حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: ٨٤] قَالَ: «سَلِيمٍ مِنَ الشِّرْكِ»
١٩ / ٥٦٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: ٨٤] قَالَ: «لَا شَكَّ فِيهِ»
١٩ / ٥٦٥
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: “يَا بَنِيَّ لَا تَكُونُوا لَعَّانِينَ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَلْعَنْ شَيْئًا قَطُّ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: ٨٤]
١٩ / ٥٦٥
وَقَوْلُهُ: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ﴾ [الصافات: ٨٥] يَقُولُ حِينَ قَالَ: يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: أَيُّ شَيْءٍ تَعْبُدُونَ
١٩ / ٥٦٥
وَقَوْلُهُ: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾ [الصافات: ٨٦] يَقُولُ: أَكَذِبًا مَعْبُودًا غَيْرَ اللَّهِ تُرِيدُونَ
١٩ / ٥٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ⦗٥٦٦⦘ النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ﴾ [الصافات: ٨٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ٨٧]؟ يَقُولُ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَظُنُّونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِكُمْ إِنْ لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ
١٩ / ٥٦٥
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ٨٧] يَقُولُ: «إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ»
١٩ / ٥٦٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] ذَكَرَ أَنَّ قَوْمَهُ كَانُوا أَهْلَ تَنْجِيمٍ، فَرَأَى نَجْمًا قَدْ طَلَعَ، فَعَصَبَ رَأْسَهُ وَقَالَ: إِنِّي مَطْعُونٌ، وَكَانَ قَوْمُهُ يَهْرَبُونَ مِنَ الطَّاعُونِ، فَأَرَادَ أَنْ يَتْرُكُوهُ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمْ، وَيَخْرُجُوا عَنْهُ، لِيُخَالِفَهُمْ إِلَيْهَا فَيَكْسِرُهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٥٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] قَالَ: «قَالُوا لَهُ وَهُوَ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمُ: اخْرُجْ، فَقَالَ: إِنِّي مَطْعُونٌ، فَتَرَكُوهُ مَخَافَةَ الطَّاعُونِ»
١٩ / ٥٦٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] «رَأَى نَجْمًا طَلَعَ»
١٩ / ٥٦٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ رَأَى نَجْمًا طَلَعَ فَقَالَ ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] قَالَ: «كَايَدَ نَبِيُّ اللَّهِ عَنْ دِينِهِ، فَقَالَ: إِنِّي سَقِيمٌ»
١٩ / ٥٦٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] «قَالُوا لِإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمُ: اخْرُجْ مَعَنَا، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي مَطْعُونٌ، فَتَرَكُوهُ مَخَافَةَ أَنْ يَعْدِيَهُمْ»
١٩ / ٥٦٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] قَالَ: “أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلِكُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ غَدًا عِيدَنَا، فَاحْضَرْ مَعَنَا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى نَجْمٍ فَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ النَّجْمَ لَمْ يَطْلُعْ قَطُّ إِلَّا طَلَعَ بِسَقْمٍ لِي، فَقَالَ: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]
١٩ / ٥٦٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] ” يَقُولُ اللَّهُ: ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ [الصافات: ٩٠]
١٩ / ٥٦٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] أَيْ طَعِينٌ، أَوْ لِسَقَمٍ كَانُوا يَهْرَبُونَ مِنْهُ إِذَا سَمِعُوا بِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ إِبْرَاهِيمُ أَنْ ⦗٥٦٨⦘ يَخْرُجُوا عَنْهُ، لِيَبْلُغَ مِنْ أَصْنَامِهِمُ الَّذِي يُرِيدُ وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ قِيلِ إِبْرَاهِيمَ لِقَوْمِهِ: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] وَهُوَ صَحِيحٌ، فَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ»
١٩ / ٥٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثني هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «وَلَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ غَيْرَ ثَلَاثِ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣]، وَقَوْلُهُ فِي سَارَةَ: هِيَ أُخْتِي» حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
١٩ / ٥٦٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَا كَذَبَ إِبْرَاهِيمُ غَيْرَ ثَلَاثِ كَذِبَاتٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]، وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣]، وَإِنَّمَا قَالَهُ مَوْعِظَةً، وَقَوْلُهُ حِينَ سَأَلَهُ ⦗٥٦٩⦘ الْمَلِكُ، فَقَالَ أُخْتِي لَسَارَةُ، وَكَانَتِ امْرَأَتَهُ»
١٩ / ٥٦٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ مَا كَذَبَ إِلَّا ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ، ثِنْتَانِ فِي اللَّهِ، وَوَاحِدَةٌ فِي ذَاتِ نَفْسِهِ؛ فَأَمَّا الثِّنْتَانِ فَقَوْلُهُ: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]، وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣] وَقِصَّتُهُ فِي سَارَةَ، وَذَكَرَ قِصَّتَهَا وَقِصَّةَ الْمَلِكِ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ قَوْلَهُ ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] كَلِمَةٌ فِيهَا مِعْرَاضٌ، وَمَعْنَاهَا أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي عُقْبَةِ الْمَوْتِ فَهُوَ سَقِيمٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حِينَ قَالَهَا سَقَمٌ ظَاهِرٌ، وَالْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِخِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هُوَ الْحَقُّ دُونَ غَيْرِهِ
١٩ / ٥٦٩
قَوْلُهُ: ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ [الصافات: ٩٠] يَقُولُ: فَتَوَلَّوْا عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُدْبِرِينَ عَنْهُ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَعْدِيَهُمُ السَّقَمُ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ بِهِ
١٩ / ٥٦٩
كَمَا: حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] يَقُولُ: «مَطْعُونٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ» قَالَ سَعِيدٌ: إِنْ كَانَ الْفِرَارُ مِنَ الطَّاعُونِ لَقَدِيمًا
١٩ / ٥٦٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَتَوَلَّوْا﴾ [الصافات: ٩٠] «فَنَكَصُوا عَنْهُ» ﴿مُدْبِرِينَ﴾ [الصافات: ٩٠] «مُنْطَلِقِينَ»
١٩ / ٥٦٩
وَقَوْلُهُ: ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾ [الصافات: ٩١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَالَ إِلَى آلِهَتِهِمْ بَعْدَمَا خَرَجُوا عَنْهُ وَأَدْبَرُوا؛ وَأَرَى أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَاغَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ: إِذَا حَادَ عَنْهُ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَرَاغَ عَنْ قَوْمِهِ وَالْخُرُوجِ مَعَهُمْ إِلَى آلِهَتِهِمْ؛ كَمَا قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
[البحر الخفيف]
حِينَ لَا يَنْفَعُ الرَّوَاغُ وَلَا يَنْـ … فَعُ إِلَّا الْمُصَادِقُ النِّحْرِيرُ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا يَنْفَعُ الرَّوَاغُ: الْحِيَادُ أَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُمْ فَسَّرُوهُ بِمَعْنَى فَمَالَ
١٩ / ٥٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾ [الصافات: ٩١] «أَيْ فَمَالَ إِلَى آلِهَتِهِمْ، قَالَ: ذَهَبَ»
١٩ / ٥٧٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾ [الصافات: ٩١] قَالَ: «ذَهَبَ»
١٩ / ٥٧٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ﴾ [الصافات: ٩٢] هَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ قِيلِ إِبْرَاهِيمَ لِلْآلِهَةِ؛ وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ، وَهُوَ: فَقَرَّبَ إِلَيْهَا الطَّعَامَ فَلَمْ يَرَهَا تَأْكُلُ، فَقَالَ لَهَا: ﴿أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ [الصافات: ٩١] فَلَمَّا لَمْ يَرَهَا تَأْكُلُ ⦗٥٧١⦘ قَالَ لَهَا: مَا لَكُمْ لَا تَأْكُلُونَ، فَلَمْ يَرَهَا تَنْطِقُ، فَقَالَ لَهَا: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ﴾ [الصافات: ٩٢] مُسْتَهْزِئًا بِهَا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَنَّهُ فَعَلَ بِهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ
١٩ / ٥٧٠
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ [الصافات: ٩١] «يَسْتَنْطِقُهُمْ» ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ﴾ [الصافات: ٩٢]؟ “
١٩ / ٥٧١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَالَ عَلَى آلِهَةِ قَوْمِهِ ضَرْبًا لَهَا بِالْيَمِينِ بِفَأْسٍ فِي يَدِهِ يَكْسَرُهُنَّ
١٩ / ٥٧١
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا خَلَا جَعَلَ يَضْرِبُ آلِهَتَهُمْ بِالْيَمِينِ» حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
١٩ / ٥٧١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ [الصافات: ٩٣] «فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يَكْسَرُهُمْ»
١٩ / ٥٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: «ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ، ثُمَّ جَعَلَ يَكْسَرُهُنَّ بِفَأْسٍ فِي يَدِهِ» ⦗٥٧٢⦘ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ بِمَعْنَى: فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَيَقُولُ: الْيَمِينُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْقُوَّةُ وَبَعْضُهُمْ كَانَ يَتَأَوَّلُ الْيَمِينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْحَلِفُ، وَيَقُولُ: جَعَلَ يَضْرِبُهُنَّ بِالْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَ بِهَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ [الأنبياء: ٥٧]، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «فَرَاغَ عَلَيْهِمْ صَفْقًا بِالْيَمِينِ»
١٩ / ٥٧١
وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُشَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، قَرَأَ: «فَرَاغَ عَلَيْهِمْ صَفْقًا بِالْيَمِينِ»: أَيْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ
١٩ / ٥٧٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ [الصافات: ٩٤] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ [الصافات: ٩٤] بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ قَوْلِهِمْ: زَفَّتِ النَّعَامَةُ، وَذَلِكَ أَوَّلُ عَدْوِهَا وَآخَرُ مَشْيِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
[البحر الطويل]
وَجَاءَ قَرِيعُ الشَّوْلِ قَبْلَ إِفَالِهَا … يَزِفُّ وَجَاءَتْ خَلْفَهُ وَهْيَ زُفَّفُ
١٩ / ٥٧٢
وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (يُزِفُّونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ أَزَفَّ فَهُوَ يَزِفُّ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي ذَلِكَ إِلَّا زَفَفَتْ، وَيَقُولُ: لَعَلَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَهُ: (يُزِفُّونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَطْرَدْتُ الرَّجُلَ: أَيْ صَيَّرْتُهُ طَرِيدًا، وَطَرَدْتَهُ: إِذَا أَنْتَ خَسِئْتَهُ إِذَا قُلْتَ: اذْهَبْ عَنَّا؛ فَيَكُونُ يُزِفُّونَ: أَيْ جَاءُوا عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَزْفُوفَةِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، فَتَدْخُلُ الْأَلْفُ كَمَا تَقُولُ: أَحْمَدْتُ الرَّجُلَ: إِذَا أَظْهَرْتَ حَمْدَهُ، وَهُوَ مُحَمَّدٍ: إِذَا رَأَيْتُ أَمْرَهُ إِلَى الْحَمْدِ، وَلَمْ تَنْشُرْ حَمْدَهُ؛ قَالَ: وَأَنْشَدَنِي الْمُفَضَّلُ:
[البحر الطويل]
تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَنْ يَسُودَ جِذَاعَهُ … فَأَمْسَى حُصَيْنٌ قَدْ أَذَلَّ وَأَقْهَرَا
فَقَالَ: أَقْهَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ قَهَرَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ صَارَ إِلَى حَالِ قَهْرٍ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ «يَزِفُونَ» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ مِنْ وَزِفَ يَزِفُ، وَذُكِرَ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا أَعْرِفُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لُغَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْوَزِفُ: النَّسَلَانُ
١٩ / ٥٧٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ [الصافات: ٩٤] قَالَ: «الْوَزِيفُ: النَّسَلَانُ» ⦗٥٧٤⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفُصَحَاءِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: فَأَقْبَلَ قَوْمُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَجْرُونَ
١٩ / ٥٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ [الصافات: ٩٤] «فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَجْرُونَ» وَقَالَ آخَرُونَ: أَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَمْشُونَ
١٩ / ٥٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ [الصافات: ٩٤] قَالَ: يَمْشُونَ ” وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: فَأَقْبَلُوا يَسْتَعْجِلُونَ
١٩ / ٥٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ [الصافات: ٩٤] قَالَ: «يَسْتَعْجِلُونَ، قَالَ: يَزِفُّ: يَسْتَعْجِلُ»
١٩ / ٥٧٤
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ [الصافات: ٩٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِقَوْمِهِ: أَتَعْبُدُونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ مَا تَنْحِتُونَ بِأَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَصْنَامِ
١٩ / ٥٧٥
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ [الصافات: ٩٥] «الْأَصْنَامَ»
١٩ / ٥٧٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ إِبْرَاهِيمَ لِقَوْمِهِ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ وَمَا تَعْمَلُونَ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: مَا بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَعَمَلَكُمْ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَالَّذِي تَعْمَلُونَهُ: أَيْ وَالَّذِي تَعْمَلُونَ مِنْهُ الْأَصْنَامَ، وَهُوَ الْخَشَبُ وَالنَّحَاسُ وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي كَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْهَا أَصْنَامَهُمْ
١٩ / ٥٧٥
وَهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي قَصَدَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَتَادَةُ بِقَوْلِهِ الَّذِي: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] بِأَيْدِيكُمْ “
١٩ / ٥٧٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: ٩٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ قَوْمُ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا قَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ: ﴿أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٥] ابْنُوا لِإِبْرَاهِيمَ بُنْيَانًا ذُكِرَ أَنَّهُمْ بَنَوْا لَهُ ⦗٥٧٦⦘ بُنْيَانًا يُشْبِهُ التَّنُّورَ، ثُمَّ نَقَلُوا إِلَيْهِ الْحَطَبَ، وَأَوْقِدُوا عَلَيْهِ ﴿فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٩٧] وَالْجَحِيمُ عِنْدَ الْعَرَبِ: جَمْرُ النَّارِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَالنَّارُ عَلَى النَّارِ
١٩ / ٥٧٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا﴾ [الصافات: ٩٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَرَادَ قَوْمُ إِبْرَاهِيمَ بِإِبْرَاهِيمَ كَيْدًا، وَذَلِكَ مَا كَانُوا أَرَادُوا مِنْ إِحْرَاقِهِ بِالنَّارِ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ﴾ [الأنبياء: ٧٠] أَيْ فَجَعَلْنَا قَوْمَ إِبْرَاهِيمَ ﴿الْأَسْفَلِينَ﴾ [الصافات: ٩٨] يَعْنِي الْأَذَلِّينَ حُجَّةً، وَغَلَّبْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ، وَأَنْقَذْنَاهُ مِمَّا أَرَادُوا بِهِ مِنَ الْكَيْدِ
١٩ / ٥٧٦
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ قَالَ: «فَمَا نَاظَرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى أَهْلَكَهُمْ»
١٩ / ٥٧٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] يَقُولُ: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا أَفْلَجَهُ اللَّهُ عَلَى قَوْمِهِ وَنَجَّاهُ مِنْ كَيْدِهِمْ: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي﴾ [الصافات: ٩٩] يَقُولُ: إِنِّي مُهَاجِرٌ مِنْ بَلْدَةِ قَوْمِي إِلَى اللَّهِ: أَيْ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمُفَارِقُهُمْ، فَمُعْتَزِلُهُمْ لِعِبَادَةِ اللَّهِ
١٩ / ٥٧٦
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] «ذَاهِبٌ بِعَمَلِهِ وَقَلْبِهِ وَنِيَّتِهِ» وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ: إِنَّمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي﴾ [الصافات: ٩٩] حِينَ أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوهُ فِي النَّارِ
