حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً﴾ [الشعراء: ١٢٨] قَالَ: آيَةٌ: بُنْيَانٌ»
١٧ / ٦١٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿آيَةً﴾ [الشعراء: ١٢٨] بُنْيَانٌ»
١٧ / ٦١٠
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً﴾ [الشعراء: ١٢٨] قَالَ: بُنْيَانُ الْحَمَامِ»
١٧ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿تَعْبَثُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٨] قَالَ: تَلْعَبُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٧ / ٦١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿تَعْبَثُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٨] قَالَ: تَلْعَبُونَ»
١٧ / ٦١٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿تَعْبَثُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٨] قَالَ: تَلْعَبُونَ»
١٧ / ٦١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْمَصَانِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ قُصُورٌ مُشَيَّدَةٌ
١٧ / ٦١٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] قَالَ: قُصُورٌ مشيدةٌ، وَبُنْيَانٌ مُخَلَّدٌ»
١٧ / ٦١١
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدِ: «﴿مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] قُصُورٌ مُشَيَّدَةٌ وَبُنْيَانٌ»
١٧ / ٦١١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «﴿مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] يَقُولُ: حُصُونٌ وَقُصُورٌ»
١٧ / ٦١١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] قَالَ: أَبْرِجَةُ الْحَمَامِ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ مَآخِذُ لِلْمَاءِ
١٧ / ٦١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] قَالَ: مَآخِذَ لِلْمَاءِ». ⦗٦١٢⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَصَانِعَ جَمْعُ مَصْنَعَةٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ بِنَاءٍ مَصْنَعَةً، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ كَانَ قُصُورًا وَحُصُونًا مُشَيَّدَةً، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ مَآخِذَ لِلْمَاءِ، وَلَا خَبَرَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ، وَلَا هُوَ مِمَّا يُدْرَكُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ. فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ.
١٧ / ٦١١
وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] يَقُولُ: كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ، فَتَبْقَوْنَ فِي الْأَرْضِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٧ / ٦١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] يَقُولُ: كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ»
١٧ / ٦١٢
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: قَالَ «فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ». وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ: ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ [الشعراء: ١٢٩] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اسْتِفْهَامٌ
١٧ / ٦١٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿⦗٦١٣⦘ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] قَالَ: هَذَا اسْتِفْهَامٌ، يَقُولُ: لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ حِينَ تَبْنُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ؟ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَزْعُمُ أَنَّ لَعَلَّكُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى كَيْمَا»
١٧ / ٦١٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٠] يَقُولُ: وَإِذَا سَطَوْتُمْ سَطَوْتُمْ قَتْلًا بِالسُّيُوفِ، وَضَرْبًا بِالسِّيَاطِ كَمَا:
١٧ / ٦١٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: «﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٠] قَالَ: الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ وَالسِّيَاطِ»
١٧ / ٦١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ. وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ هُودٍ لِقَوْمِهِ مِنْ عَادٍ: اتَّقُوا عِقَابَ اللَّهِ أَيُّهَا الْقَوْمُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ، وَانْتَهُوا عَنِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَظُلْمِ النَّاسِ وَقَهْرِهِمْ بِالْغَلَبَةِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَاحْذَرُوا سَخَطَ الَّذِي أَعْطَاكُمْ مِنْ عِنْدِهِ مَا تَعْلَمُونَ، وَأَعَانَكُمْ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْمَوَاشِي وَالْبَنِينَ وَالْبَسَاتِينِ وَالْأَنْهَارِ. ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ﴾ [الأعراف: ٥٩] مِنَ اللَّهِ ﴿عَظِيمٍ﴾ [البقرة: ٧] .
١٧ / ٦١٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ. وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتْ عَادٌ لِنَبِيِّهِمْ هُودٍ ﷺ: مُعْتَدِلٌ عِنْدَنَا وَعْظُكَ إِيَّانَا وَتَرَكُكَ الْوَعْظَ، فَلَنْ نُؤْمِنَ لَكَ وَلَنْ نُصَدِّقَكَ عَلَى مَا جِئْتَنَا بِهِ.
١٧ / ٦١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ؛ فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ سِوَى أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] مِنْ قَبْلِنَا، وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُوعَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: (إِنْ هَذَا إِلَّا خَلْقُ الْأَوَّلِينَ)، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَسْكِينِ اللَّامِ، بِمَعْنَى: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَنَا بِهِ إِلَّا كَذِبَ الْأَوَّلِينَ وَأَحَادِيثَهُمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، نَحْوَ اخْتِلَافِ الْقُرَّاءِ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مَا هَذَا إِلَّا دِينُ الْأَوَّلِينَ وَعَادَتُهُمْ وَأَخْلَاقُهُمْ.
١٧ / ٦١٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] يَقُولُ: دِينُ الْأَوَّلِينَ»
١٧ / ٦١٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] يَقُولُ: هَكَذَا خِلْقَةُ الْأَوَّلِينَ، وَهَكَذَا كَانُوا يَحْيَوْنَ وَيَمُوتُونَ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: مَا هَذَا إِلَّا كَذِبُ الْأَوَّلِينَ وَأَسَاطِيرُهُمْ.
١٧ / ٦١٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] قَالَ: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ»
١٧ / ٦١٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] قَالَ: كَذِبُهُمْ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٧ / ٦١٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] قَالَ: إِنْ هَذَا إِلَّا أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى ⦗٦١٦⦘ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»
١٧ / ٦١٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] يَقُولُ: إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ الْأَوَّلِينَ»
١٧ / ٦١٦
قَالَ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] وَيَقُولُ شَيْءٌ اخْتَلَقُوهُ»
١٧ / ٦١٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلْقَمَةُ: «﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] قَالَ: اخْتِلَاقٌ الْأَوَّلِينَ». وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ، بِمَعْنَى: إِنْ هَذَا إِلَّا عَادَةُ الْأَوَّلِينَ وَدِينُهُمْ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا عُوتِبُوا عَلَى الْبُنْيَانِ الَّذِي كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ، وَبَطْشِهِمْ بِالنَّاسِ بَطَشَ الْجَبَابِرَةِ، وَقِلَّةِ شُكْرِهِمْ رَبَّهُمْ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ، فَأَجَابُوا نَبِيَّهُمْ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ احْتِذَاءً مِنْهُمْ سُنَّةَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَاقْتِفَاءً مِنْهُمْ آثَارَهُمْ، فَقَالُوا: مَا هَذَا الَّذِي نَفْعَلُهُ إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ، يَعْنُونَ بِالْخُلُقِ: عَادَةَ الْأَوَّلِينَ. وَيَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا وَتَصْحِيحًا لِمَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّأْوِيلِ، قَوْلُهُمْ: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٨] لِأَنَّهُمْ ⦗٦١٧⦘ لَوْ كَانُوا لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ لَهُمْ رَبًّا يَقْدِرِ عَلَى تَعْذِيبِهِمْ مَا قَالُوا: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٨] بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنْ هَذَا الَّذِي جِئْتَنَا بِهِ يَا هُودُ إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ، وَمَا لَنَا مِنْ مُعَذِّبٍ يُعَذِّبُنَا، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ، وَيَعْبُدُونَ الْآلِهَةَ، عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ يَعْبُدُونَهَا، وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا تُقَرِّبُنَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، فَلِذَلِكَ قَالُوا لِهُودٍ وَهُمْ مُنْكَرُونَ نُبُوَّتَهُ: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٦] ثُمَّ قَالُوا لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي نَفْعَلُهُ إِلَّا عَادَةُ مَنْ قَبْلَنَا وَأَخْلَاقُهُمْ، وَمَا اللَّهُ مُعَذِّبَنَا عَلَيْهِ، كَمَا أَخْبَرَنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ قَبْلَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لِرُسُلِهِمْ: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣]
١٧ / ٦١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكَذَّبَتْ عَادٌ رَسُولَ رَبِّهِمْ هُودًا، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ [الأعراف: ٦٤] مِنْ ذِكْرِ هُودٍ. ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾ [الأنعام: ٦] يَقُولُ: فَأَهْلَكْنَا عَادًا بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَنَا. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [البقرة: ٢٤٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي إِهْلَاكِنَا عَادًا بِتَكْذِيبِهَا رَسُولَهَا لَعِبْرَةً وَمَوْعِظَةً لِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ الْمُكَذِّبِيكَ فِيمَا أَتَيْتُهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ. ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٨] يَقُولُ: وَمَا كَانَ أَكْثَرُ مَنْ أَهْلَكْنَا بِالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ. ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [الشعراء: ٩] فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الفاتحة: ١] بِالْمُؤْمِنِينَ بِهِ
١٧ / ٦١٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
١٧ / ٦١٧
صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ رُسُلَ اللَّهِ، إِذْ دَعَاهُمْ صَالِحٌ أَخُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَا تَتَّقُونَ عِقَابَ اللَّهِ يَا قَوْمِ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ إِيَّاهُ، وَخِلَافِكُمْ أَمْرَهُ، بِطَاعَتِكُمْ أَمْرَ الْمُفْسِدِينَ فِي أَرْضِ اللَّهِ. ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ﴾ [الشعراء: ١٠٧] مِنَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ بِتَحْذِيرِكُمْ عُقُوبَتَهُ عَلَى خِلَافِكُمْ أَمْرَهُ ﴿أَمِينٌ﴾ [الأعراف: ٦٨] عَلَى رِسَالَتِهِ الَّتِي أَرْسَلَهَا مَعِي إِلَيْكُمْ. ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٥٠] أَيُّهَا الْقَوْمُ، وَاحْذَرُوا عِقَابَهُ ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران: ٥٠] فِي تَحْذِيرِي إِيَّاكُمْ، وَأَمْرِ رَبِّكُمْ بِاتِّبَاعِ طَاعَتِهِ. ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ [الشعراء: ١٠٩] يَقُولُ: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى نُصْحِي إِيَّاكُمْ وَإِنْذَارِكُمْ مِنْ جَزَاءٍ وَلَا ثَوَابٍ. ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٩] يَقُولُ: إِنْ جَزَائِي وَثَوَابِي إِلَّا عَلَى رَبِّ جَمِيعِ مَا فِي السَّمَوَاتِ، وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ خَلْقٍ.
١٧ / ٦١٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ. وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء: ١٤٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ صَالِحٍ لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُودَ: أَيَتْرُكُكُمْ يَا قَوْمِ رَبُّكُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا آمِنِينَ، لَا تَخَافُونَ شَيْئًا. ﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ [الحجر: ٤٥] يَقُولُ: فِي بَسَاتِينَ وَعُيُونِ مَاءٍ. ﴿وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] يَعْنِي بِالطَّلْعِ: الْكُفُرَّى. ⦗٦١٩⦘ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ الْيَانِعُ النَّضِيجُ
١٧ / ٦١٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] يَقُولُ: أَيْنَعَ وَبَلَغَ فَهُوَ هَضِيمٌ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْمُتَهَشِّمُ الْمُتَفَتِّتُ
١٧ / ٦١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ: تَهَشَّمَ هَشِيمًا. وَقَالَ الْحَارِثُ: تَهَشَّمَ تَهَشُّمًا»
١٧ / ٦١٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْكَرِيمِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] قَالَ: حِينَ تَطْلُعُ يَقْبِضُ عَلَيْهِ فَيَهْضِمُهُ»
١٧ / ٦١٩
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «⦗٦٢٠⦘ إِذَا مُسَّ تَهَشَّمَ وَتَفَتَّتَ، قَالَ: هُوَ مِنَ الرُّطَبِ هَضِيمٌ تَقْبِضُ عَلَيْهِ فَتَهْضِمُهُ». وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الرَّطْبُ اللَّيِّنُ
١٧ / ٦١٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلَهُ: ﴿وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] قَالَ: «الْهَضِيمُ: الرَّطْبُ اللَّيِّنُ». وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الرَّاكِبُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
١٧ / ٦٢٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [الشعراء: ١٤٨] «إِذَا كَثُرَ حِمْلُ النَّخْلَةِ فَرَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا، حَتَّى نَقَصَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَهُوَ حِينَئِذٍ هَضِيمٌ» . وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: الْهَضِيمُ: هُوَ الْمُتَكَسِّرُ مِنْ لِينِهِ وَرُطُوبَتِهِ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: هَضَمَ فُلَانٌ حَقَّهُ: إِذَا انْتَقَصَهُ وَتَحَيَّفَهُ، فَكَذَلِكَ الْهَضْمُ فِي الطَّلْعِ، إِنَّمَا هُوَ التَّنَقُّصُ مِنْهُ مِنْ رُطُوبَتِهِ وَلِينِهِ إِمَّا بِمَسِّ الْأَيْدِي، وَإِمَّا بِرُكُوبِ بَعْضِهِ بَعْضًا، وَأَصْلُهُ مَفْعُولٌ صُرِفَ إِلَى فَعِيلٍ.
١٧ / ٦٢٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَتَّخِذُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا. فَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] بِمَعْنَى: حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا. وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: (فَرِهِينَ)، بِغَيْرِ أَلْفٍ، بِمَعْنَى: أَشِرِينَ بَطِرِينَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ اخْتِلَافِ الْقُرَّاءِ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩]: حَاذِقِينَ
١٧ / ٦٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَثَّامٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ: «﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] قَالَ أَحَدُهُمَا: حَاذِقِينَ، وَقَالَ الْآخَرُ: يَتَجَبَّرُونَ»
١٧ / ٦٢١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مَرْوَانٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: «﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] قَالَ: حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا»
١٧ / ٦٢١
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] يَقُولُ: حَاذِقِينَ». ⦗٦٢٢⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى فَارِهِينَ مُسْتَفْرِهِينَ مُتَجَبِّرِينَ.
١٧ / ٦٢١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، فِي قَوْلِهِ: (فَرِهِينَ)، قَالَ: يَتَجَبَّرُونَ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ: ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] . وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَرَأَهُ ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩]: مَعْنَى ذَلِكَ: كَيِّسِينَ
١٧ / ٦٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] قَالَ: كَيِّسِينَ»
١٧ / ٦٢٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَرَأَ «﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] قَالَ: كَيِّسِينَ». وَقَالَ آخَرُونَ: فَرِهِينَ: أَشِرِينَ
١٧ / ٦٢٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] يَقُولُ: أَشِرِينَ، وَيُقَالُ: كَيِّسِينَ»
١٧ / ٦٢٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (بُيُوتًا فَرِهِينَ)، قَالَ: شَرِهِينَ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِمِثْلِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَقْوِيَاءُ.
١٧ / ٦٢٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «(وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَرِهِينَ)، قَالَ: الْفَرِهُ: الْقَوِيُّ»
١٧ / ٦٢٣
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «(فَرِهِينَ)، قَالَ: مُعْجَبِينَ بِصَنِيعِكُمْ». وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَهَا ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩]، وَقِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ (فَرِهِينَ)، قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَةُ الْقِرَاءَةِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي عُلَمَاءِ الْقُرَّاءِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
١٧ / ٦٢٣
وَمَعْنَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا، مُتَخَبِّرِينَ لِمَوَاضِعِ نَحْتِهَا، كَيِّسِينَ، مِنَ الْفَرَاهَةِ. وَمَعْنَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (فَرِهِينَ): مَرِحِينَ أَشِرِينَ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى فَارِهٍ وَفَرِهٍ وَاحِدًا، فَيَكُونَ فَارِهٌ مَبْنِيًّا عَلَى بِنَائِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ فَعَلَ يَفْعَلُ، وَيَكُونُ فَرِهٌ صِفَةً، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ حَاذِقٌ بِهَذَا الْأَمْرِ وَحَذِقٌ. وَمِنَ الْفَارِهِ بِمَعْنَى الْمَرِحِ قَوْلُ الشَّاعِرِ عَدِيِّ بْنِ وَادْعٍ الْعَوْفِيِّ مِنَ الْأَزْدِ:
[البحر البسيط] لَا أَسْتَكِينُ إِذَا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ … وَلَنْ تَرَانِي بِخَيْرٍ فَارِهَ الطَّلَبِ
أَيْ مِرِحِ الطَّلَبِ
[البحر البسيط] لَا أَسْتَكِينُ إِذَا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ … وَلَنْ تَرَانِي بِخَيْرٍ فَارِهَ الطَّلَبِ
أَيْ مِرِحِ الطَّلَبِ
١٧ / ٦٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران: ٥٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاتَّقُوا عِقَابَ اللَّهِ أَيُّهَا الْقَوْمُ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ رَبَّكُمْ وَخِلَافِكُمْ أَمَرَهُ، وَأَطِيعُونِ فِي نَصِيحَتِي لَكُمْ، وَإِنْذَارِي إِيَّاكُمْ عِقَابَ اللَّهِ تَرْشَدُوا.
١٧ / ٦٢٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ، قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ صَالِحٍ لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُودَ: لَا تُطِيعُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ ⦗٦٢٥⦘ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي تَمَادِيهِمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَاجْتِرَائِهِمْ عَلَى سَخَطِهِ. وَهُمُ الرَّهْطُ التِّسْعَةُ الَّذِينَ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ مِنْ ثَمُودَ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [النمل: ٤٨] يَقُولُ: الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي أَرْضِ اللَّهِ بِمَعَاصِيهِ، وَلَا يُصْلِحُونَ، يَقُولُ: وَلَا يُصْلِحُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ.
١٧ / ٦٢٤
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمٍ: مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمَسْحُورِينَ.
١٧ / ٦٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] قَالَ: مِنَ الْمَسْحُورِينَ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٧ / ٦٢٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] قَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمَسْحُورِينَ». وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: مِنَ الْمَخْلُوقِينَ
١٧ / ٦٢٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] قَالَ: مِنَ الْمَخْلُوقِينَ». وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ أَكَلَ مِنْ إِنْسٍ أَوْ دَابَّةٍ فَهُوَ مُسَحَّرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ سَحْرًا يَقْرِي مَا أَكَلَ فِيهِ، وَاسْتُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ لَبِيدٍ:
[البحر الطويل] فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا … عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ نَحْوَ هَذَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أُخِذَ مِنْ قَوْلِكَ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ: أَيْ أَنَّكَ تَأْكُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَتُسَحَّرُ بِهِ وَتُعَلَّلُ. وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِ لَبِيدٍ: مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ: مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُعَلَّلِ الْمَخْدُوعِ. قَالَ: وَيُرْوَى أَنَّ السِّحْرَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَالْخَدِيعَةِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ يُعَلَّلُونَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلَنَا، وَلَسْتَ رَبًّا وَلَا
[البحر الطويل] فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا … عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ نَحْوَ هَذَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أُخِذَ مِنْ قَوْلِكَ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ: أَيْ أَنَّكَ تَأْكُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَتُسَحَّرُ بِهِ وَتُعَلَّلُ. وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِ لَبِيدٍ: مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ: مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُعَلَّلِ الْمَخْدُوعِ. قَالَ: وَيُرْوَى أَنَّ السِّحْرَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَالْخَدِيعَةِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ يُعَلَّلُونَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلَنَا، وَلَسْتَ رَبًّا وَلَا
١٧ / ٦٢٦
مَلَكًا فَنُطِيعَكَ وَنَعْلَمَ أَنَّكَ صَادِقٌ فِيمَا تَقُولُ. وَالْمُسَحَّرُ: الْمُفَعَّلُ مِنَ السَّحَرَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَحَرَةٌ.
١٧ / ٦٢٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا، فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ. وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ ثَمُودَ لَنِبِيِّهَا صَالِحٍ: ﴿مَا أَنْتَ﴾ [طه: ٧٢] يَا صَالِحُ ﴿إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ [إبراهيم: ١٠] مِنْ بَنِي آدَمَ، تَأْكُلُ مَا نَأْكُلُ، وَتُشْرَبُ مَا نَشْرَبُ، وَلَسْتَ بِرَبٍّ وَلَا مَلَكٍ، فَعَلَامَ نَتَّبِعُكَ؟ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي قِيلِكَ وَأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ إِلَيْنَا ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ﴾ [الشعراء: ١٥٤] يَعْنِي: بِدَلَالَةٍ وَحُجَّةٍ عَلَى أَنَّكَ مُحِقٌ فِيمَا تَقُولُ، إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ صَدَقَنَا فِي دَعْوَاهُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا.
١٧ / ٦٢٧
وَقَدْ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، قَالَ: ثنا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ صَالِحًا النَّبِيَّ، ﷺ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ، فَآمَنُوا بِهِ وَاتَّبِعُوهُ، فَمَاتَ صَالِحٌ، فَرَجَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَأَتَاهُمْ صَالِحٌ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا صَالِحٌ، قَالُوا: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأْتِنَا بِآيَةٍ، فَأَتَاهُمْ بِالنَّاقَةِ، فَكَذِّبُوهُ وَعَقَرُوهَا، فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ»
١٧ / ٦٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ صَالِحٌ لِثَمُودَ لَمَّا سَأَلُوهُ آيَةً يَعْلَمُونَ بِهَا صِدْقَهُ، فَأَتَاهُمْ بِنَاقَةٍ أَخْرَجَهَا مِنْ صَخْرَةٍ أَوْ هَضَبَةٍ: هَذِهِ نَاقَةٌ يَا قَوْمِ، لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ مِثْلُهُ شِرْبُ يَوْمٍ آخَرَ مَعْلُومٍ، ⦗٦٢٨⦘ مَا لَكُمْ مِنَ الشُّرْبِ، لَيْسَ لَكُمْ فِي يَوْمِ وِرْدِهَا أَنْ تَشْرَبُوا مِنْ شُرْبِهَا شَيْئًا، وَلَا لَهَا أَنْ تَشْرَبَ فِي يَوْمِكُمْ مِمَّا لَكُمْ شَيْئًا. وَيَعْنِي بِالشِّرْبِ: الْحَظَّ وَالنَّصِيبَ مِنَ الْمَاءِ، يَقُولُ: لَهَا حَظٌّ مِنَ الْمَاءِ، وَلَكُمْ مِثْلُهُ، وَالشُّرْبُ وَالشَّرْبُ وَالشِّرْبُ مَصَادِرُ كُلُّهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا: آخِرُهَا أَقَلُّهَا شُرْبًا وَشِرْبًا.
١٧ / ٦٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾ [الأعراف: ٧٣] يَقُولُ: لَا تَمَسُّوهَا بِمَا يُؤْذِيهَا مِنْ عَقْرٍ وَقَتْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾ [الأعراف: ٧٣] لَا تَعْقُرُوهَا»
١٧ / ٦٢٨
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٥٦] يَقُولُ: فَيَحِلُّ بِكُمْ مِنَ اللَّهِ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٌ عَذَابُهُ.
١٧ / ٦٢٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ. فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً، وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٥٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، فَخَالَفَتْ ثَمُودُ أَمْرَ نَبِيِّهَا صَالِحٍ ﷺ، فَعَقَرُوا النَّاقَةَ الَّتِي قَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: لَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ، فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ عَلَى عَقْرِهَا، فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ
١٧ / ٦٢٨
نَدَمُهُمْ، وَأَخَذَهُمْ عَذَابُ اللَّهِ الَّذِي كَانَ صَالِحٌ تَوَعَّدَهُمْ بِهِ فَأَهْلَكَهُمْ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [البقرة: ٢٤٨] يَقُولُ: إِنَّ فِي إِهْلَاكِ ثَمُودَ بِمَا فَعَلَتْ مِنْ عَقْرِهَا نَاقَةَ اللَّهِ وَخِلَافِهَا أَمْرَ نَبِيِّ اللَّهِ صَالِحٍ لَعِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَوْمِكَ. ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٨] يَقُولُ: وَلَنْ يُؤْمِنَ أَكْثَرُهُمْ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ. ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ﴾ [الرعد: ٦] يَا مُحَمَّدُ ﴿لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [آل عمران: ٦٢] فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الفاتحة: ١] بِمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ خَلْقِهِ.
١٧ / ٦٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ﴾ [الشعراء: ١٦٠] مَنْ أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الرُّسُلِ حِينَ ﴿قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١٦١] اللَّهَ أَيُّهَا الْقَوْمُ. ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ﴾ [الشعراء: ١٠٧] مِنْ رَبِّكُمْ ﴿أَمِينٌ﴾ [الأعراف: ٦٨] عَلَى وَحْيِهِ، وَتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ. ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٥٠] فِي أَنْفُسِكُمْ، أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ عِقَابَهُ عَلَى تَكْذِيبِكُمْ رَسُولَهُ ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران: ٥٠] فِيمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ. ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ [الشعراء: ١٠٩] يَقُولُ: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى نَصِيحَتِي لَكُمْ وَدِعَايَتِكُمْ إِلَى رَبِّي جَزَاءً وَلَا ثَوَابًا. ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٩] يَقُولُ: مَا جَزَائِي عَلَى دِعَايَتِكُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَلَى نُصْحِي لَكُمْ وَتَبْلِيغِ رِسَالَاتِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ.
١٧ / ٦٢٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ، بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: ١٦٦] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦٥] أَتَنْكِحُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ ⦗٦٣٠⦘ فِي أَدْبَارِهِمْ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ [الشعراء: ١٦٦] يَقُولُ: وَتَدَعُونَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ مِنْ فُرُوجِهِنَّ، فَأَحَلَّهُ لَكُمْ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَتَذَرُونَ مَا أَصْلَحَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ»، وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٢٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ [الشعراء: ١٦٦] قَالَ: تَرَكْتُمْ أَقْبَالَ النِّسَاءِ إِلَى أَدْبَارِ الرِّجَالِ وَأَدْبَارِ النِّسَاءِ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ
١٧ / ٦٣٠
وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: ١٦٦] يَقُولُ: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَتَجَاوَزُونَ مَا أَبَاحَ لَكُمْ رَبُّكُمْ، وَأَحَلَّهُ لَكُمْ مِنَ الْفُرُوجِ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهَا.
١٧ / ٦٣٠
كَمَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: «﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: ١٦٦] قَالَ: قَوْمٌ مُعْتَدُونَ»
١٧ / ٦٣٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ. قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ﴾ [الشعراء: ١٦٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ قَوْمُ لُوطٍ: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ﴾ [الشعراء: ١٦٧] عَنْ نَهْيِنَا عَنْ إِتْيَانِ الذُّكْرَانِ ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ [الشعراء: ١٦٧] مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا وَبَلَدِنَا. ﴿قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ﴾ [الشعراء: ١٦٨] يَقُولُ لَهُمْ لُوطٌ: إِنِّي لِعَمَلِكُمُ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ مِنْ إِتْيَانِ الذُّكْرَانِ فِي أَدْبَارِهِمْ مِنَ الْقَالِينَ، يَعْنِي مِنَ الْمُبْغِضِينَ الْمُنْكِرِينَ فِعْلَهُ.
١٧ / ٦٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ. فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاسْتَغَاثَ لُوطٌ حِينَ تَوَعَّدَهُ قَوْمُهُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدِهِمْ إِنْ هُوَ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ نَهْيِهِمْ عَنْ رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ، فَقَالَ ﴿رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي﴾ [الشعراء: ١٦٩] مِنْ عُقُوبَتِكَ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا يَعْمَلُونَ مِنْ إِتْيَانِ الذُّكْرَانِ، ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾ [الأنبياء: ٧٦] مِنْ عُقُوبَتِنَا الَّتِي عَاقَبْنَا بِهَا قَوْمَ لُوطٍ ﴿أَجْمَعِينَ، إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٠] يَعْنِي فِي الْبَاقِينِ، لِطُولِ مُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهَا، فَصَارَتْ هَرِمَةً، فَإِنَّهَا أُهْلِكَتْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ لُوطٍ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تَدُلُّ قَوْمَهَا عَلَى الْأَضْيَافِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا قِيلَ مِنَ الْغَابِرِينَ لِأَنَّهَا لَمْ تُهْلَكْ مَعَ قَوْمِهَا فِي قَرْيَتِهِمْ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَصَابَهَا الْحَجَرُ بَعْدَ مَا خَرَجَتْ عَنْ قَرْيَتِهِمٍ مَعَ لُوطٍ وَابْنَتَيْهِ، فَكَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ بَعْدَ قَوْمِهَا، ثُمَّ أَهْلَكَهَا اللَّهُ بِمَا أَمْطَرَ عَلَى بَقَايَا قَوْمِ لُوطٍ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهَا
١٧ / ٦٣١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا، فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً، وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٧٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ أَهْلَكْنَا الْآخَرِينَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ بِالتَّدْمِيرِ. ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا﴾ [الأعراف: ٨٤] وَذَلِكَ إِرْسَالُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مِنَ السَّمَاءِ. ﴿فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٣] يَقُولُ: فَبِئْسَ ذَلِكَ الْمَطَرُ مَطَرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ نَبِيُّهُمْ فَكَذَّبُوهُ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [البقرة: ٢٤٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي إِهْلَاكِنَا قَوْمَ لُوطٍ الْهَلَاكَ الَّذِي وَصَفْنَا بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَنَا، لَعِبْرَةً وَمَوْعِظَةً لِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ يَتَّعِظُونَ بِهَا فِي تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ وَرَدِّهِمْ عَلَيْكَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ مِنَ الْحَقِّ ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٨] فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ٩] بِمَنْ آمَنَ بِهِ
١٧ / ٦٣٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء: ١٧٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ [الشعراء: ١٧٦] . وَالْأَيْكَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، وَهِيَ وَاحِدَةُ الْأَيْكِ، وَكُلُّ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَيْكَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الكامل] تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ … بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُهُ بِالْإِثْمِدِ
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ: هُمْ أَهْلُ مَدْيَنَ فِيمَا ذُكِرَ
[البحر الكامل] تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ … بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُهُ بِالْإِثْمِدِ
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ: هُمْ أَهْلُ مَدْيَنَ فِيمَا ذُكِرَ
١٧ / ٦٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٦] يَقُولُ: أَصْحَابُ الْغَيْضَةِ»
١٧ / ٦٣٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٦] قَالَ: «الْأَيْكَةُ: مَجْمَعُ الشَّجَرِ»
١٧ / ٦٣٣
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٦] قَالَ: أَهْلُ مَدْيَنَ، وَالْأَيْكَةُ: الْمُلْتَفُّ مِنَ الشَّجَرِ»
١٧ / ٦٣٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٦] قَالَ: «الْأَيْكَةُ: الشَّجَرُ، بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْبًا إِلَى قَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ مَدْيَنَ، وَإِلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، قَالَ: وَهُمْ أَصْحَابُ لَيْكَةِ، وَلَيْكَةُ وَالْأَيْكَةُ: وَاحِدٌ»
١٧ / ٦٣٣
وَقَوْلُهُ ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١٧٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ⦗٦٣٤⦘ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: أَلَا تَتَّقُونَ عِقَابَ اللَّهِ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ رَبَّكُمْ. ﴿إِنِّي لَكُمْ﴾ [هود: ٢٥] مِنَ اللَّهِ ﴿رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [الشعراء: ١٠٧] عَلَى وَحْيِهِ. فَاتَّقُوا عِقَابَ اللَّهِ عَلَى خِلَافِكُمْ أَمْرَهُ ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران: ٥٠] تَرْشَدُوا.
١٧ / ٦٣٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٨١] يَقُولُ: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ﴾ [الشعراء: ١٠٩] عَلَى نُصْحِي لَكُمْ مِنْ جَزَاءٍ وَثَوَابٍ، مَا جَزَائِي وَثَوَابِي عَلَى ذَلِكَ ﴿إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَوْفُوا الْكَيْلَ﴾ [الشعراء: ١٨٠] يَقُولُ: أَوْفُوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْكَيْلِ. ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٨١] يَقُولُ: وَلَا تَكُونُوا مِمَّنْ نَقَصَهُمْ حُقُوقَهُمْ.
١٧ / ٦٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ. وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ، وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٣] يَعْنِي بِقَوْلِهِ ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ﴾ [الإسراء: ٣٥] وَزِنُوا بِالْمِيزَانِ ﴿الْمُسْتَقِيمِ﴾ [الفاتحة: ٦] الَّذِي لَا بَخْسَ فِيهِ عَلَى مَنْ وَزَنْتُمْ لَهُ ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ [الأعراف: ٨٥] . يَقُولُ: وَلَا تَنْقُصُوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: ٦٠] يَقُولُ: وَلَا تُكْثِرُوا فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ كُلَّهُ بِشَوَاهِدِهِ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ فِيمَا مَضَى، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
١٧ / ٦٣٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ. قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا، وَإِنْ نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ. فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٥]
١٧ / ٦٣٤
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاتَّقُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ عِقَابَ رَبِّكُمْ ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١] وَخَلَقَ ﴿الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٤] يَعْنِي بِالْجِبِلَّةِ: الْخَلْقَ الْأَوَّلِينَ. وَفِي الْجِبِلَّةِ لِلْعَرَبِ لُغَتَانِ: كَسْرُ الْجِيمِ وَالْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَضَمُّ الْجِيمِ وَالْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ؛ فَإِذَا نُزِعَتِ الْهَاءُ مِنْ آخِرِهَا كَانَ الضَّمُّ فِي الْجِيمِ وَالْبَاءِ أَكْثَرَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جُبُلًّا كَثِيرًا)، وَرُبَّمَا سَكَّنُوا الْبَاءَ مِنَ الْجِبْلِ، كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
[البحر الطويل] مَنَايَا يُقَرِّبْنَ الْحُتُوفَ لِأَهْلِهَا … جِهَارًا وَيَسْتَمْتِعْنَ بِالْأَنَسِ الْجِبْلِ
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الْجِبِلَّةِ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
[البحر الطويل] مَنَايَا يُقَرِّبْنَ الْحُتُوفَ لِأَهْلِهَا … جِهَارًا وَيَسْتَمْتِعْنَ بِالْأَنَسِ الْجِبْلِ
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الْجِبِلَّةِ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٣٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلَهُ: «﴿وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٤] يَقُولُ: خَلَقَ الْأَوَّلِينَ»
١٧ / ٦٣٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٤] قَالَ: الْخَلِيقَةُ»
١٧ / ٦٣٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالْجِبِلَّةَ ⦗٦٣٦⦘ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٤] قَالَ: الْخَلْقَ الْأَوَّلِينَ، الْجِبِلَّةُ: الْخَلْقُ»
١٧ / ٦٣٥
وَقَوْلُهُ: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] يَقُولُ: قَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ يَا شُعَيْبُ مُعَلَّلٌ تُعَلَّلُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، كَمَا نُعَلَّلُ بِهِمَا، وَلَسْتَ مَلَكًا ﴿وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ [الشعراء: ١٨٦] تَأْكُلُ وَتُشْرَبُ ﴿وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٦] . يَقُولُ: وَمَا نَحْسَبُكَ فِيمَا تُخْبِرُنَا وَتَدْعُونَا إِلَيْهِ إِلَّا مِمَّنْ يَكْذِبُ فِيمَا يَقُولُ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَقُولُ بِأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا تَزْعُمُ ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الشعراء: ١٨٧] يَعْنِي قِطَعًا مِنَ السَّمَاءِ، وَهِيَ جَمْعُ كِسْفَةٍ، جُمِعَ كَذَلِكَ كَمَا تَجْمَعُ تَمْرَةً: تَمْرًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿كِسَفًا﴾ [الإسراء: ٩٢] يَقُولُ: قِطَعًا»
١٧ / ٦٣٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ: «﴿كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الشعراء: ١٨٧] جَانِبًا مِنَ السَّمَاءِ»
١٧ / ٦٣٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الشعراء: ١٨٧] قَالَ: نَاحِيَةً مِنَ السَّمَاءِ، عَذَابُ ذَلِكَ الْكَسْفِ»
١٧ / ٦٣٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ، فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٨٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ: ﴿رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: ١٨٨] يَقُولُ: بِأَعْمَالِهِمْ هُوَ بِهَا مُحِيطٌ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِهَا جَزَاءَكُمْ. ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ [الأعراف: ٦٤] يَقُولُ: فَكَذَّبَهُ قَوْمُهُ ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] يَعْنِي بِالظُّلَّةِ: سَحَابَةً ظَلَّلَتْهُمْ، فَلَمَّا تَتَامُّوا تَحْتَهَا الْتَهَبَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا وَأَحْرَقَتْهُمْ، وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ.
١٧ / ٦٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] قَالَ: «أَصَابَهُمْ حَرٌّ أَقْلَقَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ، فَنَشَأَتْ لَهُمْ سَحَابَةٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَابْتَدَرُوهَا، فَلَمَّا تَتَامُّوا تَحْتَهَا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ»
١٧ / ٦٣٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] قَالَ: «كَانُوا يَحْفُرُونَ الْأَسْرَابَ لِيَتَبَرَّدُوا فِيهَا، فَإِذَا دَخَلُوهَا وَجَدُوهَا أَشَدَّ حَرًّا مِنَ الظَّاهِرِ، وَكَانَتِ الظُّلَّةُ سَحَابَةٌ»
١٧ / ٦٣٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثني جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ قَتَادَةَ، يَقُولُ: «بُعِثَ شُعَيْبٌ إِلَى أُمَّتَيْنِ: إِلَى قَوْمِهِ أَهْلِ مَدْيَنَ، وَإِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ. ⦗٦٣٨⦘ وَكَانَتِ الْأَيْكَةُ مِنْ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ؛ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَرًّا شَدِيدًا، وَرَفَعَ لَهُمُ الْعَذَابَ كَأَنَّهُ سَحَابَةً؛ فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُمْ خَرَجُوا إِلَيْهَا رَجَاءَ بَرْدِهَا، فَلَمَّا كَانُوا تَحْتَهَا مَطَرَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا. قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩]»
١٧ / ٦٣٧
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، قَالَ: ثني يَزِيدُ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٨٩]، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: «بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَمَدَةً وَحَرًّا شَدِيدًا، فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ، فَدَخَلُوا الْبُيُوتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَجْوَافَ الْبُيُوتِ، فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ، فَخَرَجُوا مِنَ الْبُيُوتِ هِرَابًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَحَابَةً فَأَظَلَّتْهُمْ مِنَ الشَّمْسِ، فَوَجَدُوا لَهَا بَرْدًا وَلَذَّةً، فَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا تَحْتَهَا، أَرْسَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: «فَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»
١٧ / ٦٣٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿يَوْمِ الظَّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] قَالَ: إِظْلَالُ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ»
١٧ / ٦٣٨
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] قَالَ: «أَظَلَّ الْعَذَابُ قَوْمَ شُعَيْبٍ»
١٧ / ٦٣٩
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: «لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَوَّلَ الْعَذَابِ، أَخَذَهُمْ مِنْهُ حَرٌّ شَدِيدٌ، فَرَفَعَ اللَّهُ لَهُمْ غَمَامَةً، فَخَرَجَ إِلَيْهَا طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لِيَسْتَظِلُّوا بِهَا، فَأَصَابَهُمْ مِنْهَا رَوْحٌ وَبَرْدٌ وَرِيحٌ طَيِّبَةٌ، فَصَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ مِنْ تِلْكَ الْغَمَامَةِ عَذَابًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩]»
١٧ / ٦٣٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: ثني رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، قَالَ: «كَانُوا عَطَّلُوا حَدًّا، فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، ثُمَّ عَطَّلُوا حَدًّا، فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، ثُمَّ عَطَّلُوا حَدًّا، فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، فَجَعَلُوا كُلَّمَا عَطَّلُوا حَدًّا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ إِهْلَاكَهُمْ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَرًّا لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَقَارُّوا، وَلَا يَنْفَعُهُمْ ظِلٌّ وَلَا مَاءٌ، حَتَّى ذَهَبَ ذَاهِبٌ مِنْهُمْ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ ظُلَّةٍ، فَوَجَدَ رَوْحًا، فَنَادَى أَصْحَابَهُ: هَلُمُّوا إِلَى الرَّوْحِ، فَذَهَبُوا إِلَيْهِ سِرَاعًا، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا أَلْهَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا، فَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ»
١٧ / ٦٣٩
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَنْ حَدَّثَكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، فَكَذِّبْهُ»
١٧ / ٦٣٩
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ «﴾ [الشعراء: ١٨٩] قَوْمُ شُعَيْبٍ، حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الظِّلَّ وَالرِّيحَ، فَأَصَابَهُمْ حَرٌّ شَدِيدٌ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً فِيهَا الْعَذَابُ، فَلَمَّا رَأَوُا السَّحَابَةَ انْطَلَقُوا يَؤُمُّونَهَا، زَعَمُوا يَسْتَظِلُّونَ، فَاضْطَرَمَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَهْلَكَتْهُمْ»
١٧ / ٦٤٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٨٩] قَالَ: «بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ ظُلَّةً مِنْ سَحَابٍ، وَبَعَثَ إِلَى الشَّمْسِ فَأَحْرَقَتْ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَخَرَجُوا كُلُّهُمْ إِلَى تِلْكَ الظُّلَّةِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ، كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الظُّلَّةَ، وَأَحْمَى عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ فَاحْتَرَقُوا كَمَا يَحْتَرِقُ الْجَرَادُ فِي الْمِقْلَى»
١٧ / ٦٤٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٨٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ عَذَابَ يَوْمِ الظُّلَّةِ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ لِقَوْمِ شُعَيْبٍ عَظِيمٍ
١٧ / ٦٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي تَعْذِيبِنَا قَوْمَ شُعَيْبٍ عَذَابَ يَوْمِ الظُّلَّةِ بِتَكْذِيبِهِمْ نَبِيَّهُمْ شُعَيْبًا، لَآيَةً لِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ، وَعِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ، إِنِ اعْتَبَرُوا، أَنَّ سُنَّتَنَا فِيهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ سُنَّتُنَا فِي أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ. ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ ⦗٦٤١⦘ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٨] فِي سَابِقِ عَلِمْنَا فِيهِمْ ﴿وَإِنَّ رَبِّكَ﴾ [الرعد: ٦] يَا مُحَمَّدُ ﴿لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [آل عمران: ٦٢] فِي نِقْمَتِهِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ أَعْدَائِهِ ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الفاتحة: ١] بِمَنْ تَابَ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَنَابَ إِلَى طَاعَتِهِ
١٧ / ٦٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ ﴿لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٢] وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿وَإِنَّهُ﴾ [البقرة: ١٣٠] كِنَايَةُ الذِّكْرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ [الشعراء: ٥] . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٧ / ٦٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٢] قَالَ: هَذَا الْقُرْآنُ» وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿نَزَلَ بِهِ﴾ [الشعراء: ١٩٣]، مُخَفَّفَةً ﴿الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣]، رَفْعًا، بِمَعْنَى: أَنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ هُوَ الَّذِي نَزَلَ بِالْقُرْآنِ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَهُوَ جِبْرِيلُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ (نَزَّلَ) مُشَدَّدَةَ الزَّايِ، (الرُّوحَ الْأَمِينَ)، نَصْبًا، بِمَعْنَى: أَنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ نَزَّلَ بِالْقُرْآنِ الرُّوحَ الْأَمِينَ، وَهُوَ جِبْرِيلُ عليه السلام. ⦗٦٤٢⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ إِذَا نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِالْقُرْآنِ، لَمَا يَنْزِلُ بِهِ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهُ بِالنُّزُولِ، وَلَنْ يَجْهَلَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ذُو إِيمَانٍ بِاللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَهُ بِهِ نَزَلَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِالرُّوحِ الْأَمِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ جِبْرِيلُ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٤١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: «﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] قَالَ: جِبْرِيلُ»
١٧ / ٦٤٢
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] قَالَ: جِبْرِيلُ»
١٧ / ٦٤٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: «﴿الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] جِبْرِيلُ»
١٧ / ٦٤٢
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] قَالَ: جِبْرِيلُ»
١٧ / ٦٤٢
وَقَوْلُهُ ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ [البقرة: ٩٧] يَقُولُ: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ فَتَلَاهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، ⦗٦٤٣⦘ حَتَّى وَعَيْتَهُ بِقَلْبِكَ.
١٧ / ٦٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٤] يَقُولُ: لِتَكُونَ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ الَّذِينَ كَانُوا يُنْذِرُونَ مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَتُنْذِرَ بِهَذَا التَّنْزِيلِ قَوْمَكَ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ.
