سُورَةُ الْغَاشِيَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ وَعِشْرُونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ ‏/ ٣٢٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ﴾ [الغاشية: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿هَلْ أَتَاكَ﴾ [الذاريات: ٢٤] يَا مُحَمَّدُ ﴿حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] يَعْنِي: قِصَّتَهَا وَخَبَرَهَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْغَاشِيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْقِيَامَةُ تَغْشَى النَّاسَ بِالْأَهْوَالِ
٢٤ ‏/ ٣٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، عَظَّمَهُ اللَّهُ، وَحَذَّرَهُ عِبَادَهُ»
٢٤ ‏/ ٣٢٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] قَالَ: الْغَاشِيَةُ: السَّاعَةُ»
٢٤ ‏/ ٣٢٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗٣٢٧⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] قَالَ: السَّاعَةُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْغَاشِيَةُ: النَّارُ تَغْشَى وُجُوهَ الْكَفَرَةِ
٢٤ ‏/ ٣٢٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] قَالَ: غَاشِيَةُ النَّارِ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] وَلَمْ يُخْبِرْنَا أَنَّهُ عَنَى غَاشِيَةَ الْقِيَامَةِ، وَلَا أَنَّهُ عَنَى غَاشِيَةَ النَّارِ، وَكِلْتَاهُمَا غَاشِيَةٌ، هَذِهِ تَغْشَى النَّاسَ بِالْبَلَاءِ وَالْأَهْوَالِ وَالْكُرُوبِ، وَهَذِهِ تَغْشَى الْكُفَّارَ بِاللَّفْحِ فِي الْوُجُوهِ، وَالشُّوَاظِ وَالنُّحَاسِ، فَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَصَحُّ مِنْ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَيَعُمُّ الْخَبَرُ بِذَلِكَ كَمَا عَمَّهُ
٢٤ ‏/ ٣٢٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ وُجُوهُ أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ. ﴿خَاشِعَةٌ﴾ [فصلت: ٣٩]: يَقُولُ: ذَلِيلَةٌ
٢٤ ‏/ ٣٢٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢] أَيْ ذَلِيلَةٌ»
٢٤ ‏/ ٣٢٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿خَاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢] قَالَ: خَاشِعَةٌ فِي النَّارِ»
٢٤ ‏/ ٣٢٨
وَقَوْلُهُ: ﴿عَامِلَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] يَعْنِي: عَامِلَةٌ فِي النَّارِ وَقَوْلُهُ: ﴿نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] يَقُولُ: نَاصِبَةٌ فِيهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٢٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] فَإِنَّهَا تَعْمَلُ وَتَنْصِبُ مِنَ النَّارِ»
٢٤ ‏/ ٣٢٨
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، قَرَأَ: ﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] قَالَ: لَمْ تَعْمَلْ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، فَأَعْمَلَهَا فِي النَّارِ “
٢٤ ‏/ ٣٢٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] تَكَبَّرَتْ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ»
٢٤ ‏/ ٣٢٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] قَالَ: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ فِي النَّارِ»
٢٤ ‏/ ٣٢٨
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: “﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] قَالَ: لَا أَحَدَ أَنْصَبَ وَلَا أَشَدَّ مِنْ أَهْلِ النَّارِ
٢٤ ‏/ ٣٢٩
وَقَوْلُهُ: ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَرِدُ هَذِهِ الْوُجُوهٌ نَارًا حَامِيَةً قَدْ حَمِيَتْ وَاشْتَدَّ حَرُّهَا. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ ﴿تَصْلَى﴾ [الغاشية: ٤] بِفَتْحِ التَّاءِ، بِمَعْنَى: تَصْلَى الْوُجُوهُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو: (تُصْلَى) بِضَمِّ التَّاءِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ: ﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
٢٤ ‏/ ٣٢٩
وَقَوْلُهُ: ﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] يَقُولُ: تُسْقَى أَصْحَابُ هَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ شَرَابِ عَيْنٍ قَدْ أَنَى حَرُّهَا، فَبَلَغَ غَايَتَهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٢٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] قَالَ: هِيَ الَّتِي قَدْ أَطَالَ أَنْيُهَا»
٢٤ ‏/ ٣٢٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿⦗٣٣٠⦘ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] قَالَ: أَنَى طَبْخُهَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ الدُّنْيَا»
٢٤ ‏/ ٣٢٩
حَدَّثَنِي بِهِ، يَعْقُوبُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: «مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ»
٢٤ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: «﴿مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] قَالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا، وَحَانَ شُرْبُهَا»
٢٤ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] يَقُولُ: قَدْ أَنَى طَبْخُهَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ»
٢٤ ‏/ ٣٣٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] قَالَ: مِنْ عَيْنٍ أَنَى حَرُّهَا: يَقُولُ: قَدْ بَلَغَ حَرُّهَا» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] مِنْ عَيْنٍ حَاضِرَةٍ
٢٤ ‏/ ٣٣٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] قَالَ: آنِيَةٌ: حَاضِرَةٌ»
٢٤ ‏/ ٣٣٠
وَقَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] يَقُولُ: لَيْسَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ الْخَاشِعَةِ الْعَامِلَةِ النَّاصِبَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، طَعَامٌ إِلَّا مَا يُطْعَمُونَهُ مِنْ ضَرِيعٍ. وَالضَّرِيعُ عِنْدَ الْعَرَبِ: نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وَتُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعُ إِذَا يَبِسَ، وَيُسَمِّيهِ غَيْرُهُمْ: الشِّبْرِقُ، وَهُوَ سُمٌّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٣١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الضَّرِيعُ: الشِّبْرِقُ»
٢٤ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدَةَ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ مُحَمَّدٌ: ثنا، وَقَالَ عَبَّادٌ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الشِّبْرِقُ»
٢٤ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: ثني نَجْدَةُ، رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: هِيَ شَجَرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ، لَاطِئَةٌ بِالْأَرْضِ، فَإِذَا كَانَ الرَّبِيعُ سَمَّتْهَا قُرَيْشٌ الشِّبْرِقَ، فَإِذَا هَاجَ الْعُودُ سَمَّتْهَا الضَّرِيعَ»
٢٤ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ ⦗٣٣٢⦘ مُجَاهِدٍ، «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الشِّبْرِقُ». حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٤ ‏/ ٣٣١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الشِّبْرِقُ الْيَابِسُ»
٢٤ ‏/ ٣٣٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: هُوَ الشِّبْرِقُ إِذَا يَبِسَ يُسَمَّى الضَّرِيعَ»
٢٤ ‏/ ٣٣٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] يَقُولُ: مِنْ شَرِّ الطَّعَامِ، وَأَبْشَعِهِ وَأَخْبَثِهِ»
٢٤ ‏/ ٣٣٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الشِّبْرِقُ» وَقَالَ آخَرُونَ: الضَّرِيعُ: الْحِجَارَةُ
٢٤ ‏/ ٣٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الْحِجَارَةُ» ⦗٣٣٣⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: الضَّرِيعُ: شَجَرٌ مِنْ نَارٍ
٢٤ ‏/ ٣٣٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] يَقُولُ: شَجَرٌ مِنْ نَارٍ»
٢٤ ‏/ ٣٣٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] قَالَ: الضَّرِيعُ: الشَّوْكُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا. فَإِنَّ الضَّرِيعَ: الشَّوْكُ الْيَابِسُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَرَقٌ، تَدَعُوهُ الْعَرَبُ الضَّرِيعَ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ شَوْكٌ مِنْ نَارٍ»
٢٤ ‏/ ٣٣٣
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوْعٍ﴾ [الغاشية: ٧] يَقُولُ: لَا يُسْمِنُ هَذَا الضَّرِيعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكَلَتَهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ﴿وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ﴾ [الغاشية: ٧] يَقُولُ: وَلَا يُشْبِعُهُمْ مِنْ جُوعٍ يُصِيبُهُمْ
٢٤ ‏/ ٣٣٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾ [القيامة: ٢٢] يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿نَاعِمَةٌ﴾ [الغاشية: ٨] يَقُولُ: هِيَ نَاعِمَةٌ بِتَنْعِيمِ اللَّهِ أَهْلَهَا فِي جَنَّاتِهِ، وَهُمْ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ
٢٤ ‏/ ٣٣٣
وَقَوْلُهُ: ﴿لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ﴾ [الغاشية: ٩] يَقُولُ: لِعَمَلِهَا الَّذِي عَمِلَتْ فِي الدُّنْيَا مِنْ طَاعَةِ رَبِّهَا رَاضِيَةٌ. وَقِيلَ: ﴿لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ﴾ [الغاشية: ٩] وَالْمَعْنَى: لِثَوَابِ سَعْيِهَا فِي الْآخِرَةِ رَاضِيَةٌ وَقَوْلُهُ: ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢٢] وَهِيَ بُسْتَانُ. عَالِيَةٌ: يَعْنِي رَفِيعَةً.
٢٤ ‏/ ٣٣٤
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] يَقُولُ: لَا تَسْمَعُ هَذِهِ الْوُجُوهُ، الْمَعْنَى لِأَهْلِهَا، فِيهَا فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ لَاغِيَةً. يَعْنِي بِاللَّاغِيَةِ: كَلِمَةَ لَغْوٍ. وَاللَّغْوُ: الْبَاطِلُ، فَقِيلَ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ لَاغِيَةٌ، كَمَا قِيلَ لِصَاحِبِ الدِّرْعِ: دَارِعٌ، وَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ: فَارِسٌ، وَلِقَائِلِ الشِّعْرِ شَاعِرٌ؛ وَكَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
[البحر الكامل] أَغْرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّ … كَ لَابِنٌ بِالصَّيْفِ تَامِرْ
يَعْنِي: صَاحِبَ لَبَنٍ، وَصَاحِبَ تَمْرٍ. وَزَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَسْمَعُ فِيهَا حَالِفَةً عَلَى الْكَذِبِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَاغِيَةً؛ وَلِهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَذْهَبٌ وَوَجْهٌ، لَوْلَا أَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى خِلَافِهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ خِلَافُهُمْ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مُجْمِعِينَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٣٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ ⦗٣٣٥⦘ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] يَقُولُ: لَا تَسْمَعُ أَذًى وَلَا بَاطِلًا»
٢٤ ‏/ ٣٣٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] قَالَ: شَتْمًا»
٢٤ ‏/ ٣٣٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] لَا تَسْمَعُ فِيهَا بَاطِلًا، وَلَا شَاتِمًا». حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَبُو جَعْفَرٍ ﴿لَا تَسْمَعُ﴾ [الغاشية: ١١] بِفَتْحِ التَّاءِ، بِمَعْنَى: لَا تَسْمَعُ الْوُجُوهُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو: (لَا تُسْمَعُ) بِضَمِّ التَّاءِ، بِمَعْنَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَيُؤَنِّثُ تَسْمَعُ، لِتَأْنِيثِ لَاغِيَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالضَّمِّ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا بِالْيَاءِ، عَلَى وَجْهِ التَّذْكِيرِ. ⦗٣٣٦⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ قِرَاءَاتٌ مَعْرُوفَاتٌ صَحِيحَاتُ الْمَعَانِي، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
٢٤ ‏/ ٣٣٥
وَقَوْلُهُ: ﴿فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ﴾ [الغاشية: ١٢] يَقُولُ: فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ
٢٤ ‏/ ٣٣٦
وَقَوْلُهُ: ﴿فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ﴾ [الغاشية: ١٣] وَالسُّرُرُ: جَمْعُ سَرِيرٍ، مَرْفُوعَةٌ لِيَرَى الْمُؤْمِنُ إِذَا جَلَسَ عَلَيْهَا جَمِيعَ مَا خَوَّلَهُ رَبُّهُ مِنَ النَّعِيمِ وَالْمُلْكِ فِيهَا، وَيَلْحَقُ جَمِيعَ ذَلِكَ بَصَرُهُ. وَقِيلَ: عُنِيَ بِقَوْلِ مَرْفُوعَةٍ: مَوْضُونَةٍ
٢٤ ‏/ ٣٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «﴿فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ﴾ [الغاشية: ١٣] يَعْنِي: مَوْضُونَةٌ، كَقَوْلِهِ: سُرُرٌ مَصْفُوفَةٌ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ»
٢٤ ‏/ ٣٣٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ﴾ [الغاشية: ١٤] وَهِيَ جَمْعُ كُوبٍ، وَهِيَ الْأَبَارِيقُ الَّتِي لَا آذَانَ لَهَا. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، وَذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنَ الرِّوَايَةِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَعَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مَوْضُوعَةٌ﴾ [الغاشية: ١٤] أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى حَافَةِ الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ، كُلَّمَا أَرَادُوا الشُّرْبَ، وَجَدُوهَا مَلْأَى مِنَ الشَّرَابِ
٢٤ ‏/ ٣٣٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ [الغاشية: ١٥] يَعْنِي بِالنَمَارِقِ: الْوَسَائِدَ وَالْمَرَافِقَ؛ وَالنَمَارِقُ: وَاحِدُهَا ⦗٣٣٧⦘ نُمْرُقَةٌ، بِضَمِّ النُّونِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ كَلْبٍ سَمَاعًا نُمْرُقَةٌ، بِكَسْرِ النُّونِ وَالرَّاءِ. وَقِيلَ: مَصْفُوفَةٌ لِأَنَّ بَعْضَهَا بِجَنْبِ بَعْضٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٣٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ [الغاشية: ١٥] يَقُولُ: الْمَرَافِقُ»
٢٤ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ [الغاشية: ١٥] يَعْنِي بِالنَمَارِقِ: الْمَجَالِسَ»
٢٤ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: «﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ [الغاشية: ١٥] وَالنَمَارِقُ: الْوَسَائِدُ»
٢٤ ‏/ ٣٣٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِيهَا طَنَافِسُ وَبُسُطٌ كَثِيرَةٌ مَبْثُوثَةٌ مَفْرُوشَةٌ، وَالْوَاحِدَةُ: زِرْبِيَّةٌ، وَهِيَ الطِّنْفِسَةُ الَّتِي لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٣٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا تَوْبَةُ ⦗٣٣٨⦘ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي عَلَى عَبْقَرِيٍّ، وَهُوَ الزَرَابِيُّ “
٢٤ ‏/ ٣٣٧
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٦] الْمَبْسُوطَةُ»
٢٤ ‏/ ٣٣٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [الغاشية: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمُنْكِرِي قُدْرَتِهِ عَلَى مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، مِنَ الْعِقَابِ وَالنَّكَالِ الَّذِي أَعَدَّهُ لِأَهْلِ عَدَاوَتِهِ، وَالنَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِأَهْلِ وِلَايَتِهِ: أَفَلَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ، إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خَلَقَهَا، وَسَخَّرَهَا لَهُمْ وَذَلَّلَهَا، وَجَعَلَهَا تَحْمِلُ حِمْلَهَا بَارِكَةً، ثُمَّ تَنْهَضُ بِهِ، وَالَّذِي خَلَقَ ذَلِكَ غَيْرُ عَزِيزٍ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُقَ مَا وَصَفَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ، فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي قَدَرَ بِهَا عَلَى خَلْقِهَا، لَنْ يُعْجِزَهُ خَلْقُ ما شَابَهَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
٢٤ ‏/ ٣٣٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «لَمَّا نَعَتَ اللَّهُ مَا فِي ⦗٣٣٩⦘ الْجَنَّةِ، عَجِبَ مِنْ ذَلِكَ أَهْلُ الضَّلَالَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [الغاشية: ١٧] فَكَانَتِ الْإِبِلُ مِنْ عَيْشِ الْعَرَبِ وَمِنْ خَوَلِهِمْ»
٢٤ ‏/ ٣٣٨
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَمَّنْ سَمِعَ شُرَيْحًا، يَقُولُ: «اخْرُجُوا بِنَا نَنْظُرْ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ»
٢٤ ‏/ ٣٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ﴾ [الغاشية: ١٨] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَفَلَا يَنْظُرُونَ أَيْضًا إِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رَفَعَهَا الَّذِي أَخْبَرَكُمْ أَنَّهُ مُعِدٌّ لِأَوْلِيَائِهِ مَا وَصَفَ، وَلِأَعْدَائِهِ مَا ذَكَرَ، فَيَعْلَمُوا أَنَّ قُدْرَتَهُ الْقُدْرَةُ الَّتِي لَا يُعْجِزُهُ فِعْلُ شَيْءٍ أَرَادَ فِعْلَهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾ [الغاشية: ١٩] يَقُولُ: وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ أُقِيمَتْ مُنْتَصِبَةً لَا تَسْقُطُ، فَتَنْبَسِطُ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنَّهَا جَعَلَهَا بِقُدْرَتِهِ مُنْتَصِبَةً جَامِدَةً، لَا تَبْرَحُ مَكَانَهَا، وَلَا تَزُولُ عَنْ مَوْضِعَهَا
٢٤ ‏/ ٣٣٩
وَقَدْ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾ [الغاشية: ١٩] تَصَاعَدُ إِلَى الْجَبَلِ الصَّيْخُودِ عَامَّةَ يَوْمِكَ، فَإِذَا أَفْضَيْتَ إِلَى أَعْلَاهُ، أَفْضَيْتَ إِلَى عُيُونٍ مُتَفَجِّرَةٍ، وَثِمَارٍ مُتَهَدِّلَةٍ ثُمَّ لَمْ تَحْرُثْهُ الْأَيْدِي وَلَمْ تَعْمَلْهُ، ⦗٣٤٠⦘ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ، وَبُلْغَةَ الْأَجَلِ»
٢٤ ‏/ ٣٣٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [الغاشية: ٢٠] يَقُولُ: وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ بُسِطَتْ، يُقَالَ: جَبَلٌ مُسَطَّحٌ: إِذَا كَانَ فِي أَعْلَاهُ اسْتِوَاءٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [الغاشية: ٢٠] أَيْ بُسِطَتْ، يَقُولُ: أَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ هَذَا بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مَا أَرَادَ فِي الْجَنَّةِ»
٢٤ ‏/ ٣٤٠
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿فَذَكِّرْ﴾ [ق: ٤٥] يَا مُحَمَّدُ عِبَادِي بِآيَاتِي، وَعِظْهُمْ بِحُجَجِي، وَبَلِّغْهُمْ رِسَالَتِي. ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية: ٢١] يَقُولُ: إِنَّمَا أَرْسَلْتُكَ إِلَيْهِمْ مُذَكِّرًا، لِتُذَكِّرَهُمْ نِعْمَتِي عِنْدَهُمْ، وَتُعَرِّفَهُمُ اللَّازِمَ لَهُمْ، وَتَعِظَهُمْ
٢٤ ‏/ ٣٤٠
وَقَوْلُهُ: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] يَقُولُ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَلَّطٍ، وَلَا أَنْتَ بِجَبَّارٍ، تَحْمِلُهُمْ عَلَى مَا تُرِيدُ. يَقُولُ: كُلُّهُمْ إِلَيَّ، وَدَعْهُمْ وَحُكْمِي فِيهِمْ؛ يُقَالُ: قَدْ تَسَيْطَرَ فُلَانٌ عَلَى قَوْمِهِ: إِذَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٤٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: «﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] يَقُولُ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ»
٢٤ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] أَيْ كِلْ إِلَيَّ عِبَادِي»
٢٤ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] قَالَ: جَبَّارٌ»
٢٤ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] قَالَ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَلَّطٍ أَنْ تُكْرِهَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ هَذَا: ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣] وَقَالَ ﴿اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبة: ٥] وَارْصُدُوهُمْ لَا يَخْرُجُوا فِي الْبِلَادِ ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ٥] قَالَ: فَنُسِخَتْ ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] قَالَ: جَاءَ اقْتُلْهُ أَوْ يُسْلِمَ؛ قَالَ: وَالتَّذْكِرَةُ كَمَا هِيَ لَمْ تُنْسَخْ. وَقَرَأَ: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥]»
٢٤ ‏/ ٣٤١
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ «ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢]». حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: ثُمَّ قَرَأَ ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢١] . حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِثْلَهُ
٢٤ ‏/ ٣٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ [الغاشية: ٢٣] يَتَوَجَّهُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فَذَكِّرْ قَوْمَكَ يَا مُحَمَّدُ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ عَنْكَ، وَأَعْرَضَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ فَكَفَرَ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ إِلَّا اسْتِثْنَاءً مِنَ الَّذِينَ كَانَ التَّذْكِيرُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا، كَمَا يُقَالُ: مَضَى فُلَانٌ، فَدَعَا إِلَّا مَنْ لَا تُرْجَى إِجَابَتُهُ، بِمَعْنَى: فَدَعَا النَّاسَ إِلَّا مَنْ لَا تُرْجَى إِجَابَتُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ [الغاشية: ٢٣] مُنْقَطِعًا عَمَّا قَبْلَهُ، فَيَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، يُعَذِّبُهُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ يُمْتَحَنُ بِأَنْ يَحْسُنَ مَعَهُ إِنْ، فَإِذَا حَسُنَتْ مَعَهُ كَانَ مُنْقَطِعًا، وَإِذَا لَمْ تَحْسُنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا صَحِيحًا، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: سَارَ الْقَوْمُ إِلَّا ⦗٣٤٣⦘ زَيْدًا، وَلَا يَصْلُحُ دُخُولُ إِنْ هَاهُنَا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ
٢٤ ‏/ ٣٤٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾ [الغاشية: ٢٤] هُوَ عَذَابُ جَهَنَّمَ، يَقُولُ: فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ عَلَى كُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَعَذَابَ جَهَنَّمَ فِي الْآخِرَةِ
٢٤ ‏/ ٣٤٣
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ﴾ [الغاشية: ٢٥] يَقُولُ: إِنَّ إِلَيْنَا رُجُوعَ مَنْ كَفَرَ وَمَعَادَهُمْ
٢٤ ‏/ ٣٤٣
﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية: ٢٦] يَقُولُ: ثُمَّ إِنَّ عَلَى اللَّهِ حِسَابَهُ، وَهُوَ يُجَازِيهِ بِمَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ مَعْصِيَةِ رَبِّهِ، يُعْلِمُ بِذَلِكَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ أَنَّهُ الْمُتَوَلِّي عُقُوبَتَهُ دُونَهُ، وَهُوَ الْمُجَازِي وَالْمُعَاقِبُ، وَأَنَّهُ الَّذِي إِلَيْهِ التَّذْكِيرُ وَتَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٣٤٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: «﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ [الغاشية: ٢٣] قَالَ: حِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ»
٢٤ ‏/ ٣٤٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، «﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية: ٢٦] يَقُولُ: إِنَّ إِلَى اللَّهِ الْإِيَابَ، وَعَلَيْهِ الْحِسَابُ»

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …