكُوا النَّبِيَّ ﷺ قَائِمًا كَانَتْ زَيْتًا قَدِمَ بِهِ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ مِنَ الشَّامِ.
٢٢ / ٦٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ بِتِجَارَةِ زَيْتٍ مِنَ الشَّامِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَيْهِ بِالْبَقِيعِ خَشَوْا أَنْ يُسْبَقُوا إِلَيْهِ، قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١]
٢٢ / ٦٤٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ قُرَّةَ، إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ: جَاءَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ بِتِجَارَةٍ وَالنَّبِيُّ ﷺ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَتَرَكُوا النَّبِيَّ ﷺ وَخَرَجُوا إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ
٢٢ / ٦٤٥
حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: ثنا عَبْثَرٌ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْجُمُعَةِ، فَمَرَّتْ عِيرٌ تَحْمِلُ الطَّعَامَ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْجُمُعَةِ
٢٢ / ٦٤٥
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَصَابَهُمْ جُوعٌ وَغَلَاءُ سِعْرٍ، فَقَدِمَتْ عِيرٌ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَسَمِعُوا بِهَا، فَخَرَجُوا وَالنَّبِيُّ ﷺ قَائِمٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل
٢٢ / ٦٤٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١] قَالَ: جَاءَتْ تِجَارَةٌ فَانْصَرَفُوا إِلَيْهَا، وَتَرَكُوا النَّبِيَّ ﷺ قَائِمًا وَإِذَا رَأَوْا لَهْوًا وَلَعِبًا ﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: ١١]
٢٢ / ٦٤٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١] قَالَ: رِجَالٌ كَانُوا يَقُومُونَ إِلَى نَوَاضِحِهِمْ وَإِلَى السَّفَرِ يَبْتَغُونَ التِّجَارَةَ
٢٢ / ٦٤٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُونَ وَيَقُومُونَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَقَالَ: «كَمْ أَنْتُمْ؟» فَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ فَإِذَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ؛ ثُمَّ قَامَ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ فَجَعَلَ يَخْطُبُهُمْ؛ قَالَ سُفْيَانُ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ فِيَ حَدِيثِهِ وَيَعِظُهُمْ ⦗٦٤٧⦘ وَيُذَكِّرُهُمْ، فَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُونَ وَيَقُومُونَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَقَالَ: «كَمْ أَنْتُمْ؟» فَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ، فَإِذَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ؛ ثُمَّ قَامَ فِي الْجُمُعَةِ الثَّالِثَةِ فَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُونَ وَيَقُومُونَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَقَالَ: «كَمْ أَنْتُمْ؟» فَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ، فَإِذَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اتَّبَعَ آخِرُكُمْ أَوَّلَكُمْ لَالْتَهَبَ عَلَيْكُمُ الْوَادِي نَارًا» . وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١]
٢٢ / ٦٤٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١] قَالَ: لَوِ اتَّبَعَ آخِرُهُمْ أَوَّلَهُمْ لَالْتَهَبَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَارًا
٢٢ / ٦٤٧
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، قَالَ مَعْمَرٌ، قَالَ قَتَادَةُ: لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَئِذٍ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ مَعَهُمْ
٢٢ / ٦٤٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١] قَالَ: قَدِمَتْ عِيرٌ فَانْفَضُّوا إِلَيْهَا، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا
٢٢ / ٦٤٧
حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمُلِيُّ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، ⦗٦٤٨⦘ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ، فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْجُمُعَةِ ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١] وَأَمَّا اللَّهْوُ، فَإِنَّهُ اخْتُلِفَ مِنْ أَيِّ أَجْنَاسِ اللَّهْوِ كَانَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ كَبَرًا وَمَزَامِيرَ
٢٢ / ٦٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ الْجَوَارِي إِذَا نُكِحُوا كَانُوا يَمُرُّونَ بِالْكَبَرِ وَالْمَزَامِيرِ وَيَتْرُكُونَ النَّبِيَّ ﷺ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيَنْفَضُّونَ إِلَيْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١] وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ طَبْلًا
٢٢ / ٦٤٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اللَّهْوُ: الطَّبْلُ
٢٢ / ٦٤٨
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْأَشْيَبُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، قَالَ: ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ اللَّهْوَ: هُوَ الطَّبْلُ وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ جَابِرٍ، لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ أَمْرَ الْقَوْمِ وَمَشَاهِدَهُمْ
٢٢ / ٦٤٩
وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾ [الجمعة: ١١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ، لِمَنْ جَلَسَ مُسْتَمِعًا خِطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَوْعِظَتَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْهَا، خَيْرٌ لَهُ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ الَّتِي يَنْفَضُّونَ إِلَيْهَا. ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: ١١] يَقُولُ: وَاللَّهُ خَيْرُ رَازِقٍ، فَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا فِي طَلَبِ أَرْزَاقِكُمْ، وَإِيَّاهُ فَاسْأَلُوا أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ دُونَ غَيْرِهِ.
أخبار تونس نور العقيدة، أساس العلم، وحقائق الكون !