١٩ / ٥٧٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، ⦗٥٧٧⦘ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صَرَدَ، يَقُولُ: «لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوا إِبْرَاهِيمَ فِي النَّارِ ﴿قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] فَجُمِعَ الْحَطَبُ، فَجَاءَتْ عَجُوزٌ عَلَى ظَهْرِهَا حَطَبٌ، فَقِيلَ لَهَا: أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ قَالَتْ: أُرِيدُ أَذْهَبُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يُلْقَى فِي النَّارِ؛ فَلَمَّا أُلْقِيَ فِيهَا، قَالَ: حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، أَوْ قَالَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، قَالَ: فَقَالَ اللَّهُ: ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٩]، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ لُوطٍ، أَوِ ابْنُ أَخِي لُوطٍ: إِنَّ النَّارَ لَمْ تُحْرِقْهُ مِنْ أَجْلِيَ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ عُنُفًا مِنَ النَّارِ فَأَحْرَقَتْهُ» وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ الْقَوْلَ الَّذِي قُلْتُ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى ذَكَرَ خَبَرَهُ وَخَبَرَ قَوْمِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَمَّا نَجَّاهُ مِمَّا حَاوَلَ قَوْمُهُ مِنْ إِحْرَاقِهِ قَالَ ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ [العنكبوت: ٢٦] فَفَسَّرَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ: إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي﴾ [الصافات: ٩٩] لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ [العنكبوت: ٢٦] وَقَوْلُهُ: ﴿سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] يَقُولُ: سَيُثَبِّتُنِي عَلَى الْهُدَى الَّذِي أَبْصَرْتُهُ، وَيُعِينُنِي عَلَيْهِ
١٩ / ٥٧٦
وَقَوْلُهُ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١٠٠] وَهَذَا مَسْأَلَةُ إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَدًا صَالِحًا؛ يَقُولُ: قَالَ: يَا رَبِّ هَبْ لِي مِنْكَ وَلَدًا يَكُونُ مِنَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يُطِيعُونَكَ، وَلَا يَعْصُونَكَ، وَيُصْلِحُونَ فِي الْأَرْضِ، وَلَا يُفْسِدُونَ
١٩ / ٥٧٧
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١٠٠] قَالَ: «وَلَدًا صَالِحًا» ⦗٥٧٨⦘ وَقَالَ: مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلَمْ يَقُلْ: صَالِحًا مِنَ الصَّالِحِينَ، اجْتِزَاءً بِمَنْ ذَكَرَ مِنَ الْمَتْرُوكِ، كَمَا قَالَ عز وجل: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ [يوسف: ٢٠] بِمَعْنَى زَاهِدِينَ مِنَ الزَّاهِدِينَ
١٩ / ٥٧٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبَشَّرْنَا إِبْرَاهِيمَ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ، يَعْنِي بِغُلَامٍ ذِي حِلْمٍ إِذَا هُوَ كَبُرَ، فَأَمَّا فِي طُفُولَتِهِ فِي الْمَهْدِ، فَلَا يُوصَفُ بِذَلِكَ وَذُكِرَ أَنَّ الْغُلَامَ الَّذِي بَشَّرَ اللَّهُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقَ
١٩ / ٥٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠١] قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٧٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠١] «بُشِّرَ بِإِسْحَاقَ، قَالَ: لَمْ يُثْنِ بِالْحِلْمِ عَلَى أَحَدٍ غَيْرَ إِسْحَاقَ وَإِبْرَاهِيمَ»
١٩ / ٥٧٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] يَقُولُ: فَلَمَّا بَلَغَ الْغُلَامُ الَّذِي بُشِّرَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْعَمَلَ، وَهُوَ السَّعْيُ، وَذَلِكَ حِينَ أَطَاقَ مَعُونَتَهُ عَلَى عَمَلِهِ ⦗٥٧٩⦘ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ
١٩ / ٥٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] يَقُولُ: «الْعَمَلَ»
١٩ / ٥٧٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] قَالَ: «لَمَّا شَبَّ حَتَّى أَدْرَكَ سَعْيُهُ سَعْيَ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَمَلِ» حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا شَبَّ حِينَ أَدْرَكَ سَعْيَهُ
١٩ / ٥٧٩
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] قَالَ: «سَعْيُ إِبْرَاهِيمَ»
١٩ / ٥٧٩
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] «سَعْيُ إِبْرَاهِيمَ»
١٩ / ٥٧٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ ⦗٥٨٠⦘ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] قَالَ: «السَّعْيُ هَاهُنَا الْعِبَادَةُ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَلَمَّا مَشَى مَعَ إِبْرَاهِيمَ
١٩ / ٥٧٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢] «أَيْ لَمَّا مَشَى مَعَ أَبِيهِ»
١٩ / ٥٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ [الصافات: ١٠٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ لِابْنِهِ: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ [الصافات: ١٠٢] وَكَانَ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ نَذَرَ حِينَ بَشَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِإِسْحَاقَ وَلَدًا أَنْ يَجْعَلَهُ إِذَا وَلَدَتْهُ سَارَةُ لِلَّهِ ذَبِيحًا؛ فَلَمَّا بَلَغَ إِسْحَاقُ مَعَ أَبِيهِ السَّعْيَ أُرِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْمَنَامِ، فَقِيلَ لَهُ: أَوْفِ لِلَّهِ بِنَذْرِكَ، وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ يَقِينٌ، فَلِذَلِكَ مَضَى لَمَّا رَأَى فِي الْمَنَامِ، وَقَالَ لَهُ ابْنُهُ إِسْحَاقُ مَا قَالَ
١٩ / ٥٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «قَالَ جَبْرَائِيلُ لِسَارَةَ: أَبْشِرِي بِوَلَدٍ اسْمُهُ إِسْحَاقُ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ، فَضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا عَجَبًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا﴾ [الذاريات: ٢٩]، وَ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ ⦗٥٨١⦘ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي﴾ [هود: ٧٢] شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿حُمَيْدٌ مَجِيدٌ﴾ [هود: ٧٣] قَالَتْ سَارَةُ لِجِبْرِيلَ: مَا آيَةُ ذَلِكَ؟ فَأَخَذَ بِيَدِهِ عُودًا يَابِسًا، فَلَوَّاهُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَاهْتَزَّ أَخْضَرَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: هُوَ لِلَّهِ إِذَنْ ذَبِيحٌ؛ فَلَمَّا كَبُرَ إِسْحَاقُ أُتِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّوْمِ، فَقِيلَ لَهُ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ الَّذِي نَذَرْتَ، إِنَّ اللَّهَ رَزَقَكَ غُلَامًا مِنْ سَارَةَ أَنْ تَذْبَحَهُ، فَقَالَ لِإِسْحَاقَ: انْطَلِقْ نُقَرِّبْ قُرْبَانًا إِلَى اللَّهِ، وَأَخَذَ سِكِّينًا وَحَبْلًا، ثُمَّ انْطَلَقَ مَعَهُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ بِهِ بَيْنَ الْجِبَالِ قَالَ لَهُ الْغُلَامُ: يَا أَبَتِ أَيْنَ قُرْبَانُكَ؟ ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى، قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنَّ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢] فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: يَا أَبَتِ أَشْدُدْ رِبَاطِي حَتَّى لَا أَضْطَرِبُ، وَاكْفُفْ عَنِّي ثِيَابَكَ حَتَّى لَا يَنْتَضِحَ عَلَيْهَا مِنْ دَمِي شَيْءٌ، فَتَرَاهُ سَارَةُ فَتَحْزَنُ، وَأَسْرِعْ مَرَّ السِّكِّينِ عَلَى حَلْقِي لِيَكُونَ أَهْوَنَ لِلْمَوْتِ عَلَيَّ، فَإِذَا أَتَيْتَ سَارَةَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنِّي السَّلَامَ؛ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ يُقَبِّلُهُ وَقَدْ رَبَطَهُ وَهُوَ يَبْكِي وَإِسْحَاقُ يَبْكِي، حَتَّى اسْتَنْقَعَ الدُّمُوعُ تَحْتَ خَدِّ إِسْحَاقَ، ثُمَّ إِنَّهُ جَرَّ السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ، فَلَمْ تَحُكَّ السِّكِّينَ، وَضَرَبَ اللَّهُ صَفِيحَةً مِنْ نُحَاسٍ عَلَى حَلْقِ إِسْحَاقَ؛ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ضَرَبَ بِهِ عَلَى جَبِينَهُ، وَحَزَّ مِنْ قَفَاهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] يَقُولُ: سَلَّمَا لِلَّهِ الْأَمْرَ ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] فَنُودِيَ يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٥] بِالْحَقِّ فَالْتَفَتَ فَإِذَا بِكَبْشٍ، فَأَخَذَهُ وَخَلَّى عَنِ ابْنِهِ، فَأَكَبَّ عَلَى ابْنِهِ يُقَبِّلُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: الْيَوْمَ يَا بُنَيَّ وُهِبْتَ لِي؛ فَلِذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] فَرَجَعَ إِلَى سَارَةَ فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، فَجَزِعَتْ سَارَةُ وَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَرَدْتَ أَنْ تَذْبَحَ ابْنِي وَلَا تُعْلِمْنِي؟»
١٩ / ٥٨٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ [الصافات: ١٠٢] قَالَ: «رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءُ حَقٌّ إِذَا رَأَوْا فِي الْمَنَامِ شَيْئًا فَعَلُوهُ»
١٩ / ٥٨٢
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ [الصافات: ١٠٢]
١٩ / ٥٨٢
قَوْلُهُ: ﴿فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: ١٠٢] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: ١٠٢]، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَبَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ﴿فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: ١٠٢] بِفَتْحِ التَّاءِ، بِمَعْنَى: أَيَّ شَيْءٍ تَأْمُرُ، أَوْ فَانْظُرْ مَا الَّذِي تَأْمُرُ، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (مَاذَا تُرَى) بِضَمِّ التَّاءِ، بِمَعْنَى: مَاذَا تُشِيرُ، وَمَاذَا تَرَى مِنْ صَبْرِكَ أَوْ جَزَعِكَ مِنَ الذَّبْحِ؟ وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: ﴿مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: ١٠٢] بِفَتْحِ التَّاءِ، بِمَعْنَى: مَاذَا تَرَى مِنَ الرَّأْيِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يُؤَامِرُ ابْنَهُ فِي الْمُضِيِّ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَالِانْتِهَاءَ إِلَى طَاعَتِهِ؟
١٩ / ٥٨٢
قِيلَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ مُشَاوَرَةً لِابْنِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْهُ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَ ابْنِهِ مِنَ الْعَزْمِ: هَلْ هُوَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، فَيُسَرُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَهُوَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مَاضٍ لِأَمْرِ اللَّهِ
١٩ / ٥٨٣
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِسْحَاقُ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ رَبُّكَ مِنْ ذَبْحِي، ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢] يَقُولُ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا مِنَ الصَّابِرِينَ لِمَا يَأْمُرُنَا بِهِ رَبُّنَا، وَقَالَ: افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ، وَلَمْ يَقُلْ: مَا تُؤْمَرُ بِهِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: افْعَلِ الْأَمْرَ الَّذِي تُؤْمَرُهُ، وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ. . . افْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ»
١٩ / ٥٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا أَسْلَمَا أَمْرَهُمَا لِلَّهِ وَفَوَّضَاهُ إِلَيْهِ وَاتَّفَقَا عَلَى التَّسْلِيمِ لَأَمْرِهِ وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٥٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: «اتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ»
١٩ / ٥٨٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: “أَسْلَمَا جَمِيعًا لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَضِيَ الْغُلَامُ بِالذَّبْحِ، وَرَضِيَ الْأَبُ بِأَنْ يَذْبَحَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ اقْذِفْنِي لِلْوَجْهِ كَيْلَا تَنْظُرَ إِلَيَّ فَتَرْحَمُنِي، وَأَنْظُرَ أَنَا إِلَى الشَّفْرَةِ فَأَجْزَعُ، وَلَكِنْ أَدْخِلِ الشَّفْرَةَ مِنْ تَحْتِيَ، وَامْضِ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ ﴿نَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٥]
١٩ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: «أَسْلَمَ هَذَا نَفْسَهُ لِلَّهِ، وَأَسْلَمَ هَذَا ابْنَهُ لِلَّهِ»
١٩ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: «أَسْلَمَا مَا أُمِرَا بِهِ»
١٩ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] يَقُولُ: «أَسْلَمَا لِأَمْرِ اللَّهِ»
١٩ / ٥٨٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] «أَيْ سَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ لِذَبْحِهِ حِينَ أُمِرَ بِهِ وَسَلَّمَ ابْنُهُ لِلصَّبْرِ عَلَيْهِ، حِينَ عَرَفَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ⦗٥٨٥⦘ فِيهِ»
١٩ / ٥٨٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] يَقُولُ: وَصَرَعَهُ لِلْجَبِينِ، وَالْجَبِينَانِ مَا عَنْ يَمِينِ الْجَبْهَةِ وَعَنْ شِمَالِهَا، وَلِلْوَجْهِ جَبِينَانِ، وَالْجَبْهَةُ بَيْنَهُمَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٥٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: «وَضَعَ وَجْهَهُ لِلْأَرْضِ، قَالَ: لَا تَذْبَحْنِي وَأَنْتَ تَنْظُرُ إِلَى وَجْهِي عَسَى أَنْ تَرْحَمَنِي، وَلَا تُجْهِزْ عَلَيَّ، ارْبِطْ يَدَيَّ إِلَى رَقَبَتِي ثُمَّ ضَعْ وَجْهِيَ لِلْأَرْضِ»
١٩ / ٥٨٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] ” أَيْ وَكَبَّهُ لَفِيهِ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٥] حَتَّى بَلَغَ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧]
١٩ / ٥٨٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: «أَكَبَّهُ عَلَى جَبْهَتِهِ»
١٩ / ٥٨٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] قَالَ: «جَبِينَهُ، قَالَ: أَخَذَ جَبِينَهُ لِيَذْبَحَهُ»
١٩ / ٥٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ سِنَانٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُمِرَ بِالْمَنَاسِكِ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى فَسَابَقَهُ، فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلَ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوسْطَى، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَعَلَى إِسْمَاعِيلَ قَمِيصٌ أَبْيَضُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَتِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي ثَوْبٌ تُكَفِّنُنِي فِيهِ غَيْرَ هَذَا، فَاخْلَعْهُ حَتَّى تُكَفِّنَنِي فِيهِ، فَالْتَفَتَ إِبْرَاهِيمُ فَإِذَا هُوَ بِكَبْشٍ أَعْيَنَ أَبْيَضَ فَذَبَحَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَتَّبِعُ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الْكِبَاشِ»
١٩ / ٥٨٦
قَوْلِهِ: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٥] وَهَذَا جَوَّابُ قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ [الصافات: ١٠٣] وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ؛ وَأُدْخِلَتِ الْوَاوُ فِي ذَلِكَ كَمَا أُدْخِلَتْ فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ وَقَدْ تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ فَتُدْخِلُ الْوَاوَ فِي جَوَابِ فَلَمَّا، وَحَتَّى وَإِذَا تُلْقِيهَا وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٥] الَّتِي أَرَيْنَاكَهَا فِي مَنَامِكَ بِأَمْرِنَاكَ بِذِبْحِ ابْنِكَ
١٩ / ٥٨٦
وَقَوْلُهُ: إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ يَقُولُ: إِنَّا كَمَا جَزَيْنَاكَ بِطَاعَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ، كَذَلِكَ نَجْزِي الَّذِينَ أَحْسَنُوا، وَأَطَاعُوا أَمْرَنَا، وَعَمِلُوا فِي رِضَانَا
١٩ / ٥٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ أَمْرَنَا إِيَّاكَ يَا إِبْرَاهِيمُ بِذَبْحِ ابْنِكَ إِسْحَاقَ، لَهُوَ الْبَلَاءُ، يَقُولُ: لَهُوَ الِاخْتِبَارُ الَّذِي يَبِينُ لِمَنْ فَكَرَّ فِيهِ أَنَّهُ بَلَاءٌ شَدِيدٌ وَمِحْنَةٌ عَظِيمَةٌ وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ: الْبَلَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الشَّرُّ وَلَيْسَ بِاخْتِبَارٍ
١٩ / ٥٨٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٦] قَالَ: «هَذَا فِي الْبَلَاءِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ فِي أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ» ﴿صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٥] «ابْتُلِيتَ بِبَلَاءٍ عَظِيمٍ أُمِرْتَ أَنْ تَذْبَحَ ابْنَكَ، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْبَلَاءِ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ الشَّرُّ وَلَيْسَ مِنْ بَلَاءِ الِاخْتِبَارِ»
١٩ / ٥٨٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٨]
١٩ / ٥٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] يَقُولُ: وَفَدَيْنَا إِسْحَاقَ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَالْفِدْيَةُ: الْجَزَاءُ، يَقُولُ: جَزَيْنَاهُ بِأَنْ جَعَلْنَا مَكَانَ ذَبْحِهِ ذَبْحَ كَبْشٍ عَظِيمٍ، وَأَنْقَذْنَاهُ مِنَ الذَّبْحِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، فِي الْمُفْدِي مِنَ الذَّبْحِ مِنَ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ إِسْحَاقُ
١٩ / ٥٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٨
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ إِبْرَاهِيمُ هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: افْتَخَرَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَنَا فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ ابْنِ الْأَشْيَاخِ الْكِرَامِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ ذَبِيحُ اللَّهِ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ»
١٩ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «مِنَ ابْنِهِ إِسْحَاقَ»
