سُورَةُ التَّحْرِيمِ

مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٣ ‏/ ٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ الْمُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ مَرْضَاةَ أَزْوَاجِهِ، لِمَ تُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِكَ الْحَلَالَ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ لَكَ، تَلْتَمِسُ بِتَحْرِيمِكَ ذَلِكَ مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَلَالِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَحَلَّهُ لِرَسُولِهِ، فَحَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ أَزْوَاجِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ مَارِيَةُ مَمْلُوكَتُهُ الْقِبْطِيَّةُ، حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا طَالِبًا بِذَلِكَ رِضَا حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ زَوْجَتِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ غَارَتْ بِأَنْ خَلَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي يَوْمِهَا وَفِي حُجْرَتِهَا.
٢٣ ‏/ ٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثني ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثني زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَصَابَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ؛ قَالَ: فَقَالَتْ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي؟ فَجَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَامًا؛ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُحَرِّمُ عَلَيْكَ الْحَلَالَ؟ فَحَلَفَ لَهَا بِاللَّهِ لَا يُصِيبُهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل ﴿: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ قَالَ زَيْدٌ: فَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، لَغْوٌ
٢٣ ‏/ ٨٣
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثني ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ مَسْرُوقٌ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّمَ جَارِيَتَهُ، وَآلَى مِنْهَا، فَجَعَلَ الْحَلَالَ حَرَامًا، وَقَالَ فِي الْيَمِينِ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ﴾ [التحريم: ٢] أَيْمَانِكُمْ
٢٣ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: آلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَحَرَّمَ، فَعُوتِبَ فِي التَّحْرِيمِ، وَأَمَرَ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ
٢٣ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: حَرَّمَهَا عَلَيْهِ، وَحَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، فَعُوتِبَ فِي التَّحْرِيمِ، وَجَاءَتِ الْكَفَّارَةُ فِي الْيَمِينِ
٢٣ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّمَ جَارِيَتَهُ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: حَلَفَ بِيَمِينٍ مَعَ التَّحْرِيمِ، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ فِي التَّحْرِيمِ، وَجَعَلَ لَهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ
٢٣ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا ⦗٨٥⦘ النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] قَالَ: إِنَّهُ وَجَدَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَعَ جَارِيَتِهِ فِي بَيْتِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّى كَانَ هَذَا الْأَمْرُ، وَكُنْتُ أَهْوَنَهُنَّ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْكُتِي لَا تَذْكُرِي هَذَا لِأَحَدٍ، هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ قَرَبْتُهَا بَعْدَ هَذَا أَبَدًا» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُحَرِّمُ عَلَيْكَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ حِينَ تَقُولُ: هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ أَبَدًا؟ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا آتِيهَا أَبَدًا» . فَقَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] الْآيَةُ، قَدْ غَفَرْتُ هَذَا لَكَ، وَقَوْلُكَ وَاللَّهِ ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢]
٢٣ ‏/ ٨٤
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتَاةٌ، فَغَشِيَهَا، فَبَصُرَتْ بِهِ حَفْصَةُ، وَكَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَكَانَتَا مُتَظَاهِرَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اكْتُمِي عَلَيَّ وَلَا تَذْكُرِي لِعَائِشَةَ مَا رَأَيْتِ» . فَذَكَرَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ، فَغَضِبَتْ عَائِشَةُ. فَلَمْ تَزَلْ بِنَبِيِّ اللَّهِ ﷺ حَتَّى حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ، وَيَأْتِيَ جَارِيَتَهُ
٢٣ ‏/ ٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَامِرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ فِي جَارِيَةٍ أَتَاهَا، فَاطَّلَعَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَقَالَ: «⦗٨٦⦘ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَاكْتُمِي ذَلِكَ، وَلَا تُخْبِرِي بِهِ أَحَدًا» فَذَكَرَتْ ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَارِيَتَهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ عز وجل تَحْرِيمَهُ إِيَّاهَا بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ، فَأَوْجَبَ فِيهَا مِنَ الْكَفَّارَةِ مِثْلَ مَا أَوْجَبَ فِي الْيَمِينِ إِذَا حَنِثَ فِيهَا صَاحِبُهَا
٢٣ ‏/ ٨٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢] أَمَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ إِذَا حَرَّمُوا شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا أَيْمَانَهُمْ بِإِطْعَامِ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، وَلَيْسَ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي طَلَاقٍ
٢٣ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢] قَالَ: كَانَتْ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ مُتَحَابَّتَيْنِ وَكَانَتَا زَوْجَتَيِ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَهَبَتْ حَفْصَةُ إِلَى أَبِيهَا، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى جَارِيَتِهِ، فَظَلَّتْ مَعَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، وَكَانَ الْيَوْمَ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ عَائِشَةَ، فَرَجَعَتْ حَفْصَةُ، فَوَجَدَتْهُمَا فِي بَيْتِهَا، فَجَعَلَتْ تَنْتَظِرُ خُرُوجَهَا، وَغَارَتْ غَيْرَةً شَدِيدَةً، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَارِيَتَهُ، وَدَخَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَتْ: قَدْ رَأَيْتُ مَنْ كَانَ عِنْدَكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ سُؤْتَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَاللَّهِ لَأُرْضِيَنَّكِ فَإِنِّي مُسِرٌّ إِلَيْكِ سِرًّا فَاحْفَظِيهِ» . قَالَتْ: مَا هُوَ؟ قَالَ: «إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ سُرِّيَّتِي هَذِهِ ⦗٨٧⦘ عَلَيَّ حَرَامٌ رِضًا لَكَ» . وَكَانَتْ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ تُظَاهِرَانِ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ، فَانْطَلَقَتْ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، فَأَسَرَّتْ إِلَيْهَا أَنْ أَبْشِرِي، إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِ فَتَاتَهُ، فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِسِرِّ النَّبِيِّ ﷺ أَظْهَرَ اللَّهُ عز وجل النَّبِيَّ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَمَّا تَظَاهَرَتَا عَلَيْهِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢]
٢٣ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ تُكَفِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّمَ جَارِيَتَهُ، فَقَالَ اللَّهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢] فَكَفَّرَ يَمِينَهُ، فَصَيَّرَ الْحَرَامَ يَمِينًا
٢٣ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ بَيْتَ حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ لَيْسَتْ ثَمَّ، فَجَاءَتْهُ فَتَاتُهُ، وَأَلْقَى عَلَيْهَا سِتْرًا، فَجَاءَتْ حَفْصَةُ فَقَعَدَتْ عَلَى الْبَابِ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَاجَتَهُ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ سُؤْتَنِي، جَامَعْتَهَا فِي بَيْتِي، أَوْ كَمَا قَالَتْ؛ قَالَ: وَحَرَّمَهَا النَّبِيُّ ﷺ، أَوْ كَمَا قَالَ
٢٣ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] الْآيَةُ، قَالَ: كَانَ حَرَّمَ فَتَاتَهُ الْقِبْطِيَّةَ أُمَّ وَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ يُقَالَ لَهَا مَارِيَةُ فِي يَوْمِ حَفْصَةَ، وَأَسَرَّ ذَلِكَ إِلَيْهَا، فَأَطْلَعَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةَ، وَكَانَتَا تُظَاهِرَانِ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ، فَأُمِرَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢] قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: حَرَّمَهَا عَلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ
٢٣ ‏/ ٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّمَهَا، يَعْنِي جَارِيَتَهُ، فَكَانَتْ يَمِينًا
٢٣ ‏/ ٨٨
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَنِ الْمَرْأَتَانِ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ. وَكَانَ بَدْءُ الْحَدِيثِ فِي شَأْنِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ الْقِبْطِيَّةِ، أَصَابَهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فِي يَوْمِهَا، فَوَجَدَتْهُ حَفْصَةُ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ شَيْئًا مَا جِئْتَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ بِمِثْلِهِ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي، وَعَلَى فِرَاشِي. قَالَ: «أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلَا أَقْرَبَهَا؟» قَالَتْ: بَلَى، فَحَرَّمَهَا، وَقَالَ: لَا تَذْكُرِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ». فَذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ، فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ الْآيَاتُ كُلُّهَا، فَبَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَفَّرَ يَمِينَهُ، وَأَصَابَ جَارِيَتَهُ ⦗٨٩⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ ذَلِكَ شَرَابًا يَشْرَبُهُ، كَانَ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ
٢٣ ‏/ ٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي شَرَابٍ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ . حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو قَطَنٍ الْبَغْدَادِيُّ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ مِثْلَهُ
٢٣ ‏/ ٨٩
قَالَ: ثنا أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي شَرَابٍ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: كَانَ الَّذِي حَرَّمَهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَحَلَّهُ لَهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ جَارِيَتَهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ شَرَابًا مِنَ الْأَشْرِبَةِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ تَحْرِيمُ شَيْءٍ كَانَ لَهُ حَلَالًا، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَا كَانَ لَهُ قَدْ أَحَلَّهُ، وَبَيَّنَ لَهُ تَحِلَّةَ يَمِينِهِ فِي يَمِينٍ كَانَ حَلَفَ بِهَا مَعَ تَحْرِيمِهِ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ. فَإِنْ قَائِلَ قَائِلٌ: وَمَا بُرْهَانُكَ عَلَى أَنَّهُ ﷺ كَانَ حَلَفَ مَعَ تَحْرِيمِهِ مَا حَرَّمَ، فَقَدْ عَلِمْتَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ غَيْرُ التَّحْرِيمِ، وَأَنَّ التَّحْرِيمَ هُوَ الْيَمِينُ؟ قِيلَ: الْبُرْهَانُ عَلَى ذَلِكَ وَاضِحٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِي لُغَةِ عَرَبِيَّةٍ وَلَا عَجَمِيَّةٍ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لِجَارِيَتِهِ، أَوْ لِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، هَذَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَمِينٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَعْقُولٍ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْيَمِينَ غَيْرُ قَوْلِ الْقَائِلِ لِلشَّيْءِ الْحَلَالِ لَهُ: هُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ مَا قُلْنَا، وَفَسَدَ مَا خَالَفَهُ،
٢٣ ‏/ ٨٩
وَبَعْدُ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ ﷺ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْحَلَالِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، أَحَلَّهُ لَهُ بِيَمِينٍ، فَيَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ﴾ [التحريم: ١] مَعْنَاهُ: لِمَ تَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ أَنْ لَا تَقْرَبَهُ، فَتُحَرِّمَهُ عَلَى نَفْسِكَ بِالْيَمِينِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّمَ ذَلِكَ، وَحَلَفَ مَعَ تَحْرِيمِهِ
٢٣ ‏/ ٩٠
كَمَا: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، قَالَ: ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: آلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَحَرَّمَ، فَأُمِرَ فِي الْإِيلَاءِ بِكَفَّارَةٍ، وَقِيلَ لَهُ فِي التَّحْرِيمِ ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١]
٢٣ ‏/ ٩٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ٢١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ غَفُورٌ يَا مُحَمَّدُ لِذُنُوبِ التَّائِبِينَ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَقَدْ غَفَرَ لَكَ تَحْرِيمَكَ عَلَى نَفْسِكَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَكَ، رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى مَا قَدْ تَابُوا مِنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ.
٢٣ ‏/ ٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عز وجل لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ، وَحَدَّهَا لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ يَتَوَلَّاكُمْ بِنَصْرِهِ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَصَالِحِكُمُ الْحَكِيمُ فِي تَدْبِيرِهِ إِيَّاكُمْ، وَصَرْفِكُمْ فِيمَا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ.
٢٣ ‏/ ٩٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ ⦗٩١⦘ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [التحريم: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ ﷺ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ، وَهُوَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ: حَفْصَةُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ قَبْلُ
٢٣ ‏/ ٩٠
وَقَوْلُهُ: ﴿حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَسَرَّ إِلَيْهَا فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ هُوَ قَوْلُهُ لِمَنْ أَسَرَّ إِلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِهِ تَحْرِيمُ فَتَاتِهِ، أَوْ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَحَلَّهُ لَهُ، وَحَلِفُهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: «لَا تَذْكُرِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ» .
٢٣ ‏/ ٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾ [التحريم: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي أَسَرَّ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَاحِبَتَهَا وَأَظْهَرَهُ عَلَيْهِ يَقُولُ: وَأَظْهَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ عَلَى أَنَّهَا قَدْ أَنْبَأَتْ بِذَلِكَ صَاحِبَتَهَا.
٢٣ ‏/ ٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضْ عَنْ بَعْضٍ﴾ [التحريم: ٣] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ غَيْرَ الْكِسَائِيِّ: ﴿عَرَّفَ﴾ [التحريم: ٣] بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: عَرَّفَ النَّبِيُّ ﷺ حَفْصَةَ بَعْضَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَهَا بِهِ، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَذْكُرُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَقَتَادَةَ، أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ: (عَرَفَ) بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: عَرَفَ لِحَفْصَةَ بَعْضَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَتْهُ مِنْ إِفْشَائِهَا سَرَّهُ، وَقَدِ اسْتَكْتَمَهَا إِيَّاهُ، أَيْ: غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَجَازَاهَا عَلَيْهِ؛ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ: لَأَعْرِفَنَّ لَكَ يَا فُلَانُ مَا فَعَلْتَ، بِمَعْنَى:
٢٣ ‏/ ٩١
لَأُجَازِيَنَّكَ عَلَيْهِ؛ قَالُوا: وَجَازَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهَا بِأَنْ طَلَّقَهَا. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ ﴿عَرَّفَ﴾ [التحريم: ٣] بَعْضَهُ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: عَرَّفَ النَّبِيُّ ﷺ حَفْصَةَ، يَعْنِي مَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهَا صَاحِبَتَهَا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ.
٢٣ ‏/ ٩٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ [التحريم: ٣] يَقُولُ: وَتَرَكَ أَنْ يُخْبِرَهَا بِبَعْضٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ [التحريم: ٣] قَوْلُهُ لَهَا: لَا تَذْكُرِيهِ ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضْ عَنْ بَعْضٍ﴾ [التحريم: ٣] وَكَانَ كَرِيمًا ﷺ
٢٣ ‏/ ٩٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ﴾ [التحريم: ٣] يَقُولُ: فَلَمَّا خَبَّرَ حَفْصَةَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ بِمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ إِفْشَائِهَا سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى عَائِشَةِ ﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا﴾ [التحريم: ٣] يَقُولُ: قَالَتْ حَفْصَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا الْخَبَرَ وَأَخْبَرَكَ بِهِ ﴿قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [التحريم: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اللَّهِ لِحَفْصَةَ: خَبَّرَنِي بِهِ الْعَلِيمُ بِسَرَائِرِ عِبَادِهِ، وَضَمَائِرِ قُلُوبِهِمْ، الْخَبِيرُ بِأُمُورِهِمُ، الَّذِي لَا يَخْفَى عَنْهُ شَيْءٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا ⦗٩٣⦘ نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا﴾ [التحريم: ٣] وَلَمْ تَشُكَّ أَنَّ صَاحِبَتَهَا أَخْبَرَتْ عَنْهَا ﴿قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [التحريم: ٣]
٢٣ ‏/ ٩٢
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ أَيَّتُهَا الْمَرْأَتَانِ فَقَدْ مَالَتْ قُلُوبُكُمَا إِلَى مَحَبَّةِ مَا كَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنِ اجْتِنَابِهِ جَارِيَتَهُ، وَتَحْرِيمِهَا عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ تَحْرِيمِ مَا كَانَ لَهُ حَلَالًا مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبِ حَفْصَةَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٩٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] يَقُولُ: زَاغَتْ قُلُوبُكُمَا، يَقُولُ: قَدْ أَثِمَتْ قُلُوبُكُمَا
٢٣ ‏/ ٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] شَيْءٌ هَيِّنٌ، حَتَّى سَمِعْتُ قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُمَا»
٢٣ ‏/ ٩٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] أَيْ مَالَتْ قُلُوبُكُمَا
٢٣ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] مَالَتْ قُلُوبُكُمَا
٢٣ ‏/ ٩٤
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] يَقُولُ: زَاغَتْ
٢٣ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: زَاغَتْ قُلُوبُكُمَا
٢٣ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: سَرَّهُمَا أَنْ يَجْتَنِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَارِيَتَهُ، وَذَلِكَ لَهُمَا مُوَافِقٌ، ﴿صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] إِلَى أَنْ سَرَّهُمَا مَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
٢٣ ‏/ ٩٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ [سورة: التحريم، آية رقم: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلَّتِي أَسَرَّ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيثَهُ، وَالَّتِي أَفْشَتْ إِلَيْهَا حَدِيثَهُ، وَهُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ رضي الله عنهما. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ٩٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ ⦗٩٥⦘ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ عز وجل ثَنَاؤُهُ: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: فَحَجَّ عُمَرُ، وَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ، وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ، ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدِهِ وَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤]؟ قَالَ عُمَرُ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَرِهَ وَاللَّهِ مَا سَأَلَهُ وَلَمْ يَكْتُمْ، قَالَ: هِيَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ؛ قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
٢٣ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَشْهَبَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ
٢٣ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: مَكَثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ، فَمَا أَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا أَسْأَلُهُ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا، وَصَحِبْتُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، وَقَالَ: أَدْرِكْنِي بِإِدَاوَةٍ مِنْ ⦗٩٦⦘ مَاءٍ؛ فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ وَرَجَعَ، أَتَيْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ أَصُبُّهَا عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُ مَوْضِعًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ الْمُتَظَاهِرَتَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَمَا قَضَيْتُ كَلَامِي حَتَّى قَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ رضي الله عنهما
٢٣ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: ثني عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ نِسَاءَهُ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا أَرَى فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَقَّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ، فَلَئِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ، وَجِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ مَعَكَ، وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ وَأَحْمَدُ اللَّهَ بِكَلَامٍ، إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُصَدِّقَ قُولِي، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، آيَةُ التَّخْيِيرِ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [التحريم: ٥] ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] الْآيَةُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَتَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ
٢٣ ‏/ ٩٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ [سورة: التحريم، آية رقم: ٤] يَقُولُ: عَلَى مَعْصِيَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَذَاهُ
٢٣ ‏/ ٩٦
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَمْرٍ وَإِنِّي لَأَهَابُكَ، قَالَ: لَا تَهَبْنِي، فَقَالَ: مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ
٢٣ ‏/ ٩٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] يَقُولُ: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ وَلِيُّهُ وَنَاصِرُهُ ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] وَخِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا مَوْلَاهُ وَنَاصِرُهُ. وَقِيلَ: عُنِيَ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رضي الله عنهما.
٢٣ ‏/ ٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
٢٣ ‏/ ٩٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ
٢٣ ‏/ ٩٧
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، مِنْ قَرْيَةٍ بِمَرْوَ يُقَالَ لَهَا سِينَانُ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
٢٣ ‏/ ٩٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ⦗٩٨⦘ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] يَقُولُ: خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ: الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
٢٣ ‏/ ٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ
٢٣ ‏/ ٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ
٢٣ ‏/ ٩٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] قَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمِيعِ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢] فَالْإِنْسَانُ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمِيعِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لَا تَقْرَيَنَّ إِلَّا قَارِئَ الْقُرْآنِ، يُقَالُ: قَارِئُ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ وَاحِدًا، فَمَعْنَاهُ الْجَمْعُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لِكُلِّ قَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يَقْرِيَهُ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً
٢٣ ‏/ ٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظُهَيْرٌ﴾ [التحريم: ٤] يَقُولُ: وَالْمَلَائِكَةُ مَعَ جِبْرِيلَ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَعْوَانٌ عَلَى مَنْ أَذَاهُ، وَأَرَادَ مَسَاءَتَهُ. ⦗٩٩⦘ وَالظَّهِيرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِلَفْظِ وَاحِدٍ فِي مَعْنَى جَمْعٍ. وَلَوْ أُخْرِجَ بِلَفْظِ الْجَمِيعِ لَقِيلَ: وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظُهَرَاءُ.
٢٣ ‏/ ٩٨
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: ٤] قَالَ: وَبَدَأَ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ هَاهُنَا قَبْلَ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: ٤]
٢٣ ‏/ ٩٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم: ٥] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: عَسَى رَبُّ مُحَمَّدٍ إِنْ طَلَّقَكُنَّ يَا مَعْشَرَ أَزْوَاجِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَنْ يُبْدِلَهُ مِنْكُنَّ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَحْذِيرًا مِنَ اللَّهِ نِسَاءَهُ لَمَّا اجْتَمَعْنَ عَلَيْهِ فِي الْغَيْرَةِ.