١٧ / ٦٤٣
وَقَوْلُهُ: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥] يَقُولُ: لِتُنْذِرَ قَوْمَكَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، يَبِينُ لِمَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ عَرَبِيُّ، وَبِلِسَانِ الْعَرَبِ نَزَلَ، وَالْبَاءُ مِنْ قَوْلِهِ ﴿بِلِسَانٍ﴾ [إبراهيم: ٤] مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ: ﴿نَزَلَ﴾ [البقرة: ١٧٦]، وَإِنَّمَا ذَكَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ نَزَلَ هَذَا الْقُرْآنُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، إِعْلَامًا مِنْهُ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ كَذَلِكَ، لِئَلَّا يَقُولُوا إِنَّهُ نَزَلَ بِغَيْرِ لِسَانِنَا، فَنَحْنُ إِنَّمَا نُعْرِضُ عَنْهُ وَلَا نَسْمَعُهُ، لِأَنَّا لَا نَفْهَمُهُ، وَإِنَّمَا هَذَا تَقْرِيعٌ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ [الشعراء: ٥] . ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُعْرِضُوا عَنْهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَعَانِيهِ، بَلْ يَفْهَمُونَهَا، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ بِلِسَانِهِمُ الْعَرَبِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ تَكْذِيبًا بِهِ وَاسْتِكْبَارًا ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الشعراء: ٦] . كَمَا أَتَى هَذِهِ الْأُمَمَ الَّتِي قَصَصْنَا نَبَأَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ حِينَ كَذَّبَتْ رُسُلَهَا أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يُكَذِّبُونَ.
١٧ / ٦٤٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ. أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ. فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ. كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [الشعراء: ١٩٧]⦗٦٤٤⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ: يَعْنِي فِي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ، وَخَرَجَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ، وَإِنَّمَا هُوَ: وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَفِي بَعْضِ زُبُرِ الْأَوَّلِينَ؛ يَعْنِي: أَنَّ ذِكْرَهُ وَخَبَرَهُ فِي بَعْضِ مَا نَزَلَ مِنَ الْكُتُبِ عَلَى بَعْضِ رُسُلِهِ.
١٧ / ٦٤٣
وَقَوْلُهُ: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٩٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوَلَمْ يَكُنْ لِهَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَمَّا يَأْتِيكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ ذِكْرِ رَبِّكَ دَلَالَةً عَلَى أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَنْ يَعْلَمَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَصِحَّتَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: عُنِيَ بِعُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَمَنْ أَشْبَهَهُ مِمَّنْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي عَصْرِهِ.
١٧ / ٦٤٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٩٧] قَالَ: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِهِمْ، فَآمَنَ بِكِتَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ: أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخِيَارُهُمْ»
١٧ / ٦٤٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ⦗٦٤٥⦘ فِي قَوْلِهِ: “﴿عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٩٧] قَالَ: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ»
١٧ / ٦٤٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: «﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً﴾ [الشعراء: ١٩٧]، قَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿أَنْ يَعْلَمَهُ﴾ [الشعراء: ١٩٧] قَالَ: يَعْرِفُهُ ﴿عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٩٧]»
١٧ / ٦٤٥
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: «عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ»
١٧ / ٦٤٥
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٩٧]، قَالَ: «أَوَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ آيَةً، عَلَامَةً أَنَّ عُلَمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ»
١٧ / ٦٤٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَوْ نَزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى بَعْضِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَنْطِقُ، وَإِنَّمَا قِيلَ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِيِّينَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا نَعَتْتَ الرَّجُلَ بِالْعُجْمَةِ وَأَنَّهُ لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ: هَذَا رَجُلٌ
١٧ / ٦٤٥
أَعْجَمُ، وَلِلْمَرْأَةِ: هَذِهِ امْرَأَةٌ عَجْمَاءُ، وَلِلْجَمَاعَةِ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُجْمٌ وَأَعْجَمُونَ، وَإِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى وُصِفَ بِهِ الْعَرَبِيُّ وَالْأَعْجَمِيُّ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي أَنَّهُ غَيْرُ فَصِيحِ اللِّسَانِ، وَقَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل] مِنْ وَائِلٍ لَا حَيَّ يَعْدِلُهُمْ … مِنْ سُوقَةٍ عَرَبٌ وَلَا عُجْمُ
فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهِ نِسْبَةَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْلِهِ مِنَ الْعَجَمِ، لَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ فَصِيحِ اللِّسَانِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ عَجَمِيُّ، وَهَذَانِ رَجُلَانِ عَجَمِيَّانِ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُجْمٌ، كَمَا يُقَالُ: عَرَبِيُّ، وَعَرَبِيَّانِ، وَقَوْمٌ عُرْبٌ. وَإِذَا قِيلَ: هَذَا رَجُلٌ أَعْجَمِيُّ، فَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ لَلْأَحْمَرِ: هَذَا أَحْمَرِيُّ ضَخْمٌ، وَكَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:
[البحر الرجز] وَالدَّهْرُ بِالْإِنْسَانِ دَوَّاريُّ
وَمَعْنَاهُ: دَوَّارٌ، فَنَسَبَهُ إِلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
[البحر الكامل] مِنْ وَائِلٍ لَا حَيَّ يَعْدِلُهُمْ … مِنْ سُوقَةٍ عَرَبٌ وَلَا عُجْمُ
فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهِ نِسْبَةَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْلِهِ مِنَ الْعَجَمِ، لَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ فَصِيحِ اللِّسَانِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ عَجَمِيُّ، وَهَذَانِ رَجُلَانِ عَجَمِيَّانِ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُجْمٌ، كَمَا يُقَالُ: عَرَبِيُّ، وَعَرَبِيَّانِ، وَقَوْمٌ عُرْبٌ. وَإِذَا قِيلَ: هَذَا رَجُلٌ أَعْجَمِيُّ، فَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ لَلْأَحْمَرِ: هَذَا أَحْمَرِيُّ ضَخْمٌ، وَكَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:
[البحر الرجز] وَالدَّهْرُ بِالْإِنْسَانِ دَوَّاريُّ
وَمَعْنَاهُ: دَوَّارٌ، فَنَسَبَهُ إِلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٤٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا إِلَى جُنُبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ بِعَرَفَةَ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٩]، قَالَ: «لَوْ نَزَلَ عَلَى بَعِيرِي هَذَا فَتَكَلَّمَ بِهِ مَا آمَنُوا بِهِ ﴿لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ [فصلت: ٤٤] حَتَّى يَفْقَهَهُ عَرَبِيٌّ ⦗٦٤٧⦘ وَعَجَمِيٌّ، لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ»
١٧ / ٦٤٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨] فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَالَ: «جَمَلِي هَذَا أَعْجَمُ، فَلَوْ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ»
١٧ / ٦٤٧
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨] قَالَ: «لَوْ نَزَّلَهُ اللَّهُ أَعْجَمِيًّا كَانُوا أَخْسَرَ النَّاسِ بِهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ بِالْعَجَمِيَّةِ» وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّهُ وَجْهُ الْكَلَامِ أَنَّ مَعْنَاهُ: وَلَوْ أَنْزَلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا، وَإِنَّمَا التَّنْزِيلُ ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨] يَعْنِي: وَلَوْ نَزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ عَلَى بَهِيمَةٍ مِنَ الْعَجَمِ أَوْ بَعْضِ مَا لَا يُفْصِحُ، وَلَمْ يَقُلْ: وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا. فَيَكُونَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ مَا قَالَهُ.
١٧ / ٦٤٧
وَقَوْلُهُ ﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾ [الشعراء: ١٩٩] يَقُولُ: فَقَرَأَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى كُفَّارِ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ حَتَّمْتُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا ذَلِكَ الْأَعْجَمَ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ. يَقُولُ: لَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا بِهِ، لِمَا قَدْ جَرَى لَهُمْ فِي سَابِقِ عِلْمِي مِنَ الشَّقَاءِ، وَهَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهِ مُحَمَّدًا ﷺ عَنْ قَوْمِهِ، لِئَلَّا يَشْتَدَّ وَجْدُهُ بِإِدْبَارِهِمْ
١٧ / ٦٤٧
عَنْهُ، وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الِاسْتِمَاعِ لِهَذَا الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ كَانَ ﷺ شَدِيدًا حِرْصُهُ عَلَى قَبُولِهِمْ مِنْهُ، وَالدُّخُولِ فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، حَتَّى عَاتَبَهُ رَبُّهُ عَلَى شِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسِكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٣] ثُمَّ قَالَ مُؤَيِّسَهُ مِنْ إِيمَانَهُمْ وَأَنَّهُمْ هَالِكُونَ بِبَعْضِ مُثْلَاتِهِ، كَمَا هَلَكَ بَعْضُ الْأُمَمِ الَّذِينَ قَصَّ عَلَيْهِمْ قَصَصَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ يَا مُحَمَّدُ لَا عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَيَقُولُونَ لَكَ: مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا، وَهَلَّا نَزَلَ بِهِ مَلَكٌ، فَقَرَأَ ذَلِكَ الْأَعْجَمُ عَلَيْهِمْ هَذَا الْقُرْآنَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلَّةٌ يَدْفَعُونَ بِهَا أَنَّهُ حَقٌّ، وَأَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنْ عِنْدِي، مَا كَانُوا بِهِ مُصَدِّقِينَ، فَخَفِّضْ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى إِيمَانِهِمْ بِهِ، ثُمَّ وَكَّدَ تَعَالَى ذِكْرُهُ الْخَبَرَ عَمَّا قَدْ حَتَّمَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ آيَسَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ مِنْ إِيمَانِهِمْ مِنَ الشَّقَاءِ وَالْبَلَاءِ، فَقَالَ: كَمَا حَتَّمْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَذَا الْقُرْآنِ ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨] فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ. ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ﴾ [الشعراء: ٢٠٠] التَّكْذِيبَ وَالْكُفْرَ ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢] . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: سَلَكْنَا: أَدْخَلْنَا، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿سَلَكْنَاهُ﴾ [الشعراء: ٢٠٠] كِنَايَةٌ مِنْ ذِكْرِ قَوْلِهِ ﴿مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٩]، كَأَنَّهُ قَالَ: كَذَلِكَ أَدْخَلْنَا فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ تَرْكَ الْإِيمَانِ بِهَذَا الْقُرْآنِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٤٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلَهُ ⦗٦٤٩⦘: «﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ﴾ [الشعراء: ٢٠٠] قَالَ: الْكُفْرَ ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٠]». حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [الشعراء: ٢٠١]
١٧ / ٦٤٨
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٠] قَالَ: خَلَقْنَاهُ»
١٧ / ٦٤٩
قَالَ: ثنا زَيْدٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ فِي بَيْتِ أَبِي خَلِيفَةَ، عَنْ قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٠]، قَالَ: «الشِّرْكَ سَلَكَهُ فِي قُلُوبِهِمْ»
١٧ / ٦٤٩
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [الشعراء: ٢٠١] يَقُولُ: فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ لِئَلَّا يُصَدِّقُوا بِهَذَا الْقُرْآنَ، حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، كَمَا رَأَتْ ذَلِكَ الْأُمَمُ الَّذِينَ قَصَّ اللَّهُ قَصَصَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَرَفَعَ قَوْلَهُ ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٦] لِأَنَّ الْعَرَبَ مِنْ شَأْنِهَا إِذَا وَضَعَتْ فِي مَوْضِعٍ مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ «لَا» رُبَّمَا جَزَمَتْ مَا بَعْدَهَا، وَرُبَّمَا رَفَعَتْ فَتَقُولُ: رَبَطْتُ الْفَرَسَ لَا تَنْفَلِتْ، وَأَحْكَمْتُ الْعِقْدَ لَا يَنْحَلُّ، جَزْمًا وَرَفْعًا. وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: إِنْ لَمْ أَحْكُمِ الْعِقْدَ انْحَلَّ، فَجَزْمُهُ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَرَفْعُهُ بِأَنَّ الْجَازِمَ غَيْرُ ظَاهَرٍ.
١٧ / ٦٤٩
وَمَنَ الشَّاهِدِ عَلَى الْجَزْمِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر البسيط] لَوْ كُنْتَ إِذْ جِئْتَنَا حَاوَلْتَ رُؤْيَتَنَا … أَوْ جِئْتَنَا مَاشِيًا لَا يُعْرَفِ الْفَرَسُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الرجز] لَطَالَمَا حَلَّأْتُمَاهَا لَا تَرِدْ … فَخَلِّيَاهَا وَالسِّجَالَ تَبْتَرِدْ
[البحر البسيط] لَوْ كُنْتَ إِذْ جِئْتَنَا حَاوَلْتَ رُؤْيَتَنَا … أَوْ جِئْتَنَا مَاشِيًا لَا يُعْرَفِ الْفَرَسُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الرجز] لَطَالَمَا حَلَّأْتُمَاهَا لَا تَرِدْ … فَخَلِّيَاهَا وَالسِّجَالَ تَبْتَرِدْ
١٧ / ٦٥٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ. أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَيَأْتِيَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِهَذَا الْقُرْآنِ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ بَغْتَةً، يَعْنِي فَجْأَةُ ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٥] يَقُولُ: لَا يَعْلَمُونَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَجِيئِهِ حَتَّى يَفْجَأَهُمْ بَغْتَةً. ﴿فَيَقُولُوا﴾ [الشعراء: ٢٠٣] حِينَ يَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ﴿هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٣] أَيْ هَلْ نَحْنُ مُؤَخَّرٌ عَنَّا الْعَذَابُ، وَمُنْسَأٌ فِي آجَالِنَا لِنَتُوبَ وَنُنِيبَ إِلَى اللَّهِ مِنْ شِرْكِنَا وَكُفْرِنَا بِاللَّهِ، فَنُرَاجِعَ الْإِيمَانَ بِهِ، وَنُنَيبَ إِلَى طَاعَتِهِ.
١٧ / ٦٥٠
وَقَوْلُهُ: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَفَبِعَذَابِنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَسْتَعْجِلُونَ بِقَوْلِهِمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا.
١٧ / ٦٥٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ. ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ. مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ جَاءَهُمُ الْعَذَابُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ ⦗٦٥١⦘ بِآيَاتِنَا، وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَنَا. ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ﴾ [الشعراء: ٢٠٧] يَقُولُ: أَيَّ شَيْءٍ أَغْنَى عَنْهُمُ التَّأْخِيرَ الَّذِي أَخَّرْنَا فِي آجَالِهِمْ، وَالْمَتَاعَ الَّذِي مَتَّعْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الْحَيَاةِ، إِذْ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ شِرْكِهِمْ، هَلْ زَادَهُمْ تَمْتِيعُنَا إِيَّاهُمْ ذَلِكَ إِلَّا خَبَالًا، وَهَلْ نَفَعَهُمْ شَيْئًا، بَلْ ضَرَّهُمْ بِازْدِيَادِهِمْ مِنَ الْآثَامِ، وَاكْتِسَابِهِمْ مِنَ الْإِجْرَامِ مَا لَوْ لَمْ يُمَتَّعُوا لَمْ يَكْتَسِبُوهُ.
١٧ / ٦٥٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٥] إِلَى قَوْلِهِ ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٧] قَالَ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكُفْرِ»
١٧ / ٦٥١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ. ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ. وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ. وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ. إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [الحجر: ٤] مِنْ هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي وَصَفْتُ فِي هَذِهِ السُّوَرِ ﴿إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] يَقُولُ: إِلَّا بَعْدَ إِرْسَالِنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا يُنْذِرُونَهُمْ بَأْسَنَا عَلَى كُفْرِهِمْ وَسَخَطَنَا عَلَيْهِمْ. ﴿ذِكْرَى﴾ [الأنعام: ٦٩] يَقُولُ: إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ يُنْذِرُونَهُمْ تَذْكِرَةً لَهُمْ، وَتَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى مَا فِيهِ النَّجَاةُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِنَا. فَفِي الذِّكْرَى وَجْهَانِ مِنَ الْإِعْرَابِ: أَحَدُهُمَا النَّصَبُ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنَ ⦗٦٥٢⦘ الْإِنْذَارِ عَلَى مَا بَيَّنْتُ، وَالْآخَرُ: الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: ذِكْرَى. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
١٧ / ٦٥١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةَ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ. ذِكْرَى﴾ [الشعراء: ٢٠٩] قَالَ: الرُّسُلُ»
١٧ / ٦٥٢
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَوْلُهُ: «﴿ذِكْرَى﴾ [الشعراء: ٢٠٩] قَالَ: الرُّسُلُ»
١٧ / ٦٥٢
قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٩] يَقُولُ: وَمَا كُنَّا ظَالِمِيهِمْ فِي تَعْذِيبِنَاهُمْ وَإِهْلَاكِهِمْ، لَأَنَّا إِنَّمَا أَهْلَكْنَاهُمْ، إِذْ عَتَوْا عَلَيْنَا، وَكَفَرُوا نِعْمَتَنَا، وعَبَدُوا غَيْرَنَا بَعْدَ الْإِعْذَارِ عَلَيْهِمْ وَالْإِنْذَارِ وَمُتَابَعَةِ الْحُجَجِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلُوهُ، فَأَبَوْا إِلَّا التَّمَادِي فِي الْغَيِّ.
١٧ / ٦٥٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ﴾ [الشعراء: ٢١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهَذَا الْقُرْآنِ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّهُ يُنَزَّلُ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. ﴿وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ﴾ [الشعراء: ٢١١] يَقُولُ: وَمَا يَنْبَغِي لِلشَّيَاطِينِ أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمْ ذَلِكَ. ﴿وَمَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [الشعراء: ٢١١] يَقُولُ: وَمَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَى اسْتِمَاعِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ، ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٢]⦗٦٥٣⦘ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ عَنْ سَمْعِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ لَمَعْزُولُونَ، فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَنَزَّلُوا بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٥٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ﴾ [الشعراء: ٢١٠] قَالَ: هَذَا الْقُرْآنُ. وَفِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٢] قَالَ: عَنْ سَمْعِ السَّمَاءِ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ سَمْعِ الْقُرْآنَ. وَالْقُرَّاءُ مُجْمِعَةٌ عَلَى قِرَاءَةِ ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ﴾ [الشعراء: ٢١٠] بِالتَّاءِ وَرَفْعِ النُّونِ، لِأَنَّهَا نُونٌ أَصْلِيَّةٌ، وَاحِدُهُمْ شَيْطَانٌ، كَمَا وَاحِدُ الْبَسَاتِينِ بُسْتَانٌ. وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ) بِالْوَاوِ، وَذَلِكَ لَحْنٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا عَنْهُ، أَنْ يَكُونَ تَوَهُّمَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا.
١٧ / ٦٥٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ، وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]⦗٦٥٤⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿فَلَا تَدْعُ﴾ [الشعراء: ٢١٣] يَا مُحَمَّدُ ﴿مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الحجر: ٩٦] أَيْ لَا تَعْبُدْ مَعَهُ مَعْبُودًا غَيْرَهُ ﴿فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٣] فَيَنْزِلُ بِكَ مِنَ الْعَذَابِ مَا نَزَلَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرَنَا وعَبَدُوا غَيْرَنَا.
١٧ / ٦٥٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ مِنْ قَوْمَكِ الْأَقْرَبِينَ إِلَيْكَ قَرَابَةً، وَحَذِّرْهُمْ مِنْ عَذَابِنَا أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ بِكُفْرِهِمْ. وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ، بَدَأَ بِبَنِي جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَوَلَدِهِ، فَحَذَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ.
١٧ / ٦٥٤
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ» . حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بِنَحْوِهِ. ⦗٦٥٥⦘ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا عَنْبَسَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، وَيَا صَفِيَّةُ ابْنَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ الْمِقْدَامِ
١٧ / ٦٥٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَلَامَةُ، قَالَ: قَالَ عَقِيلٌ: ثني الزُّهْرِيُّ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلِينِي مَا شِئْتِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» . حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنْ ⦗٦٥٦⦘ سَلَامَةَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ «يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ فَاطِمَةَ
١٧ / ٦٥٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: ثنا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ: قَالَ عُقَيْلٌ: ثني ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] جَمَعَ قُرَيْشًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «هَلْ فِيكُمْ غَرِيبٌ؟» فَقَالُوا: لَا إِلَّا ابْنَ أُخْتٍ لَنَا لَا نَرَاهُ إِلَّا مِنَّا، قَالَ: «إِنَّهُ مِنْكُمْ»، فَوَعَظَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: «لَا أَعْرِفَنَّ مَا وَرَدَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسُوقُونَ الْآخِرَةَ، وَجِئْتُمْ إِلَيَّ تَسُوقُونَ الدُّنْيَا»
١٧ / ٦٥٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا»
١٧ / ٦٥٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، ⦗٦٥٧⦘ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، أَلَا إِنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا»
١٧ / ٦٥٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُرَيْشًا، فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، يَا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ، يَا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»، يَقُولُ لِكُلِّهِمْ: «أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، أَلَا إِنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا»
١٧ / ٦٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ: أَنَّهُمَا قَالَا: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]، فَحُدِّثْنَا عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ عَلَا صَخْرَةً مِنْ جَبَلٍ، فَعَلَا أَعْلَاهَا حَجَرًا، ثُمَّ قَالَ: «يَا آلَ عَبْدِ مَنَافَاهُ، يَا صَبَاحَاهُ، إِنِّي نَذِيرٌ، إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ مَثَلُ رَجُلٍ أَتَى الْجَيْشَ فَخَشِيَهُمْ عَلَى ⦗٦٥٨⦘ أَهْلِهِ، فَذَهَبَ يَرْبَؤُهُمْ، فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِهِمْ: يَا صَبَاحَاهْ» أَوْ كَمَا قَالَ
١٧ / ٦٥٧
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] جَاءَ فَوَضَعَ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنِهِ، وَرَفَعَ مِنْ صَوْتِهِ، وَقَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَاصَبَاحَاهُ» قَالَ: ثني أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: ثنا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ قَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنِي الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ؛ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ
١٧ / ٦٥٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ نَادَى: «يَا صَبَاحَاهُ»، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَبَيْنَ رَجُلٍ يَجِيءُ، وَبَيْنَ آخَرَ يَبْعَثُ رَسُولَهُ، فَقَالَ: «يَا بَنِي هَاشِمٍ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي يَا بَنِي، أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ صَدَّقْتُمُونِي؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ»، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكُمْ سَائِرَ الْيَوْمِ، مَا دَعَوْتُمُونِي إِلَّا لِهَذَا؟ فَنَزَلَتْ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ “
١٧ / ٦٥٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ الصَّفَا، فَقَالَ: «يَا صَبَاحَاهُ» فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَلَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» . قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا دَعَوْتَنَا أَوْ جَمَعْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ “
١٧ / ٦٥٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ ⦗٦٦٠⦘ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى صَعَدَ الصَّفَا، فَهَتَفَ: «يَا صَبَاحَاهْ» فَقَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟ فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ»، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟» قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ»، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، مَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا؟ ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ (وَقَدْ تَبَّ) كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ
١٧ / ٦٥٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَامَ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: «يَا صَبَاحَاهُ»
١٧ / ٦٦٠
قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: «يَا صَبَاحَاهُ» فَجَعَلَ يُعَدِّدُهُمْ: «يَا بَنِي فُلَانٍ، وَيَا بَنِي فُلَانٍ، وَيَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ»
١٧ / ٦٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَالَ: أَتَى جَبَلًا، فَجَعَلَ يَهْتِفُ: «يَا صَبَاحَاهُ»، فَأَتَاهُ مَنْ خَفَّ مِنَ النَّاسِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُتَثَاقِلُونَ مِنَ النَّاسِ رُسُلًا، فَجَعَلُوا يَجِيئُونَ يَتَّبِعُونَ الصَّوْتَ؛ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالَ: «إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ جَاءَ لِيَنْظُرَ، وَمِنْكُمْ مَنْ أَرْسَلَ لِيَنْظُرَ مَنِ الْهَاتِفُ»، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَكَثُرُوا قَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا مُصَبِّحَتُكُمْ مِنْ هَذَا الْجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟» قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي أُنْزِلْنَ، وَأَنْذَرَهُمْ كَمَا أُمِرَ، فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا قُرَيْشُ، يَا بَنِي هَاشِمٍ» حَتَّى قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ»
١٧ / ٦٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَمْرٍو: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَرَهْطَكَ الْمُخْلَصِينَ»
١٧ / ٦٦١
قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِي: «يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الْأَقْرَبِينَ»، قَالَ: «فَضِقْتُ بِذَلِكَ ذَرْعًا، وَعَرَفْتُ أَنَّى مَتَى مَا أُنَادِهِمْ بِهَذَا الْأَمْرِ أَرَ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ حَتَّى جَاءَ جَبْرَائِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ إِلَّا تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ، فَاصْنَعْ لَنَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَاجْعَلْ ⦗٦٦٢⦘ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَامْلَأْ لَنَا عُسًّا مِنْ لَبَنٍ، ثُمَّ اجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ وَأُبَلِّغَهُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ»، فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ، ثُمَّ دَعَوْتُهُمْ لَهُ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، يَزِيدُونَ رَجُلًا أَوْ يُنْقِصُونَهُ، فِيهِمْ أَعْمَامُهُ: أَبُو طَالِبٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو لَهَبٍ؛ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ دَعَانِي بِالطَّعَامِ الَّذِي صَنَعْتُ لَهُمْ، فَجِئْتُ بِهِ. فَلَمَّا وَضَعْتُهُ تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حُذْيَةً مِنَ اللَّحْمِ، فَشَقَّهَا بِأَسْنَانِهِ، ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي نَوَاحِي الصَّحْفَةَ، قَالَ: «خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ»، فَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى مَا لَهُمْ بِشَيْءٍ حَاجَةٌ، وَمَا أَرَى إِلَّا مَوَاضِعُ أَيْدِيهِمْ؛ وَأَيْمُ اللَّهِ الَّذِي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ، إِنْ كَانَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ لَيَأْكُلُ مَا قَدَّمْتُ لِجَمِيعِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ النَّاسَ»، فَجِئْتُهُمْ بِذَلِكَ الْعُسِّ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوُوا مِنْهُ جَمِيعًا، وَأَيْمُ اللَّهِ، إِنْ كَانَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَيَشْرَبُ مِثْلَهُ؛ فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، بَدَرَهُ أَبُو لَهَبٍ إِلَى الْكَلَامِ، فَقَالَ: لَهَدَّ مَا سَحَرَكُمْ بِهِ صَاحِبُكُمْ، فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «الْغَدُ يَا عَلِيُّ، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى مَا قَدْ سَمِعْتَ مِنَ الْقَوْلِ، فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ قَبْلَ أَنْ أُكَلِّمَهُمْ، فَأَعِدَّ لَنَا مِنَ الطَّعَامِ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ، ثُمَّ اجْمَعْهُمْ لِي»، قَالَ: فَفَعَلْتُ ثُمَّ جَمَعْتُهُمْ، ثُمَّ دَعَانِي بِالطَّعَامِ، فَقَرَّبَتْهُ لَهُمْ، فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ بِالْأَمْسِ، فَأَكَلُوا حَتَّى ⦗٦٦٣⦘ مَا لَهُمْ بِشَيْءٍ حَاجَةٌ، قَالَ: «اسْقِهِمْ»، فَجِئْتُهُمْ بِذَلِكَ الْعُسِّ فَشَرِبُوا حَتَّى رَوُوا مِنْهُ جَمِيعًا، ثُمَّ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي» وَكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا، وَأَخْمَشُهُمْ سَاقًا. أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ، فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَخِي» وَكَذَا وَكَذَا، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا «، قَالَ: فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ وَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكِ وَتُطِيعَ»
١٧ / ٦٦١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثني إِسْحَاقُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَأَنْذِرْ ⦗٦٦٤⦘ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي قُصَيٍّ»، قَالَ: ثُمَّ فَخَّذَ قُرَيْشًا قَبِيلَةً قَبِيلَةً، حَتَّى مَرَّ عَلَى آخِرِهِمْ، «إِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَأُنْذِرُكُمْ عَذَابَهُ»
١٧ / ٦٦٣
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَالَ: «أُمِرَ مُحَمَّدٌ أَنْ يُنْذِرَ قَوْمَهُ، وَيُبْدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ وَفَصِيلَتِهِ، قَالَ: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ﴾ [الأنعام: ٦٦]»
١٧ / ٦٦٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»
١٧ / ٦٦٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] «بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ وَفَصِيلَتِهِ»
١٧ / ٦٦٤
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] جَمَعَ النَّبِيُّ ﷺ بَنِي هَاشِمٍ، فَقَالَ: «يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَلَا لَا أَلْفِيَنَّكُمْ تَأْتُونِي تَحْمِلُونَ الدُّنْيَا، وَيَأْتِي النَّاسُ يَحْمِلُونَ الْآخِرَةَ، أَلَا إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْكُمُ الْمُتَّقُونَ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»
١٧ / ٦٦٤
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ وَفَصِيلَتِهِ؛ قَالَ: وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٥]»
١٧ / ٦٦٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ﴾ [الحجر: ٨٨] يَقُولُ: وَأَلِنْ جَانِبَكَ وَكَلَامَكَ ﴿لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٥]
١٧ / ٦٦٥
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٥] قَالَ: يَقُولُ: لِنْ لَهُمْ»
١٧ / ٦٦٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ. وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الشعراء: ٢١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِنْ عَصَتْكَ يَا مُحَمَّدُ عَشِيرَتُكَ الْأَقْرَبُونَ الَّذِينَ أَمَرْتُكَ بِإِنْذَارِهِمْ، وَأَبَوْا إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَالْإِشْرَاكِ بِالرَّحْمَنِ، فَقُلْ لَهُمْ: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٦] مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَمَعْصِيَةِ بَارِئِ الْأَنَامِ. ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ﴾ [الشعراء: ٢١٧] فِي نِقْمَتِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ﴿الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] بِمَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ وَتَابَ مِنْ مَعَاصِيهِ. ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الشعراء: ٢١٨] يَقُولُ: الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ إِلَى صَلَاتِكَ.
١٧ / ٦٦٥
وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الشعراء: ٢١٨] قَالَ: أَيْنَمَا كُنْتَ»
١٧ / ٦٦٦
﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَيَرَى تَقَلُّبَكَ فِي صَلَاتِكَ حِينَ تَقُومُ، ثُمَّ تَرْكَعُ، وَحِينَ تَسْجُدُ
١٧ / ٦٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] يَقُولُ: قِيَامَكَ، وَرُكُوعَكَ، وَسُجُودَكَ»
١٧ / ٦٦٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَعَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ يُحَدِّثَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: قِيَامَهُ، وَرُكُوعَهُ، وَسُجُودَهُ»
١٧ / ٦٦٦
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: ⦗٦٦٧⦘ قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: قَائِمًا، وَسَاجِدًا، وَرَاكِعًا، وَجَالِسًا». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَيَرَى تَقَلُّبَكَ فِي الْمُصَلِّينَ، وَإِبْصَارَكَ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ خَلْفَكَ، كَمَا تُبْصِرُ مَنْ هُوَ بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْهُمْ.
١٧ / ٦٦٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] «كَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ، كَمَا يَرَى مَنْ قُدَّامَهُ»
١٧ / ٦٦٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: الْمُصَلِّينَ، كَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ فِي الصَّلَاةِ»
١٧ / ٦٦٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ⦗٦٦٨⦘ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: الْمُصَلِّينَ، قَالَ: كَانَ يَرَى فِي الصَّلَاةِ مَنْ خَلْفَهُ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَتَقَلُّبَكَ مَعَ السَّاجِدِينَ: أَيْ تَصَرُّفَكَ مَعَهُمْ فِي الْجُلُوسِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ.
١٧ / ٦٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: يَرَاكَ وَأَنْتَ مَعَ السَّاجِدِينَ تَقَلَّبُ وَتَقُومُ وَتَقْعُدُ مَعَهُمْ»
١٧ / ٦٦٨
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: فِي الْمُصَلِّينَ»
١٧ / ٦٦٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: فِي السَّاجِدِينَ: الْمُصَلِّينَ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَيَرَى تَصَرُّفَكَ فِي النَّاسِ.
١٧ / ٦٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ: «﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩] قَالَ: فِي النَّاسِ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَتَصَرُّفَكَ فِي أَحْوَالِكَ كَمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ تَفْعَلُهُ، وَالسَّاجِدُونَ فِي قَوْلِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ: الْأَنْبِيَاءُ.
١٧ / ٦٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿الَّذِي يَرَاكَ﴾ [الشعراء: ٢١٨] الْآيَةَ، قَالَ: كَمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِهِ قَوْلُ مَنْ قَالَ تَأْوِيلَهُ: وَيَرَى تَقَلُّبَكَ مَعَ السَّاجِدِينَ فِي صَلَاتِهِمْ مَعَكَ، حِينَ تَقُومُ مَعَهُمْ وَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعْنَاهُ. فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: وَتَقَلُّبَكَ فِي النَّاسِ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ بَعِيدٌ مِنَ الْمَفْهُومِ بِظَاهِرِ التِّلَاوَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا شَيْءَ إِلَّا وَظِلُّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: فُلَانٌ مَعَ السَّاجِدِينَ، أَوْ فِي السَّاجِدِينَ، أَنَّهُ مَعَ النَّاسِ أَوْ فِيهِمْ، بَلِ الْمَفْهُومُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ قَوْمٍ سُجُودٍ السُّجُودَ الْمَعْرُوفَ،
١٧ / ٦٦٩
وَتَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَغْلَبِ أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهِهِ إِلَى الْأَنْكَرِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: تَتَقَلَّبُ فِي أَبْصَارِ السَّاجِدِينَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ، فَلَيْسَ ذَلِكَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعَانِيهِ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ إِلَى صَلَاتِكَ، وَيَرَى تَقَلُّبَكَ فِي الْمُؤْتَمِّينَ بِكَ فِيهَا بَيْنَ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ
١٧ / ٦٧٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنفال: ٦١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبِّكَ هُوَ السَّمِيعُ تِلَاوَتَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَذِكْرَكَ فِي صَلَاتِكَ مَا تَتْلُو وَتَذْكُرُ، الْعَلِيمُ بِمَا تَعْمَلُ فِيهَا وَيَعْمَلُ فِيهَا مَنْ يَتَقَلَّبُ فِيهَا مَعَكَ مُؤْتَمًّا بِكَ، يَقُولُ: فَرَتِّلْ فِيهَا الْقُرْآنَ، وَأَقِمْ حُدُودَهَا، فَإِنَّكَ بِمَرْأَى مِنْ رَبِّكِ وَمَسْمَعٍ.
١٧ / ٦٧٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ﴾ [المائدة: ٦٠] أَيُّهَا النَّاسُ ﴿عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ﴾ [الشعراء: ٢٢١] مِنَ النَّاسِ؟ ﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] يَعْنِي كَذَّابٍ بَهَّاتٍ ﴿أَثِيمٍ﴾ [البقرة: ٢٧٦] يَعْنِي: آثَمٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٧٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ⦗٦٧١⦘ فِي قَوْلِهِ: «﴿كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] قَالَ: كُلِّ كَذَّابٍ مِنَ النَّاسِ»
١٧ / ٦٧٠
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] قَالَ: كَذَّابٍ مِنَ النَّاسِ»
١٧ / ٦٧١
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] قَالَ: هُمُ الْكَهَنَةُ، تَسْتَرِقُ الْجِنُّ السَّمْعَ، ثُمَّ يَأْتُونَ بِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ»
١٧ / ٦٧١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: «صَدَقَ، ثُمَّ تَلَا: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢]»
١٧ / ٦٧١
وَقَوْلُهُ: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ [الشعراء: ٢٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُلْقِي الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ، وَهُوَ مَا يَسْمَعُونَ مِمَّا اسْتَرْقُوا سَمْعَهُ مِنْ حِينَ حَدَثَ مِنَ السَّمَاءِ، إِلَى ﴿كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ بَنِي آدَمَ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ [الشعراء: ٢٢٣] قَالَ: الشَّيَاطِينُ مَا سَمِعَتْهُ أَلْقَتْهُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ كَذَّابٍ»
١٧ / ٦٧٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ [الشعراء: ٢٢٣] الشَّيَاطِينُ مَا سَمِعَتْهُ أَلْقَتْهُ ﴿عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٢] قَالَ: يُلْقُونَ السَّمْعَ، قَالَ: الْقَوْلَ»
١٧ / ٦٧٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٣] يَقُولُ: وَأَكْثَرُ مَنْ تَنْزِلِ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ كَاذِبُونَ فِيمَا يَقُولُونَ وَيُخْبِرُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٣] عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «الشَّيَاطِينُ تَسْتِرِقُ السَّمْعَ، فَتَجِيءُ بِكَلِمَةِ حَقٍّ فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ؛ قَالَ: وَيَزِيدُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذِبَةٍ»
١٧ / ٦٧٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي ⦗٦٧٣⦘ كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ أَهْلُ الْغَيِّ لَا أَهْلُ الرَّشَادِ وَالْهُدَى. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ وُصِفُوا بِالْغَيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: رُوَاةُ الشَّعْرِ.
١٧ / ٦٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ قَيْسٍ، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: الرُّوَاةُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُمُ الشَّيَاطِينُ.
١٧ / ٦٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي ⦗٦٧٤⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] الشَّيَاطِينُ». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
١٧ / ٦٧٣
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: يَتَّبِعُهُمُ الشَّيَاطِينُ»
١٧ / ٦٧٤
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: عُصَاةُ الْجِنِّ». وَقَالَ آخَرُونَ: هُمُ السُّفَهَاءُ، وَقَالُوا: نَزَلَ ذَلِكَ فِي رَجُلَيْنِ تَهَاجَيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
١٧ / ٦٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗٦٧٥⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالْآخَرُ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، وَأَنَّهُمَا تَهَاجَيَا، وَكَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غُوَاةٌ مِنْ قَوْمِهِ، وَهُمُ السُّفَهَاءُ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥]»
١٧ / ٦٧٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالْآخَرُ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، تَهَاجَيَا، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غُوَاةٌ مِنْ قَوْمِهِ، وَهُمُ السُّفَهَاءُ». وَقَالَ آخَرُونَ: هُمْ ضُلَّالُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
١٧ / ٦٧٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: هُمُ الْكُفَّارُ يَتَّبِعُهُمْ ضُلَّالُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ»
١٧ / ٦٧٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿⦗٦٧٦⦘ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: الْغَاوُونَ: الْمُشْرِكُونَ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ شُعَرَاءَ الْمُشْرِكِينَ يَتَّبِعُهُمْ غُوَاةُ النَّاسِ، وَمَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، وَعُصَاةُ الْجِنِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] فَلَمْ يُخَصِّصْ بِذَلِكَ بَعْضَ الْغُوَاةِ دُونَ بَعْضٍ، فَذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ أَصْنَافِ الْغُوَاةِ الَّتِي دَخَلَتْ فِي عُمُومِ الْآيَةِ.
١٧ / ٦٧٥
قَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّدُ أَنَّهُمْ، يَعْنِي الشُّعَرَاءَ فِي كُلِّ وَادٍ يَذْهَبُونَ، كَالْهَائِمِ عَلَى وَجْهِهِ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ، بَلْ جَائِرًا عَلَى الْحَقِّ، وَطَرِيقِ، الرَّشَادِ، وَقَصْدِ السَّبِيلِ. وَإِنَّمَا هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي افْتِنَانِهِمْ فِي الْوجُوهِ الَّتِي يَفْتَنُّونَ فِيهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَمْدَحُونَ بِالْبَاطِلِ قَوْمًا وَيَهْجُونَ آخَرِينَ كَذَلِكَ بِالْكَذِبِ وَالزُّورِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٧٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] يَقُولُ: فِي كُلِّ لَغْو يَخُوضُونَ»
١٧ / ٦٧٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] قَالَ: فِي كُلِّ فَنٍّ يَفْتَنُّونَ»
١٧ / ٦٧٧
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] قَالَ: فَنٍّ ﴿يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] قَالَ: يَقُولُونَ»
١٧ / ٦٧٧
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] قَالَ: يَمْدَحُونَ قَوْمًا بِبَاطِلٍ، وَيَشْتُمُونَ قَوْمًا بِبَاطِلٍ»
١٧ / ٦٧٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٦] يَقُولُ: وَأَنَّ أَكْثَرَ قِيلِهِمْ بَاطِلٌ وَكَذِبٌ.
١٧ / ٦٧٧
كَمَا: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٦] يَقُولُ: أَكْثَرُ قَوْلِهِمْ يَكْذِبُونَ» وَعَنِيَ بِذَلِكَ شُعَرَاءَ الْمُشْرِكِينَ.
١٧ / ٦٧٧
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ⦗٦٧٨⦘ زَيْدٍ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي: يَا أَبَا أُسَامَةَ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِنَّمَا هَذَا لِشُعَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَيْسَ شُعَرَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] . إِلَخْ. فَقَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَبَا أُسَامَةَ؛ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ»
١٧ / ٦٧٧
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ . وَذُكِرَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ نَزَلَ فِي شُعَرَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، كَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ هُوَ لِكُلِّ مَنْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِهَا. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ.
١٧ / ٦٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ سَالِمٍ الْبَرَّادِ مَوْلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] قَالَ: جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالُوا: «قَدْ عَلِمَ اللَّهُ حِينَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ أَنَّا شُعَرَاءُ، فَتَلَا النَّبِيُّ ﷺ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]»
١٧ / ٦٧٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «نَزَلَتْ ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فِي حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ»
١٧ / ٦٧٩
قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَطَاوُسٍ، قَالَا: قَالَ: «﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥]، فَنَسَخَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى، قَالَ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] . الْآيَةَ»
١٧ / ٦٧٩
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، يَعْنِي الشُّعَرَاءَ، فَقَالَ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
١٧ / ٦٧٩
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] قَالَ: هُمُ الْأَنْصَارُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ». ⦗٦٨٠⦘ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي حَسَنٍ الْبَرَّادِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ
١٧ / ٦٧٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي حَالِ الذِّكْرِ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَثْنَيْنَ مِنَ الشُّعَرَاءِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ حَالُ مَنْطِقِهِمْ وَمُحَاوَرَتِهِمُ النَّاسَ، قَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا فِي كَلَامِهِمْ.
١٧ / ٦٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] فِي كَلَامِهِمْ». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ فِي شِعْرِهِمْ.
١٧ / ٦٨٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] قَالَ: ذَكَرُوا اللَّهَ فِي شِعْرِهِمْ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ ⦗٦٨١⦘ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ شعراءِ الْمُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَلَمْ يَخُصَّ ذَكَرَهُمُ اللَّهَ عَلَى حَالٍ دُونَ حَالٍ فِي كِتَابِهِ، وَلَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، فَصِفَتُهُمْ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ.
١٧ / ٦٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] يَقُولُ: وَانْتَصَرُوا مِمَّنْ هَجَاهُمْ مِنْ شُعَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ ظُلْمًا بِشِعْرِهِمْ وَهِجَائِهِمْ إِيَّاهُمْ، وَإِجَابَتِهِمْ عَمَّا هَجَوْهُمْ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] قَالَ: يَرُدُّونَ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا يَهْجُونَ الْمُؤْمِنِينَ»
١٧ / ٦٨١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَانْتَصَرُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [النحل: ٤١]». وَقِيلَ: عُنِيَ بِذَلِكَ كُلَّهُ الرَّهْطَ الَّذِينَ ذَكَرْتُ.
١٧ / ٦٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ سَالِمٍ الْبَرَّادِ مَوْلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالُوا: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ حِينَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ أَنَّا شُعَرَاءُ، فَتَلَا النَّبِيُّ ﷺ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧]». حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي حَسَنٍ الْبَرَّادِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
١٧ / ٦٨٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: «﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَأَصْحَابُهُ»
١٧ / ٦٨٢
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ»
١٧ / ٦٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ⦗٦٨٣⦘ أَنْفُسَهُمْ بِشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ﴿أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] يَقُولُ: أَيَّ مَرْجِعٍ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، وَأَيَّ مُعَادٍ يَعُودُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى نَارٍ لَا يُطْفَأُ سَعِيرُهَا، وَلَا يَسْكُنُ لَهَبُهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
١٧ / ٦٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ سَالِمٍ الْبَرَّادِ مَوْلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: «﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ»
١٧ / ٦٨٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] قَالَ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»
١٧ / ٦٨٣