مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٢ / ٦٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ﴾ السَّبْعِ ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] مِنَ الْخَلْقِ، مُذْعِنِينَ لَهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [إبراهيم: ٤] فِي نِقْمَتِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ مِنْهُمْ فَكَفَرَ بِهِ، وَخَالَفَ أَمْرَهُ ﴿الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢] فِي تَدْبِيرِهِ إِيَّاهُمْ.
٢٢ / ٦٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لِمَ تَقُولُونَ الْقَوْلَ الَّذِي لَا تُصَدِّقُونَهُ بِالْعَمَلِ، فَأَعْمَالُكُمْ مُخَالِفَةٌ أَقْوَالَكُمْ ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] يَقُولُ: عَظُمَ مَقْتًا عِنْدَ رَبِّكُمْ قَوْلُكُمْ مَا لَا تَفْعَلُونَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُنْزِلَتْ تَوْبِيخًا مِنَ اللَّهِ لِقَوْمٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، تَمَنَّوْا مَعْرِفَةَ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ. فَعَرَّفَهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا عَرَفُوا قَصَّرُوا، فَعُوتِبُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ.
٢٢ / ٦٠٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ الْجِهَادُ يَقُولُونَ: لَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ دَلَّنَا عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ ⦗٦٠٧⦘ فَنَعْمَلَ بِهِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ إِيمَانٌ بِاللَّهِ لَا شَكَّ فِيهِ، وَجِهَادُ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ الَّذِينَ خَالَفُوا الْإِيمَانَ وَلَمْ يُقِرُّوا بِهِ؛ فَلَمَّا نَزَلَ الْجِهَادُ، كَرِهَ ذَلِكَ أُنَاسٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَشَقَّ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢]
٢٢ / ٦٠٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ: وَاللَّهِ لَوْ أَنَّا نَعْلَمُ مَا أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا﴾ [الصف: ٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ
٢٢ / ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: قَالُوا: لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَأَفْضَلَ. فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف: ١٠] فَكَرِهُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢]
٢٢ / ٦٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] فِيمَا بَيْنَ ⦗٦٠٨⦘ ذَلِكَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، قَالُوا فِي مَجْلِسٍ: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَا بِهَا حَتَّى نَمُوتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِيهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: لَا أَزَالُ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَمُوتَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي تَوْبِيخِ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، كَانَ أَحَدُهُمْ يَفْتَخِرُ بِالْفِعْلِ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا، فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَعَذَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى افْتِخَارِهِمْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا كَذِبًا
٢٢ / ٦٠٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجِهَادِ، كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ: قَاتَلْتُ وَفَعَلْتُ، وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَ، فَوَعَظَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَوْعِظَةِ
٢٢ / ٦٠٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] يُؤْذِنُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ كَمَا تَسْمَعُونَ ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [غافر: ٣٥] وَكَانَتْ رِجَالٌ تُخْبِرُ فِي الْقِتَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يَفْعَلُوهُ وَلَمْ يَبْلُغُوهُ، فَوَعَظَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤]
٢٢ / ٦٠٨
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: ⦗٦٠٩⦘ سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي الرَّجُلِ يَقُولُ فِي الْقِتَالِ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ مِنَ الضَّرْبِ وَالطَّعْنِ وَالْقَتْلِ؛ قَالَ اللَّهُ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هَذَا تَوْبِيخٌ مِنَ اللَّهِ لِقَوْمٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، كَانُوا يَعِدُونَ الْمُؤْمِنِينَ النَّصْرَ وَهُمْ كَاذِبُونَ
٢٢ / ٦٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ: لَوْ خَرَجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ، وَكُنَّا فِي نَصْرِكُمْ، وَفِي، وَفِي، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِهَا الَّذِينَ قَالُوا: لَوْ عَرَفْنَا أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَا بِهِ، ثُمَّ قَصَّرُوا فِي الْعَمَلِ بَعْدَمَا عَرَفُوا. وَإِنَّمَا قُلْنَا: هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى بِهَا، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاطَبَ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا؛ وَلَوْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ لَمْ يُسَمُّوا، وَلَمْ يُوصَفُوا بِالْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانُوا وَصَفُوا أَنْفُسَهُمْ بِفِعْلِ مَا لَمْ يَكُونُوا فَعَلُوهُ، كَانُوا قَدْ تَعَمَّدُوا قِيلَ الْكَذِبِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ صِفَةَ الْقَوْمِ، وَلَكِنَّهُمْ عِنْدِي أَمَّلُوا بِقَوْلِهِمْ: لَوْ عَلِمْنَا أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَمِلْنَاهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا بِذَلِكَ عَمِلُوهُ؛ فَلَمَّا عَلِمُوا ضَعُفَتْ قُوَى قَوْمٍ مِنْهُمْ، عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أَمَّلُوا الْقِيَامَ بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَقَوِيَ آخَرُونَ فَقَامُوا بِهِ، وَكَانَ لَهُمُ الْفَضْلُ وَالشَّرَفُ.
٢٢ / ٦٠٩
وَاخْتَلَفَتْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَفِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ [غافر: ٣٥] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ: قَالَ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [غافر: ٣٥] أَيْ: كَبُرَ مَقْتُكُمْ مَقْتًا. ثُمَّ قَالَ: ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] أَذَى قَوْلِكُمْ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْكُوفَةِ: قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ لَأَتَيْنَاهُ، وَلَوْ ذَهَبَتْ فِيهِ أَنْفُسُنَا وَأَمْوَالُنَا؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ، نَزَلُوا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى شُجَّ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فَقَالَ: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] ثُمَّ قَالَ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [غافر: ٣٥] كَبُرَ ذَلِكَ مَقْتًا. أَيْ: فَأَنْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، لِأَنَّ كَبُرَ كَقَوْلِهِ: بِئْسَ رَجُلًا أَخُوكَ
٢٢ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [غافر: ٣٥] وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا، أُضْمِرَ فِي كَبُرَ اسْمٌ يَكُونُ مَرْفُوعًا. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ ﴿مَقْتًا﴾ [فاطر: ٣٩] مَنْصُوبٌ عَلَى التَّفْسِيرِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: كَبُرَ قَوْلًا هَذَا الْقَوْلُ.
٢٢ / ٦١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْقَائِلِينَ: لَوْ عَلِمْنَا أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ حَتَّى نَمُوتَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٠] أَيُّهَا الْقَوْمُ ﴿يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ﴾ [الصف: ٤]، يَعْنِي فِي طَرِيقِهِ وَدِينِهِ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ ﴿صَفًّا﴾ [الكهف: ٤٨] يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَعْدَاءَ ⦗٦١١⦘ اللَّهِ مُصْطَفِّينَ.
٢٢ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] يَقُولُ: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَفًّا مُصْطَفًّا، كَأَنَّهُمْ فِي اصْطِفَافِهِمْ هُنَالِكَ حِيطَانٌ مَبْنِيَّةٌ قَدْ رُصَّ، فَأُحْكِمَ وَأُتْقِنَ، فَلَا يُغَادِرُ مِنْهُ شَيْئًا. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: بُنِيَ بِالرَّصَاصِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] أَلَمْ تَرَ إِلَى صَاحِبِ الْبُنْيَانِ كَيْفَ لَا يُحِبُّ أَنْ يَخْتَلِفَ بُنْيَانُهُ، كَذَلِكَ تبارك وتعالى لَا يَخْتَلِفُ أَمْرُهُ، وَإِنَّ اللَّهَ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قِتَالِهِمْ وَصَفِّهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ، فَعَلَيْكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ عِصْمَةٌ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ
٢٢ / ٦١١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] قَالَ: وَالَّذِينَ صَدَّقُوا قَوْلَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ هَؤُلَاءِ؛ قَالَ: وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَصَّدَّقُوا قَوْلَهُمْ بِالْأَعْمَالِ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ نَكَصُوا عَنْهُ وَتَخَلَّفُوا وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ [الصف: ٤] لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ رَاجِلًا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْقِتَالِ فَارِسًا، لِأَنَّ الْفُرْسَانَ لَا يَصْطَفُّونَ، وَإِنَّمَا تَصْطَفُّ الرَّجَّالَةُ
٢٢ / ٦١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْقِتَالَ عَلَى الْخَيْلِ، وَيَسْتَحِبُّونَ الْقِتَالَ عَلَى الْأَرْضِ، لِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] . قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَحْرِيَّةَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُونِي الْتَفِتُ فِي الصَّفِّ، فَجَئُوا فِي لَحْيَيَّ
٢٢ / ٦١٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ إِذْ قَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ لِقَوْمِهِ: ﴿يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: ٥] حَقًّا ﴿أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ﴾ [الصف: ٥] .
٢٢ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥] يَقُولُ: فَلَمَّا عَدَلُوا وَجَارُوا عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ ﴿أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥]: يَقُولُ: أَمَالَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عَنْهُ.
٢٢ / ٦١٢
وَقَدْ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، قَالَ: ثنا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥] قَالَ: هُمُ الْخَوَارِجُ
٢٢ / ٦١٢
﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: ١٠٨] يَقُولُ: وَاللَّهُ لَا يُوَفِّقُ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ الْقَوْمَ الَّذِينَ اخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ.
٢٢ / ٦١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [الصف: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاذْكُرْ أَيْضًا يَا مُحَمَّدُ إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ [الصف: ٦] الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] أُبَشِّرُكُمْ ﴿بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: ٦] .
٢٢ / ٦١٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي، وَالرُّؤْيَا الَّتِي رَأَتْ أُمِّي، وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ، يَرَيْنَ أَنَّهَا رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ»
٢٢ / ٦١٣
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [الصف: ٦] يَقُولُ: فَلَمَّا جَاءَهُمْ أَحْمَدُ بِالْبَيِّنَاتِ، وَهِيَ الدَّلَالَاتُ الَّتِي آتَاهُ اللَّهُ حُجَجًا عَلَى نُبُوَّتِهِ ﴿قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [النمل: ١٣] يَقُولُ: مَا أَتَى بِهِ ⦗٦١٤⦘ غَيْرَ أَنَّني سَاحِرٌ.
٢٢ / ٦١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الصف: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَنْ أَشَدُّ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا مِمَّنِ اخْتَلَقَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَهُوَ قَوْلُ قَائِلِهِمْ لِلنَّبِيِّ ﷺ: هُوَ سَاحِرٌ وَلِمَا جَاءَ بِهِ سِحْرٌ، فَكَذَلِكَ افْتِرَاؤُهُ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ يَقُولُ: إِذَا دُعِيَ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَافْتَرَى عَلَيْهِ الْبَاطِلَ ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] يَقُولُ: وَاللَّهُ لَا يُوَفِّقُ الْقَوْمَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِهِ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ.
٢٢ / ٦١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُرِيدُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: هَذَا سَاحِرٌ مُبِينٌ ﴿لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ يَقُولُ: يُرِيدُونَ لِيُبْطِلُوا الْحَقَّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٧] يَعْنِي بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ سَاحِرٌ، وَمَا جَاءَ بِهِ سِحْرٌ ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ [الصف: ٨] يَقُولُ: اللَّهُ مُعْلِنٌ الْحَقَّ، وَمُظْهِرٌ دِينَهُ، وَنَاصِرٌ مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام عَلَى مَنْ عَادَاهُ، فَذَلِكَ إِتْمَامُ نُورِهِ، وَعُنِيَ بِالنُّورِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْإِسْلَامُ. وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ: عُنِيَ بِهِ الْقُرْآنُ.
٢٢ / ٦١٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ قَالَ: نُورُ الْقُرْآنِ ⦗٦١٥⦘ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ [الصف: ٨] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: (مُتِمٌّ نُورَهُ) بِالنَّصْبِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿مُتِمُّ﴾ [آل عمران: ١٥٧] بِغَيْرِ تَنْوِينٍ ﴿نُورِهِ﴾ [الصف: ٨] خَفْضًا، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ عِنْدَنَا
٢٢ / ٦١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٣٢] يَقُولُ: وَاللَّهُ مُظْهِرٌ دِينَهُ، نَاصِرٌ رَسُولَهُ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ.
٢٢ / ٦١٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، يَعْنِي بِبَيَانِ الْحَقِّ وَدِينِ الْحَقِّ يَعْنِي: وَبِدِينِ اللَّهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ.
٢٢ / ٦١٥
وَقَوْلُهُ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣] يَقُولُ: لِيُظْهِرَ دِينَهُ الْحَقَّ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ عَلَى كُلِّ دِينٍ سِوَاهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَحِينَ تَصِيرُ الْمِلَّةُ وَاحِدَةً، فَلَا يَكُونُ دِينٌ غَيْرَ الْإِسْلَامِ.
٢٢ / ٦١٥
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الصف: ٩] قَالَ: خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الصف: ٩] وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِعِلَلِهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا ⦗٦١٦⦘ الْمَوْضِعِ
٢٢ / ٦١٥
وَقَدْ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى» . فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الصف: ٩] الْآيَةَ، أَنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ تَامًّا، فَقَالَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءُ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَيَتَوَفَّى مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ»
٢٢ / ٦١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف: ١٠] مُوجِعٍ، وَذَلِكَ عَذَابُ جَهَنَّمَ؛ ثُمَّ بَيَّنَ لَنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا تِلْكَ التِّجَارَةُ الَّتِي تُنْجِينَا مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، فَقَالَ: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الصف: ١١] مُحَمَّدٍ ﷺ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقَدْ قِيلَ لَهُمْ: ﴿يَا أَيُّهَا
٢٢ / ٦١٦
الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٠٤] بِوَصْفِهِمْ بِالْإِيمَانِ؟ فَإِنَّ الْجَوَابَ فِي ذَلِكَ نَظِيرُ جَوَابِنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ﴾ [النساء: ١٣٦] وَقَدْ مَضَى الْبَيَانُ عَنْ ذَلِكَ، فِي مَوْضِعِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
٢٢ / ٦١٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾ [الصف: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتُجَاهِدُونَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَطَرِيقِهِ الَّذِي شَرَعَهُ لَكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤] يَقُولُ: إِيمَانُكُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَجِهَادُكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ تَضْيِيعِ ذَلِكَ وَالتَّفْرِيطِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤] مَضَارَّ الْأَشْيَاءِ وَمَنَافِعَهَا. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «آمِنُوا بِاللَّهِ» عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ، وَبُيِّنَتِ التِّجَارَةُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ﴾ [الصف: ١٠] وَفُسِّرَتْ بِقَوْلِهِ: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [النساء: ٥٩] وَلَمْ يَقُلْ: أَنْ تُؤْمِنُوا، لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا فَسَّرَتِ الِاسْمَ بِفِعْلٍ تُثْبِتُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنْ أَحْيَانًا، وَتَطْرَحُهَا أَحْيَانًا، فَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ تَقُومُ بِنَا إِلَى فُلَانٍ فَنَعُودُهُ؟ هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ أَنْ تَقُومَ إِلَى فُلَانٍ فَنَعُودَهُ؟ بِأَنْ وَبِطَرْحِهَا. وَمِمَّا جَاءَ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَوْلُهُ: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا﴾ [عبس: ٢٥] وَإِنَّا؛ فَالْفَتْحُ فِي أَنَّا لُغَةُ مَنْ أَدْخَلَ فِي يَقُومَ أَنْ مِنَ قَوْلِهِمْ: هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ أَنْ تَقُومَ، وَالْكَسْرُ فِيهَا لُغَةُ مَنْ يُلْقِي أَنْ مِنَ تَقُومُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةَ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾ [النمل: ٥١] وَإِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ، عَلَى مَا بَيَّنَّا.
٢٢ / ٦١٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ⦗٦١٨⦘ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ﴾ [الصف: ١٠] الْآيَةُ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَهَا، وَدَلَّ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنِينَ، لَتَلَهَّفَ عَلَيْهَا رِجَالٌ أَنْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَهَا، حَتَّى يَضِنُّوا بِهَا وَقَدْ دَلَّكُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا، وَأَعْلَمَكُمْ إِيَّاهَا فَقَالَ: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: ١١]
٢٢ / ٦١٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: تَلَا قَتَادَةُ: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الصف: ١١] قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَيَّنَهَا
٢٢ / ٦١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [الصف: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَسْتُرُ عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ ذُنُوبَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَيَصْفَحُ عَنْكُمْ وَيَعْفُو ﴿وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الصف: ١٢] يَقُولُ: وَيُدْخِلْكُمْ بَسَاتِينَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ ﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً﴾ [التوبة: ٧٢] يَقُولُ: وَيُدْخِلْكُمْ أَيْضًا مَسَاكِنَ طَيِّبَةً. ﴿فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ [التوبة: ٧٢] يَعْنِي فِي بَسَاتِينَ إِقَامَةٍ، لَا ظَعْنَ عَنْهَا.
٢٢ / ٦١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [المائدة: ١١٩] يَقُولُ: ذَلِكَ النَّجَاءُ الْعَظِيمُ مِنْ نَكَالِ الْآخِرَةِ وَأَهْوَالِهَا.
٢٢ / ٦١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ
٢٢ / ٦١٨
طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِيمَا نَعَتَتْ بِهِ قَوْلُهُ: ﴿وَأُخْرَى﴾ [آل عمران: ١٣] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَتِجَارَةٍ أُخْرَى، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أُخْرَى فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف: ١٠] وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْكُوفَةِ يَقُولُ: هِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. أَيْ: وَلَكُمْ أُخْرَى فِي الْعَاجِلِ مَعَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ﴾ [الصف: ١٣] مُفَسِّرًا لِلْأُخْرَى. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ: وَلَكُمْ أُخْرَى تُحِبُّونَهَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ ﴿نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف: ١٣] مُبَيِّنٌ عَنْ أَنَّ قَوْلَهُ ﴿وَأُخْرَى﴾ [آل عمران: ١٣] فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَلَوْ كَانَ جَاءَ ذَلِكَ خَفْضًا حَسُنَ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَأُخْرَى عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿تِجَارَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٢] فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ لَوْ قُرِئَ ذَلِكَ خَفْضًا، وَعَلَى خَلَّةٍ أُخْرَى تُحِبُّونَهَا، فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْتُ: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَلَكُمْ خَلَّةٌ أُخْرَى سِوَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تُحِبُّونَهَا: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ﴾ [الصف: ١٣] لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ، ﴿وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف: ١٣] يُعَجِّلُهُ لَكُمْ.
٢٢ / ٦١٩
﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّدُ الْمُؤْمِنِينَ بِنَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَفَتْحٍ عَاجِلٍ لَهُمْ.
٢٢ / ٦١٩
وَقَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: كُونُوا أَنْصَارًا لِلَّهِ بِتَنْوِينِ الْأَنْصَارِ. وَقَرَأَ ⦗٦٢٠⦘ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ بِإِضَافَةِ الْأَنْصَارِ إِلَى اللَّهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] يَعْنِي مَنْ أَنْصَارِي مِنْكُمْ إِلَى نُصْرَةِ اللَّهِ لِي.
٢٢ / ٦١٩
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] قَالَ: قَدْ كَانَتْ لِلَّهِ أَنْصَارٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ تُجَاهِدُ عَلَى كِتَابِهِ وَحَقِّهِ. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ بَايَعَهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ عَلَامَ تُبَايِعُونَ هَذَا الرَّجُلَ؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَ عَلَى مُحَارَبَةِ الْعَرَبِ كُلِّهَا أَوْ يُسْلِمُوا. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ اشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ، قَالَ: «أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِيَ مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ» . قَالُوا: فَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَمَا لَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَكُمُ النَّصْرُ فِي الدُّنْيَا، وَالْجَنَّةُ فِي الْآخِرَةِ» . فَفَعَلُوا، فَفَعَلَ اللَّهُ
٢٢ / ٦٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: تَلَا قَتَادَةُ ﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] قَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ ⦗٦٢١⦘ بِحَمْدِ اللَّهِ، جَاءَهُ سَبْعُونَ رَجُلًا، فَبَايَعُوهُ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، فَنَصَرُوهُ وَآوَوْهُ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ دِينَهُ؛ قَالُوا: وَلَمْ يُسَمَّ حَيٌّ مِنَ السَّمَاءِ اسْمًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ
٢٢ / ٦٢٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ الْحَوَارِيِّينَ كُلَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَحَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ
٢٢ / ٦٢١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٢] قَالَ: مَنْ يَتَّبِعُنِي إِلَى اللَّهِ
٢٢ / ٦٢١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْحَوَارِيِّينَ، قَالَ: سُمُّوا لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ كَانُوا صَيَّادِي السَّمَكِ
٢٢ / ٦٢١
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿الْحَوَارِيُّونَ﴾ [الصف: ١٤] هُمُ الْغَسَّالُونَ بِالنَّبَطِيَّةِ؛ يُقَالَ لِلْغَسَّالِ: حَوَارِيٌّ ⦗٦٢٢⦘ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا فِي مَعْنَى الْحَوَارِيِّ بِشَوَاهِدِهِ وَاخْتِلَافُ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ قَبْلُ فِيمَا مَضَى، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ
٢٢ / ٦٢١
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٢] يَقُولُ: قَالُوا: نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ عَلَى مَا بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ مِنَ الْحَقِّ.
٢٢ / ٦٢٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعِيسَى، وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ عِيسَى إِلَى السَّمَاءِ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ فِي بَيْتٍ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً؛ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ سَيَكْفُرُ بِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِي؛ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَلَ مَكَانِي، وَيَكُونَ مَعِي فِي دَرَجَتِي؟ قَالَ: فَقَامَ شَابٌّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، قَالَ: فَقَالَ أَنَا، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ؛ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ الشَّابُّ، فَقَالَ أَنَا؛ قَالَ: نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ؛ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُ عِيسَى، وَرُفِعَ عِيسَى مِنْ رَوْزَنَةٍ فِي الْبَيْتِ إِلَى السَّمَاءِ؛ قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَبُ مِنَ الْيَهُودِ، وَأَخَذُوا شَبَهَهُ. فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ، وَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِهِ، فَتَفَرَّقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ اللَّهُ فِينَا مَا شَاءَ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّةُ. ⦗٦٢٣⦘ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا ابْنُ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّةُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ. كَانَ فِينَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ مَا شَاءَ اللَّهِ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ، فَتَظَاهَرَتِ الطَّائِفَتَانِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ، فَقَتَلُوهَا، فَلَمْ يَزَلِ الْإِسْلَامُ طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ. ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ﴿وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] يَعْنِي الطَّائِفَةَ الَّتِي كَفَرَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَنِ عِيسَى، وَالطَّائِفَةَ الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَنِ عِيسَى، ﴿فَأَيِّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ، فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤] فِي إِظْهَارِ مُحَمَّدٍ عَلَى دِينِهِمْ دِينَ الْكُفَّارِ، فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ
٢٢ / ٦٢٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ﴾ [الصف: ١٤] يَقُولُ: فَقَوَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، الَّذِي كَفَرُوا مِنْهُمْ بمُحَمَّدٍ ﷺ لِتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُمْ، أَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَتَكْذِيبِهِ مَنْ قَالَ هُوَ إِلَهٌ، وَمَنْ قَالَ: هُوَ ابْنُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤]، فَأَصْبَحَتِ الطَّائِفَةُ الْمُؤْمِنُونَ ظَاهِرِينَ عَلَى عَدُوِّهِمُ الْكَافِرِينَ مِنْهُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٢ / ٦٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ﴾ [الصف: ١٤] قَالَ: قَوَّيْنَا
٢٢ / ٦٢٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ⦗٦٢٤⦘، ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا، وَنَزَلَ تَصْدِيقُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى، أَصْبَحَتْ حُجَّةُ مَنْ آمَنَ بِهِ ظَاهِرَةٌ
٢٢ / ٦٢٣
قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤] قَالَ: أُيِّدُوا بمُحَمَّدٍ ﷺ، فَصَدَّقَهُمْ، وَأَخْبَرَ بِحُجَّتِهِمْ
٢٢ / ٦٢٤
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤] قَالَ: أَصْبَحَتْ حُجَّةُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى ظَاهِرَةً بِتَصْدِيقِ مُحَمَّدٍ ﷺ كَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ
٢٢ / ٦٢٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤] مَنْ آمَنَ مَعَ عِيسَى ﷺ
أخبار تونس نور العقيدة، أساس العلم، وحقائق الكون !