١٩ / ٥٨٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا، وَشُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، ⦗٥٩٠⦘ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ يَقُولُونَ يَا إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، فَبِمَ قَالُوا ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَعْدِلْ بِي شَيْئًا قَطُّ إِلَّا اخْتَارَنِي عَلَيْهِ، وَإِنَّ إِسْحَاقَ جَادَ لِي بِالذَّبْحِ، وَهُوَ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَجْوَدُ، وَإِنَّ يَعْقُوبَ كُلَّمَا زِدْتُهُ بَلَاءً زَادَنِي حُسْنَ ظَنٍّ» حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ بِمَ أَعْطَيْتَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا أَعْطَيْتَهُمْ؟ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ
١٩ / ٥٨٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: «الذَّبِيحُ هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٩٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّبِيِّ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَلَى، قَالَ كَعْبٌ: «لَمَّا رَأَى إِبْرَاهِيمُ ذَبْحَ إِسْحَاقَ، قَالَ الشَّيْطَانُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ أَفْتِنْ عِنْدَ هَذَا آلَ إِبْرَاهِيمَ لَا أَفْتِنُ أَحَدًا مِنْهُمْ أَبَدًا، فَتَمَثَّلَ الشَّيْطَانُ لَهُمْ رَجُلًا يَعْرِفُونَهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى إِذَا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْحَاقَ لِيَذْبَحَهُ دَخَلَ عَلَى سَارَةَ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ أَصْبَحَ إِبْرَاهِيمُ غَادِيًا بِإِسْحَاقَ، ⦗٥٩١⦘ قَالَتْ سَارَةُ: غَدَا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا وَاللَّهِ مَا لِذَلِكَ غَدَا بِهِ، قَالَتْ سَارَةُ: فَلِمَ غَدَا بِهِ؟ قَالَ: غَدَا بِهِ لِيَذْبَحَهُ قَالَتْ سَارَةُ: لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، لَمْ يَكُنْ لَيَذْبَحَ ابْنَهُ قَالَ الشَّيْطَانُ: بَلَى وَاللَّهِ قَالَتْ سَارَةُ: فَلِمَ يَذْبَحُهُ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، قَالَتْ سَارَةُ: فَهَذَا أَحْسَنُ بِأَنْ يُطِيعَ رَبَّهُ إِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ عِنْدِ سَارَةَ حَتَّى أَدْرَكَ إِسْحَاقَ وَهُوَ يَمْشِي عَلَى إِثْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: أَيْنَ أَصْبَحَ أَبُوكَ غَادِيًا بِكَ؟ قَالَ: غَدَا بِي لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا وَاللَّهِ مَا غَدَا بِكَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، وَلَكِنْ غَدَا بِكَ لِيَذْبَحَكَ، قَالَ إِسْحَاقُ: مَا كَانَ أَبِي لِيَذْبَحَنِي قَالَ: بَلَى؛ قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ؛ قَالَ إِسْحَاقُ: فَوَاللَّهِ لَئِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لَيُطِيعَنَّهُ، قَالَ: فَتَرَكَهُ الشَّيْطَانُ وَأَسْرَعَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: أَيْنَ أَصْبَحْتَ غَادِيًا بِابْنِكَ؟ قَالَ: غَدَوْتُ بِهِ لِبَعْضِ حَاجَتِي، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا غَدَوْتَ بِهِ إِلَّا لِتَذْبَحَهُ، قَالَ: لِمَ أَذْبَحُهُ؟ قَالَ: زَعَمْتَ أَنَّ رَبَّكَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ؛ قَالَ: اللَّهُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ أَمَرَنِي بِذَلِكَ رَبِّي لَأَفْعَلَنَّ؛ قَالَ: فَلَمَّا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ لِيَذْبَحَهُ وَسَلَّمَ إِسْحَاقُ، أَعْفَاهُ اللَّهُ وَفَدَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِإِسْحَاقَ: قُمْ أَيْ بُنَيَّ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ؛ وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِسْحَاقَ: إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكَ دَعْوَةً اسْتَجَبْتُ لَكَ فِيهَا؛ قَالَ إِسْحَاقُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ أَنْ تَسْتَجِيبَ لِي، أَيُّمَا عَبْدٌ لَقِيَكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئًا، فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ»
١٩ / ٥٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثني ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيِّ، ⦗٥٩٢⦘ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ «أَنَّ الَّذِيَ أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ بِذَبْحِهِ مِنَ ابْنَيْهِ إِسْحَاقُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَمَّا فَرَّجَ لَهُ وَلِابْنِهِ مِنَ الْبَلَاءِ الْعَظِيمِ الَّذِي كَانَا فِيهِ، قَالَ اللَّهُ لِإِسْحَاقَ: إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكَ بِصَبْرِكَ لِأَمْرِي دَعْوَةً أُعْطِيكَ فِيهَا مَا سَأَلْتَ، فَسَلْنِي، قَالَ: رَبِّ أَسْأَلُكَ أَنْ لَا تُعَذِّبَ عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ لَقِيَكَ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِكَ، فَكَانَتْ تِلْكَ مَسْأَلَتَهُ الَّتِي سَأَلَ»
١٩ / ٥٩١
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، قَالَ: «هُوَ إِسْحَاقُ»
١٩ / ٥٩٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: «قَالَ يُوسُفُ لِلْمَلِكِ فِي وَجْهِهِ: تَرْغَبُ أَنْ تَأْكُلَ مَعِيَ، وَأَنَا وَاللَّهِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنَ إِسْحَاقَ ذَبِيحِ اللَّهِ، ابْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ» قَالَ: ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: قَالَ يُوسُفُ لِلْمَلِكِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: الَّذِي فُدِيَ بِالذَّبْحِ الْعَظِيمِ مِنْ بَنِي إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلُ
١٩ / ٥٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ ⦗٥٩٣⦘ يَمَانٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «الذَّبِيحُ: إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثني بَيَانٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: إِسْمَاعِيلُ “
١٩ / ٥٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، أَوْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ» يَعْنِي ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧]
١٩ / ٥٩٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ ⦗٥٩٤⦘ عَبَّاسٍ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ» وَحَدَّثَنِي بِهِ يَعْقُوبُ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: سُئِلَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ: أَيُّ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ؟ فَزَعَمَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ إِسْمَاعِيلُ
١٩ / ٥٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي فَدَاهُ اللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٤
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «الْمُفْدَى إِسْمَاعِيلُ، وَزَعَمَتِ الْيَهُودُ أَنَّهُ إِسْحَاقُ وَكَذَبَتِ الْيَهُودُ»
١٩ / ٥٩٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «الَّذِي فَدَاهُ اللَّهُ هُوَ إِسْمَاعِيلُ» ⦗٥٩٥⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ
١٩ / ٥٩٤
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «الَّذِي أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ ذَبْحَهُ: إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٥
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: وَكَانَ قَرْنَا الْكَبْشِ مَنُوطِينَ بِالْكَعْبَةِ»
١٩ / ٥٩٥
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٥
قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ قَرْنَيِ الْكَبْشِ فِي الْكَعْبَةِ»
١٩ / ٥٩٥
قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٥
قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «هُوَ ⦗٥٩٦⦘ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «هُوَ إِسْمَاعِيلُ»
١٩ / ٥٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، وَهُوَ يَقُولُ: «إِنَّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِذَبْحِهِ مِنْ بَنِيهِ إِسْمَاعِيلُ، وَإِنَّا لَنَجِدُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي قِصَّةِ الْخَبَرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ ذَبْحِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ، حِينَ فَرَغَ مِنْ قِصَّةِ الْمَذْبُوحِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ يَقُولُ: بَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ، يَقُولُ: بِابْنٍ وَابْنٍ ابْنٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرُهُ بِذِبْحِ إِسْحَاقَ وَلَهُ فِيهِ مِنَ اللَّهِ الْمَوْعُودُ مَا وَعْدَهُ اللَّهُ، وَمَا الَّذِي أَمَرَ بِذَبْحِهِ إِلَّا إِسْمَاعِيلَ»
١٩ / ٥٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ «أَنَّهُ كَانَ لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ أُمِرَ بِذَبْحِهِ مِنَ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلُ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ ⦗٥٩٧⦘ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ ذَلِكَ كَثِيرًا
١٩ / ٥٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ، إِذْ كَانَ مَعَهُ بِالشَّامِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ مَا كُنْتُ أَنْظُرُ فِيهِ، وَإِنِّي لَأَرَاهُ كَمَا هُوَ؛ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ بِالشَّامِ كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: وَأَنَا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيُّ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ أُمِرَ بِذَبْحِهِ؟ فَقَالَ: إِسْمَاعِيلُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ الْيَهُودَ لَتَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْسِدُونَكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَبَاكُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِيهِ، وَالْفَضْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْهُ لِصَبْرِهِ لِمَا أَمَرَ بِهِ، فَهُمْ يَجْحَدُونَ ذَلِكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، لِأَنَّ إِسْحَاقَ أَبُوهُمْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا كَانَ، كُلٌّ قَدْ كَانَ طَاهِرًا طَيِّبًا مُطِيعًا لِرَبِّهِ»
١٩ / ٥٩٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْخَطَّابِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدِ الْعُتْبِيِّ، مِنْ وَلَدِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الصَنَابِحِيّ، قَالَ: كُنَّا ⦗٥٩٨⦘ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَذَكَرُوا الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلَ أَوْ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِدْ عَلَيَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ؛ فَضَحِكَ عليه الصلاة والسلام؛ فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا الذَّبِيحَانِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا أُمِرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ، نَذَرَ لِلَّهِ لَئِنْ سَهَّلَ عَلَيْهِ أَمْرَهَا لَيَذْبَحَنَّ أَحَدَ وَلَدِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ، وَقَالُوا: افْدِ ابْنَكَ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، فَفَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَإِسْمَاعِيلُ الثَّانِي»
١٩ / ٥٩٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبَى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ، وَيَعْنِي تَعَالَى ذِكْرَهُ الْكَبْشَ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَا أُعِدَّ لِلذَّبْحِ: ذِبْحٌ، وَأَمَّا الذَّبْحُ بِفَتْحِ الذَّالِ فَهُوَ الْفِعْلُ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي الْمُفْدَى مِنَ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عَلَى ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ إِسْحَاقُ، لِأَنَّ اللَّهُ قَالَ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] فَذَكَرَ أَنَّهُ فَدَى الْغُلَامَ الْحَلِيمَ الَّذِي بُشِّرَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ حِينَ سَأَلَهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلَدًا صَالِحًا مِنَ الصَّالِحِينَ، فَقَالَ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١٠٠] فَإِذْ كَانَ الْمُفْدَى بِالذَّبْحِ مِنَ ابْنَيْهِ هُوَ الْمُبَشَّرُ بِهِ، وَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الَّذِيَ بُشِّرَ بِهِ هُوَ إِسْحَاقُ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ، فَقَالَ ⦗٥٩٩⦘ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ وَكَانَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ ذُكِرَ تَبْشِيرُهُ إِيَّاهُ بِوَلَدٍ، فَإِنَّمَا هُوَ مَعْنِيٌّ بِهِ إِسْحَاقَ، كَانَ بَيِّنًا أَنَّ تَبْشِيرَهُ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠١] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَحْوَ سَائِرِ أَخْبَارِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَبَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ خَلِيلِهِ أَنَّهُ بَشَّرَهُ بِالْغُلَامِ الْحَلِيمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ذَلِكَ إِلَّا فِي حَالٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ وَلَدٌ مِنَ الصَّالِحِينَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ ابْنَيْهِ إِلَّا إِمَامُ الصَّالِحِينَ، وَغَيْرُ مَوْهُومٍ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ رَبَّهُ فِي هِبَةِ مَا قَدْ كَانَ أَعْطَاهُ وَوَهَبَهُ لَهُ فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِيَ ذَكَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ بَشَّرَهُ بِهِ وَذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، إِذْ كَانَ الْمُفْدَى هُوَ الْمُبَشَّرُ بِهِ. وَأَمَّا الَّذِي اعْتَلَّ بِهِ مَنِ اعْتَلَّ فِي أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ، أَنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ إِسْحَاقَ ابْنُ ابْنٍ، فَلَمْ يَكُنْ جَائِزًا أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَبْحِهِ مَعَ الْوَعْدِ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ، وَتِلْكَ حَالٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُلِدَ لِإِسْحَاقَ فِيهَا أَوْلَادٌ، فَكَيْفَ الْوَاحِدُ؟ وَأَمَّا اعْتِلَالُ مَنِ اعْتَلَّ بِأَنَ اللَّهَ أَتْبَعَ قِصَّةَ الْمُفْدَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بِقَوْلِهِ ⦗٦٠٠⦘: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا﴾ وَلَوْ كَانَ الْمُفْدَى هُوَ إِسْحَاقُ لَمْ يُبَشَّرْ بِهِ بَعْدُ، وَقَدْ وُلِدَ وَبَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ، فَإِنَّ الْبِشَارَةَ بِنُبُوَّةِ إِسْحَاقَ مِنَ اللَّهِ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ جَاءَتْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ بَعْدَ أَنْ فُدِيَ تَكْرِمَةً مِنَ اللَّهِ لَهُ عَلَى صَبْرِهِ لِأَمْرِ رَبِّهِ فِيمَا امْتَحَنَهُ بِهِ مِنَ الذَّبْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الرِّوَايَةُ قَبْلُ عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ وَأَمَّا اعْتِلَالُ مَنِ اعْتَلَّ بِأَنَّ قَرْنَ الْكَبْشِ كَانَ مُعَلَّقًا فِي الْكَعْبَةِ فَغَيْرُ مُسْتَحِيلٍ أَنْ يَكُونَ حُمِلَ مِنَ الشَّامِ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا أُمِرَ بِذِبْحِ ابْنِهِ إِسْحَاقَ بِالشَّامِ، وَبِهَا أَرَادَ ذَبَحَهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الذَّبْحِ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ كَبْشًا
١٩ / ٥٩٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «كَبْشٌ أَبْيَضُ أَقْرَنُ أَعْيَنُ ⦗٦٠١⦘ مَرْبُوطٌ بِسَمُرَةٍ فِي ثَبِيرٍ»
١٩ / ٦٠٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «كَبْشٌ» قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: ذُبِحَ بِالْمُقَامِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ذُبِحَ بِمِنًى فِي الْمَنْحَرِ
١٩ / ٦٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ هُوَ الْكَبْشُ الَّذِي قَرَّبَهُ ابْنُ آدَمَ فَتَقَبَّلَ مِنْهُ»
١٩ / ٦٠١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «ذَبْحِ كَبْشٍ»
١٩ / ٦٠١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ ⦗٦٠٢⦘ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الْتَفَتَ فَإِذَا كَبْشٌ، فَأَخَذَهُ فَذَبَحَهُ»
١٩ / ٦٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «كَانَ الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ كَبْشًا أَمْلَحَ، صُوفُهُ مِثْلُ الْعِهْنِ الْأَحْمَرِ»
١٩ / ٦٠٢
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «بِكَبْشٍ»
١٩ / ٦٠٢
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «الذِّبْحُ الْعَظِيمُ: شَاةٌ»
١٩ / ٦٠٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلِهِ: ﴿بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «بِكَبْشٍ»
١٩ / ٦٠٢
وَحَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «الذِّبْحُ: الْكَبْشُ»
١٩ / ٦٠٢
حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «الْتَفَتَ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ فَإِذَا بِكَبْشٍ، فَأَخَذُوهُ وَخَلَّى عَنِ ابْنِهِ»
١٩ / ٦٠٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «الذِّبْحُ الْعَظِيمُ: ⦗٦٠٣⦘ الْكَبْشُ الَّذِي فَدَى اللَّهُ بِهِ إِسْحَاقَ»
١٩ / ٦٠٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْهِ كَبْشٌ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ رَعَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، فَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَهُ وَاتَّبَعَ الْكَبْشَ، فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْجَمْرَةِ الْأُولَى فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَأَفْلَتَهُ عِنْدَهُ، فَجَاءَ الْجَمْرَةَ الْوسْطَى، فَأَخْرَجَهُ عِنْدَهَا، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ أَفْلَتَهُ فَأَدْرَكَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَأَخْرَجَهُ عِنْدَهَا، ثُمَّ أَخَذَهُ فَأَتَى بِهِ الْمَنْحَرَ مِنْ مِنًى، فَذَبَحَهُ؛ فَوَالَّذِي نَفْسُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ كَانَ أَوَّلُ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّ رَأْسَ الْكَبْشِ لَمُعَلَّقٌ بِقَرْنَيْهِ عِنْدَ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ قَدْ حَشَّ، يَعْنِي يَبِسَ»
١٩ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: «وَيَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَبِيحَةَ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي فَدَى بِهَا ابْنَهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ أَقْرَنُ أَعْيَنُ»
١٩ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «بِكَبْشٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ الذَّبْحُ وَعْلًا
١٩ / ٦٠٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ⦗٦٠٤⦘ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «كَانَ وَعْلًا»
١٩ / ٦٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا فُدِيَ إِسْمَاعِيلُ إِلَّا بِتَيْسٍ مِنَ الْأُرْوِيِّ أُهْبِطَ عَلَيْهِ مِنْ ثَبِيرٍ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ قِيلَ لِلذَّبْحِ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ عَظِيمٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَانَ رَعَى فِي الْجَنَّةِ
١٩ / ٦٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» وَقَالَ آخَرُونَ: قِيلَ لَهُ عَظِيمٌ، لِأَنَّهُ كَانَ ذَبْحًا مُتَقَبَّلًا
١٩ / ٦٠٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: مُتَقَبَّلٍ “
١٩ / ٦٠٤
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] قَالَ: «الْعَظِيمُ: الْمُتَقَبَّلُ» وَقَالَ آخَرُونَ: قِيلَ لَهُ عَظِيمٌ، لِأَنَّهُ ذِبْحٌ ذُبِحَ بِالْحَقِّ، وَذَلِكَ ذَبْحُهُ بِدَيْنِ إِبْرَاهِيمَ
١٩ / ٦٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا يَقُولُ اللَّهُ ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] لِذَبِيحَتِهِ الَّتِي ذَبَحَ فَقَطْ، وَلَكِنَّهُ الذِّبْحُ عَلَى دَيْنِهِ، فَتِلْكَ السُّنَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَاعْلَمُوا أَنَّ الذَّبِيحَةَ تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، فَضَحُّوا عِبَادَ اللَّهِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَصَحُّ مِمَّا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: فَدَاهُ اللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَمَّ وَصْفَهُ إِيَّاهُ بِالْعِظَمِ دُونَ تَخْصِيصِهِ، فَهُوَ كَمَا عَمَّهُ بِهِ
١٩ / ٦٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ٧٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَبْقَيْنَا عَلَيْهِ فِيمَنْ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثَنَاءً حَسَنًا
١٩ / ٦٠٥
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ⦗٦٠٦⦘ الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ٧٨] قَالَ: «أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ فِي الْآخَرِينَ»
١٩ / ٦٠٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ٧٨] قَالَ: «سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صَدْقٍ فِي الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٨٤] قَالَ: فَتَرَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ فِي الْآخَرِينِ، كَمَا تَرَكَ اللِّسَانَ السُّوءَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْبَاهِهِ، كَذَلِكَ تَرَكَ اللِّسَانَ الصِّدْقَ وَالثَّنَاءَ الصَّالِحَ عَلَى هَؤُلَاءِ» وَقِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ السَّلَامَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿سَلَّامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٩]، وَذَلِكَ قَوْلٌ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ نَسْتَجِزْ ذِكْرَهُ؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ٧٨] فِيمَا مَضَى قَبْلُ وَقِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ أَنْ يُقَالَ: سَلَّامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ
١٩ / ٦٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿سَلَّامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لِإِبْرَاهِيمَ أَنْ لَا يُذْكَرَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَّا بِالْجَمِيلِ مِنَ الذِّكْرِ
١٩ / ٦٠٦
وَقَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ٨٠] يَقُولُ: كَمَا جَزَيْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى طَاعَتِهِ إِيَّانَا وَإِحْسَانِهِ فِي الِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِنَا، كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ٨١] يَقُولُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ لَنَا الْإِيمَانَ
١٩ / ٦٠٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَبَشَّرْنَا إِبْرَاهِيمَ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا شُكْرًا لَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَطَاعَتِهِ
١٩ / ٦٠٧
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قَالَ: «بُشِّرَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ نَبِيًّا، بَعْدَمَا كَانَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ لَمَّا جَادَ لِلَّهِ بِنَفْسِهِ»
١٩ / ٦٠٧
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قَالَ بُشِّرَ بِنُبُوَّتِهِ قَالَ: وَقَوْلُهُ: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾ [مريم: ٥٣]، قَالَ: كَانَ هَارُونُ أَكْبَرَ مِنْ مُوسَى، وَلَكِنْ أَرَادَ وَهْبَ اللَّهِ لَهُ نُبُوَّتَهُ»
١٩ / ٦٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ، يُحَدِّثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قَالَ: «إِنَّمَا بَشَّرَهُ بِهِ نَبِيًّا حِينَ فَدَاهُ مِنَ الذَّبْحِ، وَلَمْ تَكُنِ الْبِشَارَةُ بِالنُّبُوَّةِ عِنْدَ مَوْلِدِهِ»
١٩ / ٦٠٧
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ⦗٦٠٨⦘ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا﴾ قَالَ: «إِنَّمَا بُشِّرَ بِالنُّبُوَّةِ»
١٩ / ٦٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قَالَ: «بَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْحَاقَ»
١٩ / ٦٠٨
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قَالَ: «بِنُبُوَّتِهِ»
١٩ / ٦٠٨
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ ضِرَارٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: «بُشِّرَ إِبْرَاهِيمُ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةِ سَنَةٍ»
١٩ / ٦٠٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَبَارَكْنَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى إِسْحَاقَ ﴿وَمَنِ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ﴾ [الصافات: ١١٣] يَعْنِي بِالْمُحْسِنِ: الْمُؤْمِنَ الْمُطِيعَ لِلَّهِ الْمُحْسِنَ فِي طَاعَتِهِ إِيَّاهُ ﴿وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٣] وَيَعْنِي بِالظَّالِمِ لِنَفْسِهِ: الْكَافِرُ بِاللَّهِ، الْجَالِبُ عَلَى نَفْسِهِ بِكُفْرِهِ عَذَابَ اللَّهِ وَأَلِيمَ عِقَابِهِ ﴿مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨]: يَعْنِي الَّذِي قَدْ أَبَانَ ظُلْمَهُ نَفْسَهُ بِكُفْرِهِ بِاللَّهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٠٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٣] قَالَ: «الْمُحْسِنُ: ⦗٦٠٩⦘ الْمُطِيعُ لِلَّهِ، وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ: الْعَاصِي لِلَّهِ»
١٩ / ٦٠٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الصافات: ١١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ تَفَضَّلْنَا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ابْنَيْ عِمْرَانَ، فَجَعَلْنَاهُمَا نَبِيَّيْنِ، وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْغَمِّ وَالْمَكْرُوهِ الْعَظِيمِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ مِنْ عُبُودَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَمِمَّا أَهْلَكْنَا بِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مِنَ الْغَرَقِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ [الصافات: ١١٥] قَالَ: «مِنَ الْغَرَقِ»
١٩ / ٦٠٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ [الصافات: ١١٥] «أَيْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ»
١٩ / ٦٠٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ﴾ [الصافات: ١١٦] يَقُولُ: وَنَصَرْنَا مُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمَهُمَا عَلَى فِرْعَوْنَ وَآلِهِ بِتَغْرِيقِنَاهُمْ، ﴿فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الصافات: ١١٦] لَهُمْ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: إِنَّمَا أُرِيدَ بِالْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ﴾ [الصافات: ١١٦] مُوسَى وَهَارُونَ، وَلَكِنَّهَا أُخْرِجَتْ عَلَى مَخْرَجِ مَكْنِيِّ الْجَمْعِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَذْهَبُ بِالرَّئِيسِ كَالنَّبِيِّ وَالْأَمِيرِ وَشَبَهِهِ إِلَى الْجَمْعِ بِجُنُودِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَإِلَى التَّوْحِيدِ لِأَنَّهُ
١٩ / ٦٠٩
وَاحِدٌ فِي الْأَصْلِ، وَمِثْلُهُ: ﴿عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ﴾ [يونس: ٨٣]، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿وَمَلَئِهِ﴾ [الأعراف: ١٠٣] قَالَ: وَرُبَّمَا ذَهَبَتِ الْعَرَبُ بِالِاثْنَيْنِ إِلَى الْجَمْعِ كَمَا تَذْهَبُ بِالْوَاحِدِ إِلَى الْجَمْعِ، فَتُخَاطِبُ الرَّجُلَ، فَتَقُولُ: مَا أَحْسَنْتُمْ وَلَا أَجْمَلْتُمْ، وَإِنَّمَا تُرِيدُهُ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ هَذَا الَّذِي حَكَيْنَا قَوْلَهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ﴾ [الصافات: ١١٦] وَإِنْ كَانَ قَوْلًا غَيْرَ مَدْفُوعٍ، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى الِاحْتِيَالِ بِهِ لِقَوْلِهِ: ﴿وَنَصرْنَاهُمْ﴾ [الصافات: ١١٦] لِأَنَّ اللَّهَ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلِهِ: ﴿وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ [الصافات: ١١٥] ثُمَّ قَالَ: ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ﴾ [الصافات: ١١٦] يَعْنِي: هُمَا وَقَوْمَهُمَا، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ كَانُوا أَعْدَاءً لِجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَدِ اسْتَضْعَفُوهُمْ، يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَهُمْ، وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ، فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، بِأَنْ غَرَّقَهُمْ وَنَجَّى الْآخَرِينَ
١٩ / ٦١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ١١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَآتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْكِتَابَ: يَعْنِي التَّوْرَاةَ
١٩ / ٦١٠
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ﴾ [الصافات: ١١٧]: «التَّوْرَاةَ» وَيَعْنِي بِالْمُسْتَبِينِ: الْمُتَبَيِّنَ هُدَى مَا فِيهِ وَتَفْصِيلَهُ وَأَحْكَامَهُ
١٩ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الصافات: ١١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهَدَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ دَيْنُ اللَّهِ، الَّذِي ابْتَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الصافات: ١١٨] الْإِسْلَامَ “
١٩ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ١١٩] يَقُولُ: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخَرِينَ بَعْدَهُمُ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ عَلَيْهِمَا
١٩ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿سَلَّامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الصافات: ١٢٠] يَقُولُ: وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: سَلَّامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ
١٩ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ٨٠] يَقُولُ: هَكَذَا نَجْزِي أَهْلَ طَاعَتَنَا، وَالْعَامِلِينَ بِمَا يُرْضِينَا عَنْهُمْ ﴿إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ١٢٢] يَقُولُ: إِنَّ مُوسَى وَهَارُونَ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ لَنَا الْإِيمَانَ
١٩ / ٦١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾ ⦗٦١٢⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ إِلْيَاسَ
١٩ / ٦١١
وَهُوَ إِلْيَاسَ بْنُ يَاسِينَ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعِيزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ ” فِيمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقِيلَ: إِنَّهُ إِدْرِيسُ
١٩ / ٦١٢
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: إِلْيَاسُ هُوَ إِدْرِيسُ ” وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ
١٩ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٢] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لَمُرْسَلٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الصافات: ١٢٤]؟ يَقُولُ حِينَ قَالَ لِقَوْمِهِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَلَا تَتَّقُونَ اللَّهَ أَيُّهَا الْقَوْمُ، فَتَخَافُونَهُ، وَتَحْذَرُونَ عُقُوبَتَهُ عَلَى عِبَادَتِكُمْ رَبًّا غَيْرَ اللَّهِ وَإِلَهًا سِوَاهُ ﴿وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصافات: ١٢٥] يَقُولُ: وَتَدَعُونَ عِبَادَةَ أَحْسَنِ مَنْ قِيلِ لَهُ خَالِقٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى بَعْلٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: أَتَدْعُونَ رَبًّا؟ وَقَالُوا: هِيَ لُغَةٌ لِأَهْلِ الْيَمَنِ مَعْرُوفَةٌ فِيهِمْ
١٩ / ٦١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] قَالَ: إِلَهًا “
١٩ / ٦١٢
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ⦗٦١٣⦘ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] يَقُولُ: «أَتَدْعُونَ رَبًّا، وَهِيَ لُغَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ، تَقُولُ: مَنْ بَعْلُ هَذَا الثَّوْرِ: أَيْ مَنْ رَبُّهُ»
١٩ / ٦١٢
حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] قَالَ: رَبًّا “
١٩ / ٦١٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] قَالَ: «هَذِهِ لُغَةٌ بِالْيَمَانِيَّةِ: أَتَدْعُونَ رَبًّا دُونَ اللَّهِ»
١٩ / ٦١٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] قَالَ: «رَبًّا»
١٩ / ٦١٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلُوهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] قَالَ: فَسَكَتَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا بَعْلُهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَفَانِي هَذَا الْجَوَّابُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ صَنَمٌ كَانَ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ بَعْلٌ، وَبِهِ سُمِّيَتْ بَعْلَبَكُ
١٩ / ٦١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] «يَعْنِي: صَنَمًا كَانَ لَهُمْ يُسَمَّى بَعْلًا»
١٩ / ٦١٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصافات: ١٢٥]؟ قَالَ: «بَعْلٌ: صَنَمٌ كَانُوا يَعْبُدُونَ، كَانُوا بِبَعْلَكَ، وَهُمْ وَرَاءَ دِمَشْقَ، وَكَانَ بِهَا الْبَعْلُ الَّذِي كَانُوا يَعْبُدُونَ» وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ بَعْلٌ: امْرَأَةٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا
١٩ / ٦١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُ: «مَا كَانَ بَعْلٌ إِلَّا امْرَأَةً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ» وَلِلْبَعْلِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْجُهٌ يَقُولُونَ لِرَبِّ الشَّيْءِ هُوَ بَعْلُهُ، يُقَالُ: هَذَا بَعْلَ هَذِهِ الدَّارِ، يَعْنِي رَبَّهَا؛ وَيَقُولُونَ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ بَعْلُهَا؛ وَيَقُولُونَ لِمَا كَانَ مِنَ الْغُرُوسِ وَالزُّرُوعِ مُسْتَغْنِيًا بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ سَقِيًا بَلْ هُوَ بَعْلٌ، وَهُوَ الْعَذْيُ وَذُكِرَ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلْيَاسَ بَعْدَ مَهْلَكِ حِزْقِيلَ بْنِ يُوزَا
١٩ / ٦١٤
وَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ وَقِصَّةِ قَوْمِهِ فِيمَا بَلَغَنَا مَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ
١٩ / ٦١٤
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ حِزْقِيلَ، وَعَظُمَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْأَحْدَاثُ، وَنَسُوا مَا كَانَ مِنْ عَهْدِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، حَتَّى نَصَبُوا الْأَوْثَانَ وَعَبَدُوهَا دُونَ اللَّهِ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِلْيَاسَ بْنَ يَاسِينَ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعِيزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ نَبِيًّا وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى يَبْعَثُونَ إِلَيْهِمْ بِتَجْدِيدِ مَا نَسُوا مِنَ التَّوْرَاةِ، فَكَانَ إِلْيَاسُ مَعَ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ: أَحَابُ، كَانَ اسْمُ امْرَأَتِهِ: أَرْبَلَ، وَكَانَ يَسْمَعُ مِنْهُ وَيُصَدِّقُهُ، وَكَانَ إِلْيَاسُ يُقِيمُ لَهُ أَمْرَهُ، وَكَانَ سَائِرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اتَّخَذُوا صَنَمًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يُقَالُ لَهُ بَعْلٌ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: مَا كَانَ بَعْلٌ إِلَّا امْرَأَةً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ يَقُولُ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ فَجَعَلَ إِلْيَاسُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَجَعَلُوا لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَلِكِ، وَالْمُلُوكُ مُتَفَرِّقَةٌ بِالشَّامِ، كُلُّ مَلِكٍ لَهُ نَاحِيَةٌ مِنْهَا يَأْكُلُهَا، فَقَالَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الَّذِي كَانَ إِلْيَاسُ مَعَهُ يُقَوِّمُ لَهُ أَمْرَهُ، وَيَرَاهُ عَلَى هُدًى مِنْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ يَوْمًا: يَا إِلْيَاسُ، وَاللَّهِ مَا أَرَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ إِلَّا بَاطِلًا، وَاللَّهِ مَا أَرَى فُلَانًا وَفُلَانًا يُعَدِّدُ مُلُوكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ عَبَدُوا الْأَوْثَانَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَّا عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَنْعَمُونَ مُمَلَّكِينَ، مَا يَنْقُصُ دُنْيَاهُمْ أَمْرُهُمُ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَمَا نَرَى لَنَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلٍ؛ فَيَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ إِلْيَاسَ اسْتَرْجَعَ وَقَامَ شَعَرَ رَأْسِهِ وَجِلْدِهِ، ثُمَّ رَفَضَهُ وَخَرَجَ عَنْهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ الْمَلِكُ فِعْلَ أَصْحَابِهِ: عَبْدَ الْأَوْثَانَ، وَصَنَعَ مَا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ إِلْيَاسُ: اللَّهُمَّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يِكْفُرُوا بِكَ، وَالْعِبَادَةَ لِغَيْرِكَ،
١٩ / ٦١٥
فَغَيِّرْ مَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَتِكَ، أَوْ كَمَا قَالَ
١٩ / ٦١٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: “فَذَكَرَ لِي أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ: إِنَّا قَدْ جَعَلْنَا أَمْرَ أَرْزَاقِهِمْ بِيَدِكَ وَإِلَيْكَ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَأْذَنُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ إِلْيَاسُ: اللَّهُمَّ فَأَمْسِكْ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ؛ فَحُبِسَ عَنْهُمْ ثَلَاثَ سِنِينَ، حَتَّى هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ وَالْهَوَامُّ وَالدَّوَابُّ وَالشَّجَرُ، وَجَهِدَ النَّاسُ جَهْدًا شَدِيدًا. وَكَانَ إِلْيَاسُ فِيمَا يَذْكُرُونَ حِينَ دَعَا بِذَلِكَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اسْتَخْفَى، شَفَقًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ، وَكَانَ حَيْثُمَا كَانَ وُضِعَ لَهُ رِزْقٌ، وَكَانُوا إِذَا وَجَدُوا رِيحَ الْخُبْزِ فِي دَارٍ أَوْ بَيْتٍ، قَالُوا: لَقَدْ دَخَلَ إِلْيَاسُ هَذَا الْمَكَانَ فَطَلَبُوهُ، وَلَقِيَ مِنْهُمْ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَرًّا ثُمَّ إِنَّهُ أَوَى لَيْلَةً إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَهَا ابْنٌ يُقَالُ لَهُ الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ بِهِ ضُرٌّ، فَآوَتْهُ وَأَخْفَتْ أَمْرَهُ، فَدَعَا إِلْيَاسُ لِابْنِهَا، فَعُوفِيَ مِنَ الضُّرِّ الَّذِي كَانَ بِهِ، وَاتَّبَعَ الْيَسَعُ إِلْيَاسَ، فَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ وَلَزِمَهُ، فَكَانَ يَذْهَبُ مَعَهُ حَيْثُمَا ذَهَبَ وَكَانَ إِلْيَاسُ قَدْ أَسَنَّ وَكَبُرَ، وَكَانَ الْيَسَعُ غُلَامًا شَابًّا، فَيَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى إِلْيَاسَ: إِنَّكَ قَدْ أَهْلَكْتَ كَثِيرًا مِنَ الْخَلْقِ مِمَّنْ لَمْ يَعْصِ سِوَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْبَهَائِمِ وَالدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالْهَوَامِّ وَالشَّجَرِ بِحَبْسِ الْمَطَرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ إِلْيَاسَ قَالَ: أَيْ رَبِّ، دَعْنِي أَنَا الَّذِي أدْعُو لَهُمْ وَأَكُونُ أَنَا الَّذِي آتِيهِمْ بِالْفَرَجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ الَّذِي أَصَابَهُمْ، لَعَلَّهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا وَيَنْزَعُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِكَ، قِيلَ لَهُ: نَعَمْ، فَجَاءَ إِلْيَاسُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ هَلَكْتُمْ جَهْدًا، وَهَلَكَتِ الْبَهَائِمُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ وَالْهَوَامُّ
١٩ / ٦١٦
وَالشَّجَرُ بِخَطَايَاكُمْ، وَإِنَّكُمْ عَلَى بَاطِلٍ وَغُرُورٍ، أَوْ كَمَا قَالَ لَهُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تَعْلَمُوا ذَلِكَ، وَتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَيْكُمْ سَاخِطٌ فِيمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ الْحَقُّ، فَاخْرُجُوا بِأَصْنَامِكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَعْبُدُونَ وَتَزْعُمُونَ أَنَّهَا خَيْرٌ مِمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَجَابَتْ لَكُمْ، فَذَلِكَ كَمَا تَقُولُونَ، وَإِنْ هِيَ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّكُمْ عَلَى بَاطِلٍ، فَنَزَعْتُمْ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ فَفَرَّجَ عَنْكُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ، قَالُوا: أَنْصَفْتَ؛ فَخَرَجُوا بِأَوْثَانِهِمْ، وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِحْدَاثِهِمِ الَّذِي لَا يَرْضَى، فَدَعَوْهَا فَلَمْ تَسْتَجِبْ لَهُمْ، وَلَمْ تُفَرِّجْ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّى عَرَفُوا مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْبَاطِلِ، ثُمَّ قَالُوا لِإِلْيَاسَ: يَا إِلْيَاسُ إِنَّا قَدْ هَلَكْنَا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَدَعَا لَهُمْ إِلْيَاسُ بِالْفَرَجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ، وَأَنْ يُسْقَوْا، فَخَرَجَتْ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ تَرَامَى إِلَيْهِ السَّحَابُ، ثُمَّ أَدْحَسَتْ ثُمَّ أُرْسِلَ الْمَطَرُ، فَأَغَاثَهُمْ، فَحُيِّيَتْ بِلَادُهُمْ، وَفَرَّجَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ، فَلَمْ يَنْزَعُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا، وَأَقَامُوا عَلَى أَخْبَثِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ؛ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ إِلْيَاسُ مِنْ كُفْرِهِمْ، دَعَا رَبَّهُ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ، فَيُرِيحُهُ مِنْهُمْ، فَقِيلَ لَهُ فِيمَا يَزْعُمُونَ: انْظُرْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَاخْرُجْ فِيهِ إِلَى بَلَدِ كَذَا وَكَذَا، فَمَاذَا جَاءُوكَ مِنْ شَيْءٍ فَارْكَبْهُ وَلَا تَهَبْهُ؛ فَخَرَجَ إِلْيَاسُ وَخَرَجَ مَعَهُ الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، أَقْبَلَ إِلَيْهِ فَرَسٌ مِنْ نَارٍ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ، فَنَادَاهُ الْيَسَعُ: يَا إِلْيَاسُ مَا تَأْمُرُنِي؟ فَكَانَ آخِرَ عَهْدُهُمْ بِهِ، فَكَسَاهُ اللَّهُ الرِّيشَ، وَأَلْبَسَهُ النُّورَ، وَقَطَعَ عَنْهُ لَذَّةَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَطَارَ فِي الْمَلَائِكَةِ، فَكَانَ إِنْسِيًّا مَلَكِيًّا أَرْضِيًّا سَمَاوِيًّا “
١٩ / ٦١٧
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الصافات: ١٢٦] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (اللَّهُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) رَفَعَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَأَنَّ الْخَبَرَ قَدْ تَنَاهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿أَحْسَنَ الْخَالِقِينِ﴾ [المؤمنون: ١٤] وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الصافات: ١٢٦] نَصَبًا، عَلَى الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصافات: ١٢٥] عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، مَعَ اسْتِفَاضَةِ الْقِرَاءَةِ بِهِمَا فِي الْقُرَّاءِ، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: ذَلِكَ مَعْبُودُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْكُمُ الْعِبَادَةَ: رَبُّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ، لَا الصَّنَمُ الَّذِي لَا يَخْلُقُ شَيْئًا، وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ
١٩ / ٦١٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٢٧] يَقُولُ: فَكَذَبَ إِلْيَاسَ قَوْمُهُ، فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ: يَقُولُ: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ فِي عَذَابِ اللَّهِ فَيَشْهَدُونَهُ
١٩ / ٦١٨
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٢٧] «فِي عَذَابِ اللَّهِ» ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٢٨] يَقُولُ: فَإِنَّهُمْ يُحْضَرُونَ فِي عَذَابِ اللَّهِ، إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الَّذِينَ أَخْلَصَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ٧٨] يَقُولُ: وَأَبْقَيْنَا عَلَيْهِ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ فِي الْآخَرِينَ مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَهُ
١٩ / ٦١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ لِآلْ يَاسِينَ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ﴾ فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ﴾ بِكَسْرِ الْأَلْفِ مِنْ إِلْيَاسِينَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ اسْمُ إِلْيَاسَ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ يُسَمَّى بِاسْمَيْنِ: إِلْيَاسَ، وَإِلْيَاسِينَ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِبْرَاهَامَ؛ يَسْتَشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي السُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿سَلَامٌ﴾ [الأنعام: ٥٤] فَإِنَّهُ سَلَامٌ عَلَى النَّبِيِّ الَّذِي ذُكِرَ دُونَ آلِهِ، فَكَذَلِكَ إِلْيَاسِينَ، إِنَّمَا هُوَ سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسَ دُونَ آلِهِ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: إِلْيَاسُ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْعِبْرَانِيَّةِ، كَقَوْلِهِمْ: إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ مِنْهُ، وَيَقُولُ: لَوْ جَعَلْتَهُ عَرَبِيًّا مِنَ الْإِلْسِ، فَتَجْعَلُهُ إِفْعَالًا، مِثْلُ الْإِخْرَاجِ وَالْإِدْخَالِ أُجْرِيَ؛ وَيَقُولُ: قَالَ: سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ، فَتَجْعَلُهُ بِالنُّونِ، وَالْعَجَمِيُّ مِنَ الْأَسْمَاءِ قَدْ تَفْعَلُ بِهِ هَذَا الْعَرَبُ، تَقُولُ: مِيكَالُ وَمِيكَائِيلُ وَمِيكَائِينُ، وَهِيَ فِي بَنِي أَسَدٍ تَقُولُ: هَذَا إِسْمَاعِينُ قَدْ جَاءَ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ بِاللَّامِ؛ قَالَ: وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ بَنِي نُمَيْرٍ لِضَبٍّ صَادَهُ:
[البحر الرجز]
١٩ / ٦١٩
يَقُولُ رَبُّ السُّوقِ لَمَّا جِينَا … هَذَا وَرَبِّ الْبَيْتِ إِسْرَائِينَا
قَالَ: فَهَذَا كَقَوْلِهِ: إِلْيَاسِينَ؛ قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ ذَهَبْتَ بِإِلْيَاسِينَ إِلَى أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعًا، فَتَجْعَلُ أَصْحَابَهُ دَاخِلِينَ فِي اسْمِهِ، كَمَا تَقُولُ لِقَوْمٍ رَئِيسُهُمُ الْمُهَلَّبُ: قَدْ جَاءَتْكُمُ الْمَهَالِبَةُ وَالْمُهَلِّبُونَ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمُ الْأَشْعَرِينَ بِالتَّخْفِيفِ، وَالسَّعْدِيِّنَ بِالتَّخْفِيفِ وَشَبَهِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز]
أَنَا ابْنُ سَعْدٍ سَيِّدُ السَّعْدِينَا
قَالَ: وَهُوَ فِي الِاثْنَيْنِ أَنْ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ إِذَا كَانَ أَشْهُرَ مِنْهُ اسْمًا كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]
جَزَانِي الزَّهْدَمَانِ جَزَاءَ سَوْءٍ … وَكُنْتُ الْمَرْءَ يُجْزَى بِالْكَرَامَهْ
وَاسْمُ أَحَدُهُمَا: زَهْدَمُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
[البحر الطويل]
جَزَى اللَّهُ فِيهَا الْأَعْوَرَيْنِ ذَمَامَةً … وَفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ الْمُتَضَاجِمِ
وَاسْمُ أَحَدُهُمَا أَعْوَرُ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: ﴿سَلَامٌ عَلَى آل يَاسِينَ﴾ بِقَطْعِ آلِ مِنْ يَاسِينَ،
١٩ / ٦٢٠
فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ بِمَعْنَى: سَلَامٌ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ قَوْلَهُ: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ﴾ [الصافات: ١٢٣] بِتَرْكِ الْهَمْزِ فِي إِلْيَاسَ وَيَجْعَلُ الْأَلْفَ وَاللَّامَ دَاخِلَتَيْنِ عَلَى «يَاس» لِلتَّعْرِيفِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا كَانَ اسْمُهُ يَاس أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ أَلْفُ وَلَامٌ ثُمَّ يُقْرَأُ عَلَى ذَلِكَ: «سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ﴾ بِكَسْرِ أَلِفِهَا عَلَى مِثَالِ إِدْرَاسِينَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ كُلِّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ فِيهِ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ عليهم السلام فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِأَنَّ عَلَيْهِ سَلَامًا لَا عَلَى آلِهِ، فَكَذَلِكَ السَّلَامُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى إِلْيَاسَ كَسَلَامِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، لَا عَلَى آلِهِ، عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا مِنْ مَعْنَى ذَلِكَ فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌ أَنَّ إِلْيَاسِينَ غَيْرُ إِلْيَاسَ، فَإِنَّ فِيمَا حَكَيْنَا مِنَ احْتِجَاجِ مَنَ احْتَجَّ بِأَنَّ إِلْيَاسِينَ هُوَ إِلْيَاسُ غِنًى عَنِ الزِّيَادَةِ فِيهِ
١٩ / ٦٢١
مَعَ أَنَّ فِيمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ (سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ) قَالَ: «إِلْيَاسُ» وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «سَلَامٌ عَلَى إِدرَاسِينَ» دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَنَى بِذَلِكَ: سَلَامٌ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَفَسَادِ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: «وَإِنَّ إِلْيَاسَ» بِوَصْلِ النُّونِ مِنْ إِنَّ بِالْيَاسَ، وَتَوْجِيهِ الْأَلْفَ وَاللَّامَ فِيهِ إِلَى أَنَّهُمَا أُدْخِلَتَا تَعْرِيفًا لِلِاسْمِ الَّذِي هُوَ يَاس، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: إِلْيَاسُ هُوَ إِدْرِيسُ، وَيَقْرَأُ: «وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ»، ثُمَّ يَقْرَأُ عَلَى ذَلِكَ: (سَلَامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ) كَمَا قَرَأَ الْآخَرُونَ: «سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ» فَلَا وَجْهَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ
١٩ / ٦٢١
قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ لِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: (سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ) بِقَطْعِ الْآلِ مِنْ يَاسِينَ وَنَظِيرُ تَسْمِيَةِ إِلْيَاسَ بِآلِ يَاسِينَ: ﴿وَشَجَرَةٌ تَخْرُجُ مِنْ طورِ سَيْنَاءَ﴾ [المؤمنون: ٢٠]، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾ [التين: ٢] وَهُوَ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ سُمَيَّ بِذَلِكَ
١٩ / ٦٢٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ٨٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّا هَكَذَا نَجْزِي أَهْلَ طَاعَتِنَا وَالْمُحْسِنِينَ أَعْمَالًا
١٩ / ٦٢٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ٨١] يَقُولُ: إِنَّ إِلْيَاسَ عَبْدٌ مِنِ عِبَادِنَا الَّذِينَ آمَنُوا، فَوَحَّدُونَا، وَأَطَاعُونَا، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِنَا شَيْئًا
١٩ / ٦٢٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: ١٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ لُوطًا لَمُرْسَلٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ﴾ [الصافات: ١٣٤] يَقُولُ: إِذْ نَجَّيْنَا لُوطًا وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي أَحْلَلْنَاهُ بِقَوْمِهِ، فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِهِ ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧١] يَقُولُ: إِلَّا عَجُوزًا فِي الْبَاقِينَ، وَهِيَ امْرَأَةُ لُوطٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهَا فِيمَا مَضَى، وَاخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧١]، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا
١٩ / ٦٢٢
وَقَدْ: حُدِّثْتُ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧١] يَقُولُ: «إِلَّا امْرَأَتَهُ تَخَلَّفَتْ فَمُسِخَتْ حَجَرًا، وَكَانَتْ تُسَمَّى: هيشفعَ»
١٩ / ٦٢٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧١] قَالَ: الْهَالِكِينَ “
١٩ / ٦٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٢] يَقُولُ: ثُمَّ قَذَفْنَاهُمْ بِالْحِجَارَةِ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذَلِكَ
١٩ / ٦٢٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ الَّذِينَ دَمَّرِنَاهُمْ عِنْدَ إِصْبَاحِكُمْ نَهَارًا وَبِاللَّيْلِ
١٩ / ٦٢٣
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ﴾ [الصافات: ١٣٧] «قَالُوا: نَعَمْ وَاللَّهِ صَبَاحًا وَمَسَاءً يَطَئُونَهَا وَطْئًا، مَنْ أَخَذَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ، أَخَذَ عَلَى سَدُومَ قَرْيَةِ قَوْمِ لُوطٍ»
١٩ / ٦٢٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ﴾ [الصافات: ١٣٧] قَالَ: «فِي أَسْفَارِكُمْ»
١٩ / ٦٢٣
وَقَوْلُهُ: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٤٤] يَقُولُ: أَفَلَيْسَ لَكُمْ عُقُولٌ تَتَدَبَّرُونَ بِهَا وَتَتَفَكَّرُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ سَلَكَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فِي الْكُفْرِ بِهِ، وَتَكْذِيبِ رُسُلِهِ، مَسْلَكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، نَازِلٌ بِهِمْ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ، مِثْلَ الَّذِي نَزَلَ ⦗٦٢٤⦘ بِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَتَكْذِيبِ رَسُولِهِ، فَيَزْجُرُكُمْ ذَلِكَ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، وَتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام
١٩ / ٦٢٣
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٨] قَالَ: «أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ مَا أَصَابَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ، قَالَ: وَذَلِكَ الْمُرُورُ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهِمْ»
١٩ / ٦٢٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ يُونُسَ لَمُرْسَلٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَى أَقْوَامِهِمْ ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الصافات: ١٤٠] يَقُولُ: حِينَ فَرَّ إِلَى الْفُلْكِ وَهُوَ السَّفِينَةُ الْمَشْحُونِ: وَهُوَ الْمَمْلُوءُ مِنَ الْحَمُولَةِ الْمُوقَرِ
١٩ / ٦٢٤
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الصافات: ١٤٠] «كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّهُ الْمُوقَرُ مِنَ الْفُلْكِ»
١٩ / ٦٢٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الصافات: ١٤٠] قَالَ: «الْمُوقَرِ»
١٩ / ٦٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَسَاهَمَ﴾ [الصافات: ١٤١] يَقُولُ: فَقَارَعَ ⦗٦٢٥⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٢٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَسَاهَمَ﴾ [الصافات: ١٤١] «يَقُولُ أَقْرَعَ»
١٩ / ٦٢٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] قَالَ: «فَاحْتَبَسَتِ السَّفِينَةُ، فَعَلِمَ الْقَوْمُ أَنَّمَا احْتَبَسَتْ مِنْ حَدَثٍ أَحْدَثُوهُ، فَتَسَاهَمُوا، فَقَرَعَ يُونُسُ، فَرَمَى بِنَفْسِهِ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ»
١٩ / ٦٢٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَسَاهَمَ﴾ [الصافات: ١٤١] قَالَ: «قَارَعَ»
١٩ / ٦٢٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] يَعْنِي: فَكَانَ مِنَ الْمَسْهُومِينَ الْمَغْلُوبِينَ، يُقَالُ مِنْهُ: أَدْحَضَ اللَّهُ حُجَّةَ فُلَانٍ فَدَحُضَتْ: أَيْ أَبْطَلَهَا فَبَطَلَتْ، وَالدَّحْضُ: أَصْلُهُ الزَّلَقُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُمْ: دَحَضَ اللَّهُ حُجَّتَهُ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ⦗٦٢٦⦘ قَوْلُهُ: ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] يَقُولُ: «مِنَ الْمَقْرُوعِينَ»
١٩ / ٦٢٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] قَالَ: «مِنَ الْمَسْهُومِينَ»
١٩ / ٦٢٦
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] قَالَ: «مِنَ الْمَقْرُوعِينَ»
١٩ / ٦٢٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ﴾ [الصافات: ١٤٢] يَقُولُ: فَابْتَلَعَهُ الْحُوتُ؛ وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ اللَّقْمِ وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٢] يَقُولُ: وَهُوَ مُكْتَسِبٌ اللَّوْمَ، يُقَالُ: قَدْ أَلَامَ الرَّجُلُ، إِذَا أَتَى مَا يُلَامُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يُلِمْ، كَمَا يُقَالُ: أَصْبَحَ مُحْمِقًا مُعْطِشًا: أَيْ عِنْدَكَ الْحَمِقُ وَالْعَطَشُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
[البحر الكامل]
سَفَهًا عَذَلْتَ وَلُمْتَ غَيْرَ مُلِيمِ … وَهَدَاكَ قَبْلَ الْيَوْمِ غَيْرُ حَكِيمِ
فَأَمَّا الْمُلِومُ فَهُوَ الَّذِي يُلَامُ بِاللِّسَانِ، وَيُعْذَلُ بِالْقَوْلِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثني أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ⦗٦٢٧⦘ قَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٢] قَالَ: «مُذْنِبٌ»
١٩ / ٦٢٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٢]: «أَيْ فِي صُنْعِهِ»
١٩ / ٦٢٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٢] قَالَ: “وَهُوَ مُذْنِبٌ، قَالَ: وَالْمُلِيمُ: «الْمُذْنِبُ»
١٩ / ٦٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ﴾ [الصافات: ١٤٣] يَعْنِي يُونُسَ ﴿كَانَ مِنَ﴾ [البقرة: ١٣٥] الْمُصَلِّينَ لِلَّهِ قَبْلَ الْبَلَاءِ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ بِالْحَبْسِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ﴿لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصافات: ١٤٤] يَقُولُ: لَبَقِيَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَوْمِ يَبْعَثُ اللَّهِ فِيهِ خَلْقَهُ مَحْبُوسًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ قَبْلَ الْبَلَاءِ، فَذَكَرَهُ اللَّهُ فِي حَالِ الْبَلَاءِ، فَأَنْقَذَهُ وَنَجَّاهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي وَقْتِ تَسْبِيحِ يُونُسَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا
١٩ / ٦٢٧
مِثْلَ قَوْلِنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣]
١٩ / ٦٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] «كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ فِي الرَّخَاءِ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ بِذَلِكَ؛ قَالَ: وَقَدْ كَانَ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ: إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ إِذَا مَا عَثَرَ، فَإِذَا صُرِعَ وَجَدَ مُتَّكَأً»
١٩ / ٦٢٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «كَانَ طَوِيلَ الصَّلَاةِ فِي الرَّخَاءِ؛ قَالَ: وَإِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ إِذَا عَثَرَ، إِذَا صُرِعَ وَجَدَ مُتَّكَأً»
١٩ / ٦٢٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو صَخْرٍ، أَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ أَنَسًا يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّ يُونُسَ النَّبِيَّ حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِالْكَلِمَاتِ حِينَ نَادَاهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَأَقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ هَذَا صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ فِي بِلَادٍ غَرِيبَةٍ، قَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا يَا رَبِّ وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: ذَلِكَ ⦗٦٢٩⦘ عَبْدِي يُونُسُ، قَالُوا: عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ وَدَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، قَالُوا: يَا رَبِّ أَوَلَا يُرْحَمُ بِمَا كَانَ يَصنَعُ فِي الرَّخَاءِ فَتُنْجِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ بِالْعَرَاءِ»
١٩ / ٦٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «مِنَ الْمُصَلِّينَ»
١٩ / ٦٢٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «مِنَ الْمُصَلِّينَ»
١٩ / ٦٢٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فِيمَا خَلَا»
١٩ / ٦٢٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «الْمُصَلِّينَ»
١٩ / ٦٣٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرٌ، قَالَ: ثنا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِهِ: «اذْكُرُوا اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ يَذْكُرْكُمْ فِي الشِّدَّةِ، إِنَّ يُونُسَ كَانَ عَبْدًا لِلَّهِ ذَاكِرًا، فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الشِّدَّةُ دَعَا اللَّهَ فَقَالَ اللَّهُ: ﴿لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُونَ﴾ فَذَكَرَهُ اللَّهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ طَاغِيًا بَاغِيًا فَلَمَّا ﴿أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: ٩١] قَالَ الضَّحَّاكُ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ يَذْكُرْكُمْ فِي الشِّدَّةِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقِيلَ: إِنَّمَا أَحْدَثَ الصَّلَاةَ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا، فَقَالَ: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] فِي بَطْنِ الْحُوتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ تَسْبِيحًا، لَا صَلَاةً
١٩ / ٦٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ إِلَّا صَلَاةً أَحْدَثَهَا فِي بَطْنِ الْحُوتِ» قَالَ عِمْرَانُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِقَتَادَةَ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ فِي الرَّخَاءِ
١٩ / ٦٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٢] قَالَ: قَالَ ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧] «فَلَمَّا قَالَهَا، قَذَفَهُ الْحُوتُ، وَهُوَ مُغْرِبُ» وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُونَ﴾ [الصافات: ١٤٤]: «لَصَارَ لَهُ بَطْنُ الْحُوتِ قَبْرًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
١٩ / ٦٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: «لَبِثَ يُونُسَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا»
١٩ / ٦٣١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ﴾ [الصافات: ١٤٥] يَقُولُ: فَقَذَفْنَاهُ بِالْفَضَاءِ مِنَ الْأَرْضِ، حَيْثُ لَا يُوَارِيهِ شَيْءٌ مِنْ شَجَرٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
وَرَفَعْتُ رِجْلًا لَا أَخَافُ عِثَارَهَا … وَنَبَذْتُ بِالْبَلَدِ الْعَرَاءِ ثِيَابِي
⦗٦٣٢⦘ يَعْنِي: بِالْبَلَدِ الْفَضَاءِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثني أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ﴾ [الصافات: ١٤٥] يَقُولُ: «أَلْقَيْنَاهُ بِالسَّاحِلِ»
١٩ / ٦٣٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ﴾ [الصافات: ١٤٥] «بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَلَا نَبَاتٌ»
١٩ / ٦٣٢
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿بِالْعَرَاءِ﴾ [الصافات: ١٤٥] قَالَ: بِالْأَرْضِ “
١٩ / ٦٣٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٥] يَقُولُ: وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ: لَحْمٌ نِيءٌ
١٩ / ٦٣٢
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٥] «كَهَيْئَةَ الصَّبِيِّ»
١٩ / ٦٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «خَرَجَ بِهِ، يَعْنِي الْحُوتَ، حَتَّى لَفِظَهُ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَطَرَحَهُ مِثْلَ الصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ، لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ»
١٩ / ٦٣٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «مَا لَفِظَهُ الْحُوتُ حَتَّى صَارَ مِثْلَ الصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ، قَدْ نَشَرَ اللَّحْمُ وَالْعَظْمُ، فَصَارَ مِثْلَ الصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ، فَأَلْقَاهُ فِي مَوْضِعٍ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ»
١٩ / ٦٣٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَنْبَتْنَا عَلَى يُونُسَ شَجَرَةً مِنَ الشَّجَرِ الَّتِي لَا تَقُومُ عَلَى سَاقٍ، وَكُلُّ شَجَرَةٍ لَا تَقُومُ عَلَى سَاقٍ كَالدُّبَّاءِ وَالْبَطِّيخِ وَالْحَنْظَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهِيَ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقْطِينٌ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ
١٩ / ٦٣٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «هُوَ كُلُّ شَيْءٍ يُنْبَتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ سَاقٌ»
١٩ / ٦٣٣
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا الْأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ يُنْبَتُ ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ عَامِهِ»
١٩ / ٦٣٣
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ﴿شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] فَقَالُوا عِنْدَهُ: الْقَرْعُ؛ ⦗٦٣٤⦘ قَالَ: «وَمَا يَجْعَلُهُ أَحَقَّ مِنَ الْبِطِّيخِ»
١٩ / ٦٣٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: “غَيْرُ ذَاتِ أَصْلٍ مِنَ الدُّبَّاءِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِهِ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْقَرْعُ
١٩ / ٦٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «الْقَرْعُ»
١٩ / ٦٣٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «الْقَرْعُ»
١٩ / ٦٣٤
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: الْقَرْعُ “
١٩ / ٦٣٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً ⦗٦٣٥⦘ مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦]: «كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهَا الدُّبَّاءُ، هَذَا الْقَرْعُ الَّذِي رَأَيْتُمْ أَنْبَتَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ يَأْكُلُ مِنْهَا»
١٩ / ٦٣٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثني أَبُو صَخْرٍ، قَالَ: ثني ابْنُ قُسَيْطٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «طُرِحَ بِالْعَرَاءِ، فَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَقْطِينَةً، فَقُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَا الْيَقْطِينَةُ؟ قَالَ: الشَّجَرَةُ الدُّبَّاءُ، هَيَّأَ اللَّهُ لَهُ أَرْوِيَّةً وَحْشِيَّةً تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ أَوْ هَشَاشِ فَتَفْشَخُ عَلَيْهِ فَتَرْوِيهِ مِنْ لَبَنِهَا كُلَّ عَشِيَّةٍ وَبَكْرَةٍ حَتَّى نَبَتَ» وَقَالَ ابْنُ أَبِي الصَّلْتٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ:
[البحر الطويل]
فَأَنْبَتَ يَقْطِينًا عَلَيْهِ بِرَحْمَةِ … مِنَ اللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ أُلْفِيَ ضَاحِيَا
١٩ / ٦٣٥
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «الْقَرْعُ»
١٩ / ٦٣٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: الْقَرْعُ “
١٩ / ٦٣٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «أَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ؛ قَالَ: فَكَانَ لَا يَتَنَاوَلُ مِنْهَا وَرَقَةً فَيَأْخُذُهَا إِلَّا أَرْوَتْهُ لَبَنًا، أَوْ قَالَ: ⦗٦٣٦⦘ شَرِبَ مِنْهَا مَا شَاءَ حَتَّى نَبَتَ»
١٩ / ٦٣٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «هُوَ الْقَرْعُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ الدُّبَّاءُ»
١٩ / ٦٣٦
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «هُوَ الْقَرْعُ»
١٩ / ٦٣٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦] قَالَ: «الْقَرْعُ» وَقَالَ آخَرُونَ: كَأَنَّ الْيَقْطِينَ شَجَرَةٌ أَظَلَّتْ يُونُسَ
١٩ / ٦٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «الْيَقْطِينُ: شَجَرَةٌ سَمَّاهَا اللَّهُ يَقْطِينًا أَظَلَّتْهُ، وَلَيْسَ بِالْقَرْعِ» قَالَ: فِيمَا ذُكِرَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ دَابَّةَ الْأَرْضِ، فَجَعَلَتْ تَقْرِضُ عُرُوقَهَا، وَجَعَلَ وَرَقُهَا يَتَسَاقَطُ حَتَّى أَفْضَتْ إِلَيْهِ الشَّمْسُ وَشَكَاهَا، فَقَالَ: يَا يُونُسُ جَزَعْتَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ، وَلَمْ تَجْزَعْ لِمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ تَابُوا إِلَيَّ، فَتُبْتُ عَلَيْهِمْ؟
١٩ / ٦٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ ⦗٦٣٧⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَرْسَلْنَا يُونُسَ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ، أَوْ يَزِيدُونَ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿أَوْ﴾ [البقرة: ١٩]: بَلْ يَزِيدُونَ
١٩ / ٦٣٦
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَزْوَرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ قَالَ: «بَلْ يَزِيدُونَ، كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا»
١٩ / ٦٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ قَالَ: «يَزِيدُونَ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَقَدْ كَانَ الْعَذَابُ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَرَّقُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَأَوْلَادِهَا، وَالْبَهَائِمِ وَأَوْلَادِهَا، وَعَجُّوا إِلَى اللَّهِ، كَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ، وَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ دَمًا»
١٩ / ٦٣٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرًا، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا الْعَالِيَةَ، قَالَ: ثني أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ قَالَ: «يَزِيدُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا» ⦗٦٣٨⦘ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: مَعْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ كَانُوا يَزِيدُونَ عِنْدَكُمْ، يَقُولُ: كَذَلِكَ كَانُوا عِنْدَكُمْ وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ إِلَى قَوْمِهِ الَّذِينَ وَعَدَهُمُ الْعَذَابَ، فَلَمَّا أَظَلَّهُمْ تَابُوا، فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقِيلَ: إِنَّهُمْ أَهْلُ نِينَوَى
١٩ / ٦٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ «أُرْسِلَ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ» قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «بَعَثَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُ ﴿فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٨]»
١٩ / ٦٣٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ قَالَ: «قَوْمُ يُونُسَ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ» وَقِيلَ: إِنَّ يُونُسَ أُرْسِلَ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى بَعْدَمَا نَبَذَهُ الْحُوتُ بِالْعَرَاءِ
١٩ / ٦٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هِلَالٍ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ، ⦗٦٣٩⦘ قَالَ: ثنا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: «أَتَاهُ جَبْرَائِيلُ، يَعْنِي يُونُسَ، وَقَالَ: انْطَلَقَ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى فَأَنْذَرَهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ قَدْ حَضَرَهُمْ؛ قَالَ: أَلْتَمِسُ دَابَّةً؛ قَالَ: الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: أَلْتَمِسُ حِذَاءً، قَالَ: الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَغَضِبَ فَانْطَلَقَ إِلَى السَّفِينَةِ فَرَكِبَ؛ فَلَمَّا رَكِبَ احْتَبَسَتِ السَّفِينَةُ لَا تَقُدِّمُ وَلَا تُؤَخِّرُ؛ قَالَ: فَتَسَاهَمُوا، قَالَ: فَسَهِمَ، فَجَاءَ الْحُوتُ يُبَصْبِصُ بِذَنَبِهِ، فَنُودِيَ الْحُوتُ: أَيَا حُوتُ إِنَّا لَمْ نَجْعَلْ يُونُسَ لَكَ رِزْقًا، إِنَّمَا جَعَلْنَاكَ لَهُ حَوْزًا وَمَسْجِدًا؛ قَالَ: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ، فَانْطَلَقَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى مَرَّ بِهِ عَلَى الَأَيْلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ حَتَّى مَرَّ بِهِ عَلَى دِجْلَةَ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ حَتَّى أَلْقَاهُ فِي نِينَوَى»
١٩ / ٦٣٨
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: ثنا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّمَا كَانَتْ رِسَالَةُ يُونُسَ بَعْدَمَا نَبَذَهُ الْحُوتُ»
١٩ / ٦٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿فَآمَنُوا﴾ [آل عمران: ١٧٩] يَقُولُ: فَوَحَّدُوا اللَّهَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يُونُسَ، وَصَدَّقُوا بِحَقِيقَةِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ يُونُسُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
١٩ / ٦٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٨] يَقُولُ: فَأَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ، وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ بِحَيَاتِهِمْ إِلَى بُلُوغِ آجَالِهِمْ مِنَ الْمَوْتِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٣٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٨]: «الْمَوْتُ»
١٩ / ٦٤٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٨] قَالَ: «الْمَوْتُ»
١٩ / ٦٤٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ [الصافات: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكِي قَوْمِكَ مِنْ قُرَيْشٍ
١٩ / ٦٤٠
كَمَا: حَدَّثَنَا بشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ [الصافات: ١٤٩]: «يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ»
١٩ / ٦٤٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ [الصافات: ١٤٩] قَالَ: “سَلْهُمْ، وَقَرَأَ: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ﴾ [النساء: ١٢٧] قَالَ: «يَسْأَلُونَكَ»
١٩ / ٦٤٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ [الصافات: ١٤٩] يَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ سَلْهُمْ»
١٩ / ٦٤٠
وَقَوْلُهُ: ﴿أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ [الصافات: ١٤٩] ذَكَرَ أَنَّ مُشْرِكِيَ قُرَيْشٍ كَانُوا ⦗٦٤١⦘ يَقُولُونَ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَهَا، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام: سَلْهُمْ، وَقُلْ لَهُمْ: أَلِرَبِّيَ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ [الصافات: ١٤٩]؟ «لِأَنَّهُمْ قَالُوا: يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: لِلَّهِ الْبَنَاتُ، وَلَهُمُ الْبَنُونَ»
١٩ / ٦٤١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ [الصافات: ١٤٩] قَالَ: «كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ»
١٩ / ٦٤١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: ١٥١] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ شَهِدَ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ خَلْقِيَ الْمَلَائِكَةَ وَأَنَا أَخْلُقُهُمْ إِنَاثًا، فَشَهِدُوا هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَوَصَفُوا الْمَلَائِكَةَ بِأَنَّهَا إِنَاثٌ
١٩ / ٦٤١
وَقَوْلُهُ: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ﴾ [الصافات: ١٥١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَا إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كِذْبِهِمْ ﴿لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: ١٥٢] فِي قِيلِهِمْ ذَلِكَ
١٩ / ٦٤١
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ﴾ [الصافات: ١٥١] يَقُولُ: «مِنْ كِذْبِهِمْ»
١٩ / ٦٤٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الصافات: ١٥٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُوَبِّخًا هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ لِلَّهِ الْبَنَاتُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: ﴿أَصْطَفَى﴾ [الصافات: ١٥٣] اللَّهُ أَيُّهَا الْقَوْمُ ﴿الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات: ١٥٣]؟ وَالْعَرَبُ إِذَا وَجَّهُوا الِاسْتِفْهَامَ إِلَى التَّوْبِيخِ اثْبَتُوا أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ أَحْيَانًا وَطَرَحُوهَا أَحْيَانًا، كَمَا قِيلَ: ﴿أَذَهَبْتُمْ﴾ [الأحقاف: ٢٠] بِالْقَصْرِ ﴿طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا﴾ [الأحقاف: ٢٠] يَسْتَفْهِمُ بِهَا، وَلَا يَسْتَفْهِمُ بِهَا، وَالْمَعْنَى فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدٌ، وَإِذَا لَمْ يَسْتَفْهِمْ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ﴾ [الصافات: ١٥٣] ذَهَبَتْ أَلِفُ اصْطَفَى فِي الْوَصْلِ، وَيُبْتَدَأُ بِهَا بِالْكَسْرِ، وَإِذَا اسْتَفْهَمَ فُتِحَتْ وَقُطِعَتْ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ بِتَرْكِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْوَصْلِ فَأَمَّا قُرَّاءُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَإِنَّهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَفَتْحِ أَلِفِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَخْتَارُ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا
١٩ / ٦٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [الصافات: ١٥٤] يَقُولُ: بِئْسَ الْحُكَمَ تَحْكُمُونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ ⦗٦٤٣⦘ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ، وَأَنْتُمْ لَا تَرْضَوْنَ الْبَنَاتِ لِأَنْفُسِكُمْ، فَتَجْعَلُونَ لَهُ مَا لَا تَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِكُمْ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٤٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [الصافات: ١٥٤] يَقُولُ: «كَيْفَ يَجْعَلُ لَكُمُ الْبَنِينَ وَلِنَفْسِهِ الْبَنَاتِ، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟»
١٩ / ٦٤٣
وَقَوْلُهُ: ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [يونس: ٣] يَقُولُ: أَفَلَا تَتَدَبَّرُونَ مَا تَقُولُونَ؟ فَتَعْرِفُوا خَطَأَهُ فَتَنْتَهُوا عَنْ قِيلِهِ
١٩ / ٦٤٣
وَقَوْلُهُ: ﴿أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١٥٦] يَقُولُ: أَلَكُمْ حُجَّةٌ تَبِينُ صِحَّتُهَا لَمِنْ سَمِعَهَا بِحَقِيقَةِ مَا تَقُولُونَ
١٩ / ٦٤٣
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١٥٦]: «أَيْ عُذْرٌ مُبِينٌ»
١٩ / ٦٤٣
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿سُلْطَانٌ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١٥٦] «قَالَ حُجَّةٌ»
١٩ / ٦٤٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ﴾ [الصافات: ١٥٧] يَقُولُ: فَأْتُوا بِحُجَّتِكُمْ مِنْ كِتَابٍ جَاءَكُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِأَنَّ الَّذِي تَقُولُونَ مِنْ أَنَّ لَهُ الْبَنَاتِ وَلَكُمُ الْبَنِينَ كَمَا تَقُولُونَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ﴾ [الصافات: ١٥٧]: «أَيْ بِعُذْرِكُمْ» ﴿إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٣]
١٩ / ٦٤٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ﴾ [الصافات: ١٥٧] «أَنَّ هَذَا كَذَا بِأَنَّ لَهُ الْبَنَاتِ، وَلَكُمُ الْبَنُونَ»
١٩ / ٦٤٤
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٣] يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ لَكُمْ بِذَلِكَ حُجَّةً
١٩ / ٦٤٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٥٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجَعَلَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى النَّسَبِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا أَعْدَاءُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ وَإِبْلِيسَ أَخَوَانِ
١٩ / ٦٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثَنَّى عَمِّي، قَالَ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] قَالَ: «زَعَمَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنَّهُ تبارك وتعالى وَإِبْلِيسَ أَخَوَانِ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَقَالُوا: الْجَنَّةُ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ
١٩ / ٦٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] قَالَ: «قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، فَسَأَلَ أَبُو بَكْرٍ: مِنْ أُمَّهَاتُهُنَّ؟ فَقَالُوا: بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ، يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِمَّا خُلِقَ مِنْهُ إِبْلِيسُ»
١٩ / ٦٤٥
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُفْرَةَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْأَبَحُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] «قَالَتْ الْيَهُودُ: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى تَزَوَّجَ إِلَى الْجِنِّ، فَخَرَجَ مِنْهُمَا الْمَلَائِكَةُ، قَالَ: سُبْحَانَهُ سَبَّحَ نَفْسَهُ»
١٩ / ٦٤٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] قَالَ: «الْجَنَّةُ: الْمَلَائِكَةُ، قَالُوا: هُنَّ بَنَاتُ اللَّهِ»
١٩ / ٦٤٥
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨]: «الْمَلَائِكَةُ»
١٩ / ٦٤٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] قَالَ: «بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ نَسَبًا افْتَرُوا»
١٩ / ٦٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجَنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٥٨] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجَنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُشْهِدُونَ الْحِسَابَ
١٩ / ٦٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجَنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٥٨] «أَنَّهَا سَتُحْضَرُ الْحِسَابَ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: إِنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ سَيَحْضَرُونَ الْعَذَابَ فِي النَّارِ
١٩ / ٦٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٥٨] «إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا لَمُحْضَرُونَ: لَمُعَذَّبُونَ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ الْعَذَابَ، لِأَنَّ سَائِرَ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْإِحْضَارُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، إِنَّمَا عُنِيَ بِهِ الْإِحْضَارُ فِي الْعَذَابِ، فَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
١٩ / ٦٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَنْزِيهًا لِلَّهِ، وَتَبْرِئَةً لَهُ مِمَّا يُضِيفُ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ، وَيَفْتَرُونَ عَلَيْهِ، وَيَصِفُونَهُ، مِنْ أَنَّ لَهُ ⦗٦٤٧⦘ بَنَاتٍ، وَأَنَّ لَهُ صَاحِبَةً
١٩ / ٦٤٦
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ٤٠] يَقُولُ: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجَنَّةُ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ لَمُحْضَرُونَ الْعَذَابَ، إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الَّذِينَ أَخْلَصَهُمْ لِرَحْمَتِهِ، وَخَلَقَهُمْ لِجَنَّتِهِ
١٩ / ٦٤٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿فَإِنَّكُمْ﴾ [المائدة: ٢٣] أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ﴾ [الصافات: ١٦٢] يَقُولُ: مَا أَنْتُمْ عَلَى مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِفَاتِنِينَ: أَيْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا ﴿إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] يَقُولُ: إِلَّا أَحَدًا سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ﴿عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٣٧] فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ﴾ [الصافات: ١٦٢] بِمَعْنَى بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٤٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ﴾ [الصافات: ١٦٢] يَقُولُ: «لَا تُضِلُّونَ أَنْتُمْ، وَلَا أُضِلُّ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ قَضَيْتُ أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ»
١٩ / ٦٤٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] يَقُولُ: «مَا أَنْتُمْ بِفَاتِنِينَ عَلَى أَوْثَانِكُمْ أَحَدًا، إِلَّا مَنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ»
١٩ / ٦٤٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ، قَوْلُهُ: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] «إِلَّا مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيمَ»
١٩ / ٦٤٨
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] قَالَ: «مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ سَيَصْلَى الْجَحِيمَ»
١٩ / ٦٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣]: «إِلَّا مَنْ قُدِّرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ»
١٩ / ٦٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانُوا مُتَكَلِّمِينَ كُلِّهِمْ، فَتَكَلَّمُوا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَظَنَنَّا أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ رَدَّ بِهِ مَا كَانَ فِي أَيْدِينَا، فَقَالَ لَنَا: هَلْ تَعْرِفُونَ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ ⦗٦٤٩⦘ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٢] قَالَ: «إِنَّكُمْ وَالْآلِهَةُ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا لَسْتُمْ بِالَّذِي تَفْتِنُونَ عَلَيْهَا إِلَّا مَنْ قَضَيْتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ»
١٩ / ٦٤٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﴿إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ»
١٩ / ٦٤٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ [الصافات: ١٦١] حَتَّى بَلَغَ: ﴿صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] يَقُولُ: «مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا مِنْ عِبَادِي بِبَاطِلِكُمْ هَذَا، إِلَّا مَنْ تَوَلَّاكُمْ بِعَمَلِ النَّارِ»
١٩ / ٦٤٩
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ﴾ [الصافات: ١٦٢] «بِمُضِلِّينَ ﴿إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ»
١٩ / ٦٤٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] يَقُولُ: «لَا تَضِلُّونَ بِآلِهَتِكُمْ أَحَدًا إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الشَّقَاوَةُ، وَمَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ»
١٩ / ٦٤٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٢] يَقُولُ: “لَا تَفْتِنُونَ بِهِ أَحَدًا، وَلَا تُضِلُّونَهُ، إِلَّا مَنْ قَضَى اللَّهُ أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ، إِلَّا مَنْ
١٩ / ٦٤٩
قَدْ قَضَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ” وَقِيلَ: ﴿بِفَاتِنِينَ﴾
[الصافات: ١٦٢] مِنْ فَتَنْتُ أَفْتِنُ، وَذَلِكَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَأَمَّا أَهْلُ نَجْدٍ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: أَفْتَنْتُهُ فَأَنَا أَفْتِنُهُ وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ: «إِلَّا مَنْ هُوَ صَالُ الْجَحِيمِ» بِرَفْعِ اللَّامِ مِنْ صَالِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ الْجَمْعَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
إِذَا مَا حَاتِمٌ وَجَدَ ابْنَ عَمِّي … مَجْدَنَا مَنْ تَكَلَّمَ أَجْمَعِينَا
فَقَالَ: أَجْمَعِينَا، وَلَمْ يَقُلْ: تَكَلَّمُوا، وَكَمَا يُقَالُ فِي الرِّجَالِ: مَنْ هُوَ إِخْوَتِكَ، يَذْهَبُ بِهُوَ إِلَى الِاسْمِ الْمَجْهُولِ وَيَخْرُجُ فِعْلُهُ عَلَى الْجَمْعِ، فَذَلِكَ وَجْهٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْصَحَ مِنْهُ؛ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ وَاحِدًا فَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لَحْنٌ، لِأَنَّهُ لَحْنٌ عِنْدَهُمْ أَنْ يُقَالَ: هَذَا رَامٍ وَقَاضٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ سُمِعَ فِيَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ لُغَةٌ مَقْلُوبَةٌ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ: شَاكٍ السِّلَاحَ، وَشَاكِي السِّلَاحَ، وَعَاثَ وَعَثَا وَعَاقَ وَعَقَا، فَيَكُونُ لُغَةً، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَذْكُرُ سَمَاعَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ
١٩ / ٦٥٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ قِيلِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: وَمَا مِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا مَنْ لَهُ مَقَامٌ فِي السَّمَاءِ مَعْلُومٌ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٥٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ ⦗٦٥١⦘ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ»
١٩ / ٦٥٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] «قَالَ الْمَلَائِكَةُ»
١٩ / ٦٥١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] «هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ»
١٩ / ٦٥١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦] كَانَ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ يَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: «مَا فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ» فَذَلِكَ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٤]
١٩ / ٦٥١
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْحَبَئِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْقَوَّاسِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَوْ أَنَّ قَطْرَةً، مِنْ زَقُّومِ جَهَنَّمَ أُنْزِلَتْ إِلَى الدُّنْيَا، لَأَفْسَدَتْ عَلَى النَّاسِ مَعَايشَهُمْ، وَإِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ لَتَعُوذُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ»
١٩ / ٦٥١
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ لَمَّا أُنْزِلَتْ، ضُرِبَتْ فِي ⦗٦٥٢⦘ الْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ فَفَتَرَتْ، فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَنْتَفِعُوا بِهَا»
١٩ / ٦٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٦٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ مَلَائِكَتِهِ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] لِلَّهِ لِعِبَادَتِهِ ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦] لَهُ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُصَلُّونَ لَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَالَ بِهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
١٩ / ٦٥٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَفِيقٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاذٍ الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ قَوْلَهُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦] كَانَ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، يَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: «مَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ»، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٤]
١٩ / ٦٥٢
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: “إِنَّ مِنَ السَّمَوَاتِ لَسَمَاءً مَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ ⦗٦٥٣⦘ جَبْهَةُ مَلَكٍ أَوْ قَدَمُهُ قَائِمًا؛ قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦]
١٩ / ٦٥٢
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: “إِنَّ مِنَ السَّمَوَاتِ سَمَاءً مَا فِيهَا مَوْضِعٌ إِلَّا فِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، أَوْ قَدَمَاهُ قَائِمٌ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦]
١٩ / ٦٥٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَوُوا، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يُرِيدُ بِكُمْ هَدْيَ الْمَلَائِكَةِ» ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦] «اسْتَوُوا، تَقَدَّمْ أَنْتَ يَا فُلَانُ، تَأَخَّرْ أَنْتَ أَيْ هَذَا، فَإِذَا اسْتَوُوا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ» حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثني أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثني الْجُرَيْرِيُّ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ أَبُو مَسْعُودٍ، قَالَ: ثني أَبُو نَضْرَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَاسْتَوُوا فَإِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ هَدْيَ الْمَلَائِكَةِ، يَقُولُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ ⦗٦٥٤⦘ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
١٩ / ٦٥٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ؛ ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] قَالَ: «يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦]» قَالَ: الْمَلَائِكَةُ صَافُونَ تُسَبِّحُ لِلَّهِ عز وجل “
١٩ / ٦٥٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو،. قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ»
١٩ / ٦٥٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ»
١٩ / ٦٥٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] قَالَ: «صُفُوفٌ فِي السَّمَاءِ ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦]: أَيِ الْمُصَلُّونَ، هَذَا قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ يُثْنُونَ بِمَكَانِهِمْ مِنَ الْعِبَادَةِ»
١٩ / ٦٥٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] قَالَ: «لِلصَّلَاةِ»
١٩ / ٦٥٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: وَذَكَرَ السُّدِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَا فِي السَّمَاءِ مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا عَلَيْهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ أَوْ قَدَمَاهُ، سَاجِدًا أَوْ ⦗٦٥٥⦘ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ» ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦]
١٩ / ٦٥٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ، هَذَا كُلُّهُ لَهُمْ»
١٩ / ٦٥٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ﴾ [الصافات: ١٦٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ يَقُولُونَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيًّا، ﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الصافات: ١٦٨] يَعْنِي كِتَابًا أُنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، أَوْ نَبِيًّا أَتَانَا مِثْلَ الَّذِي أَتَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ﴿لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ﴾ [الصافات: ١٦٩] الَّذِينَ أَخْلَصَهُمْ لِعِبَادَتِهِ، وَاصْطَفَاهُمْ لِجَنَّتِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٥٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٦٨] قَالَ: «قَدْ قَالَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ذَاكَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ ﷺ: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ذِكْرٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ؛ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ ﷺ كَفَرُوا بِهِ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ»
١٩ / ٦٥٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الصافات: ١٦٨] قَالَ: «هَؤُلَاءِ نَاسٌ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ قَالُوا: لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَوَّلِينَ، أَوْ جَاءَنَا عِلْمٌ مِنْ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ قَالَ: قَدْ جَاءَكُمْ ⦗٦٥٦⦘ مُحَمَّدٌ بِذَلِكَ»
١٩ / ٦٥٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الْأَوَّلِينَ أَهْلِ الشِّرْكِ» ﴿وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الصافات: ١٦٨]
١٩ / ٦٥٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٦٩] «هَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ ذِكْرُ الْأَوَّلِينَ وَعِلْمُ الْآخِرِينَ، كَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ»
١٩ / ٦٥٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا جَاءَهُمُ الذِّكْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَفَرُوا بِهِ، وَذَلِكَ كُفْرُهُمْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَالْكِتَابِ، يَقُولُ اللَّهُ: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذَا وَرَدُوا عَلَيَّ مَاذَا لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ بِكُفْرِهِمْ بِذَلِكَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٥٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٦٩] قَالَ: «لَمَّا جَاءَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ذِكْرُ الْأَوَّلِينَ وَعِلْمُ الْآخِرِينَ كَفَرُوا بِالْكِتَابِ» ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الصافات: ١٧٠]⦗٦٥٧⦘ يَقُولُ: «قَدْ جَاءَكُمْ مُحَمَّدٌ بِذَلِكَ، فَكَفَرُوا بِالْقُرْآنِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ»
١٩ / ٦٥٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ﴾ [الصافات: ١٧٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ سَبَقَ مِنَّا الْقَوْلُ لِرُسُلِنَا إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ: أَيْ مَضَى بِهَذَا مِنَّا الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَهُمُ النُّصْرَةُ وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَجِ
١٩ / ٦٥٧
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٧١] حَتَّى بَلَغَ: ﴿لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧٣] قَالَ: «سَبَقَ هَذَا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ أَنْ يَنْصُرَهُمْ»
١٩ / ٦٥٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ﴾ [الصافات: ١٧٢] يَقُولُ: «بِالْحُجَجِ» وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ بِالسَّعَادَةِ وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا عَلَى عِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ» فَجُعِلَتْ عَلَى مَكَانِ اللَّامِ، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى: حَقَّتْ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ، كَمَا قِيلَ: عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ، وَفِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ، إِذْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ وَاحِدًا
١٩ / ٦٥٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧٣] يَقُولُ: وَإِنَّ حِزْبَنَا وَأَهْلُ وِلَايَتِنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ، يَقُولُ: لَهُمُ الظَّفَرُ وَالْفَلَاحُ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ بِنَا وَالْخِلَافُ عَلَيْنَا
١٩ / ٦٥٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصَرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٧٤]: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ إِلَى حِينٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الْحِينِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ إِلَى الْمَوْتِ
١٩ / ٦٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٧٤]: «أَيْ إِلَى الْمَوْتِ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ
١٩ / ٦٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٧٤] قَالَ: «حَتَّى يَوْمِ بَدْرٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
١٩ / ٦٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٧٤] قَالَ: يَوْمِ الْقِيَامَةِ ” وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ السُّدِّيُّ، أَشْبَهُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهُ، فَقَالَ: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الصافات: ١٧٦]، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَعْرِضَ عَنْهُمْ إِلَى مَجِيءِ حِينِهِ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِلَى حِينِ مَجِيءِ عَذَابِنَا وَنُزُولِهِ بِهِمْ
١٩ / ٦٥٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَبْصَرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ [الصافات: ١٧٥] وَانْظُرْهُمْ فَسَوْفَ يَرَوْنَ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنْ عِقَابِنَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٥٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَأَبْصَرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ [الصافات: ١٧٥] «حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الْبَصَرُ»
١٩ / ٦٥٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَبْصَرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ [الصافات: ١٧٥] يَقُولُ: «انْظُرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ مَا لَهُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ، قَالَ: يَقُولُ: يُبْصِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا ضَيَّعُوا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَكُفْرَهُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ، قَالَ: ⦗٦٦٠⦘ فَابْصَرْهُمْ وَأَبْصَرْ وَاحِدٌ»
١٩ / ٦٥٩
وَقَوْلُهُ: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٤] يَقُولُ: فَبِنُزُولِ عَذَابِنَا بِهِمْ يَسْتَعْجِلُونَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلنَّبِيِّ ﷺ ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس: ٤٨]
١٩ / ٦٦٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ﴾ [الصافات: ١٧٧] يَقُولُ: فَإِذَا نَزَلَ بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُسْتَعْجِلِينَ بِعَذَابِ اللَّهِ الْعَذَابُ الْعَرَبُ تَقُولُ: نَزَلَ بِسَاحَةِ فُلَانٍ الْعَذَابُ وَالْعُقُوبَةُ، وَذَلِكَ إِذَا نَزَلَ بِهِ؛ وَالسَّاحَةِ: هِيَ فِنَاءُ دَارِ الرَّجُلِ ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٧] يَقُولُ: فَبِئْسَ صَبَاحُ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ رَسُولُنَا نُزُولَ ذَلِكَ الْعَذَابِ بِهِمْ فَلَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٩ / ٦٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ﴾ [الصافات: ١٧٧] قَالَ: «بِدَارِهِمْ» ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٧] قَالَ: «بِئْسَ مَا يُصْبِحُونَ»
١٩ / ٦٦٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٧٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَأَعْرِضْ يَا مُحَمَّدُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَخَلِّهِمْ وَقَرْيَتَهُمْ عَلَى رَبِّهِمْ ﴿حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] يَقُولُ: إِلَى حِينِ يَأْذَنُ اللَّهُ بِهَلَاكِهِمْ ⦗٦٦١⦘ ﴿وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ [الصافات: ١٧٩] يَقُولُ: وَانْظُرْهُمْ فَسَوْفَ يَرَوْنَ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنْ عِقَابِنَا فِي حِينٍ لَا تَنْفَعُهُمُ التَّوْبَةُ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ بَأْسِ اللَّهِ بِهِمْ
١٩ / ٦٦٠
وَقَوْلُهُ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات: ١٨٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَنْزِيهًا لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ وَتَبْرِئَةً لَهُ ﴿رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ [الصافات: ١٨٠] يَقُولُ: رَبِّ الْقُوَّةِ وَالْبَطْشِ ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٠] يَقُولُ: عَمَّا يَصِفُ هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرُونَ عَلَيْهِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَدَ اللَّهُ، وَقَوْلُهُمُ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ شِرْكِهِمْ وَفِرْيَتِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ
١٩ / ٦٦١
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات: ١٨٠]: «أَيْ عَمَّا يَكْذِبُونَ يُسَبِّحُ نَفْسَهُ إِذَا قِيلَ عَلَيْهِ الْبُهْتَانُ»
١٩ / ٦٦١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١] يَقُولُ: وَأَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى أُمَمِهِمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فَزِعٍ يَوْمَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَكْرُوهٍ أَنْ يَنَالَهُمْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تبارك وتعالى
١٩ / ٦٦١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا سَلَّمْتُمْ عَلَيَّ فَسَلِّمُوا عَلَى الْمُرْسَلِينَ فَإِنَّمَا أَنَا رَسُولٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ⦗٦٦٢⦘» ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٤٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ لِعِبَادِهِ فَمِنْهُ، فَالْحَمْدُ لَهُ خَالِصٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا لَا شَرِيكَ لَهُ فِي نِعَمِهِ عِنْدَهُمْ، بَلْ كُلُّهَا مِنْ قِبَلِهِ، وَمِنْ عِنْدِهِ