٢٣ ‏/ ٩٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: اجْتَمَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نِسَاؤُهُ فِي الْغَيْرَةِ فَقُلْتُ لَهُنَّ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَهُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، قَالَ: فَنَزَلَ كَذَلِكَ
٢٣ ‏/ ٩٩
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: ⦗١٠٠⦘ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِنَا، أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شِدَّةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَذَاهُنَّ إِيَّاهُ، فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ امْرَأَةً امْرَأَةً، أَعِظُهَا وَأَنْهَاهَا عَنْ أَذَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَقُولُ: إِنْ أَبَيْتُنَّ أَبْدَلَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى زَيْنَبَ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَأَمْسَكْتُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [التحريم: ٥]
٢٣ ‏/ ٩٩
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بَلَغَنِي عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ، فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ أَقُولُ: لَتَكْفُفْنَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللَّهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَكَفَفْتُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] الْآيَةُ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿أَنْ يُبْدِلَهُ﴾ [التحريم: ٥] فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ مَكَّةً وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا مِنَ التَّبْدِيلِ، وَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿يُبْدِلَهُ﴾ [التحريم: ٥] بِتَخْفِيفِ الدَّالِّ مِنَ الْإِبْدَالِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
٢٣ ‏/ ١٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿مُسْلِمَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] يَقُولُ: خَاضِعَاتٍ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ ﴿مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الفتح: ٢٥] يَعْنِي ⦗١٠١⦘ مُصَدِّقَاتٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
٢٣ ‏/ ١٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿قَانِتَاتٍ﴾ [النساء: ٣٤] يَقُولُ: مُطِيعَاتٍ لِلَّهِ.
٢٣ ‏/ ١٠١
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿قَانِتَاتٍ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ: مُطِيعَاتٍ
٢٣ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَانِتَاتٍ﴾ [النساء: ٣٤] قَالَ مُطِيعَاتٍ
٢٣ ‏/ ١٠١
وَقَوْلُهُ: ﴿تَائِبَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] يَقُولُ: رَاجِعَاتٍ إِلَى مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ مِنْهُنَّ مِنْ طَاعَتِهِ عَمَّا يَكْرَهُهُ مِنْهُنَّ ﴿عَابِدَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] يَقُولُ: مُتَذَلِّلَاتٍ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ.
٢٣ ‏/ ١٠١
وَقَوْلُهُ: ﴿سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] يَقُولُ: صَائِمَاتٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: صَائِمَاتٍ.
٢٣ ‏/ ١٠١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] قَالَ: صَائِمَاتٍ
٢٣ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] قَالَ: صَائِمَاتٍ
٢٣ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ⦗١٠٢⦘ السَّائِحَاتُ: الصَّائِمَاتُ
٢٣ ‏/ ١٠١
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] يَعْنِي: صَائِمَاتٍ وَقَالَ آخَرُونَ: السَّائِحَاتُ: الْمُهَاجِرَاتُ
٢٣ ‏/ ١٠٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: السَّائِحَاتُ: الْمُهَاجِرَاتُ
٢٣ ‏/ ١٠٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] قَالَ: مُهَاجِرَاتٍ، لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ سِيَاحَةٌ إِلَّا الْهِجْرَةُ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ ﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى السَّائِحِينَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِشَوَاهِدِهِ مَعَ ذِكْرِنَا أَقْوَالَ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: نَرَى أَنَّ الصَّائِمَ إِنَّمَا سُمِّيَ سَائِحًا، لِأَنَّ السَّائِحَ لَا زَادَ مَعَهُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ حَيْثُ يَجِدُ الطَّعَامَ، فَكَأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ
٢٣ ‏/ ١٠٢
وَقَوْلُهُ: ﴿ثَيِّبَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] وَهُنَّ اللَّوَاتِي قَدِ افْتُرِعْنَ وَذَهَبَتْ عُذْرَتُهُنَّ. ﴿وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم: ٥] وَهُنَّ اللَّوَاتِي لَمْ يُجَامَعْنَ، وَلَمْ يُفْتَرَعْنَ.
٢٣ ‏/ ١٠٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ: عَلِّمُوا بَعْضَكُمْ بَعْضًا مَا تَقُونَ بِهِ مَنْ تُعَلِّمُونَهُ النَّارَ، وَتَدْفَعُونَهَا عَنْهُ إِذَا عَمِلَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ.
٢٣ ‏/ ١٠٣
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ: وَعَلِّمُوا أَهْلِيكُمْ مِنَ الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ مَا يَقُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ مِنَ النَّارِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهَلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ١٠٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] قَالَ: عَلِّمُوهُمْ، وَأَدِّبُوهُمْ
٢٣ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ ⦗١٠٤⦘ عَلِيٍّ ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ: أَدِّبُوهُمْ، عَلِّمُوهُمْ. حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ بِمِثْلِهِ
٢٣ ‏/ ١٠٣
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ: اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَاتَّقُوا مَعَاصِي اللَّهِ، وَمُرُوا أَهْلِيكُمْ بِالذِّكْرِ يُنْجِيكُمُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ
٢٣ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦] قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَأَوْصُوا أَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ
٢٣ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] قَالَ: قَالَ: يَقِيهِمْ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ اللَّهِ يَأْمُرَهُمْ بِهِ وَيُسَاعِدَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً رَدَعْتَهُمْ عَنْهَا، وَزَجَرْتَهُمْ عَنْهَا
٢٣ ‏/ ١٠٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُوا ⦗١٠٥⦘ أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦] قَالَ: مُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَانْهُوهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ
٢٣ ‏/ ١٠٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ﴾ [البقرة: ٢٤] يَقُولُ: حَطَبُهَا الَّذِي يُوقَدُ عَلَى هَذِهِ النَّارِ بَنُو آدَمَ وَحِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ.
٢٣ ‏/ ١٠٥
وَقَوْلُهُ: ﴿عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ: عَلَى هَذِهِ النَّارِ مَلَائِكَةٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ، غِلَاظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، شِدَادٌ عَلَيْهِمْ. ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ [التحريم: ٦] يَقُولُ: لَا يُخَالِفُونَ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بِهِ ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٥٠] يَقُولُ: وَيَنْتَهُونَ إِلَى مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ.
٢٣ ‏/ ١٠٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التحريم: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّتَهُ فِي الدُّنْيَا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [التحريم: ٧] اللَّهَ ﴿لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التحريم: ٧] يَقُولُ: يُقَالَ لَهُمْ: إِنَّمَا تُثَابُونَ الْيَوْمَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَتُعْطَوْنَ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمُ الَّتِي كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ، فَلَا تَطْلُبُوا الْمَعَاذِيرَ مِنْهَا.
٢٣ ‏/ ١٠٥
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم: ٨]⦗١٠٦⦘ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ﴾ [التحريم: ٨] يَقُولُ: ارْجِعُوا مِنْ ذُنُوبِكُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَإِلَى مَا يُرْضِيهِ عَنْكُمْ ﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] يَقُولُ: رُجُوعًا لَا تَعُودُونَ فِيهَا أَبَدًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ١٠٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ، قَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ: أَنْ يَتُوبَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَمَلِ السَّيِّئِ، ثُمَّ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا
٢٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ: أَنْ تَتُوبَ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا تَعُودَ فِيهِ، أَوْ لَا تُرِيدَ أَنْ تَعُودَ
٢٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَخْطُبُ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: يُذْنِبُ الذَّنْبَ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فِيهِ
٢٣ ‏/ ١٠٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: هُوَ الْعَبْدُ يَتُوبُ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ أَبَدًا
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ، أَنْ يَتُوبَ مِنَ الذَّنْبِ فَلَا يَعُودَ
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْ عُمَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فَقَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ: الَّذِي يُذْنِبُ ثُمَّ لَا يُرِيدُ أَنْ يَعُودَ
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: يَتُوبُ ثُمَّ لَا يَعُودُ
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ: الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] أَنْ لَا يَعُودَ صَاحِبُهَا لِذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي يَتُوبُ مِنْهُ، وَيُقَالَ: تَوْبَتُهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى ذَنْبٍ تَرَكَهُ
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي ⦗١٠٨⦘ الْحَارِثُ، قَالَ: ثني الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: يَسْتَغْفِرُونَ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ
٢٣ ‏/ ١٠٧
حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: النَّصُوحُ. أَنْ تُحَوِّلَ عَنِ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا تَعُودَ لَهُ أَبَدًا
٢٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: هِيَ الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ
٢٣ ‏/ ١٠٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الصَّادِقَةُ، يَعْلَمُ أَنَّهَا صِدْقُ نَدَامَةٍ عَلَى خَطِيَّتِهِ، وَحُبُّ الرُّجُوعِ إِلَى طَاعَتِهِ، فَهَذَا النَّصُوحُ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ الْأَمْصَارِ خَلَا عَاصِمٍ: ﴿نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨] بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ نَعْتِ التَّوْبَةِ وَصِفَتِهَا، وَذُكِرَ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ قَرَأَهُ: (نُصُوحًا) بِضَمِّ النُّونِ، بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَصَحَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ نُصُوحًا. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى الصَّفَةِ لِلتَّوْبَةِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى ذَلِكَ
٢٣ ‏/ ١٠٨
وَقَوْلُهُ: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتُكُمْ﴾ [التحريم: ٨] يَقُولُ: عَسَى رَبُّكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يَمْحُوَ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِكُمُ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْكُمْ ﴿وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الصف: ١٢] يَقُولُ: وَأَنْ يُدْخِلَكُمْ بَسَاتِينَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ﴾ [التحريم: ٨] مُحَمَّدًا ﷺ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ [التحريم: ٨] يَقُولُ: يَسْعَى نُورُهُمْ أَمَامَهُمْ ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [الحديد: ١٢] يَقُولُ: وَبِأَيْمَانِهِمْ كِتَابُهُمْ.
٢٣ ‏/ ١٠٩
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ [التحريم: ٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [الحديد: ١٢] يَأْخُذُونَ كِتَابَهُمْ فِيهِ الْبُشْرَى
٢٣ ‏/ ١٠٩
﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا﴾ [التحريم: ٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨] يَسْأَلُونَ رَبَّهُمْ أَنْ يُبْقِيَ لَهُمْ نُورَهُمْ، فَلَا يُطْفِئَهُ حَتَّى يَجُوزُوا الصِّرَاطَ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذَيْنَ آمَنُوا ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكمْ﴾ [الحديد: ١٣] . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ١٠٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨] قَالَ: قَوْلُ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ يُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ
٢٣ ‏/ ١٠٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا يُعْطَى نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُعْطَى الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِ، فَيَخْشَى الْمُؤْمِنُ أَنْ يُطْفَأَ نُورُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨]
٢٣ ‏/ ١١٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ، قَالَ: كَانَ يُذَكِّرُنَا وَيَبْكِي، وَيُصَدِّقُ قَوْلُهُ فِعْلَهُ، يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَكْتُوبُونَ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل بِأَسْمَائِكُمْ وَسِيمَاكُمْ، وَمَجَالِسِكُمْ وَنَجْوَاكُمْ وَخَلَائِكُمْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ: يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانٍ هَاكَ نُورَكَ، وَيَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانٍ، لَا نُورَ لَكَ
٢٣ ‏/ ١١٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاغْفِرْ لَنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] يَقُولُ: وَاسْتُرْ عَلَيْنَا ذُنُوبَنَا، وَلَا تَفْضَحْنَا بِهَا بِعُقُوبَتِكَ إِيَّانَا عَلَيْهَا ﴿إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦] يَقُولُ: إِنَّكَ عَلَى إِتْمَامِ نُورِنَا لَنَا، وَغُفْرَانِ ذُنُوبِنَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ ذُو قُدْرَةٍ.
٢٣ ‏/ ١١٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ [التوبة: ٧٣] بِالسَّيْفِ ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التوبة: ٧٣] بِالْوَعِيدِ وَاللِّسَانِ.
٢٣ ‏/ ١١٠
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التحريم: ٩] قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يُجَاهِدَ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَيَغْلُظَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِالْحُدُودِ
٢٣ ‏/ ١١٠
﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ: وَاشْدُدْ عَلَيْهِمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ: وَمُكْثُهُمْ جَهَنَّمُ، وَمَصِيرُهُمُ الَّذِي يَصِيرُونَ إِلَيْهِ نَارُ جَهَنَّمَ ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: ١٢٦] قَالَ: وَبِئْسَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَصِيرُونَ إِلَيْهِ جَهَنَّمُ.
٢٣ ‏/ ١١١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَثَّلَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّاسِ وَسَائِرِ الْخَلْقِ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ، كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا، وَهُمَا نُوحٌ وَلُوطٌ فَخَانَتَاهُمَا. ذُكِرَ أَنَّ خِيَانَةَ امْرَأَةِ نُوحٍ زَوْجَهَا أَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً، وَكَانَتْ تَقُولُ لِلنَّاسِ: إِنَّهُ مَجْنُونٌ. وَأَنَّ خِيَانَةَ امْرَأَةِ لُوطٍ، أَنَّ لُوطًا كَانَ يُسِرُّ الضَّيْفَ، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ.
٢٣ ‏/ ١١١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ تَقُولُ لِلنَّاسِ: إِنَّهُ مَجْنُونٌ. وَكَانَتِ امْرَأَةُ لُوطٍ تَدُلُّ عَلَى الضَّيْفِ
٢٣ ‏/ ١١١
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا ⦗١١٢⦘ سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَمَّا امْرَأَةُ نُوحٍ، فَكَانَتْ تُخْبِرُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ؛ وَأَمَّا خِيَانَةُ امْرَأَةِ لُوطٍ، فَكَانَتْ تَدُلُّ عَلَى لُوطٍ
٢٣ ‏/ ١١١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ، ﴿كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: فِي الدِّينِ خَانَتَاهُمَا
٢٣ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: كَانَتْ خِيَانَتُهُمَا أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى غَيْرِ دِينِهِمَا، فَكَانَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ تُطْلِعُ عَلَى سِرِّ نُوحٍ، فَإِذَا آمَنَ مَعَ نُوحٍ أَحَدٌ أَخْبَرَتِ الْجَبَابِرَةَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ بِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا؛ وَأَمَّا امْرَأَةُ ⦗١١٣⦘ لُوطٍ فَكَانَتْ إِذَا ضَافَ لُوطًا أَحَدٌ خَبَّرَتْ بِهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ يَعْمَلُ السُّوءَ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
٢٣ ‏/ ١١٢
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: فِي الدِّينِ
٢٣ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: وَكَانَتْ خِيَانَتُهُمَا أَنَّهُمَا كَانَتَا مُشْرِكَتَيْنِ
٢٣ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ: كَانَتَا مُخَالِفَتَيْنِ دِينَ النَّبِيِّ ﷺ كَافِرَتَيْنِ بِاللَّهِ
٢٣ ‏/ ١١٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: مَا كَانَتْ خِيَانَةُ امْرَأَةِ لُوطٍ وَامْرَأَةِ نُوحٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا امْرَأَةُ لُوطٍ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَدُلُّ عَلَى الْأَضْيَافِ؛ وَأَمَّا امْرَأَةُ نُوحٍ فَلَا عِلْمَ لِي بِهَا
٢٣ ‏/ ١١٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [التحريم: ١٠] يَقُولُ: فَلَمْ يُغْنِ نُوحٌ وَلُوطٌ عَنِ امْرَأَتَيْهِمَا مِنَ اللَّهِ لَمَّا عَاقَبَهُمَا عَلَى خِيَانَتِهِمَا أَزْوَاجَهُمَا شَيْئًا، وَلَمْ يَنْفَعْهُمَا أَنْ كَانَتْ أَزْوَاجُهُمَا أَنْبِيَاءَ. ⦗١١٤⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ١١٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ﴾ [التحريم: ١٠] الْآيَةُ، هَاتَانِ زَوْجَتَا نَبِيِّي اللَّهِ لَمَّا عَصَتَا رَبَّهُمَا، لَمْ يُغْنِ أَزْوَاجُهُمَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
٢٣ ‏/ ١١٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ﴾ [التحريم: ١٠] الْآيَةُ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: لَمْ يُغْنِ صَلَاحُ هَذَيْنِ عَنْ هَاتَيْنِ شَيْئًا، وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لَمْ يَضُرَّهَا كُفْرُ فِرْعَوْنَ
٢٣ ‏/ ١١٤
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم: ١٠] قَالَ اللَّهُ لَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ادْخُلَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَتَانِ نَارَ جَهَنَّمَ مَعَ الدَّاخِلِينَ فِيهَا.
٢٣ ‏/ ١١٤
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التحريم: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَوَحَّدُوهُ، امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ الَّتِي آمَنَتْ بِاللَّهِ وَوَحَّدَتْهُ، وَصَدَّقَتْ رَسُولَهُ مُوسَى، وَهِيَ تَحْتَ عَدُوٍّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ كَافِرٍ، فَلَمْ يَضُرَّهَا كُفْرُ زَوْجِهَا، إِذْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً بِاللَّهِ، وَكَانَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ أَنْ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، إِذْ قَالَتْ: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهَا فَبَنَى لَهَا بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.
٢٣ ‏/ ١١٤
كَمَا: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تُعَذَّبُ بِالشَّمْسِ، فَإِذَا انْصَرَفَ عَنْهَا أَظَلَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَكَانَتْ تَرَى بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ: كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
٢٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْأَلُ: مَنْ غَلَبَ؟ فَيُقَالَ: غَلَبَ مُوسَى وَهَارُونُ. فَتَقُولُ: آمَنْتُ بِرَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فِرْعَوْنُ، فَقَالَ: انْظُرُوا أَعْظَمَ صَخْرَةٍ تَجِدُونَهَا، فَإِنْ مَضَتْ عَلَى قَوْلِهَا فَأَلْقُوهَا عَلَيْهَا، وَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ؛ فَلَمَّا أَتَوْهَا رَفَعَتْ بَصَرَهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَأَبْصَرَتْ بَيْتَهَا فِي السَّمَاءِ، فَمَضَتْ عَلَى قَوْلِهَا، فَانْتَزَعَ اللَّهُ رُوحَهَا، وَأُلْقِيَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى جَسَدٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ
٢٣ ‏/ ١١٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ ⦗١١٦⦘ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾ [التحريم: ١١] وَكَانَ أَعْتَى أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى اللَّهِ، وَأَبْعَدَهُ مِنَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ مَا ضَرَّ امْرَأَتَهُ كُفْرُ زَوْجِهَا حِينَ أَطَاعَتْ رَبَّهَا، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ، لَا يُؤَاخِذُ عَبْدَهُ إِلَّا بِذَنِبِهِ
٢٣ ‏/ ١١٥
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ﴾ [التحريم: ١١] وَتَقُولُ: وَأَنْقِذْنِي مِنْ عَذَابِ فِرْعَوْنَ، وَمِنْ أَنْ أَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَذَلِكَ كُفْرَهُ بِاللَّهِ.
٢٣ ‏/ ١١٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التحريم: ١١] تَقُولُ: وَأَخْلِصْنِي وَأَنْقِذْنِي مِنْ عَمَلِ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ بِكَ، وَمِنْ عَذَابِهِمْ.
٢٣ ‏/ ١١٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا، يَقُولُ: الَّتِي مَنَعَتْ جَيْبَ دِرْعِهَا جِبْرِيلَ عليه السلام، وَكُلُّ مَا كَانَ فِي الدِّرْعِ مِنْ خَرْقٍ أَوْ فَتْقٍ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى فَرْجًا، وَكَذَلِكَ كُلُّ صَدْعٍ وَشِقٍّ فِي حَائِطٍ، أَوْ فَرْجِ سَقْفٍ فَهُوَ فَرْجٌ.
٢٣ ‏/ ١١٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾ [التحريم: ١٢] يَقُولُ: فَنَفَخْنَا فِيهِ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا، وَذَلِكَ فَرْجُهَا، ﴿مِنْ رُوحِنَا﴾ [الأنبياء: ٩١] مِنْ جِبْرَئِيلَ، وَهُوَ الرُّوحُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٣ ‏/ ١١٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾ [التحريم: ١٢] فَنَفَخْنَا فِي جَيْبِهَا مِنْ رُوحِنَا
٢٣ ‏/ ١١٧
﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾ [التحريم: ١٢] يَقُولُ: آمَنَتْ بِعِيسَى، وَهُوَ كَلِمَةُ اللَّهِ ﴿وَكُتُبِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥] يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: ١٢] يَقُولُ: وَكَانَتْ مِنَ الْقَوْمِ الْمُطِيعِينَ.
٢٣ ‏/ ١١٧
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: ١٢] مِنَ الْمُطِيعِينَ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …